جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون )

دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-11-2024, 05:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مكتبة بدرالدين محمد الأمير بلول (بدر الدين الأمير)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-01-2008, 04:55 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون )

    كتاب الأستاذ زكريا أوزون
    جناية الشافعى ـ تخليص الأمة من فقه الأئمة:
    بحت فى نقد الفقه الاسلامى السنى جدير بالتوقف عنده
    وقد نفض الغبار عن الحقائق المدسوسة والمسكوت عنها
    ولزكريا كتابين سابقين على نفس المنوال النقدى
    هما ( جناية سيبويه ) ( وجناية البخارى )
    وكتاب جناية الشافعى الذى نتوقف عنده صادر عن دار :
    رياض الريس فى يوليو 2005م
                  

01-01-2008, 05:00 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصـــــــــل الاول

    زبــــدة الكتـــاب في بدايتــــــــــه




    إن اعتبار الذكر الحكيم موحى ومقدساً لا يعني أبداً أن فهم آياته مقدس منزه ، فالفهم مجهود انساني خاضع لعدة عوامل مؤثرة محيطة مرتبطة بالزمان والمكان والارضية المعرفية والبيئية و المؤثرات الاجتماعية والاقتصادية وحتى النفسية الشخصية المختلفة ، وان المعضلة الاساسية اليوم تكمن في الخلط بين الموحى المنزل المقدس والفهم الانساني المقيد المحدد الذى يمثله ما يسمى بالفقة الاسلامي ، والفصل بينهما يشكل الجوهر الرئيسي اللازم لنهضة الامة الاسلامية اذا اردات البقاء والاستمرار بين امم العالم المعاصرة .


    ولايمكن البحث في الفقة الاسلامي من دون ان نقف عند علم من اعلامه او مؤسسيه الا وهو الامام الشافعي مع أئمة اتباعه على اختلاف الزمان والمكان ، ولن تتعرض الابحاث القادمة الى احوال الشافعي كالمولد والنشأة والصفات والمحاسن ... ألخ ... بل سيتم البحث في جهده ونتاجه الفقهي الذى كان له أثر كبير ما زال مستمرا في الامة العربية الاسلامية حتى أيامنا هذه .

    وقبل بدء الدخول في فصول و موضوعات الكتاب القادمة تطرح على مائدة البحث الاسئلة التالية :

    السؤال الاول : هل يمكن اعتبار الفقة الاسلامي مصدر تشريع ؟

    السؤال الثاني : هل الادلة المعتمدة في الفقة الاسلامي صحيحة وملائمة لوقتنا الحاضر ؟

    السؤال الثالث : هل يصلح الفقة الاسلامي ليكون منطلقا عالميا معاصرا ؟

    السؤال الرابع : هل الفقة الاسلامي مقدس ؟

    السؤال الخامس : هل الفقة الاسلامي قابل للتطور ؟

    السؤال السادس : هل وحد الفقة الاسلامي الامة ؟

    السؤال السابع : لماذا الوقوف عند الامام الشافعي ؟

    السؤال الثامن : هل وفق الامام الشافعي في نتاجه ؟

    السؤال التاسع : لماذا نخاف من الخوض في امور الدين المختلفة ؟


    وسأقوم في الاجابة على الاسئلة السابقة بشكل موجز مركز حيث سيجدها القارئ موضحة مبسطة بعد قراءته لفصول الكتاب المختلفة التى آمل ان تتم قراءتها بكل موضوعية وحياد بعيدا عن العواطف و الانفعالات الموروثة .

    السؤال الاول : هل يمكن اعتبار الفقة الاسلامي مصدر تشريع ؟

    ذكرت سابقا ان الفقة يمثل فهماً انسانياً خاضعاً لزمن محدد ومكان معين وعليه لا يمكن ان يعتمد كمصدر تشريع ملزم للآخرين ، وهنا علينا ان نميز بين الاحكام والانظمة الانسانية السائدة وبين التشريع الالهي ، فمثلاً عندما نخضع الاشارة الضوئية في المرور الى احكام الفقة يصبح فاعلها آثما معرضاً للحساب في الدنيا و الاخرة ، في حين ان ذلك حسب الانظمة السائدة يخضع لمخالفة مرورية اعتمدت عالمياً ، وشتان بين الاعتبارين .


    والمشكلة بل الكارثة تأتي عندما يتولى الفقة قضايا انسانية اجتماعية كحرية التفكير والرأي و الانتماء ، والدخول حتى في تفاصيل الانسان الشخصية الخاصة كاستعمال الحمام او النوم او الطعام او الشراب وصولاً الى العلاقات العاطفية و الزوجية ، وكل ذلك باسم الله وباسم الشرع وباسم الدين ، فمثلاً تحت عنوان ( باب في اتيان النساء قبل احداث غسل ) .

    يقول الامام الشافعي : " فإذا كان للرجل إماء فلا بأس ان يأتيهن معاً قبل ان يغتسل ولو احدث وضوءا كلما اراد اتيان واحدة كان احب الى المعنيين احدهما انه قد روي فيه حديث وان كان مما لايثبت مثله و الاخر انه انظف وليس عندي بواجب عليه واحب الى لو غسل فرجه قبل اتيان التى يريد اتيان التى يريد ابتداء اتيانها واتيانهن معاً واحدة بعد واحدة كإتيان الواحدة مرة بعد مرة وان كن حرائر فحللنه فكذلك وان لم يحللنه لم ار ان يأتي واحدة في ليلة الاخرى التى يقسم لها فإن قيل فهل في هذا حديث ؟ قيل انه يستغنى فيه عن الحديث بما قد يعرف الناس وقد روي فيه شيء ا. هـ " ( الام ) / 5 / 179 .

    ان استعرضاً بسيطاً للرأي السابق يوضح تماماً ما تك ذكره سابقاً حيث نرى ان رأي الشافعي محدد بزمانه ومكانه ، فلا الاماء ( الجواري ) موجودة اليوم ، وقواعد النظافة الشخصية تجاوزت ذلك بمراحل طويلة ، اضافة ان قوله يمثل رأياً شخصياً خاليا من الادلة الفقهية التى اعتمدها الشافعي نفسه في اصول الفقه كما سنرى ذلك لاحقاً .

    السؤال الثاني : هل الادلة المعتمدة في الفقة الاسلامي صحيحة وملائمة لوقتنا الحاضر ؟

    تتمثل الادلة الفقهية المتبعة في الفقة الاسلامي في خمسة مراتب لها التسلسل التالي :

    1_ القرآن 2_ السنـــة 3 _ الاجماع 4_ اقوال الصحابة 5_ القياس

    وتعتبر هذه قاعدة يعتمدها معظم أئمة المسلمين وعلى رأسهم الامام الشافعي الذى يذكر اكثر تلك الادلة بقوله : " الكتاب والسنة والاجماع والآثار وما وضعت من القياس . ا . هـ " ( الرساله ) .

    وكثيرا مايضع الشافعي السنة مع الكتاب في مرتبة واحدة .
    وعند استعراض تلك الادلة فإننا سنجد فيها وبإيجاز مايلي :

    1- في القرآن الكريم :

    يربط كثير من الائمة فهم آيات الذكر الحكيم بمناسبات نزولها ( اسباب النزول ) التى تتبع آراء وأقوال الصحابة المنقولة ، وقد رأينا سابقاً – يراجع كتابي " جناية البخاري " – تناقضها وتضاربها اضافة الى انها تمثل فهماً انسانياً محدوداً لا نص فيه من الله او رسوله .

    2- في السنــــــــة :

    وينطبق عليها القول السابق نفسه ، علما ان مصطلح السنة وتعريفها يمثل جهداً شخصياً لا قدسية له كما سنرى في ابحاثنا القادمة ، ناهيك عن التضارب و الاختلاف في مختلف تصنيفات كتب السنة ، فمثلا نجد ان الامام أحمد بن حنبل – تلميذ الشافعي – يقول في مصنفه المشهور : " ان هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من اكثر من سبعمائة و خمسين ألفاً فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله (ص) فارجعوا اليه فما كان فيه ، والا ليس حجة . ا. هـ " .

    ومع ذلك فقد فاته كثير من صحيح السنة – كما نعلم – يضاف الى ذلك اختلاف الاخوة في تراجمهم ومصادرهم وثقاتهم .

    3- الاجماع :

    وهو – حسب الشافعي – " ان يجتمع علماء العصر على امر فيكون اجماعهم حجة فيما اجمعوا عليه . ا. هـ " (ر) .

    وان نظرة واقعية موضوعية حيادية الى واقع العالم الاسلامي اليوم تدحض ذلك الدليل وتبين مقتله ، فقد أجمع مثلا علماء الكويت الافاضل على حرمة غزو الكويت من قبل جارته العراق في حين سارق علماء العراق ليؤكدوا حرمة قتال الجيش العراقي الفاتح .

    وفي كل دولة مسلمة مجاورة للعراق كان اجماع علمائها الافاضل منطبقاً وتابعاً لاجماع ساستها المختلف . ومااكثر الامثلة التى لا مجال لذكرها الان ! لكن ثمة امر هام وخطير جدا في قضية الاجماع هذه يجب ايضاحه هنا ، فمثلا عندما يجمع معظم ائمة السنة في وقتنا الحاضر على حرمة التدخين – وهو ما حدث حيث صدرت فتاوي مختلفة في ذلك اهمها الصادرة عن دار الافتاء في السعودية زمن الشيخ الراحل ابن باز – فإن ذلك يعني امرين رئيسين :

    اولهما : فرض عقوبة من الخالق على المدخن لان مرتكب الحرام آثم وقد توعد الرحمن بعقوبته ، وهنا علينا ان نلاحظ ان المخلوق – الائمة – يفرض على الخالق – الله عزوجل – معاقبة المدخنين .

    والثاني : ان المدخن قبل تاريخ اجماع التحريم قد نجا من تلك العقوبة وذلك الاثم .

    كل ذلك يبين لنا ضرورة اعادة النظر في ذلك المصطلح من حيث التعريف والتطبيق .

    4- اقوال الصحابة :

    وهنا الامر لا يقل سوءا عما سبقه ، فكيف يحكم الاحياء بأقوال و آاراء اناس قضوا وعاشوا في القرون الغابرة ؟ ومتى كانت اقوال الناس و افعالهم تحدد اسس الحلال و الحرام التى تؤدي الى الجنة و النار ؟ وهنا اذكر بواقع الصحابة الاليم من اقتتالهم فيما بينهم وحبهم للجاه والسلطة و المال وسعيهم للوصول اليه ، وان حاول الكثير من رجال الدين اليوم اقناعنا بغير ذلك في التغطية على بعض المعطيات والحقائق و الوقائع التاريخية الموثقة التى اعد القارئ بقراءة حقيقتها له في كتاب قادم بإذن الله .

    وان المرء ليستغرب من الامام الشافعي ايراده في كتبه احكاما و حدوداً تتعلق بأهم الامور الانسانية عامة ، كحق الحياة و الحرية والعبودية ، باعتماده على قول او فعل خليفة سابق . وسيتم الاشارة الى ذلك في ابحاث الكتاب اللاحقة ، حيث نجده يقول في دية المعاهد :
    " قضى عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما في دية اليهودي والنصراني بثلث دية المسلم وقضى عمر في دية المجوس بثمانمائة درهم وذلك ثلثا عشر دية المسلم . ا. هـ " ( الام ) – 6/ 105

    4- القياس :

    يعتبر الامام الشافعي مؤسس مبدأ القياس في الفقة على الرغم من انه – كعادته كما سنرى – لم يضع تعريفاً واضحاً له و قد تضارب فيه بين مفهوم الحكم وهو قديم ، والفرع و الاصل وهما حادثان ، والجامع الذى هو العلة . ومهما يكن من امر القياس فإن مؤسسه لم يتوسع فيه مالم يعتمد على نص واضح من الكتاب والسنة ، الامر الذى ادى بالبعض – وخاصة الظاهرية – للقول بإبطال القياس اصلا .

    اخيرا فإن مصطلحاً أوجده انسان – كائناً من كان – لا يمكنه ان يصبح ملزماً للناس في العمل و الاجتهاد و التطور .

    وهنا اقول : ان معرفة المصطلحات الفقية لا يزيد في علم المرء شيئاً وان جهلها لا ينقص من علمه شيئاً .

    السؤال الثالث : هل يصلح الفقة الاسلامي ليكون منطلقاً عالمياً معاصراً ؟

    كثرت في الاونة الاخيرة – نتيجة لإفلاس المسلمين على كافة الاصعدة – طلبات ودعاوى داخل المجتمعات العربية و الاسلامية تنادي بتطبيق الشريعة الاسلامية في حكم البلاد و احوال العباد ، من دون ان توضح لأبناء تلك المجتمعات ماذا يعنى تطبيق الشريعة الاسلامية التى تعتبر نتاجاً للفقة الاسلامي ، وليسمح لي القارئ هنا ان ابين ذلك عبر سرد يرتكز على معطيات الفقة المعتمدة التى سأطبقها على بلد من اهم البلاد العربية المسلمة كمصر مثلاً ، ومن ثم سأترك عنان الاستنتاج في محاولة إسقاط ذلك على بلد اخر كالهند او بريطانيا او ربما الولايات المتحدة الامريكية فأحلام و آمال المسلمين كبيرة وعظيمة تتعاظم مع تخلفهم و كسلهم و بعدهم عن معطيات التطور بكافة جوانبها .
    فهو موال ذمي أي انه مباشرة مواطن منالدرجة الثالثة ، اما الحاكم او الامير فيجب ان يكون عربياً قرشياً اذ يبقى الحكم في قريش ما بقى منها اثنان ، ويجب ان يبايعه كافة الرجال في مصر ، ولكن اين ؟ في ميدان غير ميدان رمسيس بشكل مؤكد لان فيه اصناماً وتماثيل وهي ملعونة مرفوضة محرمة في الشرع .


    وسيحمل الحاكم لقب الخليفة وسيتصرف بالبلاد وشؤون العباد كما يحلو له ، فإن عدل حمد اهل مصر وان ظلم شكوه الى الله ، او ربما عليهم ان يحمدوا الله دائما لان ظلم الحاكم يمثل ذنوبهم التى يحاسبهم الله عليها في الارض ، اما بيت المال ( الخزينة ) فيهب منها من يشاء ويمنع عنها من يشاء فالله يزرع في السلطان ما لا نعلمه ، وعلى الخليفة ان يفتح بابه لتلقي شكاوي الازواج تأسياً بالفاروق و افعاله . ولكي نزيد من نسل الخليفة العربي القرشي علينا ان نزوجه بأقصى ماسمح به الشرع ، اربع فتيات حسان ولود ابكار ، وزيادة في الحرص على استمرار النسل المأمول نؤمن له ملك اليمين ( الإماء) ولكن كيف نجد له امة ونحن عصر لا رق فيه ؟ سنفكر في غزو اقرب بلدة كافرة لنشر الاسلام فيها ، وماهي اقرب البلاد قد تكون جزيرة قبرص الا ان الخليفة عمر كره ركوب البحر ، لذا نأخذ بفعل معاوية ونغزو عبر البحر وننتبه ففي الجزيرة اتراك مسلمون يصبحون من الموالي فلا نقاتلهم ، اما البقية فنهزمهم بعون الله شر هزيمة ونسبي نساءهم ، واطفالهم يصبحون عبيداً لنا ، ومايدرينا قد يفضل الخليفة الغلمان وحسبنا الوليد بن يزيد و الواثق و الامين مثلاً .

    وتقام الولائم و الانتهالات بنصر الخليفة ويقدم الشراب على الطريقة الشرعية فيسمح بالنبيذ من التمر او الزبيب .

    ولمن يعارض عليه ان يراجع صحيح مسلم – كتاب الاشرية – ورأي الامام ابي حنيفة . وقد تبرز مشكلة اللحوم ، عندها ستقتل كل الخنازير المحرمة و سيكتفى بالخراف الاكباش علماً ان طعام اهل الكتاب حل لنا ولكن جزارهم يجب ان يكون مختوناً حسب ابن عباس ، اذ لا تؤكل ذبيحة الاقلف ولا تقبل شهادته .

    وهنا اتوقف و اترك للقارئ المتابعة و حرية الخيال و التصور لما هو اكثر من ذلك بكثير ....


    قد يعترض البعض على ذلك العرض الذى يبدو ساخراً في شكله لكنه عميق في مضمونه ،عميق لانه في كل جملة ذكرتها يوجد دليل و سند شرعي فقهي يعرفه اصحاب الاختصاص تماماً ولكنهم يغضون الطرف عنه او يغيرون معطياته او يلوون نصه وينارون ، يبتعدون و يقتربون يصيحون ويهمسون ولكنهم لا يمكنهم الا ان يقدسوا الماضي و يلبسوه هالة آن لنا ان نكسرها ونبددها .

    نعم سيداتي وسادتي ان عرضي السابق قد يصلح لعمل مسرحي او تلفزيوني لكنه يخرج من قلب مكسور ، قلب كسرته الذلة والهوان و التخلف و الجهل و الفقر و الالم الذى تعانيه شعوبنا ، قلب كسره خوف المستقبل ويأس الشباب و ضياعه في اوهام صكوك الجنان ، ولعل بيت الشعر التالي أفضل ما أختم به هنا :

    لا تحسبوا رقصـــاتي بينكـــــم طــــــرباً
    فــالـــطير يرقــــص مذبوحــــــــــاً من الالـم

    السؤال الرابع : هل الفقة الاسلامي مقدس ؟

    يتضح تماماً من خلال المحاكمات و الاجابات عن الاسئلة السابقة ان الفقة الاسلامي لا وحي فيه ولا تنزيل ، اضافة الى اخطائه ، وهو يمثل جهداً انسانياً – فردياً او مشتركاً – يصلح لزمان معين في مكان محدد ، لذلك لا قدسية له ابداً .

    السؤال الخامس : هل الفقة الاسلامي قابل للتطور ؟

    الفقة الاسلامي غير قابل للتطور لان اسسه الرئيسية التى بني عليها اعتبرت ثابتة ولاتطور او تقدم او ابداع مع الثوابت ، وعلينا اذا اردنا التقدم او التطور في اي حقل او مجال في الحياة – سواء كان علمياً او انسانياً – التخلص من الثوابت و الادراك في ان الثابت الوحيد انه لايوجد شيء ثابت في البحث و الاستقرار فكل هالك الا وجهه .

    وهنا نأمل ان لايعلق احدهم بالقول :
    قد نتفق معك على معظم ادلة الفقة الشرعية باستثناء الذكر الحكيم ، أليس ثابتاً في قدسيته ونصوصه ؟

    وتأتي الاجابة :
    بأن النص ثابت في متنه لكنه متبدل مختلف في فهمه وادراكه واسقاطه ، مع الاشارة الى ان الاعتقاد بقدسيه النص تستند الى دليل إيماني اعتقادي لا يمكن البرهان العلمي الموضوعي عليه دوماً .

    السؤال السادس : هل وحد الفقة الاسلامي الامة ؟

    ان نظرة متأملة الى حاضرنا وماضينا تبين لنا بوضوح ان الفقة الاسلامي لم ولن يوحد الامة ابداً ، وما وجود الفرق الاسلامية المختلفة اليوم و تناحرها الا دليل على ذلك ، فضمن اهل السنة ظهر المعتزلة ( العدلية ) والحشوية الاثرية بقسميها و الاشاعرة و الماتريدية ومن ثم المذاهب الاربعة ( حنفية - مالكية – شافعية – حنبلية ) ثم المتصوفة و السلفية ، ومن الخوارج نجد الاباضية ثم الشيعة وظهر منها الزيدية و الامامية الاثني عشرية الجعفرية و الاسماعيلية مع من خرج عنها قرامطة و حوشبية و خلفية و فاطمية و صليحية و مستعلية و نزارية و درزية ( موحدة ) مع بعض الفرق حديثة المنشأ كالآغاخانية و الشيخية و القاديانية إلخ .

    وهناك خلافات اساسية بين معظم تلك الفرق وان حاول بعضهم اقناعنا بمقولة الاتفاق في الاصول و الاختلاف في الفروع ، فأركان الاسلام مثلاً عند السنة مخالفة للاخوة الشيعة ( الجعفرية ) ، ناهيك عن الخلافات ضمن الفرقة الواحدة كالجارودية و اليحيوية المنقسمة عن الشيعة الزيدية التى تتعلق في الاصول و الفروع حتماً ، اما الموحدون ( الدروز ) والاسماعيلية المعاصرة فحدث في الخلاف ولا حرج .

    الا ان معظم – ان لم يكن كل – هذه الفرق متفق على حديث مشهور بين المسلمين ينص آخره على ان امة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ستنقسم الى ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وكل فرقة أو طائفة تعتبر نفسها هي الناجية وهي صاحبة الجنة و الاخرون في النار حتماً !!


    وهنا يطرح السؤال التالي : كيف يمكن لهذه الفرق ان تتعايش مع بعضها بهذه الاعتقادات و المفاهيم ؟


    بل كيف يمكنها ان تتعايش مع اهل الارض قاطبة ؟ ان الوحدة و المحبة و التعايش بين كل الناس مهما اختلفت معتقداتهم و اجناسهم يمكنها ان تنطلق من مبدأ : كلنا عيال الله وخيرنا عند الله أنفعنا لعياله ، لا من التهديد و الوعيد بجهنم و النظر الى الآخر على انه مارق مطرود من رحمة الله التى وسعت كل شيء لكنها لم تسع قلوب معظم طوائف و فرق المسلمين .


    اخيراً فإن الامة الاسلامية لم تكن في يوم من الايام موحدة تحت ظل إسلامي واحد – وان ادعى الكثير غير ذلك – وذلك بعد وفاة الرسول الكريم ، بدءاً من سقيفة بني ساعدة و حروب الردة مروراً بموقعة الجمل وصفين و العهد الاموي و ابناء الزبير و العهد العباسي و الخوارج حتى تفرقت البلاد في بداية القرن الثالث الهجري و اصبحت بلاد الشام و مصر في يد الاخشيدي ، والمغرب العربي بيد الفاطميين ، اما في شرق البلاد فكانت فارس و الري و اصبهان و الجبل في ايدي بني بويه ، والموصل و ديار بكر و ربيعة و مضر في ايدي بني حمدان و كرمان في يد ابن الياس وطبرستان و جرجان في يد الديلم و خراسان في يد الساساني و الاهواز و البصرة في يد البريديين و البحرين و اليمامة في يد القرامطة ، وفي الغرب كانت الاندلس في يد ملوك الطوائف ، ولم يبق في يد الخليفة العباسي ووزرائه الا بغداد و أعمالها .

    السؤال السابع : لماذا الوقوف عند الامام الشافعي ؟

    يعتبر الامام الشافعي واضع الاصول في نظر البعض ، او اول من دون هذا العلم في نظر الاخرين و ذلك عبر مؤلفيه الشهيرين " الرسالة " و " الام " اللذين سنعتمدهما في ابحاث فصول كتابنا القادمة ، وسنرمز لكتاب الرسالة بالرمز ( ر) و الام بالرمز ( م ).


    ويشهد للأمام الشافعي الكثير من الفقهاء ورجال الدين في تأسيسه لأصول الفقة الاسلامي ، حيث يقول الامام أحمد بن حنبل : ( الشافعي فيلسوف في اربعة أشياء ، في اللغة ، و اختلاف الناس و المعاني و الفقة ) ويقول ايضاً : ( ماعرفت ناسخ الحديث من منسوخه حتى جالست الشافعي ) . اما الرازي فيقول : ( ثبت ان نسبة الشافعي الى علم الاصول كنسبة ارسطو الى علم المنطق فكذا ها هنا وجب ان يعترفوا للشافعي رضي الله عنه بسبب وضع هذا العلم الشريف بالرفعة و الجلالة و التمييز على سائر المجتهدين بسبب هذه الرفعة الشريفة ) .

    اما الشيخ الجويني فيقول في شرح كتاب الرسالة : ( لم يسبق الشافعي احد في تصانيف الاصول و معرفتها ) وبمثل ذلك يقول الزركشي .

    ومع فائق التبجيل و التقدير لأقوال الأئمة السابقين و اتباعهم اللاحقين فإن دراستي الموضوعية الحيادية للإمام الشافعي اوصلتني الى تحديد السمات الرئيسية في نتاجه الفقهي و التى سيتم ايضاحها و تفصيل بعضها للقارئ بشكل موسع من خلال ابحاث الكتاب اللاحقة ، هذه السمات يمكن تلخيصها بما يلي :

    1- عدم اعتماد الاسلوب المترابط و المتكامل في عرض الافكار ، وغياب التسلسل و الربط فيما يلي بينها في كثير من الاحيان ، اضافة الى التكرار و الاعادة فيها .

    2- قلة التعريف الموضوعي الدقيق لمعظم المصطلحات المستخدمة من قبله في التأسيس لعلم الاصول ، لذلك نرى اتباعه يتبارون في بركة تعريف مصطلحاته كالعام و الخاص و البيان و النسخ و القياس ...... الخ .


    علماً ان دقة تعريف المصطلح هي الركيزة الاساسية لشرح و ايضاح و تسلسل الافكار للوصول الى النتائج المطلوبة ، وقد صدق من قال : حددوا مصطلحاتكم تستو اموركم ، ولنأخذ مثلاً من مطلع كتاب الرسالة باب ( كيف البيان ) حيث يعرفه الشافعي بقوله :

    " البيان اسم جامع لمعان مجتمعة الاصول متشعبة الفروع ، فأقل مافي تلك المعاني المجتمعة المتشعبة انها بيان لمن خوطب بها ممن نزل القرآن بلسانه متقاربة الاستواء عنده وان كان بعضها اشد تأكيد بيان من بعض و مختلفة عند من يجهل لسان العرب . ا. هـ "

    وكما نلاحظ فإن ذلك التعريف يعرف البيان بنفسه ، فالمعاني المجتمعة المتشعبة هي البيان وهو اسم جامع لمعان مجتمعة الاصول ، وكما نرى عموميات متداخلة ومجال الاخ1 و الرد فيها غير محدود ..

    3- ايمانه بالترادف في معاني الكلمات ، فهو يعتبر كلمة ( النبي ) تعني الرسول و ( الكتاب ) تعني القرآن و ( الحكمة ) هي السنة ، ويرى ان مصطلحاته و مفاهيمه حقائق و قوانين كونية ثابتة ( كقوانين الحركة و السرعة ....... ) يبني عليها استنتاجاته .

    4- اعتماده على احاديث الآحاد و المرسلة في احكام هامة ( كحديث لا وصية لوارث ) وعلى اقوال اهل العلم او من نثق بعلمه من دون تحديدهم أو ذكر اسمائهم ، اضافة لاستخدامه أسلوب قال و قلت الذى غالباً ماتضيع فيه الحجة بين القائل و المقول و السائل و المسؤول .


    اخيراً اذا قلت : ان اسلوب الشافعي متداخل مضطرب و ممل ، فإن السادة العلماء الافاضل سيحتجون ويطلقون صيحات الاستنكار و الاستعلاء المتكررة و المتسائلة : من انت ؟ او من انت لتحكم ؟ فهم لا يستطيعون بل لا يجرؤون ان يصححوا كتابة كلمة وردت عند الشافعي بل يسارعون الى ايجاد التبرير و التخريجة لها و قد يعتبرونها قانوناً فردياً ، فمثلاً يكتبون كلمة ( القرآن ) بدون المدة التى اصطلحنا عليها اليوم (قران) وكلمة ( ناساً ) بدون ألف تنوين النصب (ناسٌ ) ويعتبرون جمع ريح أرواح لانها وردت هكذا في كتابه ...... والى غير ذلك من الامثلة التى تظهر تقديسهم لآثار الشافعي و هروبهم و نكرانهم لاي نقد موضوعي لنتاجه و افكاره .

    السؤال الثامـــن : هل وفق الامام الشافعي في نتاجه ؟

    وهو مااترك للقارئ الحكم عليه بشكل علمي موضوعي بعيداً عن التعصب و التزمت و الانحياز .

    السؤال التاســع : لماذا يخاف المرء المسلم نقد امور الدين ؟

    نجح معظم رجال الدين على اختلاف طوائفهم و مللهم في خلق هالة حول بعض الائمة ليضمنوا انتقالها اليهم ، فعندما يحترم و يقدس رجل الدين الامام و يعظمه و يرضى ان يكون غباراً على نعليه فإنه يطالب الاخرين من عامة الناس – بشكل غير مباشر – المعاملة بالمثل من حيث تأمين المكانة المرموقة وكل الاحترام و التبجيل له ، ويصبح نقد رجل الدين مرتبطاً بنقد الامام الذى يرتبط مباشرة في التعدي على المقدسات و التطاول على المعتقدات الذى غالباً ما تكون نهايته صيحات التكفير و الخروج عن الملة ، تلك الصيحات التى تزداد مع ازدياد تخلف المسلمين و ابتعادهم عن ركب الحضارة فلا نجد رداً و حواراً ودحضاً هادئاً بل سيوفاً تسل و تلمع لتهدد و تقتل كل معارض ناقد .

    وهنا اقول : لا يهمني أبداً اذا خالفت الآخرين وان كثروا ، ولا يهمني أبداً اذا كنت سأدفع حياتي ثمناً لأفكاري و آرائي ومبادئي ، ولكن مايهمني فعلا هو ان اضيء لأجيال المستقبل التغيير و الامل في ظلام الجمود و اليأس و الاحباط .



    نواصل...
                  

01-02-2008, 07:51 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصــــــل الثاني

    الشافعــــــي وكتــــــاب الله


    اولاً : الناسخ و المنسوخ في الكتاب

    ذكرت سابقاً – يراجع كتابي " جناية الشافعي " – الفصل الثاني لمزيد من التفاصيل ان مصطلح النسخ المعتمد في الفقة الاسلامي مصطلح ضبابي وهو مرفوض عندي تماماً لان الباري عزوجل و العالم العليم بشؤون العباد لا يمكن ان ينزل في كتابه العزيز احكاماً و شرائع ناسخة لما قبلها بفترة لا تتجاوز العقدين من الزمن .
    وحرصاً على الدقة و الموضوعية و المصداقية فإني سأقوم هنا باستعراض ما جاء في كتاب " الرسالة " للأمام الشافعي حول ذلك الموضوع و سأعلق على فقراته تباعاً حسب ورودها في كتابه المذكور لا حسب تسلسل الافكار فيها الذى لم تتم مراعاته اصلاً ، وسأبذل جهدي ليكون التعليق مختصراً مبسطاً دونما اخلال بالمضمون ، وبمراحل متقطعة متلاحقة بحيث لا يصعب على القارئ متابعتها مع التنويه الى ان الخط الاسمك يمثل قول الامام الشافعي بحرفيته ، فتحت عنوان الناسخ و المنسوخ يقول الشافعي :

    " ان الله خلق الخلق لما سبق في علمه مما اراد بخلقهم و بهم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب و انزل عليهم الكتاب تبياناً لكل شيء و هدى ورحمة وفرض اثبتها و اخرى نسخها رحمة لخلقه بالتخفيف عنهم و التوسعة عليهم زيادة فيما ابتداهم به من نعمة و اثابهم على الانتهاء الى ما اثبت عليهم جنته و النجاة من عذابه فعمتهم رحمته فيما اثبت و نسخ فله الحمد على نعمه . ا. هـ " (ر)

    وبمحاكمة مباشرة لكلام الامام الشافعي في الاسطر القليلة السابقة نجده يناقض نفسه بنفسه ، فكيف يكون الله الذى خلق الخلق لما سبق في علمه مما أراد بخلقهم و بهم – حسب قول الامام الحرفي – وبعد ذلك ينسخ فرائضه ؟ كيف يجتمع العلم المطلق الابدي الشامل مع النسخ و التغيير ؟ ثم اين عدالة الخالق ؟ عندما يقرر ان يخفف عن أناس رحمة بهم و توسعة عليهم ولايخفف عن الذين قبلهم من اصحاب الملة نفسها ؟

    أم ان الخالق انتظر ليعرف ردة فعل عباده على احكامه ثم قام بتعديلها و نسخها لتلائم المطلوب ، ومااختلاف احكامه عندئذ عن احكام ودساتير الناس . ولنتابع كلام الامام الشافعي حيث نجده يقول بعد ذلك :
    " وأبان الله لهم انه انما نسخ مانسخ من الكتاب بالكتاب وان السنة لا ناسخة للكتاب وانما هي تبع للكتاب بمثل مانزل نصاً ومفسرة معنى ماانزل الله منه جملاً ؟ قال الله : " واذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا او بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي ان اتبع الا مايوحى الى اني اخاف ان عصيت ربي عذاب يوم عظيم " يونس – 15 – ا. ه " (ر)


    وكما نلاحظ فإن استشهاد الاماما بالاية السابقة لا يبين ان الله انما نسخ ما نسخ من الكتاب بالكتاب ابداً و لايوجد فيها نسخ او ذكر للكتاب و السنة اصلا ً . و موضوع الاية الكريمة يتعلق بالذين لا يرجون لقاء الله و بطلبهم تغيير القرآن ( وليس الكتاب ) او تبديله حيث يأتي التأكيد على ان القرآن وحي ، وبالتالي لا يوجد في الاية نسخ حكم او فرض لا من قريب و لا من بعيد . ثم يتابع الشافعي فيقول :" فأخبر الله انه فرض على نبيه اتباع مايوحى اليه ولم يجعل له تبديلا من تلقاء نفسه . ا. هـ" (ر) .

    وهنا نلاحظ ان الامام الشافعي قد خرج عن موضوع النسخ الى فرض الله على نبيه اتباع ما يوحى اليه ليستنتج متابعاً :

    " وفي قوله مايكون لي ان ابدله من تلقاء نفسي بيان ما وصفت في انه لا ينسخ كتاب الله الا كتابه كما كان المبتدئ لفرضه : فهو مزيل المثبت لما شاء الله منه جل ثناؤه و لايكون لذلك لأحد من خلقه . ا. هـ " (ر) .

