هذا من أجمل وأمتع الحوارت التى قرأتها للشاعر الكبير نزار قبانى بل ان نزار نفسه قال عن ذلك الحوار:
هذا الحوار الطويل الذى دار بين الناقد منير العكش وبينى واستغرق إعداده وتسجيله نحو عشرة جلسات وعلى مدى شهرين من العمل أعتبره من أدق أحاديثى وأخطرها وأكثرها مسؤلية وهو بالإضافة لشموليته وتحركه فى محاور فكرية وفلسفية وفنية فانه يضىء مسرحى الداخلى إضاءة تامة ويتيح للجمهور أن يرانى خارج لعبة الديكور والسيناريو والمؤثرات الصوتية .. بعد هذا الحوار أصبحت متأكدا أن قصائد الشاعر وحدها لا تكفى للتعبير عن حقيقته فالمغنى مهما أشجى وأطرب فانه يبقى تحت تأثير جهازه العصبى ونفعالاته الشديدة التوتر فى حين لايتعرض المتحدث لمثل هذه المناخات المتذبذة وبتعبير آخر إن منطق المغنى هو منطق الريح والموج.. فى حين منطق المتحدث هو منطق الحجر والثبات.. وللمرة الأولى أتخلى فى كلامى عن منطق الريح .. وأجلس مع منير العكش على احجار العقل وحدها .. رغم البحر كان على بعد خطوات من طاولتنا إن أسئلة منير العكش - كما سيلاحظ القارىء - لم تكن مسالمة ولا خالية من النية العدوانية المسبقة ومع هذا فقد اجبت عليها بروح رياضية لأننى أولا أومن أن منير لم يكن يقصد من وراء طرح الاسئلة المثيرة سوى فتح شهيتى للكلام واعتصارى حتى آخر نقطة .. كحبة زيتون .. وثانيا لأننى كنت أريد أن يكون هذا الحوار حضاريا بكل معنى الكلمة ..وأنا إذ أنشر هذا الحوار لا ادعى بشكل من الاشكال أنه الجدار النهائى لأفكارى فعقل الانسان ليس زجاجة مقفلة ولاحجرة أزلية الجدران والأثاث والكنى أقول ببساطة إن هذا الحوار هو صورة تفكيرى الآن.. وعلى وجه التحديد فى هذه المرحلة التاريخية التى يحاول فيها العقل العربى أن يثور على نفسه ويعيد النظر في مقولاته القديمة.
س منير العكش: لكنى أعتقد أن تحولك العميق منذ(الممثلون والإستجواب) كان صيغة لنداء الآخر وأثرا من طغيان الجماهيرية عليك وأنت تعرف تلك الهمسات التى كانت تستغيب نزار قبانى وتتهمه بالتجارة بعواطف الجماهير؟
ج نزار: أنا أعتقد أن التحول من شعرب الحب ألى شعر السياسة ليس تجارة رابحة مطلقا فالنوم فى عيون النساء أكثر طمأنينة من النوم بين الاسلاك الشائكة وتجارة العطر أربح من تجارة الخل والإنسان الذكى هو الذى لا يسقط فى بئر السياسة فى بلادنا إن مملكة الحب تبقى أسعد الممالك وثق أنه كان بامكانى أن احتفظ بسلطتى على مملكة الحب زمنا طويلا ولدى كل الامكانيات على الصمود والدفاع عن عرشى ورعيتى . إن تحولى إلى السياسة وأنا لا زلت أصر أنه لم يكن تحولا كان نتيجة هزة داخلية كسرت كل الواح الزجاج فى نفسى دفعة واحدة ومن نثارات الزجاج التى خلفها حزيران على أرض حواسى صرخت بصوت آخر. وأريد أن أؤكد أن شعرى السياسى علقنى على أكثر من صليب وأكثر من حبل مشنقة . إن نصف الأنظمة العربية تقف من شعرى السياسى موقف العداء والرفض وتمنع كتبى من دخول أراضيها . فى حين أنها كانت تدللنى (كشاعر حب) وتفتح ذراعيها. كان بامكانى أن أتبع مبدأ التقية كما يفعل الباطنيون والجبناء ولكنى أخترت أن أموت على الطريقة البوذية حرقا لأنى أؤمن أن الكتابة نوع من الشهادة وأن الشاعر الحقيقى هو الذى يذبح بسيف كلماته كما فعل سقراط والحلاج إننى شاعر اختار المسير دائما على حد الخنجر واظن أن النوم على حد الخنجر ليس نوما مريحا ولا مرغوبا فيه. الحب الذى ربطونى به ليس الحب الذى تحدده جغرافية جسد المراة إننى أرفض مواراتى فى مثل هذا القبر الرخامى الضيق فالمراة قارة من القارات التى سافرت إليها ولكنها بالتأكيد ليست العالم كله إن الحب عندى يعانق الوجود كله إنه موجود فى التراب وفى الماء وفى الليل وفى جراح المناضلين وفى عيون الاطفال وفى ثورات الطلاب وغضب الغاضبين المرأة موقف من المواقف فى رحلتى البحرية الطويلة ميناء من الموانى زودنى ذات يوم بالخبز والماء والحرير وأعواد البخور . لكن بقية الموانى ظلت تنادى سفينتى . إن أسوأ شىء فى تاريخ البحار هو الرسو فى ميناء واحد فاليناء الواحد مقبرة للطموح . وخلال رحلتى الطويلة مع الشعر لم تبق المرأة فى مكانها ولم أبق فى مكانى . كان لابد من تغير المقاعد ولأثاث والأدوار حتى لا يتحول الحب إلى مملكة من ممالك الضجر.
نواصل الحوار
05-01-2007, 07:49 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: أتصور أن المرأة فى شعرك لم تكن قضية بقدر ما كانت بطاقة إلى الجماهير . أعنى أن المرأة فى شعرك ( مضافة) تزوقها كل مرة بمايرضى أذواق الضيوف ويخدرهم.؟
ج نزار: المرأة كانت ذات يوم وردة فى عروة ثوبى خاتما فى أصبعى هما جميلا ينام على وسادتى ثم تحولت إلى سيف يذبحنى . والمرأة عندى الآن ليست ليرة ذهبية ملفوفة بالقطن ولا جارية تنتظرنى فى مقاصير الحريم ولا فندقا أحمل ليه حقائبى ثم أرحل . المرأة هى الآن عندى أرض ثورية ووسيلة من وسائل التحرر. إننى أربط قضيتها بحرب التحرير الإجتماعية التى يخوضها العالم العربى اليوم . إننى أكتب اليوم لأنقذها من أضراس الخليفة وأظافر رجال القبيلة إننى أريد أن انهى حالة المرأة (المنسف ) وأحررها من سيف عنتر وأبى زيد الهلالى . مالم نكف عن اعتبار جسد المرأة ( منسفا) تغوص فيه أصابعنا وشهواتنا ومالم نكف عن اعتبار جسدها جدارا نجرب عليه شهامتنا ورصاص مسدساتنا فلا تحرير إطلاقا. إن الجنس هو صداعنا الكبير فى هذه المنطقة وهو المقياس البدائى لكل أخلاقياتنا التى حملناها معنا من الصحراء. يجب أن يعود للجنس حجمه الطبيعى وأن لا نضخمه بشكل يحوله إلى غول أو عنقاء . الكائنتات كلها تلعب لعبة الجنس بمنتهى الطهارة . الأسماك .. والأرانب .. والأزاهير .. والعصافير .. وشرانق الحرير .. والأمواج .. والغيوم .. كلها تمارس طقوس الجنس بعفوية وشفافية إلا نحن فقد اعتبرناه طفلا غير شرعى وطردناه من مدننا وجردناه من حقوقه المدنية.
نواصل الحوار
05-01-2007, 08:10 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش حتى هذا فى رأيى لا ينفى عن شعرك احتراف الإثارة.؟
ج نزار: إننى لا أحترف الإثارة . ولكنى أرمى أوراقى على الطاولة بشجاعة وألعب بكل رصيدى . أنا رجل يرفض أن يلعب لعبة الحب خلف الكواليس.. لذلك نقلت سريرى إلى الهواء الطلق .. وكتبت قصائد حبى على أشجار الحدائق العامة. أردت أن أحرر أثداء النساء من أسنان الخلفاء أن أنهى مرحلة السرية والأحكام العرفية المفروضة على جسد المرأة العربية وأعيد للحب شرعيته.
نواصل الحوار
05-01-2007, 08:30 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش أذكر مرة انك قلت : ان الغموض ضرورة للجمال. كيف توفق بين موقفك هذا ورغبتك فى انهاء مرحلة السرية المفروضة على جسد المرأة العربية؟
ج نزار: الحلم شىء والبوليسية شىء آخر . إننى مع الحلم وضد البوليسية فى الحب فمن المعروف أن الإضاءة المبالغ فيها تقتل الحلم. وهذا قانون يطبق على الحب كما يطبق على الجنس . ولكى يطول عمر الحب ولكى يبقى الجنس فى حالة توقد لابد أن تبقى المرأة فى منطقة وسطى بين الإضاءة والتعتيم. المهم فى الشعر والحب والجنس أن لا تتحول الأشياء على راحتنا إلى رماد . والفم لم الذى نكتشفه بعد يبقى أجمل من الفم الذى اكتشفناه. والمرأة التى أعطتنا وعدا ولم تجىء أجمل بكثير من المرأة التى أعطتنا وعدا وجاْت . المهم أن نكون دائما على أرض التوقع وانتظار ما لا ينتظر.
نواصل باقى الحوار
05-02-2007, 10:37 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: لماذا لاتطلب الشعر أيضا من أرض التوقع والاحتمال كما تطلب المرأة؟
ج نزار: على المقياس نفسه أقول: إن القصيدة المكتوبة عندى هى إمرأة جاءت والقصيدة التى أنتظرها هى المرأة التى لم تحضر بعد.
