حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-13-2024, 05:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   

    مكتبة الاستاذ محمود محمد طه
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-15-2004, 09:15 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل

    حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل
    بالضغط هنا
                  

11-16-2004, 01:24 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    فوق
                  

11-16-2004, 01:41 AM

حمزاوي
<aحمزاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2002
مجموع المشاركات: 11622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    الاستاذ الدكتور ياسر الشريف
    السلام عليكم
    كل عام وانتم بخير وعيد سعيد
    الأمر الثابت هو أن الأستاذ محمود قد أيّد نظام مايو منذ اليوم الأول لمجيئه، ودعا الجمهوريين والشعب السوداني إلى تأييده.. ولكن مع ذلك كان يعتبره نظاما مرحليا، يمكن، إذا أُحسن استخدامه، أن يُعِد الشعب والمسرح للنظام الديمقراطي الاشتراكي الفدرالي الذي ينشده الجمهوريون، والذي فشلت الحكومات الوطنية النيابية والعسكرية السابقة أن تحققه.. والأمر الثابت أيضا هو أن حكومة ما قبل مايو كانت قد انتهت إلى صورة من الفشل والتردي كان سيؤدي بها إلى أن تصير دكتاتورية مدنية باسم الإسلام،
    ــــــــــــــ
    هذا هو بيت الداء في السياسة السودانية فرض ما تريده باسلوب ديكتاتوري ، نميري من اول يوم ديكتاوري احادي أتى على ظهر دبابة لوأد ديمقراطية مثله مثل البشير الذي وقف معه الاسلاميين (الجبهجية) بنفس المنطق ، فعلى نفسها جنت براقش

    ولك ودي وتقديري
                  

11-16-2004, 02:00 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: حمزاوي)

    عزيزي حمزاوي،
    تحية المودة والتقدير والاحترام
    وأتمنى أن تعود الأيام بالخير والبركة وزوال الحكم الترابشيري.. بيت القصيد يا عزيزي هو أن حكم النميري عندما حاول أن يفرض دكتاتوريته باسم الإسلام عارضه الجمهوريون..

    الديكتاتورية العسكرية الشمولية [مصر سوريا تونس اليمن نماذج]، والدكتاتورية الملكية الأسرية [دول الخليج عموما] هي جزء من واقعنا الأليم في منطقتنا، ولكنها تصير أكثر خطورة عندما تصبح بإسم الإسلام [السودان والسعودية نموذج].. أنا سعيد بمتابعتك للمادة والوثائق..

    ولك شكري..

    ياسر
                  

11-16-2004, 02:12 AM

حمزاوي
<aحمزاوي
تاريخ التسجيل: 10-10-2002
مجموع المشاركات: 11622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    استاذي الدكتور ياسر الشريف
    لك شكري وتقديري
    بعض المفكرين والمحللين السياسيين في السودان لا يجيدون قراءة او تحليل الحدث قبل الحدوث عبر المعطيات فهناك من أيدوا وهتفوا لنميري من اليساريين واتباعه .
    حكم النميري عندما حاول أن يفرض دكتاتوريته باسم الإسلام عارضه الجمهوريون..
    فهل اتى نميري ببرنامج فكري لكي يطبقه فهو من اول يومه الي رحيله يتخبط

    فلك ودي
                  

11-16-2004, 02:33 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: حمزاوي)

    عزيزي حمزاوي،

    قولك:

    Quote: فهل اتى نميري ببرنامج فكري لكي يطبقه فهو من اول يومه الي رحيله يتخبط

    لو قرأت الوثائق بدقة وتأني ستجد بأنني قلت كلامك هذا بكلمات أخرى.. المهم أن النميري حال دون تطبيق جهالة ما سمي بالدستور الإسلامي، وهذا قد شفع له كل تخبطه الأول.. المهم هو أن الأستاذ محمود لم يكن يهتم بلعن الظلام، وإنما كان يحاول أن يكون له دور في تغيير العقول.. هذا هو بيت القصيد.. أرجو لك قراءة ممتعة..
    وأشكرك
    ياسر
                  

11-16-2004, 02:34 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: حمزاوي)

    أخى ياسر لك ودى
    يا عزيزى المشكله أن الكثيربن ومن بينهم نخبة مثقفة لا تعى الفرق بين ما هو (مبدئى) ، وما هو(مرحلى).
    فحينما قالت الفكرة الجمهورية بأنها تؤيد نظام مايو مرحليا، فذلك يعنى أن هذا التأيئد محدد بواجب معين وخلال فترة معينه، فان حاد عن ذلك فمعارضته سوف تكون هى الخيار.
    وقد كان ، فتايئد مايو بنى على اساس محاربة الطائفيه اكبر عدو للسودان وشعبه، وليس على اساس خلافه اسلاميه، قد تكون أخطر من (الطائفيه).
    وحينما أحدد تائيدى لجهة ما مرحليا، فذلك يعنى (ضمنيا) ، أن تلك الجهة يجب أن تعلم وتعى ان دورها (مرحلى) وموقوت.
    مثلا حينما اوافق على (اغلاق) شارع ما مرحليا ، فهذا يعنى موافقتى على اغلاق ذلك الشارع ، ريثما تكتمل الأصلاحات المطلوبه فيه ، رغم أنه يكلفنى جهدا وزمنا ، لكى أصل الى سبيلى ، وهكذا، ولا يعنى ذلك باى حال موافقتى على أغلاق ذلك الشارع والى الأبد.
                  

11-16-2004, 02:42 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: تاج السر حسن)

    عزيزي تاج السر،
    عيدك مبارك،

    لقد سعدت بمرورك، وأرجو لك قراءة جيدة للوثائق، فإن فيها الكثير مما هو غير معروف للكثيرين..

    لقد كانت فترة مايو من أولها إلى آخرها عبارة عن مواجهة ضد الفهم المتخلف للدين وضد السلفيين حتى لا ينفردوا بالتأثير على مايو، ولكنهم تمكنوا من ذلك أخيرا، وسآتي لذلك في حلقة مقبلة.. ولك تحيتي ومودتي

    ياسر
                  

11-16-2004, 03:01 AM

اسامة الخاتم
<aاسامة الخاتم
تاريخ التسجيل: 09-28-2002
مجموع المشاركات: 2340

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    عزيزى ياسر الشريف
    كل عام و انت بخير

    ربما الشئ الوحيد الذى آخذه على الحركة الجمهورية هو هذا التاييد الغير مسبوق لنظام مايو
    الاشكال ان هذا التايد اتخذ وقتا طويلا جدا.. اظن حتى قوانين سبتمبر.. فى حين ان الشعب بدا بالمعارضة الفعلية لنميرى منذ 71 على ما أظن
    كان الطلاب و المواطنون يخرجون فى المظاهرات ينددون بسياسات النظام
    كان الوضع فى البلاد صعبا جدا.. الدكتاتورية هى الدكتاتورية يا عزيزى ياسر.. وكان ينبغى الانحياز الى صفوف الشعب مهما كانت النوايا
    انا احترم جدا فكر الاستاذ و لكنى اعتقد انه لم يصيب فى تأييد النظام
    سمه تاييدا مرحليا او غيره لا يهم..الشئ الهام هو الحريات.. الديمقراطية.. حقوق الانسان تلك التى هدرها نظام نميرى منذ وقت مبكر جدا
    لك الياسمين
                  

11-16-2004, 03:22 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: اسامة الخاتم)

    العزيز جدا أسامة الخاتم،
    وينك يا أخي
    لك التحايا النواضر وكثير الأشواق.. لقد سعدت بمرورك.. لقد كتبت هذه الحلقة حتى يتمكن الناس من قراءتها..

    الدكتاتورية باسم الإسلام أزفت أنواع الدكتاتوريات.. ومن هنا فإن كلامك "الدكتاتورية هي الدكتاتورية" يمثل نصف الحقيقة.. أرجو أن تجد الوقت لقراء المادة بتأني..

    ولك مودتي الخالصة..

    ياسر
                  

11-16-2004, 03:57 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    الاخ ياسر الشريف

    تحية طيبة

    يشكل موقف الاخوان الجمهوريون الداعم لنظام مايو منذ عام 1969 الي عام 1983 ؛ بالرغم من اشكالات صغيرة في هذه الفترة؛ والذي عبر عنه الجمهوريون علنا باخراج كتيبات تحمل اسماء مثل : لماذا نؤيد نظام مايو ؟ والتكامل وغيرها ؛ سقوطا سياسيا عظيما لتلك الحركة؛ وهو امر لا يمكن الدفاع عنه باي حال من الاحوال.

    هذا التاييدلسنوات؛ يعبر عن القصور السياسي والمنهجي لحركة الجمهوريون؛ ولا تفيد هنا كل التخريجات التي تقال عن التاييد المرحلي او المشروط؛ فالجمهوريون قد دعموا النميري في كل تلك السنوات؛ بل وبرروا جرائمه الدموية؛ بزعم ان الاخرين حملوا السلاح ضده؛ وكانه قد جاء الي الشيلطة عبر انتخابات وليس فوق دبابة.

    اعتقد ان افضل ما يمكن ان يقدمه الجحمهوريون لدعم الوعي الديمقراطي والليبرالي في السودان؛ وهم من اوائل من ارسوا معالمه في الاربعينات؛ هو الاعتراف بخطأ ذلك التحليل السياسي القاصر؛ والوقوف موقف النقد الذاتي؛ ومحاولة التعلم من التجربة؛ حتي لا تتكرر.

    من ناحية اخري فان موقفا كهذا يستدعي اعادة تقييم كل الاستراتيجية السياسية - الفكريةللجمهوريين؛ ولمجحمل ارث الاستاذ محمود؛ ولا اعتقد ان الكثيرون منهم قادرون علي ذلك.

    مع ودي الاكيد.

    عادل
                  

11-16-2004, 04:04 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Abdel Aati)

    وهذه مساهمة كنت قد كتبتها ضمن مقال هوالان قيد التنقيح:

    --------------

    من الحزب الى الجماعة
    جدل الدينى والسياسى فى تطور الحركة :
    بعد قيام انقلاب مايو فى العام 1969 ؛ وحله لجميع الاحزاب السياسية ؛ تعطل الحزب الجمهورى ؛ وابتعد قائده واعضاؤه عن ساحة النشاط العام ؛ رغم ترحيبهم بمايو واعتبارها انقاذا للبلاد من السياسات الطائفية ؛ ليعودوا وينظموا انفسهم من جديد ؛ فى العام 1972 ؛ ليس كحزب سياسى هذه المره ؛ وانما كجماعة دينية –اجتماعية –تربوية اطلقت على نفسها وفكرها ابتداءا اسم الدعوة الاسلامية الجديدة ؛ ثم ما لبث ان تحولت عنه الى الاخوان الجمهوريين ؛ وهو الاسم الذى عرفت به من ذلك الحين ؛ والذى لا يزال قيد الاستعمال ؛ وان كان بعض اتباع الفكرة قد تخلى عنه بعد التوقف شبه الرسمى لنشاط الجماعة بعد استشهاد الاستاذ ؛ ويفضلوا ان يستعملوا بديلا عنه اسم الحركة الجمهورية ؛ للدلالة على مجمل تراث الجمهريين ؛ فى تحولاتهم التنظيمية المختلفة ؛ ويطلقوا على اغلب التراث الفكرى الذى خلفه محمود ؛ وانجزته الحركة فى تطوراتها المختلفة ؛ اسم الفكرة الجمهورية .

    ان اعادة تاسيس الحركة باسم الاخوان الجمهوريين ينبع فى اعتقادنا من سببين رئيسين ؛ الاول منهما سياسى ؛ وهو عدم سماح النظام المايوى لاى شكل من اشكال النشاط السياسى المستقل خارج اطار مؤسساته الواحدية ؛ والتى كانت حينها ذات طابع علمانى واضح ؛ فى الوقت الذى تسامح فيه الى حد كبير مع قيام ونشاط الكثير من الحركات الدينية على اختلاف مشاربها ؛ بدءا من الحركات والتجمعات الصوفية الصغيرة والمتعددة ؛ مرورا بحركة انصار السنه السلفية ؛ وانتهاءا بحركة الجمهوريين التجديدية . ان نظام مايو بهذا الشكل كان يرمى الى تحييد هذه القوى او الى جلبها لمواقع التاييد له ؛ مقابل السماح لها بنشاطها" الدينى"–التعبوى . ومن الجهة الاخرى فقد كان يلعب على تناقضاتها ويستخدمها بذكاء فى مناوراته السياسية ؛ ضد بعضها البعض او ضد اطراف اخرى ؛ مع عدم قطع شعرة معاوية مع اى منها . ان اختيار الاستاذ محمود اذن لشكل الجماعة الدينية قد كان فيه قراءة واقعية لمجال العمل المتاح ؛ فى نفس الوقت الذى كان فيه تقبل النظام لاعادة تاسيس الحركة ونشاطها نابعا من قرائته لها كجماعة صغيرة محدودة التاثيرشعبيا وغير مضرة سياسيا ؛ وهى فى المحصلة مؤيدة له .

    الا ان السبب الاساس يكمن فى اعتقادنا فى طبيعة التحولات الفكرية التى تراكمت فى مسيرة الاستاذ محمود ؛ والتحولات الاجتماعية التى طرات على تركيبة الحركة ؛ وفى مجمل الكيان الاجتماعى السودانى ؛ لتحول الحركة من تنظيم وطنى سياسى معاد للاستعمار الى حركة دينية وتربوية وربما صوفية فى المقام الاول ؛ كما استقرت عليه الحركة فى العقد الاخير لنشاطها .

    ان النزعات الدينية فى شخصية الاستاذ قد كانت ظاهرة منذ البدء ؛ بل ان حتى حملة التضامن مع امراة رفاعة قد فجرت من داخل المساجد ؛ اضافة الى المسلكيات الدينية والصوفية للاستاذ فى فترة السجن وفى خلوته الطويلة ؛ حيث مارس الاستاذ الصيام بكثافة فى فترة السجن ؛ الامر الذى فسره بعض مؤيدوه وناشطى الحركة الوطنية كاضراب عن الطعام وشكل من اشكال مقاومة الاستعمار . الا ان دخول الاستاذ فى خلوة لمدة عامين بعد خروجه من السجن والتعطيل العملى لنشاط الحزب فى هذه الفترة ؛ والشخصية الدينية الطاغية التى خرج بها الاستاذ بعد انتهاء خلوته ؛ قد وسمت الحركة بهذا الطابع الدينى المتزايد ؛ والذى تجلى فى اول خطاب للاستاذ حول الحزب الجمهورى ومبادؤه بعد خروجه من خلوته ؛ حيث ابرز المبادى السياسية التى يقوم عليها الحزب ؛ فراى المهمة الاولى فى الجلاء ؛ واوضح موقفا مستقلا من القائلين بالتعاون مع الاستعمار البريطانى ؛ والداعين الى التعاون مع مصر ؛ و دعا الى زمالة جهاد مع المصريين ؛ لا الى زمالة وحدة او اتحاد ؛ واوضح معالم سياسة الحزب فى الدعوة للجمهورية السودانية ؛ التى تتطلب ضم كل الصفوف ؛ لانجاز الجلاء التام ؛ واقامة الجمهورية السودانية التى تتحقق فيها العدالة الاجتماعية والحرية الفردية .

    الا ان هذه المبادى السياسية الواضحة ؛ قد ارتبطت بفكرة دينية منذ البدء ؛ حيث شن الاستاذ هجوما فكريا مكثفا على الانظمة الراسمالية الغربية ؛ والانظمة الشيوعية ؛ والتى ارجعها الى مصدر واحد هو المادية الغربية ؛ ودعا الى بديل جديد هو الديمقراطية الشعبية ؛ والتى راى فلسفتها الاجتماعية فى الاسلام ؛ لانه الفلسفة التى جمعت بين الروح والمادة ؛ والقادرة على تحقيق الحرية الفردية ؛ والعدالة الاجتماعية .