    وينسى الشافعي ان قوله ( مايكون لي ان ابدله ) يختلف عن قوله ( مايكون لي ان انسخه ) تماماً ، فالتبديل غير النسخ . وهو يتابع مابناه على افتراض خاطئ ليصل الى نتيجة خاطئة فيقول لا ينسخ كتاب الله الا كتابه ، وكأن هناك كتابين احدهما ناسخ و الاخر منسوخ ، علماً انه لا يوجد في كتاب الله آية واحدة تتحدث عن نسخ الكتاب بالكتاب او القرآن بالقرآن والاية التى جاءت فيها كلمة النسخ هي قوله تعالى :

    " ما ننسخ من اية او ننسها نأت بخير منها او مثلها ألم تعلم ان الله على كل شي قدير " البقرة -106- .

    ويتابع الشافعي قوله :
    " وكذلك قال يمحو الله مايشاء ويثبت و عنده أم الكتاب ، وقد قال بعض اهل العلم : في هذه الاية – والله اعلم – دلالة على ان الله جعل لرسوله ان يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل به كتاباً . ا. هـ " (ر)

    وهنا نلاحظ ان الاية لا علاقة لها ابداً بموضوع النسخ ، فالمحو و الاثبات من عند الله وحده و لادليل البتة على انه جل و علا قد محا ثم اثبت في كتابه العزيز و لادليل على النسخ اصلاً ، والرأي الاخطر هما هو ذكره لقول بعض اهل العلم – لم يحددهم كعادته – بناء على تلك الاية بأن الله جعل لرسوله ان يقول من تلقاء نفسه بتوفيقه فيما لم ينزل به كتاباً !

    ولا اعلم كيف تم فهم او استنتاج ذلك من الآية الكريمة ، واذا كان الامر كذلك افلا يكون الدين و الرسالة ناقصين لانه لم يتم حتماً جمع كل كلمة قالها الرسول ، وكما نرى فإن أدلة الآيات الكريمة تستخدم في غير موضعها من حيث الدلالة و الاستدلال .

    ولمزيد من الايضاح أورد تطبيق الامام الشافعي لمفهوم النسخ عنده تاركاً للقارئ حرية الحكم على ذلك التطبيق و الاجتهاد . فتحت عنوان ( الناسخ والمنسوخ ) الذى يدل الكتاب على بعضه يقول الشافعي :

    " مما نقل بعض ماسمعت منه من اهل العلم : ان الله انزل فرضاً في الصلاة قبل فرض الصلوات الخمس ، فقال : (( يا أيها المزمل * قم الليل الا قليلا * نصفه او انقص منه قليلا * او زد عليه ورتل القرآن ترتيلا )) المزمل – 1 – 4 .

    ثم نسخ هذا في السورة معه فقال : (( ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ونصفه و ثلثه وطائفة من الذين معك ، والله يقدر الليل و النهار ، علم ان لن تحصوه فتاب عليكم ، فاقرءوا ما تيسر من القرآن ، علم ان سيكون منكم مرضى و آخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله و آخرون يقاتلون في سبيل الله ، فاقرءوا ماتيسر منه واقيموا الصلاة و ءاتوا الزكاة )) المزمل – 20

    ولما ذكر الله بعد امره بقيام الليل ونصفه الا قليلا او الزيادة عليه فقال : ( أدنى من ثلثي الليل و نصفه و ثلثه و طائفة من الذين معك ) – فخفف فقال : ( علم ان سيكون منكم مرضى ) قرأ الى ( ماتيسر منه ) .

    فكان بيناً في كتاب الله نسخ قيام الليل و نصفه و النقصان من النصف و الزيادة عليه بقول الله :" فاقرءوا ماتيسر منه " ا . هـ" ( ر)


    ويقول الشافعي في موضوع اخر :
    " سمعت من اثق بخبره و علمه يذكر ان الله انزل فرضاً في الصلاة ثم نسخه بفرض غيره ، ثم نسخ الثاني بالفرض في الصلوات الخمس . قال : كأنه يعنى قول الله عزوجل : ( يا أيها المزمل قم الليل الا قليلا نصفه او انقص منه قليلا ) الآية ، ثم نسخها في السورة معه ، يقول الله جل ثناؤه : ( ان ربك يعلم انك تقوم ادنى من ثلثي الليل ) الى قوله ( فاقرأوا ماتيسر من القرآن ) فنسخ قيام الليل او نصفه او اقل او اكثر بما تيسر ، وماأشبه ما قال بما قال . وان كنت احب الا يدع احد ان يقرأ ماتيسر عليه من ليلته ، ويقال نسخت ماوصفت من المزمل بقول الله عزوجل : " اقم الصلاة لدلوك الشمس " ودلوكها زوالها ( الى غسق الليل ) العتمة " وقرآن الفجر ان كان قرآن الفجر كان مشهوداً " الصبح ، " ومن الليل فتجهد به نافلة لك " فأعلمه ان صلاة الليل نافلة لا فريضة . وان الفرائض فيما ذكر من ليل او نهار ، ويقال في قول الله عزوجل " فسبحان الله حين تمسون " المغرب و العشاء " وحين تمسون " الصبح " وله الحمد في السموات و الارض عشياً " العصر " وحين تظهرون " الظهر ، وماأشبه ما قيل من هذا والله تعالى أعلم . ا. هـ " (م) 1- 59


    وهكذا نجد ان الله عزوجل نسخ حكمه في بضع آيات من سورة المزمل ( 1 الى 4 و 20 ) اكثر من مرة – حسب الشافعي – فالنسخ و التبديل لم يعد يتجاز آيات السورة الواحدة و الاله تخفى عليه الحقائق فيغير سريعاً احكامه و يتدارك نصف الليل الى ثلثه ثم ما يلبث ان يتذكر المرضى و المقاتلين فيخفف عنهم !.....

    واني وبكل صدق أبحث عن ربط لغوي او منطقي او موضوعي في تطبيق النسخ على الايات الواردة سابقاً فلا احده ، ويبدو ان الشافعي نفسه وجده بعد الاستعانة – كعادته – بنقل اهل العلم او من يثق بخبره من دون ان يحددهم ومن دون ان يبين لنا قوله وموقفه هو ، وهنا يحق لنا ان نتسأل : هل يوجد في كتاب الله ايه واحدة تبين صراحة ايه ناسخة لما قبلها و اخرى منسوخة ؟ بل هل يوجد حديث نبوي صحيح واحد يحدد فيه النبي لا الصحابة آية ناسخة و اخرى منسوخة ؟ واذا كان الامر كذلك فإن معايير و شورط و كيفية النسخ ما هي الا حصيلة جهد انساني اسس له الشافعي من دون تعريف محدد و موضوعي ومن دون ان يقدم لنا دليلاً صؤيحاً واحداً من الكتاب .

    اخيراً وحسب مدرسة الامام الشافعي في النسخ ، الا يحق لنا ان ننسخ حكم تعدد الزوجات بنفس الاية التى اباحته ، ففي قوله تعالى :

    " فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم الا تعدلوا فواحدة " النساء – 3-

    لم لايكون حكم الواحدة ناسخاً للتعدد ؟ خاصة وان العدل هو اساس الملك والحياة – كما يقول اهل العلم ومن نثق بهم .


    ثانيا : تصنيف آيات أحكام الكتاب :

    ظهرت في الفقة الاسلامي مدرستان في تفسير و تأويل آيات أحكام الكتاب .

    أولهما : تعتمد على عموم اللفظ و تعتبر ان كل الايات الواردة في كتاب الله قابلة لإسقاط فهمها و احكامها على كل زمان و مكان .

    اما المدرسة الثانية : فتتخذ من مناسبات نزول الايات ( اسباب النزول ) اساساً لفهمها الذى يخضع لحالة معينة في زمان و مكان محددين .

    وبصرف النظر عن مناقشة هذين المنهجين فان الامام الشافعي اعتمد هاتين المدرستين في فهمه مع انحيازه الى المدرسة الثانية بشكل اوضح ان لم تقل انه مؤسسيها ، الا انه – وهو الامام المؤسس لأصول الفقة – لم يكن واضحاً منهجياً في الفصل بين المدرستين او التمييز بينهما ، الامر الذى ادى الى التداخل و الاختلاط و الاضطراب في عقول الكثير من اتباع المسلمين ، ذلك الاضطراب الذى مالبث ان تحول الى وجهات خلافية لتتحول من بعدها الى مناهج ترى المخالف لها كافراً او مرتداً عن اوامر الله ، ولعل نشوء نهج التطرف و التعصب الذى اعتمد المدرسة الاولى في الفهم كان خير دليل على ذلك .


    ولنستعرض كلام الامام الشافعي في تصنيف آيات الكتاب حيث يقول :

    " فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها ، على ماتعرف من معانيها ، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها ، وان فطرته ان يخاطب بالشيء منه عاماً ظاهراً يراد به العام الظاهر ، ويستغني بأول هذا منه عن آخره . وعاما ظاهراً يراد به العام ويداخله الخاص ، فيستدل على هذا ببعض ماخوطب فيه ، وعاماً ظاهراً يراد به الخاص ، وظاهراً يعرف في سياقه انه يراد به غير ظاهره .
    فكل هذا موجود علمه في اول الكلام او اوسطه او آخره . ا. هـ" (ر)


    وكما نلاحظ فإن في بداية قوله الكثير من التساؤلات استعرض بعضها من دون تفصيلها ، اذ ما يهمنا في هذه الفقرة هو تصنيف آيات الكتاب ، فالعرب مما تعرف من معانيها اتساع لسانها ، والامر قد يكون معكوساً تماماً فالعرب مما تعرف من لسانها اتساع معانيها !! وفطرة الله ان يخاطب بالشيء منه ، كيف تم التوصل الى ذلك ؟ !

    اما الالفاظ التى استخدمها ( ظاهر – عام – خاص ) فلم يقم الامام كعادته بتعريف اي منها ، الامر الذى اطلق عنان الائمة و الاتباع للاجتهاد و الاختلاف في تعريفها حيث نورد بعضها للقارئ دونما اسهاب ، وذلك للتأكيد على اهمية تحديد و تعريف المصطلح و بيان الخلاف فيه وبالتالي في مدلوله ، ففي ( الظاهر ) يقول الغزالي : ( هو الذى يغلب على الظن فهم معنى منه من غير قطع ) .

    اما الآمدي فيعرفه بأنه : ( مادل على معنى بالوضع الاصلي او الفرعي ، ويحتمل غيره احتمالا مرجوحاً ) .

    بينما يعرفه الزركشي بأنه : الواضح .


    نواصل
                  

01-02-2008, 04:23 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    اما في ( العام ) فيقول الغزالي : انه اللفظ الواحد الدال على قسمين فصاعداً معاً .

    اما الامام البصري فيعرفه بقوله : العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له .

    وكما نرى فاخترفات التعريف عند الائمة تتعلق بالتصنيف المؤسس للاصول فما بالنا في الفروع . نعود الآن الى تصنيف الامام الشافعي الذى نجده متسلسلاً وفقاً لما يلي :

    1 – عام ظاهر يراد به العام الظاهر .
    2 – عام ظاهر يراد به العام ويدخله الخاص .
    3 – عام ظاهر يراد به الخاص .
    4 – ظاهر يعرف في سياقه انه يراد غير ظاهرة .


    ونجد ان الشافعي في مؤلفه يبدأ مباشرة بباب مانزل من الكتاب عاماً يراد به العام و يدخله الخصوص ، اي انه يهمل تصنيفه الاول – عام ظاهر يراد به عام ظاهر ليقول :

    "وقال الله تبارك و تعالى (( الله خلق كل شئ وهو على كل شي وكيل )) الزمر – 62 – فهذا عام لا خاص فيه . ا . هـ " ( ر)

    وهنا نترك الرد و الاعتراض عليه لابن داود حيث يقول في ذلك :
    كيف عد هذه الاية في العمومات التى لم يدخلها التخصيص ، والله تعالى شيء بدليل قوله :

    (( قل اي شيء اكبر شهادة )) الانعام – 19 - .

    واي ضرورة دعته الى هذا ؟ وكيف يحتمل العموم ما أومأ اليه ؟ وقد بدأ الله بنفسه ، فأخبر بقوله : " الله خالق كل شي " ، وهل تحتمل الاوهام في المخاطبة ما أومأ اليه ؟ ولولا ان القلوب لا تطيق الكلام لكان عليه فيه كلام كثير .

    ويقول : ان الاية تخرج عامة في مذاهب جميع الناس ، لانه لما كان ما عرض به في الله محالا خارجا عن الوهم ، علم ان الخطاب انما يخرج على مايعقل و يتوهم دون مالايعقل ولايتوهم ، فإذا لم يخرج على مالا يتوهم لم يدخل في ذلك عموم ولا خصوص . ( ا . هـ )

    ونعود لنتابع مع الامام الشافعي حيث نجده يذكر باب بيان ماانزل من الكتاب – عام الظاهر وهو يجمع العام و الخصوص – وهو باب لم يرد في تصنيفه الاول السابق مالم يكن يقصد به الباب السابق نفسه ، فنجده يقول في ذلك :

    " قال الله تبارك وتعالى : (( انا خلقناكم من ذكر و انثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم )) الحجرات – 13.

    "فبين في كتاب الله ان في هاتين الايتين العموم و الخصوص : فأما العموم منهما ففي قول الله : (( انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا )) فكل نفس خوطبت بهذا في زمان رسول الله وقبله و بعده مخلوقة من ذكر و انثى وكلها شعوب وقبائل . والخاص منها قول الله : " ان اكرمكم عند الله اتقاكم " ، لان التقوى انما تكون على من عقلها وكان من اهلها من البالغين من بني آدم ، دون المخلوقين من الدواب سواهم ودون المغلوبين على عقولهم منهم والاطفال الذين لم يبلغوا و عقل التقوى منهم . ا. هـ " (ر)


    وبمحاكمة بسيطة نجد ان مااعتبره الامام الشافعي عاماً بأن كل نفس مخلوقة من ذكر و انثى يدحضه العلم اليوم ، فالبارميسيوم مثلاً كائن حي وحيد الخلية ، الاشنيات و البكتريات التى شكلت بداية الخلق لا ذكورة فيها ولا انوثة ، كذلك فإن خطاب الله في كتابه الكريم لم يوجه اصلا الى المخلوقين من الدواب او سواهم بل وجه الى الناس جميعاً عبر بداية الاية التى لم يذكرها الشافعي بقوله تعالى :

    (( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر و انثى ....))

    فكما نلاحظ فالمخاطب هو الانسان و لايوجد في الاية خاص ولا اولها عام ، مع التنوية هنا الى ان جزء الاية المذكورة لا يشكل آيتين من الذكر الحكيم حسب ماذكره الشافعي في بداية تعريفه .

    فننتقل بعد ذلك الى باب مانزل من الكتاب – عام الظاهر يراد كله الخاص – حيث يقول الشافعي :

    " قال الله تبارك وتعالى : (( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس )) البقرة – 199 – فالعلم يحيط – ان شاء الله – ان الناس كلهم لم يحضروا عرفة في زمان رسول الله ورسول المخاطب بهذا ومن معه ، ولكن صحيحاً من كلام العرب ان يقال : ( أفيضوا من حيث أفاض الناس ) يعني بعض الناس . ا. هـ " (ر) .

    وهنا يتضح لنا تماماً ايمان الشافعي بتاريخة النص حيث يقول :
    " بيان ما نزل من الكتاب عام الظاهر يراد به كله ( كله ) الخاص " .


    وهو يتابع فيقول في ( أفيضوا من حيث أفاض الناس ) : يعني بعض الناس، وينسى تعريفه للناس في بداية كتابه – سنتطرق لذلك لاحقاً – بأنهم اهل الكتاب و الكفرة من العرب و العجم ، فهل الافاضة تتحدث عن هؤلاء الناس ام عن بعضهم ؟

    وهنا اكتفي بما ورد عن الامام الشافعي في تصنيفه لآيات واحكام الكتاب لاتسأل : ألم يكن اجدى بإمام ملأ صيته الآفاق وبلغ اتباعه الملايين وهو يؤسس لأصول فقهه ان يصنف ويبوب آيات الذكر الحكيم التى وهب نفسه لحفظها وفهمها – وفقاً لما اصطلحه هو نفسه – لا ان يكتفي بقوله :

    " وفي القرآن نظائر لهذا يكتفي بها ان شاء الله منها . ا. هـ " (ر)

    فهذا قول لا يقبل ممن اعتبر مؤسساً لأصول الفقة على مر اكثر من ألف عام .

    ثالثاً : العربية في الكتاب

    اوحى الله – عزوجل – كتابه الى الرسول الامين باللسان العربي ، وقد اهتم الامام الشافعي – وهو الشاعر العربي الفذ – بلسان العرب في الكتاب و الحديث و الاثار ، وسأقوم في هذا الفصل بالبحث في العربية في الكتاب وفقاً للبنود الثلاثة التالية :

    1- اللسان العربي في الكتاب .
    2- الترادف في العربية و الكتاب .
    3- اختلاف فهم آيات الكتاب .

    1- اللسان العربي في الكتاب

    اكد الامام الشافعي على عربية الكتاب العزيز في اكثر من موضع منها مثلاً قوله :

    "ان جميع كتاب الله انما انزل بلسان العرب " وقوله : " القرآن يدل على ان ليس من كتاب الله شيء الا بلسان العرب . ا. هــ " (ر)

    وقد اكتفى الشافعي بإيراد بعض الامثلة من الذكر الحكيم لاثبات ذلك من دون ان يدخل في بحث مفهوم اللغة ونشأتها ومقارنتها ، بغيرها اي انه استند الى ذكر النص لا الى مايسمى اليوم البحث اللغوي الاكاديمي ، وعليه فقد توجه في ادلته و حججه الى من خالفه في ذلك الرأي من العرب و المسلمين آنذاك .

    من هنا أرى قول الشاطبي حول عربية الكتاب العزيز كان افضل تعبيراً و اكثر قرباً الى دقة تعاريفنا اليوم حيث يقول في ذلك :

    ( ان القرآن الكريم لا بمعنى ان القرآن يشتمل على ألفاظ أعجمية في الاصل او لايشتمل ، لان هذا من علم النحو و اللغة بل بمعنى انه في ألفاظه ومعانيه و اساليبه عربي . ا.هـ) الموافقات 17/01

    وكما نرى في كلام الشاطبي فإن كلمة (الكتاب ) لاتنوب عن القرآن – كما هي الحال عند الشافعي – والقرآن قد يشتمل على ألفاظ أعجمية ( صراط – سندس – استبرقاً ضنكى .... الخ ) ولكن عربيته تكمن في اسلوبه ومعانيه ، وهو كلام لا غبار عليه عندي .

    الا ان الامام الشافعي ذهب بعيداً عن عربية الكتاب في امرين :

    اولهما : طلبه من المسلم غير العربي تعلم العربية ومن العربي غير المسلم اتباع الاسلام ، حيث يقول في ذلك :

    "فإذا كانت الالسنة مختلفة بما لايفهمه بعضهم عن بعض ، فلا بد ان يكون بعضهم تبعاً لبعض وان يكون الفضل في اللسان المتبع على التابع واواى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي ولايجوز – والله اعلم – ان يكون اهل لسانه اتباعاً لأهل لسان غير لسانه في حرف واحد ، بل كل لسان تبع للسانه وكل اهل دين قبله فعليهم اتباع دينه " وهو يتابع قائلاً : "فعلى كل مسلم ان يتعلم من لسان العرب مابلغه جهده حتى يشهد به ان لا اله الا الله وان محمد عبده ورسوله ويتلو به كتاب الله وينطق بالذكر فيما افترض عليه من تكبير وامر به من التسبيح و التشهد وغير ذلك . ا.هـ " (ر) .

    وعليه فإن معظم المسلمين اليوم – ان لم نقل غالبيتهم العظمى – مقصرون لا يؤدون الواجب الشرعي المطلوب - حسب رأي الامام الشافعي – ففي اندونيسيا مثلا – ( اكبر بلد اسلامي غير عربي ) وباكستان وسيريلانكا وبعض اهل البلقان وايران وتركيا يكاد يعرف بعض اهلها من المسلمين بضع كلمات او جمل من العربية – يضاف الى ذلك ان غالبية الناطقين بالعربية اليوم – سكان الوطن العربي – لاينتقون ابداً لغة قريش – لغة الذكر الحكيم – على الرغم من دراستها في كافة المراحل التعليمية .

    ولعل نشوء مدارس احكام التجويد و التلاوة في القرآن كان سبباً ناجماً عن التأكيد على عربية الكتاب ، تلك المدارس اهتمت باللفظ و اساليبه وشكله ولم تهتم بالمضمون و المعنى الذى اراده الباري لعباده ، وهنا نذكر ان الله – عزوجل – رب العباد جميعاً اوحى كتابه باللسان العربي ، لكنه يقبل ويسمع ويفهم لغة كل عبد مهما كانت في سره وعلنه .

    اما الامر الثاني في ابتعاد الامام الشافعي فنجده في قوله :

    " ولسان العرب اوسع الالسنة مذهباً واكثرها ألفاظاً ولاتعلمه يحيط بجميع علمه انسان غير نبي ، ولكنه لايذهب منه شيء على عامتها حتى لايكون موجوداً فيها من يعرفه . ا. هــ " (ر)

    فهل اطلع امامنا على كافة لغات عصره واتقنها حتى وصل به الرأي الموضوعي الى ذلك الاستنتاج ؟ وهل اتقن الآرامية و العبرية واللاتينية واليونانية والقبطية والسريانية او حتى اليمنية الجنوبية ليصل الى استنتاجه المنهجي المذكور بأن لغة قريش ( العربية عنده ) هي اوسع الالسنة مذهباً !!


    واذا كان الامام الشافعي مجتهداً عالماً في الدين ولغته العربية فهل يعني ذلم انه نبي ام انه لا يحيط بعلم اللسان العربي الكامل !!

    عندئذ فإن اجتهاده منقوص وقابل للأخذ والرد . وهل له ان يحدد لنا من يعرف اسرار ذلك اللسان عندما يذهب منه شيء على عامتها ؟

    ام ان ذلك يترك للزمن القادم وعندئذ يصبح الشافعي اول من تنبأ بذلك الامر الجلل كما يرى البعض !

    اخيراً لابد من الاشارة هنا الى ان ذلك الاسلوب في الطرح الذى يفتقر الى الدليل الموضوعي المنهجي المنطقي قد ورثه الكثير من رجال الدين اليوم وتبعهم عدد كبير – للأسف – من مثقفينا ، فعندما يحدثك احدهم عن لغتنا الجميلة نجده لايعرف ، واكرر لا يعرف ، ( وليس لايتقن ) لغة واحدة اخرى يستطيع من خلالها ان يقارن او يبين لنا سر اعتبار اللغة العربية هي الافضل والاعظم بشكل منهجي علمي لا بأسلوب الايمان و الترهيب .

    2- الترادف في اللغة والكتــاب
    بداية ابين للقارئ مفهوم الترادف المقصود هنا ، فهو يعني : استبدال كلمة بأخرى بحجة مساواتها ومطابقتها لها تماماً بالمعنى ، وهو امر ارفضه كلياً في العربية بشكل عام وفي كتاب الله بشكل خاص فلا يوجد في لغتنا كلمتان متطابقتان تماماً في المعنى ، وان حاول اصحاب مدرسة الترادف اقناعنا بغير ذلك ، وهنا علينا ان نفرق بين مانسميه شرحاً للكلمة التلا يغيب احياناً معناها عن البعض وبين الترادف في الكلمات مثلاً :

    فعل ( هرب ) الذى التحرك والابتعاد بفعل ارادي غالباً ما يكون ناجماً عن تخطيط مسبق ، يختلف عن فعل (فر ) الذى يعني التحرك والابتعاد سريعاً بفعل لا إرادي ( انعكاسي ) نتيجة لظهور او بروز او وقوع حدث مفاجئ ، كما في قوله تعالى لأهل الكهف :
    " لو اطلعت عليهم لوليت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً " الكهف – 18 –

    حيث المرء لا يسعه الا ان يفر عند رؤيته وجوه اهل الكهف المرعبة ! وعليه فإنه يخطىء من يقول ان ( هرب ) تعني ( فر ) وقد أخطأ من تفاخر في القول بأن للناقة او الاسد او السيف او .. خمسين او ستين او سبعين اسماً ؛ فهي كلها صفات لا ترادف في كلماتها ، والعرب الاقحاح يعرفون تماماً مواضع استخدام كل منها ، فمثلاً عندما يذكر الحصان يعرف ان راكبه في وضع دفاعي ( من الحصن ) ، وعندما يذكر الادهم يعرف ان فارسه في وضع الهجوم ( من الدهم ) وفي ذلك يقول الشاعر الفارس عنترة العبسي :

    يدعون عنتر والرمـــــــاح كــأنها
    أشطـــــان بـــــئر في لبان الادهـــــــــــم

    وكلنا يعلم ان الامام الشافعي كان شاعراً عربياً فذاً ،مما زاد في تأثيرة بمدرسة الترادف في معاني الكلمات في اللغة العربية ، وقد انعكس ذلك على فهمه لكتاب الله وتأسيسه لما سماه ( السنة ) وغاب عن ذهنه ان اعجاز الذكر الحكيم يكمن في غياب الحشو و التكرار فيه وان الترادف لا مكان له عندما يكون الكتاب وحياً من الخالق ، فالتحديد و الدقة و المصداقية هي السمات الرئيسية لكلمات الله التامات ، وعليه فعندما ترد كلمة ( القرآن ) فإنها لاتعني ( الكتاب ) او ( الذكر ) او ( الفرقان ) ، وعندما يرد الفعل ( جاء ) فإنه لا يعادل ( أتى ) ... إلخ . وان لكل كلمة دلالتها اللغوية التى لا يعجز عالم الغيب و الشهادة عن انتقائها .

    وقد استعاض الامام الشافعي عن البحث في اختلاف مدلولات و مصداقية كلمات الذكر الحكيم بالمساهمة و التشجيع على الخلط بين معانيها و استعمالاتها ، وما اكثر الامثلة على ذلك في نتاجه حيث نكتفي ببعضها فقط لايضاح الفكرة المنشودة .

    ففي باب ( البيان الخامس ) يقول الامام الشافعي :
    " قال الله تبارك وتعالى : (( ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام ، وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره )) البقرة – 150 – ففرض عليهم حيث ماكانوا ان يولوا وجوههم شطره ( وشطره ) جهته ، في كلام العرب . اذا قلت : قصد قصد عين كذا يعني نفس كذا . وكذلك ( تلقاءه ) جهته ، اي استقبل تلقاء وجهته ، وان كلها معنى واحد وان كانت بألفاظ مختلفة .

    وقال خفاف بن ندبة :
    الا من مبـــــــــلغ عمراً رســــولاً
    وماتغنــــــي الرســـــالة شطر عمــــــــرو

    وقال ساعدة بن جوبة :
    اقــــول لأم زنـــــــباع : أقيــــــــــمي
    صدور العيـــش شـــطر بـــــني تميــــم

    وقال لقيط الايادي :
    وقد اظلــــــكم من شـــطر تغركـــــــم
    هول لـــه ظـــلم تغـــــشاكم قطعــــــا

    وكما نلاحظ في كلام الشافعي فإن كلمة ( شطره ) تعني جهته و ( تلقاءه ) و (عين ) تعني ( نفس ) وان كلها معنى واحد وان كانت بألفاظ مختلفة – حسب قوله الحرفي – وهو ما أخالفه فيه تماماً فكلمة شطره من الفعل ( شطر) وشطر الشيء : جعله نصفين ، وشطر بصره : صار كأنه ينظر اليك والى آخر ، وهكذا فكلمة شطر تحتوي ضمناً قسمين او جزئين او خيارين وهو ما تــذهب اليه الاية الكريمة حيث بداية الآية السابقة لها :

    " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره " البقرة – 144 –

    فالرسول الكريم كان متقلباً بين قبلة بيت المقدس عملاً وقبلة البيت الحرام رغبة ، فوجهه الله تعالى الى الاخيرة .

    اما في مايتعلق بشواهد الابيات التى اوردها الامام الشافعي فهي تبين مجال استخدام كلمة (شطر ) بمعان مختلفة ولا توافق ما جاء في الاية الكريمة . ( فشطر) عمرو لا تعني جهة عمرو ، وكذلك ( شطر ) ثغركم وبني تميم لا تعني ( تلقاءه ) ، والملاحظ من شواهد الامام الشافعي الشعرية حفظه لاسماء اصحابها تماماً ، ممايدل على اهتمامه وحفظه الشعر ما يكتفي بقوله : حدثنا اهل العلم او من نثق بعلمه !

    ولنأخذ مثلاً آخر للشافعي حيث يقول في عربية الكتاب الكريم :

    " وقد بين الله ذلك في غير آية من كتابه : قال الله (( وانه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الامين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين )) الشعراء 192 – 195

    وقال : (( وكذلك انزلناه حكماً عربياً )) الرعد – 37 –
    وقال : (( وكذلك أوحينا اليك قرآناً عربياً لتنذر او القرى ومن حولها )) الشورى – 7 –
    وقال : (( قرآناً عربياً غير ذي عوج لعلهم يتقون )) الزمر – 28 –

    فأقام حجته بأن الكتاب عربي ، في كل آيه ذكرناها ، ثم اكد ذلك بأن نفى عنه – جل ثناؤه – كل لسان غير لسان العرب ، في آيتين من كتابه : فقال تبارك وتعالى : (( ولقد نعلم انهم يقولون انما يعلمه بشر لسان الذى يلحدون اليه اعجمي وهذا لسان عربي مبين )) النحل – 103 – وقال : (( ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي )) . فصلت – 44 – ا. هــ

    وكما نلاحظ فإن الشافعي الذى قال : (بأن الكتاب عربي ) لم ترد في كل شواهده التى ساقها من الذكر الحكيم كلمة الكتاب ؛ وكذلك فكلمة القرآن لا تعني الكتاب ايضاً يشهد في قوله تعالى :

    (( ألم * ذلك الكتاب لاريب فيه هذى للمتقين )) البقرة – 1- 2 .

    وقوله جل ثناؤه :
    (( شهر رمضان الذى انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان .. )) البقرة – 185


    فكما نرى فالكتاب هدى للمتقين ولا تحديد لتاريخ إنزاله ، اما القرآن فهدى للناس وانزل في رمضان ! والمتقون جزء من الناس وليس كل الناس متقين ، وهم ايضاً غير الناس الذين عرفهم الشافعي في كتبه ،هنا ننوه الى ان المصحف الشريف – بين أيدينا اليوم – والذى يبدأ بفاتحة الكتاب وينتهي بسورة الناس يشمل بين دفتيه كلمات : الكتاب والقرآن والفرقان و الذكر ...الخ . . التى تمثله مجتمعة ولكنها تختلف في معانيها مفرداتها وألفاظها .

    وهكذا فالإمام يؤمن بمدرسة الترادف . فالفعل ( محا ) يعادل الفعل ( نسخ ) ، و( الكتاب ) يعادل ( القرآن ) و ( الحكمة ) هي ( السنة ) و ( الرسول ) يعادل ( النبي) والى غير ذلك من امثلة الترادف الذى يدخل اعتماده مرحلة الخطورة عندما يتم بناء الاحكام و التشريعات على اساسه ، فمثلاً عندما يفهم قوله تعالى في اية الارث (( فان لم يكن له ولد )) النساء – 11- ان الولد هو الذكر وينسى قوله تعالى في مطلع لاية الشريفة نفسها : (( يوصيكم الله في اولادكم للذكر مثل حظ الانثيين )) حيث الاولاد ( مفردها : ولد ) تشمل الذكر والانثى ، فإن ذلك يقود الى استخراج احكام وتشريعات بعيدة عن الصواب و الحق .

    3- اختلاف فهم آيــات الكتــاب

    يعتمد القارئ في فهم النص عموماً على معرفة لغته – لغة النص – وعلى توفر الارضية المعرفية المشتركة بين النص والقارئ ، وعندما يعتبر النص وحياً منزلا مقدساً فإن فهمه يتطلب إضافة لما ذكر سابقاً الانطلاق من صحة و مصداقية ذلك النص و خلوه من الحشو و الترادف و الخبر الكاذب . وعليه فإن ربط فهم النص في كتاب الله بالسلف الصالح اعتماداً على اراضيهم المعرفية المتوفرة آنذاك يجعل منه نصاً تاريخياً صالحاً لزمانهم ومكانهم ، كما انه يمنع الاخرين من اطلاق عنان التفكير خارج الحدود المرسومة و المعينة مسبقاً .

    وعندما حض الله – عزوجل – في مواضع كثيرة في كتابه الكريم على التفكر و التأمل و الاجتهاد ( أفلا يعقلون ....... يتفكرون ...... يعلمون ..... ) فإنه لم يحدد أناساً معينين في زمان ومكان محددين .

    والامام الشافعي كان من الذين يعتمدون على الاثار التى تعتمد على اقوال وفهم الصحابة واهل العلم في فهم كتاب الله ويعتبره الفهم الاصح و الامثل .

    الااننا بإعمال العقل و الابتعاد عن التقليد و النقل قد يمكننا الوصول الى فهم مخالف للسلف – وان كثروا – الامر الذى لاينقص من قدرهم ومكانتهم ليزيدها في الاخرين المخالفين ، فالسلف بشر معرضون للخطأ و السهو و النسيان ولم يطالبهم الباري بالتفسير المطلق والابدي للناس جميعاً ، كما ان اختلاف الارضية المعرفية واعمال العقل و التأمل للوصول الى فهم كتاب الله حق لنا وواجب علينا لا مفاخرة او امتياز فيه .

    وسأضرب هنا مثلاً على الاختلاف المشروع في فهم آيات الكتاب .
    ففي قوله تعالى :
    (( فلما بلغ معه السعي قال يابني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى ، قال يا أبت افعل ماتؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين )) - الصافات – 102 –

    نجد ان السادة الفقهاء و العلماء الافاضل – ومعهم الامام الشافعي – يرون في تلك الاية مثالا هاماً على ضرورة تحقيق رؤى الانبياء وطاعتهم ، ويقول الامام الشافعي في معرض حديثة عن سنة رسول الله حول ذلك :

    " سنة رسول الله (ص) وجهان احدهما : ما يبين ما في كتاب الله ، المبين عن معنى ما اراد الله بجملته ، خاصاً وعاماً ، والاخر : ما ألهمه الله من الحكمة ، والهام الانبياء وحي ، ولعل من حجة من قال هذا القول ان يقول : قال الله عزوجل فيما يحكى عن ابراهيم : (( اني اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر )) الصافات – 102 - فقال غير واحد من اهل التفسير : رؤيا الانبياء وحي ، لقول ابن ابراهيم الذى امر بذبحه : ( يا ابت تفعل ماتؤمر ) ومعرفته ان الرؤيا امر امر به . ا . هـ )) (م)

    وهكذا فإن الاية الكريمة تتحدث – حسب المفهوم التراثي السائد – عن حوار جرى بين النبي ابراهيم وولده اسماعيل حيث وافق الابن البار المطيع اباه النبي الحكيم على ان يذبحه تحقيقاً و امتثالا لامر الله تعالى .

