|
لمحات من تأريخ حركة الأخوات الجمهوريات
|
لمحات من تاريخ حركة الاخوات الجمهوريات
فيما أرى، أن تاريخ حركة الإخوات الجمهوريات قد كان نتاجاطبيعيا لتاريخ حياة الأستاذ محمود محمد طه، وما أحاط بطفولته، خاصة ما يتعلق منه بشأن المرأة، بشكل خاص ه بالإضافة إلي فكرته في الدعوة إلي تطوير التشريع الإسلامي. المرأة في طفولة الأستاذ محمود: ولد الأستاذ محمود محمد طه، في عام 1909 في قرية الهجيليج شرق النيل الأزرق، بالقرب من منطقة مصنع سكر الجنيد الحالية. وقد ذكر الأستاذ محمود، شيئا يسيرا عن طفولته، في واحدة من إجاباته على أحد الصحفيين. قال الأستاذ لذلك الصحفي الذي ساله هعن طفولته، إن طفولته طفولة عادية، وليس فيها ما يستحق أن يشغل به الصحفي وقت القارئ الكريم. ومع ذلك، فهناك مقتطفات منها، ترينا أثر والديه وتربيته في فكره.
ذكر الأستاذ محمود في بعض أحاديثه، أن والده محمد طه، كان قوي الشخصية، ومهاباً عند كل رجال القرية ونسائها. ولكنه، مع ذلك، كان يخشى زوجته فاطمة بنت محمود. فقد كانت قوية الارادة، وجميلة، ولها سطوة قوية على زوجها محمد طه. ذكر الأستاذ أن والده، كان يستمع الي آرائها، وينفذ رغباتها. ولقد كانت هذه بذرة صغيرة بذرت في وجدان الأستاذ محمود، ترعرع معها، واكتسب منها انحيازه للمرأة كما سمعناه يقول في كثير من الأحيان.
ومن القصص التي تدل على احترام الأستاذ للمرأة، وموقفه من التقاليد التي تفرض الدونية على المرأة، قصة حدثت في عرسه. ومفاد تلك القصة أنه عندما تزوج والدتي الحاجة، آمنة لطفي، أحضرت العروس لترقص وهي ترتدي الرحط، كما جرت العادة، آنذاك. ويبدو أن الوالدة آمنة قد كانت كارهة أن تقف أمام جمع المحتفلين بذلك المنظر. وبدلاً من ان ترقص، أخذت تنتحب. يقال أن الأستاذ محمود انزعج لذلك غاية الانزعاج، وطلب بإيقاف الرقص. وأن تعطى فستانها وبقية ملابسها.
في محاضرة قدمها خالي، الأستاذ عوض لطفي، اثناء زيارته لنا في ايوا سيتي، وبناء على إقتراح من الأستاذ محمد المهدي، المشرف على الأنشطة الثقافية لمجتمع السودانيين، ذكر الأستاذ عوض لطفي، أن الوالد، الأستاذ محمود كان يصطحب الوالدة آمنة معهم في كل الزيارات .. وقد كان ذلك الأمر مستغرباً في حينه .. وذكر أنهم، كانوا يخجلون من اصطحاب الأستاذ محمود لأختهم في الزيارات.
ومما أذكره أنا من طفولتنا أن الأستاذ كان يصر على أولاد البيت، وهم أبناء عمي الذين قام الأستاذ بكفالتهم وتربيتهم، عقب موت أبيهم، أن يحترموا البنات. أذكر مرة أن تشاجرت إبنة عمي مع إبن عمتها، الذي شتمها قائلاً: ((عاملة رجلك الكبيرة الزي رجل الرجال دي)) فبكت وذهبت للأستاذ شاكية. فزجره الأستاذ زجراً شديداً قائلاً، نحن بنحترم نسائنا ما أسمع كلام زي ده مرة ثانية.
ومما أذكره ايضا، أن الوالد الأستاذ، لم يطلب مني أن ألبس الثوب، أبدا. ولم يوجهني يوما بأن أغطي رأسي. كان يأخذني للصالون لتصفيف شعري. كما كان يأخذنا للسينما، في وقت لم يكن ارتياد النساء لسينما، أمرا شائعا. كما كنا نجلس في المقاهي العامة، مع الرجال. ومن المحلات التي أذكرها، محلات خيرات بالمحطة الوسطى بأم درمان. كان الأستاذ يفعل معنا ذلك، في وقت كانت النساء في حي الديم برفاعة لايخرجن عادة، إلا متسترات بجنح الظلام. ومما كان له أكبر الأثر في نفسي، أن والدي الأستاذ لم يطلب مني أن التزم الفكرة الجمهورية وإن كان قد طلب مني أن أقرأ كتب الفكرة وغيرها من الفلسفات المعاصرة الأخرى كالماركسية وغيرها. ولذلك فقد حدث أن التزمت الفكرة من مدخل احترام ألأستاذ محمود للمرأة، وحرصه على مساواتها، مما رأيته في تفاصيل حياته اليومية، أكثر من كوني التزمت نتيجة لفهم ما فراته من كتبها.
حركة الأخوات الجمهوريات:
بدأت الحركة النشطة للأخوات الجمهوريات بعد انتفاضة اكتوبر 1964 المجيدة، وكنت حينها طالبة في الثانوي العالي. ولم اكن ملمة بتفاصيل كثيرة عن الفكر الجمهوري ولكني كنت مأخوذة باحترام والدي وتقديره لي ولعامة النساء مما كنت أراه مجسدا في مسلكه العملي، وعدم مبالاته بأعراف المجتمع التي كانت ترى، حتى ذلك الوقت، اصطحاب المرأة إلى مكان عام عيبا.
كنت، وبنت عمي بتول مختار محمد طه، وأختي سمية، وبنات الأستاذ محمد فضل محمد صديق، نوال، ورشيدة نذهب مع الأستاذ الى الندوات والمحاضرات العامة في دار الحزب الجمهوري بالموردة. كما حدث أن اصطحبناه في جولتين في النصف الثاني من الستينات، طاف فيها الأستاذ مدن شمال السودان، شرقه، وغربه، ووسطه ثم رجع إلى الخرطوم بعد ان قدم في الجولتين محاضرات ومناظرات وندوات. وكان الأستاذ، في ذلك الوقت، هو المتحدث الوحيد عن الفكرة الجمهورية. وقد تناولت المحاضرات العديد من الموضوعات منها رسالة الصلاة، الإسلام برسالته الأولى لايصلح لإنسانية القرن العش1079184596
|
|
|
|
|
|