هذا المقال من الأستاذ عبد الله عثمان في الرد على الدكتور عبد الله علي إبراهيم قد نشره في منبر الفكرة الحر http://www.alfikra.org/forum/viewtopic.php?p=3392#3392 ورجاني أن أقوم بنشره في سودانيز أونلاين، لأن لديه مشكلة في الدخول.. ========= أملكيون أكثر من الملك؟؟!! فى الرد على الأستاذ الدكتور عبد الله على ابراهيم "الحجارة ليست لها عيون"!! عبد الله عثمان – واشنطون [email protected] لعل أول ما استوقفنى فى مقالة الأستاذ الدكتور عبدالله على ابراهيم، هى اختياره لكلمة "حولية" لوصفه للإحتفالات بالذكرى السنوية لاستشهاد الأستاذ محمود محمد طه، فعل ذلك فى العام الماضى فى جريدة الصحافى الدولى 31/1/2002 ثم عاد وكررها هذا العام فى الصحافة يناير 2003، فالتسمية، مهما أحسنا الظن فى دوافع اختيارها، فان لها دلالات ومعان سلبية كثيرة ليس هذا مجال الخوض فيها، بيد انه لمما يحمد للأستاذ الدكتور عبدالله على ابراهيم واضح اهتمامه بجملة الأمر، وهو أمر حرى به أن يشغل كل من يهمه أمر دينه وأمر الوطن، بل وأمر نفسه، والا فان يوم أن "أكل الثور الأبيض" ليس ببعيد!! ومع ذلك فان ما يؤخذ على الأستاذ الدكتور كثير وسأعود لذلك فى صلب هذه العجالة انشاء الله. إن حياة الأستاذ محمود محمد طه، كما دوّنها فى كتبه، وعاشها مجسدة، فى اللحم والدم، لحياة مدهشة، بكل تفاصليها، مهما صغرت هذه التفاصيل، أو كبرت، فمما يحكى عن الأستاذ محمود فى طفولته الباكرة أنه كان مع شقيق له، فأخذ شقيقه يقذف بالحجارة كما يلهو الصبيان، فقال له الأستاذ محمود ما معناه: لا تقذف بالحجارة، فالحجارة ليست لها عيون!! وقال لإحدى بناته لما رأى عندها مبيد "البف الباف" قال لها مستنكرا "هسع دة فرقو شنو من المدفع الرشاش"؟؟ هذا ديدنه اتساقا مع قوله "البر بالأحياء والأشياء" وقد حكى المرحوم الدكتور خليل عثمان محمود، الذى قضى فترة معتقلا مع الأستاذ، أن الأستاذ سأله يوما عن اختفاء كوب ماء قديم فقال خليل أنه قذفه، فقال له "مش حرام، خدمنا الفترة دى كلها نجدعوا!!" فنزلا يبحثان عنه حتى وجداه فجاء به الأستاذ وغسله وعلقه فى اعتداد تكريما له!! وحادثة أخرى لها دلالتها الكبيرة، أنه لما رأى أحد تلاميذه يقتل نملة لم يرتض منه ذلك، وحدثه في ذلك فأجاب تلميذه: ولكنها عضتنى!! فقال له عضها!! بل إنه ليدعو لأكبر من ذلك، لمقام "فمن عفا وأصلح، فأجره على الله"!! وغنى عن القول، أن الاستاذ محمود محمد طه، قد كان من أوائل المهندسين السودانيين، فى زمن كانت الوظيفة فيه بقرة حلوب، ولكنه مع ذلك ظل ملزما نفسه بالشعار الذى رفعه أن "ساووا السودانيين فى الفقر، إلى أن يتساووا فى الغنى" فلذا عندما كان يلومه أقرانه لِمَ يسافر بالدرجة الرابعة فى القطار؟ يرد عليهم لأنه لا توجد درجة خامسة!! ويظل قوته خشن ما يعرف أهل السودان مع قلة فيه، ولا يدخل السكر لشاى الكبار حين يعز السكر فلا يجده سواد السودانيين فى سودان السبيعنات وبداية الثمانينات!! واتساق أمر الاستاذ محمود محمد طه مع شعاره "الحرية لنا ولسوانا" وصنوه الأخر "ليس هناك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين" لأمر يدعو الى الاعجاب، فقد كان أصلب من وقف ضد حل الحزب الشيوعى السودانى فى الستينيات فى وقت تخاذل فيه حتى الشيوعيون أنفسهم عن نصرة أمرهم، وقد جر ذلك على الأستاذ الكثير من كيد خصومه الاسلاميين ورجال الدين الى أن تداعى الأمر الى محكمة الردة سيئة الصيت!! وهو، هو الأستاذ محمود، الذى سعى ليعزى الأسلاميين فى فقدهم لسيد قطب ورفاقه الذين أعدمهم عبدالناصر وقال لعبدالناصر "ستلقى الله وفى يديك من دمائهم أغلال!!" ذلك قليل من كثير يمكن أن يقال عن الأستاذ محمود فى هذا الباب، ولكن دعنا نعرج على خصومه الذين علقوه على أعواد المشانق ثم فرحوا بهذا "الذبح العظيم"!! فتاريخهم القريب يطفح بكل ما يشين أمر الرجال العاديين، بله من يدعو الى الدين!! فهؤلاء القوم لا يتورعون عن أتخاذ أى وسيلة، حتى ولو خالفت أمر الدين، لتحقيق غاياتهم بصورة تجعل ميكافيلى تلميذا صغيرا عندهم، فبينما يقول الأستاذ محمود "ان الغايات الصحاح لا يتوسل اليها بالوسائل المراض"، تجدهم، هم، قد بايعوا نميرى أماما وهو يقول "ح نتلب البيوت ونتجسس"!! ويعدونه مجددا للدين ويسوقون الناس لبيعته فى المنشط والمكره!! ألم يقل الترابى للبشير "اذهب أنت للقصر حاكما، وأذهب أنا الى كوبر سجينا"!! مالى أذهب بعيدا، فانهم فى انفسهم لا يتورعون عن وصم كل من يخالفهم، حتى من بنى جلدتهم بكل ما يشين، فتارة قد يكون من يخالفهم مارقا أو ماسونيا، أو شيعيا زراية به!!