|
الموازنة مرة أخرى
|
هذا مقال نشرن عادل الباز رئيس تحرير الصحافة
الموازنة: قبل ضحى الغد عادل الباز [email protected] قدم الحزب الشيوعى السودانى نقدا رفيعا لموزانة 2007، فبدلا من الهرج الذى يمارسه السياسيون فى تعاملهم مع الميزانية، جمع الحزب الشيوعى منظريه واعضاء هيئته البرلمانية فصاغوا ورقة عن مشروع موازنة 2007م. قدمت الورقة نقدا مؤسسا بني على تحليل عميق لارقام الميزانية .هذا النقد المؤسس كان يجب ان يدعو الاحزاب لان تقدم اطروحاتها على نهجه، وكان جديرا با لحكومة ان تنظر مليا فى الاضاءات بالغة الخطر والدلالة التى اوردها الحزب الشيوعى فى بيانه.لا الحكومة انتبهت ولا الاحزاب الكسولة انتهجت نهج الحزب الشيوعى ( استثنى حزبي البعث والامة « الصادق ومبارك» ).التساؤل الذى ختم به الحزب الشيوعى بيانه حول الميزانية ولم تجب عنه الحكومة، بدأ يطل وقريبا ستضطرالحكومة للبحث له عن اجابة. يتساءل الحزب الشيوعى فى ختام ورقته حول الموازنة (فى ظل اتساع الانفاق لعام 2007 المقدر ب 2358.9 مليار دينار، بزياده قدرها 13.1. % عن الانفاق العام فى عام 2006 ،فإن سؤالا مشروعا يظل قائما عن كيفية ايجاد مصادر التمويل اللازمة لمواجهة كل هذه الالتزامات؟). الان بعد ان بدأ تدهور اسعار البترول عالميا، بحيث وصل سعر البرميل الخام امس الاول فى نيويورك الى 49.90 دولار، وفى لندن 51 دولارا ( راجع تقرير ابوادريس على هذه الصفحة ).علما بأن سعر التركيز الذى اعتمدته الحكومة فى موازنتها 45 دولارا للبرميل .الورقة التى كتبها حزب البعث فى نقد الموازنة تنبأت و حذرت من انخفاض اسعار النفط (ميزانية 2007م تقليدية في ايراداتها ومصروفاتها، فالايرادات تعتمد بشكل اساسي على عائدات البترول 51% من اجمالي الايرادات، مقارنة بالايرادات الضريبية ، وهذا يجعلها عرضة لتقلبات انتاج البترول واسعاره العالمية.)واذا ما استمر تدهور اسعار البترول فإن مأزقا حقيقيا سيواجه الميزانية التي تعانى اصلا عجزا فى الايرادت مقارنة بحجم لانفاق (534.3 مليار دينار).اضف الى ذلك ان الميزانية بدأت بتخفيضات ايراداتها فى ثلاثة قطاعات اساسية ، حيث خفضت ضريبة الارباح الرأسمالية من 5% الى 2 %، وخفضت ضريبة ارباح الاعمال الى 10 % بدلا عن 35 %. ونزلت بضريبة ارباح المصارف وشركات التأمين ب 5 %.الى جانب تأثير هذه التخفيضات على مجمل الميزانية، فقد حذر مدير الضرائب السابق د عبد القادر أحمد فى مقالة بصحيفة السودانى امس من تطبيق التقدير الذاتي، وهو النظام الضريبى الجديد الذى يتيح للشركات تقدير ارباحها بنفسها، كما جاء فى خطة الاصلاح الضريبى، وسيطبق هذا النظام من عام 2007 . يحذر د. عبد القادر من ان تطبيق هذا النظام ابتداءا من الآن من شأنه ان يؤدى لفقدان الدولة لكثير من الموارد التي هي في امس الحاجة إليها,. ويقول عبد القادر ( ان الإيرادات التي تقدم في الحسابات والإقرارات لاتزيد عن ربع الربط المقدر سنوياً 25%)، وهذا يعني ان وزارة المالية في حالة موافقتها على تطبيق نظام التقدير الذاتي لابد ان تقوم بتخفيض الربط في الميزانية بنسبة 75%، وهو امر مستحيل). ويضيف ( اما في حالة تطبيق نظام التقدير الذاتي بالمعنى الصحيح دون تجهيز ارض الملعب، فسيكون هو العامل القادم لانهيار الميزانية كما فعلت بئر النفط بميزانية العام الماضي).حسب تقديرات الميزانية فإن الايرادات غير البترولية تتراوح بين 700 الى 800 مليون دولار( البترولية 5 إلى 6 مليارات دولار ). وعلى ضعف هذا المبلغ المرصود فى الموازنة للصادرات غير البترولية فإن الانخفاض المستمر للدولار فى مواجهة الدينار يهدد الان كل قطاع الصادرات غير البترولية، ويجأر المصدرون الآن بالشكوى من الانهيار الذى يتعرض له قطاع الصادرات . والحقيقة ايضا ان انخفاض الدولار سيؤثر ايضا على الصادرات البترولية.بالطبع من الغريب ان نتحدث عن مأزق تواجهه الميزانية وهى لم تكمل شهرها الثانى، ولكن بالنظر للاخطار الماثلة التى تجابهها والتى تم التحذير منها من اكثر من جهة، فمن الافضل ان تتدارك المالية الاوضاع منذ الان وتسعى لوضع خطط بديلة فى حالة تأزم الاوضاع نتيجة لمتغيرات كثيرة، بعضها كان منظورا أثناء اعداد الميزانية، واخرى استجدت .اذا لم تنتبه الحكومة، فإن الواضح لى اننا سنكون الضحايا كما هو الحال فى كل مرة تغلق فيها الحكومة آذانها لتزين رؤوسنا من بعد.ارجو ان يبدأ خبراء اقتصاديون النظر في الاحتمالات الممكنة للمعالجة فى حال اختلت الموزانة فى الربع الاول من العام . بالطبع ستستفيد الدولة من آرائهم فى بلورة خياراتها، كما اننا سنضمن ان الدولة لن ترتكب حماقة اخرى دون النظر فى آراء الاخرين كما فعلت من قبل .
|
|
|
|
|
|