س منير العكش: كيف تفسر إذن إعتمادك على الذاكرة الجمالية؟
ج نزار: أرفض القول إننى أنقل من الذاكرة الشعرية العربية أو أية ذاكرة أخرى إننى بهذا المعنى شاعر مصاب بفقدان الذاكرة . منذ بداياتى حاولت أن أخرج على الأنموزج الشعرى العام فى الغزل العربى . فمن خلال قراءاتى الشعرية تنبهت إلى شىء خطير وهو أن كل الحبيبات فى الشعر العربى هن واحد إن حبيبة جرير هى نفسها حبيبة الفرزدق وحبيبة أبى تمام وحبيبة الشريف الرضى وحبيبة أحمد شوقى وخليل مطران وسامى باشا البارودى . ومقاييس المرأة الجسدية كانت هى الأخرى واحدة والانفعال بجمال المرأة كان دائما صحراويا بمعنى أن أمير الشعراء شوقى لم يستطع أن يتحرروهو فى باريس واسبانيا وجاردن سيتى والزمالك من رنين خلخال البدويات ووشمهن وكحلهن واوتاد خيامهن . كانت هذه الحقيقة ترعبنى لذلك أردت أن أدخل إلى الشعر العربى من باب آخر وأن أطرح عشقى الخصوصى على الورق دون استعارة عشق الآخرين. الحب الذى كتبت عنه هو حبى أنا ومعاناتى أنا والأبجدية التى أعتمدتها فى الكتابة عن هذا الحب هى ابجديتى أنا إننى أول شاعر دخل إلى غرف الحب الضيقة ورسم أشياء العشق المعاصرة بدقة عدسة تصوير وأنا أول من أدخل تفاصيل العشق اليومية فى الشعر ( الجرائد الكتب الستائر منافض الرماد أدوات الزينة المعاصرة المقهى المرقص ثياب الاستحمام العطور الأزياء ..الخ ) ومن هنا أعترض على كلمة ذاكرة الاننى على حد تصورى كنت أحاول أن أسجل علاقات الحب فى عصرى بطريقتى الخاصة بحيث أتفق أكثر من ناقد على القول : إن شعرى هو وثيقة اجتماعية للحياة العاطفية بين الجنسين خلال الثلاثين سنة الأخيرة.
نواصل باقى الحوار
05-02-2007, 03:13 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: لا أظن الخصوصية فى تناول المعشوقات فرادة لشعرك وحده ذلك لأن شعر الغزل العربى لايمثله هولاء الشعراء الذين ذكرتهم . وحين قلت: إنك تعتمد على الذاكرة كانت تدور فى ذهنى أشعار عمر ابن ابى ربيعة والوليد بن يزيد وسحيم وجران العود . بل أن شعر الجوارى من الخصوصيات مايفوق كل مايكتب حديثا عن الشعر . كذلك أرى استلهام المثل الأعلى للجمال الذى يعشقه جمهورك واعتمادك على معجم صغيرمن المفردات المنمقة كالضوء والعطر والربيع والفراشة والحلمة ..الخ انما هو اتكاء على الذاكرة الجمالية لغويا وشعبيا وتكاء لا إضافة فيه إلى ماهو معروف وجاهز . اما دخول العصر بثياب الاستحمام ومنفضة السجائر والجرائد والأزياء فهذا لا يختلف عن تصور شوقى للمعاصرة حين ظنها ملاحقة لمنجزات العصر كالطائرة والدبابة والقطار؟
ج نزار: أنا حين أتحدث فانما أتحدث عن الشعر العربى كنهر كبير ولا أتحدث عن بعض الاعشاب الصغيرة التى نبتت مصادفة على ضفتيه . الشعر العربى والغزلى منه بصورة خاصة لا أثر فيه للعلاقات الحميمة والخصوصية والمثل الذى أوردته عن عمر وسحيم ولآخرين هو مثل جزئى لا يشكل إلا قطرة فى البحر الكبير . إن تجربة عمر وسحيم تجربة مدهشة بدون شك ولكنها تبقى واحة صغيرة فى صحراء الشعر العربى الكبرى وهى لا تصلح أساسا للتقيم الموضوعى . أما المعجم الصغير الذى أستعمله فهو ليس اتهاما ولا نقيصة . هل تعلم أن شكسبير بكل ما رواءه من أعمال مسرحية وشعرية كان ينام على 1300 مفردة فى اللغة الانجليزية . أن ثروة الشاعر اللغوية هى ثروة يجمعها منذ لحظة ولادته كلمة كلمة . والمهم فى الشعر لا كثرة المفردات وإلا كان قاموس المحيط أكبر شاعر فى الدنيا . المهم هو تركيب المعادلات المفنعة فى الشعر ومعرفة كيمياء اللفظة وتركيبها فالحجر متوفر فى جميع أنحاءالدنيا ولكن النهندسين هم الذين يعطون الحجر أشكالا ليست فى الحسبان خذ مدينة مثل ( برازيليا) إن مهندسيها استطاعوا أن يبنو بالحجر البرازيلى نفسه أشكالا خرافية لم تعرفها أية مدينة من المدن من أثينا حتى اليوم. فالحجر على يد القوطيين أخذ وجودا وعلى يد الفراعنة أخذ وجودا المهم أن المصدر الكبير فى كل عملية إبداع هو اليد التى تصنع لا المادة المصنوعة. ومثال شوقى مثال ساذج وقاصر . فما فعلهشوقى حين وصف الدبابة والغواصة والطائرة لم يكن أكثر من لقطة فتوغرافية بالابيض والاسود لمصور اخذها مصور فاشل فى الحرب العالمية الاولى . المعاصرة ليست الحديث عن الأشياء التى نعاصرها ولكنها التغلغل فى لحم الأشياء والتناسخ فيها . فالمنفضة قد تبدوا بحد ذاتها تافهة إذا ما فصلناها عن أية علاقة إنسانية ولكن هذه المنفضة نفسها تتحول إلى مركز لجاذبية الأرض عندما تكون على طاولة صغيرة ينحنى عليها رسامان عاشقان خذ مثلا تجربتى فى ( كتاب الحب) فقد كان طموحى أن أكتب للناس فى يوم من الايام قاموسا للعشق تكون مساحة المفردة فيه بمساحة الإنفعال وأعتقد أننى وصلت إلى بعض مبتغاى بايجاد معادلات شعرية للعشق تستغنى عن الزوائد الدودية والقصائد العصماء فى لغة لعشق.
نواصل باقى الحوار
05-02-2007, 04:00 PM
شهاب الفاتح عثمان
شهاب الفاتح عثمان
تاريخ التسجيل: 08-27-2006
مجموع المشاركات: 11937
س منير العكش: هل تكتب ديونا كاملا من أجل أن تضع للناس معادلات فى العشق؟
ج نزار: الناس هم البداية والنهاية فى كل كلمة تطرح على الورق . إنهم شعبى ورعيتى . وأنا لا استطيع أ، أحكم فى جزيرة من الأشباح . إنهم المرآة التى أرى فيها أبعاد وجهى . وأنا بدون الآخرين لا وجه لي . القصيدة عندى قبلة ينفذها إثانان الشاعر والجمهوره . والشاعر الذى ينفى الآخرين من مملكته هو شاعر يحاول تقبيل نفسه.
نواصل باقى الحوار
05-02-2007, 07:04 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: كيف تقول : إن المصدر الكبير فى كل عملية إبداع هو اليد التى تصنع لا المادة الشعرية وأنت تعيش على شكل نسجته لك أصابع الآخرين؟
ج نزار: هذا كلام سائب وغير مسؤل . ومطلوب منك أن تحدد من هم ( الآخرين) الذين أعاروننى ثيابهم. أنا لا أذكر دخلت مرة واحدة إلى محل بيع الألبسة الجاهزة فى كل تاريخى الشعرى . إنى لم أتوقف لحظة من اللحظات عن تغير جلدى . إننى أعيش دائما فى حالة حذر وخوف من الآتى . إننى أشعر دائما إننى أقف على أرض لا ثبات لها وأن خيول الشعر تركض من حولى بالمئات واننى اذا لم اغيرطريقة ركضى وسرج فرسى سقطت تحت حوافر الخيول المتسابقة إننى أحاول تغير صوتى كل يوم وجلدى كل ساعة كما تغير الشجرة أوراقها لتبقى واقفة على قدميها . آخر تجربة لي كان ( مائة رسالة حب) وفيه تركت مواقعى القديمة لأخرج إلى البريةقصيدة النثر حيث السماء أرحب والحرية تقطف بالاصابع وهكذا تجدنى أتحرك باستمرار واعجن كالأطفال على الشاطىء الرمال بيدى بحثا عن أشكال أتجاوز بهاتاريخى الشعرى نفسه.إننى لا أوافق أدونيس على أن الشكل هو قبر. الشكل عندى ثوب أرتديه أولا أرتديه قطار أركبه أو لا أركبه غرفة أسكنها أو لا اسكنها . وقيمة أدونيس أنه يجرب كل القطارات والغرف.. كما تملى عليه حريته .. ولكن أدونيس لا يبيت فى العراء أبدا..إنه حتى فى كتابه الاخير يسكن فى حجرة لغوية جديدة .. وقد لا تكون لهذه الحجرة سقف .. ولا نوافذ .. ولكنها مع ذلك تبقى مسكن أدونيس الشرعى .. لا قبره.إن الشكل لا يتحول إلى قبر .. إلا عندما يقبل الشاعر أن يقيم فيه إقامة أبدية .أما حين يتحول الشكل إلى (موتيل) .. يستريح الشاعر ساعات ويرحل إلى غيره فان الإقامة تبدو محتملة.