وتارة عميلا للمخابرات الأمريكية (وقد طلعت الشمس وعلم الناس من هم عملاء المخابرات)!! او مجنونا أو مخرفا ألخ الخ.. ولا تحصر قائمة من استهدفوهم ولكن لا بأس من ايراد بعض الأسماء مثل: الرشيد الطاهر بكر، د.منصور خالد عبدالماجد، د. عون الشريف قاسم، د. محمود عبدالله برات، د. حسن عبدالله الترابى، د. حسن مكى محمد أحمد، د.عبدالوهاب الأفندى، عمار محمد آدم، داؤود يحيى بولاد، محمد طه محمد أحمد، أمين بنانى نيو، مكى على بلايل، عبد الرحيم عمر "الخمينى" وحتى حليفهم السيد الصادق الصديق المهدى، الذى ظل يقدم لهم جلائل الأعمال، منذ مأساة "معهد المعلمين العالى" وحتى وقتنا الحاضر "لم الشمل بجنيف"، فلم يشفع له ذلك، وكأنى بالحبر لم يجف بعد من مقالة المحبوب عبد السلام عن "بارود السلطان المبتل" فى حادثة السيدة البريطانية المعروفة!! اما تاريخهم فى العنف بالخصوم، فانه لمما لا يقع تحت حصر!! وكيف يقع تحت حصر، وهم قوم تربيتهم لأبنائهم "فليعد للدين مجده أو ترق فيه الدماء"!! والمجد عندهم أن تجاهد مثلا "رقصة العجكو" فى قاعة الامتحانات بجامعة الخرطوم وترق دماء الأبرياء أو أن تحرق معرض الفكر الجمهورى بنادى الخريجين بود مدنى، وغير ذلك كثير مثل حادثة اغتيال الفنان خوجلى عثمان، وضرب الأستاذ محمود محمد طه فى محاضرة عامة بالأبيض، وضرب وزيرهم الحالى ومفوضهم لمحادثات "السلام" دكتور مطرف صديق "النميرى" للدكتور أحمد المصطفى دالى فى مقهى النشاط بجامعة الخرطوم، وضرب الدكتور أحمد قاسم ورفاقه للدكتور صلاح موسى محمد عثمان بداخليات حسيب بجامعة الخرطوم، وضرب تلاميذ الأستاذ محمود فى مساجد كوستى الخ الخ، وهذه كلها، وغيرها، حوادث مسجلة فى أقسام البوليس وفى ذاكرة الشعوب!! فكلها شواهد تدل على ضيق الاسلاميين بالآخر، وسعيهم لتصفيته أو اقصائه بأى وسيلة مهما تدنت!! بل من هو الآخر؟؟ فليس هناك آخر فى أدبياتهم منذ "مانفستو" الإمام حسن البنا، وحتى أيام ياسر عثمان جادالله وأبونارو!! ولعل أطرف ما يمكن أن يقال فى هذا الأمر يتمثل فى ارسالهم لبعض فتياتهم "الشماليات" للمشاركة فى مهرجان للفنون الشعبية فى باريس برقصة الدينكا وبضعة مليون جنوبية يسكنّ الخرطوم!! حتى سخر منهم الفنان التشيكلى حسن موسى فى اصدارته "جهنم" وأسماهم "دينكا عالياب"!! الآخر، عندهم، ليس أكثر من مغانم وأسلاب، ألم تقترح الأستاذة لبابة الفضل – عضو المجلس الوطنى- حلا لمشكلة الجنوب، ان يتزوج كل من الشماليين ثلاثا من "الجنوبيات"؟؟!! وهى على استعداد أن يأتى لها زوجها بثلاث "منهن"!! هل هذه أكثر من أسلاب!! ولعل طرفة أخرى جديرة بالتسجيل هنا، فلعل طلاب جامعة يتذكرون مسيرة "التطبيع" التى فرقتها شرطة الأحتياطى المركزى عند صينية "الاتحاد الاشتراكى"، فلما عادوا، أخذ طلاب الاتجاه الاسلامى يعددون مكاسبهم من تلك "الغزوة" فكان مما عددوه أنهم غنموا "ميكرفونا أحمرا" تركه الشيوعيون!! أى جيش هذا الذى "يغنم" من حلفائه؟!! فالإجابة هى أن "الحليف" ليس هناك!! ألا إأن منظر الظلم شنيع!! ألا إن منظر الظلم فظيع!! فى خطبة للأستاذ محمود محمد طه فى جامع رفاعة فى سبتمبر 1946، فى حادثة الخفاض الفرعونى الشهيرة التى قادت الأستاذ محمود لكوبر كأول سجين سياسى، جاء قوله: ((أيها الناس من رأى منكم المظلوم ولم ينصفه فلن ينصفه الله من عدو . ومن رأى منكم الذليل فلم ينصره فلن ينصره الله من عدو. ألا ان منظر الظلم شنيع ، الا ان منظر الظلم فظيع فمن رأى مظلوماً لا ينتصف من ظالمه ومن رأى ذليلاً لا ينتصر على مذله فلم تتحرك فيه نخوة الاسلام وشهامة الاسلام الى النصرة والمدافعة فليس له من الايمان ولا قلامة ظفر)) وفى النذارة النبوية أن غضب الله ينزل على قوم رأوا الضعيف لا يقتصون له من القوى!! هذه القيم الانسانية نحن أولى بها من غيرنا، ألا تقرأوا معى ما قاله السيد سيريل ثاومند نائب البرلمان الممثل لحزب المحافظين ورئيس جمعية عزيز للتفاهم العربي ـ البريطاني فى جلسة مجلس العموم البريطاني فى الاجتماع الذي نظمته الأحزاب البريطانية في الثلاثين من شهر يناير 1985، وذلك للتنديد بالجريمة البشعة التي ارتكبها النظام السوداني بتنفيذ حكم الإعدام بالشهيد محمود محمد طه، حيث قال: "والجريمة التي تمثلت في شنق هذا الرجل المسن بهذه الطريقة البشعة ودون أن يحظى بمحاكمة عادلة هي جريمة تقلص من قيمتنا، نحن المجتمعين في هذه القاعة ومن قيمة كل إنسان يوجد على وجه البسيطة"!! (الخطوط من عندى) فإذا عجز الأستاذ الدكتور عبدالله على ابراهيم عن أن يقف مثل هذا الموقف، فلماذا اذن يريد ليطفف الأمر، ويدعونا ألا نستغل هذه "الحولية" لتحميل الإسلاميين وزر ذلك، أليس هو القائل فى الصحافة 26/10/1999 ((وتكأكأ خصوم الحركة الجمهورية عليها من باب هذا الشطح وحصروها سادين المنافذ عليها إلى العامة من الناس، حتى قتلوا الأستاذ وسموه "الذبح العظيم")) أعجب لأمر الأستاذ الدكتور عبد الله على ابراهيم يدعونا لذلك، ودكتور الترابى نفسه يعبر عن تأيدهم لاغتيال الأستاذ محمود في إجاباته على جريدة (الهدى) بتاريخ 9 جمادي الآخر 1405 فقال عن الأستاذ محمود "محمود محمد طه لا يعرفه أهل السودان سياسياً" !! ، "لأن دعوته دينية ، لأنه رجل له قضية ، وقضيته ضد الدين الذي تعرفونه من الإسلام في الضرورة)) أبعد هذا، مزيد لمستزيد!! أملكيون أكثر من الملك؟؟؟ حضرة الأستاذ الفاضل!! ثم أى شطح هذا الذى يتحدث عنه الأستاذ الدكتور؟! فالأستاذ محمود لم يزد على أن دعا الى الانتقال من نص فرعى فى القرآن فى القرن السابع، خدم غرضه حتى استنفده ، لنص أصلى مدخر فى القرآن حين تستشرف البشرية عهد رشدها!! أهذا شطح أم أن الناس يريدون أن "يستبدلوا الذى هو أدنى بالذى هو خير" لم يزد الأستاذ على ما قلت ولكن مثل الأستاذ الدكتور وغيره من الناس استنكروا عليه ذلك، وعدوه شطحا فحقت فيهم الآية: ((((واذا بدلنا آية مكان آية، والله أعلم بما ينزل، قالوا: انما أنت مفتر!! بل أكثرهم لا يعلمون!!* قل نزله روح القدس من ربك بالحق، ليثبت الذين آمنوا، وهدى، وبشرى، للمسلمين..)) ليس فى الأمر شطح يا حضرة الدكتور، فكل ما فى الأمر أن الاسلاميين بعدما حلوا الحزب الشيوعى السودانى وحقروا القضاء بجعل حكمه تقريريا، تلفتوا لمن هو ليس فى البرلمان كيف يسكتونه؟؟ وهو يسمى وريقتهم "الدستور الاسلامي المزيف"!! فأقاموا له محكمة الردة!! ليس أكثر من ذلك، فهو رجل يدعو لتحرير الانسان من حيث هو انسان، وهم يسعون لتكبيله بل ولاستعباده خدمة لمصالحهم "الاقطاعية" الضيقة!! ألم يحدثك صديقك الدكتور حسن أحمد ابراهيم عن مذكرة السيد عبدالرحمن المهدى والسيد على الميرغنى والسيد الشريف يوسف الهندى عن مذكرة احتجاجهم للإدارة البريطانية ضد قانون "تحرير العبيد"!! أم أن الناس لا تزال تدرس التاريخ انتقائيا؟؟!! ثم نعود لأمر سعى الأستاذ الدكتور عبدالله وهو يدعونا غريب دعوته تلك، والبرفيسور حسن مكي يقول فى الوفاق 5/12/1998 (( قتل محمود محمد طه جريمة شاركنا فيها جميعاً سواء بالتواطؤ أو السكوت.)) ويقول عن الترابى بالذات: ((أنا اعتقد انو كان خائف على أنو نميري ينكص عن اعدام محمود محمد طه.. ويدعو الله ألا يحدث ذلك...)) ويسأله المحرر س: ولكن الترابي يعلن دائماً ان المرتد فكرياً لا يقتل؟ فيجيب ج: انت تريد ان تخرج لموقف الترابي!! وأنا اوثق للتاريخ.. س: هنالك رأي يقول ان د. الترابي كان حريصاً على اعدام محمود. وأن محمود كان يمثل منافساً شخصياً له على مستوى الطرح الاسلامي.؟
كيف يدعونا لذلك، وكاتبهم محمد طه محمد أحمد يقول فى جريدة الوفاق 26/1/2002 ((ولابد ان يقف كل الناس طويلاً امام موقف الدكتور النعيم الذي تدمغ بعض الجماعات الاسلامية حزبه بالكفر وتدعم الحكم بالاعدام على من يعتنقون هذا الكفر ان فكر الدكتور النعيم يريد الحياة الكريمة للسلفيين من تنظيم قاعدة الجهاد وحركة طالبان ورفض ان يصمت والكلام يكلفه غالياً وواشنطن تتربص اجهزتها الاستخبارية بكل صوت يبدو متعاطفاً مع طالبان وقاعدة الجهاد. رفض الدكتور عبدالله النعيم ان يعمل باضعف الايمان وكان في امكانه ان يلجأ لفقه تغيير المنكر بالقلب فقط فيحافظ على مصالحه في امريكا ولكنه اختار ان يصدع بكلمة الحق. ان سلوك الدكتور النعيم هو اعظم هدية للجماعات الاسلامية في السودان التي تقول (لابد من ابادة التنظيم الجمهوري بعد اعدام زعيمه المهندس محمود عام 1985) كيف يبرؤهم وهتاف عمار محمد آدم الذى وثق له الصحافى محمد لطيف "سقط هبل"!! بل وهتاف محمد آدم عيسى والمحبوب عبد السلام وحسين خوجلى يدمغهم بما أراد الأستاذ الدكتور أن يبرئهم منه!! من هم الاسلاميين ان لم يكن هؤلاء وأحمد محجوب نور؟؟!! أليس الأستاذ الدكتورعبد الله علي ابراهيم هو القائل فى الرأي العام 29/4/2003 ((وقد كتبت مرة في جريدة الميدان السريّة في منتصف السبعينات التمس من الجمهوريين أن يلطفوا عباراتهم في نقد القضاة مع علمي بمحنة الجمهوريين وما نالهم من القضاة والوعاظ في المساجد من أذى وترويع. ومغاضبة الجمهوريين لم تقع من جهة احسان ذلك التقليد الشرعي أو إساءته بل من إرث مواجهة سياسية راجعة الى ايام الحركة الوطنية . فقد صنف من ظنوا في انفسهم مجاهدة الاستعمار من امثال المرحوم محمود القضاة الشرعيين والاعيان وزعماء القبائل والطوائف بانهم من اعوان الاستعمار. وهذا كلام جاز طويلاً غير انه خاضع للنظر والمراجعة الآن . ويكفي ان تقرأ ما كتبه الدكتور حسن احمد ابراهيم عن السيد عبد الرحمن المهدي لكي تشكك في صواب هذه الزائعة عن اؤلئك الرجال. وقد دق حكم المحكمة الشرعية بردة المرحوم محمود محمد طه عليه الرحمة في 1968 اسفين الخصومة بين القضاة والمرحوم واختلط حابل تطوير الشريعة بعاديات السياسة واطوارها وبمنطويات النفوس). فانى لأتساءل مع الدكتور عمر القراى (سودانايل 2003) كيف يطلب الأستاذ الدكتور من الجمهوريين ان يلطفوا عباراتهم في نقد القضاة ، ولم يكن له اي موقف، حين اساءوا للجمهوريين وآذوهم وكفروهم؟ ألأنه يحترم الفقهاء والوعاظ ولا يعبأ بما جرى للجمهوريين حين اهدرت دماؤهم؟! ثم لعل ثالثة الأثافى قول الأستاذ الدكتور فى جريدة الصحافة: ((وربما سعد شيعة محمود بمحنة أبي قرون لاتهامهم له بأنه المدبر الخفي وراء مصائر محمود وأحبابه)) من قال لك أننا نشمت بخصومنا؟! إننا لا نشمت بهم!! بل نأسى عليهم ونعلم أنهم ضحايا مناهج قاصرة آن لها أن تصحح، ولا تصحيح لها الا بما جاء به الأستاذ محمود، فمن الأجدر للناس أن يأخذوا به "قبل ضحى الغد"!! ومما يجدر ذكره هنا، انه كانت قد صدرت لنا عدة كتب عن أحد الرموز السياسية البارزة، وأثارت جدلا واسعا، فجاء أحد الناس ليحدث الأستاذ عن ذلك "الرمز" بحديث ساقط، فما كان من الأستاذ الا أن قال له بالحرف الواحد "نحن مجالسنا دى ما بنسمح فيها بكلام زى ده"!! فكيف بمن كانت هذه أخلاقهم أن يشمتوا على أحد؟!! هل سمع الناس بقراءة الأستاذ والجمهوريين للإخلاص "باخلاص" – كما دعا الأستاذ تلاميذه- على روح الدكتور الأمين داوؤد محمد وما ذكرت عاليه من أمر سيد قطب!! نحن لا نشمت ولكننا نأسى مشفقين عليهم وعلى كثيرين غيرهم، والأستاذ الدكتور عبدالله على ابراهيم واحدا منهم!! ولعل أقل ما يدعونا لأن نأسى عليه مثل هذا القول الذى يخلو من تثبت العلماء!! "وكثيرا"!!!
01-27-2004, 05:05 PM
Omer Abdalla
Omer Abdalla
تاريخ التسجيل: 01-02-2003
مجموع المشاركات: 3083
شكرا دكتور ياسر على نشر مقال الأخ عبد الله عثمان الجيد .. فبمثل هذا التوثيق للمواقف ستظل ذاكرة الشعب حاضرة .. كنت أنوى الإشارة لموقف النائب البرلماني البريطاني المشرف في خيط المذيع عوض ابراهيم عوض فوجدت أن الأخ عبد الله سبقني الى ذلك هنا .. ولأن الشيء بالشيء يذكر ، وعلى ذكر حريق نادي الخريجين ، فلا بد من إثبات خطاب الأستاذ محمود لرئيس نادي الخريجين بمدني والذي أرسله له بعيد تعرضه لذلك الحادث المؤسف من قبل المهوسيين والجهلاء الذين لم يطيقوا أن يروا فكر الأستاذ محمود محمد طه يعرض فيه .. عمر
ام درمان فى 13/1/1979م حضرة الاخ الكريم عبد الرحيم محمود أبوعيسى رئيس نادى الخريجين بمدنى وحضرات الاخوان الكرام أعضاء لجنة النادى الموقرة وحضرات الاخوان الكرام أعضاء هذا النادى العزيز