    كما راى الاستاذ فى نفس الخطاب ان الوحدة الوطنية وجمع الصفوف لا تتم الا تحت راية الاسلام ؛ والذى راى فيه الفكرة الجامعة ؛ والمدخل للحكم الصالح ؛ والحافز للجهاد الصادق ؛هذا الجهاد الذى ينتهى باحدى الحسنيين ؛ اما شرف الشهادة ؛ او عزة النصر .
    ان الاستاذ يختم خطابه بالقول " ان حركتنا الوطنية لا يمكن ان تحقق طائلا الا اذا جمعت اشتات الفرق ؛ والطوائف ؛ والاحزاب ؛ ايضا ؛ حول الفكرة الخالدة التى جاء بها الاسلام ؛ والتى اشرت اليها انفا ؛ والتى اجتمع عليها اوائلنا ؛ فحققوا العزة ؛ والحرية والعدل ؛ ولن تجد سودانيا واحدا يتخلف عن دعوة تجمع بين عز الدنيا ؛ و شرف الآخرة .." ( التلخيص والفقرة المقتبسة من :البيان الذى القاه رئيس الحزب الجمهورى فى الاجتماع العام للحزب ؛ الخرطوم ؛ 30-10-1951 ؛ المصدر : مكتبة الفكرة الجمهورية ؛ فى صفحة الانترنت : http://www.alfikra.org)

    ان قراءة تحليلية لهذا الخطاب؛ والذى يشكل احدى الوثائق الاولى للحركة ؛ اضافة الى السفر الاول للجمهوريين (بمثابة وثيقة التاسيس ) ؛ توضح جملة حقائق رئيسية ؛ هى :
    1. ان الدعوة الجمهورية هى دعوة فكرية ؛ حملت منذ تاسيسها مبادى سياسية راقية ؛ من دعوتها الى الحرية الفردية ؛ والعدالة الاجتماعية ؛ فى ظل جمهورية سودانية فدرالية ؛ وفى موقف واضح من رفض الانزلاق لمساندة طرفى الحكم الاجنبى ؛ والذى تورطت فيه الاحزاب الطائفية والاتحادية ؛ مع موقف مصادم من الاستعمار ؛ ومطلب واضح فى الجلاء التام .
    2. ان هذه الدعوة قد ارتبطت منذ البدء بموقف سلبى حاسم ؛ من المؤسسات والنظم السياسية الغربية ؛ فى صورتها الراسمالية اوالشيوعية ؛ ودعت الى فكرة اسلامية بديلة عنهما ؛ رات انها تؤدى الى تحقيق نظام الحكم الصالح القائم على تحقيق الحرية الفردية والعدالة الاحتماعية .
    3. ان الدعوة الاسلامية للاستاذ فى مطلعها ؛ ورغم بعض الملامح التجديدية ؛ الا انها قد كانت تقليدية وسلفية الى حد كبير ؛ كما قامت على حشد الشعور الوطنى من مواقع الحماسة الدينية ؛ كما تجلى ذلك عمليا فى حملة الدفاع عن امراة رفاعة ؛ و نظريا فى الخطاب المشار اليه .
    4. ان هذه الدعوة ؛ قد قامت على اسس تؤدى عمليا الى تديين السياسة ؛ والى استبعاد غير المسلمين من اطار الفكرة والحركة ؛ اللهم الا اذ تقبلوا الاسلام كحل وفلسفة ونظام للحكم ؛ الامر الذى طرحته الحركة فيما بعد كبديل شامل للانسانية .

    اننا فى مقال آخر ( تاملات فى افق المعرفة والشهادة ؛ فى موت وحياة محمود محمد طه) ؛ قد ذهبنا الى ان قيام الحركة فى وقت تصاعد فيه النضال ضد الاستعمار ؛ وبدا فيه نمو الاحزاب والتيارات الفكرية والسياسية ؛ قد فرض عليها شكلا من النشاط السياسى والتنظيمى بدات وانطلقت منه ؛ وهو شكل الحزب السياسى ؛ ونضيف هنا ان شخصية الاستاذ الصوفية ؛ وتوجهاته الدينية ؛ قد جرت الحركة تدريجيا الى مواقع دينية تتعزز باستمرار ؛ حيث سيتضائل العامل السياسى الاول بجلاء الاستعمار ومجى الحكومات الوطنية ؛ وخصوصا تحت الانظمة العسكرية ؛ فى مقابل توجه اكثر نحو الجانب الدينى . ان ما يثير الاهتمام هنا هو هجر الحزب الجمهورى للعملية الانتخابية ووسائل الحشد و النشاط الجماهيرى العام ؛ منذ تحقيق الاستقلال ؛ وهى الاشكال التقليدية للممارسة السياسة ؛ والتركيز فى المقابل على العمل الفكرى والتربوى ؛ والمخاطبة الشخصية ؛ مع الاحتفاظ بالحد الادنى من الروابط التنظيمية ؛ والتى كفلت لحزبهم فى البدء ولجماعتهم من بعد سبل البقاء والحركة والانتشار ؛ الامر الذى ااستمر حتى استشهاد الاستاذ والحل شبه الرسمى للحركة .

    اننا هنا لا نملك الا ان نعلق على التسمية التى اختارها الجمهوريون لتنظيمهم ؛ بعد خروجهم من مرحلة الحزب ؛وهى تسمية : الاخوان الجمهوريين . فالتسمية فى شكل ما تؤكد الطبيعة الدينية للتنظيم ؛ كونهاغالبا تعتمد على مرجعية الحديث النبوى الذى يستشهد به الجمهوريون كثيرا ؛ والقائل : " وا شوقاه لاخوانى الذى لم ياتوا بعد !! قالوا: او لسنا اخوانك يا رسول الله ؟ قال: بل انتم اصحابى..الخ " . اننا لا ننفى هنا ايضا امكانية التاثر و/او المعارضة فى آن بتجربة وتسمية الاخوان المسلمين القديمة والراسخة ؛ وهى الحركة ذات الاصول الدينية الاكثر ديناميكية ونشاطا فى البلدان العربية والبلدان ذات الاغلبية الاسلامية فى الاربعينات والخمسينات ( وقت تاسيس الحزب الجمهورى ) ؛ وفى السودان فى الستينات والسبعينات ( عند الانتقال الى مرحلة الاخوان الجمهوريين) . وفى الحقيقة فان مقارنة هاتان الحركتان توضح انهما قد تطورتا فى اتجاه مناقض ؛ فحين بدا الجمهوريون كحزب سياسى ؛ ما لبث مع الزمن ان تحول الى حركة دينية تجديدية وتربوية ؛ فان حركة الاخوان المسلمين قد قامت فى البدء كحركة اصلاحية تربوية دينية ؛ لكيما تتحول مع الايام الى حركة سياسية صرفة ؛ تمارس السياسة وتدخل اليها من اردأ ابوابها .

    نقطة اخرى تستحق التعليق فى التسمية ؛ وهى طابعها الذكورى الواضح ؛ للدلالة على مجمل التنظيم ؛ فرغم ان الجمهوريين فى حديثهم عن عضواتهن من النساء قد كانوا يرمزوا اليهن بالاخوات الجمهوريات ؛ الا ان تسميتهم للتنظيم ككل قد كانت ذكورية بحته : الاخوان الجمهوريين . ان هذا الموقف يوضح حجم القيود التى تضعها آليات الفكر الدينى والنصوص المرجعية الدينية حتى على حركة تدعى لنفسها التجديد فى فهم وطرح الاسلام ؛ وعلى الطابع المحدود والمحافظ لتقدمية الحركة فى مجال موقفها من المراة ؛ والذى نتمنى ان نناقشه لاحقا فى ثنايا هذ المقال .
                  

11-16-2004, 04:05 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Abdel Aati)

    هل قرأت المادة يا عادل؟؟ أرجو ذلك!! فأنت بالذات تحتاج لمثل هذه الوثائق لأنك تكتب كثيرا وتحتاج لمعرفة الحقائق..

    فمثلا كتاب "التكامل" ليس تأييدا لموقف مايو، وإنما انتقاد لها.. وسآتي لمسألة العلاقة مع مصر في حلقات قادمة..

    ولك مودتي وأجمل الأماني بالعيد والسلام وشكرا على المرور..

    ياسر
                  

11-16-2004, 04:43 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    Quote: بعد قيام انقلاب مايو فى العام 1969 ؛ وحله لجميع الاحزاب السياسية ؛ تعطل الحزب الجمهورى ؛ وابتعد قائده واعضاؤه عن ساحة النشاط العام ؛ رغم ترحيبهم بمايو واعتبارها انقاذا للبلاد من السياسات الطائفية ؛ ليعودوا وينظموا انفسهم من جديد ؛

    عزيزي عادل،
    تحية طيبة
    لقد قرأت لك كثيرا من كتاباتك السابقة وصححت معلوماتك في الكثير من المرات، ولكنك دائما تعود وتنشر كتاباتك السابقة بدون أن تقوم بإجراء التعديل الذي تفرضه عليك معرفتك بالحقيقة.. فمثلا عبارتك أعلاه ليست دقيقة.. فحركة الجمهوريين كانت موجودة ولكن بقيود فرضها الوضع الجديد على الجميع.. والوثائق التي أوردتها وإحصائيات الكتب التي كتبت قبل عام 1972 توضح ذلك [9 كتب طبعت ووزعت بين مايو 1969 وعام 1972] والكتب كانت توزع في الشوارع وفي الأسواق والمكاتب والورش والمدارس بواسطة الجمهوريين، وندوات الجمهوريين الداخلية مستمرة ونشاطهم مستمر بطريقة مختلفة عما سبق..

    ولك شكري..
    ياسر
                  

11-16-2004, 05:31 AM

أبوالريش

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    الأخ يـاســر،
    عيــد مبارك وشكــرا على إماطـة اللثام عن هـذه الفتـرة من تأريـخ حركـة الأخـوان الجمهـوريين.

    الشـئ المؤسف أن المتداخلين أعلاه، لم يكلفـوا أنفسهــم قراءة الوثائق التى أشـار إليهـا الأخ ياســـر، ثم الرد عليهـا أو مناقشتهـا بإسـلوب الباحث الموضـوعى، وإنما كان القفــز إلى أراء مسبقــة ومحفوظــة إعتمادا على العنوان

    أقتـرح على الأخ ياســر، والبوست ما زال فى بدايتـه، أن ينقل هـذه الوثائق هنا.
    أفهـم أن أى فـرد لـه الحق فى أن يكون رأيـا حول حركـة الجمهـوريين وتأريخهـا، أما إذا عرضت وثائق محـددة فى بوست وتمت الدعـوة لمناقشــة تلك الوثائق، فكنت أتوقـع أن المتداخلين يقرأونهـا ويتـم النقاش حولهـا حصـرا، ثم من خلال نقاشهـا يمكن أن نفهـم رأيهـم فى الحركــة وعلاقتهـا بمايـو.. والوثائق نفسهـا يمكن أن تكون دليلا حيـا لرأيهـم فى خطـأ موقف الحركــة إذا إستطـاعـوا تفنيــدهــا.

    (عدل بواسطة أبوالريش on 11-16-2004, 05:34 AM)

                  

11-16-2004, 05:53 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: أبوالريش)


    عزيزي محمد عثمان،
    تحية وشوقا مع أطيب الأمنيات لك وللأسرة.. وها أنا أنقل الحلقة السادسة من الموضوع، وارجو أن يجد فيها الدارسون والباحثون مادة مفيدة..
    ولك شكري
    ياسر

    ++++++
    الحلقة السادسة

    الجمهوريون ونظام مايو.. وثائق وتحليل

    إن القراءة الواعية المتكاملة للأحداث هي وحدها التي تعين على إبانة التاريخ وتفسير السلوك الاجتماعي والسياسي للأفراد والجماعات والتنظيمات.. وهذا ما أنا بصدده فيما يخص علاقة الحركة الجمهورية بنظام مايو، وأرجو التوفيق.. فإن المطلوب بعد قراءة الوثائق هو التحليل العلمي والواقعي للتاريخ، لا محاكمة التاريخ..

    الأمر الثابت هو أن الأستاذ محمود قد أيّد نظام مايو منذ اليوم الأول لمجيئه، ودعا الجمهوريين والشعب السوداني إلى تأييده.. ولكن مع ذلك كان يعتبره نظاما مرحليا، يمكن، إذا أُحسن استخدامه، أن يُعِد الشعب والمسرح للنظام الديمقراطي الاشتراكي الفدرالي الذي ينشده الجمهوريون، والذي فشلت الحكومات الوطنية النيابية والعسكرية السابقة أن تحققه.. والأمر الثابت أيضا هو أن حكومة ما قبل مايو قد انتهت إلى صورة من الفشل والتردي كان سيؤدي بها إلى أن تصير دكتاتورية مدنية باسم الإسلام، كما رأينا في الحلقات الماضية في هذا البوست..

    هناك تعريف للحقيقة بأنها الواقع.. فالواقع في السودان في ذلك الوقت، وفي المنطقة العربية والأفريقية حولنا، يقول بأنه عندما تفشل الحكومات الوطنية، سواء كانت منتخبة أو تقليدية ملكية موروثة، في إدارة شئون الحكم فإن الأمر يحسمه المغامرون الذين يملكون القوة المسلحة التي تفرض حكمها على الناس بالقوة.. وهذا ما حدث بالضبط، بل كان أي مراقب يتوقعه قبل انقلاب مايو.. إن ثقافة الديمقرطية ليست ثقافة عتيدة في المجتمع السوداني، ولا في المجتمعات العربية والإسلامية عموما، وإنما هي أمر جديد.. الديمقراطية جاءت إلى منطقتنا الأفريقية والعربية من دول الغرب.. وفي تلك الحقبة من الستينات وأوائل السبعينات كانت الحرب الباردة على أشدها بين الغرب الديمقراطي الرأسمالي من جهة والكتلة الشيوعية الإشتراكية من جهة أخرى.. كان الغرب الرأسمالي يناصر أنظمة الحكم التقليدي الملكي، والنظام الشيوعي الاشتراكي، بقيادة الاتحاد السوفيتي، يناصر أنظمة الحكم الإنقلابية الشمولية، وكان لكل من الكتلتين مصالحها من وراء ذلك.. في تقديري أن الأستاذ محمود كان يدرك ذلك جيدا، ولكنه يدرك أيضا أن الفهم التقليدي السلفي للدين أخطر على الناس، في حال وصوله إلى الحكم، من الفكر الاشتراكي الشيوعي أو القومي العربي.. إذن من منطلق أن مايو هي أخف الضررين جاء تأييد الأستاذ لها ابتداء.. ثم أن هذا التأييد قد وجد الكثير من المبررات بعد البرنامج الذي طرحته مايو بوصفها امتدادا لثورة أكتوبر.. والحق يقال بأن مايو قد وجدت تأييدا شعبيا عريضا.. هذه حقيقة تاريخية ثابتة.. ولم يعارض مايو سوى حزب الأمة جناح الإمام الهادي، وبعض قادة الحزب الوطني الاتحادي بزعامة الشريف حسين الهندي، وجماعة الأخوان المسلمين.. إذن لم يغب على الأستاذ محمود طبيعة القوى التي كانت وراء الإنقلاب، وهم الشيوعيون والقوميون العرب "الإشتراكيون العرب".. والأستاذ محمود له آراؤه المعروفة في قصور الفكر الماركسي، وفشل التجربة الماركسية اللينينية في روسيا وفي الصين.. وله آراؤه المعروفة في دجل دعوة القومية العربية وقصورها عن مستوى العصر.. وفي تقديري أيضا أنه لم يغب عن باله أصابع النظام المصري الناصري وراء إنقلاب مايو، ولكنه، برغم ذلك كان يرى أفضلية هذا النظام على الدكتاتورية الإسلامية التي كانت وشيكة إذا استمر النظام النيابي، واستطاع فرض ما سمّي بالدستور الإسلامي.. ولذا جعل الأستاذ محمود همّه الأكبر مواصلة سعيه في التوعية، قاصدا بها الشعب والقلة التي كانت تحكم الشعب، حتى يحول بين دعاة الدستور الإسلامي وبين التأثير في الحكومة.. ومن هذا المنطلق لم ير داعيا لتفعيل أي مواجهة ضد النظام أو معارضته، حتى عندما قام وزير الداخلية وقتها، الرائد فاروق عثمان حمد الله، بإصدار قرار في مايو عام 1970، عقب أحداث الجزيرة أبا وودنوباوي، يمنع إقامة الندوات والمحاضرات إلا بإذن من الوزارة.. عقد الجمهوريون جلسة داخلية لمناقشة هذا الوضع، وفيما يلي سأعرض وثيقة تاريخية عبارة عن تقرير مكتوب لتلك الجلسة..