نواصل باقى الحوار
05-02-2007, 07:09 PM
عبدالكريم الامين احمد
عبدالكريم الامين احمد
تاريخ التسجيل: 10-06-2005
مجموع المشاركات: 32523
شكرا يا بدر لهذا الجهد السمح واشراكنا في صهيل هذا الرجل الجميل الوجدان فنزار قباني دوما يحسسني بانه امتلك قنبلة الابداع المتحرر من قيود الشرق المكبلة لمثل ارائه المدهشة... العشق يا بدر نار ونيران وفي حضرته نتواري خلف جدران الكلمات (ونظل نبكي ونسمع ولك ان تقول وبس)
05-02-2007, 08:44 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
كيكى ياصدقى للامانة هذا الحور تعنيك تفاصيله لانك شخص حكاى بطريقة جديدة ومبتكرة وهكذا كان نزار قبانى فى شعره بس نزار لم يشتغل بالعراك الجانبى مع ملاسى او احمد الامين وقاموس مفردات كانبيك ملهم لك ولنا من غير قواعد بس اقعد وقول
05-03-2007, 08:23 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش : مع كل هذا أنت مقر ضمنيا مع أدونيس بأن الشكل قبر فحين تريد أن تغير ركضك وسراج فرسك باستمرار وحين وحين تلجاإلى قصيدة النثر فى آخر تجربه لك انما تقر دون أن تعترف أن الشكل قبر جاهز يستنفد صيغته وغايته وانك تبحث دائما عن شكل يفرضه الغير نفسه؟
ج نزار: أنا أصر على القول : إن الشكل زى يأتى ويروح . وأنا ضد الوثنية الشكلية بكل أنواعها وضد كل الاشكال الهندسية التى تفرض على حصارا طرواديا وضد الشكل إذا تحول مع الزمن إلى حذاء صينى نلبسه بأرجلنا وأفكارنا ولا يسمح لنا بانتزاعه حتى نموت[./B]
نواصل باقى الحوار
05-10-2007, 10:16 AM
كمال علي الزين
كمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386
Quote: كيكى ياصدقى للامانة هذا الحور تعنيك تفاصيله لانك شخص حكاى بطريقة جديدة ومبتكرة وهكذا كان نزار قبانى فى شعره بس نزار لم يشتغل بالعراك الجانبى مع ملاسى او احمد الامين وقاموس مفردات كانبيك ملهم لك ولنا من غير قواعد بس اقعد وقول
بدر الدين
تحياتي
الحوار الجيد وقباني لا يختلف حوله متلقيان ..
لكنه تعارك يوماً مع الشاعر العراقي الكبير رعد بندر شاعر المربد 1998
في الموسم الذي شارك فيه أخانا بابكر الوسيلة ...
العراك الأدبي جزء لا يتجزأ من حركة الفكر والثقافة ..
فمابين خدمات الفكر المجانية للسياسة وضغائن القلوب المثقفة وميلها للمثاقفة حين يتنافس
تزوج نزار مرتين في حياته. الأولى من ابنة عمه "زهراء آقبيق" و لديه منها هدباء، توفيق. توفي توفيق عن عمر 17 عاماً بنوبة قلبية و هو طالب في كلية الطب في القاهرة. فرثاه بقصيدة شهيرة عنوانها "الأمير الخرافي توفيق قباني"، و أوصى ان يدفن إلى جانبه بعد موته. وأما ابنته هدباء فهي متزوجة الآن من طبيب في إحدى بلدان الخليج .
أما زواجه الثاني فكان من العراقية بلقيس التي لاقت حتفها في انفجار السفارة العراقية في بيروت أثناء الحرب اللبنانية في العام 1982، ما ترك في نفسه اثرا سيئاً فرثاها بقصيدة "بلقيس" الشهيرة التي حمّل فيها العالم العربي كله مسؤوليّة موتها. و له منها عمر و زينب.
بعد وفاة بلقيس رفض الزواج مجدداً، و أمضى سنينه الأخيرة في لندن وحيداً. وافته المنية يوم 30 ابريل/نيسان 1998 في لندن عن عمر 75 عاماً، بعدما أصيب بنوبة قلبية.
05-03-2007, 09:40 AM
ايوب عبدالرحيم
ايوب عبدالرحيم
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 1441
ما اجمل هذا الحوار نزار قباني ينسج من كلماته اطواق ياسمين وتماثيل حب احس عندما اقرا كلماته ( النثرية ) انني اطوف بحدائق من القرنفل والورد والياسمين واني استنشق عبيرا من حروف كلماته كلماته مغزولة بنسيج عذب مترابط ورغم متانة الغزل ياتيك احساس جميل ببساطة مفرداته وانه تدخل الى قلبك مباشرة دون وسيط ؟؟؟
لا ادري فقد قرات له كثيرا وحفظت له اكثر واذكر انه في احد مقابلاته قد ذكر انه يرى ان نثره اجمل من شعره
وكما قال هو
حتى يصير الشعر في وطني بمرتبة الهواء واكون قاموسا لطلاب الهوى واكون فوق شفاههم الفا وباء
تعمقت في هذا الحوال الجريء له مع العكش واعجبني الحوار لدرجة اني قد قمت بحفظه لدي
ساعود للمشاركة
وحتى يكتمل الحوار نتابع ...............
05-03-2007, 11:51 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: معظم مجدى الحركة الشعرية توهمو أن النثر نهاية مطلقة وحتمية للشكل هل تعتقد أن بامكان الشكل تجاوز النثر وما مبرر كتابتك نثرا فى (مائة رسالة حب)؟
ج نزار: ليس عندى مثل هذا الوهم الذى تتحدث عنه ولا أعتبر أن النثر هو الشكل النهائى للشعر فأنا لا أومن أصلا أن هناك نهايات مطلقة للشعر . كل ما أستطيع أن اقوله لك : إننا الآن نلعب بورقة الحرية ولا نعرف إلى أى مدى ستوصلنا للعبة. نحن مرهقون نتيجة عصور التخلف والانحطاط بتراكمات لغوية وقوالب من الاربسك أصبحت تضغط على أفكارنا وأقدامنا وعواطفنا كالحذا الصينى وفى مثل هذه المرحلة الانتقالية بين الجاهلية والحضارة يبدو النثر بابا وحيدا للخلاص لا ننا نستطيع به أن نخرج من قارورة التاريخ. وفيما يتعلق بقولك إن النثرهو الآخر يصبح مع الزمن شكلا فاننى أعتقد أن المبدعين الحقيقيين بتجاوزاتهم اليومية لأنفسهم يستطيعون أن يتجنبوا فخ الشكلية أما بالنسبة لى فاننى منذ 1966م وعلى وجه التحديد منذ أن أصدرت مجموعتى الشعرية ( الرسم بالكلمات) أدركت أننى أنهيت دورة شعرية كاملة وأن كل تحرك مني على المحور ذاته سيكون فيه مقتلى لذلك بدأت أقلق وبدأت أخاف أن يسقط المسرح من تحتى وبدأت أبحث وأشتغل على معادلات شعرية جديدة تنقذنى من قطار الشعر العثمانى المتدهور. أول محاولة للخروج من قطار الأشباح كانت ( كتاب الحب ) وفيه حاولت أن أنفض أن أقص جميع النتوءات اللغوية فى بلاغتنا العربية وكتابة قصيدة تكون خلاصة الخلاصة والنقلة الثانية وأنا بالطبع لا اعتبرها نهائية كانت فى (مائة رسالة حب ) وفيها تحولت الكلمة إلى فرس رفض سرجه وفارسه وانطلق فى برارى الشعر . ولقد اكتشفت خلال كتابة ( مائة رسالة حب) معجزة العلاقات بين الكلمات ومعجزة اصطدامها ببعضها على الورق واكتشفت كيف تتحول الأبجدية بين يدى الشاعر إلى سمفونية لها ألوف المفاتيح الصوتية. بصورة موجزة : إن يدى باستمرار موجودة فى الصلصال الساخن وإننى أجد نفسى محاطا بتحولات تاريخية وحضارية تدفعنى إلى أن أغير جلدى القديم وأغير أصابعى إذا اقتضى الامر وإلا سقط تحت عجلات عربة التاريخ .
نواصل باقى الحوار
05-05-2007, 07:17 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: أنا أتصور أن لغتك الشعرية تعيش فى مناخين : أحدهما يتلخص فى جرأتك على استعمال مفردات اصطلح الشعراء على نفيها من لغة الشعر. أما الآخر فيتمثل بنتاولك مفردات ذات إثارة حادة طلما استهلكها الشعراء المنمقون والتقليديون كمدخل لاستجابة عضوية لدى المتلقى كيف تفسر هذا الفصام فى تناولك لغة الشعر؟
ج نزار: الكتابة مغامرة أى انها سفر فى المجهول والغرابة وأنا أعترف أننى فى بداياتى الشعرية كنت أرسم خطا بين مفردات الشعر ومفردات اللاشعر ثم اكتشفت سذاجة نظرتى ونقلبت على نفسى مجموعتى (قصائد) 156 كانت نسفا للجدار الفاصل بين المفردات الشعرية والمفردات المحظورة. فى (قصائد) وفى ماتلاها من مجموعات خرجت نهائيا على الشرعية اللغوية . وأصبحت أؤمن أنه ليس فى الشعر مناطق حرام ومناطق مباحة وأن الشرعية ليست سوى نوع من أنظمة منع التجول أو الأحكام العرفية من شأنها أن تعتقل الشاعر وتعيقه عن الحركة . الشاعر هو مصدر الشرعية وهو الحاكم الفرد المطلق الصلاحية على أوراقه وعلى أبجديته. أما المفردات ذات الإثارة الرومانتيكية والتى يحتفل بها مجموعاتى الأولى فهى تعود إلى مرحلة متقدمة ثلاثين سنة أى أنها كانت فى مرحلة طفولتى الشعرية . وفى مرحلة الطفولة الشعرية والطفولة بشكل عام يعمد الطفل إلى استعمال الأصوات ذات النبرة الحادة ليعبر عن رغباته تماما كما يفعل الرجل البدائى . ثم يبدأ بالتخلى شيئا فشيئا عن قاموس الطفولة ويبدأ باستعمال المفردات الأكثر تحضرا والأقل إثارة . وبتعبير آخر : إن للغة تمر بنفس المراحل العضوية التى يمر بها الجسد من ولادة وطفولة ومراهقة واختمار فالكلمة فى العشرين تاخذ شكل السيف الحاد وفى الاربعين شكل حبة القمح التى انضجتها شمس تموز.
