دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر }
|
تعقيب علي الاستاذ كمال الجزولي تاج السر عثمان
الخرطوم: بري [email protected] في رزنامته الاسبوعية المنشورة في صحيفة: اجراس الحرية: بتاريخ 11/8/2008م، العدد: 113 ، كتب الاستاذ كمال الجزولي تعليقا علي دراسة انجزتها حول تصريحات د. الشفيع خضر بعنوان(الماركسية وطبيعة الحزب في تصريحات الشفيع خضر).
الدراسة تناولت بالفحص والتحليل لتلك التصريحات من مصادرها في الصحف المشار لها كمراجع في متن الدراسة، وخلصت الي استنتاجات معينة حول تلك التصريحات، وتوصلت في النهاية الي أن تلك التصريحات لاتخرج عن الافكار (اليمينية التصفوية)، بحكم انها تطالبنا: بتكوين حزب جديد يقوم علي البرنامج، والتخلي عن الماركسية وتغيير الطبيعة الطبقية للحزب.
وهي افكار ليست جديدة، وكانت موجودة في تاريخ الصراع الفكري داخل الحزب الشيوعي السوداني، وستظل تطرح نفسها باستمرار ، طالما كان الصراع داخل الحزب الشيوعي انعكاس للصراع الطبقي والاجتماعي الدائر في المجتمع.
واجه الحزب الشيوعي السوداني تلك الافكار عام 1952م في الصراع الداخلي الذي نشب في الحزب الشيوعي عام 1952م والذي قادته مجموعة عوض عبد الرازق والتي رفضتها اغلبية المؤتمر الثاني، ولكن مجموعة عوض عبد الرازق لم تواصل الصراع الفكري من داخل الحزب بعد المؤتمر، بل نظمت انقساما وكونت حزبا جديدا: الجمعية الوطنية، والتي لم تستمر وتعرضت هي نفسها لانقسامات أميبية وذابت في زوايا النسيان. فالمشكلة لم تكن في وجود الافكار اليمينية داخل الحزب، ولا في التربص بها، ولكن المشكلة، كانت في أن مجموعة عوض عبد الرازق لم تصبر علي الصراع داخل الحزب ، بل لجأت الي التآمر والانقسام.
واجه الحزب هذه الافكار مرة اخري بتأثير من السلطة الانقلابية في مايو 1969م، التي كانت تهدف الي تصفية الحزب الشيوعي السوداني وتذويبه داخل تنظيم السلطة (الاتحاد الاشتراكي)، ومرة اخري رفضت اغلبية مؤتمر الكادر الذي انعقد في اغسطس 1970م، حل الحزب الشيوعي، وادانت الاتجاه اليميني التصفوي، ولم تقبل الاقلية برأي الاغلبية، بل نظمت انقساما كامل الحدود والمعالم، وكونت تنظيما جديدا، ولكنه لم يستمر وتعرض ايضا الي تشرذم وانقسامات داخله.
وفي اغسطس 1991م، فتحت اللجنة المركزية مناقشة عامة حول متغيرات العصر، وظهر ايضا مرة اخري التيار اليميني التصفوي، بأثر الاهتزاز الفكري الشديد نتيجة لانهيار التجارب الاشتراكية في الاتحاد السوفيتي وبلدان شرق اوربا، اضافة للقمع والارهاب الشديدين بعد انقلاب الجبهة الاسلامية في يونيو 1989م، توصل ذلك التيار الذي قاده المرحوم الخاتم عدلان الي ضرورة: حل الحزب الشيوعي السوداني، وتكوين حزب جديد، يتخلي عن طبيعة الحزب الشيوعي الطبقية ومرتكزاته الفكرية(الماركسية)، والتخلي عن التوجه الاشتراكي واستبداله بتوجه رأسمالي، ونشر ذلك في وثيقته التي نشرت في مجلة الشيوعي(المجلة الفكرية للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني) العدد (157).ولكن الخاتم لم يصبر حتي نهاية المناقشة العامة، بل نظم انقساما، وكون حركة القوي الجديدة(حق)، والتي ايضا تعرضت للتشرذم والانقسامات الاميبية. ولقد تناولت تلك التجارب في دراسة انجزتها بعنوان(تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الصراع ضد الاتجاهات اليمينية التصفوية)، ويمكن للقارئ أن يرجع لها في موقع صحيفة الميدان علي الانترنت.
وعندما نقول اتجاه (يميني تصفوي)، فان ذلك ليس اقصاء أو اساءة شخصية أو (التنميط المرذول) !!!، كما أشار الاستاذ كمال الجزولي، ولكن المقصود ب(يميني تصفوي): اتخاذ موقف وقناعة فكرية تري: أن طريق الرأسمالية هو الاجدي لتطور السودان، كما تري حل الحزب الشيوعي أو ذوبانه في كيان آخر اوسع، والتخلي عن طبيعته الطبقية ونظريتة الماركسية. فاين الاساءة و(التنميط المرذول) هنا؟!!.
يبدو لي أن الاستاذ كمال الجزولي لم يطلع جيدا علي الدراسة، لأنه لو اطلع عليها، لما تحدث بعبارات مثل: (الانكفاء علي النصوص)،( الجمود النظري)، و(مركزوية صمدية، ضررها محتوم في حقل الفكر الفلسفي والسياسي، دون أن يشكل ذلك بالمقابل، سببا للتغول علي حريته في التعبير، أو حقه في الدفاع عن افكاره، دع التجني عليه، أو محاكمة نواياه بمناهج التكفيريين).
وهي عبارات تدخل في لغو الحديث لاعلاقة لها بموضوع الدراسة، كان الاجدي للاستاذ كمال أن يحتفظ بها في القاموس، ويخرجها ويستخدمها في المكان المناسب. ولم يكن غريبا أن هاتفني الكثيرون الذين اطلعوا علي تعليق الاستاذ كمال الجزولي بأنه خارج الموضوع أو خارج الشبكة.
كما تحدث الاستاذ كمال عن تربص بالرأي والافكار!!!، علما بأن الافكار لا يتم التربص بها، ولكنها تناقش وتفند في صراع وسجال فكري يسهم في الوضوح الفكري والنظري وتطوير الحزب، ويخلق الحيوية داخله، وهذا ما فعلت ، فاين التربص هنا؟!!، هذا فضلا أنه لم يكن لي السبق في الرد علي تصريحات د. الشفيع خضر فقد تصدى لها زملاء قبلي، فهل هؤلاء بالمثل، كانوا متربصين؟.، وهذا ايضا يدخل في لغو الحديث، ونظرية المؤامرة.
ومما يؤكد أن الاستاذ كمال لم يطلع علي الدراسة أو لم يستوعب محتواها، السؤال الاخير الذي طرحه، بعد استفاضة في الحديث، حول اجتهاد الحزب الشيوعي حول الديمقراطية، لأنه لو اطلع علي الدراسة لما طرح هذا السؤال، ذلك أنني اشرت في متن الدراسة الي اجتهاد الماركسيين مثل: غرامشي في التخلي عن (ديكتاتورية البروليتاريا)، عن طريق ما اسماه (بالهيمنة) أو الوصول للسلطة بتحقيق اغلبية جماهيرية ساحقة بطريق ديمقراطي تعددي، وكذلك الي اجتهاد الاحزاب الشيوعية في غرب اوربا بعد الحرب العالمية الثانية والتي طرحت استراتيجية الوصول للسلطة عن طريق البرلمان، اي بطريق ديمقراطي جماهيري تعددي، كما أشرت الي اجتهاد الحزب الشيوعي السوداني منذ دورة اللجنة المركزية في اغسطس 1977م، والتي طرحت ضرورة الوصول للنظام الوطني الديمقراطي بطريق ديمقراطي جماهيري تعددي.
كل ذلك موجود في متن الدراسة مما يشير الي أن سؤال الاستاذ كمال الجزولي: هل يدخل ذلك الاجتهاد في (الفكر اليميني التصفوي)؟ لامعني له.
اما الحديث عن (الاصالة عن نفسه)!!!، وهذا ايضا يدخل في محاكمة النوايا التي نعتنا بها في بداية تعليقه، أى ينهي عن خلق ويأتي بمثله!!!، فهذا ايضا يدخل في لغو الحديث ولايحتاج للرد عليه.
والسؤال المحدد الذي نوجهه للاستاذ كمال الجزولي ماهو موقفه من الفكر (اليميني التصفوي) الذي طرحه د. الشفيع خضر؟، وهذا ما لم المس اجابة له في تعليقه.
مع تحياتي وتقديري للاستاذ كمال الجزولي، وخلاف الرأي لا يفسد للود قضية
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
سلام يا بركة
ابدا باعتذار للسر بابو عن تعليق سابق لى في بوست طلال عفيفي اعتقد ان به قدر كبير من القسوة و السخف من جانبي في حقه، البعرف السر يوصل ليهو الاعتذار ده، لا اعرف السر و لا يعرفنى لكن مثل اللغة التى استخدمتها في حقه لا تساعد على الحوار و لا تخلق مناخ و ايجابي مهما كانت درجة الاختلاف معافى و ايجابي مهما كانت درجة الاختلاف.
مثلك انتظر قراءة مقال او رزنامة كمال حتى لا نفهم كلامه خارج سياقاتها .
ايجابي للغاية ان يتم الحوار حول هذه القضايا علنا و بشكل مفتوح، هذا يجب ان يكون القاعدة لا الاستثناء، ان توجد وجهات نظر متباينة حول القضايا الفكرية و السياسية و النظرية الخ هذا هو العادى/الطبيعى الانسانى ببساطة لاختلافنا كافراد و لاختلاف خلفياتنا و زوايا نظرنا. هذا الاختلاف و صراع الرؤى هو المصدر الرئيسي لتطور الافكار و انتاج اخرى متقدمة و متجددة بشرط توفر حريات و حقوق كافية تتيح للجميع طرح افكارهم ونقد افكار الاخرين. شعار الوحدة الفكرية مضلل و ملتبس، من يحدد على ماذا نتوحد؟ و كيف؟ و اعنى هنا القضايا الفكرية و الفلسفية و النظرية و المعرفية، لا يعنى هذا تحويل الحزب لنادى للجدالات النظرية او لتجمع فلاسفة، لا، بل الاعتراف بالاختلاف و التعامل معه بعاديته و علنيته و وجوده الموضوعى دون هواجس و ان من طبيعته افتراق افراد و مجموعات في لحظة تاريخية ما.
و لان هذا حزب سياسي يفترض انه يسعى لتحقيق اهداف و برامج سياسية من الضرورى ان "نتوحد" حول اهداف/قرارات/برامج سياسية، و هى قضية لها اليات محددة ملزمة بزمن محدد تتاح فيه نقاش الموقف من القضية المحددة و تداول كل وجهات النظر الموجودة ثم حسم الامر اما بالاتفاق حول وجهة محددة او بالتصويت عليها في حال تعدد وجهات النظر. بالطبع كثير من القضايا السياسية لها ابعادها الفلسفية و النظرية الابعد و الاعمق و ده ايضا طبيعى.
يبدو كلامى بديهي، لكن كثيرا ما ترد عبارات مثل الوحدة الفكرية و وحدة الفكر و الارداة في سياقات ملتبسة للغاية، و العبارات اصبحت راسخة و لها وجودها "المادى" في الحزب و لها ما اسس لوجودها لائحياو ممارسة. تعليقات اولية سريعة على مقال السر: Quote: وعندما نقول اتجاه (يميني تصفوي)، فان ذلك ليس اقصاء أو اساءة شخصية أو (التنميط المرذول) !!!، كما أشار الاستاذ كمال الجزولي، ولكن المقصود ب(يميني تصفوي): اتخاذ موقف وقناعة فكرية تري: أن طريق الرأسمالية هو الاجدي لتطور السودان، كما تري حل الحزب الشيوعي أو ذوبانه في كيان آخر اوسع، والتخلي عن طبيعته الطبقية ونظريتة الماركسية. فاين الاساءة و(التنميط المرذول) هنا؟!!. |
السر يختزل الاشياء هنا بشكل مخل. صحيح ان وصف (يميني تصفوي) ليس اساءة شخصية، لكن مثل هذه الاوصاف (يميني تصفوي، تحريفي، يسارى طفولى,انتهازى الخ) مثقلة بحمولة ايديولوجية و سيكولوجية و معها تاريخ طويل بطول الفكر "الماركسي" و دول المعسكر الاشتراكى، وصف كهذا كان كافيا لارسال المطلق عليه لسيبيريا ان لم ترسله للمقصلة . و هذه الاوصاف لا يقف تاثيرها في حدود تبيان وجهة نظر ما، بل تتعداه لوضع سامعها في حالة و موقف نفسي و يعلم كل من مر بتجربة العمل في الحزب الشيوعى ما اعنيه.
- الاختزال الاخر هو الاستنتاج الميكانيكى بان من رفض الماركسية ـ بافتراض ان هناك شئ اسمه واحد "الماركسية" معرف و محدد و متفق عليه و ده نقاش لاحق ـ هو بالضرورة مع طريق تطور راسمالى و مع حزب منحاز طبقيا للراسمالية او حزب لا طبقي (ان وجد شئ كهذا!!!!). "الماركسية" الواحدة المفترضة هذه ليست الطريق الوحيد المؤدى لافكار ناقدة و مناقضة للراسمالية، و ليست الشعار الوحيد المؤكد للانحياز الطبقي للكادحين و المستغلين. الحركة الواسعة المعادية لما يعرف بالعولمة تكشف بوضوح ان مداخل الانحياز الطبقي و نقض الاستغلال الراسمالى متعددة و متنوعة بعضها من خارج دائرة الفكر الماركسي كليا و بعضها من داخله او متاثر به لهذه الدرجة او تلك. الشئ الاخر، و دون الدخول في تفاصيل و مالات حالات "الانقسامات او الخروج" من الحزب الشيوعى التى عددها هنا، هل يمكن بكل بساطة اطلاق صفة يمينية عليها؟ ربما باستثناء مجموعة داخل انقسام 1970. هل يمكن بكل هذه البساطة تصنيف كل من خرجوا في 70 او من خرجوا مع الخاتم انهم اصبحوا يمين؟ - و بذكر توصيف اليمين و احتكار "الماركسية" الحقة و تعريفها و شرحها، الم تعرض الحزب الشيوعى نفسه و لا زال للتصنيف بانه يمينى و مفارق "للماركسية" حسب ما يراها ملاك حقيقة ماركسية مطلقة اخرين؟ الا يري بعض الماركسيين ان قبول الحزب الشوعى السودانى بالنظام الديمقراطى الليبرالى هو ذاته خيانة "للماركسية" و للطبقة العاملة و انحراف يمينى و تصفوية للفكر الثورى و استندوا في ذلك على كتاب ماركس و سنة لينين ( لغة تناسب هذه الاصوليات الماركسية), الم يصدر في السودان بعد الانتفاضة كتاب يذم "انحرافات" الحزب بعنوان: الماركسية المفترى عليها؟
اواصل حين يتوفر الوقت
تحياتى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
إزيك يا أبا ساندرا
و سعيد بأن أسمع مجددا عن السر بابو أستاذي في مطلع دراستي الثانوية بمدرسة المقرن في خواتيم السبعينات المنصرمة
كنت أقرأ له في "ميدان " الديمقراطية بعد منتصف الثمانينات , فله تحيتي و تمنياتي حيثما كان ..
لكن كمان دحين وصف أو مصطلح "يميني تصفوي " ده هسة ما بيشبه الشكلة و التوبيخ عدييل !!
مافي أي وصف آخر بديل للوضع ده ?.. بعدين كلمة "تصفوي" هل يمكن و يعقل إستخدامها في مواجهة "محاور" و صاحب رأي مغاير ! .. لا
أعتقد لأنها توحي بأن مستخدمها هو الأصل و هو القاضي و الحكم و الآخر إنما هو مشاتر و خارج عن الملة , بعدين هل كان ماركسا و ماركسيته
معاديين لحركة التاريخ و لأهمية "الإجتهادات اللاحقة" ! , أ ولم يقل لنا ماركس بأن النظرية رمادية و أن شجرة الحياة دائمة الإخضرار !
و ما الذي جنته الشيوعية و الـطبقية و و البروليتاريا في السودان طوال هذه العقود سوى ضرورة البحث عن فياقرا فكرية تنظيمية تلجم الشلل و الضعف السياسي الجماهيري
لي متين حمة يوليو 71 و "ظروف العمل السري " .. لي متين !!
الإتجاه ال"يميني التصفوي" ده ياهو المخرج الوحيد للشيوعية السودانية من قفصها الما مفهوم , و ياهو البزيد عدد برلمانيو البروليتاريا
في أم درمان , و ياهو الممكن تفهمو أكتر الجماهير السودانية في كل مكان , و ياهو البقوي معسكر العدالة الإجتماعية و الحقوق الإنسانية
في أنحاء السودان المختلفة , و ياهو البقلل من حصة الحزب الشيوعي و استباحة عضويته في بيوت الأشباح و في السجون و في القبور المجهولة !
مع كامل إحترامي لأستاذي الخلوق السر بابو " و من لف لفه " .. أها أنا هسة شاكلته و شاكلتهم بقولي " و من لف لفه " هذا ! ..
هم مش قالوا نحن " يمين تصفوي " و أنها مقولة فكر و نقاش عادية !!
يا زول أنا ما شيوعي , النختصر ليك , بس ده الشايفو و سامعه مما شكل رأي ده , إن شاء الله تودوه البحر.
----------------
النساعد أستاذ السر بابو في التذكر:
المقرن الثانوية (أولى غزالي) , و هو الفصل الذي تعرض لإساءة ذلك الكوز الردئ والذي وصف الفصل بمقولة "يا أشباه الرجال و لستم
رجال " يوم تحضير كيزان مايو لمسيرة تأييد الخمينية و لم تنقذه من الموت على يد الطلاب إلا إشارة واحدة من يد أستاذ السر أوقفت
هيج الطلاب في وجه الكوز !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
كتب الصديق العزيز طلال عفيفي ردا علي احد مقالات الاستاذ السر بابو :
Quote: قرأت مقالة الاستاذ تاج السر عثمان "الماركسية وطبيعة الحزب في تصريحات الشفيع خضر " ؛ الأستاذ تاج السر من أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني وهو مسؤول العمل الثقافي بالحزب ...
انا ، وإن لم تكن تجمعني علاقة تنظيمية مباشرة بالأستاذ والزميل تاج السر ، إلا أنني تعرفت عليه عبر مجموعة من المؤلفـات والمقالات التي نـُشرت في كتب وصحف يومية وعـدد مـن المنابر والمواقع والمنتديات الإلكترونية على شبكة الإنترنت .
وقد كان من أمر قراءتي لكتابات أستاذ السر أن قضيت أوقاتاً أعتبرها ممتعة ومفيدة في التعرف على القضايا التي تناولها في تاريخ السودان الحديث ومسائل الهوية السودانية والكثير من المواضيع المتفرقة الشيقة . وأجدني أحترم أشد الإحترام إلتزام الزميل بالكتابة الراتبة والنشر وإهتمامه بالتوثيق .
ما سبق ، جعلني أشعر ببعض الكرب والإحباط عند قراءتي للمقال المذكور أعلاه ، إذ تناول الأستاذ تاج السر ، عدد من مقولات د. الشفيع خضر في مناسبات وأوقات مختلفة ، وجمعها في خيط نقدي خلص من خلاله إلى نتائج عجيبة !!
وليس سبب الكرب والإحباط إختلافي مع أستاذنا فيما ذهب إليه بشأن د. الشفيع ، إنما في كون الطريقة التي كتبت بها المقالات لا تشبه الأستاذ السر بأي حال ، فالرجل عندي إنسان باحث وموثق ومعلم ؛ لذا يحزنني ويحز في نفسي هذه العجالة التي " أنجز " بها المقال ...
كما أن المقال مبني على سلسة مقولات مجتزأة – كلها – من السياق الذي وردت فيه ومن الخلفيات التي قيلت على إثرها ، وبطريقة تشبه "شغل الأركان " أكتر من كونها رؤى نقدية قائمة على التقصي ، وهذا أمر معيب في شأن باحث محترم وقدير ...
وكنت أرى أن من الاجلى والأجدر بأستاذ تاج السر أن يتناول تصريحات محمد ابراهيم نقد ، السكرتير العام ، لما فيها من نموذج حقيقي للإفراط في التصريحات ذات السمة الشخصية ، ولكونها فعلاً كانت سبباً لخلق الإرتباك والإلتباس بإمتياز ! مراجعة لتصريحات الأستاذ نقد ، منذ خروجه للعلن وإلى تصريحاته بصالون رئيس الجمهورية ، تصيب المرء الشيوعي (وغير الشيوعي ) بدهشة عظيمة ...
لكن نقد يقول ، وانت تقول ... (وفي النهاية ما على الناس إلا ببيان السكرتارية لو عايزين ياخدوا الأمور على محمل الجد !!) ..
الإشارة إلى توصية اللجنة المركزية 1965 حول طبيعة ومهام الكادر المتفرغ ، مسألة غير موفقة ، لما حال على الدنيا من أحوال منذ ذلك العام البعيد وحتى يومنا القريب ... ومع كل المتغيرات التي لحقت بالدنيا والدول التي سقطت (أو نهضت) والتحولات في السياسة والخرائط وطرق الحياة فإن وسائل العمل السياسي والتنظيمي اليومي أيضاً تغيرت ، وطبيعة مهام الكادر المتفرغ وقدراته تغيرت ؛ ومستوى تعقيد العمل الحزبي والتنظيمي تغير . ونحن اليوم لمن نعد بحوجة للكادر العظيم ، صاحب المقدرات الجبارة ، الكادر السياسي الخطيب المفوة المفاوض المحنك الأديب الوجيه صاحب الإسهامات النظرية والقدرة على التحرك في الميدان والعمل السري !! لسنا بحوجة لهذا السوبرمان ، كفانا منه !
نحن بحوجة لإنسان مؤمن بالمستقبل ولدية إيمان بالتطور والقدرة على التحدي ...
ونعتقد أن لكل إنسان وظيفة وسِعة في هذه الدنيا ، فهناك من يكتب ويوثق ويحلل بعمق ، وهناك من يتصدى للجري والشلهتة والتفاوض والتنظيم والمتابعة ..
وأعتقد أن أداء الشفيع خضر في العمل الخارجي والعمل التنظيمي بالحزب وبالتجمع الوطني الديمقراطي في أول التسعينيات وحتى آخرها ، أداء لا غبار عليه ... بالإضافة لنشاطه الدؤوب في الخرطوم ومتابعته اليومية في مختلف اللجان والتكوينات في الحزب والتحالفات واللجان المشتركة ، أمور يستحق عليها نوع من التقدير ( أتمنى توفره بيننا ) ...
منذ بداية التسعينيات إنعقدت للحزب سلسلة من الحلقات ، وصدرت عنه مجموعة مطبوعات تحتوي على تفاصيل المناقشة العامة حول مسائل الإسم والبرنامج ... وبقدر الإسهام الخلاق للزملاء الشيوعيين السودانيين والأصدقاء الديمقراطيين في إعمال الوعي النقدي ، تلاحظ وجود ذلك التيار المنادي بالنقاء الماركسي وهناك من الزملاء من نصبوا أنفسهم حراساً للعقيدة والفكر والحزب ...
حين إنهى الأستاذ السر مقالته بخلاصة مفادها أن ما يطرحه الشفيع خضر " لايخرج عن الافكار اليمينية التصفوية " تداعت إلى ذهني صورة الحرس والجمود واللغة التي لا تساعد على أي تجديد أو حوار ..
فأستاذ تاج السر يعلم بالتأكيد أن هذه المصطلحات في الأدبيات الحزبية المتكلسة والدوغمائية هي نهاية المطاف ، وهي آخر ما يمكن أن تصف به شيوعي لما تعنية وتشمله من معاني الإدانة والعزل والإقصاء ...
وهي صفات تعكس في معناها ومبناها طريقة تفكير ديني وآحادي وأرى في إستخدام أستاذ السر لها شبهة جمود عقائدي ...
"يميني ، تصفوي " ... متى كانت آخر مره سمعت فيها هذه العبارات ؟ ربما قرأتها في خلافات الأستاذ عبد الخالق والمرحوم عوض عبدالرازق ، أو قبلها في تناولات الأستاذ لينين للمرحوم "المرتد" كاوتسكي في سلسلة شتائم لا تستطيع أن تفهم منها – بعد مرور الزمن – جوهر الخلاف ... سلسة من التدبيجات والإكليشيهات المضحكة أكثر من كونها صارت فارغة من المعنى .
نحن اليوم ، كشيوعيين سودانيين لم نعد في حوجة إلى هذه اللغة والطريقة في الإختلاف ، وكما أن الإشتراكية ليست على نمط واحد – حسب إفادات لينين نفسه – فإن الماركسية بالطبيعة فلسفة خلاقة تتطلب الكثير من الإبداع والقدرة على توليد المعاني وفق الشروط الموضوعية لكل أوان وبلد ، وهو شيء أرى أن الأستاذ تاج السر أشار إليه بنفسه ، في مقالته ... وعليه فإن التعامل الداخلي في حزبنا ، والعلاقة بين أعضائه يجب أن تعكس قدراً أعلى من القبول والديمقراطية : (طالما أننا باصمين عليها بالعشرة ) .
إن بقاء الحزب الشيوعي السوداني مواجه بتحدي حقيقي ، وهو تحدي قد لايساعده كثيراً الخروج بالخلافات الفكرية والتنظيمية إلى العلن خارج الأطر التنظيمية والفكرية ، مع أن في هذه الخروج مزايا تشريحية وتفاعلية الله أعلم بنفعها ..
إن شرائح ومجموعات وأفراد عديدين داخل الحزب يشعرون بالإحباط والإعاقة نتيجة هذه الخلافات العقيمة وغير المبدأية .
ومن طبيعة الدنيا والزمان أن يأتي على الإنسان حين من الدهر تكون فيه الجماهير أنصح وأكثر تقدماً ووعياً من قياداتها ... وفي هذه الأوقات يجدر بالكبار أن يتواضعوا قليلاً ويرهفوا السمع ...
إننا لن نقبل بأي تراجع قد يسببه صراع داخلي ... كما أن على اللجنة المركزية الإسراع بإعلان إنعقاد المؤتمر العام للحزب ، وعدم التسويف في أمره ، فهذا هو واجبها الأخير ، والذي أتمنى أن تؤديه بأمانة وتجرد ...
اتمنى عودة أستاذنا تاج السر إلى عهده بالكتابة المتعمقة المستنيرة ...
(و أتمنى للحزب الشيوعي السوداني أيام أفضل ، وأن تكون له صولة على مجابهة الحياة .. وأترقب المؤتمر ، وفي قلبي مَحـَنة لأن يعود حزبنا للحياة : هاشاً باشاً بالرؤى ، والكادر المستنير )..
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
كتب الدكتور عوض محمد احمد من المملكة المتحدة ردا علي مساهمات السر بابو الاتي :
Quote:
أما إقحام أطروحات المرحوم الخاتم عدلان في هذا السياق فالزميل بابو يدرك قبل غيره منشأها ومنتهاها! فللحق هي إطار متكامل رغما عن تحفظنا على محتواه ، أوجب الدعوة "لحق"، فأين هو ذاك التواصل بين أطروحات الخاتم وما ابتسره من تصريحات الشفيع خضر!!، هل المطلوب استدعاء من صدموا بأطروحات الخاتم للإستصفاف في مواجهة من لا يحمد منبته!!
|
اعتقد ان الدكتور محق فيما ذهب اليه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: وهنا مسا همة قيمة للزميل د.عوض محمد احمد من المملكة التحدة http://www.sudanile.com/
حول مقال تاج السر عثمان الماركسية وطبيعة تصريحات الشفيع خضر
د.عوض محمد أحمد/لندن [email protected]
المقال منشور على صفحات الإنترنت وهو قراءة زميل لأداء زميل آخر حالياً في قمة الهرم الحزبي!
ولقد أوضح الزميل بابو إثارة هذه التصريحات لكثير من الإلتباس والإرتباك لدى الزملاء!
في محاولة لتقصي مسببات هذا الإلتباس والإرتباك أكد الزميل بابو أن من أولى موجبات ذلك هوالخلط بين الرأي الشخصي ورأي الحزب! وأن مثل هذه القضايا لا تعالج في تصريحات صحفية عابرة "ولكن مكانها الدراسات والأبحاث في صحافة الحزب الداخلية والجماهيرية"!! وأضاف "وغيرها من الصحف"!!!
قفز الزميل بابو إلى قضية يبدو أنه جانبه الصواب في طرحها بهذه الصورة " شفاهية الزميل الشفيع خضر وعدم تقديمه كتابات ودراسات حول هذه القضايا في المناقشة العامة" وأضاف "أنه كادر متفرغ جاء لحلقة التفرغ من مدخل العمل السياسي"!! فهل أشارت دورة ل.م. 24/02/1965م إلى أن يكون الكادر (الذي سيفرغ ) مرتبط (مسبقاً) بفرع من فروع المعرفة الماركسية وأضاف الزميل مقتبساً من دورة ل.م. سالفة الذكر، إلى تأثير ذلك على قدرة القيادة في تجديد نفسها!!.
أي مقدمة لعمل فكري سياسي يبشرنا بها الزميل بابو؟
إفراد صفحات لا تنتمي لما إفترضة في مقدمته حين تناول القضايا الحزبية لتشريح زميل يتبوأ أحدى قمم الهرم الحزبي في وقت تدق النواقيس لإفتتاح أعمال المؤتمر العام الخامس، لا ينبئ ذاك عن شئ سوى نقل الصراع الحزبي لصفحات الإعلام بمختلف مشاربه!!! ولكن هل هي دعوة لأن تكون قيادة الحزب حكراً على من يستطع مواكبة ركب التفكير والتنظير؟ وهل يتوافق ذلك مع حزب الطبقة العاملة؟ أي صفوية تلك التي ندعوا لها! أم طبيعة الصراع على أعتاب المؤتمر الخامس تبيح كل المحصورات؟
والآن فلنحاول قراءة توجسات الزميل بابو، دون أن نعفي الزميل الشفيع خضر مما أورد على لسانه، وحتى دون خوض الصراع الذي فجرته مقالات عدة.
بدءاً توحي متابعة الزميل بابو لتصريحات الزميل الشفيع منذ العام2001م بأن وراء الأكمة ما ورائها، لم أصطبر الزميل كل هذه السنون ليثبت خطل و إنحراف توجهات أحد أعضاء السكرتارية! هل أزفت لحظة تاريخية تبيح كشف المستور والمسكوت عنه؟ أهو المؤتمر العام الخامس؟
أما فيما يخص تصريحات الزميل الشفيع في يونيو 2001م حول "وجود اتجاه غالب للتخلي عن الماركسية إلا ما أصبح جزء من العلم منها" وتوصل المؤتمر الرابع إلى صيغة أكثر تقدماً! فلنا أن نتسآل ما هو الفاصل الزمني بين الاثنين وأيهم يسبق الآخر، وهل كانت أطروحات مؤسسا الماركسية أكثر تقدماً مما طرح في المؤتمر الرابع، أم إن أطروحات المؤتمر الرابع قد أضحت قمة لم يعد يدانيها أو يرتقي لها آخر.
أن كان تصريح الزميل الشفيع تصريح سياسي فمن الممكن إيجاد مخرج له بأن التخلي عن الماركسية إلا ما أصبح جزءاً من العلم منها، فيصبح التصريح فقاعة لا تروي ولا تشفي إن كان في قناعتنا أن الماركسية قراءة علمية للواقع.. واستقراء علمي للمستقبل.. وفق قوانيين لم يدعي أحد بغيبيتها أو قدسيتها. وما أتت به المناقشة العامة، رغماً عن التسآول حول مشروعية تلخيصها، لم يخرج عن الإطار الماركسي والاتجاه لتجاوز الفترة الإستالينية.
ونقفز إلى تصريح الشفيع "حزب جديد ليس بالتأكيد الحزب الشيوعي"!! يتحدث الزميل بابو عن المناقشة العامة فما الذي يمكن أن تخرج به هذه المناقشة سوى إطار جديد، فأن خرجت لنا المناقشة العامة بذات الهيكل القديم فكأنك يا قيس لا غزيت ولا..، يحق للزميل الشفيع أن يقول حزب جديد إن كان يريد للمناقشة العامة أن تؤتي أوكلها وإلا يكون فتح هذا الباب "باب المناقشة" ذر للرماد في العيون!
وهل مسمى الماركسية، وأعني وأردد مسمى الماركسية، يعادل الحزب الشيوعي ولايحق لغير المتسمين "الذين يحملون لافتته" بالحزب الشيوعي الإدعاء بالانتماء للمنهج الماركسي!! عجباً وأين موقع الحزب البلشفي من ذلك؟
أما إقحام أطروحات المرحوم الخاتم عدلان في هذا السياق فالزميل بابو يدرك قبل غيره منشأها ومنتهاها! فللحق هي إطار متكامل رغما عن تحفظنا على محتواه ، أوجب الدعوة "لحق"، فأين هو ذاك التواصل بين أطروحات الخاتم وما ابتسره من تصريحات الشفيع خضر!!، هل المطلوب استدعاء من صدموا بأطروحات الخاتم للإستصفاف في مواجهة من لا يحمد منبته!!
يصرح الشفيع خضر "إن الماركسية ليست صالحة لكل زمان ومكان" ويلتقط الزميل بابو التصريح لا لنقضه بل للتهكم عليه فيقول "ومن الذي قال إن الماركسية صالحة لكل زمان ومكان" فإن لم يدعوا مؤسسا الماركسية لذلك فهل كفر الزميل الشفيع خضر إن قال ما قال!! عجباً ما هو المقصد؟ أهو إقتيال لمن لا يؤتمن!!
ويتسآل الزميل بابو عما الذي يضيفه لنا الزميل الشفيع خضر من هذا التصريح! ونتسآل وما الذي أضافه لنا الزميل بابو بالتسليم بأن ما قاله الزميل الشفيع خضر صحيح!!
يقول الشفيع بأن علينا الانفتاح نحو كل الأفكار والنظريات ... وإعمال المنهج الماركسي الذي يمكن إيصالنا إلى استنتاجات صائبة. وفي اعتقاد الزميل بابو إن القضية ليست في الانفتاح فالماركسية بطبيعتها ومنذ نشأتها كانت منفتحة على التيارات الأخرى ومشتبكة معها في حوار وجدل وتناول انتقادي، فإن أنفتح الزميل الشفيع هل يكون أتبع خطى مؤسسي الماركسية أم أن انفتاحه سافر!! لم يسعفني محدود عقلي أن أستوعب هذه الفذلكة اللفظية، ولا يسعني إلا أن أقول بأن عموم القراء ومعظم أعضاء حزب الكادحين يعانون حين يخاطب الفلاسفة أنفسهم. أوليس المنهج الماركسي يقول بالتناول النقدي لتلك الأفكار والتيارات، وهذا حسب فهمي المتواضع من صلب ما جاء في تصريح الزميل.
عفواً النرجسية لا تبني ماركسياً، الزميل الشفيع يعاني من خللٍ في فهم المنهج الديالكتيكي!! إن لم يكن ديالكتيك المنهج الماركسي قادراً على استبصار طريق يبعدنا من الوقوع في الخطأ يصبح النهج الماركسي انفعاليا! وهي مصيبة تكاد توقعنا فيها لعبة الكراسي التي تدار على شرف المؤتمر الخامس!!
هل أوضح لنا الزميل بابو أن كيف نستبصر طريقنا بين المفكر المنظر والسياسي حتى نستوعب إن كان شعب السودان في حاجة لإطار أيديولوجي يدين له أم برنامج عمل سياسي يوفر له حياة كريمة، وإن تصدى الزميل بابو لقيادة العمل السياسي هل سيطعم أهل السودان نظرية الكادحين!! هناك فرق بين طرحنا للوعي وسعينا لتوفير لقمة العيش، هو الفرق بين التنظير والارتباط بمعاناة الجماهير.
أما حين يقول الزميل الشفيع على لسان الزميل بابو بأن الماركسية هي منهج ونظرية شاملة للكون! فلا أدري ما الذي يفزع الزميل بابو إن لم يكن الزميل الشفيع قد دخل على خط المناظرة مع الإسلاميين، بدءاً أولم يقل لنا الزميل بابو بل ويلقننا بأن مؤسسا الماركسية لم يضعا سوى اللبنات الأولى لهذا الهرم الإيديولوجي فما ضير أن نحلم بأننا بصدد بناء يملأ الأرض عدلاً ورخاء، عفواً لا تحسبني في زمرة المارقين، لكنها أحلام وكفى!
ابتسار القول لا يقيم قضية، ومحاكمة الآخر بإخراج بعضاً من تعابير وردت على لسانه في غير موضعها لن يدعم دفاعات واهية. هل يمكن لنا أن نستخلص مع الزميل بابو إن ثمة منبت شيطاني حل بديارنا دون وعي منا وعلينا اليوم اجتثاثه، عجباً للتوقيت ومعاول الحفر التي استنفرت!!
ثالثة الأثافي جاءت في قول لم ينفيه الزميل بابو!! الماركسية ليست ديناً، ومن قال إنها دين وهل هي دين في عرف الزميل!! الدين لا يقبل الجديد بل هو أزلي في عرف متبعيه، وأتمنى أن لا نكون قد دخلنا في نفق التقديس والتبجيل لمجرد الوصف والاتصاف وطائفة منا قد لا تخرج من هذا المنعطف بكامل قواها حين تصبح الماركسية عقيدة تجب ما سواها!!
جوهر التصريحات أم جوهر الزميل بابو؟
استنتاج معيب هو ما أوصلنا له الزميل بابو! فلأن الماركسية ليست ديناً ولا تصلح لكل زمان ومكان كما قرأ هو الزميل الشفيع. فالزميل الشفيع يبشر بجديد لا ماركسي! لا شيوعي! لا عمالي! لا طبقي، بل هو برجوازي"مهني"! تحالفي! هامشي، أي رأسمالي!!!
عجباً.. عجباً أولا يذكر الزميل بابو أن ذات الحزب الشيوعي هو أول من طرح إشكالات الهامش، وهل يطلب من أهل الهامش انتظار التروية الحزبية الشيوعية حتى يغيروا ما بحالهم! إن إشكالات الهامش قد أفرزت أدوات حركةٍ لها! فهل مطلوب منا مواجهتها لأنها لم تستوعب أفعال المنهج الماركسي!! من لم يستولد ماركسياً فهو ابن سفاح! أو ليست هذه النظرية التي يبشرنا بها الزميل بابو!!
وخلاصة ما أورده الشفيع لا يخرج عن أفكار اليمينية التصفوية !! نتيجة كارثية وصل لها الزميل بابو! فإما أن يكون الزميل الشفيع يمينياً تصفوياً! وهو يعني بأن الحزب كله وفي قلبه الزميل بابو كان في غفلة من أمرة حتى تبوأ سدة قيادة من ليس منه! قادم من بوابة السياسة التي لا تعي ما تقول ولا تتعلم مما هو منصوص لها! غير إن الأدهى في المصيبة ليست في زميل مثل الشفيع بل تتعداه لتشمل اؤلائك الذين واكبوا هذا الحزب منذ مولده!! كيف لم يتثنى لرموز حزبية عريقة أن تتلمس هذا الذي تسرب بينها!! ولربما هي أيضاً لها ضلع في هذا المؤامرة التي أتت لنا بمن لم يطرق بابنا من بوابة الفكر "والتجويد"، معركة لا يمكن أن تصطفي فرداً لتحمله تبعات عنت دام أربعين عاماً!!
خاتمه،،،
أنا من المتابعين لكتابات الزميل بابو الأخيرة مثلي مثل كثيرين ولم تخلو لنا حلقة نقاش إلا وكانت مساهماته زاد لها، ويهمني هنا أن أضع بعضاً مما أرى من نقاط.
ينهج الزميل بابو نهجاً علمياً في مساهماته، وحين تقرأ المقال يخال لك إنك بصدد رسالة علمية تطرح الواقع، مسبباته تاريخياُ وتفاعلات الحاضر ومن ثم تفكيكها محاولاً الوصول لنتائج منطقية لما هو مطروح، وهو نهج مريح للأواسط العلمية في متابعته ومناقشته وحتى مناهضته. لكن الزميل بابو لا يكتفي بذلك بل يتحول لسياسي يحاول أن يستخلص مما طرح موقفاً سياسياً ينحو منحاً ذاتياً، ولست بصدد مراجعة لكتابات سابقة، ولكن المقال موضوع هذا الرد دليل ساطع على ما أدعي.
بصورة منطقية يستورد الزميل بابو كل ما يمكن أن يواجه به الزميل الشفيع خضر ومن ثم يناقش ما أورد ليوصل القارئ لنتيجة مسبقة وهي هنا تدميرية!! إنها خروج عن كل ما هو مألوف وتدمير ليس لذات شخصية بل لبناء حزبي متكامل في حضرة المؤتمر العام الخامس. فهل هو عفو الخاطر!! لا يمكن أن يستقيم هذا الوضع فإما أن يصل الحزب الشيوعي لمؤتمره الخامس كحزب واحد متكامل أو فلنعد أنفسنا لانقسام جديد طرح الزميل بابو بيانه الأول، أن لم يكن في غفلة منا قد شكل الحزب الشيوعي السوداني دائرة إفتاء ماركسي لها أن تكفر من تراه خارج الملة، وقد يكون لها حق استصدار صكوك غفران في حضرة القادم بعد اغتراب أربعين عاماً.
د.عوض محمد أحمد
لندن في 04/08/2008م.
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: رزنامة الأسبوع
أَنَا .. يُوليُوسْ قَيْصَرْ! ---------------------
[email protected]
كمال الجزولي [email protected]
الإثنين. -----------------
ذات ظهيرة ساخنة من الأسبوع الماضي رنَّ جرس هاتفي، وكان المتحدِّث على الطرف الآخر صديقي النطاسي البارع، والشاعر العذب، والرياضي المطبوع محمود عمر خالد، يتهدَّج صوته غبناً:
ـ "يا كمال ياخي أنا والله ما بفهم في قانونكم ده، لكين وزير الرياضة حظر كمال شدَّاد من السفر خارج السودان لمدة سنة .. معقول يكون في قانون كده"؟!
ضحكت وأنا أقول له:
ـ "طبعاً ما معقول! وثيقة الحقوق في الدستور الانتقالي عهد بين الحكومة والمواطنين يلزمها باحترام حقوقهم وحرياتهم. وشدَّاد مواطن. والمادة/42 تكفل حق كل مواطن في مغادرة البلاد والعودة إليها وفق القانون. والوزير ليس القانون. لذا يستطيع شدَّاد أن يقاضي الوزير. لكن .."!
وأوشكت أن أستطرد بأن هذا ليس (عظم ظهر) المسألة، إذ الأهمُّ هو أصل وفصل هذه (السهولة) التي يصدر بها الوزير قراراً كهذا دون خشية من لوم لائم أو من أيَّة عواقب مفترضة! سوى أنني أحجمت في اللحظة الأخيرة، حين تذكرت أن (السياسة) ليست (كباية الشاي) المفضلة لدى محمود!
الثلاثاء: ----------------
على مدى أكثر من ستين عاماً ظلت قضيَّة التطبيق الخلاق لـ (الماركسيَّة) على أرض الواقع تشغل حيِّزاً واسعاً من مساحة هموم الشيوعيين السودانيين وتفكيرهم، إن لم تكن قد شغلتها بالكامل. ولأن التطابق المطلق مستحيل على هذا الصعيد، بل وغير مرغوب فيه إلا بنيَّة (التنميط) المرذول، فقد ظلت شتى وجهات النظر، متباينة كانت أم متقاربة، تفد، دائماً، إلى ساحة سؤال (المنهج) من زوايا جدِّ مختلفة، رغم أن كلاً منها تزعم لنفسها الصحَّة والسداد، وذاك أمر طبيعي تماماً. لذلك أضحى تنظيم هذا الاختلاف أهمَّ، بما لا نظير له، من الاختلاف نفسه. وفي هذا السياق، وبقدر ما يحقُّ لكلِّ من شاء أن يثق، كيفما شاء، في جدوى (الانكفاء) على النصوص النظريَّة، دون أن يشكل ذلك سبباً للحدِّ من حريَّته أو حقه في التعبير أو الدفاع عن رؤيته هذه، فإنه ما مِن شكٍّ، أيضاً، في حقِّ كلِّ مَن شاء ألا يثق في هذا (الانكفاء)، وأن يرى فيه محض تمظهر لـ (جمود نظري) و(مركزويَّة صمديَّة) ضررها محتوم في حقل الفكر الفلسفي والسياسي، دون أن يشكل ذلك، بالمقابل، سبباً للتغوُّل على حريَّته في التعبير، أو حقه في الدفاع عن أفكاره، دَع التجنِّي عليه، أو محاكمة (نواياه) بمناهج (التكفيريين)!
أقول ذلك وقد صدمني أسلوب التجني غير الموضوعي الذي شنه، للأسف، الأستاذ تاج السِّر عثمان، في مقالته التي نشرها مؤخراً في عدد من الصحف الورقيَّة والمواقع الإسفيريَّة، على د. الشفيع خضر، وكلاهما قيادي في ذات الحزب. ولو ان السِّر استند إلى وقائع ماديَّة محدَّدة لهان الأمر شيئاً، أما أن يكون موضوع هذا التجني مجرَّد أفكار وآراء صدع بها الشفيع بالمخالفة لما يرى السِّر، فتلك طامَّة من شأنها أن تشرع مصاريع الأبواب جميعها أمام الأساليب القديمة البالية التي كنا نحسبها تقوَّضت واندثرت تحت ركام حائط برلين، من تربُّص بالرأي، وترصُّد للفكر، ومطاردة لـ (النوايا)!
والآن، لئن حدا بي ذلك للعودة، هنا، إلى كلمة قديمة سبق أن نشرتها تنويهاً بصحَّة (المنهج) الذي اتبعه الحزب في حسم موقفه، مرَّة وللأبد، من قضيَّة أساسيَّة بالنسبة لمستقبل التطوُّر السياسي في بلادنا، هي قضيَّة (الديموقراطيَّة)، فليس ذلك من باب الدفاع عن د. الشفيع غير المفتقر، أصلاً، إلى دفاعي، ولا يهمُّ، في كثير أو قليل، إن اتفقت أو اختلفت معه، حيث أنني أحترم، أياً كان الأمر، طاقاته، وأثق في قدراته، وأثمِّن عالياً نضالاته وتضحياته المشهودة، وإنما، فقط، كي أعيد إلقاء شئ من الضوء على نموذج عمليٍّ ملموس لكون مفارقة المتواتر من (نصوص) الماركسيَّة اللينينيَّة ليست (عيباً) ولا (حراماً)!
فالماركسية اللينينيَّة ليست ديناً، وإنما نظريَّة في حقل العلوم الاجتماعيَّة، وأداة منهجيَّة لتحليل الواقع، وإضاءة لا غنى عنها في مسالك الثورة والتغيير. وبوصفها هذا ستظلُّ، بوجه عام، وبقوانينها ومقولاتها الأساسيَّة، مرشداً يحتاجه الحزب، بشدَّة، في عمله ونشاطه الثوري. ولأنها كذلك فستظلُّ، أيضاً، شأنها شأن كلِّ منهج علمي، قاصرة عن بلوغ نسبة المئة بالمئة من الوثوق واليقينيَّة، ومفتوحة، بالضرورة، على معطيات الواقع الجديد، وما يفرزه ويثبته من حقائق لا ينكرها إلا عقل مغلق! لكن انزلاقنا الخاطئ للتعاطي معها، أحياناً، كحزمة نصوص صمديَّة جامدة، حال، حتى أواخر العام 1977م، دون تنمية حسٍّ نقدي مطلوب بإزاء بعض (محفوظاتها) الأساسيَّة في ما يتصل بقضيَّة (الليبراليَّة السياسيَّة)، حيث أن الماركسيَّة اللينينيَّة تعتبر (البرلمانات الليبراليَّة) محض (منظمات كلاميَّة) لا نفع فيها، و(الانتخابات النيابيَّة) مجرَّد مواسم لتحديد من سيتولى (قمع) الشعب الكادح خلال الأربع أو الخمس سنوات القادمة، و(ديكتاتوريَّة البروليتاريا) ـ المصطلح الذي لم يرد في أيٍّ من برامج الحزب الشيوعي السوداني المتعاقبة ـ بمثابة الحلُّ الوحيد الحاسم لقضيَّة السلطة والصراع الطبقي!
غياب الحسِّ النقدى هذا، إذن، هو المسئول، بالأساس، عن تأخُّر وضع (المنهج) الماركسي اللينيني في مكانه الصحيح كأداة، فحسب، ضمن أدوات المعرفة المختلفة، بدلا من الانكفاء عليه باعتباره الأداة (الوحيدة) المُعرَّفة بـ (الألف واللام)، مِمَّا أخَّر، بالتبعيَّة، استولاد التنظير الذى يأخذ في اعتباره خصوصية الواقع، دون أن يُغفل القانون العام، كما أخَّر الانفتاح الحاسم على هذه القضية، زهاء الثلاثين سنة، في نسق الفكر الثوري والممارسة الثورية، وتنمية الخط الدعوي المطلوب حول علاقتها الجدليَّة بحركة التقدم الاجتماعي.
وهكذا ما من أحد، داخل الحزب أو خارجه، يستطيع أن ينسب إلى التلخيصات الماركسيَّة اللينينيَّة الشائعة عن (الديموقراطيَّة الليبراليَّة) شيئاً من نتائج دورة اللجنة المركزيَّة في أغسطس 1977م، والتى خلصت الحزب، نهائياً، فى مستوى الطرح النظرى والممارسة العمليَّة، من أوهام (الديموقراطيَّة الشعبيَّة) و(الديموقراطيَّة الجديدة) و(الديموقراطيَّة الموجَّهة) وما إليها من ضلالات لطالما سحبت أقدامه في سكك (الشموليَّة)، مِمَّا كان ينسجم ورؤيته المدعومة، آنذاك، بالنماذج الماثلة والضاغطة، عالمياً وإقليمياً، لإشكالية الصراع السياسى وسلطة الحزب الواحد. فبرغم النقد الماركسى اللينيني المعلوم لـ (الديموقراطيَّة الليبراليَّة)، إلا أن الحزب، وبخاصة من خلال (تجربته) مع نظام مايو (1969 ـ 1985م)، وجد نفسه غير مستطيع (عملياً) أن يتناقض مع (معطيات) الواقع السياسى (الأخضر) لصالح (أطروحات) النظرية (الرماديَّة)، أو أن يُغلب استنتاجات الماركسيَّة اللينينيَّة في (المحاكمة النظريَّة) لهذه (الديموقراطيَّة) على حساب كلِّ ما راكم من (خبرة عمليَّة) مع (الديكتاتوريَّة)، حتى لو تزيَّت بالأزياء (الثوريَّة)، أو على حساب (ملاحظاته التاريخيَّة) حول (الشموليَّة) حتى لو تجمَّلت بالأصباغ (التقدميَّة). وقد اختصر الأستاذ نقد الأمر بقوله: ".. هذه تجربة خضناها ولسنا مستعدين لنخضع فيها لنصائح نظريَّة .. الحزب لن يخاف إطلاقاً من طرح رأيه في أن الديموقراطيَّة الليبراليَّة في السودان كانت وما زالت في مصلحة تطور الحركة الجماهيريَّة، ومصادرتها كانت باستمرار لمصلحة التطور الرأسمالي، والخراب الاقتصادي، ومصادرة الديموقراطيَّة، وانتهاك السيادة الوطنيَّة .. الحزب .. لن يوافق، ولن يسكت، ولن يهادن، في ما يتعلق بالحقوق الأساسيَّة، والحريات الديموقراطيَّة للجماهير، تحت شعارات جربناها في مايو. أنا لا أتحدث عمَّا تمَّ في أيِّ بلد عربي، أنا أتحدث عن تجربة السودان. شعارات (حماية الثورة) كانت شعارات تضليل لمصادرة الحقوق الأساسيَّة من الجماهير، وسوقها كالقطيع لحماية الديكتاتوريَّة، شعار الوحدة الوطنيَّة، والتنظيم الواحد الذي يوحِّد كلَّ القوى التقدميَّة .. الخ كان غطاء لتصفية المنظمات الثوريَّة والمنظمات الجماهيريَّة في البلد، وفرض الوصاية عليها لتمكين حكم الفرد، حكم الفرد من مواقع التقدم وحكم الفرد من مواقع الرجعيَّة" (حوار مع مجلة "بيروت المساء" ، أغسطس 1985م).
صحيح أن هذه (الخبرة) وتلك (الملاحظات)، والتي تندرج، إجمالاً، في قوام النظر البراغماتي، لا تلغي شيئاً من التحليل الماركسي العام والصائب لـ (الليبراليَّة) السياسيَّة كمنجز برجوازي. غير أنها، مع ذلك، قدمت للحزب معرفة قيِّمة لا غنى عنها: فمن جهة ظلت هذه (الديموقراطيَّة الليبراليَّة) توفر دائماً، برغم كلِّ عيوبها وتشوُّهاتها وعرجها المشهود في الممارسة، مناخ العوامل الموضوعيَّة الأصلح لتطوُّر العمليات السياسيَّة السلميَّة في البلاد، ولتفجير طاقات الجماهير ومبادراتها الذاتيَّة، بما توفره لكياناتها وقواها ومنظماتها المستقلة، ومن بينها الحزب نفسه، من فرص النمو والازدهار الطبيعيين في الهواء الطلق، في أجواء الحريات العامة والحقوق الأساسيَّة، بعيداً عن ترسانات القوانين المقيِّدة لهذه الحريات والحقوق، وعن أنابيب وأقبية و(ثلاجات) العمل السِّرِّي! من جهة أخرى، ولهذا السبب نفسه، استقرت (الديموقراطيَّة الليبراليَّة) كسمة ثابتة وملازمة لتطور الثورة السودانيَّة، وذلك في إطار المقاومة التي ما انفكت تشنها الحركة الوطنيَّة، ومن خلفها جماهير الشعب، ضدَّ كلِّ ما من شأنه إعاقة (الحريَّات السياسيَّة). هذا معطى تاريخي ناتج عن (مشاهدة) و(تجربة) عمليَّتين مفصحتين، فلا يجوز، بأيَّة حال، بل ليس من الحكمة في شىء، إسقاطه لحساب أيَّة محاكمة (نظريَّة) موجودة في كتاب ما!
هكذا خرجت دورة اللجنة المركزيَّة تلك باستنتاجات وموجِّهات تستند إلى القراءة الصحيحة للواقع، وتدفع بنضالات الشيوعيين السودانيين على طريق (الحريَّات)، باعتبارها الجوهر الحقيقى لـ (الليبراليَّة السياسيَّة)، وكشرط لازم لإرساء دعائم المشروع الاشتراكي فى السودان، مستقبلاً، لا بطريق الإنقلاب العسكرى، ولا بنظام الحزب الشمولي (القائد)، بل عبر صراع الأفكار، والرؤى، والبرامج، والمنافسة السياسيَّة الحُرَّة، والتمسُّك بالتداول الديموقراطي للسلطة، والاحتكام إلى صناديق الاقتراع. وهى (استنتاجات) و(موجهات) تصعُب، كما قلنا، نسبتها إلى أيٍّ من التعميمات (الماركسيَّة اللينينيَّة)، لكن تسهُل، بالقطع، ملاحظة ترتُّبها على ضرب من النظر (البراغماتي). فحتى (البراغماتيَّة) PRAGMATISM يمكن الركون إليها، أحياناً، لا كنظريَّة متكاملة في النشاط الثوري، وإنما فقط كأداة بسيطة للمعرفة ليس من الحكمة إغفالها تحت أىِّ شعارات أو (نصائح نظريَّة). ولعل ذلك هو، أيضاً، ما عبَّر عنه الأستاذ نقد، تعبيراً سديداً، في مناسبة لاحقة، بقوله: ".. ليس هذا اكتشافاً نظرياً جديداً، وليس تطبيقاً خلاقاً للماركسيَّة، وليس ادعاءً بعبقريَّة، لكنه قراءة للواقع السوداني باسترشاد ماركسي حسب قدراتنا .. إنه لا يخلو من جانب براغماتي، لكن البراغماتيَّة أداة من أدوات المعرفة، ليست خطأ كلها، فيها جوانب عمليَّة صحيحة، لكن إذا تحوَّلت إلى نظريَّة كاملة للمعرفة يصبح أمرها شيئاً آخر. هذه واحدة من الخصائص المهمَّة بالنسبة لنا. هذه قضية أساسيَّة" (حوار مع مجلة "النهج"، ع/25 ، 1989م ، ص 51). وربما كان من المفيد أن نشير، هنا أيضاً، إلى أن ذات هذا الفكر الذى كانت اللجنة المركزية قد استندت إليه في دورة أغسطس 1977م، لم يكن بلا سابقة. فبرنامج المؤتمر الرابع (1967م) كان قد أكد، في سياق معالجته لقضيَّة (السلطة السياسيَّة ـ جهاز الدولة ـ الديموقراطيَّة)، أن السلطة الوطنيَّة الديموقراطيَّة ".. تقوم على الوعي والمعرفة السياسيَّة، ولا تدخل فيها اعتبارات أخرى لا صلة لها بالعمل السياسي المبني على البرامج العلميَّة وعلى المشاهدة والتجربة". وقد عاد السكرتير العام، ضمن مساهمته الموسومة بـ (المبادىء الموجهة نحو تجديد البرنامج)، ليصف ذلك المجتزأ بأنه "سياج نظري" أحاط به برنامج 1967م قضيته المحوريَّة، وأنه ".. يكتسب أهميَّة خاصَّة في الصراع ضدَّ الجمود في التعامل مع مفاهيم ومقولات السلطة السياسيَّة والدولة، إذ لا يقيِّدها بفلسفة بعينها ، بل يخضعها للعلم ومنهج العلم، أي لا تدخل فيها اعتبارات لا علاقة لها بالعمل السياسي، والعمل السياسي نفسه ينبنى على البرامج العلميَّة، وعلى المشاهدة والتجربة، بما يعني، ضمناً، أن البرامج العلميَّة تخضع لمحكِّ الممارسة والمشاهدة والتجربة، لا تعلو ولا تتسامى عليها فتنحدر إلى مسلمات جامدة" (الرأى العام، 9/12/2000م).
هذا ما كان من أمر تطوُّر مسألة (الديموقراطيَّة الليبراليَّة) فى فكر الحزب، و(المنهجيَّة) التى عالج بها مداخله إليها. والسؤال الذي نطرحه، الآن، على الأستاذ السِّر، متوقعين إجابته عليه بالأصالة عن نفسه، لا بالإنابة عن غيره، وبرويَّته المشهودة، بعيداً عمَّا لم يُعهد فيه من تربُّص بالرأي، أو ترصُّد للفكر، أو مطاردة لـ (النوايا): هل أضحى الحزب (تصفوياً يمينياً)، منذ ما يربو على الثلاثين سنة، وانتفت عنه صفة (الثوريَّة)، لمجرَّد أنه عالج، آنذاك، هذه المسألة المفصليَّة، بمنأى عن الدروس والتلخيصات الماركسيَّة اللينينيَّة بشأنها؟!
الأربعاء: -------------
أجدني ميالاً إلى بعض الأدبيات المسرحيَّة التي تغلب نسبة المجتزأ التالي إلى وليم شكسبير، لا إلى غيره، كما تقطع بذلك أدبيات أخرى تاريخيَّة، على أن البحث لم يهدني، حتى الآن، إلى علم وثيق أركن إليه في هذا الشأن.
يقول المجتزأ، بترجمة مدخولة بتصرُّف طفيف: "إحذروا القائد الذي يدقُّ طبول الحرب شاحناً الناس، دونما تبصُّر، بمشاعر البطولة الهوجاء، فهي سلاح ذو حدَّين، كونها تغلق العقول نهائياً، بقدر ما تسخِّن الدماء في العروق إلى درجة الغليان، حتى إذا علا إرزام الطبول، وفارت الدماء بالكراهية، وانسدَّت مسارب النور إلى العقول تماماً، لم تعُد بالقائد حاجة إلى التضييق على الحريات، فالناس، بمثل هذه المشاعر، وبالأعين المعصوبة بغشاوة البطولة، سيقدمون على التخلي له عنها، طائعين مختارين، وإن بوعي زائف! تسألونني: كيف عرفت؟ حسناً، لأن هذا هو، بالضبط، ما فعلته أنا .. يوليوس قيصر"!
الخميس: -----------
لئن ظلَّ احتياج شأننا الوطني قائماً، ابتداءً، ضمن احتياجات كثر في شتى ميادين هذا الشأن وحقوله، للخبرة المتخصِّصة المخلصة، والمعرفة الوثيقة الأمينة، حتى نضمن تشخيص كلِّ حالة على الوجه الصحيح، لا المتوهَّم، والتوصُّل، من ثمَّ، إلى علاج ناجع لها، بالغاً ما بلغ من مرارة الطعم أو زنوخ الرائحة؛ فإن أكثر ما يجلب الحزن، ويورث الأسى، هو ابتلاؤنا، كلما نزلت علينا نازلة، بضرب إضافي من (قلة القيمة)، حيث تكتظ، فجأة، وما بين ليلة وضحاها، غالب الفضائيات، والإذاعات، والمواقع العنكبوتيَّة، والصحافة المحليَّة، والاقليميَّة، والعالميَّة، بصنوف لا حصر لها من (خبراء الغفلة)، يستخفون بالعقول، ويتزاحمون، كما (حُواة الموالد)، بالمناكب العراض، والحناجر الحداد، ليس حرصاً على هذا أو ذاك من شأننا الوطني، بل تنافساً، في حقيقة الأمر، على تزكية النفس، و(إعلان) كلِّ (حاو) عمَّا تحتوي (مخلاته) من وصفات (سحريَّة) يطمع في الفوز بـ (عطاء) تقديمها لحكومتنا السَّنيَّة التي ما تنفكُّ تبدو، في مواجهة كلِّ أزمة، مثل ثريٍّ ريفيٍّ وفد إلى البندر باحثاً، لدى (عشَّابي) و(دجَّالي) أحيائه الطرفيَّة، عن دواء لما يشكو منه، دون أن يكون مستعدَّاً، البتة، لأن يعطي أذنه إلا لكلام من (يضحكه) بأن تلك محض (وعكة طارئة) لا تحتاج لأكثر من (مَسُوح خارجيٍّ) على سطح الجلد فحسب، نافراً، بالمرَّة، عن كلام مَن (يبكيه) بأنها (داء عضال) يلزمه أن (يكرُب وسطه) ويتهيأ لعلاج قاس وطويل!