    بسم الله الرحمن الرحيم
    في جلسة بمنزل الأستاذ محمود محمد طه في يوم الاثنين 25/ مايو 1970 استعرض الحاضرون قرار الحكومة القاضي بمنع إقامة الندوات إلا بإذن من وزارة الداخلية، ومدى انطباقه على ندوات الجمهوريين.
    وقد رأى الاجتماع تأجيل إقامة الندوات في الوقت الحاضر لأن في إقامتها مخالفة لقرار الحكومة وذلك يعتبر معارضة لنظام الحكم الحالي الذي ليس من رأينا معارضته في المرحلة الراهنة، ذلك بأنه يخدم غرضاً كبيراً بما يقوضه من دعائم الطائفية، وحيث أن زواله قبل إيجاد البديل الصحيح يؤدي بالبلد إلى نكسة.. إن هذا التقييم لنظام الحكم الحالي ليس جديداً بالنسبة لنا، فقد سبق أن قررناه في الأسبوع الأول من قيامه في 25/ مايو 1969 وكتبنا بذلك للإخوان في الجهات المختلفة.. ولمَّا يزل هو هو تقييمنا له..
    إن منع إقامة الندوات لا يعتبر مواجهة ضدنا حتى يستوجب المواجهة من جانبنا إذ لا يزال مجال العمل للفكرة متسعاً في نشر الكتب وفي التقاء الجمهوريين فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين أصدقائهم من جهة أخرى..
    ولقد وجه الاجتماع بأن يبحث الإخوان عن البديل للندوات، وأوصى بأن يكثر الجمهوريون من الالتقاء في المنازل المختلفة، وأن يركزوا على تجويد السلوك وقراءة الكتب وفهم الفكرة، وأن يبذلوا جهداً أكثر في توزيع الكتب..
    ويود الاجتماع أن ينبه إلى أن اهتمامنا دائماً موجه إلى نوعية الجمهوريين قبل كثرتهم وهذه فرصة للعمل أكثر لإنضاج نواة الجمهوريين..
    كما رأى الاجتماع أن يستمر إيفاد الجمهوريين إلى الأقاليم على أن يقتصر نشاطهم على توزيع الكتب والالتقاء بإخوانهم هناك.
    ويذكِّر الاجتماع الأخوان بأمر المواجهة التي سبق أن نوقشت في مؤتمر عيد الفطر عام 1388هـ - 1968م بمدني وصيغت بنودها ونشرت في كتيب مطبوع بالرونيو.. ونورد هنا طرفاً منها:
    المواجهة هي معرفة وسلوك بمقتضى المعرفة.. معرفة يهتدي بها الفرد تجعله يميز بين دقائق الأمور.. وقمة المعرفة تجعل الفرد ملزماً أن يسير خلف الله وذلك باتباع رضوان الله، وهو الرضا به، فينا وحولنا..
    والمواجهة في الحيز العملي تقع على درجات ثلاث:-
    1- مواجهة في القمة.. وهي العمل بالفكرة بلسان الحال، ولسان المقال، ونشرها بين الناس بلسان رطب صادق يتحمل الأذى، ولا يرد الأذى. ولا يحسبن أحد أن هذا السلوك يمكن للفرد أن يستوحيه في لحظة المواجهة، فإنه لا يمكن أن يتيسر لك أن تعمل إلا وفق ما أنت عليه.. فالمواجهة سيرة وتربية طويلة. فإن احتمال الأذى من الناس، وكف الأذى عنهم لا يكون إلا بمعرفة الحكمة من ذلك. فالمواجه لا يرى أعداءه في الخارج، وإنما يستدل بما في الخارج على أعدائه في داخله..
    2- مواجهة أقل من ذلك.. يعمل جاهداً على نشر الفكرة بسمته وقوله ويحاول أن يتحمل الأذى، وقد يرتد فيرد الأذى، دون تدبير منه مبيت، ثم هو غير راضٍ عن نفسه بعد ذلك.
    3- مواجهة أقل الدرجات.. يحاول جهده نشر الفكرة وحين يعجز عن المواجهة لاعتبارات عنده هو.. فهو إن كان في مجلس أو اجتماع أثير فيه هذا الموضوع لا يملك إلا أن ينصرف لأنه لا يملك أن يفعل أكثر من ذلك، وهو بعد غير راضٍ عن نفسه ولا حاله.
    هناك سلوك الفكرة الجمهورية منه براء، وهو سلوك من يجعل من الفكرة موضوعاً للأنس وتزجية الفراغ، بروح من الهزار والمداعبة.. فهو إن طعن في الفكرة بروح الهزار والنكتة، تضاحك.. هذا السلوك الفكرة الجمهورية منه براء.
    إن آيتك اليوم هي تمام آيتك بالأمس وهي.. " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل، لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، والله ذو فضل عظيم" هذه هي آية المواجهة في المرحلة الثانية.. فانظر في داخلك لتستدل بما في الخارج على ما في الداخل.. وليكن خروجك من إرادته إلى رضوانه، اليوم، هو تتويج خروجك من إرادتك إلى إرادته أمس وما التوفيق إلا من عنده، فإنه نعم المولى ونعم النصير.))


    أرجو التركيز على العبارة التي تحتها خط فهذه العبارة تعني أنه قد يجيء الوقت لمعارضة نظام مايو إذا انحرف عن المسار الذي على أساسه برر الجمهوريون تأييدهم له، وذلك هو مسألة "إسلامية الحكم" بالفهم السلفي.. وأنا أعتبر أن اهتمام الأستاذ بالتوعية، هو نوع من المواجهة، بل إنها المواجهة في القمة التي وردت في التعريفات بعاليه.. وهذا ما فعله الأستاذ والجمهوريون طوال فترة مايو.. وأنا أميل إلى التقسيم الذي ابتكره الدكتور منصور خالد للعهد المايوي، إذ قسّمه إلى أربع حقب.. الحقبة الأولى من 1969 إلى 1972.. والثانية من 1972 حتى 1976 والثالثة من 1976 حتى 1983 والرابعة من 1983 حتى 1985.. وسأحاول أن أبيّن مواجهة الجمهوريين لواجبهم المباشر في كل حقبة من هذه الحقب..

    في الحقبة الأولى امتثل الجمهوريون إلى قرار حل حزبهم ضمن الأحزاب التي تم حلها، ولكنهم اختاروا لكيانهم إسماً جديدا يعملون تحته هو "الأخوان الجمهوريون"، وفيما بعد اختاروا اسما جديداً لدعوتهم هو "الدعوة الإسلامية الجديدة"، واستمروا في إصدار كتبهم وكثفوا من حملات توزيع الكتب، وقد صدر في هذه الفترة سبعة من الكتب الرئيسية هي: "لا إله إلا الله" [24 مايو 1969] وقد جاء في مقدمته حديث عن ضرورة عودة ثورة أكتوبر على المستوى الفكري، وكتاب "أسئلة وأجوبة الجزء الأول" [يناير 1970] وكتاب"خطوة نحو الزواج في الإسلام" [يناير 1971] وكتاب "القرآن ومصطفى محمود والفهم العصري" [يناير 1971]، وكتاب "أسئلة وأجوبة الجزء الثاني" [نوفمبر 1971]، وكتاب "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" [ديسمبر 1971]، وكتاب "الثورة الثقافية" [مايو 1972] وكتاب "تعلموا كيف تصلون" [مايو 1972].. وعندما تبين للسلطات أن الجمهوريين قوم يلتزمون بالقانون ويهتمون بالفكر والدعوة السلمية لفكرهم سمحوا لهم بإقامة محاضرات، فعاد الأستاذ محمود إلى رحلاته الطائفة بمدن السودان، وسطه وشماله وشرقه وغربه، وكانت عودة المحاضرات في أوائل عام 1972 حول موضوعات مثل "تطوير شريعة الأحوال الشخصية" "الثورة الثقافية" "تعلموا كيف تصلون" بجانب الموضوعات الفكرية القديمة، بعيدا عن الموضوعات ذات الصبغة السياسية المباشرة التي اتسمت بها المحاضرات قبيل مجيء مايو..
    وكما نعلم، فقد تعرض النظام المايوي، في هذه الحقبة الأولى، لمحاولتين لتقويضه، الأولى هي تحالف الأنصار بقيادة الإمام الهادي المهدي والأخوان المسلمين وبعض الاتحاديين بزعامة الشريف حسين الهندي في مارس 1970 والتي انتهت بأحداث الجزيرة أبا وودنوباوي المأساويتين، والثانية محاولة إنقلاب 19 يوليو 1971 الذي قاده ثلاثة من الشيوعيين في مجلس قيادة الثورة هم فاروق عثمان حمد الله، بابكر النور، وهاشم العطا، وانتهى بصورة مأساوية عنيفة أيضا.. ربما يلوم بعض الناس الأستاذ محمود والجمهوريين لاستمرارهم في تأييد نظام مايو حتى بعد أن قام بمواجهة هاتين المحاولتين وقمعهما بعنف.. في تقديري أن الخطأ الذي يقع فيه هؤلاء هو أنهم يعتبرون الجمهوريين مشاركين لنظام مايو، بينما الحقيقة تقول بأنهم ليسوا كذلك، ولكنهم مؤيدون لسياساته التي أعلنها ونفذ بعضها، ووعد بالسير في تنفيذ البعض الآخر.. فحكومة مايو ليست الحكومة المثالية، ولا الجمهوريون يرونها كذلك.. ولأنهم يرون أن دورهم يتمثل في نشر الوعي فقد حاولوا التمسك بما يمكنهم من ذلك برغم الصعوبات.. أول تلك الصعوبات جاءت في الفترة التالية وهي من 1972 إلى 1976.. كان الجمهوريون يعلمون أن السلفيين سيحاولون احتواء نظام مايو، أو، على الأقل، التأثير عليه لتبني بعض طروحاتهم، خاصة وأن هؤلاء كانوا من أوائل الذين أيدوا نظام مايو، برغم أنه قوّض الدستور الإسلامي الذي كانوا يقفون وراء محاولات فرضه أيام الحكومات الحزبية.. يخبرنا الدكتور منصور خالد في كتابه "النخبة السودانية وإدمان الفشل" الجزء الأول ما يلي:

    جاء نظام مايو ليرفع رايات عديدة، ليس من بينها راية "الدستور الإسلامي" أو تطبيق شرع الله حسب فهم "العلماء" لذينك الأمرين، فما الذي فعلته المؤسسة الدينية "وعلماؤها" مع تلك "الثورة" التي كان عمادها هم من أسماهم أولئك العلماء بالملاحدة والعلمانيين؟ أولئك "العلماء" لم يكونوا فقط على رأس من بادر إلى مباركة النظام الجديد، بل ذهبوا يجتهدون للنظام المايوي الاشتراكي نسباً في الإسلام. ففي الثاني من يونيو 1969 بعثت هيئة علماء السودان برسالة إلى مجلس قيادة الثورة وقعها أمين عام هيئة علماء السودان (محمد مالك القاضي) ونشرت على الناس في صبيحة اليوم التالي [هامش: الرأي العام 30 يونيو 1969] تدين العهد الذي سبق الانقلاب، وتفتي بأن كل ما نادت به "الثورة" هو مما يحض عليه الإسلام. تقول الرسالة ـ الفتوى:
    "لا شك أن كل مخلص في هذا البلد كان يتذوق مرارة الألم لما وصلت إليه هذه البلاد في العهود السابقة من تدهور في الأخلاق وفساد مستمر مؤلم في كل مرافق الدولة. وكان يترقب أن يرى من يأخذ بيد البلاد حتى تتبوأ المكان اللائق بها بين الأمم الإسلامية والعربية وحتى يطمئن المخلصون على سلامة شخصية السودان في الخارج والداخل. والآن وقد قام الجيش بثورة على الأوضاع الفاسدة، ورفع لواء الإصلاح بيان السيد رئيس مجلس الثورة ورئيس مجلس الوزراء فقد تبين لجماعة علماء السودان أن الثورة تهدف إلى تحقيق العدالة، ومحاربة الفساد والرشوة والمحسوبية وتحقيق التكافؤ الاجتماعي ونشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة وكل ذلك مما يدعو إليه الإسلام في إطار من المحب والسلام".

    انتهى..
    ويخبرنا نفس الكتاب في موضع آخر تأييد هؤلاء "العلماء" للنظام بعد قمعه لحركة الجزيرة أبا بقيادة الإمام الهادي وأنصاره والأخوان المسلمين والشريف الهندي.. يقول الدكتور منصور:

    ونتحدث هنا، مرة أخرى عن "رجال الدين" بدءاً بالعلماء، وعلى وجه الخصوص "علماء" معهد أمدرمان العلمي. [الجامعة الإسلامية لاحقاً] أصدر "العلماء" الأجلاء في صبيحة يوم الجمعة الثالث من أبريل 1970 بيانا وجهوه إلى شعب السودان المسلم ليس فقط لإدانة "المؤامرة" التي أصبحت في تعبير أولئك العلماء "بغياً" ينهى عنه كتاب الله، بل للتأكيد أيضاً على أن الوقوف بجانب "ثورة مايو" هو "واجب ديني". بدأ البيان بالقول "لقد أطلت الفتنة برأسها متدثرة بثوب الإسلام تحركها قوى الشر والفساد ضد مكاسب هذه الأمة المتمثلة في ثورتها الهادفة إلى تحقيق العدل والحرية في كل شبر من أرض هذا الوطن الحبيب. فكونوا على حذر تام من المتاجرين باسم الدين وتذكروا أن الإسلام في حقيقته ثورة على كل نوع من أنواع الفساد ودعوة جادة إلى كل نوع من أنواع الإصلاح. فكل ثورة ضد أي فساد فردي أو جماعي تدخل تلقائيا تحت مبادئ وأهداف الإسلام الخالدة وكذلك كل دعوة للإصلاح فردي أو جماعي .... وعليه يكون كل أمر يجلب مصلحة فردية أو جماعية هو حكم إسلامي يجب شرعا تحقيقه وكذلك أيضا كل أمر يدرأ مفسدة عن الفرد أو الجماعة.. ولما كانت التشريعات الإسلامية لا تخرج أيضا في عمومها عن منطوق ومفهوم قوله تعالى "إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكّرون" وأن مبادئ وأهداف ثورة الخامس والعشرين من مايو الظافرة التي أعلنتها على لسان قائدها السيد الرئيس اللواء أركان حرب جعفر محمد نميري لا تخرج عن منطوق ومفهوم أمر الله تعالى ونهيه الواردين في هذه الآية لزم على كل مواطن مسلم تأييدها وحمايتها. فيجب من هنا أن يدرك الشعب المسلم حقيقة دينية واحدة وتلك الحقيقة هي: أولا أن الوقوف بجانب العدل واجب على كل مسلم ومسلمة فهو بذلك أمر ديني لازم. ثانيا الوقوف ضد الثورة وقوف ضد العدل الذي أمر الله به وهو أيضا وقوف بجانب البغي (الظلم) ووقوف بجانب الفحشاء والمنكر وذلك خروج عن أمر الله". واختتم البيان بنداء للشعب يحثه على اليقظة: "كونوا على أتم اليقظة وأشد الحذر من أولئك المتاجرين بالدين بغرض فرض سيطرتهم وسلطانهم المادي والروحي عليكم مستغلين في ذلك عواطفكم نحو دينكم" [هامش: الأيام الجمعة 3 أبريل 1970]
    لم يمض نهاران على ذلك البيان الذي أفتى فيه "العلماء" بأن "ثورة مايو" هي تفسير لمفهوم ومنطوق أمر الله تعالى ضد البغي والمنكر حتى أصدر الشيخ عمر أحمد عبد الرحيم الخواض قاضي قضاة السودان توجيها للعلماء وأئمة المساجد استفتحه بقوله تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة". وقد أفتى قاضي القضاة بأن الإسلام حماية للمجتمع وصيانة للمودة بين أفراده لم يجعل في أحكامه حكما يساوي الكفر والشرك إلا الاعتداء على المسلم: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها". وهكذا تساوى "جهاد" الإمام الهادي "والأخوان المسلمين، ضد "الإلحاد والشيوعية" مع الكفر في رأي علماء الدين..