ج نزار: لغتى الشعرية هى المفتاح الحقيقى لشعرى وأهم منجزاتى إننى سافرت من القاموس واعلنت عصيانى على مفرداته واحكامه البوليسية . اللغة الأكاديمية زجاجة صمغ أى انها مادة شديدة الإلتصاق . والذين استسلمو لها من الشعراء غرقوا فى الصمغ أو صاروا صمغا . أنا منذ أولى خطواتى الشعرية تجنبت وعاء الغراء وتعاملت مع الكلمات الساخنة والطازجة والمعجونة بلحم الناس واعصابهم ووقائع حياتهم اليومية. طبعا لم أسقط القاموس كله من حسابى لان اغتيال لغة بأكملها هو من نوع الجرائم المستحيلة أنا قتلت من المفردات ما هو مقتول فعلا أى المفردات التى تصلبت شرايينها وتخشبت مفاصلها ولم تعد قادرة على المشى أو على الكلام . من رحم الكلام اليومى تخرج القصائد وأية ولادة لاتحدث فى هذا الرحم هى ولادة قيصرية إننى ضد الولادة القيصرية فى الشعر . ومهنتى كشاعر هى أن التقط الشعر من أفواه الناس وأعيده اليهم.
نواصل باقى الحوار
05-06-2007, 10:00 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: هل تعتقد أن العلاقة بين الشعر واللغة علاقة قدرية وانه لا يمكن إداء الشعر خارج الصوت؟
ج نزار: الشعر فى الاساس صوت وهو فى شعرنا العربى خاصة مخزون فى حنجرة الشاعر وأذان المتلقى فالصوت إذا قدر القصيدة وحتميتها وليس بامكانى بعد أن أتصور شكل القصيدة الخرسا. إن الفنون كلها تخضع لقانون القدرية إذا كان للقدرية قانون . فالحركة قدر الرقص واللون قدر الرسام والحجر قد. ر النحات . وأنا لا يمكننى تصور قصيدة تقرأ بالأنف أو موسيقى تتذوق باللسان
س منير العكش: هل تحس بأن صوت قصيدتك هو صورة مطابقة لتجربتها الداخلية؟
ج نزار: كل لغة هى بحد ذاتها خيانة والتجربة بعد انتقالها إلى الورق أصغر بكثير من التجربة الداخلية التى يعيشها الشاعر . لذلك أشعر بخيبة أمل كبيرة أمام قصائدى المنتهية . أقول: إن الفرق بين القصيدة قبل وبعد إنتقالها إلى الورق هو الفرق بين القبلة والشفة بين الطعنة والخنجر بين السكر والنبيذ.
س منير العكش: كيف يمكن لشعرك إذا أن يكون قبلة على ورق وانت تعتقد أن الشعر فى اساسه صوت؟
ج نزار: لا حلول عندى لمثل هذه الحال المأساوية التى يعانيها الشعر والشاعر منذ رجل المغارة إننى يائس من الوصول إلى تطابق بين الحالة والفعل بين الحقيقة والتشخيص.
نواصل باقى الحوار
05-06-2007, 03:40 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: أين تذهب تلك البقية من الحال التى لايستوعبها التشخيص هل يأكلها الجسد ؟ أم تتحول إلى فعل إنسانى:
ج نزار: نار الشاعر لا يمكن أن تضيع فما يضىء من تجربته يضىء وما يبقى بشكل رماد يبقى بشكل تراكمات خلف جدران النفس ينتظر فرصة أخرى ليضىء بدوره أنا شخصيا مرت بمثل هذه الحالات فكم من الموضوعات فى داخلى حاولت أن تخرج بشكل من الاشكال ولكنها لم تستطع أن تجد الشكل الذى تولد به فآثرت الإنسحاب حتى تلتقى بشكلها. قصيدتى (حبلى) مثلا بقيت عشرة سنوات تحاول أن تجد صيغة لولادتها ولكنها فشلت إلى أن جاء يوم كنت أهبط فيه على سلم بيتنا الحجرى فى منزلنا القديم بدمشق وإذا بوقع خطاى على سلم الحجرى يشق فهوة البئر وتخرج (حبلى) من أعماقه بشكلها النهائى المكتمل . وهكذا يتبين أن الشعر كمادة متفجرة تبقى ممطورة تحت الجلد والأعصاب حتى يحدث شىء ما لا ادرى ماهيته ويكون التفجير الشعرى كما التفجير النووى ومرعبا.
س منير العكش: كيف ينشأ إيقاع الربط بين الاصوات فى شعرك ؟ هل تسمعه قبل ولادة القصيدة؟
ج نزار: الإيقاع من حيث التوقيت متقدم زمنيا إنه الملك الذى يمشى أولا ومن ورائه تمشى اللغة كوصيفة ثانية . القصيدة تبدأ عندى بذيان موسيقى بغمغمة بكلام لا كللام له . ثم تأتى اللغة لتنظم هذا الهذيان وتحتويه وتحبسه .. فى داخل زجاجة المفردات.
س منير العكش: هل يكون للايقاع دور فى غختيار مفردات القصيدة؟
ج نزار: طبعا فالايقاع سطح ممغنط تنجذب اليه الكلمات بصورة جبرية كما تنجذب برادة الحديد إلى المغنطيس . الايقاع هو بؤرة العدسة حيث يجتمع الضوء ويتكثف . وهو المركز الهندسى لدائرة القصيدة.
س منير العكش: اذا كان للايقاع هذا الدور فى اختيار المفردات فهل يكون له بعد فى معنى القصيدة وحركتها الداخلية؟
ج نزار: الإيقاع هو نفسه بعد وحركة . والموسيقى إشارات ملتحمة بالزمان والمكان. فالحروف الصوتية برية شاسعة تتيح للشاعر أن يركض فوقها بحرية واسترسال . وتصميمها بشكل انسيابى يسمح لها بان تتخطى الحواجز فى حين أن الحروف الصامته بحكم تكوينها محكوم عليها بالإنغلاق والسكونية . إن بعض بحور الشعر العربى مثلا كتأليف موسيقى تخلق حولها جوا ومناخا نفسيا خاصا بها. فالبحر الطويل يخلق مناخا ملحميا والبحر البسيط يحمل فى موسيقاه الحزن والسوداوية وبحر الخبب يدق أجراس الفرح. وفى هذا دلالة على أن إيقاع القصيدة ليس برزخا منفصلا عنها ولكنه المفتاح الرئيسى الى تقسيماتها الداخلية والحجر الاساسى فى هندستها.
نواصل باقى الحوار
05-08-2007, 06:05 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: برغم اعتقادى أنه ليس هناك مناخ نفسى جاهز لك بحر وان هذا المناخ يخلقه الشاعر نفسه فاننى سأنتقل الى سؤالك عن حياتك الخاصة. قبل أن يوت عمر ابن ابى ربيعة أقسم انه لم يحل تكته على حرام قط. هل هناك مثل هذه الغربة بين حيات نزار قبانى وشعره؟
ج نزار: لوكان هذا التصريح الخنفشارى لعمر صحيحا لكانت شاعريته موضع شك كبير ولكان شعره مسلسلا جميس بوندا كاذبا إننى أشك فى الرواية والراوى وأعتبر هذه الوثيقة المزورة مؤامرة لفصل الشعرعن الشاعر . بالنسبة لي لا إنفصام بيت التجربة والتعبير عنها . بين الفم والصوت . كل تفاصيل حياتى اليومية معجونة بالشعر المكتب الذى أكتب عليه الورقة التى أسجل عليها شعرى يجب ان تكون مساحة زرقاء او وردية لان حياد اللون الابيض يقتلنى وان الكتابة على ورق أزرق أو اخضر يمنحنى الإحساس بأنني أكتب على سماء صيفية أو على زرقة خليج أو على غيمة . أما الورق الابيض فيوحى لي باننى أكتب على جدار مقبرة كلسي إن اللون الابيض ضريحى . دار النشر التى أنشأتها حولت أثاثها وجدرانها الى شعر اننى حتى حين أعمل عملا غير شعرى أحس بحاجة إلى حد أدنى من الشعر اليكسر روتين النثر اليومى . فنجان القهوة الذى أشرب به منفضة الرماد التى أدفن فيها سجائرى قماش المقعد الذى أجلس عليه اللوحات التشكيلية التى تواجهنى على جدار مكتبى لا أعتبرها شؤنا صغيرة فالشؤن الصغيرة هى الشؤن الكبيرة. وفى هذه المملكة أعيش وأكتب وأمطر هذه هى الارض التى أقف عليها وربما كان لبقية الشعراء أرضيات من نوع آخر يقفون علها كل ما يهمنى أن أقوله إن الشعر مشتبك بجزئيات حياتى اليومية وبكل تفاصيلها الصغيرة كما تشتبك خيوط كرة الصوف ببعضها فى مخالب قطة المنزل. إن حياتى وشعرى ملتحمان كما اللحوم بالعظم ولا يمكن فصلها إلا بالموت. حياتى كلها مصور ومفرغة فى هذا الاناء الذى هو شعرى . اننى لم أترك تجربة واحدة من تجاربى مهما كانت صغيرة فى العتمة كل تجاربى أطلقتها كالعصافير فى السماء ولم يبقى عندى عصفور واحد محنط على جدران عالمى الداخلى شعرى هو صورتى الفتوغرافية الرسمية الموزعة على كل المدن وكل المخافر وهى التى تحمل علاماتى المميزة وخطوط بصماتى . كل الأشياء التى اصطدمت بها عينى وأحاسيسى خلال رحيلى الوطيل فى قارات العالم تتحرك وتتنفس فى قصائدى . حياة السك السياسى لبت الورق حاسمة فى حياتى وفى فنى لقد أغنت شعرى وأغنت قاموسى الجمالى.
نواصل باقى الحوار
05-09-2007, 10:55 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
(فى إجابته على السؤال القادم يتحدث نزار قبانى باعجاب عن الشعب السودان وتميزه)
س منير العكش: لكنها لم تستع أن تنقلك خارج حدود قارئك المعتاد. هل تحس بان لجمهورك هوية معينة تريد تجاوزها؟
ج نزار: لا أفهم ماتقصده ( بالقارىء المعتاد) هناك قارىء واحد فقط يقبلك أو يرفضك يتحمس لك أو يدير ظهر إليك يشعر بأنك تنطق بلسانه أو تغشه وتحتال عليه. المهم أن تستطيع فتح حوار ناجح معه .. وان يكون لك القدرة على الاستمرار أنا شخصيا فتحت مثل هذا الحوار ثلاثين عاما أتى شعراء ومات جمهور .. وولد جمهور إنحسرت ثقافة.. وجاْت ثقافة أفلست أيدولوجيات وانتصرت أيدولوجيات .. سقطت مدارس شعرية وازدهرت مدارس شعرية .. ولا يزال حوارى مع الجمهور حارا وموصولا.. وتسألنى ما هى هوية جمهورك ؟ ما ملامحه ما ثقافته ؟ ماهى الشهادات التى يحملها؟ الشعر لايتجه أصلا إلى انشتاين . إنه يتجه إلى الأبرياء يعنى إلى كل أولئك الذين إذا لم يجدوا ثوبا يلبسونه .. لبسوا قصيدة. وأنا حين أقرأ شعري للجمهور لا أطلب منه قبل أن يدخل القاعة أن يقدم لي نسخة مصدقة عن شهاداته ودرجاته العلمية . وإذا كان فى تصورك أننى أتوجه لجمهور تجمعه المراهقة والثقافة الصغيرة فلقد كان الشعب الروسى فى بداية الثورة كذلك ولكن هذا لم يقطع لسان بوكشين وماياكوفسكى لو كنت أستطيع أن أستورد شعبا عربيا آخر تكون له ثقافة برغسون وبروست واندره مالرو ولكم الشعب العربى هو قدرى لأننى ورثته كما هو .. بكل طيبة قلبه وسوء حظه وثقافته الصغيرة وعبادته للشعر. ولان الشعب العربى هو قدرى على أن اكون معه وأشعر معه وأكتب له. أما أن أنتظر حتى تصير ثقافة شعب أبوظبى ثقافة هارفدية .. فهذا فى نظرى تواطؤ على الشعر وعلى التاريخ وعلى الحقيقة . لقد إستمع إلى فى السودان عشرة آلاف إنسان كانو يتدلون كعناقيد العنب الاسود .. من غصون الشجر فهل كنت تريدنى أن أطردهم لأنهم كانو يلبسون الجلابيات البيضاء. وفى العراق والمغرب وتونس وليبيا والكويت والاردن وسورية ولبنان تكررت هذه الظاهرة .. وحين تتكرر الظاهرة تصبح قانونا طبيعيا كارتفاع سنابل القمح وهبوب الرياح وسقوط المطر. ثم من هم المثقفون الذين تريد أن يتجه اليهم الشعر؟ هل هم الخريجون من أطباء ومهندسين ومدراء بنوك وأصحاب شركات ومقالولين ووزراء ومديرين وموظفين؟ لقد أثبتت إحصاءات توزيع الكتب أن جميع من ذكرت لا يقراون كتابا ولا يزورون مكتبة وأن سقف ثقافتهم هو جريدتهم اليومية والمسلسلات التلفزيونية. والمحاضرات الثقافية والكراسى الفارغة المتململة من يملؤها سى الطلاب و (الدراويش) من أصحاب الثقافة الضغيرة نعم هؤلاء هم مستهلكو الشعر الحقيقيون .. أما ما عداهم فواجهات ثقافية ليس فيها أية بضاعة ..
نواصل باقى الحوار
05-09-2007, 03:50 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: كيف يمكن للشعر إذا أن يحمل بعدا انسانيا لإنقاذ العالم؟ وهل يملك الشعر أن يشيد الجمهورية الفاضلة التى عجز العقل عن أشادتها؟
ج نزار إن خطى كان ولا يزال مع البراءة والطفولة والثورة. وأنا لا أزال مع البراءة والطفولة والثورة. وأنا لا أزال عا جزا عن تصور شعر خارج الطفولة والذى تتصور حدوثه بالنسبة للشعر سوف يحدث فالانسان مهما لعب ورقة العقل ومهما قامر بالايديولوجيا ومهما تغلغل فى دهاليز الجنس والارتعاشات الهستيرية والعصبية ومهما طحنته عجلات العصر فسوف تبقى فى داخله منطقة لا تستطيع أن تصل إليها حسابات الكومبيتر ومعادلاته. إن الكومبيوتر لن يكون بامكانه مهما لقمته من معلومات عن العشق أن يكتب رسالة حب واحدة ومهما أطعمته من أعشاب الشعر أن يكتب قصيدة واحدة . إذا فالانسان مهما طال سفره فى غابات العقل والجنس والجنون فانه عائد حتما إلى حالته الطفولية يعنى إلى الشعر إن العودة إلى الشعر شىء حتمى فى خضارة تغتال نفسها بنفسها وتأكل منجزاتها. لذل فان المدينة الشعرية الفاضلة التى تخطر ببالك خطرت ببالى عام 1948م عندما كتبت مقدمة ديوانى (طفولة نهد) ولايزال هذا الحلم ينام على مخدتى حتى اليوم وفجيعة الشعر الاساسية هى أنه دخل فى نطاق البرمجة ومشاريع السنوات الخمس أو العشر وتخطيطات الحزب فأصبح يخطط له فى الغرف الضيقة كما يخطط للمزارع التعاونية وتعبيد الطرقات وبناء معامل الحديد والصلب . تلك هى كارثة الشعر الذى يعيش فى حالة إقامة جبرية ويمنع من ممارسة حركته الطبيعية وحريته وانسانيته.
05-09-2007, 04:42 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: لو اعتبرنا هذا الكون مغامرة إبداعية لمبدع سماوى عظيم هل بالامكان إبداع الأرض ان يتصل بابداع السماء؟
ج نزار: الإبداع السماوى والإبداع البشرى حصانان يتسابقان من أجل الوصل إلى الأجمل . ولقد استطاع الإنسان المبدع فى كثير من الحالات أن يفوق على إبداع الطبيعة . فى عالم الاصوات مثلا تبدو الأصوات المنطلقة من الطبيعة بدائية وبسيطة ومحدودة الايقاع : صوت الرعد صوت العصفور مواء القطة صياح الديك عويل الريح هدير الموج فى حين أن الانسان استطاع أن يصل إلى تركيبات بمنتهى الشفافية . إن بحيرة بجع (تشايكوفسكى) أهم من هفيف كل البحيرات والثالثة لبيتهوفن أهم من نابليون وجنائزيات باخ أشد جلالا من الموت.وفيما يتعلق بعالم اللون قد يبدو الإبداع السماوى أغنى: غروب الشمس ذيل الطاوس جناح الفراشة الأزهار الافريقية لكن رينوار وسيزان وغويا والغريكو وروبنس وبيكاسو ودالى وكلي وميرو استطاعو أن يعجنوا هموم الانسان وافراحه باللون والظل ويعبرو عن أعماق الإنسان برمزية لاتعرفهاالطبيعة كما فى التكعيبية والسريالية أما عالم الشعر فقد تفوق فيه الحصان الإنسانى تفوقا حاسما إذ لا شعر خارج الانسان
نواصل باقى الحوار
05-10-2007, 09:14 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش لكنك نسيت الإنسان ذلك التحدى المعجز لابداع الارض ان مسرح الانسان الشاعر فى عمقه وسعته وتنوعه وخصبه حين لايجد الشاعر له مطابقا لغويا رمزيا على الارض لهو اكبر دليل على تحدى السماء؟
ج نزار لا أزل أصر على أن السماء لاتعرف أن تكب شعرا وأن الشعر محصور بالإنسان فقط ومما لا شك فيه أن قلب الانسان تركيب سماوى ولكنه تركيب ملغوم بكثير من الاحتمالات التى تتوقعها السماء . القلب الانسانى قمقم رماه الله على شاطىء هذه الأرض واعتقد أن الله نفسه لا يعرف محتوى هذا القمقم ولا جنسيه العفاريت التى ستنطلق منه . والشعر واحد من هذه العفاريت.
س منير العكش: هل يستطيع الشاعر أن يكتب كوكبا أو قوس قزح أو قاع بحر أم هل يستطيع أن يكتب أمومة أو إمرأة جميلة؟
ج نزار: طبعا يستطيع . ألا تشم فى ( المقبرة البحرية) لفاليرى رائحة الأعماق.. وفى شعر لوركا ألا تسمع هفيف مراوح الاسبانيات .. وفي ووردزوورث ألا يغلفك ضباب الجزيرة البريطانية وسماواتها الرمادية و(عيون إلزا) أليست قوس قزح رسمه أرغون باجمل ألوان اللهفة؟
س منير العكش والأ لوهة هذه القصيدة التى مسخها المجسدون كيف تناجيها أو تقيم حوار معها؟
ج نزار: إن الله عندى هو دبيب شعرى وإيقاع صوفى فى داخلى . والشعور الدينى لدى هو شعور شعرى والكفر هو موت صورة الله القصيدة فى أعماقي. هل تعرف أننى كلما فرغت من كتابة قصيدة ناجحة أشعر بان الله أهدانى شيئا وأفكر بتقبيل يديه . قد تقول :هذا منطق طفولى واجيبك :مايهم ؟ أليس الشعر طفولة الطفولة؟
نواصل باقى الحوار
05-10-2007, 10:36 AM
Mustafa Mahmoud
Mustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072
i have followed this post from the begginingg every time i tried to write a response i failed miserably as i was afraid iam going to delay you from putting the next response
now at last i had the courage to say to you
you are a wonderful person any one who enjoy reading to ustaz nizar is a sensitive genuine human being
قبانى يهجو صدام مضحكة مبكية معركة الخليج فلا النصال انكسرت على النصال ولا الرجال نازلوا الرجال ولا رأينا مرة آشور بانيبال فكل ما تبقى لمتحف التاريخ اهرام من النعال !! *** من الذى ينقذنا من حالة الفصام؟ من الذى يقنعنا بأننا لم نهزم؟ ونحن كل ليلة نرى على الشاشات جيشا جائعا وعاريا... يشحذ من خنادق العداء (ساندويشة) وينحنى .. كى يلثم الأقدام !! *** لا حربنا حرب ولا سلامنا سلام جميع ما يمر فى حياتنا ليس سوى أفلام زواجنا مرتجل وحبنا مرتجل كما يكون الحب فى بداية الأفلام وموتنا مقرر كما يكون الموت فى نهاية الأفلام !! *** لم ننتصر يوما على ذبابة لكنها تجارة الأوهام فخالد وطارق وحمزة وعقبة بن نافع والزبير والقعقاع والصمصام مكدسون كلهم.. فى علب الأفلام *** هزيمة .. وراءها هزيمة كيف لنا أن نربح الحرب إذا كان الذين مثلوا صوروا .. وأخرجوا تعلموا القتال فى وزارة الاعلام !! *** فى كل عشرين سنة يأتى إلينا حاكم بأمره ليحبس السماء فى قارورة ويأخذ الشمس الى منصة الاعدام! *** فى كل عشرين سنة يأتى إلينا نرجسى عاشق لذاته ليدعى بأنه المهدى .. والمنقذ والنقى .. والتقى.. والقوى والواحد .. والخالد ليرهن البلاد والعباد والتراث والثروات والأنهار والأشجار والثمار والذكور والاناث والأمواج والبحر على طاولة القمار.. فى كل عشرين سنة يأتى إلينا رجل معقد يحمل فى جيوبه أصابع الألغام *** ليس جديدا خوفنا فالخوف كان دائما صديقنا من يوم كنا نطفة فى داخل الأرحام *** هل النظام فى الأساس قاتل؟ أم نحن مسؤولون عن صناعة النظام ؟ *** ان رضى الكاتب أن يكون مرة .. دجاجة تعاشر الديوك أو تبيض أو تنام فاقرأ على الكتابة السلام !! *** للأدباء عندنا نقابة رسمية تشبه فى شكلها نقابة الأغنام !! *** ثم ملوك أكلوا نساءهم فى سالف الأيام لكنما الملوك فى بلادنا تعودوا أن يأكلوا الأقلام *** مات ابن خلدون الذى نعرفه وأصبح التاريخ فى أعماقنا اشارة استفهام !! *** هم يقطعون النخل فى بلادنا ليزرعوا مكانه للسيد الرئيس غابات من الأصنام !! *** لم يطلب الخالق من عباده أن ينحتوا له مليون تمثال من الرخام !! *** تقاطعت فى لحمنا خناجر العروبة واشتبك الاسلام بالاسلام *** بعد أسابيع من الابحار فى مراكب الكلام لم يبق فى قاموسنا الحربى إلا الجلد والعظام *** طائرة الفانتوم تنقض على رؤسنا مقتلنا يكمن فى لساننا فكم دفعنا غاليا ضربة الكلام *** قد دخل القائد بعد نصره لغرفة الحمام ونحن قد دخلنا لملجأ الأيتام !! *** نموت مجانا كما الذباب فى افريقيا نموت كالذباب ويدخل الموت علينا ضاحكا ويقفل الأبواب نموت بالجملة فى فراشنا ويرفض المسؤول عن ثلاجة الموتى بأن يفصل الأسباب نموت .. فى حرب الشائعات وفى حرب الاذاعات وفى حرب التشابيه وفى حرب الكنايات وفى خديعة السراب نموت.. مقهورين .. منبوذين ملعونين .. منسيين كالكلاب والقائد السادى فى مخبئه يفلسف الخراب !! *** فى كل عشرين سنة يجيئنا مهيار يحمل فى يمينه الشمس وفى شماله النهار ويرسم الجنات فى خيالنا وينزل الأمطار وفجأة.. يحتل جيش الروم كبرياءنا وتسقط الأسوار !! *** فى كل عشرين سنة يأتى امرؤ القيس على حصانه يبحث عن ملك من الغبار *** أصواتنا مكتومة .. شفاهنا مكتومة شعوبنا ليست سوى أسفار ان الجنون وحده يصنع فى بلاطنا القرار *** نكذب فى قراءة التاريخ نكذب فى قراءة الأخبار ونقلب الهزيمة الكبرى الى انتصار !! *** يا وطنى الغارق فى دمائه يا أيها المطعون فى ابائه مدينة مدينة نافذة نافذة غمامة غمامة حمامة حمامة
05-10-2007, 10:52 AM
كمال علي الزين
كمال علي الزين
تاريخ التسجيل: 11-14-2006
مجموع المشاركات: 13386
رعد بندر يهاجم نزار قبانى يا قبانى .. يا فاتح القنانى !! بل حربنا حرب سلامنا سلام لكن ما يناله العملاق لاتناله الأقزام تاجر... *** فإن أقصر الدروب للثراء تجارة الأقلام *** فرق كبير بين شاعر أحباره دماؤه وآخر أحباره الخمور *** فرق كبير بين فاتح أضلاعه للموت والطعان وبين فاتح (القنانى) صدق بأنى مشفق عليك وإن أحدث النكات عندنا كلامك الذى هجانى.. *** سيف النحاس لا يغير بالصارم السيمانى... *** ذا خالد وطارق وحمزة وعقبة بن نافع والزبير والقعقاع والصمصام *** أضحكتنى، يا فاتح (القنانى) ألم أقل بأن أحدث النكات عندنا، كلامك الذى هجانى *** إن كانت النيران فوق (تل أبيب ) هزيمة !! وزهو الأمهات فى (الجليل) هزيمة !! ووقفة العراق وحده هزيمة قل لى فما النصر إذن ؟ ذا (دجلة) يجرى وذا (الفرات) فى كل موجة بدجلة العظيم تنبض الحياة الأرض ذاتها والنخل ذاته *** ولم تزل قبابنا المذهبة (وبابل) العظيمة ففلسف الهزيمة ؟! وانا نقضى النهار بالبكاء والمساء بالعويل من تونس الخضراء للجليل فى كل منزل لنا عليه بيرق خفاق تميمة البيوت صارت راية العراق وها هم الأطفال فى الجزائر وها هم الأفطال فى الشام يرسمون *** زهوا على قمصانهم .. صدام إن كان هذا الحب - فى حسابكم - هزيمة قل لى فما النصر إذن ؟! تظل طول العمر تنحنى يظل شعرك المسكين يلثم الأقدام تظل لابسا، ونائما، وآكلا وشاربا، مقابل القصيدة الحرام *** ما حيلتى إليك صدق بأنى مشفق عليك فأنت أول الذين أغمدوا فى خنجره المسمون وأنت من أدماه إن (( تل أبيب) محروقة أثيوابها بالنار واللهيب وان لحمها المجذوم مقطع... ويفها فى غمدة مثلوم وأنت أول الذين هالهم بأن (بيت لحم ) تنزع الأغلال والسلاسل (والسيد المسيح) عند (دجلة) يقاتل *** تحكى عن الهزيمة يا شاعرا أمام نفسه مهزوم لا تلمسن موج دجلة فإن موجها ملغوم.. الشعر ذا قضية محسومة واجرها محسوم *** سيفان للطعان سيف تسيل النار من نصاله وآخر مثلوم كالخيول تجمع الحروف هناك فارق يلف حول جيدها شرياتنه عينان وآخر جبان *** آخر الذين يكتبون عن الحروب.. أنت وآخر الذين يكتبون عن الدمار... أنت وآخر الذين يذرفون دموعهم على الوطن *** ها أنت ذا قبر على سريرك التراب تموت منبوذا ومأمونا ومقهورا موتا كالكلاب وعندما تموت أول الذين يبصقون فوق نعشك الخراب
05-10-2007, 05:28 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: إذا كيف يقيم إيقاع الشعر وإيقاع الدين حوارا نغميا فى سيمفونية واحدة؟
ج نزار: كل كلمة شعرية تتحول فى النهاية إلى طقس من طقوس العبادة والكشف والتجلى. والكلمة التى لا تخطفنا إلى حالة النرفانا تتحول إلى عجلة سيارة مفكوكة . كل شىء يتحول بالشعر إلى ديانة حتى الجنس يصير دينا والسرير يصير مذبحا وغرفة اعتراف . والغريب أننى أنظر دائما إلى شعرى الجنسى بعينى كاهن . وأفترش شعر حبيبتى كما يفترش المؤمن سجادة الصلاة . وإننى في هذا المعنى لا أشعر بأى مركب من مركبات النقص بل على العكس أشعر كلما سافرت فى جسد حبيبتى أنى أشف وأتطهر .. وأدخل مملكة الخير والحق والضوء وماذا يكون الشعر الصوفى سوى محاولة لإعطاء الله مدلولا جنسيا؟
نواصل باقى الحوار
05-10-2007, 09:21 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: ما دمت تتحدث عن الشعر الصوفى فان المتصوفة يعبرون الخضر حالة مثلى للتصوف . كيف تتصور أنت خضر الشعر؟
ج نزار: الخضر فى الشعر هو القادر على أن يدخل مخادع الناس كما فى ليلة القدر ويفتح صدورهم ويزرع فيها وردة الشعر.
س منير العكش: هل تعتبر ان الصدام بين الألوهية ولإيمان شرط أساسى من شروط الإبداع؟
ج نزار: حين أكتب شعرا لا أقبل أن يشاركنى أحد مساحة الورقة التى أكتب عليها الورقة التى أتحرك عليها هى من الأملاك الخصوصية التى أمارس عليها سلطتى المطلقة وأحكم فيها وحدى. وليس ضروريا أن يصطدم الله والشاعر . لأن سلطة الأول محصورة فى مبادىء الخير والشر .. وتقييم أعمال البشر. أما الثانى فيحكم على أرض أخرى هى أرض الإبداع الفني .. لا يخضع المقاييس الخير والشر سماوية كانت أم أرضية. الفعل الشعرى فعل حر كما أن الله فى تصورى هو حرية مطلقة قبل كل شىء وأنا لا أستطيع أن أتصوره على غير هذه الصورة.
نواصل باقى الحوار
05-11-2007, 06:35 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: هل يعنى هذا أن شعرك هو اصطدام دائم بالتصور الالهى لقيمة الخير؟
ج نزار: قيم الخير والشر نحن اخترعناها وهى ليس كلاما نهائيا على اللوح الالهى لذلك أعيش باستمرار فى حالة اصطدام مع الخير والشر بصورتهما البشرية خذ مثلا ( الحب) كقيمة إنها فى هذه الرقعة من العالم وفى المجتمع العربى بالذات فكرة ترابية وسلفية ومحاطة بملاين الخرافات والعقد. وإذا كان الحب فى المنطق الالهى طقسا من طقوس البراءة والنقاء فان الحب الذى يتصوره ويعيشه مجتمعنا العربى هو حب غير شرعى دائما ومطارد دائما وممنوع من التداول كحشيشة الكيف. إذا فالصدام الذى أخوضه ليس صداما مع الحب بصورته السماوية وإنما صدام مع الحب بصورته الشرقية أى: الحب الخائف والمضطهد والذى يمارس فى أقبية الرعب والحرمان والعقد الفرويدية.
نواصل باقى الحوار
05-11-2007, 10:24 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش لكن شعر الحب لديك إذا نظرنا إليه بعين المدرسة التحليليلة فى علم النفس نجد صورة لتلك العقد الفرويدية . أما قولك بأنك تصور الواقع الاجتماعى شعريا فان هذا شىء يختلف عن فكرة الحب نفسها . ألاترى أن تاريخ العلاقات العاطفية القائمة فى مجتمعنا شعريا هو نوع من الظلم للشعر؟
ج نزار: أنت تطالبنى بأن أحتفظ بنقائى ونظافة ملابسى فى منجم فحم بل تطالبنى أن أكون قديسا فى مجتمع لا يعرف القداسة . تطالبنى بأن أرتفع بفكرة الحب إلى مراتب الأولياء والقديسين وأصحاب الكرامات هذا ضد بشريتى. إننى أعتبر نفسى واحدا من رجال القبيلة التى تتعاطى الحب بالأسنان والأظافر وكان لا بد من مرور زمن طوييل على قبل أن اتخلص من ميراث القبيلة وشريعة الجاهلية فى الحب. وقولك بأن شعرى تاريخ للعلاقات العاطفية فى بلادى هو نقطة معى لا ضدى فأنا قبل كل شىء وبعد جسد يتعرض لأ لوف الضغوط التاريخية والوراثية والجنسية التى يتعرض لها إنسان المنطقة . ومع هذا فقد ساعدنى الرحيل على التخلص شيئا فشيئا من هذه التركة الجنسية الثقيلة التى كنت أحملها . واستطاعت لندن فى أعوام 1952 - 1955 أن تغسل الغبار الصحراوى عن جسدى وتسكت أصوات العشيرة فى داخلى . وأود أن أقول لك : إن فكرة الحب عندى لم تأخذ شكل النقطة الثابته ولكنها كانت دائما متطورة ونامية . وأنا بشعرى الأخير ( مائة رسالة حب ) مثلا أحاول ان أقترب من فكرة الحب بشكلها الكريستالي الرائق. هذه المسيرة نحو الحب الأنقى هى مسيرة إنسانية وطبيعية . وقد تعرضت لمثل هذه المسيرة واحد مثل رابعة العدوية حين انتقلت من غانية تبيع الخمرة فى المشارب الليلية إلى ساقية من كوثر الأولوهية.
نواصل باقى الحوار
05-13-2007, 10:02 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: هل تستاهل مشكلة العرب الجنسية أن تستنزف من حياتك الشعرية أكثر من ربع قرن ؟ وماحجم هذه المشكلة بين مشكلات أخرى؟
ج نزار: الجنس هو صداعنا الأبدى والكابوس الذى يفترسنا ليلا نهارا وإذا كنت تسألنى عن حجم هذه المشكلة الجنسية فاننى أقول إنها بحجم جماجمنا تماما بحيث لا يوجد تلفيف واحد من تلافيف النخاع العربى غير مصاب بورم الجنس. أنا يائس من كل ثورية تجعل الجنس على هامش دعوتناويائس من كل نظام تقدمى يترك جسد الإنسان العربى فى بئر الكبت ومضاجعة غلافات مجلات الجنس. إن الأرض العربية حبلى بألوف المشاكل والعاهات التاريخية لكن مشكلة الجنس هى رأس الأفعى وما لم يقطع هذا الراس فسيبقى جسد العربى وفكره وسلوكه وعلاقاته بالحياة والاشياء جسدا متقيحا ومتورماوواقعا تحت مورفين الرغبات والاحلام. مالم نتصالح مع أجسادنا وما لم نقص أظافر الجنس الطويلة وحوله من حيوان برى إلى عصفور منزلى أليف فسوف نبقى فى بئر الجنس إلى ما شاء الله . إننى لا أؤمن أصلا بامكان قيام حضارة يكون جسد الإنسان منفيا عنها . فالشعوب التى يفترسها هاجس الجنس فى صحوها ونومها لا يمكن أن تكتب أو تفكر أو تقوم بأي إنجاز حضارى.
نواصل باقى الحوار
05-13-2007, 05:09 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
كمال ياعلى وزين شكرا لمروك متابط شعرا والحديث عن المربد قديما وحديثا ذوو شجون وهل تذكر قصيدة شاعرنا الكبير الفيتورى فى المربد التى مجد فيها صدام حسين ونالت جائزة المربد فى ذلك العام ...
05-13-2007, 04:59 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
واكثر ما به ايلاما انه يخدش الحقيقة المخجلة وانه يفضح كثيرا من الكبرياء والانفة الواهية والعروبة الزائفة والعقد الاجتماعية المو والمصطنعة والاف الاشياء التي نخجل ان نقولها حتى لانفسنا
وفي انتظار متابعة الحوار
05-13-2007, 04:42 PM
abdulhalim altilib
abdulhalim altilib
تاريخ التسجيل: 10-16-2006
مجموع المشاركات: 4050
س منير العكش: أنا أرى أنك تنظر إلى العالم من خلال ثقب صغير أحمر وتضخم ما تراه إلى حد تصل به إلى تفسير الظواهر الاجتماعية والتاريخية من خلاله . وهذا يوقعك فيما وقع فيه كثير ممن نظر إلى العالم والإنسان من زاوية جزئية فأخطأ بذلك فهم العالم وفهم الانسان؟
ج نزار: العالم العربى ثوب ملىء بآلاف الثقوب . ولا أوافقك على أن مشكلة الجنس لدينا هى ثقب صغير لا يمكن تفسير الظواهر الإجتماعية والتاريخية من خلالها إنها كما قلت بحجم حياتنا وحجم أيامنا . وإذا كان فرويد النمساوى المتحضر قد فسر العالم كله تفسيرا جنسيا وربط الإنسانية والحضارة بشجرة الجنس فماذا تنتظر من عربى مثلى أن يفعل. إننى أتطلع من حولى إلى المجتمع العربى فأرى أن فكرة العيب والشرف والعرض حصارا عشائريا حول الجنس الثانى وتعزله عن ممارسة أى نشاط اقتصادى ذى قيمة إذن فنظرتنا المتخلفة إلى الجنس هى وراء تخلفنا الاقتصادى ووراء انقسام المجتمع العربى جنسيا إلى قارتين منفصلتين . وهذا ما يدفعنى إلى اعتبار الجنس مشكلتنا الأساسية . ومتى وجدت هذه المشكلة حلولها فان بقية المشا كل ستحل نفسها بنفسها.
نواصل باقى الحوار
05-14-2007, 05:45 AM
Mohamed Abdelgaleel
Mohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 10415
س منير العكش: إذا كيف تفسر القضية الفلسطينية جنسيا؟
ج نزار: القضية الفلسطينية هى بعض القضية العربية. وفلسطين جعرافيا وبشريا وسيكولوجيا تحمل نفس التركيب ونفس العناصر التى يتألف منها أى بلد عربى. وبالتالى فهى ليست نغمة استثنائية فى الإيقاع العربى العام ولا هى (اللبيدو) بالاضافة إلى عوامل الإبادة الجماعية وعدوى الذعر والهستيريا التى تملكت الفلسطينيين وتصديقهم للشعار الترانزيستورى المعروف (إنا عائدون) .. وعدم وجود تنظيم ثورى حقيقى ورؤيا واضحة لطبيعة الغزوة الصهيونية كل هذه العوامل مجتمعة دفعت الفلسطينيين كالمجانين إلى خارج حدود فلسطين.
نواصل باقى الحوار
05-15-2007, 07:26 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: هل تعتقد أن على الثورة العربية أن تكون جنسية؟
ج نزار: الثورة العربية يجب أن تضع فى حسابها تغيير الجسد والفكر معا أى تغير الإناء والمحتوى وأى ثورة تهتم بالفكر دون الجسد هى نصف ثورة إن الجسد هو آلة التنفيذ وإذ لم تنتظم دورة هذه الآلة كان مردودها صفرا . إن الثورة الصينية مثلا قضت نهائيا على مبدأ التسرى concubinage فلم يعد فى صين ماو تسى تونغ أنثى يبيعها أبوها لنخاس فى هونغ كونغ . واستؤصلت تماما عادة وضع أقدام البنات فى قوالب معدنية حتى تبقى عاجزة عن الحركة إلا داخل حجرات المنزل. إن معجزة الثورة الصينية انها أنهت التعامل نهائيا مع بوذا وكونفوشيوس واعتمدت ماركس ناطقا رسميا باسمها ولم تعد أرواح الأجداد تسكن فى عقل الصين الحديثة. أما ثورتنا فانها رغم كل شعارات التحرر التى تطرحها وكل المبادى الماركسية التى تهتدى بها تجنبت مشكلة الجنس نظرا لحساسيتها المفرطة وجذورها الدينية . ووقعت بسبب ذلك فى تنقضات مضحكة . ان نظرة الانقلابيين العرب إلى المرأة لا تختلف من حيث الأساس والنوعية عن نظرة الأنظمة المقلوبة . وبتالى لم يقدم لنا اليسار نظرة ثورية فى المرأة تختلف عن نظرة الأخوان المسلمين. إننا نتحدث عن الماكسية ولا يزال السيد البدوى يزورنا فى الليل بالحيته وجبته الخضراء ويعلق فى رقابنا تمائمه وحجاباته ويقنعنا بكراماته.
نواصل باقى الحوار
05-15-2007, 04:41 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: لكن التجربة الماركسية فى الصين قبل كل شىء تجربة الانسان الصينى إن ( ماو) لم يتناول شكلا ماركسيا جاهزا وإنما حول الماركسية نفسها إلى أبجدية صينية عريقة . كذلك لم يكن التقدم التكنولوجى والنووى للصين مقولة ماركسية وإنما كان نتيجة لذلك التكريب المبدع بين فلسفة الطبيعة والانسان الصينى . هذا يعنى لنا إذا أردنا أن نفيد من التجربة الصينية أن ننتقل من فهم الشكل الماركسى أو الليبرالى إلى فهم الإنسان الذى نريده ماركسيا أو ليبراليا وأن نعتمد لهذا الانسان هويته وحقيقته ضمن أرضه وتاريخه ذلك لأن نقيد التاريخ لا يعنى إلغاء فكرة التاريخ والحاجة إلى الأخر لا يعنى قتل الذات . لينظر المفكر العربى قبل نقده للاستعمار فى قابلية تفكيره للاستعمار وليتطلع الثوريون العرب قبل بحثهم عن التقدم فى جوهر التخلف الذى يكتنف بناء ثوراتهم وفكرها ووظيفتها . وليقيموا على الأقل ذلك التركيب المبدع الذى أقامته الصين بين الإنسان والفلسفة والطبيعة.؟
ج نزار: أنا أرد كل شىء إلى الإنسان فبيده وحده مفتاح عظمتنا وهزيمته . وإنساننا العربى بطارية أفرغت شحنتها فى مرحلة حضارية معينة وأصبحت تأكل لحم نفسها. إن أساس مشكلتنا كما أتصور أننا مستهلكو حضارة لا صانعوها . وموقفنا من الأشياء الحضارية لا يزال موقفنا بدويا فنحن نمتطى السيارة كما نمتطى الدابة ونحاول أن نقهرها ونذلها حتى تموت بين أيدينا فى عامها الاول وبنفس الأسلوب البربرى نستعمل جهاز الهاتف لنغتال الزمن فى حين أن الهاتف وجد لإنقاذ الزمن. لذلك كانت خطة الاستعمار البريطانى أن تبقى الهند مجتمع توابل وبهارات وتبقى مصر مجتمعا قطنيا وتبقى سيلان مزرعة شاى وتبقى الصين مجتمع رز وأفيون. إن كل مستعمر حريص على عزل الشعوب التى يستعمرها عن الطبيعة وقوانينها وأسرارها وعلى إبقاء عقلها فى حال سلبية وسكون . ومالم تخرج من حالة المجتمع الرعوى إلى المجتمع الكمبيوتر فستبقى ( جنرل موتورز) و (وول ستريت ) واسرتا روكفلر وفورد جالسة على رقابنا إلى أجل غير مسمى.
نواصل باقى الحوار
05-16-2007, 11:05 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
ج نزار: الثورة هى أن نغير جغرافية الإنسان العربى بكاملها ونعيد تأليفه من جديد . إن العقل العربى فى أزمة لأنه توقف عن الفعل والإنفعال . فهو أشبه بلوحة مكتوبة بالخط الكوفى سئمت نفسها . ومطلوب من الثوريين العرب أن يكتبوا كلاما جديدا لأن الكلام القديم انفصل تماما عن دلالاته ورموزه.
س منير العكش: وكلن من أين نبدأ؟
ج نزار: من الأجنة نبدأ من الأطفال نبدأ من الأفكار التى لا أفكار لها من الأشكال التى لا أشكال لها من كل الأنقياء الذين لم يتسمموا بعد بمواعظنا وأقوالنا المأثورة من كل الأبرياء الذين لم تأخذ جماجمهم شكلا نهائيا وظهورهم شكلا محدودبا على الفكر الثورى لكى يستحق أسمه أن يتقدم كجرافة البولدوزر لرفع الأنقاض والنفايات والمسامير المتراكمة على أرض هذه المنطقة منذ عصور الإنحطاط والشمولية هى الشرط الأول للعمل الثورى فلثورات لاتكون بالتقسيط. إن التفجير الثورى كالتفجير النووي يجب أن يتم بصورة آنية وشاملة وإلا تحولت الثورة إلى نوع آخر من أنواع البروقراطية وصارت بارودة عثمانية عتيقة تطلق الرصاص بالتقسيط وتقتل بالتقسيط
05-16-2007, 11:37 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
ج نزار: الكتابة الثائرة يصنعها إنسان ثائر ففعل الكتابة وفعل الثورة متلازمان . وإذا كان الإنسان العربى هو الموضوع الرئيسى لكل نظام ثورى يقوم فى هذه المنطقة فلا بد من إيجاد صيغة جديدة .. لمخاطبته إن منطق ( ألفية ابن مالك)و ( مقامات الحريرى ) تجاوزه التاريخ ولم يعد صالحا لإقامة أى حوار. وعلى الثورات العربية التى انفجرت والتى ستنفجر أن تجعل الكتابة جزءا منها وأن تعتبرها حليفتها وشريكتها فى فعل التغيير . وأى تصادم بين الثورة والكتابة كما يجرى الآن فى بعض الأنظمة الثورية العربية سيحمل حتف الإثنين معا.
نواصل باقى الحوار
05-16-2007, 01:31 PM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: كيف يمكن للشعر أن يتوجه إلى المستقبل؟
ج نزار: بلإنقضاض والتجاوز وكسر الساعات الرملية التى حبست الزمن الشعرى العربى فى إطارات ومربعيات ودوائر تشبه القيشانى المرسومة على حيطان حمامات دمشق . يجب أن ننتهى من استعمار الخط الكوفى لشعرنا ومن هواية الحفر على الخشب ومن ربط الحركات التجديد ية فى الشعر العربى بخيول الأجانب والامبرياليين والشعوبيين فالاستعمار لا يرحب أبدا بجديدنا وإنما يريد لنا أن نبقى مقرفصين نتسلى بالخط الكوفى إلى يوم القيامة. بالحرية وحدها نخرج من مرحلة ( القيشانى) ونكتب على جدران العصر . وبالحرية ندخل إلى أرض الدهشة والمفاجآن حيث الجبال تتحرك على كيفها والاحجار تغير شكلها فى كل ثانية والأرض تضجر من كرويتها .. والأرض حبلى بملايين الإحتمالات.
05-17-2007, 06:45 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: هل يمكن لقضية ما أن تمنح شاعرها وثيقة امتياز إبداعية؟
ج نزار: قضية الشاعر ساكنة فيه والقصيدة العظيمة بحد ذاتها قضية سواء كان تتحدث عن زهرة غاردينيا فى شعر إمرأة أو عن دمعة عالقة بأهداب طفل فلسطسيني . ان موضوع القصيدة مهما بلغ من القداسة لا يشكل درعا واقيا لها ولا يحقنها بالفيتامينات الضرورية لإطالة حياتها خذ القضية الفلسطينية مثلا لقد كانت حقلا تجريبيا لملاين القصائد ولكن شرف القضية الفلسطينية لم يكن وحده كافيا لمنح من كتبوها أى وثيقة امتياز ابداعية فعاشت القصائد الموهوبة وماتت الطروح الشعرية منذ لحظة ولادتها.
نواصل باقى الحوار
05-17-2007, 10:58 AM
بدر الدين الأمير
بدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222
س منير العكش: هذا من معيار وطنى. هنك معيار آخر اجتماعى ينظر إلى الشعر من خلال صدوره أو توجهه إلى الطبقة . هل ينقسم على نفسه؟
ج نزار: ليس للشعر طبقة واحدة هى التى تسمعه وتقرؤه وتنفعل به إن الشعر ليس قطارا تنفصل فيه الدرجة الأولى عن الدرجة الثانية عن الدرجة (التيرسو) فكل من يركبون قطار الشعر يجلسون على ذات المقاعد ويتمتعون بذات الامتيازات . وأنا كشاعر أقف فى صفوف البرليتاريا الشعرية أى فى صفوف الناس حيثن كانوا .. مهما كانوو.
إنتهى ذلك الحوار الممتع.. والمنعش ..والمحرض ...
05-17-2007, 12:11 PM
Mohamed Abdelgaleel
Mohamed Abdelgaleel
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 10415
Quote: ليس للشعر طبقة واحدة هى التى تسمعه وتقرؤه وتنفعل به إن الشعر ليس قطارا تنفصل فيه الدرجة الأولى عن الدرجة الثانية عن الدرجة (التيرسو) فكل من يركبون قطار الشعر يجلسون على ذات المقاعد ويتمتعون بذات الامتيازات . وأنا كشاعر أقف فى صفوف البرليتاريا الشعرية أى فى صفوف الناس حيثن كانوا .. مهما كانوا
كما وحد نزار طبقات المتفاعلين مع الشعر شعراء ومتلقين(راكبي قطار الشعر) .. فقد وحد المرأة والوطن:
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة