دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
مــــــــقدمـــــة
المقصود هو البحث عن هوية القس ورقة بن نوفل ، وعن صلته بالنبي محمد بن عبدالله . والنتيجة هي اظهار ماأخفاه التاريخ عن نشأة الاسلام وحقيقته وعلاقته بالنصرانية . ولن تمر بالبال قط أية محاولة للتقارب بينهما . تلك المحاولة المستمرة التى ضلت الحقيقة وعطلت العقول . إنها محاولة فاشلة وضالة ومضلة ، مع كونها تدعو الى الوئام والإفة والسلام . هي فاشلة لانها لم يتوفر لها النجاح يوماً ؛ وهي ضالة لانها تبني على أسس غير صحيحة ؛ وهي مضلة لأن المقصود منها كل شيء ما عدا حقيقة الدين .
وسبب الفشل و الضلال جهل بالنصرانية والاسلام على حد سواء . فلا هذه النصرانية ، التى يأخذ بها مسيحيو اليوم ، هي تلك التى كان يدين بها القس و النبي ؛ ولا إسلام اليوم هو ذاك الذى دعا إليه كل من القس و النبي .
وسبب الجهل يعود الى أن فرقــاً شاسعاً بين نصرانية القس ومسيحية اليوم ، وبين إسلام النبي و إسلام اليوم . هذا الفرق أضل الكثير من مؤرخي الاديان : فمؤرخو الاسلام حققوا في ما نقلت كتب السير والاخبار . دون أن يحققوا في مقصود أهل السير والاخبار ؛ وحققوا في ماهو عليه القرآن اليوم ؛ دون أن يحققوا في ما كان عليه بالأمس . ومؤرخوا النصرانية تتبعوا النصرانية في كل مكان ماعدا المكان الذى احتجزت فيه ، أي مكة و الحجاز . هذه النصرانية أهملوا تطوراتها و أحزابها ، ظنا بموتها و انقراضها .
ولئلا يكون كلامنا على النصرانية والاسلام عاماً ، فإننا سنحدده في مرحلة من الزمن معينة ، وهي المرحلة التى انقرضت فيها النصرانية في مكة ، ونشأ الاسلام على أنقاضها .
ولئلا يدور البحث في كل شيء فإننا سنقف عند القس و النبي ومقصدهما العظيم . وقد ننكر الآن مقصدهما العظيم هذا ، ولكننا لانستطيع التنكر للحقيقة التاريخية . فمهلاً ! إن ما نسعى إليه اليوم من تقارب ونفشل ، قد سعى إليه كل من القس و النبي ونجح . وتم النجاح في الاسلام بعدما ذابت النصرانية فيه . ولا تظنن ، للمرة الثانية ، أن نصرانية الامس هي مسيحية اليوم . فتلك أسلمت ، وهذه لم يعرفها الاسلام ابداً . ونصرانية مكة ليست هي مسيحية إنطاكيا وروما والاسكندرية . ومقصد القس والنبي كان تلك ولا هذه . وتلك كهذه كانت مبعثرة في شيع و احزاب . اراد القس و النبي جمع شتاتها في دين واحد جديد.
ولكل من القس والنبي ، في الدين الجديد ، دور : الاول أوحى وعلم ودرب وأرسى الدعائم ؛ والثاني سمع وتعلم ودرس وشيد البنيان . وفضل الاول على الثاني كفضل المربي على ربيه. ألقس أستاذ علم فتي ذكي الفؤاد عرف اختياره ونجح ؛ والنبي تلميذ نجيب حفظ ما تعلم وأبدع . الاول نقل كلمة الله الأعجمية الى " لسان عربي مبين " ؛ والثاني " بلغ " كلمة الله العربية ، و " تلاها " على المؤمنين . كلاهما عمل من أجل الله ، ومن أجل أن يكون للأميين إله ورسول وكتاب . فكان للعرب إله يعبدون ، ورسولٌ يتبعون ، وكتاب يقرأون .
بيد أن النبي استطاع أن يتفوق على القس ويستقل عنه ، شأنه شأن أي تلميذ بارع يتخطى بذكائه قدرات معلمه . وشأن القس شأن أي مرب حكيم يترك لربيه حرية التصرف . لقد كان النبي ، لفرط ذكائه ، ينشد الحرية ويتلمس الاستقلال ؛ وكان القس ، لوفرة حكمته ، يختفي أمام عنفوان تلميذه بلباقة ، ويتوارى عن المسرح حتى إن التاريخ طمس الكثير عنه . لقد أدى القس خدمته وذهب ، وبقي النبي يجاهد ويناضل حتى حفظ له التاريخ أجمل ما حفظ ، الا أن النبي ، كما عرف أن يتدرب على القس بأمانة ، عرف أيضاً كيف يتصرف بما تعلم بحكمة . فجاءت رسالته مناسبة لظروف البيئة و المجتمع !
ولئن كان كلنا يعرف النبي ورسالته وسيرته ، فإن أكثرنا يجهل القس وهويته ودوره في إرساء دعائم الدين الجديد . وسبب جهلنا ، لاشك ، مصيبة بالغة ، أرادها التاؤيخ كما أراد سواها في هذه البقعة من الارض . والمصيبة الكبرى ، تقع ، لا محالة ، على من يريد نبش مطامير هذا التاريخ المنكود ، لأن القابضين على الحقائق المنزلة يصعب عليهم البحث في حقائق التاريخ ، ولن يدركوا أن باستطاعة الله إبلاغ كلمته من خلال الانسان ، وبأي وسيلة كانت ! ومع هذا ، فنحن لسنا مجبرين على تصديق الحقائق حتى ولو كانت من لدن الله ، لان حرية البحث عن كل شيء هي أيضاً منزلة من لدن الله .
كلنا يؤمن بقدرة الله المطلقة ، ولاأحد ينكر تصرفه بملكه كما يشاء . ولكن ايضاً لا أحد ينكر حرية الانسان في البحث عما يشاء . ولا أحد يسلم بأن الله ، حفظاً لألوهيته ، يسلب الانسان حريته . فالله يترك التاريخ يسير ، ويترك الانسان يتدبر في التاريخ أمره . والباحث في التاريخ يعرف أن إعلان الله عن ذاته عملية متكاملة ، ولابد ، بالتالي ، من أن يكون الوحي اللاحق تذكرة للوحي السابق ، كما شهد الكتاب نفسه على نفسه ، فقال : " هذا ذكر " ، " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين " ، " وإنه لذكر لك ولقومك " ، " وماهو إلا ذكر للعالمين " ، و " هذا ذكر من معي وذكر من قبلي " ، و " إنه تذكرة " .
وقد شهد الكتاب على النبي ، فقال : " ذكر . إنما أنت مذكر" . ويوم يرتاب النبي من صحة مايذكر به يقال له " إن كنت في شك مما إنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك " . هذه القراءة الــ " من قبل " تنبئ لا محالة ، عن واحد كان " قبل " النبي ، يقرأ عليه الكتاب ، ويهمس في أذنه وحي الله من وراء ستار .
لقد شق على كثير من المؤمنين أن يروا وراء النبي غير الله ، أما الحق فيقضي علي بأن أعطي للتاريخ دوره ، وبأن أرى الله يستعمل البشر واسطة بعضهم لبعض للوصول إليه . ولن أكون بذلك أقل إيماناً منهم . وغالباً ما يخفي التاريخ من على صفحاته دور " الوسيط " البطل الاساسي . وبطل الاسلام هو القس ، واسمه في التاريخ ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي . عرف باعتزاله الناس وانقطاعه الى ربه ، فحفظ له التاريخ عزلته وانقطاعه ، فأظهر ما ود التاريخ إخفاءه . لابأس ! فإن من عزلته وانقطاعه ، فأظهر ما ود التاريخ اخفاءه . لابأس ! فإن من تحمل ظلمة غار حراء . يتحمل اليوم ثقل الكلام عليه .. جل ما أبغي هو أن لا أترك النبي معلقاً بين الارض و السماء ، لا أصل له ولا أساس ، ولا وسيط بينه وبين الله ، ولو اضطرب بذلك المطمئنون .
فلبلوغ الغاية وتوضيح الحقيقة ، لابد لنا من أن نقابل بين تعاليم القس وتعاليم النبي ، أي بين إنجيل القس وقرآن النبي . وعلى ضوء التعاليم الواردة في الكتابين تتحدد مواقفنا من الرجلين . كتاب القس هو " الانجيل بحسب العبرانيين " ، لاشك في ذلك ؛ وكتاب النبي هو " القرآن العربي " وفيه نظر. ديانة القس النصرانية الابيونية ، لاشك في ذلك ، وديانه النبي الاسلام ، وفي ذلك نظر .. وما هذا البحث ، من ألفه الى يائه ، إلا إعادة نظر في كل شيء .
* * *
وبالنتيجة ، إن ما نحاول بحثه في كتابنا هذا تلخيص في خمسة :
أولاً – التعرف على القس ورقة بن نوفل ، على هويته ، ونسبه ، وشيعته ، وعلمه ، وعمله ..
ثانياً – التعرف على دور القس في حياة محمد ،وفي الدعوة الجديدة . .
ثالثاً – معرفة مدى العلاقة بين انجيل القس ورقة و القرآن العربي ..
رابعاً – معرفة مدى العلاقة بين " نصرانية مكة " و " الاسلام " الذى دعا اليه كل من القس و النبي ..
خامساً – واخيراً معرفة الموضوعات التى عالجها كل من " الانجيل العبراني " و " القرآن العربي " .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
الفصل الاول
هوية القس ورقة وحياتة
اولاً – نسب القس ورقة
ثانياً – نصرانية القس ورقة
ثالثاً – إبيونية القس ورقة
رابعاً – علم القس ورقة
خامساً – عمل القس ورقة
سادساً – القس ورقة رئيس النصارى
سابعاً – موت القس ورقة
أولاً – نسب القس ورقة هو القس ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزي بن قصي ، ابن عم خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي ،زوج النبي محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي . فيكون قصي الجد الثالث لورقة وخديجة ، والجد الرابع لمحمد . والثلاثة ، أي : ورقة وخديجة ومحمد ، يلتقون عند قصي نسباً وجاهاً وإيماناً وديناً ومقاماً . والثلاثة من قريش سدنة الكعبة ، ومن سكان مكة ، وأصحاب دار الندوة .
عرف عن قصي أنه تولى أمر الكعبة بعد طرده قبيلتي بني بكر وخزاعة من مكة ، وانه جمع تحت زعامته شتات القبائل المبعثرة في شعاب مكة وبطاحها ، وأطلق على هذا التجمع " قريش " . وقريش هو التجمع ، من قول ابن اسحق " انما سميت قريش قريشاً لتجمعها بعد تفرقها . ويقال للتجمع التقرش " . ولما تزوج قصي من حبى بنت حليل الخزاعي ، وكان له أولاد ومال ، عظم شرفه . وجمع قومه وتملك عليهم . فكانت إليه ستة أمور : الحجابة ، والقيادة ، والسقاية ، والرفادة ، ودار الندوة ، واللواء . توزعها أبناؤه الاربعة من بعده بالتساوي ، وهم عبد الدار ، وعبد قصي ، وعبد مناف .
ونحن نعرف ، من كتب السير و الاخبار عن عبد مناف وتفرعه ، ولكننا لانعرف شيئاً يذكر سائر البنين ، ومنهم فرع عبد العزى . وقد يكون ذلك إهمالاً مقصوداً ، أو لا مبالاة . وسبب ذلك انه لا علاقة قريبة بين ما تهتم به السيرة النبوية من أخبار عن النبي وبين مالاصلة له بهذه السيرة من أبناء قصي وأحفاده الآخرين . وهذا ما حدانا على كتابة هذا البحث عن القس ورقة ، ساعين الى كشف هوية هذا الفرع المنكود الحظ الذى لم يحظ بما يستحق من اهتمام .
وقد يكون ماكتبه أهل السيرة عن فرع عبد مناف و أحفاده غير مطابق للحقيقة ، لان هم الذين كتبوا عنه انما كان لأجل غاية مقصودة سلفاً ، وهي احاطة الرسالة المحمدية بهالة براقة ، واظهار مادونها غائراً في ظلمات الجهل . كما أن الاهمال الذى حدث بالنسبة الى فرع عبد العزى ربما كان هو الآخر مقصوداً ، إذ كان من المفروض على كتاب السير أن يلموا بمختلف جوانب التاريخ فيولوا أحفاد عبد العزى اهتمامهم ، في الوقت الذى استطاعوا ربط سلالة النبي بإسمعيل وابراهيم وآدم ، ودققوا في أخبار كل جد من أجداد محمد من فرع عبد مناف .
وكما أن كتاب السير والاخبار راحوا في كتابة سيرة فرع عبد مناف إنطلاقاً من النبي محمد ؛ فنحن ايضاً سنعمد في كتابة سيرة فرع عبد العزى إنطلاقاً من القس ورقة . والقليل المذكور عن القس ورقة لايوفر لنا مادة كافية لإرواء غليل المتبحرين ، على عكس ماتوفر من فيض عن النبي . واذا كان أجداد النبي أوتوا الشهرة . فلن يكون حظ القس اقل منهم في هذا المجال . لذلك سيتضح لنا نسب القس بصلته بالنبي ،وستتضح لنا رسالة النبي بصلته بالقس .
المهم . اذا ان القس ورقة وخديجة و النبي محمد ينتمون الى قصي الجد الاول لقبيلة قريش ، الذي بمساعدة قبيلة بني عذرة النصرانية ،أخرج خزاعة من مكة . وفي رواية اخرى إن قيصر الروم أعان قصياً على خزاعة ، وذلك عن طريق الغساسنة حلفاء الروم . وقد تكون قبيلة بني عذرة النصرانية ، التى عاشت على مقربة من حدود بلاد الشام ، هي التى توسطت فيما بين قصي و الروم ،وقد كانت خاضعة لنفوذهم .
هذه اشاره اولى لعلاقة قبيلة قريش ، منذ نشأتها ، على يد قصي مؤسسها ، بالروم و القبائل النصرانية . ولابد من أن يكون لهذه العلاقة السياسية أثر في الدين والايمان . ويشهد على ذلك تدمير قصي الاصنام التى أدخلتها قبيلة خزاعة على يد ملكها عمرو بن لحي الذى " غير دين التوحيد " .
والمعروف عن قصي أنه كان أول من بني الكعبة ، بعد بناء تبع اليمني لها ، وسقفها بالخشب ؛ وأول من أظهر الحجر الاسود ، وكانت قبيلة أياد دفنته في جبال مكة ؛ وأول من بنى المساكن في مكة ، ونقض الخيام ، وأول من نظم شؤون المدينة ....
وبهذا الانتساب الى قصي كان القس والنبي يفتخران .
ثانياً – نصـــرانية القس ورقة
لقد قيل عن القس ورقة إنه " كان على دين موسى ، ثم صار على دين عيسى ، عليهما السلام . أي كان يهودياً ثم صار نصرانياً " . هذا القول يعني أن ورقة كان يأخذ بتعاليم موسى وعيسى معاً ، أي كان يقيم التوراة والانجيل معاً ، بحسب تحديد القرآن : " يا أهل الكتاب ! لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل عليكم من ربكم " . ويعنى ثانياً أن ورقة كان مقتصاً في عقيدته ، لا يغلو في نظرته الى المسيح ، كوفد نجران المسيحي القائل بألوهية المسيح ؛ ولا يقتصر على موسى ، كاليهود الذين ينكرون على عيسى نبوته . فورقة يكون ، إذا ، من اليهود – المتنصرين ، أي من اليهود الذين تنصروا ، واعتقدوا في المسيح نبياً أتى يكمل ناموس موسى دون أن يكون إلهاً أو إبن إله ؛ ويعني أخيراً أن بعضاً من العرب قد اعتنق النصرانية التى لم تبق وقفاً على الغرباء عنهم .
هذا وإن التاريخ الاسلامي شهد على تنصر أحياء كثيرة من العرب . ودل ، بنوع خاص ، على دخول النصرانية بعض قبائل مكة و الحجاز . وأشار بوضوح الى اعتناق بعض بطون قريش لها ، وأخصها فرع عبد العزى بن قصي ، الذى قال فيه اليعقوبي ، أحد أقدم مؤرخي الاسلام : " وأما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزى ، وورقة بن نوفل بن أسد ..... " .
وأشار أيضاً الى تدين قبيلة قريش كلها في قوله : " وكانت العرب في أديانهم على صنفين : ألحمس و الحلة . فأما الحمس فقريش كلها " . وأوضح معنى هذا التدين قائلاً : " كانت قريش وعامة ولد معد بن عدنان على بعض دين ابراهيم ، يحجون البيت ، ويقيمون المناسك ، ويقرون الضيف ، ويعظمون الاشهر الحرم ، وينكرون الفواحش ، والتقاطع ، والتظالم ، ويعاقبون على الجرائم ؛ فلم يزالوا على ذلك ما كانوا ولاة البيت " . ويذكر ابن هشام من جهته : أن " كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك " ، أي مع قريش في الحمس .
ويؤكد الازرقي في " أخبار مكة وماجاء فيها من الآثار " نصرانية قريش وتدينها في قوله : " وجعلوا في دعائمها صور الانبياء وصور الشجر وصور الملائكة . فكان فيها صورة ابراهيم الخليل شيخ يقتسم بالأزلام ، وصورة عيسى بن مريم أمه ، وصور الملائكة . فلما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله البيت ، فأرسل الفضل بن العباس بن عبدالمطلب ، فجاء بماء زمزم ، ثم بثوب، فبل الماء وأمر بطمس تلك الصور . فطمست . وقال : ووضع كفيه على صورة عيسى بن مريم وأمه ، عليهما السلام ، وقال : أمحـــــوا جميع الصور الا ماتحت يدي . فرفع يديه عن صورة عيسى بن مريم وأمه " . كلام الازرقي هذا ، لا يعني وجود النصرانية في مكة وحسب ، بل تنصر الكعبة نفسها ، بما فيها من آثار وصور .
ومؤرخون كثيرون أيضاً يشهدون على تنصر كثير من أحياء العرب وقبائلهم . يقول ابن قتيبة : إن النصرانية كانت في ربيعة ةغسان ةبعض قضاعة " . ويشدد اليعقوبي على " تنصر تميم وربيعة وبني تغلب وطئ ومذحج وبهراء وسليخ وتنوخ ولخم " . ويقول الجاحظ : " كانت النصرانية قد وجدت سبيلها بين تغلب وشيبان وعبد القيس وقضاعة وسليخ والعباد وتنوخ ولخم وعاملة وجذام وكثير بن بلحارث بن كعب " .
هذه الشهادات وغيرها في كتب السير و الاخبار تدل على وجود نصراني واسع في مكة و الحجاز وسائر أنحاء الجزيرة العربية وبلاد الشام ؛ وتدل على جماعة نصرانية ذات كيان وشأن في مكة، مما يبرر وجود قس عليها شؤونها الروحية ، ويرعى أمورها الزمنية و الاجتماعية ، وهو القس ورقة بن نوفل ، قس مكة وزعيم قريش .
و الجدير بالذكرأن كتب السير و الاخبار شهدت على نصرانية فرع عبد العزى بن قصي ولاذت بالصمت حيال فرع عبد مناف . ولا ندري اذا كان الصمت جهلاً أم تنكراً . وكلا الاحتمالين لا يجوز : فالجهل مردود على أصحابه لان معرفتهم تعدت الى فرع لا أهمية له بالنسبة الى سيرة النبي وهو فرع عبد العزى ؛ و التنكر هو تزوير للتاريخ . فالنصرانية غزت فرع عبد مناف كما غزت فرع عبد العزى من قريش ، ويثبت ذلك تأرجح كتاب السير بين أن يصوروا لنا أجداد النبي على الايمان و الهداية وبين أن يكونوا على الوثنية و الشرك . والمعطيات التاريخية كلها ، كما رأينا ، تميل الى الترجيح الاول . و المسعودي ايضاً يميل الى ذلك ؛ وسنتوسع ايضاً بذلك .
أما النصرانية القس ورقة فكانت تقوم على ما كانت تقوم عليه النصرانية في تاريخ الكنيسة . قيل عن ذلك إن القس ورقة " كان أحد من اعتزل عبادة الاوثان في الجاهلية ، وطلب الدين ، وقرأ الكتب ، وامتنع عن أكل ذبائح الاوثان " وقيل ايضاً إنه " كان رابع أربعة تركوا الاوثان ، والميتة ، ومايذبح للأوثان " وهم : عبيد الله بن جحش بن أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي وقد مات نصرانياً في أرض الحبشة تاركاً امرأته أم حبيبة التى تزوجها الرسول من بعده ؛ وعثمان بن الحويرث ، ابن عم ورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد زوج محمد ، تنصر بأرض الروم وحسنت منزلته عند القيصر ، وكان يقال له البطريق ، لا عقب له ، مات بالشام مسموماً ؛ ويزيد بن عمرو بن نفيل الذى قال فيه النبي :" انه يبعث أمه وحده " ، وهو ابن أخي الخطاب ، اشتهر عنه أنه " نهى عن قتل المؤودة " ، " ويقول للرجل ، اذا أراد أن يقتل ابنته ، لا تقتلها أنا أكفيكها مؤنتها . فيأخذها " .
هؤلاء الاربعة ، من فرعي عبد العزى وعبد مناف على السواء ، اشتهروا بتنصيرهم وفق الواجبات و الفروض النصرانية المتبعة في الكنيسة ، والمعروفة في مقررات مجمع أورشليم الرسولي المعقود سنة 49 م ، وهي تقوم على " الامتناع عن نجاسات الاصنام ، والفحشاء ، والمخنوق ، والدم " ، وعلى الاخذ بالتوراة و الانجيل على السواء ، وعلى الختان والمعمودية معاً ....
الا ان نصرانية القس ورقة وندمائه الثلاثة الاخرين تختلف ، على مايبدو ، عن نصرانية مقررات مجمع أورشليم في أشياء ، وتتفق في أشياء : تختلف عنها في إيمانها بألوهية المسيح ، وبنوته لله ،وفي صلبه وقيامته من بين الاموات : في حين أن نصرانية القس ورقة وزملائه تنكر ألوهية المسيح وبنوته لله ، وترفض صلبه وقيامته رفضاً قاطعاً . وتتفق في إقامة أحكام التوراة و الانجيل ، من ختان و صلاة و صوم وما أشبه ... وتختلف في أن يكون الايمان بالمسيح وحده يكفي للخلاص . والاختلاف ، على مايبدو ، يعود الى شيعة في النصرانية معينة ينتمى اليها القس ورقة ومعظم قريش ، وهي الشيعة الابيونية .
ثالثاً – ابيونية القس ورقة
عرف عن النصارى من بني اسرائيل الضاربين في مكة و الحجاز انقسامهم الى " شيع " و " فرق " و " أحزاب " . وأشار القرآن العربي بوضوح الى هذه الخلافات . وقال : " فاختلفت الاحزاب من بينهم " ، أي " النصارى " ، بحسب تفسير الجلالين للآية المذكورة . وقال أيضاً : " ومن الاحزاب من بنكر بعضه " . ويصف أحوال كل منهم بأن " كل حزب بما لديهم فرحون " ولا يعجب أتباع النبي من كثرة الاحزاب هذه لانهم حذروا منها مسبقاً وأعلموا بوجودها : " ولما رأى المؤمنون ( من اتباع محمد ) الاحزاب ( عند النصارى ) قالوا : هذا ما وعدنا الله ورسوله " .
ويخشى النبي فيما يخشى أن يكون انتمى الى حزب منها ، أو أن يكون ساهم في توسيع رقعة الخلاف بينها ، فيقول مردداً قول هارون لأخيه موسى : " اني خشيت أن تقول فرقت بين بني اسرائيل " . كما يرفض أن يفرق بين الاحزاب ، بل يريد لها السلم ، ويبغي توحيدها : " لا نفرق بين أحد منهم . ونحن له مسلمون " . ويقول عن أتباعه بأنهم هم ايضاً : " آمنوا بالله ورسله ، ولم يفرقوا بين أحد منهم " . وفي رأيه إن كل حزب " آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله . لانفرق بين أخ من رسله " . والغريب في الامر أن " المسلمين " بحسب تحديد القرآن ، هم الذين لا يفرقون بين رسل الله و أنبيائه .
وتضاف الى شهادة القرآن العربي هذه شهادة التاريخ الكنسي . فهي تشير الى هذه الاحزاب بأسمائها وتعاليمها . وما يؤكد لنا الوفاق بين الشهادتين وحدة التعاليم التى تأخذ بها الاحزاب في كلا المصدرين . ونقتصر على ذكر بعضها كالابيونية Ebionisme ، و القيرنثية Cerinthisme، و الكسائية Elxaisme لشهرتها ومعرفة تعاليمها :
1- الابيونـــــــــــــية وهي فئة من اليهود – المنتصرين ، تبعوا المسيح ، ورأوا فيه نبياً عظيماً من الانبياء . لا يعترفون بألوهيته ولا ببنوته لله ، بل يقولون بأنه رجل كسائر الرجال ، جاءه الوحي بعد معموديته على يد يوحنا المعمدان ؛ أو بالحري إن المسيح المبدأ الازلي دخل يسوع يوم عماده ، وفارقه يوم استشهاده . تقوم رسالته على التعليم و التبشير دون الفداء و الخلاص .
يقبل الابيونيون إنجيل متى وحده ، ويسمونه " الانجيل بحسب العبرانيين " ، وهو نفسه انجيل متى الآرامي . ولكنه ناقص ومحرف ومزيف ، كما يشهد إبيفانوس ، أسقف قبرص .
أما فروضهم فتتركز على الاغنسال الدائم بالماء للوضوء و التطهير ، وعلى تحريم الذبائح . ويشددون على أعمال البر و الاهتمام باليتامى و العناية بالفقراء و المساكين وأبناء السبيل . ويوصون بإعالة المحتاجين و إطعام الجياع و إقراء الضيوف و الغرباء ..... واسمهم يدل على ذلك ، فهو من قول المسيح : " طوبى للفقراء " ، وبلغتهم العبرانية : " طوبي للإبيونيين " .
ذكــــــــرهم أيريناوس في كتابه " ضـــــد البدع " ، وأوريجانوس في كتابه " ضد سلسوس " ، وإبيفانوس في " الشامل في الهرطقات " . دخل في شيعتهم معظم رهبان قمران بعد خراب هيكل أورشليم ، سنة 70 م ، فهاجروا الى الحجاز ، وانتمى إليهم بعض القبائل العربية .
2- القيــــرنثيــــــة نسبة الى مؤسسها " قيرنث " Cerinthe . تتميز بقولها إن ملكوت المسيح السماوي هو على مثال الارضي ، وإن دور المسيح يقوم على تحرير شعبه من الحكم الروماني و الاجنبي ، وان مهمته هي سياسية و اجتماعية ، لا روحية ولا فدائية . يقول " قيرنث " بأن الجنة السماوية هي متاع الجسد وشهواته . يذكر أوسابيوس القيصري ذلك عن " قيرنث " في قوله : " بما إنه هو نفسه يحب جسده ، وكان شهوانياً ، فهو يحلم أن هذا الملكوت يقوم على الاشياء التى يشتهيها ، أي الطعام والشراب ولذة الجسد " ، تماماً كما هي جنة القرآن .
3- الكســــــــائية نسبة الى " ألكسائي " Elxai . تذهب في الغنوص الى أبعد حد . وتسمى أنصارها " أهل العلم " . وتعلم في المسيح أنه بشر كسائر البشر ، وان المسيح فارق يسوع قبل استشهاده ، وان الروح القدس تارة هو " أم " المسيح فهو التالي مؤنث . وطوراً هو الملاك جبريل فهو مذكر . ويدعي " ألكسائي " بأن ملاكاً دفع اليه بكتاب من السماء كان محفوظاً في لوح مقدس نزله عليه جبريل ، وعلمه أسرار الحكمة و الغيب .
* * * *
هذه هي شهادات التاريخ الكنسي على بعض الشيع النصرانية . وهي ، على مايظهر ، تتفق مع شهادات القرآن العربي ، أقله في الامور الاساسية مثل إنكار ألوهية المسيح ، واعتباره نبياً عظيماً ، والشبة الواقع على صلبه ، ومثل إقامة أحكام التوراة و الانجيل ، والعناية بالمساكين ، ووصف الجنة بالملذات .... وغيرها . ويكفي منها شهادة وجودها في مكة وتعرف القرآن العربي عليها . إلا أن الجانب الابيوني كان واضحاً اكثر من سواه في حياة القس ورقة وممارساته الروحية وتحنثه في غار حراء .
إن ما ظهر من إبيونية القس ورقة في حياته وممارساته الروحية وتعاليمه يدل على انتمائه الاكيد اليها . فعدا عن تعاليمه التى نرى لها أثراً واضحاً في القرآن عند كلامنا على ذلك في الفصل الاخير ، نتوقف الان على ماعرف عنه في تحنثه في غار حراء مع عبد المطلب ، وعثمان بن الحويرث ، وعبيد الله بن جحش ، وأبي أمية بن المغيرة ، وغيرهم . والتحنث هو التحنف و التبرر و التعبد الليالي الطوال و إقامة أعمال البر و الاحسان .
وذلك يقوم على الصيام شهراً كاملاً في السنة ، وعلى إطعام الجياع ، والرأفة بالمساكين ، وعلى التخلي عن الناس ، والانقطاع الى الله و التفكير فيه . ويقوم أيضاً على اعتزال عبادة الاوثان ، والامتناع عن أكل الذبائح المقربة إليهم ، وقراءة الكتب المقدسة ، والتأمل في قصصها و أخبارها ، والاخذ بالختان ، والحج الى البيت ، والغسل من الجنابة ، وتحريم الخمرة ، وما أهل لغير الله .
بهذه الصفات وصف القس ورقة ومن ذكرته كتب السير و الاخبار ، مثل ابوبكر الصديق ، ورباب البراء ، وأسعد بن كريب الحميري ، وقس ابن ساعدة الايادي ، وابي قبيس بن صرمة ، وغيرهم . ولم تكن هذه العبادات بعيدة عن النبي ، فهو أيضاً ، كالقس ورقة ، ومعه ، تنحث في غار حراء ، ومارس هذه الفرائض .
رابعــــــــاً – علم القس ورقــة
قيل في القس ورقة إنه " كان نصرانياً قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس " . وقيل فيه أيضاً : " إنه استحكم في النصرانية ، واتبع الكتب من أهلها حتى علم علماً من أهل الكتاب " . وقيل " كان قد تنصر و اتبع الكتب " ...
هذه الاقوال في القس ورقة تقطع في علمه و في تتبعه المتواصل لدرس الكتاب وفي وعيه هذا العلم . فهو يأخذ من أهل الكتاب ، ومن علماء النصارى الموصوفين في القرآن بـــ " الراسخـــــــــــين في العلم " ، وبـــ " أولي العلم " ، وبـــ " الذين جاءهم العلم " ، وبـــ " من عنده علم الكتاب " ، وبــ " الذين أوتوا العلم " . " وكان محمد بن اسحق ، صاحب السيرة ،يعتمد على أهل الكتاب ويسميهم أهل العلم الاول . قال : حدث على اهل العلم من أهل الكتاب " .
وللعلم ، في القرآن و السيرة ، كما لاهله ، مكان مرموق ، كالمكان الذى يحتله عند أهل الغنوص و المعرفة في الشيعة " الكسائية " من النصارى . هؤلاء تناط بهم معرفة الحق . ولكثرة ما يعرفون من الحق . ولكثرة مايعرفون من الحق تراهم خاشعين متعبدين يفيض الدمع من عيونهم . وقد عبر القرآن عن حالهم بقوله : " ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق " . ويقوم علمهم على معرفة الكتاب بتمامه وكماله ، فهم " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون الناس بوجوههم ، ويدركون عنهم كل خفي مكنون : " على الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم " .
هؤلاء العالمون يرفعهم الله اليه كما يرفع المؤمنين به : " يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات " . وهم يفرحون بما لديهم من العلم : " فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم " ، لانهم يرون أن كل ما أنزل من الله حق هو : " ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل اليك من ربك هو الحق " . وهم يلبثون في كتاب الله متأملين فيه دون سواه من الكتب : " وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله " ، لان كتاب الله هو لاولي العلم آيات بينات : " بل هو آيات بينات في صدور الذين اوتوا العلم " .
أهل العلم هؤلاء يحق لهم أن يشهدوا ، مع الله وملائكته ، على صحة الاسلام وعلى رسالة محمد : " شهد الله ..... والملائكة وأولوا العلم قائماً ... أن الدين عند الله الاسلام " . وتكفي شهادتهم : " قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب " .
أهل العلم هؤلاء آمنوا بالقرآن قبل سواهم : " ألراسخون في العلم يقولون : آمنا به كل من عند ربنا " ؛ و " الراســــخون في العلم منهم و المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك " . * * * * صفحة العلم هذه ، بحسب القرآن واهل السير و الاخبار هي صفة القسيسين والرهبان الاساسية : فخطب القس ابن ساعدة الايادي شهيرة في كتب الادب ، وفي سوق عكاظ الشهير. وشهرة الراهب بحيرا ، الذى تعرف عليه النبي في أسفاره الى الشام ، بعيدة الاثر في نفوس اهل قريش : وقد قيل عنه : " انتهى إليه علم النصرانية " والراهب عداس النينوي " كان يرقي محمداً بما يعرفه من الكتب " ؛ وراهب آخر من الشام يدعى عيصاً " آتاه الله علماً كثيراً " وراهب اخر في سوق عكاظ كان على علم في الطب ، ذهب اليه محمد برفقه جده عبد المطلب يطلب منه شفاء لعينيه من رمد أصابهما في صغره .... وغيرهم ، وغيرهم !....
ويستغرب حقاً الا يكون القس ورقة واحداً من هؤلاء الهبان المتبحرين الراسخين في العلم . وهو الذى قيل عنه بأنه كان يتتبع الكتب ، ويتعلم من أهل العلم ، ويأخذ ممن عنده علم الكتب .
في هذا المناخ من العلم و المعرفة يدخل القس ورقة كأحد الغنوصيين ، الكسائيين المعروفين في تاريخ الكنيسة بسعة علمهم ، وتبحرهم في الكتب ، حتى غدا عالماً بها ، عارفاً بقصصها مفسراً لها ، شارحاً بيناتها ، مبشراً بتعاليمها ، ممارساً فرائضها ، قائماً على عبادتها ، مفصلاً أسرارها ، لكأنه الخبير الحكيم الذى قصده القرآن العربي في قوله : " أ ل ر . كتاب أحكمت آياته ، ثم فصلت من لدن حكيم خبير " .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
خامساً – عمـــل القس ورقـــة
جاء في صحيح البخاري أن القس ورقة " كان يكتب الكتاب العبراني ،فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب " . وجاء في صحيح مسلم أن القس ورقة " كان يكتب الكتاب العربي ، ويكتب من الانجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب " . وجاء في ابي الفرج الاصفهاني أن ورقة " كان أمرأ تنصر في الجاهلية ،وكان يكتب الكتاب العبراني ، فيكتب بالعبرانية من الانجيل ما شاء الله أن يكتب " . وجاء في السيرة النبوية لابن كثير : " وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب " .
لئن كان الخلاف بين هذه الروايات ظاهراً ، فإن بينها ،من حيث المعنى و المدلول ، وفاقاً . كلها تشير ، بدون شك ، الى أن القس ورقة كان ينقل الانجيل من العبرانية الى العربية ؛ والى ان هذا الانجيل هو المعروف في الكنيسة بــ " الانجيل بحسب العبرانيين " ، أو بــ " الانجيل العبراني " ، أو ايضاً بــ " الانجيل بالعبرانية " ؛ وتشير ايضاً الى ان القس ورقة كان يعرف ، الــى جانب اللغة العربية ، اللغة العبرانية ، أو الأرامية بحرف عبراني ، التى منها ينقل .
لم يعرف ، عن القس ورقة ، في كتب السير و الاخبار ، مهمة غير هذه ،وهي مهمة نقل الانجيل العبراني . هذه المهمة ، مع تتبعه الكتب ،أكسبته صفة العلم ،حتى غذا من أهله ، ومن " الـــــــــراسخين " فيه . وقد تكون قراءة الكتب المقدسة ، و " درسها " ، و " تفصيلها " – وهي تعابير قرآنية – من أهم مهام الذين يوصفون بــ " العلم " . ومنهم القس ورقة الذى اشتهر اكثر من سواه بالقراءة و الدرس و التأمل و الشرح . حتى انه عمد على " نقل الانجيل العبراني " الخاص به وبشيعته الابيونية . ولكأنه تفرد ، في ذلك الحين ، وحده بهذا العمل .
و الكتاب الذى كان القس يعكف على نقله وتعريبه هو " الانجيل العبراني " المعروف لدى آباء الكنيسة و الواسع الانتشار في الاوساط النصرانية : فالقديس جيروم وجده في حلب ونقله من الأرامية الى اللاتينية و اليونانية ، واستشهد به اغناطيوس الانطاكي في انطاكيا . وقرأه أوريجينوس في الاسكندرية ، وكذلك كليمنضوس الاسكندري ، وإبيفانوس في قبرص ، و القديس إيريناوس في ليون بعد آسيا الصغرى .... ونقله القس ورقة في مكة الى العربية . ومما يدل على انه هو نفسه كان بين يدي القس تلك الصلة القريبة جداً بين تعاليمه و تعاليم القرآن العربي . أضف الى ذلك اعتباره انجيلاً خاصاً بالشيعة الابيونية التى تأكد لنا انتماء القس اليها .
ويبدو ان الانجيل العبراني هذا كان وحده دون سواه من الاناجيل بين يدي القس ورقة ، بدليل ذكره دون غيره في كتب السير و الاحاديث النبوية و الاخبار ، وبدليل ذكر القرآن لانجيل واحد معرف بالالف و اللام ، ولاترد فيه صيغة الجمع اطلاقاً ، في حين انه كان في زمن النبي محمد ، أناجيل متعددة ، معروفة منذ العصور الاولى للكنيسة ، ان في رواياتها القانونية الاربع ، أو في رواياتها المنحولة . فمنذ أوائل المسيحية كان المسيحيون يعرفون انجيل متى ، وانجيل مرقس ، وانجيل لوقــا ، وانجيل يوحنا ،ومنذ ذلك الحين ايضاً كان النصارى يعرفون انجيل بطرس ، وانجيل الرسل الاثني عشر ، وانجيل النصارى ، وانجيل الطفولة ، وانجيل العبرانيين ، وغيرها ....
فذكر القرآن العربي لانجيل واحد دون غيره يثبت أن " الانجيل العبراني " هو وحده كان معروفاً ، لا سيما و إننا نجد بينه وبين القرآن توافقاً تاماً في العقيدة و الفروض و العبادات و أحوال المعاد ، كما سنراه مفصلاً فيما بعد .
أضف الى ذلك اعتبار القرآن العربي الانجيل منزلاً من عند الله : " وأنزل التوراة و الانجيل من قبل " . وقد أنزل على " عيسى ابن مريم واتيناه الانجيل " وهو يستشهد ببعض أمثاله نظير قوله : " ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه ... " . ويستشهد به ايضاً على صحة دعوة النبي " الذى يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة و الانجيل " ، ويدعو أهله لان يحكموا على صدق مافي القرآن : " وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه ( أي في القرآن ) " . وهو يعتبره أخيراً " هدى ونوراً " .
هذه الدلائل الخطيرة حقاً تجيز لنا القول فعلاً بأن القرآن العربي عرف الانجيل الذى كان بين يدي القس ورقة ، ينقله الى العربية ، وهو الانجيل العبراني الذى يأخذ الابيونيون بتعاليمه وفرائضه . هذا و اننا لا ننكر وجود تعاليم نصرانية اخرى كانت تطوف في أجواء مكة ، تعود الى أناجيل اخرى وكتب نصرانية أخرى ، وجدت بين شيع نصرانية متعددة كانت موجودة في مجتمع القس و النبي .
ســــــــادساً – القس ورقة رئيس النصـــــارى
قيل عن ورقة انه " كان قـــــــسٌا . والقس رئيس النصارى " . وعرف ورقة عن نفسه أمام محفل من قريش ، قال : " نحن سادة العرب وقادتها " . وعن ابن اسحق وابن هشام قالا : " فأما ورقة بن نوفل فاستحكم في النصرانية و اتبع الكتب من أهلها حتى علم علماً من أهل الكتاب " . وعرف أهل مكة مقام القس عندهم فولوه أمور دينهم وشؤون دنياهم ، واسترشدوا بآرائه ، كما فعلت خديجة حيث قيل عنها : " ان ذلك من خديجة كان بإرشاد من ورقة " .
نفهم من هذه الاقوال ان ورقة كان رئيساً على كنيسة مكة النصرانية في ومن عبد المطلب ، وفي فترة طويلة من حياة محمد . وكان له فيها دور روحي وزمني : فعليه تقوم مهمة قيادة الكنيسة ، وتعليم الناس و ارشادهم ، وتفسير الكتاب و تأويله ، وبه تناط خدمة الهيكل ، واليه يرجع في مختلف امور الدين العقائدية منها و التشريعية . عليه تقوم مهمة تفقيه رعيته الوحي ومعاني التنزيل ، يفصل لهم آيات الكتاب ، وينقل اليهم ما عجم منها ، وييسرها لهم بلسان عربي مبين . يثبتهم في ايمانهم ، ويزكيهم من خطاياهم ، ويهديهم الى صراط مستقيم . فهو بكلمة ، أولهم وسيدهم وقائدهم و المسؤول عنهم .
هذه المسؤوليات هي من خصائص كل قس مسؤول وكل رئيس في كنيسة المسيح . لقد دار حوله كل " الحمس " من قريش ، من عبد المطلب زعيم مكة ، الى ابي بكر الصديق ، فعثمان بن الحويرث ، وزيد بن نفيل ، وعبيد الله بن جحش ، وعبد الله بن جدعان ، وغيرهم ممن زاولوا التحنث و التحنف في غار حراء . ودار حوله النبي محمد طوال اربع واربعين سنة من حياته .
كما كان القس ورقة " رئيس النصارى " هكذا سيكون محمد " أول المسلمين " أي : رأسهم ، وامامهم ، والمسئول عنهم ، وسيدهم ، وقائدهم ، وولي أمرهم . قال : " وأمرت لان أكون أول المسلمين " . وقال : " واني امرت أن اكون أول من اسلم " . وقال ايضاً : " وبذلك أمرت وانا اول المسلمين " .. هذه الاولية ، كما هو موضح ، ليست أولية زمنية ، بل هي أولية في المقام و المسؤولية . ويستبعد جداً أن تكون أولية زمنية بعدما أثبت القرآن نفسه أسبقيه الاسلام الحقيقي على الاسلام العربي ؛ و أسبقية اسلام النبيين السابقين على اسلام محمد واتباعه .
وكما كانت مسؤولية القس ورقة على الجماعة النصرانية في مكة ، هكذا هي مسؤولية محمد في تعليم الناس ما لا يعلمون ، وتلاوة آيات الكتاب عليهم ،وتزكيتهم من خطاياهم . قال :" كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ، ويزكيكم و يعلمكم الكتاب و الحكمة ، ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " .
وليس أدل على ذلك من كثرة اهتمام القس بالنبي نفسه : فهو الذى زوجة من خديجـــــــة ، وهو الذى دربه على التأمل و الصلاة في حراء . وهو الذى تولى إعلان نبوته على العرب .
إن هذه المسؤولية لجديرة بالاهتمام . فهي تظهر لنا الدور الذى لعبه القس في مجتمع مكة ، ومهمته في تعريب الانجيل العبراني ، وفرض ترجمته على العرب ، ومكانته العالية بين زعماء قريش وتجارها الميسورين ، وتوليه أمر الكعبة وملازمته بيت الله الحرام ، والطواف حوله . كل هذه مهمات تناط بالرئيس السيد القائد ، والكاهن الجليل . وربما شعر بعض كتبة السير بهذا الدور الخطير فأعلنوا عن أهمية القس هذه في وساطته بين الله ومحمد ، بل وفي الوحي نفسه ، فقالوا : " ولم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي " ، أو عندما امتدحه النبي في قوله : " أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس " ، أو " إني رأيت له جنة أو جنتين " .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: Balla Musa)
|
بحث جريء وان كنت به الكثير من الثقوب المنهجية؛ ولكنه يحرض على التفكير .. وسننتظر اللحق منه.
قبل ذلك اقول ان الافكار العظيمة والاديان لا تأتي من فراغ؛ ولا تتزل من السماء بغتة؛ وانما هي حصيلة تواصل معرفي وروحي ووجودي طويل؛ لذلك ليس من الغريب ان يتم اندغام ما بين الحنيفية او المسيحية العربية او اليهودية في الاسلام؛ والشواهد على ذلك كثيرة؛ ولا اعتقد انه مما يضر المسلميم التعرف عليها؛ بل سيجعلهم هذا اكثر علما بدينهم ؛ واكثر تسامحا مع الاديان الاخري.
في الغرب وصلت الدراسات اللاهوتية والدراسات في علوم الاديان المقارنة والدراسات اللغوية والتاريخية الى مدي بعيد؛ بحيث قعدت الدين في اطاره التاريخي والاجتماعي؛ وما عاد هناك من المؤمنين انفسهم من يؤمن بالاناجيل حرفيا؛ او ببعض مصادراتها الميتافيزيقية ؛ دون ان يكف الناس مع ذلك عن الايمان ؛ لان الايمان لا يقوم على صدق تلك الواقعة التاريخية او تلك؛ او رمزية او تجسيم تلك الصورة الميتافيزيقية او تلك؛ وانما على القيم الكلية والاشواق الوجودية؛ وهذه تهمها الخلاصة وليس التفاصيل؛ اللب وليس القشور.
في الفترة الاخيرة نشهد بروز دراسات تاريخية والسنية وما يندرج في علم الاديان المقارن؛ في العالم الاسلامي وفيما يتعلق بلاسلام .. بعض هذه الكتابات قديمة مثل كتاب معروف الرصافي الذي اشار اليه بدر الديبن الامير "شخصية النبي محمد":؛ وهو كتاب خطير بمعايير زمنه ومعايير زمننا ؛ وبعضها حديث نذكر منها كتب نصر حامد ابو زيد وسيد القمني وخليل عبد الكريم الخ؛ وبعضها متأثر بكتابات بعض المشتشرقين والتي لا تخلو رغم تحامل بعضها على نبي الاسلام من فائدة؛ والبعض القليل ولكن المشهور مكتوب من مواقع العداء المذهبي من بعض غلاة المسيحيين؛ مثل كتاب المقزيزي - الحديث- المجهول في حياة الرسول؛ وهي كتب دعائية سجالية ليس فيها من العلم من شي؛ وقد سميتها دعاية الكيزان المسيحيين؛ وهؤلاء لا يقلوا تطرفا ونصية وجمودا وعدم تسامح من رصفائهم من كيزان المسلمين.
هذه الظاهرة - اي بروز تلك الدراسات - فيها خير كثير؛ مع انها لا تزال في بداياتها؛ والاستمرار فيها سيؤدي الى ابراز الصورة الحقيقية للاسلام التاريخي ؛ ولدور مؤسس الاسلام على حقيقته؛ وتجاوز التصور السلفي للاسلام الذي انتصر بعد انتصار سلفية السنة على مختلف المذاهب الاخرى ودفعهم بعضها خارج اطار التداول الفكري الاسلامي؛ مثل المعتزلة واخوان الصفا والخوارج الخ؛ وتهميش بعضه الاخر التي اصبحت تيارت اقلية مثل الشيعة والخوارج الاباضية والاسماعيلية الخ؛ او اعادة انتاج بعضها في اطار التصورات السنية مثلما تم لاغلب مذاهب التصوف التي فقدت تميزها ومنهجها للمعرفة وتفرد قادتها كما عبر عنه الحلاج وابن عربي والبسطامي الخ؛ وتحول الصوفية الى صوفية طرائقية "سنية" ؛ تعتمد على الاتباع والشعوذة اكثر مما تعتمد على الفردية والاشراق.
اما الفلسفة الاسلامية فقد انتهي دورها تماما؛ وكذلك التيارات العلمية او المختلطة بالعلم ؛ والتي وجدت التعبير عن نفسها في فلسفة اخوان الصفا؛ او في الانجازات الطبية والفلكية وفي الرياضيات؛ والتي انجز معظمها فلاسفة؛ كان اهمهم ابن سيناء.. اما التيارات الشكية الالحادية في الفكر العربي الاسلامي الوسيط؛ والتي عبرت عن نفسها في صورة هرطقة او زندقة في اغلب الاحيان؛ كما عند بشار بن برد او المعري الشكالك المتردد بين الايمان والالالحاد؛ او عبرت عن نفسها بشكل الحادي واضح مرات؛ كما عند ابن الرواندي مثلا ؛ فقد اندثرت كلها بطورها الزندقي وطورها الالحادي ؛ واحرقت كتبها وضاع اثرها تماما؛ ولم يستطع حتى ماركسيو العرب في القرن العشرين ان يعلنوا عن الحادهم ويواصلوا في هذا التيار؛ بل راينا مسخا كثيرا من الماركسيين "المؤمنين" بالله مع ايمانهم بالمادية الجدلية؛ وللاحزاب الشيوعية في انتهازيتها شؤون.. ولم يشذ عن القاعدة العريضة الا عبد الله القصيمي الذي انتقل من السلفية الوهابية الى الالحاد.
ارجع واقول ان هذه الظاهرة جيدة؛ وتتميز بجراة كبيرة لم تكن متوفرة في مظهر كتابات الرواد من الدارسين النقديين للتراث الاسلامي؛ من امثال طه حسين ولويس عوض الخ؛ وان كانت كامنة في منهجهم .. وربما اصابت التقية بعضهم بعد الهجوم الواسع الذي تعرضوا له - طه حسين - او منعهم واقع مسيحيتهم الرسمية - وان لم يكونوا يؤمنون بها حقيقة - من امثال لويس عوض او غالي شكري الخ من التعمق في الامر؛ خوف اشهار السلاح المذهبي ضدهم .
واواصل كان الله هون ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
الاخ بدر الدين الامير مع التحيه تناول مثير لكونه خروج عن انغلاقيه استمرت لقرون قضتها الامه الاسلاميه فى تشويش وعدم فهم صحيح للدين الذى كان متتما لمكاركم الاخلاق والدين الاسلامى حلقه لايمكننا فصلها عن ما قبله من اديان وكتب سماويه ودعنى اطرح قراءه اخرى كمحاوله لفهم معنى الحنيفيه الى سادت فى ارض الحجاز قبل ظهور الاسلام برزت قبل الاسلام بوقت قصير سكان الجزيره العربيه وصولا الى الحبشه كانت تدين باليهوديه التى انقسمت الى دين الخاصه وهم احفاد الاسباط ( اهل البيت اليعقوبى ) مثل بنو النضير وقينقاع وقريظه ودين العامه باقى العناصر البشريه من غير الاسباط ( طبقيه دينيه) واستمر الامر حتى تحول الرومان ( قسطنطين) والحبشه ( عيزانا) الى المسيحيه هذا التحول كان من اخطر المراحل التى مرت بها اليهوديه فى الجزيره العربيه التى وجدت نفسها بين فكى كماشه من الجنوب نصارى الحبشه ومن الشمال نصارى بيت المقدس وكان عيزانا هو الاكثر شراسه فى التعامل مع اليهود فقصد مروى اليهوديه ونجح فى القضاء عليها كاول حمله عسكريه بعد تنصره وتابع من خلفوه من نصارى الحبشه مطارده اليهود فى جنوب الجزيره العربيه - اليمن ونجران ( اصحاب الاخدود) وحتى ابرهه ما كانت حملته صوب مكه بعد بناء كنيسه الاقليس الا للقضاء على الوجود اليهودى وهدم مكه كرمز دينى لليهود ( الحنفاء) بعض المؤرخين يذكرون قدومه الى مكه من الشمال اى ان حملته استهدفت التواجد اليهودى فى شرق ووسط وشمال الجزيره العربيه قبل وصوله الى مكه وهنا نجد ان الكثير من المؤرخين يقولون بنصرانيه اهل الحجاز وانا شخصيا لاانظر اليهم كنصارى بالمعنى الصريح واعتبرهم يهود تنصروا( تقيه)خشيه من ملاحقه النصارى لهم فكانوا يظهرون نصرانيتهم ويتكتمون على يهوديتهم !! وما يوكد قراءتى هو ان الاديان التى تواجدت قبل الاسلام كانت اليهوديه والنصرانيه فلامعنى لوجود دين يسمى الحنيفيه يدعى من يتدين به انهم على دين ابراهيم( لاكتاب له) متخطين دين موسى ودين عيسى والامر يرجع للسبب الذى اوضحته وفى الاطراف الشماليه نجد ان الصراع بين الروم والفرس لم يشتد الا بعد تحول الرومان الى النصرانيه وكانت الحروب ذات طابع دينى لان الفرس لهم علاقه تاريخيه باليهود ( سفر استير) ورغم مجوسيتهم الا ان جزء منهم كانوا يدينون باليهوديه وانقسم عرب الشمال الغساسنه والمناذره حسب تدينهم الى حلفين حلف مع الفرس وحلف مع الرومان
ونلحظ ان يهود يثرب لم يتواجدوا فى المنطقه الا بعد انتشار النصرانيه فى جنوب وشمال الجزيره العربيه وكانت مساكنهم قلاع محصنه يستعصى الدخول اليها بالقوه العسكريه لانهم كانوا يدركون الجانب الامنى ويعتقدون انهم محاصرون شمالا وجنوبا وان يثرب وفدك هى اخر قلاعهم ولهذا كان يخشون الدخول فى صراع مع باقى القبائيل العربيه ولم يسجل التاريخ مشاركتهم فى غزوات قريش مثل احد ويدر والخندق وتجنبوا الدخول فى حرب مع محمد واصحابه
Quote: المهم . اذا ان القس ورقة وخديجة و النبي محمد ينتمون الى قصي الجد الاول لقبيلة قريش ، الذي بمساعدة قبيلة بني عذرة النصرانية ،أخرج خزاعة من مكة . وفي رواية اخرى إن قيصر الروم أعان قصياً على خزاعة ، وذلك عن طريق الغساسنة حلفاء الروم . وقد تكون قبيلة بني عذرة النصرانية ، التى عاشت على مقربة من حدود بلاد الشام ، هي التى توسطت فيما بين قصي و الروم ،وقد كانت خاضعة لنفوذهم |
ولحرص قصى واحفاده على الاحتفاظ بالمكانه الدينيه والاجتماعيه اظهروا نصرانيتمهم وتكتموا على يهوديه كابتداع للحنيفيه وكذلك نلحظ ان نصارى بيت المقدس اشترطوا على عمر الخطاب ( العهده العمريه) عدم دخول اليهود الى ايلياء ( بيت المقدس) والامر الاغرب ان عمر بن الخطاب بعد عودته من بيت المقدس قام باجلاء اليهود عن خيبر رغم احتجاجهم متمسكين بوثيقه خطها الرسول محمد تمنحهم حق الاحتفاظ بقلاعهم مقابل التزامهم بخراجها وكان ذلك مقابل تنازلهم عن نصف املاكهم فى خيبر
الصراع بكل اشكاله فى الجزيره العربيه فى القرون الثلاثه التى سبقت الاسلام كان صراعا بين اليهوديه والنصرانيه وظهور الحنيفيه كان نتاج لهذا الصراع كمحاوله للبقاء فى مأمن والاحتفاظ بالنفوذ والمصالح والمكانه الاجتماعيه وجدت فى المعاجم الاراميه القديمه مفرده( البيت الحرام ) ويمكننا القول بان مكه كانت رمزا دينيا لليهود قبل المسلمين ولان احفاد الاسباط يعتبرون انفسهم ابناء الرب وينظرون لباقى البشر ( اغيار) لايستحقون الايمان برب ابراهيم لم يكونوا حريصيين على دخول غيرهم لليهوديه ولذلك سمحوا لباقى القبائل العربيه بعباده الاصنام (التى كان اليهود هم من يصنعونها ويبعيونها للاخرين )بل سمحوا لهم بتعبدها فى ساحه البيت الحرام على ان لايدخلوا الى داخل الكعبه التى كانت مفتاحها لدى( بنو شيبه) ويبدوا انهم مانعوا فى فتح الكعبه لمحمد رسول الله الامر الذى يفسر منعهم من الاحتفاظ بمفتاح الكعبه لفتره من الزمن قبل اعادته لهم وكما ذكرت ان الرسول صلى الله عليه وسلم عند قتح مكه ودخوله الكعبه وجد بها صور انبياء بنى اسرائيل وصوره سيدنا المسيح التى اعتقد انها اضيفت فى وقت متاخر بعد تنامى قوة النصارى وانتشار النصرانيه فى جزيره العرب كنوع من التقيه وكف شر النصارى وبايعاز من يهود الجزيره العربيه ( احفاد الاسباط)... ولوا كانت الكعبه رمزا نصرانيا و كان اهل مكه يدينيون بالنصرانيه لما قدم ابرهه النصرانى لهدمها وعلى مايبدوا ان اهل مكه اظهروا حنيفيتهم( مخفين يهوديتهم ) لابرهه الذى لم يحاول التعرض لهم بالاذى ومارده لابل عبد المطلب الا اثبات عدم استهدافهم
يهود الجزيره العربيه شجعوا باقى القبائل العربيه على الحج لاستفادتهم من الناحيه التجاريه باعتبار انهم المالكين للثروه والممتهنين التجاره والصناعه والزراعه وكان الحج يمثل لهم سوقا لبيع التمر والمنتجات الزراعيه والملابس والسلاح والاصنام وما سوق عكاظ الا صناعه يهود الجزيره العربيه قبل الاسلام
Quote: أشهر أسواق العرب في الجاهلية حتى ظهور الإسلام سوق عكاظ.
وسوق ذي المجاز.
وسوق مَجنَّة.
والمربد .
غير أن الجزيرة العربية عرفت عددًا من الأسواق الموسميةمن أهمها
سوق دُومة الجندل :
كانت ملتقى طرق مهمة بين العراق والشام وجزيرة العرب وموسمها شهر ربيع الأول إلى نصفه،
وموقعها مدينة الجوف الحالية.
سوق المُشَقّر :
وهو حصن بالبحرين قريب من مدينة هجر وتعقد سوقه في جمادى الآخرة.
سوق هَجَر :
من أرض البحرين، وهي سوق التّمر الذي يضرب به المثل وتعقد في ربيع الآخر.
سوق عُمان :
تقصدها العرب بعد الفراغ من هَجَر ويقيمون بها حتى آخر جمادى الأولى. وتجتمع فيها تجارة
الهند وفارس والحبشة مع تجارة العرب.
سوق حُباشة :
هي سوق تهامة القديمة وليست من أسواق الحج حيث تُقام في شهر رجب، وقد ورد في
الخبر أن الرسول صلى الله عليه وسلم دخلها بتجارة للسيده خديجة، رضي الله عنها، مرَّةً.
سوق صُحار :
وهي أقدم مدينة على البحر بعمان وتعقد في رجب
سوق الشِّحْر :
هو الساحل الجنوبي بين عدن وعمان ، وهي مقصد تجار البحر والبر، وتعقد في النصف من
شعبان.
سوق عَدَن :
يرحل إليها العرب بعد سوق الشِّحر وتُقام مدة العشر الأُوَلِ من رمضان.
سوق صنعاء :
تستمر من منتصف رمضان إلى آخره.
سوق حضرموت :
وتعقد في منتصف ذي القعدة، وربما أقيمت هي وعكاظ في يوم واحد |
قالت عائشه ام المومنين ( لم نشبع من التمر الا بعد خيبر) وهذا دليل احتكار اليهود للمنتجات الزراعيه والسلع التجاريه والصناعه ( السيوف والرماح والدروع وغيرها ) الخلاصه قراءتى لامر الحنيفيه اجتهاد حاولت من خلاله ايجاد تفسير لهذا الدين انطلاقا من المتغيرات التى مرت بها الجزيره العربيه قبل الاسلام .. ان اخفقت فلى شرف المحاوله ولكم تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
Quote: في صدر الاسلام، كان الحجاز عامة، ومكة خاصة مركز الحركة الدينية والتجارية والاجتماعية عند العرب، فقد كان حج العرب الى مكة وكعبتها يحدث حركة تجارية عظيمة، وحركة ادبية كبيرة، وكان امتناع الناس في الاشهر الحرم عن إيذاء بعضهم بعضا، يساعد على اقبال العرب على هذه المواسم.
وفي الاسواق التجارية الادبية التي كانت تقام في عكاظ والمربد، وغيرهما من اسواق العرب، كان للنبي نشاطه في سبيل الدعوة الاسلامية. كانت عكاظ تقع على بعد عشرة أميال من الطائف ونحو ثلاثين ميلاً من مكة في مكان منبسط وواد فسيح فيه نخيل واعشاب وماء.وأهمية سوق عكاظ ان موعد انعقادها كان قبيل الحج، وهي قريبة من مكة. فمن أراد الحج من جميع قبائل العرب، سهل عليه ان يجمع بين الغرض التجاري والاجتماعي بغشيانه سوق عكاظ قبل تأدية الحج، وبين الغرض الديني بالحج،
وكان انعقاد السوق في أحد الأشهر الحرم يعطيه مزية واضحة، وهي ان يأمن التجار فيه على ارواحهم وأموالهم.وكانت كل قبيلة تنزل في مكان خاص من السوق، وفي التاريخ ان رسول الله ذهب مع عمه العباس الى عكاظ ليريه العباس منازل الاحياء فيها، ويروى كذلك ان رسول الله جاء كندة في منازلهم بعكاظ.
أدوار اجتماعية
ولم تكن العروض التي تعرض في سوق عكاظ قاصرة على منتجات جزيرة العرب، بل كانت تباع في عكاظ سلع من مصر والشام والعراق، وكانت السوق تستخدم لأدوار اجتماعية مختلفة فمن كانت له خصومة عظيمة انتظر موسم عكاظ ومن كان له دين على آخر انظره الى عكاظ، ومن كان له حاجة استصرخ القبائل بعكاظ كالذي حكى الاصفهاني ان رجلاً من هوازن اسر فاستغاث اخوه بقوم فلم يغيثوه فركب الى موسم عكاظ وأتى منازل قبيلة مذحج يستصرخهم. وكثيراً ما تتخذ السوق وسيلة للخطبة والزواج فيروى الاغاني انه اجتمع يزيد بن عبدالمدان وعامر بن الطفيل بموسم عكاظ، وقدم أمية بن الاسكر الكنائي وتبعته ابنه له من اجمل اهل زمانها فخطبها يزيد وعامر، فتردد ابو هاشم، ففخر كل منهما بقومه وعدد فعاله في قصائد ذكرها. ومن كان صعلوكا “فاجرا” خلعته قبيلته ان شاءت بسوق عكاظ وتبرأت منه ومن فعاله، كالذي فعلت خزاعة، فقد خلعت قيس بن منقذ بسوق عكاظ، واشهدت على نفسها بخلعها اياه، وانها لا تحتمل له جريرة، ولا تطالب بجريرة يجرها أحد عليه. ومن كان داعيا الى اصلاح اجتماعي او انقلاب ديني كان يرى ان خير فرصة له سوق عكاظ، والقبائل من انحاء الجزيرة مجتمعة، وكثيراً ما كانوا يرون قس بن ساعدة يقف بسوق عكاظ يدعو دعوته، ويخطب فيها خطبه المشهورة على جمل له، فيرغب ويرهب ويحذر وينذر.الدعوة في عكاظ
وعندما بعث النبي (صلى الله عليه وسلم) اتجه الى دعوة الناس بعكاظ لانها مجمع القبائل، وروى الواقدي: ان رسول الله اقام ثلاث سنين من نبوته مستخفيا، ثم اعلن في الرابعة فدعا عشر سنين، يوافي الموسم، يتبع الحاج في منازلهم بعكاظ والمجنة وذي المجاز، يدعوهم الى ان يمنعوه حتى يبلغ رسالة ربه، فلا يجد أحدا ينصره حتى انه يسأل عن القبائل ومنازلهم قبيلة قبيلة، حتى انتهى الى بني عامر بن صعصعة فلم يلق من احد من الأذى ما لقي منهم، وفي خبر آخر انه أتى كندة في منازلهم بعكاظ فلم يأت حيا من العرب كان الين منهم، وعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج في الموسم فيدعو القبائل فلا يستجيب لدعوته أحد من الناس فقد كان يأتي القبائل بمجنة وعكاظ ومنى، ثم يعود اليهم سنة بعد سنة، حتى كان من القبائل من قال له: أما آن لك ان تيأس منا؟.. من طول ما يعرض نفسه عليهم، وروى اليعقوبي: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بسوق عكاظ وعليه جبة حمراء فقال: “يا أيها الناس قولوا لا إلا الله، تفلحوا وتنجحوا” وكان يتبعه رجل يكذبه وهو عمه ابو لهب بن عبدالمطلب.وكان لعكاظ منبر كبير لغوي وأدبي، وكانت قبائل العرب على اختلافها من قحطانيين وعدنانيين تنزل بها، وملك الحيرة يبعث تجارته اليها، ويأتي التجار من مصر والشام والعراق، فكان ذلك وسيلة من وسائل تفاهم القبائل، وتقارب اللهجات، واختيار القبائل بعضها من بعض ما ترى انه أليق بها وانسب لها، كما ان التجار من البلدان المتمدنة كالشام ومصر والعراق كانوا يطلعون العرب على اشياء مما رأوا من احوال تلك الأمم الاجتماعية، فوق هذا كانت عكاظ معرضا للبلاغة ومدرسة بدوية يلقى فيها الشعر والخطب وينشد ذلك كله ويهذب قال ابو المنذر: “كانت بعكاظ منابر في الجاهلية يقوم عليها الخطيب بخطبته وفعاله وعد مآثره وايام قومه من عام الى عام”.
ملتقى الأشراف
وكانت تحضر الاسواق وخاصة سوق عكاظ اشراف القبائل وكان اشراف القبائل يتوافون بتلك الاسواق مع التجار لأن الملوك كانت تخص كل شريف بسهم من الارباح، فكان شريف كل بلد يحضر سوق بلده، الا عكاظ فانهم يتوافون بها من كل اوب. (الأغاني) والظاهر ان المراد بالملوك هم الأمراء ورؤساء القبائل الذين يرسلون بضائعهم لبيعها في اسواق العرب كملك الحيرة والغساسنة وامراء اليمن ونحوهم، وكانت القبائل تدفع لروسائها اتاوة في نظير اقامتهم بالسوق، فقد ذكر اليعقوبي في تاريخه اخبار اسواق كثيرة كان يعشرها اشرافها (أي يأخذون العشر)، وفي عكاظ كانت القبائل تدفع لاشرافها هذه الأتاوة.وكان الاشراف يمشون في هذه الأسواق ملثمين وكان لا يوافي عكاظ شريف الا وعلى وجهه برقع مخافة ان يؤسر يوما فيكبر فداؤه.وكان على سوق عكاظ كلها رئيس اليه أمر الموسم واليه القضاء بين المتخاصمين، حتى جاء الاسلام فكان يقضي بعكاظ محمد بن سفيان بن مجاشع، من قبل النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان ابوه يقضي في الجاهلية وصار ذلك ميراثا لهم. بعد الفتوح صار العرب يغشون المدن الكبيرة لقضاء اغراضهم، فضعفت اسواق العرب ومنها عكاظ، ومع ذلك ظلت قائمة وكان آخر العهد بها قبيل سقوط الدولة الاموية، قال الكلبي: “وكانت هذه الاسواق بعكاظ ومجنة وذي المجاز قائمة في الاسلام حتى كان حديثا من الدهر” فأما عكاظ فإنما تركت عام خرجت الحرورية بمكة مع أبي حمزة المختار بن عوف الازدي الاباضي في سنة تسع وعشرين ومائة، خاف الناس ان ينهبوا وخافوا الفتنة فتركوها، ثم تركت مجنة وذو المجاز بعد ذلك واستغنوا بالاسواق بمكة وبمنى وبعرفة..
د. قصي الحسين منقول من جريدة الخليج الإمارات a |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: خليل عيسى خليل)
|
سابعــــــاً – مــــوت القس ورقــــــــة
المعروف عن وفاة القس ورقة قليل جداً . فكما نجهل زمن ولادته ومدة حياته كذلك نجهل اسباب وفاته واليوم الذى توفي فيه . الا انه قيل فيه انه مات عن عمر يفوق المائة سنة . ولا يستبعد ذلك طالما انه كان صديق عبد المطلب جد النبي و نديمه . وقد قيل عن عبد المطلب انه مات وله من العمر مائة سنة ونيف . ويذكر ايضاً أن ورقة توفي بعدما بدأ محمد رسالته بثلاث سنوان أو أربع سنين ، أي عندما كان لمحمد من العمر أربع و أربعون سنة . ويوافق ذلك ما نراه عند ابن الجوزي في كتاب الامتاع : " أن ورقة مات السنة الرابعة من المبعث " ، وفي سيرة ابن اسحق ، وفي كتاب الخميس ....
ويرجح طول حياة القس ما كان عليه في آخر أيامه من صمم وعمى . وهو ما يشير الى عبء السنين عليه . وفي الواقع ، اذا عرفنا أن القس كان نديماً لعبد المطلب ، يتحنثان معاً في غار حراء ، وفيما كان محمد في رعاية جده لا يتجاوز الثماني سنين ، وأن القس توفي عندما كان محمد في الاربعة والاربعين ، تبين لنا أن المنية أدركت القس بعد أن رزح تحت عبء السنين .
أما أثر موت القس على النبي فظاهر في حديث عائشة ، كما جاء في صحيح البخاري ، قالت : " ولم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي " . وهذا يدل على ماكان عليه القس بالنسبة الى النبي . لقد كان له العضد الامين ، والمرشد الحكيم ، والوسيط الطاهر بينه وبين الله . وهو يشير الى كونه رجلاً صالحاً ، له دور فعال في الدعوة الجديدة التى أصبح محمد ، بعد موت القس ، قيماً عليها و " الاول " على ما مر معنا .
ويختلف أهل السير والاخبار في موت القس ورقة إن كان على الاسلام أو على النصرانية : ففي رواية عن ابن عباس أن ورقة " مات على نصرانيته " ، وفي كتاب الامتاع لابن الجوزي إن القس ورقة كان " آخر من مات في الفترة ، ودفن بالحجون ، فلم يكن مسلماً " . والفترة هي المدة التى تفصل بين عيسى ومحمد ، حيث لم يكن نبوة . والحجون هو مدفن الحنفاء من آل قريش ،حيث قبر عبد المطلب جد النبي ووالديه .
الا أن مفهوم أهل السير والاخبار للنصرانية ، كدين يختلف عن الاسلام ، فيه نظر . ومفهومهم لرسالة النبي على انها تختلف عن رسالة القس فيه أيضاً نظر .
وفي كل حال ، إن ما قاله النبي عن مصير القس بعد موته يفوق كل تصور ، ويحسم الموضوع ، ويتحدى مفاهيم أهل السير والاخبار للنصرانية والاسلام . يقول النبي : " لقد رأيت القس ، يعني ورقة ، في الجنة ، وعليه ثياب الحرير " . وفي رواية :" أبصرته في بطنان الجنة ، وعليه السندس " . وفي رواية أيضاً : " قد رأيته ، فرأيت عليه ثياباً بيضا ، واحسبه ، لو كان من أهل النار ، لم تكن عليه ثياب بيض " . وفي رواية أخرى : " لاتسبوا ورقة ، فإني رأيت له جنة أو جنتين ، لانه آمن بي وصدقني " .
فأقوال النبي هذه عن مصير ورقة ، ان لم تؤيد إسلامه ، فإنها تؤيد ايمانه وهدايته ، وبالتالي نجاته ، بل نجاته في أعلى درجات الجنة ، والذين أرادوه ميتاً على النصرانية يقصدون هلاكه أكثر مما يقصدون نجاته ، لانه ، في ظنهم ، أدراك الدعوة المحمدية دون أن يؤمن بها ، عرفها ولكنه لم يعتنقها ..... وكل هذا افتراض باطل ، لان نصرانية القس هي نفسها إسلام النبي .
خاتمـــــــــــــة
القليل المعروف عن القس ورقة بن نوفل في كتب السير و الاخبار يدل على نسبه الشريف ، وزعامته الاكيدة ، ومقامه الرفيع ، ومهمته الجليلة في مكة وقريش . وهذا القليل ، ماكنا نعتمد عليه ، لو لم يؤيد القرآن صحته ، الى درجة إننا لا نفهم من تعاليم القرآن شيئاً إن غابت عنا تعاليم " الانجيل العبراني " الذى كان القس ورقة يعمل على نقله من لغته الآرامية الى العربية .
كما اننا نعجز عن فهم الكثير من قصص الانبياء الاقدمين ، ومن تعاليم التوراة والانجيل ، الواردة في القرآن العربي ، إن لم نردها الى اصلها و المصدر الذى عنه أخذت . وقصة يحيى بن زكريا ، وبشارة الملاك بمولودة ، ومولد عيسى ، ومعجزاته ، وانجيله ، وحوارييه ، ورسالته ، وتعاليمه و أمثاله كلها ، وكيفية موته ، ورفعه ، ورجوعه الاخير ..... جميعها لا نفهم منها شيئاً إن لم نرجع بها الى تعاليم ورقة وانجيله العبراني .
ويصعب علينا ، في كل حال ، أن نفهم استمرارية الوحي على الانبياء ، وأخذ بعضهم عن بعض تعاليمهم وقصصهم وشرائعهم ، ان لم يكن هناك من يضمن هذه الاستمرارية وهذه التعاليم ، ويكون ، بالتالي ، الواسطة بين الوحي السابق والوحي اللاحق ، أي بين التوراة والانجيل من جهة ، والقرآن العربي من جهة . ولسنا نجد في مكة ، في أيام النبي محمد ، غير القس ورقة يلازمه طوال أربع وأربعين سنة ونيف .
وقد يكون في مكة و الحجاز وبلاد الشام غير القس ورقة يعلم الناس ، ويبشرهم بالانجيل ، ويدربهم على الشرع النصراني ، ويدير شؤونهم الروحية .... إلا أن نسب القس ورقة ، وعلو شأنه ، ووزعامته على قريش ، ورئاسته على نصارى مكة ، وقرابته من النبي ومن خديجة ، وتحمسه في دينه ، وايمانه الجريء ، وممارساته الروحية ، كلها تثبت لنا أهمية القس ورقة ، وصلته المتينة بينه و بين النبي .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: fadlabi)
|
الفصــــــــــــــل الثاني
القــــــس و النبي في معترك الحيــــاة
أولا – ألقس يزوج النبي
ثانيا - ألقس يدرب النبي
ثالثاً - ألقس يعلم النبي
رابعاً – ألقس يعلن النبي خليفته
خامساً – ألقس النبي و النبي القس
أولا – ألقس يزوج النبي
بعدما دخل محمد في خدمة خديجة ، بإلحاح من عمه أبي طالب الذي قال له يومها : " يا ابن أخي ! انا رجل لا مال لي ، وليس مايمدنا ومايقومنا ، ولاتجارة " راح محمد يعمل في تجارة خديجة بصدق و أمانة ، وراحت هي تدفق عليه الاموال وتعطيه ضعف ماتعطي رجلاً من قومه . ثم أرسلت إليه ، ذات يوم خادمتها " نفيسة " تفاوضه في الزواج منها .
وروت لنا " نفيسة " قالت : " فأرسلتني دسيساً الى محمد بعد أن رجع في عيرها من الشام . فقلت : يا محمد ! مايمنعك أن تتزوج ؟ فقال : ما بيدي ما أتزوج به . فقلت : فإن كفيت ذلك ، ودعيت الى المال و الجمال و الشرف و الكفاية !! ألا تجيب ؟ فقال : فمن هي ؟ قلت : خديجة . قال : وكيف لي بذلك ؟ قلت : بلى . وأنا أفعل . فذهبت فأخبرتها . فأرسلت إليه أن ائت الساعة كذا وكذا "
وعندمـــا بلغت الساعة الحاسمة ، أرسلت خديجة الى أعمامها . وأرسل محمد الى أعمامه فحضروا جميعاً . واجتمع الناس . وخطب أبوطالب وقال : " ...... وابن أخي له في خديجة بنت خويلد رغية ، ولها فيه مثل ذلك " . وخطب القس ورقة ولي أمر خديجة ، وقال : " ألحمدلله الذى جعلنا كما ذكرت ،وفضلنا على ماعددت . فنحن سادة العرب وقادتها . وانتم أهل ذلك كله . ولاينكر العرب فضلكم . فاشهدوا علي يا معشر قريش . إني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبدالله ... وفرح أبوطالب فرحاً شديداً ، وقال : " الحمدلله الذى اذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم " . وقال ايضاً عن ابن اخيه : " وهو ، والله ، بعد هذا ( الزواج ) ، له نبأ عظيم وشأن خطير "
* * * *
نتوقف عند حدث الزواج هذا لنبدي بعض الملاحظات . فهو حدث خطير وهام في حياة القس و النبي ، وفي شأن المخطط الذى يتنفذ على يد أبي طالب وخديجة . لقد وقع النبي ، على ما يبدو ، وقعة إلهية بين يدي أولياء أمره . وتوالت عليه ، بعد حدث الزواج هذا ، الاعلانات الصريحة عن نبوته العتيدة ورسالته المقررة . ولم تبخل علينا كتب السيرة في ما كان عليه القس والعم والزوج . لقد كان لكل منهم دوره في ما دبر الله على أيديهم .
يلاحظ أولاً مقام القس ورقة في مكة وفي قريش : فهو سيد العرب وقائدهم . من قوله : " نحن سادة العرب وقادتها " .
وقد اعتبرته كتب السير " رئيس النصارى " و المسؤول عنهم . ونستدل على ذلك من أولويته في محفل الزواج ومن تقدمه على كافة الحاضرين . والقس ، على مانعلم ، محظوظ بثقة الناس موفور الاحترام .
يلاحظ ثانياً أن القس لم يكن حاضراً حفل الزواج ومتقدماً على الحاضرين بما له من درجة تؤهله ذلك ؛ بل لقد كان محتفلاً بالعقد و " مكللاً " . فهو الذى أبرم العهد . وشهد عليه ، وأعلن على الحضور ماجرى . هو المحتفل الاول بالعقد ، أول قل هو " الكاهن " الذى ربط ، باسم الله ، مالا يحله إنسان ، بحسب تعليم إنجيل الابيونيين . كاهن نصراني يبارك الزواج ! فعلى أي دين يكون الزوجان إذا ؟!!
يلاحظ ثالثاً صيغة العقد التى تلاها القس على الزوجين وأمام الحضور . إنها الصيغة المستعملة عادة عند النصارى مع عناصرها الاساسية لصحة الزواج :
العنصر الاول : وجود القس وإشرافه المباشر اللذان اتضحا في صيغة المتكلم من قول ورقة : " اني قد زوجت " .
العنصر الثاني : رضى الزوجين الذى بدا أكيداً في عرض خديجة نفسها على محمد قائلة : " يا ابن عم ! اني قد رغبت فيك " ، وفي رضى محمد الذى " ذكر ذلك لأعمامه " بفرح وسرور ، وفي خطبة أبي طالب الذى أعلن " رغبة " ابن أخيه .
العنصر الثالث : وجود شهود عيان من آل قريش ومن الاقرباء و الانسباء .
العنصر الرابع : إعلان القس لعقد الزواج إعلاناً رسمياً وصريحاً أمام الحاضرين .
و العنصر الخامس والاخير : إستمرارية الزواج الذى ربط بين الزوجين حتى موت أحدهما . وبالفعل كان ذلك اذ " كانت خديجة أول امرأة تزوجها رسول الله ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت " .
يلاحظ رابعاً مقاصد القس في مادبر على يد خديجة انه زواج على مايبدو ، رغبة القس قبل أن ترغب هي . فهو الذى أعلن قبل سواه . هذه الرغبة في قوله : " ورغبتنا في الاتصال بحبلكم وشوفكم " . وذلك بالرغم من رفض والدها الذى تساءل قائلاً: " أنا أزوج يتيم أبي طالب ؟ّ! لا لعمري . فقالت له خديجة : الا تستحي ؟! تريد أن تسفه نفسك عند قريش ؟! فلم تزل به حتى رضى " . وفي رواية " إن خديجة قالت لمحمد : إذهب الى عمك فقل له تعجل إلينا بالغداة . فلما جاءها ومعه رسول الله ، قالت له : يا ابا طالب ! تدخل على عمي ( ورقة ) فكلمه يزوجني من ابن أخيك محمد بن عبدالله . فقال أبو طالب : يا خديجة ! لا تستهزئي . فقالت : هذا صنع الله ؟؟؟؟ فقام فذهب وجاء مع عشرة من قومه الى عمها " . ولن تدرك الآن مقصد القس في ذلك . لعله ، وهو الابيوني المذهب ، يريد الاهتمام باليتيم والفقير محمد ؟ أو لعله ، وهو قس مكة يريد أن يعد خليفة له من بعده ؟ أو يدبر قائداً وزعيماً يخلفه على قريش ؟!
ويلاحظ خامساً – وقبل كل شي – كيفية زواج مرحوم والد محمد المدعو عبد الله ، الذى كان يسعى وراء شريكة حياته : وقد عرضت " رقية " أخت القس ورقة نفسها عليه . وهي كما تخبر عنها كتب السير ، " كانت تسمع من أخيها ورقة انه كائن في هذه الامة نبي " .... الا انها لم توفق في الزواج من عبدالله .... وهذا ما يدل ، مرة اخرى على معرفة ورقة بمحمد وبآل محمد ، حتى قبل ولادة محمد ، كما يدل على ان في الامر تدبيراً مدروساً ومصمماً له . هذا وإن في السيرة الهاشمية تأكيداً على " أن الذى وجده ( محمداً ) هو ورقة بن نوفل ورجل آخر من قريش . فأتيا به عبدالمطلب . وكان له من العمر خمس أو ست سنين . وهذا معنى قوله : " ووجدك ضالا فهدى " .
ويلاحظ سادساً دخول أبي طالب هو الآخر ، في مخطط القس وتدابيره . وهو واضح في قوله : " وهو ( أي محمد ) ، والله ، بعد هذا ( الزواج ) له نبأ عظيم وشأن خطير " . ونحن نسأل : من ابن لابي طالب معرفة المستقبل واستنباط التنبؤات ؟ من اين للعم أن يعرف ما سيكون عليه مصير ابن أخيه ؟ ثم إن ابا طالب رضي أن يزوج محمداً الشاب من أرملة لرجلين قبله . رضى الله بذلك مسروراً . فأعلن : " الحمد لله الذى اذهب عنا الكرب ودفع عنا الغموم " . ونسأل :أكان النبي على عمه عالة ، أم أراد العم لابن أخيه قصاصاً ، " وهو الذى كان يحبه حباً شديداً لا يحبه ولده . وكان لا ينام الا الى جنبه . وكان يحفظه ويحوطه ويقصده وينصره الى ان مات " كيف رضى له ذلك لولا مخطط القس المدبر الذى أراد أن يعوض محمداً عن الاجحاف العاطفي بتوليه قيادة روحية وسيادة زمنية على العرب ؟
ويلاحظ سابعاً واخيراً دخول محمد نفسه في تدابير القس : فتى في الخامسة و العشرين من عمره يتزوج امرأة تجاوزت الاربعين ، وأرملة لرجلين قبله وأم لعدة أولاد . هذا الشاب ، مهما كان جريئاً ، لا يخطر بباله ، وهو الخادم أن يتزوج من سيدته التى شفقت عليه واستخدمته في تجارتها ، وقد كان قومها حريصاً على نكاحها لو قدر على ذلك ؛ قد طلبوها وذكروا لها الاموال فلم تقبل . ماكان ليكون لمحمد ذلك لولا دافع دبر له ما يناسب . ومن يكون هذا الدافع غير القـس ؟ فـــلولا القس لما كان ما كان ، ومتى أراد القـس شيئاً كان .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
Quote: ارجع واقول ان هذه الظاهرة جيدة؛ وتتميز بجراة كبيرة لم تكن متوفرة في مظهر كتابات الرواد من الدارسين النقديين للتراث الاسلامي؛ من امثال طه حسين ولويس عوض الخ؛ وان كانت كامنة في منهجهم .. وربما اصابت التقية بعضهم بعد الهجوم الواسع الذي تعرضوا له - طه حسين - او منعهم واقع مسيحيتهم الرسمية - وان لم يكونوا يؤمنون بها حقيقة - من امثال لويس عوض او غالي شكري الخ من التعمق في الامر؛ خوف اشهار السلاح المذهبي ضدهم .
واواصل كان الله هون .. |
الأخ عادل عبدالعاطى اهلا بتوثبك النقدى التحاورى واصل ولك التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
Quote: تناول مثير لكونه خروج عن انغلاقيه استمرت لقرون قضتها الامه الاسلاميه فى تشويش وعدم فهم صحيح للدين الذى كان متتما لمكاركم الاخلاق والدين الاسلامى حلقه لايمكننا فصلها عن ما قبله من اديان وكتب سماويه ودعنى اطرح قراءه اخرى كمحاوله لفهم معنى الحنيفيه الى سادت فى ارض الحجاز قبل ظهور الاسلام برزت قبل الاسلام بوقت قصير سكان الجزيره العربيه وصولا الى الحبشه كانت تدين باليهوديه التى انقسمت الى دين الخاصه وهم احفاد الاسباط ( اهل البيت اليعقوبى ) مثل بنو النضير وقينقاع وقريظه ودين العامه باقى العناصر البشريه من غير الاسباط ( طبقيه دينيه) واستمر الامر حتى تحول الرومان ( قسطنطين) والحبشه ( عيزانا) الى المسيحيه هذا التحول كان من اخطر المراحل التى مرت بها اليهوديه فى الجزيره العربيه التى وجدت نفسها بين فكى كماشه من الجنوب نصارى الحبشه ومن الشمال نصارى بيت المقدس |
الأخ خليل عيسى كامل التقدير على اثراء الحوار وفتح نوافذة معرفية ارجو ان تواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
أما أثر موت القس على النبي فظاهر في حديث عائشة ، كما جاء في صحيح البخاري ، قالت : " ولم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي " . وهذا يدل على ماكان عليه القس بالنسبة الى النبي . لقد كان له العضد الامين ، والمرشد الحكيم ، والوسيط الطاهر بينه وبين الله . وهو يشير الى كونه رجلاً صالحاً ، له دور فعال في الدعوة الجديدة التى أصبح محمد ، بعد موت القس ، قيماً عليها و " الاول " على ما مر معنا .
ويختلف أهل السير والاخبار في موت القس ورقة إن كان على الاسلام أو على النصرانية : ففي رواية عن ابن عباس أن ورقة " مات على نصرانيته " ، وفي كتاب الامتاع لابن الجوزي إن القس ورقة كان " آخر من مات في الفترة ، ودفن بالحجون ، فلم يكن مسلماً " . والفترة هي المدة التى تفصل بين عيسى ومحمد ، حيث لم يكن نبوة . والحجون هو مدفن الحنفاء من آل قريش ،حيث قبر عبد المطلب جد النبي ووالديه .
الا أن مفهوم أهل السير والاخبار للنصرانية ، كدين يختلف عن الاسلام ، فيه نظر . ومفهومهم لرسالة النبي على انها تختلف عن رسالة القس فيه أيضاً نظر .
وفي كل حال ، إن ما قاله النبي عن مصير القس بعد موته يفوق كل تصور ، ويحسم الموضوع ، ويتحدى مفاهيم أهل السير والاخبار للنصرانية والاسلام . يقول النبي : " لقد رأيت القس ، يعني ورقة ، في الجنة ، وعليه ثياب الحرير " . وفي رواية :" أبصرته في بطنان الجنة ، وعليه السندس " . وفي رواية أيضاً : " قد رأيته ، فرأيت عليه ثياباً بيضا ، واحسبه ، لو كان من أهل النار ، لم تكن عليه ثياب بيض " . وفي رواية أخرى : " لاتسبوا ورقة ، فإني رأيت له جنة أو جنتين ، لانه آمن بي وصدقني "
this is wondeful thank you
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: Mustafa Mahmoud)
|
ثانيـــــــاً – القس يدرب النبي
بعد ما ارتبط مصير محمد بمصير خديجة انحلت في مخطط القس عقد كثيرة . لقد وقع النبي في قبضة القس وقعة إلهية . لقد تمت الخطوة الاولى بنجاح ، وضع القس خبرته في خدمة نسيبه فزين له مستقبلاً غنياً بالاماني و الآمال . ولم تضن ثرية قريش بمالها لتنفيذ رغبات ابن عمها . وتعاون الاثنان بما يملكان من خبرة ودهاء وجاه ومال ، على إعداد النبي للرسالة المقررة . وسار القس به على طريق النجاح المكفول . و النجاح المكفول يصار إليه حثيثاً وبتوءدة . والرسالة الخطيرة تتم بالتدريب المتواصل و التهيئة الباطنية العميقة . فكان أول ما كان وأهم ما كان الخلوة . والخلوة في غار حراء حيث اعتكف جده وندمـــاء جده و " الحمــس " من قريش . هناك ، في مدة تزيد على الخمس عشر سنة ، راح القس و النبي يختليان ويصليان وينقطعان عن الناس ويفكران بالله ، شهراً كاملا من كل سنة ، هناك تدرب النبي على يد القس الخبير بشؤون الله والناس .
لم تكن الخلوة بعيدة عن طبع محمد . لقد كان له في ذلك من صغره ، على حد شهادة أقرب المقربين إليه . وهي خطوة هامة نحو النجاح . لقد شهدت مرضعته النصرانية حليمة السعدية وقالت : " لما ترعرع كان يخرج الى الصبيان وهم يلعبون فيتجنبهم . ولما قرب الزمن الذى أراد الله أن يرسله فيه ازداد محبة في الخلوة . لان الخلوة يكون فيها فراغ القلب و الانقطاع عن الخلق . فهي تفرغ القلب عن أشغال الدنيا لدوام ذكر الله ، فيصفو ، وتشرق عليه أنوار المعرفة . فلم يكن شي أحب اليه من أن يخلو وحده . وكان بغار حراء . فكان يتحنث فيه ، أي يتعبد فيه الليالي ذوات العدد مع أيامها " .
وشهدت امراته عائشة ايضاً وقالت : " ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء ، ويتحنث فيه ، وهو التعبد الليالي قبل أن يرجع الى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع الى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى فجأه الحق وهو في غار حراء " . وزاد ابن هشام بقوله : " فلم يكن شيء أحب إليه من أن يخلو وحده " .
و أكدت خديجة ، أولى زوجاته ذلك فقالت : " حبب اليه الخلوة التى بها يكون فراغ القلب والانقطاع عن الخلق " .
ولكن ، لم يكن محمد يعرف وحده أهمية الخلوة ، اعداداً للنفس وانقطاعاً الى الله ، لو لم يتعرف على أناس مارسوها قبله ، ولو لم يتبع في ذلك سيرة جده وندمــــاء جده أمثال أبي أمية بن المغيرة والقس ورقة وغيرهما . فعن هؤلاء أخذ محمد الطريقة وعلى خطواتهم سار في إعداد حياته الروحية ورسالته العتيدة .
وقد شهدت السيرة على خلوة محمد ومقوماتها بقولها : " كان رسول الله يجاور في حراء من كل سنة شهراً . وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية " . وبقولها ايضاً : " كان رسول الله يجاور ذلك الشهر من كل سنة ، يطعم من جاءه من المساكين . فإذا قضى جواره من ذلك الشهر ، كان أول مايبدأ به اذا انصرف من جواره ، الكعبة ، قبل أن يدخل بيته ، فيطوف بها سبعاً ، أو ما شاء الله من ذلك . ثم يرجع الى بيته ، حتى كان الشهر الذى أراد الله تعالى فيه ما أراد من كرامته " .
لا نعرف بالحصر مقومات خلوة محمد في غار حراء ، ولا كيفيتها ، بحسب ما جاء في شرح البخاري : " لم يجئ في الاحاديث التى وقفنا عليها كيفية تعبده " . الا انها قد وصفت بما وصفت به خلوة عبد المطلب و القس و غيرهما ممن قصدوا حراء للاعتكاف و التعبد و الرياضة الروحية . وفي كتب السيرة وصف لها بما يتفق و التقاليد النصرانية في ذلك الحين . أهمها :
1- الزهد و الانقطاع عن الناس . يقومان على ترك ما في العالم من طيبات ، واعتبار الدنيا كلا شيء ، طمعاً أو رغبة في لقاء الله بأيد نظيفة من علائق المادة . ويقوم الجوار في حراء على التخلي عن مجادلات الناس التى لا منفعة فيها ، والابتعاد عن اهتماماتهم الدنيوية ، لكي يكون كل شيء لديه مدعاة لطلب الحق من الله وحده . كما يقوم على " إفراغ القلب من أشغال الدنيا ، ودوام ذكر الله ، فيصفو وتشرق عليه أنوار المعرفة " .
2- التحنث و التحنف . يقومان على التفكير بالله وحده و التعبد له . وعلى اقامة أعمال الروح من صلاة وتأمل وتهجد وهذيان روحي وقراءة كلمة الله في كتبه المنزلة ، وسماع تفسيرها من مرشد خبير يساعده في معراجه الروحي ، والاعتكاف على شرحها وتأويلها وتفصيلها مع من يمكنه ذلك . ولذلك قيل في مواضيع تحنث محمد بأنه " كان يتعبد قبل النبوة بشرع ابراهيم ( ؟ ) وقيل بشريعة موســى ، وقيل بكل ماصح انه شريعة لمن قبله " . وهذا هو المعروف لدى النصارى الآخذين بأحكام موسى وعيسى ، أو القائمين بالتوراة والانجيل !
3- الصيـــام . قدوة بصوم موسى و إيليا على جبل حوريب ، وصوم يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم في برية الاردن ، وصوم النصارى كافة ، كان محمد يقضى شهره في الانقطاع عن الاكل أو في أكل وجبة واحدة في اليوم ، وفي الاقتصار بهذه الوجبة على المآكل الخفيفة من الاعشاب و الاثمار و الالبان وكسر الخبز اليابس ونباتات الصحراء الضئيلة ، ويأكلها ، لا للتنعم بطعمها ، بل لسد جوعه وحاجته الغذائية الماسة إليها . وعرف عن محمد انه كان يتزود لصيامه الكعك و اللبن .
4- أعمال البر والاحسان . لم تخل خلوة النبي من عمل الحسنة تجاه من يراه في حاجة إليها . لقد كان " يطعم من جاءه من المساكين " ، حتى ان طيور السماء ووحوش الجبال كانت تتنعم بإشفاقه وعطفه . هذه الناحية من حياة محمد كانت تستأثر باهتمامه ، وهو الذى ذاق مرارة البؤس و الحرمان منذ صغره ، وهو الذى تعلم على جده وعمه ونسيبه قس مكة أن يكون شفوقاً عطوفاً وسخياً في العطاء . ولايخفى ما في تعاليمه من حث على عمل الحسنات و الصدقات و الاهتمام بالأرامل و اليتامى وابناء السبيل . كما لا يخفى هجومه العنيف على مترفي مكة و أثريائها و " الملأ الاعلى " من قريش ، ومنهم بعض أعمامه كأبي لهب " وامرأته حمالة الحطب " .
5- شهر رمضان . هو شهر الخلوة و الصيام و الصلاة و التعبد . فيه كان النبي يعتكف في غار حراء ، وفيه كان يحظى بنعم الله ، وفيه كان يتحنث ويتفكر بالله ويتأمل في كتبه المنزلة . إنه شهر الهدى الذى نزل فيه الوحي تلطفاً ! لقد كان رمضان قبل التشريع القرآني ، شهر صيام نصراني ، وقد أشار القرآن نفسه الى ذلك بقوله : " يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام* كما كتب على الذين من قبلكم " .
6- الطواف في البيت . في نهاية شهر الخلوة و الصيام ، كان ينزل محمد من على جبل حراء ويذهب الى بيت الله للشكران و الاحتفال بالعيد ، فيطوف بالكعبة سبع مرات ، ثم يرجع الى بيته مطمئناً متمماً واجبه المقدس ! تقول السيرة النبوية : " وكان اذا قضى جواره من شهره ذلك ، كان أول ما يبدأ به اذا انصرف قبل أن يدخل بيته الكعبة ، فيطوف بها سبعاً ، ثم يرجع الى بيته " كما هو حال النصارى ، بعد صيامهم الاربعين ، يحتفلون بعيد الشعانين ، ويطوفون حول كنائسهم سبع مرات . كذا في الاصل .
هذه بعض مقومات خلوة القس ورقة و النبي محمد في غار حراء . كلها عادات نصرانية ، لا يمارسها اي انسان من ذات طبعه ، ولا تكون من أجل غايات دنيوية . كلها من شرع الله الذى أنزل على موسى و عيسى ، أي التى كان يمارسها اليهود و اليهود – المنتصرون و المسيحيون . ولم يكن بوسع محمد أن يكتشفها وحده لولا اقتداؤه بمن سبقه في ذلك ، ولولا تدربه على يد مرشد خبير كالقس ورقة بن نوفل أقرب المقربين إليه .
لقد كانت ممارسات محمد الروحية صعبة ، وأرادها كذلك لوفرة تدينه . ولشدتها عليه كانت تحدث له " أرهاصات كان منها جزعاً " وتنتابه نوبات عصبية شديدة ، خشي أن يكون الشيطان مسبباً لها . ولطالما كانت بوادره ترتجف ، ووجهه يتربد ، ويتصبب منه العرق في الايام الباردة ، ويصاب بالاغماء ، ويغط كغليط البكر ، ويسمع عنده دوي كدوي النحل . وكان ، والحال هذه يطلب من زوجته خديجة أن تلفه بثياب دافئة ليذهب عنه الروع . هذه الحالات النفسية الشديدة أرته ما أرته من رؤى و أحلام ، ظن نفسه فيها جنياً أو شيطاناً . وكانت خديجة تعالجه وتستشير في أمره ابن عمها القس ورقة .
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
العزيز/ بدر الدين الامير احييك على هذه المساهمة المميّزة والتى يمكن ان تصب فى خانة التجاوز المعرفى للمشروع السلفى المتناقض مع روح العصر، وذلك من خلال قراءة اخرى للتاريخ العربى الاسلامى لمصلحة العقل وخصما على منطق النقل . هناك انزعاج من بعض الاخوة اعتقد انه يحدث ربما خشية من اتهام اهل النقل او الاسلام السياسى لمثل هذه المحاولات التنويرية الجريئة ( بالتحريف وانها انكار لما هو معلوم من الدين بالضرورةوالحقيقة انهم سيسعون الى ذلك ايا كان مستوى وعمق تلك المحاولات (واعتبارها بعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار) ولذلك فان معركة التنوير طويلة وهى تحتاج للشجاعة والمبادرة الى جانب الصدق طبعا. الا ان اكثر ما يزعجنى من انزعاج هؤلاء هو الارث السلبى تجاه نقد التراث الاسلامى والذى كرسه اليسار التقليدى كونه كان هو المسيطر على مجمل رؤية المثقف حيال التغيير. ظلّ الحزب الشيوعى يتخذ موقفا محافظا جدا تجاه اعادة قراءة التاريخ العربى الاسلامى وربما ضعف ذلك الاتجاه بعض الشىء نتيجة المساهمة التى قدمها المرحوم مروّة (النزعات المادية) ولكنها ظلّت هى (النزعة) الغالبة ونقد التراث الدينى واعادة قراءة التاريخ فى نظر الماركسية لا تخرج عن كونها تعبيرا عن قلق البرجوازية الصغيرة المضر بمجمل عملية (التغيير الثورى).اعتقد ان تلك النزعة لدى الاحزاب الشيوعية ناجمة الموقف من (المسألة الاساسية فى الفلسفة) وهو استبطان ماركسى للموقف الالحادى والذى يعبر عن تلك (التقيّة). اعتقد انه على المشروع الديمقراطى المؤمن بالدور المستقل التى تلعبه القيم واهمية استلهام القيم الدينية فى العمل السياسى، ( وليس بناءا فوقيا عاكسا فقط)عليه اعادة قراءة التاريخ الاسلامى فى تصالح تام مع مشروع النهضة الوطنية الشاملة وصولا الى الاصلاح الكامل فى المفاهيم والتصورات الدينية. ان الدور الذى لعبه القس ورقة ابن نوفل فى حياة الرسول صلى الله عليه وسلم لا يمكن اغفاله ولا يفعل ذلك الا مكابر وفكرة ان الله قد استخدم البشر فى احداث تواصل هام بين الاديان السماوية لفكرة مقبولة وهى لا تنفى وجود الوحى والتواصل عن طريقه فيما بعد. لا شك عندى ان تلك العلاقة قد قامت بتهيئة الرسول الكريم للوحى والرسالة وانها قد تركت اثارها حتى بعد نزول الوحى وهى التى طبعت الاسلام بذلك الطابع التوحيدى فيما يتعلق بالايمان بالاديان السماوية وعدم التفريق بين الانبياء والرسل على عكس الديانتين المسيحية واليهودية منفردتين. تبقى أهمية اعادة صياغة تصوراتنا وفهمنا للاسلام حتى ترتفع للتسامح المطلوب هى اهم سمات عصرنا، عصر العلم والديمقراطية وحقوق الانسان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: kamalabas)
|
milion thanks for this
بعد ما ارتبط مصير محمد بمصير خديجة انحلت في مخطط القس عقد كثيرة . لقد وقع النبي في قبضة القس وقعة إلهية . لقد تمت الخطوة الاولى بنجاح ، وضع القس خبرته في خدمة نسيبه فزين له مستقبلاً غنياً بالاماني و الآمال . ولم تضن ثرية قريش بمالها لتنفيذ رغبات ابن عمها . وتعاون الاثنان بما يملكان من خبرة ودهاء وجاه ومال ، على إعداد النبي للرسالة المقررة . وسار القس به على طريق النجاح المكفول . و النجاح المكفول يصار إليه حثيثاً وبتوءدة . والرسالة الخطيرة تتم بالتدريب المتواصل و التهيئة الباطنية العميقة . فكان أول ما كان وأهم ما كان الخلوة . والخلوة في غار حراء حيث اعتكف جده وندمـــاء جده و " الحمــس " من قريش . هناك ، في مدة تزيد على الخمس عشر سنة ، راح القس و النبي يختليان ويصليان وينقطعان عن الناس ويفكران بالله ، شهراً كاملا من كل سنة ، هناك تدرب النبي على يد القس الخبير بشؤون الله والناس .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: Mohamed Elgadi)
|
ظروف ضاغطة حجبتني طويلا، و ستظلّ تحجبني ،عن المشاركة الناجزة و المنتظمة في منتدي سودانيزاونلاين علي مدي بعيد. سنحت لي فرصة اليوم لمطالعة المنتدي، فلفت ناظري عنوان الخيط السايبيري الجاري و المنقول ههناعبر الزميل بدر الدين الأمير. الله وحده أعلم بالسرائر، لكنّني أتسائل: لماذا تقاعس، أو تغافل الأخ بدرالدين الأمير عن إيراد وصلة الموضوع السايبيري و عن إدراج نبدة تعريفيّة مقتضبة عن مؤلّف الكتاب: الأب أبو موسي الحريري، و هو، كما يتّضح لنا لاحقا، واحد من ألقابه القلميّة العديدة التي يختبي تحتها بغية تحقيق غايات مريبة لا تخفي علي القارئ الفطن. لا أحفي عليكم جهلي الكامل بالكتاب مناط هذا الخيط السايبيري، لذا لم أتمالك سوي اللجوء لأداة البحث الإلكتروني الشهيرة: قوقل، لإرواء غليلي المعرفي عنه. فكانت الحصيلة المعرفيّّة التالية مكنونة في طيّّّّات أوّل وصلة سايبيريّة أفتحهاعن مادّة البحث المستهدفة. من المسلّم به أنّ ثمة معلومات شحيحة جادت بها كتب التاريخ و السيرة النبويّة عن القس ورقة إين نوفل و عن علاقته بالنبي الكريم، محمّّد، صلي الله عليه و سلّم. لكنّ الباحث المسيحي الذي سمّي نفسه: أبا موسي الحريري يستعمل لغة إيحائيّة ماكرة و يحمّل الوقائع التاريخيّة المنقولة عن صلات القس المبجّل ورقة إبن نوفل بالرسول الكريم، محمّد، صلّي الله عليه و سلّم، معان ممتسفة فوق مدلولاتهاالحقيقيّة وصولا لماّلات و أغراض خبيثة يدركها القارئ النبيه.
____ ____ ____ ____ ___ ____ ____ ____ ____ ____ ____ ____ ____ ____ ____
أدخل شروط البحث الخاصة بك تقديم نموذج بحث Web www.nadyelfikr.net
مرحبا بالضيف ( دخول | التسجيل )
نادي الفكر العربي > الســــــاحات العــــــامة > الحوار الديني حكمة اليوم
3 الصفحات 123»انتقل إلى صفحه
دحض كتاب "قس و نبي" للأب أبي موسى الحريري خيارات
أخبرني بجديد هذا الموضوع إرسال الموضوع لصديق طباعة الموضوع تنزيل / طباعة هذا الموضوع الإشتراك في هذا المنتدى طريقة العرض تحويل للنمط : ملخص عادي تحويل للنمط : تدريجي Aug 15 2005, 02:56 PM مشاركة #1 إبراهيم
عضو رائد
المشاركات: 13,348 التسجيل: 22-June 02
كتب إبراهيم عرفات:
--------------------------------------------------
يعمد أبو موسى الحريري إلى فرضية يتعامل معها و كأنها حقيقة مطلقة مفادها أنه ورقة بن نوفل ذلك النصراني الأبيوني و الذي نسب إليه مهمة تدريب محمد تدريبا مكثفا و أعده للنبوة حتى يكون محمدًا ما أراده ورقة في تقديم رسالة لجزيرة العرب يبشر بها و تكون النصرانية دعامتها الأولى و الأساسية. هذا دفع الكثيرون لأن يطبلوا و يزمروا لهذا الكتاب و كأنه كشف المستور في أمر نبوءة محمد و قالوا ما محمد إلا تدريب أحد قسسنا النصارى. و لو أقدمنا على تحليل لنصوص القرآن تحليلا نقديا يعمد إلى القراءة التاريخية لوجدنا أن الأب "أبو موسى الحريري" قد أخذته الحمية في غيرته على نصرانيته فألصق بمحمد ما لا أساس له من الصحة. صحيح أن محمد تحدث عن سماحة النصارى بين الحين و الآخر في القرآن و صحيح أنه قال إنهم أقربهم مودة لمعشر المسلمين. و لكن متى جاء ذكر المسيح فعلا في القرآن لو تتبعنا تاريخ البعثة المحمدية؟ في أي سنة من سنين البعثة المحمدية يقبل الرسول على ذكر المسيح؟ و الجواب هو أن محمدًا قد جاء على ذكر النصارى في القرآن في السنة العاشرة بعد مبعث النبي محمد في سورة مريم. و قد يستنتج العالم Lesynsky في كتابه Die Juden zu Medina من هذا أنه كان هناك بون شاسع بين قلوب عرب الحجاز في الجاهلية و بين مباديء النصرانية و تعاليمها بينما كانت السور القرآنية في الدور الأول لا تخلو واحدة من الإشارة إلى ما في التوراة و التلميح إلى مواضيعها و ذكر شيء من تاريخ بني إسرائيل. مع أن المؤكد الثابت أن أفرادًا من أحرار النصارى و عبيدهم قد كانوا في مكة ساكنين و مختلطين بأهلها و لكن لم يثبت أن أهل مكة قد عرفوا النصرانية و تعاليمها و مبادئها. فلو صح زعم مؤلف كتاب "قس و نبي" و هو الأب أبو موسى الحريري بأن محمد كان ثمرة تدريب ورقة فلماذا نجد محمدا في البداية يستقبل قبلة اليهود لا النصارى؟ كان تأثر محمد بتعاليم اليهود شديدا جدا إلى حد أن قبلة الرسول في صلاته كانت إلى جهة أورشليم كما هي عند اليهود فكان الرسول إذا صلى صلى بين الركنين البراني و الأسود و جعل الكعبة بينه و بين الشام ( سيرة ابن هشام جزء 1، ص 221 ). و رواية احتكام رسول الله و بني قريش إلى يهود يثرب تدل على ما كان لليهود في نفوس أهل مكة من المكانة الكبيرة. يضاف إلى ذلك أن دعوة الرسول هي "ملة إبراهيم حنيفا" و ما كان من المشركين. كان اصطلاح "ملة إبراهيم حنيفا" شائعا عند العرب قبل ظهور الإسلام و قد اشتهر بهذا اللقب أفراد من مفكري العرب لم تكن عبادة الأوثان تعجبهم و كانوا يرون أن التقرب إلى الله بالحجارة أمر لا قيمة له. لكن ما المقصود بلفظة ملة؟ و حنيف؟ يعرف العضو التناسلي بعد ختانه في العبرية باسم مِلَة milah كما أنه له اسما خاصا قبل ختانه و هو غرلة. و بما أن الختان من أصول الدين اليهودي ( تكوين 17 : 11 و التلمود كتاب ندريم) فقد عبر الناموس الديني عن كل من اختتن أنه دخل في ذمة و عهد إبراهيم الخليل. و من هنا أطلق اليهود على كل من اختتن التعبير "ملة إبراهيم" و هذا اللفظ يقوله العاذر للطفل عندما يعذره و الحاضرون يؤمنون: آمين. و لكن من حيث أن الختان وحده لا يؤدي إلى الإيمان باليهودي لأن هناك شروط أخرى لابد من توفرها كاعلان الدخول في الديانة التوحيدية اليهودية و اتباع ما تأمر به و اجتناب ما تنهى عنه فقد أطلق اليهود على كل من يختتن دون أن يعتنق اليهودية اسم حنيف ( لهذه الكلمة بعض المعاني بالعبرية مثل: تملق أو اقترف أو تداهن ) غير الصالح أي الختان الغير وافي بالشروط اليهودية. جاء في لسان العرب و كان في الجاهلية يقال من اختتن و حج البيت حنيف ... القراء الحنيف من سنَّتُه الختان ... الجوهري الحنيف المسلم و قد سمي المستقيم بذلك كما سمي الغراب أعور و تحنف الرجل أي عمل عمل الحنيفية و يقال اختتن. و فيه أيضا: أبو عمرو الحنيف المائل من خير إلى شر و من شر إلى خير. يمكننا من كل هذا أن نقول إن الحنيف في الأصل هو المائل إلى الشر كما هو عند اليهود في لغتهم و العرب قد يطلقون اللفظ على الشيء و ضده فأطلقوا الحنيف على المستقيم على ملة إبراهيم استعمالا للفظ في أحد معنييه ( لسان العرب جزء 10 ص 403 ) فيحتمل أن اليهود أطلقوا على العرب التي شاعت عندها عادة الختان هذا اللفظ دون أن توضح لهم معناه ثم شاع استعماله عند العرب حتى في معناه الأصلي. و هنا نسأل مؤلف كتاب قس و نبي: أين كان ورقة بن نوفل من مسألة "ملة إبراهيم حنيفا" لو أن محمد فعلا قد تلقى تدريبا نصرانيا على يد قس نصراني يعده للنبوة كما زعم؟ من الواضح أن هناك فريق يريد أن يظهر أنه صاحب التأثير الأوحد على محمد و فريق آخر يريد أن يحتكر الأمر لنفسه و فاتهم أنه توجد عدة مصادر مكتوبة و شفاهية، بيئية و زمانية و مكانية أيضا، تلعب دورا في تشكيل شخصية النبي أيا كان و ليس من العدل احتكار مصدر لمجرد أن الإنسان يكون مدفوعا بالغيرة المتعصبة لدينه.
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 17 2005, 03:41 AM مشاركة #2 lebnani3
عضو ناشط
المشاركات: 122 التسجيل: 14-May 05
تحية لك اخي ابراهيم كيف الحال اعتقد انك اخطأت قليلا في تحليلك لكتاب قس ونبي, بل كثيرا, ويبدو انك لم تقرا كتابات الاب الياس درة الحداد, وهي الكتابات التي بنى عليها ابو موسى الحريري كتابه,وكل من تبعه كعبد الكريم خليل,وأرجو لكل من اراد معرفة واكتشاف حقيقة نشوء الاسلام الرجوع الى هذه الكتابات لانها هي اول من شكلت فتحا معرفيا لفهم ماذا حدث بالفعل في تلك الحقبة التاريخية , حقبة ولادة الاسلام. ساحاول عندما يتسنى لي الوقت ان أكتب شيئا ما عن الموضوع وأرجو ان استطيع توضيح ما غفلت عنه يا أخ ابراهيم...شكرا
_________________________
أن محمد لم يغير من قيم قريش وأهل الجاهلية عامةٍ الكثير ، بل إنه استعار منهم أسوأ ما كان لديهم وهو الغزو واستباحة الآخر واغتصاب ماله وحرماته ، وبذات الآن ضيع عليهم هويتهم القبلية إذ مكن أهل فارس والأحباش والترك وغيرهم لاحقاً من أن يغتصبوا من العربي ذاته ماله وعرضه وكرامته تحت ذريعة التكفير فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله.(1 كو 1: 18)
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 17 2005, 12:10 PM مشاركة #3 إبراهيم
عضو رائد
المشاركات: 13,348 التسجيل: 22-June 02
عزيزي أخ لبناني:
تحياتي لك و شكرا لاهتمامك.
عندي جميع كتب الحداد تقريبا. أعتقد أن منهج الحداد في البحث اختلف عن منهج كتب "أبو موسى الحريري". الحريري جعل أطروحة كتابه "قس و نبي" هي أن محمد كان صبي بالتمرين المكثف عند ورقة. هذا فرض لا أساس له بالمرة. لا أنكر تأثير ورقة على محمد و غيره و غيره و لكن القول بأن محمد هو الذي أعد ورقة هو قول مجحف و لا يليق بواحد درس على الطريقة الأوروبية و يعلم اللاهوت بالمناهج الحديثة. كل ما وردنا عن علاقة ورقة بمحمد هو أخبار متفرقة و لكن لا يوجد خبر قاطع يفيد بما جاء به الحريري.
باعتقادي أكثر ناس هي أثرت بشكل بارز على محمد هم اليهود و قد صاغ كل شيء تقريبا في العقيدة الإسلامية على طريقتهم و هي اقرب بكثير إلى الإسلام. في الحقيقة، أعتبر الإسلام هو عودة و انتكاسة لليهودية كعقيدة و لكن مع فارق ظهور الإله الجامد الجاف الذي يخلو من المشاعر الشحصانية كما يرد ذكره في العهد القديم.
شكرا على اهتمامك عموما.
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 17 2005, 06:07 PM مشاركة #4 lebnani3
عضو ناشط
المشاركات: 122 التسجيل: 14-May 05
عزيزي ابراهيم بعد التحية صحيح منهج الاب الحداد مختلف عن منهج الحريري , فالحريري استفزازي بعكس هدوء الاب الحداد,اما عن فرض كون محمد خضع لتدريب مكثف عند القس ورقة , فهو فرض لا يمكن الخروج منه ,و أحداث السيرة المحمدية والظروف الاجتماعية والدينية السائدة في شبه الجزيرة العربية في فترة حياة محمد,كلها تشير الى ان محمد جهز ودرب لمهمته النبوية . اما عن تاثير اليهودية على محمد فهو صحيح , لكن تاثير اليهودية على محمد لم يكن تأثيرا مباشرا بل وصله عن طريق الحنيفية, التي اعتنقها هو ومارسها الى جانب القس ورقة بن نوفل , وكانت دين اهل بيت النبي , خاصة جده وزوجته خديجة .
وصحيح ايضا ان الاسلام هو انتكاسة مسيحية الى اليهودية, لكن هذه انتكاسة لم تحصل على يد محمد ايضا , بل هي وريثة صراع ولد مع ولادة المسيحية , مع جماعة اليهود المتنصرين , او التعبير القرآني عنهم وهو النصارى من بيت اسرائيل, هذه احداث رواها الانجيل في اعمال الرسل والرسائل. ارجو يا عزيزي ابراهيم ان تعود الى كتب الاب الحداد , فالاحداث ستتبلور امامك بسهولة...أخيرا شكرا لك وعفوا على الازعاج
_________________________
أن محمد لم يغير من قيم قريش وأهل الجاهلية عامةٍ الكثير ، بل إنه استعار منهم أسوأ ما كان لديهم وهو الغزو واستباحة الآخر واغتصاب ماله وحرماته ، وبذات الآن ضيع عليهم هويتهم القبلية إذ مكن أهل فارس والأحباش والترك وغيرهم لاحقاً من أن يغتصبوا من العربي ذاته ماله وعرضه وكرامته تحت ذريعة التكفير فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله.(1 كو 1: 18)
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 17 2005, 08:49 PM مشاركة #5 رحمة العاملي
عضو رائد
المشاركات: 1,048 التسجيل: 30-September 02
الخ الكريم لبناني بما انك قرأت الكتب اسم الرجل هو يوسف درة الحداد وليس الياس درة الحداد على كل حال يوسف درة الحداد هو نفسه ابو موسى الحريري وهذه نعرفها في لبنان حتى سيد بكركي يعرفها ايضا
ما لم يستطع الحداد ان يفصح عنه أو يتفوه به خوفا من مواجهته كما ظن افصح عنه بشخصية الحريري وبما انك قرأت كما ذكرت للحداد والحريري هات لنشوف اهم ما عندك من دور لورقة بن نوفل واعدك وعدا صادقا ان نناقش كل جزئية جاء بها الحداد والحريري على السواء حول دور ورقة مع النبي صلى الله عليه وآله بطريقة تاريخية وموضوعية وعلمية بعيدة عن مهاترات ما يجري في المواضيع الاخرى في هذه الساحة
ما الذي اكتشفه الحداد والحريري ولم يكتشفه غيرهم من الباحثين والمؤرخين ؟
وتحياتي الخاصة للأخ ابراهيم
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 18 2005, 02:28 AM مشاركة #6 إبراهيم
عضو رائد
المشاركات: 13,348 التسجيل: 22-June 02
أخي و شيخنا المحترم، الرجل الذي فعلا أحبه "رحمة العاملي":
تحياتي المخلصة و الحارة لك،
اسمح لي أن أتكلم معك بشكل مكشوف. لم يعد سرا من هو مؤلف كتب سلسلة الحقيقة الصعبة فهو الأب يوسف قزى و هو أستاذ بجامعة الروح القدس بالكسليك بلبنان. هذا ما أعيبه عليه أنه رجل له ثقل علمي لاهوتي و تربية مدارس فرنسية و ينحدر للكتابة بهذا الأسلوب الشعبي في الأوساط المسيحي و الذي لا يرتكز على أساس تاريخي ذي وثائق أو مصادر يعول عليها. قرأت كتابه و لم يعجبني و ساعدني في تفنيد أطروحته ما أقرأ هذه الأيام من كتب للدكتور اسرائيل ولفنسون عن دور النصارى في حياة الرسول. ما أعجبني في كتاب قس و نبي شيء واحد فقط و هو طريقة كتابته البحثية من ناحية استخدام المراجع و و البيبليوغرافيا إلخ و لكن بصراحة أعتقد أنه شطح شطحات لا يجب أن يقع فيها مبتديء في البحث.
يا أخ لبناني، ما فعله أبو موسى الحريري في كتاب "قس و نبي" يشبه ما يفعله بعض الباحثين عندما يلجأون للقول بأن المسيح قطعا كان تدريب الأسينيين و أن كل هذه السنين المسكوت عنها قد قضاها في جماعة قمران دون أن توجد وثيقة أو وثائق على الأقل تقدير تدمغ ذلك. أطروحة أبي موسى الحريري باطلة و من السهل تفنيدها من جهة طالب ثانوية عامة ( توجيهي ) يتعلم أبسط أساسيات الكتابة البحثية في التاريخ. أما يوسف درة الحداد فموضوع آخر لا أريد التطرق له الآن. أحب أن أراك تتحاور مع رحمة العاملي فهو أكرم من رأيت من أخلاق و أحترمه جدا، و سوف أتعلم من كليكما في حواركما في هذا الموضوع الذي شرفني حضوركما السنيّ فيه.
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 18 2005, 08:27 AM مشاركة #7 lebnani3
عضو ناشط
المشاركات: 122 التسجيل: 14-May 05
الأخ العاملي تحية لبنانية لك من القلب, ولأهل جبل عامل, ولتضحياتهم . عذرا لخلطي في اسم الاب الحداد, ويتكفل فرويد بتبرير خطأي.اما عن قولك ان ابو موسى الحريري والاب الحداد اسمان لشخصية واحد فهذا غير صحيح والصحيح هو ما قاله الاخ ابراهيم, والدليل ان جوزف القزي او يوسف القزي صدر له كتاب هو "ونزعنا القناع" ردا على كتاب "انزعوا القناع عن بولس", وكتاب القزي يحمل الاسلوب الادبي والانشائي ذاته الذي تحمله كتب ابو موسى الحريري. أخي رحمة العاملي, دعوتك لنقاش دور القس ورقة بن نوفل في حياة النبي اودها , مع ان خوفي من ان لا اتمكن من متابعة اي نقاش ادخل فيه بسبب ضيق وقتي , يجعلني أحجم عن الخوض في المواضيع التي تتطلب متابعة طويلة,الا اني لن ابخل عليك(وانا الذي تعودت على كرم اهل الجنوب) بما استطيع من وقت , وارجو ان تعذرني ولو تأخر احيانا ردي لاسبوع, والى اللقاء في موعد قريب.
أخي ابراهيم ارجو ان اوفق بتغيير قناعتك ليس بالضرورة عن ابوموسى الحريري, بل عن دور القس ورقة بن نوفل في حياة محمد...تحياتي لك
_________________________
أن محمد لم يغير من قيم قريش وأهل الجاهلية عامةٍ الكثير ، بل إنه استعار منهم أسوأ ما كان لديهم وهو الغزو واستباحة الآخر واغتصاب ماله وحرماته ، وبذات الآن ضيع عليهم هويتهم القبلية إذ مكن أهل فارس والأحباش والترك وغيرهم لاحقاً من أن يغتصبوا من العربي ذاته ماله وعرضه وكرامته تحت ذريعة التكفير فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله.(1 كو 1: 18)
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 18 2005, 03:04 PM مشاركة #8 إبراهيم
عضو رائد
المشاركات: 13,348 التسجيل: 22-June 02
عزيزي لبناني:
تحياتي لك،
قطعا أؤمن بقضية « المصادر » المؤثرة في حياة محمد أو المسيح أو موسى إلخ. كل إنسان، أي إنسان، في أي مكان، صحرا إنْ كان أو بستان كما تقول القطقوطة شادية، هو ابن بيئته. لا أغفل دور ورقة في التأثير على شخصية محمد و لكني أجهل مقدار هذا التأثير و لا أملك مصادر تقطع بحجمه. أريدك أن تلتفت إلى نقطة غاية في الخطورة ذكرتها لحضرتك أعلاه:
Quote: و لكن متى جاء ذكر المسيح فعلا في القرآن لو تتبعنا تاريخ البعثة المحمدية؟ في أي سنة من سنين البعثة المحمدية يقبل الرسول على ذكر المسيح؟ و الجواب هو أن محمدًا قد جاء على ذكر النصارى في القرآن في السنة العاشرة بعد مبعث النبي محمد في سورة مريم.
فلو أن محمدا كان حقا تدريب محض للإعداد للنبوءة كما قطع بذلك الحريري زاعما، فلماذا لم يقبل محمد على ذكر المسيح إلا بعد السنة العاشرة من البعثة المحمدية؟ طوال هذه الفترة و هو يتحدث عن الله و الذي هو أقرب للوصف إلى الإله التوراتي منه إلى الإله المسيحي. جاء في القرآن أن النصارى هم الأقرب للذين آمنوا و في الحقيقة هو قصد قرب نفساني و لكن لا يوجد أي قرب عقائدي بالبتة لا بين الإسلام و النصرانية كعقيدة مستقيمة أو حتى في عقائد أهل البدع. كل شيء في الإسلام، من وجهة نظري، يميل بشدة للتقسيم اليهودي.. انظر مثلا لتقسيم أبواب الحديث و الفقه و قارنها بتقسيم التلمود و تصنيفه حيث هناك في الإثنين باب الطهارة و باب الحيض و باب النفاس و باب الصدقة و باب الجهاد إلخ. اعتاد اليهود أن يسموا إصحاحاتهم بأول كلمة يبدأ بها الإصحاح فمثلا سفر براشيت أو التكوين تم تسميته بهذا لأن أول كلمة به هي براشيت برا إلوهيم إلخ و في القرآن أول كلمة فيما جاء على محمد من الوحي هي "إقرأ" و تم تسمية الكتاب عليها فكان إسمه لذلك "قرآن".
و بالتالي لا أجد من أطروحة الحريري ما يوافق ما لدينا من مصادر في الإثنين. خالص مودتي لك.
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 18 2005, 03:42 PM مشاركة #9 رحمة العاملي
عضو رائد
المشاركات: 1,048 التسجيل: 30-September 02
الاخ الكريم لبناني وتحية لك من قلب ابن بلد ايضا وانا بدوري اعتذر عن خطأ معلوماتي حول مؤلف قس ونبي لاني لم اتابع update لمعلوماتي كونها موجودة قبل ان ينزع يوسف قزي القناع والحق صراحة على جماعة الاكليروس عندكم لانو كل ما سألناهم عن مؤلف الكتاب لنتعرف عليه ونحاوره كان جوابهم هو نفسه يوسف درة الحداد حتى انهم كانوا يضيفون ان النشر تم على نفقة احد الاديرة المسيحية بسوريا واشرافهم بالمناسبة لي اصدقاء لابأس بعددهم من الاباء والرهبان والشخصيات المسيحية في لبنان قد يفوق ما يعرفه السيد هاني فحص شخصيا كوني انتمي جغرافيا الى منطقة جزين وتعلمت في مدارس الرهبان قبل ان (يُغضب علينا ونتمشيخ ) وانتدبت عدة مرات من جهات شيعية للاتصال والتواصل مع اباء الكنيسة والفعاليات المسيحية الزمنية والثقافية
خلص لهون بكفي معلومات شخصية على الواقع الافتراضي
ما اريد ان اخلص الى قوله اخي الكريم هو اني لست مجادلا والعياذ بالله واحافظ على علاقاتي الافتراضية كما كنت ولا زلت احافظ عليها في الواقع وهذا لا يمنع الاختلاف في الرأي ولا يمنع الاختلاف في القناعات والتصديقات العقائدية شرط ان لا يفسد الود بيننا انشاء الله لان المؤمن بعقيدة ما حتى لو كانت سنسكريتية يوجب عليك احترامه وان كان ما يؤمن به يخالف ما عندك من ايمان وعقيدة , والا اصبح التعارف تباغض والتحاور تشاتم كما ترى وتشاهد على هذه الصفحة المخصصة للعقائد والاديان لنادي الفكر العربي , ليقيني بان تسجيل النقاط على المحاور وافحامه بالطرق المذكورة لن يغير من اعتقاده وقناعاته بل على العكس سيزيد من تشبثه حتى بمتعلقات قشور ما يعتقد وستزداد الهوة بين المتحاورين اتساعا وستتضاعف كمية الحقد والبغض التي ورثوها عن بيئتهم
وقد ثبت عندي (على الاقل) انه لا يمكنك القضاء على عقيدة ما بالنقد والنقض مهما كان نوعها وجوهرها الا ان تقضي هي على نفسها من خلال عيب بذورها الاساسية واستحالة استمرارها ,او يقضي عليها اتباعها ولطالما احجمت على الدخول في حوارات بعض الاخوة حتى من الذين يحسبون على عقيدتي ولا زلت لهذا السبب ليس الا ولولا ان طارح الموضوع الاخ ابراهيم لما تدخلت ولا دخلت الموضوع اصلا يبقى اذن ان نستفيد من ايجابيات منهجياتنا في البحث ونزيد ونطور معلوماتنا عن الاخر والاهم من ذلك هو ملامسة فكر الاخر والتموضع الفكري معه لادراك منهجية اعتقاده ومنهجية تعامله مع نصوص فكره وتراثه وهذه من اهم المسائل حوية في الحوار والتواصل الفكري بين الناس لهذا يعجبني شخصيا مثلا المستشرق الفرنسي هنري كوربان لانه تموضع في التراث الشيعي ولامس فكره وعقيدته , بصرف النظر عن قناعاته ونتائج بحوثه ان كنت اتفق معها او لا لانه إذا أردنا حقيقةً توخي الحذر في تناول موضوع الفكر الاخر او الدين الاخر تجنبا للوقوع في محذورات الصراع الإيديولوجي العقيم القائم في قسمه الأكبر على المغالطة التاريخية، فما علينا إلا استكشاف أو إعادة استكشاف السياق التاريخي والسياسي والاجتماعي الذي انبثقت فيه من الاديان العقائد المتنوعة
اما ان يقف الباحث خلف حصنه العقائدي ويبدأ بالقصف المركز على تراث الاخر وعقيدته فتلك طريقة تعبر عن تمام الاختلاف المشوب بالعداوة والتربص بالاخر لصرعه وبذلك توجب تضييع المشتركات الانسانية والعقائدية بين الاديان والمعنوية حتى في زحمة المعارك المفتعلة وينحصر الامر في سياق التغالب المضحك المبكي ليس الا ، مع ما وفره لنا الانترنيت من الاحتكاك الدائم ببعضنا البعض الا انه مع الاسف جاء احتكاكنا عنيفا وسلبيا
واقول المشتركات لاني أؤمن بان مصدر الاديان واحد وهدفها واحد بالاصل وهو الارتقاء بالانسان وفهمي لتعددها ليس نابعا من فساد بعضها وصلاحية بعضها الاخر بل تعدد ناتج عن التباين في قابلية البشر وبيئتهم العقلية والقبلية وليس عن قصور فاعلية الله سبحانه وتعالى في هداية البشر
وكي اقرب لك ما اقصد دعني امثل لك الامر مع فارق القياس طبعا منذ انطلاقة شركة مايكرو سوفت مثلا طرحت عدة برامج للويندو كانت تتناسب مع ما هو مطلوب ومع ما هو موجود من اليات تستوعب هذا السوفت وير المنتج من قبل الشركة ثم تطورت انظمة الويندو تبعا لتطور ما هو مطلوب انسانيا مع تباين ما هو مطلوب تبعا لكل مجتمع وما هو تقنيا قادر على الاستيعاب من حيث تطور انظمة الهارد وير ايضا انطلاقا مما كان موجودا وليس انطلاقا من فراغ فلم يلغ الجديد القديم او يمنع الجديد القديم من الاستمرار في عمله هكذا أفهم تعدد الاديان وتباينها عن بعضها البعض ولكنها بالنهاية ذات مصدرية واحدة ما دمنا في ضرب المثل فدعنا نستطرد فيه قليلا وهذا لا يمنع ان تصاب العقائد الدينية بالفيروسات الفكرية كما تصاب انظمة الويندو بالفيروسات فيتعطل جزء من برنامجها ومنهجها في تحليل العمل او تقدم لك نتائج فيها خلل وقد تجد من يملك احدث الانظمة ولكنه يدير عليها اسوأ البرامج كما حالتنا اليوم او لا يهتم في تحديث نظامه وترقيته وحمايته من خلال ربطه بالمصدر الاول مجردا دون عبثه الشخصي به
نفس الامر ينطبق على الاديان وعقائدها من حيث المثل مع فارق القياس طبعا لاننا لا يمكن ان نشبه الله جل وعلا ب (بيل غيتس)
ولنا لقاء آخر معكم انشاء الله في مواضيع اخرى
نظام تعديل كامل تعديل سريع Aug 18 2005, 08:06 PM مشاركة #10 lebnani3
عضو ناشط
المشاركات: 122 التسجيل: 14-May 05
شيخنا المحترم رحمة العاملي سلام وبعد لا اعتقد ان اصرار الاكليروس على اخفاء الاسم الحقيقي لابوموسى الحريري غلطة تأتي منهم, ففتاوى القتل جاهزة للتنفيذ, ومصير اصحاب القلم والكلمة المخالفون لعقيدة اصحاب التفكير الظلامي(ولا اقول انك منهم) معروف, ولا يستبعد منها الوسط الشيعي , فمن ينسى مهدي عامل وحسين مروة ومصطفى جحا؟, فواجب االحذر والحيطة لا يجب ان يغفل. مع الاشارة اني ارتاح للمتدينين الشيعة اكثر وأجدهم اوسع تفكيرا واكثر قبولا للآخر من نظرائهم السنة, وهذا ليس رايي انا فقط بل رأي موجود لدى الكثير من المسيحيين,لذلك عندما قرأت ردك لم استغرب ما جاء فيه من رحابة صدر وميل الى الابتعاد عن التشنج. عندما تهيأت لكتابة موضوع عن القس ورقة بن نوفل والنبي محمد بكل صراحة وجدت ان الأمر يحتاج لجهد كبير نوعا ما , ولا أخفي عليك اني افضل الابتعاد عن الخوض في نقاشات ليس لضيق الوقت فقط وهو عامل مهم بالنسبة لي, بل أيضا الى جميع الاسباب التي ذكرتها حضرتك والتي اوافقك عليها بمجملها, ولكن بجميع الاحوال ساحاول في وقت ما في المستقبل ان اكتب شيئا من افكار الاب الحداد, وذلك ليس لهدف نقاشها بل في سبيل تقديم معلومات اعتبرها مهمة لا تتوفر لدى البعض من مسيحيين ومسلمين ....وشكرا لك والى لقاء آخر
اخي ابراهيم وبعد السلام, سؤالك حول تأخر محمد في ذكر المسيح الى ما بعد السنة العاشرة من بدء دعوته هذه معلومة وان لم اسمع بها لا اعتقد ان ذلك يغير بالموضوع شيئا, لا اريد الآن ان استعجل الاجابة لاني اريد ان اعطي الموضوع حجمه, ارجو ان استطيع غدا ان اجيب على تساؤلك او بعده ان شاء الله ..وشكرا
_________________________
أن محمد لم يغير من قيم قريش وأهل الجاهلية عامةٍ الكثير ، بل إنه استعار منهم أسوأ ما كان لديهم وهو الغزو واستباحة الآخر واغتصاب ماله وحرماته ، وبذات الآن ضيع عليهم هويتهم القبلية إذ مكن أهل فارس والأحباش والترك وغيرهم لاحقاً من أن يغتصبوا من العربي ذاته ماله وعرضه وكرامته تحت ذريعة التكفير فان كلمة الصليب عند الهالكين جهالة واما عندنا نحن المخلّصين فهي قوة الله.(1 كو 1: 18)
نظام تعديل كامل تعديل سريع « الموضوع السابق · الحوار الديني · الموضوع التالي »
3 الصفحات 123»انتقل إلى صفحه
1 عدد القراء الحاليين لهذا الموضوع (1 الزوار 0 المتخفين) 0 الأعضاء:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
نموذج لتعليق ابوموسى الحريرى على بعض الكتب
منقول Lebanese Forces Official Forum - Archive - Top http://www.lebforces.org/forum/showthread.php?t=433
Quote: ابو موسى الحريري تعليقاً على كتاب "محنة العقل في الاسلام " ( مصطفى جحا )
فتح مصطفى جحا معركة لا يحسمها، والله، الا "جبريل" نفسه، لكن طريق "جبريل" غدت غير سالكة ، لن يمنّ الله علينا، بعد جبريل، برسول ملاك آخر، ولن يرسل لنا بعد محمد ، نبيّاً آخر، ولن ينزّل علينا ، بعد القرآن كتاباً آخر، ولن يكون لنا بعد الاسلام ديناً آخر، لأن "الدين عند الله الإسلام " ( 3/19 ) ، فما العمل إذن؟ في ظنّي ان المعركة ستدوم طويلاً لأن جبريل لن يعود ، ولأن العقل ، بعد "تحرشات" الوحي ، لن يترك له مجال ليعود فيتصل بجذوره، لذلك سيبقى العقل في حيرة، وقل :" في المحنة" ، وقل ايضاً : إننا امام "محنة العقل في الاسلام"
"وجدتها" ، هكذا صرخ "ارشيماد" مدهوشاً بعد اكتشافه قانون الجاذبية في الكون . " وجدتها" ! بالدهشة نفسها اقول :" وجدت" كتاباً يُقرأ، كتاباً يجب ان يقرأه مئة مليون عربي والف مليون مسلم ، "وجدت" كتاباً اقل ما يقال فيه انه فريد من نوعه ...لقد "وجدت" اسباب تأخرنا وضعفنا ومصيبتنا ونفاقنا واختلافاتنا ، لقد "وجدت" في كتابه "محنة العقل في الاسلام" اسباب محنة العقل نفسه...
كُتب الكثير عن الاسلام وفي الاسلام، وكُتب القليل ضد الاسلام ، من ذلك الكثير بقي الكثير، ومن هذا القليل لم يبق شيء.
عرفنا في التاريخ الاسلامي "المعتزلة" ولكننا عرفناهم من خصومهم ، إذ لم يبق منهم سوى ما قيل عنهم. وعرفنا "ابن الرواندي" الذي لم يبق من كتبه ضد الاسلام والنبوة سوى عناوينها، وعرفنا "الرازي" الذي قامت الدنيا عليه وعلى آرائه المعادية للاسلام ، وغير هؤلاء، لو "فتّشت بالفتيلة والسراج" لن ترى.
....ستقوم القيامة على مصطفى جحا، لأنه لم ير العقل ، كسائر المسلمين، في كل شيء. فو لا يستطيع ان يقول مثلهم بأن كل شيء في الاسلام هو عقل وعلم ونظام وشريعة ومبادىء ، لا يقول كالشيخ محمد مهدي شمس الدين بأن "الإسلام يوجد فيه نظام حياتي كامل، لا يترك مجالاً لأي نظام آخر ..."
...يزعج مصطفى جحا ذاك "الله الصمد" ، الحي، القيوم، القابع فوق عرشه ، فوق السماوات السبع ، يهزأ بالناس ويتحكّم بمصيرهم، يزعجه ما يطلقه الناس على الله من اوصاف وكمالات والقاب ، وهم، كلما ذكروا اسمه ، يشفعونه بنعوت تدل على رعبهم منه، لا من محبتهم له.
فيقولون باستمرار "الله تعالى" ، "الله سبحانه"، "الله عز وجلّ" ...ويزعج مصطفى جحا ان يصلّي الناس لربّهم صنيعتهم ليل نهار :" الله اكبر، الله اكبر الله اكبر" ويتساءل : ايخافون عليه من ان لا يكون كذلك؟ ايخافون عليه من ان ينال من كرامته احد؟ ايخافون عليه من ان يشاركهم في معرفته غيرهم؟ ..واذا كان الله "اكبر" و "متعالٍ" فكيف يمكنه ان يستجيب لهم؟ اذا صلّوا له ليستنزل عليهم المطر فما رأيهم ببعض الدول الحديثة التي استنزلت المطر بوسائل صناعية؟ لقد صار اله محمد اليوم، الة متطورة لا تحتاج لا الى صلاة ولا الى التعويذات او غيرها ...
اين هو العقل في هذا المستنقع العجيب؟!!!
اين هو العقل في مستنقعات الوحي؟ في سيرة الله مع نساء محمد؟ في اختياره "أميّاً" جاهلاً ( حسب ما يريد المسلمون ) على حساب عالمٍ من علماء الناس وعارف بالكتب مثل القس ورقة بن نوفل؟ في سماحه لنبيّه ب "الارتواء الجنسي" الكامل على حساب المرأة الضعيفة؟...
.....وصعد مصطفى جحا ليعلن للناس :" الاصطفاء والاختيار حكاية آن لها ان تنتهي ، الله انزل على محمد القرآن ليكون للبشرية كتاباً ودستوراً ، كلمات جاء بها بدوي من الجزيرة العربية من القرن السابع، واليوم نحن على ابواب القرن الحادي والعشرين ، يحتل عقولنا ونفوسنا ذاك البدوي الذي اكلت لحمه الصحراء وسحقت عظامه ، افلا نخجل؟! بدوي ضاع في رمال الصحراء منذ اربعة عشر قرناً ولا يزال فينا حيّاً، سيدّاً علينا، قوّاماّ ووصياّ" ( ص 254 )
وليت هذا الاصطفاء وقف عند حد ، ليته بقي محمد وحده يتنعّم بهذا الامتياز ، لكن الأمر اتسّع، والعلّة اصبحت وباء عاماً. لقد تفشّى المرض بجميع بيت محمد ، حتى اصبح عليّ واولاده واولاد اولاده حتى آخر الدهر معصومين ، معصومين عن الخطأ، معصومين من الكبائر والصغائر ، عارفين، عالمين بأسرار الكون الذي استعصت على الأقمار الطائرة في الفضاء الخارجي...هؤلاء كلهم معصومون ....
اولئك اخطأوا واصابوا ، لماذا نحشرهم في قضايانا ومشكلاتنا، في علومنا وآدابنا ، في حاضرنا ومستقبلنا ، في مدارسنا ومعاهدنا ، في مسائلنا العاطفية وغير العاطفية، وهم رجال قضوا، كل في يومه؟ لماذا نقف حراساً على قبورهم؟ لماذا اقمناهم علينا وكلاء وقد صاروا تراباً؟
...الحقيقة تُقال ان مصطفى جحا يريد حريته، يريد ان يتعرف على نفسه ، يريد ان يحتكم الى العقل ...يريد الانسان، اينما كان وعلى اي دين كان، يريد وطناً للإنسان لا وطناً لله، يريد شريعة متطورة بتطوّر العلم والحضارة ...يريد نظاماً لجمهورية بشرية لا إلهية...
يريد ان يكون في خدمة البشر ، لا في خدمة إله متعالٍ يعلّم الجهاد والحرب، ويفصل بين الناس الى كفّار ومؤمنين، يريد الهاً حنّاناً طويل الروح كثير المحبة يترك للإنسان كرامته وحريته، حتى حريّة البحث عنه ، يريد الهاً لا يفرض عليه وجوده وشريعته وكتابه ووحيه ونبيه ونظامه وحقيقته.
يبدو لي ان اله مصطفى هو اله محبة....
انت وانا يا مصطفى ما اشقانا ، ما اشقانا، لأننا لا نرى لكل عقدة حلاًّ، ولا لكل مشكلة مخرجاً ولا لكل حقيقة اسساً ثابتة ، لأننا لا نرى، كما يرى المطمئنون المغبوطون اصحاب السمو والمعالي واصحاب الفضيلة والسيادة والغبطة، المشايخ والأحبار، حلولاً جاهزة لكل عقدة، ومخارج لكل مشكلة وثوابت راسخة لكل موقف .
انت وانا يا مصطفى حرّان، لذلك سنبقى قلقين الى الأبد، وقد تدّك اسوار مكة وتتحطم عمد السماء ان نحن عدّلنا عمن نبحث عنه ، وليبق المطمئنون حيث هم ، وكلهم مغبوطون على حسابنا، كلهم يحبون الله لكرههم الانسان ، ويجاهدون ان جاهدوا في سبيل انشاء وطن لله لا للانسان ...
القابضون على الحقيقة والنائمون على وسادتها والعارفون بمشيئة الله هم الخطر الجاثم على صدورنا، لو كان جبريل يهتم بأمرنا لما تأخر لحظة عن نجدتنا، ولكن جبريل المنافق اهتم بإعرابي مريض وسلّمه مفاتيح السماء، فدخل الاعرابي وحده وتركنا، اهتم جبريل ببدوي يذبح ابنه الوحيد إكراماً لضيفه الغالي، فيما السكين على عنق الابن رعدت السماء وارتجّت الجبال ومادت الصحارى فإذا جبريل يحمل كبشاً تناثرت اصوافه بين النجوم يسلّمه الى البدوي ويخلص ابنه من الذبح، هذا المنافق جبريل الا نستحق منه التفاتة فيتخلص ابناؤنا وشبابنا وكهولنا وضياعنا ومدننا وانساننا من الذبح والتهجير...
وعمّا قريب، عندما يموت جبريل، وتنضب آبار الكاز، ويصبح الدولار ورقاً ، وتنفذ الكلمة الحرّة الى بلاد العرب والمسلمين، حينئذٍ نقول:" فتحت مكة مرتين"، ونقول مع صاحب الفتح الأول:" بدأ الاسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء" ونقول مع صاحب الفتح الثاني :" انسجة دماغنا يجب ان تتحرر من هؤلاء لكي نصبح اصحّاء العقول والنفوس"
( ابو موسى الحريري_ 12/5/1981 ) |
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: Balla Musa)
|
Quote: ظروف ضاغطة حجبتني طويلا، و ستظلّ تحجبني ،عن المشاركة الناجزة و المنتظمة في منتدي سودانيزاونلاين علي مدي بعيد. سنحت لي فرصة اليوم لمطالعة المنتدي، فلفت ناظري عنوان الخيط السايبيري الجاري و المنقول ههناعبر الزميل بدر الدين الأمير. الله وحده أعلم بالسرائر، لكنّني أتسائل: لماذا تقاعس، أو تغافل الأخ بدرالدين الأمير عن إيراد وصلة الموضوع السايبيري و عن إدراج نبدة تعريفيّة مقتضبة عن مؤلّف الكتاب: الأب أبو موسي الحريري، و هو، كما يتّضح لنا لاحقا، واحد من ألقابه القلميّة العديدة التي يختبي تحتها بغية تحقيق غايات مريبة لا تخفي علي القارئ الفطن. لا أحفي عليكم جهلي الكامل بالكتاب مناط هذا الخيط السايبيري، لذا لم أتمالك سوي اللجوء لأداة البحث الإلكتروني الشهيرة: قوقل، لإرواء غليلي المعرفي عنه. فكانت الحصيلة المعرفيّّة التالية مكنونة في طيّّّّات أوّل وصلة سايبيريّة أفتحهاعن مادّة البحث المستهدفة. من المسلّم به أنّ ثمة معلومات شحيحة جادت بها كتب التاريخ و السيرة النبويّة عن القس ورقة إين نوفل و عن علاقته بالنبي الكريم، محمّّد، صلي الله عليه و سلّم. لكنّ الباحث المسيحي الذي سمّي نفسه: أبا موسي الحريري يستعمل لغة إيحائيّة ماكرة و يحمّل الوقائع التاريخيّة المنقولة عن صلات القس المبجّل ورقة إبن نوفل بالرسول الكريم، محمّد، صلّي الله عليه و سلّم، معان ممتسفة فوق مدلولاتهاالحقيقيّة وصولا لماّلات و أغراض خبيثة يدركها القارئ النبيه.
|
الأخ ود زينب لك التقدير كتاب ابو موسى الحريرى كنت قد قراته قبل عامين من خلال نسخة مصورة وهى التى اقوم بعرضها الآن وطبيعى ان كتاب بهذا القدر من الجراءة ان تتناوله العديد من المنتديات بالنقد والتحليل اما عن مسيحية المؤلف او اسلامه لاتهمنى كثيرا بقدر اهتمامى بمضامين الكتاب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
ثالثــاً – القس يعلم النبي
على مدى أربع وأربعين سنة كان النبي يلازم القس ويتدرب على يده . انها المرحلة الهامة من حياة النبي و ممارساته الروحية وثقافته الدينية ، و الثقافة الدينية كانت تقوم دائماً على قراءة الكتاب المقدس و دراسته و تفصيله . ولا عجب أن يكون " الانجيل العبراني " الذى كان ورقة ينقله الى العربية ، ويحضر محمد نقله ، ويدرسه ، و " يقرأ" فيه ، ويتأمل ، هو الكتاب " الامام " ، بحسب تعبير القرآن العربي . وكم من اشارة في القرآن العربي تدل على هذه المهمة الجديدة التى اكتسبها النبي وتلقنها ودرسها بشغف الملهوف الى كلمة الله .
ولكي نتأكد من ذلك لابد لنا من ابعاد شبهة " أمية محمد " وهي تعني ، في نظر معظم المسلمين ، أن محمداً كان يجهل القراءة و الكتابة جهلاً تاماً . وتمسك هؤلاء بهذه الامية ، قصد الدلالة على حقيقة الوحي على محمد ومصدره الالهي ، فيما الحقيقة هي أن الله استعمل ، كما كان يستعمل دائماً ، وسائط طبيعية لاعلان كلمته . وقد استعمل ، هنا ، مع محمد ، انساناً خبيراً علمه مالم يكن يعلم ، ودربه على أعمال الروح ، وعلى " قراءة " الكتب و التأمل فيها . وماتعبير " النبي الامي " الا ليعني شيئاً آخر .
لذلك فإننا نميز بين أمرين : بين ما كان يعلمه محمد ، وبين ما كان لا يعلمه ثم تعلمه بعد حين . أما العلم الذى يعلمه فهو علم القراءة و الكتابة الذى اكتسبه في صغره ، وعلى ذلك أدلة . واما العلم الذى كان يجهله ثم تعلمه فهو علم الكتاب المنزل ، أي على الالهيات و الروحانيات و التشريع ، وهو العلم الذى اكتسبه من " لدن خبير حكيم " . وممن " عنده علم الكتاب " ، و " من الراسخين في العلم " . ونسمي العلم الذى يعلمه " العلم الطبيعي " ، و العلم الذى اكتسبه فيما بعد " العلم الالهي " . وكلا العلمين مكتسب .
أولا – العلم الطبيعــــي
وهو علم القراءة و الكتابة ، وقد كان محمد تعلمه منذ صباه ، وهو في حماية جده عبد المطلب وكفالة عمه ابي طالب وعلى هذا العلم أدلة :
1- ان " الامي " و " الاميين " ، بحسب القرآن ، من ليس لهم كتاب منزل . فاليهود ، ابناء اسحق بن ابراهيم ، هم " كتابيون " ، في حين أن العرب ، ابناء اسمعيل بن ابراهيم ، هم " أميون " . ودل القرآن على هذا التمييز دلالة واضحة وصريحة : فأهل الكتاب ليسوا كالاميين . ولا ايمان مشترك بينهم . قال : " ومن اهل الكتاب .. قالوا : ليس علينا في الاميين سبيل " ، أي بحسب تفسير ابن كثير : " ليس علينا في ديننا حرج في أكل أموال الاميين وهم العرب . فإن الله قد أحلها لنا " .
و " هو ( اي الله ) ، بعث في الاميين ( وهم العرب ) رسولاً منهم ، يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة ، وان كانوا من قبل لفي ضلال مبين "
وهو ايضاً يدعو الكتابيين و الاميين معاً الى اتباع الاسلام : " وقل للذين أوتوا الكتاب و الاميين : أأسلمتم ؟ فإن أسلموا فقد اهتدوا . وان تولوا فإنما عليك البلاغ . والله بصير بالعباد " . أي ، بحسب تفسير ابن كثير ايضاً : " قال تعالى آمراً لعبده ورسوله محمد أن يدعو الى طريقته ودينه ، والدخول في شرعه ومابعثه الله به ، الكتابيين من الملتين ( اليهود والنصارى ) والاميين من المشركين "
وهو يشير الى تمني الاميين معرفة الكتاب : " ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب الا أماني " اي كما نقل عن قتادة : ان الاميين " يتمنون على الله ماليس لهم " ؛ أي : انهم " لايعلمون ولايدرون ما فيه " ، أي مافي التوراة من تعليم و تشريع ..
فالامييون ، إذا ، وبحسب القرآن العربي ، هم العرب أبناء إسمعيل ، والكتابيون هم اليهود أبناء اسحق . وبالتالي ، فإن تعبير " النبي الامي " ، الوارد في القرآن مرتين في سورة واحدة في آيتين متتاليتين ، ولايعني إطلاقاً جهل محمد القراءة و الكتابة ، بقدر ما يعني انتماءه الى " الامم " اي " الغوئيم " بحسب التعبير العبراني الذى يطلقه اليهود على غيرهم من الشعوب .
وقد عبر الشهرستاني عن ذلك خير تعبير عندما قال : " وأهل الكتاب كانوا ينصرون دين الاسباط ، ويذهبون مذهب بني اسرائيل ، والاميون كانوا ينصرون دين القبائل ، ويذهبون مذهب بني اسماعيل "
وبهذا المعنى ايضاً قال حبر الامة ابن عباس "الاميون قوم لم يصدقوا رسولاً أرسله الله ، ولا كتاباً أنزله الله ، فكتبوا كتاباً بأيديهم ، ثم قالوا لقوم سفلة جهال : " هذا من عند الله " . وقال :" قد أخبر ( الله ) انهم يكتبون بأيديهم ،ثم سماهم " أميين " لجحودهم كتب الله ورسله " . وقال ايضاً : " إن الاميين الذين وصفهم الله بما وصفهم به ، في هذه الاية ( 2/78 ) ، انهم لا يفقهون من الكتاب الذى انزله الله على موسى شيئاً ؛ ولكنهم يتخرصون الكذب ، ويتقولون الاباطيل كذباً وزوراً "
بهذا المعنى القرآني الصحيح يجب أن نفهم معنى تعبير " النبي الامي " في آيتي الاعراف المذكورتين .
2- و الدليل الثاني بين في أول سورة نزلت . فيها يدعو جبريل محمداً قائلاً : " اقرأ باسم ربك الذى خلق . خلق الانسان من علق . إقرأ وربك الاكرم الذى علم بالقلم . علم الانسان ما لم يعلم " . وأجمعت كتب " تفسير القرآن " . وكتب " أسباب النزول " . وكتب السير و الاخبار ، والاحاديث النبوية ، وأجمع الباحثون ، مسلمون ومستشرقون ،على أن هذه السورة هي الاولى في تاريخ الوحي . واتفق الجميع على أن جبريل جاء محمداً يحمل كتاباً دفعه إليه ليقرأه ...
فلولا معرفة محمد بالقراءة ، ولولا تاريخ هذه الآية ، وصحة ما جاء فيها ، لما اتفق الجميع على أمر واحد بدون اختلاف أو جدال . ولئن كان الله ، في القرآن العربي ، " يمكر " بالناس ، " وهو خير الماكرين " ، أفيمكر ايضاً بنبيه ، فيكلفه قراءة لا يستطيعها ؟!!
3- مهما تعددت تأويلات لفظة " قرأ " ومشتقاتها الواردة في القرآن ، فإن المقصود منها تلاوة نص من كتاب . والايات التى تدل على معرفة محمد بالقرءاة كثيرة منها : " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان " . و " اذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً " . أي : " يحجب قلوبهم عن أن يفهموا ماتقرؤه عليهم ، فينتفعوا به ، وذلك عقوبة منا لهم على كفرهم " . و يقول ايضاً : " وقرآناً فرقناه ( أي : أحكمناه وفصلناه وبيناه ) لتقرأه على الناس على مكث ( أي : على تؤدة ، فترتله وتبينه ، ولاتعجل في تلاوته ، فلا يفهم عنك ) ؛ ويقول ايضاً : " سنقرئك فلا تنسى الا ماشاء الله " . ..
هذه الآيات وغيرها تفيدنا أن محمداً كان يعرف القراءة ويجيدها ، وكان يقرأ الكتاب الذي بين يديه ، فكانت قراءته له " قرآناً "
4- واخيراً ، ان العلم الطبيعي الذى تعلمه محمد ، لابد انه تعلمه وهو في بيت عمه ابي طالب وتحت حمايته ووصايته لقد قيل عن ابي طالب في حبه لابن أخيه : لقد " أختصه بفضل واحترام وتقدير . وتظل فوق أربعين سنة يعز جانبه ويبسط عليه حمايته " . وقيل فيه ايضاً : " كان يحبه حباً شديداً لايحبه لاحد من ولده . وكان لا ينام الا الى جنبه ، ويخرج فيخرج معه . وصب به أبو طالب صبابة لم يصب مثلها بشيء قط . وكان ابوطالب يحفظه ويحوطه ويعضده وينصره الى أن مات . . .
هذه العناية الفائقة اقتضت من ابي طالب اهتماماً بالغاً بابن أخيه اليتيم الذى حظي في بيته ما حظي به ابن عمه علي صاحب البلاغة المأثورة ومنتهج نهجها في أول كتاب في بابه باللغة العربية ، وقد سمي " نهج البلاغة " . ولا يعقل أن يمنع أبو طالب عن ابن اخيه ما وفره لابنه من بلاغة برع فيها و أبدع .
ولئن فرق بعض المسلمين بين ربيبي أبي طالب فلغاية معروفة ، الا وهي إظهار تدخل الله المباشر في الوحي ، وامتناع محمد عن أن يكون له أي تدخل ، أو عمل شخصي فيه . فــ " الامية " ، بحسب ما جاء في تفسير المنار ، آية من أكبر آيات نبوته . وفي كل حال ، ان ابا طالب لم يكفل محمداً ليوفر له حاجاته المادية وحسب ، بل ليوفر له ايضاً ، وقبل كل شيء ، ما وفره لابنه من علم وتربية .... هذا وان محمداً نفسه اعتبر " كلام علي دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق " . فكيف ، والحال هذه بمن " أعطي جوامع الكلم " ؟!!
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
ثانيـــاً – العلم الإلهـــي
أما العلم الذى كان محمد يجهله ، وقد تكفل القس ورقة بتوفيره له ، فهو علم الكتاب المنزل الذى كان القس ينقله في حضور محمد طوال أربع وأربعين سنة . هذا العلم " درسه " النبي على القس وفي الانجيل العبراني . و " لفظة درس في القرآن مقصورة على دراسة الكتب المقدسة " . بهذا الدرس تحدى محمد المجرمين الذين لا يستطيعون الحكم ولا الخيار ، لان ليس لهم كتاب منزل يحكمون بموجبه . قال : " أفنجعل ( مصير ) المسلمين كالمجرمين ( في الاخرة ) ؟ مالكم كيف تحكمون ؟ أم لكم كتاب ( خاص بكم نزل عليكم من عند الله ) ، فيه تدرسون ( أي فيه تساوون بين المسلمين و المجرمين ) ؟ إن لكم فيه لما تخيرون "
ولئن اتهم الدارسون في الكتاب محمداً بأنه لا يأتيهم شيئاً وتبيينها وتيسيرها فقط . قال : " وكذلك نصرف الآيات . وليقولوا درست ( أي : قرأت وتعلمت من أهل الكتاب ) ولنبينه لقوم يعلمون ( أي : يعلمون الحق اذا تبين لهم ، فيتبعوه ويقبلوه ) " .
وعلى الذين درسوا في الكتاب الذى درس فيه محمد ميثاق الا يقولوا الا الحق : " ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا ما درسوا كما يعلن ، وهم يعلمون ويعلنون : " كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون " ، تماماً كالفريسيين الذين اتهمهم المسيح بأنهم " يقولون ما لا يعلمون " فعلم محمد للكتاب ودرس ما فيه وقراءة أخباره ، وتفصيل آياته وتبيينها ، كلها كانت له زاداً ليحاجج الناس الذين يجادلون " في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير " .
* * *
على ضوء هذه الادلة يمكن الجزم بإلمام محمد بالعلمين :
العلم الطبيعي و العلم الالهي ، وقد حصلهما بطريقة الدرس و الاكتساب ، لا بالحدس و الالهام . ومعرفته بهما لا تقلل من دوره الرسولي . فالله ، في ما نعلمه من التوراة و الانجيل ، اذا ما شاء اختيار انسان لرسالة يوفر له امكانات مناسبة لاداء هذه الرسالة . ومارد محمد التهمة عنه بأنه يتعلم من " الذين يقرأون الكتاب من قبل " الا دليل على ماتعلمه . قال : " ولقد نعلم أنهم يقولون انما يعلمه بشر " ، فرد بقوله : " لسان الذى يلحدون اليه اعجمي . وهذا لسان عربي مبين " ، وقد اعترف محمد نفسه ، مراراً ، بأن علومه كلها مكتسبة ، وذلك عندما قال بأنه لا يعلم الغيب ولا عنده خزائن الله :" لا اقول لكم عندي خزائن الله . ولا أعلم الغيب " . فالله " لايظهر غيبه أحداً " .
ويشهد على علم محمد بالكتاب جملة شهود : الله و الملائكة واهل الكتاب والراسخون في العلم .... وردد القرآن العربي هذه الشهادات فيه مراراً وتكراراً . قال :" قل كفلا بالله شهيداً بيني و بينكم ومن عنده علم الكتاب " ؛ وقال : " شهد الله و الملائكة .... وأولوا العلم " ؛ وقال ايضاً : " شهد شاهد من بني اسرائيل على مثله " ، ( اي على مثل القرآن ) ؛ وقال : " يا اهل الكتاب ! لم تكفرون بآيات الله وانتم تشهدون " . وقال : " انا انزلنا التوراة فيه هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا و الربانيون و الاحبار بما استحلفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء " ....
وحين كان محمد يشك من علمه هذا ومن وحي الله عليه ، كان الله يوجهه الى أهل الكتاب ، ويطلب منه أن يسألهم ويستشيرهم في ما أنزل اليه . قال :" ان كنت ( يا محمد ) في شك مما انزلنا اليك ، فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك ( فهم يشهدون ) لقد جاءك الحق من ربك ، فلا تكونن من الممترين ( أي المشككين ) ولا تكونن من الذين كذبوا بآيات الله فتكون من الخاسرين " .
وعندما يشك اتباع محمد في صحة علمه ووحيه ينصحهم بأن يذهبوا هم ايضاً الى أهل الكتاب ويسألوهم : " اسالوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون " . وعندما يختلف المسلمون في تفسير ما جاء به محمد في القرآن ، يقول لهم : " وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه " .
وما القرآن اخيراً الا تبيان لما أنزل من قبل : " وانزلنا اليك الذكر ( أي القرآن ) لتبين للناس مانزل اليهم ( من قبل ) " .
ومن البارزين في " علم الكتاب " ، والذين شهدوا شهادة حق في القرآن ونبيه ، كان القس ورقة بن نوفل ، أقرب المقربين الى محمد . وقد شهدت عائشة ، ناقلة الحديث الصحيح عن محمد ، بدور ورقة في الوحي و العلوم الالهية في قولها : " ولم ينشب (أي : يلبث ) ورقة أن توفي ، وفتر الوحي " .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
رابعاً – القس يعلن النبي خليفته
لم يخف القس مقاصده في ما دبر لمحمد منذ ان تعرف عليه ، ولم يخف كتاب السير مقاصد القس هذه ولو بعد مائة وخمسين سنة . لقد عرف القس ما يقصد ، وادرك كتاب السير مقاصد القس . ولكنهم حاولوا تجنب خطر ما أدركوا وماعرفوا . غير أن ماتجنبوه من خطر كان أكثر إثباتاً لهذا الخطر :
لقد حاولوا اثبات نبوة محمد ؛ ولكنهم في الحقيقة ، اثبتوا نبوة القس . وحاولوا ارجاع كل شيء في حياة محمد الى الله ؛ ولكنهم ، في الواقع كان القس الذى نطقوه باسم الله ، مرجعهم وثقتهم العمياء . لقد بحثوا في علاقة محمد بالله ، فإذا هم يعلقون محمداً بالقس ....
ويدرك الباحث ذلك عندما يسمع القس يطلق الاعلان تلو الاعلان ، فيتنبأ هو ، لا محمد ، على كل شيء . فهو الذى تنبأ على أن محمداً نبي الله . وهو الذى عرف مستقبل محمد .... لكأن كتاب السير يطلقون الادلة على نبوة القس وقدرته ، فيما هم يظنون التدليل على نبوة محمد .
لا غرابة ، عندنا في الامر ، فإن كل شيء قد أعد الى الان على أحسن حال ، والقس في رأي الناس وفي القرآن ايضاً قدير على كل شيء وخبير في أمور الله . وللناس ثقة بقدرة القس ، أي قس ، مما يثبت كل مخطط يرسمه ، وينفذ كل قصد يعزم على تحقيقه . وقد تيسر له ذلك بسهولة ، لاعتبارات عديدة : منها مقامه الرفيع بين الناس ، فهو من " سادة العرب وقادتها " ؛ ومنها رئاسته على جماعة مكة ، فهو " رئيس النصارى " ؛ ومنها علمه الواسع بالكتب و الامور الالهية ، فهو " يتتبع الكتب من أهلها " ؛ ومنها انقياد الناس له ولأمثاله من القسيسين والرهبان ، لــ " أنهم لا يستكبرون " ، وقد اتخذهم بعض الناس " أرباباً من دون الله " ؛ ومنها أخيراً سعي أصحاب الحاجة إليهم وطلب نصائحهم ، والالتجاء الى صوامعهم ، والتماس الشفاء من أيديهم ، والاعتماد عليهم في اكتشاف الغيب و استطلاع الاسرار الخفية ......
واستغل القس ورقة اعتبارات الناس هذه ، وراح يدبر من يخلفه في مهمته ، فكان محمد بن عبد الله خير من دبر . وأشرك في تدبيره هذا أقرب المقربين إليه والى النبي.
أما الذين تعاونوا مع القس ، وسمعوا نداءه ، وذهلوا بتدابيره ، فأهمهم و أولهم خديجة زوج النبي ، وأبو طالب عمه وكفيله ، وابو بكر الصديق صديقه الحميم ، ووالد خديجة بعد رضاه ، واخوها عمرو ، وغيرهم الكثير . كلهم انصاعوا لتدابير الله على يد قسه ووكيله في مكة ، واتخذوا في ما دبر . وبارك هذا التدبير الراهب بحيرا ، والراهب عداس النينوي ، وسلمان الفارسي . وساعدوا القس في ما أراد ، فتوالت التنبؤات عن مستقبل محمد من كل جانب ، من على ألسنة السحرة و الكهان ، و الانس و الجن والشجر و الحجر ، والحيوانات على أنواعها ، والملوك و الاحبار و الملائكة والبشر ......... ولم تبخل كتب السير و الاخبار عن ذكر الكثير الكثير منها . وبعض ماذكر ينبئ عن كثير مما حدث . وماكنا ندري شيئاً مما حدث لولا القس ورقة نفسه يفسر لنا ما حدث . واستمرت الاعلانات تتوالى على مدى خمس عشرة سنة . وأهمها أتى في ست مراحل هامة من حياة النبي ورسالته :
الاعــــــلان الاول : قبل الزواج
قبل ان تتم مراسيم الزواج بين محمد وخديجة ، وفيما كان محمد يتاجر لخديجة في بلاد الشام ، رجع " ميسرة " ، خادمها الامين ، يخبرها عما رأى وسمع من مذهلات جرت لمحمد . ولما انتهى من حديثه ، قامت خديجة للحال ، وأتت مسرعة تخبر ابن عمها ورقة ما سمعته من خادمها عن محمد . وللتو وقف القس باطمئنان العارف بمشيئة الله يقول : " لئن كان هذا حقاً ، يا خديجة ، فإن محمداً لنبي هذه الامة . وقد عرفت (؟) انه كائن لهذه الامة نبي منتظر هذا زمانه " .
نحن نسأل ، لا عن حقيقة نبوة محمد ، بل عن حقيقة نبوة ورقة : من أين لورقة هذا ؟ كيف عرف مشيئة الله ؟ أكان القسيسون في ذلك الزمان يدركون الغيب و المستقبلات ، ولم يعد لهم اليوم ذلك ؟! أكانوا يتنبأون ويعرفون ويتسمعون على أوامر السماء ، ولم يعودوا اليوم كذلك ؟! من أين لكتاب السيرة المحمدية أن يعرفوا تدابير القس وتنبؤاته ، بعد أكثر من مائة وخمسين سنة ، لو لم يكن لهم ، هم ايضاً ، علم بمقاصد الله التى عرفها القس وأعلنها كخبير مطلع على مشيئة الله الازلية ؟!!
في كل حال ، لقد عرفت خديجة ان تستسلم لتدابير ابن عمها في ما أراد ، وهي التى كانت تسترشد بآرائه ، على حد قول صاحب السيرة " كان ذلك لخديجة بإرشاد من ورقة " .
الاعلان الثاني : عند بدء الوحــي
لما كان محمد في غار حراء يتحنث ويصوم ويصلي ويتفكر بالله ، وقد بلغ الاربعين ، أتاه جبريل آخر الشهر يعلن له : " أبشر يا محمد ، أنا جبريل وانت رسول الله لهذه الامة " . ودفع إليه كتاباً يقرأه . فاعترى محمداً ذهولٌ . ثم انصرف عنه الملاك . ورجع المرتاض قافلاً الى بيته يحدث زوجته بما سمع ورأى . وللحال أعلنت خديجة هي الاخرى العارفة بمشيئة الله : " أبشر يا ابن عم واثبت . فوالذى نفس خديجة بيده ! إني لارجو ان تكون نبي هذه الامة " . ثم قامت ، وجمعت عليها ثيابها ، وانطلقت الى ورقة لتخبره عما حدث لزوجها . وقبل ان تستكمل حديثها أعلن ورقة مطمئناً وقال : " قدوس قدوس ، والذى نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقتني يا خديجة ، لقد جاءه الناموس الاكبر الذى كان يأتي موسى ، وانه لنبي هذه الامة . فقولي له فليثبت " .
لقد تكاثرت الشهادات على نبوة محمد : من جبريل وخديجة والقس ورقة . الكل يفسر الرؤيا تفسيرا واحداً . والكل ينصح محمداً بالثبات و الاستمرار . والكل يعلن نبوته في الامة العربية بالبكر ... والكل يقول بأنه ، كموسى وعيسى ، سيأتي بناموس للاميين ، كما أتيا بناموس للكتابيين . ولن يكون ، والحال هذه بين ما سيكون للعرب وبين ما هو لبني اسرائيل فرق . الناموس هو أياه . وليس لمحمد الا أن يعلنه ويكون رسولاً وبشيراً ونذيراً .
ولكن ، لابد لنا من ان نسأل ، لاعن نبوة محمد ، بل عن نبوة خديجة ، التى اعلنت لزوجها نبوته ، وعرفت مشيئة الله ، وفسرت الرؤيا كعليمة بأسرار الغيب . فمن أين لها ذلك ؟ أمن الله ؟ أم من ابن عمها ورقة ؟ أم من جبريل ؟ الله أعلم .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
نحن نسأل ، لا عن حقيقة نبوة محمد ، بل عن حقيقة نبوة ورقة : من أين لورقة هذا ؟ كيف عرف مشيئة الله ؟ أكان القسيسون في ذلك الزمان يدركون الغيب و المستقبلات ، ولم يعد لهم اليوم ذلك ؟! أكانوا يتنبأون ويعرفون ويتسمعون على أوامر السماء ، ولم يعودوا اليوم كذلك ؟! من أين لكتاب السيرة المحمدية أن يعرفوا تدابير القس وتنبؤاته ، بعد أكثر من مائة وخمسين سنة ، لو لم يكن لهم ، هم ايضاً ، علم بمقاصد الله التى عرفها القس وأعلنها كخبير مطلع على مشيئة الله الازلية ؟!!
في كل حال ، لقد عرفت خديجة ان تستسلم لتدابير ابن عمها في ما أراد ، وهي التى كانت تسترشد بآرائه ، على حد قول صاحب السيرة " كان ذلك لخديجة بإرشاد من ورقة " .
الاعلان الثاني : عند بدء الوحــي
لما كان محمد في غار حراء يتحنث ويصوم ويصلي ويتفكر بالله ، وقد بلغ الاربعين ، أتاه جبريل آخر الشهر يعلن له : " أبشر يا محمد ، أنا جبريل وانت رسول الله لهذه الامة " . ودفع إليه كتاباً يقرأه . فاعترى محمداً ذهولٌ . ثم انصرف عنه الملاك . ورجع المرتاض قافلاً الى بيته يحدث زوجته بما سمع ورأى . وللحال أعلنت خديجة هي الاخرى العارفة بمشيئة الله : " أبشر يا ابن عم واثبت . فوالذى نفس خديجة بيده ! إني لارجو ان تكون نبي هذه الامة " . ثم قامت ، وجمعت عليها ثيابها ، وانطلقت الى ورقة لتخبره عما حدث لزوجها . وقبل ان تستكمل حديثها أعلن ورقة مطمئناً وقال : " قدوس قدوس ، والذى نفس ورقة بيده ، لئن كنت صدقتني يا خديجة ، لقد جاءه الناموس الاكبر الذى كان يأتي موسى ، وانه لنبي هذه الامة . فقولي له فليثبت
ولكن ، لابد لنا من ان نسأل ، لاعن نبوة محمد ، بل عن نبوة خديجة ، التى اعلنت لزوجها نبوته ، وعرفت مشيئة الله ، وفسرت الرؤيا كعليمة بأسرار الغيب . فمن أين لها ذلك ؟ أمن الله ؟ أم من ابن عمها ورقة ؟ أم من جبريل ؟ الله أعلم .
very interesting
we following your post with great interest
thank you again
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
الاستاذ بدر سلام البحث المعمق او ما يسمي بالحفريات في التاريخ مهمه للغايه وخاصه لفهم الاسلام بالصورة الصحيحه والمتجدده والصالحه لكل زمان... ومهم كذالك ان يقول المفكرين ان لا قدسيه لفهم السابقيين او السلف للاسلام وان ما كتبوه او فهموه عن الاسلام هو ما كان صالح لزمانهم ... وعلي المفكرين الاسلاميين اليوم ان يجدوا فهم جديد للاسلام بناسب عصرهم ..هذه ضروره ملحه لتجديد الثقه في صلاحيه فهم الناس للاسلا.م .. لكن لا يكون هذا الموضوع عرضه لكل من هب و دب للنيل من الاسلام بحجه الحفريات في تاريخ الاسلام وخاصه ان المسلمين اليوم منكسريين امام التحضر الغربي و تجد حجتهم صفيفه ولا تصمد امام اي حوار مستنر و وهذا بسببه وهو قوف المسلميين في محطه السلف وقفل باب الاجتهاد والتفكير .... ان الكاتب استغل موضوع الحفريات في التاريخ الاسلامي لضرب الاسلام في مقتل والكتاب فيه تحامل واضح علي الاسلام ونبيه.... وان محمد تعلم من ورقه و زاد عليه بذكائه وجعل منه تيار فكري رفع به الامه العربيه وما زال العرب يزيدون علي فكر محمد حتي اقتنعوا و اقنعوا الناس ان الاسلام هو دين من عند الله... هذه فريه قديمه ومتتجده تريد ان تنفي عن محمدالرسول الرساله وهذابعينه ما يقوله افضل المسحيين اليوم عند ما تناقشهم ويجدوا في كلامك منطق يقولوا ان محمد مفكر كبير خدم اهله العرب ... وهذا ما اراد الكاتب ان يقوله في هذا الكتاب يجب ان نتبه هذا الامر و لايمر علينا من باب التنقيب في التاريخ الاسلامي .. . تسائل يهدم كل النظريه التي بني عليها الكاتب افتراضه و هو ان محمد تعلم من ورقه علم العلم الالهي او علم الكتاب ... السوال هو كل شخص تعلم من قس علم الكتاب بصبح نبي ؟؟ اذ لكان هناك الاف الانبياء.. بل الرساله من الله يعطيها من يشاء من عباده وقت ما يشاء مع ودي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بابكر الزاكي)
|
الاعلان الخامس : بعد بدء الرسالة
ثبت النبي على نصيحة القس واطمأن . وراح يباشر مهمته ويبلغ رسالته وينذر . وابتدأ يعلن للناس بعض مانزل عليه من سور القرآن بلسان عربي مبين . ولكن عبء الرسالة الملقاة على عاتقه اقلقه فراح يضطرب من جديد . ففيما هو ، مره يقرأ وينذر ويتوعد أخذت بوادره ترتجف ووجهه يبرد وجنبيه يتفصد عرقاً وتنتابه نوبات و ارهاصات فرجع الى بيته مذعوراً مرعوباً دخل على خديجة يقول لها : " زملوني زملوني " ، اي لفوني بالثياب الدافئة . فأسرعت خديجة وزملته حتى ذهب عنه الروع وطلبت منه ان يطلعها على ماجرى . فأخبرها وقالت للحال قول العارف بالامور ومجريات الاحداث : " كلا . ابشر فوالله ، لايخزيك الله ابداً انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل لغيرك وتكسب المعدوم ، وتقري الضعيف وتعين على نوائب الحق " .
وارادت خديجة ان تتثبت مما تقول وان تؤكد لزوجها حجتها فانطلقت به كعادتها ، الى الخبير الالهي ابن عمها ورقة تقول له :" اي عم ! اسمع من ابن اخيك " . واستوضح ورقة محمداً : " يا ابن اخي ! ماذا ترى ؟ " فأخبره ما يرى . فأسكن القس روعة مجددا وراح يردد عليه قوله السابق : " هذا الناموس الذى انزل على موسى " . ويضيف هذه المرة : " ياليتني فيها جذعاً وأكون في زمن الدعوة " . ثم التفت ورقة الى خديجة قائلاً : " نعم لم يأت رجل بما جئت الا عودي " ، ويسبب ما سوف يقوم به محمد من ثورة على الاغنياء ، وغزوات القبائل ، وتعاليم غير مألوفة .... وعادت خديجة ماسكة بيد زوجها ، والطمأنينة في نفسيهما . وأبلغنا القس عن تمنياته بعدما تحقق اليسير منها .
الاعلان السادس : عند بدء الجهـــــــــــاد :
عن علي بن أبي طالب قال : " لما سمع محمد النداء : " قل أشهد أن لاإله الا الله وأن محمد رسول الله " . قال محمد : " لبيك " . ثم قال : " قل الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدين " . ولما سمع محمد ذلك اضطرب . وقام . واتى القس وذكر له ما سمع . فقال ورقة : " أبشر ثم أبشر . فإني أشهد أنك الذى بشر بك ابن مريم فإنك على مثل ناموس موسى . وانك نبي مرسل . وانك ستؤمر بالجهاد بعد يومك . ولئن أدركني ذلك لأجاهدن معك " .
يبدو أن هذا الاعلان أطلقه القس قبل أن يؤمر محمد بالجهاد ، أي بعد مضي زمن غير يسير على بدء الرسالة . وكان القس قد أصبح عاجزاً ضريراً أصم .
في هذا الاعلان أطمئنان آخر لمحمد بأنه لن يكون وحده في جهاده ضد المنافقين و المترفين من قريش . فالقس عازم على ان يكون الى جانبه ، رغم كبر سنه . ولكنه الآن يرشده ، ويعضده ، ويشدد من عزيمته ، وينصحه بألا يستعجل الامور ، لان المهم في سبل النجاح الصبر و التؤدة و التروي . وهي نصيحة ثمينة جداً ، ذكره بها القرآن فيما بعد : " فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل " . وعلى محمد أن ينتصح ، والا يترك الرسالة الدعو لها ، مهما ضاق بها صدره : " فعليك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك " . فإن الله لن يترك نبيه بغير عضد ولن ينساه أو يودعه أو يبغضه : " ما ودعك ربك وماقلى . وللآخرة خير لك من الاولى " .
* * *
وهكذا صار . وماكان هذا ليحدث لولا رحمة الله التى دبرت كل شيء على أحسن حال . ولئن صح ماجاء في الاخبار ، أم لم يصح فإن روايات السير النبوية وتسلسل الاحداث ، وشهادات القرآن لها ، والوساطة البشرية التى يستخدمها الله لاعلان كلمته وتبليغها .... كلها يؤكد لنا وقوع محمد وقعة إلهية في مخطط القس ورقة وتدابيره ، وعون خديجة سيدة نساء قريش التى وفرت له " المال و الجاه والشرف و الجمال والكفاية والحنان " .
لقد دبر القس كل شيء ، ونفذت خديجة كل شيء على أكمل وجه . فهي التى كانت تسعى بين القس و النبي . تسمع النبي وتشجعه وتذهب الى القس وتسترشده . ويكفي أن يقال عنها " ان ذلك من خديجة كان بإرشاد من ورقة " .
ورقة وخديجة وأبوطالب لعبوا في حياة محمد ورسالته دوراً كبيراً و لاريب فيه . وبموتهم فقد محمد العضد و السند و المرشد و المنعة و الحنان :
بموت القس ورقة " فتــــــــر الوحــــــــي " .
وبموت خديجة " تتابعت على رسول الله المصائب ، إذ كانت له وزير صدق على الاسلام ، يشكو إليها " هي التى "آمنت به ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه . فخفف الله بذلك عن نبيه . لايسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها اذا رجع اليها . تثبته ، وتخفف عليه ، وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس " .
وبموت ابي طالب " نالت قريش من رسول الله من الاذى مالم تكن تطمع به في حياة ابي طالب ...... إذ كان أبو طالب لابن أخيه عضداً ، وحرزاً في أمره ، ومنعه ، ونصراً على قومه " .
القس دبر . و الزوجة نفذت ، والعم عضد . والنبي استسلم لإرادة الله . على هؤلاء قامت الدعوة الجديدة فكان لها النجاح .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: بدر الدين الأمير)
|
خامساً – القس النبي و النبي القس
نسأل : ماذا كان في نية القس أن يعلن ؟ نبوة محمد ؟ أم قسوسيته ؟ أم خلافته ؟ أم ماذا ؟ ..... لقد استترت نية القس على كتاب السيرة النبوية . ولايعود استتارها الى سوء نية عندهم بقدر مايعود الى نقل ماوصل اليهم منحولاً بعد حوالي مائة وخمسين عاماً من بدء الرسالة وتوسعها في معظم البلاد الاسيوية والافريقية . لقد بلغهم بعض ماقام به القس من دور في نبوة محمد ، ولكنهم لم يحققوا في مابلغهم ، ولم يدركوا بالتالي نية القس ، ولم يعرفوا كيف تعلن النبوة ، ولا كيف تنتقل القسوسية في النصرانية من سلف الى خلف ، ولم يعلموا أن النبوة لا تحتاج الى من يدافع عنها ويقضي بصحتها ... ولو علموا كل ذلك لما اضطروا الى اثبات نبوة محمد بألف ألف دليل ، والدفاع عنها بألف ألف حجة .
ونزعاً لاي شك بنبوة محمد أرجعوا الادلة عليها الى زمن آدم ، فقرأوا اسم محمد في السماء تحت سدرة المنتهى ، وسمعوا الاحبار و الرهبان والكهنة و السحرة و الجن و الشياطين و الحيوانات و الاصنام و الاشجار و الحجارة ..... تعترف بنبوته ، ورأوا اسمه مكتوباً في التوراة و الانجيل ، واستطلعوا اخباره عند ملوك العجم و العرب ... كل هذا كان من أجل الدفاع عن نبوة محمد .... وهل يحتاج نبي الله الى من يبرر له نبوته ويدافع عنها ؟!!
ثم من أين للقس ورقة أن يعلن محمداً نبياً ، فيشرك معه خديجة وابا طالب وابا بكر وعلياً ؟ وهل القس هو الذى اطلق على محمد لقب نبي ؟ أم تبدلت الاسماء ، فيما بعد ، وتحرفت المعاني ، وتغيرت النيات ، واستبدت الاحداث السياسية بالامور الدينية ؟ أم ماذا ؟ . .
لئن صح اعلان القس نبوة محمد ، يكون القس مخبولاً حقاً ، ويكون النبي فيما صدق من القس ، وغروراً بدون شك . وحده الله يختار أنبياءه ، ووحده النبي يعرف بنبوته ، ويفرضها على الناس فرضاً وتعاليمه تعلن عنها ، واعماله تدعم تعاليمه !
وما من نبي في التاريخ احتاج الى الدفاع عن نبوته كما هي الحال مع محمداً نبياً على الاطلاق ؛ بل يسميه " بشيراً " و " نذيراً " . وهو مايؤكد لنا ، مرة اخرى انه لا القس ولا النبي استمتعا بالنبوة بحسب مفهومها في العهد القديم . فماذا يكون الامر إذن ؟
في ظني ان نية القس كانت غير ذلك ، ووعي محمد كان هو الاخر ، في بدء أمره ، غير ادعاء النبوة . والذى بدل المقاصد و النيات و الاسماء هو " مصحف عثمان " وكتاب السيرة و الاخبار ، والفتوحات العربية المتتالية لبلاد الشام و الفرس و الروم و القبط ... وكان مقصد القس الحقيقي ، على مايبدو أن يعلن محمداً خليفته على جماعة مكة النصرانية ! وادلتنا على ذلك ، نرددها فنقول : القس هو الذى اختار محمداً وتبناه ؛ ودبر زواجه من خديجة بنت عمه ؛ واعتكف واياه في غار حراء مايزيد على أكثر من خمس عشرة سنة ؛ ودربه على التأمل و الصوم و الصلاة و قراءة الكتب المقدسة ؛ وعلمه التوراة و الانجيل ؛ ونقل له الانجيل العبراني بلسان عربي مبين .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: قـّس ونـبى : بحث فى نشأة الإسلامى وما أخفى عن أثر القسّ ورقة بن نوفل ـ تأليف ابوموسى الحر (Re: نزار محمد عثمان)
|
الفصل الخامـــــس
حــق القـس على النبي
أولا ً – في المسيح عيسى وأمه مريم و الروح القدس
ثانياً – في الفروض و العبادات وشعائر الدين
ثالثاُ – في الحسنات و الصدقات و أعمال البر
رابعاً – في الجنة و النار و الحساب و أحوال المعاد
خامساً – في أمثال الإنجيل الواردة في القرآن
مقدمــــــــــــــــة
نظرة القرآن الى الله وكمالاته ، وقصة الخلق منذ المبدأ حتى المعاد ، ووصف عدن حيث آدم وحواء وخلق الملائكة الاخيار منهم والاشرار ، واختيار النبيين من نوح الى ابراهيم ، وولديه اسحق واسمعيل ، الى يعقوب و الاسباط الاثني عشر ، الى موسى كليم الله صاحب التوراة وصانع المعجزات ، الى داود صاحب المزامير و سليمان الحكيم ، الى أيوب الصبور ..... الى يحيي بن زكريا وقصة ولادته من عاقر ، الى مولد مريم أم عيسى ونشأتها في الهيكل بآيات إلهية ومعجزات ، ثم بشارتها بمولد عيسى ، وما جاء به عيسى من إنجيل وبينات .........
كل هذه وغيرها تناولها القرآن العربي من مصادرها الاساسية ، التوراة و المزامير و التلمود اليهودي و أناجيل النصارى المنحولة ومصنفات آباء الكنيسة السريانية ، وتقاليد الكنيسة النصرانية في مختلف شيعها . .
ثمة أخبار أخرى في القرآن عن الاسكندر ذي القرنين وانتصار الروم على الفرس ، وقصة أبناء الكهف ، وأخبار بعض العرب البائدة ، كعاد وثمود ، وبعض التشريعات التى كانت قبل الاسلام ..... لهذه ايضاً مصادر ومراجع في التاريخ .
وقصة مصادر القرآن العربي ومراجعه تطول ، و البحث فيها يقتضي إلماماً واسعاً وعميقاً بأحوال المجتمع المكي حيث نشأ محمد ..... و المصادر عديدة متنوعة بتعدد الموضوعات التى ألم القرآن بها وبحث فيها . وفي مجملها شبة مقارنة ، بل صلة قريبة بينه وبينها ، حتى لكأنك تظن بأن ما جاء به جبريل من " اللوح المحفوظ " يكاد يكون دعماً لما جاء به كل من القس و النبي . وهو هدف عظيم عملا من أجله .
هذا الهدف العظيم هو الذى دعاني الى هذا البحث وحثني عليه . به توصلت الى القول بأن الاسلام هو دين " التوحيد " بامتيازه : توحيد العقيدة ، وتوحيد الله ، وتوحيد الفرق و الشيع و الاحزاب ، وتوحيد الكتب كلها . وبذلك امتنعت عن القول برأيين : رأي الذين يقولون بأن الاسلام شيعة من شيع النصارى ، ورأي الذين يربطون القرآن و الاسلام مباشرة بــ " اللوح المحفوظ " . ورحت أبحث في هذا الهدف العظيم ، وفي من هو وراءه ، فرأيت القس وراء النبي ، والانجيل العبراني وراء القرآن العربي ، والنصرانية الابيونية وراء إسلام القس و النبي .
هذا هو الجديد الذى عملت عليه . وهذا هو حق القس نرجعه إليه . هذا الجديد نراه في موضوعات القرآن جميعها . إلا انني أقتصر على الشائك منها ، أي الموضوعات التى يعالجها القرآن العربي وفيها خلاف بينه وبين اليهودية من جهة ، وبينه وبين المسيحية من جهة ثانية . ولكنه على وفاق يكاد يكون تاماً بينه وبين النصرانية .
| |
|
|
|
|
|
|
| |