    انتهى
    مع أن الجمهوريين كانوا يؤيدون نظام مايو إلا أنهم لم يعرف عنهم كتابة مثل هذه البيانات والفتاوى المتهافتة.. وفي نفس الوقت كانوا يدركون جيداً أنه ليس هناك أي شئ يعصم نظام مايو من أن يتأثر بفكر السلفيين.. كان الجمهوريون يتوقعون لجوء السلفيين إلى التآمر والكيد ضدهم لأنهم لا يستطيعون المواجهة الفكرية في ميادين الفكر التي يحسنها الأستاذ محمود.. وبالفعل استطاع السلفيون من العلماء والأئمة والوعاظ ومدرسي الدين، خاصة من الأخوان المسلمين، الوصول إلى بعض الوزارات في حكومة مايو، مثل وزارة الشئون الدينية وديوان النائب العام، حيث كانت للجمهوريين معهم مواجهات، يمكن لأي قارئ للوثائق أن يفهم أنها كانت مواجهة لسلطة مايو في مستوى من المستويات، ولكنها مواجهة القصد منها تعليم المسئولين والشعب، وسيأتي تفصيلها لاحقا..

    الجدير بالذكر أن مصر، منذ تولي الرئيس السادات، بدأت بالتخلص من الهيمنة السوفيتية، وكان من الطبيعي أن ينتهز الإسلاميون هذه الفرصة لاحتواء نظام السادات، خاصة بعد حرب أكتوبر 1973، فوصفوه بالرئيس "المؤمن"، وكان لهذا الأمر تأثيره على السودان بطبيعة الحال.. وكان من نتائج تأثير هؤلاء السلفيين على سلطة مايو أن تعرضت محاضرة للاستاذ محمود بنادي الخريجين بمدني في عام 1974 إلى هجوم بالقنابل المسيلة للدموع، وهي محاضرة مصدقة بإذن من السلطات المختصة.. وفي نهايات نفس العام مُنِعَ الأستاذ محمود من تقديم المحاضرات العامة.. ثم أصدرت وزارة الشئون الدينية منشورا لجميع المساجد تمنع فيه الجمهوريين من التحدث من منابر المساجد.. وعندئذ قرر الجمهوريون تكثيف كتابة الكتب، بواسطة نظام الشمعة والرونيو، وتوزيعها على الجمهور وعلى المسئولين أيضا.. سأحاول أن أنقل من كتب الجمهوريين وثائق تبين مواجهتهم لسلطة مايو ممثلة في وزارة الشئون الدينية..

    كانت آخر محاضرة مسموح بها للأستاذ محمود قد أقيمت في أكتوبر عام 1974 في مباني الجامعة الإسلامية وكانت بعنوان "الدين والتنمية الاجتماعية"، وقد خرج بها كتاب، بنفس العنوان، ينقلها من الشريط إلى الورق مباشرة بعد أن كُتبت لها مقدمة باللغة الفصحى.. وكان مما جاء في تلك المقدمة انتقاد الأستاذ لسلطة مايو لركونها لوزارة الشئون الدينية في عبارات واضحة، فأرجو قراءتها هنا:

    هذا وإننا قد أخرجنا في الثورة الثقافية، والثورة الفكرية، كتاباً مفصلاً بإسم: "الثورة الثفافية".. ولقد وكدنا مراراً أن "الثورة الثقافية" و"الثورة الفكرية" ليس في السودان وحده، وإنما في العالم أجمع، لا يمكن أن تقوم إلا على بعث الكلمة: "لا إله إلا الله"، بعثاً قوياً، يعيد لها الحياة، ويجعلها خلاقة، ومؤثرة على أخلاق الرجال، والنساء، والصبيان.. ذلك بأن الأزمة الإنسانية الحاضرة، في جميع أنحاء الكوكب، إنما هي أزمة أخلاق.. وكل حديث عن التنمية الإقتصادية، والسياسية، والإجتماعية، بدون إعتبار الأخلاق الفردية، إنما هي محاولة مقضى عليها بالهزيمة والفشل قبل البداية..
    والذي نراه اليوم أن العهد الحاضر يجاري وضعاً دينياً متخلفاً يتمثل في "أمانة الشئون الدينية".. هذا الوضع هو، في حد ذاته، عقبة في سبيل البعث الديني، وفي سبيل عودة: "لا إله إلا الله" لتكون خلاقة في صدور الرجال، والنساء، والصبيان..
    إن الثورة الفكرية متخلفة اليوم تخلفاً مزرياً، وكل هذا التخلف إنما مرده إلى الجهل بالدين الذي تمثله هذه الأمانة التي تصرف الدولة عليها أموالاً طائلة، فلكأننا نحن نصرف أموالنا لتمكين الجهل من شعبنا، وهذا وضع جد مؤسف، ويجب الإقلاع عنه، والأخذ، وبدون إضاعة وقت، "بالثورة الثقافية"، و"الثورة الفكرية"، التي تقدمها "الدعوة الإسلامية الجديدة".. إن هذا أمر لا مفر منه، ولا معدى، وإنه لا بد كائن، فهو حتمي الصيرورة، فإن الله تبارك وتعالى يقول: (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.. وكفى بالله شهيداً!!" .. جاء وقت الحق، فما يبدئ الباطل وما يعيد.. "جاء الحق، وزهق الباطل.. إن الباطل كان زهوقا"..

    انتهى..
    أما الجمهوريون فقد تواصلت حركتهم برغم هذه العوائق وأصبحوا يواجهون فيها هؤلاء السلفيين داخل السودان وخارجه.. ففي ديسمبر من عام 1974 أخرجو كتابا من إعداد خمسة من الجمهوريين هم: بتول مختار، إبراهيم مكي، أسماء محمود محمد طه، عصام عبد الرحمن وعوض الكريم موسى سأنقل منه بعض الفقرات التي توثق لهذه المواجهات:
    المقدمة
    هذا مقدمة كتابنا الذى اخترنا له اسم ((الميزان بين محمود محمد طه والأمانة العامة للشئون الدينية والأوقاف)) هادفين من ورائه الى كشف الاتجاهات الرجعية التى بدات تسيطر على بعض الأجهزة الرسمية فى بلادنا..
    قصة هذا الكتاب:
    وقع فى أيدينا، قبل أيام قليلة، منشور من عدة صفحات، كتبه السيد أحمد البيلى، مدير مصلحة الدراسات الدينية، بالأمانة العامة للشئون الدينية، فى شهر يوليو من هذا العام.. ولقد استهدف المنشور، على حد زعم كاتبه ((تقويم وتقييم)) الفكرة الجمهورية التى اطلع على تسع وثائق من كتبها.. وبكل الأسف جاء ذلك المنشور خاليا تماما من الفكرة الجمهورية، وحاويا لاتهامات جاهلة، ومغرضة، ما كان يمكن أن تقوم عند كاتب الشئون الدينية لو قد اطلع على كتب ((الدعوة الاسلامية الجديدة)) التى زعم أن منها وثائق بين يديه، اللهم الا اذا قلنا أن غرضه المبيت للنيل من هذه الدعوة أعماه عن الفهم، وعن المسئولية، ليمكننا الله منه، ومن أمانته العامة التى كلفته بمهمة هذا التقرير..
    قال السيد البيلى لمندوبنا اليه: أن الأمانة العامة للشئون الدينية هى التى كلفته بكتابة هذا التقرير بناء على طلب السيد رئيس الجمهورية!! ولو جاز هذا القول، فمن أين للسيد أحمد البيلى، ولأمانته العامة للشئون الدينية، الحق فى توزيع المنشور على نطاق أقاليم السودان، ما دامت الحكومة لم تصدر رأيا فى أمره، أو تأمر بتوزيعه الى الآن؟؟
    حقيقة الأمر أن هذا المنشور لا يشرف أحدا، مهما كان حظه من العلم، أو الدين، ذلك أنه جاء مفارقا لهما تمام المفارقة، كما دلل على أن بعض أجهزتنا الرسمية أصبحت مطية لأهواء بعض الطامعين من خفاف الأحلام الذين لا يرعون لهذا الشعب حرمة، أو كرامة.. فمن أجل احقاق الحق، ومن أجل حماية هذا الشعب الطيب، الكريم، وصونا لحرمته، وكرامته، رأينا اصدار هذا الكتاب، ليكون نذيرا عريانا للغافلين، ودرعا واقيا يتحصن به الشعب من الجهل، ويتسامى به للمعرفة والعلم، فيحمل قضيته بين يديه..


    ويمضي الكتاب في موضع آخر تحت عنوان جانبي "محكمة الردة" ليقول:
    محكمة الردة:
    من الأدلة القاطعة على فساد التقرير الذى رفعه السيد أحمد البيلى، مطالبته بتنفيذ حكم محكمة الردة، وهو بذلك يكشف قناعه، ويحدد شخصيته، ويدلل على مستواه العلمى، والثقافى.. فليعلم، اذن، ولتعلم أمانة الشئون الدينية، أن محكمة الردة ليست محكمة بالمعنى المفهوم عن المحاكم.. وانما هى مؤامرة دبرت بليل، ونفذت بمن يسمون ((برجال الدين))، الذين عرفوا دائما بتنفيذ هوى الحكام، مهما كان حظ ذلك الهوى من مخالفة الدين، كل ذلك يهون فى سبيل المحافظة على دنياهم.. وكاتب التقرير يعلم أن السبب الحقيقى لمحكمة الردة هو انزعاج السلطة الحاكمة، يومئذ، ومن ورائها أدواتها من الطائفية والأخوان المسلمين، حين نهض الجمهوريون يعملون عملا واضحا، ومشهودا، فى معارضة ما أسموه ((الدستور الاسلامي))، وما أسميناه ((الدستور الاسلامي المزيف))، خوف أن يلتحف قداسة الدين، فيزهق الحريات، ويحارب كل تقدم باسم ((الدين))، فيكبل الشعب بقيود الجهالة، والخرافة، مما يعطى الطائفية الفرصة الذهبية لبسط سلطانها على الشعب.. ولكن الله سلم.. ولن يسلم الله هذا الشعب لجلاديه ومضلليه.. هذه ثقتنا فيه حيث قلنا فى كتابنا ((زعيم جبهة الميثاق الاسلامي فى ميزان الثقافة الغربية والاسلام)) ما نصه: ((وقد بدأ يظهر لنا الخطر الحقيقي الذي تتعرض له هذه البلاد من وضع دستور قاصر من جميع الوجوه يدعي لنفسه شمول ، وإحاطة ، وكفاية الدستور الإسلامي .. وقداسته أيضاً..ولكن الله لن يخلي بين هذا البلد وبين مضلليه ، فقد عوده الخير دائما، وسيصل عادته إن شاء الله ))..
    هذا هو سر محكمة الردة مؤيدا بالمستندات الرسمية فى مكاتب الدولة.. فما رأى السيد البيلى، ومن ورائه الشئون الدينية؟؟.. هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى، فان محكمة الردة محكمة غير دستورية، لا يقرها دستور السودان المؤقت يومذاك، كما لا يقرها دستوره القائم الآن، لأنها تناقض، وتصادر نصوص حرية الاعتقاد، والتعبير، المكفولة فى كليهما.. ثم هى، بعد ذلك كله، قبلت اتهامات من مدعيين كاذبين، ولم ترجع لنصوص الكتب موضوع الدعوة لتباشر مسئوليتها فى تحرى العدالة، واحقاق الحق، ان كان للحق فى عرفها حرمة.. ثم هى قبلت شهادة شاهد قال: ((فى رأيى كذا وكذا..)) مما سيرد تفصيله فى مكانه من متن هذا الكتاب، الذى نحن بصدد تقديمه للقراء.

    .. ثم كلمة أخيرة:
    وقبل أن نختم هذه المقدمة، نحب أن نؤكد للقراء الكرام أن تقرير السيد أحمد البيلى جاء متهافتا، فلا قيمة له ولا خطر.. وأننا ما كنا لنحفل به، على المستوى الذى ترون، لولا أنه جاء يحمل اسم مصلحة الدراسات الدينية، حيث أنه، بهذه الصفة، يمثل أمانة الشئون الدينية، ويتحدث باسمها ويعبر عن سياستها.. فعليها تقع تبعته، ومسئوليته، وهى مسئولية باهظة، ولا ريب.. فنأمل لأمانة الشئون الدينية أن تعى هذا الدرس جيدا..
    وفى الختام.. فها نحن قد وضعنا القضية برمتها بين يدى الشعب السوداني ليحكم لنفسه بنفسه، فما ضاع حق لم ينم عنه أهله..

    انتهى..
    قضية بورتسودان ضد الجمهوريين والأستاذ محمود:
    كان الجمهوريون قد أقاموا معرضا للفكر الجمهوري في مدينة بورتسودان، يشبه معارضهم التي كانوا يقيمونها في الجامعات والمعاهد العليا وتحتوي على معلقات بها كتابة مكبرة مقتطفة من كتب ومنشورات الجمهوريين.. وسأنقل من الكتاب الأول لتلك القضية ما يشرح المسألة للقارئ:

    وقضية بورتسودان هي القضية التي رفعها الشيخ ابراهيم جاد الله قاضي مديرية البحر الأحمر ((دائرة الأحوال الشخصية)) ضد الأخوان الجمهوريين المسئولين عن معرض الفكر الذي أقيم بنادي الخريجين ببورتسودان في أبريل 1974 ثم أضيف الأستاذ محمود محمد طه إلى البلاغ موضوع الإتهام .. والتهمة الموجهة إلينا هي إساءة القضاء الشرعي، وإساءة محكمة الردّة.. ونحن نثق أن ما صدر منّا ضد القضاء الشرعي إنما هو الحق، وإنما هو الصدق، وهو عندنا رأي عتيد، ولسنا الآن بصدد الدفاع عن أنفسنا فإن لذلك موضعاً آخر، ولكنا في هذه العجالة نحب ان نوكد لشعبنا أننا مواطنون مسئولون لا نقول القول جزافاً، ولا نتحدث بطيش ولكننا نبرر كل ما نأتي وما ندع، تبريراً تاماً..
    انعقدت المحكمة بمدينة بورتسودان في يوم 2/6/75 ، واستمرت حتى 12/6/1975 ، وقد بلغ مجموع جلساتها عشر جلسات، استمعت فيها المحكمة إلى المتحري والشاكي واثنين من شهود الاتهام ..
    ونحن ننقل لشعبنا الكريم ما دار في تلك الجلسات ((دون تعليق)). وكما هو معلوم فإن مبدأ علنية المحاكم ونشر ما يدور فيها هو مبدأ قانوني راسخ ومعترف به على نطاق العالم أجمع.
    ونحن نرى في هذا النشر توعية للمواطنين، وتعميماً للثقافة القانونية بينهم .. وهذا العمل هو بسبيل من مجهودات الجمهوريين في التربية الشعبية والتي بها يخلق الرأي العام المستنير الذي يحترم القانون الدستوري، ويوقر السلطة الشرعية، ثم هو لا يألو جهداً في البحث عن الحق، وفي التزام الحق ((وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين)) ..

    المصدر:الأخوان الجمهوريون الكتاب الاول (1)
    من سلسلة وقائع

    قضية بورتسودان بين من كانوا يسمون بالقضاة الشرعيين والفكر الجمهوري الطبعة الثانية – شعبان 1395 – أغسطس 1975
    وبما أنني بصدد إعطاء أمثلة لمواجهة الجمهوريين لواجبهم فسوف أبدأ بإهداء الكتاب ومقدمة الطبعة الثانية له فقد جاء بهما ما يوضح ذلك بغير حاجة للشرح فلنقرأ معا:
    الإهداء:-

    ((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً))

    إلى جماهير شعبنا الطيب الحر !!
    إلى طلاب الحق والديمقراطية !!
    إلى رجال القضاء والقانون!!
    الى الأحرار في كل بقاع الأرض !!
    فانه ما من حريةً ترتجى بغير نصرة الحق.
    وباسم الحرية الحقة، والديمقراطية الصحيحة، نهدي هذا الكتيب لجماهير شعبنا لكي يكون منارة لها في طريق كفاحها من أجل حريتها، وعزتها، وكرامتها .. ونحن في منحانا هذا نرى ان الله قد قيض أمر هذه القضية، "قضية بورتسودان" في وقت الناس أحوج ما يكونون إليها فيه ..
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ((فعميت عليهم الانباء يومئذ فهم لا يتساءلون))

    مقدمة الطبعة الثانية
    بعون الله وبتوفيقه نخرج لشعبنا الكريم الطبعة الثانية من كتابنا (سلسلة وقائع قضية بورتسودان) .. لقد نفذت الطبعة الأولى من كتب هذه السلسلة الثمانية في فترة وجيزة، مما يدل على اهتمام شعبنا البالغ بقضايا الفكر، وبقضايا الحرية.
    لقد استقبل الناس على اختلاف أفكارهم كتب هذه السلسلة بحماس دافق ، وباعجاب شديد .. وفي هذا بشارة باقتراب عهد الثورة الفكرية لم نشعر بمثله في أي وقت مضى.
    إن كتب هذه السلسلة كانت تجربة فريدة التقى فيها الفكر بالواقع مما أشعل في العقول روحاً جديداً كاد أن يبرز خصائص شعبنا الأصيل والتي مازال يغطي عليها ركام من دجل المبطلين.
    ان تعظيم القانون، واحترام شأنه، واعطاء أمره ما يستحق من هيبة وتقدير هو قاعدة لكل نهضة مرتقبة ..
    ونحن من جانبنا قد آلينا على أنفسنا تسليح شعبنا بكل اولئك. وعند الله نلتمس العون، ونلتمس التأييد فقد كان عند حسن ظننا أبداً.

    انتهى
    فما هو سبب القضية؟؟ نقرأ من جلسة المحكمة الافتتاحية التي تم توثيقها في هذا الكتاب ما يوضح ذلك توضيحا ممتازاً:
    الجلسة الأولى
    الاثنين 2/6/1975

    اسم القاضي : السيد عثمان مكي
    اسم الشاكي : ابراهيم جاد الله ((قاضي مديرية البحر الأحمر دائرة الأحوال الشخصية))
    محامي الدفاع : الأستاذ أحمد سليمان دفع السيد ((عن خيري وهلاوي))
    ممثل الاتهام : الاستاذ عثمان أحمد عبد الهادي (المحامي)
    المتهمون : (1) بدرالدين يوسف السيمت
    (2) بكري الحاج عبد الله
    (3) خيري أحمد خيري
    (4) عبدالرحيم هلاوي
    (5) أحمد مصطفى دالي
    (6) الأستاذ محمود محمد طه
    بدأت الجلسة في تمام الساعة 11 صباحاً. القاضي يسأل عن مكان السكن والوظيفة والعمل لكل من المتهمين ..

    خطبة الإتهام الإفتتاحية
    ممثل الإتهام: في هذه القضية التي نمثل بها أمام سيادتكم نجد أن القضاء، ممثلاً في أحد شقيه وهو القضاء الشرعي، قد هوجم عدة مرات من المتهمين، ومن الحزب الجمهوري أو دعوته الجديدة، وأكالوا القذف والسباب للقضاة الشرعيين وحطوا من قدرهم على أعين الناس رغم السماحة والصبر الذي تحلينا به، ولما نفذ صبرنا تقدمنا بهذه القضية، ممثلين في الهيئة الشرعية بمدينة بورتسودان، وعلى رأسهم السيد قاضي المديرية. إن الشعب السوداني قد جبل على احترام الحريات، وجبل على احترام القضاة الشرعيين، والآن، وأمام سيادتكم، سيكون الفيصل والخاتمة لنهاية هذا الطعن الذي أدمى القضاء ممثلاً في شقه الشرعي ..

    شاهد الاتهام الأول: المتحري الضابط أبوعبيدة الخير بادي، بعد أن أدى القسم ، يقرأ من يومية التحري: بتاريخ 26/4/74 وصل بلاغ لنقطة بوليس المدينة بناء على عريضة مقدمة من الشاكي إبراهيم أحمد جاد الله ، جاء فيها: (إن المتهم بكري الحاج عبد الله وآخرين أقاموا معرض كتاب بنادي الخريجين وأن من بين معلقات المعرض مقالات تتعرض للهيئة القضائية ممثلة في القضاة الشرعيين بالقذف والسباب .. اتخذنا التحري في هذا البلاغ واتضح انه بتاريخ 20/4/74 أقيم معرض بنادي الخريجين في بورتسودان سمي معرض الكتاب الجمهوري عرضت فيه كتب ومؤلفات للمتهم محمود محمد طه كما عرضت بداخل المعرض معلقات ومقتطفات من تلك الكتب من بينها ثلاث مقالات المعروضة أمام المحكمة، كانت تحمل العناوين التالية:-
    (1) مهزلة محكمة الردّة (2) مهزلة القضاة الشرعيين (3) محكمة الردّة ما قبلها وما بعدها، ((سلمت صورة المعلقات للقاضي وكذلك المعلقات نفسها))
    القاضي يسأل : من الذي صور هذه المعلقات؟
    المتحري : صورناها نحن .. هذه المقالات كانت تحوي قذفاً صريحاً ضد القضاة الشرعيين حسب ما جاء في رواية الشاكي وفي المقالة بعنوان (محكمة الردّة ما قبلها وما بعدها وردت العبارات التالية: ((نحن نريد أن تمتد يد التغيير الى إزالة القضاة الشرعيين من القضاء وبالرغم من التكوين الجديد للمحاكم وتحويل المحاكم الشرعية إلى دوائر للأحوال الشخصية فنحن نريد أكثر من ذلك، نريد أن تسحب السلطة من القضاة الشرعيين فانهم أذل من أن يؤتمنوا على الأحوال الشخصية، لانها أخص وأدق القوانين لارتباطها بحياة الأزواج والزوجات والاطفال، وفي كلمة واحدة – العِرض )) .. وفي المقالة بعنوان (( مهزلة القضاة الشرعيين)) وردت العبارات التالية: ((أما امركم لي بالتوبة عن جميع أقوالي، فإنكم أذل، وأخس من أن تطمعوا فيّ . وأما اعلانكم ردتي عن الاسلام فما أعلنتم به غير جهلكم الشنيع بالاسلام، وسيرى الشعب ذلك مفصلاً في حينه.. هل تريدون الحق أيها القضاة الشرعيون ؟؟ اذن فاسمعوا !! انكم آخر من يتحدث عن الاسلام، فقد أفنيتم شبابكم بالتمسح بأعتاب السلطة من الحكام الانجليز، والحكام العسكريين، فأريحوا الاسلام، وأريحوا الناس من هذه الغثاثة)).. كما جاء في تلك المقالة العبارات التالية: ((متى عرف القضاة الشرعيون رجولة الرجال وعزة الأحرار وصمود أصحاب الأفكار؟ ان القضاة الشرعيين لا يعرفون حقيقة أنفسهم، وقد يكون من مصلحتهم ومصلحة هذا البلد الذي نعزه، ومن مصلحة الدعوة التي نفديها أن نتطوع نحن ونوظف أقلامنا ومنبرنا لكشف هذه الحقيقة لشعبنا العزيز)) .. وفي المقالة بعنوان ((مهزلة محكمة الردة)) وردت العبارات التالية : فهي ((يقصد المحاكم الشرعية)) في حقيقة أمرها محاكم مِلّية لأصحاب المِلّة المقهورة بالحكم الاستعماري كونت عام 1902 بمنشور من الحاكم العام البريطاني وحددت اختصاصاتها في الأحوال الشخصية من طلاق وزواج ونفقة ويملك الحاكم العام نقض أي حكم من احكامها كما حدث عدة مرات)) .. هذه المقالات الثلاث كانت معلقة في غرفة المعرض. من التحري عرف أن ذلك المعرض أشرف على ادارته المتهم بدر الدين يوسف السيمت، والمتهم بكري الحاج عبدالله، يعاونهما المتهم خيري احمد خيري والمتهم عبدالرحيم زين العابدين هلاوي والمتهم احمد مصطفي دالي. اتضح من التحري أن المعلقات معروضات هذا البلاغ أحضرها كل من المتهمين عبدالرحيم هلاوي، وأحمد مصطفى دالي من الخرطوم واتضح ان هؤلاء المتهمين جميعهم من اتباع جماعة الدعوة الاسلامية الجديدة التي ينادي بها المتهم محمود محمد طه وقد احضرت هذه المقالات وتم إقامة المعرض بتوجيه من المتهم محمود محمد طه وهو المسئول عن تلك المعلقات إذ أنها مقتطفات من مؤلفاته وكتبه، وذلك حسب رواية اولئك المتهمين .. هذا المعرض أقيم بتصديق من السيد المحافظ استمر لمدة سبعة أيام من 20/4/74 حتى 26/4/74 .. وقد وافقت لجنة نادي الخريجين ببورتسودان على إقامة المعرض بمباني النادي بناء على طلب قدم من المتهم الأول بدرالدين يوسف السيمت والمتهم الثاني بكري الحاج عبدالله وقد خصصت إحدى غرف النادي لذلك المعرض، كما نظمت دعاية له بمدينة بورتسودان.


    المتهمون يقرّون بالتهمة.
    المتهم الأول: بدرالدين يوسف السيمت أقواله على صفحتي 27 – 28 من يومية التحري (يقرأ أقوال بدرالدين) ..
    المتهم الثاني: بكري الحاج عبدالله أقواله على صفحتي 2 – 3 من يومية التحري (يقرأ أقوال بكري) .
    المتهم الثالث: خيري أحمد خيري أقواله على صفحتي 20-21 من يومية التحري (يقرأ أقوال خيري)
    المتهم الرابع: عبدالرحيم هلاوي أقواله على صفحتي 4 – 5 من يومية التحري (يقرأ أقوال عبدالرحيم هلاوي)
    المتهم الخامس: أحمد مصطفى دالي أقواله على صفحتي 5 – 6 من يومية التحري (يقرأ أقوال أحمد مصطفى دالي)
    المتهم السادس: محمود محمد طه أستجوب على صفحة 25 من اليومية (يقرأ أقوال الأستاذ)

    ((أقّر جميع المتهمين بأقوالهم وهي في إتجاه تحملهم مسئولية كل ما ورد ضد القضاء الشرعي الذي هو رأيهم المبدئي الثابت الذي يتشرّفون بحمله. كما جاء ذلك في أقوال الأستاذ محمود محمد طه)) .. فتح البلاغ تحت المادة 437 عقوبات.

    انتهى..
    وقد استمرت المحكمة وعقدت عشر جلسات وتأجلت إلى يوم 11 أكتوبر 1975.. وقد استغل الجمهوريون هذه القضية استغلالا ممتازا في نشر الوعي فكتبوا وقائع جلساتها في سلسلة من ثمانية كتب كانت تكتب على الشمعة وتطبع بالرونيو وتوزع على الجمهور.. وقد انزعج السلفيون لهذا الأمر فقام النائب العام بالتدخل في القضية وأدخل مواد جديدة لاتهام الأستاذ محمود والجمهوريين بها.. وقد أخرج الجمهوريون كتابا أسمه "النائب العام والتدخل في قضية بورتسودان" طبع في أغسطس من نفس العام 1975 وسأنقل منه ما يوضح المسائل بصورة لا تحتاج لمزيد من الشرح، فلنقرأ:
    المقدّمة:-
    نمي إلي علمنا أن النائب العـام قد كلّف وكيل نيابة البحر الأحمـر بتمثيل الإتهـام في قضية بورتسودان الشهيرة المقامة ضد الأسـتاذ محمود محمد طه وعدد من الأخوان الجمهوريين، كما أنه قد طلب منه إضـافة مادتين جديدتين للبلاغ موضوع القضية، والمادتان هما "105 ، 106" من قـانون عقوبات السودان..
    تنص المادة "105" على ما يأتي: " كل من يقوم، أو يشرع في القيام بأي فعل يؤدي، أو يٌحتمل أن يؤدي، إلى إثارة معارضة غير مشروعة للحكومة، أو لإثارة شعور الكراهية، أو الإحتقار ضد الدولة، أو ضد اي من مؤسساتها الدستورية، أو هيئاتها الإدارية، أو الأجهزة السياسية في الدولة، يعاقب بالسجن مدّة لاتتجاوز ثلاث سنوات، أو بالغرامة، او بالعقوبتين معاً"..
    شرح رقم(1) " النقد الموّجه للحكومة، أو التعبير عن عدم الموافقة على عمل من أعمالها، أو سياستها، لايٌعد جريمة بموجب هذه المادة، إذا كان بحسـن نيّة و باسلوب معتدل"..
    شرح رقم (2) " يعد جريمة، طبقاً لهذه المادة، تحريض أي شخص، أو الشروع في تحريضه، لأن يعارض الحكومة بالعنف أو بأي طريق آخر، غير مشروع، في اي عمل، أو سياسة لها، أو ايّة هيئة من الهيئات الدستورية، أو الإدارية، أو الأجهزة السياسية المسندة إليها سلطات تشريعية، أو تنفيذية، أو سياسية، أو أن يتعرَض للحكومة، أو رئيسها، أو هيئاتها أو أجهزتها، باي إهانة، أو سب، أو أن يطبع، أو يوزّع،أو يحتفظ، بأي كتابة ترمي إلي شئ مما ذٌكر".
    أما المادة "106" فإن نصها هو الآتي:- "من عمل على إثارة الكراهية، أو الإحتقار، ضد أية طائفة من الناس في السـودان بكيفية تعرّض الأمن العـام للخطر،يعاقب بالسجن مدّة لا تتجاوز سنتين، أو بالغرامة، أو بالعقوبتين معاً"..
    و الجدير بالذكر أن المحاكمة تحت هاتين المادتين تقتضي إذناً خـاصاً من السيّد رئيس الجمهورية، أو من يفوّضه، كنص المادة (131) من قانون الإجراءات الجنائية..
    إن تدخّل النائب العام بهذه الصورة، وفي هذه المرحلة من سير القضية، وبعد قفل قضيّة الإتهـام، أدخل قضية بورتسودان في منعطف جديد، أعطاها بعداً سياسياً جديداً..
    ولقد قررنا أن نواجهه في مستواه، كما قررنا أيضاً إطلاع شعبنا الكريم على تفاصيل التطورات الجديدة بادئين بهذا المنشور القصير..
    إننا بنشرنا لهذه التفاصيل إنما نبتغي خلق رأي عام مستنير يأتم بحكم القانون الصحيح، وينأى عن مباذل الهوى، ومزالق الغرض.. ولذلك فإننا سنطرح على شعبنا، في هذا الكتيُب الأبعاد الحقيقية للموقف الجديد عن طريق الدراسة العلمية، والموضوعية، مسترشدين بالحوار الهادي الذي نرجو أن تصحح تحت ظله جميع الأخطاء..
    إن عمل النائب العام، وإن كان قد إتخذ طابع الإجراءات القضائية الرسمية، إلا أنّه ينطوي على معاني سياسية لا نظنها تفوت على فطنة القارئ، وذلك للأسباب الآتية:-

    أولاً : إن تمثيل ديوان النائب العام للإتهام يضع الدولة في موقف المدافع عن القضاء الشرعي، ونحن نرى القضاء الشرعي ليس جهازاً قضائياً في لغة القانون، وإنما هو جهاز سياسي وضع نفسه في خدمة الدعوة الدينية السلفية، والأحزاب الطائفية، على طول المدى .. ونحن الجمهوريون لنا منه موقف عتيد، وقديم.. وتاريخ صراعنا معه بدأ منذ فجر الحركة الوطنية.. على هذا الأساس فإن إدخال الدولة كطرف في النزاع بحجّة أن القضاء الشرعي مؤسسة دستورية، أو أي سبب آخر، يضع الدولة كمدافع عن الدعوة السلفية..
    ثانياً: ان أخذ الإذن للمحاكمة من رئيس الجمهورية، وإن كان أمراَ إجرائياً، و شكلياً، إلا أنه، وفي هذا المقام بالذات، يمكن أن يُستغل، وأن يُفسّر بأن السلطة في قمتها، تقف ضد الفكر الجمهورى في قمته..
    ثالثاً: إن إختيار المادتين الجديدتين يضيّق فرص الدفاع أمام الجمهوريين، هذا إن لم نقل أنه يجعل الأفلات من الإدانة أمراً مستحيلاً..
    هذا الوضع يصّور السلطة، والتي يراد لها أن تمثل الإتهام، كصاحبة غرض في إدانة الجمهوريين، وفي حسم الصراع الفكري عن طريق المحاكم..
    رابعا: إن هذا العمل فيه محاولة جديدة لإعطاء محكمة الردة صفة الشرعية، وذلك بإدانة الذين يهاجمونها.. فإن جاز هذا الأمر فإن الدعوة السلفية تكون قد حققت حلماً ظلّ يراودها وقد فشلت في تحقيقه حتي في عهد الأحزاب الطائفية..
    إننا لانحتاج في هذه العجالة أن نوكّد أن محكمة الردة عمل مرفوض شكلاً، وموضوعاً، من الناحية الدستورية، ومن الناحية القانونية.. ومع هذه العيوب الظاهرة فإن الوضع الجديد سيكسبها صفة القانونية التي هي أبعد ما تكون عنها..
    لكل هذه الإعتبارات فإننا نضع الحقائق بين يدي شعبنا الكريم حتي تهزم المحاولة الجديدة في مهدها، وقبل فوات الأوان، وعلى اللّه قصد السبيل..