تحية طيبة إن ما حصل لناديكم لا يدعو إلى الاسف ، ولا الحزن ، كما قد يتبادر إلى الاذهان ، لدى الوهلة الاولى ، وإنما يدعو الى الاستبشار ، والفرح ، عند التأمل المستبصر. لقد خرجت من ناديكم ، فى الثلاثينات ، الشعلة الاولى التى كانت نواة الحركة الوطنية العظيمة التى إنتهت الى إخراج الاستعمار الحسى ـ حكم الانجليز ـ من البلاد ، فأحرزت بذلك تحريرها .. وستخرج بهذا الصنيع البشع ، من هذا القبيل الضائع ، من ناديكم الشعلة الثانية التى ستنتهى الى إخراج الاستعمار المعنوى ـ الجهل بالدين ـ وتسلط هذا الجهل على عقول أفراد شعبنا ـ من العقول بإذن الله ، فيتم بذلك ما بدئ ، فى مضمار التحرير ، من إحراز الاستقلال الصحيح .. لقد أراد الله بهذا النادى خيرا للمرة الثانية ، وأراد ان يصل ماضيه بحاضره فى خدمة رسالة الحرية فى هذه البلاد.. لقد ظللنا نحن الجمهوريين ، ننبه دائما إلى الخطر الذى يتهدد هذه البلاد من مؤامرة الطائفية التى إستغلت ، وتستغل ، الدين فى تضليل هذا الشعب لتسوقه ، معصوب العينين ، بإسم الله ، وبإسم الاسلام ليكون فى خدمة أغراضها الدنيئة .. ولقد ركزنا على تنظيم الاخوان المسلمين ، كذيل للطائفية ، كأسوأ تنظيم إستغل الدين لاغراض الدنيا .. وما هذا المعرض الذى اقمناه وتكرم ناديكم بفتح أبوابه له ، وهو له أهل ، إلا محاولة عملية جاده فى سبيل هذا التنوير الذى نضطلع به لشعبنا العزيز ، وفى سبيل هذا التنبيه الملح ، إلى خطر هذا القبيل المارق.. لقد طالما تحدثنا عن أن مساجد الله قد أصبحت ملوثة بجهالات رجال عقولهم خربة ، ونفوسهم مريضة .. وهؤلاء الرجال هم اليوم أئمة الناس ومعلموهم الدين .. ولكن حديثنا كان يفتقر الشاهد المحسوس الملموس ، على صدق النذير الذى يسوقه ، فوجدناه اليوم بحريق هذا النادى العتيق ، العزيز ، وجدناه بصورة ستظل نموذجا حيا فى أذهان الناس ، كنذير بما ينتظر هذه الامة ، اذا ما قدر لها أن تحكم بإسم الاسلام ، كما يفهمه هؤلاء الرجال الجهلة ، والمريضو النفوس . إن هذا النموذج البشع الشائه ، يجئ فى الوقت المناسب لينبهن العقلاء لدرء خطر الجهلاء قبل فوات الاوان.. هذا النموذج البشع لن يترك الناس لينسوه ، وذلك ليكون لهم نبراسا ، على ضوئه يدرجون إلى تقويض معاقل الجهل الذى يدبر الخيانة بإسم الاسلام . الطائفية.. ونحن الذين وقفنا حياتنا ، وقتنا ومالنا لاستنهاض الهمم لمقاومة هذا الجهل النشط الذى يستغل الدين فى تضليل الشعب ، نطمع فى أن يجند أعضاء ناديكم أنفسهم لمواجهة هذا الخطر الداهم ، ونطلب مثل هذا الطلب ، الى جميع المثقفين فى جميع بقاع هذا البلد ، الذى نعزه ونفديه.. فأرجو أن يكون هذا الحادث البشع نقطة إنطلاق لناديكم ولاندية الخريجين فى كل مكان ، لتواصل المشوار الذى بدأته فى الثلاثينات فى محاربة الاستعمار الحسى ، حتى تقضى على هذا الاستعمار الجاهل الذى يشل العقول بإسم الله وبإسم الاسلام.. وأخيرا هذا دور ناديكم ، وهو دور يجب أن ينتظر له ، وأن يتوقع ، وهو دور مشرف ، كل التشريف !! ألا ترضون أن يكون ناديكم قد فدى البلاد ، والامة ، فساق لها هذا النذير العريان ، الذى يعصمها من أن تسير معصوبة العينين إلى حظيرة هذا الجهل الاسود ؟؟
لطالما كانت لي نظره سلبيه تجاه الجمهوريين تببددها مداخلاتكم الراقيه وحسن تادبكم و مجادلتكم بالحسني. اكتشفت ان حسن الاخلاق هي شيمه الجمهوريين الغالبه, و قال المصطفي صلي الله عليه وسلم انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق. و اكتشفت ان للاستاذ محمود افكار متقدمه نادي بهامنذ زمن طويل و الحكماء منا ينادون بها الان.
اما حرصكم علي الراي الاخر فهذا عين الحكمه. سعدت بمقاله الاستاذ عبد الله عثمان.
01-28-2004, 09:11 AM
Yasir Elsharif
Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50069
أشكرك يا أخي عمر، فهذا من فضلك.. هذه شهادة أعتز بها..
نعم يا سيدي، كثير من الناس لا يعرفون الأستاذ محمود على حقيقته.. ويجدر بالمثقفين الأحرار أن يتعرفوا على هذا الرجل الإنسان، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى..
أرأيت كيف أن المثل الشايقي بليغ: "الكضب من دورين يقوم، يلحقو الصِحْ في فِرِدْ يوم"
ونسأل الله أن يجعلنا من المعرفّين المبشّرِين غير المنفّّرِين..
01-28-2004, 09:10 AM
ahmed haneen
ahmed haneen
تاريخ التسجيل: 11-19-2003
مجموع المشاركات: 7982
الأخ الشريف سلامات نرجو ان يحدثناالأستاذ عبد الله عثمان عن هذه المذكرة حتي نعيد قراءة تاريخ تم انتقاؤه وتزيفه
يحدثك صديقك الدكتور حسن أحمد ابراهيم عن مذكرة السيد عبدالرحمن المهدى والسيد على الميرغنى والسيد الشريف يوسف الهندى عن مذكرة احتجاجهم للإدارة البريطانية ضد قانون "تحرير العبيد"!! أم أن الناس لا تزال تدرس التاريخ انتقائيا؟؟!!
01-30-2004, 10:15 PM
Yasir Elsharif
Yasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50069
الأخوان عمر 54 وأحمد حنين.. لقد قام الأخ عبد الله عثمان بالتعليق والاستجابة ولكنه وجد مشكلة في الدخول على حسابه في سودانيز أونلاين، وقد أرسل لي الرد ورجاني أن أنشره عنه في البورد.. فإلى الموضوع.. ياسر ============ شكرا، دكتور ياسر، على ايراد المقال، والشكر لعمر عبدالله على تثبيت خطاب الأستاذ محمود محمد طه عن حادثة نادى الخريجين بودمدنى، فان الذاكرة السودانية، لتحتاج لتثبيت مثل هذه المواقف دائما، ولقد ظلت دعوة الأستاذ محمود دائما لاعادة تعليم المتعلمين، ولاعادة كتابة التاريخ!! فالتاريخ يكتبه "من بيدهم القلم" كما هو معروف، فالشواهد القريبة، حتى التى شهدناها ونحن أحياء، تتعرض لتزييف مزر، أفلا يتبنى الإسلاميون الآن ثورة اكتوبر؟؟!! بلى!! انهم ليفعلون!! ويعدون دكتور الترابى فولتيرها!! وقد سمعت بأذنى شهادة حية من الراحل المقيم الأستاذ على عبد العزيز بالحلفاية، عن سبب انسلاخه من تنظيم "الأخوان المسلمين" وقتها، قال كان هو ضابط اتصال ينقل مجريات الأحداث لدكتور الترابى شخصيا، قال أنه لما "حمى الكوع"، ظل الأستاذ على ليلة كاملة لم ينم فيها، ما بين داخليات جامعة الخرطوم والمشرحة بمستشفى الخرطوم.. وفى الصباح كان عليه نقل تقرير للدكتور الترابى فسأل عنه فعلم أنه – وقد كان دكتور الترابى عائدا لتوه من فرنسا- فى قصور انسبائه بالملازمين (سكناهم قصور وضياع، وسياساتهم ضياع وقصور!!) قال لما دخل عليه، وجده حليقا متهندما بالـ " الروب دو شامبخ" الفرنسى الكامل، وموضوعة أمامه فاخر آنية الشاى والكيك!! والناس تموت "فى الجزء المقابل من سياج الحديقة"!! قال الأستاذ على أنه أحس فى تلك اللحظة أن ليس ذلك من يكون له زعيما!! ولكن دكتور الترابى، بعد أن خلع "الروب دو شامبخ" وأعتمر كوفية "عدة الشغل" سارع هو ونسيبه السيد الصادق المهدى "بعدما حلت للدعس"!! للصلاة "أئمة" على الشهيد أحمد القرشى طه، ثم ان قرية "القراصة" أقرب من مشرحة مستشفى الخرطوم!! قال النبى الكريم عليه السلام "أئمتكم شفعاؤكم!! فانظروا بمن تأتمون"..
الشكر أيضا لكل الذين شاركوا. أخص الأخ عمر54 ، وأما بخصوص موضوع مذكرة تحرير العبيد، فيمكننى فى عجالة أن أذكر ما كتب عنها دكتورخالد المبارك فى سودانايل ديسمبر2002 اذ قال: "ما أقوله هو أن الإدارة الاستعمارية اتخذت إجراءات إنسانية تحديثية مثل إلقاء الرق وتحرير الأرقاء ومثل تحريم الخفاض الفرعوني. نذكر أن قادة السودان الشمالي قدموا مذكرة للإدارة الاستعمارية تعارض تحرير العبيد. وفي موقف مؤازر قاد الأستاذ محمود محمد طه انتفاضة احتجاج علي تحريم الخفاض" انتهى ثم رد الدكتور عمر القراى عليه فى نفس الاصدارة الأثيرية "سودانايل" بقوله: ((وما دام د. خالد المبارك يظن ان موقف الأستاذ محمود يشبه موقف هؤلاء القادة ، فلماذا لم يذكرهم بالاسم ، ويصفهم بالرجعية ، والتخلف ، كما وصف موقف الأستاذ محمود؟! ألأنهم هم الذين لا زالوا يملكون الصحف التي ينشر فيها د. خالد المبارك مفكرته السودانية البريطانية؟! أم لأنهم يملكون الأحزاب الكبيرة التي لا يود د. خالد المبارك أن يقطع فيها العشم؟! ان المذكرة التي أشار اليها د. خالد المبارك ، رفعها السيد علي الميرغني ، والسيد عبد الرحمن المهدي ، والسيد الشريف الهندي ، رحمهم الله ، للحاكم العام البريطاني يطلبون منه اعادة النظر في قرار تحرير العبيد .. ولما كان زعماء الطائفية ، اصحاب اقطاعيات كبيرة ، فقد ذكروا في تلك المذكرة ، أن تحرير العبيد ، قد يؤدي الى فقدان العمال الزراعيين، ونقص المواد الغذائية!! هؤلاء اقطاعيون يدافعون عن مصلحتهم الإقتصادية والسياسية ، وهم اصدقاء للإنجليز يتوددون اليهم بما يطيل بقاءهم ، ويعود عليهم بألقاب "الشرف" التي منحها لهم المستعمر .. فهل يمكن لرجل عاقل ، أمين ، أن يقارن هؤلاء برجل واجه المستعمر فسُجن ، ثم حين أطلق سراحه ، انتقد