دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
خالد محسن ذاكرة موظفي الستينات او رغم انف الاصولية
|
كنت توقفت كتيرا عند كتابات محسن خالد وادركت انه صيد ثمين للنزعة الاصولية وبحدس أو لا حدس ادركت انه ينتظر دوره فقط هي الايام والساعات تنتظره ليخرج عليه مهوس من فج عميق يسومه سوء التقييم لأنه وأعني خالد محسن يترواح بين حوارينا وتداعياته ويكتب في الهواء الطلق يتناغم وشدوه الداخلي الخاص جدا و العام جدا يفتح نافذة الصمت ليدخلها المتصنتين مسارقة وعلنا انه يكتب يتداعي بلغة بالغة الشفافية والتعقيد والايحاء تلك اللغة الكاملة التي تضع يدها علي يد خالد محسن ليصنعا معا نسيج الحكاية الجاذبة الحكاية التي لا تستطيع ايقاف انجرافك نحوها الحكاية التي تستهوي القارئ البعيد المحايد المتلهف لما تسفر عنه أحداثها يقول محسن
الشجاعة كبيرة ولا بدّ لقتلها من خيانة كبيرة، وتلك هي الحقيقة نحن لا نعمه في ظلام تلك الخيانة الكبيرة لكننا نتجاوز ذكرياتنا السرية احيانا وخالد محسن جرس للذاكرة يرن بهدوء يفتق في كل واحد منا حالته الخاصة بلغة بسيطة وملهمة خالد محسن ذاكرة الموظفيين العموميين في ستينيات القرن الماضي انهم عامرين بذكريات لم تري النور وليس انصع من ذلك اغنية الكابلي
( كسلا)
اشرقت بها شمس وجدي فهي بالحق جنة الاشراق او
(ظلت القيد والقوارير صرعي ...... الخ ) خالد محسن يكتب يكتبنا بقلم رشيق وداعر وحميم وشديد الفلسفة والنفاذ يري العالم في الحكايات التي لايسمح لها بتنشق الهواء الحكايات التي تصب في خانة قلة الادب في المجالس العمومية وتتحول الي طعم الكلام كله في الجلسات الخاصة وفي القري تاخذ مساحتها كما يحلو لها يستأنس الناس بها امام الدكان الوحيد : يقفز المبارك، أكثر الرجال المدَّعِين لأنه سيتزوجها: شوف جنس مَرَة مثقَّفة، لاحقة المسلسل. والكلام المَعَجَّن وطاعم دا ساي، عايزة، سريع سريع، والله اللضان المابتنوم وهي تريانة من جنس الكلام دا نامت فاضية وطرشة. كان دي عجوبة الليلتي أنا ديك -يقصد زوجته- يُقَلِّدها بطريقة من جَرَّها من زريبة وليس من بيت رجال كما كان يقول أوان زواجه منها: هوووي آبشير، خِفْ يا ود نور الشام أختي، وراي الجَهَلَة خليتن اتنايصوا. يضحكون كلهم، ويقول له أحمد: "هازول إنت كضااااب، وكلامك ياهو في محلك دا. علي اليمين كان سقوك عرقي ما بتعرِّسها". - أنا؟؟ أنا اخوك آنايلة؟ يقاطعه أحمد: - يا خوي ما تجقلب فوقنا ساي، ياهو داك ولي أمره جُوَّه الدكان مع بشير، عليك الله يا .... ينادي أحمد ويتلفت نحو شخص وهمي، كأنه سيطلب منه أن ينادي لهم ولي أمر أم نعيم المزعوم ليشهد كلامه مع المبارك. يتَلَفّت المبارك أيضاً، وبخِفَّة. عييييك، يغمزونه كلهم ومن كل جانب، ويسخرون منه. عِبْتَ عاد آلمبارك؛ أسكت. يقهقه المبارك أيضاً ويقصد ترتيق الأمر: والله إن بتسدولي مالها هَسَّه ما عندي مانع. يدحرج مقبول سَفَّتَه على الرمال، كلامه بطئ جداً ومكرَّر، ولسانه أثقل من لسان السكران، لذلك يلقبونه –سِرَّاً- بالرَّخَمة: (والله هي، أقوليك شنو لان؟ هي صاح سمحة، سمحة تب، مافي شك. وصلبها دا، أقوليك شنو لان؟ مَكيَّل، مَكيَّل تب، جبال بني شنقول بس. لكن دهبها حارسو الجن). هم في البداية سئموا جملته الطويلة، ولكن عندما ذكر صلبها صبروا عليه. قهقهوا وقال المبارك: صلبها كيفنّو؟ جبال بني شنقول؟ والله وَصِف، بقيت سحَّاراً تاكل آب كَلَع. - قال ثُمَّ مَنْ؟؟ يصيح بها ود سعد من قعر الظلام. "الكافر،.... يا شقي،.... والله طريناك،.... كراعك فوق أتر سيرتك،.... من الصباح راحِّي وين؟؟". يُرَحِّبون به. رائج أنَّه كافر القرية، ورائج له الكثير من نوع "الأحاديث" الملفَّقة هذه. يحبذون مناداته بـ"أبوجهل". "يا اللولية، تَمَّت عاد، أبو جهل واتربَّع"، يقول ود الحسن. "قال ثُمَّ من؟؟ يواصل ود سعد سؤاله ثم يجيب نفسه: الدنيا إنْ أدَّتك". يجاريه الباسم، حُوارُه فيما لو كان غائباً: قال ثُمَّ مَنْ؟؟ "أم نعيم إنْ حَضَنَتك". يقهقهون، ويضيف ود سعد: يا رب تضوِّقنا المتمَّر، ودخانو كاتح ومَعمَّر. "تضوق الدسمتاريا في رُكبتَك، الله ينعلك آلعفن الكافر"، يقهقه ود الحسن بعد جملته ويستفيض: "يعني دي ما فيها نواجذه الشريفة!؟". الباسم، حُوار ود سعد، يعجبه تَمَيُّزه هو وود سعد واحتكارهما لنكات من صنف خاص، يفاخر بشيخه مجيباً ود الحسن: نواجذه الشريفة جاية، أصبر آزول، خليهو الياخد نفسو. "والله بني شنقول ما رَيَّح، ما رَيَّح تَبْ" يمضغ المبارك مقولة الرخمة مع ضحكة كان خالد واضحا كالشمس في رابعة النهار حين قال في احداثيات الانسان:
وصحت أنا: "سيبقى المطموث كأي سيف حرب لا سلام له إلا بجوف غمد". عبارة تفوح دعرا ولكنها في آن معا محكمة ( بضم الميم الاولي) انها اللغة التي يختارها خالد لتخريجاته انه يتقن الكتابة و السرد معا يتقن العبارة بشكل مستفيض ويوشك أن يلبس الوصف جبة الموصوف لكنه دائما يترك لنا مساحة التأمل في العبارة دون استبداد باللغة التي يمتلك ناصيتها تماما ومساحة أخري للتذوق و ألانتباه يشدك جدا انتقال خالد في زمان ومكان الراوية والتجسيد المتقن للاشياء باستعمال طين الحرف والكلمة وأري في كتاباته التي تصور المجتمع من خلال المسكوت عنه في سيرة الناس والمعاش اليومي ولوج تجربة عصية و صعبة الاستيعاب في مجتمع تحكم ( بتشديد الحاء والكاف) به التغريب المتعمد سنينا عددا ولكن ذلك لايعطي كائن من كان الحق في معاينة خالد محسن بنظارة اخلاقية لا تري الا المباح وغير المباح ففي جوف الكتابة صدف ومحار يقول محسن : "يا أخوانا أسكتوا خلوّنا نسمع،.. العريبي دا نمّتو ممشهَدة خلاص". "فيها حُرقة يبقالي آود علي". ود علي: "حُرقة ساي، عليّ الطلاق أتقول بدوبيها بمصارينو". وينطلق صوت العريبي البائع، من بعيد: أهيييييي، إييييي،... ليلك عليّ دون الخَلِق مطبوق -يا الزينة وطلحك دُخّانو متل القَطَر مبقوق -يا الزينة يصيح ود علي خلفه: "هيع، أتَّبلعك آمنجوه، دولبها تاني، يدولبك بابور البحر"، قاه قاه قاه. الجميع يحفظون شعر العريبي، يقول أحد السكّيرين المتخفيين في الوراء، بعد أن يزيل لثام عمامته ليبصق تمباكه،... "الدامشيق،.. الدامشيق،..". فينادي "العريبي" بعد هنيهة حادياً: حليلنا من زولاً –مغارب- طلوحو تَبِق نيين نين نين وحليلنا للبلد، الدامشيقو مُرّاً يشق ينكتم صوت العريبي لبعض الوقت، لأنّ "النزيهة" المرأة المتغنّجة ستشتري: "حاج فلان بقولك بعنا بكذا، أو زدنا كذا"، لعامل الخجل الملفّق طبعاً، النساء تشتري باسم الزوج، وكأنّه هو الذي سيخلع ملابسه ويدلّي خصيتيه في حمو النار. يصيح البائع المعروف بـ"الداهي" لكثرة استخدامه لهذه المفردة، التي تعني الشيء والشخص في آن واحد، صوته ثقيل وكأنّه يخلع نفسه خلعاً من بين فلقتي عود طلح أو شاف: "الدايرة الحتيت التشتري الكليت،... الدايرة الكلح التشتري الطلح". فتتضاحك النسوة من حول العريبي، ويتغامزن مع رفيقاتهن اللائي يُطللن من نوافذ وكُوى البيوت، أو يتفرجن من فوق الحيشان والجُدُر. إذ أنّ غالبية البيوت كانت من ذوات القامات القصيرة، ومعظم نوافذها تقريباً تطل على الشوارع والأزقة. فالشوارع والأزقة هاهنا تُعتبر امتداد لحرمات البيوت. كما أنّ البيوت واضحة وما بداخلها من أشياء وحُوَار محفوظ لكل أحد، فليس لديها ما تُخفيه أو تتستّر عليه. والشوارع والأزقة نفسها لم تلتف حول البيوت لتراقبها أو لتتنصّت عليها، وإنما لتكون صوت البيوت الجماعي في ملمّاتها بفرحها وغضبها وأتراحها وتلك صورة غاية في التوصيف لانك تتخيل معها حتي وقت الحدث الذي اعتقد انه قيلولة في نهار معتدل الحرارة في واحدة من قري الجزيرة القيلولة التي يصبح الصوت فيها اكثر وضوحا وخصوصا اصوات الباعة الراكبين يبيعون طلحا وكليتا او نبقا ودوما او حتي نساجي العناقريب تستطيع في هذه الصورة المسجلة بالقلم ان تري الوجوه كوجه السكير المنزوي وهو يقول الدامشيق وبقايا سفة مازالت تنتظر البصق فتتبادر لمخيلتك حتي طريقة مخارج الحروف في ذلك الوضع وذلك هو منعطف الاجادة الصعب الذي اجتازه خالد محسن بعبور آمن ليشرك القارئ في اضافة صور مستوحاة من تجربة اليومي المختزن في ذاكرة كل منا لما يكتب . لا اعتقد ان كل من قرأ خالد محسن شخص غارق في الملذات والشهوانية بقدر ان مايكتبه خالد محسن جاذب للانتباه و مؤثر ولصيق لواقعنا اليومي وما كانت الحملة المسعورة علي خالد الا لانه جذب الانتباه وفاق قراه الوصف ورغم انني اجد بعض الاشكالات الفنية البسيطة في كتابات خالد الا ان ذلك لن يوقف قلمي عن اشهاره في الدفاع عن احد كتابنا الافذاذ ونواصل ربيع السماني / استراليا
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: خالد محسن ذاكرة موظفي الستينات او رغم انف الاصولية (Re: محسن خالد)
|
محسن انا مشغول هذه الايام بقراءة تميوليلت كما تدلقها علي البورد غارق حتي اخمص اللغة احاول ان افكك برغبة كبيرة شطح تداعياتك وكوني تأخرت لا يعني انني لست علي اعقابي عائد لي الف كرة فيما تكتب فقط اتجرع متعة نبيذ الكتابة التي ترسلها زخات ..... رشفة ..... رشفة انا جبلت علي حب اللغة العارمة والنبيذ المعتق بي شئ من الفرنسيين ربما ولكن تأكد انني مصعوق بما تكتب أكثر ما انت مصعوق بتميوليلت وعائد لا محالة احترامي الشديد أيها الوتد الذي يربط راحلة قراءتي هذه الايام
| |
|
|
|
|
|
|
|