ولأن (الدَّجَّالين) ماهرون، عادة، في (شمِّ) الرغائب على (ظهور) الأيدي، فإنهم يخفون سراعاً كي (يعرضوا)، في (سوق الشمس) المنصوب هذا، كلَّ (ما يطلبه المستمعون) مِمَّا يوافي (الهوى)، ويناسب (الذائقة)، متحاشين استثارة أوْهَى عزوف من قِبَل (الزبون) عن (البضاعة)، أو أدنى نفور لديه من (التركيبة)، فعينهم، أصلاً، ليست على (صحته)، بل على (محفظته)!
...........................
...........................
من يرانا نهوِّل، في ما نقول، أو نغالي، عليه بمراجعة المشهد التراجوكوميدي المستمر، مذ أعلن المدعي العام الدولي اتهاماته لأحمد هارون وكشيب، ثم انعطف بها إلى رئيس الجمهوريَّة! ولعلَّ في ما حكى الصديق كمال بخيت، أواخر الأسبوع الماضي، نموذجاً ساطعاً للأمر، إذ حدَّثه أحدهم، قبل فترة، بأن مكتباً للاستشارات القانونيَّة في العاصمة البريطانيَّة اتصل به واصفاً القضيَّة بأنها "هشة، ولا تستند إلى أيِّ أدلة قانونيَّة، ويمكن شطبها بكلِّ سهولة، وأن مكتبهم على استعداد للقيام بهذه المهمَّة إذا فوَّضته الحكومة السودانيَّة!" (الرأي العام، 5/8/08). وليس مهماً، بعد ذلك، لمن يعرف (أساليب) بعض من ابتليت بهم مهنة المحاماة، تعزيز المكتب المعني لـ (عرضه) بأنه "لا يشترط دفع أيِّ أتعاب ماليَّة إلا بعد شطب الاتهام تماماً"، فلو نجح ذلك (السمسار) المتخفي في (تسويق) هذا (العرض) المغري للحكومة، لاستحقَّ، إذن، مكافأة ثمينة من المكتب الملهوف الذي يكون قد فاز بـ (دعاية) عالميَّة لا تقدَّر بثمن، وتلك بصارة في إذابة (السُّكر) في (الماء) يعرفها مربو (الحمام) جيِّداً!
الجمعة: ------------
الإنفجار العارم لقضيَّة (ستات الشاي) العادلة عزَّز الثقة في ما يمكن للمجتمع المدني المنظم إنجازه، بل وما يمكن حتى للرأي العام العفوي تحقيقه، عند التصدِّي الحازم للسياسات الرسميَّة الخاطئة، كاعتزام التضييق على هذه الشريحة من الكادحات في المعايش، بدعوى الحدب على مظهر العاصمة الحضاري، وما إلى ذلك من لغو. لكن أطرف ما سمعت من تعليق حكومي على هذا الانفجار ما تفضلت به مندوبة وزارة الرعاية الاجتماعيَّة، في (منتدى السياسة والصحافة) ببيت الإمام الصادق المهدي، حين قالت بالحرف الواحد: "إن الطرح تمَّ تناوله بصورة خاطئة، لأنه مجرَّد مقترح وفكرة، ولم يصل، بعد، إلى مرحلة القرار النافذ" (الرأي العام، 8/8/08)! يعني، بالعربي، علينا الانتظار ريثما تقع الفأس في الرأس!
السبت: ----------
رغم أن شأن القضاء ليس من اختصاص وزارة العدل، أصلاً، إلا أنني، على قدر ما حاولت، لم أستطع أن أقف على جليَّة الأمر في تصريحات وزيرها ووكيلها، إتفاقاً أم اختلافاً، بشأن قبول أو عدم قبول مجئ أية جهة خارجيَّة لـ (تقييم) أداء الجهاز القضائي السوداني، بعد اتهام مدعي المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة للرئيس عمر البشير بارتكاب جرائم حرب في دارفور. فالوكيل، عندما ووجه، في حواره مع بعض الصحفيين، بتصريح الوزير عن أن لجاناً أمميَّة وأفريقيَّة ستأتي لتقوم بهذا (التقييم)، نفى الأمر جملة وتفصيلاً، وفي أكثر من موقع في إفاداته (الأحداث، 3/8/08)؛ ثم إن الوزير نفسه عاد ليقطع بأنهم لن يسمحوا، البتة، لجهات دوليَّة بـ (تقييم) القضاء السوداني، نافياً أن تكون الحكومة قد وافقت على استقبال جهات دوليَّة لـ (تقييم) هذا الجهاز، كونه "فوق الشبهات ولا يمكن أن يكون محل (تقييم) من أيَّة جهة خارجيَّة"؛ غير أنه ما لبث أن أكد، في الوقت ذاته، "عدم ممانعة الحكومة في قيام أيَّة جهة دوليَّة بـ (الاطلاع) على (مسيرة) القضاء السوداني" (الرأي العام، 3/8/08).
ولما لم يكن (الاطلاع) على (مسيرة) القضاء السوداني ليعني، في سياق هذه الحالة المحدَّدة، سوى (تقييمه)، فقد حلَّ الغموض، ووقع الارتباك، ونشأت الحيرة إزاء تصريحات الرجلين، بل إزاء الموقف الرسمي كله، بالأساس، خصوصاً عندما أوردت وكالة الأنباء الفرنسيَّة تصريح رئيس مفوضيَّة الاتحاد الأفريقي، جين بينغ، بأن الاتحاد يرتب لابتعاث مجموعة من 7 إلى 10 محامين "رفيعي المستوى!" لتقصِّي (الوضع) في السودان، ولدراسة (الحالة) بأنفسهم، ولإجراء (تحقيق مماثل) لتحقيق المحكمة الدوليَّة، لمعرفة ما فعلته وما لم تفعله، وأن بعض أعضاء المجموعة قد يأتي من أفريقيا، والبعض من الجامعات في انجلترا وأمريكا أو أيِّ أماكن أخرى، وأن الحكومة السودانيَّة قد وافقت على هذا الترتيب (الأحداث، 6/8/08).
فإذا علمنا، من جهة، أن خيار الاتحاد الأفريقي المفضَّل، على عكس الموقف السوداني الرسمي، هو التعاطي مع الأزمة في إطار الاعتراف بالمحكمة وبقانونها الأساسي (نظام روما لسنة 1998م) الذي تحظر المادة/16 منه البدء أو المضي قدماً فى أى تحقيق أو مقاضاة، بناءً على قرار من مجلس الأمن، تحت الفصل السابع، مشمول بطلب فى هذا المعنى إلى المحكمة، لمدة قد تصل إلى اثنتى عشر شهراً، الأمر الذي أثار حفيظة مساعد رئيس الجمهوريَّة، د. نافع على نافع، فأعلن أن "الخرطوم لن تقبل الارجاء لسنة أو سنتين أو يوم أو يومين" (الأحداث، 30/7/08)، وذلك، استطراداً، في نفس الوقت الذي بدأت تتضح فيه ملامح الصورة الاقليميَّة والدوليَّة العامة لتبنِّي ذات الخيار من قِبَل الجامعة العربية وأمينها العام (الرأي العام، 31/7/08)، ومنظمة المؤتمر الاسلامي (الرأي العام، 28/7/08)، والرئيسان المصري حسني مبارك والجنوب أفريقي ثابو مبيكي، فضلاً عن سبع دول أعضاء في مجلس الأمن ـ المكوَّن من خمسة عشر دولة ـ هي ليبيا وجنوب أفريقيا وروسيا والصين وفيتنام وأندونيسيا وبوركينا فاسو (أجراس الحرية، 31/7/08)؛ وإذا علمنا أيضاً، من جهة أخرى، أن أوجب واجبات المحكمة الدوليَّة (التحقق)، إبتداءً، من توفر أو عدم توفر عنصري (القدرة) و(الرغبة) لدى الدولة المعنيَّة و(قضائها) في تعقب الجناة ومحاكمتهم، حسب نصِّ المادة/1 من (النظام)، والتى تحول دون انعقاد الولاية والاختصاص التكميليين Complementary لهذه المحكمة إلا إذا ثبت انعدام هذين العنصرين أو أحدهما؛ فإننا نستطيع أن نخلص منطقياً، إذن، إلى أن أيَّ تحقيق سيجريه فريق المحامين الأجانب "رفيعي المستوى!"، والذين سيبعث بهم الاتحاد الأفريقي، سيطال، من باب أولى، مسألة ما إن كانت المحكمة الدوليَّة، قبل قبول الولاية والاختصاص بملف دارفور، قد استوفت أم لم تستوف الوقوف على توفر أو عدم توفر العنصرين المذكورين في القضاء السوداني، مِمَّا يعني، منطقياً وبالضرورة، أن يجري هذا الفريق (تقييماً) للقضاء السوداني كي يتمكن من أن يقول كلمته في عمل المحكمة الدوليَّة!
وهكذا يعود السؤال يراوح مكانه في انتظار إجابة موحَّدة وقاطعة وشافية من الحكومة: هل ستسمح لجهة أجنبيَّة بـ (تقييم) القضاء السوداني، أم لن تسمح؟!
الأحد: ----------------
لسبب ما، وكثيراً ما يحدث لي هذا، تهشُّ في خاطري، هذه الأيام، ذكرى صديقي الراحل علي المك. وفي ذات الوقت أكاد لا أملُّ الاستماع إلى خريدة المسَّاح (غصْنَ الرِّياضَ المَايدْ)، مرَّات بصوت أبو داؤد، ومرَّات بصوت رمضان زايد، ولا أعرف صوتاً ثالثاً يضارعهما في الشدو بها. وربما وقع الارتباط من كون عليٍّ هو الذي أعداني بذائقتها، وللذائقة عدوى، وأيُّ عدوى، وحبَّبني فيها، لديهما وحدهما، حين أهداني، مطالع ثمانينات القرن المنصرم، شريطاً نادراً من تسجيلاتهما لها، شئ بالأوركسترا، وشئ بعود برعي الفخيم. ومن يومها لم أعد أعرف لغيرهما مثل هذا الاقتدار الرفيع على التفنن في أداء نصِّها الراقي، تطريباً عذباً ترفرف به أجنحة الصداح المتمايح بين (ألِفات مدِّها) المتكاثفة، صعوداً وهبوطاً، في بنية لحنها المعجز الشجي. هكذا أضحت (غصْنَ الرِّياضْ)، عندي، (نشيد إنشاد) الأغنية الأمدرمانيَّة، وليت (لجنة الأصوات) اتخذتها امتحاناً أساسياً يُجاز باجتيازه مغنوها الجُدُد!
جلسنا، مرَّة، في بيت صديق مشترك نستمع، حتف أنوفنا، إلى (فنان حيرة!) يرمينا بوابل من طرقعات حنجرة معطوبة التمسنا الاستعانة عليها وعليه بالانصراف إلى رائق مؤانسات عليٍّ ونكاته. غير أن الهاشميَّة ما لبثت أن شالت فناننا الأحمق ذاك، بغتة، فحدَّثته نفسه الأمَّارة بالسوء، في لحظة طيش، ليعرُج، مباشرة، عُروجاً غير محسوب، بطرقعاته تلك، وبلا سابق (إنذار)، إلى (غصْنَ الرِّياضْ)! وما أن توحَّل في قول المسَّاح المُعْجز: "عَانيتْ في ليالي هَوَاكْ صنوفْ وأحَايدْ/ مُشكِلة بين هَوَايْ وُجَفاكَ وانتَ مُحَايدْ"، حتى راح يعرق ويجفُّ، ويجفُّ ويعرق، ويزفُّ زفاً، وينخر نخراً، ويشهق شهيقاً، ويزفر زفيراً، ويثغو ثغاءً، ويرغو رغاءً، ويخور خواراً، فما أخرجه وأخرجنا من تلك الورطة ذات الجلاجل غير صوت أبو المك حين انطلق ناصحاً له بقفشة مدوِّية:
ـ "أوعك .. بتعمل ليك ديسك"!
|
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
شكرا سلطان
طرح السر فيه الكثير من الصحة
الأمر لا يتعلق بالشفيع
وإنما بقيادة الحزب وعلى رأسها نقد
إذا وضعنا المسألة علي قدميها
يصبح سؤال كمال هو المحور
Quote: هل أضحى الحزب (تصفوياً يمينياً)، منذ ما يربو على الثلاثين سنة، وانتفت عنه صفة (الثوريَّة) |
لا يخفى على أحد أن للحزب تاريخين
أولهما ثوري مؤثر والثاني مختلف لحد كبير
من أهم ما يلاحظ على الثلاثين سنة الأخيرة
رفض الأيدولوجيا (في مقدمة كتيب لم يترك لها نقد جنبا تنام عليه)
رفض الطبقية
رفض مصطلحات مثل الثورة
واليسار
وفي الممارسة السياسية اليومية
رفض الإعتراف بأي تنظيمات يسارية أو التنسيق معها
التعامل بجفاء مع ثوار الأقاليم
الإصرار على الإرتباط بقيادة حزب الأمة فقط
حتى كاد يصبح الحزب الشيوعي جناح الصادق
بما في ذلك قبول شرط الصادق بعد أبريل باستبعاد مؤتمر قوى الريف
طبعا كلما فعله الشفيع كأحد المرضي عنهم أنه يردد أفكار نقد والآخرين في القيادة
فكان من الأجدى للسر أن يستكمل شجاعته
ويوجه نقده للأصل وليس الصدى
وكما أسلفنا في موقع سابق
لا يخشى على الحزب من الحوار
بل من عدم الحوار
وحقيقة أعطت مقالة السر حيوية للمؤتمر
بدلا عن أن يكون تسليما وتسلما تحت رايت الرضاء العام والإستلطاف
الباقر موسى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. شكرا يا عبد الرحمن علي كل البوستات التي تمثل طريقا مؤديا للمؤتمر الخامس
انا من اكثر الناس سعادة بانطلاق حركة النضال النظري و الصراع الفكري داخل الحزب ، و من دعاة الكشف و الإفصاح عن طبيعة و شكل التيارات ، و السماح لها بالتواجد داخل الخامس ، حصر الامر داخل الخامس في مجرد تمثيل وجهات النظر هو فهم مثالي ابوي تسلطي غير منتج و غير ثوري ، لانو مافي صراع بدون ناس و بدون تيارات الفكر دوما مادي - حركي و محمول في عقول بشر
* لدي احساس قوي بان مستقبل الصراع حيتواصل بعد الخامس و في إطار وحدة الحزب علي ثلاث محاور لثلاث تيارات :
- تيار الماركسية - الثورية ، و الذي ندعو الله ان يحشرنا في زمرته - تيار ليبرلي - ديمقراطي ، برضو عندو صلة بالماركسية و شديد الارتباط بحركة الحقوق و الحريات و اقرب لفكر كانط في صيغتو الماركسية ، علاقة ماركس بكلاسيكيات كانط قوية جدا خاصة في المرتكزات الثلاثة للحرية - الفردية - تيار المحافظة و الجمود الماركسي ، في تقديري هذا التيار لن يحتمل تواجد التيارين الآخرين و سيواصل إعادة انتاج الستالينية في صياغات جديدة تنطلق من مبدأ إدانة ستالين نفسه
* شكرا لعصام بصدد اعتذاره المقدم للرفيق السر بابو هذا يساعد في تكريس نهج لصراع رفيع غير إتهامي و منتج باتجاه المؤتمر الخامس
استقطب مقال كمال الجزولي ذهني في وجهة بعض الملاحظات ، اسطرها هنا :
للحق بظل موقف الشيوعيين السودانين الراهن من الديمقراطية الليبرالية هو موقف ماركسي - ثوري خلاق في سياقو التاريخي القايم علي معرفة الواقع ، وهو موقف بتجاوز التعامل مع الماركسية بوصفها مجرد مرشد عمل الي كونها منهج ذو جوهر علمي - نقدي - و معرفي
* القول بان الماركسية هي مرشد عمل و حسب ، هو مدخل اساسي لاعادة إنتاج و تكريس الجمود ، الماركسية في جوهرها العلمي هي تفكير نقدي - ثوري - حي ، تفكير قادر علي تجاوز مقولات و مفاهيم ماركس
* الليبرالية في السودان هي مُعطى تاريخي ثوري مُتحرك ، لانها دوما مرتبطة بانتصار إرادة الشعب كما في لحظة الاستقلال 1956 او كما في لحظة الانتفاضة 1964 و 1985 ، إذن الليبرالية هي ممارسة ثورية في سودان الصراع الطبقي
* المقصود بسودان الصراع الطبقي : هو سودان البرنامج الوطني الديمقراطي المرفوع في مواجهة برنامج اليمين الراسمالي بشقيه ( البرجوازية الوطنية و القومية ، و البرجوازية الطفيلية )
* يواصل الشيوعيين السودانين طرح البرنامج الوطني الديمقراطي بوصفه نهج تاريخي ماركسي - علمي ، و ليس برنامجا و حسب ، يتواصل طرح البرنامج في ظروف تاريخية اشد تعقيدا ، و وسط حركة جماهيرية و قوميات صاعدة علي نحو راديكالي اشد قوة . ممارسة الصراع الطبقي وفقا لنهج التطور الوطني الديمقراطي ، هو السبيل لتحويل الليبرالية لصيغة سودانية ثورية للتعددية و الحريات و دولة القانون المتجاوزة للصيغة الاروبية - البرجوازية
* لا يوجد يمين ليبرالي في السودان ! و اصلا دي إحدي مشاكل الثورة السودانية : عدم وجود برجوازية - ليبرالية نازعة لنهضة صناعية - زراعية كبيرة ، وعدم وجود طبقة فلاحين ثورية نازعة للحصول علي الارض ،
* الليبرالية كممارسة ثورية ، و ليس دكتاتورية البروليتاريا هو نهج الماركسية في السودان ، هو الفارق بين الجمود - النصي و بين نظرية المعرفة - العلمية بوصفها سلاح في يد حلف الكادحين - الثوري
* المؤتمر الخامس هو ساحة الصراع حول مجمل القضايا النظرية المركزية ، القول بان هذا يميني - تصفوي ، او ذاك ستاليني - نصي ، هو مجرد تهافت في مواجهة التحديات النظرية الضخمة ، الستالينية لاتزال موجودة في الحزب و قيادة الحزب ، و قد ذكرت الائحة الجديدة ان ظلالها لا تزال موجودة ،
* المؤتمر الخامس هو نقطة الانطلاق للصراع الحزبي - المُنظم مع الستالينية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: Motaz Ahmed)
|
تبيان الترصد في مقال السر بابو لا يحتاج لكثير عناء ، ببساطة لأن التصريحات السهلة والمجانية والضارة لقادة الحزب على قفا من يشيل، لماذا اجتزأ بابو فقط تصريحات الشفيع. لماذا يتتيع بذات الدقة تصريحات يوسف حسين؟ أو المرحوم فاروق كدودة ؟؟؟أو محمد ابراهيم نقد؟. عاب السر بابو على د. الشفيع التصريحات الصحفية ووصفها بالسطحية والعابرة، لافتا نظره إلى أن مكانها الدراسات والأبحاث في صحافة الحزب الداخلية( هكذا) ولم يلتزم ذات البابو بما أشار فحسب علمي أن لا صحيفة الصحافة ولا موقع سوداناي مملوكين للحزب الشيوعي. التهافت في النشر يشي بذلك التربص. المقال عبارة اجتراح انتقائي لمقولات خارج السياق ولمملتها بعجلة للوصول لنتيجة معدة سلفا( اليمينية التصفوية) طيب الحزب القاعد فيهو البابو ده ما قاعد في برلمان الانقاذ المعين الموفقة علي خطوة زي دي تعبر عن موقف ماركسي صلب ولا كيف؟؟؟. سأعود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
أتفق مع طراوة كثيراQuote: لدي احساس قوي بان مستقبل الصراع حيتواصل بعد الخامس و في إطار وحدة الحزب علي ثلاث محاور لثلاث تيارات :
- تيار الماركسية - الثورية ، و الذي ندعو الله ان يحشرنا في زمرته - تيار ليبرلي - ديمقراطي ، برضو عندو صلة بالماركسية و شديد الارتباط بحركة الحقوق و الحريات و اقرب لفكر كانط في صيغتو الماركسية ، علاقة ماركس بكلاسيكيات كانط قوية جدا خاصة في المرتكزات الثلاثة للحرية - الفردية - تيار المحافظة و الجمود الماركسي ، في تقديري هذا التيار لن يحتمل تواجد التيارين الآخرين و سيواصل إعادة انتاج الستالينية في صياغات جديدة تنطلق من مبدأ إدانة ستالين نفسه |
التحدي:
أن يتم توحيد التيارين الأول والثاني (لا أرى تناقضا بين الديمقراطية والثورية)
وأن يتم تجاوز التيار الثالث بصورة كاملة
وأومن بأن ذلك ممكن .. ولا مناص منه
الباقر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
التحية للجميع
القضية الاساسية التى حاول الاستاذ السر معالجتها فى المقال الاول وفى الرد على الاستاذ كمال الجزولى والتى اتفق معه فى عمومياتها وهى ان هناك فكر تصفوى يمينى فى الحزب الشيوعى السودانى - اصبح عندو تاريخ - يعبر عن نفسه باشكال مختلفة يعلو ويهبط حسب مجريات الاحداث . يزعجه فى معمعة الصراع كشف اساليبه الناعم منها ,تمرير الخطاب كيف ما اتفق ,والخشن (الإنقسامات)ومن الطبيعى ان تثير كلمة تصفوى يمينى حدثا او مقال حفيظة من يرى ان الحزب الشيوعى يجب ان يتخلى عن هويته كحزب طبقى يعبر عن طموحات الطبقة العاملة السودانية ويعضد من كفاحها ضد الطبقة الراسمالية وفى النهاية حسب هذا المنطق والرؤية يجب حل الحزب الشيوعى واستبداله بحزب اخر غير طبقى ولا بأس من ماركسيته بلا اسنان. فى التفاصيل لم تقنعنى الحيثيات التى استند عليها الاستاذ السر بابو لان التصريحات الصحفية وحدها قد تعبر عن مستوى قدرات التعبير اكثر من انها موقف نظرى وعملى ملموس يصدق عليه الحكم الصارم بإنتماء د. الشفيع الى التيار التصفوى اليمينى داخل الحزب الشيوعى السودانى.
شكرا ابو ساندرا
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. مودتي يا باقر
اتمنى حقا ان لا يكتب الشفيع ردا مباشرا علي السر بابو !
و ان يلتزم كعادته بنهج وتقاليد القائد الكبير المُدرك لمسؤلياته الحزبية .. لا يحتاج الشفيع ان ينفي عن نفسه تهمة التصفوية ، او العمالة للمشروع الراسمالي السوداني ، او وكالته الشخصية لهذا المشروع السوداني - الفاشل ، من مواقع اليمين - الحزبي
و أعتقد ان علي الشفيع مضاعفة نشاطه القيادي في محورين يمثلان حوجة ماسة للحزب و مجمل العضوية:
* تقديم اوسع جهد نظري يعبر عن حصيلة تجربته و نضاله و خطوط تفكيره الرئيسية خاصة فيما يتعلق بفهم الماركسية و مقارباتها في واقع و معطيات سودان اليوم ، و موقفه الكلي من فكرة و نظرية و مستقبل الحزب الثوري في السودان
* مضاعفة الجهد التنظيمي - الحزبي ، و في إطار القيادة الجماعية الراهنة بغرض الوصول سريعا لاروقة المؤتمر الخامس :
( مؤتمر شعاره وحدة الماركسين و الثوريين السودانين ، و إطلاق دواليب عجلة التجديد/ التغيير .. و و ضوح القضايا حتى إن لم يتم الوصول حولها الي حلول نهائية )
النضال بحزم و وعي من اجل مؤتمر سليم معافي أجواءه صحية و قضاياه واضحة و مركزة , و تمثل اولويات لمرحلة النضال الحزبي - النظري الراهنة ، مؤتمر يضمن سلامة و ديمقراطية و شفافية و عقلانية التمثيل ، و يفارق اساليب ستالين و شاوسيسكو في تحضير و إخراج مؤتمرات المنتصرين و اعود الي قولك :
Quote: التحدي:
أن يتم توحيد التيارين الأول والثاني (لا أرى تناقضا بين الديمقراطية والثورية)
وأن يتم تجاوز التيار الثالث بصورة كاملة |
.. استطيع ان افهم قصدك و مراميك الجادة وذلك فقط في إطار حقيقة اساسية:
وهي ان علاقة الماركسية - الثورية بتيار الليبرالية - الديمقراطية المتواجد و مُتخلق و كامن داخل الحزب خلال ال 15 عاما السابقة ، لا يمكن ان تكون علاقة جمع و دمج ميكانيكي كمي قاصد لعزل تيار ثالث محافظ - نصي ، بقدر ما أنها علاقة صراع في إطار وحدة الحزب ، صراع ذو مدى تتبدل فيه المواقع و المواقف علي قاعدة تبلور و وضوح الافكار .. و لا اتصور أنها ستكون وحدة شكلية مقيتة كتلك التي احس بها الشهيد عبد الخالق محجوب وهو يتعايش مع التيار البرجوازي - الصغير الا ماركسي علي مدى 1969 ---- 1971
نحتاج ان نقارب سمات و طبيعة الماركسية - الثورية ، توجهاتها و نهجها العام عند العام 2008 :
* رفض الحزب ذو الإطار الايدلوجي ، الحزب المؤطر في صيغة الماركسية - اللينينة كايدلوجيا و عقيدة ، و التقدم نحو حزب البرنامج الوطني - الديمقراطي القائم علي مقاربة الواقع بنظرية المعرفة ذات الاساس الماركسي - العلمي .. الماركسية بوصفها سنام نظرية المعرفة و في انفتاحها علي كافة العلوم و المعارف و تراث و تقاليد و واقع السودان في تباينه و تعقيده
* مثالا لمقاربة الواقع و فقا لنظرية المعرفة - الماركسية العلمية في تجلياتها السودانية و في مجري استنهاض اعماق الريف إقتصاديا ، فانه من الممكن ان نقبل بصيغة بيع السلم التي اقترحها نبي الاسلام الكريم كأداة منظمة لعلاقة التبادل - الانتاج و كبديل مرحلي عقلاني - عملي لا ربوي لصيغة بيع الشيل .. هنا نفارق حزمة الاخطاء التي وقع فيها حزب برشام الشيوعي - الافغاني وهو يسعى لكسر قيود ظلام علاقات الاقتصاد الاقطاعي في عمق الريف الافغاني
* حزب البرنامج الوطني الديمقراطي ، هو حزب النضال البرامجي - المعرفي ، و مقاربة الواقع بإدراك صاعد و متسع و فقا لنظرية المعرفة الماركسية ، إ ذن هو ليس حزبا منبتا فلسفيا ! بل هو حزب يصيغ و يشكل في مصيره و افقه الفلسفي عبر عملية نضال موضوعي - تاريخي . الماركسية - الثورية لا ترفض الفلسفة ، الفلسفة بوصفها علم اعم القوانين ، بوصفها مشروع معرفي للنضال الطبقي ، بوصفها أدة في يد حلف الكادحين الثوري
* تسترشد الماركسية - الثورية ، بالماركسية كمنهج و نظرية نقدية ، و تتخطى صيغة الجمود القائلة بأن الماركسية هي مرشد عمل ، الي كونها فكر علمي حي قادر علي تخطي مقولات و مفاهيم ماركس نفسه. و هذا تقدير و ثيق الصلة بالازمة التي لحقت بالماركسية و تراكم الازمة الراهنة علي صعيد العلوم الطبيعية و الاجتماعية و عصر ثورة المعلومات و اجيال الثورة الرقمية
* الماركسية - الثورية : هي تيار الحزب الثوري ، هي حزب الطبقة العاملة الموجود في قلب حلف الكادحين الثوري ، هي حزب الصراع الطبقي و نظرية الصراع الطبقي في صيغتها السودانية الجديدة .
* طبقيا تطرح الماركسية - الثورية البرنامج الوطني الديمقراطي بوصفه نظرية و نهج كامل و ليس برنامج وحسب ، في مقابل حقائق و معطيات الواقع و التاريخ السوداني التي تقول بأن اليمين - البرجوازي السوداني غير مؤهل و فاشل تاريخيا في أنجاز ثورة برجوازية - ديمقراطية و تحديث ناجز
* المصادر التاريخية الواقعية لتيار الماركسية - الثورية ، كامنة في تجربة الحزب الشيوعي السوداني علي مدى 60 سنة ، و مجمل نضال الشعب و الجماهير الثورية . كامنة هذه المصادر في تراث عبد الخالق محجوب المتجلي في حقيقتين لا صلة لهما بدوقما النصوص او مقررات المؤتمر الرابع :
- الحقيقة الاولى هي استقلال حزب الطبقة العاملة و بقائه حزبا ثوريا في المحتدأ و المصير الفكري - السياسي الفلسفى - الحقيقة الثانية هي : النضال الجماهيري - الديمقراطي الواسع في كافة اشكاله ، و صياغة نظرية الثورة السودانية في واقعها الخاص المرتبط بحكم البرلمان و نضال الجماهير المنظمة المستقل المفضى للإنتفاضة و الدفع الثوري المتصل
* تسعى الماركسية الثورية لصياغة نظرية الحزب الثوري وفقا لحقائق استعادة الديمقراطية الحزبية بوصفها ثقافة الحزب الماركسي ، في مقابل ثقافة القبضة المركزية بوصفها ثقافة الحزب الستاليني .. و فقا لهذا التصور و هذا النضال سيتحدد مصير المركزية - الديمقراطية داخل الحزب الماركسي - الثوري
. . وفقا لكل ذلك ستتحدد طبيعة و حجم المسافة و التقارب مابين تيار الديمقراطية - الليبرالية و تيار الماركسية الثورية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
طلعت الطيب و بقية المتداخلين سلام
لم استطع من خلال ردك المقتضب ان اتفهم رفضك للمبدأ اللينيني الخاص بالديموقراطية المركزية التي ارى انها فضلاً على اهميتها للمحافظة على وحدة الحزب اللازمة للمسيرة في توجهاته الثورية فهي الوسيلة الاسلم لاحداث تغير ديموقراطي عميق و متواصل داخل الحزب الشيوعي بالتأكيد على الحرية الكاملة لنقاش كل القضايا داخل هيئات الحزب و الالتزامم بما تقرره الاغلبية مع حق الاقلية في مواصلة الدفاع عن رأيها و اثارته كل ما عن لها ذلك . هذه المناقشة الحرة لكل السياات و التطبيقات الحزبية و نتائجها تسلتزم بالضرورة اعلاء مبدأ الشفافية الكاملة و الممارسة المستمر للنقد و النقد الذاتي و الالتزام الواعي باللائحة و نصاً و روحاً و ذلك سيودي بطبيعته لمنح الوحدات القاعدية مزيداً من الاستقلال و سيحرر ابداعها في تطبيق خط الحزب بما تراه يلزم في مجالاتها مع التقويم المستمر لهذا الخطأ من خلال قراءة تجاوب الجماهير معه هذه الممارسة بشكلها السليم يا سيدي ستمنع اجهزة الحزب الادارية من ان تغتصب سلطات القيادات المنتخبة . لأن القرار السياسي يصبح بيد القاعدة و ممثليها المنتخبين و يجري فقط تنفيذه من خلال ذلك الهيكل الاداري اما ان كان الاختلاف هو مع مبدأ خضوع الهيئات الدنيا للهيئات العليا فذلك داعييه ان الهيئات العليا تلك تستقي رأيها و تصيغه من خلال رؤيتها الكلية و الشاملة لما يرد اليها من الهيئات القاعدية
يا سيدي الفاضل ان النضال الذي يجب ان يخوض الحزب اليوم عشية الموتمر الخامس هو النضال المستمر ضد البروقراطية المكتبية و اعادة توزيع المهام الحزبية و سيادة مفهوم المصالحة مع الفكر التنظيمي و اثرائه بتقييم تجاربنا العملية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
كتب بهاء بكري :
Quote: غايتو ياعبدالرحمن اذا عندك اتصال بالاستاذ السر ارجو نقل مافهمته انا من كتاباته الاخير , والحقيقة لقد فهمت ثلاثة اشياء من مجمل مااطلعت عليه وهي : 1- ان الاستاذ السر بنشاطة الاخير اراد ان يقدم نفسة للمؤتمر وهذا من حقه طبعا . 2- كتابات السر الاخيرة في ظني انها تستهدف افراغ المؤتمر من مضامينة الحقيقة , بمناقشة كل القضايا التي كان من المنتظر ان يحسمها المؤتمر خارجة وقمع كل من يفكر ( ان يفكر ) , لاحظ ان كل القضايا التي تثير خلافات واسعة وسط الشيوعيين محسومة كيف عند الاستاذ السر بابو.... في مقالة لم اجدها تحدث الاستاذ السر عن الخطا في تصعيد الراحل الخاتم لسكرتارية اللجنة المركزية, والحقيقة الكلام غريب شوية لذلك سوف انتظر ان تتكرم بانزال هذا المقال حتي نري كيف تم التصعيد وهل هو خطا فعلا ام لان الخاتم قد اختلف مع قيادة الحزب الذي يمثلها الاستاذ وعلي فكرة السر نفسه مصعد لاعلي هيئة قيادية بالحزب 3- ان كتابات السر الاخيرة قصد بها محاربة الدكتور الشفيع خضر لما يجده من تقدير واحترام وسط الشيوعيين واصدقائهم واعتقد ان حظوظ دكتور الشفيع كبيرة في الترقي لقيادة الحزب بحكم الفرصة التي وجدها لممارسة القيادة الفعلية داخل الحزب |
حول نقاطك الثلاث اعلاه أقول بشان Quote: 1- ان الاستاذ السر بنشاطة الاخير اراد ان يقدم نفسة للمؤتمر وهذا من حقه طبعا . |
نعم هذا من حقه ولكن هل أراد الأستاذ السر بابو ان يقدم نفسه فقط أم أراد أن يحدد موقفه مبكرآ ، ويتيح للزملاء ، وخاصة مناديب المؤتمر الإطلاع على رأيه المخالف حتى لا يفاجئهم به داخل المؤتمر وحينها ستكون الردود إنفعالية ومن غير تحضير ، أعتقد أن السر بابو يسعى اليه
وقلت :Quote: كتابات السر الاخيرة في ظني انها تستهدف افراغ المؤتمر من مضامينة الحقيقة , بمناقشة كل القضايا التي كان من المنتظر ان يحسمها المؤتمر خارجة وقمع كل من يفكر ( ان يفكر ) , لاحظ ان كل القضايا التي تثير خلافات واسعة وسط الشيوعيين محسومة كيف عند الاستاذ السر بابو.... |
لا اتفق معاك يا بهاء في أن كتابات السر بابو تهدف لإستباق المؤتمر { إستباق دي طبعآ تصحيح لكلمة { إفراغ } لأنها غير دقيقة ، حيث لايؤدي مناقشة الافكار قبل/ خارج المؤتمر إلى إفراغ المؤتمر من مضامينه { محتواه } وفي الواقع أن معظم المناقشات تجري قبل و خارج المؤتمر حتى تتبلور وتتضح لذلك كانت { المناقشة العامة } التي فتحت في سياق المؤتمر وكان طرح معظم الوثائق على الرئيسية على الأعضاء ليتداولون حولها ويقتلونها بحثآ وتمحيصآ ونقاشآ ، ترفع حصيلته النهائية توطئة لعرضها في المؤتمر لإتخاذ القرار النهائي حولها نقاش القضايا خارج وقبل المؤتمر لا يعني حسمها هناك وبالتالي { قمع } المفكرين وفي الحقيقة يا بهاء انا مندهش من رأيك هذا ليس لأنه فطيرآ فحسب ، بل ، وكذلك لأنه غير ديمقراطي لأنه أو لأنك ببساطة تمنع مناقشة القضايا والأفكار خارج المؤتمر وترى أن تطرح هناك فقط وهذا بالطبع غير صحيح بالمرة وكذلك غير مفيد لأنه حتى تكون الأفكار منتجة وحتى يمكن للمؤتمر الوصول إلى قرار حولها لابد أن تجد حظها من الطرح والنقاش خارج المؤتمر حتى يأتي الناس للمؤتمر وهم على علم بكل القضايا المطروحة وعلى جاهزية كاملة في تناولها داخل المؤتمر لسبق إطلاعهم عليها وتحديد موقفهم منها طرح القضايا/ الأفكار داخل المؤتمر فقط دون أتاحة الفرصة لها للتداول خارجه وقبله ح يكون سلق بيض ساكت وأخنق فطس بس قلت يا بهاء :
Quote: لاحظ ان كل القضايا التي تثير خلافات واسعة وسط الشيوعيين محسومة كيف عند الاستاذ السر بابو |
طيب يا بهاء ، بقولك : انها قضايا تثير خلافات واسعة وسط الزملاء نعم ، هي قضايا خلافية وعميقة و مهمة ومفترض كل زميل يحدد رأيه وموقفه منها ومقترحاته ومعالجاته وهذا يستلزم طرحها ومناقشتها حتى يلتف الزملاء حولها أو يرفضونها ، أو يتراوحون بين الموقفين أقصد أن يقبلها البعض ويرفضها البعض الأخر واضح ان السر بابو حدد موقفه من تلك القضايا وأعلنه للزملاء وللناس أجمعين ، وهذا مطلوب ، وياريت كل الزملاء يحذون حذوه وهذا بالتأكيد سوف يفتح نقاش أو في الحقيقة فتح نقاش نراه هنا وبالتأكيد يدور النقاش في مواقع أخرى القضايا محسومة عند السر بابو لكنها هل محسومة عندنا بذات رأي السر بابو ؟ ح تجد ناس موافقين على اطروحات بابو وأخرين معترضين أو مختلفين أقصد ،، كونها محسومة عند السر بابو لايجعلها محسومة عند الأخرين بل ، حتى ولو كانت محسومة عند محمد إبراهيم نقد ، تظل محسومة عنده فقط وللأخرين الحق في قبولها أو دحضها أخيرآ قلت :
Quote: 3- ان كتابات السر الاخيرة قصد بها محاربة الدكتور الشفيع خضر لما يجده من تقدير واحترام وسط الشيوعيين واصدقائهم واعتقد ان حظوظ دكتور الشفيع كبيرة في الترقي لقيادة الحزب بحكم الفرصة التي وجدها لممارسة القيادة الفعلية داخل الحزب |
لا أتفق معك في أن السر بابو قصد دكتور الشفيع لأنه مقبول ومحترم لدى الزملاء معنى كلامك ده ان السر بابو { مستقصد } الشفيع خضر ويسعى لمحاربته ، عشان أيه ؟ ، عشان الشفيع محترم ومقدر ! ده كلام يا بهاء ؟! كلامك ده سلبي جدآ في حق السر بابو وجعلته والغ وضالع في محاولة إغتيال شخصية ، شخص / زميل محترم ومقدر أي أن السر بابو لايسره أن يرى زميل محترم ومقدر من قبل زملاءه ! يسيئه أن يكون هناك زميل محترم ومقدر ومقدم من قبل زملائه ! اها يا بهاء انت الآن ضالع في إغتيال شخصية السر بابو ! كيف لا ؟ وانت إعتبرته ساعي لمحاربة زميله ، لا لشيء سوى ان زميله محترم ومقدر لدى زملائه ، وحظوظه اوسع وأرجح لتولي القيادة
ببساطة ، انا ارى ان السر بابو حرص على ان يعبر عن رأيه المتقاطع مع رأي الشفيع لأنه مختلف مع رأي الشفيع أو آراء الشفيع وليس لأنه { حانق } على الشفيع لكونه محترم وواسع الحظوة وواثق الخطوة نحو منصب السكرتير العام
الشاهد ، ان السر بابو يمثل او يعبر عن رأي داخل الحزب والشفيع يعبر عن رأي أخر رأيان متقاطعان ولكل منهما مؤيدين ولكل منهما معارضين ولا أستبعد وجود رأي ثالث
هذا هو وقت طرح الرأي والتوجهات على الكافة لإستقطاب المؤيدين قبيل المؤتمر
السر بابو فعل
وأتمنى أن يفعل الشفيع خضر
او اي حامل رأي أخر كلمة اخيرة يا بهاء انت ما بتعرف السر بابو { بالمناسبة هو صديق قديم وزميل محترم } تمامآ مثل الدكتور الشفيع خضر أعتقد أن سبب حنقك عليه سببه موقفه أو رأيه بشأن الخاتم عدلان
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
أهلآ يا عصام جبر الله انا ماقريت { قسوتك } على السر بابو في بوست طلال عفيفي لكن مهما كانت { حدتها } فإن السر بابو رجل عالي التهذيب وواسع الصدر ، ولن يتوقف عند تلك التي إعتذرت عنها السر بابو ، يا عصام ، زميل محترم ومقدر كما إنه منتج ، خاصة في الآونة الأخيرة
ولو كان للسر ثمة فضل فإنه تسبب في حوار عقلاني وعميق كنت انت يا عصام أحد سدنته وسندانه خاصة في مداخلتك أعلى هذا البوست
قلت يا عصام :
Quote: و بذكر توصيف اليمين و احتكار "الماركسية" الحقة و تعريفها و شرحها، الم تعرض الحزب الشيوعى نفسه و لا زال للتصنيف بانه يمينى و مفارق "للماركسية" حسب ما يراها ملاك حقيقة ماركسية مطلقة اخرين؟ الا يري بعض الماركسيين ان قبول الحزب الشوعى السودانى بالنظام الديمقراطى الليبرالى هو ذاته خيانة "للماركسية" و للطبقة العاملة و انحراف يمينى و تصفوية للفكر الثورى و استندوا في ذلك على كتاب ماركس و سنة لينين ( لغة تناسب هذه الاصوليات الماركسية), الم يصدر في السودان بعد الانتفاضة كتاب يذم "انحرافات" الحزب بعنوان: الماركسية المفترى عليها؟
|
نعم ، حصل وأظن كاتبه هو المرحوم عمر مصطفى المكي الذي زايد ماركسيآ على الحزب الشيوعي وقال بصريح العبارة ، إنهم هم - أي المنقسمين - الماركسيين الحقيقيين وناس نقد ديل تحريفيين ساكت انا موافق على الكوتيشن أعلاه كله ، وبدون أي تحفظ
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: نعم هذا من حقه ولكن هل أراد الأستاذ السر بابو ان يقدم نفسه فقط أم أراد أن يحدد موقفه مبكرآ ، ويتيح للزملاء ، وخاصة مناديب المؤتمر الإطلاع على رأيه المخالف حتى لا يفاجئهم به داخل المؤتمر وحينها ستكون الردود إنفعالية ومن غير تحضير ، أعتقد أن السر بابو يسعى اليه
|
كم من اعضاء المؤتمر له حق مخاطبة الاخرين من مناديب المؤتمر وحشدهم حول وجهة نظره ؟ واذا كان ذلك حقا لكل العضوية طيب المشكلة وين ؟Quote: اها يا بهاء انت الآن ضالع في إغتيال شخصية السر بابو ! |
يابركة ماذا يعني هذا الاقتباس ؟Quote: المشكلة الأخرى الخاصة بالشفيع خضر هي: الشفاهية وعدم تقديم كتابات ودراسات حول هذه القضايا في المناقشة العامة التي فتحها الحزب حول متغيرات العصر، والتي تتطلب إعمال الذهن والبحث، إضافة إلى انه ككادر متفرغ، جاء لحلقة التفرغ من مدخل العمل السياسي، وحسب ما أشارت دورة ل.م في 24/2/1965م إلى ضرورة (ارتباط الكادر المتفرغ بفرع من فروع المعرفة الماركسية، والكادر المتفرغ الذي يبقى في الحزب في حدود العمل السياسي والتنظيمي يورث الحزب ضيق الأفق وبدون الارتباط بفرع من فروع المعرفة الماركسية لا تجدد القيادة نفسها، إذا كان مقياس الأمس للكادر المتفرغ هو جلده وتضحيته، فيضاف اليوم لهذا المقياس قدرته على التحصيل والنجاح في فرع من فروع المعرفة الماركسية). (الدورة ص 9).
|
لاحظ ان مدخل العضو العادي لحزبكم بالضرورة مدخل فكري , فما بالك بقيادي يستطيع ان يترشح لقيادة الحزب ( انا اعتقد ذلك ), اذا كان دكتور الشفيع علاقتة سياسية وتنظيمية بالحزب فكيف يقودة والامر يحتاج لمعارف فكرية وبصورة اوضح كيف لشخص ان يطمح لقيادة حزب ماركسي وهو لايعرف ايا من فروع المعرفة الماركسية , طبعا لااعلم اذا كان دكتور الشفيع ضعيف فكرياولكن الذي اعلمه ان للشفيع الان خبرات قيادية كبيرة اكتسبها بما اتيح له من فرص لممارسة القيادة علي ارض الواقع وحتي اذا لم ينشط دكتور الشفيع في الكتابة الفكرية فقد اضطلع بمهام تخص حزبه منذ انقلاب الجبهة قد تكون حرمتة من الوقت الكافي للكتابة الفكرية. لم احاول اغتيال شخصية الاستاذ السر ولكن كتبت مافهمتة من حديثة واذا هنالك مالم استطع فهمه يمكنك مساعدتي .....Quote: ليس لأنه فطيرآ فحسب ، بل ، وكذلك لأنه غير ديمقراطي لأنه أو لأنك ببساطة تمنع مناقشة القضايا والأفكار خارج المؤتمر وترى أن تطرح هناك فقط
|
ماعارف الفطير في كلامي شنو ؟ لم اقل ان مناقشة القضايا يجب ان تكون من داخل المؤتمر فقط ولكن قلت ان حسم القضايا يجب ان يكون من داخل المؤتمر , ومنهج السر في المناقشة هو ابنزاز مخالفيه وردودة في معظمها تستند علي دحض افكار الاخرين بالرجوع لوثائق حزبية قديمة ومن كتابات للراحل الشهيد عبدالخالق ومثل هذه الكتابة لاتنتج معرفة , وكل المعالجات التي تمت لحالات اعتقدها استاذ السر شبيهة هي في حقيقة الامر غير كذلك لانه حتي لو كان هنالك مثل هذا التشابه فهذا لايعني ان راي الشهيد عبدالخالق صائب الان قد يكون وقتها كذلك لانه منذ رحيله قد مرت مياه كثيرة تحت الجسر واعتقد اذا كان الشهيد بيننا الان لقال كلاما اخرا حول نفس القضية . حينما يقول الاستاذ السر ان مايقوله دكتور الشفيع هو نفسة حديث الخاتم الذي انقسم بعد اهتزازه الفكري ماذا يعني ذلك ؟ يعني ان مساهمات الخاتم هزمت في وقتها ولاداعي لاثارتها مرة اخري من الشفيع او من غيره .Quote: أعتقد أن سبب حنقك عليه سببه موقفه أو رأيه بشأن الخاتم عدلان |
دي خليها شوية بس اشرح لي الخاتم ده نظم انقساما عن الحزب الشيوعي ام كان علي راس تيار تصفوي يميني ؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: بهاء بكري)
|
(غياب الحسِّ النقدى هذا، إذن، هو المسئول، بالأساس، عن تأخُّر وضع (المنهج) الماركسي اللينيني في مكانه الصحيح كأداة، فحسب، ضمن أدوات المعرفة المختلفة، بدلا من الانكفاء عليه باعتباره الأداة (الوحيدة) المُعرَّفة بـ (الألف واللام)، مِمَّا أخَّر، بالتبعيَّة، استولاد التنظير الذى يأخذ في اعتباره خصوصية الواقع، دون أن يُغفل القانون العام، كما أخَّر الانفتاح الحاسم على هذه القضية، زهاء الثلاثين سنة، في نسق الفكر الثوري والممارسة الثورية، وتنمية الخط الدعوي المطلوب حول علاقتها الجدليَّة بحركة التقدم الاجتماعي. ) انتهى الاقتباس الاخ ابو ساندرا تحية طيبة فى تقديرى ان الاقتباس اعلاه هو الاهم فيما كتب الاستاذ كمال الجزولى المسؤول فى رده على الاستاذ السر، وربما اعود اليه للتفصيل الاخ امجد سلام وتحية من المهم جدا فى هذا الصراع الفكرى فيما يتعلق بالتيارات التى ذكرها الاخ طراوة فى تقييمه السليم للاوضاع ، هى وجود وعاء تنظيمى ديمقراطى قائم على مبدأ الانتخاب والتمثيل الديمقراطى المعروف . وحقيقة لا اعرف سبب اعجابك بالمركزية الديمقراطية وهى مبدأ تنظيمى صيغ فى عام 1903 فى منطقة متخلفة من العالم هى روسيا القيصرية !!! وهو مبدأ قائم على الوصاية التامة واراك تورد الحجج القديمة فى انه حافظ على التنظيم ووحدته . انا اجزم تماما ان ذلك واحدا من الاوهام والخرافات التى ظلّت مسيطرة على عقول البعض للدرجة التى لا تختلف عن خرافة (الفكى) فى السودان وغيرها من الميثولوجيا القائمة على الدجل والشعوزة، ان المركزية تعد من الاسباب الاساسية فى ضعف نفوز الحزب وفساد حياته الداخلية . اما مسألة ان العيب فى تطبيقها وليس فيها ،زى حكاية الشريعة صالحة لكل زمان ومكان .. اما مسألة احتفاظ الاقلية برأيها فهى واحدة من اكثر استهبالات الفكر السياسى كما كان يقول المرحوم الخاتم عدلان. العضو بحكم اللائحة محروم من التنسيق الافقى تماما وكل شىء لا بد ان يمر باللجنة المركزية ، كبف له يعرف اجاهات الراى العام فى التنظيم !!!!!!! ان وجود اقلية داخل حزب مركزى هى شىء مستحيل ، ولذلك لم تعرف الاحزاب الشيوعية مطلقا فى تاريخها اقليات الاّ عشية الانقسامات كما حدث للبلاشفة.. بحكم اللائحة فان الرأى الاخر غير مسموح له بالتواجد عمليا داخلها . تحت سيادة مبدأ المركزية فى التنظيم فان هناك رأى واحد سيسود هو رأى السكرتارية وامينها العام ، لو عندك رأى فى كلامى يا اخ امجد ارجو تنويرى فربما فات علىّ شىء ولله فى خلقه شئون مع ودى وتقديرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
الاستاذ عبد الرحمن بركات المحترم تحيّة وسلام ومبروك فانى ارى ملامح تيار التجديد الديمقراطى داخل هذا الحزب العريق قد بدأ (يشتد عودها وتأخذ ملامحها - عينى باردة).. فيما يتعلق بالاستاذ السر فاننى اخذ عليه عدد من الملاحظات واختلف معك فى اعتقادك بأن تعرضه للخاتم هو ما اغضب بعض الحقانيين واصدقائهم ، ببساطة لان كلام السر غير صحيح هل كان المرحوم الخاتم انقساميا ؟ الم يتقدم باستقالته من الحزب الشيوعى فى مؤتمر صحفى وعلى رؤوس الاشهاد؟ ثم الم يكن خروجه عن الحزب مترافقا مع خروجه عن الماركسية نفسها كنظرية للمعرفة؟ اذن لماذا يحاول السر الحاقه بالانقسامات التاريخية مثل انقسام الاستاذ عوض عبد الرازق وشامى وانقسام ٧٠؟ الم تكن كل هذه الانقسامات تحاول ان تجعل من الماركسية مرجعية لمسلكها (راجع كتابة المرحوم عمر مصطفى المكى والتى اوردتها بنفسك اعلاه) !؟ ثم هل كان انقسام ٧٠ انقساما حقيقيا ام انه فرض فرضا فى المؤتمر التداولى بشهادة د.فاروق ؟
الا تعتبر الاستقالة فى نظرك حق ديمقراطى اصيل؟ اين هى مواجهة السر لاطروحات الخاتم ونقده لظاهرة الحزب الطليعى والمركزية الديمقراطية وتحالفات الحزب الوصائية وفشل تنبؤات ماركس فى نمو الطبقةالعاملة على حساب الطبقة المتوسطة والبرجوازية الصغيرة ؟ الاتعتقد ان عدم مواجهته لافكار الخاتم ثم محاولته لجعل الخاتم نموزجا سيئا للانقساميين هروبا للامام ؟ اما كان يجب عليه قبل ذلك ان يدفع الاستحقاق الفكرى المتعلق بنقد افكار الخاتم ومواجهتها؟ ثم بماذا تفسّر ادّعاءاته بانعدام المساهمات المكتوبة والشكوى من شفاهية الدكتور الشفيع خضر ثم قيامه بقطع الطريق على مقالات عدلان الى صحيفة الميدان بعد الاستيلاء عليها ؟ الا تعتقد بانه متحيز وغير امين وقد كان الاجدر به توظيف السكرتارية الثقافية للعب دورها المنوط بها فى ادارة( المناقشة العامة) بدلا عن استغلالها وتجييرها لمصلحة تيار الجمود؟ الا تعتقد بانه غير جدير بان يقود السكرتارية الثقافية فى هذا المنعطف التاريخى وان اتهام د. عبد الماجد له بانه قطع الحوار الشيوعى الشيوعى صحيح ؟ انا اتفهم حرصك لى الزمالة والعشرة ولكن للحقيقة استحقاق واجب الدفع مع تحياتى وودى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
الاخ طلعت و الديموقراطية المركزية هي احد اشكال التمثيل الديموقراطي التي نعرفها و نعتنقها اما عن انها نشأت في منطقة متخلفة من العالم و في 1903 ...الخ فالرد يا صديقي بانها تطورت و تلاقحت مبادها التنظيمية في خضم التجربة السوفيتية و ان كانت الحقبة الستالينية شوهت كثير من اساسياتها ... يا صديقي المركزية لا تطلب من الشيوعيين ان يكونوا نسخة طبقة الاصل من بعضهم البعض لكنها تلزمهم بخطاب موحد متوازن للجماهير يعبر عنها بصورة متوازية مع طموحاتها . الرأي الاخر مسموح به في لائحة حزبنا الشيوعي السوداني على الاقل ياخي سيادة رأي السكرتارية و سكرتيرها السياسي ( لا امينها العام ) هو نوع من الخلل في عملية الصاعد و الهابط التي تبني عليها ممارسة الديموقراطية المركزية لتتحول الي نوع من الديكتاتورية المركزية نوع من المصالحة مع الفكر التنظيمي هو مايلزمنا الوصول اليه
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
تيار الماركسية - الثورية .. الطريق الي المؤتمر الخامس :
* مؤشرات عامة باتجاه صياغة المصير الفلسفي * مزيدا من الفهم للتيارات و صراع التيارات في مجرى وحدة الحزب
* التطور الوطني الديمقراطي بوصفه فكرا و نهجا ذو آفاق مفتوحة .. آفاق متخطية للحتميات ، و ليس بوصفه برنامجا إنتقاليا و حسب
* مصير المركزية - الديمقراطية .. الصراع من اجل استعادة الديمقراطية في مواجهة القبضة المركزية .. و الانتقال لحزب الفعالية الجماعية و الضمانات الديمقراطية القانونية
.. نعود لمواصلة الحوار
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. هذا البوست هو احد مسارات استعادة ثقافة الحوار و مساعي البحث عن الحقيقة .. تلك الحقيقة التي لم تعد بيد احد
* مزيدا من الفهم و التوصيف لتيار الديمقراطية الليبرالية المنطلق من الماركسية و شديد الانتماء لحركة و فلسفات الحقوق ، إذن هو تيار حقوقي ذو جذور فلسفية
* المصير الفلسفى لتيار الماركسية الثورية ! تعيش الماركسية ازمتها و لحظات تاريخية حاسمة تستدعى ضرورة تجديدها و أبراز روحها الثوري - العلمي .. تتراجع الفلسفات البرجوازية ممثلة في الوضعية الجديدة ، طيف و بقايا البراجماتيزم ، و لا عقلانية الكانطية الجديدة و كل الزخم الفلسفي - المثالي ، تحت ضربات سنابك خيول الازمة الرابعة للراسمالية الكونية .. و تصعد في المقابل كلاسيكيات كانط في حمولتها الانسانية و مبادى عقلانية ( الشي في ذاته ) و تلك الابعاد النفسو - فكرية ( للعقل المحض - الكانطي )
.. المصير الفلسفي لتيار الماركسية الثورية السوداني يتخلق على محور صراع الماركسية المادية العلمية في مواجهة كلاسيكيات كانط الصاعدة ببرامج الاصلاح الانساني - الاقتصادي علي مسرح ازمة الراسمالية العالمية الشاملة لكل انحاء الدنيا و المتمظهرة بالضرورة في مجرى صراع افكار قوي الفعل و و التنظيم و الحركة السوداني
* مصير المركزية - الديمقراطية : كما سيتحدد علي محور صراع الثقافة الديمقراطية الجديدة لتيار الماركسية الثورية داخل الحزب الثوري مع مجمل تراث الفكر العامودي و المركزة الستالينية و تخريجات الفكر الغيبي - الاعلمي
تقديري للجميع .. معا نحو اروقة الخامس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
سلام يا احمد
شكرا على المساهمات القيمة, قيمتها ليست في صحتها او خطاها ـ اصلا المقام ليس مقام صحيح و خاطئ ـ لكن في فتحها لاسئلة مؤدية لاسئلة، لا اعتقد اننا نسعى لاجابات بقدر ما نسعى لرؤي / افاق.
سانتظر لحين اكتمال او اتضاح اطروحاتك الى الحد الذي يرضيك حتى لا نخوض في مسائل ربما تتناولها انت لاحقا. فقط هناك اطروحة مركزية في كلامك اتمنى ان توضح فيها لاحقا حتى تتبين لى بشكل كافي و هى ما اسميته انت بتيار "الماركسية الثورية" , اذهب ابعد لاسالك عما تعنيه بالماركسية نفسها.
كل التقدير
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
الخميس
يؤسفنا أن الأستاذ تاج السِّر عثمان، في تعقيبه بهذه الصحيفة، بتاريخ 18/8/08، على كلمتنا في رزنامة 11/8/08، حول مقالته الأولى عن د. الشفيع خضر، زميله في اللجنة المركزيَّة للحزب الشيوعي، قد نحا منحى من شأنه أن يحوِّل ما بدأناه (حواراً) طليقاً إلى محض (سجال) دائري، مستغلق، وقمين بأن يسدَّ النفس، ويطفئ الشهيَّة، تماماً، عن المواصلة فيه، واصفاً ما حاولنا إيصاله له بأنه محض (لغو!)، ومستقوياً علينا بمَن قال إنهم (هاتفوه!)، شانئين مداخلتنا تلك بأنها (خارج الشبكة)! فلكأنَّ الذي ينبغي أن يكون (داخل الشبكة)، في هذا (الموسم) بالذات، هو، فقط، الذمُّ (القوميساري) العنيف لـ (المخالفين)، أما ما عدا ذلك فمحض هرطقة و(لغو)؛ أو لكأنَّ (الآخر المختلف)، إن أراد، لا سمح الله، طرْقَ سبيل (الاستقواء) البئيس هذا، لن يعدم، هو أيضاً، من (يهاتفه!) بالمقابل! أفتراه لم يدرك الأستاذ السِّر، بعد، مغزى مناشدتنا (الاستباقيَّة) له، في رزنامتنا تلك، بأن يخاطبنا (بالأصالة) عن نفسه، لا (بالنيابة) عن أحد؟!
أما المنهج الذي صاغ به تذنيبه لأفكار د. الشفيع فيكفي، لوحده، كمبحث كامل في السفسطائيَّة والديماغوغيَّة باسم الماركسيَّة!
خذ عندك، مثلاً، تبعيضه لتصريح الرجل للصحافة، في مطلع الألفيَّة، بأن ثمَّة "اتجاهاً غالباً للتخلي عن الماركسيَّة إلا ما أصبح منها جزءاً من العلم". ولأن الغرض مرض، فقد عَمَد إلى تمزيق أوصال العبارة، حتى تجئ على هوى (اتهامه) له بالدعوة إلى (التخلي عن الماركسيَّة)، باتراً نصفها الأخير الذي استدرك فيه د. الشفيع بـ "ما أصبح من الماركسيَّة جزءاً من العلم"، ومحتفظاً، فقط، بأن "ثمَّة اتجاهاً غالباً للتخلي عن الماركسيَّة"! أفيحتاج (سوء النيَّة)، بعد هذا، إلى (فانوس ديوجينس) لإضاءته؟! نختلف مع د. الشفيع حول هذا النظر في مآلات الماركسيَّة، بل وسبق أن كتبنا رأينا هذا، ولكن في حينه، وليس بعد زهاء العقد! على أننا لم (نتربُّص) بالعبارة، كما فعل الأستاذ السِّر، وإنما عددناها، بحسن نيَّة، محض عدم توفيق في التعبير!
وخذ، أيضاً، قول د. الشفيع للرأي العام في 7/9/2005م: "الماركسيَّة لم تعُد البوَّابة الوحيدة لمعرفة الحقيقة وتفسير الكون"، ثم انظر كيف قفز الأستاذ السِّر إلى رقبته محتجَّاً: "ومن قال إنها البوَّابة الوحيدة"؟!
وخذ، كذلك، قول د. الشفيع: "الماركسيَّة ليست صالحة لكلِّ زمان ومكان"، وتساؤل الأستاذ السِّر: "ومن الذي قال إن الماركسيَّة صالحة لكلِّ زمان ومكان"؟!
وخذ، أيضاً، قول د. الشفيع: "كلُّ ما تطلقه الماركسيَّة ليس صحيحاً". لقد فهمه الأستاذ السِّر، هذه المرَّة، والحمد لله، على الوجه الصائب، رغم اختلال الصياغة الصحفيَّة، حيث المقصود، بداهة، وفق (مربع أرسطو) في المنطق (نعم أرسطو!): "ليس كلُّ ما تطلقه الماركسيَّة صحيحاً"، والفرق جلي! لكن الأستاذ السِّر ما لبث أن قفز، هنا أيضاً، متساءلاً: "ومن قال إن كلَّ ما تطلقه الماركسيَّة صحيحاً"؟!
وهكذا! أمواج متلاحقة من الاستخدام اللفظي النفعي للحُجج المموَّهة التي لا تبتغي، في النهاية، سوى حصد النقاط في الجدال، تماماً كما في (سفسطة) قدماء الإغريق الخطابيَّة، حيث الحُجَّة (صائبة)، من جهة (الشكل) فقط، لكنها (باطلة) من جهة (المضمون)!
أما قول د. الشفيع: "التقسيمات إلى يمين ويسار لم تعُد تناسب المرحلة"، فقد احتج عليه الأستاذ السِّر، كعادته، متسائلاً: "من الذي قرَّر أن التقسيمات إلى يمين ويسار لم تعُد تناسب المرحلة"؟! ثمَّ مضى، للعجب، يستنتج (رأسماليَّة) د. الشفيع من مجرَّد هذه العبارة التي حسبها من بنات أفكار الرجل! لكن، وبما أن منهج الأستاذ السِّر لا يستهدف، أصلاً، مناقشة الأفكار من أيَّة جهة جاءت، وإنما تقرير سدادها من خطلها بحسب ما يثبت أو لا يثبت، فقط، من (تأصيلها)، نصِّيِّاً، في مرجعيَّة ما؛ فقد فات عليه أن قائل العبارة، خلال النصف الثاني من ثمانينات القرن المنصرم، هو محمد ابراهيم نقد! فهل، ترى، يستنتج الأستاذ السِّر، أيضاً، (رأسماليَّة) السكرتير العام للحزب بعد أن ثبت له أنه صاحب (الملكيَّة الفكريَّة) لـ (النصِّ)؟!
وأما بالنسبة لغضبته المضريَّة على نعتنا لمنهجه بـ (التكفيري)، فقد أهدانا بنفسه، من حيث لا يحتسب، دليلاً جديداً على أننا لم نغادر الحقيقة، قيد أنملة، حين ختم مقالته الثانية بما ظنَّه فصل الخطاب يقذفه في وجهنا متسائلاًً:
ـ "ما هو موقفك من الفكر (اليميني التصفوي) الذي طرحه د. الشفيع"؟!
هنا، وبدون أدنى جهد عقلي، تتداعى، من تلقاء نفسها، إلى ذاكرتنا واقعة (محكمة الرِّدة) الشهيرة التي انعقدت للفكر الجمهوري مطالع عام 1985م، وما أعقبها من (استتابة) لبعض تلاميذ الأستاذ الشهيد، بعد إعدامه، حيث تحلق حولهم المكاشفي وحاج نور ورهطهما، يقذفون في وجوههم بذات السؤال:
ـ "هيَّا قولوا .. ماذا ترون في شأن (الكافر المرتد) محمود"؟!
والآن، لعلَّ الأستاذ السر يرى معنا أنه، لو كان (الصَّيد) هو مطلبنا، حقاً، لعنة الله عليه من فوق سماوات سبع، فقد كان متاحاً، وافراً، في جوف فرا مقالتيه المشار إليهما! لكن، ولأننا استشعرنا، منذ البداية، خطورة (الارتداد) إلى طرق (التكفيريين) الوعرة هذه، والمتمثلة في (مطاردة الكلمات)، و(تفتيش الضمائر)، و(التربُّص بالنوايا)، فقد سعينا إلى تجاوزها جميعاً، بقدر المستطاع، مؤثرين تركيز مساهمتنا على تنبيهه، ببساطة، إلى أنه، إذا كانت الاشكاليَّة، (بالفعل)، لا باعتبارها محض تكأة للتجنِّي، هي مدى (التزامنا) بالماركسيَّة اللينينيَّة، فإن هذه ليست (ديناً) كي (ننكفئ) على (الإيمان) المطلق بنصوصها (المقدَّسة!)، وإنما هي نتاج حفر منهجي، بجهد فكري بشري أراد به ماركس إكساب الاشتراكيَّة أساساً علمياً. ولا نحسبنا نحتاج لتبديد عربيَّة كثيرة في تأكيد أن هذا المنهج قد أثبت، بوجه عام، صحَّة قوانينه ومقولاته الرئيسة، حتى بالنسبة لغير الماركسيين من المفكرين والساسة، مِمَّا ظلَّ الأستاذ السِّر يجترُّ على نحو أو آخر. لكنَّ الماركسيَّة ليست راية نكتفي بنصبها، ثمَّ نقبع تحتها لننقض غزلها! نظلَّ نزعم، ليل نهار، أنها (مرشد)، ثمَّ لا نكفُّ (تِحِت تِحِت) عن الإيحاء بأن (نصوصها) كفيلة بتقديم الإجابات! لذا يلزمنا التوافق، ابتداءًً، على أن أيَّة محاولة لـ (هشِّ) المناضلين عن (التفكير) الطليق في تطوير العلاقة بين (المنهج) و(الواقع)، بحيث يخدم الأول الآخر، لا العكس، إنما تنطوي، رضينا أم أبينا، على إيحاء (تكفيري) بأن الماركسيَّة قد بلغت، في (كلِّ) مواضعاتها واستنتاجاتها، نسبة الـ 100% من (اليقينيَّة)؛ فتلك، لعمري، (ماركسيَّة مبتذلة)، ونفي عدمي لعلميَّتها! ولعلَّ هذا هو، بالضبط، ما أقلق ماركس نفسه، في ما نقل إنجلس عنه عام 1890م، وجعله يتحفظ على دعاوى (المتمركسين) الفرنسيين والألمان الذين شوَّهوا أطروحته، واتخذوا الماركسيَّة (طائفة)، وذلك بقوله، ضمن رسالة إلى لافارغ: "الشئ الأكيد هو أنني لست ماركسياً"! وسوف يعود لينين، في (كراسة حول الماركسيَّة ومسألة الدولة)، لنقد ماركس "ضد هؤلاء (الشبان) الذين هم، بلا استثناء، ليسوا سوى وصوليين ومدَّعي ماركسيَّة" (راجع: سوسان ولابيكا؛ معجم الماركسيَّة النقدي، ص 1148).
لقد تصرَّمت أزمان مذ تواضعنا على الاجتهاد في تطبيق الماركسيَّة، بشكل خلاق، على الواقع السوداني، دون إغلاق البصائر عن التماس أدنى حكمة قد تقع لنا في ما عداها من أدوات للمعرفة، حتى لو لامست، أحياناً، حواف (البراغماتيَّة) ذاتها، طالما أنها تساعدنا، بشكل أفضل، على توصيف بعض أحوالنا، وتفسيرها، ومعالجة أدوائها، ما من شأنه توسيع مداخل المناضلين المتعاضدين، اختيارياً، داخل الحزب، وأصدقائه خارجه، إلى فضاءات التفكير الطليق، والنأي عن (الجمود). ولولا أن شيئاً من ذلك قد توفر، إلى حدٍّ معقول، للحزب، وإن تمظهر في المستويات القياديَّة أكثر من غيرها، لما أمكنه، قطعاً، أن ينجز شيئاً من مآثره المشهودة على هذا الصعيد .. والعافية درجات! ولعلَّ أبرز ذلك ما ارتأينا (إعادة) عرضه على الأستاذ السِّر، عساه (يعيد) تدبُّره في ضوء هذا النظر، لا أن يظلَّ يمضغه ويثفله بلا تبصُّر، وهو عين ما توصَّلت إليه دورة اللجنة المركزيَّة ذات الطابع البرامجي، في أغسطس 1977م، استدباراً لأشواق (الحزب الواحد) المرتبكة، حتى لو كان معبَّراً عنها في بعض (النصوص)، واعتماداً لطريق التطوُّر السياسي من خلال (الديموقراطيَّة الليبراليَّة) المتجذرة في جملة قيم أهمها الحريات العامَّة، وحقوق الإنسان، وتداول السلطة عبر صناديق الاقتراع.
ذلكم هو، بالتحديد، ما حاولنا أن نقوله للأستاذ السِّر، لكنه، للأسف الشديد، سدَّ أذناً بطينة، وأخرى بعجينة، وراح يرمينا، استناداً إلى المؤازرة التي تلقاها من (مهاتفيه)، بـ (اللغو خارج الشبكة)! ومع ذلك، فإننا نسأله: ما الذي (داخل الشبكة)، حقيقة، وما الذي (خارجها)؟!
لقد وجدنا مقالته الأولى تنضح بتجنٍّ غير مقبول ولا معقول على د. الشفيع، فتداخلنا من حيث لم يمكننا الصمت، لا دفاعاً عن د. الشفيع، وإنما منافحة عن الحقيقة. فالأستاذ السِّر لم يكتف بـ (اتهام) الرجل بمفارقة الماركسيَّة، فراق الطريفي لجمله، بل بلغ حدَّ (رميه) بالسعي (اليميني) المشين لـ (تصفية) الحزب نفسه، وإحلال آخر محله يحقق (الرأسماليَّة)، أو كما قال، صراحة، في تعقيبه علينا! فلكأنَّ البلد عدمت الأحزاب (البرجوازيَّة) الجاهزة، أو لكأنَّ تحقيق (الرأسماليَّة) لا يواتي إلا عبر بوَّابة الحزب الشيوعي! لكن، وبما أن الأستاذ السِّر لم يدلنا على المصدر الذي يزعم أن د. الشفيع دعا فيه، صراحة، وليس استنتاجاً، لهذا التحوُّل من المشروع (الاشتراكي) إلى المشروع (الرأسمالي)، ولاستبدال حزب (رأسمالي) بالحزب (الشيوعي)، بعد (تصفيته)، فإن من حقنا فهم كلَّ تلك الاتهامات كمحض قراءة خاصَّة خاطئة، اتفقت له (لحاجة ما!)، في بعض تعبيرات د. الشفيع عن (أفكار)، مجرَّد (أفكار)، ربَّما نوافقه عليها أو نخالفه، وقد تكون أو لا تكون (مطابقة) تماماً لـ (النصوص) حذوك النعل بالنعل، ولكنها، على أيَّة حال، أفكار مناضل شيوعي ضحَّى، وثابر، وسلخ أنضر سنوات عمره، وما يزال، متفرغاً، من أعلى المنابر القياديَّة، لخدمة قضيَّة وثق في ضرورتها وسدادها. ثمَّ إن هذا الاجتهاد، من قبل ومن بعد، ليس مدعاة لـ (يوم قيامة) سياسي، بل يظلٌّ قابلاً للأخذ والعطاء، حول الحزب، ومستقبل تطوُّره على طريق (الاشتراكيَّة)، في خضمِّ صراعات السياسة السودانيَّة. ولو كان طرح د. الشفيع لأفكاره هذه خارج (المناقشة) الحزبيَّة العامَّة، كما احتجَّ الأستاذ السِّر، (خطيئة) تحسب ضده، أو تبرِّر الحكم عليه بمثل هذا (الرَّجم المعنوي)، لكان طرح الأستاذ السِّر نفسه لاتهاماته هذه، عبر الصحف، أدعى لذلك، أيضاً، ومن باب أولى!
وبالمناسبة، لئن كان أحد وجوه اعتراضات الأستاذ السِّر على د. الشفيع هو أن مثل هذه القضايا ينبغي، أيضاً، عدم طرحها في تصريحات (مبتسرة)، فإن قضيَّة المرحوم الخاتم ينبغي، من باب أولى، عدم طرحها بمثل هذا (الابتسار)، كما فعل الأستاذ السِّر عندما (استنتج) أن عبارة د. الشفيع التي اجتزأها من سياقها في لهوجة لا يُحسد عليها: "حزب جديد ليس هو الحزب الشيوعي"، هي نفس خط الخاتم! عليه، ينبغي طرح قضيَّة الأخير ومناقشتها، تفصيلياً، داخل المؤتمر الخامس، حتى تنجلي خفاياها، وتتكشف أبعادها الحقيقيَّة، وتتعيَّن حدود المسئوليَّة فيها .. أليس كذلك؟!
هذا ما ورد في رزنامته الأخيرة
كلام كثير يلبس لبوس العلم والمنطق
وكله لف ودوران وإتكال علي ما أنتووه
قديما ..
أبوعبيدة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
* تراسيم و مآلات المصير الفلسفي للتيار الماركسي - الثوري السوداني نقاربها و نعيد اكتشافها في المسافة ما بين :
- فلسفة (الحدس و الاشراق الصوفي ) ماركة ذاك السودان السناري - القروسطي .. و مجمل حمولة التفكير الغيبي - المثالي المتمدد راهنا علي خلفية تواتر الفشل التاريخي لليمين الراسمالي بكافة اقسامه السودانية .. حوار و صراع الماركسية الثورية مع مزيج محمود محمد طه المعروف بمزيج ( ديكارت / كانط ) ، و مع حسية / تجريبية لوك و بيركلي و هيوم المتجلية في متاهات و ترددات الصادق المهدي الفكرية - الفلسفية ثم تلفيقية الكل المثالي - الفلسفي المتبدية في النموذج الفكري - الديني لحسن الترابي و جماعة المؤتمر الوطني ..
- و مابين حالة الجمود - الماركسي ، المترتبة عن جرائم ستالين الفكرية - الايدلوجية ، تلك الجرائم المُُتمظهرة و معاد انتاجا نظريا و علي نحو سوداني ( صريح - وخفي ) منذ لحظة ميلاد الحزب الماركسي عشية 1946
.. شكرا زوربا لرفع البوست الذي ضاع في متاهات تلك الدروب المؤدية لاروقة الخامس
* لك مودتي يا عصام ، اقبلها حتى نعود لمزيد من الايضاح حول طبيعة و إحتمالات تلك التيارات الثلاثة .. لن تتحول الفرضيات الي حقائق و نظريات إلا عبر خطوط الصراع الفكري - العلمي و تراكم معطيات التجربة .. هكذا تقول الماركسية في جوهرها العلمي - الحي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
* المصير الفلسفي للتيار الماركسي - الثوري السوداني
" مؤشرات علي درب صياغة نظرية علمية للمعرفة "
- برامجيا ، و سودانيا
.. و من مجمل حصيلة صراع لينين مع تيارات الفكر المثالي و ممثلي مذهب نقد التجربة (افيناريوس و ماخ ) عند مدخل القرن العشرين ، و علي مسار خطوط صراع الماركسية مع فلاسفة الوضعية الجديدة و المستقوية بالفكر النقدي - التجريبي المثالي لحلقة فينا و مدرسة فرانكفورت بشقيها يوركهايمر / هابرماس .. و بالنظر لنتائج ذلك السجال الفلسفي التاريخي فإن تيار الماركسية - الثورية السوداني ياخذ بالاعتبار حقائق رئيسية علي درب صياغة نظريته العلمية للمعرفة:
1/ تجتاز الفلسفة ازمتها التاريخية الثانية فيما بعد تلك الازمة الاولي و التى تصدى لها ماركس بدمج مادية فيورباخ مع ديالكتيك هيجل علي نحو ثوري - معرفي تقدمى خلاق
2/ تمر الفلسفة بمرحلة انتقالية طويلة، مرحلة و ثيقة الصلة بحقائق هامة لا تخطئها العين و لا يتحدد المصير الفلسفي بمعزل عنها :
- تبدلات و متغيرات سياسية ، إقتصادية/تجارية ، و ثقافية ضخمة علي صعيد عالمي ، وذات إنعكاسات محلية / داخلية ، و بما لها من تاثير على صيغ و معادلات نظرية الصراع الطبقي و طبيعة برامج التغيير الثوري
- تراكم معطيات علمية جديدة ضخمة وذلك فيما بعد قانون تحول الطاقة ، و تطورية داروين و فيزياء الكم و نسبية انشتاين .. ونعني تحديدا الثورة في الرياضيات العالية و ما افرزته من حقائق جديدة علي صعيد علم الخوارزميات و صيغته العالمية الجديدة المعروفة بالقوريزمات / و برامج الكمبيوتر و تكنولوجيا المعلومات ، ثم ما تم مؤخرا من فك لشفرات جينوم كافة الكائنات الحية بما فيها الانسان * عليه : يخوض التيار الماركسي - الثوري السوداني ، نضال برامجي ، و تأمل - فلسفي رصين و صراع تاريخي - معرفي .. وهو يتقدم على درب صياغة مصيره الفلسفي .. و فقا لمبادى و مقدمات و مداخل ماركسية رئيسية متعلقة بنظرية المعرفة :
1/ مبدا الانعكاس : في عملية المعرفة فإن الواقع الموضوعي للسودان هو بالضرورة سابق للوعي و مجمل النشاط الحسي - التجريبي
2/ بناء التصورات ثم المفاهيم ثم الصياغات النظرية الكاملة الكبيرة عبر نشاط معرفي - نظري و ثيق الصلة بمجردات ماركس المرتكزة علي جدل الصعود من الملموس / العياني الي المجرد ثم العودة الي الواقع بقدرة اوسع و معرفة اوسع حافزة على تعميم نظري اشمل و ادق هذا النشاط النظري - العملي الثوري المتصل هو ما يعبر بحق عن التراث الماركسي للحزب الشيوعي السوداني ، وهو ما إستند عليه عبد الخالق في صياغة و ثيقة الماركسية و قضايا الثورة السودانية و وثيقة حول البرنامج بو صفهما نشاط نظري - عملي معرفي ماركسي خلاق
3/ وحدة النشاط العملي - النظري في بناء النسق الماركسي - السوداني لنظرية المعرفة ، هو الضامن الاوحد لتحرير عملية المعرفة من ظاهرة التلقين و (التلاوة الماركسية) ، و إجترار التجربة و الارشيف علي نحو حابس و قاتل للروح العملي - الثوري المُضمن في الوثائق نفسها * لا برنامج بدون نظرية علمية للمعرفة .. الطريق الي المؤتمر الخامس هو ذات طريق تيار الماركسية - الثورية باتجاه مصيره الفلسفي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. شكرا يا عبد الرحمن كونك بتمنحنا استضافة مفتوحة و غير مشروطة في هذا البوست البمثل إحدى الدروب الى الخامس
* آراء الشفيع الواردة في لقاء الاحداث بتمثل مادة إضافية .. نقاشا حيمثل دفع - نظري لنهضة و مسار البوست
Quote: س: تحدثت عن مفهوم الديالكتيك الماركسي.. ماذا عن المفاهيم الأخرى فى الماركسية؟ ج: ركزت على مفهوم المنهج الديالكتيكي لسببين.: الأول ان هذا المنهج من بين أطروحات الماركسية أثبت صحته بالتجربة وصار جزءأ من العلم مما يدفعنا إلى القول بكل ثقة بضرورة التمسك به كأداة علمية لدراسة وتحليل الواقع فى حركته الموضوعية الدائمة التغيير والسبب الثاني هو أن الديالكتيك الماركسي يشكل مفهوما مفتاحيا لدراسة واستيعاب المفاهيم التحليلية الأخرى فى الماركسية مثل الصراع الطبقي ونظرية فائض القيمة وخلافه/ أما بقية أطروحات الماركسية فاعتقد أن العديد منها يستوجب إعادة النظر فيه تماشيا مع متغيرات ومستجدات العصر، ووفقا للمنهج الجدلي الماركسي نفسه. |
* ما هي إطروحات الماركسية المستوجبة إعادة النظر ؟ دعني ارشح النقاط و المجالات و الفرضيات و القفزات العلمية التالية و اللي مثلت تحديا للماركسية فيما بعد لينين و فيما بعد الازمة الثالثة للراسمالية الكونية :
- الازمة الرابعة للراسمالية و المتجلية اشد ما يكون في الاقتصاد الامريكي و المجتمع الامريكي علي مدى فترة حكم الجمهوريين الطويلة ، بنرصد تجاوز الازمة لمقترحات كينز و فريدمان للإصلاج و فشل تحركات الن قريسبان علي صعيد سعر الفائدة بغرض الاحتواء و التطويق
- دخول الصين و الهند ( اقتصادا و كتلة بشرية ) كاجير من الباطن للنظام الراسمالي العالمي و ر افعة حقيقية لازمتو الرابعة
- تصورات ماركس حول مفهوم ديكتاتورية البروليتاريا ! توسيع غرامشي للمفهوم عبر نظرية ال Hegemony ، أقتراب تيار الماركسية - الثورية السوداني نحو مواقع فهم مغاير للمفهوم يرتبط بنظرية التعدد و الديمقراطية و حكم البرلمان
- تصورات ماركس حول علوم الرياضيات العالية : التفاضل و التكامل و حساب الامتناهي ، ثم فرضيته حول ديالكتيك الصفر المُغايرة للمقاربات المثالية لهيجل و ليبنتز دون الاخذ بالاعتبار لفعالية ودور المنطق الصوري في علم الرياضيات ، و حقيقة المأزق الفلسفي - العلمي للمنطق الديالكتيكي الماركسي ، و المتجلي في قوة و مضاء المنطق الصوري / الرياضي في حقل التطبيقات العلمية لثورة المعلومات . صحيح ان المأزق تعمق بمواقف ستالين الايدلوجية الخاطئة من العلوم ، لكن المشكلة ايضا ذات جذور ماركسية قديمة
- الموقف الماركسي العام الخاطىء خلال القرن العشرين من علم النفس و التحليل النفسي و المتجاهل للعناصر المادية - العلمية ذات الاساس الفسيو - كيمائي في نظرية فرويد
- التغول الصريح لايدلوجيا الصراع الطبقي علي تطبيقات علمي الوراثة و الكمبيوتر
* تصالح الماركسية مع العلوم و مواكبتها لحركة العلوم هو مؤشر اساسي في صياغة المصير الفلسفي لتيار الماركسية - الثورية السوداني
.. معا نحو اروقة المؤتمر الخامس ، بوصفه محفلا للفكر العلمي الرصين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
السؤال: هل هنالك إنعطاف يميني في قيادة الحزب وعلى رأسها نقد؟
من الظواهر التي تبرر هذا التساؤل: الإرتباط بقيادة أحزاب الملاك مثل حزب الأمة البعد عن ثورة الريف البعد عن تنظيمات اليسار أتباع التكتيكات المهادنة في النضال ضد نظام الإنقاذ
المهادنة أمر داخلي بين قيادة الحزب وعضويته القيادة التي تملك المعلومات عن مدى أستعداد القواعد لخوض تكتيكات مصادمة أو عدمه
التعامل مع تنظيمات إنسان الريف السوداني: من أهم المسائل و أخصب المجالات للتطبيق الخلاق للماركسية على واقع سوداني لم يخطر بخيال ماركس أو لينين: مثل أن تمتلك ثورا للغناء في الجنوب أو أن يتداول المزاورية على أساس خشوم البيوت في بورتسودان وحقوق مسارات النشوغ والدمر في الغرب وعلاقة مؤسسة الجلابة بمنتجي الريف وبسلطة المركز في الخرطوم
والإهتداء بنتائج ذلك التحليل في التعامل مع تنظيمات وقيادات تلك المجتمعات السودانية.
هل كان التحليل الماركسي لظواهر إنتاج وتوزيع الثروات هذه هو الذي قاد الحزب إلى تصنيفه لتنظيمات قوى الريف ومقارنتها بأحزاب الملاك (الأمة والإتحادي) وتفضيل التعامل مع الأخيرة؟
هل كان التطبيق الخلاق للماركسية وراء نظرية المستوى الواحد للتحالف ؟ فإذا تحالف الحزب مع الأحزاب التقليدية في التجمع (مثلا) فلا مجال لتحالفات أخرى على حدود دنيا أخرى كالتحالف مع التنظيمات التي تتبنى الإشتراكية في المدن أو تنظيمات من ظلوا مستبعدين من المشاركة في السلطة من تنظيمات الريف!
هذه أهم الأسئلة بدلا عن شخصنتها لفلان أو علان
و.. أواصل
الباقر موسى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: السؤال: هل هنالك إنعطاف يميني في قيادة الحزب وعلى رأسها نقد؟
من الظواهر التي تبرر هذا التساؤل: الإرتباط بقيادة أحزاب الملاك مثل حزب الأمة البعد عن ثورة الريف البعد عن تنظيمات اليسار أتباع التكتيكات المهادنة في النضال ضد نظام الإنقاذ |
* و السؤال التاني البكمل الصورة و بسوق الحوار في مسارات موضوعية منتجة يا باقر هو :
" و بمقاييس لحظة/ و معطيات واقع السودان السياسي الراهن ، و مجمل تجليات و تعقيدات الصراع السياسي / الطبقي ، هل قيادة الحزب و نقد تحديدا ، هل هم علي خط الماركسية - الثورية ، و ماشين علي محور تبلور و نهضة تيارا في دورتو التاريخية لما بعد نيفاشا ؟؟ "
* الدورة التاريخية الجديدة لما بعد نيفاشا ، هي الحقيقة الحاسمة في بناء التصورات و المفاهيم ، و من ثم صياغة نظرية الخط السياسي .
.. الدورة التاريخية لما بعد نيفاشا : هي الزاوية الحادة للرؤية الكلية ، الزاوية التاريخية ذات الاشتراطات الجادة المُلزمة القائلة و للمرة الاولى و بشكل واضح: بنهاية 2012 ، إما ان يكون السودان دولة موحدة ، او تاريخ لدولة كانت موحدة ، بكل ما تحمله التجزئة و الانفصال من تداعيات و إحتمالات و عواقب و خسائر .. .. الماركسية - الثورية بتشوف و بتحدد موقفا من قضايا إنقطاع الكهرباء ، و الازمة المعيشية ، و مجمل تفاصيل التحول الديمقراطي و مساعي إحتواء الحرب و الكارثة الانسانية في دارفور ، و ضمان عودة و حقوق جماهير المعسكرات ، و برضو محاكمة او عدم محاكمة البشير في لاهاي ، وكل هذا وذاك ، من زاوية الدورة التاريخية لما بعد نيفاشا و حقيقة استتباعاتا الكبيرة المُلزمة .. الواقع الفعلي العياني / الملموس هو نقطة الإنطلاق في نظرية المعرفة ذات الاتجاه الماركسي - العلمي
" هذا ما يُحدد المواقف ، و يشكل التصريحات ، و يوجه التحالفات و يرسم صورة الحركة السياسية كما هي واقع ملزم ، قبل ان تكون رؤى و احلام ، لذاك الحلف النقي - الطاهر ، حلف الكادحين و المهمشين الثوري * و لانها نظرية معرفة في جوهرا العلمي - الثوري ، فهي بالضرورة بتمثل مدخل الماركسية - الثورية لصياغة الخط الثوري في واقع بالغ التعقيد ، و بذلك القدر الذي يفتح الطريق للتطور - الوطني الديمقراطي ، البرنامج الوطني - الديمقراطي بتتسع دوائروا و بيغدو استدعاء تاريخي مُلح على ضؤ حقيقتين :
- وصول برامج اليمين الراسمالي الي محطة الفشل النهائي المكشوف الفاضح
_ اتساع و صعود حركة النضال الطبقي الجماهيري - القومي - الثقافي عند مستوى تاريخي - راديكالي ضاغط بعنف و غير مسبوق
" إذ لا تزال السياسة - الثورية هي علم الاستراتيجية و التاكتيك .. علم التخلي عن مكاسب صغيرة مباشرة ، و تجنب معارك جانبية متضخمة لا موضوعيا ، وذلك لمصلحة اهداف كبيرة وثيقة الصلة بمصالح الامة و التطور الثوري "
.. و مأثرة و مشكلة نقد : بتكمن في كونو ماركسي غير نصي ، ماركسي بمعايير تاريخ و واقع السودان ، ماركسي سيىء الحظ لانو بقى في ذات حالة مؤسس امريكا الراسمالية ابراهام لنكولن
" تخلي لنكولن عن مرسوم الغاء الرق و تحرير العبيد المحبوسين في تلك الاتفونديات الاقطاعية - الجنوبية لزراعة القطن و قبل التاجيل بكل مرارتو ، لمصلحة ضمان دخول الولايات الجنوبية في الاتحاد الفدرالي و مستقبل امريكا الموحدة "
.. بالنسبة للماركسية - الثورية : فإن السودان الموحد هو ارض التطور الوطني الديمقراطي ، اما السودان المُجزاء جنوبا و غربا فهو في احسن الاحوال سودان إمارات بترولية - راسمالية فاشلة ، و تابعة و متقلصة الي حجم إمارة حسن بلقية التى تدار من داخل قصر اشبه بقصور الدولة الاموية تلك
* و ليس نقد و قيادة الحزب بمعزل عن النقد ، و التصويب و الحوار الجاد ، فحقبة ما بعد نيفاشا و للحق مدرسة مفتوحة لكل حصيف راغب في تعلم السياسة في الوانها الوطنية و العالمية الجديدة
.. إن تيار الماركسية - الثورية و للحق يظل ناشدا للتعلم و المعرفة و الحكمة ، و لكنه وعلى كل حال هو ليس تيارا تجريبيا يسعى في ارض السودان الواسعة دون تاريخ او خبرة ، او نظرية علمية للمعرفة
* يمثل المؤتمر الخامس منبر التلخيص العالي لخبرة الخط السياسي ، الخط السياسي بخيره و شره
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
* و في مجرى صراع الافكار
.. و إعادة مقاربة الواقع بمنهج الماركسية و العلم ، و مواصلة الصياغة العملية لخط النضال السياسي - التنظيمي الجماهيري ، فإن مشروع البرنامج المقدم للمؤتمر الخامس ، سيمثل مدخل تاريخي - واقعي و حركة نضال يومي بالنسبة لتيار الماركسية الثورية في وجهة :
- التمايز عن التيار الماركسي - النصى المحافظ ، و التيار الديمقراطي - الحقوقي
_ تنمية و صياغة نهج تاريخي كامل للتطور الوطني الديمقراطي السوداني و ذلك بالاستناد علي نظرية المعرفة العلمية ، و ملامسة حواف المشروع الاشتراكي بوصفه إنبثاق سوداني - موضوعي لحركة النضال الثوري و ليس حتميات و صياغات ماركسية - لينينية مُعطاة سلفا
_ يمثل البرنامج مدخلا لمواصلة صياغة الافق و المصير الفلسفي النهائي ، فلا يوجد مصير فلسفي خارج حركة التاريخ الحي او خارج حركة النضال الواقعي - الفعلي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
Quote: ابدا باعتذار للسر بابو عن تعليق سابق لى في بوست طلال عفيفي اعتقد ان به قدر كبير من القسوة و السخف من جانبي في حقه، البعرف السر يوصل ليهو الاعتذار ده، لا اعرف السر و لا يعرفنى لكن مثل اللغة التى استخدمتها في حقه لا تساعد على الحوار و لا تخلق مناخ و ايجابي مهما كانت درجة الاختلاف معافى و ايجابي مهما كانت درجة الاختلاف. |
هل "السر بابو" هو "تاج السر عثمان"؟
لقد قلنا فى بوست طلال عفيفى أن الدراسة يبدو أنها متأنية ومنقحة رغم اتهام عضوية الحزب كلها له بالتعجل فى الأحكام والكتابة !!!
الموقف غريب فعلاً؛ أن يتخلى حزب شيوعى عن الإشتراكية (ويرغب فى أن يجلط التخلّى فى المادية التاريخة أو الماركسية) ...
نحن فى الشارع السودانى، لا نتحمس لاستمرار الأحزاب ذات المنظور الشمولى فى نشاطها، ونرحب أكثر بالأحزاب الديموقراطية. وفى نفس الوقت نعانى بشدة من غياب الأحزاب اليسارية الديموقراطية التى تتصدى لقضايا (قضايا وليست شعارات) المسحوقين والمظلومين والمضطهدين.
أيّاً كان حالنا؛ فهو ليس متسامح لدرجة تمكننا من قبول هذه النقلة النوعية فى أيديولوجية ما كان يعرف بـ"الحزب الشيوعى السودانى" (لأن النقلة تنذر بإسقاط الاسم فى المستقبل وتبديله بما لا أتصور بعد فشل اسم "التحالف الديموقراطى")
التغييرات المركزية فى الطرح لدرجة مناقضة للمرجعية الفكرية أيضاً نذير شؤم بعدم الثقة فى الجسم الجديد الذى يتبرأ من أصوله الفكرية. السؤال:
إذا تغيّر الطرح لدرجة التخلّى عن الإشتراكية "العلمية"؛ لماذا يحتفظ أعضاء الحزب بعضويتهم؟ هل هو - فى غياب الولاء الفكرى - ولاء طائفى موروث فى ثقافتنا السودنية؟ أم هو - كما نردد دائماً - غياب للولاء الفكرى منذ انشاء الحزب؟
المهم ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
والحزب الشيوعى السودانى - سابقاً، ولاّ حالياً ماعارف، غايتو مستقبلاً دى بقت مافى - مدين للشعب السودانى بإهدار كم هائل من الطاقات الثورية التقدمية فى الجرى وراء سراب الترف الفكرى الذى لا يتواءم مع الواقع السودانى، وفشل كمشروع سياسى فى الواقع الروسى وأوروبا الشرقية واثيوبيا، ولا زال يتعرض للصيانة والتعديل والتنازلات يومياً فى كوريا الشمالية والصين وكوبا بعد أن غيّر ثيابه فى أغلب دول أمريكا اللاتينية ....
إهدار طاقات ثورية أثناء محاولة السودان الإنعتاق من التبعية الإقتصادية للمركزية الأوربية وهيمنة الدول الصناعية ذنب لا يغتفر ... مهما حاول الحزب تجميله بالمنهجية والحداثة وحسن النوايا، أو حاول البعض التسويف عن مواجهة هذا التاريخ المخجل بمثل الهرطقة التى يكتبها "أحمد طراوة" و"الباقر موسى" هنا ....
التيار الديموقراطى داخل الحزب - أو كما تسمّونه - ما هو إلاً عضوية الحزب على مستوى القاعدة الشعبية العريضة (وهو التيار الغالب بالمناسبة) أتت للحزب بحتمية الإنتماء لحزب يسارى يخدم مصالح الطبقات الأدنى فى الهرم الإجتماعى فى مناخ ديموقراطى حر (وهنا مكمن الأزمة) هذه القاعدة الشعبية أتت باحتياجها لتيار يسارى دون أن يلتفت أغلبهم للتفاصيل الدقيقة لبنية الحزب الشيوعى المناقضة للمناخ الديموقراطى الحر ...
فى مايو جنح الغالبية نحو تجريب التنازل عن الديموقراطية من أجل خدمة المصالح العليا للطبقات المسحوقة. بدت ملامح فشل التخلى عن الديموقراطية فى أقل من عامين، وثار الحزب على مايو فى حركته الإنقلابية فى 71 وكأن لسان حاله يقول بصحة الفكر والممارسة الإنقلابية وخطأ الطغمة "النميرية" ...
مع التجربة الديموقراطية الثانية بدا جلياً للقاعدة الشعبية للحزب عجز آلياته عن البقاء فى مناخ ديموقراطى حر .... كما بدا جلياً ضرورة هذا المناخ الديموقراطى لاحتواء أزمة صنع القرار فى وطن بتعددية واختلاف السودان .... هذه التجربة ومن بعدها فجور الشيوعيين فى معاداة الكيزان بعد استيلائهم على السلطة، و"غتسة" محمد ابراهيم نقد "تحت الواطا" فى سياق العودة للمعارضة "الجاسوسية" ... كل هذه الأشياء نبّهت الكثيرين للتناقض الأيديولوجى بين مشروع الحزب الشيوعى السياسى والديموقراطية ....
كانت النتيجة أن تلمّس الكثيرين خطأهم فى الخيار الشيوعى، بعد أن اكتشفوا عدم تماشى مشروعه مع الواقع السودانى. وبدأ الكثيرين - بحسن نية - محاولة الإصلاح من داخل الحزب لإعادته ليلائم المناخ الديموقراطى السوى.
وبما أننى أرى أنه لايستوى الظل والعود أعوج. فأنا من المؤيدين بقوة لتصفية الحزب الشيوعى السودانى تماماً، وعلى الطليعة السودانية البحث عن بديل يسارى ديموقراطى يتبنّى قضايا التربالة والرواعية وستات الشاى بجدية (بدل كمال الجزولى يقعد يحمد لينا فى الديموقراطية والمجتمع المدنى) ويكون هذا البديل الديموقراطى منطلقاً من القبول بالعلاقة الشرطية بين ديموقراطية الحقوق والحريات المدنية الأساسية والنظام الرأسمالى بحرية سوقه .... (شخصياً أفضل حزباً يتبنّى مشروع دولة الديموقراطية الإشتراكية Social Democracy - وسأورد تعريفها على حسب "ويكيبيديا" فى ذيل المداخلة).
وأنا كتصفوى (أنادى بتصفية الحزب الشيوعى) يسارى (أنادى بوضع أسس اشتراكية فى الديموقراطية الليبرالية) أدعو الجميع للنظر للتيار الديموقراطى فى الحزب الشيوعى ليس فقط على أنه (تصفوى يمينى) كما أورد تاج السر عثمان. ولكن هنالك أيضاً (تصفويين يساريين) قد يترددون فى نقدهم للحزب مخافة الوقوع فى "اليمينية" (اللهم اجعلنا - كتصفويين يساريين - من أصحاب اليمين).
أول برنامج حزبى متكامل وجاد يتبنّى مشروع "الديموقراطية الإشتراكية" كان مشروع الحزب الديموقراطى الإشتراكى الألمانى الذى طرحه فى أكتوبر من العام المنصرم 2007. وقد قام الدكتور لطفى الوكيل - عراقى الأصل - بترجمته، وهذا الرابط يقود إليه ... عذرا فإن مصمم الصفحة وضع صفحات الكتاب التى تفوق المئة وسبعين صفحة بهيئة صور ....
وكما وعدت مقدّماً، هذا تعريف مختصر للديموقراطية الإشتراكية من "ويكيبيديا":
Quote: Social democracy is a political ideology that emerged in the late 19th century out of the socialist movement. Modern social democracy advocates the formation of a democratic welfare state that incorporates both capitalist and socialist practices. This is unlike socialism in the traditional sense, which aims to end the predominance of the capitalist system, or in the Marxist sense, which aims to replace it entirely. Instead, social democrats aim to reform capitalism democratically through state regulation and the creation of programs and organizations that work to ameliorate or remove injustices they see in the capitalist market system. "Social democracy" is also used to refer to the particular kind of society that social democrats advocate. While some consider social democracy a moderate type of socialism, others, defining socialism in the traditional or Marxist sense, reject that designation.
Social democratic parties initially advocated socialism in the strict sense, achieved by class struggle as defined by the Orthodox Marxists within or affiliated with the Social Democratic Party of Germany: August Bebel, Eduard Bernstein, Friedrich Engels, Karl Kautsky and Wilhelm Liebknecht. Schisms within the party during the early 20th century led to the desertion of the revolutionary socialists, and the primacy of Bernstein's evolutionary or reformist democratic path for social progress within the social democratic movement. Throughout Europe, a number of other socialist parties simultaneously rejected revolutionary socialism, and the followers of these movements ultimately came to identify themselves as social democrats or democratic socialists. Consequently, while social democrats share many views with the democratic socialists, they often differ on specific policy issues. The two movements sometimes share political parties, such as the British Labour Party in the 1980s, and the Brazilian Workers' Party today.
One way to delineate between social democratic parties (or movements) and democratic socialist ones, would be to think of social democracy as moving left from capitalism and democratic socialism as moving right from Marxism: in other words, a mainstream leftist party in a state with a market economy and a mostly middle class voting base might be described as a social democratic party, while a party with a more radical agenda and an intellectual or working class voting base that has a history of involvement with further left movements might be described as a democratic socialist party. However, this is not always the case. The British Labour Party charter identifies the party as a "democratic socialist party," even though the current and former leader, Gordon Brown and Tony Blair, identify themselves as social democrats.
The Socialist International (SI), a worldwide organization of social democratic, and labour parties, defines the socialist option as one in which it is "the people of the world who should exercise control by means of a more advanced democracy in all aspects of life: political, social, and economic." The SI emphasizes the following principles: first, freedom—not only individual liberties, but also freedom from discrimination and freedom from dependence on either the owners of the means of production or the holders of abusive political power; second, equality and social justice—not only before the law but also economic and socio-cultural equality as well, and equal opportunities for all including those with physical, mental, or social disabilities; and, third, solidarity—unity and a sense of compassion for the victims of injustice and inequality. These ideals are described in further detail in the SI's Declaration of Principles.
Social democratic parties originally included both democratic socialists and revolutionary socialists. Indeed, the split with the revolutionary socialists, including Rosa Luxemburg and Vladimir Lenin, was spectacularly hostile. After World War I and the Russian Revolution, many leading social democrats, including Eduard Bernstein, were explicitly non-revolutionary. In reaction to this, many Bolsheviks and other Marxist-Leninist parties adopted a strategy of publicly denouncing social democrats as "social fascists." |
بالله لاحظوا معاى للجملة الأخيرة دى ... يعنى - حسب "ويكيبيديا" - البلاشفة والماركسيين-اللينينيين بيعتبرونا "فاشيست" عديل كدة ... تقولوا لى "تصفوى يمينى"؟
المهم ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
* التيار الديمقراطي - الحقوقي ذو صلة بالماركسية و هو بعض من تجليات ازمتا ، و بمثل نتاج ورد فعل لفشل و إنهيار تجارب التطبيق الاشتراكي ، و قصة القمع و التعدي و غياب الديمقراطية و الحريات داخل تلك الدول و داخل تنظيمات و احزاب الحركة الشيوعية العالمية
* و خطأ كبير لو حاولنا إلباس هذا التيار عباءة تابو التحريفية ، و النزعة اليمنية - التصفوية ، او ذاك التأثيم اللينيني الشهير المعروف ب ( خطرفات حرية الانتقاد لدي جماعة البرجوازية الصغيرة داخل الحزب الماركسي ) .. و خطأ سوداني اشد لو سعينا و اضعنا الوقت في البحث عن صلة هذا التيار بعوض عبد الرازق ، او جزافا ختمنا عليهو بتلك الماركة الجديدة المتهافتة و المعبرة عن أزمة الماركسية - السودانية و المسماة بخِتم فاروق محمد ابراهيم و الخاتم عدلان !
.. نواصل حول مزيدا من الفهم الاجتماعي - الفكري النظري و سبر المآلات للتيار الديمقراطي - الحقوقي ، هذا التيار الذى تبدو شرعيته واضحة ، و مصادر تاسيسو واضحة في الائحة الجديدة المقدمة للمؤتمر الخامس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: تبارك شيخ الدين جبريل)
|
الؤتمر الخامس هل هو معالجة للازمة أم إعادة بناء
الجانب الفلسفي في الاوراق المقدمة للمؤتمر الخامس تفتقد الكثير جداً من الوضوح في قضية قوى الانتاج وقضية التطورات الحالية في بنية المجتمع السوداني وتفتقد للكثير جداً محاور التعددية القلبية والعرقية داخل الكيان السوداني وتمثيلات الحزب في الشرق والجنوب والغرب وضعف العضوية في هذه المناطق كما تفتقد للحلول التنظمية لاس المشكل التنظمي الذي ظن يعاني منه الحزب لفترة طويلة ولا يزال
ومن خلال الرؤية العامة هناك صوفية ماركسية يغيب عنها الرصد بطبيعة تركيب الصوفية الماركسية في السودان وداخل الحزب
هناك ايضاً دلالات على خلافات شخصية واطماع بورجوازية وسط اعضاء اللجنة المركزية من الواضح أن سلامة النية غير متواجدة غياب كامل لوضوح اللغة والمفردات المستعملة في مايصدر من هنا أو هنا أو هناك
هناك ايضاً شئ واضح هل نقد والتجاني والشفيع في جانب وجزء آخر بقيادة سليمان حامد ويوسف حسين في جانب آخر وبينهم بعض مرة هنا ومرة هناك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
الائحة و مشروع الدستور النهائي و المترتب عن حصيلة المناقشة العامة ، تعبر عن و ضع إنتقالي - تاريخي ، اكثر من .. كونها ضوابط و احكام ذات مرجعية ايدلوجية
* فبرنامج الحزب و ليس الماركسية - اللينينية ، هو اساس الوحدة الفكرية بين الاعضاء
و تبرز حكمة الائحة / الدستور في كونها تجسد حصيلة افكار وخطوط نظرية مُنظمة لحياة و نشاط حزب يتخلق فلسفيا عبر نضال برامجي - ثوري .
كُتبت الائحة فيما ارى ، وفقا لذلك المبدأ الهيجلي القائل : كل ما هو واقعي هو معقول ، و كل ما هو معقول يغدو واقعا مقبول .. بل ، و بالنسبة لتيار الماركسية - الثورية يظل واقعا مفتوحا لإنطلاقة الصراع الفكري ، و مجمل التطور و التعديل المستند علي النضال النظري - العملي الثوري .
نرصد بتركيز تلك المؤشرات التي تتجاوز في دلالاتها كونها بنود و مواد مندرجة تحت الفصول الثمانية ، الي كونها قضايا فكرية - نظرية تمثل قاعدة لتبلور و تمايز التوجهات و الرؤى و إنطلاقة الصراع الفكري داخل اروقة الخامس و فيما بعد ذلك :
* الحزب صراحة و بوضوح لم يعد حزب الماركسية - اللينينية ، بل هو حزب المؤمنين ببرنامجه ، حتى لو كانوا منطلقين من كلاسيكيات كانط الفلسفية
* هو ليس ذاك الحزب المُعبر مباشرة عن مصالح الطبقة العاملة ، بل يحافظ على و يطور العلاقة المتينة و التاريخية مع الطبقة العاملة التي تشكلت حلقاته الاولى في احضانها و بمشاركة طلائعها ، و بمعنى ادق : " هو حزب الثوريين من كل الطبقات و الفئات الاجتماعية الذين يقبلون برنامجه و دستوره و يناضلون من اجل تنفيذ البرنامج الوطني الديمقراطي المستشرف الافق الاشتراكي
* المرجعية و المصادر الفكرية تبقى واسعة و مفتوحة : يسترشد الحزب بالماركسية كمنهج ، و يهتدي بكل ما توصلت إليه البشرية من معارف ، وكل ما هو خير من الموروثات المتجذرة فينا كسودانين ، و ما هو نابع من إنتمائنا العربي و الافريقي
* الائحة/ الدستور تدين الستالينية صراحة ، و تؤكد علي ضرورة التخلص النهائي من عقابيلها ، لكنها تشير الي ان الستالينة/ و ظلالها تظل و حتى اللحظة باقية في الحزب
* اختفى تماما ذلك المصطلح الصريح المباشر المعروف بالمركزية الديمقراطية كاساس في تنظيم حياة الحزب و عمله ، و يبرز توجه واسع و واضح لاستعادة الديمقراطية ، و إعلاء شأن الصراع الفكري المنظم و سيادة مبدأ النقد و النقد الذاتي و التاكيد علي المركز الواحد القيادى المنتخب
.. بالفهم العميق لدلالات و ابعاد مواد و بنود الائحة و و فقا لطابعها الانتقالي هذا نقارب و نكتشف تلك التيارات في كمونها و إتجاهات تبلورها لاحقا ، او في تواجدها الصريح الراهن ، تلك التيارات الثلاثة ، و من ضمنها بالضرورة التيار الديمقراطي - الحقوقي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
Quote: * فبرنامج الحزب و ليس الماركسية - اللينينية ، هو اساس الوحدة الفكرية بين الاعضاء |
ولسة حزب شيوعى؟ اتخيل لى - لو انا ما غلطان - إنو الماركسية-اللينينية - كفكر - هى أساس الوحدة "الفكرية" بين الأعضاء, البرنامج لا يعدو أن يكون أساساً لوحدة "برامجية" (أو استراتيجية) مؤقتة!
وبالله عليك يا احمد طراوة بطّل الخم والطعن فى ضل الفيل البتعمل فيهو دا .... عشان البوست يرجع لى جديتو ...
ولو ناوى ما ترد على ... وتطنشنى .. OK بس طنش لينا البوست كلو لو سمحت .... أخير من الجلا ...
Quote: * المرجعية و المصادر الفكرية تبقى واسعة و مفتوحة : يسترشد الحزب بالماركسية كمنهج ، و يهتدي بكل ما توصلت إليه البشرية من معارف ، وكل ما هو خير من الموروثات المتجذرة فينا كسودانين ، و ما هو نابع من إنتمائنا العربي و الافريقي |
لو بتقصد منهج تحليلى، فأسمح لى افاجأك ... العالم كلو شغال بالماركسية كمنهج تحليلى ... طالبان، هوجو شافيز، الوول ستريت الإنت ساكن جنبو، الكيزان، روبرت موقابى .... العالم كلو باختصار ...(الغريبة إلاّ الحزب الشيوعى السودانى ... أى محاولة لقراءة الواقع السودانى بى منهجية ماركسية .. أول ناس يرفضوها ويوصموها بى أرزل الأوصاف ... ناس الحزب الشيوعى السودانى!) وكلامك دا زماااااان قالوهو ناس حزب الأمة والإتحادى وقوات التحالف وسانو ومؤتمر المستقلين والجمهوريين وانصار السنة وحزب العمل (الله يرحمو) ...
لو بتقصد منهج "عقائدى" - ولامؤاخذة - فبنقول ليك: اللهم لا شماتة!
المهم ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
أحمد طراوة ...
عفواً ولكن اضطر للغة الجافة عندما يخرج الحوار عن مساره الأصلى، ولكن سنحاول المقاربة بين ما انتهيت إليه أنت؛ وما وقف فيه الحوار ...
أزمة مؤسسات الرأسمالية الحالية أزمة تتعلق بسياسات مشروع القرن الأمريكى الجديد للمحافظين ... والذى يركّز على وضع أمريكا كتاجر حرب وتاجر سلاح فى آن واحد ... وهو أيضاً ينبنى على مؤامرات على الخزينة العامة الأمريكية وعلى الشعب الأمريكى، والتحطم الناتج عنه هذه الأيام ليس له علاقة بالرأسمالية الصناعية كالإتحاد الأوربى مثلاً ...
هذه أزمة أمريكية محلية ... وليست أزمة رأسمالية عالمية (ثالثة أو رابعة) ولو فاز أوباما بالرئاسة القادمة فربما تسهم فترة أربع سنوات من سياسات إقتصادية مختلفة فى الحد من هذا الإنحدار ذو الحجم الأسطورى ....
عموماً هو خارج الموضوع .. ولا يؤثر كثيراً فى التيارات المتصارعة داخل الحزب ولا فى مآلاتها ...
إتهامى لك بمحاولة حراسة مصالح "الحرص القديم" داخل الحزب - والذين تشير لهم "بالماركسى-الثورى" - وذلك بالتسويف وإخراج الحوار عن أصله وافتراض صورة غير صحيحة عن طبيعة الصدام بين التصورات الفكرية الشيوعية وديناميكا المجتمعات السودانية ...
وأسئلة تطرح نفسها:
الحزب الشيوعى .. إلى أين؟
كيفية استقطاب قاعدة عريضة حول برناج سياسى، بعد انفراط عقد الأيديولوجيا؟
من يعيد صياغة هذا البرنامج السياسى؟ وعلى أى أسس؟
من أين أتى مقترح البرنامج المطروح حالياً؟ (والذى لا يعدو أن يكون محاولة رخيصة لاحتواء شروخ الحزب، لا تتعامل بجدية مع تحديات الوطن)
هذا هو الموضوع ... وليس تيار ديموقراطى-حقوقى مقابل تيار ماركسى-ثورى
والشفيع خضر يمهد لقبول هذه التنازلات الأيديولوجية، والسر بابو قبض عليه متلبساً، وبحصافة .... وكمال الجزولى ما رضاها للشفيع، واعتبرو تربّص وإهانة (تصفوية-يمينية) ...
بعد داك نحن طلعنا - وبتصنيفنا الشخصى - تصفويين يساريين من منطلقات الديموقراطية الإشتراكية (وقلنا البلاشفة بعتبرونا "فاشيست" عديييل كما تفضلت "ويكيبيديا، وانت طلّعتنا أصل البلشفية)
إنت وين من الحوار دا والأسئلة دى؟
المهم ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. صحيحة ملاحظتك يا تبارك
Quote: والشفيع خضر يمهد لقبول هذه التنازلات الأيديولوجية، |
و هذا ما يضع الشفيع خضر سعيد في مقدمة تيار - الماركسية الثورية السوداني .. الشفيع إجمالا علي خط المجاهدات الماركسية المُضنية بالغة التعقيد للإنعتاق من اسر الايدلوجيا
" ليست تنازلات ، بل هي مخارجة تاريخية تتسم بالجرأة و الذكاء و النزعة الثورية ، و تلمس الطريق - النظري ، وهي بعد كل شي مخارجة تجلب لصاحبها الإتهامات و الملاحقة " * لكن اوليس بشرف عظيم ان نتخارج ايدلوجيا من ذلك النسق الفكري السوفيتي - الحكومي القائل: - باننا نعيش عصر الانتقال للإشتراكية المستلزم وجود الحزب الماركسي - اللينيني ، و ضرورة تشديد التناحر الطبقي بين العمال و الفلاحين و بقية فئات و طبقات المُلاك و
- بان علم الوراثة في مجال الإنتاج الزراعي سيلحق بالغ الضرر بالقوى المنتجة و علاقات الانتاج
_ و بان ثورة المعلومات و الكمبيوتر هي و سائل و ادوات مُشوهة للصراع الطبقي و تزيد تغريب الإنسان ، و توسع دائرة التآمر ضد الطبقة العاملة _ و اوكد لك بأننا لو سايرنا الايدلوجية الماركسية - اللينينية كما صاغها ستالين في الكتاب و الممارسة ، فإن موقفنا اليوم من الصراع الدائر ما بين ستيفان هاوكن و ليونارد سوسكند في حقل الفيزياء الحديثة لما بعد انشتاين ، و بكل ما يزخر به هذا الصراع من تمظهرات و مضاء قانون نفي النفي و إنتقال الكيف الي كم داخل تلك الثقوب السوداء و مفهوم زمكانية المادة المُفسر لنظرية تمدد الكون ، لن يكون موقفنا هذا سوى شك و توجس بان فكر ماركس و منهجه العلمي لن يصدق و يتحقق ابدا علي يد علماء برجوازيين ، لا يعدو ان يكونوا مجرد اجراء لامبريالية حرب النجوم و صناعة السلاح
.. وحتى لا يصبح هجر الايدلوجيا توجه غائي - مثالي و بلا معني فإن الشفيع ايضا يهجر الايدلوجيا متحررا على درب النضال البرامجي - الثوري ، و صياغة المصير الفلسفي النهائي للحزب الشيوعي ، بكامل الإستناد علي نظرية المعرفة - العلمية و منهجها الماركسي في تجدده و إنفتاحه ، بل و الاهم : الإستناد علي تراث و خبرة حزب ظل غارسا ارجله ، و محركا اعينه و مستنهضا دماغه لمدة 60 عاما في تربة السودان
* ادعوك يا تبارك ، و ادعو كل قوي التيار الماركسي - الثوري السوداني لقراءة مؤلف لينين ( الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية ) بذهن متحرك - مفتوح ، و بعيون الالفية التالتة ، لنفهم لماذا طالبت الحكومة الامريكية الكوربريت المالي ( ميرل - ليج ) الذي بلغت خسارته 60 مليار دولار ان يقبل سريعا ، و دون تسوية اوضاع حقوق المودعين و ملاك الاسهم من شيوخ الخليج العربي و السعودية و اثرياء الصين و الهند الجدد ، الإنطواء تحت لواء بانك اوف امريكا ! ؟
* إنهار التروست المالي فريدي - ماك ، و بلغت خسارته 12 (ترليون) اكرر .. ترليون ، و ذلك بسبب ذهاب 4 مليون منزل الي صيغة بيع الامر الواقع ( الفوركلوشر ) و انهيار صيغة نظام الإستدانة العقاري - الراسمالي ذو المدى الطويل ( المورقيتج )
.. صحيح ان البيوت الضائعة هي لمواطنين و مهاجرين مُقيمين امريكان ، لكن الاموال كلها تخص طبقة اثرياء العالم القدام و الجدد ، ، اثرياء بريطانيا ، و المانيا و فرنسا ، و قروش حسن بلقية البالغة 50 مليار دولار ، و ضمن هذه الطبقة المدمنة لملاحقة اسعار الاسهم في وول - ستريت توجد جماعة لصوص الحزب الشيوعي الصيني ! شيوعيى الصين سماسرة اعادة استثمار اموال هذه التروستات الامريكية المنهارة في هجليج و ابو جابرة نواحي السودان ، وكل صناعة البترول تنقيبا و انابيبا في افريقيا المزدحمة بقوى و حركات الهامش السائرة لا تزال علي درب نموذج الرفيق ماو المعروف ( بزحف ثورة الريف نحو المُدن )
.. فلنقراء لينين ، دون ان نصير له حُوارا ، فسنجد بصمات الاموال العالمية و مؤشرات الازمة العالمية واضحة
" في وول ستريت ماركة 2008 ، تتلخص كل قصة الحروب و تجارة السلاح ، و الدوافع الاقتصادية - البترولية العالمية الصريحة لتلك المقترحات الامريكية لحل ازمة السودان عبر نيفاشا و ابوجا
* رجاءا يا تبارك ما تطلعنا من دروب صراع التيارات داخل الحزب الشيوعي و هو يسير نحو مؤتمره الخامس متلمسا واقعه البرامجي و مصيره الفلسفى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
* التيار الديمقراطي - الحقوقي : بالتاكيد لا يمثل إنعكاسا لوجود طبقة برجوازية - راسمالية ذات توجهات جادة زراعية صناعية كبيرة في المجتمع السوداني .. لذا فهو ليس تيارا للتنوير علي نهج جون لوك داخل الحزب ، هو بالاساس جزء من حركة الصرااع داخل الماركسية ، هو يدعو لالغاء المركزية الديمقراطية جملة و تفصيلا ، و الإقلاع نهائيا عن اي مآل فلسفي للحزب
* هو اتجاه كامن و متمظهر بدرجة او اخرى ، و نتاج لازمة و ضعف الثقافة الماركسية في الحزب ، و نتاج ايضا لسنين التحكم المركزي الطويلة .. و غياب المؤتمرات و الممارسة الديمقراطية عموما
.. في مجري صراع الرؤى و الافكار نواصل فحص و وصف و تعريف هذا التيار و تحديد موقفو الكلي النهائي من الماركسية ثم رسم مآلاتو النهائية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
البرنااااميييييج ..... جا من ويييييين؟
البرنامج المطروح حالياً (نقابى عجوز نزلو فى تلاتة بوستات) جا من وين؟
لأنو لو جا من اللجنة المركزية حيكون مناقض لى فكرة المناقشات المفتوحة (ما عارفنها مفتوحة وين) الكانت مطروحة ...
التيارات الإنت قسمتها دى ... ماوريتنا الظروف الموضوعية الخلقتا ....
تهمتنا ليك باستخدام التسويف اللغوى لتغبيش الحوار وحماية مصالح "الحرص القديم" فى الحزب الشيوعى لا زالت قائمة ...
تعديلات سريعة:
خسارة Meryl Lynch بلغت 615 مليار دولار وليس ستين ... لأنها الشركة القابضة للبنك الأعلن إفلاسو الليلة ...
الـ 10 ترليون دولار بتاعة Fannie Mae و Freddie Mac ما فى زول بيحسبا خسارة لأنو قيمتا الثابتة معقارات لازالت موجودة ... الحصل إنو وزارة الخزانة قررت الإستيلاء على إدارة الشركتين عشان تقدر تمرر أى سياسات اقتصادية بخصوص سوق العقارات مباشرة ...
بيوت الـ Forclosure قاعدة تتباع بى أسعار الفوركلوشر وبتغطى جزؤ من الخسارة ....
أهم تعديل إنو الحاصل على الإقتصاد الأمريكى حالياً ما عندو علاقة بى صراع التيارات داخل الحزب الشيوعى السودانى ...
عليك الله يا أدخل بى مشاركة نافعة يا فكنا ...
البرنامج الدايرين الناس تلتف حولو دا جا من وين؟
هل فى إمكانية لتعديلو؟ (لأنو محتاج لى تعديل كمية يا مان)
هل ممكن تنطرح برامج بديلة للحزب (غير البرنامج الفى السوق حالياً)؟
بنديك أسئلة محددة عشان تقدر ترجع منسرحتك مع الراحل لينين ..
__________________________________________
سؤال جانبى: هل انت مفرغ بواسطة الحزب الشيوعى للكتابة الفضفاضة دى؟
المهم ...
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
المنصور جعفر [email protected] الحوار المتمدن - العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11
يركز هذا الإنتقاد على إيضاح أخطاء مشروع البرنامج الجزئي المقدم إلى المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي السوداني وتحديد أهمها في مجالات السرد وذكر الوقائع وإحصاءاتها وحصف الأزمات والمشكلات الناتجة عنها ووصف العلاج الموضوعي لها. وهي أخطاء موصولة بأن مشروعات الدستور واللائحة والبرنامج المقدمة إلى المؤتمر الخامس - وهي خطوة إلى الأمام من تيه النقاش العام- كان منطقاً أن تكون في قلب ذاك النقاش إن لم تكن في أوله ولكن هذا الوضع المتأخر لها جعلها في هذه المرحلة متأثرة بكل الأخطاء التي شابت بداية النقاش العام وأهمها فقد المعايير الموجهة، كما أن بعضها وضعت مسوداته قبل نهاية النقاش العام وتقديم وتقويم الإنتقادات الموجهة إليه، وبعضها متأثر بالجانب الليبرالي فيه أي الجانب الذي لا يهتم كثيراً بأزمة نظام حرية تملك الأفراد لموارد حياة الناس، وهي الأزمة الأولية المولدة لكل التناقضات الرئيسة في الحياة العامة.
1- إنتقاد عام للتقديم:
في الفقرة الأولى لمشروع البرنامج كان الأنجع محاولة علاج الأزمة الطبقية - الإقليمية في السودان بداية من القيام بتوصيف الظاهرة (الأزمة) وتحديد تناقضاتها وأسبابها ثم وصف إمكانات علاجها وبداية هذه المحاولة في المشروع بتناول أمر البنية التحتية في النظام الإقتصادي – الإجتماعي وصولاً إلى بنيته الأعلى السياسية. لكن مشروع البرنامج سار ضد النسق المنطقي لتغيير الأمور بصورة جذريةً حيث إختار البداية من نتيجة الأزمة وشكلها متناولاً السقف السياسي للسودان وعدم إستقراره السياسي! بهذا الإختيار المقلوب إرتكب المشروع بفقرته الأولى خطأ مميتاً في تصور طبيعة الإستقرار وطبيعة التطور السلمي الديمقراطي: إذ خالف المشروع الحقيقة الموضوعية لإستقرار نظام حرية الملكية والسوق في السودان وأغمض العين عن تطور هذه الحرية حتى صارت طغيانا. ومن هذه المخالفة والإغماض بالغت صياغة المشروع في دور التغيرات الشكلية أو الفوقية لحكومات النظام الإقتصادي-الإجتماعي الليبرالي وتراوحها بين المدنية والعسكرية، والعلمانية والدينية. يقول المشروع في وضعه هذه النتيجة قبل سببها(انقضى أكثر من اثنين وخمسين عاماً منذ ان نال السودان استقلاله السياسي دون ان ينعم بالاستقرار والتطور السلمي الديمقراطي.)) ! هنا تحتاج مجهولية السبب الأساس في عدم الإستقرار والتقدم السلمي الديمقراطي إلى إيضاح الطبيعة الرأسمالية المحلية والدولية التي حكمت الأساس الإقتصادي للسودان وأنتجت دورة التغيرات الشكلية في تركيبة حكمه.
في الفقرة الثانية للتقديم يلوم المشروع البنى العليا للحياة الإقتصادية الإجتماعية ممثلة في الديكتاتوريات السياسية المدنية والعسكرية دون أن إيضاح طبيعة وأصل الديكتاتورية الإقتصادية الإجتماعية التي إنتجتها يقول(رزح السودان معظم تلك السنين تحت نير أنظمة شمولية مستبدة تتحمل جل المسؤولية عن المعاناة التي يكابدها السودانيون اليوم. فقد كانت وما زالت السبب الرئيسي في تغذية وتوسيع وتعميق التوترات الاجتماعية التي تحولت الى حروب أهلية ضروس، نتجت عنها خسائر بشرية ومادية طائلة، وتلوح نذرها ألان في مناطق أخرى، مهددة وحدة الوطن –شعوباً وأرضا- ومنذرة بتفتته وانفراطه.)). وفي هذه السطور الجميلة تغبيش لعلاقة النظام الإقتصادي الإجتماعي الرأسمالي التبعي في قاعدة الإنتاج والمجتمع وسيطرة ديكتاتورية التملك والسوق وهيمنة ثقافتهم ودورهم كل هذه المسآئل في إنتاج وتفاقم الأزمات الإجتماعية في السودان والعالم. ويسهم تغبيش هذه الحقائق التاريخية مع فقرات أخرى في توالى مشروع البرنامج مع النظام الإقتصادي الإجتماعي الليبرالي الذي إنتج الأزمات الجاري الكلام عن علاجها في ذات المشروع.
في الفقرة الثالثة يواصل المشروع تجنب طرح أزمة الإستغلال الرأسمالي المتفاوت كمصدر رئيس لأزمات السودان متحدثاً فقط عن مظهر ونتيجة هذا الإستغلال الرأسمالي في التخلف والفقر يقول: ((وانتهجت الحكومات المتعاقبة سياسات اقتصادية أهملت مهام بناء مقومات الاستقلال وانتشال البلاد من وهدة التخلف والارتقاء بنوع حياة المواطنين. وكانت النتيجة تكريس الفقر وإشاعته وإحكام تبعية الاقتصاد السوداني لدوائر الاستعمار الحديث، حتى أصبح السودان يصنف بعد نصف قرن من الاستقلال ضمن اكثر البلدان فساداً واقلها تنمية يعيش أكثر من 95 % من سكانه تحت خط الفقر)) فرغم إيضاح المشروع طبيعة هذه السياسات لاحقاً فهنا إيضاح شديد ودقيق للنتيجة وتعميم مبسط للسبب (= سياسات إقتصادية أهملت...) دون تعريف محدد لهذه السياسات ولنمط الإنتاج الذي أنتجها! مع إن من الضرورة لسلامة منطق البرنامج كشفه العلل ومحاولته تقديم وصفات لعلاجها أن يقوم بتعريف السياسات ونمطها الرأسمالي وذلك كمعلومة ضرورة وموضوعية للإفصاح عن المنطق الإجتماعي الإقتصادي في تجنب هذه السياسات وفي تغييرها مستقبلاً.
في الفقرة الرابعة بين المشروع تغيرين في الإقتصاد هما: 1- تغير تركيبة البضاعة المركزية في الإنتاج من القطن إلى النفط و2- تغير في نوع النشاط الرأسمالي (من الحالة الموصولة بالإنتاج) إلى النوع (الموصول بحالة الطفيلية) مع فشل النوعين في قيادة نهضة صناعية زراعية يعرفها بالألف واللام (النهضة)َ! وقد طرح المشروع من هذا الفشل ضرورة قيادة طبقية جديدة (تعبر) عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين. وكل هذا مع عمومه صحيح، ولكن مشروع البرنامج غيب إيضاح علاقة الرأسمالية التبعية المحلية والعالمية التي بلورت "النظام الليبرالي" أي نظام حرية تملك بعض الأفراد مالاً لموارد حياة المجتمع وهو النظام الذي ولد القمع والسياسات الإقتصادية الخاسرة وظروف تخلف الزراعة والرعي التي تجعل للإنتاج الحرفي والصناعي وعماله دوراً مائزاً طليعياً في القيام بتنمية متوازنة ضد هذا الوضع المختل،لكن المشروع في سرده وقائع التغيير ترك هذه الحقيقة التاريخية الحاضرة.
في الفقرة الخامسة إتجه المشروع في إكتفاءه بالإصلاحات الشكلية والإرتكاز إلى النظم والقوى التقليدية لإجراء تغييراته الإصلاحية (الإسعافية!) إلى تجاهل عرض إمكانات التغيير الموضوعي (الجذري) بدعوى غائمة هي: ((مواصلة وتعميق منهج المؤتمر الرابع في الدراسة الباطنية أو الميدانية للمتغيرات في التركيب الاقتصادي والاجتماعي والطبقي في البلاد)) .كأنما الوضع العام للعناصر الرئيسة في التركيب العام الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي للبلاد غير معروف (أيحتاج وجود النهار إلى دليل؟) ولكأنما لا وجود للدراسات التي شكلت الأساس لتقدم الصياغة بمشروع البرنامج. وهناك أراشيف كاملة لهذه الدراسات في الجامعات ومراكز البحوث وفي الحزب الشيوعي السوداني، فكيف يُغيَب طرح الأمر الرئيس والأساس بحجة إنتظار الثانوي؟ وإلى متى؟ مع العلم ان التغييرات الثانوية متصلة مستمرة إلى الأبد! وأن وضع البرامج العامة يعتمد على المعلومات الأساسية لا على المعلومات الثانوية والتالية واللاحقة التي تواصل التراكم حتى تبلغ حالاً قد تتغير به المعلومة الأساس.
في الفقرة السادسة والسابعة والثامنة: يجد عضو المؤتمر ومن يمثلهم وبقية قراء هذا المشروع سطوراً سياسية صرفة أقرب للحشو تتحدث عن عسف الحكم القائم وديكتاتوريته وعدم وفاءه بعهوده ومواثيقه، خضوع الإقتصاد لوصفات المؤسسات المالية الدولية وسياسات تحرير الإقتصاد التي خلقت أسس إفقار غالبية أهل السودان والترابط بين سياسات.الخصخصة والأسلمة. بينما كان الأنجع إيضاح أساس النظامين الإستعماريين القديم والحديث الحاكمين لهذي السياسات وهو حرية تملك الأفراد للموارد الضرورة لحياة وعيش المجتمع. فهذا التملك الإنفرادي هو الذي يخلف التفاوت والتوتر في المجتمع ويسمح بتكون وسيطرة الأقوى والمركزي في السودان والعالم ونهبهما مثروات البلاد وأغلبية السكان. فالأمر أكبر من إلقاء وزره على (القوى التقليدية) مع فداحة إثمها فيه، كما إن لنا نصيبنا من أسباب الخراب حيث لم تذكر صياغة المشروع بأي شكل إن الفصل العام وحتى النسبي -في وثائق حزبنا- بين عملية تطوير القوى المنتجة وعملية تغيير علاقات الإنتاج أدى مع العوامل الأخرى إلى إستمرار توليد نظام التبعية المحلي والدولي وإنتاجه التخلف ومضاعفته. كذلك تطرح صياغة المشروع في الفقرة الثامنة من المقدمة أن الأزمة السودانية قد صارت أو أضحت [لا أصبحت] (( أزمة وطنية عامة، مركبة وشاملة ومتفاقمة، لايمكن تبسيطها أو تجزئتها)) ولكن مع هذا القطع الموضوعي الثاقف تجد في مقدمة مشروع البرنامج وتفاصيل جزئه الأول أعداداً وأنواعاً من التجزئة يصعب إجتماعها وشمولها كافة قضايا السودان شمولية موضوعية دون أن يناقض واحداً منها الآخر مثلما سيأتي ضمن الفقرات اللاحقة في هذا الإنتقاد.
في الفقرة الأخيرة من الجزء المتعلق بالظروف المحلية لتقديم مشروع البرنامج الجديد: ((لجماهير الوطن متضمناً رؤيته لتجاوز الواقع المزري الذي نعيشه ولبناء سودان حر ديمقراطي موحد، ترفرف فوقه رايات السلام والعدالة الاجتماعية.)) نجد طمساً لشعارات ومهمات التغيير الموضوعية لصالح شعارات غائمة من نوع الحرية والديمقراطية والسلام والعدل الإجتماعي. وفي هذه الشعارات المبهمة والمستهلكة لا يمكن القبول بتغيير شعار "الإشتراكية" الذي يفيد إشتراكية الناس في السلطة والثروة بصورة قائمة على حسابهم للموارد العامة والحاجة الإجتماعية لها وقدرتهم على إعادة إنتاج مايحتاجونه وتنظيمها، وتبديل هذه الضرورة بشعار مبهم مسطح مثل شعار العدالة الإجتماعية !؟ كذلك فإن تأخيره غير منطقي: إذ لا حرية ولا ديمقراطية ولا وحدة ولا سلام مع بقاء أسس الإستغلال والتهميش والتبعية المحلية والدولية وكيف تكون البلاد حرة مستقلة مالم تكن الطبقة العاملة والأقاليم حرة؟ كان الأفضل لصياغة المشروع أو لطرحه على المؤتمر أن يذكر: هذه رؤيتنا لتغيير الوضع من حالة الإستغلال والتهميش إلى حال أفضل لإشتراك المواطنين في السيطرة على موارد حياتهم وسلطات تنظيمها، ولحرية وتساوى الأقاليم في الحقوق والواجبات.
2- الطرح المختل في مشروع البرنامج للتغيرات في العالم : قدم مشروع البرنامج تغيرات الوضع الدولي بإعتبارها: (أ) إنهيار المعسكر الإشتراكي و(ب) نجاح للرأسمالية و(ج) هيمنة الولايات المتحدة و(د)حركة ضد العولمة . و(هـ) صحة الماركسية (دون ذكر اللينينية).. [ الفقرات مذكورة بتصرف] لتوازن المعلومة كان على المشروع أن يذكر بذات القوة التي ذكر بها التغيرات السابقة (أ) التقدم الوطني الديمقراطي في الصين وفي قارة أمريكا الجنوبية ، و(ب) فشل الرأسمالية في الخروج من أزمتها الموضوعية (= إرتفاع تكاليف الإنتاج وإنخفاض قدرات الإستهلاك) بل وتفاقم هذه الأزمة منذ نهاية القرن العشرين وحتى الآن أغسطس 2008 ، (ج) فشل الولايات المتحدة في تأمين سيطرتها وهيمنتها مع منازعة القوى الدولية والمحلية الأخرى وفشل سياساتها في حل قضايا فلسطين ويوغسلافيا والعراق وأفغانستان، فمع تهدم النظام العالمي القديم لم تنجح الولايات المتحدة في بناء نظم وطنية أو عالمية مفيدة في حل الأزمات الرئيسة في العالم (د) نشاط الحركة ضد الرأسمالية في قلب الحركة ضد العولمة بكل منتدياتها الإجتماعية وإستعادة الأحزاب الشيوعية لحيويتها وتفتح حركات المقاومة المدنية والمقاومة العسكرية وإنتصار بعضها في أمريكا الجنوبية، نيبال، قبرص، إضرابات غانا، ومصر، وكينيا..إلخ) و(هـ) تفتح منافسة قوى دولية جديدة في مجال الإقتصاد الرأسمالي العالمي. وهذا الطرح المختزل لتغيرات الوضع الدولي الذي يقدمه هذا الإنتقاد أكثر توازناً من الطرح الوارد في المشروع الذي يبدو إنه تم وضعه قبل زمن طويل مع إضافة تغيرات الصين وأمريكا الجنوبية والحركة ضد العولمة بصياغة ضعيفة (عمومية) في فقرة وضعت بائسة مفردة عن الفقرات اليمين التي أوردها الصائغ بإحكام وقوة وتميز.
3- تغبيش الأزمة في الأحزاب الشيوعية: حاول مشروع البرنامج تناول قضية مصطنعة هي قضية حرية أو سجنية أو ضيق "التفكير الماركسي- اللينيني" [لا كما قال: "الفكر الماركسي"] وهي قضية منشفية مفبركة ضد الإتجاهات اللارأسمالية الناجحة في عهد إستالين. فالمشروع كما هو في نص فقرته المعنية يطرح وجود جمود في ما يسميه وآخرين خطأ بإسم "الفكر الماركسي" وفي جهة أخر يقر بإنفتاحية هذا الفكر وسلامة إستنتاجاته الأساسية!!؟ للخروج من وحل هذا الإتهام الضعيف وهذه الصياغة النقيضة لذاتها كان على صائغ المشروع إظهار الأزمة الرئيسة في تاريخ التفكير والنضال الشيوعي وهي: أزمة التناسب الزماني والموضوعي بين تغيير حالة القوى المنتجة وتغيير حالة علاقات الإنتاج، أي أزمة الصراع حول زمن وطبيعة الثورة وطبيعة الإشتراكية الذي بدأت بواكيره في كل ثورات الحداثة ضد الإقطاع قبل الماركسية وتطور عبر إنقسام رابطة العدل وعصبة الشيوعيين حيث أُتهم ماركس وأنجلز بالجمود وحيناً بالنزعة السياسية وحيناً بالنزعة الإقتصادية وغيره مما تطور بعد ذلك إلى صراع المناشفة والبلاشفة حيث كان المناشفة يمثلون البرجوازية واليهودية السياسية ضد الإقطاع والقيصرية وكان البلاشفة يمثلون النزعتين العمالية والوطنية ضد الإقطاع وضد الحداثة الرأسمالية، ثم تطور الأمر في ظروف محلية إتسمت بالحرب الباردة بين اليهود والروس وقوميات المسلمين وظروف دولية إتسمت بالمنازعة الأمريكية لعرش الإستعمار البريطاني ثم بلغ الأمر داخل روسيا بعد المؤتمر العشرين لحزب السوفييت (فبراير1956) حالة التحول إلى ضد ومع المؤتمر مما لم ينتهي حتى الآن لا بحل الإتحاد السوفييتي ولا بتقدم الصين وإن ظهرت بعض معالمه الموجبة في تغييرات أمريكا الجنوبية وتقدم حركات الهامش في العالم وفي السودان تطالب بالإشتراك في ثروة الموارد وفي سلطة تنظيمها وحكومتها، أما في حزبنا فلم نزل نرى رفع مستوى القوى المنتجة مع تأجيل تغيير علاقات الإنتاج لحين توفر ظروف وإمكانية نجاح التغيير فيها، بينما من غير المنطقي رفع مستوى القوى المنتجة بالعلاقات التي تولد تخلفها!!؟
بالطبع الحديث عن إستغلال الرأسمالية وتهميشها للموارد المادية والبشرية والثقافية ولحاجات وقدرات المجتمع يفرض موضوعياً تغيير علاقات الإنتاج، ولكن الإتجاه البرجوازي الصغير ربيب المدن السائد في أول وآخر مشروع البرنامج الجديد كان ولم يزل يميل إلى تغيير النظام المطفف للحياة والمعيشة في السودان بالتوافق أو بالتعاون مع القوى الرئيسة في السودان منصرفاً عن الثورة عليها توخياً لسلامة الحزب والمجتمع من التغييرات الشديدة العاصفة وهو في هذا التوخي إنما يختار بالفعل الموت البطئي والهجرة لأهل المدن، والموت الأسرع والنزوح لأهل الريف.
4- الإختيار اليميني من المتناقضات في برامجنا ووثائقنا السابقة: في ناحية شكلية لتوكيد المحلية والوطنية والواقعية وحتى في نزعة غرور أكد المشروع (يمثل هذا البرنامج خلاصة ما نادينا به للتغيير السياسي الاجتماعي الديمقراطي، وينبثق من واقع ما راكمنا من خبرات عبر نضال يومي مرير لأكثر من ستين عاماً وسط الجماهير، تجسيداً لهمومها وبلورة لتطلعاتها المشروعة. )) ((وهكذا فإننا نواصل السير قدماً على خط تطوير ما طرحنا من برامج متعاقبة وما أصدرنا من وثائق. نسقط ما عفي عليه الزمن ونجلي ما لا يزال ضمن مهام الفترة القادمة.)). هنا أسئلة: كيف تحول هذا المشروع إلى "خلاصة "؟ وبأي عمليات حذف أو إضافة وفي أي موضوعات؟ ما هي حيثيات ذلك؟ أمجرد إنتقاء بالحدس والتخمين دون حيثيات؟ وإن كان هذا المشروع الذي إنطلق في تسمية نفسه برنامجاً هو "خلاصة" ما هي فائدة تقديمه إلى مؤتمر؟ كيف حدد فيه أن شأناً طبقياً كعلاقات الإنتاج عفا عليه الزمن؟! وهل تحل التناقضات الرئيسة والثانوية بكشط عليه ملاحظة عفى عليه الزمن؟ ما هي الأدوات الموضوعية التي حدد بها المشروع ملامح الفترة القادمة ليكون إنتقاءه لما عفى عليه الزمن في علاقات الإنتاج إختياراً منطقياً ؟؟
عدد المشروع وثائق الحزب التي ركن للإقتباس أو الحذف منها في عملية تنقيح مفترضة كأصل لإيجاد مشروع البرنامج بأنها: ((برنامج الحركة السودانية للتحرر الوطني(1949) وبرنامج المؤتمر الثالث (1956) ووثيقة المؤتمر الرابع الأساسية (الماركسية وقضايا الثورة السودانية) ودستور الحزب الصادر عنه(1967) ومساهمة عبد الخالق محجوب نحو المؤتمر الخامس (حول البرنامج) (1971) وبرنامج الحزب الانتخابي بعد الانتفاضة(1986) والوثيقة التي أعدها الحزب ليقدمها أمام المؤتمر الدستوري الذي لم ينعقد بعنوان ( ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد)(1989) وما أسهم به الحزب مع فصائل التجمع الوطني الديمقراطي، خاصة في مؤتمر القضايا المصيرية (1995)وجملة وثائق دورات اللجنة المركزية للحزب خلال الفترة (1967-2008)) وهي بالطبع وثائق متناقضة بعضها ضد الطريق البرلماني وبعضها معه، وبعضها مع التأميم كضرورة لتخطيط الإقتصاد وبعض منها ضده كمنفر لحرية الإستثمارات الإجنبية، وبعضها ضد الطائفية كأصل في الحياة السياسية وبعضها متوافق معها! هنا يبرز سؤآل أساس: كيف حل المشروع كل تناقضات هذه الوثائق؟ كان أفضل لو ذكر بوضوح إنه للأسباب 1-...و2-... و3-...تبنى من هذه الوثائق الخط الإصلاحي ورفض خط التغيير الجذري! ولكن القول بأنه مستند في وزنه للأمور وفي تقديره لقوى ولإتجاهات الحركة الإجتماعية ولقوى وإتجاهات الحركة السياسية إلى مجموعة وثائق فيها تناقضات أساسية إستخلص منها ما يراه صالحاً فقول ضعيف المنطق.
5- ضمن هذا المنطق الإنتقائي الضعيف إعتمدت مقدمة المشروع لتبرير وجوده بهذا الشكل المتناقض إطارين متناقضين دون أن تطرح إمكانية المطالبة بالتغيير فيهما وفي إتجاهاتهما في سياق تقدم مجتمعات السودان من حالة الحاجة لضرورات العيش والحياة والتكالب عليها إلى حال الحرية والكرامة من هذه الحالة. تلك الحرية التي تشكل فيها الديمقراطية الإقتصادية الإجتماعية أساس التخطيط والتنمية والتنظيم العام للحكم في ديمقراطية شعبية تختلف عن الديمقراطية الليبرالية القائمة على حرية تملك الأفراد لموارد المجتمع وحرية متاجرتهم بها! وقد كان الإطارين النقيضين لبعضهما هما:
1- إطار بعض إصطلاحات إشتراكية حددها: "الحزب"[دون تعريف شيوعي أو غيره]، "الماركسية" [دون لينينية]،"العلم"[دون إيضاح سياقه الطبقي] "التغيير الاجتماعي" [دون هوية طبقية] "السلطة الوطنية الديمقراطية"[دون طبيعتها الطبقية]، "الأفق الاشتراكي"[بينما الإشتراكية ضرورة للتقدم الإجتماعي من حالة الحاجة إلى ضرورات الحياة]، "الإصلاح الزراعي"[بدون هوية طبقية] والرأسمالية الطفيلية [وهو إصطلاح متناقض المنطق]، و"الاستعمار الحديث"[مع قبول حرية تملك الأفراد لموارد المجتمع ] وفي هذا الإطار الإصطلاحي الضعيف يستبعد صائغ المشروع دور علاقات الإنتاج في توجيه الإنتاج والحياة الإقتصادية-السياسية وثقافاتها إذ أخرجها الصائغ من الإعتبار بربط مبهم لصلاحية الإصطلاح العلمي وقراره في البرنامج بـ((عشرة الجماهير معه !!)) حاكماً وجود إلإصطلاحات الإشتراكية العلمية بالإلفة والعشرة مع الناس في بلاد تعاني فيها الأمية من الجهل ويعاني فيها الجهل من الأمية.
2- الإطار الثاني الذي عمده الصائغ كظرف لمشروعه وطبيعة وضعه بهذه الصورة المتناقضة هو الإتفاقات الإمبريالية التي فرضت بوقائع السياسة والضغوط الدولية على أطراف الصراع الطبقي- الإقليمي في السودان: ((إتفاقات نيفاشا والقاهرة وابوجا واسمرا، بطابعها الثنائي الذي يشكل المهدد الرئيسي للوحدة الوطنية والذي يمكن تجاوزه بعقد مؤتمر قومي لتطويرها وإزالة نواقصها. )) هنا سؤآل: إن كان المؤتمر القومي المنشود سيحل أزمة هذه الإتفاقات فلماذا نستند إليها الآن وهي مأزومة؟ كان الأفيد أن نقدم كحزب شيوعي ضمن مشروع البرنامج الخطوط العامة الطبقية والإقليمية لحل الأزمة الرأسمالية في السودان مع شيئ من التفصيل، بحيث تكون هذه الخطوط هي البديل لنظام إحتكار الثروة والسلطة القائم في السودان منذ ما قبل (الإستقلال).أو التمام الموضوعي لما نقص في بنية وتفاصيل هذه الإتفاقات الموقوتة.
إضافة إلى إهمال الصياغة إن هذه الإتفاقات ذات آجال زمانية موضوعية منقضية تموت بها فعليةً مثل كل المواثيق والعهود والدساتير التي أكلتها الظروف والقوى والشروط الرأسمالية في السودان مثل إتفاقية أديس ابابا للسلام (3-3-1972) التي كان اجلها الزماني سرمداً وكانت ذات ضمانات دولية تبخرت وقت الحاجة إليها فكذلك عملية وضع إتفاقات جديدة بإسم إتمام نواقص الإتفاقات الثنائية كان يتطلب جاهزية أفضل في مشروع البرنامج بدلاً من ترحيل الموقف إلى حالة تلتيق ولفق شغل ملتق ملفق.
2- إنتقاد محتويات مشروع البرنامج:
1- إنتقادات تناول المشروع لموضوع الديمقراطية:
(أ) تصوير"الديمقراطية" كنظام للتنوع والتعدد دون إيضاح تفاوت مضمونها الطبقي في كل مجتمع:
في تقديم الجزء السياسي ذكرت الديمقراطية بصيغة عموم دون إيضاح الفرق بين الديمقراطية في النظام الليبرالي الذي تحكمه حرية تملك الأفراد لموارد حياة المجتمع، والديمقراطية في نظام الحكم الشعبي الذي يسيطر فيه المجتمع على موارد حياته، وهو فرق هائل. ومع الإستغراق في ذكر التنوع والتعدد غُيبت حقيقية ان الديمقراطية بشكل عام هي نظام لحكم المجتمع بواسطة أكثرية الأشخاص المصوتين في إنتخاباته ونمط لإدارة الأرآء في شؤون الحكم وفق قوانين مساوية بينها دون ذكر طبيعتها الطبقية، قال: ((قام حزبنا منذ الاستقلال بطرح موضوعة الإقرار بواقع التعدد والتنوع كسمة شاملة للسودان باعتباره ضرورة لا غنى عنها لتأسيس مشروع وحدوي للنهضة والتطور. والآن تكاد كل القوى السياسية والفكرية تجمع على إن السودان وطن متعدد ومتنوع الأعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والثقافات. ولم يعد هذا مجرد أطروحة في مجالس الدوائر المستنيرة والدراسات، بل أصبح كثيف الحضور في خضم الصراعات السياسية والاجتماعية الدائرة بمختلف الأشكال.)) في هذه التعديدات أسقط الصائغ الإنقسام والتعدد الطبقي في المجتمع وأثره الضار على الوحدة الشعبية والوطنية وإعاقته التمازج القومي ومع إغفال الإنقسام الطبقي لم تهتم الفقرة طبعاً بضرورة علاج أسبابه .
في سطور البرنامج لم توضح مقدمة الجزء السياسي للمشروع بصورة إنتقادية مختصرة الأسباب التحتية أو الأساسية لفشل الديمقراطيات الليبرالية الأوربية والأمريكية في تجاوز عمليات الإستعمار القديم وعمليات الإستعمار الحديث، أو أسباب فشلها في الحل الجذري لتواصل إنحدار مستويات المعيشة والضمان الإجتماعي لضرورات الحياة بالنسبة لأكثرية سكان دولها، أو لفشل الديمقراطيات الليبرالية في حل أزمات الإستعمار الداخلي (آيرلاند، إسكوتلاند، ويلز، كورسيكا، الباسك، كاتالونيا، ويلز، بلجيكا..إلخ ) أو أزمات التطور المتفاوت والتبعية الداخلية في بلادها وسوء توزيع الموارد!!. كذلك في المستوى السوداني أغفلت مقدمة المشروع الأسباب الأساسية لفشل النظام الديمقراطي الليبرالي ثلاثة مرات ونصف في السودان ولأكثر من هذا العدد في عموم المنطقة الأفريقية والعربية، كما أهملت الطبيعة الحاضرة للتغيير ضدالليبرالية وأسسها في قارة أمريكا الجنوبية..
لإيضاح موضوعية الحل الثوري الوطني الديمقراطي ولإجتناب غموض وضباب تقديم الجزء السياسي كان من الملائم أن يقدم في سطر واحد أو سطرين إيضاح بسيط للحاجات الأساسية لأكثرية السكان في السودان، وفشل النظم القديمة في علاجها ومن ثم تحديد الشكل السياسي الديمقراطي الشعبي لأحوال تملك اناس موارد ووسائل حياتهم وطبيعة نفعهم بها ومن ثم أسلوبه لإقرار و إدارة التنوع في المصالح والأرآء. أما القول المطلق بأن الديمقراطية = التعدد حاف! ففيه تغبيش لتفاوت المضمون الطبقي والثقافي الإقتصادي –الإجتماعي لكل نوع من أنواع الديمقراطية وفيه مساوآة بين الحلول الإصلاحية بطابعها الفوقي والشكلي والجزئي والحلول الجذرية بطابعها التأسيسي والتغييري الشامل. كذلك تجاهل العلاقة بين الحاكمية في المجتمع وأسسها والحاكمية في الدولة وأسسها، مما لا مخرج ديمقراطي منه إلا بنظام "الحكم الشعبي" وإنتخاب المجالس الشعبية والتنفيذية من القرية والبادية وصولاً إلى الجمهورية ومن ثم إلى إتحاد جمهوريات، لتأخذ الديمقراطية المضمون الشعبي لها طبقياً وإقليمياً دون تمايز أو إنفصال بينهما.
(ب) إسقاط دور "نظام تملك الموارد" و"الوضع الطبقي" في تفاقم حالة الإستغلال–التهميش في مجتمعات السودان وأقاليمه:
بتجاهل الجزء الأول من مشروع البرنامج الدور الأساس لنظام تملك موارد العيش والحياة والآليات الطبقية لتوزيع الموارد والجهود والمنافع المنتجة منها بين الناس حصر الجزء السياسي من المشروع إجراءاته في إحترام التعدد والتنوع في المجال الثقافي الشكلي وفي القانون وفي دعوة عموم للتمييز الموجب لمهمشي الوطن كافة (النساء والمجموعات الإثنية دون العمال والزراع) وليس لإلغاء أسس التهميش!؟: قال: (( 1-. أن يشكل التعدد والتنوع المكوّن العضوي لثقافتنا الوطنية، بمنابعها وتعبيراتها المختلفة دون قهر او وصاية . وأن يشكل ذلك بالتالي عظم الظهر لكل السياسات الإعلامية والتربوية والإبداعية . 2-. إدانة الاسترقاق وتجارة الرقيق بوصفهما وصمة في جبين الإنسانية ودملاً خبيثاً في تاريخنا الوطني. 3. جعل التمييز والاستعلاء بدوافع العرق او الجنس او اللغة او الدين او الثقافة فعلاً محرماً ومدموغاً على مستوى القانون ومستوى الوعي الاجتماعي الثقافي العام. 4-. التمييز الايجابي لمهمشي الوطن كافة: النساء والمجموعات الإثنية في المناطق الأكثر تخلفاً.)) والمشروع هنا -كما في المقدمة العامة- يسقط أهم مقومات التاريخ الإجتماعي وأسسه الموضوعية المادية في الإنتاج وفي العلاقات الطبقية لهذا الإنتاج مواشجاً بهذا الإسقاط تصفية الحزب الشيوعي من المقومات الموضوعية لكينونته بدعوى أن يكون حزباً لكل الطبقات!
كان الإنجع لموضوعية وشعبية الحزب وشيوعيته بدل المخاتلة أن يقوم الجزء السياسي من المشروع بإيضاح طبيعة وأسباب الإستعلاء والدونية في توزيع الموارد العامة فهما -كما كل البلاد الشبيهة- نتيجة للآتي:
1- الطبيعة الطبقية الرأسمالية لنظام التملك المالي للموارد وتوزيعه المطفف المبخس لجهود إنتاجها والمحتكر لمنافعها،
2- تفاوت التحكم في توزيع الموارد بين المنتجين والمُلاك، وكذلك بين المركز والهامش وتضاعف هذا التفاوت وتفاقم آثاره من مجافاة القسط في تقسيم ثمرات الإنتاج ومنافعه.
بعد سطرين أوثلاثة يوضحان الطبيعة الطبقية لعملية الإستغلال والتهميش وتبلورها مركزاً وأقاليماً كان للمشروع أن يقدم النظام السياسي المختلف الذي يرومه الحزب الشيوعي السوداني لتغيير هذا الوضع. لا أن يجعل النظام السياسي والإقليمي مفصولاً من الحقيقة التاريخية لوجود الطبقات والنظام الطبقي في السودان زالفاً لنتيجة الإستعلاء والتهميش النابعة من هذا النظام، مما صار به حال المشروع وحال الحزب هو التعلق بالفروع الصغيرة وبالنتائج الثقافية العنصرية دون الأسباب الطبقية.
2- تجاهل الفرق بين الديمقراطية الليبرالية كشكل للتسلط وديمقراطية الحكم الشعبي كشكل ومضمون للحرية:
وضح الجزء السياسي من مشروع البرنامج جهد الحزب الشيوعي في صقل كينونته الديمقراطية جهة النقابات والتكوينات الإجتماعية لينفذ من تعدديتها إلى نتيجة إفترضها المشروع هي القبول بالتعددية في صيغتها الليبرالية! وإن أضمرت وأدغمت هذه الصيغة الليبرالية في إصطلاح "التعددية" التي إن أخذت في سياق صياغة الفقرات السابقة واللاحقة لوضح إقتناع صائغ المشروع مشروع البرنامج والذين وافقوا عليه بعد تمحيص بحرية تملك الأفراد موارد المجتمع.
كان الأولى في مشروع البرنامج بدلاً من القيام بمهمة الأحزاب الليبرالية في الدعاية الفجة لتعدد حزبي شكلي أن يقوم بعرض مكون من بضعة سطور يقدم به المقومات الموضوعية لضرورة الحكم الشعبي وإمكان لجمه التفاوت الطبقي والإقليمي.
بدلاً لذلك إتجه المشروع لتعديد إستنتاجات تتعلق بفشل نظام الحزب الواحد، دون أي إستنتاجات تتعلق بفشل نظام التعدد الحزبي أو بالأدق فشل نظام الديمقراطية الليبرالية، مكتفياً عن هذا بمناهضة شكلية لنزعة الإنقلاب العسكري على أسلوب إدارة الحكم، إذ إبتعد المشروع عن تناول السبب الرئيس للإنقلابات العسكرية وهو فشل النظام الرأسمالي (الليبرالي) سواء كان حزبياً أو كان عسكري الشكل في حل أزمات العيش والحياة بالنسبة لأكثر الناس والمناطق مما ينهي بالفعل صلاحية الديمقراطية التي تصونه. كذلك لم يذكر الجزء السياسي شيئاً عن تخلف النشاط الشيوعي -لظروف عددا- عن تحقيق تغيير هذا النظام بداية من أضعف حلقاته في مناطق التماس بين الريف والمركز في ضواحي المدن وفي مناطق الصراع الصريح. وفي كل أغفل صائغ هذا الجزء من مشروع برنامج الحزب ان الإنقلابات نتيجة لأزمات المعيشة وفشل السياسات الليبرالية في علاجها ولفقد نظام التحزب صدقه بإجتماع المصالح التجارية والسياسية في أحزابه وحكوماته الرأي والحكم فيه دولة للأغنياء!
الحل الأمثل مع إحترام حقوق الإنسان هو في تفعيل الحكم الشعبي بتحرير تمويله ونشاطه من السيطرة المركزية والرأسمالية
3- في تثبيت دولة التهميش الرأسمالية بإنتقال شكلي آخر إلى التعدد الحزبي والعلمانية!
أ- حصر صائغ هذا الجزء من مشروع البرنامج أهداف الإصلاح الديمقراطي في جهاز الدولة والمجتمع في(انتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي)) ومثالب هذه الفقرة هي:
1- إغفال أن نظام تعدد الأحزاب والعلمانية فشل في البقاء في الظروف الرأسمالية وتدهورت معها أمور الحكم والمجتمع.
2- تجاهلت الفقرة أن مصالح التراكم والنشاط الرأسمالي الدولية والمحلية أدت بأشكال مباشرة وغير مباشرة إلى تحور الدولة العلمانية المتعددة الأحزاب إلى دولة أكثر واحدية في إطارها العام وأكثر تمزقاً في تكوينها الثقافي الطبقي والسياسي.
3- خطأ الدعوة للإنتقال السلمي من هذه الحالة بواسطة برنامج ليبرالي لا إشتراكي سواء كان محلي الصناعة أو بواسطة الضغط والتدخل الدولي فهي دعوة متأخرة عن طبيعة المرحلة والفترة التاريخية التي يعيشها المجتمع فإضافة إلى ربط الكثير من تكوينات السودان التحتية والفوقية بالنشاط الرأسمالي وتحويله محوراً لعيشها فرضت الدولة القائمة بإتحاد قوى رأس المال والجيش والأمن وجهاز الدولة في الحكم والسوق الطابع العسكري على أسسها وعلى مستقبل البلاد.بحيث لا يمكن الفكاك بشكل واحد سلمي أو غيره من أسرها؟ كما إن إسقاط السلطة بالإنتفاضة والعصيان هو عمل غير سلمي شكلاً ومضموناً، وكذا إسقاط السلطة الحاكمة بتضافر القوى الثورية والوطنية في المدن مع القوى الثائرة في الريف أمر يخالف الرؤية السلمية لصائغ مشروع البرنامج.
كان الأسلم لمشروع برنامج الحزب الشيوعي إيراد فقرة تقر بحالة تعدد وسائل النضال في مختلف مجتمعات السودان وأن توزع وتنوع هذه الوسائل والزيادة العددية والنوعية في نشاطاتها تلزم الحزب بتغييرات تفعل تكوينه ونشاطاته ضد الإستغلال والتهميش
ب- بدلاً للإقرار والإعتراف بحالة تعدد وسائل النضال وإختلاف أشكال مقاومة المظالم في مجتمعات السودان نحت صياغة مشروع الجزء السياسي من البرنامج إلى المطالبة بإصلاحات سياسية وقانونية ليس بالإمكان تحققها دون تغيير شكل التمثيل السياسي في السودان ودون وجود حزب شيوعي: ففي 16 فقرة أوردت الصياغة أهمية كل من: ((المواثيق الدولية ، حقوق الإنسان، الإصلاح القانوني، إستقلال القضاء، النقابات، محاربة الفساد، حرية التنظيم، حرية الصحافة، حرية وقومية الإعلام، الحرية الأكاديمية، حقوق المغتربين، قومية الخدمة المدنية، عدالة الأجور ، إقرارات الذمة، خفض تكلفة إدارة مؤسسات الدولة، قسط نشاط الأجهزة الأمنية، جمع السلاح وحل المليشيات، قومية ورقي القوات المسلحة وتأهيلها)) مع هذه الأمور المهمة كان من الضرورة لإيضاح موضوعيتها وتحقيقها:
1- إيضاح الأزمة السياسية الأساس في السودان وهي إنفصال شكل التمثيل السياسي عن الطبيعة الإقليمية والطبقية للمجتمع.
2- المطالبة بإعادة تكوين الدولة على أسس إتحادية وبتمثيل مباشر للنقابات والإتحادات المهنية في البرلمان،وتمثيل للمؤسسات العلمية، وكذا تمثيل مباشر للقوات النظامية في الدولة، وأيضاً لممثلين مباشرين لمجلس عام لمنظمات المجتمع المدني.
3- بيان ان عدم تمثيل هذه القطاعات من المجتمع في الجهاز السياسي المركزي للعملية الديمقراطية أدى لأن تكون كينونة الدولة دولة بين الأغنياء لا صلة لقياداتها بأوجاع وآمال القطاعات المنتجة والمهمة لوجود وإدارة المجتمع. ولا بالتوازن بين أقاليم السودان في الحقوق والواجبات، وان الواجب العام على حزبنا بشأن هذه الحالة هو المطالبة بتغييرها لا تجاهلها وتفتيت حقائقها.
4- المصالحة مع النظام الليبرالي الذي يولد الإنقلابات والقمع والتعذيب:
في ثلاثة فقرات مثلت حوالى 21 سطراً سردت صياغة هذا الجزء من مشروع البرنامج إنتهاكات النظام الحاكم لحقوق الإنسان في مستوى المعارضين السياسيين وكذلك ضد عموم السكان وبينت الإتفاقات التي عقدت ونكص قيادة الحكم عن إنفاذها والدستور المتصل بها وبقاء ذلك الإنفاذ مهمة للدفع الجماهيري! ثم قفزت الصياغة من هذه المهمة التي تركت لشأنها لتتحدث في 22 سطراً عن تفاصيل عملية مصالحة ناجحة،! ناسياً المهمة الموضوعية لمشروع البرنامج في علاج الوضع السياسي الإقتصادي الذي أنتج نظام30 يونيو 1989 بكل إنتهاكاته. ميل المشروع إلى التصالح السياسي تم بتهميشه الوضع المتناقض للمصالح الطبقية والإقليمية، وحتى بإستغلالها كغطاء سياسي للعودة إلى الوضع السابق لـ 30 يونيو 1989رغم ظهور تناقض القوى والمصالح والمطالب الشعبية مع أساس النظام الليبرالي الماثل في حرية تملك الأفراد لموارد حياة الناس. فمرة أخرى يتجه تفكير صياغة هذا الجزء من البرنامج بشكل مثالي عجوز إلى علاج المظهر والنتيجة دون علاج السبب والعلة الأساس وهي الظلم والقهر الطبقي والإقليمي!
5- في اللامركزية وإستقلال وإتحاد جمهوريات السودان:
أقر مشروع البرنامج في 9 فقرات بجدوى إستقلالية أقاليم السودان والوضع الخاص للجنوب وجدوى الشكل الإتحادي للدولة ولكنه مع كل هذا التفصيل غفلت الصياغة عن أهم النقاط التي حدت تبلور مشروع اللامركزية في الحياة السودانية وهي:
1- مسألة التمويل فلابد من إستقلال كل إقليم بموارده العامة ثم الدخول بها في حساب قومي مشترك خاضع لإدارة ديمقراطية شعبية مما يختلف عن النظام المركزي الذي يجمع الموارد المالية في الخرطوم ثم يوزعها وفق إرادة أصحاب السلطة المركزية وإن كانت ذات شكل إتحادي وهنا ضرورة قيام مشروع البرنامج بتوكيد ان لامركزية المالية العامة هي عصب النظام اللامركزي.
2- في القسم المتعلق بضرورة الأسلوب اللامركزي لصلاحية حكم السودان والنسق الشعبي المحلي والإقليمي لهذا الحكم من المهم التقدم بإيضاح بسيط للحقيقة الموضوعية التي صاغها مع أخرين من علوم الإدارة العامة المرحوم د. جعفر محمد علي بخيت حول ضرورة اللامركزية المالية لأمور الأقاليم لقيام نظام لامركزي حقيقي في مجال إدارة أقاليم الدولة لشؤونها وعلاقتها بالدولة وإلا تحول حكم الأقاليم إلى مجموعة وظائف نفقتها أكثر من كسبها.
3- لصدقية تغيير وقائع الحياة السياسية السودانية وإخراجها من حالة الإستغلال والتهميش والتمزق كان ضرورة تقدم مشروع برنامج الحزب الشيوعي بطرح إستفتاء لكل أقليم في السودان حول إستقلاله كجمهورية وإتحاده مع الأقاليم | الجمهوريات الأخرى على أساس السوية بين هذه الأقاليم|الجمهوريات في الحقوق والواجبات والإسهام النسبي لها في تقويم الدولة الإتحادية لجمهوريات السودان والإشتراكية بينها في موارد الدولة الإتحادية وسلطاتها وجهودها ومنافعها ، فلا يمكن تقدم دولة بأقاليم تابعة مستضعفة.
6- قيام صياغة الجزء السياسي بتحوير طبقي لطبيعة "السلطة الوطنية الديمقراطية" ومسخها إلى سلطة ليبرالية:
بدلاً أن يوضح مشروع البرنامج سعى الحزب الشيوعي لتأسيس شكل تغيير جذري إقتصادي إجتماعي سياسي ثقافي جديد سمت صياغة مشروع برنامج الحزب الـ(؟؟؟؟)عملية الرجوع إلى النظام الديمقراطي الليبرالي ((تأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية)) !؟ إسماص على غير مسمى وأهم ما يكشف طبيعة ليبرالية هذه السلطة إبهام الصياغة العلاقة بين المضمون الإقتصادي الإجتماعي وطبيعة السلطة وعناصرها حيث قال: ((1. تعبر تركيبتها السياسية الاجتماعية عن تحالف عريض لكل التنظيمات السياسية /القوى الوطنية الديمقراطية ولا ينفرد بها أي منها.2-.لا تتقيد بأيدلوجية بعينها. .3 تعتمد السلطة الوطنية الديمقراطية سياسات ومبادئ الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية والثقافيـة .4-الديمقراطية البرلمانية تدعم بالديمقراطية المباشرة التي تمارسها الجماهير عبر تنظيماتها.5-. تبتكر مختلف الآليات والقنوات المحكومة بالقانون واللوائح من اجل تعميق المشاركة الشعبية في العملية الديمقراطية وإتاحة الفرصة إمام أوسع القطاعات للتعبير عن رأيها بحرية ولممارسة حقوقها في المواطنة وصنع القرار)) ] في هذه الفقرة الخماسية الخالية من أي ملمح طبقي لارأسمالي إقتصادي إجتماعي ثقافي يلاحظ بها إدغام الشكل السياسي الوطني الديمقراطي بالشكل والمضمون الليبرالي الذي إستمر فشله في حل أزمات الإستغلال والتهميش ونتائجها تبعية وتخلف وفقر وأمية التي عاقت تقدم السودان من سنة 1899 وإلى مستقبل سنة 2099
لتجاوز موضوعي في هذه الفقرة لآيديولوجيا نهاية التاريخ وإغلاقه على النظام الليبرالي المضاد بطبيعته للتنمية المتوازنة وبدلاً من تشبث صائغ هذا الجزء من المشروع بأسس وشكليات النظام الليبرالي وحرية تملك الأفراد لموارد حياة المجتمع تحت المسمى التمريري المخاتل "تأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية" ، كان مهماً إدراك أن مهمة برنامج الحزب هي فتح آفآق المستقبل لا إجترار الماضي والعزف على أوتاره التي إهترأت بمآئة سنة ويزيد من الإستغلال والتهميش وتفاقماتهم. ومن الوعي بهذه المهمة كان الأجدى لمشروع البرنامج أن يطرح في سطور قليلة مسألتان هما:
1- ضرورة حدوث تغيير جذري في طبيعة الحياة السودانية.
2- ان هذا التغيير تلزمه سياسة حديثة وسلطة وطنية ذات مضمون إجتماعي وإقليمي موصول بحاجات وقدرات أكثرية الناس مثلما تلزمه ديمقراطية جديدة تعبر عناصرها وآلياتها عن عملية رفض بنية الإحتكار الرأسمالي في الإقتصاد وفي الحكم.
إنتقاد الفصل الثاني المتعلق بالاقتصاد
1- بعد الإقرار بفشل الرأسمالية، مواصلة الصياغة في تجديد التبعية لسياساتها :
أكد مشروع البرنامج بوجه حسن على فشل التنمية الرأسمالية التابعة قال ((لم تفلح سياسات التنمية الرأسمالية التابعة في انتشال البلاد من وهدة التخلف، إذ فشلت في توحيد البنية الاقتصادية المفككة وفي إقامة السوق الوطنية الموحدة مترابطة الأطراف، وفي تحقيق الاستقلال الاقتصادي. بل كرست التخلف والتبعية لمراكز الرأسمالية العالمية)). وبشكل طفيف تم إيضاح التوافق في مشروع الخصخصة بين رأس المال العالمي والإسلامي ثم بين بالأرقام معدلات فشل التنمية بالأسلوب الرأسمالي فوضح معدل النمو العام = 4.2%مقارناً بمعدل زيادة السكان = حوالى 2.6% دون إيضاح معنى زيادة السكان في زيادة إستهلاك الموارد لنفهم فقر نسبة النمو العام.
في جانب أخر قدر المشروع ان الزراعة تشكل حوالى 30% من الإنتاج وأن النفط يقدم حوالى 15% من الموارد بإختلاف عن أرقام حزبية أخرى تقدر إسهام النفط بأكثر من 60% من جملة الدخل الوطني! ووضح أن التجارة والخدمات تقدم 40ِ% من الناتج القومي وهي مسألة ضارة بالمجتمع، تحتاج لإيضاح وتصحيح طبقي كذلك بينت فقرة المشروع تدهور المواصلات، وإرتفاع الإتصالات . وفي الختام أوضحت الفقرة ان جملة هذا الوضع تعني ان إنتاج السلع الأولية هو السمة المائزة في الاقتصاد وان القطاع التقليدي رغم أزماته التي يواجهها [الأصح الأزمات التي ينتجها وجوده البطئي في جملة الإقتصاد السريع] لم يزل يمثل مصدراً لمعظم الإنتاج الزراعي – النباتي والحيواني والغابي – والصادرات غير النفطية، ولكن المشروع لم يوضح معنى إشارته إلى قوة القطاع التقليدي؟
في جانب للنتائج من حديث الأرقام البسيط الفصيح أوضح مشروع البرنامج في جزئه الإقتصادي ان(95%-98% من السكان تحت خط الفقر، وإن الأجور الحقيقية تدهورت 66.6% من سنة 1990 وحتى (2008)، وإن معدلات البطالة في الريف والحضر 10.2% إلى 29.4% )) ولكن الصياغة لسبب ما لم توضح الفارق في الدخل بين المدينة والريف بل تركته وأصوله إلى موضوع ان ((النازحون والفقراء ينفقون حوالي 40% من دخولهم للحصول على كميات قليلة من المياه متدنية النوعية. ومع تخلي الدولة عن مسؤولياتها : تبلغ المديونية الخارجية للبلاد حالياً ما يزيد عن .931 مليار دولار. وإن الإنفاق على الصحة = أقل من 1% من الناتج القومي، وعلى التعليم أقل من 0,3 مع ان النسبة في الدول الأفريقية والعربية 5-6% كذلك أوضح التسرب في مرحلة التعليم الأساس يصل إلى 48% ومن الأولي إلى الثانوي 87.4% ومن الثانوي إلى الجامعة 89,2 % وأن هذا موصول بالتفاوت الطبقي والإقليمي الثروة للأقلية والفقر الدقع للأغلبية حيث الـ50% من السكان لهم أقل من 8% من الناتج العام)) أوردت صياغة هذه الإحصاءات بتصرف.
هذه الأرقام الغزيرة تشكل عضم دارسة الجوانب الإقتصادية الإجتماعية للحياة السودانية وهي توضح وفاة الدولة وتهدم المقومات الرئيسة للتنظيم الإجتماعي في السودان ومع ذلك يخرج المشروع بمحاولة أخرى للإستمرار في الطريق الليبرالي الذي خطه بدقة من بداية المشروع يسميه هنا "برنامجاً إسعافياً" مماثل في الإسم والمحتوى الهيكلي لوصفة المؤسسات المالية الدولية حتى في الدعاية لها يقول الصائغ إنه بالبرنامج الإسعافي سيطوق آثار الأزمة ويخفف معاناة الجماهير!
أخطاء الفقرة: يقول الصائغ إنه يطوق بالبرنامج الإسعافي آثار الأزمة ويخفف معاناة الجماهير دون أن تنفي صياغة مشروع البرنامج الأسباب الطبقية والإقليمية التي أنتجت هذه المعاناة وهذه الأزمة التي أكدت مقدمة نفس المشروع إنها أصبحت أزمة مركبة شاملة لا يمكن علاجها بحلول جزئية!؟
ولكن لإبعاد الإنتقاد بالليبرالية أرفق المشروع فقراته بنفي مغلظ قال( مؤكدين في ذات الوقت علي ان السياسات التي كرست التخلف والتبعية بأنها غير مؤهلة لتحقيق تطلعات شعبنا في العيش الكريم وارتياد آفاق التقدم. البديل الموضوعي لتحقيق تلك التطلعات المشروعة هو البديل الوطني الديمقراطي للتنمية الذي نبشر به وندعو جماهير شعبنا لمساندته وتبنيه.)) ولكنه بعد هذا التوكيد سار في نفس خط سياسات التخلف والتبعية تحت مسميات الوطنية والديمقراطية بينما المشروع في جانبه الإقتصادي ليس سوى إصلاح في النظام الليبرالي يهمل التغيير الضرورى في علاقات الإنتاج وتوزيع ملكية موارد ووسائل وجهود ومنافع الإنتاج في المشروعات الزراعية والصناعية والبنوك والسيطرة الإجتماعية الإقتصادية على مفاصل التجارة الداخلية والخارجية
2- التخلي حتى عن مجرد الدعوة لتغيير علاقات الإنتاج في ما سمته الصياغة "البديل الوطني الديمقراطي" !؟: إبتعدت مقدمة فقرة البديل الوطني المزعوم عن مجرد الدعوة لتغيير علاقات الإنتاج مطالبة وحاصرة هذا البديل المزعوم في عملية تنمية حددتها بأنها(تنمية واعية ومستمرة ومتصاعدة تؤدي إلى إحداث تحولات هيكلية وتوليد قوة دفع ذاتية في الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال توسيع وتنويع قاعدة الاقتصاد وخلق روابط عديدة ووطيدة بين قطاعاته وداخلها. وان هذه العملية تشترط توطين التكنولوجيا الحديثة وبناء قاعدة تكنولوجية وطنية باعتبارها أهم مصادر رفع الإنتاجية ووسيلة الاستغلال الفعال للموارد، لبناء اقتصاد وطني متماسك تتعدد قطاعاته وتتنوع منتجاته، يلبي الاحتياجات الإنتاجية والاستهلاكية، وتتوفر فيه الكفاءة لإنتاج وإعادة إنتاج قدراته بوتائر متزايدة، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي. هذا البديل يطرح تنمية ديمقراطية، ومتوازنة ومعتمدة على الذات)) ولكن فقرة المشروع تناقض نفسها بإسقاطها تنمية علاقات الإنتاج مع أن الإنسان لا يمكن ان يطور أي آلة تقنية أو إجتماعية ما لم يطور الصلات أوالعلاقات بين عناصرها.
أخطاء الفقرة: كيف تكون الدعوة إلى تنمية متوازنة ضد التخلف والفقر البنيوي دعوة صادقة وموضوعية دون الحديث عن تغيير علاقات الإنتاج المشوهة والمتخلفة الرأسمالية التابعة التي تنتج مآسي التخلف والفقر السائدة على الطبقات وعلى الأقاليم المستغلة و المهمشة؟
3- إلأقليمية في المعاناة والجهود والنضال والتحرير والمركزية في إدارة الثروة!!: في تخبط موصول بالموقف الشكلي من حرية الأمصار والأقاليم والموقف الساكت عن المركزية المالية ذهبت فقرة المشروع إلى الحديث عن التمييز الإيجابي للمناطق التي تضررت من الحرب ولكن مع مبدأ "قومية الموارد" ووفق سياق ما سبق فالمعني هنا هو نمط السلطة والإدارة المركزية للموارد والإستمرار في تجريد الأقاليم من حقها في السيطرة على مواردها وخنق حرية إرادة سكان كل إقليم في إدخال إقليمهم في تعاهد تكوين دولة إتحادية تتساوى فيها الأقاليم في الحقوق والواجبات العامة. مع هذا الإلتباس إنطلق صائغ المشروع في ذر الوعود متحدثاً عن(تعزيز علاقات التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين أقاليم ومناطق البلاد المختلفة لتصبح هذه التنمية الديمقراطية المتوازنة بحق أداة لصيانة وحدة الوطن وتعزيز السلام الاجتماعي.)) للتاكد من هذا الطرح تنشأ أسئلة هي:
1- ما هي حقيقة السلام الإجتماعي دون أسس طبقية وإقليمية في موصولة بتغيير علاقات الإنتاج التي أهملتها فقرة المشروع
2- ما هي الحكمة في أن يناضل أهل الريف بأموالهم وأولادهم للتخلص من ظلم المركز ليأتوا إليه مرة أخرى لإدارة ثرواتهم؟!
4- إقصاء تغيير علاقات الإنتاج من عملية زيادة الفائض الاقتصادي!: في موضوع وسائل حفظ الفائض الإقتصادي أو زيادته فإن عملية الإنتاج وزيادته عدداً ونوعاً بواسطة الطبقة العاملة والفئات الأخرى للعاملين في الإنتاج تؤدي دوراً رئيساً إستبعده صائغ فقرة مشروع البرنامج بكل هدوء مستغنياً عنه بسياسات فوقية إصلاحية مستهلكة وقديمة للضبط والتنظيم في المجال التجاري والإداري والمصرفي والمالي ومبادرات الجماهير!
خطأ الفقرة:
1- إقصاء تغيير علاقات الإنتاج من عملية زيادة الفائض الإقتصادي، رغم إن تغيير هذه العلاقات هو الأساس الموضوعي لا لزيادة الإنتاج فحسب بل ولتحقيق أي تنمية متوازنة متناسقة الأسس والوسائل والأهداف.
5- تجاهل دور المال كعامل للخلل أو (للتوازن) بين الهيئات السياسية للإنتاج (الدولة والقطاع الخاص والقطاع التعاوني): في حوالى 20 سطراً من ثلاث فقرات قدم مشروع البرنامج العناصر السياسية لتنظيم الإنتاج وملكية موارده وهي "الدولة" و"القطاع الخاص" و"القطاع التعاوني"، منادياً بتفعيل دور الدولة في المستويين الرئيسي والإنتاجي المباشر وفي مجال الخدمات ونبه لضرورة التحسين العددي والنوعي في وحدات القطاع التعاوني وحماية وتشجيع القطاع الخاص المنتج قال( تنحاز السياسات الاستثمارية والمالية والنقدية والتجارية دون مواربة للمنتجين بغض النظر عن انتمائهم القطاعي أو الاجتماعي)) ولكنه في فقرة لاحقة في مجال التمويل نحا لتشجيع الرأسمالية في القطاع المصرفي بينما ممارسات المصارف الخاصة ممارسة معروفة في السودان العالم كله بأنها ضد تنظيم الإقتصاد والتجارة حيث تربح البنوك من عمليات المضاربة أسرع وأكثر مما تربح من عمليات التنظيم ! الأدهي ان البنوك الخاصة تشكل أغلبية التمويل والإدارة في البنك المركزي (بنك السودان) وهي بالتالي المحدد الفعلي للسياسة. هنا لابد من إسعاف الإقتصاد بتأميم البنوك أما الحديث عن دور فعال للدولة والقطاع الخاص والقطاع التعاوني فحديث عام يغيب أهم وسيلة في إدارة وتوازن الإقتصاد السلعي النقودي وهي ملكية وتوزيع الموارد المالية.
أخطاء الفقرة :
1- تجاهل الدور الهام لحيازة وتوزيع الموارد المالية في خلل أو في (توازن) ظروف وهيئات الإنتاج ونشاطاته.
2- شكلية الحديث عن فاعلية القطاعات الثلاثة بلا تغييرات ضرورة في علاقات الإنتاج الناظمة لعمل هذه القطاعات.
3- تجاهل دور التأميم في ضبط الأسس المالية والعلاقات الداخلية والخارجية للإقتصاد والحد من الأنشطة الضارة بتناسقه.
6- تكرارالسياسات القديمة في تجاوز السبب الرئيس لخلل الدولة ولخلل السوق في إدارة الاقتصاد: إنصرف مشروع البرنامج عن الدعوة إلى تغيير علاقات الإنتاج الحاكمة والسائدة في مجالات الملكية والعمل بحجة تعدد التكوينات الإقتصادية الإجتماعية التي صورها ((لا تزال سمة رئيسة للاقتصاد السوداني)) وان ((مراعاة هذه السمة تعتبر شرطاً لا غنى عنه في تحديد أسلوب إدارة الاقتصاد)) مع خلل السوق وخلل الدولة في ((حشد الموارد وتخصيصها وإعادة تخصيصها بين الاستخدامات المتعددة للوفاء باحتياجات الإنتاج والاستهلاك وفقاً لأسبقيات إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية.)) ((مما يستدعي أن تجمع إدارة الاقتصاد بين أساليب التخطيط التي تلائم مستوى تطور البنية الاقتصادية وعلاقات السوق وقوانينها التي تراعي هذا المستوى من التطور وكذلك تجزؤ السوق الوطنية وضيقها لذلك فإن إدارة الاقتصاد التي تأخذ بها السلطة الوطنية الديمقراطية، تجمع بين استخدام التخطيط الجزئي الإلزامي، والتخطيط التأشيري إلى جانب قوانين السوق)) ((يتم تنفيذ إستراتيجية التنمية على مراحل وفق خطط مرحلية تنطلق من الواقع السوداني وخصوصيته تعني هذه الاستراتيجية في مراحلها الأولى بتلبية الاحتياجات الأساسية للجماهير من غذاء وملبس وسكن وصحة وتعليم.))
نقاط ضعف الفقرة :
1- تصورها عدم وجود علاقة إنتاج رئيسة وحاكمة وسائدة في السودان! وهي العلاقة الرأسمالية في شكليها الأساسيين وهما : شكل "رأسمالية الدولة" وشكل "الرأسمالية" الصرفة أي التملك الفردي لموارد المجتمع ووسائل وجهود إنتاجه وثمراته.
2- قصور تقديم الفقرة لفاعلية أسلوبي التخطيط الجزئيين دون التخطيط العام، وبلا إيضاح منها لمجالات وحدود عمل هذين الأسلوبين في الزراعة وفي الصناعة وفي مجالي الخدمات: مجال الخدمات العامة ومجال الخدمات التجارية والمالية!
3- سكوت صائغ الفقرة عن ذكر العناصر والقوى والمصالح الإجتماعية اللازمة لتحقيق "إستراتيجية التنمية" وخطتها العامة.!
7- صياغة فقرة الصناعة تدني الإنسان المتعلم الفنان كمحور للتنمية وترفع التصنيع كـ(جوهر) للتنمية!؟ إصطلاح "الجوهر" أو الحقيقة الباطنية خطأ إذ ينفي الوحدة العامة لوجود المادة والعلاقة العضوية بين شكلها العام وتكوينها ولكن مع ذلك تصر الفقرة: ((التصنيع يشكل جوهر التنمية)) بمعنى (دخول الآلات والأجهزة والوسائط في قطاعات الاقتصاد كافة ورفع تقنية هذه القطاعات وما يصاحب هذه العملية من تأهيل كوادر بشرية ورفع القدرات المؤسسية رقياً بكفاءة استخدام الموارد وزيادة إنتاجيتها)) ثم إستمرت الفقرة في ذكر حسن لأهمية تنوع وتكامل مجالات وقطاعات وأنواع الصناعة الأساسية والوسطى والنهائية بكثافة تقنية أو بكثافة بشرية، وبالحجوم الصغرى والوسطى والكبيرة و..الهائلة.
أخطأء الفقرة هي:
1- تجاهل أن محور التنمية هو وجود الإنسان المتناسق الإمكانات المتعلم ذي الحساسية الفنية والجمالية الراقية وتقدمه!
2- عدم ذكر الفقرة بأي شكل لطبيعة علاقات الإنتاج –التملك التي تؤدي لنهوض البنية الأساسية للصناعة وتقدمها!
3- تجاهل الشروط الإجتماعية الإقتصادية –السياسية والثقافية لتحقيق التنمية المتوازنة في قطاع الإنتاج الصناعي!
8- خطأ تصور تجديد وضع النفط في إقتصاد ذي آليات قديمة: تقول فقرة النفط(تحويله إلى إضافة حقيقية لاقتصادنا الوطني بتوظيف عائداته لتوسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية بتوسيع القطاع نفسه.)) ((الاتجاه نحو تغيير هيكل الصادرات البترولية لمصلحة المشتقات بدلاً من الخام.)) ((وإقامة صناعات بتروكيميائية ترتبط بالزراعة والصناعة التحويلية. توجيهه لزيادة الادخار ولتضييق فجوتي الموارد المحلية والتجارة الخارجية، ومورداً لزيادة الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والنقل والبنى الأساسية الإنتاجية والاجتماعية وبخاصة التعليم والصحة)). إعتمدت الفقرة في طرحها تحقيق ذلك على الدعوة إلى الشفافية ضد الإحتكار : بخصوص معلوماته ، أطرافه، قوميته، توجيهه نحو التنمية
أخطاء الفقرة :
1- توجيه النفط لسد فجوة الموارد المحلية والخارجية مثلما هو قائم مجرد تكرار للسياسة الحاضرة الفاشلة مع بعض التحسين
2- إقصاء ضرورة تاميم قطاع النفط
3- تصور إمكان تعديل وضع النفط في ظل إقتصاد ذي علاقات إنتاج مخسرة وتبادل خارجي مطفف، وعملة غير مستقلة، وإقتصاد مرهون بديون خارجية ثقيلة ونفوذ مالي أجنبي في البنوك والبنك المركزي وقيود رأسمالية دولية على إجراءات الحماية من حرية التجارة وعلى إجراءات الحد من حرية الإستثمار، وكثير من المثاقل الإمبريالية المطففة على التمويلات والتجارة الدولية بما فيها تمويل وتجارة النفط .
9- تصور إمكان تجديد البنية الأساسية للإنتاج دون أي تغيير في العلاقات المؤسِسة والناظمة له : ذهبت الفقرة المعنية بالبنية الأساس للإنتاج إلى تصور إمكان إحداث تغييرات جذرية أو مهمة فيه دون تغيير علاقاته في ظروف الإستغلال والتهميش الدولي والرفض المحلي والرأسمالي العالمي الأوربي والأمريكي لإسهامات الصين، مع إغلاء هؤلاء الروافض لمتطلباتهم للإسهام في عملية كهذه قالت الفقرة في صدد تنمية البنى الأساس للإنتاج: ((التناسب والاتساق مع تطور القطاعات الإنتاجية والخدمية.)) = ((تعزيز قدرة وكفاءة الخزانات والسدود والحفائر ومحطات المياه وقنوات الري وإنشاء المزيد منه بغرض الاستغلال الأمثل لموارد البلاد المائية، مع مراعاة العوامل والآثار الاجتماعية والبيئية والالتزام بالمعايير الدولية المعتبرة ومشاركة الجماهير الفاعلة. التأكيد على أهمية توسيع وتطوير قاعدة إنتاج الكهرباء من المصادر المختلفة لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، وتوسيع شبكة النقل بكل أنواعها، إعادة تأهيل السكك الحديدية وتطويرها وتوسيع شبكتها بجانب تطوير النقل النهري والبحري والجوي وقطاع الاتصالات والمعلوماتية لخدمة القطاعات الإنتاجية في المقام الأول)). النص (صريح) بسعيه إلى تحقيق هذا العمل الضخم في الظروف المحلية والرأسمالية الدولية السالبة دون أي تغيير في علاقات الإنتاج بين القوى المنتجة وهيئات تخديمها وكذا دون تغيير في العلاقة بين الأقاليم المعنية وجهات إدارة الإقتصاد العام في الدولة!؟
أخطاء الفقرة:
1- تأسيس التغييرات الكبرى في البنية الأساس للحياةوالإنتاج على بنية إجتماعية منهارة بفعل علاقات مهترئة في مجال العمل.
2- تأسيس التغييرات الكبرى في البنية الأساس للإنتاج على قاعدة علاقات إقليمية إستغلالية وتهميشية
الحديث عن ان هذه التغييرات ستلي الإصلاح السياسي وانها سوف تأتي بعد تحقيقه حديث ضعيف لأن الإصلاحات السياسية المشار إليها في مشروع البرنامج لاتتضمن تغييراً موضوعياً في بنية القوى والعلاقات الإجتماعية الإقتصادية الضرورة لتقدم الإنتاج وتناسق علاقاته مع متطلبات هذا التقدم .
10- خطا القول المرسل بإمكان تنمية النظام المصرفي لصالح التنمية المتوازنة دون تغيير النظام المالي للدولة: عددت فقرة النظام المصرفي بعض العيوب الرئيسة في النظام المصرفي قالت(لأوليات التنمية في الوقت الذي تستولي فيه البنوك على قدر كبير من الفائض الاقتصادي والموارد المالية، توجه نحو أنشطة طفيلية تحقق معدلات ربح عالية خلال فترات زمنية قصيرة.)) ((إزدواج النظام المصرفي المزدوج يعرقل حركة رؤوس الأموال والاستثمار داخل البلد الواحد)) لحل هذه الأزمة ركز صائغ المشروع على خمسة عناصر هي: 1- الحفاظ على وجود الدولة في القطاع المصرفي وتنشيط هذا الوجود وتوسيعه. 2- تشجيع القطاع الوطني الخاص للاستثمار في هذا القطاع. 3- التأكيد على دور البنوك المتخصصة، والحرص على انتشار نشاطها في الريف لتمويل صغار المنتجين. وتوجيه اهتمامها نحو المرأة هناك لثقلها النسبي في قوة العمل الريفية. بجانب تقديم المؤازرة الفنية فضلاً عن التمويل. 4- انتهاج سياسة مصرفية موحدة تقوم على أساس النظام المصرفي المعروف عالمياً وكذلك النظام المصرفي الإسلامي هذه السياسة تسمح للنظامين بالعمل في كل أنحاء البلاد. 5-إنتهاج سياسة نقدية منحازة للقطاعات الإنتاجية تضمن انسياب موارد البنوك نحو هذه القطاعات ما يتطلب تعزيز دور البنك المركزي والحفاظ على وجوده داخل قطاع الدولة.
أخطاء الفقرة:
1- خطأ تصور نجاح وجود نظامين مصرفيين في الدولة عام وخاص كل منهما ضد للأخر في أسسه وأهدافه .
2- خطأ تصور فعالية رأس المال في مجال البنوك في ظل إستراتيجيات تنمية موجهة لمصلحة الإحتياجات الأساس للمجتمع
3- خطأ التوكيد الشكلي على دور البنوك المتخصصة وتوجيهها في ظل حرية السوق
4- خطأ تصور فاعلية النظام المصرفي (المعروف عالمياً والإسلامي ) وسط عملية تنمية متوازنة بنسيان الأسباب المصرفية-الإستثمارية للأزمات المالية في العالم، وبتجاهل كامل لأسس النظام المصرفي الإشتراكي الضروري للتنمية المتوازنة.
5- عدم وجود آليات لتعزيز دور وإستقلال البنك المركزي مع سيطرة البنوك الخاصة على مجلس إدارته وفق موجهات النظام المالي الدولي.
6- تجاهل أهمية تأميم القطاع المصرفي بالكامل وتحويل ملكياته للهيئات العامة السياسية والإدارية والإنتاجية والتعاونية للمجتمع في الأقاليم وفي الدولة.
7- تجاهل تأسيس مصرف دولي لدول المنطقة ومجموعة من آليات التمويل في الحزام السوداني من أفريقيا تمتد مؤسساتها ونشاطاتها من البحر الأحمر إلى المحيط الأطلنطي وتعمل على تنظيم شراكة عالمية في هذا النطاق..
8- تجاهل ذكر الإجراءات والآليات الضرورة لإستقلال العملة الوطنية بشكليها (عملة التبادل المحلي وعملة التعامل الخارجي) --------------
9- تكرار مشروع البرنامج لسياسات ليبرالية (= حرية) مضمون وإتجاه العلاقات الاقتصادية الخارجية ركزمشروع البرنامج على تطوير أُسس وإتجاهات التجارة الخارجية وعلى أُسس وإتجاهات القروض والإستثمار الأجنبي وضبط عمليات الإقتراض والديون، و تفعيل دول السودان في التكتلات الإقتصادية والمنظمات الدولية
أخطاء الفقرة:
1- عدم إيضاح وضع التجارة الخارجية قبل تمام عملية تطوير وتنويع القاعدة الإنتاجية
2- إسقاط أهمية تأميم التجارة الخارجية ووضعها تحت إدارة قطاع تعاوني كبير مكون من الدولة ورأس المال والتعاونيات
3- أسقطت الفقرة أهمية منح علاوات مالية وعلاوات عينية تصاعدية لتحويلات العاملين بالخارج إلى الداخل
4- أسقطت الفقرة إرتباط آليات تنمية السياحة بتنمية البنية الأساس للإنتاج والخدمات (مياه نظيفة، كهرباء، طرق، نظافة)
5- تجاهلت الفقرة إيضاح آلية تحكم المجتمع في الواردات في ظل إتفاقات حرية التجارة الدولية وشروط التمويل الدولي.
6- نست الفقرة تناقضها مع الفقرة الأسبق المتحدثة عن تشجيع رأس المال في القطاع المصرفي والتأثير السالب لرأس المال المصرفي على إمكان تحقيق أي إنضباط في مجال القروض وعلى تحقيق سياسة مصرفية متزنة وإضراره بالتالي بإمكانات تحقيق تنمية متوازنة .
7- إسقاط إلزام المستثمرين الأجانب بخطة وآليات التنمية المتوازنة، وإقتصار نشاطهم على ما تعجز عنه الدولة والتعاونيات.
8- الإشتراك مع عدد من الدول في بناء إستثمارات في الدول الدائنة كجزء من آلية دفع دول العالم المدينة للديون التي فرضت عليها
9- أهملت الفقرة التنبيه لتفعيل دور السودان في التكتلات الإقليمية والدولية بتركيزه على قطاع إنتاج الآلات الحرفية والصناعية وعلى دفع الإستثمارات والصلات الدولية في هذا المجال، وعلى الدعوة إلى صياغة نظام إقتصادي عالمي جديد.
10- (فقرة) الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي:
مركزان لمشروع البرنامج
من ناحية فعلية جعلت هذه (الفقرة) مشروع البرنامج متذبذباً بين رأيين الرأي الأول يتعلق بأن (الصناعة جوهر التنمية) والرأي الثاني يتعلق بـ(محورية القطاع الزراعي في الحياة عامة والحياة الإقتصادية ) يقول(القطاع الزراعي أساس تأمين الغذاء للسكان، والمواد الخام للصناعة الوطنية أو للصادر، والفائض الاقتصادي للتوسع في الإنتاج. ويعتبر الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي شرطاً ضرورياً لتبديل الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية المتردية للعاملين بالإنتاج الزراعي، وللارتقاء المتواصل للإنتاج الزراعي بالبلاد. )) ولكن الرأي الثاني يختلف أيضاً عن الأول في انه يرى ضرورة تغيير علاقات الإنتاج ويشرح بدقة شديدة أهمية هذا التغيير قائلاً( ويعني تطبيق الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي اتخاذ مجموعة متكاملة من التدابير الاقتصادية الزراعية في سبيل التغيير النوعي لعلاقات الإنتاج والأوضاع الاقتصادية للإنتاج. ويترتب على ذلك نشوء علاقات جديدة في ملكية وسائل الإنتاج))، وبعد ان حددت الفقرة اهداف الإصلاح الزراعي في إحداث تغيير الجذري في أحوال تملك موارد ووسائل الإنتاج والتحكم في تطوير وتوزيع جهوده ومنافعه الأدوات بينت الفقرة الخراب الرأسمالي الذي جعلها تيمم وجهها جهة التغير الجذري والعلاج الموضوعي لا مجرد القيام بإسعاف سطحي لمريض مزمن قالت ( يستند المدخل الأساسي لمعالجة قضايا الإصلاح الزراعي على ابتداع أنماط جديدة للإنتاج الزراعي تتلاءم مع الخصوصيات المحلية لواقع الزراعة السودانية مصحوباً بالنهوض الفعال بمستوى القوة المنتجة مع مراعاة تعدد أنماط الإنتاج الزراعي السائدة، والتداخل والتأثير المتبادل في ما بين تلك الأنماط المتعددة وانهيار المزايا النسبية لصادرات السودان الزراعية كنتاج للثورة العلمية التقنية، والتهميش والتحلل المتسارع لبنية الزراعة التقليدية، والتطور المتعاظم لنظم الحيازة الاستغلالية، واتساع نفوذ وتحالفات الرأسمالية التابعة مع رأس المال الأجنبي، ومساهمة مجموعة التدابير الاستثمارية والتشريعية في تفكيك دور الدولة في مشاريع الزراعة المروية من خلال تحرير أسواق الأرض والتمويل، واختلالات البنية السكانية وبنية الملكية الزراعية بسبب النزوح والهجرة الداخلية المتعاظمة))
طرحت الفقرة نقاطاً قوية في برنامج متكامل للإصلاح الزراعي لا تستغني فيه بالأولى عن الرئيسي ولا بالثانوي عن الأساسي، كان الأفضل أن تكون هي الميسم العام لكل مشروع البرنامج بدلاً عن تحوله لبرنامجين نقيضين برنامج إصلاحي ضعيف هين في شؤون السياسة وإقتصاد المركز وبرنامج ثوري قوي ومتكامل وموضوعي في شؤون الزراعة وإقتصاد الريف والمناطق المهمشة.
المهمة التي يوجبها الرشد والتكامل الموضوعي الذي جاءت به صياغة فقرات برنامج الإصلاح الزراعي:
1- إعادة صياغة مقدمة مشروع برنامج الحزب الشيوعي بتوافق مع موضوعية صياغة برنامج الإصلاح الزراعي 2- إعادة صياغة الفقرات السياسية والإدارية والصناعية والمالية وفق موضوعية تغيير نمط الإنتاج وعلاقاته المنتجة لأحوال الإستغلال والتهميش في السودان وهي العلاقات التي تسبب تخلف أحوال المجتمعات وتعزز تبعيتها ومهانتها للمركزين الرأسماليين المحلي والعالمي
إنتقاد الفصول الأخيرة :
11- البيئة :
الخطأ الفادح في فقرة البيئة:
أسقطت الفقرة بشكل مريع إعتبار أثر التغيير في علاقات الإنتاج الإستغلالية والتهميشية في سلامة الإنتاج وإستدامة التنمية وتقليل إضرارها بتوازن البيئة.
12 الصحة:
فقرة متكاملة الموضوعية صحيحة البدن والذهن واضحة التأسيس والوسيلة والهدف جيدة الصياغة سوى بعض الضعف السياسي في عرضها لقضايا الهامش في هذا المجال مما يحتاج لتقويته بالآتي :
1- عرض جانب من الإحصاءات التي توضح الفوارق الهائلة بين المدن والأرياف في عدد الأسرة والأخصائيين واللوزم الصيدلية والأجهزة الطبية. وفي ظروف التغذية ومعدلات المواليد والوفيات
2- ترك الفقرة عرض أثر الحرية النقابية في ترقية أحوال المهن الطبية وتقدم عملية تنمية الخدمات الصحية والعلاجية، وأهمية التمثيل المباشر للأطباء وجميع عاملي الحقل الصحي في البرلمان
13 التعليم والبحث العلمي
أخطاء الفقرة :
1- عدم الإشارة بوضوح إلى ان هدف التعليم هو خلق إنسان صحيح البدن والذهن متعلم بإستمرار عارف بقوانين تكون وتغير الطبيعة وبسنن الطبيعة الإجتماعية ذي توسم جمالي في مجالات الطبيعة والحياة .
2- الخطأ التاريخي في التصور الجزئي لقيام الثورة الصناعية على أكتاف التعليم الفني! فهي نتيجة تاريخ طويل لتضافر النشاط الحرفي والتجاري في تشكيل نمط عيش وإنتاج سوقي مع تقلص فرص الحياة والعمل اليدوي في الزراعة وضيق إقتصادها، وبداية توسع الإستعمار القديم، وتطور الدولة والإنتاج بأثر هذه العوامل وبتطور الإنتاج العلمي نفسه في الفلسفة والحقوق وتطور حاجات الإنتاج ولم يكن لأبناء عشرات ملايين النازحين والمهاجرين سوى الإنسحاق في الورش بإسم تعلم الحرف لقاء طعام أو مبيت أما أكثر معاهد التعليم الحرفي والمهني النظامية فقد ظهرت كنتيجة واثر لتبلور الثورة الصناعية والحاجة السوقية والإستعمارية لتكثيف إستغلال البشر. ولكن بدلاً لهذه الحشوة التاريخية كان الأفضل للفقرة في ظل تقدم حاجات المجتمع والإنتاج وتقدم التقنيات وتنوع أساليب العيش الإشارة إلى حيوية جميع أنماط التعليم وتوكيد ربط السياسة التعليمية بتطور الحاجات والقدرات الإجتماعية .
3- .إيضاح النظم التي تكفل إستقلال الجامعات جهة الرساميل الخاصة والمؤسسات الأجنبية ، إضافة لإستقلالها عن الدولة.
4- إيضاح النظم التي تكفل الحياد الموضوعي العددي والنوعي في مناهج ومقررات وموضوعات التركيبة الإجتماعية للعلوم الطبيعية وتخديماتها ومناهج ومقررات وموضوعات البحوث والعلوم الإجتماعية والآداب والإنسانيات والعلوم الحقوقية والقانونية والعلوم الثقافية والدينية.
5- إغفال الفقرة لمهمة ربط تعليم الدين بتعليم الحكمة (الفلسفة) في كل نواهجه ومقرراته
6- تمثيل الهيئة النقابية لأساتذة الجامعات والهيئات النقابية لأساتذة المدارس ورياض الأطفال، والهيئات النقابية الأخرى المتصلة بالتعليم تمثيلاً مباشراً في البرلمان. إضافة إلى تمثيل مباشر للهيئات العلمية ومراكز البحوث بصفتها الموضوعية.
14- فصل الثقافة الوطنية عن طبيعة الحياة وتحويلها لمباهم:
بعض أخطاء الفقرة:
1- الخلل في التوازن بين غلبة إتجاه الصياغة الى الماضي وميلها المضمر إلى المستقبل دون تحديد أفق ومضمون إقتصادي إجتماعي سياسي لهذا المستقبل مما يحعل عملية الثقافة رهن حالة عشواءلإنتقاء ((عناصر تقدم وثورية)) مبهمة المعالم.
2- عدم تحديد السياق الإقتصادي الإجتماعي لـ ((الفكر الإنساني العلمي)) الذي ((يعتصم)) به ((بعث التراث)) و((بعث الوعي)) ((منهجاً وأدآة)) !!؟؟
3- ذكر الفقرة عدم الإنقطاع عن الإرث التحرري بداوع يسارية أو شوفينية، فبدلاص لهذا السياق الإتهامي السالب كان الأفيد هو إيضاح إرتباط الثقافة الوطنية الديمقراطية بتنمية إمكانات الذهن بالعناصر والنظم الفلسفية والمعرفية والجمالية التي تتيح له إدراكاً موضوعياً لوجود وحركة عناصر الطبيعة والمجتمع والقوانين الناظمة لها وسنن قرارها وتغيرها .
>4- ((اللغة وسيط للثقافة وحاملها، لذا فإن رعاية اللغات السودانية دون تمييز والتوسل بها في التعليم الأساسي أمر لا بد منه)) بدلاً لهذه الطلسمة والمراوغة التاريخية كان الأفضل إيضاح الكينونة الحياتية للثقافة كأسلوب حياة يشمل نمط الإنتاج ومظاهر عناصر الحياة الموصولة به الأكل والسكن والإشتغال واللبس وأشكال التواصل ولسانياته، وأن الثقافة تتعزز كلية بتعزز نمط عيشها وإنتاجها وتنهدم إلى لغات محنطة وفلكلور زينة أمام سيطرة نمط العيش والإنتاج (الأجنبي). ومن هنا فإن بعث التراث ليس عملية تنقيح حكايات تاريخية أو إنتاج لغات متآكلة معزولة بل هو بعث لأسس الإشتراك الإجتماعي القديم في ملكية الأرض ومواردالعيش مما يتطلب في سودان ما قبل تخريب سوبا وما بعده وتأسيس المملك العربية الإسلامية في سنار والعباسية والمسبعات ودارفور وفي أراضي الشمال كشف حجم التعويضات الإقتصادية والثقافية الضخمة والهائلة التي يجب أن تدفعها عناصر الثقافة الغالبة المسيطرة والمهيمنة لعناصر الثقافات التي تم إستعمارها وتهميشها منذ ذاك الزمن وحتى الآن في كل المجتمع وفي داخل حزبنا الشيوعي . فدون الكشف عن حجم وأساليب خراب الثقافات التليدة والقديمة في السودان والإعتراف بحدوثها والتعويض عنها لا تنفك أحاديث التجديد وإحياء اللغات عن أن تكون إما مصالحاً مهنية ضيقة أو كلام ساكت.
5 - وجود فقرات مبهمة تحتاج إلى إيضاح مثال لها السطر الآتي(الثقافة الديمقراطية هي منهجنا ليلحق شعبنا بعصر الثورة العلمية التكنولوجية المعاصر، عصر انتصار العلم والعقلانية)) ماهي الثقافة؟ وماهي الديمقراطية؟ وما هو العصر؟ وكيف يتم وصفه؟ ولم يُمنح صفة العلمية وحدها مع كل مظالمه وحروبه؟ وإذا كان العلم والعقلانية قد حققا إنتصارهم فكيف نتجت الأمية في بلادنا التي كانت أول منارات الحضارة العلمية في العالم؟ ولماذا تهاجر منها العقول؟ وما فائدة هذا البرنامج مع نصر العلم والعقلانية ؟
6- الخروج من عقلية المتاحف والآثار في التعامل مع عناصر الحضارة السودانية القديمة بإعتبار عقلاني حاضر لحقيقة وجودها وتدهورها الشامل في حياتنا بداية من إنهيار وتدمير المرحلة الأخيرة من نظامها الإنتاجي والمعيشي وهي مرحلة الدولة الهرمية والفرعونية في هذا الخروج هناك ضرورة لمقاومة ثلاثة دعاوى هي:
• دعاوى الانغلاق والعزلة والانكفاء على الذات التي سممت الحضارة السودانية القديمة
• -دعاوى الإنمساخ في الكينونة العربية المركزية وإيضاح الأصل والإسهام السوداني في تكوين أقوام وحضارات حمير وسبا وحضارة خِم (خمت) بلاد السواد = مصر) وحضارة السومريين التي أثرت في تشكل الحضارة الفينيقية،وتعلم بعض أساطين اليونان في بلاد النوبة أو إفادتهم من علومها في جنوب مصر وكذ إيضاح الأصل السوداني لظهور فكرة الدين بتعدداته وتوحيداته في المجتمعات البدائية وإنتقالها من عشواء وعنف ووحشية البداوة القديمة إلى الحياة المدينية الحضرية وكذلك إيضاح موقعنا الهامشي في التشكيلات العربية والأفريقية حاضراً وأهمية الإرتقاء بدورنا الحضاري في الإنسانية من خلال تغيير جذري لمختلف أسس وعلاقات وبُنى حياتنا المادية والثقافية، ومواجهة الخوف من الفشل بمواجهة حقيقة موت الدولة السودانية وإدراك ان وجودها الحاضر مثل وجود الملك النبي الوارث سليمان (ع) مجرد مظهر لجسد ميت تسنده عصا نخرها أخيراً نمل الأرض .
• دعاوى الذوبان في ما يسمى بالحضارة الإنسانية بطابعها الرأسمالي الإستغلالي والتهميشي الأوربي -الامريكي.
5- خطا الفصل بين قضية الثقافة والمحتوى الإقتصادي الإجتماعي للنشاط السياسي وطبيعة الإنتاج القائم وعلاقاته
6- خطأ الفصل بين كينونة الثقافة ومدى توفير المناهج العلمية والأدوات والمباني وتنظيم وتنويع إمكانات الرياضة الذهنية والبدنية
7- إغفال التقدير المعنوي والعيني والمالي المنظوم والمستدام والراقي لجهود الأساتذة في مجالات وقطاعات التعليم وللتميزات الإبداعية في مجالات العلوم والأدآب والفنون السبعة والصحافة والرياضة والكتابة بأنواعها النمطية والإبداعية والإنتقاد.
8- تمثيل المجالس أو الإتحادات الثقافية العامة تمثيلاً مباشراً في البرلمان
15 إهمال بعض النقاط الضرورة للفصل بين قدسية الدين ودنيوية السياسة:
أخطاء الفقرة:
1- نست الفقرة وجود الديانة اليهودية في السودان وأن كان الأفضل في حديثها بشكل عام عن الأديان أن يكون دون تسميات.
2- إهمال إيضاح الفروق بين التفكير العلمي القائم على حساب عناصر الأشياء والأمور وعلاقاتها وتوليد المنافع منها بزيادة أو نقص أو قسمة أو مضاعفة هذه العناصر وإختلاف هذا الحال عن التفكير الديني القائم على محاسبة النفس على إلتزامها بالدين.
3- إهمال الفقرة ربط تعليم الدين بالحكمة (الفلسفة) وبالمحتوى الإجتماعي الإقتصادي للأحداث والأوضاع التاريخية الكبرى
4- إهمال تطوير مناهج الدراسات الدينية لدعم قضايا الطبقات والأمصاروالأقاليم المستضعفة وحريتها من ظلم تطفيف موازين الإنتاج وتبخيسات المراكز المحلية والدولية وتحرير التفسيرات الدينية من آثار عهود الإقطاع القديمة ومن تقنين طاغوت النظام السلعي النقودي بالبنوك والتجارة الضارة المطففةوالمبخسة لموارد وجهود المجتمع.
5- تطوير النضال الإشتراكي وسط الأشكال السياسية للتدين.
6- تطوير خزين الدراسات النفسية الإجتماعية لظواهر التدين السياسي.
16- الفرق بين "الضرورة" و"الأفق" في فقرة تجديد المشروع الاشتراكي:
أخطاء الفقرة:
1- تصوير الإشتراكية بصورة صعبة معقدة وهي في بساطتها إشتراك الناس في إدارة موارد حياتهم ومقاليد سلطتها!
2- تصور إن بالإمكان إسعاف البنى المنهارة بنفس العلاقات الإنتاجية التي سببت فيها الفساد والخراب والقمع والدمار والدم! وهو تصور ناتج من خطأ الفصل غير النسبي بين المهمات الوطنية الديمقراطية والمهمات الإشتراكية في تأميم الصناعات والمشاريع والبنوك وفي توطيد ملكية المجتمع لموارد ووسائل عيشه وحياته وتحكمه بالإنتخاب في مقاليد تنظيمها والسلطة عليها!
3- تصور إمكان تحقيق تنمية متوازنة بعلاقات إنتاج مختلة!
4- تصور البرلمان طريقاً وحيداً للإشتراكية!
5- التصور المديني بل والجلابي لطبيعة نضال المجتمعات المختلفة في السودان مرة بتجاهل هذه الفقرة لذكره ومرة بالسكوت عن أسبابه القائمة في مواجهة ظلم الإستغلال والتهميش!
6- الخلط بين الديمقراطية الليبرالية والديمقراطية وشرط الفقرة تحقيق الأولى أولاً لتحقيق الإشتراكية بينما هناك فرق كبير بين الديمقراطية الليبرالية ومحورها حرية تملك الأفراد مالاً لموارد المجتمع والديمقراطية (الشعبية) ومحورها ملكية المجتمع لموارد عيشه وسائل حياته.
7- عدم إيضاح ضرورة إشتراك الناس في موارد عيشهم وحياتهم وسلطتهم عليها وشيوع خيراتهم عليهم كأساس لوجود الحزب الشيوعي وإعتماده النهج الوطني الديمقراطي ضد الإستعمار القديم والإستعمار الحديث وضد التركز والطغيان الرأسمالي من المركز بكل ما فيه من عنصرية وإستبداد وقمع وإهدار مباشر وغير مباشر لحقوق الإنسان.
8 عدم إيضاح ان الرأسمالية تنمو في ظل الحكم الليبرالي سواء أكان متعدد الأحزاب أو ذي صبغة عسكرية أما الإشتراكية فتتحقق وتنضج وتثمر بالديمقراطية الشعبية (الحكم الشعبي) وفاعلية مجالس هذا الحكم الشعبي (مجلس = سوفييت باللغة الروسية) وهي فاعلية تتحقق بالتقليص التاريخي لدور بيروقراطية الدولة في الحياة وتخفيض دور هذه البيروقراطية بالوسائل التقنية وبالوسائل المدنية الإجتماعية وبتطور ثقافة التعاون والعيش المشترك وبتقليص التبادل السلعي-النقودي وخفض تقسيم العمل (مع زيادة التخصص والروابط ) وبتقليل الفروق بين المدينة والريف في الخدمات العامة والحقوق والواجبات، وبداهة الحرية الفردية دون إستغلال أو إيذاء لأحد وسيادة مناخ من الجمال الإنساني والفني ونمو روح الصداقة بين الشعوب وبين الدول.
9 توهين قضية السلطة الوطنية الديمقراطية بفصلها عن معيار الحاجة والمصلحة والقدرة الإجتماعية ((وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري))!!؟؟
خاتمة محاولة هذا الإنتقاد:
1- الجزء الأول والأهم من مقدمة وحيثيات مشروع البرنامج وفقراته المتعلقة بالدولة والحكم والإدارة والفائض الإقتصادي والصناعة والتمويل والبنوك والعلاقات التجارية الخارجية حافل بالتناقض المنطقي والجزئية والإلتباسات والمباهم والنواقص وبذلك يحتاج إلى إعادة صياغة وتحرير من المثالب والمسالب على ضوء الإنتقادات الموجهة إليه.
2- الجزء الأوسط المتعلق بالزراعة والإصلاح الزراعي والتعليم والصحة قوي متين مع الإنتباه للأخطاء الواردة.
3- الجزء الأخير وفقرته الخاصة بقضايا الثقافة يحتوى على مفارقات تاريخية حول قضية الثقافة والحضارة والحياة الإنتاجية المشكلة لهم وعلاقة الوضع الثقافي بأسس الإستغلال والتهميش القائمة التي تنتج الأمية والجهل والتعصب والعنصرية والحروب.
4- ترك هذا الإنتقاد تناول فقرات قضايا الشباب وقضايا المرأة لسبق تناولها بتفصيل شديد في سياق ملتحم بقضية الثقافة ووجود الحزب الشيوعي مما تم نشره في "نقاط في دستور ولائحة وبرنامج الحزب" في موقع الميدان (نوفمبر 2007)
5- تركت مناقشة قضية إستقلال المؤسسات السياسية وإستقلال المؤسسات الدينية وعلمانية الدولة لنقاط أخرى عرضها الإنتقاد وتجاهلتها الصيغة المقدمة في مشروع البرنامج.
ملاحظة :
1-يمكن تمحيص هذا الإنتقاد بالإطلاع على نصين أساسيين هما :
• نقاط في دستور ولائحة وبرنامج الحزب وهو منشور في موقع "الميدان"(نوفمبر 2007) وفي موقع "الحوار المتمدن" (حوالى 25 صفحة ذات الحجم المالوفA4 بخط عيار 13 تصير عند التصغير والطباعة بالمستوى الأفقي للورقة حوالى 15 صفحة صغيرة ذات الحجم A5 = 7ورقات ونصف ورقة.)
• مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني المقدم إلى المؤتمر الخامس وهو منشور في موقع "الميدان": فهرس الأخبار ( النسخة المطبوعة الواردة لي سيئة التجهيز وهي -بعد التصغير- تساوي حوالى 45 صفحة إن لم تك هناك نسخ أخرى!.)
2- هذا الإنتقاد ككل كتابة في الدنيا لا يمثل قولاً فصلاً ولا نهائياً إنما هومحاولة تنبيه لأخطاء وردت في مشروع البرنامج قد يكون الإنتقاد نفسه مخطئاً في نظره إليها أو في تمحيصه عناصرها وعلاقاتها أو قد يكون عاثراً في عرض نتيجة عمله بشانها، فالذي أوقع الأخطاء في مشروع البرنامج يوقع الأخطاء في محاولة الإنتقاد، نسأل الله السلامة للحزب وللمشروع ولهذا الإنتقاد. http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=1248&aid=146695
http://www.ahewar.org/m.asp?i=1248
| |
|
|
|
|
|
|
تقوية الليبرالية بإسم الديمقراطية يزيد أزمة تركز ملكية الموارد والسلطة ويؤجج عنصرياتها (Re: أبو ساندرا)
|
Dear ; Hope you are well, Ramddan Kreem, its a very good subject. here its my bad copy of old article in the issue subject, hope you get clear and usefull a goods copy with Ustaz Taj-Al-Sir himself..
المنصور جعفر [email protected]
حياة الوطن في تقدم الحزب الشيوعي لا في عملية إسعاف جثة الدولة !
تقوية الليبرالية بإسم الديمقراطية يزيد أزمة تركز ملكية الموارد والسلطة ويؤجج عنصرياتها
يحاول هذا المقال كشف جانب من الأزمة البنيوية في موضوع الديمقراطية الليبرالية في السودان وفشلها فيه وفي أكثر دول العالم التابعة لسياسات المراكز الرأسمالية، وعجزها عن تحقيق تنمية متوازنة وتقدم متناسق لحركة تطور الحياة والمعاش.
وهو فشل إستشري في السودان بطبيعة النظام العام لتوزيع موارد الإنتاج والعيش والحياة وهو نظام ليبرالي يصون حرية تملك الأفراد وإمكان قبضهم موارد عيش وحياة الناس! إضافة إلى إنتاج هذا النظام الليبرالي بشكل مباشر وغير مباشر لستة ديكتاتوريات قاتلة ، إن توالت جميعها ليبرالية مع حرية قبض المال وتركيزه موارد الحياة فبأشكال سياسية عددا: واشج بعضها أول الإستقلال بقوامة الجلابة والطائفية على الحكم والدولة، وكانت ثانيتها عسكرية أمريكية منفتحة، وإنتصبت الديكتاتورية الثالثة ديكتاتورية مدنية أمريكية بريطانية، بينما نبتت الرابعة بين بين ثم صارت أمريكية إسلامية، ثم جاءت ديكتاتورية تصفية الإنتقاضة وإتقاذ القوى الرأسمالية من اعدائها الثلاثة : من التفتت، ومن النضال النقابي، ومن النضال العسكري للحركة الشعبية لتحرير السودان، إذ تم نقل الرأسمالية والإنتقال بها من تلك الهشاشة إلى حالة ديكتاتورية السوق ذات الإطار العسكري-الإسلامي. وقد كانت جميع هذه الديكتاتوريات أقرت حرية السوق وبالنظر في الحساب الإجمالي المقارن لحسنات الرأسمالية في السودان وسيئاتها، نجد إنها كانت بضمانها حرية النشاط الرأسمالي ديكتاتوريات قاتلة لكينونة السودان وحقوق النشاط الإجتماعي فيه. وإذ يحاول هذا المقال كشف جزء من الأزمة البنيوية للنوع الليبرالي من الممارسة الديمقراطية أي النوع القائم على حرية التملك الإنفرادي الخاص للموارد العامة وحرية السوق وقواه الكبرى في المتاجرة بها ...كأسلوب سياسي لتحقيق تنمية وتقدم عام للمجتمع!! فإن محاولة هذا المقال كشف هذه الأزمة البنيوية للنظام الليبرالي في شكله (الديمقراطي) تتبلور وتتأثل بإنتقاد بعض المقالات الملتزمة صدر هذه القضايا الحيوية الشعبية بشكل جيد الصنع ومفيد في مضمونه بسمة عملية ترجح واثقة -بشكل قارب الموضوعية- إتخاذ الإسعاف السياسي والطريق البرلماني والتقارب بين القوى الرأسمالية والقوى المستغلة والمهمشة نهجاً وغاية تكتيكة لحل أزمات السودان، توطئة لتغيير أسلوب حياة البلاد والعباد فيما بعد! وإن كان هذا التصور موصولاً بشيئ فبمنطق الإعتقاد بوجوب الإسعاف قبل ممارسة الطب، وهو-بشكل عام- إعتقاد ومنطق سليم لا يعيبه أو يفسد سلامته سوى ان المطلوب إسعافه... ميت!
وهذه المقالات الإسعاف التي كتبها الأستاذ تاج السر عثمان وينصب عليها جهد هذي المحاولة الإنتقادية جاء بعضها منشوراً في صحيفة الميدان الغراء المثقلة بالرقابة الإسلامية وبالمثاقل الغربية التي يحاول بعض في حزبنا عدم إغضابها تأميناً له، كما زانت مقالات السر بتتابع موقع الميدان الأغر في شبكة الإتصال نشرت فيه بشكل سريع متوال ومؤتمر "الحزب الشيوعي السوداني" على وشك الإنعقاد.
وقد حدث تزامن ما لجزء من هذا النشر مع حجب عدد من مقالاتي السياسية السودانية في موقع سودانيزأون لاين في شبكة الإتصالات العالمية وكذلك حجب مقالاتي في الميدان حيث غيبت تماماً ومنعت عن النشر في أي من شكلي الميدان لسبب حدده جوابها لي أن مقالاتي علمية أكثر من كونها صُحافية!! وفق رسالة متاخرة وجهتها "الميدان" لجهدي المتنوع وشخصي الضعيف. ولعل لذلك صلة بإنتقاداتي خط الرفيق نُقد لتصفية الحزب الشيوعي وتفريغه ما أمكن من الإتجاهات الديمقراطية الثورية ومن الإتجاهات الليبرالية الأخرى. وإذ جاء هذا التنبيه و(المنع) الفوقي متأخراً إلي ففي وقت كانت نضالات الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية الثورية واالقوى لليبرالية مستعرة موقدة خارج الحزب ضاجة ضد تقييد حرية النشر داعيةً لإحترام الرأي الأخر وتقديره بصورة موضوعية ونقاش كريم دون قمع أو منع !
ويمكن تبين حقيقة هذا التطفيف الفني أو السياسي أو الخطأ العفوي وضلاله في الموقف الموضوعي والحزبي الرسمي من حرية التعبير بمراجعة كل من عدد المقالات المنشور عن السودان والحزب في موقعي القائم بعراق "الحوار المتمدن" وعدد ونوع ما سمح بنشره في أي من شكلي صدور "الميدان" ومن هذه المراجعة المقارنة يأتي للحاسب فصل الخطاب.
وكانت أكثر مقالاتي السودانية المغيبة في الميدان قد عارضت إتجاهات الثقافة السائدة في الدولة والمجتمع والحزب ودافعت عن الأهمية الموضوعية لكل من قضايا التأميم والتخطيط والديمقراطية الشعبية ورميت إلى وضع قضية التهميش الطبقي والإقليمي في السودان كقضية مركزية موجهة للحزب الشيوعي بدونها يغدو الحديث عن الإستغلال والثورة الوطنية الديمقراطية كلام ساكت، كذلك أكدت تلك المقالات المؤودة على أهمية تأخير موضوع الديمقراطية الليبرالية بكل ملكياتها وبنوكها ونشاطاتها الطفيلية الإستغلالية ووضعه تالياً وبعداً ولاحقاً لموضوع تأميم موارد الإنتاج والعيش والحياة وأهمية نزعها من سيطرة وقبضة الرأسمالية المحلية والدولية وهو النزع والتأميم الذي رأيت في تلك المقالات أوليته وصدارته لتحقيق إمكانات متناسقة لإحداث تنمية متوازنة.
إن كان الأمر مجرد تزامن غير مقصود فالخطأ يشوب إعتقادي ان الإتجاه الليبرالي الحاضر في طروح حزبي الشيوعي السوداني العزيز قد غيب عمداً هذه المقالات وتبقى صدفةً حالة الكثافة والتلاحق الفردي المريب في عملية نشر المقالات الإسعافية والبرلمانية التي كتبها في سياق ليبرالي (غير مقصود) الأستاذ الرفيق تاج السر عثمان وإن هم فيها نضالاً وفكراً وقلماً بتقدم الحزب والسودان.
وإن إضطرب مقال السر في عرض همه هذا لعوامل عددا فبطرحه ما يعتقده إتجاهاً شيوعياً طرحاً متنافراً بشكل متناقض يخلط حيناً بين "الليبرالية" و"الديمقراطية"، ويمايز أحياناً أخرى ويفصل بين التطور السياسي والمحرك الإقتصادي-الإجتماعي الطبقي اللازم له!
وقد ورد هذا الخلط والميز في عدد من مفاضلات مقاله بين "ضرورة الثورة" و"ضرورة النهج البرلماني للتغيير" وبشكل غائم هلام غابت فيه منطقية ونسقية التمايز الموضوعي بين كل من "الإستراتيجيا" و"التكتيك" وهو ما أضعف بعض النقاط الرئيسة التي طرحتها مقالات السر في مواضعات وقضايا طبيعة تنمية السودان وخلاص وتقدم مجتمعه من حالة النقص في الموارد والتكالب عليها إلى حال كفاية في إنتاجها وعدل وإقساط في توزيعها وبالتالي أدت هذه النقاط الليبرالية التي سيتناولها الأنتقاد بالتفصيل لإضعاف أصول ومقاصد عرض السر لمواضعات وقضايا طبيعة تنمية الحزب الشيوعي السوداني وتكريبه للقيام بالدور الثوري في إحداث التغيير الجذري للأسس الإقتصادية الإجتماعية والثقافية للسياسة السودانية بكل هيئاتها وأعمالها.
ولأن مقالات تاج السر الجيدة إحتوت عدداً من الأخطاء الجسيمة في صدد تصور إمكان إسعاف أمور السودان القديم قبل الشروع في الثورة على أسسه وأشكاله الظالمة! لذا فإن إنتقاد هذا الإتجاه الليبرالي في تلك المقالات يفتح مجالاً لتقدم تنظيرات الثورة الشعبية في السودان ولنشاط قواها النظرية والعملية ضد عوامل القهر والإستغلال والتهميش والإستعمار الداخلي والدولي وهي عوامل ضد هادمة وآكلة لكينونة السودان وآفاق الإنسانية.
ووفقاً لما سبق فإن هذا المقال الإنتقاد يحاول تبيين بعض التعارضات الموضوعية والتناقضات الذاتية في قيام تلك المقالات وجانب سائد في الحزب بل والحياة العامة والثقافة السائدة بالإتجاه إلى إسعاف (إنقاذ) جثة السودان وذلك بداية من المقال الأول حول النهج الماركسي الذي تكرر فيه ما تم في السودان سابقاً بين إصطلاحي "الديمقراطية" و"التوالي" بدعوى الظروف الخاصة والسياسة الواقعية وليس نهاية بمقالي السر حول إسم الحزب الشيوعي ودالات رسوخه أو دالات تغييره وتبديله (وفق) كل (مرحلة )!!؟
1- ثبت بالمقالات التي يتناولها هذا الإنتقاد:
[الثبت بخاصية تفاعل إليكتروني يمكن من خلاله النفوذ عبر العنوان إلى المقالة نفسها] 1. كيف تناول التقرير السياسي المنهج الماركسي؟ بقلم تاج السر عثمان 2. المتغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية الفترة: 1967- 2007م بقلم: تاج السر عثمان 3. الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان بقلم تاج السر عثمان 4. كيف تناول مشروع التقرير السياسي العلاقة بين الكادر القديم والجديد؟ بقلم تاج السر عثمان 5. تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الصراع ضد الاتجاهات التصفوية - بقلم تاج السر عثمان 6. الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني (ثلاثة حلقات) بقلم تاج السر عثمان 7. حول تجربة الإسلام السياسي في السودان الفترة: (1967- 2007م) - بقلم تاج السر عثمان 8. حول إسم الحزب - بقلم تاج السر عثمان 9. الماركسية وتحرير المرأة - بقلم تاج السر عثمان 10. المسألة القومية فى السودان - بقلم تاج السر عثمان 11. حوار حول اسم الحزب - بقلم تاج السر عثمان
2- نقاط الإنتقاد: (كل نقطة وفق كل مقالة ) 1- في النهج العلمي والنهج الماركسي والنهج الماركسي اللينيني:
في المقال الأول "كيف تناول التقرير السياسي المنهج الماركسي؟ " تناول الأستاذ الرفيق تاج السر ضعف مشروع التقرير السياسي في طرح "النهج الماركسي" معتبراً إياه أي النهج الماركسي أوسع تطبيقات "النهج العلمي" وقد أوضح السر شؤون وشجون هذه العلاقة الجدلية-العلمية في خلاصة مقاله حيث كتب:
المنهج الماركسي أو منهج الديالكتيك المادي، يدرس الواقع من اجل فهمه واستيعابه وتغييره، وأنه يعتمد على الدراسة الباطنية الملموسة، على الأرض، للواقع، واستخلاص نتائج من الواقع لا من تصورات ذهنية مسبقة، ويتعامل مع الظواهر والمستجدات في الطبيعة والمجتمع بذهن مفتوح، ويتخصب بالحوار، دون الاستعلاء، مع التيارات السياسية والفكرية الأخر، وأنه في جوهره نقدي وثوري، كما أنه لا يدعى الحقيقة المطلقة والنهائية، وهو ينظر للظواهر في شمولها وحركتها وتغيرها الدائم، وهو طريقة في البحث، ويصل للحقائق من الواقع وبذهن مفتوح، ولا يخضع الواقع للنظرية، بل تخضع النظرية للواقع، النظرية ترشد الممارسة والممارسة تغنى وتخصب النظرية، كما يأخذ في الاعتبار الخصائص والظروف التاريخية لكل بلد في الاعتبار، وأن هذا المنهج يتم تطبيقه تطبيقا خلاقا ومستقلا حسب واقع وظروف كل بلد، بالتالي هو في جوهره المنهج العلمي في أوسع معانيه.
في هذا الطرح الثر المفيد خلط طفيف الملأ ..جسيم الأثر بين كل من "النهج الماركسي" و"الأسلوب العلمي"، وهو خطأ شائع بينما لكل منهما تاريخه المعين وتميزه الخاص فما يسميه المقال النهج الماركسي يتصل بالتعامل مع التاريخ وفق معالمه الموضوعية المادية في حياة المجتمع والنسق الجدلي لحركته وهو بهذه السمات الخاصة يختلف من حيث الكم والنوع عن الأسلوب العلمي العام في كشف معالم الأشياء والتحقق منها، ولكن الخطأ الأعظم المضمر في هذا السياق و في كل مشروع التقرير السياسي هو تجزئة النهج الماركسي- اللينيني وفصمه، وهو نهج زوج ثنوي متحد جدلياً بتعلية العلاقة بين الماركسية والعلم وخفض العلاقة العلمية بين الماركسية واللينينية .
فلو نظرت أيها القارئي الكريم إلى الإيضاحات العامة لـ"النهج الماركسي" التي قدمها المقال لوجدتها واقعة في خطأ هذه الجزئية والأحدية والبعد عن المنطق الجدلي التاريخي لأحوال المجتمع كما تجدها غامضة عن إيضاح العلاقة العضوية الحيوية بين كل من "الماركسية" بطابعها الإنتقادي النظري و"اللينينية" بطابعها الثوري في مجال العمل السياسي والممارسة الحزبية لتحرر الطبقة العاملة:
فإذ تجلت "الماركسية" في نصوصها وتطور ممارساتها كنهج ثوري تبلورت وتركزت موضوعيته أساساً في جملة سياقات وفهوم وتنظيرات وحتى ممارسات البنى الفوقية للتفكير العلمي (الفلسفة والتاريخ والإقتصاد السياسي وأسس العلوم الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والثقافية والحقوقية والإنسانيات والآدآب والفنون المتصلة بها) إذ تبلورت الماركسية فوقيةً كحركة ثورية في مسآئل تغيير الفهوم والأفكار والعقليات مع جانب قليل العدد - كثيف النوع- من النشاط العملي في تغيير بنى المجتمع التحتية. وهو التغيير الذي تواصلت حركته بتبلور الماركسية نفسها بحكم التسلسل التاريخي لتكون وتطور الأشياء حتى حدثت نتيجة معينة من تراكم وتواشج إتجاهات التغيير بما فيه التبلور الاولي الماركسية إذ نشأت في خضمات هذا التراكم والتواشج فهوم وممارسات "اللينينية" التي صارت لجينات الماركسية وعظامها لحماً ودم.
وقد تركزت موضوعية "اللينينية "جملةً في تأسيس وتفعيل حزب ووضع ثوري شمولي لبنى العملية السياسية لتغيير نمط الحياة المادية للناس ونصبها بثورية وشمولية ضد كل الأشكال الإصلاحية الجزئية البعيدة عن أصل التغيير في علاقات تملك موارد وأدوات معيشة الناس . وإن كانت همة "اللينينية" مولودة وظاهرة في شؤون الحياة العملية - مع وجود الفيض الماركسي في مجال تنظير العقليات- فقد إهتمت اللينينية أيضاً ولأسباب عملية موضوعية بجانب قليل ولكنه غني من بنى النظرية والفلسفة خاصة في مجال ضبط تنظير "المادة" في الطبيعة الإجتماعية، وضبط تنظير "المادية" في السياسة وبالتحديد في مجال التغيير السياسي الجذري وتكوين وطبيعة حزب هذا التغيير الجذري وطبيعة تحالفاته وأبعاد وعمق أهدافه الجذرية وشيء ليس بقليل من تكتيكاته الأولية والمتوسطة .
ومن التفاعل الجدلي بين المهام النظرية والعملية لتغيير طبيعة حياة المجتمعات كان نشوء وتمحور (اللينينية) وسؤدد ثوريتها في بناء "الحزب من النوع الجديد" اللازم للتغيير أي الحزب الشيوعي حزب التغيير الجذري الشامل بمختلف وسائل النضال: الحزب الطليعي في أفكاره وحركته ذي السمت العام الشعبي والنضالي الثوري (أي الحزب اللاشخصي واللاعنصري واللاديني واللاإصلاحي جزئي) وهو الحزب الضروري بحكم قوانين الطبيعة المادية والإجتماعية لإجراء عمليتي التغيير الجذري الطبقي والإجتماعي معاً.
ودون هذا التطبيق الذي كرسته اللينينية تبقى التنظيرات الماركسية إما معلقة في الهواء أو ملقاة على مائدة التوافق والتراضي الوطني ينتقي منها البرجواز بعض أجزاء يموهون بها حقيقة ديكتاتورية (=سلطة) الطبقة الرأسمالية إيما كانت هذه السلطة في شكلها المدني أو العسكري، العلماني السمة أو الديني. من هذا الإيضاح يمكن إنتقاد مقولة "الماركسية" التي أوردها السر نضفة وعلقة على نحو مفصوم من كينونتها وحياتها "اللينينية"، بإعتبار إن إيراد "الماركسية" هيكل آلة نظرية منفصلة عن الطبيعة المادية التاريخية لتركيب وترتيب ونشاط عناصرها ، وتقديمها عظاماً دون لحم يشكل وجهاً مبدداً أو عدواً لكينونة الوحدة الجدلية لكل من النظرية والممارسة الثورية الفعالة: وهو وجه جديد قديم يختلف بجزئيته وتجريبيته عن طبيعة تناسق ووحدة التقدم الطبقي وكينوناته وأشكاله الثقافية والسياسية والإجتماعية مما تبلور في نهاية مرحلة إيضاح الطبيعة الثورية لعملية لإعداد الأولى للتغيير الإجتماعي والإنساني وتكللها من ثم بالعملية الحزبية والثورية التي قادها لينين بقوة الثورة الإشتراكية وقادت إلى تبلور وتطور ونشوء وإرتقاء "الماركسية اللينينية".
هذا الفصم العفوي أو القصدي في مقال السر بين كل من "الماركسية" و"اللينينية" يعزز ديكتاتوريات رأس المال ويفاقم تركز السلطة والتملك الإنفرادي لموارد الثروة الإجتماعية. بينما الأنجع لتغيير وقائع الإستغلال والتهميش في السودان والعالم هو زيادة وتائر التنظير والتطبيق الخلاق المتناسق لتفكير وممارسة "الماركسية اللينينية" معاً وحدة جدلية متناسقة الابعاد والمواضعات في السودان، لا تختلف سياستها عن إقتصادها ولا خطها للتغيير الإجتماعي عن ثقافتها الثورية.
وفي جزء محوري منها فإن نسقية تقدم المجتمع السوداني في تلبية حاجاته الضرورة تتحقق في إطار عملية التنمية الثورية النظرية والعملية لنشاط الحزب الشيوعي في المجتمعات التي يروم تغييرها. وذلك بقيام الحزب بضفر كل من نضالات الريف ونضالات المدن في كينونات نضال مشترك سري وعلني ينشط ضد كافة أسس وأشكال المصالح والسلطات المحلية والدولية لحلف شبه الإقطاع و رأس المال.
أما مجرد إتجاه مقال السر لـ(إيضاح) "الماركسية" مفردة رمزية دون كينونتها وبرامجها اللينينية في الفعل الحزبي والإكتفاء أو الإنكفاء منها بإضافة بعض تفصيلات إقتصادية سياسية نظرية عن تطورات الوضع الإنتاجي والطبقي في السودان والعالم فهو قصور خطير في مقال السر رغم أهمية إضافة مقاله بعض تفصيلات تطور الوضع الإقتصادي للنشاط الرأسمالي وبعض التنظيرات المغربة وكذلك زيادته الإيضاح الناتج منها في كثير من النواحي النظرية والعملية. فالقنوع بذكر هذه المزيات والإكتفاء من تحليلها بإيضاح بعض مقومات "الماركسية" كان هو نقطة النقص الرئيسة التي أجدبت مشروع التقرير السياسي وهلهلت بنائه وتأآخرت به عن أهدافـ(ـه ) وبتكرار ذات الخطأ إندرج المقال كما مشروع التقرير السياسي في ذات إنكفاءه في خانة عزل وتجفيف "اللينينية" وإقصاءها بشكل مضمر وبشكل واضح عن جملة التبلور الماركسي في الصيغة اللينينية وهو ما يستلب من النشاط الحزبي كينونته الشيوعية!
هذا الفصل لطائر الماركسية عن أجنحته اللينينية أي عن كينونته العملية والتغييرية في الحياة تم بصيغة الإستلاب الذي شكلته كثرة الكلام عن "الماركسية والعلم" مع إختزال أو حزف اللينينية منهما ، والسكوت عن نهجها الثوري في بناء قوى وإتجاهات التغيير الشامل. هذه التجزئة السرية لوجود ومهمة الحزب الشيوعي في الحياة موصولة في تصريفه وتصريفها بتصور كونها مجرد مهمة ثقافية واحدة تتعلق فقط بـ(نشر) الوعي بأنشطة ومقالات مرخصة أوحتى غير مرخصة من ديكتاتوريات البرجوازية المدنية والعسكرية،في أشكالها العلمانية والدينية دون تغيير فعال للسلطات والبنى المادية التي تستغل الناس وتهمش وجودهم وتغيب عنهم الوعي وتغبشه. الأنجع هو التذكير بأن الشيوعية بإعتبارها علم تحرير الطبقة العاملة، تقوم في بنائها النظري والعملي على الإتساقات الماركسية اللينينية وهي الإتساقات التي تشكل البنية النسبية النظرية والعملية لحركة عناصر وصور الجدل التاريخي بين تركيبة المعارف وتركيبة الأوضاع والنضالات البشرية وإتجاهها بهما إلى تغيير الأوضاع التأسيسة المؤثرة في المجتمع وخروجه من حالة التفاوت والتناقض اللاموضوعي بين تاريخه ومستقبله وحاجاته وقدراته إلى حالة موضوعية من الإتساق والإنسجام في تاريخ المجتمع وفي نشاطه.
2- تطور الرأسمالية السودانية من حالة السمات الفردية والمحلية إلى حالة تواشج البنوك والدولة:
في المقال الثاني ذا العنوان "المتغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية الفترة: 1967- 2007م" تم إيضاح جانب مهم من أشكال أزمة النهج الرأسمالي في الإقتصاد السوداني ولكن بإعتبارها أسباباً له !؟ وهذا صحيح لحد كبير وقد شملت تلك الإيضاحات بإغفال الفترة من سنة 1967 إلى سنة 1969 أربعة مراحل تشمل :
(1) عملية التأميم المايوية بتركيز مقال السر على سلبياتها دون موجباتها، مما يعطب موضوعية تقييمه لتكونها وإنهدامها
(2) عملية إستسلام الدولة لقروض وفروض المؤسسات المالية الدولية بعد أزمة إرتفاع أسعار النفط في غضون العامين 1972-1974 وما أدت إليه من إفلاس أو بالأصح تفليس مؤسسات الدولة وزباد مراكمة الأموال وتركيزها بفعل تضافر حرية السوق البنوك عند الرأسماليين، وهو الأساس الذي أدخلت به المؤسسات المالية الدولية جملة البلاد في عملية "الخصخصة" بداية من أوآخر السبعينيات وحتى خضوع الدولة لها بشكل كامل في أوائل السنين التسعينيات وما واشج كل هذه الخطوات الرأسمالية من فساد (و) طفيلية وهمـ(ـا) جزء عضوي في بنية النظام الرأسمالي تتراوح طبيعته بين حالة إستثمار القوانين والدولة وحالة الخروج على شكلها العاصي على مصالحه. ثم يأتي المقال إلى نقطته الفاصلة الموضحة تالياً
(3) في هذه النقطة يودع الكاتب النحرير ملاحظات إنتقادية مدعمة بإحصاءات قيمة مفيدة وثرة في معلوماتها وبياناتها ومنطقها توضح إرتباط نمو الرأسمالية في السودان في الزمان المتمدد بين الأعوام 1978 و1989 ببعض عوامل دولية منها إرتفاع سعر النفط وإنخفاض سعر الجنيه وعوامل أخرى مواشجة للعامل الدولي يمكن تسميتها عوامل محلية ماثلة في تقدم حرية السوق والبنوك وما إتصل بها من تضعضع الإنتاج المحلي وإبخاسه في عملية التبادل الرأسمالي الدولي للمنافع، وكيف زاد من هذا الوضع المطفف المبخس في الإنتاج الإتجاه التجاري إلى الإستيراد الضروري والكمالي حيث نشطت البنوك العامة والخاصة العلمانية والإسلامية بالذات في تمويل عمليات إستيراد الكمالات الباهظة لفائدة إستهلاك بعض الشرائح الميسورة في المدن مثلما نشطت تلك البنوك في نزح وتجريف وإخراج الأرباح الضخمة المتحققة بهذا الإستيراد وتصديرها إلى حسابات خارج السودان لتحقيق أرباح أخرى في بلاد أخرى والناس جوعى.في عقد السنوات البنكدولية والبنك إسلامية 1978- 1989
(4) وبعد ذا العرض المفصل الموثق الجزيل لهذه الفقرات الثلاثة إنتقل مقال السر إلى عرض تطور الرأسمالية في السودان بين السنوات المأسآة 1989-2007 موضحاً زيادة تداخل وتداغم النشاط الرأسمالي ببعضه وبالسياسة والدولة على نحو أقوى وأظهر مما كان مألوفاً في السودان: حيث تفاقمت عمليات تزجية العطاءات والرخص التجارية والحرمان المباشر وغير المباشر من الحقوق مع قمع الحريات العامة وإنتهاك حتى (الحقوق) الرأسمالية المألوفة سابقاً كالحق في حرية التعامل التجاري والحق في (سرية) الحسابات. وذلك في تدمير منظوم تولت كبره الشريحة الإسلامية لقوى السوق ومارسته بشوكة وقوة ضد كافة الأطر والأعراف السياسية والقانونية والتجارية والإجتماعية للنشاط الرأسمالي السابق تمكيناً لنفسها من السيطرة على السوق ومضاعفة أرباحها (الظاهرية) ونزحها وتجريفها إلى خارج السودان، لفائدة معاملات أخر وقد ألهاها هذا القبض والتكاثر الظاهري في الأموال والأولاد والغرور بهما عن الله حتى ألقت بأيديها وأيدي معاملات المجتمع إلى التهلكة الماثلة في جفاف السوق الداخلي وزيادة الضغوط الخارجية المتصلة بغسل الأموال ومكافحة الإرهاب ..إلخ.
يمكن وصف جملة هذا التغير الراق في أحوال الرأسمالية في السودان بأنه إتحاد من نوع جديد لأقوى عناصر السياسة الرأسمالية (البنوك والموسسات الإسلامية ) مع أقوى هيئات جهاز الدولة (الجيش والأمن) وثورتهم معاً المضادة أو الحداثية على الوضع الرأسمالي والسياسي القديم الذي كان معقوداً بدائرتي الطائفية ووكلاءهما وبالوكالات الأجنبية وبعض التجار الكبار وقلة من الرأسماليين الصناعيين يتلاعبون جمعاً وأفراداً بسياسات الأحزاب وقادتها وتتلاعب بهم. وهذا جانب موجب نوعاً ما في تطور الرأسمالية في السودان لأن إسلامها السياسي خرج بها من ضيق ومحدودية الإستثمار في خدمات النقل والتجارة وسمسرة الأراضي والبيوت وأعمال الورش ومصانع الصلصة ومعاصر الزيوت نافذاً بها إلى أقطار أعمال البنوك والنفط والذهب والإتصالات والتجارات الغاسلة للأموال والصناعات العسكرية والرسملة البنكية للقطاع التقليدي القديم بكل ثرواته الحيوانية والزراعية المهدرة. وهو تطور مهم لإحداث تغيير سياسي جذري مع مرارة حقائقه وعِظم آلامه الإجتماعية والإقتصادية السياسية والثقافية يتجاوز مسألة البكاء في حزبنا الشيوعي على تطور الرأسمالية وحرمانها من (الفُرص)! كما يتجاوز فيه ايضاً حالة الإنتظار القدري لتطور الرأسمالية في السودان في مناخ دولي إمبريالي! وقد تم هذا التقدم الكبير في التطور الرأسمالي في السودان وسيتواصل فيه في يحموم الحالة السياسية الليبرالية السائدة الماثلة في غياب وتغييب وإقصاء سياسات متناسقة للتأميم والتخطيط وتنظيم الإنتاج والإستهلاك بعملية تنمية متوازنة. وتعني الليبرالية بشكل رئيس حرية أصحاب الأموال في السيطرة على موارد المجتمع للتربح بها والتملك الليبرالي للموارد العامة هو الحالة التي واشجت تطور الرأسمالية في السودان وفي العالم مسببة تدهور ضرورات الحياة والعيش في أكثر مناطق السودان ولأكثر السكان ولأكثر الرأسماليين. وهي حالة موصولة بزيادة حرية وتركز ملكية موارد العيش ووسائل الإنتاج (الأراضي والمشاريع الزراعية ، المصانع، وحدات الخدمات ) والميل (الطبيعي) بهذه الحالة الليبرالية لزيادة الأسعار والربح وزيادة الإستهلاك الترفي ووضع تكاليف هذا الوضع الظالم بآلية الأسعارالغالية وبآلية الضرائب الباهظة على عاتق الناس وبالتالي زيادة حرمانهم من إمكانات الإنتاج والعيش الكريم.
