|
في الدولة الإرهابية.. إنتهكاكات يندي لها الجبين .. { الميدان العدد2017 أكتوبر/نوفمبر2006 }
|
الدولة الإرهابية
انتهاكات يندى لها الجبين
يتعرض الدستور الانتقالي لعام 2005، وقبله وبعده اتفاقية السلام الشامل التي وقعتها الحكومة والحركة الشعبية يوم 9/1/2005 بصورة مستمرة لانتهاكات يندى لها الجبين. فبالرغم من أن حق التعبير مكفول في الدستور الذي أقر في (وثيقة الحقوق) باحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك التزام الدولة بالاتفاقيات التي أصبح السودان جزءاً منها. إلا أن كل هذا الالتزام يسقط أمام رغبة حزب المؤتمر الوطني المتحكم في شؤون البلاد والعباد في السودان!
ما زالت السلطة تعمل يد القمع وأجهزتها الفاشية من أمن وشرطة في قمع الشعب، وللأسف فإن القضاء يصبح مجرد ديكور ينفذ القوانين القمعية رغم معرفة القضاة بأن الدستور يعلو ولا يعلى عليه!
في سبتمبر المنصرم نفذت الشرطة وجهاز الأمن مجزرة ضد حق التعبير والتنظيم اللذين يكفلهما الدستور للمواطن، فقد قابلت الشرطة وعناصر من الأمن مظاهرات الاعتراض على رفع أسعار السكر والمحروقات "البنزين" بوحشية وعنف يتنافى مع الدستور، ثم جاءت مهزلة محاكمة العشرات من المواطنين والمواطنات بطريقة تفتقر إلى أبسط درجات العدالة واحترام الدستور الذي يتوجب على القضاة العمل بروحه وبهديه.
تمت محاكمة العشرات، في محاكم إيجازية سريعة اعتمدت على تفسير سيء، وبينات ضعيفة في أغلبها، فتمت محاكمة بعض المتظاهرين بشهرين سجن، وآخرين بشهر سجن، وكان سيف "الغرامة المالية" حاضراً في هذه المحاكم، كذلك تمت تبرئة القليل من المتظاهرين لعدم كفاية الأدلة كما جاء في حيثيات النطق بالحكم.
مثل المتظاهرون – وهم في حالتنا هذه المتهمون – أمام قضاة حكموا عليهم وفق "القانون السائد" وهم يعلمون أن هذه القوانين القمعية تتناقض مع الدستور!!
(الميدان) كانت حاضرة وشاهدة على الاعتقالات التي تمت بعشوائية في بعضها، وبانتقائية مقصودة في حالات أخرى. وكانت حاضرة في أماكن الاحتجاز التي تم فيها الإساءة للمعتقلين، واستفزازهم وإذلالهم، بل والتهكم عليهم وعلى حق التعبير، من جنود أمنيين وشرطة، تنقصهم المعرفة والخبرة في التعامل مع هذه الحقوق! وذهبت (الميدان) وكانت شاهدة في المحاكم، ترصد وتنقل الأحداث وتسجلها ليوم الحساب، وهو قريب وآت ولو بعد حين!
في هذه المساحة نسجل التقدير والإعزاز لعشرات المحامين والمحاميات، ونشطاء حقوق الإنسان الذين شكلوا حضوراً عالياً في أحداث ومحاكمات متظاهري سبتمبر 2006 (مظاهرات السكر والبترول)، ونسجل شجاعة الذين وقفوا أمام المحاكم والقضاة يدافعون عن حقهم في التعبير، ويتحملون بمسؤولية وشجاعة ما يمكن أن ينطق به القضاة بعد السماع القصير لأطراف "النزاع"! وهو نزاع بين القمع والاضطهاد وتكميم الأفواه من جانب، يقابله في الجانب الآخر "الدفاع عن حق التعبير والتنظيم".
حكمت المحاكم على المتهمين الآتية أسماؤهم بالسجن لمدة شهر وهم:
بشرى الصائم، عبد المحمود محمد الوالي، صديق الصادق المهدي، مروة محمد الحاج، عمر عبدالله، معز كمال عباس، محمد عبد الصبور.
وتم الحكم بشهري سجن على كل من:
محمد سليمان حر، ومريم الصادق المهدي، وقد أطلق سراحها في اليوم التالي بعد أن أعلنت الدولة أن رئيس الجمهورية قد منحها العفو بناءاً على "استرحام بحجة أنها مرضع"، وقد أكدت أسرة الدكتورة مريم أنها لم تتقدم باسترحام، وهذه سابقة ولكنها ليست بجديدة على أكاذيب أهل الإنقاذ.
ونفس المحاكم حكمت على بعض المتظاهرين بالبراءة ومنهم:
الدكتور الصحفي مرتضى الغالي، عمار عثمان محمد، صديق أحمد عدلان، تامر المضوي حسن المضوي، الأستاذة سارة نقدالله، عبدالله حامد، والفاضل علي محمد سيد.
واجه المتظاهرون اتهامات تحت القانون الجنائي في مواده 67 و69. وبعد الحكم بالسجن على المتهمين نقلوا إلى سجن أم درمان وسجن النساء. وقد تقدم المحامون باستئنافات ضد الأحكام، وقد كسب المحامون الاستئنافات ولكن تلاحظ أن إسقاط العقوبة يتم بعد قضاء أكثر من نصف المدة في غالبية الأحكام.
هذه المحاكمات أكدت على أن تقاليد الدفاع عن حقوق الإنسان ما زالت مرعية، وقد دخل إلى ساحة المدافعين عن حقوق الإنسان أجيال جديدة من الشباب، يستحق
المحامين والمحاميات الذين قضوا جل عمرهم في الدفاع عن حقوق الإنسان.
فلنواصل النضال لانتزاع حق التعبير. نطالب بتطبيق نصوص الدستور حول طبيعة جهاز الأمن ودوره وحدوده
|
|
|
|
|
|