المستعمر مرة اخرى ، وقاد ثورة استهدفت كسر هيبة الاستعمار ، بمعارضة قوانينه ، وتوضيح أسباب مقاومتها ، وهو في ذلك يستهدف حد سلطان الاستعمار من ان يتدخل في اخلاق الشعب وعاداته ؟! لقد نعى الأستاذ محمود محمد طه، على هؤلاء الزعماء، تقسيم البلاد باسم الطائفية، وهاجمهم لتعاطفهم مع المستعمر، فقد جاء في بيان أصدره الحزب الجمهوري في 18/2/1946م (ياجماعة الأشقاء وياجماعة الأمة – أيها القاسمون البلاد باسم الخدمة الوطنية – أيها القادحون قادحات الاحن بين أبناء الأمة – أيها المذكون ثائرات الشر والتفرقة والقطيعة ، أيها المرددون النغمة المشئومة – نغمة الطائفية البغيضة – انكم لتوقرون أمتكم وقرا يؤودها .. ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تلتمسون الحرية بالانتماء الى المصريين فتتمسكون بأسباب رمام ، وأنتم تلتمسون الملك بالبقاء تحت الانجليز فتتهيأون لدور الهر الذي يحكي بانتفاخه صولة الضرغام .. أنتم تريدون ابقاء المصريين ، وأنتم تريدون ابقاء الانجليز ، فاذا اجتمعت كلمتكم فانما تجتمع على ابقاء المصريين والانجليز معا .. ياهؤلاء ، وهؤلاء ، أنتم تتمسحون بأعتاب المصريين لأنكم لاتقوون على مواقف الرجال الأشداء ، وأنتم تتمسحون بأعتاب الانجليز لأنكم صورتم المجد في أخلادكم صورا شوهاء .. أنتم تريدون السلامة ، وأنتم تريدون الملك .. أنتم تضيعون البلاد لمّا تجبنون وأنتم تضيعون البلاد لمّا تطمعون .. أنتم تستغلون سيدا لايعرف ماتريدون ، وأنتم يستغلكم سيد يعرف مايريد ، والبلاد بينكم أنتم ، وأنتم ، على شفا مهواة ومهانة ..) راجع "معالم" – صفحة الجمهوريين بالانترنيت ..هذا هو موقف الأستاذ محمود من زعماء الطائفية ، وذلك هو موقفه من الاستعمار )) انتهى
وأمر الرق بالطبع موضوع فى غاية الحساسية، وينبغى الا ندفن رؤوسنا فى الرمال، لمجرد تلك الحساسية، وأن ندع العاصفة تمر، فينبغى مثلما دعا السيد الصادق المهدى "لأن نعتذر لأهل الجنوب عن مظالم كثيرة"!! ينبغى أن نجسد ذلك بالفعل فى وقت أصبحت فيه المشاعر الانسانية الراقية من تآخ، وتعايش سلمي، وحقوق متساوية الخ الخ.. هى العملة الجيدة التى تطرد العملة الرديئة المتمثلة فى مصالح الاقطاعيين الضيقة، ومعروف أن العامل الاقتصادى، كان هو أس نظام الرق!! ذلك لا يتم الا بما تدعو له الفكرة الجمهورية من تطوير للتشريع الاسلامى، فكلكم تعلمون أنه كثيرا ما يرد فى دروس التربية الاسلامية الحديث عن العبيد.. فمثلا الدرس عن الزكاة يبدأ هكذا: (تجب الزكاة على الحر المسلم...) وكلكم قد درستم ذلك ووعيتموه، وعى "الحر، المسلم البالغ الرشيد!!!"
والشيخ صديق عبدالحي رئيس مجلس الافتاء الشرعي فى سبيعنات القرن، المنصرم لتوه، ورد عنه مايلي فى كتاب الجمهوريين "المفتي والضحية وحكم الوقت":
((.. وممّا يزيد في برهاننا على صحة هذا التقرير أنّ الشيخ صديق نفسه – رئيس لجنة الافتاء، في احدي فتاواه لسائل معاصر، عام 1976، تحدث بعفوية شديدة عن الرّق، كعنصر من عناصر التعامل، التي يمكن أن تكون في مجتمع اليوم!! فقد قال هذا الشيخ عن كفارة الحنث باليمين للسائل (عليك اما أن تصوم ثلاثة أيام واما تعتق رقبة)!! أرأيتم الي أي حد يبلغ قصور الفقهاء عن الواقع الاجتماعي، وعن أصل الدين؟؟ ففي أصل الدين ليس هناك رق، وانما كان الرق في الشريعة الاسلامية لأنه ظاهرة من ظواهر المجتمع في الماضي، ولأنه لازمة من لوازم الجهاد الأصغر، الذي أوجبته المرحلة الماضية.. وأمّا الواقع الاجتماعي في أخريات القرن العشرين فيستحيل فيه وجود هذه (الرقبة) التي وضعها الشيخ كخيار ثان (للكفارة)، من غير مراعاة للحساسية، والانطباع السيء، الذي يتركه مجرد ذكر هذا الأمر، في المجتمع السوداني!!)) انتهى. تلك هى مناهجنا، بل حتى أن أغانينا – التى لا تزال مسجلة بمكتبة الأذاعة، يأتى فيها ذكر هذا الأمر- صراحة وتلميحا- مثل ((غنى وشكرى يا أم "قرقدا" عليت))!! ومثل: ((البى خالو أريتو يستر حالو!! خل الخالو فى جبالو!!)) وغيرها كثير!!!
وقد تابعت في رمضان برامج دينية وغيرها، في القناة الفضائية السودانية، تجعلك تحتار في أي عصر يعيش أهل السودان، تراوح طرحها ما بين دفع الجزية ـ ولاحظ أن البلاد تجرى فيها محادثات سلام ـ فهل من تسالم سيدفع الجزية ذليلا حقيرا مهانا، كما قال ابن كثير؟؟"!! ويتحدث البرنامج عن تقسيم الفيء "فى زمن أصبحت فيه بلاد المسلمين أنفسهم – بهوانهم على الله – فيئا!!" ويمضى البرنامج الي محاولات ما سميت بـ "منظمة الاعجاز العلمي في القرآن" بالتداوي بالقرآن من فقهاء لا يحسنون حتي تلاوة القرآن نفسه، وأرجو الاّ أكون قد أفتئت عليهم ولكن متحدثهم ومستضيفوه قد تلجلجوا في قراءته كثيرا!! أما برنامج في ساحات الفداء فأمره أعجب، فينشد منشدهم أشعار مثل اخي خلف السدود وبان عليه أثر السجود لا تدعنا نستكين لظلم"العبيد"!!! ولا يجدون أي حساسية من استخدام كلمة (عبيد) هذه أيا كان مقصد من ينشد، في مثل ذلك الجو!! أما السيدة مقدمة البرنامج فتعجبها عبارة قائدهم وهو يحثهم علي لقاء العدو قائلا: "شد قاشك وأي حشرة تلاقيك دوسها بالبوت!! آآ!! دوسها بالبوت!!" تكررها هي، المذيعة، ثم تأتي بها بصوت سعادة العميد نفسه والجنود يصرخون ويهللون!! ولعلها ليست طرفة، وانما تحكى واقعا مريرا، آن له أن يزول.. ما يتداول عن أهل حى أمدرمانى عريق، عرف أهله بالظرف وسرعة البديهة، مع دماثة الخلق والتميز فى كل شئون الحياة، هم سود البشرة، ولهم فى ذلك طرف يتداولونها فيما بينهم فى روح انسانية حقة، وتواضع بل سمه ان شئت -تعال "صوفى" محبب، يجبر المرء ليحنى رأسه اجلالا لهم: مما يتداولون أن فقيها جاءهم ليقرأ القرآن فى أحد بيوتات عزائهم، فتلا الفقيه الآية: وما ربك بظلام "للعبيد"!! فانبرى له أحدهم ((يا مولانا: ما عندك قرآن أحسن من دة؟!)) (آسف للسنسرة والا، فان عبارات الطرفة قحة وأعتذر عن ايرادها فى هذا المقام، ولكن ما أوردت لا يخل بمعنى ما أردت أن أقول). ويمكن فى أمر الرق هذا، أيضا، الرجوع لدورية حقوق الانسان السودانى، فى تقريرها عن الرق لعام 2000 فى الزيارات التي شارك فيها ممثلون لمنظمة التضامن المسيحي ومجموعة تمثل التلفزيون والصحافة الكندية - تحقيقات ميدانية ومقابلات مباشرة مع الضحايا- ويجدر بى هنا أن أسجل حادثة لها دلالات من عدة أوجه، فقد حدث أنه فى سبيعنات القرن المنصرم أن جاء للسودان باحث أمريكى من أصل أفريقى، وقد أبدى اهتماما بالاسلام، فاهتم به طلاب الاتجاه الاسلامي وقتها، خاصة لما رأوا سعيه لمقابلة الاستاذ محمود محمد طه، فرأوا أن يدبروا له مقابلة مع الدكتور الترابى، ذهب ذلك الباحث الأمريكى لإفطار رمضانى على مائدة الدكتور الترابى، فذكر أنه لاحظ أن رجلا أسود البشرة يخدمهم، فسأل دكتور الترابى عن ذلك، فقال أن دكتور الترابى قال له ما معناه أنه من أولاد البيت، ولكن ذلك بالطبع لم يجز على فطنة الباحث الأمريكى، ولعل تلك الحادثة كانت هى سبب احجامه، احجاما تاما، عن "الاسلاميين"، ثم زار، بعدها، الأستاذ محمود محمد طه وحكى له ما كان من أمر الرجل، ثم علق للأستاذ بأنه اقتنع بأن دكتور الترابى "منافق" Hypocrite ولكن الأستاذ محمود قال له: لا!! لا تقل ذلك عن الرجل!! في محاولة لحمل موقف الترابي على محمل حسن، وهذا يتسق بالطبع مع مقولة الأستاذ "ان شخصية دكتور حسن موضع حبنا، ولكن ما ينطوي عليه من جهل هو موضع حربنا" كما قلت فى بداية حديثى، يجب الا نتعامى عن مثل هذه المسائل، ويجدر بنا أن نحرر مناهجنا، وعقولنا من كل إرث الماضى، فنحن، كمسلمين وغير مسلمين، جميعا فى مركب واحد، ولن تتم لنا نجاة بغيرما يطرح الأستاذ محمود، فإن ما يطرحه الأستاذ محمود لهو، هو الناطق عن المصحف اليوم!! وحري بالناس عامة، وبالمثقفين على وجه الخصوص، الأخذ بهذا الأمر بالجدية التى تناسبه. نعم!! هو قد يكون غريبا ولكن أليس البشارة بعودة الاسلام تقوم على الغرابة كما جاء فى الحديث النبوي "بدأ الاسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء!! قيل من الغرباء: قال: فئة قليلة مهتدية، فى فئة كثيرة ضالة" وفى رواية "من يحيون سنتى بعد اندثارها" وهذا ما يدعو له الأستاذ محمود: أن نعود (للمعين الصافى الذى استقى منه أبوبكر وعمر))!! على الناس الا ينكروا ذلك على الأستاذ محمود فيكونوا مثل "أهل الغرة بالله" الذين قيل فيهم: ((((ان من العلم كهيئة المكنون، لا يعلمه الا أهل العلم بالله... فاذا تحدثوا به لا ينكره الا أهل الغرة بالله!!)) ثم اختم حديثى بأن أهديكم جميعا إهداء الجمهوريين فى كتابهم:
جنوب السودان المشكلة والحل
الإهـــداء : الشعب السوداني الكريم ! ! إن قطرك الذي تسكنه ـ و هو السودان ، إنما يمثل القلب في أفريقيا ! ! في العالم ؟ ؟ هو من حيث الشكل الجغرافي الذي يظهر به علىالخريطة يشبه القلب ! ! و هو من حيث الموقع الذي يحتله من القارة يشبه القلب أيضاً ! ! هذا القطر ، بشمالييه ، و جنوبييه ، يمثل الرجل الواحد ! ! هو يمثل الروح ، والنفس ، في البدن الواحد ! ! وطريق الروح، والنفس، في البدن الواحد، هو الوحدة، والإنسجام، والتواؤم، وما هو بطريق التفرقة، ولا النشوز، ولا الإعتراض ! ! فعلى المثقفين ، من أبناء الشمال، ومن أبناء الجنوب، واجب عظيم هو توحيد شقي البدن الواحد بالفكر الثاقب والعلم الصحيح ، والخلق القوي، الرصين، حتى تخرج من توحيد السودانيين : شماليين، وجنوبيين، قومية واحدة، خصبة، ذات خصائص متنوعة، ونكهة متميزة، يشحذ فكرها، ويخصب عاطفتها، الملكات المختلفة، المشرجة في تكوين الشماليين، والمشرجة في تكوين الجنوبيين، كلٍ على حدة، وعلى السوية ! ! ليس لهذا الشعب غير الوحدة ! ! وليس لهذا القطر غير الوحدة ! ! كان على ربك حتماً مقضيا ! !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة