دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: بكرى ابوبكر)
|
الاخ بكري تحياتي كنت ارسلت هذا الموضوع بعد استئذان من نقلوه الي البورد ، الي الزمان وحبذا لو كتبت مقالات اخري عن الاستاذ الشهيد وبصراحة وجد الموضوع اهتماما جليا لدي الادارة بلندن واعذرني بكري علي عدم تمكني من الرد عليك خلال الايام الماضية فقد كنت خارج السعودية لمدة اسبوع وعدت امس فقط وفتحت الماسينجر صباح اليوم سأجيب عليك في غضون الايام المقبلة تفصيلا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: خالد عويس)
|
الاخ خالد
حمدلا على السلامة
كنت قد ارسلت لك عدة ايميلات ؛ ولكن يبدو انها لم تصلك
بمناسبة المقالات حول نفس المحور ؛ فارسل فى بوست تحت نفس العنوان مقدمة لدراسة طويلة عن الحركة الجمهورية ؛ واكون شاكرا لو اصلتها لادارة الزمان
لى النية كذلك فى اصدار كتيب عن الحركة الجمهورية والفكر الجمهورى ؛ واتمنى مساعدتك فى انجاز ذلك
مع تحياتى وشكرى الجزيل
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: بكرى ابوبكر)
|
شـكرا يا بكري على هذا الاختيار الـموفق ، والتحية للباحث الـمجتهد عادل عبد العاطي وحفرياته في منجزنا الثقافي والفكري والسياسي ..وقد آن الآوان لـمساءلة هذا المنجز من باب التقييم والـمراجعة والتجاوز ، ان كانت هناك ضرورة لذلك.. والـمقال يثير في قارئه عدة اشياء ، واحسب ان هذه واحدة من اهم مرامي الكتابة الجيدة.. و في ظني مشـكلة حركة الاخوان الجمهوريين ، ومشكلة معظم تشكيلاتنا الأخرى الـمشابهة لها في المنبع والأصول ، هو الاعتماد على المنظر/المفكر الواحد ..وذلك يعكس تصورنا الاجتماعي لمفهوم القيادة ، وهو مفهوم يستند على الأبوة كسلطة متناهية في التدبير وتسيير الشؤن ..وهو نفس التصـور الذي يسود تشكيلاتنا الأجتماعية الدينية المعروفة بالطرق الصوفية..وخطورة هذا الفهم تكمن في تحلل التشكيل بعد رحيل الأب كما في حالة الحركة الجمهورية في السودان.. الـمسألة التانية..تحول الصـوفي الى ناشط يومي في معترك السياسي اليومي..وهذه مسألة مهمة يجب البحث فيها بصورة أوسع..وكلنا نلاحظ ان هذه الفكرة قامت عليها حركة الـمهدية ثم التنظيمات السياسية من بعد كحزب الأمة والأتحادي والجبهة الاسـلامية من بعد.. ولك ان تلاحظ مسألة الأبوة/القيادة في بنية هذه التنظيمات.. ودمت محمد النور كبر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: بكرى ابوبكر)
|
قال السيد المسيح "إن كلمتي لا ترد إليُ فارغة" تأسيسأ علي ذلك- يمكنني القول- بعد شكر الأستاذ بكري أبوبكر و الزملاء المشاركين، يمكنني أن أقول أن الأستاذ محمود قال كلمته و لكنه لم يرحل، إذ أنه لا يزال يثير جدلا و كما كان يقول الأستاذ أحمد المصطفي دالي في أركانه الشهيرة- المزارع بنوم لكن التيراب ما بنوم- فها هي دعوة الأستاذ تتكسب كل يوم أرضا جديدة كما كتب هو في رسالة الصلاة أن هذا الأمر قد تهيأت له البشرية بالحوجة له و بالطاقة به في النفس كثير ليقال و آمل ان أعود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: بكرى ابوبكر)
|
شكرا يا بكري لرفع دراسة الأخ عادل عبد العاطي
وأعتقد أن الناس قد قرأوا عن الأستاذ محمود ولم يقرأوا له بالقدر الكافي.. وقد أعود للتعليق.
أما الآن فقد جذبني تعليق باب الله وتذكرت العوض، يا عبد الله، وهو يقول بعد رحيل العم محمد فضل الصديق ـ أحد أبكار الأستاذ محمود كنت بالأمس رأيتك في منامي تنفض القبر وتحيا من جديد
كان في القلب يقينا أنه راح لإحياء النشيد [..ٍ] يدفع الركب لعرس الأرض واليوم السعيد وغدا ألقاك تحدو فهو يبدي ويعيد ======= حقا لم يرحل الأستاذ إلا بجسده، ولكنه فينا بروحه وبفكره.. إن عظمة الأستاذ ليست في تحقيقه السامي وإنما في فتحه الطريق للناس لكي يحققوا السلام مع أنفسهم ويعرفوها وينشروها فيكونوا رسل السلام والمحبة في الأرض.. اقرأو هذه المقدمة التي كتبها الأستاذ في عام 1976 للطبعة الثالثة من كتابه "قل هذه سبيلي" وتأملوا!!
من كتاب "قل هذه سبيلي" بسم الله الرحمن الرحيم "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً، وقبائل، لتعارفوا.. إن أكرمكم عند الله أتقاكم.. إن الله عليم خبير.." صدق الله العظيم
المقدمة .. الطبعة الثالثة
[1976]
هذا الكتاب "قل هذه سبيلي" صدر في عام 1952 ومع أنه صدر بعد "السفر الأول" إلا أنه كتاب يتناول الدعوة بالتفصيل والتحديد، ننشره كما هو، بمناسبة ذكرى مرور ثلاثين عاماً على دعوتنا، التي أخذت اسمها "الجمهوريون" من ملابسات الوقت الذي نشأت فيه الحركة السياسية والوطنية ضد الاستعمار، في الأربعينات.. هذا الاسم لا يعبر تعبيراً كافياً عن محتوى دعوتنا، ولكنه صالح في المرحلة، لتمييز دعوتنا عن الدعوات الفارغة، التي تتسمى باسم الاسلام، وهي خالية الوفاض منه، ولقد كان همنا الأول أن يكون محتوى دعوتنا إسلامياً، وإن كان إسمنا مرحلياً، حتى يجيء اليوم الذي يتوكد فيه أن دعوتنا ما هي في الحقيقة إلا الإسلام عائداً من جديد.. ويومها يكون إسمنا الحقيقي إسماً مشتقاً من المعاني الإنسانية الرحيبة..
الحضارة الغربية واغتراب الإنسان
إن دعوتنا هذه إنما هي لمدنية جديدة تخلّف المدنية الغربية الحالية، والمنقسمة بين النظام الرأسمالي والشيوعي، والتي ظهر قصورها عملياً عن حل مشكلة الإنسان اليوم، فقد برعت وافتنت في صنع الآلة، وأنجزت إنجازاً كبيراً، في المجال المادي، والتقني، ولكنها فشلت فشلاً ذريعاً، في استيعاب طاقة الإنسان المعاصر، وتوجيهه. والحق أن صعّدت، وجسّدت، وأبرزت، أزمة الإنسان المعاصر أكثر من أي وقت مضى، وهذا ليس عيباً، كما قد يظهر في أول وهلة، وإنما هو حسنة من حسناتها، فقد وضعت الإنسان اليوم في أعتاب الحيرة، وجعلت منه باحثاً عن القيمة وراء المادة ــ القيمة الإنسانية ــ ورافضاً للمجتمع المادي، الذي يحيل الإنسان إلى آلة إنتاج، واستهلاك، يفقد روحه وحريته، وهي بذلك إنما وضعته في أول طريق الخلاص. الإنسان اليوم مغترب عن النظم السياسية، والإجتماعية، مغترب عن التقاليد، والأعراف، والموروثات، والمسلمات، والقيم التقليدية، واغترابه إنما هو شعوره بالحيرة المطبقة، وبالقلق، والاضطراب، ثم هو في القمة شعوره بفرديته المتميزة التي يرفض أن يذيبها عفوياً في تيار التطور المادي. والسبب الأساسي في اغتراب الإنسان هو أنه ذو طبيعتين، طبيعة مادية، وطبيعة روحية، فهو مكون من جسد ومن روح. فإذا أشبعت حاجة المعدة والجسد، الحاجة المادية، برز جوع الروح، وجوعها إنما هو حنينها إلى وطنها، الذي صدرت منه، حنينها إلى الله. فالاغتراب في الأصل، هو اغتراب الإنسان عن الله، وهو في المستوى المشعور به، يكون واضحاً، ولكن هناك مستوى غير مشعور به، وهو ما برز للإنسان المعاصر في رفضه للمادة، وفي بحثه عن القيمة الإنسانية، وعن الحرية.. في بحثه عن نفسه. وهو بحث في الحقيقة عن الله، ولعل ذلك يفسر لنا اتجاه الشباب الرافض في أوروبا وغيرها في الآونة الأخيرة إلى مظاهر من التدين غريبة، منها اللجوء إلى العقائد الهندوسية، أو تبني نوع من المسيحية ليس لها علاقة بالقديم، وإنما تتصور المسيح تصوراً جديداً.
الأزمات تجتاح العالم
ومشكلة الإنسان المعاصر هي لدى التمادي، مشكلة المجتمع اليوم، فمع اقتدار الحضارة الغربية، في ميدان تطويع القوى المادية، لإخصاب الحياة البشرية، واستخدام الآلة لعون الإنسان، فقد عجزت عن تحقيق السلام. والسلام هو حاجة البشرية اليوم. وهو في ذلك حاجة حياة أو موت، ذلك بأن تقدم المواصلات الحديثةن قد جعل هذا الكوكب أضيق من أن تعيش فيه بشرية، متنافرة، متحاربة فيما بينها، بل إن اختراع وسائل الحرب والدمار الرهيبة، قد وضع الإنسانية أمام أحد طريقين، إما السلام، وإما الدمار والفناء.. والحضارة الحالية وبفلسفتها الاجتماعية مع فشلها في تحقيق السلام، فإنها أيضاً تقف عاجزة أمام الأزمات المتلاحقة في العالم، وعلى قمتها أزمة الاقتصاد العالمي، التي أبرزت تناقضات النظام الرأسمالي والشيوعي. وظهرت في الموجة الحادة من التضخم والغلاء، التي تجتاح العالم، والتي يعاني منها الناس جميعاً، أشد المعاناة، وفي أزمة النظام النقدي العالمي، الذي يعاني من عدم الاستقرار.. وفي أزمة الغذاء العالمي التي تهدد البشرية بالمجاعات والأمراض ونقصان الغذاء، ثم في أزمة الانفجار السكاني، وأزمة الطاقة زيادة على مشاكل الحروب، المتواصلة والنزاعات العنصرية، والاقليمية.. إن هذه الأزمات علّمت الإنسان ضرورة التعاون الدولي، وأكدت له وحدة مصيره، وضرورة تكاتفه لمجابهة الأخطار التي تهدد وجوده.
قصور الفلسفات المعاصرة وعلى رأسها الشيوعية
قلنا أن الحضارة الغربية بفلسفتها الإجتماعية قد فشلت في تنظيم مجتمع اليوم لأنها تقوم على أديم مادي، وقد تمادى هذا التفكير المادي بالشيوعية إلى قطعها صلة الإنسان بالغيب. والحضارة الغربية إنما فشلت لأن الفكرة الشيوعية، والرأسمالية وإن اختلفتا، في ظاهر الأمر، فإنهما تقومان على أديم واحد، وتنطلقان من منطلق واحد، هو التفكير المادي. ولقد عجز هذا التفكير المادي بشقيه عن استيعاب طاقة إنسان اليوم، الذي يبحث عن القيمة وراء المادة، يبحث عن الحرية، والذي أعلن تمرده في الشرق والغرب في ثورات الطلاب والشباب، ورفضه للمجتمع المادي، الذي يمارس صناعة القيم، وتحطم فيه مواهب الإنسان وطاقاته. ويفرض عليه المجتمع نمطاً معيناً من السلوك الاستهلاكي، وأخلاقاً معينة، من التعامل الآلي الجاف. وأيضا فشلت هذه الفلسفات الاجتماعية، لأنها لم تستطع أن توفق بين حاجة الفرد للحرية، وحاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة، فالشيوعية قد جعلت الفرد وسيلة المجتمع فأهدرت قيمته، وحريته، وحقه، وأقامت نظامها على القهر والعنف، وعلى دكتاتورية الدولة. أما الرأسمالية في الطرف الآخر، فإنها قامت على إهدار حقوق الأفراد، فهي نظام للتسلط الاقتصادي، واستغلال العمال، ثم هي تمارس ديمقراطية زائفة، تعطي الفرد حرية الانتخاب والترشيح، ولكنها لا تحرره من استعباد الرأسمالي له، الذي يمكنه أن يوجهه لأن يصوت لجهة ما بالتصريح أو بالتلميح، فيفعل ذلك، لأن الرأسمالي يملك قوته، وفي أحسن الأحوال يمكن للرأسمالي شراء صوته بوسائل عديدة، بل يمكنه أن يصنع ويزيف الرأي العام بامتلاكه للصحف، أو بمقدرته على شراء حديثها أو صمتها. فلا حرية مع النظام الرأسمالي ولا حرية مع النظام الشيوعي، الحرية موؤودة في كلا النظامين، والحرية هي طِلْبَة واحتياج إنسان اليوم، ولذلك لا مستقبل لهذين النظامين، لأنهما لا يوافيان احتياج الإنسان.
اليسار الجديد
ولقد شعر أذكياء الماركسيين بما يواجه النظرية، من فشل في التطبيقن ومن تحدٍ واضح لأصولها النظرية. فذهبوا مذاهب في محاولة محاولة إنقاذها فيما سمي باليسار الجديد، والذي حاول تعديل التعاليم الأساسية للفكرة الماركسية، بما يتناسب مع الواقع الديالكتيكي الجديد الذي طرحته الحياة. وفي الحق أن تعديل الفكرة الماركسية إنما بدأ منذ عهد لينين نفسه، الذي أدخل تغييرات جوهرية تمس أسس النظرية الماركسية، فهو قد طبق النظرية في دولة زراعية لم تنضج فيها الظروف الثورية، التي تضع العمال في قيادة حركة الثورة والتغيير، كما يظن كارل ماركس. فروسيا لم تُدخِل الصناعة آنذاك إلا في حيز ضيق. ولذلك إضطر لينين إلى إدخال الفلاحين والمثقفين الوطنيين في تحالف مع طبقة العمال الصغيرة، وقام بإنشاء الحزب على هذا الأساس، المخالف للنظرية في أصولها. ولمخالفات لينين للنظرية فقد فكر الماركسيون في إضافته كمُنظّر ثانٍ مع كارل ماركس فيقولون عن أعماله وأقواله "الماركسية اللينينية". ولعل من أبرز الانحرافات التي واجهت التطبيق الماركسي، هو اضطرار النظام الروسي نتيجة للإنخفاض المتوالي للإنتاج، وبالرغم من الرقابة البوليسية على العمال، إلى إعطاء حوافز ربح للعمال، فيما سُمي بحوافز ليبرمان، والتي دار حولها نقاش ضافٍ في جريدة البرافدا، من قِبل الاقتصاديين السوفيت، ووصفها بعضهم في هذا النقاش بأنها زحف رأسمالي على الإشتراكية، وأعلنوا معارضتها. وإنها لكذلك، فهي نكسة لحافز العمل الرأسمالي لم تجد الشيوعية منها بداً، وهي لم تجد منه مفراً لأن نظريتها إنما تقوم على قطع صلة الإنسان بالله، وإقامة المجتمع بذلك على قيمة واحدة، هي القيمة المادية، مما أفقدها القدرة على إعطاء أي حافز للإنتاج، والتضحية، فاضطرت للحافز المادي. وهاهو اليسار الجديد وبتحليله لظواهر المجتمع الصناعي والمجتمع الإنساني اليوم يخلص إلى نتائج مغايرة، لكثير من نتائج كارل ماركس. فيقرر مفكروه ومنهم هربرت ماركوس أن الأداة الثورية، التي اعتمد عليها كارل ماركسن اعتماداً أساسياً، في تحليله لظاهرة الطبقات، واعتمد عليها في القيام بالثورة، وهذه الأداة ــ وهي طبقة العمال ــ قد مسخت وصارت أداة سلبية، وذلك لامتصاص النظام الرأسمالي لثوريتها، باعترافه بتنظيمات العمال، وبرفع أجورهم، وتهيئة فرص المعيشة الحسنة لهم وفرص الاستمتاع بمباهج الحضارة، سواء بسواء مع الآخرين ثم بملاقاة النظام الرأسمالي للاشتراكية، في منتصف الطريق، وتطبيقه لبعض مظاهرها. وبنهاية ثورية العمال، سددت ضربة قاضية ومميتة للنظرية الماركسية. أكثر من ذلك فإن نظام "الأوتوميشن" وهو النظام الذي تدار به المصانع في جميع عملياتها، بدون تدخل من أحد، وذلك بواسطة العقول الإليكترونية. هذا النظام الذي بدأ ينتشر سيؤدي إلى نهاية الطبقة العاملة، والتي تعاني اليوم من جراء تقدم الآلة من إنحسار كبير، في عددها، لأن الآلات الحديثة كل يوم جديد تكون أقل احتياجاً للعامل وهي قد تحتاج للفنيين المدربين أكثر. وهؤلاء يشكلون طبقة جديدة، سماها اليساريون الجدد طبقة "التكنوقراطيين" والمديرين المسئولين عن عمليات الانتاج جميعها. وبهذا التطور العلمي، فقد واجهت الماركسية تحدياً سافراً، لا يمتص الأداة الثورية فقط، وإنما يسعى لإعدامها. وفكر اليساريون الجدد في طبقة أخرى للقيام بالثورة، فاقترحوا الطلاب، لإيقاظ الطبقة العاملة، ورأوا إعطاء المزيد من الاعتبار لكينونة، وحرية الفرد، لأن الديكتاتورية والقهر مرفوضة تماماً من إنسان اليوم. وفي اتجاه اليسار الجديد انساق الماركسيون الذين تمردوا على أسس جوهرية في النظرية الماركسية، وتبنوا نظام تعدد الأحزاب، والوصول للسلطة عن الطريق البرلماني ومنهم الحزب الشيوعي الفرنسي، والحزب الشيوعي الإيطالي وأحزاب شيوعية أخرى. وكان على رأس ذلك في فرنسا جورج مارشيه وقبله بوقت قصير كان غارودي. كل هذا التخبط والتردد يقرر بوضوح نهاية التجربة الماركسية وتصدعها في جميع الجبهات.
الكتلة الثالثة "الاشتراكية والديمقراطية معاً"
وأمام هذا الموقف الذي استعرضناه للعالم، موقفه الاجتماعي، وموقفه الفكري، فإنا نرشح الإسلام ليكون الكتلة الثالثة، التي تستطيع أن تصفي الصراع المذهبي في العالم لمصلحتها، وفتعيد توحيد العالم، بتلقيح الحضارة الغربية الحاضرة، وبعث الروح في هيكلها، المادي العملاق ولقد كان ذلك ممكناً في ماضي أسلافنا، في الجزيرة العربية، وهو ممكن اليوم، فقد ظهروا بالإسلام في منطقة مجدبة، ومتخلفة، فأشعلوا به الثورة في نفوسهم، وبرزوا به بين الحضارة الفارسية ــ الشرقية ــ والحضارة الرومانية ــ الغربية ــ كتلة ثالثة، استطاعت أن تصفي وبسرعة الكتلتين الشرقية والغربية، وتطوي تراثهما تحت جناحها. والتاريخ اليوم يعيد نفسه وإن اختلفت الصورة. فإذا انبعثت الثورة الإسلامية الثانية، بمقدرتها على حل مشاكل الإنسان، وبمقدرتها على إحراز السلام، وإحراز التوفيق بين بين حاجة الفرد للحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة للعدالة الاجتماعية الشاملة، فإنها ستبني مدنية المستقبل ــ مدنية الانسانية الشاملة .. ومقدرة الاسلام على التوفيق بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة، إنما تكمن في التوحيد، وفي أن تشريعه يقوم على شريعة عبادات، وشريعة معاملات، كلاهما مكمل للآخر. فسعادة الفرد طريقها إسعاده للآخرين. هذا التوفيق بين الفرد، والجماعة هو الذي يعطي الإسلام وحده، الفرصة في تطبيق النظام الاشتراكي الديمقراطي، والذي يمتنع تطبيقه على جميع الأنظمة، لفقدانها القدرة على هذا التوفيق بين حاجة الجماعة وحاجة الفرد. إننا نرشح الإسلام لبعث المدنية الجديدة المقبلة، ذلك لامتلاكه عنصر الروح، عنصر الأخلاق. هذا العنصر الذي بفقدانه جُردت الحضارة الغربية من فرصة قيادة مستقبل البشرية. ثم لأن الإسلام بوضعه الفرد في مرتبة الغاية، والمجتمع في مرتبة الوسيلةن قد أعطى منزلة الشرف للحريةن والحرية هي قضية إنسان اليوم. ثم لأن الإسلام يملك المنهاج الذي يمكن به حل مشكلة اغتراب الإنسان ويمكن تحريره من حالة القلق والاضطراب.. فالإسلام علم نفس، وظف منهاجه لتحقيق الصحة للنفسن بتحريرها من الخوف والكبت، الموروث والمكتسب، وبإطلاقها من إسار العقد النفسية، وبوصلها بأصلها الذي منه صدرت. ولمقدرة الإسلام على تحقيق السلام، ومقدرته على تبني التراث الإنساني جميعه، وتلقيحه، وصقله وتوجيهه.. بهذه المقدرة على المواءمة والتبني الصحيح، فإن الإسلام هو صاحب المدنية المقبلة، التي تشارك فيها الإنسانية جمعاء الشرق والغرب والجنوب والشمال فهي مدنية إنسانية، الدين فيها علم وتحقيق، وهي مدنية تقيم علائق الناس على السلام والمحبة والصلة. [..]
انتهى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Kudouda)
|
الاخ خالد
الرجاء ارسال المقال ادناه لادارة الزمان
الاخوات والاخوة المشاركين ؛ اتمنى ان تنال هذه القراءة اهتمامكم
عادل
---------------- نبذة عن المؤسس :
الاستاذ الشهيد محمود محمد طه :
لا يمكن تناول الحركة الجمهورية ؛ بعد حوالى58 عاما من تاسيسها ؛ و18 عاما على توقف نشاطها الرسمى ؛ بمعزل عن شخصية الرجل الذى اسسها وعاصرها وقادها ؛ منذ مولدها الاول وحتى ماساتها الدامية فى يناير 1985 . ان الفكرة والحركة الجمهورية قد ارتبطتاارتباطا لا فكاك منه ؛ بشخصية مؤسسها ومفكرها وزعيمها الاول والاخير ؛ الاستاذ الشهيد محمود محمد طه .
ولد الاستاذ محمود محمد طه فى العام 1909 بمدينة رفاعة ؛ شرق النيل الازرق ؛ وتلقى تعليمه الاولى والمتوسط بمدينة رفاعة ؛ والتى رغم صغرها فقد كانت واحدة من اهم مدن السودان فى سبقها للتعليم الاهلى والعمل الاصلاحى ؛ والتى خرج منها المصلح الاجتماعى والتربوى الكبير الشيخ بابكر بدرى ؛ ثم التحق بكلية غردون التذكارية (جامعة الخرطوم لاحقا) ؛ كلية الهندسة ؛ والتى تخرج منها بتفوق فى العام 1936 ؛ و مارس عمله كمهندس بمصلحة سكك حديد السودان بمدينة عطبرة ؛ وقد كان ملتزما طوال عمله بعطبرة جانب العمال وصغار الموظفين السودانيين فى مواجهة عنت وظلم الادارة الانجليزية ؛ وكان ذلك موقفا متفردا وسط كبار الموظفين والمهندسين ؛ وعاملا حاسما للدفع عن مصالح المستضعفين ؛ فى غياب التنظيم النقابى للعمال وصغار الموظفين . ثم ما لبث بحثا عن الاستقلالية ان استقال من عمله فى الحكومة فى العام 1941 ؛ ليمارس عمله الخاص بعد ذلك فى المجال الهندسى ؛ والذى مارسه حتى انطلاقة نشاطه السياسيى فى منتصف الاربعينات .
فى اكتوبر 1945 ؛ عقدت مجموعة من الخريجين اجتماعا بنادى الخريجين بالخرطوم ؛ اسست فيه الحزب الجمهورى ؛ وانتخبت المهندس محمود محمد طه رئيسا له ؛ وما لبث الاستاذ ان دخل فى مواجهات حادة مع الادارة الاستعمارية ؛ وتصاعدت الحملة لتصل الى اعتقال الاستاذ محمود ومجموعة من رفاقه لمدة خمسين يوما ؛ اطلق سراحه بعدها ؛ ثم ما مضى حين الا واعتقل مرة اخرى ؛ حيث قاد حملة تضامن مع امراة ؛ فى مدينة رفاعة ؛ اعتقلت لممارستها الختان الفرعونى تجاه ابنتها ليمضى حوالى العامين فى السجن ؛ ويخرج منه فى العام 1949 ؛ ليدخل فى خلوة بمدينة رفاعة استمرت حتى العام 1951؛ سيخرج بعدها بشخصية دينية واضحة ؛ ومذهبية جديدة عرفت فى السودان بالفكرة الجمهورية .
مارس الاستاذ من بعدها نشاطه السياسى والفكرى والتعليمى ؛ عن طريق الاشتراك فى النشاطات الوطنية والتحررية ؛ فكان من المناهضين لقانون النشاط الهدام فى اوائل الخمسينات ؛ وغيره من القوانين المقيدة للحريات ؛و كما اتجه للكتابة الصحفية ؛ فكانت مقالاته ورسائله حول القضايا المحلية والاقليمية والعالمية تحتل صفحات الصحف الرئيسية فى الخمسينات ؛ومن بينها صحيفة الحزب القصيرة العمر ؛الجمهورية ؛ والتى استمرت لمدة 6 اشهر ؛ اضافة الى اصدارات الحزب الرسمية ؛ والى كتبه والتى بدا سيلها ينهمر منذ اوائل الستينات ؛ والتى توجها باصداره للكتاب الام للدعوة الجمهورية ؛ والذى ضمن فيه افكاره التجديدية والاصلاحية ؛ تحت عنوان : "الرسالة الثانية من الاسلام " والذى صدرت طبعته الاولى فى يناير 1967 ؛ وصدرت منه بعد ذلك اربع طبعات لاحقة ؛ وترجمة للانجليزية ؛ ودارت حوله الكثير من الدراسات والكتب ؛ والتى تراوحت ما بين الاطراء والتاييد ؛ ومحاولات النقد الهادف ؛ والهجوم السلفى عليها بدعوى الكفر والردة والالحاد .
فى سياق ذلك ؛ فقد تعرض الاستاذ محمود الى المؤامرة الاولى تجاهه فى العام 1968 ؛ حيث رفع بعض ممن يسموا نفسهم برجال الدين قضية ضد الاستاذ محمود امام محكمة للاحوال الشخصية (المحكمة الشرعية ) يزعموا فيها بردته ؛ وقامت المحكمة فى غياب الاستاذ وتجاهله لها ؛ وكان ان حكمت بغلاظة وجهل بردته ؛ وبتطليق زوجته منه ؛ ودعت الى حل الحزب الجمهورى واغلاق دوره ومصادرة مملتكاته ؛ فى سابقة قد تكون هى الاولى فى العالم الاسلامى فى النصف الثانى من القرن العشرين .
كان حكم المحكمة الشرعية سياسيا ؛ وقد كان جزءا من الحملة الفكرية والدعائية الى قادتها قوى الطائفية والظلام ضد ثورة اكتوبر ومنجزاتها ؛ والتى اسست على استغلال الدين لاهداف سياسية ؛ فتم تحتها حل الحزب الشيوعى وطرد نوابه من البرلمان ؛ ومطاردة وتحجيم الحركة النقابية ؛ وبناء ديكتاتورية مدنية باسم الدستور الاسلامى . ان اختيار الاستاذ محمود ليكون هدفا لحكم الردة لم يكن عبثا ؛ فقد كان من ابرز الناشطين فى مؤتمر الدفاع عن الديمقراطية ؛ ومن اكثر الناقدين للطائفية وسياساتها ؛ ومن اكثر المتصدين لدعوات الهوس الدينى والظلامية المرفوعة من تنظيم الاخوان المسلمين ؛ فحق بذلك عليه غضب هذا الحلف غير المقدس من تجار الدين ومستغلى الشعب من قادة البيوتات الطائفية وانصارهم من الجهلاء وغلاظ القلوب ممن اسموا انفسهم زورا بعلماء الدين .
بعد وصول انقلاب مايو 1969 الى السلطة ؛ وحله لجميع الاحزاب السياسية ؛ بما فيها نشاط الحزب الجمهورى ؛ فقد انتهى الحزب كتنظيم ؛ بينما ساند الاستاذ محمود ومؤيدوه النظام ؛ باعتباره انقاذا للبلاد من السياسات الطائفية المعادية للديمقراطية والفكر ! وفى العام 1973 اعاد الاستاذ محمود تنظيم الحركة الجمهورية فى صورة جماعة ؛ اخذت اسم الاخوان الجمهوريين ؛ والتى مارست نشاطها الفكرى والدعائى منذ ذلك الحين عن طريق توزيع الكتيبات والنشرات والندوات فى الجامعات والمعاهد وما اسموه باركان الحوار فى الاسواق واماكن التجمعات العامة . وفى كل ذلك واصل الاستاذ تاييده المعلن للنظام حتى العام 1983 ؛ حيث تم الاختلاف بين النظام والجماعة ؛ وبدا الاستاذ محمود نشاطه المناهض لسياسات النظام الاصولية المتزايدة ؛ وتعرض من جراء ذلك للاعتقال لاول مرة تحت نظام مايو قى اوائل يونيو 1983 ؛ بعد اصدارالجمهوريين لكتيب ينتقد مباشرة النائب الاول للنميرى : عمر محمد الطيب ؛ ليقضى فترة حبس دون محاكمة حتى 19/12/1984 ؛ حيث اطلق سراح الجمهوريين فى خطوة محسوبة ظاهرها العفو ؛ وفى باطنها تدبير مؤامرة جديدة تجاه الاستاذ ؛ الذى ما لبث بعد خروجه ان اصدر بيانا بعنوان "هذا او الطوفان" فى 25/12/1984 ؛ ينتقد فيه قوانين سبتمبر وجملة من سياسات السلطة ؛ فما كان من النظام الا اعتقاله مرة اخرى فى 5/1/1985 ؛ وتدبير محكمة – مهزله له واربعة من رفاقه ؛ قامت على قوانين امن الدولة مواد اثارة الكراهية ضد الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم ؛ وقد رفض الاستاذ محمود مطلق التعامل معها ؛ وحكمت المحكمة على المتهمين بالاعدام . ورفع الحكم الى محكمة الاستئناف ؛ والتى لم تناقش جوهر القضية وانما اضافت لها اتهاما بالردة ؛ وهى جريمة لا ينص عليها القانون الساري حينذاك؛ وايدت الحكم ؛ الذى رفع الى السفاح نميرى ؛ الذى لم يؤيد فحسب وانما اضاف اتهامات جديدة وبينات جديدة ؛ فى خرق واضح للقواعد القانونية والقضائية ؛ واعطت محكمة الاستئاف ؛ ومن بعدها السفاح لبقية المتهمين حق التوبة ؛ بينما حجبته عن الاستاذ ؛ مما يوضح سؤء النية وابعاد المؤامرة التى كان غرضها تصفية الاستاذ ؛ الامر الذى تم فى صبيحة الجمعة الحزينة ؛ فى 18 يناير 1985 .وتم نقل جثمانه بطائرة هيلكوبتر حيث تم دفنه بمكان مجهول فى الصحراء شمال غرب ام درمان .
كان اغتيال الاستاذ محمود ؛ الشيخ البالغ من العمر 77 عاما ؛ واحد مؤسسى وقادة الحركة الوطنية السودانية ؛ وواحدا من ابرز المفكرين السودانيين ؛ ماساة دامية على جبين عصرنا؛ وعلامة لا تقبل الجدل على الانحطاط الاخلاقى والعجز الفكرى والجبن السياسى لمناهضيه من السلفيين ونظام نميرى . فقد تميز الاستاذ محمود ؛ على عكسهم ؛ فى طول حياته ؛ بسعة الافق والتسامح الشخصى مع مناهضية ؛ والحوار الراقى والجدل الفكرى مع اطروحاتهم ؛ والنشاط السلمى والبعد عن اى مظهر للعنف ؛ فى ظل التمسك التام بافكاره ومبادئه ؛ رغما عن سؤء الفهم العام وتشويهات السلفيين لها. ومارس حياة متقشفة زاهدة ؛ ولم يستفد من دعم مناصرية وايمانهم المطلق بشخصة ورسالته ؛ فى جلب مكسب مادى لشخصه ؛ كما انه وطوال سنوات تاييده ومسايرته لمايو لم يسع الى مكسب مادى من ذلك التاييد وتلك المسايرة ؛ وحين اتت محاكم النظام الجائرة بحكم مصادرة ممتلكاته ؛ لم يجد المنفذون ما يصادرون غير سرير خشبى شعبى –عنقريب- وبضع بروش ؛ ومنزل مبنى من المواد البلدية – الطين والجالوص - ؛كان فى حقيقته بيتا للجماعة اكثر منه ملكا شخصيا للاستاذ ؛ وحزمات من الكتب والمخطوطات احرقوها فى شوارع الخرطوم ؛ فى ممارسة اعادت للاذهان تجارب النازية فى حرقها للكتب ؛ كمظهر اعمى للعداء الثقافة والفكر والعجز عن الحوار .
ان الاستاذ محمود محمد طه ؛ وغض النظر عن الاختلاف او الاتفاق مع اجتهاداته الفكرية والدينية ؛ وغض النظر عن تقييمنا لمجموعة من مواقفه السياسية ؛ يبقى معبرا رئيسيا لكرامة الفكر والمفكرين فى السودان . ومثالا حيا ابد الدهر ؛ للشجاعة المرتبطة بالوعى ؛ ورمزا متميزا عن الانتهازيين من الساسة والمفكرين ؛ والذين يبدلوا مواقفهم كما يبدلوا ملابسهم ؛ ويذبحوا المبادى الغالية على اعتاب السلطة ؛ وينكسروا امام جهل الجمهور او تحريضات الجهلة او عنف الخصوم . ان محمود على غرابة افكاره وعلى جراة تجديده وعلى اشكالية مواقفه الاجتماعية والسياسية ؛ قد وجد الاحترام والتقدير من العديد من مفكرى السودان والعالم ؛ فلم يكن غريبا ان يكتب عنه الشاعر الفذ محمد المهدى المجذوب ؛ عند اعتقاله الاول فى كوبر ؛ ممجدا لصمود محمود ؛ ومستنكرا ان تضم جدران كوبر الضيقة تلك الهامة الفارعة ؛ ولم يكن غريبا ان يكتب الاستاذ عبدالله الطيب ؛ وهو من هو من من سلفية الافكار والمواقف ؛ قصيدة رثاء حارة ينعيه فيها بعد استشهاده ؛ ولم يكن غريبا ان يرفعه فى سلم التقدير درجات قادة اليسار الماركسى فى السودان ؛ وهو الذى نقدهم – فكريا – بصورة جذرية ؛ كما لم ينقدهم احد فى السودان ؛ حيث شبه الاستاذ محمد ابراهيم نقد استشهاده ببطولة فرسان القرون الوسطى ؛ وباستشهاد ود حبوبة وابطال النضال الوطنى . وليس غريبا ان يستلهم تراثه ومواقفه وشخصه ؛ العديد ممن لا تربطهم بالفكر الجمهورى صلة ؛ وتربطهم بالاستاذ محمود الف صلة وصلة .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
لك التحية الاستاذ بكري وبقية الاساتذة الإجلاء عذرا إن لم أتابع مقالاتكم السابقة عن الاستاذ محمود محمد طه ... ولكني أود أشير غلى أضائتين ... في أعدام الأستاذ بالرغم من أني فقير جدا عن معرفة الكثير من تفاصيله الفكرية .. ولكن ما يهمني أن أقوله هنا فقط وجهة النظر القانوينة ولا أدري أن كان من تطرق لها قبلي أم لا ... أولا كل السودانيين أو السواد الأعظم منهم المهتم بقضية الأستاذ محمود محمد طه وبالرغم من أن معظمهم غير قانونيين ولكنهم يعرفون ... أن الأستاذ محمود قد حكم تنفيذا لنصوص وقواعد القانون الجنائي السوداني لعام 1983م ... وذلك لتجريمه بأرتكاب جريمة الردة ... مع العلم أن القانون السوادني لم يكن في نص يشير إلى هذه المادة ولا إلى عقوبتها .... وهذا ما صححته المحاكم لاحقا ولا زال وصمة عار في جبين القضاء السوداني .. والذي كان يعترف به ويخجل منه كبار دكاترتنا في كلية القانون .. وكنا نحترم فيهم ذلك .. هذه نقطة أولى أما الثانية ... وهذه يشهد بها من حضروا تنفيذ الإعدام عن قرب ومن كان حاضر من هيئة السلطة القضائية أو من منفذين أو غيرهم وهذا ما يجب أن يعرفه التاريخ ويعلن عنه هؤلاء الحضور إن كانت بهم شجاعة مع احترامي أيضا لبعض أساتذتي القانونيين الكبار .. الذين لا زال هذا الموقف يؤثر فيهم ولكن كنت أتمنى لو أنهم تمكنوا من نشرة في كل وسائل الأعلام ... وهي كالآتي وكما ذكر أحد الاخوان أن الاستاذ كان وقت تنفيذ الإعدام يبتسم بثبات ولكنه لم يبتسم فقط .. أتدرون أن الاستاذ محمود محمد طه لما أزفت ساعة التنفيذ قد حرك شفايفه نطقا بالشهادة ولم يكن صوتا مسموعا بقدرما يمكن أن تسميه درجة تحت الهمس ولكن طريقته في تحريك شفائفه بنطق الشهادة .. لا تغيب على الرجل العادي بأن هذه التي تتحرك بها الشفاه ما هي إلا شهادة أن لا اله إلى الله وأن محمد رسول الله ... وأن تقضينا عن تطبيق النص الغير موجود أصلا .. فتعتبر هذه شبه تدرأ الحد لو كان في الذين حضروا من له ضمير ومسألة الحدود تدرأ بالشبهات أمر لا يحتاج إلى مفتي ولكنه حديث وامر وضح في تعاليم ديننا الحنيف ....
فهناك الكثير أعزائي حول ذلك الظلم الذي الحقته المحكمة بهذا الاستاذ ... لا يجدر بنا سوى أن نقول أن الله المستعان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: السوباوي)
|
الأخ سوباوي
تحية طيبة لقد أعجبتني مساهمتك ولكنني ضحكت كثيرا، وتألمت لعدم معرفتك للأستاذ، عندما قرأت مداخلتك في هذه النقطة:
Quote: أتدرون أن الاستاذ محمود محمد طه لما أزفت ساعة التنفيذ قد حرك شفايفه نطقا بالشهادة ولم يكن صوتا مسموعا بقدرما يمكن أن تسميه درجة تحت الهمس ولكن طريقته في تحريك شفائفه بنطق الشهادة .. لا تغيب على الرجل العادي بأن هذه التي تتحرك بها الشفاه ما هي إلا شهادة أن لا اله إلى الله وأن محمد رسول الله ... |
من قال لك أن الأستاذ محمود لم ينطق الشهادة من قبل؟؟ ارجو أن تتمكن من قراءة كتابه الإسلام ، وكتابه "محمود محمد طه يدعو إلى طريق محمد" على هذا الرابط، لتعرف مدى علاقة الأستاذ محمود بالشهادة.. http://www.alfikra.org/books/index.htm
وفي الختام لك مني التقدير والاحترام
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: WadalBalad)
|
الاستاذ العزيز ياسر الشريف لك كل الشكر والود أرجو أن لا تضحك ولا تحزن ... فأنا اقول لم أعرف تفاصيله الفكرية وقد يكون ذلك لظروف كثيرة .. ليس هنا الآن وقت لسردها
أما بخصوص الشهادة .. أنا لم أقل أنه لم ينطق الشهادة من قبل ولم أكفره على الأطلاق ولم أقل أن شهادته في لحظة الأعدام هي أول شهادة له ولكن حتى لو كان هذا الموقف انطبق على ارفع رجال الدين .. باتهامه بالردة ... وفي لحظة الحكم نطق بالشهادة أنا أقول أنه قد نطق الشهادة وليس معنى هذا ... أنني أنفي منه صفة الإيمان في كل ماضيه ..... فعذرا عزيزي ... قرأت للأستاذ الكثير ... ولي كثير من الأصقاء الذين عاشروه وحدثوني عنه .. وأظنك تعرف العم خيري .. الأخ عاصم ... أحترم كل هؤلاء ... قرأت له عزيزي ياسر ... ولم أقل أنه لا أعرفه ولكن كان تعبيري أن لا أعرف الكثير عن تفاصيله الفكرية فأرجو أن تركز لي على تفاصيله ...
لك الود الاستاذ ياسر .. ويجب أن نستفيد منكم .. فيما نجهله .. بس بدون ضحك أو حزن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Yaho_Zato)
|
الاخ يا هو ذاتو
تحياتى القلبية لك ؛ ومن قبل للجهد العظيم الذى تبذله قراءة وكسبا ؛ ثم تطرحه لنا كالدرر فى هذا المنبر وفى غير هذا المنبر
اتفق معك فى وحدة التفكير الانسانى ؛ وفى صيرورته الى فكر عالمى انسانى ؛ حاول اغلب المفكرين والمصلحين وضعه ؛ ولكن عاقتهم ظروف الزمان والمكان ؛ ومستوى تطور الفكر والعلم فى زمانهم ؛ وهى عوائق موضوعية ؛ اذا سلمنا بالنظرة التطورية ؛ والتى تقول بتفوق الفكر الانسانى فى كل عصر جديد؛ على ما سبقه ؛ وليس النظرة الماضوية التى تبحث عن العصر الذهبى فى زمن غابر
بهذا المنطق ؛ ما اسهام الرسل والفلاسفة والعلماء والمصلحين ؛ الا احجار تضع فى هذا البناء العظيم ؛ وما اتى به موسى ؛ وعيسى ؛ ومحمد ؛ وكونفوشيوس ؛ وزرادشت ؛ وبوذا ؛ ولاوتسى ؛ وهيجل ؛ وماركس ؛ وفرويد ؛ وداروين ؛ ومحمود ؛ الا اضافات للقكر الانسانى ؛ هذا اذا نظرنا من خارج نظرة المتدينين والعقائديين ؛ والذى يرى كل منهم فى ديانته وعقيدته الكلمة الفصل ؛ والحقيقة المطلقة ؛ المتنزلة من الله او الخارجة من رحم التجربة او المنبثقة من عبقرية الروح
وليست الصوفية والنشاط الاجتماعى ضدان ؛ كما فهمت من نصى ؛ وانما هما طريقان صعب الجمع بينهما؛ فى صورة تنظيم ؛ بل ان اغلب الصوفية قد كان لهم موقف اجتماعى واضح ؛ من الظلم ؛ ومن انتهاك كرامة الانسان ؛ ومن قمع حرية التدين والتفكير ؛ بل ان الفعل الصوفى فى ذاته ؛ هو موقف واضح ؛ واعتراض بين ؛ على سير الاشياء فى هذا العالم ؛ وقد كان للمتصوفة السودانيين باع كبير فى الوقوف مع المظلومين ؛ وفى نشر التعليم ؛ وفى الخدمات لمجتمعاتهم ؛ ومن يرغب فى تحقيق ذلك ؛ فدونه كتاب طبقات ود ضيف الله ؛ او كتاب الفقهاء والسلطنة فى سنار ؛ لمولفه عبد السلام سيد احمد ؛ وغيرها من الكتب والدراسات
ما قصدت الاشارة اليه فى المقال ؛ وما اوضحته فى كتابات لاجقة ؛ اتمنى ان انشرها على هذا البورد ؛ هو ان الاختيار الصوفى اختيار فردى ؛ ولا يمكن ان يكون اختيار مجتمع او جماعة ؛ اى يمكن للمراة او الرجل ان يكونا صوفية او صوفي ؛ ولا يمكن للحزب او المجتمع ان يكونا صوفيان ؛ ولذلك فاننى وددت لو فرق ما بين الصوفية كاختيار فردى - معرفى ؛ والعمل الاجتماعى كاطار سياسى - اجتماعى ؛ وقد كان الحزب الجمهورى فى مطلع ايامه كذلك ؛ ولو كانت به شخصيات مؤثرة اخرى ؛ لكان الحزب تجمعا سياسيا اجتماعيا ؛ ذو اهداف وطنية واصلاحية يتفق عليها الكثيرون ؛ ولكان الاختيار الايدولوجى للقادة والاعضاء متعددا ؛ وفى ذلك لا عتب على اختيار الطريق الصوفى لمحمود ؛ او العلمى لاخر ؛ او الفلسفى لثالث
مهم هنا ؛ استذكار تجربة الشهيد كمال جنبلاط ؛ مؤسس وزعيم الحزب التقدمى الاشنراكى فى لبنان ؛ فقد كان الرجل صوفيا ؛ وماركسيا ؛ ولكنه لم يفرض خياراته على الحزب ؛ بل كان ما يجمع الناس فى حزبه هو البرنامج السياسى والاجتماعى ؛ ورغم خروج كمال جنبلاط من اسرة طائفية ؛ وتراث درزى ؛ كان يمكن ان يستغنى بهما عن اى تاسيس برامجى ؛ فقد طور هو الحزب ليتجاوز حدود الطائفة ؛ واحتفظ بخياراته االمعرفية لخاصة نفسه ؛ فى نفس الوقت الذى نشط فيه اجتماعيا عن طريق العمل السياسى والبرنامج الاجتماعى الذى يوحد الناس على اساس مصالحهم وخياراتهم السياسية والاحتماعية العامة ؛ لا على اساس الايدولوجية
وقد ذكرت انا من قبل ؛ ان معضلة المرحلة الثانية من تطور الحركة الجمهورية ؛ اى عند تحولها الى تنظيم دينى ؛ تتمثل فى ان فكرها لن ينال التطبيق ؛ الا اذا اصبح كل االمجتمع جمهورى ؛ وهذا من المحال ؛ فالمجتمعات تتاثر بالايدولوجيات ؛ ولكنها لا تتادلج كلية ؛ ناهيك عن ان الفكر الجمهورى مربوط ربطا لا فكاك منه بالدين الاسلامى ؛ وهو من هذا المنطلق يقصى من حدوده غير المسلمين ؛ ولعلك قد تابعت تطور الفكرة البهائية ؛ والتى رغم مرور اكثر من قرن ونيف عليها ؛ وتخولها الى دياتة مستقلة ؛ الا انها لا تزال تراوح مكانها ولا تستطيغ فكاكا من اصلها الاسلامى ؛ ولا تزال علاقتها بالاسلام مثار جدل وصراع وخلط وعداءات
ما هو اتجاه التطور فى نظرى ؛والذى يمكن ان تسير عليه المجتمعات ؛ لو لم تدمر الحكومات والساسة كوكبنا هذا ؛ اتجاه التطور فى الفكر يمر فى نظرى بعدة مراحل :
- المرحلة الاولى هى مرحلة التعايش ؛ وهى مرحلة ان يتم الاعتراف لكل شخص بحقه فى اختيار ما يشاء من فكر او عقيدة ؛ وهى مرحلة العلمانية السياسية ؛ والدولة القومية ؛ والحرية الفكرية والدينية - المرحلة الثانية وهى مرحلة التلاقح ؛ وعى مرحلة تحتفظ فيها المجتمعات كما الافراد ؛ بما تشاء من افكار وعقائد ؛ وللكنها تتحاور وتتلاقح فيما بينها ؛ وتكسر حواجز الشكوك والمرارات التاريخية وسؤء الفهم والتعصب ؛ وهى مرحلة تستدعى الحوار الفكرى ؛ ووضع الاسس الرئيسية التى تجمع الناس - مواثيق دولية مصاغة بالتراضى وبقبول الجميع ؛ وهى كذلك مرحلة التجمعات الاقليمية والتعاون الدولى - المرحلة الثالثة وهى مرحلة الوصول الى الجامع المشترك الاعظم فى مجال القيم ؛ وهى مرحلة القيم الانسانية العالمية ؛ ؛ وهى مرحلة المجتمع العالمى ؛ وربما مرحلة الحكومة العالمية ؛ وهى مرحلة عالية فى تقارب الجنس البشرى
اننا نرى الان ؛ فى العديد من الافكار والمنظمات ؛ بذورا من كل هذه المراحل ؛على تفوت فى تطورها ؛ فنحن فى السودان لم نصل بعد الى المرحلة الاولى ؛ بينما تخطو بعض الاقاليم ؛ كالاتحاد الاوربى مثلا ؛ الى منتصف المرحلة الثانية ؛ ونرى فى بعض عبقرى الاقكار والنشاطات ؛ بذور المرحلة الثالثة
ان اسهام الاستاذ محمود ؛ كان يمكن ان يصب فى المجال الاجتماعى والسياسى ؛ فى تعزيز المرحلة الاولى ؛ ؛ وفى المجال الفكرى والمعرفى فى اجتراح افق المرحلتين الثانية والثالثة ؛ ولكن كل انسان محكوم بظروفه ؛ وبخياراته ؛ ولو لاحظت رسالة الاستاذ محمود ؛ والمعنونة : اعداد الانسان الحر ؛ لوجدت فيها بذورا لقيم المرحلة الثانية والثالثة ؛ ولوجدت ايضا انه يعطلها حين يربطها بدين بعينه ؛ وكتاب بعينه ؛ قد لا يرى فيه غير المسلمين ؛ او حتى بعض المسلمين ؛ ما يراه فيه الاستاذ محمود
ولو نظرت حتى الى الجمهوريين ؛ لوجدت بينهم اختلاقا عظيما ؛ فى تقييم شهصية وفكر الاستاذ محمود ؛ فعمر القراى مثلا ؛ لا يرى فيه الصوفى ؛ وانما ينظرقبل كل شى الى السياسى ؛ ويزعم بامكانية تحقيق السياسى فى الفكرة الجمهورية ؛ بينما يراها ياسر الشريف فكرة دينية فى المقام الاول ؛ ويحاول حيدر بدوى ؛ والباقر العفيف ؛ ان ينظرا الى افقها الكونى ؛ ويحاولا ان يفك الربط ما بين الفكرة ؛ كتوجه شخصى ؛ والنشاط السياسى ؛ كاسهام عام ؛ يوحدهما مع آخرين ؛ من منطلقات فكرية مختلفة ؛ ويحاول نفس الشى محمد عثمان سليمان ؛ وان بقراءة مختلفة تماما لسلم الاولويات ؛ حيث يراها فى محاربة الطائفية ؛ والترابية ؛ وبتعامل مع حيثيات النظام الراهن
اعتقد انا ؛ انه قد حان الاوان ؛ لفك المتشابك فى شخصية وسيرة وفكر الاستاذ محمود ؛ وفرز ما هو ظرفى وتاريخى ؛ مما هو مستقبلى وعالمى وعبقرى ؛ وفرز الاكتساب الفكرىوالسياسى والحركى ؛ عن الموقف الشخصى ؛ والذى تجاوز به العديد من نواقص الفكر والتنظيم ؛ وفك التنظيم عن الايدولوجية ؛ واعادة مرحلة الواجبات والمهام من جديد ؛ واستخلاص الحكمة الكاملة من التجرية
وآمل حقا فى ان يكون لى حظ بسيط من عملية التفكيك واعادة التركيب هذه ؛ليس فى مجال الفكر الجمعورى فحسب ؛ وانما فى مختلف مكونات الفسيفساء الفكرية السودانية ؛ ونترك لمن ياتى بعدنا ؛ من الشباب الواعد ؛ من امثال ياهو ذاتو ؛ وموديك ؛ وغيرهم ؛ واجب اجتراح افاق جديدة
مع التقدير
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Yasir Elsharif)
|
الاستاذ العزيز جدا ياسر الشريف نحن فوق أن نحوج بعضنا ... لأعتذارات وسوء فهم .. كل شيء جائز حدوثه ... أتمنى أن نعلم منك المزيد .. عن ما لم تسعفنا الظروف على معرفته عن الاستاذ محمود ... وأتمنى أن يكون رأي أو مساهمتي الأولى في حق الرجل هي من وجهة نظر قانونية فقط لا غير أما بالنسبة لمن ذكرتهم لك فالعم خيري الأمدرماني بالثورة الحارة التامنة ... فجلست معه كثيرا .. وحكي لي الكثير الكثير عن الأستاذ من الأشياء التي لم يعرفها عنه إلا من كا نوا لصقين به كالعم خيري ويبدو لي أنك تعرف علاقتهم مع بعض ... أما الاستاذ عاصم حامد فبيني وبينه علاقة دم قبل كل شيء ... وأما الباشمهندس معاوية الجاك فهو في مقام خال بالنسبة لي ... ومن هؤلاء كنت ... أتشوق لأن أكون قد عايشت هذا الرجل المعجزة
ولك تحياتي ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
الاخ حيدر
تحياتى القلبية
شكرا لك على كلماتك الرقيقة ؛ وشكرا لك على مساهماتك القيمة ؛ والتى اثريت بها البورد ؛ كما قدمت لى فيها؛ نموذجا لقراءة جمهورية مختلفة ومنفتحة ؛ لا تكتفى باجترار نصوص الاستاذ محمود ؛ وانما تحاول ان تذهب الى مستويات اعمق من ذلك ؛ وهو ادراك روحها ؛ ومنهجها ؛ وخط التطور الذى ينبغى ان تسير عليه الفكرة ؛ اذا ارادت الا تتحنط ؛ والا تتحول الى عقيدة
لا ازال انا فى انتظار مقالك ؛ وكلى عشم ان يجاوب على بعض اسئلتى ؛ وان نجد الوقت كافيا ؛ لكيما نتحاور حوله ؛ بحثا عن الحقيقة ؛ هذه الطريدة التى نبحث عنها كلنا ؛ ثم لا نكاد نقبض الا طرفها
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Yasir Elsharif)
|
الاستاذ ياسر
عيدك مبارك وكل سنة وانت طيب ومبدع
شكرا للمعلومات القيمة ؛ وحقيقة قد ارسلتها انت لى من قبل ؛ كما ارسل لى الاخ عمر عبدالله تصويبات اخرى ؛ ولكن كثرة المشغوليات لم تسمح لى بذلك
عن تاييد الجمهوريون للنظام ؛ فمسالة قيها نظر ؛ فليس الامر كما يقولون الان انه كان اختيار اخف الضررين فقط ؛ ولكنه كان اختيارا واعيا ؛ وسارجع الى ذلك قريبا ؛ من كتابات ولقاءات الاستاذ ومن شهادات الجمهوريين ؛ اما ما قلت هن الاتحاد الاشتراكى ؛ فحسب معلوماتى كانت الاستاذة اسماء محمود محمد طه عضوا باللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى السودانى ؛ ارجو ان تؤكد لى هذا او تنفيه
مع التقدير
عادل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: بكرى ابوبكر)
|
العزيز ياهو ذاتو
تحية وسلاما لك وللأستاذ عادل
لقد قلت يا ياهو ذاتو:
Quote: بالنسبة لما قلته عن رأي الأستاذ محمود محمد طه في حدود القصاص الأربعة .. فأنا حقيقة أختلف معك معلوماتيا بشكل يجعل النقاش عقيما .. و لا أعني بكلمة "عقيم" غير معنى أننا لن نستطيع النقاش في تفاصيل معلوماتية .. إلا أن يرشدنا شاهد حق على صحة ما لدي أو صحة ما لديك .. بإختصار أنا أرى أن الأستاذ محمود كان يرى بأن الحدود الأربعة مازالت صالحة للتطبيق .. و لكن لا يجوز تطبيقها إلا بعد تحقيق دولة الإنسان التي دعا إليها بعماديها الديموقراطي و الإشتراكي .. و ليس لتطبيقها معنى خارج تلك الشروط .. و بناءا على ذلك انا لا أرى أن الجمهوريين قد خالفوا رأي أستاذهم في هذه النقطة .. و أبقى على هذا الفهم حتى يتضح لي خطأه |
وهذا نفس المعنى الذي وضحته أنا.. إنك لن تعبر الجسر قبل أن تصله.. وأنت لن تطبق القوانين قبل أن تقيم المجتمع السليم.. ولكن إذا أقمت المجتمع السليم فلن تكون هناك حاجة إلى هذه العقوبات..
المهم في الأمر أن آخر ما قاله الأستاذ محمود هو المطالبة بإلغاء قوانين سبتمبر وما به من عقوبات حدية وقصاص..
أحاول اقتطاع الوقت للمساهمة ولكنني أستمتع بالحوار بينكما.. ارجو من الأخ عادل أن ينشر رد القراي عليه في هذا البوست حتى يكون مكتملا..
ولكما ودي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Yasir Elsharif)
|
رد الاستاذ عمر القراى فى اجزاء متتالية ---------------------------------------
قراءة نقدية لتأملات أفق المعرفة والشهادة بسم الله الرحمن الرحيم " وزنوا بالقسطاس المستقيم *ولاتبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " صدق الله العظيم
كنت قد إطلعت قبل سنوات ، على مقال كتبه الاستاذ عادل عبد العاطي بعنوان ( تاملات في أفق المعرفة والشهادة حول حياة واستشهاد محمود محمد طه ) ، ولما كان المقال يعتمد في اثبات فكرته الاساسية ، على تصورات مسبقة ، ومعلومات سماعية ، واشاعات لا حظ لها من الصحة ، فقد تحدثت في ذلك الوقت عام - 1999 مع كاتب المقال ، وأوضحت له ذلك فوعد بالمراجعة ، وكنت اتوقع ان أرى المقال بصورة جديدة ، خاصة وان كاتب المقال جم النشاط في الحركة الفكرية والسياسية ، وكان يمكنه التحري من المعلومات وتصحيحها .. ولما أعيد نشر المقال كما هو دون تغيير ، بتاريخ 25 / 5 /2002 في منتدى السودانيين للحوار في "الانترنت" رأيت ان أعقب عليه ، على أمل إيضاح جانب من الفكرة الجمهورية ، لكاتب المقال ، وغيره من المهتمين .. ذلك ان هذه الفكرة الرائدة ، هي الفكرة السودانية الوحيدة ، ومع ذلك لم تحظ حتى الآن بتقييم محايد من المثقفين السودانيين ، باستثناء قلة قليلة لا تزيد على أصابع اليد.. أود في البداية إثبات الملاحظات الآتية ، على أن يتابع القارئ الكريم تفاصيلها ، والتعليق عليها ، في متن المقال : ـ 1- لم يتعرض المقال في صورته التي ظهرت عام 1999 أو صورته الحالية ، لجوهر الفكرة الجمهورية ، وانما أكتفى باصرار الكاتب على أن الأستاذ محمود صوفي ، وان الصوفيه لا يتدخلون في السياسة، ولا ينشئون التنظيمات ، وان موقف الاستاذ محمود يتناقض مع خلفيته الفكرية ، وهذا في نظر الكاتب ما أدى الى مأساة الاستاذ محمود ، وايقاف حركته بعد ذهابه.. وكل ذلك تقرير خاطئ ، كما سنوضح ، ومع ذلك بنى عليه الكاتب مقاله . . ـ 2- وحين تجنب المقال مؤلفات الاستاذ محمود ، وحاد عن أفق المعرفة التي أدعى انه سيناقشها ، ركن الى سماع الشائعات ، والأقاويل التي أشعاعها خصوم الفكرة ، واصدقاؤها ، ومن ذلك مثلاً قوله( مما لا ريب فيه ان محمود قد أوصى تلاميذه بتجنب الموت ومسايرة السلطة ، حتى ولو وفق مبدأ التقية)!! ولقد سبق أن أوضحت له بان ذلك لم يحدث ، ووعدني ان يبحث عن صحة هذه المعلومة ، ويغير مقاله وفقها .. فلماذا ظهر البيان بنفس المعلومة المغلوطة ، والتحليل الذي أعتمد عليها ؟ الجواب قريب : وهو ان الكاتب قد بنى مقاله ، على ان الاستاذ محمود صوفي ، وأنه كان يرغب في الموت ، ولذلك لم يرد لاصحابه ان يموتوا فأوصاهم بالتنازل ، والتراجع عن الحركة .. أقرأ قوله (هل كان محمود يبحث عن الموت ؟؟ هذا ما قد يتراءى من الوهلة الأولى ، في تعامل محمود مع المحكمة ومع مجمل مؤسسات النظام ، في الشهور الأخيرة من حياته وفتحه لمعركة واضحة ضد النظام وسياساته ، وهو الذي يعلم مبلغ الحقد الذي تكنه ضده القوى السلفية ، وخصوصاً جماعة الأخوان المسلمين ، كما لابد يعلم الطابع الدموي ، والطغيان المنفلت للسفاح نميري ..)!! ـ 3- اتسم المقال بالاضطراب ، فتأرجح بين الثناء على موقف الاستاذ تارة ، وبين أدانته تارة أخرى ، فهو مرة يقول ( قد رفض محمود التعامل معها (المحكمة) وهذا وان كان بتقدير سياسي يحسب في دائرة الخطأ ...) ومرة أخرى يقول ( ان محمود بهذا النص القصير ( امام المحكمة) قد سجل تقدماً في الفهم السياسي لطبيعة النظام القائم ) !! ـ 4- أورد المقال شذرات من بعض أراء الصوفية دون أن يناقشها ، وكأن خطأها أمراً مفروغاً منه ، ولقد كانت العلمية تقتضي ان يورد دفعهم عنها ، وشرحهم لها ، حتى لا يظن القراء ان أصحابها أوردوها بهذه الصورة المبتورة ، ودون حجة من صريح النصوص .. ـ 5- أدان المقال الجمهوريين بسبب عدم نقدهم لآراء الاستاذ محمود فقال ( إلا ان الظلم الحقيقي يتبدى في فشل معظم اتباعه ومؤيديه عن ان ينظروا بعين النقد والتحليل لنتاج فكره ونشاطه ومنهجه ..) والحق ان هذا واجب غيرهم من المثقفين ، لان الجمهوريين مؤمنين بصحة ، وصلاحية ، وواقعية أفكار الاستاذ محمود ، وهو يسعون لمعيشتها ، ويدعو بعضهم لاشاعتها وسط الناس .. فاذا كانت الفكرة الجمهورية تحتاج الى نقد ، فان المناقشة الموضوعية تتوقع من المثقفين ، ولقد كنت اود لو استطاع الاستاذ عادل ، القيام بهذا الدور ، ليضع ايدينا على الخطأ في صلب الفكرة ، بدلاً من مطالبتنا نحن ، بادانة الحق الذي لا مراء فيه .. أم لعل الاخ عادل يظن انه قد قام بهذا الدور ، بكتابته لهذا المقال الذي بين ايدينا؟! ـ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
مواصلة لرد الاستاذ عمر القراى ---------------------------
هل الاستاذ محمود صوفي ؟! ان التصوف في حقيقته ، هو محاولة إتباع النبي صلى الله عليه وسلم في عمله في خاصة نفسه ، كل ما هناك ان الصوفية إعتبروا النبي الكريم ، على نهج مسدد قبل البعثة النبوية ، وبعدها ، فأخذوا يقلدون نهجه في العبادة قبل البعثة ، ومن هنا جاء انقطاعهم في المغارات ، يحاكون حاله حين كان يتعبد ، ويتحنث في غار حراء قبل نزول الوحي .. لقد ربى منهاج التصوف في العبادة ، والزهد ، والأدب ، والتواضع ، ومراقبة النفس ، والانشغال بعيوبها عن عيوب الناس ، رجالاً أفذاذاُ كانوا منارات هدى ومثابات رشد للامة ، يسعون الناس باخلاقهم ، وعلمهم ، وما أكرمهم الله به من الكرامات ، في غير تكلف ولا منة.. وحين انتصر معاوية بن ابي سفيان ، على الأمام علي بن طالب رضي الله عنه ، ودالت الدولة لبني أمية، قتل أل البيت في كربلاء ، ففر احفادهم بدينهم ، واعتزلوا الدنيا ، وركنوا الى الله ، ومنهم جاءت المناهج السلوكية التي قام عليها التصوف ، ولقد سمي التصوف بالادب ، فكان يقال أخذ العلم عن فلان ، يعنون الفقه، واخذ الادب عن فلان ، ويعنون به الطريق الصوفي .. ولقد أحب الاستاذ محمود السادة الصوفية ، وذكر تلاميذه بسيرهم واخبارهم ، وحثهم على زيارة قبورهم ، ومشاهدهم ، وانشاد اشعارهم.. ولما كان منهج الصوفيه ، اقرب المناهج الى السنة النبوية ، حيث ركزوا على العمل ، بخلاف الفقهاء الذين انشغلوا باستذكار الحواشى والمتون ، فقد اتفق الاستاذ محمود معهم في اساليب التربية ، في مراحل مختلفة ، من تطور المجتمع الجمهوري ، نحو المستوى العلمي الذي هو جوهر الفكرة .. وبمرور الزمن ، أضطر مشايخ الصوفية ان يضيفوا الأوراد ، والشعائر وتفرقت الطرق ، باصحابها ، ولما لم يسعوا هم لتغيير المجتمع أثر هو فيهم ، فآلت زعامة الطرق الى ابناء المشايخ ، فكانوا أقل كفاءة من آبائهم ، حتى دبت الدنيا الى الطرق ، واصبحت الشعائر بلا روح ، وتحولت الطرق الصوفية الى طائفية ، يطاع فيها الزعيم دون ارشاد يقدمه لاتباعه ، وتحول زهد الشيوخ الى طمع في دنيا الاتباع .. ثم راينا في آخر الوقت ، أبناء زعماء الطرق ، يوالون الاخوان المسلمين ،أويخشون الوهابية !! لقد قصر منهاج الصوفية الداعي لنبذ الدنيا ، والبعد عن تغيير المجتمع ، عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك لان النبي الكريم قد كان على زهده ، وعبادته ، يعيش في المجتمع، ويتفاعل معه ، ويسعى لتغييره ، وهذا هو النهج المتكامل الذي لا يهمل الدنيا ، ولا ينشغل بها عن الآخرة، وهو هو نهج السنة .. ولقد كان الاستاذ محمود محمد طه ، أول من نبه الى نهاية الطرق الصوفية ، ودعا أتباعها لتركها ، والأخذ بنهج السنة فقال ( الى الراغبين في الله ، السالكين اليه ، من جميع الاطرق ، وجميع الملل ، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، أما بعد فان الزمان قد استدار كهيئته بوم بعث الله محمداُ داعياً اليه ، ومرشداً ، ومسلكاً في طريقه ، وقد انغلقت اليوم بتلك الاستدارة الزمانية، جميع الطرق التي كانت فيما مضى واسلة الى الله ، وموصلة اليه ، الا طريق محمد .. فلم تعد الطرق الطرق ، ولا الملل الملل ، منذ اليوم ... ان على مشائخ الطرق منذ اليوم ان يخرجوا انفسهم من بين الناس ومحمد، وان يكون عملهم أرشاد الناس ، الى حياة محمد ، بالعمل وبالقول ، فان حياة محمد هي مفتاح الدين ، هي مفتاح القرآن، وهي مفتاح لا اله الله التي هي غاية القرآن ، وهذا هو السر في القرن في الشهادة بين الله ومحمد ، لا اله الا الله محمد رسول الله ). والسبب في نهاية الطرق الصوفية ، هو ان البشرية ، تطورت وتعقدت مشاكلها ، وساعد تطور المواصلات ، وسبل الاتصال ، في ربط ربط اطراف الارض ، بصورة لم تحدث من قبل ، فتهيأت البشرية، بفضل الله ثم بالتوحد الجغرافي ، الى فكرة واحدة توحد خلافاتها ، وتحقق حلمها في السلام المنشود ، وهذه الفكرة الانسانية، فيما نزعم ، حوتها السنة النبوية ولم تحوها كافة شرائع الأديان ، بما في ذلك الشريعة الاسلامية .. وجوهر السنة أقامة العدل في النفس ، وفي المجتمع ، ومن هنا جاءت الدعوة في الفكرة الجمهورية ، الى تنظيم حياة الناس، باقامة المجتمع الصالح ، كوسيلة اساسية لانجاب الفرد الحر .. يقول الاستاذ محمود ( واعادة الوحدة الى البنية ، تعني ان الانسان يفكر كما يريد ، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول ، وهذا هو مطلوب الاسلام ، وذلك حيث يقول " يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون " ولا يبلغ أحد هذا المبلغ الرفيع من الحياة ، الا بوسيلتين اثنتين أولاهما وسيلة المجتمع الصالح ، وثانيتهما المنهاج التربوي العلمي ، الذي يواصل به مجهوده الفردي ، ليتم به تحرير مواهبه الطبيعية من الخوف الموروث. والمجتمع الصالح هو الذي يقوم على ثلاث مساويات : المساواة الاقتصادية ، وتسمى في المجتمع الحديث الاشتراكية ، وتعني ان يكون الناس شركاء في خيرات الأرض ، والمساواة السياسية ، وتسمى في المجتمع الحديث الديمقراطية ، وتعني ان يكون الناس شركاء في تولي السلطة التي تقوم بتنفيذ مطالب حياتهم اليومية . ثم المساواة الاجتماعية وهي الى حد ما نتيجة المساويتين السابقتين ومظهرها الجلي محو الطبقات ، واسقاط الفوارق التي تقوم على اللون ، أو العقيدة ،أو العنصر ، أو الجنس من رجل وأمرأة ). ولكن عادل على الرغم من كل ذلك ، لا يرى في الاستاذ محمود أكثر من صوفي ، فهو يقول ( ان تصنيفي الأول والاخير له يقوم باعتباره صوفياً ، صوفياً في ممارساته ، صوفياً في صورة استشهاده ورحيله ، وقد لا يدرك الكثير بما فيهم اتباع محمود ، ان جل افكاره تتماهى مع لب افكار الصوفية ) .. اما نحن فقد أوضحنا خطأ هذا الرأي ، ونؤكد هنا ان الاستاذ محمود لم يهتم بقراءة التصوف ، وانما ركز على اتباع نهج السنة ، وحيث التقى فكره مع الصوفية ، ألتقى معهم حول حقائق الدين ، التي علمها مثلهم عن طريق التقوى ، فالاشياء التي يظنها عادل من مخترعات الصوفية ، انما هي ببساطة حقائق الدين ، التي يمكن ان تؤخذ من القرآن ، ولهذا فان قول عادل ( ان التناقض-أو التمايز- بين الظاهر والباطن ، بين الحقيقة والشريعة ، والذي هو ركن اساسي في نظرية المعرفة عند الصوفية ، قد تحول عند محمود الى تناقض وتمايز الاصول والفروع في القرآن ...) يحتاج الى مراجعة . فالظاهر والباطن في معاني القرآن ، سببه ان القرآن كلام الله ، والله ( هو الاول والآخر والظاهر والباطن ) ، وكلامه صفة قديمة ، قائمة بذاته ، ولذلك فقد جاء ايضاً ظاهر وباطن .. والحقيقة هي معرفة اسرار الذات الالهيه ، والشريعة هي الاحكام من الاوامر والنواهي ، التي باتباعها يقوى الفكر ويسدد ، فيستطيع معرفة هذه الاسرار ، والتأدب مع الله وفق هذه المعرفة ، وهذا لايتطابق ولا يترادف ، مع الاصول والفروع ، لان كلاهما شريعة ، كل ما هناك ان الفروع شريعة اسلامية تناسب الماضي ، والاصول شريعة اسلامية تناسب العصر الراهن ، الاصول هي السنه عائدة لتكون شريعة المجتمع الحديث ، وهذا هو محك الخلاف بين الفكر الجمهوري والتصوف .. فالقول بان الاسلام مستويين ، وان الشريعة لا تناسب الواقع ، وانما السنه هي التي تناسبه ، لم يقل به أحد قبل الاستاذ محمود لا من الصوفية ولا من غيرهم .. أما قول عادل ( ان محمود في فكره يتماهى مع الحلاج والسهروردي وابن عربي ) فهو ما دل على ان يحتاج ان يتعرف على التصوف بصورة أدق.. فالحلاج ليس بموضوعه عبرة كبيرة عند الصوفية ، لانه كان في حالة فناء ، في حالة جذب ، لم يشعر فيها حتى بالتعذيب والصلب ، فقد روي ان الجنيد مر به ، وهو مصلوب ، وقد قطعت اطرافه ، فقال له : ( لم تركتهم يخربون بيتك؟ قال: أنا لست فيه وانما ذهبت للقاء ربي !! ) .. ويقرب حال السهروردي من الحلاج ، وقد قتل مثله بسبب الشطح .. أما الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي ، فقد استوى على معرفة كبيرة ، ولكنه لم يكن مسلكاً أو مرشداً ، وهو كسائر الصوفية ، لم يسع الى تغيير حياة الناس .. فاذا كان لا بد لكاتب المقال ، من ان يشبه موقف الاستاذ ، بموقف احد السلف ، فانه أشبه بموقف الامام الحسين رضي الله عنه ، فقد سعى الى الاصلاح والتغيير ، وبذل نفسه ، بكل وعي ، بغرض الوفاء لقضية التغيير ، هذا مع فارق ان الحسين عليه السلام ، كان يسعى داخل اطار الشريعة ، ولذلك قاتل بالسيف ، بينما دعا الاستاذ محمود لنهج السنة، ولهذا واجه بالنقد السلمي .. يقول عادل ( المأساة الكبرى في حياة محمود وفكره ، انه حاول دمج طريق الصوفية الذي هو طريق للخلاص والمعرفة فردي ، قائم على البعد عن العالم والزهد فيه ،والبعد عن الجماعة والانصراف عنها، والبحث عن الحقيقة في ذات الانسان الصوفي ،والوصول الى الله والى منابع الحق منفرداً ، حاول جمع كل ذلك مع طريق جماعي ونشاط اجتماعي وطريق مخالف تماماً لنهج الصوفية الفردية ... ان تناقض محمود وحركته اراه في تناقض الطريق الفردي الصوفي للمعرفة والسلوك ، مع الشكل الجماعي الواسع المكشوف للنشاط الذي اتخذته حركته وهو تناقض كان لا بد ان يؤدي للانفجار ، وتحطيم احد طرفي التناقض ) . . ولعل غاية ما يرمي اليه الاخ عادل ، هو ان يؤكد ان الفكرة الجمهورية ، ليست فكرة سياسية قادرة على تغيير المجتمع ، وهو ليصل الى هذا التقرير المريح ، لكافة الحركات العلمانية ، واليسارية بصورة خاصة ، حاول جهده ، ان يركز على ان الاستاذ رجل صوفي ، وليس رجل سياسة .. لهذا فهو يقول ( لقد رفض محمود مطلق التعامل معها "المحكمة" وهذا وان كان بتقدير سياسي يحسب في دائرة الخطأ ، حيث كان يمكن تحويل المحكمة ، بعمل سياسي وقانوني منظم ، الى مظاهرة كبرى ضد النظام ، كما تم في محاكمات فاطمة أحمد ابراهيم ، والبعثيين في ذلك الوقت ، وان يتم بذلك غل يد القتلة، قانونياً وتحريك العمل الشعبي سياسياً وتعبوياً الا ان الصوفي عند محمود له مرجعية أخرى ، انها مرجعية التسليم (سلمت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفاً وما انا من المشركين ) .. أول مايجب ايضاحه ، في هذه العبارة المليئة بالاغلاط ، هو ان تقدير الاستاذ في مقاطعة المحكمة، قد كان في المقام الأول ، لاعتبار الحق ، فما دامت المحكمة قد كونت بقوانين تتعارض مع جوهر الدين (كرامة الانسان) ، ومع حقوق الانسان ، فان التعاون معها، هو اقرار مبدئي باهدار هذه القيم ، خاصة اذا علم انها وضعت ، واستغلت، لتبرير ظلم النظام الحاكم .. أما في المقام الثاني فان المقاطعة لهذه المحاكم ، عمل سياسي، في القمة ، ذلك لان كسر هيبتها يهز السلطة التي كونتها، ويوضح للشعب، الخلل فيها ، ومبلغ مخالفتها لابسط قواعد العدالة، فيسوقه للثورة .. وهذا ما حدث بالمقاطعة والمواجهة ، ثم الصبر على اقسى نتائج المحاكمة .. فقد تأثر الشعب وثار وأسقط نظام مايو ، ولم يحدث ذلك بسبب التكتيك ، الذي تم في محاكمة الاستاذة فاطمة أحمد ابراهيم أو البعثيين .. ان تضامن المحامين ، والانفعال والتظاهر في القاعة في محاكمة فاطمة ، لم يكن هو السبب في عدم تعرضهم لما تعرض له الاستاذ محمود ، وانما السبب ان النظام لم يكن يراهم أخطر خصومة ، ولم يكن يائساً تماما ، ً من ان يصل معهم ، لصيغة يأمن بها شرهم ، والا فان النظام الذي طرد القضاة ، وعطل الدستور، لم يكن ليحفل بأي مقاومة قانونية .. يقول عادل ( ان شهادة محمود في المحكمة ، تشكل على قصرها قمة أدب السهل الممتنع ، وشهادة وإفادة للتاريخ والاجيال .. كما انها تعبر عن درجة عالية من النضج السياسي والفكري، وبها وحدها أدان محمود قوانين سبتمبر الى أبد الدهر ادان السلطة وقضاتها المأجورين ووضع على جبينهم وصمة العار الأبدية .. لقد أصبح محمود اذن هو القاضي الحقيقي وشاهد العصر وضمير الشعب ...) .. هذا تقييم الاخ عادل لموقف الاستاذ محمود !! فهل ترى كان يمكن ان يكون بنفس المستوى ، لو وقف الاستاذ نفس موقف الاستاذة فاطمة والبعثيين ؟!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
مواصلة لرد الاستاذ عمر القراى -------------------------- الجمهوريون : ما لهم وما عليهم يقول عادل عن الجمهوريين ( واذا كان اتباعه قد ظلموه في حياته فقد فعلوا ذلك عندما حملوه اكثر مما يحتمل من آيات التقدير والتقديس ، فلم ينظروا الى فكره بمنظار النقد العلمي التاريخي . وحين ربطوا مجمل حركتهم بشخصه وحين رأوا فيه الكمال . وظلموه أكثر حينما روجوا قبل أيام من موته أوهاماً لا يسندها منطق حول عدم قدرة الحكام على أغتياله ، فتركوه بذلك في يد الموت وحيداً في وقت كان أكثر ما يحتاج فيه الى التضامن وغلوا بذلك ايادي قوى شعبية كثيرة كانت سحائب غضبها تتجمع ضد النظام. وحين زعم بعضهم استحالة اعدامه وضعوا الناس قسراً في حالة ترقب في انتظار المعجزة واخلوا بذلك الساحة بينه وبين السفاحين. وظلمه بعض اتباعه بعد موته حين تراجعوا بغير انتظام ودعموا تراجعهم بفكرة انه مات فداء لكل الشعب مدخلين مزيداً من الغيبية على معنى موته البطولى النبيل وجاعلينه ستار للاحباط والسلبية دون ان يفرقوا بين معاني الفداء الايجابي المحرك لدواعي النضال والتضحية السلبية التي ترتبط بالانكسار والاستسلام) .. ـ أول ما تجدر الاشارة اليه هنا ، هو ان الاستاذ محمود لم يسمح للجمهوريين بان يقدسوه ، فقد انشغل بعبوديته لربه و زهد في السيطرة على الناس ، وسار بين اتباعه يعلمهم التفكير ويحثهم على النقد ، ويربيهم تربية الاحرار.. ولكن موقف الجمهوريين، بعد تنفيذ الحكم على الاستاذ ، انما كان نتيجة صدمة ، سببها فقدانهم الانموذج الرفيع، الذي وجدوا طعماً لحياتهم في معيته ، فلم يكن غريباً ان تحدث هزة في النفوس ، يتأثر بها التفكير ، وتشل بها الحركة . والذين زعموا ، منهم ، بان الاستاذ لن يمكن الله منه هؤلاء السفاحين ، كان منطلقهم محبة الاستاذ.. ورغم ان مثل هذا القول يعتبر في موازين الفكرة خطأ، لانه تقييد للارادة الآلهية ، بمستوى علمنا أو آمالنا ، الا انه موقف ديني ، مقبول ، في مستوى العقيدة الذي يقوم على الايمان .. ولعله اشبه بموقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، حين التحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى ، فقد قال ( من قال ان محمداُ مات علوته بسيفي هذا ) !! ولم يرجع عن موقفه ، الا حين أظهر له ابوبكر رضي الله عنه ، المعرفة الاكبر، وذلك حيث قال ( من كان يعبد محمداً فانه قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت )!! وقرأ الاية " وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على اعقابكم ؟! ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين ).. ولقد رجع كثير من الجمهوريين الى أنفسهم ، واستعانوا بمنهجهم في تلمس الحكمة ، والرضا بالارادة الآلهية ، وخرجوا من أزمتهم على تفاوت لهم في ذلك ، بمرور الزمن .. ـ أما النقد المقبول في حق الجمهوريين ، فهو انهم عجزوا ، بعد فترة طويلة من ذهاب الاستاذ ، عن استئناف حركتهم . واسهموا بذلك ، في غيابها عن الساحة ، ومكنوا ، من ثم ، لخصومها واعدائها ، وشاركوهم ولو بحسن نية ، في وأدها، حتى نشأت اجيال لا تعرف شيئاً عن الاستاذ ولا عن الفكرة .. وحين أوقف الجمهوريون حركة الترشيد الداخلية ، وحركة الدعوة الخارجية ، وظل مجتمعهم متماسكاً إجتماعياً ، بقريب مما كان عليه في الماضي ، ضعف تحقيق الافراد ، من قيم السلوك الديني الرفيع ، وضعف الفكر ، وأصبح الجمهوريون يعيشون على تذكر ماضي ، حركتهم مع الاستاذ .. وبتوقف حركة التربية ، والترشيد ، والنقد ، تأخرت الفكرة في أولويات الأفراد ، وتباعدت آراءهم ، وضعف تحقيقهم.. و تأثر مجتمعهم الى حد ما، بالمجتمع الخارجي الذي كانت رسالتهم هي تغييره ..هذه مفارقة ، وعجز لا استثني منه نفسي ولا أحد من أخواني واخواتي .. ورغم عدم وجود الحركة، انضمت مجموعات كبيرة من الشباب ، الى الجمهوريين ، وتعلقوا بالقيم التي يجسدها كبار الجمهوريين ، ولكنهم لم يجدوا التوجية ، والترشيد ، أوحتى شرح الفكرة نفسها ، مما زاد المجتمع ترهلاً ، وبعداً عن مستوى الفكرة .. ولما اصبح إدعاء الالتزام لا يستتبع مسئولية في حمل الدعوة ، ومصادمة خصومها ، أوفي الالتزام االدقيق المراقب للسلوك الفردي ، انضمت مجموعة من اصحاب الاغراض، وبعض المندسين من كوادر تنظيمات أخرى، الى مجتمع الجمهوريين ، فاخذ بعضهم يكتب أو يتحدث ، بلسان يشبه الجمهوريين ، ويمارس من السلوك ، ما يسئ للفكرة عند من يعرفها ، وادى ضعف التنظيم ، والعفوية ، والمجاملة الزائدة ، الى عدم مساءلتهم ، وايقاف عبثهم ، ورفض سلوكهم ، الذي يتعارض مع جوهر الفكرة.. وكل هذه السلبيات ، ما كان لها ان تحدث ، لو كانت الحركة ولو بشقها الداخلي ، مستمرة بصورتها الفكرية المعروفة .. ـ ومما يجب ان يعرفه الناس ، أن الجمهوريين تحاوروا كثيرا ،ً ولا زالوا يتحاورون ، حول موضوع ايقاف الحركة أو استئنافها .. فالذين كانوا يرون ايقاف الحركة ، حجتهم ان الفكرة الجمهورية ليست مجرد حركة فكرية ، أو حزب سياسي لتستأنف حركته ، بمجرد تنفيذ الاعدام على مؤسسه.. وانما هي حركة بعث ديني ، كان يقودها رجل محقق لمستوى من العلاقة بالله ، والمعرفة بالدين لم تتأت لغيره .. ولما لم يكن في اتباعه من يقرب ولو من بعيد من مقامه ، فان الحركة اذا استؤنفت ربما اصبحت تشويه لفكره ، وربما كانت منفرة وضارة .. يضاف الى ذلك ، ان الجمهوريين مستهدفين ، من كافة القوى السلفية ، في داخل السودان وخارجه ، وان الحكم على الاستاذ ، والذي اعتمد على حكم الردة ، سيظل سيفاً مشرعاً فوق رؤوس اتباعه ، فاقامتهم للحركة ، وهي حركة سلمية ، مبرأة من العنف ، ومن استعمال السلاح ، انما يعني الانتحار الجماعي.. وهو امر لا فضيلة دينية فيه ، واولى منه ايقاف الحركة ، والانشغال بالسلوك الفردي ، والانتظار حتى يقضي الله أمراُ كان مفعولاً ، وهم يؤملون ان يظهر الله امر دينه ، في اى لحظة ، على النحو الذي يريده .. ولقد وجد كثير من الجمهوريين ، في هذه الحجج ، متكأ للتنصل من مسئولية السلوك والحركة ، واتخذ بعضهم من عجزهم فضيلة ، فانشغلوا عن نقد أنفسهم ، بتبرير تقصيرهم بان الحركة مستحيلة ، وعاشوا حياتهم كغيرهم من الناس ، لا يميزهم غير اصرار بعضهم على القول بانهم جمهوريين .. ـ والذين يرون ضرورة الحركة ، لم يتفقوا مع هذا الرأي ، وعندهم لو ان ابوبكر الصديق رضي الله عنه قد قال به ، عشية التحاق النبي عليه السلام بالرفيق الأعلى ، لانتهى الاسلام ولم يصل الينا ، ولم تكن هناك فكرة جمهورية .. ورغم انهم يوافقون على ان قامة الاستاذ ، لا شبيه لها ، الا انهم يرون ان واجبهم ، هو الدعوة للفكرة على قدر طاقتهم ، ومعرفتهم ، في صدق واخلاص .. وهم يرون ان الصمت عن الفكرة ، وإيقاف الحركة ، انما هو امر مغاير لاتجاه الاستاذ ، الذي لم يوقف الحركة حتى آخر اللحظات ، ولم يوص بايقافها حتى بعد حكم الاعدام ، بل على العكس كان يدعو لتصعيدها .. وهم أيضاً، يرون صعوبة الحركة و يشعرون بخطورتها، ويرون امكانية ابتداع اساليب في محدوديتها ، حتى تتغير الظروف ، ولكنهم لا يرون ان بطش أي سلطة ، هو سبب كاف لانهاء حركة فكرية ، ذلك ان مقاومة الدكتاتورية والهوس الديني هي مسئولية الافكار المستنيرة ، قبل ان تكون مسئولية الشعب عامة .. والانتظار الروحي لامر الله ، عند هؤلاء ، لا يكون في فراغ ، وانما يجب ان يتم اثناء الحركة نفسها، ذلك ان الاستاذ نفسه ، وهو اكبر المنتظرين لأمر الله وبعث الدين ، كان يعمل في منشطه ومكرهه لهذا الامر .. وكان من نتائج هذا الحوار ، ومن التطور الطبيعي ، ان بدأت حركة محدودة ، متعثرة ، لبعض للجمهوريين في السودان، واستطاع الجمهوريون بالخارج ، ان ينشئوا موقعاً في الانترنت ، انزلوا فيه معظم مؤلفات الاستاذ ، وبعض الاناشيد العرفانية ، وتسجيلات لمحاضرات ، وبريد الكتروني لنقل اخبار مجتمعهم ، واثارة بعض الحوارات بينهم ، وقاعة لقاء صوتية تنشدون فيها ، ويتحدثون في بعض المواضيع ، وكان لهذا العمل اثر كبير ، في تعريف الكثيرين بالفكرة ، وتوفير مادة للباحثين ، ووصل الجمهوريين في جميع انحاء العالم ببعضهم البعض .. ومع ذلك ، فان هذا جهد لا يوجهه تنظيم ، وانما هي مبادرات فردية ، لاتزال في مراحلها البدائية ، والناشطون فيها لم يوظفوها حتى الآن ، في الاتجاه المطلوب ، من النظر في حال المجتمع ، والبحث الجاد للخروج من هذا التيه .. ـ وإني لأوكد هنا لمن عسى يحتاجون الى تأكيد، ان الخلاف بين الجمهوريين ، يختلف عن الانقسامات والصراعات ، التي نراها في الاحزاب ، والتنظيمات الاخرى .. ذلك ان المصالح الذاتية ، الضيقة ، هي التي تدفع المختلفين في تلك التنظيمات ، الى الاحتراب ، والتآمر ، والحقد والاضرار ببعضهم البعض .. فالجمهوريون رغم اختلافهم حول الحركة العامة ، وحوارهم المستمر حولها ، ونقدهم لبعضهم البعض ، لازالوا يلتقون على محبة صادقة ، واحترام متبادل ، وتقدير عميق لبعضهم البعض ، وتعاون بينهم لا يوجد في غيرهم من المجتمعات ، وانما كان ذلك كذلك ، بفضل الله ، ثم بفضل الفكرة ، التي قامت على قدر كبير من التربية الفردية ، وفق المنهاج النبوي الشريف .. واني لأرجو ان يتدارك الجمهوريون أمرهم ، فهم بذلك جديرون، وينهضوا بفكرتهم ، قبل ان تدركهم النذارة الآلهيه ( وان تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) .. ـ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
مواصلة لمقال القراى -------------------
بؤس النقد اليساري:ـ درج بعض المثقفين اليساريين ، أو الذين تأثروا بالافكار اليسارية ، في بعض مراحل حياتهم ، الى محاولات متفرقة لنقد الفكرة الجمهورية .. ولعل ماشجعهم على هذا الاتجاه ، بالاضافة الى غياب حركة الجمهوريين من المسرح ، النموذج المنفر عن الدين الذي طرحته الجبهة الاسلامية.. فقد ظنوا ان الفهم الاسلامي التقليدي ، لن يستطيع منافستهم حين تسقط الجبهة ، وان الفرصة اصبحت سانحة ليكونوا جبهة عريضة من الفكر التقدمي ، خاصة وان بعضهم قد تخلوا عن الماركسية، بعد سقوط الشيوعية الدولية ، وأخذوا يروجون لليبرالية الغربية .. ولهذا رأوا ان يؤسسوا نقداً للفكرة الجمهورية ، حين راوا اهتمام الناس بها ، باعتبارها فكراً تقدمياً رائداً خاصة بعد موقف الاستاذ الأخير .. ولما لم يستطيعوا ان يجدوا أي مدخل على الفكرة في أصولها ، بحثوا عن المواقف السياسية ، ولعلهم جميعاً اعتمدوا على ما كتب د. محمد سعيد القدال أستاذ التاريخ بجامعة الخرطوم عن ثورة رفاعة . فقد ذكر ان الاستاذ محمود دافع عن الخفاض الفرعوني ، وواجه الحكومة البريطانية بسبب ذلك !! ولقد قابله الجمهوريون وصححوا له هذا الفهم الخاطئ ، واوضحوا له انه كمؤرخ كان يجب ان يكون قد اطلع على بيان الحزب الجمهوري الذي صدر عام 1946 وقد أكدوا فيه انهم لا يؤيدون عادة الخفاض الذميمة ، ولكنهم يعارضون تدخل المستعمر في عادات الناس وأخلاقهم .. ولقد تبع اتجاه د. القدال ، د. محمد احمد محمود ، وركز عليه في مقال باللغة الانجليزية نشر في قائمة حوار السودانيين تحت عنوان ( بداية ونهاية الحركة الجمهورية ) ولقد علقت عليه في نفس الموقع ، خاصة وانه زاد على د. القدال ، واعتبر الاستاذ محمود عدو المرأة !! كما تحدث عن تأثر الاستاذ بالصوفية ، ولعل مقال الأخ عادل هذا ، قد تأثر كثيراً بمقال د. محمد محمود ، فقد حاول كلاهما ان يؤكد ان الاستاذ محمود صوفي وانه لذلك أخطأ في السياسة !! ـ وفي لندن أقاموا فليماً سينمائياً عن الخفاض الفرعوني ، دعوا له المفتش البريطاني الذي كان قد حضر ثورة رفاعة ، وفي بداية الفيلم ملأت صورة الاستاذ محمود الشاشة ، مع صوت باللغة الانجليزية ، يقول ان الاستاذ كان مدافعاً عن الخفاض الفرعوني !! وحين حاول الأخ عرمان محمد أحمد التصدي لهذا الاتجاه ، وطلب فرصة للتعقيب ، أخطر بانه ليس هناك فرصة للنقاش !! ومن امثلة هذا النقد غير المسئول ، ما كتبه المنصور جعفر الذي ذكر ان نصر حامد أبوزيد ، تفوق بجدارة على الاستاذ محمود !! وذكر ان الاستاذ محمود اقحم الحزب الجمهوري في الطهارة الفرعونية !! ومن أبأس هذه الكتابات ما كتبه الأخ د. محجوب التيجاني في حواره مع أحد الاخوان الجمهوريين ، بعد ذكرى 18 يناير حيث قرر نهاية حركة الجمهوريين ، ودعاهم بجرأة لا يملكها العارفون للانضمام للحزب الشيوعي !! ـ وحتى لا أظلم كل الأخوة الذين تأثروا بالفكر اليساري، أود ان أختم هذا الحديث بماكتبه الأخ د. عبد الله بولا ، في مقال نقد فيه الفكرة الجمهورية ، بمستوى عال من المسئولية العلمية ، ودقة الفكر.. فقد قال (اضيف ان مساهمة الاستاذ محمود محمد طه لم تقف باصالتها عند حدود التجديد النظري ، بل امتدت الى كافة مجالات العمل الحركي السياسي والتربوي المنظم . فقد كان تنظبم الاخوان الجمهوريين نموذجاً ممتازاً للجماعة الملتزمة المنضبطة النشيطة. وكانت حلقات حوارهم التعليمية "ندوة الخميس" ومؤتمراتهم واركان النقاش في الشوارع والؤسسات التعليمية "وهي تقليد ابتدعوه ثم انتشر عنهم في الحركة الفكرية والسياسة في السودان" صوراً حية للممارسة الديمقراطية الراشدة...) الى ان يقول عن المحاكمة ومواجهة الموت ( كان هذا حديث الرجل الى المحكمة التي كان يعلم انها اضمرت قتله أو اذلاله بالتراجع عن آرائه ، حديث رجل سلط على عنقه سيف إرهاب مشرع مديد طوله ألف وثلاثمائة عام ونيف، فما زاغ بصره وما طغى ولا أقول لم يرمش له طرف ، بل لم يهتز منه ظل من خاطرة في أعمق أعماق طبقات وعيه الباطن : ـ وقد كان فوت الموت سهلاً فساقه اليه الحفاظ المر والخلق الوعر وامام المشنقة ثانياً : فعندما أحكموا حبل الموت حول عنقه وازاحوا غطاء الرعب عن وجهه االوضئ ، وجدوا رجلاً يبتسم لا ساخراً ولا مستهزئاً بالموت بل موقناً بالفداء الكبير مطمئناً الى اختيار ربه منسجماً حتى النهاية مع منطقه التوحيدي وهذا أقصى ما يصل اليه الصدق. وهكذا فقد مضى "الى الخلود بطلاً ورائداً وقائداً رعيل الشهداء ورمز ايمان جديد بالفداء..... وبالوطن ". أقول هذا وأنا جد مستوحش من أن اكون قد أسات الوقوف في حضرة هذا الشيخ الجليل ) .. ـ
هذا وللأخ عادل والاخوان الذين أعادوا نشر مقاله شكري وتقديري .. ـ
عمر القراي الولايات المتحدة الامريكية 30 /5 /2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
وهذا تعقيبى على رد الاستاذ عمر القراى ------------------------------------ خطوات فى طريق الحقيقة حوار مع الاستاذ عمر القراى
اهتم الاستاذ عمر القراى ؛ بالحوار مع شخصى الضعيف ؛ وافرد من وقته وجهده ؛ ما سمح له بتسطير مقاله:" قراءة نقدية لتأملات أفق المعرفة والشهادة" ؛ فى محاورة لما كتبته عن سيرة وحياة واستشهاد الاستاذ محمود محمد طه ؛ زعيم الاخوان الجمهوريين ومؤسس الفكرة الجمهورية ؛ فى مقالى الراجع للعام 1999 ؛ والمعنون : " تاملات فى افق المعرفة والشهادة – حول حياة واستشهاد محمود محمد طه ".
والاستاذ عمر القراى فوق التزامه بالفكر الجمهورى ؛ ومعرفته الثرة به وبكتابات الاستاذ محمود محمد طه ؛ فهو كاتب وباحث فى التراث وقضايا الحاضر ؛ وهو من اعلام التيار الاسلامى التجديدى ؛ وتغدو مساهماته حول المراة والاسلام ؛ والجهاد وحرية الاجتهاد ؛ وغيرها مساهمات قيمة فى اضابير المكتبة السودانية والفكر السياسى السودانى .
واذ كانت الكتابة الحالية لا تطمح الى حوار تفصيلى عميق ؛ مع اطروحات الاستاذ القراى ؛ فانها تحاول تصحيح بعض المعلومات ؛ وتوضيح منهجى فى البحث ؛ السير بعض خطوات فى درب الحقيقة ؛ والتى اعتقد انها ضالتنا المشتركة ؛ اعنى الاستاذ عمر القراى وشخصى الضعيف.
يكتب الاستاذ عمر :
كنت قد إطلعت قبل سنوات ، على مقال كتبه الاستاذ عادل عبد العاطي بعنوان ( تاملات في أفق المعرفة والشهادة حول حياة واستشهاد محمود محمد طه ) ، ولما كان المقال يعتمد في اثبات فكرته الاساسية ، على تصورات مسبقة ، ومعلومات سماعية ، واشاعات لا حظ لها من الصحة ، فقد تحدثت في ذلك الوقت عام - 1999 مع كاتب المقال ، وأوضحت له ذلك فوعد بالمراجعة ، وكنت اتوقع ان أرى المقال بصورة جديدة ، خاصة وان كاتب المقال جم النشاط في الحركة الفكرية والسياسية ، وكان يمكنه التحري من المعلومات وتصحيحها ..
والحقيقة ان بعض ما كتبه الاستاذ عمر صحيح ؛ فقد ارسلت له فى ذلك العام نسخة من مقالى ؛ حال فراغى من كتابته ؛ كما ارسلت نسخة الى العديد من المهتمين ؛ وقد كان الاستاذ عمر مبادرا فى الرد وتقديم بعض المعلومات ؛ وابداء الراى فى منهجية المقال . وقد سعدت برده واستاذنته فى نشر رده على الملا ؛ فاذن لى وقمت فى حينها بنشر الرد على قائمة السودان الجديد للحوار والتراسل NSMDL ؛ فليرجع اليه من يود الاطلاع علية فى ارشيف هذه القائمة .
الا ان رد الاستاذ عمر ؛ قد كان فى نقطة واحدة يتعلق بمعلومة ؛ كان قد تحصل لى من قبل نقيضها ؛ وفى نقطة اخرى يتعلق بالمنهجية ؛ وقد اوضحت له اختلافى معه فيها . وفى هذا وذاك ؛ لم اجد فى رد الاستاذ عمر حينها من المسوغات ؛ ما يجعله يفترض ان مقالى قائم على تصورات مسبقة ، ومعلومات سماعية ، واشاعات لا حظ لها من الصحة ؛ وغيرها من الاحكام التى تفضل بذكرها فى المقدمة ؛ فوصل الى حسم الحوار قبل ان يبدأه .
ويواصل الاستاذ عمر فيقول :
وحين تجنب المقال مؤلفات الاستاذ محمود ، وحاد عن أفق المعرفة التي أدعى انه سيناقشها ، ركن الى سماع الشائعات ، والأقاويل التي أشاعها خصوم الفكرة ، واصدقاؤها ، ومن ذلك مثلاً قوله( مما لا ريب فيه ان محمود قد أوصى تلاميذه بتجنب الموت ومسايرة السلطة ، حتى ولو وفق مبدأ التقية)!! ولقد سبق أن أوضحت له بان ذلك لم يحدث ، ووعدني ان يبحث عن صحة هذه المعلومة ، ويغير مقاله وفقها .. فلماذا ظهر البيان بنفس المعلومة المغلوطة ، والتحليل الذي أعتمد عليها ؟ الجواب قريب : وهو ان الكاتب قد بنى مقاله ، على ان الاستاذ محمود صوفي ، وأنه كان يرغب في الموت ، ولذلك لم يرد لاصحابه ان يموتوا فأوصاهم بالتنازل ، والتراجع عن الحركة ..
واعود واؤكد مرة اخرى صحة ما ذكر عن حوارى مع الاستاذ عمر ؛ الا انى اصححه فاقول بانى ؛ حين لم يتح لى الوقت لتصحيح المقال ؛ فقد اوردت المعلومة التى ذكرها لى فى هوامش المقال ؛ ونشرت المقال بهامشه ذاك على موقعى بالانترنت ؛ واعاد نشره آخرون مع نفس الهامش ؛ وفى هذا الهامش الذى كتبته مباشرة بعد حوارى مع الاستاذ عمر ؛ اوردت التالى: --------------- فى حوار لاحق لى بعد كتابة هذا المقال ؛ مع الاستاذ عمر القراى ؛ اوضح لى وجهة نظره بان معلوماتى بهذا الصدد خاطئه ؛ حيث لم يطلب الاستاذ محمود من اتباعه حينها التراجع عن افكارهم بل طلب منهم على العكس التمسك بها وتقديم التضحية ؛ وقال القراى انهم ببساطة عجزوا عن ذلك ..واذا كان الامر كما ذكر الاستاذ القراى ؛ فان معظم الجزء الاخير من المقال الحالى يحتاج الى اعادة صياغه ؛ الامر الذى سنقوم به –فى اطار مناقشة فرضية استاذ القراى - فى مكان آخر . ما يهمنا ههنا انه حتى ولو صدقت معلومة الاستاذ القراى ؛ فمواجهة محمود للموت وحده وانشراحه فى مواجهته تثبت قسطا كبيرا من تحليلاتنا . ---------------- والشاهد هنا انى ذكرت معلومة الاستاذ القراى بحذافيرها ؛ وزعمت بانها لو صحت ؛ فهى ستغير الجزء الاخير من المقال ؛ ووعدت بالرجوع اليها فى مكان آخر . لكنى اكدت ايضا ؛ بان صحة المعلومة لن تغير الكثير من فرضيات المقال ؛ كونها فرضيات عامة ؛ تعتمد على قراءتى لمواقف الاستاذ محمود ؛ وعلى العبرة من سيرة حياته . وافيد الان بان هذه المعلومة كما ذكرها استاذ القراى لم تغير من رؤيتى العامة ؛ وانما من تفاصيلها ؛ ولا ازال اتمسك بالكثير من وجهة نظرى التى وردت فى ذلك المقال.
يقرر الاستاذ عمر القراى :
لم يتعرض المقال في صورته التي ظهرت عام 1999 أو صورته الحالية ، لجوهر الفكرة الجمهورية ، وانما أكتفى باصرار الكاتب على أن الأستاذ محمود صوفي ، وان الصوفيه لا يتدخلون في السياسة، ولا ينشئون التنظيمات ، وان موقف الاستاذ محمود يتناقض مع خلفيته الفكرية ، وهذا في نظر الكاتب ما أدى الى مأساة الاستاذ محمود ، وايقاف حركته بعد ذهابه.. وكل ذلك تقرير خاطئ ، كما سنوضح ، ومع ذلك بنى عليه الكاتب مقاله . .
ان فى تلخيص الاستاذ القراى لجوهر المقال فيما اعتقد ؛ تبسيط مخل ؛ فقد تناولت فيه العديد من المحاور ؛ عدلا صوفية محمود . كما ان المقال قد كتب عن الاستاذ محمود كشخص ؛ وليس عن الفكرة الجمهورية فى عمومها؛ وقد كان فى مجمله مجرد تاملات فى افاق المعرفة والشهادة التى اجترحها ؛ وكان عنوانه الثانى ؛ حول حياة واستشهاد الاستاذ محمود محمد طه . وهذا ان دل على شى ؛ فانما يدل على ان غرضنا لم يكن هو دراسة الفكرة الجمهورية بتفاصيلها ؛ او سرد سيرة الاستاذ من ناحية تاريخية . وانما كتب المقال استقبالا للذكرى ال15 لاستشهاد الاستاذ محمود ؛ وكان بمثابة وردة وددت لو اضعها على ضريحه ؛ ومحاولة للوصول الى الحكمة من التجربة ؛ والتى قال عنها الاستاذ محمود ؛ بان التجربة التى لا تورث حكمة ؛ تكررنفسها .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
ويواصل الاستاذ القراى فيقول :
أدان المقال الجمهوريين بسبب عدم نقدهم لآراء الاستاذ محمود فقال ( إلا ان الظلم الحقيقي يتبدى في فشل معظم اتباعه ومؤيديه عن ان ينظروا بعين النقد والتحليل لنتاج فكره ونشاطه ومنهجه ..) والحق ان هذا واجب غيرهم من المثقفين ، لان الجمهوريين مؤمنين بصحة ، وصلاحية ، وواقعية أفكار الاستاذ محمود ، وهو يسعون لمعيشتها ، ويدعو بعضهم لاشاعتها وسط الناس .. فاذا كانت الفكرة الجمهورية تحتاج الى نقد ، فان المناقشة الموضوعية تتوقع من المثقفين ، ولقد كنت اود لو استطاع الاستاذ عادل ، القيام بهذا الدور ، ليضع ايدينا على الخطأ في صلب الفكرة ، بدلاً من مطالبتنا نحن ، بادانة الحق الذي لا مراء فيه .. أم لعل الاخ عادل يظن انه قد قام بهذا الدور ، بكتابته لهذا المقال الذي بين ايدينا؟!
ورغم ان الاستاذ عمر يبدا فى صدر مقاله من التبرير ؛ والقاء المسؤولية على الاخرين ؛ الا انه فى متن مقاله ياتى للموافقة على بعض ارائى ؛ ويكيل من النقد للجمهوريين ؛ ما لامسته انا مجرد ملامسه ؛ ولا اعتقد انى فى تقييمى للجمهوريين ؛ ولردة فعلهم بعد مقتل الاستاذ ؛ قد اختلفت كثيرا عن اراء الاستاذ عمر عن رفاق دربه ؛ وحالة الانكفاء والنكوص التى ركبتهم ؛ ولا تزال تتلبس الكثير منهم . .
كمالا ازعم انا ان مقالى ذاك المتواضع ؛ قد قام بمهمة النقد والتحليل للفكر الجمهورى ؛ وذلك بسبب ظروفه التى قام فيها ؛ ولامكانياتى المتواضعة فى هذا الصدد ؛ ولاسباب اخرى . الا انى قد حاولت مقاربة هذه المهمة ؛ حين كتبت مقالا بعنوان :"الاخوان الجمهوريين تحت منظار النقد والتاريخ 1945-1985 "؛ والذى قمت بنشر الجزء الاول منه على الشبكة العالمية ؛ وببعض الصحف . وقد تفضل الاخوان ياسر الشريف وعمر عبدالله بالرد على بعض اطروحات هذا المقال ؛ وتصحيح بعض المعلومات . ورغم انى قد اخذت بعين الاعتبار تصحيحاتهما فيما يتعلق بالاحداث ؛ الا انى احتفظت برايى كما هو فيما يتعلق بالتحليل ؛ والذى يعتمد على منهجى ونظرتى ؛ وليس منهج الجمهوريين او نظرتهم .
وفى الرد على كل من المقالين ؛ عن محمود والجمهوريين ؛ والذين حرصت على ارسال نسخ منهما الى بعض الجمهوريين للاستئناس بارائهم ؛ فقد كانت بعض التعليقات حادة جافة ؛ فى اسلوب لم اعهده من الجمهوريين ؛ وكنت اتمنى لو كان الاحترام مشتركا ؛ والنظر بعين العطف الى الاجتهاد مبذولا ؛ حتى ولو ارتكب صاحبه الاخطاء ؛ طالما كان مبغاه الحقيقة وحاول ان يلتزم فيه بقواعد البحث والمراجع المتوفرة .
يقول الاستاذ عمر :
أورد المقال شذرات من بعض أراء الصوفية دون أن يناقشها ، وكأن خطأها أمراً مفروغاً منه ، ولقد كانت العلمية تقتضي ان يورد دفعهم عنها ، وشرحهم لها ، حتى لا يظن القراء ان أصحابها أوردوها بهذه الصورة المبتورة ، ودون حجة من صريح النصوص ..
وفى الحقيقة فقد دهشت لهذه الفقرة . فحين اوردت شذرات من اقوال الصوفية ؛ فلم اشر تلميحا او تصريحا بانها خطا ؛ ولم افترض الخطا فيها . وانما اعتمدت علييها كنصوص تفسر رؤيتى لماساة محمود ؛ وذلك مثل قول الجنيد " لا يبلغ أحد درج الحقيقة ؛ حتى يشهد فيه ألف صديق ؛ بأنه زنديق" ؛ وفى متن النص اوردت اقوال لبعض الصوفية ؛ وذلك لمقاربة الاتفاق والاختلاف بينها وبين اطرحات الاستاذ محمود ؛ ولم يكن موقفى منها فى كل ذلك موقف الحكم ؛ ناهيك ان افترض خطأها او ادفع القارى الى هذه النتيجة ؛ والتى لم تطرا على بالى ؛ ولا ادرى تحت اى ظرف توصل اليها الاستاذ القراى .
بعد هذه المقدمة ؛ حاور الاستاذ عمر اطروحاتى فى ثلاثة محاور رئيسية ؛ وهى صوفية الاستاذ محمود ؛ وتقييم الجمهورين ما لهم وما عليهم ؛ وبؤس النقد اليسارى للفكر الجمهورى ؛ وفى هذا الصدد فانى اعلق ببضع جمل عامة ؛ دون الدخول فى التفاصيل .
اما حول صوفية الاستاذ محمود ؛ فقد اورد الاستاذ عمر ما يراه من طريق الصوفية ؛ ومن مقاربتها لسنة الرسول ؛ ومن تقدير الاستاذ محمود للصوفيين . وهو فى كل هذا وذاك لم ينقض ما رايناه من تماهى الفكر الصوفى مع الفكر الجمهورى ؛ وقد راينا نحن ان منهج الاستاذ محمود ؛ حين يتقارب مع الصوفية ؛ الا انه ايضا يتقاطع معها ؛ فكتبنت :
أن محمود في فكره ؛ يتماهى مع الحلاج والسهروردى وابن عربي ؛ وان كان في صورة سودانية معصرنة ؛أي بالشكل الذي فرضه واقع الزمان والمكان الجديدين
إن محمود بتنظيمه للحزب الجمهوري ؛ ومن بعد للإخوان الجمهوريين ؛ قد خالف طريق الصوفية الفردي ؛ فإذا كانت العلاقة بين الصوفي والمريد ؛ بين الشيخ والحوار ؛ بين القطب والسالك ؛ هي علاقة فردية قائمة على الاتصال الشخصي والتأثير المباشر ؛فان محمود حاول بناءها عن طريق تنظيم ؛ رابطة ؛ جماعة ؛ تغير اسمها من الحزب إلى الإخوان ؛ إلا إنها احتفظت دائما بصورتها كتنظيم له أفكاره الفلسفية والاجتماعية وله نشاطه السياسي .[iv]
ومن الطبيعي أن نمو الأحزاب السياسية والنقابات ومعركة الاستقلال ؛ وهى الأحداث التي عاصرها محمود ؛ ووجود ونشاط التنظيمات الدينية القديمة والجديدة ؛ في شكل طرائق دينية أو طرق صوفية أو حركات سلفية ؛ قد فرضت على أي مفكر جاد الانخراط في درجة من درجات العمل التنظيمي والفعل الاجتماعي والسياسي ؛
إن محمود في سعيه لنشر فكره ؛ قد كان مواجه بمشكلة الأداة ؛ وقد اختارها بان يطرح كل أفكاره أو جلها في كتبه وإصداراته ؛ حتى يتصل بها مع تلاميذه ومؤيديه ؛ لكنه بهذا طرحها أمام الجميع ؛ فعرضها بذلك لسوء الفهم –أو سوء النية – المعشعشة في البيئة السلفية ؛ التي حاصرت بها المؤسسات الدينية الرسمية المسلم العادي في وسط وشمال السودان لعشرات السنين.
انى وان ان زعمت مماهاة سيرة الاستاذ للسهروردى والحلاج ؛ بنهايتهما الماساوية ؛ الا اننا رايت ان قتل كل منهم قد كان لاسباب سياسية ؛ حيث كتبت :
وفى الحقيقة فهناك تشابهات مذهلة ما بين شخصية محمود ومصيره وشخصية الحلاج ومنتهاه – يذكر هادى العلوي أن الحلاج قد قتل لتأسيسه تنظيما سريا لمعارضة السلطة ؛ وليس لشطحاته الصوفية – ومحمود رغم انه لم يذهب إلى مرحلة الحلاج ؛ من معارضة السلطة منذ البدء أو تصريحات الانجذاب ؛الا انه قد قتل حتما لاسباب سياسية.
ان هذا الذى ذكرت ؛ يقف فى تناقض واضح مع النتيجة التى توصل اليها الاستاذ عمر القراى ؛ حيث يكتب :
. ولعل غاية ما يرمي اليه الاخ عادل ، هو ان يؤكد ان الفكرة الجمهورية ، ليست فكرة سياسية قادرة على تغيير المجتمع..
ويمضى الاستاذ عمر ؛ فى تحليل طويل لسلوك الاستاذ محمود السياسى ؛ ليصل لاثبات التناقض والاضطراب فى تحليلاتنا ؛ الذى اشار اليه فى البدء ؛ حين قال :
اتسم المقال بالاضطراب ، فتأرجح بين الثناء على موقف الاستاذ تارة ، وبين أدانته تارة أخرى ، فهو مرة يقول ( قد رفض محمود التعامل معها (المحكمة) وهذا وان كان بتقدير سياسي يحسب في دائرة الخطأ ...) ومرة أخرى يقول (ان محمود بهذا النص القصير ( امام المحكمة) قد سجل تقدماً في الفهم السياسي لطبيعة النظام القائم ) !!
وانى ازعم بان لا تناقض ولا اضطراب ؛ فموقف محمود الكلى بعدم التعامل مع المحكمة احسبه فى دائرة الخطا السياسى ؛ حيث كان يجب اتخاذ موقف اكثر ايجابية من مجرد المقاطعة . وفى هذا لا ادعو انا الى الانكسار للقانون الظالم وقضاة السوء ؛ كما فعل الاب فيليب عباس غبوش ؛ وانما الى مقارعة الجلادين ؛ وهزيمتهم حتى فى المحاكم؛ والاستفادة من التحركات الشعبية ؛ والتى حصرها الجمهوريون فى انفسهم ؛ بمسيراتهم السلمية . ورفضوا التنسيق مع الاخرين ؛ لبناء جبهة مقاومة لمحاكمة الاستاذ ؛ ولتسيير المظاهرات ضدها – وهذا ما حدث فى عطبرة مثلا – وفى كل هذا فقد ضيعوا فرصا للعمل المعارض لا تعوض .
اما تقييمى العالى لمقولة الاستاذ امام المحكمة ؛ وهى تفصيل خرج به عن عموم رفض التعامل ؛ فينبع من تسجيلها لتطور موقف محود ووصوله الى قناعات راسخة مع الديمقراطية والتعددية وكرامة الانسان ؛ ومقاربته للفكرة العلمانية ؛ وقطعه لاخر الخطوط مع النظام المايوى ؛ والذى وقف معه الجمهوريين فى كل تقلباته حتى العانم 1983 .
وانى اذ احيى الاستاذ عمر فى ايصاله لنا المعلومات عن تطور حركة الجمهوريين بعد مقتل الاستاذ ؛ ونقده لبعض المواقف والاراء والسلوكيات ؛ من موقعه هو كجمهورى ؛ فانى لا ازال احتفظ بارائى التى سطرتها فى ذلك المقال ؛ واضيف اليها فى تقييم الجمهوريين ما كتبته عنهم تحت منظار النقد والتاريخ ؛ وهو مقال اعد بنشر الجزء الثانى منه قريبا بالشبكة العالمية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Abdel Aati)
|
وتبقى نقطة اخيرة ؛ وهى متعلقة ببؤس النقد اليسارى ؛ والذى احسب ان الاستاذ عمر يضمنى اليه ؛ حيث كتب فى متن مقاله :
. ولعل غاية ما يرمي اليه الاخ عادل ، هو ان يؤكد ان الفكرة الجمهورية ، ليست فكرة سياسية قادرة على تغيير المجتمع ، وهو ليصل الى هذا التقرير المريح ، لكافة الحركات العلمانية ، واليسارية بصورة خاصة ، حاول جهده ، ان يركز على ان الاستاذ رجل صوفي ، وليس رجل سياسة ..
اننى حين بدات كتابة المقال مثار الحوار ؛ لم ارم كما ذكرت الى تقييم الفكرة الجمهورية فى مجملها ؛ او الاخوان الجمهوريين ؛ وانما حاولت ان استشف كنه هذه الشخصية العظيمة المعقدة فى آن ؛ وان اصل الى محركها الاول فى سلم القيم . ولم انف ان لمحمود وجهه السياسى ؛ وان رايت ان وجهه المعرفى – الصوفى –السلوكى اهم كثيرا من وجهه السياسى – الاجتماعى .
واعود هنا واكرر بانى اذا نظرت للاستاذ محمود كقمة من قمم الفكر والمواقف والانسانية فى مجتمعنا السودانى ؛ فاننى انظر الى جماعة الخوان الجمهوريين كجماعة تضائلت كثيرا عن ان تلحق بخطاها ؛ سيرة مؤسسها العظيم . ويكون تقييمى النهائى لها سلبيا ؛ وهى ابعد عندى ما تكون ؛ بصورتها السابقة والراهنة ؛ عن تقديم اجابات واقعية وشافية لحاجيات المجتمع السودانى ؛ وبعيدة كل البعد عن التقدمية التى يراها فيها بعض اتباعها او المتعاطفين معها .
الا ان موقفى هذا لا ينبع من حسابات سياسية ؛ فقد كنت من المعارضين لاصدقائى اليساريين الذين راوا فى هذه الحركة فى فترة ما ترياقا ضد الحركة الاصولية ؛ وان فكرها يمكن ان يشكل ايديولوجية للتجديد الدينى فى السودان . ودعوت ولا زلت ادعو الى ان يحدد الجمهوريين والليبراليين واليساريين اراؤهم واضحة فى القضايا المفصلية للمجتمع السودانى ؛ من قضايا الهوية الثقافية والتعددية ودولة القانون والعدالة الاجتماعية وحقوق المراة والشباب والقوميات المهمشة . كما دعوت اكثر من مرة لان يعمل الجميع اداة النقد والمراجعة لكل ارثهم الفكرى والسياسى والتنظيمى ؛ وذلك لتجديد الحياة الفكرية والسياسية فى السودان ؛ وبذلت جهدى فى محاورة التيارات الرئيسية للفكر السودانى ؛ حسب ما اتاحته لى معرفتى المتواضعة ؛ وفى هذا الاطار كان اهتمامى بالفكر الجمهورى وكانت كتابتى لهذا المقال .
الا ان الانسان يظل دائما حبيس تجاربه ومحيطه وقراءاته وخياراته فى الحياة ؛ وفى ذلك فقد كتبت الى صديقة شابة ؛ من المتاثرات بالفكر الجمهورى ؛ حين ناقشتنى حول نفس المقال ؛ فقلت :
"اما عن ما ناقشتيه عما ورد من آراء فى مقالى عن الاستاذ محمود ؛ فلك الشكر على كلماتك اللطيفة ؛ والتى تشعرنى بان هناك صدا لما اكتبه وافكر فيه ؛ وفى الحقيقة فرغم تعميمى لهذا المقال فى الانترنت ؛ وطلبى من العديد من الاصدقاء والمهتمين ابداء رايهم فيه ؛ فقد جائنى الرد من بعض الاصدقاء فى بولندا - حيث اقيم – ومن الاستاذ عمر القراى ؛ والذى قدم رده لى معلومات مهمة ؛ ساضمنها فى اى محاولة قادمة لاعادة كتابة هذا المقال وتعميمه على نطاق اوسع ؛ وفيما عدا ذلك فقد فضل الكثيرون الصمت الدفين ؛ فشكرا على الاهتمام .
وفى الحقيقة فان اهتمامى بالفكر الجمهورية ودور الاستاذ قديم ؛ حيث كنت طوال فترة المدرسة المتوسطة على علاقة قريبة بالجمهوريين فى عطبرة ؛ والتهمت حينها معظم كتابات الاستاذ ومطبوعات الجمهوريين . وقد كدت قريبا من الانضمام لهم ؛ الا ان ما منعنى حينها ما كان من موقفهم المؤيد للنظام – قبل قوانين سبتمبر 1983- المكروه بيولوجيا من العطبراويين ؛ وما صاحب نشاطهم من روح سلمية ؛ كانت تتناقض مع العنف المستخدم ضدهم من قبل الاخوان المسلمين وانصار السنة ؛ وموقفهم السلبى من الشيوعيين ؛ والذين كنت اكن لهم احتراما كبيرا ؛ وجملة من المواقف والافكار ؛ والتى كانت تتناقض مع شخصيتى حينها ؛ الا اننى ظللت اكن لهم كل احترام ؛ الامر الذى تضاعف بعد وقفة الاستاذ الصلبة امام السفاح نميرى ؛ واكتشافاتى اللاحقة للدور الكبير الذى لعبته هذة الشخصية فى الفكر السودانى .
الا ان هذا الاحترام والتقدير والتضامن ؛ قد كان مرتبطا بروح نقدية عالية تجاه ما رأيته سلبيا ومفرطا فى الغيبية من اطروحات الاستاذ والجمهوريين . وقد سطرت بعضا من ذلك فى دراسة طويلة عن الجمهوريين والفكر الجمهورى ؛ كتبتها قبيل عدة سنوات . ورغم انى وقتها قد كنت متاثرا بالمنهج المادى التاريخى فى نمط تفكيرى ؛ الا انى لا ازال احتفظ بالكثير من الانتقادات لبعض ابجديات الفكر الجمهورى ؛ والذى اعتقد انه اذا اراد التطور والانتشار ؛ فلا بد من اعادة قرائته ونقده وتجاوزه ؛ ضمن عملية شاملة من النقد والنقد الذاتى فى مجمل مدارس الفكر السودانى . الا انى لا ارى فى اغلب الجمهوريين الان من له الرغبة والقدرة فى انجاز هذا التطوير ؛ والذى بدونه فسيبقى هذا الفكر مرتبطا بالاستاذ ؛ مقيدا بحدود تجربته الذاتية والفكرية ؛ المحدودة فى الزمان والمكان ؛ وانت تعلمين ان اقرب الطرق لقتل فكرة هو تحنيطها وتقديسها ؛ والتعامى عن قصورها ؛ وهو منهج اكثر ضررا من تعامل الاعداء .
من هذا المنطلق انظر الى ما كتبتيه عن منبع افكار الاستاذ ؛ حيث عزيتها انا الى اختيار صوفى وبحث فلسفى ؛ ورايتيها انت الهاما من عند الله . و فى الحقيقة فان هذه احد انتقاداتى للجمهوريين ؛ وهى مدى الغيبية الطافح الذين يضفونه على شخصية وعمل الاستاذ محمود . ان قراءة سريعة لمؤلفات الاستاذ ؛ ومحاوراته مع مدارس الفكر السلفى والليبرالى والماركسى ؛ واراءة حول جملة من القضايا الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ؛ توضح عمق الجهد الذى بذله الاستاذ فى متابعة تيارات الفكر المعاصر ؛ وفى دراستها وهضمها ونقدها ؛كما توضح الطابع الانسانى لاجتهاداته .
اننى لا نفى هنا دور العامل الغيبى فى تكوين شخصية الاستاذ ونظرته الى منبع افكاره ؛ فالانسان مهما كان عبقريا الا انه محكوم بقصور شخصه وحدود تجربته ؛ ولكننى اعتقد ان ارجاع افكاره لمجرد الهام الهى ؛ يحرمنا من تقدير جهده الفذ فى بحثه عن الحقيقة ؛ ويحوله من انسان مفكر و فاعل ؛ الى مجرد منفعل وناقل . ان هذه النظرة فوق طابعها المثالى والبعيد عن حيثيات الواقع ؛ تجعلنا نقف عاجزين عن اى محاولة لمقاربة افكار الاستاذ وتطويرها ونقدها ؛ فما ياتى كالهام الهى لا مجال للحوار معه ؛ فاما ان نتقبله كله او نرفضه كله ؛ وما بين المصدقين بالهام الاستاذ ؛ والمتخرصين عليه والزاعمين بارتداده ؛ تضيع الحقيقة العلمية ؛ وتضيع شخصية الاستاذ كانسان عظيم ؛ خط باحرف من نور سجلا فذا للفكر والمواقف ؛ ولكن كان له ما له من الهفوات والقصور الفكرى والسياسى ؛ والذى هو من طبائع البشر والاشياء .
ان روح التقديس والاكبار هذه ؛ لهى من اعدى اعداء تطور الفكر ؛ وهى فى الحقيقة لا تقتصر على الجمهوريين ؛ وانما تتعداهم الى مختلف مدارس الفكر السودانى ؛ بما فيها مدرسة اليسار الماركسى ؛ والتى يفترض ان تكون ابعد ما يكون من منطق التقديس – وهذا فى مجموعه يرجع الى انعدام الروح النقدية فى مجتمعاتنا ؛ والى سيطرة الفكر الاسطورى على تراثنا وتاريخنا ؛ وهذا ما يفسر- جزئيا- روح التطور المازوم الذى يعانى منه مجتمعنا ؛ والى الثبات فى الافكار والتحنط فى القديم الذى تتصف به معظم نخبتنا واغلب جماهيرنا .
اننى فى مخطوتتى التى ذكرت عن الفكر الجمهورى ؛ قد حاولت مقاربة بعض هذة القضايا ؛ ونزع الحجب الاسطورية عن فكر الاستاذ . الامر الذى لا ازعم النجاح فيه ؛ ولكنها كانت خطوة اعتقد باهميتها ؛ من الناحية الاخرى ؛ فقد قمت بامر مماثل فى مخطوطتى عن الشهيد عبد الخالق محجوب ؛ وهو شخصية اخرى فذة فى تاريخ الفكر السودانى ؛ وحاولت فيها نزع الغيبية المادية هذه المرة ؛ والتى اضفاها عليه انصاره . ان هاتين المخطوطتين سوف تجدان طريقهما للنشر فى القريب العاجل ؛ ولكنى اعدك بارسالهما لك قبل نشرهما العام . من الجهة الاخرى فانا مدرك لمكامن القصور فى شخصيتى ومعارفى وتجاربى ؛ والتى يمكن ان تلقى بظلالها على قرائاتى هذه ؛ وفى الحقيقة فاننى فى السنتين الاخيرتين قد غيرت الكثير من ارائى حول بعض افكار الاستاذ ؛ واعكف الان على كتابة دراسة عن السنوات العشر الاولى من نشاط الاستاذ والحزب الجمهورى ؛ اى الفترة 1945-1955؛ باسم "اعادة اكتشاف محمود – قراءة فى الكتابات الاولى للاستاذ" .
اننى فى هذه الدراسة القادمة ساحول مقاربة الافكار السياسية والاجتماعية للاستاذ فى هذه الفترة ؛ واحاول توضيح طابع بعضها العبقرى . من الجهة الثانية فان هذه القراءة ستحاول متابعة التغيرات والتطور الذى حدث فى الفكر الجمهورى فيما بعد ؛ وحصر الثابت والمتحول فى اجتهادات الاستاذ . ان معظم الجمهوريين لم ينظروا او يحللوا التغيرات التى تمت فى اطروحات الاستاذ ؛ وخط التطور الذى حكمها ؛ وربما كان ذلك لسيطرة الروح الغيبية على نظرتهم ؛(النظرة لهذه الاراء كالهام الهى ) وانعدام النظرة النقدية والعلمية فى تجربتهم ؛ والتى يمكن ان تساعد فى التأريخ للفكرة من جهة ؛ ومن الجهة الثانية فى اكتشاف الجوهرى والسليم فيها ؛ استهدافا لتطويره والانطلاق به الى افاق جديدة ."
والشكر والتقدير للاستاذ عمر القراى على مقاله والشكر موصول للذين اعادوا نشر مقالى فاتاحوا بذلك فرصة هذا الحوار.
عادل عبد العاطى
9 اغسطس 2002
| |
|
|
|
|
|
|
Re: محمود محمد طه قال كلمته ورحل - تأملات متأخرة في مغامرة معرفية مبكرة (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
Dear Dr.Haydar, Salamat I share you the deep sorrow for the departure of our angelic brother Ismail Mastour. Thank you for the honest compliment,but posting a monkey picture was not my choice.It happend by chance.I dont know,may be this has some implications. I am going to post a contribution to what Adil Abdel Ati has initiated.I hope this will be soon.His subtle analysis impressed me. Regads,
| |
|
|
|
|
|
|
|