    قضية بورتسودان
    قضية بورتسودان ، هي القضية التي رفعها الشيخ إبراهيم جاد الله، قاضي مديرية البحر الأحمر (دائرة الأحوال الشخصية) ضد خمسة من الأخوان الجمهوريين، الذين أشرفوا على معرض ((الكتاب الجمهوري))، الذي أقيم بنادي الخريجين ببورتسودان، في أبريل 74، ثم أضيف أخيراً إلي البلاغ موضوع الإتهـام الأستاذ محمود محمد طه.. والتهمة الموّجهة إليهم جميعاً، بموجب ذلك البلاغ، تتعلّق بإشانة سمعة الشاكي، وبصفته قاضياً شرعياً، كما تتعلّق بإساءة محكمة الردة.. وفتح البلاغ تحت المادة 437 عقوبات، والتي تنص على ما يلي:
    ((كل من يرتكب جريمة القذف يعاقب بالسجن مدّة لاتتجاوز سنتين، أو بالغرامة، أو بالعقوبتين معاً)).. هذا وقد ورد تعريف القذف في المادة 436 على النحو التالي:
    (( فيما عدا الإستثناءات فيما بعد، يعد مرتكباً جريمة القذف كل من يسند إلى شخص، أو ينشر عنه واقعة، أو بكلام يجهر به، أو ينقله بأيّة وسيلة إليه، أو يراد أن يقرأه الناس، أو بالإشارات، أو بطرق التعبير المرئية، قاصداً بذلك خدش سمعة ذلك الشخص أو مع علمه، أو وجود مايحمله على الإعتقاد، بأنّ تلك الواقعة قد تخدش سمعته).
    وقد انعقدت المحكمة بمدينة بورتسودان، وكما هو معروف في يوم 2/6/75، و استمرّت حتي أكملت جلساتها العشر في يوم 12/6/1975.. وقد استمعت المحكمة في هذا الاثناء إلى قضيّة الإتهام، وما جري حولها من نقاش المتهمين للشاكي، ولشهوده.. وقد نشرت تفاصيل مادار في تلك القضية بواسطة الأخوان الجمهوريين على أوسع نطاق مكّنتهم منه إمكانياتهم المحدودة على نحو يمكن أن يوصف بأنه عمل على توسيع قاعة المحكمة لتكون مشهودة من قطاعات كبيرة من الشعب السوداني، التي انتظمتها مدن السودان البعيدة وقراه المختلفة..
    وكما هو معلوم أيضاً، فقد أجلت جلسات المحكمة إلى يوم 11/10/75.. وفي هذا الأثناء وعلى اثر النشر الواسع لوقائع القضية التي بصّرت الشعب بالحقائق، كما أكدّت موقف الجمهوريين الثابت في دفاعهم المشروع عن أنفسهم، والذي مكنّتهم منه المادة 437 موضوع البلاغ، بما أتاحت لهم من فرص التبرير الكافية لمواقفهم من قضية الإتهام.. في هذه الأثناء، تحركّت جماعات السلفيين، في بورتسودان، وفي الخرطوم، و في غيرهما، لتحول دون إستمرار القضية على هذا النحو الذي سارت عليه، وعلى نحو يمكن من القضاء على الجمهوريين بغير وسيلة القانون الذي يئسوا منه.. ومن ناحيتنا فقد كنا نعلم بتحركاتهم المريبة ونترقب نتائجها، إلى أن فوجئنا ـ إن صحت العبارة ـ بتدخل ديوان النائب العام في القضية على نحو كنا نربأ به من التردي فيه، و كما سبقت الإشارة في المقدمة قبل قليل.
    ديوان النائب العام
    ومواقفه المتناقضة
    لقد سبق أن طلب ديوان النائب العام أوراق هذه القضية من محكمة بورتسودان قبل ما يزيد عن العام، ثم أعادها موافقا على تقديمها تحت المادة 437 عقوبات.. فما الذي جدّ الآن في ديوان النائب العام، مما اضطره الى تغيير رأيه في القضية لدرجة اقتراح مواد جديدة كان يمكن أن يقترحها منذ البداية؟ ثم أليس من حقنا، على الأقل، أن نتهم ديوان النائب العام بأنه إنما فعل ما فعل من اقتراح المادتين الجديدتين 105 و 106 عقوبات كحيلة قانونية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من سمعة القضاء الشرعى؟؟ لاسيما اذا علمنا أن المادتين المقترحتين لا تمكنان المتهمين من فرص الدفاع عن أنفسهم كما كان الأمر مع المادة 437، بل أكثر من ذلك، تضيقان فرص الدفاع الى الحد الذي يجعل الادانة بهما أمرا مقررا ومفروغا منه.. وكأننا بالنائب العام قد سخّر خبرته القانونية في مجال التضييق على الحريات العامة، ومطاردة الأحرار، وعلى نحو يشبه ما كان عليه الحال أيام الاستعمار، حيث رفعت المادة 105 كسيف مسلط على الرقاب..
    وعليه فنحن، بما نحن عليه من حذر، نتهم ديوان ديوان النائب العام، بالسقوط فريسة لمحاولات التدخل السياسى فى قضية بورتسودان، وتغيير وجهها القانوني لتصبح قضية سياسية، تفضى الى محاكمة الجمهوريين بما يتداعى الى تحريم أفكارهم، ومصادرة كتبهم، تماما كما يطالب بذلك السلفيون، في داخل البلاد، وفى خارجها.. والا فلماذا اختار النائب العام المادتين 105 و106 اللتين تتطلبان الاذن المسبق من رئيس الجمهورية؟؟! ونحن نعلم أن قواعد الاجراءات القضائية تتطلب هذا الاذن!! ولكن أليس فى ذلك توسيع لدائرة القضية يمكن أن يوهم الشعب بالتدخل السياسى في أمر القضاء؟؟ لا سيما اذا جعلنا في اعتبارنا شبهات، وملابسات التحرك السلفى المشهود، والمعلوم لدي مكتب النائب العام، والذى لازم أطوار هذه القضية منذ البداية؟؟
    نحن نعلم أن عددا من قادة السلفيين يحتلون مراكز حساسة في الدولة، وهم، بسبب من عدائهم لدعوتنا الاسلامية الجديدة، يستغلون مناصبهم الرسمية، كما يستغلون اجهزة مؤسساتهم فى الكيد لنا، والنيل منّا، لا لشيء الا لعجزهم عن مواجهتنا في ميادين الفكر، وميادين الحوار.. ولقد استعملنا تحريك القانون في مواجهة أذيالهم بنجاح.. وبما أكسب القانون مكانة سامية في نفوس الكثيرين.. ولكن ما بال النائب العام يريد أن يمحو حسنات القانون بهذا التصرف المريب؟؟ ومما يقوي اتهامنا لديوان النائب العام اننا قد تعرضنا على مرأى منه ومسمع، الى التهديد بقتلنا، والى التحريض علينا، والى استعمال العنف معنا، مرات ومرات، حصل ذلك بكوستى، وحينما حرّض المدعو سعد الدين سالمين جماهير المصلين بمساجد المدينة المختلفة على قتلنا، وكما قد حرّك مالك أمين نابري، مساعد مدير البوليس، أجهزة الأمن لضربنا بنادي الخريجين بمدنى وفي أثناء تقديم الأستاذ محمود محمد طه لمحاضرة شهدها آلاف الرجال، والنساء، والشبّان، ومصدّقة من السلطات المحليّة ذات الإختصاص، فأثار بفعلته المنكرة الرعب في المدينة على أوسع نطاق.. حصل كل ذلك، ومنذ أكثر من عام، ولم يحرّك ديوان النائب العام ساكناً في الدفاع عن حرمة القانون التي انتهكت في وضح النهار.. هذا في الوقت الذي نشط فيه الديوان لتمثيل الإتهام في القضية التي أقيمت ضدنا، بسبب توزيعنا لمنشور بصّرنا فيه الشعب بعيوب، ومخازي، الشئون الدينية، وكما يفعل اليوم لتمثيل الإتهام في قضية بورتسودان رغم مايحتوشها من ملابسات الضغوط السياسية، و التحركات السلفية..

    انتهى..
    وأنا شديد الأسف للنقل المطول، ولكن لا بد من ذلك فإن هذه الوثائق موجودة في كتب غير متوفرة الآن لدى الدارسين والمثقفين، وسيجيء اليوم الذي توضع فيه كل هذه الوثائق على الشبكة ويطلع عليها الناس.. وإليكم هاتين الفقرتين الأخيرتين من الكتاب لأهميتهما في دور الجمهوريين في مواجهة واجبهم:
    المؤامرة من جديد؟
    من غير أدنى شك أن خطر الطائفية، وأذنابها من السلفيين، والأخوان المسلمين، أصبح يهدد أمن هذه البلاد، وسلامتها، على نحو يتزايد كل يوم.. وقد رأينا في كتابنا ((بيننا وبين الشئون الدينية وأساتذتها.. من أزهريين، ومن سعوديين))، كيف أنهم وسّعوا من دائرة نفوذهم حتى استقطبوا الأجانب ليتدخلوا في شئوننا الداخلية، باسم الدين، وتحت ستار حماية الشرع الحنيف..
    والآن نراهم وقد زحفوا أكثر نحو مراكز السلطة تحت شعار محاربة الجمهوريين، وحماية الدين.
    إن تدخل ديوان النائب العام على هذا النحو الذي حصل قد أعطي فرصة ذهبية للسلفيين ليتسللوا منها إلى مراكز نفوذ جديدة، بديوان النائب العام ... وإلا فبماذا نفسّر تدخل النائب العام في قضية بورتسودان، وعلى هذا المستوى الذي ذهب اليه، من تقديمنا للمحاكمة تحت المادة 105 ((اثارة الكراهية ضد الحكومة))، وتحت المادة 106 ((اثارة الكراهية والاحتقار ضد طائفة القضاة الشرعيين، الأمر الذي يجعلنا عرضة للمحاكمة بأيهما على أقل تقدير؟؟ ولكأننا بديوان النائب العام وقد سخّر خبرته للنيل منّا، وهو قد بالغ في ذلك، والا فلماذا لم يكتف بالمادة 105 منفردة؟ أو بالمادة 106 منفردة؟ أوليس من حقنا بعد هذا أن نظن أنه قد قرر محاكمتنا حينما جمع بين المادتين المشئومتين؟ اننا ننظر دائما بحسن نيّة في كل الأمور، ولكن تصرف ديوان النائب العام لم يترك لنا فيه بقية من حسن ظن نحمل عليها.. أليس من المؤسف حقا أن يتردى ديوان النائب العام في متاهات التشويش، والاثارة، التي يفتعلها القضاة الشرعيون ورصفاؤهم ((بالشئون الدينية)) فيكيدوا لنا من داخل جهازه الحساس الذي ننتظره مدافعا عن الحق وشفيعا؟ والا فماذا يعنى تقديم الأستاذ محمود محمد طه وابنائه الجمهوريين للمحاكمة تحت المادة ((105)) اثارة الكراهية ضد الحكومة، وهم الذين دافعوا عن بقائها فى شعبان، وبأكثر مما عملت أجهزتها الرسمية؟ أين كان يومذاك القضاة الشرعيون، وأين كانت الشئون الدينية التي وزعت خطب ((الجهاد)) على منابر البلاد المختلفة، مما كان يمكن أن يغري، ويشجع الخارجين على النظام؟؟ ان أجهزة ((الشئون الدينية)) والقضاء الشرعي، قد برهنت، من خلال حوادث شعبان، وبما لا يدع مجالا للشك عن عدم كفاءتها، وعجزها عن مواكبة الأحداث، لحماية النظام، مما أكد رأينا دائما فى هذه المؤسسات، وكيف أنها من مطايا الطائفيين، وأذيالهم من الأخوان المسلمين، الذين لا هم لهم غير الوصول للسلطة..
    المؤسسات الدينية
    ليست مؤسسات دستورية

    نحب أن نؤكد هنا، وفى غير لبس أو مواربة، أن القضاء الشرعي ليس مؤسسة دستورية بالمعنى الذي به وزارة الداخلية أو وزارة المالية مثلا مؤسسة دستورية، وكذلك الأمر فيما يتعلق ((بالشئون الدينية)) .. فانها مؤسسة دينية وليست مؤسسة دستورية.. ذلك بأنّ تأسيس أجهزة القضاء الشرعي، وأجهزة الشئون الدينية، لم يقم على الأساس الدستورى بقدر ما هو قائم على الاعتبارات الدينية المعينة.. وعلى هذه الاعتبارات الدينية جاء منطلقنا نحن في معارضة هذه الأجهزة التي تتبنى قضية الدين فى غير فهم، وفي غير كفاية، حتى أصبحت تشكّل عقبة أمام عودة الدين الصحيح، فمن أجل عودة الدين الصحيح قامت معارضتنا، وقام نقدنا، لهذه الأجهزة المتخلّفة عن واقع الحياة.. سنظل نوالي هذا النقد الشديد، وهذه المواجهة الحاسمة، لهذه الهياكل الدينية المزيّفة، حتى ينفتح الطريق أمام هذا الشعب المسلم، فيرد المعين الصافي الذي شرب منه اوائله الأكرمون..
    إننا نؤكد، للمرّة الثانية، لديوان النائب العام، و لغيره من الأجهزة الرسمية، أن صراعنا مع القضاء الشرعي، ومع ((الشئون الدينية)) صراع بين نمطين من التفكير ـ بين ((الفكر الإسلامى الصحيح)) وبين ((التفكير السلفي المعوج))، وهو صراع لا تفصل فيه المحاكم، ولا تحسمه الإجراءات الإدارية، وإنما يقوم فيه الأمر على البيّنة الواضحة، والفهم المستنير، وذلك ما لا تستطيعه تلك الأجهزة الشائخة و الهرمة المتداعية، ومن ههنا جاء لجوؤها إلى المحاكم وإلى الأوامر الإدارية، تبتغي أن تحد من نشاطنا، ومن قدراتنا على التحرك.. وما علموا أن اللّه يبارك في قليلنا، فيضاعفه اضعافاً مضاعفة، فيصبح كبيراً وعالياً بإذن اللّه!!

    خـاتمـة
    إننا نود، في خاتمة كتابنا هذا، أن نؤكد لجماهير شعبنا الطيّب الذكي أن المؤامرة تطل الآن، من جديد، وعلى نفس مستوى التخطيط، والتآمر السلفي، الذي دبّر، وخطّط، لمحكمة الردة..
    إن التآمر الجديد يستهدف قضية بورتسودان كواجهة ينفذ من خلالها.. ولكن، من فضل اللّه علينا، وعلى شعبنا، أن وقائع قضية بورتسودان قد نشرها الجمهوريون على الشعب السوداني، فوجدت من حسن الإقبال، وحسن المتابعة، ما أكّد أصالة شعبنا العملاق..

    إن أجهزة الأخوان المسلمين المنبثة داخل أجهزة القضاء الشرعي، وداخل أجهزة ((الشئون الدينية)) لتقلقها، اشد القلق، نجاحات (( الدعوة الإسلامية الجديدة)) في مجال الدعوة، وفي مجال تأليف الكتب، و توصيلها إلى أيدي الشعب، على هذا المستوى من الكفاءة و الإتقان.. لهذه الأسباب، ولغيرها، فقد اجتمعت كلمتهم على إستغلال أجهزة الدولة لمعاداتنا، والنيل منا، بعد أن عجزوا عن ذلك في المجالات الشريفة المتكافئة.. وما هذا الذي يجري اليوم إلا مظهراً جديداَ لهذا التآمر المريب الذي ليس له، بعد اللّه، إلا يقظة شعبنا الذي لا تخدعه هذه المظاهر الجوفاء، ولا تلك الحيل الساذجة وهكذا ((قد مكر الذين من قبلهم فأتى اللّه بنيانهم من القواعد))..

    الأخـوان الجمهـوريون
    أم درمـان ص. ب. 1151
    تليفون 56912
    في يــوم 31/8/1975


    انتهى..

    وكان الجمهوريون قد أخرجوا قبل شهر من الكتاب السابق ذكره بعاليه كتابا آخر اسمه: "الدين ورجال الدين عبر السنين" صدر في يوليو 1975:
    أرجو أن يجد فيه المهتمون بالتوثيق والتاريخ مادة مفيدة..



    الشئون الدينية تتآمر مع الأخوان
    المسلمين والأزهر وعلماء السعودية
    ضد الدعوة الاسلامية الجديدة
    ولقد ظلت الشئون الدينية، باستمرار، حربا سافرة على دعوتنا للاسلام، تحاربها بضراوة الضرّة، مناقضة للدستور، ومتخطية لأبسط قواعد العدالة الانسانية، التي تقتضي محاربة الفكر بالفكر لا بالتآمر، واستعداء السلطة، يدفعها لذلك الأخوان المسلمون والسلفيون، الذين أزعجهم توالي انهزامهم في ميدان الحوار، فلجأوا للسلطة الزمنية، وهذا هو ديدنهم الذي لم يتخلف طوال التاريخ، فمنعت الشئون الدينية الجمهوريين من الحديث في المساجد، ونظمت المحاضرات لمعارضينا في الرأي ليهاجمونا، ويشوهوا آراءنا، ثم منعتنا من الرد في تلك المحاضرات، وسعت بايعاز من السعودية والأزهر لتصدر أمرا من السلطات يمنع نشاطنا في الدعوة للاسلام، وها هي يدا واحدة في التآمر مع علماء السعودية، وعلماء مصر، ضد دعوتنا.. ونضع بين يدي القاريء وثائق هذا التآمر الغريب!! وعمق هذا التخلف الفكري الذي مني به علماء السعودية وعلماء مصر وتبعتهم فيه الشئون الدينية، تحالفوا جميعا على الافتاء بكفر الجمهوريين واستعداء السلطة عليهم بعد أن أوسعوا أفكارنا تشويها، كاذبين ومدلين بالباطل، من غير ترو الحكماء، ولا وقار العارفين، ولا ورع المتدينين .. وخطاباتهم هي أبلغ ما يفضح جهالاتهم، تلك، ومن عجب أن تجوز هذه الجهالة على بعض المسئولين الذين يتولون مناصب من أخطر المناصب في بلادنا. اقرأوا نصوص هذه الخطابات من السعودية ومن مصر ومن الشئون الدينية..
    (( بسم الله الرحمن الرحيم
    الأزهر
    مجمع البحوث الاسلامية. (صورة طبق الأصل)
    مكتب الأمين العام.
    5/6/1972
    السيد/ الأستاذ وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف
    بالسودان
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
    فقد وقع تحت يدي لجنة الفتوي بالأزهر الشريف كتاب الرسالة الثانية من الاسلام تأليف محمود محمد طه طبع في أم درمان الطبعة الرابعة عام 1971 ص. ب 1151 وقد تضمن هذا الكتاب أن الرسول بعث برسالتين فرعية ورسالة أصلية. وقد بلغ الرسالة الفرعية. وأما الأصلية فيبلغها رسول يأتي بعد. لأنها لا تتفق والزمن الذي فيه الرسول. وبما أن هذا كفر صراح ولا يصح السكوت عليه. فالرجاء التكرم باتخاذ ما ترونه من مصادرة لهذا الفكر الملحد والعمل على ايقاف هذا النشاط الهدّام خاصة في بلدكم الاسلامي العريق. وفقكم الله وسدد خطاكم.
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    الأمين العام
    لمجمع البحوث الاسلامية
    دكتور محمد عبدالرحمن بيصار))
    ولقد ردت الشئون الدينية بأنها ستتخذ الاجراءات اللازمة، وتطرقت لحكم محكمة الردة، أقرأ خطابها:
    ((23/7/1972 النمرة وش دو/1/!/8/1
    صورة طبق الأصل
    الدكتور محمد عبدالرحمن بيصار
    الأمين العام لمجمع البحوث الاسلامية
    الأزهر – القاهرة.
    تحية طيبة،،
    بالاشارة الى خطابكم المؤرخ 5/6/1972 والخاص بكتاب الرسالة الثانية من الاسلام تأليف الأستاذ محمود محمد طه ان موضوع مؤلفات الأستاذ محمود محمد طه ونشاطه الذي يقوم به موضوع دراسة دقيقة بواسطة هذه الوزارة وسلطات الأمن المختصة في جمهورية السودان الديمقراطية وسنتخذ فيه الاجراءات المناسبة بعد اكمال دراسة الموضوع من جميع جوانبه.
    هذا وتجدر الاشارة الى ان المحكمة الشرعية العليا بجمهورية السودان الديمقراطية كانت قد أصدرت حكما غيابيا في القضية نمرة /1035/1968 في 18/11/1968 ضد الأستاذ محمود محمد طه وحكمت غيابيا بأنه مرتد عن الاسلام وأمرته بالتوبة من جميع الأقوال والأفعال التي أدت الى ردته وتجري الآن عملية جمع هذه الحقائق للمساعدة في الدراسة واتخاذ الاجراءات اللازمة وشكرا ،، ،، ،،
    محمد أحمد ياجي
    وكيل وزارة الشئون الدينية والأوقاف.
    (الطيب)

    وفي عام 1975 كتبت رابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة في السعودية هذا الخطاب:
    1- (صورة طبق الأصل)
    بسم الله الرحمن الرحيم
    ((واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا))
    رابطة العالم الاسلامي .. الرقم (1-3) 7/2631
    الأمانة العامة. التاريخ 5 ربيع الأول 1395 هـ
    مكة المكرمة. المرفقات
    حضرة صاحب المعالي الأخ الدكتور/ عون الشريف قاسم
    الموقر.
    وزير الشئون الدينية والأوقاف
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،، ،، ،،
    أفيد معاليكم بأنّ من ضمن القضايا الاسلامية التي ناقشها المجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي في دورته السادسة عشرة (محمود محمد طه) السوداني الذي أدعى الرسالة وأنكر ختم الرسالة وأنه المسيح المنتظر كما أنكر الجزء الثاني من الشهادة الى آخر ما جاء في ادعاءاته الباطلة ..
    وبعد مناقشة الموضوع من جميع جوانبه أصدر المجلس حكمه بالاجماع بارتداد المذكور من الاسلام وتأييدا لما حكمت به المحكمة الشرعية العليا بالخرطوم وأنه يجب على المسلمين أن يعاملوه معاملة المرتدين كما يجب مصادرة كتبه أينما وجدت ومنع طبعها.
    أرجو من معاليكم التكرم بنقل هذا القرار الي حكومتكم الموقرة وبذل مساعيكم الحميدة لدى المسئولين فيها للمساهمة معنا في تنفيذها وخاصة قد صدر عن (المجلس) مجلس يضم نخبة من العلماء والزعماء الممثلين من معظم الشعوب الاسلامية في العالم. وانتهز هذه الفرصة للاعراب عن صادق شكري وتقديري لتعاونكم الدائم مع الرابطة فيما يرفع شأن الاسلام والمسلمين وتفضلوا بقبول فائق التحية والاحترام.
    التوقيع/ الأمين العام
    أحمد صالح القزاز)) ..


    وفي موضع آخر يمضي الكتاب :


    علماء السعودية
    1- في الفترة الأخيرة ظل السلفيون والأخوان المسلمون، يرددون ان علماء السعودية أفتوا بكفر الجمهوريين، ومن البلايا أن تسمع كلمة علماء، ثم لا تجد، لدى التحقيق، الاّ الجهل الموبق – من هم علماء السعودية؟! أليسوا هم الذين يعتقدون ان الأرض مسطحة؟! وان القول بكرويتها خروج عن الدين؟! وأن الانسان لم يصل للقمر؟! يلف معهم، في هذه الجهالة، وعاظ سودانيون يقبضون مرتباتهم من الدولة لينشروا الخرافة والجهل!! ونضع بين يدي القاريء هذه الفتوى الممعنة في التأخر، والتحجر، التي أصدرها علماء السعودية هؤلاء في كتيب بعنوان نقد الاشتراكية، صدر من دار الافتاء بالرياض رقم 3 – مطبعة الحكومة – مكة المكرمة – ورد في صفحة 3 منه ما يلي: ((فهذه رسالة من ثلاث رسائل لثلاث علماء أفاضل في تزييف الاشتراكية، وبيان مزيد مناقضتها للشريعة المحمدية، طبعناها لتوزيعها نصيحة للمسلمين ولمعرفة بعد الاشتراكية عن مقتضي السراط المستقيم، وتزجيجها بأربابها في جملة التابعين لسنن المغضوب عليهم، والضالين، وبيان عظيم جريمة من ينسبها الى الدين)).. وفي صفحة 28 ورد عن الاشتراكية: ((ونسأل الله أن يحفظ المسلمين من شرها وأن يمن على من أبتلي بها بالتوبة، انه سميع مجيب)).
    هؤلاء هم (علماء السعودية)، وهذا هو رأي السعودية في الاشتراكية .. والاشتراكية أيسر ما يقال عنها أنها محاولة انسانية لتحقيق المشاركة في خيرات الأرض، ثم هي فوق ذلك سنة النبي العظيم وأصل الدين.
    ومن عجب أن علماء السعودية يعتقدون أن الاشتراكية كفر ويلحقونها بالكبائر، ويوجبون التوبة على من ابتلي بها، أما علماء مصر في الأزهر فانهم يطبلون لنظامها ويلحقونها بكلمات الله – كما سبق أن أوردنا- اختلاف بين علماء السعودية وعلماء الأزهر ليس فيه ذرة من دين، وانما هم على دين ملوكهم، لا دين الله.
    ((تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون))
    2- ولقد وفد للسودان من السعودية وفد الرابطة السعودية يضم عددا من علماء السعودية بينهم محمد محمود الصواف، قدم عددا من المحاضرات في بلادنا، قابلناه في وفد من الأخوان الجمهوريين بفندق السودان مساء السبت 21/4/73 وكان حاضرا اللقاء الملحق الثقافي السعودي- وما ان ورد في معرض حديثنا عن بعث الاسلام وتطوير التشريع – كلمة اشتراكية- حتي انتفض الشيخ كأنما لسعته حية، قائلا ((أعوذ بالله.))، وطالب بايقاف الحوار لمجرد ورود كلمة اشتراكية! هذا هو فهمهم للدين وللحياة. وهل تنتظر من امثال هذه الفهوم الاّ أن تبادر بتكفير الجمهوريين؟!
    ومن طيبتنا، نحن السودانيين وحبنا للدين ننخدع بمظاهر الدين حتي أننا لنحتفي كثيرا بعلماء السعودية، وعلماء مصر، ولو كان في علماء السعودية بقية من خير لقالوا رأي الاسلام في الملك الموروث، والثروة المحتكرة، والظلم الاجتماعي المتفشي .. وفي الجهل المطبق الذي يخيم على ((المملكة)) السعودية ..
    ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم؟))
    3- ما رأي علماء السعودية في الربا، وتحريمه قائم بنص قرآني لا مرية فيه؟ أم أنهم يحللون الحرام؟!! ان لم يكن كذلك، فعلى أيسر تقديرهم يعيشون تحت نظام يتعامل بالربا، ويقبضون منه مرتباتهم، ويوهمون الناس بأنه نظام يقوم على الشريعة، ثم يتجرأون بتكفير المسلمين خارج بلادهم .. أقرأ ما ورد بجريدة الأيام يوم 4/7/1975 عن القرض السعودي بالفائدة الذي دفع لحكومة السودان: ((3% فائدة القرض السعودي لاكمال التمويل الخارجي للرهد، القرض يسدد خلال 20 سنة بعد فترة امهال 5 سنوات.
    في تصريح خاص للأيام قال السيد مامون بحيري وزير المالية والاقتصاد الوطني أن القرض الذي تم توقيع الاتفاق عليه يوم 23 يونيو الماضي بين السودان وصندوق التنمية السعودية لتكملة التمويل الخاص لمشروع الرهد الزراعي والبالغ 28 مليون دولار، قدم بشروط معقولة للغاية اذ أن سعر الفائدة على القرض لم يتجاوز 3%))
    اننا لا نعيب على علماء السعودية وغيرهم انهم لم يفهموا رأينا في الدين، ولكننا نعيب عليهم عدم الصدق، والنفاق، وهذه من أذل الخصائص. لماذا يصمتون عن مخالفة الشريعة في بلادهم ويتطاولون علينا، ويتدخلون في شئون بلادنا ويكفرون مواطنينا بدون أساس ولا سند، أم أنه الخوف من السلطان الذي يقطع نياط قلوبهم؟ بل أنهم كانوا اذا سرق الشريف تركوه واذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد؟
    انّ علماء السعودية آخر من يتحدث عن الاسلام .. فليرحم الله، وليتدارك شعبا يتصدره أشياخ نزع الحياء من صدورهم ونصل الورع من قلوبهم))


    كما أرجو قراءة الفقرات التالية في مواجهة القضاة الشرعيين ورجال الدين السلفيين، لتستطيعوا أن تكتشفوا مواجهة الجمهوريين لسلطة مايو، التي لا يريدون إضعافها حتى لا تصبح هدفا سهلاً لأعداء الفكر والحرية، يحتوونها ويوجّهون سيرها.. فبعد أن سرد الكتاب بالوثائق مواقف رجال الدين المخزية قبل خروج المستعمر مضى ليقول:

    هذه هي مواقفهم مع الاستعمار التي أبعدتهم عن عزة الأحرار، وكرامة الرجال، والغيرة على دين الله . وهي نماذج تكفي على سبيل المثال، لا الحصر، ولقد أخرج الله الانجليز بالأفندية، ومنع المخادعين بالدين المشاركة في شرف النضال وأحق عليهم التخاذل والخيانة لدينهم، ولوطنهم.
    مخازي رجال الدين بعد الاستقلال
    ولقد تغير دورهم، بعد الاستقلال، من ربائب للاستعمار، الى صنائع للطائفية، فتحالفوا معها، في مؤمراتها ضد الحريات، فيما سميّ بالدستور الاسلامي.
    1- ولمّا أقضّ مضاجع الطائفية تصعيد نشاطنا في التوعية الدينية، لمناهضة الدستور الطائفي الذي أسمته اسلاميا، استخدمت ((رجال الدين))، فجمعت أمرهم، رغم تنافرهم، وحربهم فيما بينهم – من قضاة شرعيين، وأخوان مسلمين، وأنصار سنة، وأئمة مساجد – فدبروا بليل مهزلة محكمة الردة، التي كانت من أسوأ أمثلة التخلف الفكري في التاريخ الانساني: اتصلوا بمجلس السيادة، وبقاضي قضاة السودان، وبقاضي المحكمة، فلما استوثقوا من صدور الحكم لمصلحتهم رفعوا الدعوي – (راجع الصفحات التالية بعنوان الجامعة الاسلامية) – فأهانوا بذلك القضاء والقانون، وأساءوا الى أنفسهم. ولقد طالب مدعيّا المهزلة من المحكمة مصادرة كتب الأستاذ محمود، واستتابة الجمهوريين وتطليق زوجاتهم وتشريدهم من العمل الحكومي، ومطاردتهم!
    صورة من القرون الوسطي نقلها ((رجال الدين)) للقرن العشرين.
    2- وفي عهد حكومة العساكر الأولى بلغ تزلفهم، وتوددهم للسلطة، بحسن طنون، أحد وعاظ ((الوعظ والارشاد)) التابع، آنذاك، لقاضي قضاة السودان، أن قال: ((ان طلعت فريد يذكره بعمر بن الخطاب)) ولم يعترض أحد من رجال الدين، ولا قاضي قضاة السودان، على هذا القول المنكر أشد النكر..
    3- ثم انّ أيديهم الآثمة امتدت الى أموال اليتامى، والقصّر، التي تقع تحت مسئولية المحاكم الشرعية، فأكلوها سحتا، كانوا يسلفونها ويستلفونها بالفائدة مخالفين بذلك الدين الذي يحرم الربا بنص صريح لا مرية فيه. أكلوها بالربا ثم لم يردوها الى أصحابها من اليتامى فحق عليهم نذير الآية: ((ان الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما، انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا)) ولقد تدخلت السلطة في هذا الأمر، فجاء في جريدة "الرأي العام" 2/5/1970 ما يلي: ((أذاع الرائد زين العابدين محمد أحمد عبد القادر الرقيب العام بيانا مساء أمس، أعلن فيه تحصيل 80 ألف جنيه من السلفيات من أموال التركات والقصّر، والتي لم يلتزم من استدانوها بالسداد، بل غضّوا الطرف، على الرغم من أن بعضهم استلفها منذ عام 1958. وبينهم بعض كبار الموظفين، والقضاة الشرعيين، وأكد أنّ الذين تسببوا في الاهمال سيجدون جزاءهم بعد التحقيق))!!
    هذا هو دينهم، اكل للربا، وأكل لأموال اليتامى.
    4- وها هي أموال ((توتو كورة)) تستخدم لبناء وتعمير مساجد الله. ففي جلسة مجلس الشعب المذاعة بتاريخ 21/5/1975، قال السيد وزير الشباب والرياضة، وهو يتحدث عن نشاط هيئة المراهنات الرياضية، : ((وامتد نشاطها أيضا ليدعم المجال الروحي بما يزيد عن ال 13 ألف جنيه لتعمير مساجد الله – هذا حاصل وانا مسئول عنه. وقد حدث أن طلبت وفود وأفراد تبرعات لبناء أو تعمير مساجد، فأخبرتهم أننّا نتبرع من أموال هيئة المراهنات الرياضيةـ وقد قبلوا التبرع)) انتهى كلام الوزير..
    هذا يجري تحت مرأى ومسمع الشئون الدينية المشرفة على المساجد.
    5- ولقد استعلن فساد القضاة الشرعيين واستشرى مما حدا بالسيد رئيس الجمهورية لاصدار بيان أحال فيه رئيس محكمة الاستئناف الشرعية العليا، وثلاثة من أعضائها للمعاش!! وهم:
    1- الشيخ عبد الماجد أبوقصيصة 2- عوض الله صالح
    3- عبد الله السنوسي 4- أحمد عمر
    ولقد أدان البيان مسلكهم السيء، واتخاذهم الشرع مطية لخدمة السياسيين، ومما ورد فيه:
    ((وخاصة محكمة الاستئناف الشرعية العليا والتي أصبحت في النهاية مطية في أيدي السياسيين، من رجال العهد البائد، يوجهونها خدمة لمصالحهم باسم الشرع والدين الحنيف)) - الرأي العام، العدد 8501 بتاريخ 20/6/1969
    هذا هو بعض من تاريخهم الذي كتبته الوثائق، والاّ فان تاريخهم الذي لم يكتب لهو أسوأ بما لا يقاس.


    انتهى النقل من كتاب الدين ورجال الدين عبر السنين..

    الأستاذ محمود وثمانية من الجمهوريون يدخلون سجن كوبر
    لقد كان الأستاذ محمود يعرف أن عليه مواجهة أعداء الفكر والحرية بكل شجاعة وتصميم.. في نوفمبر من عام 1976 أخرج الجمهوريون كتابهم "اسمهم الوهابية وليس اسمهم أنصار السنة"، وقد تعرض، بسبب هذا الكتاب، الأستاذ محمود وثمانية من قياديي الجمهوريين للاعتقال لمدة شهر بسجن كوبر امتد بين ديسمبر 1976 حتى يناير 1977.. هاتين الفقرتين من مقدمة الكتاب توضحان خطورة دعوة الوهابية، وهو أمر لم يتضح لكثير من الناس إلا بعد أحداث 11 سبتمبر التي كانت سببا في ما يحدث في العالم هذه الأيام..
    والأسوأ من تخليط الفقهاء، هو دعوة ((الوهابية)) التي تتصور الاسلام تصورا جافا، وغليظا، ومتخلفا .. ثم تقدم هذه الصورة على اعتبار انها ((السنة))، وأنها الاسلام ..
    وهذه الحركة المشوهة تجد دعما من الخارج، فهي تنظيم واسع، مما يجعل الاسلام مواجها بتشويه خطير، يبعد الناس عنه كل يوم جديد .. ولما كان وقت بعث ((السنة)) قد اظلنا، ولما كانت حاجة الانسانية اليها كما وصفنا، فقد وجب فضح زيف هذه الدعوة، وتبرئة الاسلام و((السنة)) من جهلها، وجفافها، وغلظتها، خاصة وقد اصبحت تجد الطريق ممهدا في الصحف، وفي الاذاعة السودانية، مما ينذر بتضليل شعبنا، وجيله الناشيء على وجه الخصوص ..
    كما ان دعوة ((الوهابية)) – يسمون ((أنصار السنة)) في بلدنا – أخذت تكثف نشاطها في مساجدها، ودورها وفي شتى المجالات، بل أخذت تخطط، وتوجه، وتعمل لتعويق العمل الجاد في نشر الوعي الاسلامي ..
    ولقد أصبح واجبا مباشرا، مواجهة هذه الجهالة التي تنطوي عليها دعوة ((الوهابية)) والتي تعوق بعث الاسلام .. وانما في سبيل الاضطلاع بهذا الواجب ننشر هذا الكتاب .. ونبغي به، فيما نبغي، أن نقول لدعاة ((الوهابية))، قولا بليغا في انفسهم، حتي ننبههم الى الهلكة التي يتورطون فيها، ويورطون البسطاء من الناس معهم فيها..
    ان ((الوهابية)) بعيدون عن معرفة الاسلام – هم بعيدون عن روحه، وعمقه .. بل إنهم لهم بعيدون حتى عن الذوق الانساني العام الذي يرعي قيمة الآثار، والمشاهد الدينية، ويرعى حرمتها، ويرى فيها الانسانية بدل الوثنية..
    والوهابيون هم أبعد ما يكونون عن التوحيد، اذ يتصورون ان التوحيد هو محاربة الموتى، ومهاجمة الأضرحة، ومناكفة الناس البسطاء، في غلظة، وجفاء، في هذا الشأن، لصرفهم للاشيء .. وصورة الحكم الاسلامي عند ((الوهابية)) صورة متخلفة، فهم لا يتصورون الا ان الحكم الاسلامي مجرد حدود تقام وعقوبات تطبق بمعزل عن الاصلاحات الشاملة ..

    انتهى..

    لقد قضى الأستاذ محمود والجمهوريون ذلك الشهر بالسجن بدون تحقيق وبدون محاكمة، وقد أطلق سراحهم بدون شروط أيضا، ولكن تلك الحادثة كشفت لهم أن سلطة مايو تتعرض لضغط شديد من المملكة العربية السعودية لوقف نشاطهم.. يمكن لكل مراقب أن يستنتج أن السلطة كانت تقف حائرة في أمرها تجاه الجمهوريين، فهي من جانب تعرف أنهم أناس مخلصون للشعب، ومخلصون لمبادئهم، ومن جانب آخر تعرف أنها لا تستطيع أن تقف ضد المملكة العربية السعودية، خاصة وأن السودان كان يمر بأزمات اقتصادية كبيرة، وأنه قد خرج لتوه من محاولة للغزو من الخارج قادتها المعارضة للإطاحة بنظام مايو ـ حركة الثاني من يوليو 1976 ـ واشترك فيها كل من السيد الصادق المهدي والشريف حسين الهندي والأخوان المسلمون بدعم وانطلاق من ليبيا.. وكان الجمهوريون قد وقفوا ضد تلك المحاولة وضد كل المحاولات التي سبقتها أذكر منها حركة شعبان عام 1973 والتي انطلقت مظاهراتها من الجامعات وحاولت أن تجر النقابات إلى إضرابات وعصيان مدني بقصد تقويض السلطة، ثم حركة الانقلاب العسكري بقيادة حسن حسين، وكل هذه المحاولات كانت تهدف إلى تقويض حكم مايو..
    الشاهد هو أن الجمهوريين قد أدركوا أن عليهم توقع الشدائد في سبيل قول الحق، ولكن برغم ذلك لم يتخلوا عن واجبهم في دعم نظام مايو، ليس حبا فيه بطبيعة الحال، وإنما حرصا على ألا يقع فريسة سهلة في يد الإسلاميين والطائفيين.. ولم تلبث أن تمت المصالحة الوطنية التي أعادت كثيرا من الطائفيين والأخوان المسلمين إلى السودان وأشركتهم في السلطة وفي الاتحاد الاشتراكي.. وهنا يبدأ فصل جديد عن علاقة الجمهوريين بمايو في ظل المصالحة الوطنية، وهي ما أسماه الدكتور منصور خالد بالحقبة الثالثة، والتي انتهت بفرض قوانين سبتمبر في عام 1983..

    وسوف أواصل

    ياسر الشريف

    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 11-16-2004, 06:03 AM)
    (عدل بواسطة Yasir Elsharif on 11-16-2004, 11:50 PM)

                  

11-16-2004, 07:06 AM

AnwarKing
<aAnwarKing
تاريخ التسجيل: 02-04-2003
مجموع المشاركات: 11481

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    الحبيب د. ياسر...
    كل عام وانتم بخير والأسرة الكريمة...

    والله انا أحترت فى الموضوع دا... (الشينة منكورة) ولا داخله فى (تاريخ السودان لسه ما انكتب) ؟

    فى حاجات الواحد من ما صحا قام عليهم:
    1-إنقلاب الشيوعيون (هاشم العطا) وبذا سقطوا من دائرة (الحل السلمي الديموقراطي والخ...)

    2- تأييد الجمهوريين لمايو (...).

    3- السادة (لونو خمري...أحكم الى الأبد) "أمة وأتحادي".

    4- المنشقين من السادة أو غيرهم ولا تأثير لهم الا الكوراك.

    وبالنسبة للجبهجية طبعاً ديل شيطان الفلم كلو...
    أرجو ان تأخد كلامي بنفس بارد ولك كل الحب والأحترام.

    أنور
                  

11-16-2004, 07:29 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: AnwarKing)

    الأخ / أنور ، تحياتى
    هل توقفت مليا عند هذه العبارة ؟؟؟
    وقد رأى الاجتماع تأجيل إقامة الندوات في الوقت الحاضر لأن في إقامتها مخالفة لقرار الحكومة وذلك يعتبر معارضة لنظام الحكم الحالي الذي ليس من رأينا معارضته في المرحلة الراهنة، ذلك بأنه يخدم غرضاً كبيراً بما يقوضه من دعائم الطائفية.
    لقد كنت اعى تلك الفترة جيدا ، أى فترة أنقلاب مايو ، التى جاءت بعد التعدى على الدستور ومنع نشاط (الحزب الشيوعى السودانى) وقتها، وطرد نوابه من (الجمعية التاسيسيه) بسبب حديث ادلى به احد طلاب (معهد المعليمن العالى) حول حديث الأفك، لم يثبت أنتماء ذلك الطالب للحزب الشيوعى، ولقد كانت المسأله (طبخه) لتمرير (دستور اسلامى) شكلا، اى على طريقة قوانين سبتمبر !!! أى كانت محاوله لأستعجال تطبيق قوانين لا تتناسب مع انسانية القرن العشرين.
    فاذأ قررنا دينيا شئ اسمه (الواجب المباشر) ، ومعلوم منطقيا فى اى صراع بين جهتين حتمية وجود (حق وباطل)، فهل من الحق ومبدأ (الواجب المباشر) ، تائيد مايو مرحليا ؟؟ أم تائيد (الطائفية) التى كانت تسعى لتمرير (دستور اسلامى)؟؟
    أرجو أن ينظر للأمور بصورة دقيقة لا بتركيز منفصل عن تأييد (لمايو) مرحليا، وبعد استقراء للوضع السياسى القائم فى مثل تلك الظروف.

    (عدل بواسطة تاج السر حسن on 11-17-2004, 03:34 AM)

                  

11-17-2004, 00:14 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: تاج السر حسن)

    العزيز تاج السر،

    تحية طيبة

    أشكرك جزيل الشكر على المتابعة وإثراء الموضوع بمداخلاتك المستبصرة..

    مع وافر المعزة..

    ياسر
                  

11-17-2004, 00:10 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: AnwarKing)

    الأخ العزيز جدا أنور كنج،
    تحية طيبة وأطيب الأمنيات بعام سعيد لك وللاسرة والأهل
    قولك:

    Quote: والله انا أحترت فى الموضوع دا... (الشينة منكورة) ولا داخله فى (تاريخ السودان لسه ما انكتب) ؟

    أولا بالتبادي تأييد الجمهوريين لمايو لا يعتبرونه شينة.. ثانيا أنا لم أنكره.. ثالثا: تاريخ السودان لهذه الفترة بالفعل لم تتم كتابته.. وهذه الوثائق هي بسبيل من إعانة الباحثين والدارسين والمؤرخين.. وأنت وشباب جيلكم مرجوون لهذا الأمر..
    قولك:

    Quote: أرجو ان تأخد كلامي بنفس بارد ولك كل الحب والأحترام.

    في الحقيقة إنت كلامك جميل جدا ونفسك بارد ولكن تنقصك المعلومات، وهذه لا توجب شيئا سوى الفحص والمزيد من البحث من جانبك.. وأنا لا أحتاج للنفس الحار في أي شئ، وليست هناك منافسة بيني وبين كل الذين ذكرتهم، بل أحترمهم جدا، وأعتبرهم جزءا من الواقع السوداني، وأرجو أن يكونوا قد وعوا دروس التاريخ، حتى لا تتكرر، فالمشكلة ليست في "الجبهة"، تماما كما أنها لم تكن في "النميري" في شخصه، بقدر ما هي في فكرة "الإسلام هو الحل" أو "الدستور الإسلامي" الذي يمكن أن يكون لدى جماعات كثيرة غير "حزب الجبهة بمؤتمريها وحركة العدالة والمساواة"..
    ولك وافر المعزة والاحترام

    ياسر الشريف


                  

11-17-2004, 09:00 AM

تاج السر حسن

تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: Yasir Elsharif)

    لى فوق
                  

11-18-2004, 03:37 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 50065

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حقيقة علاقة الجمهوريين بنظام مايو.. وثائق وتحليل (Re: تاج السر حسن)

    أشكرك يا أخي تاج السر على رفع البوست لي فوق.. وأشكر الأخ الطيب بشير الذي أثرى الموضوع بتعليقات جيدة في منبر سودانيات فأرجو من المهتمين متابعتها بعد أن نقلتها إلى منبر الفكرة الحر:

    بالضغط هنا
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de