    الا ان التمعن بمعاني المفرادات – بعيداً عن مدرسة الترادف – مع التحليل البسيط لعناصر الاية الكريمة ، يبين ان ذلك الفهم يمكن ان يكون معكوساً تماماً .

    فعندما يتحدث الاب النبي يقول : ( يابني اني ارى في المنام اني اذبحك ... )

    ويتضح ان الفعل ( ارى ) هنا يمثل فعلاً تاماً قام به الاب فهو الفاعل والرؤية رؤيته ، والعملية تتعلق بذبح انسان وانهاء حياته ، وهي – الحياة – كما نعلم غالية عزيزة على صاحبها ، لذلك نجد في جواب الابن لابيه – ياأبت افعل ماتؤمر به – تصويبا للاب وتذكيراً له بفعل ما يؤمر به من الله وليس مايراه الاب !! فكما نلاحظ ، لو قال الاب : اني أريت في المنام اني اذبحك لعلم الابن ان الموضوع وحي مبتوت فيه وان الامر إلهي ، ولكن عندما خاطبه بقوله ( اني ارى في المنام ) صحح له ولم يكن مثلا في الطاعة والانصياع لامر ابيه .

    وهنا نلفت الانتباه الى ان الفعل ( أريت ) مستخدم بكثرة في كلام العرب ، ومنه ما جاء في الحديث النبوي في صحيح البخاري قوله (صلى الله عليه وسلم ) لعائشة : اني اريتك في النام مرتين .. الى اخر الحديث .
    وهكذا نجد ان ماتعتبره الاخرون طاعة انصياعاً وقبولاً يمكن ان يفهم إباء ورفضاً واستنكاراً . وان تغيراً في صرف الكلمة الواحدة قد يقلب المعنى رأساً على عقب فما بالنا باستبدال كلمة بأخرى واعتماد نفس المعنى لها حسب مدرسة الترادف !!

    ولنأخذ مثلا اخر من فهم الامام الشافعي في باب البيان الاول حيث يقول :
    " قال الله تبارك وتعالى في المتمتع (( فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة ايام في الحج وسبعة اذا رجعتم ، تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن اهله حاضري المسجد الحرام )) البقرة – 196-

    فكان بينا عند من خوطب بهذه الاية ان صوم الثلاثة في الحج والسبع في المرجع : عشرة ايام كاملة ، قال الله تعالى : (( تلك عشرة كاملة )) .

    فاحتملت ان تكون زيادة في التبيين واحتملت ان يكون اعلمهم ان ثلاثة اذا جمعت الى سبع كانت عشرة كاملة . ا . هـ

    فهل قوله تعالى ( عشرة كاملة ) هي زيادة في التبيين – حسب الامام الشافعي – وهل قولنا عشرة بعد الغاء كاملة يعني ان العشرة وحدها ناقصة ؟!! وهل يريد الله – عزوجل – ان يعلم عباده بأن ثلاثة اذا جمعت الى سبع اصبح الناتج عشرة كاملة ؟! اهكذا يكون الاعجاز و الاخبار الالهي ؟ّ! وماذا سنقول عندها عن حسابات بناء اهرامات مصر وعن نتاج اقليدس وارخميدس في حساباته لحجم الكرة والقطوع ، وقد عاشا في القرن الثالث قبل الميلاد !!

    قد تعنى العشرة الكاملة هنا دخول اليوم العاشر بشكل تام كما نصطلح اليوم كلمة ( ضمناً ) التى يفهم منها استنفاد اليوم كاملاً (24 ساعة ) وليس زمن بدئه فقط ، وقد تكون كلمة ( الكاملة ) هنا دليلا على اكتمال المطلوب من المتمتع ، ولكنها ليست في اي حال من الاحوال زيادة في التبيين او لتعلمنا ان ثلاثة وسبعاً هي عشرة او ثلاثين وعشراً هي اربعون كما يقول الامام الشافعي في مواضع اخرى .

    اخيراً ليسمح لي القارئ ان اطرح تساؤلات مشروعة حول طريقة تفكير لفهم كتاب الله بعيداً عن النقل و الحدود و الاسس و الشروط التى اسس لها الامام الشافعي واهل العلم من السلف .

    لنأخذ مثلا قوله تعالى في مطلع كتابه العزيز :
    " ألم * ذلك الكتاب لاريب فيه * هدى للمتقين " البقرة – (1-2)

    حيث التساؤلات المشروعة المطروحة على السادة اتباع المذهب الشافعي هي :

    1- لماذا استعملت كلمة ( ذلك ) عوضاً عن ( هذا ) وهل معني (ذلك الكتاب ) يطابق معنى ( هذا الكتاب ) ؟! واذا كانت كلمة ( الكتاب) في الاية الكريمة تعني المصحف الشريف المتوفر اليوم بين ايدينا افلا نبدأ الاية بهذا الكتاب !!

    2- اي كتاب تعنيه الاية الكريمة والذى لاريب فيه ؟ هل هو ما يسمى اليوم بالمصحف الشريف وهل كان مجموعاً عند نزول تلك الاية او مكتملاً ؟!!


    3- هل قدر للرسول الكريم ومن بعده كل من الخليفة الصديق و الفاروق رؤية مانسميه اليوم المصحف الشريف ؟!! مع التنويه هنا بأن جمع المصحف الشريف قد تم في عهد الخليفة عثمان بن عفان حسب اجماع المؤرخين .

    4- من الذى يرتاب في الكتاب ؟! وهل يحتاج المتقون للهداية ؟!!


    5- هل يحق لنا حسب مدرسة الترادف ان نبين الاية الكريمة السابقة بقولنا :



    ( هذا القرآن لا شك فيه يهدي المؤمنين ) ؟!!



    وكما نلاحظ فإن ايه لا تتجاوز مفرداتها سبع كلمات تبرز فيها اسئلة كثيرة تحتاج لاجابات منطقية لغوية لا تهتم مدرسة الامام الشافعي للاجابة عليها ان لم نقل بأنها عاجزة عن الخوض في تفاصيلها لانها تعتمد اسلوب الترادف و النقل في الفهم و الاستنباط .



    نواصل
                  

01-03-2008, 09:25 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصــــــــــــــــل الثالث

    الشـــــافعي ورســـــــول الله




    اولاً : مفهـــــــوم السنة :

    ان مصطلح السنة المستخدم اليوم يمثل جهداً فكرياً انسانياً قام به رجال الدين و الائمة وعلى رأسهم الامام الشافعي الامام الشافعي ، وللسنة تعاريف اصطلاحية مختلفة ، فهي في اصول الفقة : دليل رئيسي فيالاحكام الشرعية ، كما رأينا سابقاً ، وفي علم الحديث : كل قول او عمل او اقرار للنبي وماهم به مع كل صفاته ومظاهر حياته المختلفة من سياسة وعلمية واجتماعية وعسكرية (غزواته) ، اما في السيرة فهي : طريقة بناء النبي لمجتمعه الاسلامي .

    وكما نلاحظ فإن الباري – عزوجل – لم يفرض في كتابه العزيز مصطلح السنة المعرف سابقاً ولم يبينه ، بل ان لفظ سنة الرسول او النبي لم يرد في الذكر الحكيم اصلاً ، وانما ورد فيه ( سنة الله ) ، حيث يقول تعالى :

    " فهل ينظرون إلا سنة الاولين ، فلن الاولين ، فلن تجد لسنة الله تبديلاً * ولن تجد لسنة الله تحويلا " فاطر – 43 –

    ويقول ايضاً:
    " سنة الله في الذين خلوا من قبل " الاحزاب – 38 –

    ويقول ايضاً :
    " ولن تجد لسنة الله تبديلا " الاحزاب – 62 –

    وهكذا فالله – عزوجل – فقط له سنة لا تتبدل ولا تتغير وتتجلى في صفاته ومخلوقاته جميعاً .

    لقد اعتبر الامام الشافعي ان الحكمة في كتاب الله هي السنة ، حسب مدرسة الترادف عنده ، من دون ان يقدم دليلاً واحداً من نص في الكتاب او حتى الحديث النبوي الذى اعتمده هو نفسه .

    حيث نجده يقول في ( باب البيان ) الرابع :

    " كل ما سن رسول الله مما ليس فيه كتاب ، وفيما كتبنا في كتابنا هذا ، من ذكر ما من الله به على العباد من تعلم الكتاب و الحكمة - : دليل على أن الحكمة سنة رسول الله . ا . هـ " (ر)

    ويقول في موضع آخر :
    " فذكر الله الكتاب وهو القرآن وذكر الحكمة و سمعت من أهل العلم بالقرآن يقول : الحكمة سنة رسول الله . ا. هـ " (ر)

    وفي موضع آخر :
    " فكان ما ألقى في روعه سنته وهي الحكمة التى ذكر الله وما نزل به عليه كتاب الله " (ر)

    وبالعودة الى كتاب الله نجد أن مدلول كلمة الحكمة لا يعني ابداً السنة التى اعتمد مصطلحها حيث يقول تعالى في عيسى عليه السلام :

    " ويعلمه الكتاب و الحكمة و التوراة و الانجيل " آل عمران – 48 –

    فالآية تتحدث عن رسول الله عيسى – عليه السلام – فما هي سنته ؟! وهل جمع اتباعه – عليه السلام – سنته ليكتمل دينهم ؟!!

    وكذلك في قوله تعالى في نبيه داوود :
    " وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة و فصل الخطاب " ص – 20 –

    فما هي سنة النبي داوود عليه السلام ؟! والتى يتوجب على اتباعه اعتمادها و اتباعها ؟!!

    وكذلك في قوله تعالى :
    " فقد آتينا آل ابراهيم الكتاب و الحكمة و آتيناهم ملكاً عظيماً " النساء – 54 - .

    فما هي سنة آل ابراهيم التى يتوجب على كل أهل الاديان اتباعها ، ذلك ان ابراهيم هو ابو الانبياء جميعاً !!

    وفي قوله تعالى ايضاً :
    " ولقد آتينا لقمان الحكمة ان اشكر الله " لقمان – 12 –

    ومعلوم ان لقمان كان حكيماً ولم يكن نبياً فما هي سنته هنا ؟!
    اخيراً فإن الله تعالى يعمم مفهوم الحكمة في كتابه بقوله :

    " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً " البقرة – 269 – فما هي سنة الحكماء ؟!!

    ولم يكتف الامام الشافعي باعتباره الحكمة هي السنة ، بل اسس على ذلك الافتراض وبنى عليه اصولاً و احكاماً في الفقة ، وبذلك لعب دوراً رئيسياً في الخلط بين الجهد الانساني وبين الشرع الرباني وربط فهمه ومصطلحه مباشرة بطاعة الله ورضاه ، حيث نجده يقول في ذلك :

    " فيجمع القبول لما في كتاب الله ولسنة رسول الله : القبول لكل واحد منهما عن الله ، وان تفرع فروع الاسباب التى يقبل بها عنهما ، كما احل و حرم ، وفرض وحد : بأسباب متفرقة كما شاء جل ثناؤه (( لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون )) الانبياء – 23 – ا. هـ " (ر)

    واذا كانت السنة قبولاً عن الله – حسب قول الشافعي – فلماذا لم يأمر النبي الكريم بجمعها وكتابتها الى جانب كتاب الله ؟ او لنقل لماذا لم يعرفها هو نفسه ؟ وفي هذه الحال الا يعتبر النبي نقصراً في اتمام الرسالة وجمعها للناس جميعاً ؟! ثم ما حال الناس الذين سبقوا الامام الشافعي دون ان يعرفوا على مر اكثر من قرن ونصف ( ولد الشافعي 150 هـ وتوفي 205 هـ ) ان الحكمة هي رسول الله وانها المصدر الرديف لشرع الله و أمره ؟!!

    اخيرا فإن الامام الشافعي – انطلاقاً من مصطلح السنة – اعتبر ما فعله النبي ( صلى الله عليه وسلم ) تشريعاً للبشرية جمعاء وكأن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) جاء ليعلم الناس أبسط الامور من التغوط و النظافة الذاتية و انتهاء بالحكمة المنشودة مروراً ببيت الزوجية تحت شعار لا حياء في الدين !!!

    وقد فات الامام الشافعي الحضارات العظيمة التى كانت سائدة آنذاك قبل بعثة النبي الكريم بدءاً من الحضارة الفرعونية ونظامها العمراني و الزراعي و الاجتماعي و العسكري و انتهاء بالتعاليم و المفاهيم الزرادشتية و الكونفوشوسية مروراً بحضارة الاغريق و مابين النهرين وتشريعات حمورابي التى دخلت في أدق تفاصيل تنظيم الدولة و المجتمع و الجيش.

    وهكذا أوجز فأقول : لقد أوجد الامام الشافعي مصطلحاً شخصياً وبنى عليه طاعة إلهية وربطه بها و اعتبره معيار بناء الحضارة وبدايتها ، مما أدى الى اختلاط الامر على المسلمين وادخالهم في خلافات وتناقضات مازلنا نرى آثارها حتى يومنا هذا !!!


    ثانيــاً : مفهــوم الرسالة و الرسول

    قد يكون من الصعب فصل مصطلح السنة عن الرسالة او النبوة عند الامام الشافعي خاصة وانه – حسب مدرسة الترادف – يتداخل عنده مفهوم كلمة ( الرسالة ) التى تأتي منها كلمة الرسول و ( النبوة ) التى تأتي منها كلمة النبي ، ويظهر ذلك جلياً في معظم نتاجه الفكري حيث يتم دائماً استبدال كلمة الرسول بالنبي و العكس صحيح ، فعلى سبيل الذكر – لا الحصر – نجده يقول تحت عنوان : - بيان فرض الله في كتابه اتباع نبيه - :

    " وضع الله رسوله من دينه وفرضه وكتابه الموضع الذى أبان جل ثناؤه انه جعله علماً لدينه ... ألخ . ا. هـ " (ر)

    بينما نجده تحت عنوان : - باب ما أبان الله خلقه من فرضه على رسوله اتباع ما اوحى اليه – يقول :

    " فأبان الله انه قد فرض على نبيه اتباع امره وشهد له بالبلاغ عنه وشهد به لنفسه . ا. هـ "

    فكما نلاحظ يقول في عنوانيه الرئيسيين ( اتباع نبيه ) ويذكر الرسول . وفي ( فرضه على رسوله ) يذكر النبي ( صلى الله عليه وسلم ) حتى انه عندما يذكر النبي يأتي بدليل من الذكر الحكيم فيه الرسول و العكس صحيح ، فمثلاً تحت عنوان ( فرضه على رسوله اتباع مااوحى اليه ) يورد قوله تعالى :

    " يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين و المنافقين " الاحزاب – 1- وتحت عنوان سنة نبيه يورد قوله تعالى :

    " انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ........ " النور – 62 –

    لذلك فإنه يتوجب علي التمييز بين معنى كلمة ( الرسول ) وكلمة ( النبي) لنصل من خلالهما الى مفهوم الرسالة المنشودة . وسأكرر هنا ماذكرته في كتابي السابق – "جناية البخاري " – حول ذلك :
    فسيدنا محمد بن عبدالله رجل حمل صفتين معاً :

    هما صفة الرسول ( من الرسالة ) وصفة النبي ( من النبوة ) .

    تماماً كما يحمل اليوم أحدنا صفتين في عمله كأن يكون مهندساً ومديراً للعلاقات العامة . وهنا ، عندما ذكرت تلك العبارة في كتابي السابق استنكر بعضهم ذلك و اعتبر مثالي سوء أدب بحق النبي ، وانا بدوري اذكرهم بأن الله – عزوجل – قد ضرب المشكاة مثلا لنوره في قوله تعالى :

    " الله نور السموات والارض * مثل نوره كمشكاه فيها مصباح * المصباح في زجاجة " النور – 35 –

    وقال بعضهم في ذلك :

    فالله قــــد ضــــرب الاقـــــــل لنـــــوره
    مثــــلا من المـــشكـــاة والـــنبــــراس
                  

01-03-2008, 12:37 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    فى مدخل البوست وردت بعض الاسئله التى تفصح عن قله المام بمجمل الفقه السنى المبنى على ابى حنيفه ومالك والشافعى وابن حنبل ثم من اتبعهم او خالفهم فى بعض المسائل من تابعيهم خصوصا ابن تيميه وابن باز فى مسائل محدده ومحدوده...الاسئله التى تهمنى هنا هى :
    1- هل الفقه الاسلامى مقدس؟
    2- هل الفقه الاسلامى قابل للتطور؟
    3- هل وحد الفقه الاسلامى الامه؟
    4- هل يصلح الفقه الاسلامى ليكون منطلقا عالميا معاصرا؟
    فى الاجابه على مجمل الاسئله عندما صنف الامام مالك الموطأالذى رتبه فى خمسين عاما هم الخليفه العباسى ان يحرق ما دونه من فقه مدون ويسير الامه على فقه الموطا فرفض الامام العظيم مالك ذلك وقال للخليفه " باب الاجتهاد عند المسلمين مفتوحا الى يوم القيامه" مما يؤكد اقتناع امم دار الهجره بقابليه الفقه الاسلامى للتطور وفقا لشروط العصر وفق الشروط الشرعيه اللازم توفرها فى الفقيه المفتى ...
    ليس من مهام الفقه توحيد الامه الموحده اصلا على التوحيد والقبله وثوابت الدين لذا ان ما يبدو كخلاف بين الائمه فى الفقه لايكون حول مساله بل حول مصطلح يتدرج من فرض واجب سنه مندوب مستحب مكروه جائز وغير ذلك مع العلم ان السيره الحياتيه للائمه الاربعه ومنهم الشافعى بعض محاور البوست وتكوينهم العلمى والفقهى يتشابه الى حد كبير مع سيره الفلاسفه اليونانين الثلاثه الكبار "سقراط\ افلاطون\ ارسطو" اذ تتلمذ كل واحد منهم على الاخر الذى يسبقه عمرا تلمذه مباشره رغم ذلك تختلف مصطلحاتهم فى المسائل...
    الشافعى يقول " راى صواب يحتمل الخطا وراى غيرى خطا يحتمل الصواب" بشرط الاقناع المنطقى المستند على الاصول الصحيحه للافتاء....
    الامام الاكبر ابوحنيفه استند فى فقه الذى دونه بصوره غير مباشره تلميذه ابى يوسف على 21حديثا فقط اكد انها هى الاحاديث الصحيحه التى وقف عليها فجادل غير المدركين بعصره لاحقا انه لا يعترف بالاحاديث كمصدر فى التشريع والفقه لكنهم نسوا ان ابا حنيفه عاش فى عصر اسمه عصر الوضاعين بالعراق حيث نشطوا فى تزييف الاحاديث لدرجه انه قال " اذا وجدت 100 حديثا باحداها سند لعراقى فاستبعد 99 منها وشك فى الاخير" وهنا شهاده ان ائمه السنه كانوا يدركون خصائص عصرهم حين يشرعون اما الامام الاخير ابن حنبل فشمل مسنده 17 الف حديثا وعليها استند جل ان لم يكن اغلب فقه الذى يوصف عند غيرالمدركين لخصائص عصره بالمذهب المتشدد والسبب فى اعتماده الحديث بكثره تنقيه الاحاديث فى عصره من الشوائب والروايات غير السليمه التى كانت تنتابها عصر الامام الاول ابوحنيفه والمدهش ان اول من فارق ابن حنبل فى بعض فتاويه تلميذه غير المباشر ابن تيميه مثلما خالف الامام الاول ابى حنيفه كثيرا تلميذه الاخر محمد بن الحسن الذى يعد الاقرب فقهيا الى مذهب الامام مالك مثلما اختلف كثيرا مع مالك تلميذه المباشر الاول الشافعى الذى يمزج كثيرا بين مصطلحات ابى حنيفه ومالك مع ترجيح الاول عند الاختلاف.....
    تنبيه:
    للمزيد من الاراء حول فقه اهل السنه ارجو من المهتم النظرفى مقدمه ابن خلدون " مالكى المذهب" وتحليله العميق للخلافات الاصطلاحيه بين الائمه الاربعه واثر العمران والعصر على مسائلهم كذلك النظر فى المجلدات الخمسه الضخمه التى صنفها العالم النحرير الشيخ عبد الرحمن الجزيرى تحت عنوان " الفقه فى المذاهب الاربعه" لتدركوا مدى الحريه الفكريه الواسعه التى تسود الفقه السنى عبر عصوره المختلفه مع وجود كثير من الاحالات والشواهد المنطقيه.........

    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 01-03-2008, 12:45 PM)
    (عدل بواسطة احمد الامين احمد on 01-03-2008, 04:45 PM)

                  

01-03-2008, 05:42 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: احمد الامين احمد)

    الأخ العزيز أحمد الأمين
    لك التقدير على ورودك هنا وانت ممن يقرأ ليكتب ويكتب ليقرأ


    تقول: (وفقا لشروط العصر وفق الشروط الشرعيه اللازم توفرها فى الفقيه المفتى ...)

    من العسير بلع هذه المعادلة لان شروط عصرنا لاتتوفر فى فقها ذلك الزمان
    كما ان فقها عصرنا بفهمهم لذلك الفقه يودون ان يرتدوا بنا لذلك الزمان


    وايضا تقول : (ليس من مهام الفقه توحيد الامه الموحده اصلا على التوحيد والقبله وثوابت الدين لذا ان ما يبدو كخلاف بين الائمه فى الفقه لايكون حول مساله بل حول مصطلح يتدرج من فرض واجب سنه مندوب مستحب مكروه جائز وغير ذلك مع العلم ان السيره الحياتيه للائمه الاربعه ومنهم الشافعى بعض محاور البوست وتكوينهم العلمى والفقهى يتشابه الى حد كبير مع سيره الفلاسفه اليونانين الثلاثه الكبار "سقراط\ افلاطون\ ارسطو" اذ تتلمذ كل واحد منهم على الاخر الذى يسبقه عمرا تلمذه مباشره رغم ذلك تختلف مصطلحاتهم فى المسائل...)

    هذا اطلاق ليس له علاقة بارض الواقع على العموم خلينا نشوف ماتوصل له الاستاذ (زكريا أوزون) ونعود لحوارنا او اختلافنا
    ولك التقدير
                  

01-03-2008, 07:41 PM

احمد الامين احمد
<aاحمد الامين احمد
تاريخ التسجيل: 08-06-2006
مجموع المشاركات: 4782

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الاستاذ بدر الدين اشكرك على سرعه الرد وانتظر حسب طلبك لمعرفه ما تواصل اليه صاحب الكتاب المعنى بعدها نواصل اتفاقنا او خلافنا حسب كلماتك قبل ذلك ردى على تعليقك الاول .."من العسير بلع هذه المعادله " حول قولى " وفقا لشروط العصر وفق الشروط الشرعيه اللازم توفرها فى الفقيه المفتى" باختصار شديد هذه الشروط سهله جدا رغم صرامتها وتتمثل فيما اتفق على تسميته ب "الجرح والتعديل" وقد يكون بعضها صعب فى مفكرى هذا العصر لكن العيب فيهم وليس فى هذه الشروط الصارمه وساعود لاحقا لتفصيل ذلك كى لا افسد سردك لباقى الكتاب ...
    اما ردى على تعليقك الثانى " هذا اطلاق ليس له علاقه بارض الواقع" حول قولى فى مداخلتى الاولى كى ابين لك انه ليس اطلاق بل مبنى على واقع سليم واحداث وامثله وشواهد وانا كذلك مستعد لتفصيله بدقه والاشاره الى مراجع بصفحاتها وارجو ان تلاحظ اننى ختمت مداخلتى الاولى بالاشاره الى مقدمه ابن خلدون ومجلدات الجزيرى لاجل ان يجد فيها المتابع غير الملم بدقه بعض ما اعنيه تحياتى وواصل انزال باقى الكتاب لكنك ليس ملزما بالرد نيابه عن كاتب هذا المؤلف المثير للجدل رغم ان لك اجر المناوله وهذه محمده لك فى تثقيفنا مثلما توفرت على انزال الانجاز الضخم للنورعثمان بكر فى ترجمته ناختيقال
                  

01-05-2008, 09:32 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: احمد الامين احمد)

    وبالعودة الى صلب الموضوع نجد انه من مقام النبوة يقوم محمد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) بالاجتهاد و العمل حسب المعطيات و الامكانيات والارضية المعرفية السائدة ويصحح له من خلال ذلك المقام ، لذلك نجد ان تصويب العزيز الحكيم يكون دوماً من مقام النبوة كما في قوله تعالى :

    " يا أيها النبي لما تحرم ما أحل الله لك ، تبتغي مرضاة أزواجك و الله غفور رحيــم " التحريم – 1

    قوله :
    " ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض ، تريدون عرض الدنيا و الله يريد الاخرة و الله عزيز حكيم " الانفال – 67-

    وقوله :
    " يا أيها لنبي اتق الله ولاتطع الكافرين و المنافقين ، ان الله كان حليماً حكيما ً " الاحزاب – 1-

    وقوله كذلك :
    " لقد تاب الله على النبي و المهاجرين والانصار ... " التوبة – 117 –


    أما في مقام الرسالة والتى تشمل كافة التشريعات و الاوامر التى أوحاها له الله – عزوجل – عبر جبريل الامين في كتابه العزيز فهو معصوم فيها من الوقوع في الخطأ وقد عصمه الله من ذلك ، وعليه فإن الطاعة في كتاب الله هي للرسول في مقام الرسالة حيث نجد قوله تعالى دائماً في إطاعة الرسول لا النبي كما في قوله تعالى :
    " قل أطيعوا الله والرسول ..... " آل عمران – 32 –

    و قوله : " واطيعوا الله واطيعوا الرسول " المائدة – 92 –
    وقوله : " من يطع الرسول فقد أطاع الله ... " النساء – 80 –
    وقوله : " اطيعوا الله واطيعوا الرسول و أولي الامر منكم " النساء – 59-
    وقوله : " واطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون " المجادلة – 13-

    ونجد العقوبة لمن يعصي الرسول و الثواب لمن يطيع الرسول ، كما في قوله تعالى : " ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين " النساء – 14 - ، وقوله : " ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " الاحزاب – 71 –

    وعليه فقد صدق من وصف مولد المصطفى بقوله ( المولد النبوي الشريف ) وصدق من وصف اقواله ب ( الحديث النبوي الشريف ) اذ ليس لدينا احاديث رسولية لان رسالة رسولنا محمد ( ص) هي كتاب الله الذى حفظناه في السطور و الصدور .

    بعد ذلك التوضيح لمفهوم كلمة النبي وكلمة الرسول اعتماداً على ما جاء في الذكر الحكيم بعيداً عن مصطلحات الائمة ومدرسة الترادف لديهم ، ننتقل لمناقشة اقوال الامام الشافعي حول الرسول الكريم حيث نجده يكرر طاعة و اتباع ما سماه ( سنة الرسول ) في مواضع كثيرة من كتبه ويؤكد ان مهمة رسول الله كانت تبيان وايضاح ما في كتاب الله – بشكل عام – وتبيين فرائضه وحدوده بشكل خاص ، ونظراً لتداخل افكاره – يتحدث مثلاً في باب الزكاة عن الحج والعدد – وتكرارها – وما أكثر الامثلة على ذلك ! وحرصاً مني على تبسيط وتركيز المعلومة للقارئ كي لا أثقل عليه ، فإنني اوجز مهمة الرسول أو النبي الكريم – وهي سواء عند الشافعي حسب مدرسة الترادف – وفق رأي الامام الشافعي حيث نجدها :
    1- تبيان و إيضاح ما جاء في كتاب الله بشكل عام .
    2- تبيين و ايضاح فرائض الله – عزوجل – في كتابه ( صلاة – صوم - زكاة – حج ) .
    3- تبيين حدود الله في كتابه ( سرقة – زنا – حرابة ) ويمكن ان نلحق بها الوصية و الارث .

    وسأكتفي هنا بإيراد بعض ماقاله الامام الشافعي حول ذلك على سبيل المثال لا الحصر ، حيث نجده يقول تحت باب ( البيان الثالث ) :

    " قال الله تعالى ( ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاياً موقوتاً ) النساء – 103 –

    وقال : " واقيموا الصلاة و آتوا الزكاة " البقرة – 110 –
    وقال : " واتموا الحج والعمرة لله " البقرة – 196 –

    ثم بين على لسان رسوله عدد ما فرض من الصلوات و مواقيتها وسننها ، وعدد الزكاة ومواقيتها وكيف عمل الحج وحيث يزول هذا ويثبت ، وتختلف سننه وتتفق ولهذا أشباه كثيرة في القرآن و السنة . ا . هـ


    ويقول في باب ( البيان الرابع ) :
    " – مع ماذكرنا مما افترض الله على خلقه من طاعة رسوله ، وبين من موضعه الذى وضعه الله به دينه - : الدليل على أن البيان في الفرائض المنصوصة في كتاب الله من أحد هذه الوجوه :

    منها : ما اتى الكتاب على غاية البيان فيه ، فلم يحتج مع التنزيل فيه الى غيره .
    ومنها : ما اتى على غاية البيان فيه ، وافترض طاعة رسوله ، فبين رسول الله عن الله : كيف فرضه ، وعلى من فرضه ، ومتى يزول بعضه ويثبت ويجي .
    ومنها ما بينه عن سنة نبيه ، بلا نص كتاب .
    وكل شيء منها بيان في كتاب الله . ا . هـ " (ر) .

    بعد تلك الامثلة من أقوال الامام الشافعي أعود لبحث ما تم ذكره سابقاً في :

    1- تبيان وايضاح الرسول لما جاء في كتاب الله بشكل عام :


    نجد أن الله – عزوجل – قد تعهد في كتابه في اكثر من موضع بتبييان رسالته حيث يقول تعالى :

    " ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " النحل – 89 –

    وكما نلاحظ ففي الكتاب تبيان لكل شيء .

    ويقول تعالى ايضاً :
    " هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " آل عمران – 138 –

    ويقول :
    " لا تحرك به لسانك لتعجل به ، ان علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ،ثم انا علينا بيانه " القيامة 16 – 19

    اما قوله تعالى :
    " وانزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم " النحل – 44-

    والذى يحتج به الكثيرون من الائمة ، فيتضح منه تماماً ان مهمة الرسول الكريم هي البيان للناس وليس البيان للكتاب ، وكلمة الناس كما نعلم أعم من المؤمنين و المسلمين أصلاً ، ويكون بيان الرسول لمن لا يستطيع من الناس أن يتفهم رسالة الله عزوجل في كتابه العزيز نتيجة لقلة علمه أو ضعف لغته وجهله باللسان العربي ، اما من يمكنه الخوض فيها بعلم ومعرفة فلا حرج أبداً لان الله بينها و أوضحها بلسان عربي مبين ، لذلك يقول تعالى : " قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون " الحديد – 17 –

    ويقول ايضاً :
    " وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون " العنكبوت – 43 –

    ويقول :
    " كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تعقلون " النور – 61 –

    2- تبيين وايضاح فرائض الله عزوجل في كتابه :


    وهي ماجاءت في أركان الاسلام – إضافة للشهادتين – الصلاة والصيام والزكاة والحج لمن استطاع اليه سبيلاً

    فإذا اخذنا فرضي الصلاة والزكاة نجد قوله تعالى واضحاً صريحاً بالاقتداء فيهما بالرسول الكريم من مقام الرسالة حيث يقول تعالى :

    " وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واطيعوا الرسول " النور – 56 –

    ويقول ايضاً :
    " فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله " المجادلة – 13-

    وهكذا فكتاب الله يبين نفسه بنفسه كما ذكرت سابقاً
                  

01-06-2008, 09:37 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)


    ويتضح تماماً انه يدخل تحت بندي الصلاة والزكاة كل ماذكره و كرره الامام الشافعي في كتبه من مواقيت الصلاة وعدد ركعاتها وسننها وكيفيتها مع ما يتبعها من قصر وجمع في الخوف و السفر و الحضر و الكسوف و الاستسقاء و العيدين ..... وكذلك في الزكاة في نوع الاموال و الماشية و الخيل و الزرع والغراس و الحنطة و الشعير إلخ .

    علماً ان شعائر الصلاة و الزكاة وصلت الينا بالتواتر العملي الفعلي ولم تصل الينا عن طريق الاحاديث النبوية ، اما في مايتعلق بالطهارة و الوضوء فإن الله – عزوجل – بين لنا أحكامها في كتابه في اكثر من موضع كما في قوله تعالى :

    " ياأيها الذين آمنوا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم و أيديكم الى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم الى الكعبين ، وان كنتم جنباً فا طهروا ، وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماءٌ فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه ، ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون " المائدة – 6-

    وعليه فإن اجتهاد الامام الشافعي حول سنة الرسول في الوضوء يمثل رأياً شخصياً لم يكن في معظمه حيث نجده يقول في باب ( البيان الثاني ) تعليقاً على الآية الكريمو السابقة :

    " فأتى كتاب الله على البيان في الوضوء دون الاستنجاء بالحجارة وفي الغسل من الجنابة " !!

    ثم يتابع فيقول :
    " ودلت السنة على انه يجزي في الاستنجاء ثلاثة احجار !!!
    ويتابع في موضع اخر تحت عنوان : ( الفرائض المنصوصة التى سن رسول الله معها فيقول : "فأبان ان طهارة الجنب الغسل دون الوضوء . ا. هـ " (ر)

    وهنا اتوقف وأسأل هل هذه هي السنن التى اوضحها رسول الله في الوضوء ؟!

    اما في الصيام فإن الله عزوجل بين احكامه في كتابه في اكثر من موقع كما في قوله تعالى :

    " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون *أياماً معدودات * فمن كان منكم مريضاً او على سفر فعدة من ايام اخر ، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ، فمن تطوع خيراً فهو خير له ، وان تصوموا خير لكم ان كنتم تعلمون " البقرة – ( 183- 184 )

    وقال في موضع اخر :
    " احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم .. " البقرة – 187 –

    وكما نرى فالأحكام واضحة ليست بحاجة الى من يفسرها ولم يرد ذكر الرسول فيها .

    اما في مايتعلق بالحج فقد ذكره الله – عزوجل – ايضاً وبينه في كتابه في مواضع عديدة ، كما في قوله :

    " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فجٌ عميق ..." الحج – 27 – 30 –

    وقوله تعالى في موضع آخر :
    " وأتموا الحج والعمرة لله ، فإن أحصوتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ... " البقرة – 196-

    وفي قول الامام الشافعي :
    " وفرض الله الحج على من يجد السبيل ، فذكر عن النبي ان السبيل الزاد و المركب ،واخبر رسول الله بمواقيت الحج وكيف التلبية فيه ، وماسن ، وما يتقي المحرم من لبس الثياب و الطيب ، واعمال الحج سواها ، من عرفة و المزدلفة والرمي و الحلاق و الطواف ماسوى ذلك . ا . هـ " (ر) و (م)

    فإننا نلاحظ بداية خلطة بين كلمتي النبي و الرسول في قوله .

    وفي تفسيره لقوله تعالى :
    " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " آل عمران – 97 –

    بأن السبيل هو الزاد و المركب ، وفي حديث آخر هو الزاد و الراحلة ، فإنني لا اراها اليوم كذلك ابداً ، فأولو الامر يمكنهم ان يتبرعوا بتأمين نقل حجاجهم ليتموا لهم دينهم ، والبلد المضيف – السعودية – يمكنها تقديم الطعام – كما تفعل اليوم – لأيام معدودات وينتهي بذلك أمر شرط الزاد و الراحلة ! إلا ان السبيل هو كل مايتعلق بجاهزية المرء نفسه من كافة النواحي النفسية و الجسدية و العقلية و المالية و الوظيفية وحتى الشخصية .


    اما ما جاء في المواقيت و التلبية فإن الله تعالى قد بين ذلك في كتابه العزيز في قوله :
    " الحج أشهر معلومات ، فمن فرض عليهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ... " البقرة – 197 –

    كما ان بعض الايات الواردة في سورة البقرة تبين معظم المناسك . ( وماجاء في صحيح الحديث ) – وهي المدرسة التى يؤيدها الامام الشافعي – يبين ان النبي قد يسر كل تلك المناسك ( وقبلها على اختلافها ) ،ونكتفي هنا بإيراد ما جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص حيث يقول :

    ( وقف رسول الله ( ص) في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه ، فجاءه رجل ، فقال : لم أشعر فحلقت قبل ان اذبح ، فقال (ص) : ( اذبح ولا حرج ) فجاء آخر : فقال : لم اشعر فذبحت قبل ان ارمي ، قال ( ص ) : ( ارم ولا حرج ) فما سئل النبي (ص) عن شيء ، قدم ولا أخر الا قال ( افعل ولا حرج ) – متفق عليه –

    هذا وسنبحث في احكام الحج في فقرة لاحقة في كتابنا هذا ان شاء الله .

    3- تبين حدود الله في كتـــابه

    ان من أهم الحدود التى اكد عليها الامام الشافعي حدي الزنا و السرقة ، والحد برأيي يمثل الحالة القصوى في تطبيق العقوبة ؛ التى تتبع لقاعدة : ( ان لا حد على تائب ) – فالعقوبة ( الحد) تقام على من يرفض إعلان التوبة ويصر على الاستمرار في غيه ؛ وحسبنا بتصرف النبي ( صلى الله عليه وسلم ) مع الزاني ماعز مثلا على ذلك في محاولة تخفيف الحد وايجاد المبررات والاسباب التخفيفية .

    وكما نعلم اليوم فإن عقوبة القاتل المتعمد في معظم أرجاء المعمورة هي القتل ، الا ان هناك اسباباً تخفيفية بحيث يمكن ان لانصل الى الحد الذى يمثل عين العقوبة .

    من هنا فإن تطبيق الحد يمثل اقصى درجات العقوبة التى يمكن النزول عنها دوماً حسب المعطيات و الاسباب الملازمة ! ويظهر ذلك جلياً في تصرف الخليفة عمر في قضية السرقة عام المجاعة . هذا وسأبين ذلك مفصلاً في الفقرة اللاحقة .

    اخيراً وفي ختام فقرة الرسالة و الرسول هذه ؛ فانني عندما قرأت في كتاب الشافعي المسمى ( الرسالة ) تحت عنوان : ( باب فرض الله في كتابه اتباع سنة نبيه ) قوله :

    " وضع الله ورسوله من دينه وفرضه وكتابه الموضع الذى ابان جل ثناؤه انه علماً لدينه ، بما افترض من طاعته ، وحرم من معصيته ، وابان من فضيلته بما قرن من الايمان برسوله مع الايمان به . فقال تبارك وتعالى : " فآمنوا بالله ورسوله ، ولاتقولوا ثلاثة ، انتهوا خيراً لكم ، انما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد " النساء – 171 – ا.هـ " (ر)

    تساءلت كيف يمكن للامام الشافعي ان يورد في مطلع دليله على طاعة رسول الله محمد بن عبد الله ( صلى الله عليه وسلم ) آيه تتعلق بالايمان بالرسل وبالتصحيح لأهل الكتاب !! وهممت لكتابة الكثير حول ذلك الخطأ الفادح الذى لم يجرؤ احد من الائمة ورجال الدين على تصحيحه و الحديث عنه لأكثر من ألف عام مضى !! ولكنى – وللامانة العلمية – وجدت ان الباحث العلامة احمد شاكر رحمه الله قد سبقني في مراحل الى ذلك الخطأ ؛ واني بصدق أرى في علم الاستاذ شاكر ما يسبق الامام الشافعي بما يملكه من ارضيه معرفيه برمجية علمية متطورة عنه ، وبما يتمتع به من متابعة ومثابرة في تحصيله العلمي الذى لم يكن يتقصه فيه الا الجرأة و الخروج من هالة تقديس الاشخاص ؛ وفيما يلي نص الاستاذ احمد شاكر الذى اختم فيه تلك الفقرة وحسبي الله ونعم الوكيل .

    يقول احمد شاكر رحمه الله :

    ( والعصمة لله و لكتابه ولأنبيائه . وقد أبى الله لكتاب غير كتابه ،كما قال الائمة من السلف . فإن الشافعي رضي الله عنه ذكر هذه الاية محتجاً بها على ان الله قرن الايمان برسوله محمد "صلى الله عليه وسلم " مع الايمان به . وقد جاء ذلك في آيات كثيرة من القرآن ، منها قوله تعالى في الاية – 158 – من سورة الاعراف :

    "فآمنوا بالله ورسوله النبي الامي الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون "

    ومنها قوله تعالى في الايه – 8- من التغابن :
    " فآمنوا بالله ورسوله و النور الذى انزلنا "

    ولكن الاية التى ذكرها الشافعي هنا ليست في موضع الدلالة على مايريد ، لان الامر فيها بالايمان بالله ورسله كافة ، ووجه الخطأ من الشافعي انه ذكر الاية بلفظ ( فآمنوا بالله ورسوله ) بإفراد لفظ الرسول ، وهكذا كتبت في ( اصل الربيع ) و طبعت في الطبعات الثلاث من ( الرسالة ) ، وهو خلاف التلاوة . وقد خيل الى بادىء ذي بدء ان تكون هناك قراءة بالافراد ، وان كانت الاية – اذا وجدت – لا تفيد في الاحتجاج لما يريد ، لان سياق الكلام في شأن عيسى عليه السلام . فلو كان اللفظ ( ورسوله ) لكان في شأن عيسى ، ولكني لم أجد أية قراءة في هذا الحرف من الاية بالافراد ، لا في القراءات العشر ، ولا في غيرها من الاربع ، ولا في القراءات الاخرى التى يسمونها ( القراءات الشاذة ) .

    ومن عجب ان يبقى هذا الخطأ في الرسالة وقد مضى على تأليفها اكثر من ألف ومائة وخمسين سنة ، وكانت في أيدي العلماء هذه القرون الطوال ، وليس هو من خطأ الكتابة من الناسخين ، بل هو خطأ علمي ، انتقل فيه ذهن المؤلف الامام من اية الى اخرى حين التأليف ، ثم لا ينبه عليه احد ، او لا يلتفت اليه احد ، وقد مكث ( أصل الربيع ) من ( الرسالة ) بين يدي عشرات من العلماء الكبار ، و الائمة الحفاظ ، نحواً من اربعة قرون ، الى ما بعد سنة 650 يتداولونه بينهم قراءة و اقراء ونسخاً ومقابلة .... وكلهم دخل عليه الخطأ ، وفاته ان يتدبر موضعه فيصححه . ومرد ذلك كله – فيما نرى والله اعلم – الى الثقة ، ثم التقليد ، فما كان ليخطر ببال واحد منهم ان الشافعي ، وهو امام الائمة ، وحجة هذه الامة : يخطىء في تلاوة آية من القرآن ، ثم يخطىء في وجه الاستدلال بها ، والموضوع أصله من بديهيات الاسلام ، وحجج القرآن فيه متوافرة ، ومتلوة محفوظة . ولذلك لك يكلف واحد منهم نفسه عناء المراجعة ، ولم يفكر في صدر الاية التى أتى بها الشافعي للاحتجاج ، تقليداً له وثقة به ، حتى يرى ان كان موضعها موضع الكلام في شأن غيره من الرسل عليهم السلام . ا . هـ )


    ثالثــاً : الناسخ والمنسوخ في السنة

    ان كل كلمة واردة في عنوان فقرتنا هذه هي من اهم اصطلاحات الامام الشافعي ( ناسخ – منسوخ – السنة ) وقد بحثنا سابقاً في الناسخ والمنسوخ في الكتاب وسنبحث الآن في مفهومه في السنة ؛ حيث يقول الامام الشافعي :

    " وهكذا سنة رسول الله : لاينسخها الا سنة لرسول الله . ولو أحدث الله لرسوله في امر سن فيه : غير ما سن رسول الله - : لسن فيما أحدث الله اليه ،حتى يبين للناس ان له سنة ناسخة للتي قبلها مما يخالفها . وهذا مذكور في سنته ( صلى الله عليه وسلم ) .

    فإن قال قائل : فقد وجدنا الدلالة على ان القرآن ينسخ القرآن ، لانه لا مثل للقرآن ، فأوجدنــا ذلك في السنة ؟

    قال الشافعي : فيما وصفت من فرض الله على الناس اتباع امر رسول الله : دليل على ان سنة رسول الله انما قبلت عن الله ، فمن اتبعها فبكتاب الله تبعها ، ولانجد خبراً ألزمه الله خلقه نصاً بيناً : الا كتابه ثم سنة نبيه . فإذا كانت السنة كما وصفت ، لا شبة لها من قول خلق من خلق الله - : لم يجز ان ينسخها الا مثلها ، ولا مثل لها غير سنة رسول الله ، لان الله لم يجعل لآدمي بعده ما جعل له ، بل فرض على خلقه اتباعه ، فألزمهم أمره ، فالخلق كلهم له تبع ، ولا يكون للتابع ان يخالف ما فرض عليه اتباعه ، ومن وجب عليه اتباع سنة رسول الله لم يكن له خلافها ، ولم يقم مقام ان ينسخ شيئاً منها .

    فإن قال : أفيحتمل ان يكون له سنة مأثورة قد نسخت ، ولا تؤثر السنة التى نسختها ؟!!

    فلا يحتمل هذا ، وكيف يحتمل ان يؤثر ما وضع فرضه ، ويترك ما يلزم فرضه ؟!! ولو جاز هذا خرجت عامة السنن من ايدي الناس ،بأن يقولوا : لعلها منسوخة !! وليس ينسخ فرض ابداً الا اثبت مكانه فرض . كما نسخت قبله بيت المقدس فأثبت مكانها الكعبة وكل منسوخ في كتاب وسنة هكذا . ا. هـ " (ر) .

    وكما نرى فإن عند الشافعي تنسخ السنة ؛ وهو امر يمثل رأيه واجتهاده ، فهو من أوجد مصطلح السنة وهو من يعتبرها امر الرسول وبالتالي امر الله عزوجل – ولا يعنيني ابداً اذا كان النبي ( صلى الله عليه وسلم) مثلا – حسب مفهوم الشافعي – قد نسخ منعه لزيارة القبور بالسماح بزيارتها ثانية !! ولكن ما يهمني ويعنيني تماماً هو ان تكون السنة ناسخة لكتاب الله ، وكتاب الله غير ناسخ للسنة ؛ وهو ما نجده في قول الامام الشافعي التالي :

    "فإن قال قائل هل تنسخ السنة بالقرآن ؟


    قيل : لو نسخت السنة بالقرآن كانت للنبي فيه سنة تبين أن سنته الاولى منسوخة بسنته الاخرة ، حتى تقوم الحجة على الناس ، بأن الشيء ينسخ بمثله .
    فإن قال : مالدليل على ماتقول ؟
    فما وصفت من موضعه من الابانة عن الله معنى ما أراد بفرائضة ، خاصاً وعاماً ، مما وصفت في كتابي هذا ، وانه لا يقول ابداً لشيء الا بحكم الله . ولو نسخ الله مما قال حكماً لسن رسول الله فيما نسخة سنة .

    ولو جاز أن يقال : قد سن رسول الله ثم نسخ سنته بالقرآن ولا يؤثر عن رسول الله السنة الناسخة - : جاز ان يقال فيما حرم رسول الله من البيوع كلها : قد يحتمل ان يكون حرمها قبل أن ينزل عليه " واحل الله البيع وحرم الربا " وفيمن رجم من الزناة .قد يحتمل ان يكون الرجم منسوخاً لقول الله : " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة حلدة " ، وفي المسح على الخفين . نسخت آية الوضوء المسح ، وجاز ان يقال : لايدرا عن سارق سرق من غير حرز وسرقته أقل من ربع دينار : لقول الله : " والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما " لان اسم ( السرقة ) يلزم من سرق قليلاً وكثيراً ، ومن حرز ومن غير حرز ، ولجاز رد كل حديث عن رسول الله ،بأن يقال : لم يقله ، اذا لم يجده مثل التنزيل ، وجاز رد السنن بهذين الوجهين ، فتركت كل سنة معها كتاب جملة تحتمل سنته ان توافقه ، وهي لاتكون ابداً الا موافقة له ، اذا احتمل ان يكون في اللفظ عن اكثر مما في اللفظ في التنزيل ، وان كان محتملاً ان يخالفه من وجه .

    وكتاب الله وسنة رسوله تدل على خلاف هذا القول ، وموافقة ما قلنا .
    وكتاب الله البيان الذى يشفى به العمى ، وفيه الدلالة على موضع رسول الله من كتاب الله ودينه ، واتباعه له ، وقيامنا بتبيينه عن الله . ا . هـ " (ر) .

    وهكذا فنرى أن السنة قد تنسخ القرآن ، والعكس ليس صحيحاً ، وهنا فالرسول حسب الشافعي أصبح مغيراً لحدود وأحكام كتاب الله بناء على مصطلح الناسخ والمنسوخ وانطلاقاً من فهم انساني تنقصه الحجة الصحيحة اصلاً و الدليل المنهجي الموضوعي .

    وبالعودة الى قول الشافعي الآنف الذكر ، نجده يؤكد على ماتم بحثه في الفقرة السابقة في الحدود التى بينها الرسول ، وهي الزنى والسرقة و يضيف اليها قضية البيع و الربا و الوضوء والمسح على الخفين ، ويعتبرها سنة الرسول التى لايمكن ان يكون القرآن قد نسخها !!

    وكما وعدت القارئ في الفقرة السابقة ( تبين حدود الله في كتابه ) فإني سأورد الاجابة المفصلة على تلك الاراء وفقاً للتسلسل التالي :

    1- في البيع و الربا .
    2- في رجم الزناة .
    3- في حد السرقة .


    1- في البيع و الـــــــربا .
    ان قراءة متأنية كاملة للآية الكريمة التى تحتوى عبارة " واحل الله البيع وحرم الزنا " في سورة البقرة من كتاب الله والتى نصها :

    " الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس ، ذلك بأنهم قالوا انما البيع مثل الربا ، واحل الله البيع وحرم الربا ، فمن جاءه موعظه من ربه فانتهى فله ما سلف وامره الى الله ، ومن عاد فأولئك اصحاب النار هم فيها خالدون " البقرة – 275


    وعند ربط الاية مع الايات التى قبلها ( 271 حتى 274 ) وبعدها ( 276 حتى 282 ) من نفس السورة تبين لنا تماماً ان الربا يرتبط باستدانة الفقير المحتاج من الدائن القادر الذى يفرض ارباحاً تمثل استغلالاً وجشعاً يؤدي الى نشوء الكراهية و الحقد بين فئات الناس ، فالآيات السابقة تتحدث عن كيفية المداينة وشروطها مما يؤكد على ربط الربا بالدين . وفيما يلي مطلع نص الايات المذكورة سابقاً :

    قبل الآية :
    " ان تبدو الصدقات فنعما هي ، وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم .. " - 271 –
    " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ، وماتنفقوا من خير فلأنفسكم " – 272 -
    " للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الارض .. " – 273 –
    " الذين ينفقون اموالهم بالليل و النهار سراً وعلانية .." -274-

    بعد الاية :
    " يمحق الله الربا ويربي الصدقات .... " – 276-
    " ان الذين آمنوا وعملوا الصالحات واقاموا الصلاة ......" – 277 -
                  

01-07-2008, 07:16 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا ان كنتم مؤمنين " – 278
    " فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله ..... " – 279-
    " وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة ....... " – 280 –
    " واتقوا يوماً ترجعون فيه الى الله .... " – 281 –
    " يا ايها الذين آمنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى ... " – 282 –

    وهي آية المداينة أطول آيات الكتاب الكريم .
    اما قوله تعالى :
    " أحل الله البيع و حرم الربا "

    الذى كان يمكن فيه ان يكتفي بتحريم الربا دون ذكر حل البيع معه فهو لمنع الالتباس بين عملية البيع و الربا حيث يشتركان معاً في تحقيق الربح و لكنهما يختلفان في الوسيلة و الطريقة ؛ ففي عملية البيع لا يشترط في صحتها ان يكون الشاري غير دائن او مستدين ؛ وبمعنى أكثر بساطة فإن البائع غير ملزم بسؤال الشاري عن مصدر ماله قبل البيع لمعرفته ان كان دائناً او مستديناً او كان قرضه حسناً او ربا ، وهو يحصل ربحاً في عملية بيعه ويكون ربحه حلالاً وان كان الشاري قد حصل على ماله بعد استدانته بالربا الذى حرمه الشارع .

    أما فيما يراه الامام الشافعي من تحريم بعض أنواع البيوع من قبل النبي ( صلى الله عليه وسلم ) و الناسخ و المنسوخ فيها فهو يمثل جهده ورؤيته وفهمه الذى يستند الى ارضيته المعرفية فمثلاً عندما لا يحل عنده بيع الثمر حتى يحمر أو يصفر وكذلك القثاء و الفجل فلا يباع شيء منه بشيء متفاضلاً يداً بيد .

    فإن ذلك يمثل عرفاً تجارياً كان سائداً في اساليب البيع ؛ كما ان منع بيع الحاضر لباد وبيع المزابنة وبيع الملامسة وبيع المنابذة الذى نهى النبي عنه يمثل في اصله نوعاً من الاحتيال و الغش الذى لا يحتوي منطق البيع اصلاً ولا وجود للناسخ أو المنسوخ فيه .

    2- في رجــــم الزنـــاة :


    يستند الامام الشافعي في عدم نسخ آية الزنى في الكتاب " الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " النور – 2-

    في حكم رجم الثيب الزاني الى عدة أحاديث اهمها حديث الخليفة عمر بن الخطاب الذى جاء فيه :

    ( إن الله بعث محمداً "صلى الله عليه وسلم " بالحق ، وانزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها . رجم رسول الله " صلى الله عليه وسلم " ورجمنا بعده .فأخشى ، ان طال بالناس زمان ، ان يقول قائل :

    والله مانجد آية الرجم في كتاب الله ؛ فيضلوا بترك فريضة انزلها الله . والرجم في كتاب الله حق على من زنى ، اذا أحصن ، من الرجال و النساء ، اذا قامت البينة ، أو كان الحبل أو الاعتراف ) – متفق عليه –

    وسأورد هنا شرح ذلك الحديث حسب ما جاء في الاثر و كتب التراث لأعود بعد ذلك الى التعليق عليه ومناقشته ، حيث نجد ان آية الرجم وهي – الشيخ و الشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة – تم نسخ لفظها وبقي حكمها ؛ والرجم في كتاب الله حق ، وذلك في قوله تعالى : " أو يجعل الله لهن سبيلا "

    بين النبي "صلى الله عليه وسلم " ان المراد به رجم الثيب وجلد البكر . ففي مسند أحمد من حديث عبادة بن الصامت قال :

    ( أنزل الله تعالى على رسوله "صلى الله عليه وسلم" ذات يوم ، فلما أسرى عنه ، قال :" خذوا عني ، قد جعل لهن سبيلا ، الثيب بالثيب و البكر بالبكر ، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة "

    ومعنى ( أحصن ) تزوج وكان بالغاً عاقلاً . وتقوم ( البينة ) على الزنا بشرطها المقرر في الفروع أو كان ( الحبل ) اي وجدت المرأة الخلية من زوج او سيد حبللا ، ولم تذكر شبهة ولا اكراها . ويكون ( الاعتراف ) بالاقرار بالزنا و الاستمرار عليه ) .

    ويتضح من نص الحديث السابق وشرحه التقليدي النقاط الرئيسية :

    1- الحديث المنسوب الى الصحابي عمر بن الخطاب قولاً لا الى الرسول الكريم

    2- لا يوجد قول لرسول الله "صلى الله عليه وسلم " – وهو الموحى اليه – يؤكد بقاء حكم تلك الآية ونسخ لفظها ؛ و لاندري ما الحكمة من نسخ اللفظ وبقاء الحكم !


    3- لا يوجد آية في كتاب الله – عزوجل – تتحدث عن عقوبة رجم الثيب حتى الموت ، علماً ان الاحكام الشرعية في القرآن الكريم واضحة وجلية ؛ ففي الآيات الواردة في سورة النور ( لآية السادسة حتى التاسعة ) لا يوجد ما يشير الى رجم الثيب بعد الزنى .

    4- بالعودة الى الاية الواردة في شرح الحديث السابق ( حسب مسند الامام أحمد ) نجدها في سورة النساء كما يلي :


    " واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما ، فإن تابا و أصلحا فأعرضوا عنهما ان الله كان تواباً رحيما " النساء – 15 -16 –

    ولايمكن – حسب الاية الكريمة السابقة – أن يكون السبيل بعد قوله تعالى – يتوفاهن الموت – هو الرجم ، فالسبيل خلاص ونجاة ولايكون الخلاص من الامساك بالرجم .

    كذلك نجد أن عقوبة الذكور ( اللذان يأتيانها ) هي بالايذاء وأن باب التوبة و الاصلاح مفتوح لهما بينما عقوبة النساء الرجم – حسب ما استنتج ابن الصامت في حديثه – وهو ما يشير الى تمييز الذكر وفي ذلك إساءة لدين الاسلام الحنيف .

    والحقيقة اننا نجد في الايتين السابقتين وصفاً للفاحشة في حالات الشذوذ الجنسي حيث ان الخطاب في الاية الاولى موجه للنساء ( اللاتي – يأتين – من نسائكم ...... ) بينما هو موجه للذكور في الاية الثانية ( اللذان ..... يأتيانها ........ ) ويبين في كلتا الآيتين عقوبة فاعليها ولا توجد حالة فاحشة لذكر مع انثى و التى أوضحتها سورة النور ( الآيات من 2-9 )

    5- اذا اخذنا نص الاية المنسوخة لفظاً وهي : - الشيخ و الشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة – نجد ان الحكم يجب تطبيقه على الشيخ و الشيخة حكماً وليس على غيرهما من النساء و الرجال ، مع الاشارة هنا الى ان الشيخ هو المسن الذى لا يقوى على القيام بالاعمال الجسدية وعلى رأسها الجنس كما في قوله تعالى :

    " قالت يا ويلتا أألد وانا عجوز وهذا بعلي شيخاً ، ان هذا لشيء عجيب " هود – الاية 72
    وفي قوله :
    " قالوا يا ايها العزيز ان له أباً شيخاً كبيراً فخذ احدنا مكانه ،انا نراك من المحسنين " يوسف – الاية 87

    6- قد يكون الصحابة رجموا زمن الرسول "صلى الله عليه وسلم " مطبقين بذلك حكم الزنى في التوراة على رجل وامرأة من اليهود زنيا . وهو ما ينسجم مع حديث عبدالله بن ابي أوفى الذى سأل فيه اذا كان الرسول قد رجم قبل أم بعد سورة النور التى لم تنص على الرجم – كما رأينا – وفيما يلي نص الحديث المذكور :
    ( ان اليهود جاءوا الى رسول الله "صلى الله عليه وسلم " فذكروا له ان رجلاً منهم وامرأة زنيا . فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وسلم" : ماتجدون في التوراة في شأن الرجم ؟ فقالوا : نفضحهم ويجلدون . فقال عبدالله بن سلام :

    كذبتم ان فيها الرجم ، فأتوا بالتوراة فنشروها ، فوضع أحدهم يده على آية الرجم ، فقرأ ما قبلها وما بعدها ؛ فقال له عبدالله بن سلام :

    ارفع يدك . فرفع يده ، فإذا فيها آية الرجم . فأمر بهما رسول الله "صلى الله عليه وسلم" فرجمهما .

    قال عبدالله بن عمر :
    فرأيت رجلا يجنأ على المرأة ، يقيها الحجارة ) – متفق عليه –

    3- في حد السرقة

    وضع الامام الشافعي شروطاً لمفهوم السرقة استمدها من بعض الاحاديث النبوية التى توفرت لديه ، ولن ندخل هنا في بحث ومناقشة تلك الاحاديث التى نصت على تطبيق حد الشرقة عندما تزيد قيمة ما تمت سرقته على ربع دينار ( ما يعادل اليوم خمسة ريالات سعودية ) وعندما تتم من حرز ( الحرز : ما تحفظ فيه الاشياء او الاموال من جيب او صندوق او نحوه ............ )

    وعليه فحسب الامام الشافعي لا يعتبر سارقاً من يسرق كل يوم ما لايتجاوز في ايامنا قيمته في ايامنا الكيلو غرام من الخبز مع الكيلو غرام من الحليب لانه لا يتجاوز النصاب اللازم ، او من يشتري بضاعة بملايين الليرات لقاء سند او شيك بدون رصيد لانه لم يأخذ مالاً من حرز ، ومثل ذلك ينطبق على المختلس من الاموال العامة بحكم المنصب و السلطة .

    وان المرء ليتساءل هنا لماذا لم ينسخ الامام الشافعي آية السرقة و أحاديث شروطها بفعل الخليفة عمر بن الخطاب ؛ كما فعل بنسخه لآية الزنى يقول ( وليس بفعل ) للخليفة عمر ؟

    الأن النسخ في الحالة الاولى فيه رأفة ووقوف عند الاسباب المخففة بينما في الحالة الثانية فيه رجم وقتل وموت ؟! علماً ان آيات الذكر في حد السرقة معروفة تماماً عند الخليفة الفاروق اما الاحاديث فحدث و لا حرج فهو من عناصر النبي الكريم و اخذ عنه اقواله و افعاله !! و السرقة حسب الاثر قد تمت في وضح النهار وتجاوزت قيمتها نصاب الشافعي كثيراً اذ ان السرقة كانت لناقة ، وكما يقول البعض : اذا سرقت فاسرق جملاً !! وفيما يلي نص تلك الواقعة :

    ( روى الامام مالك في الموطأ ، ان رقيقاً لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة فانتحروها ، فأمر عمر بقطع ايديهم ، ثم أوقف القطع ، وفكر في ان يعرف السبب الذى من اجله سرق هؤلاء فلعلهم جياع ، وجاء حاطب فقال له عمر: انكم تستعملونهم وتجيعونهم ، والله لأغرمنك غرامة توجعك ، وفرض عليه ضعف ثمنها ، واعفى السارقين من القطع لحاجتهم . ا . هـ )

    ولكي لا يتشدق المتشدقون ويتفلسف المتفلسفون ليقولوا :
    ان الفاروق لم يعطل الحد بل أقام شروطه !! فإننا نقول :

    هل كان يعرف الفاروق بمصطلحات الفقهاء بعده ومنهم الامام الشافعي ، وهل كان على علم بتلك الشروط التى وضعوها انفسهم ؟!!

    وهكذا نجد ان الفاروق أوقف حد السرقة على المحتاج وعطل حد السرقة عام المجاعة ، وكأنه يلتقي اليوم مع كبار القضاة و المفكرين الذين يرون في الحد حالة قصوى من العقوبة لا يشترط دوماً الوصول اليها لضمان تحقيق الغاية المرجوة من تلك العقوبة التى يتبع تقديرها لظروف البلاد و أحوال العباد .
                  

01-07-2008, 09:26 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    النســخ في الوصيــــــة و الميــــراث

    ننتقل الآن الى موضع هام آخر يبيين نسخ السنة لكتاب الله حسب الامام الشافعي ؛ حيث نجده يقول تحت عنوان ( الناسخ و المنسوخ الذى تدل عليه السنة و الاجماع ) :

    " قال الله تبارك وتعالى : ( كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيراً الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف ، حقاً على المتقين ) البقرة – 180 –

    قال الله : " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً الى الحول غير إخراج ، فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في انفسهن من معروف ، والله عزيز حكيم " البقرة – 240 -

    فـأنزل الله ميراث الوالدين ومن ورث بعدهما ومعهما من الاقربين ، وميراث الزوج من زوجته ، والزوجة من زوجها .

    فكانت الآيتان محتملتين لان تثبتا الوصية للوالدين و الاقربين ، والوصية للزوج ، والميراث مع الوصايا ، فيأخذون بالميراث و الوصايا . ومحتملة بأن تكون المواريث ناسخة للوصايا .

    فلما احتملت الآيتان ما وصفنا كان على اهل العلم طلب الدلالة من كتاب الله ، فما لم يجدوه نصاً في كتاب الله ، طلبوه في سنة رسول الله ، فإن وجدوه فما قبلوا عن رسول الله فعن الله قبلوه ، بما افترض من طاعته .

    ووجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنه من اهل العلم بالمغازي ، من قريش وغيرهم -: لايختلفون في ان النبي قال عام الفتح : " لا وصية لوارث ، ولايقتل مؤمن بكافر " .

    ويأثرونه عن من حفظوا عنه ممن لقوا من أهل العلم بالمغازي .

    فكان هذا نقل عامة من عامة ، وكان أقوى في بعض الامر من نقل واحد عن واحد . وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجمعين .

    قال : وروى بعض الشاميين حديثاً ليس مما يثبته اهل الحديث ، فيه :
    أن بعض رجاله كجهولون ، فروينا عن النبي منقطعاً .

    وانما قبلناه بما وصفت من نقل اهل المغازي واجماع العامة عليه ، وان كنا ذكرنا الحديث فيه ، واعتمدنا على حديث اهل المغازي عاماً واجماع الناس .

    أخبرنا سفيان عن سليمان الاحول عن مجاهد ان رسول الله قال : ( لا وصية لوارث ) فاستدللنا بما وصفت ، من نقل عامة اهل المغازي عن النبي ان (لاوصية لوارث ) -: على ان المواريث ناسخة للوصية للوالدين و الزوجة ، مع الخبر المنقطع عن النبي ، واجماع العامة على القول به .

    وكذلك قال اكثر العامة : ان الوصية للاقربين منسوخة زائل فرضها : اذا كانوا وارثين ، فالميراث وان كانوا غير وارثين . فليس بفرض ان يوصى لهم . ا . هــ (ر)

    وكما نلاحظ فإنه يستخلص من كلام الشافعي السابق ما يلي : -

    آيات الوصية منسوخة بأيات الارث بعد الاستشهاد بالخبر المنقطع لحديث النبي ( لاوصية لوارث ) الذى رواه اهل المغازي و أجمعت العامة على القبول به !! وبالعودة الى آيات الكتاب الحكيم التى أوردها الشافعي في مطلع قوله السابق ، نجد ان الشارع العدل الحق لم يستثن احداً من الوصية فابتدأ بالوالدين نظراً لعظمة فضلهما على المرء ومن الاقارب الذين يشملون الاولاد و الاخوة و الاعمام و الاخوال ... الخ .

    ثم أكد العدل العادل على الوصية بين الزوجين نظراً للخصوصية بينهما ، فهما الشريكان المتلازمان على السراء و الضراء دائماً .

    وكام كتب الحق علينا الوصية ، فقد جعل لنا حقاً ونصيباً في تركة الآخرين حيث يقول تعالى : " للرجال نصيب مما ترك الوالدان والاقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والاقربون مما قل منه او كثر نصيباً مفروضاً " النساء – 7-

    وزيادة في إغناء المشاعر و الاحاسيس الانسانية وشحنها بالمحبة و الود بين الناس فقد لفت العدل نظر عباده الى عدم نسيان أو اهمال الآخرين من المساكين وأولي القربى و المحتاجين من ذلك النصيب بقوله :

    " واذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى و المساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولاً معروفاً " النساء – 8 –

    وهنا فإننا نشتم عبق رائحة العدل الالهية الزكية من تلك الآيات الكريمة ، لكن الامام الشافعي ابى الا ان يطبق مفهومه في النسخ و السنة على النصوص الجلية الصريحة الواضحة في كتاب الله ليدخل بذلك مفهوماً انسانياً موضع الطاعة و التقديس ، وليجعل الامة الاسلامية حتى يومنا هذا تطبق ذلك المفهوم في محاكمها الشرعية في حالات الإرث و الوصية !!

    ونظراً لشدة أهمية ذلك الموضوع الذى يعمل فيه اليوم ، أكرر : ( اليوم) في معظم البلاد الاسلامية ، فإني سأوضح للقارئ هنا وفي فصل لاحق الاسس التى استند اليها الامام الشافعي في نسخ – ( حسب مصطلحه ) – كلام الله عزوجل بسنة رسوله ( حسب مصطلحه ايضاً ) فبالعودة الى حرفية نصه السابق نجده يقول :

    "فأنزل الله ميراث الوالدين ومن يورث بعدهما ومعهما من الاقربين ، وميراث الزوج من زوجته و الزوجة من زوجها . ا. هـ "

    ان آيتي الميراث اللتين لم يذكرهما الشافعي هما ؛ ما جاء في كتاب الله من سورة النساء :

    " يوصيكم الله في أولادكم ، للذكر مثل حظ الانثيين ، فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك ، وان كانت واحدة فلها النصف ، ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له إخوة فلأمه السدس ، من بعد وصية يوصى بها أو دين ، آباؤكم وابناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً ، فريضة من الله ان الله كان عليماً حكيماً * ولكم نصف ماترك أزواجكم ان لم يكن لهن ولد فلكم الربع مما تركن ، من بعد وصية يوصين بها او دين ، ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد * فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم ، من بعد وصية توصون بها أو دين ، وان كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس * فإن كانوا اكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث ، من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ، وصية من الله والله عليم حليم " النساء – 11 الى 12 –

    وهكذا فالآيتان السابقتان صريحتان جليتان في كيفية توزيع الإرث بين الآباء و الابناء و الازواج ولايوجد فيها اي احتمال لأن تكون ناسخة – حسب عبير الشافعي – لآيات الوصية التى ذكرها في مطلع قوله ، وفي الرجوع الى كتاب الله لطلب الدلالة منه – عملاً بقول الامام الشافعي السابق – وجدت اكثر من نص و اكثر من حجة على صحة الوصية مع الميراث مما يتطلب مني ابداً الرجوع الى مصطلح السنة عند الامام الشافعي وحديث اهل العلم بالمغازي !!

    وفيما يلي تأييد ما ذكرته :

    1- في قوله تعالى :
    " كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيراً الوصية للوالدين و الاقربين بالمعروف ، حقاً على المتقين " البقرة – 180 –

    نلاحظ إلزام الشارع للمؤمنين وفرضه عليهم الوصية بقوله :

    " كتب عليكم الوصية " ؛ نستدل على ذلك في قوله تعالى بعد آيتين من نفس السورة الكريمة :" يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ... " البقرة – 183-

    وكما هو معلوم فالصيام مفروض على المؤمنين وهو ركن من اركان الاسلام الخمسة ؛ فلم لاتكون الوصية كذلك ؟ مالفرق بين كتب عليكم الصيام هنا وبين كتب عليكم الوصية هناك ؟ ولماذا ليست الوصية من اركان الاسلام ؟!!

    نزيد في ذلك ونستشهد في قوله تعالى :
    " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ... " البقرة – 187 –
    فهل القصاص معمول به ام لا في الاسلام ؟! وهل أورده الامام الشافعي في احكامه او لا ؟!!

    ونضيف ايضاً قوله جل وعلا :
    " كتب عليكم القتال وهو كرة لكم " البقرة – 216 –

    فما المقصود في كتب عليكم القتال هنا ؟! وماهي عقوبة المتخلف عن الجهاد و القتال و الزحف ؟!!

    اخيراً وفي قوله تعالى :
    " ان الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً " النساء – 103 –

    فالصلاة كما نرى ( كتاباً موقوتاً ) و الكتاب من ( كتب ) كما نعلم وهي عماد الذين واساس اركانه فما هي عقوبة تارك الصلاة ؟!!!

    2- في الرجوع الى آيتي الارث المذكورتين سابقاً ( النساء 11 – 12 ) نجد تأكيداً من الشارع العدل على الوصية التى كتبها على عباده في أربعة مواضع في قوله تعالى :


    (1) – الا من بعد وصية يوصى بها او دين ....
    (2) – من بعد وصية يوصين بها او دين ...
    (3) – من بعد وصية توصون بها او دين ....
    (4) – من بعد وصية يوصى بها او دين ....


    من ذلك كله يتضح جلياً في كتاب الله ان الوصية فرض لازم على كل مؤمن مسلم ولا يوجد ما ينسخها او يشير الى نسخها ابداً بل هناك ما يؤكدها ويثبتها تماماً .

    ومع ذلك فإن الامام الشافعي رأى في حديث اهل العلم بالمغازي ( لاوصية لوارث ) ما ينسخ كل ماتم ايراده من كتاب الله سابقاً ؛ وزيادة في الايضاح – كما وعدت – فإن اهل المغازي ليسوا كما يقول بعضهم :

    بأنهم من دونوا التاريخ !! بل هم اولئك الذين عرفوا بالكلام والشعر و الحديث عن الغزوات و الاساطير و البطولات من الزير سالم الى داحس و الغبراء مروراً بعنترة بن شداد وأسواق عكاظ ؛ انهم من نسميهم اليوم بالحكواتية !! وحسبك بالحكواتية ( اهل المغازي ) ثقة و أمانة و إنصافاً وموضوعية ودقة .

    حسبك بهم ليصبح حديثهم ناسخاً لآيات صريحة جلية في كتاب الله – عزوجل –

    أما اعتبار الشافعي لقول العامة أقوى في بعض لامر من نقل واحد عن واحد ، فإن ذلك يدفعنا للتساؤل عن عدم اعتماده لقول العامة في احاديثه التى اوردها في فهمه وفتاواه ام ان ذلك الموضوع – هو في بعض الامر – كما سنرى لاحقاً !!
    وفي ختام فقرتنا هذه في نسخ السنة القرآن يبرز تساؤل مشروع هنا ؛

    فكما نعلم توجه الرسول في صلواته في مكة المكرمة مدة ثلاث عشرة سنة الى البيت الحرام . وبعد هجرته الى المدينة المنورة ( يثرب ) اتجه في صلاته لفترة لا تزيد على السنتين الى بيت المقدس ( قبلة يهود المدينة ) حسب ما تؤكده كتب السيرة و الاثر ؛ ثم جاء امر الله تعالى بإعادته الى البيت الحرام ثانية !!

    وهنا يظهر السؤال :

    لماذا لا تكون صلاة الرسول متجهاً لبيت المقدس سنة للنبي (ص) نسخها الله بإعادتها الى البيت الحرام ؟ ويصبح هنا الكتاب ناسخاً للسنة وليس ناسخاً للقرآن كما يردد ذلك الامام الشافعي في اكثر من موضع في كتبه .
                  

01-07-2008, 04:23 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصــــــــــل الرابـــع

    الشــــافعي و الناس

    توطئة :

    قبل البدء في هذا الفصل تجدر الاشارة أن كلمة ( الناس ) عند الامام الشافعي هي حسب قوله ما يلي :

    " الناس : صنفان أحدهما : أهل كتاب ... وصنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ، ونصبوا بأيديهم حجارة و خشباً وصوراً استحسنوها ، ونبزوا أسماء افتعلوها ، ودعوها آلهة عبدوها فإذا استحسنوا غير ماعبدوا منها أبقوه ونصبوا بأيديهم غيره فعبدوه : فأولئك العرب ، وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا ، وفي عبادة ما استحسنوا من حوت و دابة و نجم ونار وغيره .. ا . هـ " (ر)

    وقد خالف الامام الشافعي تعريفه ومفهومه السابق للناس في مواضع
    أولا : الشافعي و أهل الديانات الاخرى :

    يقسم الامام الشافعي اهل الديانات الى قسمين رئيسين هما :
    1- اهل الكتاب 2- عبده الاوثان و المشركون من العرب و العجم .

    علماً انه غالباً ما يجمع بينهما اسم المشركين حسب مدرسة الترادف لديه .

    1- أهل الكتــــــاب :

    وهم عند الامام الشافعي اليهود و النصارى وفيهم يقول :

    " الناس صنفان أحدهما اهل الكتاب ، بدلوا من احكامه ، وكفروا بالله ، فافتعلوا كذباً صاغوه بألسنتهم ، فخلطوه بحق الله الذى انزل اليهم ، فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم ، فقال ( وان منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وماهو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) آل عمران – 78 –

    ثم قال : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا منعند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) البقرة – 79 –

    وقال تبارك وتعالى : ( وقالت اليهود عزير ابن اله وقالت النصارى المسيح ابن الله ، ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ، قاتلهم الله أنى يؤفكون * اتخذوا احبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله و المسيح ابن مريم وما أمروا الا ليعبدوا إلهاً واحداً لا اله الا هو ، سبحانه عما يشركون ) التوبة – 30 – 31-

    وقال تبارك وتعالى : ( ألم تر الى الذين أوتوا نصبياً من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا * اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ) النساء – 51 و 52 – ا . هـ " (ر) .

    وهكذا فأهل الكتاب – عند الامام الشافعي – كفرة كذبة بدلوا احكام الله ؛ وهو امر لست في صدد بحثه هنا ؛ الا انه تجدر الاشارة الى ان معظم الشواهد السابقة التى اوردها الامام الشافعي من الذمر الحكيم لا تفيد في تعميم صحة ما ذهب اليه من حيث نجد قوله تعالى في الاية السابقة – 87 – من سورة آل عمران واضحاً صريحاً في ان الذين يلوون ألسنتهم هم فريق من أهل الكتاب وليس جميعهم ؛ يدعم ذلك قوله تعالى في آيه سابقة من نفس السورة :

    " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده إليك .... " آل عمران – 75 –

    وعليه فالامين منهم يمكن ان يؤتمن على كتاب الله و لايكون كاذباً مبدلاً لأحكامه !

    كذلك في استشهاد بقوله تعالى :
    " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم .."

    نجد عند ربط الآية الكريمة مع سابقها من نفس السورة بقوله تعالى :

    " أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون " البقرة – 75 –

    ان من يسمع كلام الله ثم يحرفه هو فريق منهم وليس كلهم !!

    أما استشهاده في قوله تعالى :

    " ألم تر الى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت ..... "

    فيتضح منه تماماً ان الذين اوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت ويقولون للكافرين بأنهم أهدى من المؤمنين سبيلاً ، يشهد لذلك ايضاً قوله تعالى في اية سابقة مننفس السورة :

    " يا أيها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم .... " النساء – 47 –

    وهكذا فالذين أوتوا الكتاب ليسوا الذين أوتوا نصيباً من الكتاب وهم مدعون للايمان بما نُزل !!

    بعد تلك الاشارة نعود الى صلب موضوعنا فنجد ان الامام الشافعي لا يقبل من اهل الكتاب العرب الا الاسلام كما في قوله :
    " واولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي ، ولا يجوز – والله اعلم – ان يكون اهل لسانه اتباعاً لأهل لسان غير لسانه في حرف واحد ، بل كل لسان تبع للسانه ، وكل اهل دين قبله فعليهم اتباع دينه . ا. هـ "

    اكثر من ذلك فإن الامام الشافعي يعتبر اهل الكتاب هم من بني اسرائيل حصراً الذين يدينون دين اليهود و النصارى ، اما نصارى العرب فليسوا بأهل كتاب ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم حيث يقول في ذلك :

    " اخبرنا ابراهيم بن محمد عن عبدالله بن دينار عن سعد الجاري او عبدالله بن سعيد مولى عمر بن الخطاب قال : ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما انا بتاركهم حتى يسلموا او اضرب اعناقهم ؛ فمن كان من بني اسرائيل يدين دين اليهود و النصارى نكح نساؤه احد وطئ بالملك ، ومن دان دين بني اسرائيل من غيرهم لم تنكح نساؤه ولم تؤكل ذبيحته ولم توطأ أمته . ا. هـ " (م)

    وان دين النبي "صلى الله عليه وسلم " ظاهراً على كافة الاديان قبله كما في قول الشافعي :

    " فقد أظهر الله – عزوجل – دينه الذى بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم على الاديان بأن أبان لكل من سمعه انه الحق وما خالفه من الاديلن باطل واظهره بأن جماع الشرك دينان دين اهل الكتاب ودين الاميين فقهر رسول الله "صلى الله عليه وسلم " الاميين حتى دانوا بالاسلام طوعاً وكرهاً وقتل من اهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالاسلام واعطى بعضهم الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه صلى الله عليه وسلم وهذا ظهور الدين كله ، وقد يقال ليظهرن الله عزوجل دينه على الاديان حتى لا يدان لله – عزوجل – الا به وذلك متى شاء الله تبارك وتعالى . ا.هـ " (م)

    وهكذا فإن لاهل الكتاب خيارين لا ثالث لهما :

    اولهما : دفع الجزية وهم صاغرون . وهناك شرط عند الامام الشافعي تحت عنوان ( الصغار مع الجزية ) حيث يتوجب عليهم دفع المال لامام المسلمين ( الخليفة ) وهم مذلولون مقرون بالهزيمة !!

    ثانيهما : القتال حتى الموت أو الاسر وسبي اطفالهم ونسائهم .
    وسأورد لاحقاً النص الذى يحدد ذلك .

    اما احكام اهل الجزية ( اهل الذمة ) فهي كثيرة طويلة قد تحتاج لاكثرمن كتاب ، نورد بعضها فقط حيث يقول الامام الشافعي في ذلك تحت عنوان – اذا اراد الامام ان يكتب كتاب صلح على الجزية كتب – بسم الله الرحمن الرحيم - :

    " وليس لكم ان تظهروا في شيء من امصار المسلمين الصليب ولا تعلنوا بالشرك ولا تبنوا كنيسة ولا موضع مجتمع لصلاتكم ولا تضربوا قولكم بالشرك في عيسى بن مريم ولا في غيره لأحد من المسلمين ، وتلبسوا الزنانير وتخالفوا بسروجكم وركوبكم وتباينوا بين قلائسكم وقلائسهم بعلم تجعلونه بقلائسكم ، وان لاتأخذوا على المسلمين سردات الطريق ولا المجالس في الاسواق وان يؤدى كل بالغ من احرار رجالكم غير مغلوب على عقله جزية رأسه ديناراً . ا.هـ " (م)

    وهنا يحضرني قول احد رجال الدين المعاصرين في برنامج في قناة فضائية عربية شهيرة في ان غاية اختلاف اللباس لأهل الذمة هي لتمييزهم من اجل اعادتهم لأهلهم في حال وفاتهم او دفنهم في مقابرهم ، وهو امر لا يملك المرء الا ان يتحوقل منه ، فإذا كانت غاية التمييز في اللباس معرفة هوية الفرد فما هي الغاية من ركوبه الدابة بشكل مخالف للمسلم ومن افساحه الطرق ومن وضعه جرساً عند دخوله الحمام ومن عدم التكني بأسماء المسلمين .....الخ .

    من هنا فإنني اقول لرجل الدين الفاضل في تلك القناة الفضائية :
    ارجو التوقف عن ايجاد التخرجات و التبريرات للسلف الغابر و الاقرار بظلم تلك الاحكام حتى في وقتها واعتبارها تمثل قمة العنصرية و الفوقية في ايامنا هذه !!

    اخيراً فإن الامام الشافعي يلحق المجوس بأهل الكتاب حيث نجده يقول – تحت عنوان – ( من يلحق بأهل الكتاب ) :

    " وما روي عن علي من هذا دليل ماوصفت ان المجوس اهل كتاب ودليل ان عليا كرم الله وجهه ما خبر ان رسول الله "صلى الله عليه وسلم " يأخذ الجزية منهم الا وهم اهل كتاب ولامن بعده ، فلو كان يجوز اخذ الجزية من غير اهل الكتاب لقال علي : الجزية تؤخذ منهم كانوا اهل كتاب او لم يكونوا اهله ، ولم اعلم ممن سلف من المسلمين احداً اجاز ان تؤخذ الجزية من غير اهل الكتاب . ا. هـ " (م)

    2- عبدة الاوثان و المشركون من العرب و العجم :


    وفيهم يقول الامام الشافعي :
    "صنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ، ونصبوا بأيديهم حجارة وخشباً وصوراً استحسنوها ، ونبزوا أسماء افتعلوها ودعوها آلهة عبدوها . فإذا استحسنوا غير ماعبدوا منها ابقوه ونصبوا بأيديهم غيره فعبدوه فأولئك العرب وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا ، وفي عبادة ما استحسنوا من حوت ودابة ونجم ونار وغيره ، فذكر الله لنبيه جواباً من جواب بعض من عبد غيره ، فذكر الله لنبيه جواباً من جواب بعض من عبد غيره من هذا الصنف فحكى جل ثناؤه عنهم قولهم : " انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثارهم مقتدون " الزخرف – 23 –

    وحكى تبارك وتعالى عنهم : " وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا نذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد اضلوا كثيرا " نوح – 23 و 24

    وقال تبارك وتعالى : " واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقاً نبياً * اذ قال لابيه يا ابت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً " مريم -40 و 41 .

    وقال : " واتل عليهم نبأ ابراهيم * اذ قال لابيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد اصناماً فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم اذ تدعون * او ينفعونكم او يضرون " الشعراء – 69 – 73 .

    وقال في جماعتهم ، يذكرهم من نعمه ، ويخبرهم ضلالتهم عامة ، ومنه على من آمن منهم :" واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً
    وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون " آل عمران – 103 –

    فكانوا قبل انقاذه اياهم محمد "صلى الله عليه وسلم " اهل كفر في تفرقهم واجتماعهم ، يجمعهم اعظم الامور : الكفر بالله ، وابتداع ما لم يؤذن به اله تعالى عما يقولون علواً كبيراً لا اله غيره وسبحانه وبحمده ، رب كل شيء وخالقه . من حي منهم ، فكما وصف حاله حياً :عاملاً قائلاً بسخط ربه ، مزداداً من معصيته .
                  

01-08-2008, 03:58 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصــــــــــل الرابـــع


    الشــــافعي و الناس


    توطئة :

    قبل البدء في هذا الفصل تجدر الاشارة أن كلمة ( الناس ) عند الامام الشافعي هي حسب قوله ما يلي :

    " الناس : صنفان أحدهما : أهل كتاب ... وصنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ، ونصبوا بأيديهم حجارة و خشباً وصوراً استحسنوها ، ونبزوا أسماء افتعلوها ، ودعوها آلهة عبدوها فإذا استحسنوا غير ماعبدوا منها أبقوه ونصبوا بأيديهم غيره فعبدوه : فأولئك العرب ، وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا ، وفي عبادة ما استحسنوا من حوت و دابة و نجم ونار وغيره .. ا . هـ " (ر)

    وقد خالف الامام الشافعي تعريفه ومفهومه السابق للناس في مواضع
    أولا : الشافعي و أهل الديانات الاخرى :

    يقسم الامام الشافعي اهل الديانات الى قسمين رئيسين هما :
    1- اهل الكتاب 2- عبده الاوثان و المشركون من العرب و العجم .

    علماً انه غالباً ما يجمع بينهما اسم المشركين حسب مدرسة الترادف لديه .

    1- أهل الكتــــــاب :

    وهم عند الامام الشافعي اليهود و النصارى وفيهم يقول :

    " الناس صنفان أحدهما اهل الكتاب ، بدلوا من احكامه ، وكفروا بالله ، فافتعلوا كذباً صاغوه بألسنتهم ، فخلطوه بحق الله الذى انزل اليهم ، فذكر تبارك وتعالى لنبيه من كفرهم ، فقال ( وان منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وماهو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون ) آل عمران – 78 –

    ثم قال : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا منعند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ، فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون ) البقرة – 79 –

    وقال تبارك وتعالى : ( وقالت اليهود عزير ابن اله وقالت النصارى المسيح ابن الله ، ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل ، قاتلهم الله أنى يؤفكون * اتخذوا احبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله و المسيح ابن مريم وما أمروا الا ليعبدوا إلهاً واحداً لا اله الا هو ، سبحانه عما يشركون ) التوبة – 30 – 31-

    وقال تبارك وتعالى : ( ألم تر الى الذين أوتوا نصبياً من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا * اولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا ) النساء – 51 و 52 – ا . هـ " (ر) .

    وهكذا فأهل الكتاب – عند الامام الشافعي – كفرة كذبة بدلوا احكام الله ؛ وهو امر لست في صدد بحثه هنا ؛ الا انه تجدر الاشارة الى ان معظم الشواهد السابقة التى اوردها الامام الشافعي من الذمر الحكيم لا تفيد في تعميم صحة ما ذهب اليه من حيث نجد قوله تعالى في الاية السابقة – 87 – من سورة آل عمران واضحاً صريحاً في ان الذين يلوون ألسنتهم هم فريق من أهل الكتاب وليس جميعهم ؛ يدعم ذلك قوله تعالى في آيه سابقة من نفس السورة :

    " ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده اليك ومنهم من ان تأمنه بدينار لا يؤده إليك .... " آل عمران – 75 –

    وعليه فالامين منهم يمكن ان يؤتمن على كتاب الله و لايكون كاذباً مبدلاً لأحكامه !

    كذلك في استشهاد بقوله تعالى :
    " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم .."

    نجد عند ربط الآية الكريمة مع سابقها من نفس السورة بقوله تعالى :

    " أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون " البقرة – 75 –

    ان من يسمع كلام الله ثم يحرفه هو فريق منهم وليس كلهم !!

    أما استشهاده في قوله تعالى :

    " ألم تر الى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت ..... "

    فيتضح منه تماماً ان الذين اوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت ويقولون للكافرين بأنهم أهدى من المؤمنين سبيلاً ، يشهد لذلك ايضاً قوله تعالى في اية سابقة مننفس السورة :

    " يا أيها الذين اوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقاً لما معكم .... " النساء – 47 –

    وهكذا فالذين أوتوا الكتاب ليسوا الذين أوتوا نصيباً من الكتاب وهم مدعون للايمان بما نُزل !!

    بعد تلك الاشارة نعود الى صلب موضوعنا فنجد ان الامام الشافعي لا يقبل من اهل الكتاب العرب الا الاسلام كما في قوله :
    " واولى الناس بالفضل في اللسان من لسانه لسان النبي ، ولا يجوز – والله اعلم – ان يكون اهل لسانه اتباعاً لأهل لسان غير لسانه في حرف واحد ، بل كل لسان تبع للسانه ، وكل اهل دين قبله فعليهم اتباع دينه . ا. هـ "

    اكثر من ذلك فإن الامام الشافعي يعتبر اهل الكتاب هم من بني اسرائيل حصراً الذين يدينون دين اليهود و النصارى ، اما نصارى العرب فليسوا بأهل كتاب ولا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم حيث يقول في ذلك :

    " اخبرنا ابراهيم بن محمد عن عبدالله بن دينار عن سعد الجاري او عبدالله بن سعيد مولى عمر بن الخطاب قال : ما نصارى العرب بأهل كتاب وما تحل لنا ذبائحهم وما انا بتاركهم حتى يسلموا او اضرب اعناقهم ؛ فمن كان من بني اسرائيل يدين دين اليهود و النصارى نكح نساؤه احد وطئ بالملك ، ومن دان دين بني اسرائيل من غيرهم لم تنكح نساؤه ولم تؤكل ذبيحته ولم توطأ أمته . ا. هـ " (م)

    وان دين النبي "صلى الله عليه وسلم " ظاهراً على كافة الاديان قبله كما في قول الشافعي :

    " فقد أظهر الله – عزوجل – دينه الذى بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم على الاديان بأن أبان لكل من سمعه انه الحق وما خالفه من الاديلن باطل واظهره بأن جماع الشرك دينان دين اهل الكتاب ودين الاميين فقهر رسول الله "صلى الله عليه وسلم " الاميين حتى دانوا بالاسلام طوعاً وكرهاً وقتل من اهل الكتاب وسبى حتى دان بعضهم بالاسلام واعطى بعضهم الجزية صاغرين وجرى عليهم حكمه صلى الله عليه وسلم وهذا ظهور الدين كله ، وقد يقال ليظهرن الله عزوجل دينه على الاديان حتى لا يدان لله – عزوجل – الا به وذلك متى شاء الله تبارك وتعالى . ا.هـ " (م)

    وهكذا فإن لاهل الكتاب خيارين لا ثالث لهما :

    اولهما : دفع الجزية وهم صاغرون . وهناك شرط عند الامام الشافعي تحت عنوان ( الصغار مع الجزية ) حيث يتوجب عليهم دفع المال لامام المسلمين ( الخليفة ) وهم مذلولون مقرون بالهزيمة !!

    ثانيهما : القتال حتى الموت أو الاسر وسبي اطفالهم ونسائهم .
    وسأورد لاحقاً النص الذى يحدد ذلك .

    اما احكام اهل الجزية ( اهل الذمة ) فهي كثيرة طويلة قد تحتاج لاكثرمن كتاب ، نورد بعضها فقط حيث يقول الامام الشافعي في ذلك تحت عنوان – اذا اراد الامام ان يكتب كتاب صلح على الجزية كتب – بسم الله الرحمن الرحيم - :

    " وليس لكم ان تظهروا في شيء من امصار المسلمين الصليب ولا تعلنوا بالشرك ولا تبنوا كنيسة ولا موضع مجتمع لصلاتكم ولا تضربوا قولكم بالشرك في عيسى بن مريم ولا في غيره لأحد من المسلمين ، وتلبسوا الزنانير وتخالفوا بسروجكم وركوبكم وتباينوا بين قلائسكم وقلائسهم بعلم تجعلونه بقلائسكم ، وان لاتأخذوا على المسلمين سردات الطريق ولا المجالس في الاسواق وان يؤدى كل بالغ من احرار رجالكم غير مغلوب على عقله جزية رأسه ديناراً . ا.هـ " (م)

    وهنا يحضرني قول احد رجال الدين المعاصرين في برنامج في قناة فضائية عربية شهيرة في ان غاية اختلاف اللباس لأهل الذمة هي لتمييزهم من اجل اعادتهم لأهلهم في حال وفاتهم او دفنهم في مقابرهم ، وهو امر لا يملك المرء الا ان يتحوقل منه ، فإذا كانت غاية التمييز في اللباس معرفة هوية الفرد فما هي الغاية من ركوبه الدابة بشكل مخالف للمسلم ومن افساحه الطرق ومن وضعه جرساً عند دخوله الحمام ومن عدم التكني بأسماء المسلمين .....الخ .

    من هنا فإنني اقول لرجل الدين الفاضل في تلك القناة الفضائية :
    ارجو التوقف عن ايجاد التخرجات و التبريرات للسلف الغابر و الاقرار بظلم تلك الاحكام حتى في وقتها واعتبارها تمثل قمة العنصرية و الفوقية في ايامنا هذه !!

    اخيراً فإن الامام الشافعي يلحق المجوس بأهل الكتاب حيث نجده يقول – تحت عنوان – ( من يلحق بأهل الكتاب ) :

    " وما روي عن علي من هذا دليل ماوصفت ان المجوس اهل كتاب ودليل ان عليا كرم الله وجهه ما خبر ان رسول الله "صلى الله عليه وسلم " يأخذ الجزية منهم الا وهم اهل كتاب ولامن بعده ، فلو كان يجوز اخذ الجزية من غير اهل الكتاب لقال علي : الجزية تؤخذ منهم كانوا اهل كتاب او لم يكونوا اهله ، ولم اعلم ممن سلف من المسلمين احداً اجاز ان تؤخذ الجزية من غير اهل الكتاب . ا. هـ " (م)

    2- عبدة الاوثان و المشركون من العرب و العجم :


    وفيهم يقول الامام الشافعي :
    "صنف كفروا بالله فابتدعوا ما لم يأذن به الله ، ونصبوا بأيديهم حجارة وخشباً وصوراً استحسنوها ، ونبزوا أسماء افتعلوها ودعوها آلهة عبدوها . فإذا استحسنوا غير ماعبدوا منها ابقوه ونصبوا بأيديهم غيره فعبدوه فأولئك العرب وسلكت طائفة من العجم سبيلهم في هذا ، وفي عبادة ما استحسنوا من حوت ودابة ونجم ونار وغيره ، فذكر الله لنبيه جواباً من جواب بعض من عبد غيره ، فذكر الله لنبيه جواباً من جواب بعض من عبد غيره من هذا الصنف فحكى جل ثناؤه عنهم قولهم : " انا وجدنا آباءنا على امة وانا على آثارهم مقتدون " الزخرف – 23 –

    وحكى تبارك وتعالى عنهم : " وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا نذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد اضلوا كثيرا " نوح – 23 و 24

    وقال تبارك وتعالى : " واذكر في الكتاب ابراهيم انه كان صديقاً نبياً * اذ قال لابيه يا ابت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً " مريم -40 و 41 .

    وقال : " واتل عليهم نبأ ابراهيم * اذ قال لابيه وقومه ما تعبدون * قالوا نعبد اصناماً فنظل لها عاكفين * قال هل يسمعونكم اذ تدعون * او ينفعونكم او يضرون " الشعراء – 69 – 73 .

    وقال في جماعتهم ، يذكرهم من نعمه ، ويخبرهم ضلالتهم عامة ، ومنه على من آمن منهم :" واذكروا نعمت الله عليكم اذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً
    وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها ، كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون " آل عمران – 103 –

    فكانوا قبل انقاذه اياهم محمد "صلى الله عليه وسلم " اهل كفر في تفرقهم واجتماعهم ، يجمعهم اعظم الامور : الكفر بالله ، وابتداع ما لم يؤذن به اله تعالى عما يقولون علواً كبيراً لا اله غيره وسبحانه وبحمده ، رب كل شيء وخالقه . من حي منهم ، فكما وصف حاله حياً :عاملاً قائلاً بسخط ربه ، مزداداً من معصيته .
                  

01-09-2008, 09:42 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    ثالثاً : الشافعـــــــي و المــــــرأة :

    ترددت كثيراً قبل ايراد هذه الفقرة لسببين ؛

    أولهما : مكانة المرأة في فقة الامام الشافعي التى لا تتعدى ابداً النسق الثاني بالنسبة للرجل حتى ان بعض احكام المرأة توضع مع ( العبد و المملوك ) لانها تبع للرجل .

    وثانيهمـا : ميلي الى الاعتقاد بنجاح رجال الدين و الدعاة و اصحاب التفكير الذكوري في زرع عقدة النقص و الدونية في المرأة العربية المسلمة وجعلها تؤمن ان تلك العقد تميزها عن غيرها من نساء العالم ، لذلك نجدها غالباً منظرة في الاحتقار الذاتي و الدونية و معادية مشاكسة لمن يحاول التركيز على حقوقها و المطالبة فيها ،ولعل نتاجها الفكري الديني ومقابلاتها على شاشات التلفزة الفضائية تبين الدليل على ذلك .

    الا ان الامل في جيل الناشئة المقبل من الفتيات و الفتيان و الحرص الكبير على قول الحقيقة لاعتمادها في بناء مستقبل واعد لأجيالنا القادمة ، جعلني اتغلب على ترددي لأقدم هذه الفقرة التى سأورد فيها أقوال الامام الشافعي مع بعض التعليق عليها واحياناً من دون تعليق لأترك للقارئ اللبيب التوصل الى الاستنتاج الحر المطلوب .

    وسيتم البحث في موضوعنا وفقاً للبنود الرئيسية التالية :
    1- في الفرائض 2- في النكاح 3- في الحدود و الشهادة .


    1- في الفرائــــــض :
    وتقسم هنا الى : الصلاة – الصيام – الحج – الجهاد .


    - الصـــــــــلاة :
    لايحق للانثى البالغة الحرة العاقلة مهما بلغ تحصيلها العلمي ومكانتها الاجتماعية و الوظيفية في المجتمع ان تصلي إماماً مع وجود رجل او غلام حيث يمكن من تجاوز عمره ثلاثة عشر عاماً إمامه أمه الوزيرة مثلا في الصلاة .


    وفي ذلك يقول الامام الشافعي : - تحت عنوان إمامة المرأه للرجل –
    " واذا صلت المرأة برجال ونساء وصبيان ذكور فصلاة النساء مجزئة وصلاة الرجال و الصبيان والذكور غير مجزئة لان الله عزوجل جعل الرجال قوامين على النساء وقصرهن عن ان يكن أولياء وغير ذلك ، ولايجوز ان تكون امرأه امام رجل في صلاة بحال ابداً وهكذا لو كان ممن صلى مع المرأة خنثى مشكل لم تجز صلاته معها . ا . هـ " (م)

    وهكذا فإن الامام الشافعي هنا يفتقر الى الدليل او مايسمى النص الشرعي من الكتاب و السنة ، فاستنتاجه من قوامه الرجال على النساء عدم جواز إمامه المرأة في الصلاة يمثل رأياً وفهماً شخصياً علماً ان آية القوامة التى يستند اليها الامام الشافعي و التى نصها :

    " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من اموالهم " النساء – 34-

    نجد قوله تعالى ( بعضهم على بعض ) ولم يقل ( بعضهم على بعضهن ) مما يظهر ان التفضيل قائم بين كل افراد الناس ذكوراً واناثاً ، وهو مايأتي من العلم و العمل و المثابرة ... و القوامة كما نرى تأتي من الانفاق المادي ( الاموال ) ولا علاقة لها بتميز الرجل عن المرأة فاليد العليا هي صاحبة القوامة دائماً لانها معطية منفقة ، وكما نرى فلا مكان في الاية لعدم جواز إمامة المرأة للرجل في الصلاة حسب استنتاج الامام الشافعي !

    وتسقط عن المرأة ، وكذلك العبد ، صلاة الجمعة لقول الشافعي تحت عنوان ( إيجاب الجمعة ) :

    " وليس على غير البالغين ولا على النساء ولا على العبيد جمعة ، واحب للعبيد اذ اذن لهم ان يجمعوا وللعجائز اذ اذن لهم وللغلمان ولا اعلم منهم احداً يحرج بترك الجمعة . ا.هـ " (م) .

    وكما نرى فلا يوجد ايضاً في حكم الامام الشافعي نص من الكتاب او السنة ، علماً ان آية الله صريحة في الذكر الحكيم :

    " يا ايها الذين آمنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ، ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون " الجمعة – 9-

    فهل عبارة ( الذين آمنوا ) هنا تشمل الذكور فقط من دون الاناث و العبيد ؟!! واذا كان كذلك فهل قوله تعالى : " يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " يشمل البالغين من الذكور الاحرار ؟!! وكذلك الحال في كل خطابه تعالى بعبارة " يا ايها الذين آمنوا " هل تشمل الذكور الاحرار البالغين فقط ؟!!

    اما في صلاة الاستسقاء فإن الامام الشافعي يفضل خروج النساء المسنات فقط ، كما في قوله : " واحب أن يخرج ويتنظفوا للاستسقاء وكبار النساء ومن لا هيئة له منهن ولا احب خروج ذوات الهيئة ولا آمر بإخراج البهائم . ا. هـ " (م)

    - الصيـــام :
    تفطر المرأة وقت حيضها ولا يحق لها التطوع في الصيام أو الاعتكاف من دون إذن زوجها !! لقول الشافعي :

    " واذا جعلت المرأة على نفسها اعتكافاً فلزوجها منعها منه وكذلك لسيد العبد و المدبر وأم الولد منهم . ا. هـ " (م)

    - الحـــج :
    - يشترط أولاً في حج المرأة السبيل – وهو كما يراه الشافعي – الزاد و الراحلة ، ويضاف لذلك ثانياً وجود امرأة حرة ثقة معها أو نساء ؛

    حيث يقول تحت عنوان – باب حج المرأة و العبد –
    " واذا كان فيما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ان السبيل الزاد و الراحلة وكانت المرأة تجدها وكانت مع ثقة من النساء في طريق طويل مأهولة آمنة فهي ممن عليه الحج عندي والله أعلم ، وان لم يكن معها ذو محرم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستثن فيما يوجب الحج الا الزاد و الراحلة ، وان لم تكن مع حرة مسلمة ثقة من النساء فصاعداً لم تخرج مع رجال لا إمرأة معهم ولا محرم لها منهم وقد بلغنا عن عائشة وابن عمر وابن الزبير مثل قولنا في ان تسافر المرأة للحج وإن لم يكن معها محرم ، اخبرنا مسلم عن ابن جريج قال سئل عطاء عن امرأة ليس معها ذو محرم ولازوج معها ولكن معها ولائد وموليات يلين انزالها وحفظها ورفعها ؟ قال : نعم فلتحج . ا. هـ " (م) .

    وهكذا نرى ان شروط حج المرأة وأداء فرض ربها يحدده لها ابن جريج وعطاء حسب رأي الامام الشافعي !! وكما نلاحظ ايضاً لا يوجد في ذلك نص من الكتاب و السنة ( التى اصطلحها الشافعي نفسه ) .

    أما في مايتعلق باختلاف أحكام المرأة الحاجة عن الرجل الحاج فهي ليست موضع بحثنا هنا.

    - الجهــــــــــــاد :
    المرأة غير ملزمة بالجهاد الذى جاءت آياته في الكتاب ملزمة للرجال حسب الامام الشافعي الذى يقول في ذلك : - كتاب السير من مختصر المزني - :

    " لما مضت بالنبي صلى الله عليه وسلم مدة من هجرته أنعم الله فيها على جماعات باتباعه حدثت لها مع عون الله قوة بالعدد لم تكن قبلها ففرض الله عليهم الجهاد فقال تعالى : " كتب عليكم القتال وهو كره لكم " ، وقال تعالى : " وقاتلوا في سبيل الله " – مع ماذكرته فرض الجهاد ودل كتاب الله – عزوجل – ثم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم انه لم يفرض الجهاد على مملوك ولا انثى ولا على من لم يبلغ لقول الله تعالى : " وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله " . فحكم ان لا مال للمملوك وقال : " حرض المؤمنين على القتال " فدل على انهم الذكور . ا. هـ "

    ويقول في موضع آخر :

    " اخبرنا عبدالعزيز بن محمد عن جعفر بن محمد عن ابيه عن يزيد بن هرمز ان نجدة كتب الى ابن عباس يسأله : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء ؟ وهل كان يضرب لهن بسهم ؟ فقال : قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ولم يكن يضرب لهن بسهم ولكن يجزين من الغنيمة . ا. هـ " (م)

    وهكذا فالامام الشافعي يرى ام كثيراً من أحكام الكتاب تطبق على الذكور لا الإناث وتحديداً الرجال العاقلين الاحرار لا على النساء العاقلات الحرائر ؛ مهما يحضرني واقع الحال في هذه الايام ، فجيوش البلاد العربية الاسلامية هزمت وكلها رجال أحرار أشداء أشاوس و التى هزمتها جيوش كانت تقود بعض طائراتها ودباباتها وغواصاتها النساء ؛ وفي بلاد عادت الى ايام الصحابة الغابرة بقوانينها ومظاهر أفرادها كانت أول ما وطأت أرضها وهزمتها كتائب من جند النساء ، ولاحول ولا قوة الا بالله !! .


    2- في النكــــــــــــــاح :

    حيث نجد في بعض أحكامه ما يلي :

    أ ) – يحرم على المرأة ان ينكحها مشرك او رجل من اهل الكتاب ؛ حيث يقول الامام الشافعي في ذلك :

    " فإذا أسلمت المرأة أو ولدت على الاسلام أو اسلم أحد أبويها وهي صبية لم تبلغ حرم على كل مشرك كتابي ووثني نكاحها بكل حال ، ولو كان أبواها مشركين فوصفت الاسلام وهي تعقل صفته منعتها من ان ينكحها مشرك فإن وصفته وهي لا تعقل صفته كان أحب الى ان يمنع أن ينكحها مشرك ولا يبين لي فسخ نكاحها لو نكحها في هذه الحالة والله أعلم . أ. هـ "

    وكما نرى فلا يوجد في قول الامام الشافعي اي نص من كتاب أو سنة ، وهو كغيره من الائمة يعتمد في ذلك على قوامة الرجل على المرأة والتى سبق وبحثنا فيها في فقرات سابقة ، وعلى رأيه في فهم الآيات التى تطبق أحكامها لا إناث .

    ب ) – لايصح عقد زواج المرأة (نكاحها ) من دون وليها ولا يمكنها ان تكون ولية لابنائها او بناتها حيث يقول الامام الشافعي في ذلك :

    " فأي امرأة نكحت بغير إذن وليها فلا نكاح لها لان النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( فنكاحها باطل ) . ا . هـ " (م)

    ويقول تحت عنوان ( المرأة لا يكون لها الولي ) :

    " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ) فبين فيه ان الولي رجل لا امراة فلا تكون المرأة ولياً لغيرها ولا تعقد عقد النكاح . قال : " أخبرنا ابن عيينه عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن ابي هريرة قال : ( لاتنكح المرأة المرأة فإنما البغي انما تنكح نفسها ) . ا. هـ " (م)

    وكما نرى فالمرأة – وان كانت وزيرة اليوم – لا يمكنها حسب ما ورد – الزواج من دون موافقة وليها ولا يمكنها ان تكون ولية ابنتها او اختها او حتى نفسها والا تصبح كوصف الصحابي ابي هريرة لها . اكثر من ذلك فإن المرأة لاتملك جسدها وهي كالسلعة ، فإذا قبض وليها مقدم صداقها اجبرت على الدخول الى بيت الزوجية ، كما يقول الامام الشافعي في ذلك تحت عنوان – الاختلاف في الدخول : -

    " اذا ملك الرجل عقدة المرأة فأراد الدخول بها فإن كان مهرها حالاً او بعضه لم تجبر على الدخول عليه حتى يدفع الحال منه اليها ، وان كان ديناً كله أجبرت على الدخول عليه متى شاء ، لا وقت لها في ذلك اكثر من يوم لتصلح أمرها ونحوه ولايجاوز بها ثلاثاً اذا كانت بالغاً ويجامع مثلها ، وسواء في هذا المملوكة و الحرة ، وليس لولي الحرة ولا السيد الامة منعه اياها اذا دفع صداقها ان كان حالاً او كان حالاً منه . ا. هـ " (م) .

    وكما نلاحظ ، اذا تابعنا في هذه الاحكام كتاب الامام الشافعي ، نجده يصدر الاحكام وكأنه مشرع لا انسان فقيه مجتهد .

    ج ) – يأتي ترتيبها في النفقة في المرتبة الثالثة حيث يقول الشافعي في ذلك :

    " أخبرنا سفيان عن ابن عجلان عن سعيد بن ابي سعيد عن ابي هريرة قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عندي دينار قال ( أنفقه على نفسك ) قال عندي آخر قال ( أنفقه على ولدك ) قال عندي آخر قال ( أنفقه على اهلك ) قال عندي آخر قال ( أنفقه على خادمك ) قال عندي آخر قال ( أنت أعلم ) . ا.هـ " (م)

    وهكذا ففي أيامنا المعاصرة اذا استثنينا الخدم و الرق يصبح الترتيب المرأة الاخير في نفقة الاسرة ، لها وعليها ان تعي ذلك تماماً !!

    د ) – لا يمكنها ترك زوجها وان كان شاذاً ، حيث يقول الامام الشافعي : - إتيان النساء في ادبارهن –
    " فإذا اصابها من هناك لم يحللها لزوج ان طلقها ثلاثاً ولم يحصنها ولا ينبغي لها تركه ، وان ذهبت الى الامام نهاه فإن أقر بالعودة له أدبه دون الحد ولا غرم عليه فيه لها لانها زوجه . ا. هـ " (م)

    هـ ) – لايحل لها التسري بما ملكت يمينها ، وفي ذلك يقول الامام الشافعي :
    " وكان في وقول الله عزوجل (( والذين هم لفروجهم حافظون * الا على أزواجهم أو ماملكت أيمانهم )) بيان ان المخاطبين بها الرجال لا النساء ، فدل على انه لا يحل للمرأة ان تكون متسرية بما ملكت يميينها لانها متسراة او منكوحة لا ناكحة الا بمعنى انها منكوحة . ا. هـ "

    وهكذا نجد ايضاً ان الخطاب هنا للذكور والاحكام للرجال حسب فهم الامام الشافعي .

    و ) – يحق للزوجة ضعف أيام الامة ، حيث يقول في ذلك الشافعي :
    " فإن كان عنده ( الرجل ) أمة مع حرة قسم للحرة ليلتين وللامة ليلة . ا. هـ "

    3- في الديـــــــة و الشهـــادة :

    - دية المرأة نصف دية الرجل وقيمتها خمسون من الابل ، كما يقول الامام الشافعي تحت عنوان – دية المرأة :
    " لم أعلم مخالفاً من أهل العلم قديماً ولا حديثاً في أن دية المرأة نصف دية الرجل وذلك خمسون من الابل . ا. هـ " (م) .

    وكما نلاحظ هنا ايضاً لا يوجد نص من كتاب او سنة وانما إجماع أهل العلم قديماً وحديثاً ، وقد علق أحدهم على دية امرأة بقوله :
    اقتل امرأة واحصل على الثانية مجاناً !!!!!!!

    - أما الشهادة : فلا تجوز شهادة النساء الا في موضعين فقط هما :
    دَين رجل لرجل ، وفي حالة مالايستطيع الرجال رؤيته من النساء ؛ وفي ذلك يقول الامام الشافعي :
    ( وفي قوله تبارك وتعالى " فإن لم يكونا رجلين فرجل و امرأتان " وقال: " ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى " دلالة على ان لاتجوز شهادة النساء حيث لايجزن الا مع الرجل ولايجوز منهن الا امرأتان فصاعداً واصل النساء انه قصر بهن عن أشياء بلغها الرجال انهم جعلوا قوامين وحكاماً ومجاهدين وأن لهم السهمان من الغنيمة دونهن . ا. هـ )

    ويقول في موضع آخر تحت عنوان ( شهادة النساء) :
    " لاتجوز شهادة النساء الا في موضعين . في مال يجب للرجل على الرجل فلا يجوز من شهادتهن شيء وان كثرن الا ومعهن رجل شاهد ولايجوز منهن أقل من اثنين مع الرجل فصاعداً ولا تجيز اثنتين ويحلف معهما لان شرط الله عزوجل الذى أجازهما فيه مع شاهد يشهد بمثل شهادتهما لغيره ، قال تعالى عزوجل " فإن لك يكونا رجلين فرجل وامرأتان " فأما رجل يحلف لنفسه فيأخذ فلا يجوز وهذا مكتوب في كتاب اليمين مع الشاهد .
    والموضع الثاني حيث لايرى الرجل من عورات النساء فإنهن يجزن فيه منفردات ولايجوز منهن أقل من أربع انفردت قياساً الى حكم الله تبارك وتعالى فيهن لانه جعل اثنتين تقومان مع رجل مقام رجل وجعل الشهادة شاهدين او شاهداً وامراتين فإن انفردن فمقام شاهدين أربع ، وهكذا كان عطاء يقول أخبرنا مسلم بن جريج عن عطاء ، ولايجوز في شيء من الحدود ولا في شيء من الوكالات ولا الوصية ماعدا ماوصفت من المال وما لايطلع عليه الرجال من النساء اقل من شاهدين ، ولايجوز في العتق و الولاء . ا. هــ " (م)

    أكثر من ذلك فإن الامام الشافعي لا يقبل شهادة إمرأة في دحض شهادة الآخرين ، حيث يقول تحت عنوان ( الشهادة على الشهادة ) :

    " تجوز الشهادة على الشهادة ولايجوز ان يشهد على شهادة الرجل ولا المرأة حيث تجوز الا رجلان ولايجوز ان يشهد على واحد منهما نساء مع رجل وان كان ذلك في مال لانهن لا يشهدن على أصل المال انما يشهدن على تثبيت شهادة رجل او امرأة ، اذا كان أصل مذهبنا أنا لا نجيز شهادة النساء الا في مال أو فيما لايراه الرجال لم يجز لنا ان نجيز شهادتين على شهادة رجلا أو امرأة . ا. هـ " (م)

    وهكذا نجد ان الامام الشافعي يبني على فهمه لآية من كتاب الله الاحكام و القواعد التى تخرج عن النص ولكنها تأخذ قدسيتها منه ؛ وتبقى في النهاية فهماً انسانياً قابلاً للأخذ و الرد .

    ففي استشهادة بقوله تعالى :
    " وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل أحداهما فتذكر إحداهما الاخرى " البقرة – 282 –

    مشروط بقوله تعالى " أن تضل أحداهما " وعليه فإذا لم تضل إحداهما عندئذ يكتفى بامرأة واحدة وينتفي لشرط في الاية ، وهذا هو حالنا اليوم ، فقد كانت المرأة سابقاً – بشكل عام – لاتعمل ولاتهتم في الامور المعيشية خارج نطاق بيتها وأسرتها ، لذلك كانت معرضة للسهو و النسيان والخطأ في تقييم الامور المادية المتعلقة بالتجارة و الصناعة و البيع وغيرها ، اما اليوم فهي معلمة وطبيبة ومهندسة وعالمة ذرة وقاضية ورئيسة للبلاد وعليه فإنها لن تضل بشهادتها بإذن الله !!!

    وهنا يحق لنا ان نتساءل عن موقف المرأة في العالم اذا ما أرادت أن تعتنق الدين الاسلامي على المذهب الشافعي ، فهل تقبل بأن شهادتها نصف شهادة الرجل وهي محصورة فقط في الدين بين الرجال وفي وصف عورات أمثالها من النساء ؟!!

    وماذا ستفعل المرأة التى تمثل بلادها كسفيرة أو وزيرة أو حتى رئيسة للبلاد ، اذا كانت صلاحيات شهادتها لاتقبل حتى في بيع باقة فجل حسب الامام الشافعي ؟!!

    وهنا أصل الى نهاية هذا الفصل – الشافعي و الناس – واشير الى اهمالي لاحكام الإماء و العبيد الواردة في فقة الشافعي لانها وجدت للايام الغابرة ولاوجود لها في أيامنا المعاصرة من جهة ولانها مخجلة في حق الانسانية من جهة اخرى !!

    وفي هذا الصدد أذكر ان الولايات المتحدة الاميركية التى ينعتها كثير من المسلمين اليوم بالكافرة كانت الدولة الاولى في العالم التى حظيت بشرف إلغاء نظام الرق و العبودية على يد رئيسها أبراهام لينكولن عام ( 1863 ) !!

    وان اخر الدول في إلغائه كانت المملكة العربية السعودية عام ( 1964) ومن بعدها موريتانيا ( 1967) لتصبح البلاد الاسلامية آخر البلاد التى تتخلى عن نظام الرق و العبودية !!
                  

01-09-2008, 03:44 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصــــــــــــــــل الخامس

    الشافعـــــــــي وبعض الاحكــــــــام



    سأورد في هذا الفصل بعضاً من أحكام الامام الشافعي ؛ ولن أقوم بمناقشتها أو بحثها بل سأكتفي بتعليق موجز او سؤال مشروع في آخر كل منها تاركاً للقارئ حرية الاستنتاج والحكم عليها !!

    1- كتاب الحيض ( باب صلاة العراة )

    قال الشافعي رحمه الله تعالى :
    " واذا غرق القوم فخرجوا عراة كلهم او سلبوا في طريق ثيابهم أو احترقت فيه فلم يجد أحد منهم ثوباً وهم رجال ونساء ، صلوا فرادى وجماعة رجالاً وحدهم ، قياماً يركعون ويسجدون ويقوم إمامهم وسطهم ويغض بعضهم عن بعض ، وتنحى النساء فيصلين إن وجدن ستراً عنهم فصلين جماعة أمتهن إحداهن وتقوم وسطهن ويغض بعضهن عن بعض ، ويركعن ويسجدن ، ويصلين قياماً كما وصفت فإن كانوا في ضيق لا ستر بينهم من الارض ولين وجوههن عن الرجال حتى اذا صلوا ولى الرجال وجوههم عنهن حتى يصلين كما وصفت وليس على واحد منهم إعادة اذا وجد ثوباً في وقت ولا غيره وان كان مع احدهم ثوب امهم ان كان يحسن يقرأ فإن لم يكن يحسن يقرأ صلى وحده ثم أعار لمن بقى ثوبه وصلوا واحداً واحداً فإن امتنع من ان يعيرهم ثوبه فقد اساء وتجزيهم الصلاة وليس لهم مكابرته عليه وان كان معه نساء فإن يعيره للنساء أوجب عليه ويبدأ بهن فإذا فرغن اعار اياه عرياناً أعاد خاف ذهاب الوقت او لم يخفه وان كان معهم او مع واحد منهم ثوب نجس لم يصل فيه وتجزيه الصلاة عرياناً اذا كان ثوبه غير طاهر واذا وجد مايوارى به عورته من ورق وشجر يخصفه عليه او جلد غيره مما ليس بنجس لم يكن له ان يصلي بحال الا متواري العورة وكذلك ان لم يجد الا ما يواري ذكره ودبره لم يكن له ان يصلي حتى يواريهما معاً وكذلك ان لم يجد الا ما يواري احدهما لم يكن له ان يصلي حتى يواري ما وجد الى مواراته سبيلاً واذا كان مايواري احد فرجيه دون الاخر يواري الذكر دون الدبر لانه لاحائل دون الذكر يستره ودون الدبر حائل من إليتيه وكذلك المرأة قبلها ودبرها واذا كان هو وامرأته عريانين أحببت ان وجد مايواريها به ان يواريها لان عورتها اعظم حرمة من عورته وان استأثر بذلك دونها فقد أساء وتجزئها صلاتها وان مس ذكره ليستره او مست فرجها لتستره أعادا الوضوء معاً من وراء شيء لايفيضان إليه . ا. هـ "

    نستنتج من ذلك اذا نجس الثوب ولم تجد غيره اوماء تطهره به فعليك ان تصلي عرياناً ؛ والنساء دائماً في النسق الثاني الا في تغطية العورات فهن أولاً .


    2- كتاب النكاح ( رضاعة الكبير ) :

    قال الشافعي رحمه الله تعالى :

    " أخبرنا مالك عن ابن شهاب انه سئل عن رضاعة الكبير فقال أخبرني عروة بن الزبير أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد كان شهد بدراً وكان قد تبنى سالماً الذى يقال له سالم مولى ابي حذيفة كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فأنكح ابوحذيفة سالماً وهو يرى انه ابنه فأنكحه ابنه اخية فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهي يومئذ من المهاجرات الاول وهي يومئذ من افضل ايامى قريش فلما أنزل الله عزوجل في زيد بن حارثة ما أنزل فقال : " ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله ، فإن تعلموا آبائهم فإخوانكم في الدين ومواليكم " – الاحزاب – 5- رد كل واحد من اولئك من تبنى الى ابيه . فإن لم يعلم أباه رده الى الموالي فجاءت سهلة بنت سهيل وهي امرأة أبي حذيفة وهي من بني عامر بن لؤي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله كنا نرى سالماً ولداً وكان يدخل علي وانا فضل وليس لنا الا بيت واحد فما ترى في شأنه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا : ( أرضعيه خمس رضعات فيحرم بلبنها ) ففعلت فكانت تراه ابناً من الرضاعة فأخذت عائشة بذلك فيمن كانت تحب ان يدخل عليها من الرجال فكانت تأمر أختها أم كلثوم وبنات اخيها يرضعن لها من احبت ان يدخل عليها من الرجال و النساء وابى سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ان يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الناس وقلن مانرى الذى امر به رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلة بنت سهيل الا رخصة في سالم وحده من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا يدخل علينا بهذه الرضاعة احد فعلى هذا من الخبر كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في رضاعة الكبير . وهذا والله اعلم في سالم مولى ابي حذيفة ان ترضعه خمس رضعات يحرم بهن ، وقالت ام سلمة في الحديث وكان ذلك في سالم خاصة ، واذا كان هذا لسالم خاصة فالخاص لايكون الا مخرجاً من حكم العام فالخاص غير العام ولايجوز في العام الا ان يكون رضاع الكبير لايحرم ولابد اذا اختلف الرضاع في الصغير والكبير من طلب الدلالة على الوقت الذى اذا صار اليه المرضع فأرضع لم يحرم ( قال ) والدلالة على الفرق بين الصغير والكبير موجودة في كتاب الله عزوجل . قال الله تعالى : " والوالدات يرضعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان يتم الرضاعة " – البقرة – 233- فجعل الله عزوجل تمام الرضاع حولين كاملين . وقال : " فإن ارادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما " – البقرة – 232- يعني والله تعالى اعلم – قبل الحولين فدل على ان ارخاصه عزوجل في فصال الحولين على ان ذلك انما يكون باجتماعهما على فصاله قبل الحولين وذلك لايكون والله أعلم ، الا بالنظر للمولود من والديه ان يكونا يريان ان فصاله قبل الحولين خير له من اتمام الرضاع له لعلة تكون به او بمرضعته وانه لايقبل رضاع غيرها او ما اشبه هذا . وماجعل الله تعالى له غاية فالحكم بعد مضى الغاية غيره قبل مضيها . فإن قال قائل وما ذلك ؟ قيل قال الله تعالى : " واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة " – النساء – 101- الآية فكان لهم ان يقصروا مسافرين وكان في شرط القصر لهم بحال مصوفة دليل على ان حكمهم في غير تلك الصفة غير القصر . أ. هـ " (م)

    وهنا اقول : بدون تعليق !!!

    3- كتاب الحدود وصفــة النفي ( قطع الاطراف كلها ) :

    قال الشافعي رحمه الله :
    " أخبرنا مالك عن عبدالرحمن بن القاسم عن ابيه ان رجلاً من اهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم على ابي بكر الصديق رضى الله عنه فشكا اليه ان عامل اليمن ظلمه فكان يصلي من الليل فيقول أبو بكر : وابيك ما ليلك بليل سارق . ثم انهم افتقدوا حلياً لأسماء بنت عميس امرأة ابي بكر فجعل الرجل يطوف معهم ويقول اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلى عند صائغ زعم ان الاقطع جاء به فاعترف به الاقطع او شهد عليه فأمر به ابو بكر فقطعت يده اليسرى وقال ابوبكر : ( والله لدعاؤه على نفسه أشد عندي من سرقته ) فبهذا نأخذ سرق السارق اولاً قطعت يده اليمنى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار فإذا سرق الثانية قطعت رجله اليسرى من المفصل ثم حسمت بالنار ثم اذا سرق الثالثة قطعت يده اليسرى من مفصل الكف ثم حسمت بالنار فإذا سرق الرابعة قطعت رجله اليمنى من المفصل ثم حسمت بالنار فإذا سرق الخامسة حبس وعزر كل من سرق اذا كان سارقاً من جنى يدرأ فيه القطع فإذا درئ عنه القطع عزر ويقطع مايقطع به من خفة المؤنة عليه وأقر به من السلامة ، وكان الذى اعرف من ذلك أن يجلس ويضبط ثم يمد يده بخيط حتى يبين مفصلها ثم يقطع بحديدة حديدة ثم يحسم وان وجد أرفق وأمكن من هذا قطع به لانه انما يراد به إقامة الحد لا التلف . ا. هـ " (م)

    تجدر الاشارة الى ان حال المشرك أرحم من المسلم هنا ، اذا لا تطبق الحدود عليه ، وانما يكون مصيره القتل وهو ارحم من القطع ! ، ولكن كيف يمكن للمرء ان يسرق للمرة الرابعة بعد قطع يديه ورجله ؟ هل يستخدم فمه مثلاً وعندها لم لا نقطع الشفتين ؟!!


    4- كتاب جراح العمـــــــــد ( قتل الحر بالعبد ) :

    قال الشافعي رحمه الله :

    " قال الله جل وعز في اهل التوراة : (( وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس )) – المادة – 45 – ولايجوز والله أعلم في حكم الله تبارك وتعالى بين أهل التوراة ان كان حكماً بيناً الا ماجاز في قوله : (( ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل )) – الاسراء – 33- ولايجوز فيها الا ان تكون كل نفس محرمة القتل فعلى من قتلها القود ، فيلزم في هذا ان يقتل المؤمن بالكافر المعاهد و المستأمن و الصبي و المرأة من أهل الحرب و الرجل بعبده وعبد غيره مسلماً كان أو كافراً و الرجل بولده إذا قتله ، او يكون قول الله تبارك وتعالى : " ومن قتل مظلوماً " ممن دمه مكافئ دم من قتله ، وكل نفس كانت تقاد بنفس بدلالة كتاب الله عزوجل أو سنة أو إجمـاع كما كان قول الله عزوجل " والانثى بالانثى " اذا كانت قاتلة خاصة الا أن ذكراً لا يقتل بأنثى . وهذا أولى معاينة به والله أعلم . لان عليه دلائل : منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لايقتل مؤمن بكافر ) والاجماع على ان لايقتل المرء بابنه اذا قتله والاجماع على ان لايقتل الرجل بعبده ولا بمستأمن من أهل دار الحرب ولا بامرأة من اهل دار الحرب ولا صبي ، وكذلك لا يقتل الرجل الحر بالعبد بحال ، ولو قتل حر ذمي عبداً مؤمناً لم يقتل به وعلى الحر اذا قتل العبد قيمته كاملاً بالغة مابلغت وان كانت مائة ألف دينار كما يكون عليه قيمة متاع له لو استهلكه وبعير له لو قتله وعليه في العبد اذا قتله عمداً ما وصفت في ناله ، واذا قتله خطأ ماوصفت على عاقلته ، وعليه مع قيمتها معاً عتق رقبة ، وكذلك الامة يقتلها الحر ويقتل الرجل بالمرأة كما يقتل بالرجل وسواء صغيرة كانت او كبيرة . ا . هـ " (م)

    نشير هنا الى ان الامام الشافعي في كتابه السابق ( جراح العمد ) – باب الحكم في قتل العمد – عاب على احكام الجاهلية قبل الاسلام في تفريقهم بين دية الرجل الشريف حيث تبلغ أضعاف دية الرجل العادي ، الا انه لم ير في قوله ( لايقتل مؤمن بكافر ولا يقتل الحر بالعبد ) اية مشكلة أو غضغضة ، وهنا يحق لنا أن نتساءل :

    لماذا لا يتحدث السادة الفقهاء الافاضل اليوم عن مثل هذه الاحكام على شاشات الفضائيات المختلفة ولماذا لانقول للعالم : ان المؤمن لا يقتل بعبد او كافر !!
                  

01-10-2008, 09:35 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الفصـــــــــــــــل السادس

    تســـــــاؤلات مشروعــــة


    توطئة :

    قدمت في الفصول السابقة من هذا الكتاب عرضاً موجزاً لأهم الاسس والاحكام التى اعتمدها الامام الشافعي في فقهه ؛ وحاولت قد المستطاع تبسيطها وشرحها ليتمكن القارئ من استيعابها ومتابعتاها من دون ملل .

    وسأقوم في هذا الفصل بتسليط الضوء على فهم مغاير للسلف في بعض آيات الكتاب العزيز مع مايتبعه من أحكام راجياً من السادة القراء – خاصة اصحاب الاختصاص منهم – حسن الكتابعة وسعة الصدر وعدم التسرع في إطلاق الاحكام قبل انهاء الفصل بكامله .


    وسيتم البحث من خلال الفقرات الرئيسية التالية :
    1- الفرائض 2- الحدود 3- العدة والوصية



    1- الفرائض :
    وسنبحث فيها ا ) – الصيام ب ) الحج .


    ا ) – الصيــــــــام :

    فرض الصيام على المؤمنين في كتاب الله في الآيات الكريمة التالية من سورة البقرة :

    " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون * أياماً معدودات ، فمن كان منكم مريضاً او على سفر فعدة من ايام اخر ، وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له ، وان تصوموا خيرلكم ان كنتم تعلمون * شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ، فمن شهد مكنك الشهر فليصمه ومن كان مريضاً او على سفر فعدة من ايام اخر ، يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون " البقرة – 183 و 184 و 185 - .

    وكما نلاحظ فإن نص الاية الكريمة الاولى ( 183) واضح صريح في فرض الباري الصيام على المؤمنين كما فرضه على الذين من قبلهم ، اما الاية التى تليها مباشرة ( 184) فنتبين امكانية استثناء صنفين من المكلفين بالصيام والمسافر ، وهو ماتؤكده الاية الاخيرة بعدها ( 185 ) ايضاً ، الا ان التأمل في نص الاية الثانية ( 184) وتحديداً في قوله تعالى :

    "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين .... "

    يبين لنا ان القادر على الصيام ( هو الذى يطيقه من الفعل طاق وأطاق الشيء : قدر عليه ) يمكنه الافطار لقاء دفع فدية أقلها إطعام مسكين ومن زاد في مقدار تلك الفدية فهو زيادة في الخير الذى سيعود عليه ؛ كما ان صيامه – وهو قادر معافى – فيه الخير الكثير له .

    وهكذا فالفدية على المسلم البالغ العاقل المقيم المعافى والقادر على الصيام وليست على المريض او المسافر كما فهمته الغالبية من قراء السلف !!

    وهنا يطرح التساؤل المشروع التالي :
    كيف يمكن للشارع ان يستثني المرضى والمسافرين من الصيام ثم يعود في نفس الاية ليقول ام صيامهم افضل لهم حسب الفهم التراثي السلفي ؟!! ام ان في هذه الاية ناسخاً ومنسوخاً حسب الامام الشافعي ؟!!


    ب ) – الحـــج :

    لنستعرض بعض آيات الحج في كتاب الله حيث نجد :

    " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " الحج – 27

    وقوله تعالى :
    " ان اول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركاً وهدى للعالمين * فيه آيات بينات مقام ابراهيم ، ومن دخله كان آمناً ، ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " آل عمران – 96 و 97 - .

    وقوله :

    " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله ، ان الله غفور رحيم " البقرة – 199 –

    من تلك الآيات العطرة السابقة يتضح ان الباري عزوجل استخدم كلمة الناس عوضاً عن المؤمنين المكلفين أو حتى المسلمين ! حيث نجد في قوله " وأذن في الناس بالحج " و " لله على الناس حج البيت " و " ثم افيضوا من حيث افاض الناس " وهنا يطرح التساؤل المشروع التالي :

    هل الحج للناس جميعاً ام للمؤمنين المسلمين فقط ؟!! ام هو للناس الذين عرفهم الامام الشافعي سابقاً ؟!!!

    وفي العودة الى كتاب الله عزوجل نجد في قوله :

    " الحج اشهر معلومات ، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ... " البقرة – 197 –

    ان الحج أشهر معلومات وليس يوماً او اياماً ؛ وعندما يقول أحدهم : ( الحج عرفة ) .

    فإن الاجابة ستكون :

    عرفة اسم مكان وليس زمان ، واذا تابع احدهم فقال :

    حج الرسول في العاشر من ذي الحجة وهو ما علينا تطبيقه دائماً كل عام .

    فإن الجواب هنا : حج الرسول مرة واحدة فقط في حياته الى البيت الحرام حدثت في ذلك التوقيت ، ولو حج بعدها حجة واحدة وفي نفس التاريخ لقلنا ان الحج يجب ان يكون دائماً في ذلك اليوم ( يوم عرفة ) .

    وهكذا فإننا نجد كثيراً من التساؤلات المشروعة فيما اعتبر فرائض الاسلام واركانه ، فما بالنا في الامور الفقهية الاخرى في كتاب الله ؟!!

    وهنا وفي معرض الحديث عن الفرائض نطلب من السادة الفقهاء ، ورجال الدين الافاضل ان يبينوا لنا معنى قوله تعالى في الصلاة :

    " قل آمنوا به او لا تؤمنوا ، ان الذين أوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للاذقان سجداً " الاسراء – 107 –

    من الناحية النظرية و العملية . كيف يخرون للاذقان سجداً !!

    2 – الحـــــدود :
    وسيتم فيها بحث حدي أ) – السرقة ب ) – الحرابـــة .

    أ ) – حد السرقة :
    رأينا في فقة الامام الشافعي ان حد السرقة هو قطع اليد بدءاً باليمنى وذلك عندما تزيد قيمة ما تمت سرقته على ربع دينار مأخوذة من حرز .

    وقد استند الامام الشافعي في حكمه الى قوله تعالى :

    " والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله ، والله عزيز حكيم " المائدة – 38 –

    وقد ذكرت سابقاً ان حالة القطع تمثل الحد الاقصى من العقوبة وأن الخليفة عمر بن الخطاب لم يطبق ذلك الحد على الفقراء السارقين وعطله عام المجاعة ، الا اننا في استعراضنا لبعض آيات الكتاب نجد ان الفعل ( قطع ) استخدم بمعان مغايرة لمعاني البتر التى فهمت من الاية الكريمة السابقة ، حيث نجد قوله تعالى :

    " ويريد الله ان يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ...... " الانفال – 7-

    وقوله :
    " قالت يا ايها الملأ أفتوني في امري ما كنت قاطعة أمراً حتى تشهدون ... " النمل – 32 –

    وقوله :
    " ويقطعون ما امر الله به ان يوصل ويفسدون في الارض .... " البقرة – 27 –

    وقوله :
    " فقطع دابر القوم الذين ظلموا ، والحمد لله رب العالمين " الانعام – 45 –

    بعد ذلك العرض الموجز لاستخدام كلمة ( قطع ) في كتاب الله العزيز ، يطرح التساؤل المشروع التالي :

    لماذا يصر الفقهاء ورجال الدين ومن قبلهم كثير من الائمة على ان قطع اليد هو بترها بالسيف او السكين ؟!! ولماذا لا يكون القطع هو كف اليد وتكون عقوبته السجن مثلاً ؟!!

    ب ) حد الحرابــة :

    يقام هذا الحد على من يعرف اليوم بقطاع الطرق وهو مأخوذ من قول تعالى :

    " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فساداّ أن يقتلوا او يصلبوا او تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفقوا من الارض " المائدة – 33-

    وينطبق هنا التحليل و التساؤلات في الفقرة السابقة مباشرة – حد السرقة – على هذا الحد مع الاشارة الى امكانية الخيار في العقوبة ، اذ قد تكون القتل او الصلب او القطع او النفي في الارض وذلك حسب درجة الجريمة المرتكبة ونوعها ( قتل وسرقة ، تهديد بالسلاح وسرقة فقط ...... الخ ..... )

    وان التساؤلات المشروعة التى تطرح حول تطبيق تلك الحدود هي :

    هل فكر الامام الشافعي واتباع مذهبه اليوم في حال من يطبق عليه حكم حد الشرقة او حد الحرابة خاصة ؟

    حيث تقطع اليد والرجل من خلاف ( أي بشكل معاكس : تقطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى ) !

    كيف سيمارس حياته اليومية من أكل وشرب واستحمام إلــخ ؟

    وكيف سيصبح بعد تنفيذ عقوبته مواطناً صالحاً يمارس حياته الطبيعية في المجتمع ؟! وماهي حالته النفسية ؟!!

    وفي حال موته اثر تطبيق الحد عليه نتيجة نزف او مضاعفات مماثلة محتملة – خاصة في الايام الغابرة حيث محدودية العلم الطبي وامكاناته آنذاك – ألم يكن من الاجدى قتله وانهاء عذابه ومعاناته في تلك الحياة ؟!

    وهنا نقترح على اصحاب تطبيق المذهب الشافعي في الشريعة الاسلامية احداث فرع في كليات الطب يختص في القطع و البتر الرحيم – كما فعل نظام صدام حسين البائد بمن تعامل بالدولار الامريكي من ابناء جلدته !!!

    واذا افترضنا ان المسروق قد سامح وعفا عن السارق فهل مازلنا بحاجة الى قطع اليد وإسالة الدماء ؟ وها غاية العقوبة تكفير الذنب أم تعذيب العبد ؟!

    وهل من قطعت يده في حد سرقة أو حرابة سيعود مواطناً صالحاً ؟!! واذا كان كذلك فأين هي الاحصائيات و المعطيات التى تفيد في ذلك ؟!

    ومع تطور العلوم اليوم الا يمكن للطب ان يعيد الطرف المقطوع لصاحبه ؟! عندئذ فما الحكمة من القطع الذى لا نراه الا في السكين و الساطور وسيل الدماء ؟

    وفي ختام هذه الفقرة لابد من الحديث عن مبدأ القصاص الذى خصص له الامام الشافعي أبواباً وأحكاماً كثيرة في فقهه ، الا انه لم يفكر في كيفية تنفيذه ليكون عادلاً منصفاً حقاً ، فإذا ضرب أحدهم الآخر وفقاً عينه مثلاً بضربة واحدة ، فكيف سنفعل عندما نضرب الجاني ضربة واحدة ولم تفقأ عينه ، نعيد الكرة لاكثر من مرة مع ما ينجم عنها من ألم وآثار أخرى ؛ واين العدل في ذلك ؟ واذا جرح احدهم الاخر حرجاً فهل سنتمكن من احداث نفس الجرح وبنفس البعد والعمق ( لاأقول في ايامهم بل في ايامنا المعاصرة ) مع مراعاة نفس كمية الدماء الضائعة والانسجة التالفة والخلايا الميتة تماماً !!

    الا يشترط في القصاص ان يكون عادلاً منصفاً تاماً ؟ وكيف يفرض العدل العادل الحق قصاصاً لا يمكن تحقيق العدل الشامل التام فيه ؟ ! ان ذلك يجعلنا نعيد النظر في مفهوم كلمة ( القصاص ) الواردة في كتاب الله العزيز مع ماتبعه من أحكام وآراء للائمة وعلى رأسهم الامام الشافعي .

    2- العدة و الوصية :


    العــــدة :

    حدد كثير من الائمة وعلى رأسهم الامام الشافعي عدة المرأة المسلمة الحرة العاقلة وفقاً لا يلي :


    - عدة المطلقـــة :
    ثلاثة أطهار عملاً بقوله تعالى :
    " والمطلقات يتربصن بأنفسهن قروء " البقرة – 228 –
    والاقراء عند الامام الشافعي الاطهار ( حيضات النساء )

    - عدة المطلقـــة اليائسة من الحيض أو التى لم تحض :

    ثلاثة شهور عملاً بقوله تعالى
    " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم ان ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن " الطلاق – 4-

    - عدة من يتوفى عنها زوجها :
    أربعة اشهر وعشرة أيام – مهما كانت سنها – عملاً بقوله تعالى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً " البقرة – 234 –

    - عدة المرأة الحامــل :

    تنتهي بعد وضع مولودها مباشرة عملاً بقوله تعالى
    " وأولات الاحمال أحمال أجلهن أن يضعن حملهن " الطلاق – 4 –

    وقد بحث الامام الشافعي في العدة عند المرأة من أهل الكتاب والامة وحالات العدة لمن غاب زوجها او لم يدخل عليها ..... الخ ... والتى لن أقوم باستعراضها او بحثها لانها تمثل رأيه واجتهاده المتعلق بزمانه ومكانه .

    وماسيتم بحثه هنا هو الحالات الرئيسية الواردة سابقاً التى نزل فيها نص في الكتاب العزيز ، وحيث كنت ومازلت أطرح تساؤلاً مشروعاً حول عدة المرأة في الاسلام :

    ما الغاية من عدة المرأة على اختلاف حالاتها في كتاب الله العزيز ؟!!
    وكانت الاجابات على ذلك التساؤل تختلف فيما بينها من حيث حدتها و هدوءها او استنكارها ورزانتها ،

    الا انها تكاد تجمع وتؤكد على الامور الثلاثة التالية :

    1- براءة الرحم : أي ضمان ان لا تكون حاملاً فتضيع بذلك الانساب .

    2- التعبير عن حزن المرأة وبيان وفائها للزوج في حالة وفاته ، ومحاولة لنسيانه في حالة طلاقه .

    3- وجوب تنفيذ أحكام الله – عزوجل – من دون الخوض فيها ؛ اذ ان غاية الشرع وأحكامه مصلحة الانسان دوماً وعلينا الطاعة فيما نعلم ونجهل من حكمته .

    وبمناقشة بسيطة للاجابات الرئيسية الثلاث السابقة نجد فيها ما يلي :

    1- براءة الرحم : يمكن كشفها اليوم بزمن لا يتعدى الدقائق عن طريق التحليل المخبري او جهاز الايكو .

    2- لا علاقة لحزن المرأة والحداد والوفاء لزوجها بمدة زمنية قصرت ام طالت ، لان ذلك يتبع للمشاعر والعواطف الانسانية التى لاترتبط بزمن او مكان محدد / فهناك نساء يبقى طيب ذكر أزواجهن سنين وعقوداً طويلة ، وهناك نساء يذهبن حزنهن – ان وجد – مع دفن أزواجهن !

    كما ان المرأة الحامل التى يطلقها أو يموت عنها زوجها تنتهي عدتها بوضع مولودها ؛ وعليه فإذا مات عنها زوجها قبل يوم من وضعها فإن عدتها تكون منتهية ووليدها بين يديها ما فتئ يذكرها بأبيه !!

    كما ان هذه الحجة ( الحزن و الوفاء للزوج ) تصبح عنصرية تماماً ، اذا ماطبقت على الزوج تجاه زوجته حيث لا عدة للزوج بعد وفاة زوجته ويمكنه ان يتزوج في نفس يوم وفاها .

    أكثر من ذلك يمكنه ان يجامع الزوجة الثانية مثلاً – في حال تعدد زوجاته – وفي نفس اليوم الذى ترحل فيه زوجته الراحلة الى عالم الغيب و الشهادة !!

    3- لاشك في ان احكام الله وشرائعة تهدف مصلحة الانسان ان اعمال العقل فيها للوصول الى جوهر غاياتها ودلالاتها أمر مطلوب ان لم يكن مفروضاً .

    واذا كانت القاعدة التى وضعها الائمة انفسهم وعلى رأسهم الامام الشافعي في علم أصول الفقة بأن الحكم يدور مع العلة في وجوده وعدمه ، فإن وجد الحكم وجدت العلة واذا انتفت العلة انتفى الحكم :

    فإن علة الاحكام الواردة في آيات العدة الكريمة السابقة – وهي ضمان براءة الرحم ( ضمان عدم حمل المرأة ) – قد انتفت بتطور العلوم على كافة الصعد اليوم من معرفة الحمل ، الى نوع الجنين الى تحديد نوعه وحتى استنساخه .

    وبذلك نتيجة لانتفاء علة الحكم ، فإن الحكم نفسه ينتفي ولايكون واجب التطبيق شرعاً .

    الوصـــــــية :

    رأينا سابقاً في بحث ( الناسخ والمنسوخ في السنة ) في الفصل الثالث من هذا الكتاب ، ان الامام الشافعي نسخ – حسب مصطلحه – آيات الوصية في كتاب الله بحديث اهل المغازي ( لاوصية لوارث ) وقد أوضحت دحض تلك الآيات لذلك الحديث بل وحضها على الوصية التى تظهر حق وحرية الانسان في تصرفه بأمواله وهو ما ينسجم مع الفطرة الانسانية .

    فعندما يكون لأب أو أم عدد من الاولاد أكبرهم مثلا تبوأ مكانة مرموقة في المهنة و الدخل بعد تحمل أبوبه نفقات وصوله الى ما وصل اليه ، فإنه لا يعتبر عادلاً ان يكون نصيبه في الميراث – ان وجد – مساوياً لاخته أو اخيه الذى لم يتجاوز عمره سبع سنين مثلاً ؟!!

    وهل من العدل ان يأخذ الطبيب اللامع المختص نفس حصة أخيه الطفل القاصر ؟!

    وهل من العدل ان يأخذ الابن الصحيح القوي الغني نفس حصة أخيه العاجز او المقعد الضرير ؟!

    وهكذا فإن كل ماتم ذكره سابقاً يجعلنا نطرح التساؤل المشروع التالي :

    لماذا طبق الامام الشافعي مفهوم النسخ على آيات الكتاب الواضحة الجلية المتعلقة بالوصية ونسخها بحديث أهل المغازي ؟!!

    وللأجابة على ذلك التساؤل لابد لنا من معرفة الحالة السياسية والاجتماعية السائدة زمن الامام الشافعي الذى كان دون ادنى شك يؤثر ويتأثر فيها .

    فكما نعلم بعد انتهاء العصر الراشدي – بما فيه من اشكاليات لا مجال لبحثها هنا – طرحت الدولة الاموية مفهوم قضاء الله وقدره الذى نشر مفهومه آنذاك فقهاء الخليفة ،فاعتبروا قضاء الله هو علمه الازلي وقدره هو نفاذ هذا العلم وبذلك اعطوا الغطاء الشرعي لتوارث الخلافة في بني امية وقبول الناس لهم .

    اما الدولة العباسية والتى عاش في ظلها الامام الشافعي ، فكان غطاؤها الشرعي لتوارث الخلافة فيها يقوم على اساس القرابة من النبي الكريم وحقهم في ميراثه وان الخليفة يحكم باسم ارادة الله ومشيئته .

    وكان عليهم ان يبعدوا الطالبيين ( نسبة الى ابي طالب عم النبي الكريم ) من الحكم لانهم من بني هاشم مثلهم ولهم الحق في الميراث ؛ لذلك كله ادخلوا قاعدة حديث ( لاوصية لوارث ) لإبعاد الامام علي واولاده واحفاده عن الخلافة عن الخلافة – اذا مااعتبروا من ورثة النبي –


    ولعل في رسالة الامام محمد بن عبدالله الملقب ب (( النفس الزكية )) – من احفاد الامام علي – الى الخليفة العباسي ابي جعفر المنصور ما يظهر ذلك تماماً حيث يقول في مطلعها :

    ( ان ابانا علياً كان الوصي وكان الامام فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء . ا . هـ )


    والامام الشافعي يبقى انساناً يتأثر بما يدور حوله من جور السلطان وبطشه الذى سمع عنه زمن ابي جعفر مع الامام ابي حنيفة حيث ضرب بالسياط حتى ورم رأسه ؛ وكذلك مع الامام مالك الذى امر بضربه والي المدينة – زمن المنصور ايضاً – وخلع كتفه ، وهو نفسه ( الامام الشافعي ) لا ينسى منظر الرؤوس التى تدحرجت امامه في حضرة الخليفة هارون الرشيد على يد سيافه مسرور الذى كان معروفاً اكثر من الخليفة ذاته ، ولاينسى كيف جثا على ركبتيه في حضرة الرشيد وتوسل اليه كي لا يقطع رأسه كغيره – بقوله مادحاً له :


    " انت احق من اخذ بأدب كتاب الله ، انت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذاب عن دينه ، المحامي عن ملته . ا. هـ "

    كل ذلك جعل الامام الشافعي يتحدث في نسخ السنة للوصية ويتعمد احاديث اهل المغازي – لا وصية لوارث –

    الا انه في ذلك الموقف السياسي – الذى لايحسد عليه – قد تسبب حتى يومنا هذا في هدر الحقوق وتعطيل الرغبات الصادقة خشية مخالفة النصوص المقدسة ، فكم من اب وام وقد خالف كل منهما ضميره ومشاعره واحاسيسه الصادقة تحت وطأة تقديس الفقه .
    واعتباره من الامور الالهية والابوة الصادقة والشعور الدفين بالعدالة ونسخه الامام الشافعي واتباعه على مر السنين والايام بحديث ( لاوصية لوارث ) .
                  

01-12-2008, 01:18 AM

عزالدين محمد عثمان
<aعزالدين محمد عثمان
تاريخ التسجيل: 07-13-2006
مجموع المشاركات: 1272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    up
                  

01-12-2008, 09:40 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: عزالدين محمد عثمان)

    الفصـــــــــــــــــــــــــــل السابع

    بين المـــــاضي و الحــاضر


    قيل : حددوا مصطلحاتكم تستو أموركم فتدركوا غاياتكم ، ولعل مصطلح كلمة ( عالم ) جدير بالتوصل الى المعنى المقصود منه وتحديده تماماً .

    ها العالم هو رجل الدين ؟ ام المخترع ؟ ام المكتشف ؟!! ام الباحث في القوانين الكونية الموضوعية ؟!!

    وهنا اسمحوا لي ان اعرف ما يعنيه العالم بالنسبة لي : إنه الباحث في أي حقل من حقول العلوم المختلفة ( إنسانية – علمية – تطبيقية ) لينتج بعد ذلك مايفيد الانسانية ويؤدي الى تطورها ؛ وعليه فإن البحث بمفرده لا يكفي اذا لم يطبق على أرض الواقع ويترافق مع نتاج ملموس تستفيد منه الامم لتحسن أمورها و أوضاعها ؛ من هنا يمكننا القول وبثقة :

    لا يوجد في وقتنا الحاضر من يحمل لقب العالم في المجتمع العربي الاسلامي !!

    فالعرب منذ أكثر من خمسة قرون لم يقدموا مصطلحاً علمياً واحداً – ولا أعني هنا ترجمة مجامع اللغة العربية للمصطلحات العلمية كما فهم البعض سابقاً فهي كثيرة ومخيفة – كما انهم لم يشاركوا في أي اكتشاف او اختراع او ابداع علمي في حين قدموا الآف الكتب الدينية والادبية التى بقيت حبيسة التنظير و التكرار و التقديس و الحفظ لآراء و أقوال و أفعال وصفات القدماء حتى أن أعلى و أرفع ألقاب درجات العلم الشرعي كانت ( الحافظ ) التى تعادل اليوم وبتواضع ( البروفيسور ) . اذا ، الحافظ من كتاب وسنة و أقوال وأفعال و أشعار للسلف وليس المفكر أو المحلل أو الناقد أو الباحث هو صاحب المكانة العلمية الرفيعة في تراثنا !!


    وكما نرى فإن هذا الكم من العطاء لم يؤد الى تقدم الانسان عامة والعربي المسلم خاصة ، بل على العكس أدى الى تخلفه وتشرذمه ، وحالنا اليوم لا يخفى على أحد .


    ولكي أظهر للقارئ أن الفكر الاسلامي في مطلع القرن الواحد و العشرين لا يختلف عن ماضيه في القرن الثامن على الرغم من كل صيحات التطوير و الاصلاح وتقارب او حوار الحضارات وغيرها من الاقاويل التى تطلق في الهواء لتبقى فيه .

    فإني سأربط الماضي مع الحاضر عبر بعض الاحكام عند الامام الشافعي وما يقابلها اليوم من استمرار المنهج ، وذلك من خلال المواضيع الثلاثة التالية :

    1- أحكام في النكاح .
    2- أحكام في أهل الكتاب و الحروب .
    3- العنف و القسوة .


    1- أحكام في النكاح :

    إن الامام المجتهد في يومنا من الاخوة الشيعة ( الاثني عشرية ) التى كان يقول الامام الشافعي في أسس انطلاقها :

    إن كان رفضـــاً حـــب آل محــــمد
    فليشــــــــــــــــــــهد الثقــــــــلان أنـــي رافـــــض

    وأما أسمه فهو الفقيه السيد محمد علي الطباطبائي الحسني في كتابه علوم و أحكام مستجدة ( الطبعة الاولى عام 1993 م ) وفيما يلي أحكام الإمام الشافعي من كتابه الموسوعي الام مع ما يقابله من كتاب علوم و أحكام مستجدة للسيد الطبأطبائي :

    في كتاب النكاح – باب الرجل يرضع من ثديه – يقول الامام الشافعي :

    " ولا أحسبه ينزل للرجل لبن فإن نزل له لبن فأرضع به مولودة كرهت له نكاحها ولولده ، فإن نكحها لم أفسخه لان الله تعالى ذكر رضاع الوالدات الاناث والوالدون غير الوالدات . ا . هـ " (م) .

    وفي باب رضاع الخنثى يقول :

    " أصل ما أذهب اليه في الخنثى انه اذا كان الاغلب عليه انه رجل نكح امرأة ولم ينزل فنكحه رجل فإذا نزل له لبن فأرضع به صبياً لم يكن رضاعاً يحرم وهو مثل لبن الرجل لاني قد حكمت له انه رجل ، واذا كان الاغلب عليه انه امرأة فنزل له لبن من نكاح و غير نكاح فأرضع به صبياً حرم كما تحرم المرأة اذا أرضعت ، فإذا كان مشكلاً فله أن ينكح بأيهما نكح به لم أخبر له غيره ولم أجعله ينكح بالآخر . ا. هـ " (م) .

    ونجد في المقابل أن السيد الطباطبائي يقول :

    حكم (47) اذا جامع الحيوان او الميت او الخنثى لامرأة حية فلا تكون مجنبة ولكن الاحتياط عليها الغسل و الوضوء . ( صفحة 42 ) .

    حكم (68) لو كان للانثى ذكر يشكل لزوجها ان يدخل ذكرها في دبره ( صفحة 19 ) .

    حكم (115) لو تحول الرجل الى امرأة فما ولده بواسطة جماعه لزوجته يعتبر هو أباً لهم ، ولايكون لشخص أمان بلا أب ، واما ولده من بطنه بعد كونه امرأة فيعتبر أماً له ولايكون لشخص أبان بلا أم . ( صفحة 26 ) .

    وفي باب الاستمناء يقول الامام الشافعي :
    " فلا يحل العمل بالذكر الا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله أعلم . ا. هـ " (م)

    أما السيد الطباطبائي فيقول :
    حكم ( 112) استمناء المرأة بواسطة مجسم مطاطي أو آلة حرام ، وأما إدخال زوجها قطعة المطاط فيها حتى تستمني فهو حلال . ( صفحة 26 )

    حكم (32) يحرم على الرجل أن يعمل العادة السرية بأن يحرك ذكره بيده أو بآلة حتى يحذف ، الا بيد زوجته أو بجزء من بدنها ، والاحوط وجوباً للمرأة ايضاً أن لاتمارس الى حد القذف الا بجسم زوجها . ( صفحة 32 ) .

    وفي ( باب تفريع تحريم السملمات على المشركين ) يقول الامام الشافعي :

    " فإذا أسلمت المرأة أو ولدت على الاسلام أو أسلم أحد أبويها وهي صبية لم تبلغ ، حرم على كل مشرك كتابي ووثني نكاحها بكل حال . أ. هـ " (م)

    أما السيد الطبأطبائي فيقول :

    حكم ( 58 ) يحرم على المسلمة التزوج بالكفار من : أهل الكتاب ، أو الملحدين ، او الدروز ، او الصابئة ، او السنة الناصبين العداوة لأهل البيت ( ع ) وشيعتهم ، ويجوز التزوج من الشيعة بالسني المحب لأهل البيت والمعترف بصحة عمل وعبادة الشيعة ( صفحة 18 ) .

    2- أحكــــام في أهل الكتاب و الحروب :

    رأينا سابقاً في كتابنا هذا جزءاً من أحكام أهل الكتاب عند الامام الشافعي ، ونورد هنا بعضها فقط حيث يقول في ذلك :

    " ليس لكم ان تظهروا في شيء من أمصار المسلمين الصليب ولا تعلنوا بالشرك ولا تبنوا كنيسة ولا موضع مجتمع لصلاتكم ولا تضربوا بناقوس ولا تظهروا قولكم بالشرك في عيسى بن مريم ولا في غيره لأحد المسلمين ، وتلبسوا الزنانير وتخالفوا بسروجكم وركوبكم ..... إلخ .... " ( م )

    ويقول في موضع آخر :
    " ولايدع مشركاً يطأ الحرم بحال من الحالات طبيباً أو صانعاً بنياناً أو غيره لتحريم الله عزوجل دخول المشركين المسجد الحرام وبعده تحريم رسوله ذلك . أ . هـ " (م) .

    أما فقيه يومنا فهو الشيخ عبدالعزيز المحمد السلمان المدرس في معهد إمام الدعوة في كتابه " الاسئلة والاجوبة الفقهية المقرونة بالادلة الشرعية " ( طبعة خامسة عام 1976 – الجزء الثالث ) فيقدم لنا في كتابه المذكور آنفاً أحكام أهل الذمة نظماً كما يلي :

    وبـلزمهم عنــــا تميــــــــــــز لبســـهم
    وترك لفرق الشعـــــــــر ربى المســــــــــود
    وبـلزمهم بزنــار فويق ثيــــــــابــهـــم
    أو الرؤوس منهم فوقـــــها الخرق اشـــــــدد
    وحذف مقاديــــم الرؤوس ليلزمـــــوا
    ولا يكتنـــوا مثـــل اكتنـــــــــــاء الموحــــــــد
    وطوق حديد أو رصــــاص ليدخلوا
    لحمامنــــا أو جــلجـــــــــلاً ليقــــــــــــــــــــلد
    ولافوق بغــل أو حمــــار بسرجـــــه
    بل الاكـــــف امنحهم وعرضــــاً ليقعــــــــــد
    وقل وعليكم إن يســـــــلم بعضهم
    مجيبــــــاً لـــندب لا تجـــــــــزه لمــــبتـــــدي
    وعن ضرب ناقوس وإظهـــــار منكر
    وعيــــــد وإعــــــــلان الكتابييـــن فاصــــدد
    ومن غير آذن من دخـــول الحجاز ذد
    وبالاذن مـــــــن يمكـــــث بمـــــثوى موحـــد


    وفي باب ( بلاد العنوة ) يقول الشافعي :

    " واذا ظهر الامام على بلاد اهل ونفى عنها اهلها او ظهر على بلاد وقهر اهلها ولم يكن بين بلاد الحرب التى ظهر عليها وبين بلاد الاسلام مشرك او كان بينه وبينهم مشركون لا يمنعون اهل الحرب الذين ظهروا على بلادهم وكان قاهراً لمن بقي محصوراً ومناظراً له وان لم يكن محصوراً فسأله أولئك من العدو أن يدع لهم أموالهم على شيء يأخذه منهم فيها أو منها قل أو كثر لم يكن ذلك له لانها صارت بلاد المسلمين وملكاً لهم ولم يجز له الا قسمها بين أظهرهم " ( م) .

    أما الشيخ السلمان فيورد لنا تلك الاحكام نظماً كما يلي :

    وأقســـــام أموال الانــــــام ثــــــــلاثـــــــــــة
    فــــــــمـــال زكـــــــــاة فيـــــه بــــالذكــــــر قيــد
    وثانيـــه أمـــــــــــوال الغــــنيمة توجـــف ال
    ـــــــركاب عليها فـــــي وغى متـــوقــد
    وللفيء مال وهو ما ليس موجف الــــ
    ــــــــركاب علـــيه فــي قتـــال لجــحـــد

    وتجدر الاشارة هنا الى ان كتاب الشيخ السلمان المذكور سابقاً قد طبع على نفقة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وجعل وقفاً لله تعالى – كما كتب على غلافه الخارجي الرئيسي – فهل اطلع صاحب السمو على خطورة ما في ذلك الكتاب من احكام على الناس جميعاً بمن فيهم أهل المملكة نفسها ؟!!

    3- القســـــوة و العنف :

    يخطىء من يظن ان مظاهر العنف و القسوة وسمة الارهاب التى اصبحت تلتصق بالمسلمين اليوم وخاصة العرب منهم هي وليدة ايامنا المعاصرة او انها تستند الى احكام رجال الدين المعاصرين .

    انها تمتد في جذورها الى افكار واجتهادات السلف الصالح ، وهي تستند وتنطلق من فقة الائمة السابقين وتتغذى عليه وتشكل امتداداً حياً له .

    فعندما يقول الامام الشافعي في أموال أهل الكتـــــاب :

    " فليس علينا ان نمنع لكم شيئاً ملكتموه محرماً من دم ولا ميتة ولا خمر ولا خنزير كما نمنع ما يحل ملكه ولا نعرض لكم فيه الا انا لا ندعكم تظهرونه في أمصار المسلمين فما ناله منه مسلم او غيره لم نغرمه ثمنه لانه محرم ولا ثمن لمحرم . ا. هـ " (م) .

    نجد من طبق ذلك في المحروسة / مصر / في هجمات التخريب التى طالت محلات وأسواق شارع الهرم .

    وعندما يقول الامام الشافعي في المرتد :

    " وليس كالمسلم يرتد لان رجلاً لو قتل مسلم مرتداً لم يكن عليه شيء . ا. هـ " ( م)

    نجد من طبق ذلك في المحروسة / مصر / ايضاً عندما امتدت يد الظلم و الطغيان و الجهل لقتل المفكر الكبير فقيد الامة المغفور له فرج فوده لانها رأت في حججه موضوعيته وإصلاحه لمجتمعه ردة حكمها جاهز عند إمام مصر الامام الشافعي .

    وعندما يقول الامام الشافعي في اظهار دين النبي " صلى الله عليه وسلم " على الاديان :

    " أظهر الله عزوجل دينه الذى بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم على الاديان بأن أبان سمعه انه الحق وما خالفه من الاديان باطل وأظهره بأن جماع الشرك دينان أهل الكتاب و دين الاميين . ا. هـ " (م) .

    نجد ان معظم وسائل الاعلام المسموعة و المرئية تنشر خطاب الاصوليين الذى يقسم البلاد الى دارين دار الكفر ودار الايمان والذى نشتم منه رائحة الكراهية و القسوة ضد الآخرين .

    بعد ذلك العرض المختصر للأحكام السابقة الا يحق لنا أن نقول : إن أفكار المسلمين في مطلع القرن الواحد و العشرين وهي نفسها في مطلع القرن الثامن الميلادي ؟

    لقد دخل الغرب القرن الواحد والعشرين بحفل رعاه كل من رئيس الولايات المتحدة الاميركية / بيل كلينتون / آنذاك ورئيس مجلس الوزراء البريطاني / طوني بلير . انه حفل اكتشاف الخارطة الجينية البشرية ؛ وحق لهم الفخر والاعتزاز بما أنجزوه وحق لكل من بحث في ذلك وطوره ان يحصل على لقب ( العالم ) بكل جدارة وعزة لما قدمه وسيقدمه من خير للبشرية والانسانية جمعاء .

    وفي المقابل دخل العرب المسلمون القرن نفسه باختراق الابنية البرجية العالمية وهدمها وقتل الاطفال والنساء والابرياء وفتاوى قتل وتكفير الآخرين وفتاوى تحريم ألعاب البوكيمون وتحريم وضع صور النساء السافرات على غلاف المجلات أو الصحف .

    وفي حين يرى البعض او الكثير منا عالماً كبيراً – كباستور مثلا – الذى انقذ أرواح الملايين من الناس باكتشافه وبحثه في عملية البسترة / قتل الجراثيم / لم يقدم شيئاً للإنسانية والبشرية حتى انه لا يستحق لقب العالم وقد تكون جهنم مأواه وبئس المصير ، فإنهم يرون أن باحثاً في اسباب فتح او كسر همزة ( إن ) هو عالم علامة ساهم في الحفاظ على تراث الامة وفكرها وهويتها وستكون الجنة مأواه ونعم المصير .

    ومازلت أذكر رأياً لأحد كبار العلماء من رجال الدين في بلدنا وصف فيه نظرية داروين انها اصبحت في سلة المهملات ؛ علماً أن معظم الابحاث و الدراسات البيولوجية و الوراثية الجينية الحديثة تثبت صحة نظرية التطور كما أكد مؤخراً بحث العلماء برايــن وسايكــس ( الانكليزيين ) وجاكوب ( الفرنسي ) ومولر ( الاميركي ) .

    مع الاشارة الى ان عالمنا الناقد لا يعرف كيف يحل معادلة من الدرجة الثامية في مادة الجبر مثلاً التى ينسب للعرب تأسيسها أو لنقل تطويرها في الماضي الغابر .

    يا لها من مفارقة غريبة عجيبة ، ومفارقة تذكرني بقول الشاعر مخاطباً الشهيد يوسف العظمة في معركة ميسلون على تخوم مدينة دمشق ضد الاحتلال الفرنسي بقوله :

    يـــا راقداً في روابـــــــــــي ميسلــــــــــون أفق
    جلــــت فرنســـــا ومـــا في الدار هضـــــام
    لأتوجه الى الامام الشافعي قائلاً :

    يا راقداً في أرض مصر نم قريراً مطمئن البال فقد تركت أمة دخلت القرن الواحد و العشرين بالخراب و الدمار و الدماء ، أمة غاية جهدها الهروب من هذا القرن السابع راكبة جواد الآمال والاحلام وأوهام الحقيقة .

    أمة تسير وهي تنظر الى الخلف وسلاحها لحاضرها ومستقبلها المجهول الدعوات و الصلوات و التواكل وكره الآخرين .

    أمة استعاض شبابها عن صكوك غفران القرون الوسطى بشراء حياة النساء و الاطفال الابرياء بحياتهم التى اصبحت لا قيمة لها من شدة الاحباط .

    أمة سخرت وضحكت من جهلها كل الامم !! ولا حول ولاقوة الا بالله العظيم .


    أخيراً وقبل انهاء هذا الفصل أستعرض قولين ينسبان الى الامام الشافعي ويستخدمان كثيراً في أيامنا المعاصرة في معظم الحوارات و المناظرات .

    - القول الاول : اذا صح الحديث فهو مذهبي .
    - القول الثاني : رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب!

    في القول الاول نجد انه صح عن النبي " صلى الله عليه وسلم " قوله :

    اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري وما انت اعلم به مني ، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطاياي وعمدي وكل ذلك عندي – متفق عليه –

    وعليه فإن ذلك الحديث يمكن ان يمثل مذهب الامام الشافعي الذي يبين لنا بوضوح ان كل ابن آدم خطاء ، والامام الشافعي و الصحابة من قبله لا يستثنون من ذلك ابداً وبالتالي فإنه يؤخذ منهم ويرد عليهم !!

    اما القول الثاني ففيه التعالي و الفوقية لانه ينطلق من صحة رأية أولاً وخطأ الآخرين ، وهو كذلك لا يبيين لنا مفهوم مصطلح الصواب أو الخطأ الفضفاض و الذى لا يمكن لأحدنا الجزم فيه خاصة في مجال العلوم الانسانية ؛ وهنا استبدل ذلك القول فأقول :

    " ........ حقك إبداء رأيك وحقي قبوله أو رفضـــه " .
                  

01-12-2008, 10:26 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: عزالدين محمد عثمان)

    الأخ العزيز عزالدين محمد عثمان
    كامل التقدير للإهتمام والمتابعة
                  

01-12-2008, 11:04 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الأخ بدر الدين تحية ...
    لقد اختصر الإمام مالك رحمه الله
    الأمر بقوله : كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر (يعني رسول الله
    صلى الله عليه وسلم )
    ومن هنا تنطلق الدعوة السلفية :
    عدم التقديم بين يدي الله ورسوله


    ________________
    هذا الرجل أجهل من أن يؤخذ برأيه يقول مثلا :
    ففي استشهادة بقوله تعالى :
    Quote: " وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل أحداهما فتذكر إحداهما الاخرى " البقرة – 282 –

    مشروط بقوله تعالى " أن تضل أحداهما " وعليه فإذا لم تضل إحداهما عندئذ يكتفى بامرأة واحدة وينتفي لشرط في الاية ، وهذا هو حالنا اليوم ، فقد كانت المرأة سابقاً – بشكل عام – لاتعمل ولاتهتم في الامور المعيشية خارج نطاق بيتها وأسرتها ، لذلك كانت معرضة للسهو و النسيان والخطأ في تقييم الامور المادية المتعلقة بالتجارة و الصناعة و البيع وغيرها ، اما اليوم فهي معلمة وطبيبة ومهندسة وعالمة ذرة وقاضية ورئيسة للبلاد وعليه فإنها لن تضل بشهادتها بإذن الله !!!

    فقوله مشروط تعالى " أن تضل أحداهما "
    يفضح جهله المدهش
    الرجل لايفرق بين إن وأن
                  

01-12-2008, 03:04 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: Mohamed E. Seliaman)

    الخــــــــــــــــــــــــــــاتمة




    ذكرت سابقاً وسأذكر دوماً أن عقدة الامة العربية و الاسلامية ، وان عقدة اعتماد التراث في بناء المستقبل هي المشكلة الرئيسية في عدم بناء ذلك المستقبل ، وهذه المشكلة المعضلة أوصلت الامة الى ماوصلت اليه اليوم ، فكم من انسان عربي مسلم ولد عبقرياً فذاً ومات جاهلاً مكبوتاً امام عقد الماضي وحاكميته وتقديسه .

    لقد اصبح تقديس القدماء سمة الفكر العربي و الاسلامي الرئيسية ، واصبحنا نرى مستقبلنا من خلال القدماء ، فهم العظام ونحن الصغار وهم الفقهاء ونحن الدهماء وهم الرجال ونحن اشباه الرجال ، ومن حاول منا نقدهم او الخروج عن نهجهم نعت بأنه شبة مثقف او متعلم وهو قزم امام عمالقة الماضي الذين يحق لهم التفاخر و التعالي على الرعاع الآخرين ، وهنا تحضرني ابيات للامام الشافعي لا ارى فيها الا التفاخر و الكبر و الغرور وهي محط اعجاب الآخرين من اهل تقديس التراث .

    حيث يقول مادحاً نفسه :

    علــي ثيــــاب لـــو تبــــــــاع جميعها
    بفلـــــس لكـــان الفــــــــلس منــــهن أكـــثراً
    وفــــيهن نــــفس لـــو يقـــاس بمــثلها
    نفـــوس الــــورى كــانت أجــــل و أكــــبرا

    فهل نفسه افضل من نفوس الورى ( الناس) أجمعيــــن ؟


    وقد رأينا من خلال فصول هذا الكتاب السابقة الثغرات في فقة الامام الشافعي وانه في أحسن أحواله يصلح لزمانه ومكانه ، فكيف لنا أن نطبق اليوم أحكام الرق في العبد المملوك و الامة ، او احكام عدم قبول شهادة اهل الكتاب و النساء وعدم قتل المؤمن بالكافر او العبد ؛ او احكام أهل الذمة ، او احكام بلاد العنوة ( البلاد التى تحتل بالقوة ) ؛ او احكام قتل الاسرى بإمره الامام أو احكام قطع الاطراف او احكام القصاص في قطع خصية الرجل عمداً ؛ ام أحكام سلب الارض و القتل وسبي النساء و الاطفال ، ام احكام الاستنجاء بالحجارة و الماء الطاهر المظهر ، ام احكام رؤية الهلال و القمر لبدء الصيام ؛ ام احكام البيوع وبيع الحاضر للبادي وبيع الملامسة و المزابنة، او طريقة بيع القصب أو احكام السلف في الذهب و الجلود و الصوف ، او احكام التعامل يداً بيد التى لا يمكن لاي بنك تطبيقها وان ادعى اهلها غير ذلك فهل يمكن لآي بنك اسلامي أو مؤسسة تأمين شرعية أن تتعامل يداً بيد دولاراً بدولار أو جنيهاً بجنية أو ليرة بليرة .

    وهل يمكنها ان تعطي قيمة للذهب او الدولار بسعر اعلى او اقل من سعره العالمي ؟! وفي حال الاختلاس او التلاعب او السرقة في تلك المؤسسات ( بنك – شركة ) فهل تقبل تطبيق أحكام وحدود الشريعة الاسلامية عليها وعلى متعامليها ؟!!


    وهنا أطلب من مؤيدي تطبيق احكام الشريعة و الفقة الاسلامي الذين لا يتوقفون عن دعوة عامة الناس الى الرجوع الى فهم و افكار و آراء و أحكام السلف لاصلاح أمور دنياهم ودينهم التقدم بتلك الافكار والاحكام الفقهية الى مجلس الامن والامم المتحدة لاعتمادها في حلول مشاكل بلاد العالم ! ان لا ينسوا الاسرى و الحروب و الحدود و البيوع و العبيد و الاماء واهل الذمة و المشركين فيها ، كما يمكنهم ان يتوجهوا باجتهاداتهم واعمالهم الفقهية المعاصرة التى تستند وتنطلق من اسس وقواعد السلف لترشيحها في الحصول على جائزة نوبل العالمية ولانهاء اسطورة تطور الغرب فكرياً .

    كما اتوجه الى جامعات الغرب المختصة في الآداب العربية والاسلامية ( كالسوربون مثلاً ) التى تمنح اجازات ودرجات علمية عالية في تلك الاختصاصات بسؤال مشروع :

    ماهي الاسس التى اعتمدتها في تدريسها لذلك الكم من التراث العربي الاسلامي ، وهل ترى في حفظ وتكرار ذلك التراث مايصلح اليوم للحصول على درجة علمية عالية ؟!

    أخيراً ومع انتهاء هذا الكتاب اكون قد انهيت الثلاثية الاساسية في اظهار المشاكل المعضلة المعوقة لتطور الامة العربية و الاسلامية ، حيث أظهرت ان :

    المعضلة الاولى :

    تكمن في الاهتمام بشكل اللغة لا مضمونها . وعرضت لذلك في كتابي الاول " جناية سيبوبه – الرفض التام لما في النحو من أوهام " .

    المعضلة الثانية :

    تكمن في الخلط بين الوحي المنزل ( القرآن الكريم ) والاجتهاد البشري ( الحديث النبوي ) . وعرضت لذلك في كتابي الثاني " جناية البخاري " – انقاذ الدين من امام المحدثين " .

    المعضلة الثالثة :

    تكمن في تقديس فهم السلف واعتماده ليكون ملزماً سارياً على كل زمان ومكان . وعرضت لذلك في كتابي الثالث هذا " جناية الشافعي – تلخيص الامة من فقة الائمة " وقد بذلت في تلك الثلاثية المذكورة جهداً يعرف قيمته تماماً من يعمل في مجال الفكر و الثقافة ، وسعيت دوماً الى الايجاز بلا خلل و التبسيط بلا شطط و التوثيق بلا اهمال . يدفعني الى ذلك اظهار الحقيقة التى لايمكن بناء مستقبل هذه الامة واعادتها الى ركب الحضارة والمنافسة بدونها ، وما لم تعد الامة العربية و الاسلامية النظر في تلك المفاصل الثلاثية الرئيسية السابقة فإنها ستبقى على ماهي عليه اليوم من التخبط و التخلف و التشرذم .

    واعادة النظر هذه لا تكون في طرح الشعارات و التحدث عن التطور و الاصلاح و انصاف الحلول المقترحة ، انما هي في اقتلاع جذور الاخطاء و التخلي عنها تماماً . اذ لا امل في اصلاح مالايصلح ولا ثواب في تطبيق ما فرضه البشر ولا خير في أمة يحكمها أمواتها .

    لقد اصبحت امتنا العربية الاسلامية خاصة في وضع خطير – لاتحسد عليه ابداً – فهي كما نعلم ليست متخلفة وخارج الركب الحضاري على كافة أصعدته الفكرية و الاجتماعية و العلمية فحسب بل انها تعاني من خطورة زوالها من هذا العالم ، وانا لا أهول الامر أبداً وهنا يحضرني خطاي احد زعماء النضال العربي الاسلامي – في احدى المناسبات حيث قال : ( نحن لسنا الهنود الحمرا ) .

    وليسمح لي ان اجيب على ذلك بما يلي :

    أولاً :

    ان في ذلك القول خطأ كبيراً . فالهنود الحمر أناس مثلنا وليس العرب او المسلمون افضل منهم فكلنا عيال الله .

    ثانياً :

    ان الغرب الاوربي و الاميركي منقسم اليوم الى قسمين في نظرته للعالم العربي الاسلامي . قسم يرى ان استخدام القوة وبدء الحروب الاستباقية هي الوسيلة الناجعة لضمان الامن و السلام العالمي وضمان إقصاء الآخر و القضاء عليه قبل ان يستفحل خطره القادم .

    وقسم يرى ان الحوار و احترام الحقوق في التعبير و التواصل المستمر هو السبيل الى الامن والسلام ، الا ان هذا القسم الاخير عندما يشعر ان حياته وحياة ابنائه واحفاده وحضارته اصبحت تهددها افعال الكراهية و الحقد و التكفير فإنه وبدافع غريزته البشرية سينضم الى القسم الاول وعندها ستحل قيامة الامة العربية الاسلامية عبر ازرار تضغط ، وما هيروشيما ببعيدة عن تاريخنا ، وقد تذهب الامة التى تعرف مكانتها في هذه الدنيا او الاخرة وتصبح نهايتها أسوأ من نهاية الهنود الحمر الذين يجدون اليوم من يتحدث عن حقوق اغتصبت منهم ، لكن امتنا ستذهب وكما يقول شارنا الراحل نزار قباني في قصيدته " متى يعلنون وفاة العرب " ما معناه : اذ مات العرب فبأية مقابر سيدفنون ؟ وهل سيجدون من عليهم يحزنون او يبكون !!


    ختاماً اتوجه الى القراء الاعزاء بما يلي :

    اذا كنتم على ما جاء في كتبي الثلاثة فلله الحمد ، واعدكم بأني سأقدم مستقبلا حلولاً لما تم نقده واستبعاده ، اما اذا كنتم لا توافقون على ماجاء فيها – وهو حقكم من دون ادنى شك – فإني ارجوكم ان تعيدوا قراءة التراث العربي الاسلامي بنفس العين التى قرأتم فيها نتاجي الفكري ورفضتموه . عندها اكون أديت رسالتي التى اريد .
                  

01-12-2008, 03:08 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    المـــــــــــــــــراجع :



    نظراً لشهرة المراجع المستخدمة فإننا لن نذكر عدد مجلداتها وأسماء دور نشرها ؛ باستثناء المراجع ذات الصلة المباشرة في الموضوع :

    القرآن الكريم
    تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير .

    الأم – المسند ، تأليف الامام ابي عبدالله محمد بن ادريس الشافعي ، ( دار المعرفة للطباعة و النشر ، بيروت – لبنان ، طبعة ثانية ، عام 1973 ) .

    الرسالة ، تأليف الامام ابي عبدالله محمد بن ادريس الشافعي ، ( دار النفائس – بيروت – لبنان ، طبعة اولى 1999 ) .

    مختصر المزني ، ابو ابراهيم إسماعيل بن يحيى المزني ، ( دار المعرفة للطباعة والنشر ، بيروت – لبنان ، طبعة ثانية 1973 ) .

    طبقات الشافعية الكبرى ، السبكي ،طبعة 2 ، 1992 م ، ( جعفر للطباعة – القاهرة ) .

    كتاب التعريفات ، للعلامة علي بن محمد الشريف الجرجاني الحسيني الحنفي ، ( دار النفائس – بيروت – لبنان ، طبعة اولى 2003 )

    مقاتل الطالبيين ، ابو الفرج الاصفهاني ، القاهرة : الحلبي 1365 هـ .

    الفرق و المذاهب الاسلامية ، سعد رستم ، ( دار الاوائل – دمشق – سورية – طبعة أولى ، نيسان 2004 ) .

    مناقب الشافعي – 1- الفخر الرازي – 2- البيهقي .

    كتاب الكبائر ، الذهبي .

    حوار الاديان في الاندلس ، لأبي العباس القرطبي .

    اللؤلؤ و المرجان ، فيما اتفق عليه الشيخان إماما المحدثين
    أبو عبدالله محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة بن بروبه ( البخاري ) .

    وابو الحسن مسلم بن الحجاج بن مسلم بن الحجاج بن بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحهما اللذين هما أصح الكتب المنصفة ، ( دار الباز للنشر و التوزيع ) .

    صحيح البخاري .
    مختصر صحيح البخاري ، المسمى التجريد الصريح ( المشهور ) بــ ( مختصر الزبيدي ) .

    صحيح مسلم
    الباعث الحثيث ، شرخ اختصار ، علوم الحديث ، للحافظ ابن كثير .
    فتح الباري ، لابن حجر العسقلاني .

    اسد الغابة في معرفة الصحابة ، ابن الاثير .

    صفوة الصفوة ، ابن الجوزي

    الكامل في التاريخ ، ابن الاثير .

    طبقات الصحابة ، ابن سعد المعروف بطبقان ابن سعد .

    تاريخ الطبري ، الطبري

    مروج الذهب ، التنبيه والاشراف ، المسعودي .

    الملل و النحل ، الشهرستاني .

    البداية والنهاية ، ابن كثير .

    تاريخ الخلفاء ، السيوطي .

    العقد الفريد ، ابن عبد ربه .

    ضحى الاسلام ، أحمد أمين .

    فقة السنة ، سيد سايق .

    الاسلام عقيدة وشريعة ، محمد شلتوت .

    الخلافة الاسلامية ، سعيد عشماوي .

    صور من حياة الصحابة ، عبدالرحمن رأفت الباشا .

    توالي التأسيس ، معالي محمد بن ادريس العشقلاني .

    الشافعي ، حياته وعصره ، محمد أبو زهرة .

    المحصول في علم أصول الفقة ، الرازي .

    الموطأ ، الامام مالك .

    القاموس المحيط ، الفيروزآبادي .

    جناية البخاري ، زكريا أوزون .
                  

01-12-2008, 04:12 PM

عزالدين محمد عثمان
<aعزالدين محمد عثمان
تاريخ التسجيل: 07-13-2006
مجموع المشاركات: 1272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    الأكرم بدرالدين لك تحياتي..
    وتشكر على هذا البوست الذي اعتبره من
    الاهم بمكانة ان يكون مرفوعا دائما
    وان نقرأ مداخلات من يأنس في
    نفسه الكفاءة للادلاء بدلوه..
    انا متابع ولكن لاني ادرس ولذلك مشغول جدا
    واتمنى ان اجد الوقت للمداخله
    Quote:
    ذكرت سابقاً وسأذكر دوماً أن عقدة الامة العربية و الاسلامية ، وان عقدة اعتماد التراث في بناء المستقبل هي المشكلة الرئيسية في عدم بناء ذلك المستقبل ، وهذه المشكلة المعضلة أوصلت الامة الى ماوصلت اليه اليوم ، فكم من انسان عربي مسلم ولد عبقرياً فذاً ومات جاهلاً مكبوتاً امام عقد الماضي وحاكميته وتقديسه .

    انا اتفق مع ماجاء به الكاتب واري ان هذا
    المقطع يجسد المعضلة الواجب تخطيها والا
    سنسمع بوفاة العرب كما قال شاعرنا الفذ
    رحمه الله نزار قباني..
    ولك مودتي
                  

01-13-2008, 05:05 AM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: عزالدين محمد عثمان)

    الأخ العزيز محمد سليمان
    بعيدا عن حكمك على صاحب هذا الجهد (الاستاذ زكريا أوزون)
    فهو قدم لنا جهد نقدى مقدر نحتاجه كثيرا لفتح مداركنا
                  

01-13-2008, 05:21 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)
                  

01-13-2008, 05:38 AM

Elbagir Osman
<aElbagir Osman
تاريخ التسجيل: 07-22-2003
مجموع المشاركات: 21469

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)
                  

02-02-2008, 05:24 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: Elbagir Osman)

    Quote: Quote:
    ذكرت سابقاً وسأذكر دوماً أن عقدة الامة العربية و الاسلامية ، وان عقدة اعتماد التراث في بناء المستقبل هي المشكلة الرئيسية في عدم بناء ذلك المستقبل ، وهذه المشكلة المعضلة أوصلت الامة الى ماوصلت اليه اليوم ، فكم من انسان عربي مسلم ولد عبقرياً فذاً ومات جاهلاً مكبوتاً امام عقد الماضي وحاكميته وتقديسه .


    انا اتفق مع ماجاء به الكاتب واري ان هذا
    المقطع يجسد المعضلة الواجب تخطيها والا
    سنسمع بوفاة العرب كما قال شاعرنا الفذ
    رحمه الله نزار قباني..


    الأخ العزيز عزالدين محمد عثمان
    لك التقدير
    ياسيدى المعرفة ووسائل الوصول لها كم هى متاحة بس كيف نمنحها جزء من الوقت
                  

02-05-2008, 06:59 PM

بدر الدين الأمير
<aبدر الدين الأمير
تاريخ التسجيل: 09-28-2005
مجموع المشاركات: 23222

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: جـنايـة الشـافعي ـ تخلـيص الأمّـة من فقه الأئمّـة ( زكريا أوزون ) (Re: بدر الدين الأمير)

    Quote: فالعرب منذ أكثر من خمسة قرون لم يقدموا مصطلحاً علمياً واحداً – ولا أعني هنا ترجمة مجامع اللغة العربية للمصطلحات العلمية كما فهم البعض سابقاً فهي كثيرة ومخيفة – كما انهم لم يشاركوا في أي اكتشاف او اختراع او ابداع علمي في حين قدموا الآف الكتب الدينية والادبية التى بقيت حبيسة التنظير و التكرار و التقديس و الحفظ لآراء و أقوال و أفعال وصفات القدماء حتى أن أعلى و أرفع ألقاب درجات العلم الشرعي كانت ( الحافظ ) التى تعادل اليوم وبتواضع ( البروفيسور ) . اذا ، الحافظ من كتاب وسنة و أقوال وأفعال و أشعار للسلف وليس المفكر أو المحلل أو الناقد أو الباحث هو صاحب المكانة العلمية الرفيعة في تراثنا !!


    وكما نرى فإن هذا الكم من العطاء لم يؤد الى تقدم الانسان عامة والعربي المسلم خاصة ، بل على العكس أدى الى تخلفه وتشرذمه ، وحالنا اليوم لا يخفى على أحد .


    ولكي أظهر للقارئ أن الفكر الاسلامي في مطلع القرن الواحد و العشرين لا يختلف عن ماضيه في القرن الثامن على الرغم من كل صيحات التطوير و الاصلاح وتقارب او حوار الحضارات وغيرها من الاقاويل التى تطلق في الهواء لتبقى فيه .

    فإني سأربط الماضي مع الحاضر عبر بعض الاحكام عند الامام الشافعي وما يقابلها اليوم من استمرار المنهج ، وذلك من خلال المواضيع الثلاثة التالية :

    1- أحكام في النكاح .
    2- أحكام في أهل الكتاب و الحروب .
    3- العنف و القسوة .


    1- أحكام في النكاح :

    إن الامام المجتهد في يومنا من الاخوة الشيعة ( الاثني عشرية ) التى كان يقول الامام الشافعي في أسس انطلاقها :

    إن كان رفضـــاً حـــب آل محــــمد
    فليشــــــــــــــــــــهد الثقــــــــلان أنـــي رافـــــض

    وأما أسمه فهو الفقيه السيد محمد علي الطباطبائي الحسني في كتابه علوم و أحكام مستجدة ( الطبعة الاولى عام 1993 م ) وفيما يلي أحكام الإمام الشافعي من كتابه الموسوعي الام مع ما يقابله من كتاب علوم و أحكام مستجدة للسيد الطبأطبائي :

    في كتاب النكاح – باب الرجل يرضع من ثديه – يقول الامام الشافعي :

    " ولا أحسبه ينزل للرجل لبن فإن نزل له لبن فأرضع به مولودة كرهت له نكاحها ولولده ، فإن نكحها لم أفسخه لان الله تعالى ذكر رضاع الوالدات الاناث والوالدون غير الوالدات . ا . هـ " (م) .

    وفي باب رضاع الخنثى يقول :

    " أصل ما أذهب اليه في الخنثى انه اذا كان الاغلب عليه انه رجل نكح امرأة ولم ينزل فنكحه رجل فإذا نزل له لبن فأرضع به صبياً لم يكن رضاعاً يحرم وهو مثل لبن الرجل لاني قد حكمت له انه رجل ، واذا كان الاغلب عليه انه امرأة فنزل له لبن من نكاح و غير نكاح فأرضع به صبياً حرم كما تحرم المرأة اذا أرضعت ، فإذا كان مشكلاً فله أن ينكح بأيهما نكح به لم أخبر له غيره ولم أجعله ينكح بالآخر . ا. هـ " (م) .

    ونجد في المقابل أن السيد الطباطبائي يقول :

    حكم (47) اذا جامع الحيوان او الميت او الخنثى لامرأة حية فلا تكون مجنبة ولكن الاحتياط عليها الغسل و الوضوء . ( صفحة 42 ) .

    حكم (68) لو كان للانثى ذكر يشكل لزوجها ان يدخل ذكرها في دبره ( صفحة 19 ) .

    حكم (115) لو تحول الرجل الى امرأة فما ولده بواسطة جماعه لزوجته يعتبر هو أباً لهم ، ولايكون لشخص أمان بلا أب ، واما ولده من بطنه بعد كونه امرأة فيعتبر أماً له ولايكون لشخص أبان بلا أم . ( صفحة 26 ) .

    وفي باب الاستمناء يقول الامام الشافعي :
    " فلا يحل العمل بالذكر الا في الزوجة أو في ملك اليمين ولا يحل الاستمناء والله أعلم . ا. هـ " (م)

    أما السيد الطباطبائي فيقول :
    حكم ( 112) استمناء المرأة بواسطة مجسم مطاطي أو آلة حرام ، وأما إدخال زوجها قطعة المطاط فيها حتى تستمني فهو حلال . ( صفحة 26 )

    حكم (32) يحرم على الرجل أن يعمل العادة السرية بأن يحرك ذكره بيده أو بآلة حتى يحذف ، الا بيد زوجته أو بجزء من بدنها ، والاحوط وجوباً للمرأة ايضاً أن لاتمارس الى حد القذف الا بجسم زوجها . ( صفحة 32 ) .

    وفي ( باب تفريع تحريم السملمات على المشركين ) يقول الامام الشافعي :

    " فإذا أسلمت المرأة أو ولدت على الاسلام أو أسلم أحد أبويها وهي صبية لم تبلغ ، حرم على كل مشرك كتابي ووثني نكاحها بكل حال . أ. هـ " (م)

    أما السيد الطبأطبائي فيقول :

    حكم ( 58 ) يحرم على المسلمة التزوج بالكفار من : أهل الكتاب ، أو الملحدين ، او الدروز ، او الصابئة ، او السنة الناصبين العداوة لأهل البيت ( ع ) وشيعتهم ، ويجوز التزوج من الشيعة بالسني المحب لأهل البيت والمعترف بصحة عمل وعبادة الشيعة ( صفحة 18 ) .

    2- أحكــــام في أهل الكتاب و الحروب :

    رأينا سابقاً في كتابنا هذا جزءاً من أحكام أهل الكتاب عند الامام الشافعي ، ونورد هنا بعضها فقط حيث يقول في ذلك :

    " ليس لكم ان تظهروا في شيء من أمصار المسلمين الصليب ولا تعلنوا بالشرك ولا تبنوا كنيسة ولا موضع مجتمع لصلاتكم ولا تضربوا بناقوس ولا تظهروا قولكم بالشرك في عيسى بن مريم ولا في غيره لأحد المسلمين ، وتلبسوا الزنانير وتخالفوا بسروجكم وركوبكم ..... إلخ .... " ( م )

    ويقول في موضع آخر :
    " ولايدع مشركاً يطأ الحرم بحال من الحالات طبيباً أو صانعاً بنياناً أو غيره لتحريم الله عزوجل دخول المشركين المسجد الحرام وبعده تحريم رسوله ذلك . أ . هـ " (م) .

    أما فقيه يومنا فهو الشيخ عبدالعزيز المحمد السلمان المدرس في معهد إمام الدعوة في كتابه " الاسئلة والاجوبة الفقهية المقرونة بالادلة الشرعية " ( طبعة خامسة عام 1976 – الجزء الثالث ) فيقدم لنا في كتابه المذكور آنفاً أحكام أهل الذمة نظماً كما يلي :

    وبـلزمهم عنــــا تميــــــــــــز لبســـهم
    وترك لفرق الشعـــــــــر ربى المســــــــــود
    وبـلزمهم بزنــار فويق ثيــــــــابــهـــم
    أو الرؤوس منهم فوقـــــها الخرق اشـــــــدد
    وحذف مقاديــــم الرؤوس ليلزمـــــوا
    ولا يكتنـــوا مثـــل اكتنـــــــــــاء الموحــــــــد
    وطوق حديد أو رصــــاص ليدخلوا
    لحمامنــــا أو جــلجـــــــــلاً ليقــــــــــــــــــــلد
    ولافوق بغــل أو حمــــار بسرجـــــه
    بل الاكـــــف امنحهم وعرضــــاً ليقعــــــــــد
    وقل وعليكم إن يســـــــلم بعضهم
    مجيبــــــاً لـــندب لا تجـــــــــزه لمــــبتـــــدي
    وعن ضرب ناقوس وإظهـــــار منكر
    وعيــــــد وإعــــــــلان الكتابييـــن فاصــــدد
    ومن غير آذن من دخـــول الحجاز ذد
    وبالاذن مـــــــن يمكـــــث بمـــــثوى موحـــد


    وفي باب ( بلاد العنوة ) يقول الشافعي :

    " واذا ظهر الامام على بلاد اهل ونفى عنها اهلها او ظهر على بلاد وقهر اهلها ولم يكن بين بلاد الحرب التى ظهر عليها وبين بلاد الاسلام مشرك او كان بينه وبينهم مشركون لا يمنعون اهل الحرب الذين ظهروا على بلادهم وكان قاهراً لمن بقي محصوراً ومناظراً له وان لم يكن محصوراً فسأله أولئك من العدو أن يدع لهم أموالهم على شيء يأخذه منهم فيها أو منها قل أو كثر لم يكن ذلك له لانها صارت بلاد المسلمين وملكاً لهم ولم يجز له الا قسمها بين أظهرهم " ( م) .

    أما الشيخ السلمان فيورد لنا تلك الاحكام نظماً كما يلي :

    وأقســـــام أموال الانــــــام ثــــــــلاثـــــــــــة
    فــــــــمـــال زكـــــــــاة فيـــــه بــــالذكــــــر قيــد
    وثانيـــه أمـــــــــــوال الغــــنيمة توجـــف ال
    ـــــــركاب عليها فـــــي وغى متـــوقــد
    وللفيء مال وهو ما ليس موجف الــــ
    ــــــــركاب علـــيه فــي قتـــال لجــحـــد

    وتجدر الاشارة هنا الى ان كتاب الشيخ السلمان المذكور سابقاً قد طبع على نفقة صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وجعل وقفاً لله تعالى – كما كتب على غلافه الخارجي الرئيسي – فهل اطلع صاحب السمو على خطورة ما في ذلك الكتاب من احكام على الناس جميعاً بمن فيهم أهل المملكة نفسها ؟!!

    3- القســـــوة و العنف :

    يخطىء من يظن ان مظاهر العنف و القسوة وسمة الارهاب التى اصبحت تلتصق بالمسلمين اليوم وخاصة العرب منهم هي وليدة ايامنا المعاصرة او انها تستند الى احكام رجال الدين المعاصرين .

    انها تمتد في جذورها الى افكار واجتهادات السلف الصالح ، وهي تستند وتنطلق من فقة الائمة السابقين وتتغذى عليه وتشكل امتداداً حياً له .

    فعندما يقول الامام الشافعي في أموال أهل الكتـــــاب :

    " فليس علينا ان نمنع لكم شيئاً ملكتموه محرماً من دم ولا ميتة ولا خمر ولا خنزير كما نمنع ما يحل ملكه ولا نعرض لكم فيه الا انا لا ندعكم تظهرونه في أمصار المسلمين فما ناله منه مسلم او غيره لم نغرمه ثمنه لانه محرم ولا ثمن لمحرم . ا. هـ " (م) .

    نجد من طبق ذلك في المحروسة / مصر / في هجمات التخريب التى طالت محلات وأسواق شارع الهرم .

    وعندما يقول الامام الشافعي في المرتد :

    " وليس كالمسلم يرتد لان رجلاً لو قتل مسلم مرتداً لم يكن عليه شيء . ا. هـ " ( م)

    نجد من طبق ذلك في المحروسة / مصر / ايضاً عندما امتدت يد الظلم و الطغيان و الجهل لقتل المفكر الكبير فقيد الامة المغفور له فرج فوده لانها رأت في حججه موضوعيته وإصلاحه لمجتمعه ردة حكمها جاهز عند إمام مصر الامام الشافعي .

    وعندما يقول الامام الشافعي في اظهار دين النبي " صلى الله عليه وسلم " على الاديان :

    " أظهر الله عزوجل دينه الذى بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم على الاديان بأن أبان سمعه انه الحق وما خالفه من الاديان باطل وأظهره بأن جماع الشرك دينان أهل الكتاب و دين الاميين . ا. هـ " (م) .

    نجد ان معظم وسائل الاعلام المسموعة و المرئية تنشر خطاب الاصوليين الذى يقسم البلاد الى دارين دار الكفر ودار الايمان والذى نشتم منه رائحة الكراهية و القسوة ضد الآخرين .

    بعد ذلك العرض المختصر للأحكام السابقة الا يحق لنا أن نقول : إن أفكار المسلمين في مطلع القرن الواحد و العشرين وهي نفسها في مطلع القرن الثامن الميلادي ؟

    لقد دخل الغرب القرن الواحد والعشرين بحفل رعاه كل من رئيس الولايات المتحدة الاميركية / بيل كلينتون / آنذاك ورئيس مجلس الوزراء البريطاني / طوني بلير . انه حفل اكتشاف الخارطة الجينية البشرية ؛ وحق لهم الفخر والاعتزاز بما أنجزوه وحق لكل من بحث في ذلك وطوره ان يحصل على لقب ( العالم ) بكل جدارة وعزة لما قدمه وسيقدمه من خير للبشرية والانسانية جمعاء .

    وفي المقابل دخل العرب المسلمون القرن نفسه باختراق الابنية البرجية العالمية وهدمها وقتل الاطفال والنساء والابرياء وفتاوى قتل وتكفير الآخرين وفتاوى تحريم ألعاب البوكيمون وتحريم وضع صور النساء السافرات على غلاف المجلات أو الصحف .

    وفي حين يرى البعض او الكثير منا عالماً كبيراً – كباستور مثلا – الذى انقذ أرواح الملايين من الناس باكتشافه وبحثه في عملية البسترة / قتل الجراثيم / لم يقدم شيئاً للإنسانية والبشرية حتى انه لا يستحق لقب العالم وقد تكون جهنم مأواه وبئس المصير ، فإنهم يرون أن باحثاً في اسباب فتح او كسر همزة ( إن ) هو عالم علامة ساهم في الحفاظ على تراث الامة وفكرها وهويتها وستكون الجنة مأواه ونعم المصير .

    ومازلت أذكر رأياً لأحد كبار العلماء من رجال الدين في بلدنا وصف فيه نظرية داروين انها اصبحت في سلة المهملات ؛ علماً أن معظم الابحاث و الدراسات البيولوجية و الوراثية الجينية الحديثة تثبت صحة نظرية التطور كما أكد مؤخراً بحث العلماء برايــن وسايكــس ( الانكليزيين ) وجاكوب ( الفرنسي ) ومولر ( الاميركي ) .

    مع الاشارة الى ان عالمنا الناقد لا يعرف كيف يحل معادلة من الدرجة الثامية في مادة الجبر مثلاً التى ينسب للعرب تأسيسها أو لنقل تطويرها في الماضي الغابر .

    يا لها من مفارقة غريبة عجيبة ، ومفارقة تذكرني بقول الشاعر مخاطباً الشهيد يوسف العظمة في معركة ميسلون على تخوم مدينة دمشق ضد الاحتلال الفرنسي بقوله :

    يـــا راقداً في روابـــــــــــي ميسلــــــــــون أفق
    جلــــت فرنســـــا ومـــا في الدار هضـــــام
    لأتوجه الى الامام الشافعي قائلاً :

    يا راقداً في أرض مصر نم قريراً مطمئن البال فقد تركت أمة دخلت القرن الواحد و العشرين بالخراب و الدمار و الدماء ، أمة غاية جهدها الهروب من هذا القرن السابع راكبة جواد الآمال والاحلام وأوهام الحقيقة .

    أمة تسير وهي تنظر الى الخلف وسلاحها لحاضرها ومستقبلها المجهول الدعوات و الصلوات و التواكل وكره الآخرين .

    أمة استعاض شبابها عن صكوك غفران القرون الوسطى بشراء حياة النساء و الاطفال الابرياء بحياتهم التى اصبحت لا قيمة لها من شدة الاحباط .

    أمة سخرت وضحكت من جهلها كل الامم !! ولا حول ولاقوة الا بالله العظيم .


    أخيراً وقبل انهاء هذا الفصل أستعرض قولين ينسبان الى الامام الشافعي ويستخدمان كثيراً في أيامنا المعاصرة في معظم الحوارات و المناظرات .

    - القول الاول : اذا صح الحديث فهو مذهبي .
    - القول الثاني : رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب!

    في القول الاول نجد انه صح عن النبي " صلى الله عليه وسلم " قوله :

    اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي واسرافي في امري وما انت اعلم به مني ، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطاياي وعمدي وكل ذلك عندي – متفق عليه –

    وعليه فإن ذلك الحديث يمكن ان يمثل مذهب الامام الشافعي الذي يبين لنا بوضوح ان كل ابن آدم خطاء ، والامام الشافعي و الصحابة من قبله لا يستثنون من ذلك ابداً وبالتالي فإنه يؤخذ منهم ويرد عليهم !!

    اما القول الثاني ففيه التعالي و الفوقية لانه ينطلق من صحة رأية أولاً وخطأ الآخرين ، وهو كذلك لا يبيين لنا مفهوم مصطلح الصواب أو الخطأ الفضفاض و الذى لا يمكن لأحدنا الجزم فيه خاصة في مجال العلوم الانسانية ؛ وهنا استبدل ذلك القول فأقول :

    " ........ حقك إبداء رأيك وحقي قبوله أو رفضـــه " .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de