|
بكاء أبيض لشقائق النعمان / رسالة من سكينة كمبال
|
بكاء ابيض ، لشقائق النعمان .. تلك هي اجواء الرسالة التي خطتها سكينة كمبال الى شقيقيها عبد الواحد وام الخير ، بعد طول غربة ، وفزع كبير من استحالة اللقيا ، بعدما طوحت بهم الغربة في الاصقاع النائية من بلاد الله عبد الواحد كمبال ، الرجل / الحالة ، الذي ربطتني به في المملكة المغربية صداقة معمّرة ، بقي صامدا كنخلة تتحايل على الرياح العنيفة ، بصخب الضحك ، ومهرجان النبيذ ، واطلاق النكات في وجه الموت .. يضحك الموت كثيرا ويتلوى ، حتى عندما تربص الموت بابن عبد الواحد الاوسط ، الذي سمّاه والده " ناظم الحكمة " تيمناً بشاعر تركيا العظيم ، فإن كمبال تلقى ذلك الحادث ــ وكانت وفاة اسيفة فجعتنا وما تزال ــ بجلدٍ كبير ، تماماً كنخلة ترتفع بأحزانها ولا تنكسر الشاهد أن سكينة ، الانسانة ، والتشكيلية البارعة ، زارت السودان اخيرا ، فوجدته .. مافي !! ومن هناك كتبت هذا النشيج المبرّح ، عن جوهر الفقد ، وسخونة الدمع الجارح ، في غياب الاحباب انقل لكم رسالة سكينة المفجعة ، من موقع سودانايل .. استدراكا للنواح الذي نقلت بعض تفاصيله قبلي الصديقة العزيزة اشراقة مصطفى، انطلاقا من مبدأ اشاعة النواح ، حتى نتساوى في الحزن ، طالما بقيت الافراح بعيدة هكذا وفارّة من بين الاصابع
هنا رسالة سكينة ،، ببكائها الابيض
.. السمندل ..
رسالة الى اخى العزيز عبد الواحد كمبال وأختى العزيزة أم الخير كمبال سكينة كمبال اخوانى اكتب ايكم هذه المرة ولأ اصدق ان قلمى يخط مرة أخرى من قلب الوطن! وانا بالطائرة فى طريقى الى الخرطوم قادمة من ملبورن عبر القاهرة ,وما أن عبرت الطائرة المجال الجوى لمصر متوغلة فى مجال الوطن الجوى ,حتى انهمرت دموعى حين زأيته واقفآ امامى يسد الفضاء كله !!رأيت ابى أحمد كمبال (رحمه الله) وزادت سيول دموعى ,فقد حدث ما كنت اهرب منه طوال فترة الخمس سنوات الماضية ,كنت اتخوف من أن آتى للسودان ولأ اجد أبى أحمد كمبال هناك. ابتل شوقى للوطن ,ولأ زال هناك فراغان بحجم أبى احمد كمبال وناظم !!!كيف اصف لكم الخرطوم وانتم اسراب الخير غائبون عنها ؟؟؟؟؟ الخرطوم هى الخرطوم !رغم المتاريس والتضاريس التى الحقت بخارطتها !فلم اجد حسن كفاح ذلك الفصيح اللسان الشجاع القلم ولم اجدعمر الدوش الهادر الكلمةوالشعر !ولم أجد بشرى الصغير الفطن !ولم أجدخالدة وعبدالواحد وراق ولم أجد فاطمة بابكر !!ولم أجد ولم أجد !!لم أجد من يهش لقدومى !!لم أجد النيل !!اذ كيف يكون هنالك نيل والناس بهذا النحول والظمأ؟؟ أى خرطوم صارت ؟؟ المطار البائس فى حجم الكبسولة !! وأكاد اجزم ان عربة التاكسى التى اقلتنى لمكان اقامتى ,هى نفسها تلك التى اقلتنى حين خروجى من الوطن ,قبل عشر سنوات !!! اذ لم ينجح صاحبها فى ادخال أى تغييرات عليها , بل فعلت ذلك الشوارع العجيبة ,والتى رحل عنها الأسفلت طواعية ,ولكأنى به قد ذهب بحثآ عن هجرة أو عقد عمل .. ولكن من شدة فرحتى بعودتى للبلاد ,وقع كل ذلك بردآ ورضآ على نفسى !!!فحين تأتى المقارنة بين بقعة من وطنى وبين المدن الحديثة والتى احتضنتنى طوال السنوات الماضية , اقول وطنى ..وطنى ..رغم الطنين والأزعاج المنبعثين منه !!!رغم اختفاء نقابة الصحفيين واتحاد الكتاب عن الخارطة !!!ولكنى حزنت ومت حزنآ حين رايت الحزن والأسى فى عيون الأطفال !!وتساءلت ..يا ترى متى تذوقوا الحلوى ؟ومتى نامت عيونهم وهم شبعون مترعون ؟ ومتى قرأوا كتايآ ؟وما آخر مرة داعبهم والدهم المهموم ؟وهل بمدارسهم مقاعد ؟ وهل بحقائبهم دفاتر واقلأم ؟وهل يفرحون بالعيد كما كنا ؟وهل ...وهل ... وذهبت لها هناك كما ذهبت للوطن !!!ووجدتها ليست كما هى !!فلم تنجح فى مغافلة الزمن !وخيمت عليها جيوشه و هدتها آهات الوطن !!وعذابات فراقنا واضناها الحنين الينا!!فصير ضلوعها هشة حتى لكأنى أرى قلبها ومكان كل منا بداخله !!!فحملتها وغادرت الوطن خلسة كما دخلت !!!! والسلام ..والرجاء الرد على الجواب . أختكم سكينة كمبال ... نقلا عن سودانايل
|
|
|
|
|
|