|
دارفور: 6 ملايين بحاجة لمساعدات عاجلة
|
دبي (هاتفيا) – خالد عويس
أجمعت مصادر متطابقة على خطورة الوضع الإنساني في ولاية دارفور غربي السودان، وشدد وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان إسماعيل على حاجة 6 ملايين (هم مجمل سكان ولاية دارفور)، لمساعدات إنسانية نافيا وقوع "تطهير عرقي" هناك، وشن إسماعيل في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت" هجوما حادا على بعض المنظمات الدولية التي وصفها بأنها "صاحبة الصوت الأعلى والعمل الأقل" مشيرا إلى أن المنظمات النرويجية على وجه الخصوص ذات أهداف مشبوهة، وأن ميزانياتها في السودان لا تتجاوز 50 ألف دولار، وتحدى الوزير السوداني "من يأت بدليل على انتشار أوبئة أو حصول مجاعة في دارفور".
ووفقا لتقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية فإن أكثر من مليون و 100 ألف مدنيا في دارفور تسببت الحرب الدائرة منذ فبراير 2003 بين الحكومة السودانية ومليشيا الجنجويد من جهة، وحركات مسلحة من دارفور من جهة أخرى في لجوئهم إلى تشاد أو نزوحهم إلى مناطق سودانية، ووصفت الأمم المتحدة ما يحدث في دارفور بأنه "أكبر كارثة عالمية" علي الصعيد الإنساني، وقالت الأمم المتحدة بأن 10 آلاف شخص قضوا منذ بدء النزاع، من جانبها قللت الحكومة من الاتهامات الموجهة لها بعرقلة المساعدات الإنسانية وعدم حماية المدنيين في دارفور. وكشف المتحدث باسم قسم إفريقيا في منظمة العفو الدولية غياث الجندي عن تأكد منظمته من وقوع حالات اغتصاب حتى بالنسبة للأطفال، فضلا عن حالات إعدام بالجملة مشيرا إلى أن شاهد عيان، وصف للمنظمة كيفية قيام الجنجويد باعدام 160 رجلا في احدى القرى، ولم ينج من المجزرة إلا ثلاثة كان من بينهم الشاهد الذي أدلى بافاداته للعفو الدولية، "غير أنه اعتقل لاحقا ولا نعرف مصيره" مضيفا بأن ما تشهده دارفور يعتبر بكل المقاييس تطهيرا عرقيا وابادة جماعية، من ناحيته نفى رئيس لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس السوداني بخصوص دارفور أن تكون لجنته واقعة تحت أي ضغوط حكومية، وقال القاضي السابق دفع الله الحاج يوسف لـ العربية.نت" أن لجنته ستتوجه إلى دارفور وربما تشاد لجمع معلومات بشأن الانتهاكات الانسانية، وكشف المستشار الاعلامي للأمين العام للجامعة العربية عن نية الجامعة للدعوة لاجتماع بخصوص دارفور ، وقال حسام زكي لـ"العربية.نت" ان الوضع في دارفور في غاية الخطورة.
جهود حكومية لصالح دارفور
ونفى وزير الخارجية السوداني مصطفى إسماعيل في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت" أن تكون حكومته منعت منظمة "أطباء بلا حدود" من الحصول على تصاريح لزيارة دارفور مشيرا إلى وجود 20 منظمة غربية في المنطقة جلها من وكالات الأمم المتحدة. ورد المسؤول السوداني على تصريحات منسوبة لكارولين فوفيل مسؤولة قسم الطوارئ في "أطباء بلا حدود" أكدت من خلالها منع الحكومة السودانية منظمتها من الحصول على تصاريح لزيارة دارفور، بأن السفيرين البريطاني والهولندي لدى بلاده عضوان في لجنة تشرف على منح التصاريح الخاصة بزيارة دارفور، وكشف عن أن العدد الكلي للمتضررين والمتأثرين بما يجري في دارفور هو 6 ملايين مواطن هم جملة سكان دارفور، مؤكدا أن أسباب حاجة هؤلاء لغوث تتعدى المعارك والظروف الأمنية لتشمل التصحر والجفاف، إلا أنه يصعب "التفريق بين من تأثروا بالحرب ومن تأثروا بالظروف الطبيعية الأخرى"، وحذر المسؤول السوداني من مغبة التأخر في تقديم دعم عاجل لسكان دارفور لأن موسم الخريف يدق الأبواب، و"لابد من توفير مؤن لكل هؤلاء". وقال إسماعيل إنه يصعب حصر اللاجئين في تشاد بسبب الحدود المتداخلة على الرغم من تأكيدات السلطات التشادية بأن عددهم 30 ألفا، في حين تقدر منظمات دولية العدد بـ 100 ألفا، ورحب إسماعيل بالزيارة التي يزمع القيام بها إلى دارفور الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، مؤكدا أن بلاده كلها مفتوحة أمام عنان مشيرا إلى زيارات قام بها مسؤولون دوليون إلى دارفور، كان آخرهم وزيرة التعاون الدولي البريطاني ورئيس منظمة الغذاء العالمية، والمبعوث البريطاني السابق إلى السودان آلان غولتي، بالاضافة لمسؤولين بارزين في اليونسيف ومنظمة الصحة العالمية، أكدوا على مأسوية الوضع الانساني بيد أنهم نفوا حدوث تطهير عرقي.
مناشدة سودانية للدول العربية
وقال إسماعيل إن حكومته هي أكبر المانحين تليها الولايات المتحدة التي التزمت بتقديم دعم في حدود 180 مليون دولار ثم المملكة المتحدة بـ 30 مليون دولار والاتحاد الأوربي بـ 10 مليون دولار، وناشد الوزير السوداني الدول العربية بتقديم دعم عاجل لكيلا تترك ساحة دارفور للغربيين وحدهم، وأضاف إسماعيل "ما زلنا في حاجة لمزيد من الدعم العربي ونتمنى أن يتجاوب العرب أكثر"، لكنه أِشار إلى الاستجابة السريعة من قبل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية من خلال جسرين جويين إلى دارفور مباشرة.
وكشف الوزير السوداني عن أن معظم القتلى في دارفور هم من منسوبي الجيش والشرطة السودانيتين، وقال إن 486 من عناصر الشرطة قتلوا في هجوم واحد بينما ذبح 76 جنديا من الجيش في أثناء هجوم على مدينة الفاشر، وأضاف بأن أرقام القتلى التي نشرتها بعض المنظمات (10 آلاف قتيل) مبالغ فيها وأنه حتى باعتبار مقتل 10 آلاف فإن ذلك لا يعني تطهيرا عرقيا أو ابادة جماعية. وأشار إسماعيل إلى أن استراتيجية الخرطوم تقوم على توفير أكبر قدر من الدعم كاشفا عن أن حكومته جهدت في توفير مواد غذائية ستغطي احتياجات المتضررين إلى نهاية أغسطس المقبل، وأضاف بأن البرنامج الذي وضعته في 24 مايو الماضي يقضي بالعمل على محاور أربعة تتمثل بتوفير الأمن من خلال خضوع ولاية دارفور لمراقبة، يقوم مراقبون أفارقة موجودون في غرب السودان حاليا، وعبر لجنة شكلها الرئيس السوداني برئاسة القاضي السابق دفع الله الحاج يوسف، وعضوية آخرين من بينهم معارضين للحكومة، وأضاف بأن الحكومة كلفت القوات المسلحة بتأمين الطرق فيما تم تكليف وزيري الداخلية والعدل باعداة فتح مديريات الشرطة، والنيابة لكي تتم السيطرة على المليشيات المسلحة "التي أنشئت لمواجهة التمرد"، وقال إسماعيل إن 80% من مهمة جمع السلاح أنجزت، وأشار إلى أن فتح المجال أمام المنظمات الدولية للعمل في دارفور جعل الطريق ممهدا أمام الجميع للعمل على درء الكارثة، مضيفا بأن الأسباب التي دعت الحكومة سابقا لوقف التراخيص لزيارة دارفور، تمثلت في ضرورة التدقيق في عمل المنظمات، وتفريق تلك العاملة في مجال الإغاثة عن الأخرى التي تأتي إلى السودان بهدف التجسس. وقال الوزير السوداني إن حكومته من ناحية ثانية تبذل جهدا في اتجاه تسوية سياسية، من خلال العمل على عقد مؤتمر نهائي لحلحلة الوضع في دارفور، مشيرا إلى تكوين لجنتين احداهما يرأسها عزالدين السيد وتضم في عضويتها 150 شخصا جلهم من دارفور، بينما تعمل الأخرى على التفاوض مع الخارج ممثلا بحركة تحرير السودان في دارفور، وأشار إسماعيل إلى أن المؤتمر النهائي يهدف لبحث قسمة السلطة والثروة وقضايا التنمية في دارفور علاوة على جمع السلاح من المليشيات بشكل نهائي، وأوضح أنه من المتوقع مشاركة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي فضلا عن الجامعة العربية في فاعليات المؤتمر الذي لم يكشف عن موعد انعقاده، لكنه أشار إلى أنه سيعقد بمجرد الفراغ من جمع السلاح و اعداد أوراق المؤتمر التي أكد انها شارفت على الاكتمال.
العفو الدولية: الحكومة السودانية تضيع الوقت
إلى ذلك كشف متحدث باسم منظمة العفو الدولية عن تأكد منظمته من وقوع حالات اغتصاب، حتى بالنسبة للأطفال فضلا عن حالات إعدام بالجملة، مشيرا إلى أن شاهد عيان وصف للمنظمة كيفية قيام الجنجويد باعدام 160 رجلا في احدى القرى لم يبلغوا بأي تهم، ولم ينج من المجزرة إلا ثلاثة كان من بينهم الشاهد الذي أدلى بافاداته للعفو الدولية " غير أنه اعتقل لاحقا ولا نعرف مصيره"، مشيرا إلى أن المشاهدات الميدانية لمنظمته علاوة على التقارير، أكدت بأن ما يزيد عن مليون شخص يواجهون أخطار محدقة جراء نقص الغذاء مشيرا إلى أن الدعم الانساني وصل إلى المئات فقط، بينما ينتظر مئات الآلاف مساعدات انسانية، وحمل المتحدث باسم قسم إفريقيا في المنظمة الدولية غياث الجندي في تصريحات خاصة لـ"العربية.نت" على الحكومة السودانية قائلا "كانت حكومة السودان تمنع إلى وقت قريب منح أي تصاريح لزيارة دارفور". وزاد الجندي بأن "الحكومة السودانية على الرغم من المرونة التي أبدتها أخيرا، إلا أنها لا زالت تعرقل وصول المساعدات إلى سكان دارفور" وأضاف "الحكومة السودانية تبرر أفعالها وتضيّع الوقت، وبدلا من أن تسعى لمعالجة الوضع تضع اللوم على الآخرين"، في إشارة لاتهام الحكومة السودانية منظمات دولية بأنها مشبوهه، وأشار الجندي إلى أنه يتوجب على الخرطوم أن تعمد إلى وقف اطلاق النار، ونزع سلاح مليشيا الجنجويد الناشطة في المنطقة، مؤكدا أن كثيرين ممن اتصلت بهم منظمة العفو الدولية في دارفور يرفضون العودة إلى قراهم ومدنهم خوفا من "الجنجويد".
وأكد الجندي مقتل 10 آلاف خلال المواجهات في دارفور مشيرا إلى أن منظمته تعلق المسؤولية كاملة على عاتق الحكومة السودانية، وقال الجندي "من حق الحكومة السودانية القيام بعمل ما ضد العمل المسلح لكن ذلك العمل كان مرعبا"، وأشار إلى أن "ذلك العمل" تمثل بقصف قرى بأكملها بالطائرات العسكرية بالإضافة لتسليح الجنجويد، وطالب الجندي الخرطوم بالكشف عن مصير بعض النشطاء الذين تحركوا لوقف التطهير العرقي في دارفور، مشيرا إلى أن المحامي صالح محمود عثمان ومدير واحدة من منظمات حقوق الإنسان السودانية يدعى مضوي إبراهيم آدم اضافة إلى على حسين دوسة (عضو بالبرلمان السوداني) اعتقلوا إلى جانب مئات آخرين، وقال إن 9 تهم وجهت لمضوي إبراهيم آدم تصل عقوبة إحداها إلى الإعدام. وشكك الجندي في أداء اللجنة التي كونها الرئيس السوداني عمر البشير لتقصي الحقائق قائلا "لدينا اتصالات ببعض أعضاء اللجنة، لكننا غير واثقين من أن اللجنة ستحظى بدعم حكومي"، وأشار إلى أن منظمة العفو الدولية ستحكم على اللجنة من خلال النتائج.
لجنة تقصي الحقائق : لن نتردد في كشف المسؤولين
لكن رئيس لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس السوداني بخصوص دارفور نفى أن تكون لجنته واقعة تحت أي ضغوط حكومية، وقال القاضي السابق دفع الله الحاج يوسف لـ العربية.نت" إن لجنته تعقد اجتماعاتها ولقاءاتها مع ممثلين من دارفور وتستدعي شهودا بعيدا عن أية وصاية حكومية، وأضاف بأن اللجنة التي أدت القسم يهمها أن تتوصل إلى الحقائق ولم تتلق منذ تشكيلها أي اتصالات من طرف الجانب الحكومي، وأكد الحاج يوسف بأنه لن يتردد في رفع تقرير للرئيس السوداني في حال ثبت للجنته تورط أي مسؤول حكومي سوداني في الانتهاكات المثار حولها الجدل مبديا دهشته من تشكيك منظمة العفو الدولية في لجنة تقصي الحقائق متسائلا في الوقت عينه "لماذا لا تشكك منظمة العفو الدولية في اللجان التي تشكلها حكومات بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها"، وأضاف بأن لجنته تعكف حاليا على جمع المعلومات قبل أن تتوجه إلى دارفور وربما تشاد "إذا اقتضى الأمر".
الجامعة العربية : تقصير عربي تجاه دارفور
في السياق عينه كشف المستشار الإعلامي للأمين العام للجامعة العربية عن عزم الجامعة للدعوة لاجتماع بخصوص دارفور، إلا أنه ليس في القريب العاجل و"ليس في نية الأمين العام للجامعة العربية التوجه إلى دارفور". وقال حسام زكي لـ"العربية.نت" إن الجامعة العربية لا تتفق مع رؤية منظمة العفو الدولية بأن ما يجري في دارفور هو بمثابة تطهير عرقي أو ابادة جماعية، وأن وفد الجامعة الذي توجه إلى دارفور عاد بنتائج تؤكد على ذلك، لكنه أشار إلى أن "الحكومة بنفسها تعترف بأن هناك انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان". وأضاف بأن الجامعة العربية تسعى لتسوية الصراع بعيدا عن السلاح، وشدد زكي على أنه يجب أن تظهر الدول العربية سخاءا أكبر في هذا الموضوع لأن الوضع الانساني صعب، وقال مسؤول الجامعة العربية إن التقصير تجاه دارفور لا ينسحب على الدول العربية فقط وانما على الأسرة الدولية بأسرها.
نقلا عن "العربية. نت" http://www.alarabiya.net/Article.aspx?v=4426
|
|
|
|
|
|