|
لم يُترك شيء لكي يُحرق!
|
الأعزاء جميعا أدناه ما اوردته المجموعة الدولية للازمات حول الوضع في دارفور. آمل في مداخلاتكم
لم يُترك شيء لكي يُحرق! Emma Bonino and William Shawcross in Al Hayat قال مسؤول الاغاثة في الأمم المتحدة دانيل اوغستبرغر للمراسلين الأسبوع الماضي مشيراً الى أحداث دارفور: «لم تبق قرية لكي تحرق»، مضيفاً أن «حركة تهجير السكان توقفت الى حد ما». بهذا، بعد أكثر من سنة على الحرب، خيم صمت قلق على هذا الاقليم في غرب السودان. لكن احراق كل قرى دارفور لا يعني نهاية الفظائع بحق المدنيين في الاقليم. ذلك أن ميليشيا «جنجويد» العربية المدعومة حكومياً تواصل حملات القتل والاغتصاب الجماعيين ضد القبائل الافريقية في دارفور. ولا تكتفي حكومة الخرطوم بدعم الميليشيا بالمال والسلاح، بل تساندها تكتيكياً أيضاً بالقصف الجوي للقرى مباشرة قبل هجوم الميليشيا عليها. وقامت ميليشيا «جنجويد» بتجميع المدنيين في معتقلات - شبهها البعض بمعتقلات النازيين - حيث يتعرضون للموت البطيء بالأمراض ونقص التغذية. ومرّ موسم الزرع هذه السنة في غياب الزارعين، فيما تقصدت الميليشيا تدمير مخزونات الحبوب، وتستمر الحكومة في منع المساعدات الانسانية عن المدنيين المهجرين - أي ان الذين لم يقتلوا فوراً يتعرضون للتجويع حتى الموت. وكلفت هذه الحرب حتى الآن عشرات الألوف من القتلى، اضافة الى تشريد أكثر من مليون من السكان الى مناطق اخرى من السودان، وتهجير نحو 110 ألف الى تشاد المجاورة. وتقدّر وكالة المساعدات الأميركية ان مئة ألف سيقضون مرضاً وجوعاً، حتى لو توقفت الهجمات الآن. باختصار: حكومة السودان تشن سياسة الأرض المحروقة وما يشبه حرب الابادة على مواطنيها. لكننا رأينا كل هذا من قبل. فالكثير من هذه التكتيكات معروف منذ الحرب التي خاضتها الحكومة في الجنوب منذ عقود. ان سياسة الأرض المحروقة هي المفضلة لدى حكومة الخرطوم في التعامل مع حركات التمرد. واستمرت سنين طويلة في الهجوم على مواطنيها خلال الصراع مع الجيش الشعبي لتحرير السودان. الا انها في الشهور الأخيرة وجهت قمعها الدموي الى سكان دارفور الذين تعتقد انهم يساعدون حركتي تمرد اخريين، هما جيش تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة. المفارقة المؤلمة هي ان التقدم في محادثات السلام مع الجيش الشعبي لتحرير السودان في الآونة الأخيرة ساهم في كارثة دارفور. فقد اعتبر جيش التحرير أولاً، ثم حركة العدل والمساواة، ان توصل الخرطوم والجيش الشعبي الى السلام يحرمهما من المشاركة في صياغة سودان المستقبل، ومن هنا فقد حملت الحركتان السلاح، وتمكنتا في البداية من احراز بعض النجاح. ودفع هذا حكومة الخرطوم الى استئجار ميليشيا الجنجويد ضد السكان المدنيين في درافور. وتتزايد حالياً الشكوك في ان الحكومة تتباطأ في التوصل الى اتفاق مع الجيش الشعبي لتحرير السودان لكي تستغل الوقت لتوجيه قدراتها العسكرية نحو دارفور. وفي أي حال فما يشبه المؤكد أن حسابات الخرطوم - وهي صحيحة كما يبدو - كانت ان الأسرة الدولية لن تدين ممارساتها في دارفور ما دام السلام في الجنوب يبدو بهذا المدى من القرب. لكن على الأسرة الدولية ان تدرك أن أوان الصمت على وضع دارفور قد فات، اذ أن المجازر أبشع وأوسع مما يسمح بالتغافل. ولا يمكن في هذا السياق الا استنكار الصمت المستمر من جامعة الدول العربية والعالم الاسلامي تجاه الوضع. ذلك ان المعتدين العرب والضحايا الأفارقة كلاهما من المسلمين، ولذا كان المتوقع ان تتفاعل الجامعة والعالم الاسلامي مع القضية، على الأقل بشكل نداء من الجامعة الى اشقائها العرب في السودان بكبح جماح الميليشا، وادانة قوية من قبل العالم الاسلامي لسفك دماء المسلمين هناك. موقف الاتحاد الأوروبي لم يكن أفضل بكثير. اذ لم يتجاوز الاحتجاج الباهت. ولم يزد بيان من رئاسة الاتحاد في دبلن الشهر الماضي على القول بأن «من الضروري ان تفي حكومة السودان بالتزامها السيطرة على القوات غير النظامية المعروفة باسم جناويد». وجاء هذا الموقف الضعيف بعد أسبوع على تصريح من الرئيس جورج بوش بأن على السودان «فوراً منع الميليشات المحلية من ارتكاب المجازر ضد السكان المحليين»، وأيضاً بعد أسبوع على تصريح من الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أشار فيه الى «التطهير العرقي» في دارفور وأثار صراحة احتمال التدخل العسكري لوقفه. على أوروبا أن تسارع الى اللحاق بهذه المواقف. علينا ان تدرك خطورة الوضع في دارفور وتستعمل نفوذها في مجلس الأمن، وهو واسع بالتأكيد لانه لا يقتصر فقط على العضوين الدائمين فرنسا وبريطانيا بل يتعداه الى وجود ألمانيا واسبانيا في المجلس حاليا، اضافة الى رومانيا الساعية الى الانضمام الى الاتحاد الأوروبي. على هذه الأطراف الأوروبية الضغط لعقد اجتماع طارىء لمجلس الأمن لاصدار قرار في قضية دارفور، يبين لحكومة السودان دون مواربة وجوب الوقف الفوري للقتل والتطهير العرقي في الاقليم، والسماح للمساعدات الانسانية بدخوله. على المجلس أيضاً ان يخول الدول الأعضاء اتخاذ كل الخطوات، عدا استعمال القوة، ضد السودان، مع تحذير حكومة الخرطوم من أن استعمال القوة سيكون النتيجة اذا لم تغيّر ممارساتها فوراً. هذا النوع من الانذار المباشر هو السبيل الوحيد للبرهنة على ان الأسرة الدولية تعني ما تقول عندما تؤكد انها لن ترضى بالبقاء مجدداً مكتفة الأيدي أمام المجازر. ربما فات الأوان على انقاذ قرى دارفور المحروقة، لكن لا يزال بالامكان انقاذ حياة مئات الألوف من السكان. ٭ ايما بونينو عضوة البرلمان الاوروبي ومفوضة اوروبية سابقة. وليام شوكروسكاتب وصحافي. والاثنان عضوان في «المجموعة الدولية للأزمات».
|
|
|
|
|
|