تأخر مقال السر في عرض تجليات ونتائج التطور النوعي التاريخي للرأسمالية وإن إهتم بعرض بعض أحداثه الكبرى مقدمَةَ بإسهام دكتور صدقي كبلو الثر، وقد ذهب مقال السر في وصف الظاهرة السياسية لتطور الرأسمالية أكثر من عرضه تفصيلات التطور الإقتصادي مما كرر إتجاه د. صدقي كبلو، بل مشى السر في وصف تطور الرأسمالية من الخارج مغلباً السياسة على الإقتصاد فتعثر في إستخلاص موقف موضوعي من تناقض حالة "تبعية الرأسمالية لمصالحها ونشاطاتها وتمويلاتها الدولية"، والحالة الزاعمة أو الموكدة أو الراغبة أوالمنتظرة لظهور "وطنية" هذه الرأسمالية رغم هذه التبعية البنيوية السائدة في أكثر دول العالم المهمشة أو ضد هذه التبعية في آن معاً"!!!!.
لعل لهذا التأخر كان تلجلج مقال السر وضعف في فرز الموقف الموضوعي جهة إستقطاب العناصر الإصلاحية الإجتماعية في صفوف الرأسماليين وجذبهم إلى صفوف الثورة ضد أسس وأشكال التسلط والسيبان الرأسمالي في السودان. و قد كان ذلك اللج والضعف في مقال السر لأن هذا الموقف الإنفتاحي الكريم لا يتحقق بممارسة جزئية تتصل بالنظر إلى وضعية النشاط الرأسمالي القائمة في مجرد لحظة زمانية سياسية معينة أو حتى بسياسة اللاحرب واللاسلم معها (= التحالف والصراع أو التعايش السلمي مع الرأسمالية) بل تتحقق الموضوعية الثورية فعلاً -كما يذكرنا دوماً الأستاذ حسن عبد الحميد الطاهر: ((في زمانها المحدد في واقعها المحدد بفعلها الملموس)) بالنظر إلى عاملين هما :
(1) الشكل التاريخي لوجود الحركة الرأسمالية وإنفرازها ككل طبقي مائز بإمكانات تملكها وحرية نشاطها في السودان بداية من عهد الحكم الإسلامي العثماني ثم إرتقاء طبيعة التطور العام لهذا الوجود الرأسمالي منذ آيام الإستعمار البريطاني في الماضي الحاضر وكذا تطوره الطبيعي الحاضر وإنسرابه في المستقبلين القريب والبعيد ضمن نهايات هذه المرحلة التاريخية المأزومة.
(2) حساب تأثير رأس المال -السالب غالباً في هذه المرحلة - على الإمكانات الثقافية والسياسية لتطور الثورة الشعبية.
أما حالة إقعاد آليات التغيير الثوري وآليات التغيير السياسي في السودان إنتظاراً لتطور الرأسمالية والبلاد لتصلح الأمور من بعد ذلك للتفكير والنشاط الإشتراكي والشيوعي في تقدمها!! فهو خطل يطلب النتيجة (التطور) قبل إحداث الفعل التغييري!! ومثله في ذلك كمثل إنتظار إقتناع أفراد الراسمالية المؤثرين الطغاة أو أفرادها المصلحين ولو كانوا لا يمثلون قيمة مالية كبرى، وقيامهم وفق تحنيس الحزب ومطايبته خواطرهم بالإلتزام ببرنامج ثوري وطني ديمقراطي لتقدم المجتمع على أسس أشتراكية تضمحل بها حريتهم في تملك موارد المجتمع والمتاجرة بها!!!؟
ولكن بحكم ظواهر الدمار الشامل التي أنتجتها الرأسمالية وسممت بها أسس وأشكال الحياة في السودان فإن النقيض لهذا العشم في الرأسمالية (المنتجة) هو الصحيح بمعيار التناسب في الفعل ورد الفعل مع الحقائق التاريخية: إذ ان تحقق موقف موضوعي جهة جملة الموارد الطبيعية والمالية والبشرية في إقتصاد السودان يتصل بنشاط الحزب الشيوعي في تقدير ووضع وإنفاذ وتقويم وتنمية نظام لارأسمالي للتنمية الشاملة للعناصر الرئيسة في حياة السودان بداية من العناصر الرئيسة في ثقافة وأسلوب عيش المجتمع إلى العناصر الرئيسة في إقتصاده وسياساته الداخلية والخارجية.
دون تغيير شمولي في إتجاه إشتراكي للتنمية ستتفاقم في الحزب وفي عموم السودان بكل تكويناته وأحزابه مواقف المثالية الفكرية والمراوحة البزينطية في فلسفة الأسماء والإصطلاحات ونسبيتها، وما في ذلك من صراعات لا مبدئية تستهلك بالقطعة والتقسيط والتجزئة مفردات النهج المادي التاريخي وتفتت جدليته الأساس في تناسب قوى وعلاقات الإنتاج تمسخها إلى مجرد جدالات ثانوية صغرى ومراوحات وإلى سجالات لغوية وإدارية مغلقة حول أبعاد هذا الإصطلاح أو ذاك، وحول صلاحية الرئيس أو المرؤوس في الحزب، ودقة هيئآته للتعامل به في وقت معين، وإمكان التحالف مع هذه الرأسمالية أو تلك لتغيير الوضع الرأسمالي العام دون نظر معتبر إلى مسألة فاعلية التحديد الطبقي العمالي النظامفكرية (=الآيديولوجية) لقياس الإصطلاحات وصلاحية عيارهابصورة عامة في سياق كل مرحلة تاريخية من مراحل الصراع الطبقي أكرر: في سياق كل مرحلة تاريخية، بدلاً عن قلب الأمور على رأسها بعملية تفصيل المراحل التاريخية ووضعها على معانى ومغازي كل فترة زمنية وإصطلاح وشيج بها جاء من تلافيف الثقافة السائدة إلى نشاط الحزب لمجرد وجود أو محاولة إيجاد صلات طيبة ما لبعض الرأسماليين السودانيين أو الإجانب بالفكر أو بالتنظيم أو بالنشاط الشيوعي السوداني ومحاولة تشويع هذه الصلات وإشاعتها وبثها في حياة السودان والحزب بمقابل بخس للحزب الماركسي-اللينيني إن وجد المقابل بعد هذا التنازل المبدئي، أو وهذا هو الحنظل: إن وجد الحزب الشيوعي نفسه وذاته بعد إطفاء لينينيته وإبداء القلق بل والندم على لارأسماليته.
في حيز عناية نقاش الحزب بالرأسمالية الحاضرة أو المعشوم تحققها في المستقبل نجد مقصاً:
فتح إصطلاح الطبقة العاملة الصناعية في جهتين : جهة البرجوازية الصغيرة بسياق مماثل "نقابة المنشأة" التي تجمع العامل والمدير، وإغلاق لإصطلاح الطبقة العاملة في جهة الكادحين والمهمشين، بإعتبارهم منتجين صغار وبروليتاريا رثة خارج الفعل الثوري وخارج الفعل السياسي ، وهو أمر يرعاه الإتجاه السائد في المجتمع الطبقي وفي نقاش الحزب مضيقاً وقابضاً معناه عن جهة الكادحين والمهمشين في مدن السودان وأريافه بإعتباره المهمش صغارا، شتات، لا ثبات ولاقرار ولا كبير إعتبار لهم بسياسة البلاد أو الحزب!!
في ناحية فتح مفهوم الطبقة العاملة جهة البرجوازية الصغيرة وتضييقه جهة البروليتاريا (= عموم العمال والكادحين) نجد إلتباس المقال والتقرير وإختلاطهما إختلاطاً شديداً فبدلاً عن إنتقاد تناول ووضع المسألة الرأسمالية في قلب مشروع التقرير السياسي بتلك الصورة التي أزاحت الوضع العمالي والإقتصادي العام وجملة ثقافته الثورية من المركز الطبيعي لها في قلب الحياة والتقرير وطردتها منه إلى مكانة هامش في فقرات مشروع التقرير نجد مقال السر قد ساير حالة مشروع التقرير السياسي في خطئه! ويمكن الإشارة إلى صور من ذاك الخلط وردت منذ بداية تناول مقال السر للمسألة الرأسمالية الواردة في مشروع التقرير السياسي الذي أعدته لجنة المناقشة العامة أخذها كما قدمت من ناحية شكلها في التقرير، أي بإعتباره وجودها المتعالي ذاك هو مسألة صحيحة مسلم بها (نوعاً ما) وهي في ذاك الوجود مجرد جزئية غائمة من تقديم وتحليل (مشروع) تقرير لجنة المناقشة العامة بصورة ضعيفة مهلهلة للوضع السياسي، وليست جزئية من تقديم وتحليل متناسق لجملة الوضع العام الداخلي بأعظم عناصره وأهم أبعاده الإقتصادية الإجتماعية والثقافية والسياسية وطرح متناسق لسياسات تكتيكية عامة لتغييره. ولو كان مقال السر إنتبه إلى هذه النقطة الشمسية لأضاف قوة حقيقية لموقفه ومقاله الإنتقادي الجسور.
كما كان ضرورة لفعالية مقال السر إنتقاد إزاحة المسألة العمالية والقومية من قلب مشروع التقرير السياسي وإبدالها بوضع عجيب للمسألة الرأسمالية في محلها مع تهميش وضع الركائز الطبقية والقومية لتنسيق وبلترة الثورة الشعبية القائمة فعلاً في كل نواحي السودان.
ولعل إنتقاد السر للخطأ الرئيس في مشروع االتقرير السياسي الإسعافي الإتجاه الذي اعدته لجنة المناقشة العامة بجهد جهيد من المناقشة المنهكة أصلاً بالخط المترهل لبنيتها الهلام الذي وضعه قلم السكرتير السياسي بشكل فردي وما تبعه من تغيب محاولة لجنة الحزب المركزية إصلاحها بأثر تواترات الأحداث ومتوالياتها بإمكانه تهديد الموقع المعنوي للسر -وهو مناضل نضير- في قلب مؤسسة القيادة الحزبية الثرية بالمناضلين (على علاتهم)، ولكنه إنتقاد لو حدث منه ضد هذا التهميش لحفظ للطبقة العاملة والشعب وللحزب وللوطن ولمقاله إمكانية أكبر للتغيير الجذري والإصلاح الشامل المتناسق بدلا عن إيراده الإنتقاد الطفيف الذي شنف به مقاله في ذوق رفيع وأدب حزبي جم زاد في تجاوزه عن الأخطاء وغفرانه لها أو إرجاءه مناقشتها لحين المؤتمر حتى غاير المقال لحد ما موضوعه وهدفه.
ان مقال السر بمناقشاته أمر الرأسمالية دون إنتقاد لطبيعة وضعها الديكتاتوري في مركز البرنامج العجيب المقترح للحزب (الشيوعي) بمجرد صياغة لجنة المناقشة أو تقدير السكرتارية، نقل من حيث يدري أو لا يدري موضوع الرأسمالية ودورها المخرب في السودان من حالة الوجود في داخل الحزب بالأسس الموضوعية التاريخية لدستوره وبرنامجه ولائحته في الصيغة الثورية الوطنية الديمقراطية إلى حالة القبول بل الإذعان والخضوع لوجود أفكار ومصالح الرأسمالية القديمة في قمة القيادة النظرية والعملية للحزب.
وبتحقق التغيير الرأسمالي في الكيان النظري والسياسي للحزب، سيفقد الحزب الشيوعي كينونة ثوريته وكينونة شيوعيته. وذلك رغم عوف السر وإنقباضه علناً وظاهراً من مسألة قيادة الرأسمالية لحركة الحزب و لجبهة أو تجمع لقوى (النضال) أو (التحول) الوطني الديمقراطي! رغم إن طرحه المنقبض كان ضمن سياق(أهمية الرأسمالية في مجال النضال الشيوعي) بتناقض أن يحققها عملاً ويعزز إنفاذها كأحد مغيرات إتجاه الحزب من الإشتراكية العلمية إلى نهج التجريب والصبر والمطايبة والتراضي والإنقاذ والإسعاف!!
كيف وقع مقال السر في هذا التناقض ؟
أولاً: إستلاب المقال بإعتبار المداخل المختلفة إما إلى طبيعة الرأسمالية وممارستها في السودان أو إلى أبعاد تطورها، وهي نظرة كونها المقال بتجاوزه الخاصة الطبقية في كتاب د.فاطمة بابكر وكتاب د.صدقي كبلو مما أضعف إمكانات عددا لزيادة البحث العلمي-السياسي في الموضوع، كما خلخلت في المقال أداة التغيير الجذري الثوري والتغيير السياسي. فبدلاً عن إتجاه المقال إلى البداية مما هو مشترك بينهما -وهو كثير- إستسلم المقال للناحية السلب والفرق البيزنطي بين المدخلين المختلفين في المقالين الكريمين بينما كان لمقال السر الإتجاه مباشرة إلى جهة الإيجاب والتعزيز والضفر بين عناصر جدل الرأيين، مما ينفذ الجدل الخلاق إلى قطر رأي جديد أكثر نضجاً من رأي الدكتورين فاطمة وكبلو بعيداً عن المحاولة المظهرية للحياد الموضوعي بينهما كرأيين ساكنين وهما ضدان جدليان .
ثانياً: سهو المقال عن تفاوت المداخل وجدلية طرحه عولج قليلاً ولكنه لم يمسك الحلقة الرئيسة لإدارة هذا الإختلاف التاريخي الثر والمفيد للخروج منه بإتجاه جديد من النوع الذي قمت بطرحه بصورة نظامية في "نقاط في دستور الحزب ولائحة وبرنامج الحزب"!
وجه هذا الفوات هونزوع المقال إلى التوفيق وجمع عناصر الإختلاف إلى بعضها ساكنة جامدة بمحاولته المواشجة الظاهرية بين الضدين الشيوعيين وإختلافهما لا في تقدير الوضع التاريخي للرأسمالية في السودان، بل في كيفية تقديرها حزبياً أبداية من سمتها العالمي وكينونتها الدولية المتمركزة أو من إتجاه سياسة معينة لإستقطابها. ويورد الأستاذ تاج السر بحرفية عالية مقاطع من أراء الأستاذين الفاضلين معقباً عليها بلا إنتقاد لأي منها وبصورة نورد في الفقرة التالية أهم ما فيها مما كان يمكن جمعه وحلجه وضفره وغزله في نسيج ثوري جديد:
يقول أستاذ السر تعقيباً على نظر د. فاطمة بابكر إلى الطبيعة التابعة والعميلة لرأس المال الأجنبي في كينونة الرأسمالية في السودان :
وفي اعتقادي أن الخلل الذي جاء في دورة اللجنة المركزية يوليو 1977م، انها لم تطرح مواصلة نهج الماركسية وقضايا الثورة السودانية في مواصلة الدراسة الباطنية لمواصلة اكتشاف مواقع الرأسمالية الوطنية التي تنزع للاستقلال عن رأس المال الاجنبي ، رغم ان ماجاء في الدورة صحيح من زاوية( علي الطبقة العاملة وحزبها ان تصارعا ضد مساعى البورجوازية الوطنية لقيادة الحركة الشعبية ، فحتى القادة الوطنيين المنحدرين منها يبقون اسري برنامجها الاجتماعي الذي يقود بالضرورة الي الارتداد علي التطور الوطني الديمقراطي)( ص، 17- 18 ).
هذا اضافة للدراسات التي انجزها الحزب الشيوعي في تلك الفترة مثل : ازمة طريق التطور الرأسمالي، 1973، دراسة حول الاصلاح الزراعي في مشروع الجزيرة ونشرت في مجلة الشيوعي العدد 145، القطاع التقليدي والثورة الوطنية الديمقراطية 1976، المتغيرات في القطاع الزراعي 1986، البنوك الاسلامية 1978، البترول، أزمة النظام المصرفي وبعد انقلاب يونيو 1989 صدرت دراسة عن الرأسمالية الطفيلية في نشرة دراسات اقتصادية 1996-1997، كما تابعت دورة اللجنة المركزية في اغسطس 2001 المتغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية بعد انقلاب الجبهة القومية، اضافات لدراسات مثل الخصخصة وغيرها. فالقضية الاساسية في اعتقادي أنه ليس الغاء دور الرأسمالية الوطنية المنتجة في البرنامج الوطني الديمقراطي ، ولكن في عجز الرأسمالية الوطنية عن قيادة الثورة الديمقراطية كما اكدت تجارب حركات التحرر الوطني ، وبالتالي لايمكن أن تسند اليها الدور القيادي بينما يقول الأستاذ السر تعقيبا على نظر د. صدقي كبلو إلى وجود تطور عددي ونوعي في النشاط الرأسمالي في السودان، وإلى تمييزه الأخلاقوي-الإقتصادوي بين ما يسمى بإسم "الرأسمالية الطفيلية "وما يسمى بإسم "الرأسمالية الوطنية" (العاملة في الإنتاج !) :
ولكن من المهم أن نأخذ في الاعتبار ان طبيعة التراكم الرأسمالي تتفاوت ولاتتغير طالما كان الهدف من اسلوب الانتاج الرأسمالي تحقيق اقصي قدر من الربح، وفي مؤلفه(الرأسمال)، المجلد الاول، يشير ماركس الي مصادر التراكم البدائي لرأس المال بقوله (ان اكتشاف الذهب والفضة في امريكا ، وافناء السكان الاصليين واسترقاقهم ودفنهم في المناجم وبداية غزو ونهب جزر الهند الغربية ، وتحول افريقيا الي منطقة لصيد ذوى البشرة السوداء علي نطاق تجاري، كل ذلك اعلن الفجر الوردي لعصر الانتاج الرأسمالي)(ماركس : رأس المال، المجلد الاول، موسكو 1974، ص 703). فالتراكم البدائي لراس المال، اذن تم عن طريق النهب، ثم انتقل بعد ذلك الي الاستثمار في الزراعة والصناعة وبقية الخدمات، وحتي في المجالات الانتاجية(الزراعة، الصناعة،..)، فان التراكم الرأسمالي يقوم علي نهب فائض القيمة من العاملين بايديهم وادمغتهم. فالرأسمالية الطفيلية في السودان التي حققت ارباحا سريعة عن طريق الفساد ونهب قطاع الدولة والتداول السريع لرأس المال وغير ذلك من الاساليب البشعة للتراكم البدائي لرأس المال، اصبحت جزءا من الرأسمالية السودانية، ومن المؤكد أن هناك اقسام منها سوف تنتقل الي انشطة انتاجية، وسوف تحقق اقصي قدر من الارباح طالما كانت الدولة التي تعبر عن مصالحها تصادر حرية العمل النقابي، وبالتالي ليس هناك فرق جوهري بين النشاط الرأسمالي الطفيلي والنشاط الرأسمالي الانتاجي، باعتبارهما من مكونات الرأسمالية السودانية، ولكن خطورة الدور القيادي للنشاط الرأسمالي الطفيلي [إنه]يترك البلاد لقمة سائغة للمؤسسات الرأسمالية الدولية ويعجل بتبعيتها لها، وبفقدان البلاد لسيادتها الوطنية، كما اكدت فترة مايو والانقاذ.
في كل واحد من التعقيبين الكريمين يركز مقال السر على طبيعة ((مسألة وجود الرأسمالية في قيادة التغيير)) وإن لم يوضح بكثافة طبيعة التغيير: هل هو تغيير تكتيكي سياسي عابر من النوع الذي يسميه "المشروع الوطني الديمقراطي"؟ أم هو تغيير ثوري جذري الطبيعة من النوع الذي يسمى بصدق موضوعي "الثورة الوطنية الديمقراطية"؟ وقد يكون رأيي تفضيل النوع الثاني الثوري الجذري للتغيير رأياً خاطئاً بإعتبار ان أي تغيير جزئي تكتيكي بحساب معين قد يؤثر كثيراً بالسلب أو بالموجبية على إمكانات تحقيق الهدف، ولكنه في هذا السياق أدق من مقال السر وقوة سعيه المتواصل والجاد في سبيل إمالة رأس المال إلى لكلكة أو برنامج "المشروع الوطني الديمقراطي" [وهو مشروع يشطب إسمه ومضمونه مفردة "الثورة" ومقوماتها] مما يشبه "برنامج غوتا" الذي نقضه ماركس: حيث نجد مقال السر في الظاهر يرواح في تناقضه خبطا وتضارباً بينما في مضمر وصريح قوله ترويج لأهمية وجود الرأسمالية وموجبيتها في برنامج الحزب (ومن سياق الوضع هو الحزب البرجوازي القادم بعد المؤتمر) وهو بالأحق برنامج لحرف وتغيير الحزب الشيوعي الحاضر على علاته عن إتجاه الشيوعية بعدما تم إطفاء النزعة الثورية فيه بإسم محاربة الستالينية ونقض إرثه النضالي السوفييتي القديم بكل حسناته بحجة نقد سلبياته!! ومع هذا التبخيس لإمكانات التفكير والتغيير الإشتراكي في العالم وفي السودان يمكن العثور على الإتجاه العام لقبول السر كينونة الرأسمالية في القمة النظرية والعملية للحزب (الشيوعي) بفحص تسلسل التناقضات البنيوية في مقاله وذلك على النحو التالي :
في جهة معينة فإن مقال السر عن تغيرات وتغييرات الرأسمالية في السودان يقوم بممارسة إنتقاد عام لطبيعة وكينونة النشاط الرأسمالي كنشاط إستغلالي طفيلي يأخذ الكثير ويعطي القليل وذلك بقوله ( التشابك بين رأس المال التجاري وروؤس الاموال في البنوك المشتركة وشركات التامين، والي ان الهدف تحقيق اقصي عائد من الارباح ، وبالتالى لايهمهم توفير ضروريات المواطنين، وبالتالي يقفون وراء عمليات التهريب والسوق الاسود وتجارة العملة..الخ.)) وبقوله : ((ليس هناك فرق جوهري بين النشاط الرأسمالي الطفيلي والنشاط الرأسمالي الانتاجي، باعتبارهما من مكونات الرأسمالية السودانية)) ، بينما في جهة أخيرة من مقاله الحيوي يعطي قلم السر للرأسمالية دوراً فعالاً في التنمية الذاتية بقوله( وهذا يتطلب لجم النشاط الرأسمالي الطفيلي ودعم الرأسمالية الوطنية المنتجة في القطاعين الزراعي والصناعي)) ويعزز تاج السر هذا التعارض والتناقض مع نظره الأول بقوله الأخير (تلعب الرأسمالية الوطنية المنتجة دورا هاما في اطار السياسة العامة للدولة الوطنية الديمقراطية))!!!
فلك أيها القارئي الصبور الكريم ان تنظر في هذه المقتطفات وأن تتأمل تفارقاتها ثم لك من ثم أن تنظر في عموم مقال السر إنتشار هذا التناقض العنقودي المتصل بمحاباة الرأسمالية ومناهضة النزعتين العمالية والريفية الذي يعصف لا بكينونة وجود ومشروعية الحزب الشيوعي السوداني فحسب بل عصف ويعصف أيضاً بكينونة وجود كثير من الأحزاب الشيوعية (الماركسية) مثل رفيقنا الحزب الشيوعي البريطاني الذي راد أو تابع نهج المنشفيك في اللعب والمحاورة مع الرأسمالية بدلاً لنهج الصراع الثوري ضدها فإنقسم ثلاثة إتجاهات+.
إن عملية البحث عن دور موضوعي للرأسمالية خارج نطاق الأزمة البنيوية للرأسمالية محلياً ودولياً وهي الأزمة الماثلة من تناقض إتجاه المشروعات الرأسمالية إلى زيادة الأرباح بتخديم التكنولوجيا والآلآت وتقليل الأجور وزيادة الأسعار والحروب هو إتجاه يضعف قدرة السوق على التصريف وبالتالي يخفض الأرباح الحقيقية للرأسمالية، مماهو مفصل في عدد هائل من المراجع وكذلك في مقالتي المؤودة في الميدان عن الأزمة الأمبريالية.
من هنا تتبين طبيعة مقال السر كمجرد عملية نظرية تحاول بشكل فوقي وسياسي أن تتجاوز الطبيعة اللابرلمانية للصراع الطبقي على الأرض والموارد في أضعف حلقات النظام الرأسمالي العالمي أي في مناطق النزاعات في الدول الفاشلة رأسماليةً، فالناظر إلى الشكل القومي وحتى الشكل القبائلي المسلح لصدام المصالح الطبقية في السودان وإعتراكها العام على سلطة الدولة وطبيعة تنظيمها وتوزيعها لموارد الإنتاج والعيش وطبيعة ترتيبها لأوضاع وسائل وقوى الإنتاج ومدى قسطها جهوده وتوزيعها ثمراته، يكشف بقوة وضوحه عن الحاجة الموضوعية إلى خروج حزبنا الشيوعي من الحالة المنشفية لإنتظار التطور النوعي للرأسمالية ومن بؤس المحاولة العبثية والتضحيات المجانية لإمالة الرأسمالية إلى صفوف النضال الطبقي ضد الرأسمالية !
صحيح أن الرأسمالية جزء مؤثر في تركيبة المجتمع السوداني ولكن كما هو معروف فإن ضرر هذا الجزء كان ولم يزل أكثر من نفعه، وإزاء قيام الرأسمالية وحرية السوق بإستغلال وتهميش الناس ونهبها منهم موارد وإمكانات الحياة في القرى والمدن، وصحيح إن هناك تفاوت في تقدير موضع دائرة السرقة الكبرى في تاريخ السودان وإقتصاده السياسي أتقع في طريق الغرب أو في نفط البلاد أو في أراضي النوية أو في مشاريع الشمال أو حتى في مشروع سندس؟ أو في نهب البرجوازية الكبيرة والصغيرة وتبديدهما أعمار المنتجين والكادحين وقيام هتين البرجوازيتين بإستهلاك آمالهم وجهودهم؟
أما في صحة وقائع الإستغلال والتهميش والنهب المادي والمعنوي لموارد وجهود وخيرات الإنتاج من عموم المنتجين والكادحين وفي قلبهم الطبقة العاملة الصناعية والزراع والرعاة فالأنجع لوجود حزبنا الشيوعي السوداني أن يخرج كحزب ثوري من الكمين الذي أوقعته فيه سياسات الإنقاذ والإمبريالي، ليس بالخروج من البرلمان الإنتقالي فحسب وهوخروج حميد لأنه سالب على وضع الحكم ككل، بل تفعيل هذا الخروج بحركة موجبة لحدوث إجتماع سوداني جديد، حركة أشد من سابقاتها لا أرخى منها حركة تخرج بالقوة الثورية للطبقة العاملة وعموم الكادحين وأزر مناضليها في العاصمة وفي مدن الريف إلى توسيع وتكريب تحالفات الحزب الشيوعي مع نضالات المهمشين في أنحاء السودان وضواحي مدنه.
ويمثل تحقيق هذا الخروج المطلوب من الحزب فعلاً موجباً يوقد له سراج النضال ويمتشق لتحقيقه سيوف الحقيقة والفداء لأنه يمثل توفيراً وتحضيراً لإمكانات أكبر لعملية بناء أسس مجتمع متناسق في موارده وفي جهوده وعائداتها تناسقاً قيماُ مستداماً بصورة إشتراكية علمية متقدمة تتقدم بقوى المجتمع من حالة نقص الموارد والتكالب عليها إلى حال تنمية متوازنة تتيح إمكانات متناسقة في مناطق السودان وبين قواه العاملة لإنتاج ضرورات العيش والحياة وشيئ من كمالاتها دون قدر زنيم من الإستغلال والتهميش.
ولكن أيكون المانع من إتجاه حزبنا إلى قوى المهمشين في مشروع التقرير السياسي وفي مقالة الأستاذ تاج السر عثمان هو: الطبيعة الثقافية الإجتماعية لغالبية قيادة الحزب؟ ففي تقرير أعمال اللجنة المركزية للحزب الشيوعي 1977( القادة الوطنيين المنحدرين منها [=البرجوازية] يبقون اسري برنامجها الاجتماعي الذي يقود بالضرورة الي الارتداد علي التطور الوطني الديمقراطي))؟؟.
ربما هو ذا السبب الذي جعل التيار المسيطر في حزبنا طيلة السنوات بعد 1971 باشاً رحباً في التعامل والتجاوب مع قوى شبه الإقطاع والرأسمالية ومبادراتها السياسية الإنتهازية وحتي تعامله الأخير مع سلطة إنقلاب الجبهة الإسلامية رغم كل الجرائم التي أرتكبها ولم يزل موغلاً فيها بدعوى الإستجابة لضرورات "السلام" رغم ان حزبنا حذر في التعامل مع قوى الهامش ونضالاتهم المسلحة بضرورات "العدل" !!! لا يلقي قادة الحزب إليها هماً أو بالاً.
هم طرح قادة الحزب ومقال السر بـ"السلام" في تبرير تعاملهم مع سلطة جرائم الحرب دون هم بـ"العدل " في التعامل مع نضال حركات التحرير يسفه حقيقة مادية تاريخية واضحة بينة هي إن نضالات التحريرأخرجت فعلاً ثلاثة أرباع البلاد من السلطة المباشرة للحكم الرأسمالي المركزي وشكله العسكري الإسلامي فلم يبق لأهل سلطانه إلا مثلث حمدي يزين فيه إنتقالية حكم مزعومة بوضع بعض القادة الوطنيين مغلقين في قاعة البرلمان وبالسماح لبضعة صحف بالصدور مراقبة مقيدة مغلولة أن لا تنشر -غالباً- إلا ماهو مرخص ومسموح بنشره!
إضافة إلى الأبعاد الخطيرة على موضوعية وحقيقية السلام بخلب هذا الإنتقال الزيف من شكل رأسمالي ضار إلى شكل رأسمالي خبيث وتقديمه بالصورة الضعيفة تنظيمياً وفكرياً كحل للأزمة العامة الطبقية-الإقليمية التي إنتجت ولم تزل تنتج الحروب .
في رأي ان تخديم مفردة "السلام" تم لصالح التصورات الليبرالية وإسعاف جثة هيئتها الماثلة في دولة السودان القديم، تخديماً ضد وجود وتقدم الحزب: حيث جُعل المفهوم الليبرالي للسلام ختاماً فضفاضاً لكثير من تفاصيل المناقشة القديمة في حزبنا ومتوالياتها وتمركزها العبثاً حول (أهمية) الرأسمالية في التغيير الشامل!! وذلك في عناية أكثر بدور الطبقة العاملة وأهميتها النوعية في قيادة تقدم مجتمع متخلف زراعي رعوي ذي تركيبة صناعية وخدمية مشوهة رغم إزدحام بلاد هذا المجتمع بكم كثير من الأيادي والثروات الطبيعية والنفطية والبشرية والمالية، ورغم توافر قدر زائد يومياً من (الإنفراج الدولي) بعد تآكل وتكسر كل من سياسات "المحافظة الجديدة" وسياسات "الليبرالية الجديدة" وتحطم غطرستها في إنحاء العالم المسالمة وأنحاء العالم المحاربة.
هنا من المهم ذكر التأثير الموجب في الحالة السودانيةً للمقاومة العالمية لشروط النظام العالمي الجديد مع توالي خسائر الجيش الأمريكي وتوابعه في أفغانستان وفي العراق وفي الصين الشعبية وفي كوريا الديمقراطية الشعبية التي أجبرت أمريكا بالضغط النووي وبتسليح كوريا د.ش. الدول العدوة للنظام العالمي الجديد وبدعم المقاومة الشعبية على سحب عشرات ألوف من قواتها في كوريا الجنوبية) وفي أمريكا الجنوبية وفي الهند وفي نيبال وفي قبرص وحتى في كثير من دول جنوب أفريقيا، ورغم إنهيار تناسبات التكاليف والمدفوعات والتصاريف وأرباحها ومصارفها في تلافيف ومظاهر صدمة الأسعار وعموم الأزمة الإمبريالية الحاضرة !!
3- التناولات الفوقية والسطحية لجدل المسألة الطبقية والمسألة الوطنية:
في عرض شيق وسلاسة سلسبيل تناول الأستاذ تاج السر عثمان جدل المسألتين القومية والطبقية في السودان في مقالتين منفصلتين من سلسلة مقالاته المتصلة بسد جانب من نواقص مشروع التقرير السياسي وعموم الثقافة الثورية والشيوعية في السودان والعالم ولكني في هذا المقال الإنتقادي أشتغل عليهما معاً في هذه الفقرة لأسباب ثلاثة من موضوعية تواصلهما، ومنعاً للتكرار، ولوحدة تناولهما للشأن العام من ضلعي هذه الزاوية الهامة في البناء الثوري والوطني، وقد جاءت عناوين مقالي السر في هذا الخصوص على النحو الأتي:
1- "الماركسية وقضايا المناطق المهمشة في السودان" 2- "المسألة القومية في السودان"
جاء في صدر المقال الأول المذكور آنفاً تحذير يحمل في طياته المثير الخطر وهو التحذير المضمر في الفقرة التالية:
أشار مشروع التقرير الي سياسات الرأسمالية الطفيلية التي قادت الي( تفاقم المسألة القومية والجهوية والهبت نيرانها، فاطلت برأسها كافرازات طبيعية والتوجه الحضاري الأحادي ، ومن ثم تعذر الحياة المشتركة لمكونات شعب السودان الحضارية، دعاوي الانفصال التي يغذيها اهل الانقاذ من جهة وغلاة القوميين في حركة الاقليات القومية والجهوية المهمشة من جهة اخري. ان هذا الوضع يهدد وحدة السودان ويضعف من قدرات شعب السودان علي مواجهة التحديات الماثلة من قبل حركة العولمة والنظام العالمي الجديد في سعيهما لفرض نهج التبعية وتكريسه وتمزيق وحدة البلاد ، وهذا واقع يتطلب المشاركة النشطة في المنبر العالمي المناهض لسياسات العولمة وتوجهاتها
في جهة التحذير القويم الوارد في هذا القول الماضي والإنذار به من حالة قيام دعاوى الإستقلال في أمصار وأقاليم السودان بنفع مصالح العولمة وإضرارها بـ"المصلحة الوطنية"!! ينشأ سؤآل إنتقادي ثنائي راكز إلى منطق الضرورة الأولية، وصيغة السؤآل هي:
هل الذي يضعف قدرات (شعب) السودان جهة المظالم المحلية والمظالم الدولية هو الفعل الرأسمالي الإستغلالي التهميشي الأصيل الذي يراكم ويركز الثروات والسلطات والحقوق بواسطة حرية السوق في التحكم في الموارد الطبيعية والمالية وأمور التشغيل وحجم المدفوعات إلى الضرائب وتواليات الإستيراد والتصدير والرخص التجارية والسياسية وشراكاتهم وما يقود إليه هذا التحكم الجلابي في موارد المجتمع السوداني من تحكم في السلطة وفي توزيع تخديمات الدخل (القومي) وفي توجيه الرسالة العامة لوسائط الإعلام والثقافة بتغييب رسالة التغيير والتنمية والعدالة والمساواة في الحقوق وإعلاء رسالة المحافظة على الوضع الظالم والتجهيل بأسسه وتغبيش نظر الناس إلى طرق تغييره؟، أم ان الأصل الأصيل في ضعف قدرات الشعب (=الكادحين والمهمشين وعموم المستضعفين) وفي معاناته هو فقط حالة رد الفعل التلقائي الغاضب لحقوقه أو رد الفعل الحركي المسطر والمنظوم من هؤلاء المستضعفين أو من طلائع التغيير في مجتمعاتهم ونهوضهم به على بعض ما فيه من قصور ضد أشكال ومؤسسات سياسة الظلم الثقافي الإقتصادي والإجتماعي ونظام الحكم القائم بها؟
من الجواب المنطقي على السؤآلين السابقين بأن الإستضعاف والتهميش في السودان ناتج أصيل من طبيعة النظام الإقتصادي الرأسمالي فإننا إذ نقف إزاء الحقيقة السودانية التاريخية الماثلة في إن الظلم الطبقي الرأسمالي المركزي للأقاليم وأريافها ومدنها هو الذي يقيد ويؤجج المقاومة ضده، فبالإمكان القول بأن الحركة الدولية للأنشطة الإمبريالية المسماة بإسم "حرية السوق" وبإسم"العولمة" كحركة تدخل وتحكم دولية ستفشل حتماً في السودان بأكثر من فشلها الحقيقي الحاضر لو أن رأي مشروع التقرير بصورته المجسدة في مقال السر -وهو رأي للحزب- خرج من دائرة الإشفاق والحذر الشديد في النظر إلى مقاومة المستضعفين في أنحاء السودان لنظام التبعية في الخرطوم وترك إعتباره المشفق من نضالاتهم وتحولها عملية رجعية في المستقبل ستنصر بشكل مباشر أو غير مباشر خطط التجزئة والتحكم التي يعولمها الإستعمار الجديد !! وهو منطق يشبه قبولاً ضمنياً بالظلم القومي الحاضر ورفضاً لمقاومته مقاومة عنفية إحتراساً وخوفاً على وجود السودان القديم ولو كان ذلك الوجود السوداني وجوداً سليمانياً أي كوجود النبي الملك الوارث سليمان إذ جاوز وجوده حد الوفاة والموت إلا تبادل الإرتكاز مع عصاه، فكذا حكم السودان وجملة وجودهالقديم بكل ما فيه فهو ميت فاقد لأصل ومعنى وجوده ومثله باق ظاهر لأنه متكئ مثله على عصا في المركز، فلماذا لا يكون الحزب هو النمل الأرضي الذي حرر الناس من سطوة السلطان والكيان الميت!!
صحيح إن بعض عشواء المقاومة الشعبية في السودان وشعث رؤوسها وتغبر أطرافها بتحول أقسام منها إلى المساومة وتفتت أقسام أخرى وذهاب أخرى إلى الإحباط (راجع رسالة البطل الفدائي هاشم بدر الدين حول نشاط الدول الغربية في تفتيت حركات دارفور) قد يفيد خطط الإستعمار المتحكم أصلاً في تمويل السودان وتجارته الخارجية وكثير من وجوه تجارته وسياسته الداخلية، لكن التصرف الأنجع في تجنب ويلات الإستغلال والتهميش الداخلي وتجنب ويلات الإستغلال والتهميش الدولية لا يكون بالطلب من المقاومين الدخول في مساومة جماعية على أبسط حقوق وجودهم وحماية حياة مجتمعاتهم وقراهم من الحرق والقذف ونساءهم من الإغتصاب وعيالهم من التهجير والقتل والفظائع، الأنجع حتماً لإزالة الظلم الأصيل وويلاته ووقف نيرانه وقتل أسسه وأشكاله هو بعد الحزب الشيوعي من سخف وتوالي إغراء وإسترضاء الرأسمالية وجملة المنظومة الجلابية للإقتصاد ومركزها الأقل من 1% من سكان السودان وهي مؤئل دمار المجتمع حاضراً ومستقبلاً ، بل وصرف همة الحزب الشيوعي كليةً عن المحاولة العنيدة لإسعاف السودان القديم الذي فقد في مختلف بنياته جميع شروط الحياة الحرة الكريمة، والإتجاه من هذه الحالة العبث الدمار إلى حال حديثة لتنظيم جديد لوجود وقوى وجهود المجتمع والحزب الشيوعي السوداني وذلك لأجل تغيير نظام الإقتصاد والحكم تغييراً جذرياً بالتعاون والتعاضد مع حركات وقوى الثورة الشعبية في أرياف السودان. فبهذا التغيير الجذري -وحده- تتمكن القوى الثورية في السودان من التعامل الجدلي الفاعل والحذق والحاسم مع موضوع تجفيف وإزالة أصول التهميش والإستغلال وتسوية أشكالها الماثلة في إنفرادات وتركيزات حالة التخصيص والعولمة.
والظروف الدولية في الوقت الحاضر موجبة في جهة زيادة النشاط الشيوعي في السودان والعالم وتقدمه خاصة مع تفاقم الأزمة الموضوعية وعموم الخسائر الإمبريالية في المستويات العسكرية والإقتصادية والسياسية الدولية بل وتفاقم هذاالتفاقم في الدول (الولايات) المتحدة الأمريكية نفسها بنهاية العهد الجمهوري وتحطم صروح وطروح وديكتاتوريات "الليبرالية الجديدة" و "المحافظة الجديدة" وخروج التيار البوشي من حكمها ملوماً حسيرا وقد خسرت به أمريكا أكثر كثيراً مما ربحت. وهو الأمر الذي سبقت الإشارة إليه.
وفي ظل تحسن الظروف الدولية وكونها أرحب حاضراً ومستقبلاً لشؤون الثورة الوطنية الديمقراطية بجذورها الطبقية العمالية ومناطقها النازفة المهمشة وآفاقها التقدمية الإشتراكية في أمور الموارد والحكم وخاصة من ناحية إن أي محاولة موضوعية للخروج من الأزمة الإمبريالية ونهاياتها في مراكزها ستتصل منطقاً بعملية تجديد للسياسات الأمريكية بصورة تميل إلى تقدير المطالب العادلة للشعوب وإلى التفاعل الموجب مع حركاتها ونظمها الوطنية بدلاً عن السياسات الديكتاتورية القديمة التي زادت الدين الامريكي وأرهقت العملات والتمويلات بتذبذبها ورفعت تكاليف الإستثمار وأساءت توزيع الدخل وحطمت الفاعلية الامريكية داخل بلادها وجعلتها والأنظمة التابعة لها في العالم محلاً لهجمات فكرية وسياسية وحتى عسكرية (إرهابية) زائدة بصورة غير مسبوقة، إلا في فل الحديد للحديد.
وتوكيد هذا التوقع ومعطياته الحاضرة المفيدة لتقدم النشاط الثوري والشيوعي الخلاق في السودان والعالم موصول بمتابعة تسلسل الوضع السياسي في القلعة الإمبريالية إذ نجد ان المقاومة الواسعة في العالم للغطرسة الأمريكية وتدخلها الوقح في شؤون الدول قد غلبت صوراً من الإعتدال في إتجاه سياسات أمريكا المستقبلية غلبةً واضحة على الباقي من سياسات الغطرسة الإمبريالية التي أوردت أمريكا موارد الخسائر العسكرية والمالية المتصلة. أما لو زاد أمر الولايات المتحدة سوءاً فمن مقومات الأمان الموضوعي لوجود وحرية الحزب الشيوعي السوداني هي تعزيزه الإلتحام المبكروالعميق بمواقع الحركة الجماهيرية في البلاد والدفاع المتقدم عن قضايا حقوق مجتمعاتها وحريتها من حالة النقص في موارد العيش وتكالب الناس عليها وتقدمها إلى أحوال للكفاية من هذه الموارد والعدل في توزيعها والحرية في تنمية قواها مواردها بشكل إشتراكي علمي متناسق منظوم ، فالأمان الموضوعي للحزب الشيوعي بعيد عن إخضاعه للقوى الرجعية الرأسمالية ونائي (مثل موقف كتلة المناضل الجسور عبدالواحد محمد نور) عن إجابة الضغوط والإغراءات الدولية والنفاذ بها والدخول بهيلها وهيلمانها في برلمان عاجز في بنيته وتركيبته عن تغيير أي أمر في الدولة الظالمة إلى مصلحة الجماهير المستغلة والمهمشة.
ولكن لماذا تناول مشروع التقرير وهذه الفقرة المحبذة المقتضفة له في مقال السر موضوع العدالة الطبقية في أمر أمصار وأقاليم السودان ومقاومتها الظلم وأخذها خارج سياقها المعروف مأخذاً دولياً سالباً؟ إذ حلل مقال السر مألآت المقاومة الشعبية للمظالم في الاقاليم من جهة الفائدة التي يمكن أن تتحقق للإستعمار الحديث، بالتجزئة السياسية للإرادة الوطنية تجزئة يراها مقال السر ناتجة من المقاومة الشعبية للمظالم وبروز غلاة القوميين فيها من الناحيتين، وذلك دون أن يأخذ مقال السر بقوة أكثر موضوع العدالة الطبقية وأثرها الموجب في الوحدة الشعبية والوطنية لجهة حقوق ومصالح السكان والمواطنين في الأقاليم والتقدم من هذه الناحية المفيدة إلى ناحية أكثر وأعم فائدة ماثلة في أهمية إلتحام الحزب - كل الحزب- بنضال المستضعفين لأجل سودان جديد وضفره نضالات ثورييه في مدن السودان بنضال طلائع مجتمعات الأقاليم؟ أي بإختصار.. لماذا إتجهت فقرة مقال السر بإشفاق إلى تناول إنفجار مكونات السودان القديم في جانب وحيد وسالب من العوامل الدولية دون أن يتناول بتفصيل وموجبية كثير من العوامل الأخرى المفيدة والموجبة لفائدة هذا الإنفجار ونفعه في تطور النضال الطبقي للعمال والكادحين وتطور نضال الحزب معها وزيادتها وزيادته إمكانات بناء سودان جديد إشتراكي متحد؟ إن كان العذر والمبرر العام لهذا الحذر من مخططات الإمبريالية والإستعمار هو "الحرص الوطني" على وجود السودان القديم فلم لم يظهر هذا الحرص الوطني بهذه القوة في المقالات الأخرى التي ناقشت موضوع الرأسمالية في مشروع التقرير السياسي؟ فالرأسمالية كما ما هو معروف العدوة الأول للوطنية الحقة وهي بطبقيتها المفتت الأعظم للوحدة الشعبية والوطنية والثقافية! ولماذا لم يظهر هذا الحرص الوطني بأي شكل عملي في موضوعات وطنية جداً من شاكلة "التأميم" وضرورة سيطرة ديكتاتورية الشعب وحكوماته الوطنية الديمقراطية على أراضي الزراعة والمشروعات الصناعية والخدمية الكبرى والبنوك وإستثمارات النفط والذهب التجارة الخارجية؟ ولماذا غُيبت كثيراً في المقالات وفي النقاشات وفي أدآب الحزب وفي صحيفته -إلا مرة واحدة- مسألة "التخطيط" ؟ رغم ان التخطيط التنموي الإشتراكي الموازن بين كل من الموارد العامة، والحاجات، والقدرات البشرية والمادية، يعد بصورة عامة بيت الوطنية والعدالة الإجتماعية ولبها الرئيس في الإقتصاد ، مثلما ان الإقتصاد كعملية إنتاج وتوزيع لموارد العيش والحياة في المجتمع يعد عصب الحياة الداخلية والخارجية للدولة وموئل إحترامها لحقوق مواطنيها في الداخل وموئل إحترام حقوقها كدولة في العالم!.
هذا الإختلال بين كل من العرض السلبي لحق شعوب السودان القديم في مقاومة المظالم التي يتعرضون لها والخوف من آثاره السالبة على الوطن الممزق طبقياً والمُحتكر سياسياً والمتعنصر إجتماعاً وثقافة، والعرض الموجب لـ(حق) الرأسمالية في الوجود داخل التنظيرات الموجهة للحزب ونشاطاته، بل وفي طبيعة وشكل القيادة السياسية الجماهيرية التي يتوخاها، دون وجل أو خوف مماثل من مفاقمة تخريب النظام السوقي لتوازن وحياة البلاد والعباد! إنما يمثل تطفيفاً بيناً يشوب العدل والإوفاء في كيل وميزان الحرص الوطني داخل الحزب.
وهذا التطفيف في ميزان مقال السر بين حقوق الإقاليم المهمشة طبقياً وحقوق برجوازية المدن وجلابتها في الحفاظ على نمط الحياة والدولة القديم توجب الحالة الحاضرة لتآكل جثة التنظيم الإستعماري الداخلي في الوطن الذي أشرف به على الإندثار، توجب إوفاءه نظراً وعملاً بالتمحيص والتدقيق والإتجاه إلى بناء سودان جديد بدلاً عن الوضع السليماني الماثل ليس بتفعيل نشاط الحزب الشيوعي ضد الظلم الطبقي المركزي الظالم للأمصار والأقاليم فحسب بل إن هذه الحالة الحزن توجب إعتبار المسألة المركزية في التركيبة الطبقية الثورية لدستور وبرنامج ولائحة الحزب الشيوعي هي مسألة تحقيق العدالة والحرية في التقدم الإجتماعي المادي والثقافي المتناسق خروجاً من حالة نقص ضرورات ومعينات الحياة وتكالب الناس عليها إلى حال عدل وقسط وإشتراكية أيادي الناس في كسب مواردها وتوزيع جهودها وثمراتها، والكفاية بهذه العدالة الإشتراكية في توزيع الموارد والجهود والخيرات الناتجة منها من إنتاج أكثر تناسقاً في عدده ونوعه مع التقدم الحتمي في ضرورات ومعينات الحياة الإجتماعية الجديدة في كافة المجالات المجتمعية والإقتصادية السياسية والثقافية، بحيث يعيش الناس كافة وكافة الأمصار والأقاليم والمناطق فق مبدأ التكافوء في الحقوق والواجبات العامة تملكاً وإنتاجاً وخيرا.
أما ما جاء ببنية ونصوص مقال السر من إستمرار في الكيل بمكيالين بين حقوق الناس: مرة بالخشية على دولتهم ومجتمعهم الأكبر من التمزق جراء النضال! ومرة نقيضة للمرة الأولى إتسمت بالخشية عليهم من طغيان الدولة أو الإتجاهات العنصرية!! ودعوته ضد ذلك لحمايتهم من التهميش ووالده الإستغلال وإشهاره دفاعاً متوسطاً عن موجبات الرسملة ووطنيتها وإنتاجيتها المشكلة هذا الإستغلال والتهميش فهو خطأ شائع وأمر مكرور في الثقافة السياسية (= إشفاق المستعمر على المتحرر من إستعماره أن يواجه صعوبات جمة!!) ولكن منذ ما قبل الإستقلال وفي طول عالم المستعمرات والمستضعفات القديم إنكشف أمر قيام الطغاة ومواليهم بتخويف الناس وإقعادهم عن الثورة على أسباب المظالم حفاظاً على ما يصورونه زيفاً بأنه "مكتسبات الشعب والوطن"! ، لحال إمكان إعتبار هذا النوع من التردد في دعم ومساندة الإتجاه الطبقي الحديث في تجديد وقائع الحياة بالنضال الضاري، سهماً قاتلاً من قواتل السودان القديم، كانت نتيجته الإصطفائية القديمة تمييز بعض المجموعات العنصرية بحقوق تملك الموارد العامة وإختصاصها وإستئثارها بالأيدي العليا في الإدارة العامة لهذه الموارد ومجتمعها وبأقاليمها وبلادها ، مع تهميش باقي المجموعات العنصرية للسكان وتعطيل كسبها هذه الحقوق وخسف إمكانية تطورها التي نشأت مع أوهام وحقائق الإستقلال السياسي آنذاك.
وكما كانت تلك الأقواس والسهام قاتلة لشباب البلاد ومدمرة لكيان دولة السودان السياسي الإقتصادي والثقافي القديم في آخر عمر تلك الدولة وإحتضارها فكذلك تبقى ذات السهام الفكرية المسمة مسمة قاتلة في تدمير مشروع الوطن والسودان الجديد سوى إنه في هذه المرة ذات الشكل الداخلي الجديد لتبلور حركات التحرر الوطني (على علاتها) فإن هذا النوع من السهام المسمومة المضادة للحرية والتقدم الإجتماعي المتناسق بفعل سيادة ثقافة الطبقة السائدة في المجتمع القديم يجري حملها في كنانات الحزب الشيوعي كما في مقال السر وفي بعض تصريحات السكرتير السياسي ضد العملية الطبقية لتوزيع موارد السودان القديم في أقاليمه! بل ويجري إطلاق هذه الأسهم ووبلها ضد التحرر الداخلي فتاكة صارعة من نبلة وقوس حزبنا الشيوعي ونشابه، يشل بها تقدم حرية المجتمعات المستضعفة في السودان القديم الميت بينما ينسحب الحزب في ذات الآن من الإشتراك الفعال لا الرمزي مع تلك الحركات في صناعة السودان الجديد الإشتراكي المتحد.
بعد ذلك ينطلق مقال السر في تناول حركة الطلائع الثورية للمجتمعات المستضعفة يقدم موجباتها والسلبيات التي يتوجس منها في تحولات تاريخها ومستقبلها ، يقول في هذا الصدد :
كما أنه من ايجابيات هذه الحركات اثارتها لقضايا الكادحين والمستضعفين في الارض، ولكن نجاحها يعتمد علي الوضوح الفكري حول اسباب البؤس والفقر وفي قدرتها علي رفع الوعي الطبقي لا تغبيشه، و عدم احلال الصراع الجهوي والاقليمي محل الصراع الطبقي الذي يتجلي في اشكال اقتصادية وسياسية وثقافية. اضافة الي الربط العميق بين ما هو محلي والشأن العام في البلاد ككل، فقضايا الكادحين واحدة غض النظر عن اعراقهم واقاليمهم. ولكن الجانب السلبي في الحركات الجهوية هو خطورة تحولها الي حركات عنصرية استعلائية تكرس التمايز الاثني والعرقي ، مما يقود لتمزيق وحدة البلاد ويتم اعادة انتاج احداث رواندا. وعندما تتحول الحركات الي هذا الجانب الخطير، فانها تغبش الوعي الطبقي للكادحين وتزج بهم في آتون معارك اثنية خاسرة تقودهم في النهاية الي جرائم الحرب كما حدث في دارفور، عندما تم استهداف قبائل محددة علي اساس اثني.
إحتواء مقال االسر هذا التقويم الآنف المتوازن شكلاً بين الضحية والجلاد الشعبي أو الوطني الرسمي مشوب بالتناقض العميق ويبتعد كثيراً عن أوليات التاريخ الثوري للإشتراكية: فمقال السر يشفق صادقاً على الحركات النضالية لمستضعفي المركز الرأسمالي للإقتصاد والحكم أن تتحول حركاتهم في الأمصار والأقاليم إلى عنصرية ضاغنة ضد المركز وأهالي وقبائل سادته (ومعظم الحزب منها)، ولكن وجه التناقض بين داع الإشفاق ووواجب التحريض والتنظيم الثوري يظهر في ان هذا التقويم "الماركسي" اللالينيني لمختلف جداً عن التقويم "الماركسي اللينيني" العديل خاصة في مسألة الخشية على هذه الحركات الغضة من الأثار السالبة التي ينتجها نقص الوعي الطبقي فالسر والسكرتير السياسي يقبلان التخفيف والإستغناء عن مقومات الوعي الطبقي النظرية والعملية الرئيسة الماثلة في مفردات وخطابات: "الأيديولوجيا"، و"الثورة" و"التأميم" و"التخطيط الإشتراكي" و"المركزية الأممية"، و"إسم الحزب" وبالتالي طبيعته الطبقية وبالتالي طبيعته الفعلية في المسألة الوطنية-الإقليمية وفي الوعي بها فكلما إقترب الحزب الشيوعي من الليبرالية والرأسمالية والجلابة إبتعد موضوعيةً عن قضايا الهامش وعموم المستضعفين وإقترب من الثقافة العنصرية السائدة.
وفي الجهة الضد فإن المقال المنذر المحذر من إنحراف الحركات الإقليمية إلى جماعات وهجومات عنصرية هوجاء لا يلقي بالاً إلى الأثار الفادحة والنتائج العنصرية لتوجس وحذر سكرتارية الحزب الشيوعي نفسه من تذبذب نضال هذه الحركات وتغبش وعيها: فنهر السر يصب وهو المناضل المخضرم في محور إرتهان أغلب حزبنا الشيوعي للعمل القانوني وسياسات المدينة كليةً وتماماً وإبتعاده بمختلف المحاذير والتوجسات عن النضال المشترك مع هذه الحركات التحريرية وعن ضفر حركة ثورييه في المدن والعاصمة معها.
ان ابتعاد وحذر الحزب الشيوعي السوداني من حركات التحرير في السودان وحتى التعامل معها كحركات إقليمية لا قومية يسبب غباشاً أكبر في نظر الحركات إلى طبيعة العلاقات الإجتماعية والقبائلية والعنصرية المضمرة في السياسة السودانية أو في طبيعة تقديرها للطبيعة العنصرية لما يسمى "السياسة القومية" في السودان بطابعها المركزي الإستغلالي والتهميشي وبنزوعها الإصطفائي والإقصائي جهة الموارد والبشر: فمع آنفة الحزب الشيوعي من نضالها وترفعه عليه يزيد هاجس العنصرية في بعض هذه الحركات حين يرون قادة الحزب الكبار في البرلمان ولا يرون واحداً منهم في الميدان! وذلك بإفتراض غلبة الإستقراء السياسي الصرف في تقدير تلك الحركات لتدهور حالة حزبنا رغم إن قوة علاقات القرابة وصلة الرحم العائلية وشيئ كثير من عنصريات الزمان القديم لم تزل أقوى كثيراً في السودان والعالم من الروابط السياسية والحزبية وحتى من الروابط الدينية، وكل هذه الروابط السياسية وغيرها لا تحد المشاعر االنبيلة بالحقد الطبقي وإتجاهاته النضالية العامة النبيلة والموضوعية ولو سأل مقال السر الطبيب الثائر أحمد عثمان سراج الدين في أمر التقويم العلمي النفسي الإجتماعي للتواصل الحميم بين القوى السياسية في المركز وصولاً إلى حالة الود الدائم الذي لا تفسده قضية ما بين ظالم ومظلوم أو بالأصح لعدم التواصل بين الأحزاب النشطة في المركز والقوى المسلحة المعترضة على المظالم التي سببها هذا المركز في الأمصار والأقاليم لأتاه بالخبر اليقين
الوجس من حركات النضال الشعبي المسلح في أرياف السودان، وإمكانية دفعها لعنصريات عددا قد يبدأ تصحيحه بسوآل بسيط هو: كيف يكون من العدل والإنصاف مطالبة الجديد بالتوازن السياسي والعقلانية الطبقية بينما ذات القديم (الراسخ) الذي يطالبه بالإتزان يتعثر في الإلتزام بأبسط المقومات النظرية للإشتراكية العلمية؟ فبلاحديث عن المقومات العملية الجماهيرية للتغيير، وأهمها وجود خط سياسي طبقي حزبي واضح غيبته في الحزب كثرة المناورات والمداورات والمحاورات والإئتلافات والتحالفات اللاطبقية البعيدة عن حاجات وقدرات وآمال الطبقة العاملة وعموم الكادحين نجد إن الرأى الواجس بإنخفاض الحس والوعي الطبقي في هذه الحركات كان بالإمكان أن يغدو أكثر حرصاً وفاعلية جهتها لو انه تخلص من الحالة (الوسطية) والنزعة الجلابية التي تسود التكوين القومي والعنصري للجنة المركزية لحزبنا الشيوعي السوداني.
وهذه الحالة حالة تدفع إلى تذكر الموقف الخذول(نسبيةً) للجنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي من نضال الشعب الجزائري ومن نضال الشعوب الكمبودية والفياتنامية في سبيل الحرية والإستقلال وكذلك موقف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البوليفي في الستينيات وحذره من الحركة الثورية لأهل المناطق المهمشة في بوليفيا والتي تصدى لقيادة بعضها -بحكم الصدفة التاريخية- الثائر الشيوعي القح جيفارا باذلاً ورفاقه الأبطال كل وعيهم وجهدهم لتقدمها ضد مراكز سلطة التبعية للإمبريالية حيث وقفت تلك اللجنة المركزية العاصمية السمات تتفرج على نضاله ونضال مجموعته الطليعية الفدائية منتظرة تفسيراً طبقياً متماسكاً وأمنا على المستويين المحلي والدولي والأممي للموقف الماركسي أو الماركسي-اللينيني من ثورات الأرياف!! حتى إنتهت أمور أمريكا الجنوبية تخوم تلك المعركة لديكاتوريات رأسمالية رهيبة أنتجت حفاري قبورها خارج الأحزاب الشيوعية (الرسمية) وولدت بهم نضالات أقسى وأشد مثابرة وعنفاً وصلت إلى إنتصار معسكر النضال الشعبي المسلح في أرياف السكان الأصليين مما فتح الطريق لتحقق الإنتصارات الإنتخابية في مقرن سنوات القرنين العشرين والواحد والعشرين، وفي شأن مقارب لهذه المسألة يطلق الشاعر الشيوعي العراقي المجيد مظفر النواب شعره الخالد في نقده ضعف الموقف الشيوعي من الثوار الدينيين الذين لجأوا إلى الحرم المكي حتى تم قتلهم جميعاً قال بصوته الجهورالحزن: ((أيحتاج دم بهذا الوضوح إلى معجم طبقي لكي نفهمه؟))
بعد هذه الملمة بفقرات يتجه مقال السر من ذلك التطفيف إلى الإعتدال والعدل في وزن الامور وقسطها بشكل قيم حسن وذلك من خلال إيضاحه بعض الجوانب في العلاقة بين الإتجاه الرأسمالي والمظالم الطبقية والقومية للمركز في أمصار السودان وأقاليمه وكان ذلك من السر على نحو ذرب يسير إذ قال:
معلوم ان الفئات الرأسمالية التي حكمت السودان بعد الاستقلال سارت علي طريق التنمية الرأسمالي الذي كرس الفقر والاستعلاء العنصري والديني والعرقي، باسم العروبة والاسلام وتعميق التهميش التنموي والثقافي، وبالتالي ، فان الصراع ليس اثنيا أو دينيا ولكنه صراع حول اى الطريق نسلك؟: طريق التطور الرأسمالي الذي يعمق التفاوت الطبقي والاثني والديني والثقافي والتهميش ام طريق الثورة الوطنية الديمقراطية الذي يفضي الي ازالة التفاوت الطبقي والتهميش الديني والثقافي، ويرسخ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية؟.
كما اشرنا سابقا، أن طريق التنمية الرأسمالية بطبيعته يفرز التهميش بمختلف اشكاله الاقتصاية والثقافية والتفاوت بين المرأة والرجل وفي توزيع الثروة وتعميق النظرات العنصرية والشوفينية لتغبيش الوعي الطبقي للعاملين والكادحين حتي لايستطيعون ان يحددوا اين مصدر الظلم والوعي به وبالتالي العمل علي ازالته، وان الايديولوجية التي تقوم علي الاستعلاء العرقي والديني واللغوي تشكل الغطاء للنهب والاستغلال وسجن الجماهير في حدود مصالح وتطلعات ورؤى المركز الطبقي الحاكم، وان الايديولوجية التي تقوم علي العنصرية والاستعلاء العرقي تغرق الكادحين في حروب اثنية لن يجني منها الكادحون غير ان يكونوا وقود لتلك الحروب الدينية والعنصرية كما فعل هتلر وموسوليني في الحرب العالمية الثانية، وكما فعل نظام الجبهة القومية الاسلامية بعد انقلاب 30/يونيو/1989 ، بتحويل حرب الجنوب الي حرب دينية وعمّق الاستعلاء والتهميش التنموي والثقافي واللغوي، حتي نهضت الحركات المسلحة في دارفور وشرق السودان وغير المسلحة في الشمال تطالب بحقوقها ومطالبها المشروعة في ازالة التهميش التنموي والثقافي واللغوي. كانت تلك الايديولوجية الاستعلائية هي الغطاء للنهب والثراء باسم الدين وتعميق الفوارق الطبقية في البلاد حتي وصلت نسبة الفقر 95% ، واتخذت الدولة سياسات معادية للكادحين بسحب دعم الدولة للتعليم والخدمات الصحية والخصخصة التي شردت مئات الالاف من الكادحين واسرهم وزادتهم رهقا علي رهق، حتي اتسع مفهوم التهميش نفسه والذي اصبح يشمل الكادحين من المناطق المهمشة والكادحين في المدن الذي لاتغطي اجورهم تكاليف الحياة، اضافة للتهميش الثقافي والاثني واللغوي والجنسي والديني. في الفقرة أعلاه يظهر الخطأ الرئيس لمقال السر بوضوح أكثر يساعد على تجنبه فكون المصالح الطبقية هي التي تنتج المظالم والإفئتئاتات العنصرية بمختلف أشكالها وهذه حقيقة تاريخية عامة، فالأولى إتجاه حزبنا الشيوعي بقوة أكثر إلى إزالة مؤسسات وآليات هذه المصالح الرأسمالية لتتمكن عناصر السودان من تنمية أحوالها بصورة جديدة متناسقة. أما تخفيف عيار الإنشاء والكلم والتغيير الثوري وزيادة الفصل بين المصالح السياسية والمصالح الإجتماعية أملاً في آمان وسلامة الحزب فلا محيص إنه فعل يلطف الأمور لكنه يزيد حالات الإستغلال والعنصرية معاً، بل وينمي بقوة في الأمصار والأقاليم المستضعفة لحد التطهير العرقي مشاعر الإستقلال والحرية ويدفعها إلى التخلص من الأطر القهرية الإستغلالية والتهميشية بما في ذلك الاطار الوطني القديم المستهلك وكثير من أصوله وهيئاته.
الأنجع لحزبنا أن يزيد مقاومته للسلطة في المركز وفي المحيط وأن يمتن هذه المقاومة في الأقاليم أو بروافد إقليمية، وأن يجعل نفسه رافداً لحركة الثورة في الريف داخل المدن والمؤسسات القائمة في المركز، ولطليعية الطبقة العاملة المدينية في أعماق الريف الثائرة أما أن يصير الحزب الشيوعي بكل تاريخه المجيد على علاته إلى حالة مستدامة من إنتظار المؤتمرات العقيمة بين الضحية والجلاد والجلاد الأكبر فلا يعدو ذلك الإنتظار أن يكون واحداً من ميكانيزمات الدفاع والتضليل التي تنتج في العقل الرأسمالي والعنصري الباطن لأهل الحكم والمعارضة الرسمية. وقد ورد لهذا الإستبطان والإضمار الذهني لعقلية الجلابة ومصالحهم فقرة (متواضعة) من قرارات اللجنة المركزية دورة سبتمبر 1977 يظهر مواقف التلكلك والحذر والتعويل كإنفعالات مصالح وثقافات باطنة تظهر مع ضغط نضالات المستضعفين من أهل الهامش على قوى ومؤسسات المركز وأهاليه وأحزابهم ، وهو تناقض يظهر أيضاً في القول التالي:
...سارت الحكومات المدنية والعسكرية علي خطى التنمية الرأسمالية الاستعمارية التي عمقت الفوارق الطبقية والتفريط في السيادة الوطنية، وتكريس الفقر وتعميق التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، والاستعلاء الديني والعنصري والقهر والتسلط باسم الدين، وعدم الوفاء بالعهود والمواثيق.
فكيف يطلب مقال السر في جانب عام شروطاً إشتراكية (نوعاً ما) لتحقيق السلام والعدل في المجتمع بينما في جوانب أخرى للحزب والوطن ينمي قلم السر كثيراً من الإتجاهات الرأسمالية بأسماء ودعاوى الفعالية والواقعية والتجديد والدور الموضوعي للرأسمالية؟
وكذلك في مقاله الثاني عن "المسألة القومية" يواصل أستاذ السر ذات الإتجاه المتناقض: ففي إيضاحه العلاقة بين الإتجاه الرأسمالي لحكومات السودان القديم وإنفجار تناقضات ذاك الإتجاه الملغوم أصلاً بالأصوليات التجارية العربية الإسلامية التي حلت بهجراتها وممالكها الإقطاعية ومشيخاتها شبه الإقطاعية على حياة السودان الوسيط (زماناً)، يقول السر في هذا الصدد: كل ذلك ادى الي تعميق مشكلة الجنوب التي انفجرت عام 1955م، وانفجرت مرة اخري بعد فشل اتفاقية اديس ابابا عام 1983م. كما انفجرت الحركات الاقليمية في دارفور وجبال النوبا، واتحادات شمال وجنوب الفونج، بعد ثورة اكتوبر 1964م، وقبل ذلك كان مؤتمر البجا الذي تأسس عام 1958م. طالبت تلك الحركات بمطالب مشروعة تتلخص في : تطورير وتنمية مناطقها وتوفير الخدمات الاساسية لمواطنيها(التعليم، الصحة، الخدمات-كهرباء، مياه - ، العناية البيطرية...الخ). وكانت تلك الحركات ظاهرة صحية حركت سكون وركود تلك المناطق وجذبتها الي حلبة الصراع السياسي والقومي والاثني، وطالبت بالاعتراف بهويتها الثقافية......علي أن المسألة القومية انفجرت بشكل اعمق واوسع في فترة الانقاذ التي عمقت الفوارق الطبقية والتنمية غير المتوازنة والاستعلاء الثقافي واللغوي والديني، حتي اتسع نطاق الحرب الذي شمل الغرب والشرق وجبال النوبا وجنوب النيل الازرق..الخ....
ولكن بعد هذا العرض الجميل يقف مقال السر عن أن يقدم تفسيراً طبقياً واضحاً لتعذر تنفيذ (الحلول) الليبرالية العامة التي تم الوصول إليها بمقتضى الدفع الدولي لإقرار "السلام" ( = حرية السوق في السيطرة على موارد السودان تحت شعار حرية الإستثمار ) لا شك ان وجود مثل هذا التفسير الطبقي سيعيد مقال السر إلى المسألة الرأسمالية التي تفشت أصولها وفروعها بالروابط المعيشية والثقافية الإعلامية وتمركزاتها في الحياة العامة لمدن السودان وأريافه حيث أضحت الرأسمالية بكل مظالمها تمثل العصب الحيوي لسيادة الوجود القومي العربي والإسلامي ووالمعين الأول للتعالي الطبقي لقواه الأكبر في السودان.
ويشمل هذا التعالي الطبقي وشيج العنصرية جميع أهلنا العرب والمستعربين في قيادة الأحزاب الطائفية ذات التركيب الرأسمالي المتخلف التي أضحى حزبنا الشيوعي بفعل التركيبة العضوية العربية والمستعربة لقيادته الجلابية وهمها بالتغيير البرلماني أضحى الحزب مجارياً السياسة السائدة في إتجاهاتها الإقتصادية والثقافية الظاهرة في تحكيم السوق وتديين الثقافة، ومع الأحزاب الرجعية ضد الشكل الأحدث من ذات المسائل الرأسمالية الإسلامية وهو الشكل الأحدث فاعلية والأشد قوة ً وتنظيماً وأدق إنتشاراً في السودان بل وأضحي حزبنا يجاري القوى الرجعية أحياناً قليلة حتى في نزعاتها العنصرية الكريهة التي تتجلى في بعض المواقف العامة مثل ما جاراها زماناً في السكوت على مذابح الجنوب القديمة أحداث متواضعاً بموقفه في أحداث "ود دكونة" وفي أحداث "الكرمك"، وفي الموقف الميت من التصفيات الدموية لـ"المؤآمرة العنصرية" والموقف الميت من مذبحة "الضعين" حيث أحرق وقتل وسحل أكثر من ألفي مواطن جنوبي لأسباب عنصرية. إلتزم الحزب فيها جانب المعرضة العقلانية والدعوة لتكوين لجنة تحقيق ثم سكت على هذه الخسارة الوطنية والإجتماعية والطبقية العظمى بينما ذات حزبنا يقيم الدنيا إذا ما تعرض بعض أفراده للتعذيب أو للإغتيال !!
يمكن رد جانب من هذه الخطايا التي إرتكبتها السكرتارية أو دينموها آنذاك الخاتم عدلان بإسم الحزب إلى تركيبة الجلابة العضوية والذهنية الظاهرة أو الباطنة في تركيبة قيادة الحزب الشيوعي وهو الوضع الذي تناوله مقال جيد آخر لأستاذ السر كشف فيه بقصد أو دونه تضارب الحس (القومي) والوعي الطبقي في قيادة الحزب وكان عنوان ذلك المقال الباسل الفريد في الحياة الثقافية والسياسية السودانية هو: "كيف تناول مشروع التقرير السياسي العلاقة بين الكادر القديم والجديد؟ " في "كيف تناول ...." يفيد السر قراءه بحقيقة مفزعة وهي إن اللجنة المركزية لحزبنا الشيوعي ((لايوجد بها عامل، يوجد بها زميلتان، يوجد بها زميل واحد من الأقاليم، من حيث التركيبة العمرية كل الاعضاء اعمارهم تتجاوز ال55 عاما ، لايوجد بها مزارع .. الخ)) وهذه التركيبة المفزعة مماثلة في جذورها التاريخية وسماتها العامة لجذور وسمات تركيبة كثير من الأحزاب الشيوعية في العالم، تركيبة أتت لها بالضعف النوعي مقابل كسبها زيادة ظاهرية في عدد أعضاءها سرعان ما تلتهمها الأحداث والظروف والمشاكل والتناقضات الذاتية والبينية الثانوية مع تغييب قيادة مثل هذه اللجان للتناقض الرئيس في المجتمع بتوسلها وإدعاءها إمكان تغيير الأوضاع الإقتصادية الإجتماعية والسياسية والثقافية بالوصول إلى السلطة بالطريق البرلماني الذي يجسد ديكتاتورية السوق في أكثر أشكالها خبثاً وخفة دم. وعمود هذا التصور الرأسي بتراكم النضالات والتغيرات الصغرى والتجارب والخبرات ووصول هذا التراكم إلى نقطة الغليان والإنفجار الثوري الذي ستجعله هذه النوعية من القيادة السلبية يأخذ شكلاً برلمانياً يفضي إلى التغيير الشامل المستدام !! وهو خيال جميل فقير إلى التدقيق في العوامل الرأسمالية التابعة التي تشكل طبيعة الحياة التي تفرضها على الناس بما فيها من إستغلال وتهميش وإستلاب وتشييئ وإغتراب وتغريب للناس عن جملة الموارد والحقوق والحاجات والأحلام التي ينشدون تحقيقها كعوامل مضادة لتبلور وزيادة الوعي، مغيبة له .
ولكن مع إقرار السر في مرات عددا بـ(تواشج الأزمة القومية والأزمة الطبقية في السودان) كما في أوربا وفي آسيا وأمريكا الجنوبية وفي كل البلاد الرأسمالية حتى مع وحدة الديانة واللغة في بعض الأحيان وحتى مع مدنية وعلمانية وديمقراطية الحكم، فالقارئي يجد مقالي السر يراوحان بين إدانة الظلم ومسبباته الطبقية في جهة والترحيب بالحلول السياسية والإدارية (اللاطبقية) في جهة ضد ! أو بالأدق الترحيب الضمني أو حتى العلني بإسم (الواقعية) بالحلول الرأسمالية أي الحلول التي لا تتناول أس الأزمة الطبقية والقومية في علاقات ملكية الأرض والموارد ،وحتى إن تناولتها فهي تتناولها بطريقة عجول ضيقة عبر شعارات عمومية تختزل الحقائق الموضوعية في بلد مثل السودان رغم غناه باكل الموارد فإن إنتاجه النفط صار يمثل فيه أكثر من 70% من قيمة الإنتاج القومي بينما يشكل الإنتاج الصناعي وخدماته حوالى 20% على الأكثر بينما تتدهور قيم إنتاجه الزراعي ومبادلاته البينية مع تدهور العلاقات الطبقية –السياسية في الريف المأزوم أو المشتعل، فرغم خلل هذه النسب بالنظر إلى طبيعة عدد وتوزع الموارد والحاجات والقوى في السودان نجد مقال السر يتجه وفق الثقافة السائدة إلى الترحيب بالطرف الظالم في العلاقة الطبقية والتركيبة العامة للمجتمع عاداً إياه قوة ديمقراطية مختزلاً حالات التناقض الإجتماعي بدلاً عن إيضاح وجوهها وتقديم شرح مفصل يبين قواها ومصالحها وتناقضاتها وكيفية علاج هذه التناقضات!
ضعف هذه النقطة في الجوهرية في مقالي السر قد يكمن في طبيعة الأدب والذوق العام لكاتبهما النحرير إذ عاف السر في مقاله الإطالة والإسهاب وإلتزم خير الكلام الذي يقل ويدل ويمر؟! بينما خير الكلام في شؤون الدولة والحزب يجب أن يأتي واضحاً مفصلاً ومتناسقاً لا تناقض فيه مثلما في مقال السر بين الذكر المطول لتفاصيل تكون الأزمة القومية والعرض المقتضب لتبلورها طبقياً في العصر الحديث، والإختزال القابض والشحيح في عرض الإمكانات والعناصر الطبقية في حل الأزمة و القومية !! وإن كان ذلك كذلك ففي شكل تغيب فيه مفردات هامة في السياق القومي الطبقي مثال لذلك غياب مفردات وفهوم "النضال المشترك"، و"التأميم"، و"التخطيط"، و"الإشتراكية العلمية" ، كما هو مبين في التصور الخاتم لمقال السر المورد هنا طِبقاً لأصله بالشكل التالي:
• الوحدة والتنوع والاندماج والانصهار القومي والثقافي والاثني في السودان، هي نتاج تطور تاريخي. • الحل لايكمن في الانفصال وتمزيق اوصال البلاد، كما يبشرنا بذلك غلاة الانفصاليين في الشمال وفي حركات الاقليات القومية في المناطق المهمشة، هذا فضلا عن أن ذلك ضد التطور التاريخي للمسألة القومية في السودان، والذي عبرت عنه حضارات وثقافات السودان المتنوعة في الميل الي الوحدة، ولكن الحل يكمن في التكامل والتطور المتوازن والحكم الذاتي والعدالة في توزيع الثروة والسلطة، والوحدة علي أسس المساواة الحقيقية بين كل الاعراق والاثنيات ونبذ فكرة المواطن من الدرجة الثانية. • الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع هي الضمان ضد التشرذم والتفتت والانفصال الذي تكرّسه الدولة الدينية لتمحيص هذا التصور الثلاثي وإزالة تناقضاته يمكن إعمال السؤآل (أ) والسؤآل (ب) الواردين أدناه: (أ) كيف تنتهي حالة مواطن الدرجة الثانية أو الخامسة دون أن تكون لأقليم ذاك المواطن كرامة السيطرة على ثرواته؟ (ب) ماهي صلاحية الفكرة أصلاً وقت أن الأستاذ تاج السر يرفض المركزة الأممية لنشاط الأحزاب الشيوعية في المجال العالمي بمنطق أهل مكة أدرى بشعابها بينما ينادي بفوائد هذه المركزة على مستوى السودان و"فروع" الحزب فيه ؟!
هذا الخطأ الذي واشج مقال السر خطأ شائع في الحياة الحزبية ومن حالاته ودالاته الشهيرة ما ورد في مقال السر عن ان الحركة الشعبية لتحرير السودان حينما رفعت شعار "سودان إشتراكي موحد" عارضها حزبنا الشيوعي مطالباً لها بتقصير إيديولوجيتها بإعتبار إن الإشتراكية ليست هدفاً مباشراً له في تلك "المرحلة" [= يعني الفترة التاريخية] بل هدفه المباشر إسقاط حكم النميري وتأسيس حكم ديمقراطي [= ليبرالي (أي سيادة حرية التملك الفردي للموارد العامة)] !! وحينما رفعت الحركة شعار "الحكم الديمقراطي" المرتبط بديمقراطية شاملة للمجالات الإقتصادية عارضها الحزب بإعتبار إن الديمقراطية تحتاج زمناً طويلاً لتنمو وتنضج في ظروف السودان!!! وعندما قبلت الحركة موقف التفاوض مع الحكم الإسلامي رفض الحزب ثنائية المفاوضات !!!! وحين (نجحت) المفاوضات دخل حزبنا بمقرراتها برلمان السلطة الإنتقالية تحت جناح التجمع الذي دخل البرلمان مستقلاً ولكن كان فعلاً من فضل فصيله االفعال النشيط المبادر : الحركة الشعبية لتحرير السودان!!!!! ولكن بعد تعذر تنفيذ الإتفاق ومد خيراته لأقاليم السودان الأخرى بل وزيادة السلبيات والضغوط الإسلامية والأمريكية والوطنية الجنوبية على نظام وحكم الحركة في جنوب السودان لتوجيه الأمور إلى جهة الإستقلال عن السودان القديم بدلاً لإنتظار مماطلة وتآمر سياسي الشمال عارض حزبنا الشيوعي (عزلة) أو إنكفائية قيادة الحركة !!!!!! وفي كل الحالات كان الموقف العام لحزبنا -الحريص على الوعي الطبقي- في الأزمة الطبقية الأصل والقومية الشكل في السودان هو موقف المراقب المشير الحريص على وضعه القانوني وعلى قوميته العربية في وضع فاق موقفه كمشارك فاعل أصيل في التغيير الجذري للنظام الطبقي-القومي التراتبي الذي قسم فيه حكم القرش الأحمر مدنياً كان أو عسكرياً علمانياً أو متديناً وفرق الناس لأجناس محظوطة بشيء من الرزق والتعليم والعلاج والإتصال والأمن والثقافة والرفاه، تمثل الأقلية الحاكمة وأولياءها صراحة أو إستفادة ومشاركة في الغنيمة وأجناس أخرى مزرأة أو مرزءوة منكودة لمجرد وقوعها في داخل أو في خارج منطقة إستثمار الجنس الأول من المواطنين تمثل السواد الأعظمفي سكان السودان وقدر من الناس بين بين فيهم سواد العاصمة والمدن ومتوسطيها والمهمشين . بعد هذا السرد يمكن النظر إلى مدى موضوعية مشروع التقرير السياسي للجنة المناقشة العامة ومشروع البرنامج الجديد الذين واشجهم مقال السر في هذه النقطة الطبقية-العنصرية ومدى إيجاب وفاعلية فك قضايا السودان الجديد وحرية وكرامة الأقاليم المستغلة والمهمشة وعزلها أو إبعادها عن قضية التغيير الطبقي لوضع السودان السياسي!!!!!!! كما يمكن النظر في مقال السر إلى غرابة فاعلية فك قضية التحول الإجتماعي الثقافي عن قضية التغيير والتحول الطبقي في السودان لصالح ربط نفس قضية التغيير والتحول الطبقي في المجتمع المعين بتنمية علاقات رأسمالية (منتجة) فيه!!!!!!! وفي هذا الصدد قد يكون ربط تحسين أحوال الهامش المضرور بوضع أفضل للرأسمالية التي سببت له الضرر بحرية تملكاتها وسوقها يرتبط هذا التحسين والإسعاف المنشود في مقال السر - نوعاً ما- بشاعرية( داوني بالتي كانت هي الداء )).
4- في العمل القيادي لتكسير الحزب:
بمقالة أخرى بديعة تجلى فيها السر بعنوان:" كيف تناول مشروع التقرير السياسي العلاقة بين الكادر القديم والجديد؟" ذكر الأستاذ الرفيق نصاً من (كتاب) "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" وقد كان إيراد السر ذاك النص لعلاج بعض سلبيات مشروع التقرير السياسي جهة قضية تنمية كوادرالحزب (ضباط حرب الطبقة العاملة وعموم الكادحين في النضال ضد الإستغلال والتهميش) وفي سبيل هذه التنمية الرفاقية تحدث ذلك النص عن( تنقية الحياة الداخلية لحزبنا وقيامها علي اسس ماركسية حقا في صراع الافكار المبدئي وبالمسئولية التامة ازاء قضية الحزب والثورة )) [ المصدر:الماركسية وقضايا الثورة السودانية، ص 182، طبعة دار عزة، 2008. ] ولكن مقال السر إتجه بمضمون النص الماضي الذي أورده إلى عرض مسألتين متوازنتين:
• المسألة الأولى: وهي مسألة موجبة تتمثل في نفي حالة تعميم الظواهر السلبية المعاصرة لنشوء الكادر الجديد على جميع أفراده التي أوردها مشروع التقرير (السياسي) بهذا الشكل المخل.
• المسألة الثانية:كانت أكثر إيجابية من المسألة الأولى وواشجت قضية الخلل في العمل القيادي وهو خلل أقترب من تدمير الحزب.
ولكن مقال السر يعرض هاتين المسألتين في إفتتاح نقاشه لنواقص مشروع التقرير وجملة الأنشطة الحزبية على النحو الأتي: • الخلل الأساسي الذي جاء في صيغة مشروع التقرير السياسي المقدم للمؤتمر الخامس هو التعميم علي كل الكادر الجديد، في حين أن للكادر الجديد شأنه شأن الكادر القديم له ايجابياته وسلبياته، كما أن التقرير السياسي انطلق من تقييم ذاتي لا علاقة له بدراسة عميقة انجزت حول الكادر الجديد. نلاحظ علي سبيل المثال في مديرية الخرطوم ان 39% من الكادر انضم للحزب في فترة الانقاذ، وهذا له دلالاته من حيث تصدي كادر شبابي للعمل القيادي والذي صارع بصلابة ضد نظام الانقاذ، رغم التعتيم الذي فرضه النظام علي هذا الجيل، ويعكس تصدى كادر شاب للعمل القيادي بعد الهجرة الكبيرة التي شملت الكادر بعد الانقاذ، وهذا يستوجب رفع قدرات هذا الكادر الفكرية والسياسية والتنظيمية حتي يواصل نشاطه القيادي باقتدار فهو مستقبل الحزب. • اما الخلل الثاني في صيغة مشروع التقرير السياسي [فهي] إنه لم يعالج بعمق قضية الخلل في العمل القيادي، والتي كان من نتائجها التوتر بين الكادر القديم والجديد.
ويدعم السر قوله عن أهمية تفعيل الكادر وتنمية أعماله وقدراته بذكر بعض التوكيدات الحزبية الأتي عرضها أدنى هذا السطر : فمنذ تأسيس الحزب أشارت الوثائق الى اهمية تلك القضية باعتبار أن تقوية وتحسين العمل القيادي من الشروط الهامة لاستقرار الحزب وبنائه ، وضرورة الارتقاء بقدرات الكادر الفكرية والعملية وتنمية الكادر الجديد ، وارتباط الكادر بالواقع والتفكير المستقل وضرورة اشراك الكادر في رسم سياسة الحزب ومحاسبة اللجنة المركزية وتوسيع دائرة العمل القيادي وتوسيع الديمقراطية داخل الحزب ( دورة ل.م 1952 ). كما أشارت الوثيقة الى أنه في بلد كالسودان شاسع مترامى الأطراف وبظروفه الاجتماعية المتخلفة يتطلب وجود كادر بمستوى متقدم يمكنه من قيادة المناطق وتوسيعها وتطويرها دون التدخل المباشر من مركز الحزب ، وهذا أمر يعتمد عليه مستقبل حزبنا. كما أشارت وثيقة المؤتمر الرابع ( الماركسية وقضايا الثورة السودانية ) الى ضرورة وجود جهاز حديث للحزب يتكون من مجموعة من المختصين في شئون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والاعلام والنشر .. الخ ، كما أشارت الى ضرورة تأهيل وتدريب الكادر في فروع العمل الثوري التي يباشرها ، كما أشارت الى أن مستوى الكادر وقدرته على المشاركة الحقيقية في رسم سياسة الحزب الشيوعي هما الذان يحددان مستوى القيادة الجماعية ، كما أشارت الوثيقة الى ضرورة اختيار الكادر على أساس موضوعي يضع في الاعتبار صلابته في النضال وتاريخ نضاله العملي وكفاءاته لمواجهة الظروف المقبلة. أما وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر ( دورة ل.م يونيو 1968 ) فقد أشارت الى أن القضية: ( هى انه اليوم بدخول بلادنا مرحلة جديدة من مرحلة التطور الديمقراط اصبح الاصلاح في عمل الحزب يتطلب الشمول ، وينبعث من حاجة جوهرية : وهى أنه اذا لم يستطع الحزب الشيوعي ان يغير من حياته الداخلية، وأن يطور هذه الحياة فسوف يصبح الحزب الشيوعي تنظيما بدائيا ومتخلفا، ولايكون في مقدمة الاحداث، بل يكون خلفها).
كما أشارت الوثيقة الى بناء مواقف الحزب على أساس العلم وامتحانها بالتجارب ، واستخلاص نتائج نظرية من هذه التجارب.كما أشارت الوثيقة الى ضرورة تطوير عملنا القيادي فيما يختص بالتحالف مع البورجوازية الوطنية والصراع ضدها حول مسألة قيادة الحركة الجماهيرية ، تطوير عملنا في القطاع التقليدي والجنوب ، منهج عملنا مع المثقفين ، الدين ، التنظيمات الديمقراطية : وكيف تكون جاذبة لجماهيرها ومتعددة في صورها واشكال عملها حتى تسهم في تغيير تركيب المجتمع.اضافة الى ضرورة تطوير عملنا القيادي والنظري فيما يتعلق بالارتباط الوثيق بين الحقوق الديمقراطية البورجوازية والديمقراطية الجديدة ، اضافة الى تحسين وتطوير العمل القيادي وتدريب وتاهيل الكادر العمالي والخط التنظيمي.هذا فضلا عن استقلال فرع الحزب حتى يكون القائد الحقيقي لجماهيره في الحى والعمل والمؤسسات الدراسية بدون الوصاية عليها.كما أشارت الوثيقة الى أن العمل القيادي اليوم يتطلب مستويات عليا من المعرفة الماركسية ويتطلب مستويات توجب اعمال الفكر وتوجب الانتاج وتوجب الاسهام المثمر في قضايا الحزب وقضايا الحركة الثورية . كما اشارت الوثيقة الى اهمية فرع الحزب والذي يعتبر عمليا لانظريا وحده وليس سواه هو القائد لكل نشاط يجري حوله والمسئول عنه ، لقد عانينا من هذا كثيرا ، عانينا من الوصاية التى تفرض على فرع الحزب ، فتطبع الحزب بطابع واحد عقيم وتسلب عضوية الحزب من ارادتهم وتجعلهم متفرجين في كل ما يختص به من افكار جديدة ، وتجعلهم يحجمون عن اثراء الحزب بافكارهم وتجاربهم ، وهذا الاتجاه الذي يصادر الديمقراطية المركزية يخلق السلبية ويحد من طاقة الفرع. أما وثيقة في (سبيل تحسين العمل القيادي بعد عام من المؤتمر الرابع) ، دورة ل.م مارس 1969 م ، فقد أشارت الى أن : العمل النظري اصبح يشكل واجبا مقدما للنشاط القيادي ، وفي النشاط العملي واليومي لدى أعضاء الحزب الشيوعي. كما أشارت الى ضرورة العمل الجماهيري الصبور أداة للتغيير بديلا للتكتيك الانقلابي ، كما أشارت الى انه رغم انجازات المؤتمر الرابع في ميدان العمل النظري وفي تجميع الافكار حول قضية بناء الحزب الشيوعي ، وتطبيق الماركسية باستقلال على ظروف السودان ، ولكن المؤتمر لم يحل قضية القيادة الجديدة التى تجئ لسيادة تلك الافكار والانجازات ومعبرة حقا عنها.كما أشارت الى ( التناقض بين الوعي المنتشر بين أعضاء الحزب وبين القدرات الراهنة للنشاط القيادي في الحزب). كما أشارت الوثائق الى ضرورة تطوير العمل القيادي بعيدا عن الصراعات غير المبدئية أو الصراعات الذاتية المدمرة للعمل القيادي. بعد يوليو 1971 ، كان من أهم الدورات التى عالجت قضايا العمل القيادي في ظروف الردة وفي ضوء تكتيكات الحزب في تلك الفترة ، دورة يونيو 1975، أشارت الدورة الى دورفرع الحزب وتاهيله ووحدة الفكر والارادة والعمل وتحسين العمل القيادي في حياة الحزب الداخلية من الفرع وحتى اللجنة المركزية ، والارتقاء بالصلة بين القيادة والقاعدة وتحسين العمل القيادي في النشاط الجماهيري ، وتبسيط العمل القيادي واشكال الصلة مع الفروع بحيث تنساب في يسر وسلاسة وبدون حلقات وسيطة كثيرة تباعد بين القيادة والفروع، واستخلاص فروع الحزب لبرامج وخطط عمل من دورات ل.م ، ودراسة الوثائق التى تسهم في تطوير خط اللجنة المركزية.اضافة لتطوير وتحسين عملنا القيادي في الجنوب والقطاع التقليدي وممارسة المركزية الديمقراطية باعادة انتخاب الفروع لمكاتبها. أما دورة ل.م ، ديسمبر 1978 م فقد طرحت قضية الكادر باعتبارها الحلقة الرئيسية في العمل القيادي وفي مهام بناء الحزب ، كما حددت الشروط لانتقاء الكادر المتفرغ وتأهيله سياسيا وفكريا وتخصصه في فرع من فروع المعرفة ، وتوفير احتياجاته الاساسية حتى يكون من المنتجين والمبدعين في فنون النشاط الحزبي المتنوع. وجاءت دورة سبتمبر 1984 م بعد 14 عاما من الردة لتحدد اسبقيات العمل القيادي والتى تتلخص في : تحسين ودعم التركيب القيادي ، ترسيخ قواعد العمل السري وانتقاد الخلل في التامين الذي ادى الى ضرب وثائق كثيرة مع الكادر في المركز والمناطق ، الحد الادني والمستقر والدائم من الطباعة ، تحسين التكوين الشيوعي للكادر ، مقرر الزامي للمرشحين ، توسيع حلقة الكادر المتفرغ ، التوجه لبناء الحزب وسط الطبقة العاملة. اشارت الدورة الى أن التمسك بالاسبقيات قضية فكرية في المقام الاول ، فان هذا التمسك يتحقق عبر الصراع الفكري ضد روح التشتت وردود الفعل ، وتقليب ماهو عابر وثانوي على ماهو ثابت وجوهري .( ص 7 ). كما قدمت سكرتارية اللجنة المركزية نقدا ذاتيا في الدورة على تأخير طرح الاسبقيات لأنها قضية مستقلة عن نهوض وانحسار الحركة الجماهيرية ، ولكونها بهذا المعنى جوهر العمل القيادي ومعيار تقدمه أو تخلفه ، وفعاليته أو ضعفه ، وكان الواجب متابعته منذ طرحه في دورة يونيو 1975 ليس فقط في سكرتارية اللجنة المركزية والهيئات المركزية ، بل في كل هيئات وفروع الحزب. كما عالجت الدورة ايضا مهام بناء الحزب مثل قضايا الخط التنظيمي ، التركيز على بناء الحزب في المدارس الثانوية والمعلمين ، كما عالجت حالة المكاتب المركزية وحددت الاسبقيات المطلوبة للمكاتب المركزية ومهامها مثل : المكتب التنظيمي ، المكتب المالي ، اللجنة الاقتصادية ، مكتب التعليم الحزبي ، .. الخ. كما تناولت الدورة حالة الحزب في المناطق وفروع الخارج ومهام بناء الحزب فيها ، وتناولت ايضا تحليل فحص كادر 1978 ، ومهام البناء المستخلصة من ذلك الفحص . والدورة ماثلة للطباعة ، اى لم تنزل لعضوية الحزب) وقعت انتفاضة مارس – ابريل 1985 ، وبعد الانتفاضة نشأت ظروف مد جماهيري جديدة ، تركت بصماتها على الاسبقيات التى طرحتها دورة سبتمبر 1984 ، وعالجت دورة ابريل 1985 قضايا الانتفاضة ومهام بناء بناء الحزب في الظروف الجديدة استنادا الى الاسبقبات التى طرحتها دورة سبتمبر 1984 مع مراعاة الامكانات الواسعة التى فجرتها الانتفاضة. واخيرا ، جاءت دورة فبراير 1995 التى عالجت الخلل في العمل القيادي الذي حدث بعد انقلاب 30 يونيو 1989م ، وتم تصحيح مسار العمل القيادي وانتقاد تصعيد الزميلين الخاتم ووراق لسكرتارية اللجنة المركزية من خارج اعضاء ل.م وتصعيد زملاء أعضاء ل.م لسكرتاريتها بدون علم ل.م ، اضافة لتهميش اللجنة المركزية التى لم يعقد لها اجتماع لفترة ست سنوات ، وتصحيح مسار المناقشة العامة حسب ضوابط لائحة الحزب بتحديد اطار عام لها ، وتحديد فترة زمنية لها وآلية لحسمها ، وتحسين العمل في التجمع الوطني الديمقراطي، وضرورة نشاط الحزب المستقل وتوسيع نشاطنا الجماهيري وضرورة اسهام الاعضاء والكادر في المناقشة العامة لتجديد الحزب والتمسك بضوابط العمل السري، كما عالجت الخلل في اختفاء عدد ضخم من الكادر الجماهيري مع تقدير تضحيات ذلك الكادر في الايام الاولى للانقلاب.
يورد هذا المقال نص السجل التاريخي النظري الذي أورده الأستاذ السر لقضية وجود الحزب ممثلةً في وجود وفاعلية كوادره،وهو إيراد وإقتباس طويل، ولكن لأهميته التاريخية والموضوعية كان من المهم عرضه قبل إنتقاد خطأ الحزب ومقال السر الرائع في هذا السياق، ولكن أيضاً قبل الشروع في هذا الإنتقاد يظهر أيضاً تقييم السر للحالة البدائية المتخلفة لعمل قيادة الحزب ومدى تخريبها أسسه قال: يمكن تلخيص مظاهر الخلل في العمل القيادي والتى لاتخطئها العين في النقاط التالية: 1. ضيق حلقة العمل القيادي في مركز الحزب وعدم التخطيط المنظم لدعم القيادة بكادر جديد في عملية تشترك فيها هيئات وفروع الحزب بدلا من طريقة (علوق الشدة) التى تتم بها حاليا ، وبالتالي تجديد دماء العمل القيادي، هذا اضافة لحالة التشتت وزحمة الكادر القيادي في سكرتارية اللجنة المركزية . 2 -غياب الخطة السنوية للجنة المركزية التى يتم فيها تحديد اهداف عامة يتوخى العمل القيادي تحقيقها في العام المحدد ، وبالتالي رصد ما انجز وما لم ينجز والمحاسبة ومتابعة الانجاز في الخطة القادمة. 3 - عدم التقويم الدوري لأداء الكادر القيادي : انجازاته ، اخفاقاته، في مواقع المسئولية التى يتسنمها. 4 - الخلل المزمن في العمل القيادي والذي اشارت له المناقشة العامة وانتقده مشروع التقرير السياسي، وهو عدم عقد المؤتمر الخامس لمدة اربعين عاما ، وبالتالى تم حرمان مجموع الحزب من عقله الجماعي في تلخيص التجربة وتجديد العمل القيادي، وتطوير الحزب مما ترك القيادة لحلقة ضيقة والحق الضرر الجسيم بالعمل القيادي. 5 - الصراعات غير المبدئية بين الكادر القيادي ، والتى ارهقت قيادة الحزب في تحقيقات كثيرة ، مما اضر بالعمل القيادي ، وحرف وجهته الى اشياء غير مفيدة. 6- عدم وجود السياسات الثابتة مثل : - لا سياسة عامة لتطوير مالية الحزب ومصادره المالية، حتى اصبح الحزب في اسوأ حالاته في جبهة الأداء المالي، وتلبية احتياجات جبهات العمل المتنوعة. - لاتوجد سياسة عامة لتطوير الكادر باعتباره عصب الحزب. - لا سياسة عامة حول التفرغ ، حتى تقلصت حلقة المتفرغين الى اقصى حد منذ تأسيس الحزب. - لاسياسة عامة لتطوير الأداء في جبهة العمل النظري. 7- اصبحت سكرتارية اللجنة المركزية بديلا للجنة المركزية 8- السلحفائية والبطء في العمل القيادي ، وتأخير الردود على التقارير والرسائل التى تصل من المناطق والمكاتب مما يضعف ويربك العمل القيادي ويفاقم المشاكل التى تحتاج لمعالجات سريعة. 9- -غياب التقرير السنوى الذي يضع امام اللجنة المركزية صورة الوضع في المناطق والمكاتب ، على سبيل المثال آخر تقرير ناقشته اللجنة المركزية عن الوضع في المناطق في دورة يونيو 2000م ، بل حتى تقارير المكاتب المركزية والمناطق لاتمر على اعضاء اللجنة المركزية ، بل اصبحت محصورة في سكرتارية اللجنة المركزية. وهذا يتطلب رفع القدرات الادارية لتصل تقارير المناطق والمكاتب قبل بداية العام الجديد ، حتى يتم منها اعداد التقرير السنوى وكذلك ولاية الخرطوم ، وهذا يختصر الطريق في تقديم المساعدات الدورية والسنوية للمناطق والمكاتب في تطوير عملها، بدلا من ترك ذلك لرؤية احادية ضيقة لسكرتارية اللجنة المركزية. 10 – غياب المجلة الداخلية ( المنظم) التى تلخص تجارب المناطق والفروع في النشاط الداخلي والجماهيري لأكثر من 17 عاما ، مما اضعف المسك بقضايا ومناهج بناء الحزب ، وتطوير الصراع الداخلي حول ذلك. 11 – تفجر الصراع بين الكادر القديم والجديد ، وعدم وجود المنهج القيادي السليم لاستيعاب الكادر الجديد القادم من الجامعات في فروع السكن والعمل ، وهذا ناتج وتحصيل حاصل من الخلل في العمل القيادي الراهن. 12 – عجز الكادر القيادي في سكرتارية اللجنة المركزية الناتج من تقدم العمر والمرض ، ورغم ذلك يتشبث بالعمل القيادي اللاهث يوميا ، بدلا من وجود المنهج السليم لتجديد دماء العمل القيادي ومساهمة الكادر الذي تقدم في العمر بعمق في تلخيص التجارب والكتابة في جبهة الفكر، بدلا من الجرى والتشبث ، حتى اصبح كالمنبت لاأرضا قطع ولاظهرا ابقي. 13 – العجز والقصور الواضح في جبهة الفكري حول قضية المرأة التى اتسع دورها في الحياة العامة ، مما يعكس الخلل في العمل القيادي والنظري وضرورة تطوير عملنا في هذا الجبهة الهامة. هذا اضافة لضعف وجود الزميلات في الهيئات القيادية من اللجنة المركزية والمكاتب المركزية ولجان المناطق مما يتطلب رفع هذه النسبة. 14 – الاضطراب والارتباك في التصريحات الصحفية وفي اجهزة الاعلام والذي اشارت له اللجنة المركزية ، هذا اضافة للخلط بين الرأى الشخصي ورأى الحزب حول القضية المحددة ، حتى اصبحت هذه التصريحات والمقابلات الصحفية الكثيرة تثير امتعاض أعضاء الحزب. 15 – ضعف منابر الحزب الاعلامية، كما أشارت العديد من ملاحظات الاعضاء والاصدقاء ، مما يتطلب تحسين عملنا في هذا الجانب. 16 – ضعف دورات اللجنة المركزية وخاصة في الجانب السياسي ولاسيما في الفترة :2001 – 2007 م من حيث المحتوى والتحرير أو الاعداد للنشر اضافة لتأخير نزولها ، كما عبر الكثير في ملاحظاتهم ومناقشاتهم لهذه الدورات. 17 – استمرار التناقض الذي ظل ملازما للحزب منذ المؤتمر الرابع ( بل قبله) ، مثل البدائية وحول نفوذ الحزب الجماهيري وارتفاع مستوى وعي أعضائه وعجز العمل القيادي عن تلبية تلك التطلعات، هذا اضافة لضعف القبض باسبقيات العمل القيادي كما أشارت دورة ل.م في سبتمبر 1984 م. 18 – ضعف جبهة الطباعة المركزية كما يتضح من العجز عن اصدار مجلة الشيوعي العدد 170 لاكثر من عامين ، وتراكم الكتيبات والمساهمات دون نشر. 19 – اتخاذ قرارات كانت تحتاج لتشاور واسع مع الكادر والمناطق مثل:قرار المشاركة في المجلس الوطني وتحديد المشاركين، وقرار الاجتماع مع المؤتمر الوطني دون التحديد المسبق لشروط المصالحة والحوار، والتشاور مع القوى السياسية الاخري لتوحيد الموقف التفاوضي.
ويوضح السر سببين أساسيين لتوالد وتراكم هذه الإختلالات التي تجعل حزبنا شبيها بالسودان القديم في موته السليماني هما: 1- عدم عقد المؤتمر الخامس لمدة اربعين عاما من الاسباب الاساسية لذلك الخلل ، نلاحظ أنه في الفترة يوليو:1971 – 1985 م ، لم يطرح في دورات اللجنة المركزية مهمة عقد المؤتمر الخامس ، ولكن طرح في الفترة: 1985 – 1989 ، ورغم الظروف المواتية الا أنه لم يتم عقده وهذا يرجع لمناهج وأساليب العمل القيادي التى كانت سائدة يومئذ ، اضافة لعدم انجاز بعض اللجان مثل لجنة البرنامج مشروع البرنامج حتى قيام انقلاب 30 يونيو1989 م ، نلاحظ استمرار هذا الخلل ، فقد قررت ل.م تكوين لجنة لاعداد مشروع البرنامج في دورتها في ديسمبر 1997 ، وحتى نهاية ديسمبر 2007 م ، أى لاكثر من عشر سنوات ولم ينجز المشروع مما يعكس البدائية والخلل في العمل القيادي. هذا اضافة لخرق لائحة الحزب بتعطيل اعلى سلطة في الحزب لأكثر من اربعين عاما.
2- الخلل الثاني هو الغاء المكتب السياسي واستبداله بسكرتارية للجنة المركزية، في حين أن السكرتارية أو الامانة العامة مهمتها التحضير لاجتماعات المكتب السياسي، التى ادخلت العمل القيادي في عنق الزجاجة واصبحت بديلا للجنة المركزية
بعد عرض هذه الإختلالات الجسيمة التي بقيت مدفونة بشكل ما طيلة نصف قرن تقريباً تأججت فيه نضالات وإنطفاأت فيه نضالات أخرى يقدم الأستاذ تاج السر عثمان جانباً من الحلول الضرورة لإصلاح العمل القيادي في الحزب على النحو الآتي:
انتظام عقد مؤتمرات الحزب ، باعتبار أن المؤتمر هو اعلى سلطة في الحزب وهو الذي يجيز سياسته واهدافه العامة وبرنامجه ودستوره او التعديلات عليهما ، وينتخب اللجنة المركزية الجديدة .
أن تصبح اللجنة المركزية القيادة فعلا لا قولا في الفترة ما بين المؤتمرين ، لقد عانت اللجنة المركزية في الفترة الماضية من التهميش ، على سبيل المثال تم في الفترة اكتوبر 1967 – نهاية ديسمبر 2007 م عقد 54 دورة للجنة المركزية ، تم عقد 17 منها في الفترة:1967 – يوليو 1971 ، اى بمعدل 3 دورات في العام ،بما يتمشى مع لائحة الحزب ، اضافة لوجود مكتب سياسي في تلك الفترة بما يتمشى ايضا مع لائحة الحزب، أما في الفترة : يوليو 1971 – نهاية ديسمبر 2007 م ، فقد تم عقد 37 دورة ، اى بمعدل دورة في العام، اضافة لتكوين سكرتارية للجنة المركزية الغت الدور القيادي للجنة المركزية، كما اشرنا سابقا، وهذا ايضا يتعارض مع اللائحة.على أن اسوأ ما افرزته تجربة السكرتارية هى تكوين سكرتارية مؤقتة في الفترة 1989 – 1995 ، والتى تم فيها تهميش اللجنة المركزية بعدم عقد اجتماعاتها لفترة ست سنوات ، اضافة للخل في العمل القيادي الذي نشأ في هذه الفترة والذي اشرنا له في المقدمة، والذي عالجته دورة ل.م فبراير 1995 م، ومازال هذا الخلل يلقى بظلاله السلبية على العمل القيادي حتى اليوم.
أن يصبح المكتب السياسي هو القيادة المركزية في الفترة بين انعقاد اجتماعات اللجنة المركزية ويقود العمل اليومي ويشرف على صحافة الحزب ومطبوعاته المركزية وعلى المتفرغين وتوزيعهم على فروع العمل المختلفة ، كما يشرف على المكاتب المركزية ولجان المناطق ويتلقى التقارير الدورية المنظمة عن نشاطها ومخططاتها ، كما يدعو لاجتماعات اللجنة المركزية الدورية واذا طلب ثلثا اعضائها ويحضر لها ويقدم تقارير دورية بنشاطه وانجازاته لها وينفذ كل قرارتها، ويعقد اجتماعات دورية ثابتة لقيادة العمل السياسي ومراقبته وتطويره، كما يمثل الحزب في صلاته بالاحزاب والهيئات الاخرى في حالة غياب اللجنة المركزية ، على أن يقدم أعماله في هذا الصدد الى اللجنة المركزية، كما أن اللجنة المركزية هى التى تنتخب المكتب السياسي ويخضع لمحاسبتها، اى أن المكتب السياسي يخضع لمراقبة اللجنة المركزية وليس قيادة لها وحتى لا يتحول الى هيئة أو شلة متكتلة بشكل دائم داخل اللجنة المركزية، وهذا يصحح الوضع الشاذ الذي نشأ باستبدال المكتب السياسي بسكرتارية للجنة مركزية لاوجود لها في دستور الحزب المجاز في مؤتمره الرابع اكتوبر 1967، والتى تحولت بوضع اليد الى قيادة للجنة المركزية لأكثر من 36 عاما ، هذا اضافة لتصعيد زملاء لها في غياب اللجنة المركزية ودون علمها مثل حالة الخاتم ووراق ،اضافة للاثار الضارة التى الحقتها هذه الصيغة بالعمل القيادي والتى اشرنا لها سابقا.
التخلص من حالة التشتت بتحديد اسبقيات العمل القيادي وتوزيع المسئوليات وترسيخ المؤسسية وضوابط دستور الحزب ، واشراك الهيئات والفروع في الاختيار للمكاتب والهيئات المركزية وعرض حصيلة الفحص على اللجنة المركزية ، وأن يكون التصعيد على أساس الكفاءة وليس الاستلطاف والمزاج الشخصي،
يتطور العمل القيادي من خلال الانتاج في مختلف المجالات السياسية والتنظيمية والفكرية وتطوير العمل النظري، والنقد والمحاسبة والتخطيط ودراسة الواقع ورفع قدرات الكادر القيادي الفكرية والسياسية والتنظيمية، اضافة الى بناء ادوات العمل وتحسين الطباعة ووسائل الاعلام الاخرى ، اضافة الى التامين وتحسين مناهج العمل الاداري ورفع كفاءة الاجتماعات وعائدها والتحضير الجيد لها ، باعتبار أن الاجتماع الناجح هو الذي يحقق اكبر عائد في أقل قدر من الزمن، وتطوير موارد الحزب المالية، وتجديد العمل القيادي وتطويره باستمرار، والحفاظ على التوازن بين حماس الكادر الجديد وحكمة وتجربة الكادر القديم، هذا فضلا أن القيادة والادارة اصبحت علما لابد من اتقان مناهجه وفنونه ، وتسليح الكادر القائد بمبادئ علم الادارة والكمبيوتر والتحليل الاحصائي والآساليب والمناهج العلمية في اجراء الاستبيانات والاستطلاعات وقياس الراى العام وسط التنظيم ، وعدم التعجل في اتخاذ قرارات دون دراسة.
تحسين تركيب اللجنة المركزية ، وتلك مهمة المؤتمر الخامس ، فتركيب اللجنة المركزية الحالية مختل وعلى سبيل المثال: لايوجد بها عامل، يوجد بها زميلتان، يوجد بها زميل واحد من الأقاليم، من حيث التركيبة العمرية كل الاعضاء اعمارهم تتجاوز ال55 عاما، لايوجد بها مزارع .. الخ. وبالتالى من المهم تحسين هذا التركيب بحيث يوجد في اللجنة المركزية كوادر مقتدرة من العمال والمزارعين والنساء، اضافة لتحسين التركيبة العمرية بتمثيل الشباب والدمج فيها بين حماس الشباب وحكمة وتجربة الكادر القديم،
تحسين التركيب القيادي لاينفصل عن نضال الحزب السياسي الجماهيري في هذه المرحلة الحرجة التى تقرر مصير البلاد هل تظل موحدة ام تتقسم الى دويلات؟
نقاط إنتقاد مقال السر: 1- جاء هذا المقال الثر البديع الجاهر بحقائقه ومعلوماته وتواريخه ومنطقه وتحليلاته وتقديمه إمكانات موضوعية للإصلاح حافلاً بتركيبة منطقية ثورية لتناول وتغيير كثير من وجوه الحياة الحزبية والسياسية فقد عرض مقال السر مظاهر وجذور وحلول الأزمة العامة لوجود الحزب الشيوعي السوداني بصورة أوضح كثيراً مما يدل عليه العنوان (الإداري) للمقال إذ قام جهد صاحبه بتمكن وبراعة بنقل موضوع "أزمة الكادر" من خانة علاقات العمل والإدارة الداخلية المحلية إلى خانة علاقات الإنتاج داخل دولة الحزب وحتى داخل الدولة السودانية .
2- إنصراف المقال إلى إصلاح الحزب لإصلاح وجود أعضاءه ورفع مستوى فاعليتهم بينما فاقدالشيئ يعجز عن منحه، ومن هنا تظهر حاجة الحزب الشيوعي وعموم الأحزاب النشيطة في مركز إدارة السودان القديم إلى مركزة قضايا وقوى الهامش
3- الإتجاه في مضمون المقال إلى علاج الظواهر السالبة والأزمة العامة في حياة الحزب وكوادره من خلال الإستمرار في نفس الإتجاه السياسي المعيق الذي تكرس في الحياة الحزبية في ظل سيطرة السكرتارية على أمور الحزب وتخريبها هيكل عمله ومقومات فاعليته وهو الإتجاه الليبرالي الذي يؤخر قضايا التحول الثوري والتغيير الجذري في مجالات الإنتاج ويقدم عليها قضايا ما يسمى بالتحول الديمقراطي منتصبة فوق قاعدة إقتصادية ديكتاتورية رأسمالية مهترئة. وكان الأنجع لإتجاه المقال الساطع الجاهر البديع أن يقدم قضايا التغيير الطبقي وتحويل البنى العامة للدولة على قضية (التحول) الحزبي المحصور في مركزها ، والذي سيكون بلا شك تحولاً فوقياً هشاً سرعان ما يرتد عن ظاهر أمره إلى ظاهر آخر بدورة مناورات حزبية تتشظى به أو يتشظى بها أو بدورة مناورات عسكرية برجوازية تنقذ حرية السوق وتحكم قواه في موارد عيش وحياة الناس من فشل الحكم المدني في ضبط الأمور النقابية والثقافية والوطنية لصالح تلك الحرية البغيضة، التي تصور ضمناً في الثقافة السائدة بأنها أمر طبيعي ومستعصي على التحويل، بينما يؤجل الحزب عملية مقاومة ثقافة السوق السياسية وهيمنتها على البلاد مستغرقاً ومعه الأستاذ السر وكثير جداً من الزملاء في تزجية الرأسمالية محكأً للتغيير والحداثة والتقدم في حياة الحزب!، حيث تلاحقت عملية تخريب الحزب بتأطير السكرتير السياسي في أوراق التجديد لعملية التخلص من أيديولوجيا الحزب الشيوعي وثقافته النضالية ومن ملامح الثورية في برنامجه بإسم التخلص من الآيديولوجيا وصولاً في المؤتمر القادم إلى تغيير إسم الحزب وطبيعته، مما لايرفضه تاج السر بنفس الحزم الذي يرفض به إستبعاد الرأسمالية من دائرة التغيير الثوري لأحوال السودان من الواحدية الطبقية والعنصرية في الموارد والسلطة إلى الإشتراكية العلمية فيهما .
5- طروادة....الاتجاهات التصفوية داخل سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني:
في مقاله المهم الخامس ذا العنوان :"تجربة الحزب الشيوعي السوداني في الصراع ضد الاتجاهات التصفوية" تناول الأستاذ السر صراع الحزب ضد الإتجاهات اليمينية الداعية لإبقاء الشيوعية تياراً يسارياً فضفاضاً وسط الحياة السياسية والإقتصادية الليبرالية المتخلفة المشوبة بأحوال شتى من عهود ما قبل الرأسمالية. كذلك تناول السر صراع الحزبيين الشيوعيين ضد الإتجاهات اليسارية التي ترى في طبيعة الممارسة السياسية القانونية للحزب ضمن أطر الدولة البرجوازية ودوائرها الرأسمالية والإقطاعية شيئاً خيانياً لطبيعة نضال الطبقة العاملة وعموم الكادحين في المدن والأرياف،وفي كل تقويم من تقويمات السر لهذه الإنقسامات يجد القارئي إستسلاماً مفرطاً لإستخلاصات الهيئات القائدة للحزب لأبعاد وموضوع كل إنقسام ، دون أن يعمل فيها بكشوف نقدية ساطعة مثلما فعل في مقاله السابق، وأكتفى عن لؤلؤ أعماقها ببعض الأصداف االكثيرة المألوفة الملقاة على شواطئي دراسة الإنقسامات...إذ يقول السر: أما التيجاني الطيب فقد أشار في مفال صدر في مجلة الشيوعي، العدد 150، الي ضيق العمل القيادي وغياب الديمقراطية في الحزب ككل ، وكانت العلاقة بين اللجنة المركزية والمستويات التنظيمية الأولي تنحصر في اصدار القرارات وتنفيذها ولم يكن في الحسبان مناقشة قرارات ل.م ناهيك عن انتقادها وتم اخفاء دور الحزب المستقل، وضعف صلات الحزب بالطبقة العاملة والجماهير الثورية ، سيادة الجمود في دراسة النظرية الماركسية، شاعت العلاقات العائلية في التنظيم وضرب باللائحة عرض الحائط ، تدهور حياة الحزب الداخلية وانخفاض مستوي التعليم الماركسي فيه ، سياسة خاطئة أدت الي خروج عشرات المثقفين من الحزب ومن بقي اصابه اليأس، لاخطة للعمل لمواجهة الظروف الجديدة التي نشأت بعد قيام الجمعية التشريعية. ( التيجاني الطيب، الشيوعي 150). وإذ يورد االسر الإنتقاد الذي إستخلصه الأستاذ الرفيق التيجاني الطيب فدون أن يتطرق في هذا المقال إلى إستمرار صلاحية هذا الإنتقاد حتى الوقت الحاضر كما لم يتطرق إلى فشل السكرتارية التي تقود الحزب بالمخالفة للائحته في الأخذ بذاك النقد وكثير من الأمور وعجزها التام عن علاج السلبيات التي لم يزل هذا النقد القديم يكشفها في حياة حزبنا. ولكن لو ان مقال السر توخى قسط الأمور وردها إلى نصابها في كل إنقسام لتوجب عليه عرض الظروف الموضوعية المحيطة بالإنقسام بشي من الدقة وبشي من السعة أكثر من رواية (أحداث الجريمة) نفسها وذلك ليكون حكم القارئي لكلماته قائماً على بينة وليس على مجرد شهادة أوحكم صادر من خصم! ولو تناول مقال السر التناقضات بين الجمل الشذرة الآتية لربما خرج بنتيجة موضوعية عامة ضد تغول السكرتارية القديمة على تنظيم الحزب وكذا السكرتارية الجديدة، وربما القادمة أيضاً إن بقي الحزب، ولربما كان طرح السر لإنتقاده الموضوعي الشريف في مقاله السابق يعد حينذاك وحتى الآن خصومة للحزب وللنضال نفسه قد يواجه من جرائه بفنون بدوية ومدينية من الحصر والتعذيب النفسي وحتى الإغتيال المعنوي ! بل إن المتأمل لبعض الجمل التي خفقت في مقال السر ضد الإنقسامات يرى التناقض المنظوم في ثنياتها وهي:
• وهو [= الحزب الشيوعي] مستعد لتكون في داخله أفكار متعددة شرط التقيد بالنظرية اللينينية في التنظيم، فالماركسية اللينينية ليست نظرية فحسب وليست سياسة ولكنها أيضا تنظيم. • من الاشياء التي اسهمت في ظهور الانقسام، الخلل في العمل القيادي. • تأييدا لموقف السكرتارية المركزية الحازم من النشاط التكتلي الانقسامي الانتهازي، • هذا الاستقلال شرط هام لتطور العمل الثوري. • حول وحدة الحركة الشيوعية العالمية. • التناول المستقل للماركسية حسب ظروف وخصائص السودان.
من هذه النقاط الجُمل الموردة في الفقرة السابقة تنشأ خمسة أسئلة ؟ 1- كيف يكون الحزب الشيوعي ماركسياً لينينياً في تنظيمه مع وجود الخلل الكبير في عمله القيادي وهو 90% الشكل (اللينيني) لعمل أي حزب شيوعي ؟ أي لماذا كان الحزب أو إسمه شيوعياً وهو أصلاً مخالف بل وضد لأسس التنظيم الشيوعي ؟
2- كيف لهيئة قيادة مختلة النظام وعدوة لأسس العمل وتخلق بضعفها الموضوعي الإنقسامات مثل هيئة سكرتارية الحزب ان تكون هي المعيار في تقييم عمل من خالفوها الرأي وقاسموها الإختلاف مع الشكل التقليدي للعمل؟ إلا بطريقة: حلال لنا حرام عليكم!
3- وكيف لحالة حزب مضطربة الأسس ومنقسمة في الداخل أن تكون منصفة في تقييم إنقسام أممي؟
4- كيف تستقيم الدعوة لوحدة الحركة الشيوعية العالمية ضد (الإنقسام) الصيني بينما أستاذ السر نفسه والأستاذ محمد إبراهيم نُقد يرفضان هذه الوحدة لذات سبب الصين في إختلاف وتباين الظروف الخاصة لكل بلد وتباين تقدير موجبات المرحلة التاريخية؟
وفي صدد جدل وحدة النضال الشيوعي بين المبدئية والمرونة في جهة والإنتهازية والتحريفية في جهة ضد، فإن حال الجدل التاريخي لنشاط الأحزاب الشيوعية والقوى التقدمية إذ يتصل مع مثل هذا التبرير (الوطني) الخاص ومع التاريخ الحي للإشتراكية العلمية والأممية في بلاد العالم وموضوع النسبية والعمومية في الإشتراكيات الخاصة العربية والأفريقية والسودانية والنسوية... إلخ ينشأ سؤآل خامس:
5- ماذا لو قام شيوعيو شرق السودان أو غرب السودان أوشماله أو جنوبه (تحقق إنقسام الحزب في الجنوب برعاية السكرتارية) بتأسيس نشاط مستقل عن الحزب في بعض إستراتيجيته أو في تاكتيكاته؟ (قضية منح الأولية والأسبقية لأي عمل؟ وطني أو محلي؟)
وقد حدث بعض هذا التباين والإختلاف بين ماهو هامش وما هو مركز داخل الحزب في تقدير طبيعة ونشاط الحركة الشعبية لتحرير السودان (1983) وكان موقف الحزب (السكرتارية) حذراً منها ثم من تكون (حشود) ومن حركة إنتقال الفدائي ياسر سعيد عرمان من تكوين وسياسات الحزب العاصمي السمة الذي تسيطر عليه سكرتارية مخربة لمبادئي الحزب التنظيمية (حسب المقال) إلى نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان، وتمثلت واحدة من النتائج العامة لسياسة الحزب(السكرتارية) في الفرق المهول والجسيم بين حضور ندوة الأستاذ نُقد الخمسة آلاف فرد!! وغياب كثير من الحزبيين عن حضورها وإستقبال القائد قرنق في ذات الخرطوم والزمان بخمسة ملايين نسمة !! في صدد تطور الإختلافات الطبيعية بين ماهو أممي ودولي وبين ماهو في العالم وماهو في السودان، وما هو في مركز الحزب وفما هو في قاعدة العمل الثوري في الريف، يجد الأستاذ السر والأستاذ نقد نفسيهما في موقف تناقض وتعارض ذاتي يعارضون فيه بالداخل ما يقبلونه خارجاً ويقبلون فيه داخلاً ما يرفضونه خارجاً! ومثال ذلك كثير.. منه:
1- ان ترفض أدبيات الحزب (السكرتارية) سياسة الصين الخارجية ثم تدعو في ذات الوقت إلى إقامة العلاقات الدولية حسب المصالح.!؟ وإن جاءت هذه الدعوة مع لحن سياسي خفيف عن مراعاة حقوق الإنسان وعزل الديكتاتوريات البرجوازية ..إلخ!؟
2- ترفض ذات الأدبيات المعاني الصينية لسياسة السوق والأنشطة الرأسمالية في وضمن إطار التظيم الإشتراكي العام لموارد البلاد والجهات الجغرافية والإجتماعية الإقتصادية النوعية والعددية للتقدم في تنميتها ثم بعد هذا الرفض الخارجي المبين تقوم ذات الأدبيات الرافضة بالدعوة إلى تقوية الرأسمالية سراً وعلانية في برنامج وإتجاهات ونشاطات الحزب الشيوعي السوداني؟؟
3- سكرتارية اللجنة المركزية ترفض مقررات السلام للجنوب ( 3-3-1972) ، سلبيةَ، بدعاوى المبدئية والصلاحية الطبقية بينما تقوم نفس السكرتارية بتعزيز مقررات السلام في الجنوب (2005) إيجاباً، بدعاوى المرونة وقبول ما يسمى (الأمر الواقع )!!!؟
4- السكرتارية ترفض التدخل الدولي في العراق بينما تقبل التدخل الدولي في السودان !!!!!
5- سكرتارية تتحدث رفضاً عن الفساد والإرهاب وغسل الأموال وترفض الحديث عن تأميم البنوك والشركات (الإسلامية) !
6- سكرتارية تتحدث عن التنمية ولا ترفض حرية الإستثمار ولاترفض حرية التجارة!!؟
ان كل واحدة من هذه العفويات هي مشروع إنقسام في طور التكوين أو ربما في طور النمو أو هي حالة إنقسام باطني عنقودي تحت الأرض دعك عن موضوع المركز والهامش والموقف الوسيط للحزب في الصراع الطبقي المسلح الدائر بين قوى المركز الرأسمالي في أجهزة الدولة ومؤسساتها العسكرية وقوى العدل والحرية في الأقاليم والامصار المستضعفة، إذ يموتون بالمليون والمليونين بينما الحزب صار كالحكومات العربية يشجب ويدين ويدعو ويرجح ويأمل وينتظر على طريقة أنصر أخاك شرط ألا يكون ظالماً ولا مظلوماً!!!
وكان لمقال السر إجتناب هذا الخطأ بعملين هما: أن يورد قائمتين مختصرتين بالمواضيع المختلف عليها بين المركز والهامش في الحزب وبين الحزب والعالم من حوله (أمميةً ودوليةً) فلو عمل السر بهذا الأسلوب الدقيق لوجد تشابها لحد التطابق بين بعض دعاوى الإنقسامات والهامش الحزبي وبعض دعاوى الحزب أو سكرتاريته كهامش في المسائل المركزية الأممية، ولتبين له أن أخطاء العمل القيادي تمددت وتفاقمت حتى شملت في موضوع الإنقسامات علاج الإنقسام بتعزيزه وإدامة جذوره وآفاقه.
ولو وفر المقال رصد وتسجيل ملامح هذا الشبه لسهل إيضاح الخلل في المعايير والأدوات التي حوكمت بها الإنقسامات، وكذلك الخلل في المعايير والادوات التي حاكم بها الإنقساميون أخطاء العمل القيادي في سكرتارية الحزب رغم إن الهدف في الحالين كان تقوية الحزب. فلو أضاف مقال السر قائمة كهذه إلى فقراته لزاد بها حقائقه سطوعاً، ولنالت أرض الحركة الثورية من مزن صباح مقاله هاطلا نعيماً.
ولكن مقال السر في كل المعارك التي دارت بين الهامش والمركز في الصراع الطبقي الفكري والنضالي داخل الحزب آثر بمقاله أن يقف في إطار الثقافة السائدة والرأي (المنتصر) داخل الحزب والوعي المتآكل بسياسات الأمر الواقع وغير آبه لحالة الإستلاب والإغتراب السائدة في المجتمع وفي الحزب ولا لطبيعة الجلابة االكامنة في الوعي الباطن لعموم جمهور وأعضاء وقيادة الحزب (السكرتارية) وحتى في كاتب هذه السطور وكثير من القراء وهو الوعي الذي تطرقت له بلطف وخفة فقرة من مقررات 1977 حول سلبية طبيعة تأثر القيادات الوطنية بالثقافة السائدة في المجتمع أكثر من تأثرهم بالمقومات الماركسية اللينينية.
إن وحدة قضايا ونضال العمال والكادحين في العالم الذين ينتجون أعظم ثرواته ولا ينالون من إنتاجهم لها إلا معيشة ضنكاً تتطلب إتحاداً ثورياً بين حركة الأحزاب الشيوعية في العالم وهي ضرورة موضوعية في المقام الأول لتناسق وتعاضد عمليات حرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين، هذا الإتحاد بين حركة الأحزاب الشيوعية يعالج بأمميته بعض إتجاهات الشوفينية والخصوصية في النضال الوطني والطبقي الشيوعي، تبدو ضرورة منطقية لإستقامة الحديث عن وحدة شعبية ووحدة وطنية في حزب شيوعي تقوده بالعافية سكرتارية ولجنة مركزية لا تنتمي غالبية عناصرها للتركيبة الطبقية والعنصرية لسواد السودان وهامشه في ظرف يحتد فيه الصراع الطبقي الحديث في البلاد في شكل نزاعات مسلحة بين المركز والأقاليم تغذيه بقوة وشدة وتؤججه أوار وعصبيات الصراعات الطبقية القديمة في تاريخ السودان التي تبقى ماثلة في تلافيف الذاكرة والحياة الإجتماعية توقظها كل حين المظالم والفظائع التي تمارسها منذ سنة 1989 السلطة الإسلامية العسكرية للحكم الرأسمالي في السودان .
فدون الوحدة الأممية للأحزاب الشيوعية التي يرفض أستاذ السر وعدد مجهول من أفراد السكرتارية كثير من إحداثياتها، ودون مقاربة في أنشطة وإعلام الحزب في داخل السودان لأيديولوجيا وقضايا لطبقة العاملة وعموم الكادحين وأهل الهامش على حساب آدولوجات وقضايا المركز السياسي-الرأسمالي وإتفاقاته، متأثراً بالشكل المركزي الجغرافي السياسي والثقافي لتبلور نشاط الحزب في المدن الكبرى، ودون جدل حذر بتأميم شامل وتخطيط تنموي متوازن من حرية السوق ومن عموم الأنشطة الرأسمالية مقترب بطبيعة تقدمية ثورية من كافة أشكال التملك الإشتراكي لموارد الإنتاج ووسائله في المجتمع، يتضعضع حديث السر الهميم عن وحدة الشيوعيين في السودان وتقوية نضالهم بإحداثات من السياسة المحلية -الليبرالية- حيث إن هذا الليبرالية بكل الحقوق والإمازات التني تمنحها لضمان تملك بعض الأفراد لموارد وقوى وجهود وثمرات المجتمع تعمق وتؤجج برأسماليتها الجلابية داخل كل مناطق وهيئات السودان القديم الصراعات الطبقية في أشكالها الثقافية والإقليمية والعنصرية حتى إن الرضاء الضمني بجذورها الرأسمالية يغدو به المقال السري رغم كل صدق بذله وجهده وعفو وحسن طويته، يغدو مجرد أماني عذبة وكلام ساكت لاينفع في وحدة الشيوعيين الأممية ولا ينجح في تقوية وحدة الشيوعيين الوطنية بإستثناء نشاط الحزبيين في الجنوب وهم الذين تم قسم نشاطهم من نشاط الحزب الشيوعي السوداني بموافقة السكرتارية وبحجج لا أدري مدى إمكان قبولها جهة نشاط الحزبيين الشيوعيين في مناطق شرق أوفي شمال السودان أو في دارفور أوفي كردفان أوفي جبال النوبا أو في مناطق الأنقسنا والنيل الأزرق أو في مناطق الجزيرة ففي كل واحدة من هذه المناطق هناك ظروف خاصة لنشاط الشيوعين تستدعي إستقلالهم بشؤونهم ما لم ينجح الحزب أو سكرتاريته في بناء هرمي لوحدات العمل ووحدات السكن في كل أقليم. مايو 1969:
في الفقرة الثالثة من مقال السر عن الإنقسامات عرض لحالة إنقسام الحزب في السنوات الأواخر الستينيات وأول سبعينيات القرن العشرين جهة التعامل مع الديكتاتورية المدنية وجهة التعامل مع القوى العسكرية في المجتمع والدولة. وفي هذه الفقرة الثرة بالمعلومات والفقيرة في التحليل والإستخلاص مال أستاذ السر أيضاً لعرض تفاصيل الأحداث التي تبلورت من خلالها الإنقسامات بصورة تفوق عرضه الظروف الموضوعية والذاتية للجماهير وللتنظيمات الديمقراطية للشباب والنساء والنقابيين والمثقفين الثوريين والعسكريين، ولآكثر رفاق الحزب وأعضاءه آنذاك! ودون أن يعرض لعموم الموقف القومي والدولي في كلياته الصراعية أوآن الحرب الباردة ، وإن عرض لحالة منه! كذلك قصر مقال السر أن يقوم بعرض قضايا المهمشين والريف السوداني ككتلة موضوعية واحدة أعظم أبعاداً وأعمق أثراً من عرضها ضمن "قضية الجنوب" إ بينما حال الريف والهامش هو حال سواد السكان! كذلك غاب الحياد الموضوعي في مقال السر خاصةً في عرضه القابض المنتقد لرأي الإنقساميين وعرضه الباسط المنشرح برأي سكرتارية الحزب دون رأي المكتب السياسي ودون رأي الهيئات الحزبية الأخرى التي إختلفت بل وتناقضت بقوة مع هيمنة وديكتاتورية (= سلطة) السكرتير العام، وهي السلطة التي لم يزل حزبنا يعاني منها.
بحسب ما كشف في عدد من المقالات في نشرة قضايا سودانية (فاروق محمد إبراهيم والتيجاني الطيب بابكر) وما أفادني به بعض الرفاق الخضارم في بيوت آل زاهرالسادات وآل النور الجريفاوي وكذلك الشهيد الصحافي طه علي (حضارة السودان)، والشهيد الصحافي فضل بشير، والشهيد الطبيب عبدالوهاب سنادة، والمرحوم الأديب سامي سالم (إنقسام العباسية) والشهيد (الجيفاري) بشار الكتبي، وماعرضه العقيد أ.ح (م) محمد محجوب عثمان في كتابه عن الجيش والسياسة في السودان عن حذر العسكريين الشيوعيين التعامل مع هيئات الحزب المدنية آنذاك، وبعض اللمحات في كتب الشهيد المؤرخ د. محمد سعيدالقدال، وفي كتاب العلامة الشهيد محمد أبو القاسم حاج حمد السودان المأزق التاريخي ما ذكره عرضاً بعض الزملاء القدامى والمعاصرين من لدن الرعيل الأول والثاني والثالث من الرفاق والشيوعيين أن الشهيد العظيم عبدالخالق محجوب بوداعته ولطفه وسماحه ورحابته في تعاملاته الشخصية وشيئ كثير من تعاملاته داخل الحزب كان في مواقف الإختلاف الكبرى شخصاً حازماً صارماً رمضانياً في مجال العمل الحزبي وقيل سلطوياً باطشاً بمخالفيه حد الصعوبة والجبروت.
ولعل في هذا التقويم غيرة من أنصار الديمقراطية في الحزب ضد ديكتاتورية أو شخصانية السكرتارية وسلطاتها أو تعزيزاً لرفضهم المواقف التي إتخذها الشهيد عبدالخالق محجوب بقوة وسرعة شديدة آنذاك على المستوى الداخلي والخارجي -بصفته السكرتير العام للحزب- دون إقرار كامل وافي من الهيئات الحزبية، أو حتى دون موافقتها، لشيئ ما رآه فيها، مما سبب فيما بعد أو فاقم في حينه الحالة الديكتاتورية لنشاط السكرتارية وزاد الحس الشخصي فيها على حساب الحس العام حتى تشقق الحزب بها قبل إنشقاقه الكبير ذاك. وهي ذات حالة الجفاف والتشقق التي كانت ولم تزل سائدة في حزبنا والتي عدها السر ضمن أهم الأسباب الذاتية والداخلية لإنقساماته، وإن كان السر قد تناولها في مقاله هذا بلطف فقد تناولها في مقاله السابق عن علاقات الكادر الجديد والقديم بتفصيل شديد وقوة أكثر وإقدام جسور في واحد من الدروس النادرة العظيمة والبليغة عن التدهور والموات في حياة حزبنا الذي يفترض فيه أن يكون لينينياً بطليعيته وثوريته.
عدم وصف الإنقسام كتناقض بين إتجاه إجتماعي وإتجاه سياسي في الحزب لكسر الأزمة الرأسمالية في السودان تكرار لأخطاءه:
كان الإتجاه الإجتماعي لتغيير الوضع الرأسمالي في السودان يميل في داخل الحزب إلى الإعتماد في إحداث هذا التغيير التراكمي الوئيد أو -الإصلاحي في قول ضد - على تطور (مستقل) للحركة الجماهيرية عبر القضايا والصراعات والمعارك الجزئية إلى أن تصل الجماهير بخلاصة تراكم تجاربها ونضالاتها وقواها إلى مرحلة الإضراب العام والعصيان السياسي لتغيير الوضع الحكومي لتسلط النظام الرأسمالي ولم يأبه هذا الإتجاه إلى تخلخل التراكمات وإنهيارها أو إلى دور السوق والحكم في إمتصاصها أوتغيير إتجاهها أوشرذمتها.
أما الإتجاه السياسي فكان أقرب في داخل الحزب إلى تقدير الدور المحوري للدولة وهيئاتها المنظومة الواسعة النفوذ في أداء الأعمال الأساسية والبنية التحتية لعملية تطور المجتمعات الحديثة أي عمليات نظيم الإقتصاد،خدمات المياه والكهرباء والتعليم والصحة والمرافق العامة، الثقافة والإعلام...إلخ ، وتخديم هذا الدور في إنهاء بقايا النظام الإقطاعي وزيادة إمكانات فتح الطريق الوطني الديمقراطي بالإجراءات الثورية السياسية والإقتصادية الإجتماعية والثقافية المعروفة في كل التحولات التقدمية في مجتمعات ذاك الزمان بداية من الحسم العسكري بالإنقلاب لتداول عناصر بقايا نظام الإقطاع (الطائفي) والبرجوازيين السلطة فيما بينهم دولة أغنياء. ولم يأبه هذا الإتجاه لإمكانات إرتداد قوى الدولة عليه وإنقلاب برجوازيتها الصغيرة أو الكبيرة على أسس أوعلى أهداف التغيير الإجتماعي وخصختها له.
تجنب هذا الوصف البسيط لطبيعة الإتجاهين أدخل مقال السر منطقة التحليلات الإدارية لنزاعات العمل بين الرئيس والمرؤوس، لا بين (أ) و ( أ) السياسة. وحتى في هذا السياق أهملت عروض السر للأحداث بعض القرارات المصدرة من المكتب السياسي واللجنة المركزية ضد تيار السكرتارية. كذلك أهمل المقال عرض حيثيات قرارات الأغلبية في مكاتب قيادة التنظيمات العمالية والمهنية والإجتماعية، وتجنب المقال عرض جملة أراء المثقفين الثوريين التكنوقراط والديمقراط والبيروقراط وأرآء كثير من المثقفين التقدميين والشيوعيين حول الديكتاتورية المدنية وضرورة وقفها والتصدي لهجومها الغاشم على الحقوق والواجبات الوطنية والديمقراطية ! كما أهمل ذكر أخطاء الشهيد العظيم لحزبنا عبدالخالق محجوب عثمان في خضم تلك الأزمة التي ولد منها إضافة لمحاولة "الحزب الإشتراكي" تكوين "الحزب الشيوعي" الذي فاز بالإسم ونعيش الآن محاولات تصفيته بقيادة الأستاذ محمد إبراهيم نُقد و"الحزب الشيوعي ذا القيادة الثورية" وسؤدده الأستاذ محمد إبراهيم كبج، كما خرج مع الإنقسام أو ولد به نظام إقتصادي إجتماعي زاد معدلات الحداثة في السودان بداية من نشوءه في 25 مايو 1969 وحتى تغيير مسار قطاره –بفعل الإنقسام- إلى الخط الرأسمالي بداية من معارضة السكرتارية له ونقدها العنيف جداً بل والزائد لنقاط ضعف ذلك النظام (التقدمي) حتى إنتهى ذلك النظام إلى التحول من الخط العلمي والجماهيري للإشتراكية التي تأسس عليها وتوخى تحقيقها كإنقلاب ديمقراطي ثوري ضد الديكتاتورية المدنية للحكم الرأسمالي القديم وإنتهى من توخيه المعالي الإشتراكية بأسلوبه إلى إنحدار يميني سرعان ما سقط به قطار مايو السريع متقلباً في سقوطه حتى إنتهى إلى الدمار مع إشتعال الحريق وتأججه ليس في القطار فحسب بل في كل النظام االرأسمالي لتسيير قطارات المجتمع مما تأججت تصادماته وتقلباته وإنفجاراته في المستوى السوداني الداخلي بداية من سياسات (تحرير) قيمة العملة وحرية السوق وقمع النقابات والحريات العامة ومصادرة الإصلاحات الجزئية في مجال الخدمات وفي مجال علاقات العمل وفي الجنوب حتى إنفجر الجنوب وإمتد الحريق إلى كل المناطق المهملة اليابسة المهمشة بفعل رياح حرية السوق وتحكمه في موارد المجتمع وفي سلطاته بالتالي وتخصيصه لهما فتبلور الخراب الشامل الذي أنتجه النظام الليبرالي لحكومات مابعد الإستقلال بكل ديكتاتوريتها الطائفية ، والعسكرية ، فالمدنية، وديكتاتورية مايو، وحتى ديمقراطية المتكلم الواحد (الصادق المهدي) ثم تفاقمات تراكمات هذا الخراب مع الشكل العسكري الإسلامي لحرية السوق والنظام الليبرالي لتملك المنافع الذي تكون في زماننا الحاضر لإنقاذ حرية التملك ودعمها وشحذها ضد فتوة وعنفوان الحركة النقابية والحركة الشعبية لتحرير السودان في السنوات 1986-1989هو ما تحاول الطلائع الحية للكادحين والمهمشين الذين يرفضون حرية السوق وتحكمه في موارد المجتمع وفي سلطاته، إستثمار عناصر قوته في القيام بمشروع تجديد حقيقي لكل البنية السودانية القديمة المهترئة التي شبعت موتاً، بكل طوائفها وأحزابها وجيوشها ونقاباتها وسكرتارياتها وأهم معالم هذا التجديد الشمولي اللاجزئي واللاإنقسامي الذي أجتهد أيضاً إلى تحقيقه هي:
1- تقوية النضال المشترك بين طلائع الكادحين والمهمشين في العاصمة والمدن والأرياف ضد الديكتاتورية السائدة.
2- التأميم والتخطيط الإقتصادي أهم مقومات تأسيس نظام إقتصادي جديد لإشتراكية الناس في كل أقاليم السودان في موارد مجتمعاتهم ووسائل عيشهم وحياتهم، ويسير هذا النظام في تنمية هذه الموارد والوسائل بصورة إشتراكية علمية متوازنة متناسقة مع حاجات الناس وقدراتهم.
3- القيادة السياسية المشتركة للدولة بتجمع قوى الأحزاب والنقابات والقوى العسكرية والقوى المدنية والهيئات العلمية الراسخة.
4- الحكم الذاتي لكل مناطق وأقاليم السودان من أبسط وحدة إدارية فيها صعوداً إلى تكوين إتحاد جديد لأقاليم أوجمهوريات السودان
5- علاقات خارجية منفتحة على كل الدول تكون منظومة ومتناسقة مع تكوين وحاجات ومصالح السودان والتواشج العالمي لقضايا وجوده وحريته وكرامته في كل الأطر الإقليمية والعالمية.
في حاضر تعفن بنية السودان رغم وقوفه رمزاً متكئا على عصا السوق العربية والإسلامية وبعض الخيوط البريطانية في مواجهة التمدد الأمريكي والفرنسي وفي مواجهة تفاقم التناقض الداخلي، وفي حاضر فشل الوجود القديم لحزبنا الشيوعي السوداني العظيم في تغيير هذا الوضع إثر حالة تيبس وتعفن آلياته الحيوية بمغبة سياسة الطريق البرلماني (=خطوة واحدة إلى لأمام و10 خطوات إلى الخلف) التي يمارسها بحذق شديد وذكاء نادر وجهد صبور قائدنا المناضل الأستاذ محمد إبراهيم نُقد. كان مهماً في حاضر أليم كهذا لمقال السر أن يبتعد عن تقييم إنقسامات الحزب بصورة إدارية كنسق لإصطدام الرئيس بالمرؤوس وأن يأخذ التركيبة الإقتصادية الإجتماعية والثقافية السياسية للإنقسامات ضمن خط التطور التاريخي للمجتمع لا ضمن ظرف الزمان الحزبي الحاضر حينها.
فالأنجع لللإعتبار والإفادة من مكونات القوة ومكونات الضعف في الإنقسامات الفكرية-التنظيمية القديمة والحاضرة في الحزب الشيوعي وفي غيره من الأحزاب هو النشاط إلى درسها دراسة موضوعية لا التمحور في تجديد إتهام الطرف الخاسر فيها ومحاكمته، والعكوف على التمايز والإدانة دون التواشج والتفاعل والمعاملة وهو خطأها الذاتي الرئيس، أي نأخذها بشكل لتعلم كيفية إدارة التناقضات والأزمة بدلاً عن شكل تفجير الأزمة، فالتخلص من الإنقسامات و ظلال أفكارها سهل كما هو واضح في تاريخ الحزب الشيوعي الذي هونفسه نتيجة سلسلة إنقسامات سابقة لوجوده، ولكن تبقى دائماً مع بقاء الأزمة الرأسمالية العامة وتباين عناصر التناقض الطبقي والحزبي الخاصة العامة في مختلف فترات وحوادث الصراع الطبقي المواشج لها تبقى البذور والجذور والعوامل التي ولدت التناقض والأزمة والأثار الإجتماعية السياسية والثقافية التي نتجت من تصفيتها بصورة إدارية فوقية دون تشكيل بنى تستوعب حاجاتها وقدراتها وتنمي العناصر الموجبة فيها لمصلحة التقدم الإشتراكي لقوى المجتمع الكادحة والمهمشة.
فبدلاً من التعامل الموجب فيها ومعها كانت الإنقسامات وتصفية الإنقسامات تتم بصورة غضبية من نوع (الويل لك يا هذا أتريد أن ..) وكذا بصورة شامتة من نوع (ألم أقل لكم...) وهي صور قطعية لاتاريخية وظلال أكثر من كونها أجسام. وهي في فنون الحياة تبقى صوراً مسرحية ضعيفة لا تغني الذهن ولا تنمي العقل ولا تفتح الوعي ولا تنير الوجدان وإذ تدور في المسارح النمطية ففي شكل رتيب تافه ثنائي ومثالي للصراع بين كل من (الخير) و(الشر) حسبما تعرضه في تلك المسارح الآداب والأعمال الفنية البسيطة بينما الحياة الحزبية والسياسية والإجتماعية والثقافية أكثرعناصراً وأشد من ذلك شجناً وتعقيداً: ففي كثير من حوادث التمايزات والتضاد والإنقسامات يدور الصراع بين ثلاثة أنماط أو أنواع من (الخير) وتضحى قضية الأولوية والأسبقية وتناسبها مع الزمن السياسي الخاص ومع الزمن العام ودرجة التركز والتفاوت والتواشج في المصالح المختلفة الطبقية والثقافية تضحى هي معيار صلاحية الرأي. وفي أحيان أخرى يدور الصراع بين ثلاثة قوى أو أراء داخل نسق ضد نسق أو أنساق أخرى مغايرة له في الشكل والعيار وأخرى متناقضة جذراً معه ويضحى عامل العدد والكثرة في المؤتمر وفي الإستفتاءات الشعبية وحتى في الإنتخابات هو المقرر لـ(صلاحية) رأي واحد منهم.
وهذا اللون من قطع الحال العام بالحال النسبي أو قطع الحال النسبي بالحال العام السائد في الكتابات يمثل خطأ جسيماً آخر واشج مقال السر، فالرأي لا تقاس أو تدرك صلاحيته بالعدد، وإلا لكانت القوى الطأئفية أصح ما في السودان بكثرة تابعيها، ولكانت الصين أصح دول العالم بكثرة سكانها وإتفاق غالبيتهم على شؤونها الشعبية والشيوعية والسوقية، ولبقى الإتحاد السوفييتي حياً وفق الإستفتاء الذي تم لأجل تحديد مصيره حيث وافق على بقاءه 75% من الذين أدلوا برأيهم في جملة جمهورياته الستة عشر . وإن كان العدد قياساً لصلاحية الرأي لأضحى قرار هيئة ما كحزب الأمة أصح من قرارات الحزب الشيوعي لكثرة أنصار حزب الأمة رملاً وحصى وقلة الشيوعيين كالذهب.
ولأن الميل في الحساب والقرار السياسي إلى العدد عند كافة السياسيين بما فيهم قادة حزبنا أمر نقض مضطرب فكثيراً ما جنح مقال السر في حصف موضوع الإنقسامات لقياس صلاحية الرأي فيها بعدد الأراء المؤيد أو الرافض لها في هيئات حدوثها !! وهو أمر يرفضه أستاذ السر عند ديمقراطية السوق والصادق المهدي ويقبله لدى ديمقراطية السكرتارية وكذلك في تقديره مكانة وصلاحية الكيان الحسمي فيما بعد والإنقسامي حينها المسمي "مؤتمر أغسطس 1970" فذاك المؤتمر نفسه جزء أصيل من تفاصيل الإنقسام وليس كياناً منزهاً منه، أو حاسماً له إلا في جهة حزبنا إلا أن تكون العدالة في تقويمه أو تقييمه مرتبطةً بمنطق العدد لا بعدد ونوع الحجج المنطقية.
وفي بعض الأحيان بفعل تمايز موضوع العدد وموضوع صلاحية الرأي يأخذ التناقض الرئيس مقال السر عن التناقضات الثانوية الهامة وتراكمها الخاص الذي ولد التناقض العام، وفي بعض الأحيان يأخذه التناقض الثانوي عن التناقض الرئيس، والمثال الحي على ذلك التردد النظري والعملي بين المبدئية والعملية بل معارضة النظام الفكري (الإيديولوجيا) بتكتيكات البرنامج مما يمكن ملاحظته بإستقراء بعض الفقرات الأكثر من عشرة التي أوردها مقال السر عن بعض من وقائع الإنقسام الخامس تقريباً في هذا الحزب الستيني العمر، ومن تلك الفقرات ما يلي:
1. في الإنقسام الحزبي و الصراع الطبقي الإقتصادي الإجتماعي:
• واجبنا هو ايقاظ الملايين من جماهير المزارعين للعمل الثوري وخلق تحالف ثابت بينهم وبين الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي. هو نشر الوعي الاجتماعي بين مختلف فئات الكادحين اعتمادا علي النظرية الماركسية اللينينية..الخ، هذه المهمة التاريخية تنهض بها الطبقة العاملة وطلائعها الشيوعيون بكل طاقاتها وكل قيد علي حرية الطبقة العاملة وكل سد يقام لحبس هذه الطاقات يعوق من تنفيذ هذا الواجب ومن احداث ثورة اجتماعية عميقة في البلاد. -----------------------*********--------------*********---------------------*******------------********** • إدخال الطمأنينة في قلوب اصحاب المال الذين تحتاج اليهم البلاد الي استثماراتهم في هذه الفترة مدركين جيدا أن العلاقات الرأسمالية مازالت تمتد الي اعماق مجتمعنا، الي خلاياه الأساسية...
لو تأمل السر المقطعين المتناقضين الذين أوردهما في مقاله المنحاز بطبيعة مصدر تقويمه للإنقسامات وهما مقطعين مصدرين عن جهة حزبية واحدة لقدم لنا نموذجاً واضحاً لبعض التناقضات التي شابت موقف سكرتارية الحزب وعمقت فيه الإنقسام، فكيف يتوافق جوف رجل واحد على قيادة عمليتين متناقضتين أن يُدخل الطمأنينة في قلوب أصحاب المال بينما يسعى لإيقاظ الملايين من جماهير المزارعين للعمل الثوري وخلق تحالف ثابت بينهم وبين الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي!!
إن وجود الحزب الشيوعي هو مصدر القلق الأعظم لقوى الإستغلال والتهميش، ولكنها لايمكن أن تطمئن إليه فقط لنشاط بعض قيادته في الهجوم على تأميم أموال شركة المرحوم عثمان صالح، أو حديث د.كبلو عن ضرورات التعامل الموضوعي مع الرأسمالية. ولكن القطاع التقليدي((=أعماق مجتمعنا)) يئن من إستنزاف رأس المال لموارده وتهميشها قدراته وحاجاته وهو أساس رفد المجتمع الرأسمالي الحديث بالمواد الخام للغذاء وبالعمالة الرخيصة ولم يجد من يدافع عنه في الحزب آنذاك وحتى الآن بتلك الحماسة وقد لعب سعي الحزب للتحالف مع الرأسمالية المنتجة دوراً معنوياً في تعزيز الزحف الرأسمالي على الريف حتى أبقاه بعد عشرة سنوات من الإستثمار قاعاً صفصفاً يابساً حتى إحترق بالمجاعة المصطنعة بنوكياً سنوات 1983-1985 لتندلع من جفافه وتصحره وويلات البنوك الدولية والإسلامية التي أرزأته عيشةً ضنكا الثورات القائمة عددا في أنحاء السودان الآن. بالإمكان طبعاً إدارة نقاش موضوعي حول هذا الرأي والإفادة به وبإقتراحاته بدلاً عن القضاء عليه.
2. في الإنقسام الحزبي والصراع الطبقي في مجال التعليم:
هل ما يجري الآن في بلادنا من تطبيق لسلم تعليمي جديد وتغيير في بعض المناهج هو الثورة الثقافية التي ننشدها جميعا؟ في ذا المناخ الإتهامي الغليظ كان صعباً الدفاع عن أن ما جرى لم يكن هو عين الثورة الثقافية التي ينشدها (الجميع) بل كان مجرد مقدمة وخطوات أولية وتأسيسية لتلك الثورة التي تعطلت بإنقسام جانبي الحزب آنذاك إنقساماً غير حميد أفقر تلك الثورة ولوث هوائها.وإذ تفاقمت أخطاء أزمة الإنقسام السياسي والحزبي في مجال التعليم بالذات والفلسفة والنواهج التي يسير عليها فقد كانت نتيجة من نتائج إضعاف السكرتارية طوال خمس سنوات من 1965-1969 لنهج العمل الجماهيري في المنظمات الشيوعية والإشتراكية والديمقراطية بهيمنة السكرتير العام خيراً أو شراً على كل كبيرة أو صغيرة متصلة بحياة الحزب.
وحتى الآن فإن تقويمات موضوعية من اليونيسكو وكليات التربية ورابطة المعلمين الإشتراكيين لم تقطع بـ(فشل) تنظير أو تنفيذ عملية الإرتقاء التربوي والتعليمي والتوطين أو التعريب في السلم التعليمي من حيث هو وقد كان تطبيقاً لمقررات اليونسكو في مجال التعليم في الدول المستقلة حديثاً بزيادة سنتين في التحصيل الأساسي وخفضهما من التعليم العالي، وزيادة التعليم المهني الزراعي والصناعي والتجاري، وأن يكون التعليم باللغة الوطنية، وتوطين مراجع البحث العلمي العالي وليس في هذا التنظير التقدمي الذي دفعت به الدول والنضالات الإشتراكية والإتجاهات الإشتراكية العلمية في علوم التربية والتعليم خطأ ، بل وقد تحققت به في الدول الناهضة والإشتراكية أرفع معدلات التعليم في العالم عدداً ونوعاً إلا إنه أقعد في السودان حينذاك حيث تفاقمات الأخطاء والتناقضات لأسباب تتعلق بطبيعة التنظيم العام المركزي القابض لأمور إدارة شؤون الدولة وطبيعة طرح وتمويل المشروعات وطبيعة الإنقسام السياسي والإنقسام الحزبي نفسه داخل إدارات قطاعي التخطيط والتعليم. وعامة فرقي أو تدهور جانب في التعليم ليس حكماً على صلاحية جانب واحد في الإنقسام.
3. الديكتاتورية المدنية للأحزاب الدينية بديلاً لـ (ثورة ) 25 مايو 1969:
تجلى في مقال السر وجه ثراء بمعلومات وكثير من تفاصيل إنقسام حزبنا الشيوعي السوداني منذ تخوم مؤتمره الرابع حتى تجلي الإنقسام عياناً بياناً في قيام كتلتي اللجنة المركزية للحزب بفصل بعضهما البعض: كان الفصل الأول في تاريخ 24-09-1970 وكان الفصل الثاني في تاريخ 21-10-1970 بعد ذلك بدأ الصدام بقوة ليس بين جناحي الحزب الشيوعي فقط بل وبين كثير من الأجنحة المدنية والأجنحة العسكرية لأحزاب القوى الإشتراكية والتقدمية في تلك الفترة التاريخية من الحرب الباردة والصراع الطبقي الوطني والعالمي، مما غذته عوامل داخلية وعوامل خارجية بريطانية وأمريكية كانت لها أيضاً تمايزات مصالح وصراعات في الشرق الأوسط وفي العالم.
ويمكن إختزال المعركة الواسعة آنذاك إنها كانت ككل معركة بين القوى الليبرالية والقوى الإشتراكية إنتهت إلى هزيمة جميع أطرافها وقد واشجها في السودان تشكل كيان حداثي جديد لاهو رأسمالي صرف كما صار بعد ذلك ولا هو إشتراكي كما إدعى وحاول، بل كان شتاتاً لتبعثر عناصر من سياسات الثورة الوطنية الديمقراطية وسياسات القطاع عام ورأسمالية الدولة الليبرالية قبل أن ينتهي بتناقض كل أولياته وعناصره إلى الإنهيار والتحول لمشروع ليبرالي صرف ذي شرعية إسلامية باطشة في السنوات من 1977 إلى 1985 .
يُزعم ان سلطة 25 مايو 1969 إفترقت عن آخر جانب شيوعي في تكوينها الإقتصادي وهو ضبط القطاع المصرفي في سنة 1976 بأثر إرتفاع سعر النفط وعجز هيكل وقوى الإنتاج الذي لم تغير علاقاته،عن مواجهة تطفيف السوق الدولية وتبدد إمكانات الإدخار وزيادة المصروفات عن الدخل العام للدولة، فحينذاك بدأ الحلف الضاري لقيادة دولتها مع القوى الليبرالية في شكلها الدولي (صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير) ثم في شكلها المحلي الإسلامي (البنوك الإسلامية) منتجة مقاصة مالية –دينية –سياسية رهيبة حيث أضحت حرية السوق = الشريعة! والشريعة بكل متغيراتها وإختلاف معاملاتها = الإيمان بالله! والإيمان بالله = الإيمان بدولته الجديدة وسياسات ولايتها الثانية والثالثة الذي يساوي = الإيمان بحرية السوق في التصدير والإسنيراد ! وهو الأمر الذي أرزا الناس عيشة ضنكاً وأقام حياتهم على شفا جرف هار إنهار بها.
بدأت مايو أول السنوات السبعين نوعاً من نظم التحديث والإصلاح الزراعي والصناعي المحدود وكانت (بداية) التغيير من الطموح إلى الممكن في نوفمبر 1970 بعد أن قام كل قسم في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي بفصل نديده لاعناً إياه (سبتمبر |أكتوبر1970) عندذاك أحكم عسكريو القوميون العرب قبضتهم على الحكم وتم إخراج ضباط ووزراء شيوعيين (المخالفين لـ"خط "الثورة!!) وأجلهم الضابط البطل الشهيد (فيما بعد) المقدم بابكر النور عثمان سوارالدهب والضابط البطل الشهيد (فيما بعد) الرائد هاشم العطا والضابط الوطني الديمقراطي البطل الشهيد (فيما بعد) الرائد فاروق عثمان حمدناالله أخرجوا من مجلس قيادة الثورة ذا الطابع الجبهوي الإشتراكي!!.
وكان إمساك القوميين العرب بالحلقة الرئيسة في السلطة وبدفة أمور السودان في وقت بدأ فيه تحول وإنفتاح في المنطقة نحو الرأسمالية إضافة إلى حركتها وتغلغلها وإجتياحها الهادئي لتماسك النظم الجديدة التي أسست دويلات غضة شعاراتها الوحدة والإشتراكية والحرية!! فقد زاد التقدم الغربي الإمبريالي بأثر الوفاة الفجأة للزعيم الرئيس جمال عبدالناصر وتولي محمد السادات بهذه الوفاة حكم مصر التي كانت حينذاك هي النجمة اللألاء الساطعة في سماء التحرر الوطني حتى أضلمها السادات محولاً إياها لقاعدة إستعمارية متقدمة تتحكم في شؤونها الإقتصادية والعسكرية والديبلوماسية -عن طريق أمريكا- إلى حد ما- عدوتها السابقة دولة إسرائيل.
كذلك كانت هناك عوامل التنسيق البريطاني-الأمريكي –الخليجي وعوامل تصاعد الخلافات بين القوى التقدمية والقوى الإشتراكية حول الأسبقيات الداخلية والخارجية وبين الرافدين الأساسيين للفكر الثوري في المنطقة والسودان وهما الفكر القومي العربي بنزعتيه الكبيرتين : وهما النزعة المادية التاريخية والنزعة التاريخية الدينية ، التفكير الإشتراكي العلمي بنزعتيه الكبيرتين:
• النزعة الإصلاحية السياسية الراكزة إلى تغييرالمجتمع بواسطة هيئات الدولة في التعليم والخدمات ..إلخ
• والنزعة الإصلاحية الإجتماعية التي تركز تغييراتها على الهيئات الإجتماعية الأدنى ومراكمتها للخبرات والمنافع والنضالات.
كذلك كانت من مجالات وعلامات تفاقم الإختلافات والخلافات حول أصول وفروع القضايا العامة والحلول المناسبة لعلاجها التي ترك مقال السر جوانباً مهمة منها دون تمحيص جانب زيادة وتفاقم : جدل طبيعة التنمية وإمكاناتها وحجاجاتها في الريف و في المدينة ، وجدل طبيعة عمل أو عمليات طرد الإستعمار القديم والحديث، وجدل الفهوم التقدمية للحرية والخلاص من الفقر والجهل والمرض، وجدل طبيعة الوحدة العربية ، وأبعاد وزوايا من مفهوم "الديمقراطية الإجتماعية": (إلغاء الإقطاع وإمتيازاته وألقابه وإحتكاره الأراضي وسوية الناس في الحقوق والواجبات العامة وضمان الدولة العام لحق الناس في التعليم والعلاج والعمل دون تمييز سالب ضد النساء أو وفق العنصر العرقي أوالطبقي أو الخلفية العائلية) ومفهوم "الديمقراطية الإقتصادية": (إلغاء الإمتيازات الأجنبية، وتأميم وتوطين الشركات والبنوك الكبرى التي كانت تنزف موارد البلاد وجهود المواطنين) و كذا المفهوم المشترك منهما المعرف بإصطلاح "الديمقراطية الإقتصادية-الإجتماعية" الذي حوى دوراً أكبر للنقابات وقوى الشعب العاملة في إدارة الدولة (في صورته العامة النظريةً) بحكم كل التنوعات والتمايزات والتضادات السابقة تفاقمت الخلافات الداخلية وأشرعت فيها أطراف التنوع والتمايز والإختلاف التفاوتات الدقيقة في الأصول النظرية وطبيعة تواشجها مع المعاني الحياتية وإختلاف هذه المعاني بين كل مرحلة تاريخية وأخرى وكل فترة زمنية وأخرى سابقة أو تالية أومكررة لها ونشط النهل من الفلسفات والأفكار والإصطلاحات التقدمية العامة ( الحرية التعاضد والإخاء والمساواة) وكذلك من الفلسفات والأفكار والإصطلاحات الثورية والماركسية اللينينية حتى صارت تناظير الفلسفة الإشتراكية حالة يومية تتداول جداً وهزلاً في مطابخ البيوت وفي المقاهي وفي الأغاني وفي مقالات الصحف والأخبار وفي كتب الفقه الديني الحديثة، ذاعت و زادت بين الناس إلى ما قد يمكن أن يكون زائداً عن حدها الموضوعي. تضع بسهولة لينين وعبدالناصر رأساً لرأس.
كذا كان لزيادة الضغط الخارجي الديبلوماسي والمالي والتجاري والإعلامي والإستخباري والعسكري الخارجي الإمبريالي-الصهيوني على دول ومجتمعات وقوى المنطقة أثره القوي في مفاقمة الأزمة التقدمية في منطقة الشرق الأوسط والسودان وتفاقم المسألة اليهودية في الأحزاب الشيوعية وتحالفاتها في ناحيتين موجبة وسالبة حيث لم تزل أحزابنا ومجتمعاتنا وثقافاتنا تعيش الآثار السلبية أكثر .
منذلك زيادة التفاوت الداخلي والخارجي في منطلقات ومفاهيم وممارسات التحرر الوطني في فترة ما بعد المؤتمر العشرين1956 (إستيلاء المناشفة على الحزب الشيوعي السوفيياتي طاردين بالتدريج ثم بعقد ذاك المؤتمر ما بقى من البلاشفة والكتلة الرئيسة لتناظير وممارسات لينين-ستالين الإشتراكية العلمية التي ذكاها القائد يوسف ستالين حتى وفاته 1954 حيث بدلت في تخوم وخضم المؤتمر بإحياء السياسات الليبرالية للقياس المزدوج لقيمة العمل إذ سوفتها المناشفة بحساب قيمة العمل الإجتماعي بصورة إداريةً وخدمية عامة ذات مكافاءات معنوية وترقيات صورية في مجال الإنتاج تقابلها بصورة مادية مالية نقودية لحساب قيمة العمل في مجال توزيع منافع الإنتاج ! ، حيث لايكفي المرتب تكاليف "السوق الموازية" وحيث يتطور إقتصاد الظل (الفساد) على حساب تماسك المجتمع والإقتصاد والسياسة والنظرية وعلى حساب الإتساق في المواقف الدولية والأممية!!! وكذا التحوير الخبيث للإنتظام الحزبي الشيوعي في المجتمع من تنظيم لتحسين الدولة وتذويب ما بينها وبين المجتمع إلى حالة بناء دولة التنظيم!!، وكذا أسهم المؤتمر الشؤم في تحويل مجريات التحرر الوطني في العالم من حال القيادة الثورية إلى حالة قيادة مختلطة منتجة بتضاد عناصرها الثورية والبرجوازية الصغيرة لسياسة "محلك سر" وهي سياسة رجعية مع تقدم التحالفات والتنسيقات الإمبريالية والرأسمالية الأمريكية والأوربية والصهيونية والخليجية وتوابعها في الأحزاب الطائفية والرجعية، ومن تلافيف الصراع السوفييتي والحرب الباردة ضد السوفييت تبلورت "حركة عدم الإنحياز " وكثير من الفهوم البريطانية في حركات التحرر الوطني في مرحلة ما بعد الحربين الحرب العالمية ضد روسيا والحرب العالمية الأولى والثانية ضد ألمانيا.
في خضم هذا الصراع الكبير تختلف قياسات صحة المواقف الأولية لحكم 25 مايو 1969 بين المعايير الداخلية الكثيرة التي تصدى بها الشهيد العظيم عبد الخالق محجوب عثمان قائد التيار الإجتماعي النسق لقضايا وسياسات تقدم السودان رافضاً بها إتجاهات التيار السياسي االمعتني بدور الدولة واجهزتها في تقدم المجتمع، وهي إتجاهات توافق التيار السياسي على التوائم والتواشج معها وعدم التخلي عن الإنجاز التقدمي الماثل في تحويل الضباط الأحرار للسلطة عن الحالة البشعة القديمة للديكتاتورية المدنية الرجعية الباطشة وفرض تقدمية السلطة ضداً لها لينال المجتمع المقيد بالفقر والجهل والمرض إمكاناً للتطورالأولي والحداثة ليسهم الشعب المتعلم المعافى مستقبلاً في التخلص التام من جذور وبذور ديكتاتورية النفوذ الطائفي ووليه النفوذ الأجنبي وسيطرتهما على موارد وجهود العيش والحياة في السودان. والإمساك بالسلطة التقدمية للضباط الأحرار بكل أحزابهم (غالبية التنظيم القيادي للضباط الأحرار كان من الشيوعيين والديمقراط) وعدم تركها في العراء مفردة سائغة للهجوم الإمبريالي الرجعي الشرس في المنطقة ( الحلف الإسلامي الإمبريالي والدستور الإسلامي ) وهي معايير دولية ووطنية تختلف عن معيار التطور الخطي الصاعد للنضال الجماهيري في تقدم الحياة السودانية الذي تبناه الشهيد عبد الخالق.
في ظل هذه التناقضات العامة والجزئية يمكن فهم حالة تصعيد النشاط (القومي-العسكري) ضد التيار الإجتماعي في الحزب الشيوعي وهو التيار الذي كان ينادي بوصول المجتمع إلى حال الكفاية من الموارد والعدل في توزيعها وفق تطور مدني جماهيري سلمي ديمقراطي ينتقل به الناس من أسر التخلف وضيق الفقر والجهل والمرض إلى حالة تقدمية رحبة بفعل التراكم العفوي والقصدي لمطالبهم وخبرة معاركهم وتواشجها مع تراكم الخبرات الصغيرة في حياتهم الطبيعية حيث ينتقلون عبر إتصال وتفاعل التراكمات الصغرى وصعودها إلى مجال أكبر أكثر سعة في وتناسقاً في إمكانات الحياة وهو خط لم يأبه صائغه الشهيد العظيم إلى أثر العلاقات المتخلفة في مجالات الإقتصاد وأسلوب العيش المتخلف وفقر التعليم وتوالي الأمراض الإجتماعية والجسمية والثقافية في الحد من تبلوره ومن تراكمه ومن تقدمه ومن نجاحه.
وإن كان البطل الشهيد عبدالخالق محجوب ساخراً من عشم التيار الشيوعي الآخر في إصلاح أمور المجتمع بواسطة جهاز الدولة، فلأن نظرة السكرتير العام البطل الشهيد إلى الدولة بشقيها العسكري والمدني كانت تعتبرها (=الدولة) هي الداء الأعظم والخطر الوبيل على المجتمع ، داءاً وخطراً يفوق أعطاب الرأسمالية المحلية والعالمية التي تفسد الحياة الإجتماعية والسياسية وكل آلية الدولة في المجتمع !!! .وهو موقف فريد يختلف مع الجزء الأغلب من طروحه المعادية للرجعية والإستعمار وللطريق البرلماني ولإتجاهات عزل الحزب من حركة التحرر الوطني والثورة العربية وطموحات الشعب ووضعه هامشاً في أحزاب واحلاف الرأسمالية وشبه الإقطاع مثلما هو حال الحزب الآن بعد حوالى خمسين سنة من تبلور ذاك الصراع. وهو الحال الذي يستند إلى تلك المواقف التي خرج عليها المناضل الشهيد مفضلاً لؤم البرجوازية الكبيرة وشبه الإقطاع على أفضال البرجوازية الصغيرة و...تقلباتها.
موقف تيارات البديل الإسلامي من البديل التقدمي وموقف تيارات البديل االتقدمي من الموقف الإسلامي ! :
ليس بعيداً عن الموقف الدولي، كان البديل لسلطة مايو 1969 واضحاً تماماً أمام التيارين الشيوعيين الإجتماعي منهما والسياسي حيث ورد في مقال السر ما يفيد ان القوى الليبرالية الدينية والعلمانية التي عارضت الإتجاه الوطني-التقدمي لثورة 25 مايو وضعت شرطاً أساس للحد من هجومها السياسي والديني والعسكري والإعلامي والدولي ضد قوى وإتجاهات تلك الثورة التقدمية وكان ذاك الشرط الإذعاني هو: العودة للوضع السابق عليها وقد وضح مقال السر هذا البديل الموت بفقرات مقتطفات وافية أهمها في جهة نظري :
أن تكون مسودة الدستور الاسلامي التي اعدت قبيل حركة مايو هي الأساس لاقرار دستور دائم. ومسودة الدستور الإسلامي هذا هي الصيغة الدينية الإسلامية لحكم السودان التي توافقت بل وأجمعت عليها قوى الأحزاب اللليبرالية في أثوابها العلمانية والدينية المختلفة، وهي صيغة خالية من بنية الدولة وهيكلة هيئاتها ومفارزها !؟ كما إن مسودة دستور الإسلاميين التقليديين والحُدث هذا جاءت عجفاء ظلماء بهماء عجماء في ستينيات القرن العشرين إذ جاءت -وهي وثيقة دستور دولة - صفراء بقيع خالية من إقرار وتناظيم الحقوق والحريات السياسية والمدنية الفردية والحزبية، ومن إقرار وتنظيم الحقوق والحريات النقابية وجملة الحقوق والضمانات الإقتصادية الإجتماعية المتصلة بشؤون العمل والإنتاج وحياة المنتجين، كما خلت وثيقة الإسلام السياسي الدستور هذه من جملة وقوام الحقوق والحريات االثقافية والإعلامية !
ولا أدري في ضوء هذه الشروط الديمقراطية التي أقرتها قوى الأغلبية السياسية في السودان بطوعها وحر إرادتها وبموافقة أولياءها اليهود والنصارى في بريطانيا وأمريكا ومؤسساتهم الديمقراطية بدوائرها الإقتصادية والسياسية والإستخبارية والعسكرية والإعلامية كيف حدث التغيير في التصور العام للجناح الإجتماعي في الحزب بقيادة الشهيد العظيم عبدالخالق محجوب عثمان ومفارقته كثير من أراءه السابقة الشهيرة حول أزمة وفشل ورأسمالية الطريق البرلماني أن يتغير إلى تصور ( متكامل) ان بالإمكان ان يستمر تطور وتراكم الحركة الجماهيرية حتى تصل لمرحلة فتح الثورة الوطنية الديمقراطية لآفاق التطور الإشتراكي!
وهو تحول ورأي غريب في ظرف زمانه اللحظي وظرف زمانه التاريخي : إذ ان مجرد نفاذ هذا الدستور أو حتى السطر الأول من مقدمته يلغي الحياة السياسية القائمة على مداولة الحُكم والمصالح الإقتصادية ويحرفها ويحولها إلى حياة دينية وقبائلية قد تجدي في تنظيم بعض الأمور كالزواج والإرث والمؤونة في بعض التجمعات البدوية القديمة البسيطة العدد والعلاقات ولكنها لا تنفع في تنمية المجتمعات الحضرية الحديثة بكل الزيادات الكبرى والكثيرة في عدد سكانها وحاجاتهم وشح مواردهم وزيادة معارفهم وتطلعاتهم وطاقاتهم وأرتفاع حاجات مستوى إنتاجهم وتقدم أحوالهم إنتظاماً وإقساطاً في مجالات الحقوق والواجبات العامة والسوية والزيادة في مجال الحريات وفي الحق افي التنمية .
ولكن بحكم الإرتباط الوجداني والواجب الأدبي والإرث الحسيني والحمية الأنصارية في كرري وسمات هذا التاريخ في جيلنا من جراء إستشهاد قادة حزبنا الأبطال في تلك المعركة التي ضمخت شاراتها الدموية منذ 1971 أذهاننا ووجداننا وأطرت طريقة حياتنا الحزبية فـ:
• لم تزل مؤتمرات الفروع (على علاتها) وسكرتارية حزبنا ولجنته المركزية ومقالات السر على سرعة تسلسلها تواصل التمسك بهذه الأسطورة المثالية: ان بالإمكان بناء التغيير الإشتراكي أو حتى التغيير الثوري الوطني الديمقراطي عن طريق البرلمان سياسة "أخوي واخوك" والحصول فيه على إقتناع غالبية أعضاءه الكبراء الأثرياء الموسرين وموافقتهم على التخلص من التملك الفردي لموارد المجتمع الذي در ويدر عليهم في نفس المجتمع بل وحتى في خارجه عناصر التفوق المالي والإجتماعي والسياسي في ظل سيادتهم وتحكمهم الإقتصادي رأسمالية على موارد وجهود المعيشة داخل السودان !
• ولم يزل الأمل معقوداً في حزبنا أن الطريق الرأسمالي يمكن أن يفضي بجدلياته إلى وعي سياسي خال من الإستلاب والإغتراب!!
• كان ولم يزل حزبنا رائداً للعشم في "إصلاح" المجتمع والدولة ثم تحول إلى حزب قائد للعشم في "إسعاف" مجرد وجود الدولة مستمراً في هذا الخطل والوهم لأسباب باطنية عددا تصر على أن السودان القديم حي يمكن إسعافه ( في هذه المرحلة !!) وذلك رغم إحتراق كينونات وأقاليم البلاد وموت الناس بالملايين وتشردهم بالملايين وموت الدولة نفسها بتصلب الطغيان وتوالد المقاومات الوطنية في كل أقليم وتحكم وكالات الأمم المتحدة، وشركاتها المحظوظة في أمور ما تبقى من إقتصاد بلادنا وماهو قادم فيه، وتحول عصبة الدولة الحاكمة إلى مجرد عصبة أفاكين وسفاكين للدماء مؤججين بالمال للنعرات القبيلية يخدمونها في أطار مشروعهم الرسالي الرأسمالي كأدوات حماية وأدوات كسب وأدوات ترهيب وأدوات إبتزاز حتى إهترأت الدولة بموت كل جذورها ومعانيها التقليدية المثالية كآلة تجديد وصيانة إجتماعية ،وبكل معانيها الحديثة كجهاز لإدارة المصالح والعلاقات والقوى الرأسمالية ضد العوامل المضادة لنمو أرباحهم.
ورغم كل هذه الدمار المقيم والهلاك السياسي لمجتمعات السودان بالغنى الباذخ والثراء السفيه لحكامه وسادة موارده وبالفقر المدقع والإملاق الشديد لأكثر من 95% من الشعب فإن حزبنا في تيه لجنته المركزية الخالية من العمال والمزارعين وغرامها بالديمقراطية الليبرالية لا يجد إمكانية لإنتقاد موقفه القديم ضد الديمقراطية الثورية وأهميتها وقتذاك وفي المستقبل لكسر حدة الهجوم الرأسمالي الجارف والمتحد على موارد الناس وكينونة التنمية في مجتمعاتهم، ومقابل هذا السكوت فإن إنتقادات حزبنا للرأسمالية أضحت أكثر فنية وأقل سياسية وحتى في فنياتها خفت موازينها الإجتماعية.
4-العنف بين تيار الأنصار التقليدي في جزيرة أبا وتيار الأنصار المتعلمين في جهاز الدولة الحديث، وتيار الدولة نفسها:
في ذلك الصراع بين التيارات التقدمية القومية والشيوعية مؤتلفة متنازعة في كل من الجبهة الإشتراكية وسلطة 25 مايو 1969 والتيارات الليبرالية لحرية تملك الأفراد لموارد المجتمع وحرية متاجرتهم بها بشقيها العلماني والإسلامي متحدة في مشروع الدستور الإسلامي ، وتصادم إتجاهاته معاً في ذات اليسار وفي ذات اليمين، تبلور الموقف الأنصاري وموقف حزب الأمة في ثلاثة تيارات هي :
1- التيار التقليدي الديني الولاء والنزوع وشمسه وعلامته السيد الإمام الهادي عبدالرحمن المهدي، صدر المهدية وصحنها وكلمتها وسيفها الضرغام في تلك السنوات التي سادتها الحداثة وغلبت فيها السياسة على القداسة ، وكان تمركزه في القصر العالي في جزيرة أبا بكل فوارقها الطبقية الهائلة ووحدتها الدينية الطائفية الغلبا .
2- تيار الأنصار الثاني كان ماثلاً في أشخاص مائزين متعلمين بيارق في مختلف أجهزة الحكم والدولة والجيش والمخابرات لهم صلات ولاء للإمامة المهدية في السودان ولبعضهم صلات سياسة معها نجومهم مآئة وأفضالهم حتما مئآت بل وألوف، ليت الإمام الصادق الصديق عبدالرحمن المهدي أو رماحه الكاتبة ومنهم محمد الحسن أو خالد عويس يعلمنا بهم في كتاب مستقل يحف بموجبات كل منهم وميله إلى جانب التقدم أو إلى جانب الثبات في أمور الحكم والسياسة وشؤون البلاد. وقد كان طوال هذا التيار وأشهر أعلامه يقدرون موضوعية تغيير جهاز الدولة القديم وتحديث وعلمنة السمات العامة لعموم هيئاتها والضرورة الوطنية والشعبية لمعيشة وحياة الناس لنشل الدولة من وهدة الطائفية الشديدة وما تضعه أياديها اللطيفة أو أياديها الثقيلة في حياة الناس وما تجره في تنظيمات حياتهم التعليمية والصحية والتنموية من حبال التآلف الشديد أوالتنافر الممزق لمصالح القوى المهمة لعيشهم وحياتهم دون ان يكون لأصحاب الحل والعقد في كل أمر من أمور امعيشة الناس وحياتهم شيئ مناسب لخبرته ومسؤوليته عن هذا الأمر الحياتي ، وقد تمتع هؤلاء الأنصار الرواجح بقسط مهم في عملية تحديث الحيياة السودانية بداية من عهد الإستقلال وحتى اليوم.
3- التيار الثالث كان مزجخلط بين التيارين الديني والسياسي، وكان محركه الإمام (فيما بعد) الصادق الصديق عبدالرحمن المهدي، ومستشاره البريطاني بدأ بنزاع عمه على زعامة حزب الأمة مثلما ما نازع فيما بعد عمه الثاني السيد أحمد عبدالرحمن المهدي على الإمامة ، وفي هذا النزاع الأسري على الإرث الألهي ، تكاسب الصادق الفائدة والعون من الحركة الإشتراكية والحزب الشيوعي السوداني ومن الحركة الإسلامية بتيار الأخوان المسلمين الذين كانوا يبحثون عن الزعيم الإجتماعي يستهلكون زعامته وتيار صديقه الترابي في حركتهم يستدوي بدائهم مصطنعاً تجديدات شكلانية عدداً في أصول الطائفة والحزب والممارسة السياسية ذات التقعير وذات التحديب اللفظي الشديد ناقلاً بها عصب السياسة في السودان من حالة الفعل إلى حالة الكلام الساكت.
كان التيار الثالث بقيادة الصادق ومستشاره من القابلين للجدل مع السلطة التقدمية الجديدة بل كانوا من المستحثين عناصرها لتولى السلطة وكان التيار الثاني كما سبق القول من كبار وأواسط ألمعيي الدولة وهيئاتها حاله غير الحال القديم الذي حكاه الهجاء فقد كان هؤلاء الحداثيون في قلوبهم مع معاوية (=إمتيازات سيد الطائفة) ولكن سيوفهم الماثلة في أرائهم ونفوذهم في الطبقة الوسطى بكل مصالحها وقبائليتها المنبتة، وبكل علاقاتهم الدولية كانت مع علي (= الدولة الحديثة المنظومة)
ومن الظاهر إن امور الأنصاروالدين في طائفتهم تمركزت مع الإمام الهادي عبدالرحمن المهدي في الجزيرة أبا يحوطه عسكريي ومخابراتيي الأخوان المسلمين مثل الشيخ فيما بعد مهدي إبراهيم والشيخ فيما بعد إبراهيم السنوسي تتنزل عليهم في تلك الجزيرة لأسلحة والذخائر البريطانية والأمريكية من لدن ملك الملوك المازح بالأسود هيلاسلاسي يناصره معه كلمة ومالاً وسلاحاً جميع ملوك العرب!
في جزيرة أبا تحولت حالة الإعتزال عن تغيير 25 مايو 1969 إلى حالة عصيان مسلح وتمرد منظوم بدأ بمنع سير الأمور الأولى للدولة في داخل الجزيرة وما جاورها ولم ينته الأمر في قريظية حصن الجزيرة وحكمه إلا والجزيرة وأهلها -المذنب منهم والبرئي- وقد تركوا حطاماً وهباءاً منثورأ في واقعة حرة تبادل الطرفان فيها الإتهام بالوحشية وزاد أهل الجزيرة عدد قتلاهم وجرحاهم من المئات إلى عشرات الألف حسب تقديرات متأخرة ألف بها البهاء محمد أحمد محجوب كتابه الديمقراطية في الميزان سنة 1975 والرجل رئيس وزراء حزب الأمة الماضي والقادم (حينذاك) القاضي المحام المهندس الكاتب والشاعر وقلب النقائض العنصرية البدوي والزنوجي في الثفافة الحضرية العربية المصرية و السيد العربي النائم عن زنوجته في ثقافة السودان. وفي تحول تيار الإمام من الإعتزال إلى العصيان ثم إلى الحرب سالت دماء زاكية كان بإلامكان إجتنابها لكن التاريخ لا يعتبر منه بطريقة "لو...". (= لو ان كذا وكذ لكان كذا) قدر الرئيس الأديب محمد أحمدالمحجوب الموقف الذي لم يحضره قال:
بلغ مجموع المقيمين علي القطاع الضيق من الأرض بطول 30 ميلا في أوائل 1970م، حوالي 40 ألف شخص وقدر مجلس قيادة الثورة عدد القتلي 120 من الانصار و60 من الجرحي، وقد قتل جنديان ، ولكن مصدرا مستقلا قدر عدد الاصابات بالف شخص، وفي وقت لاحق وضعت التقديرات لعدد القتلي في الجزيرة ابا وحدها من 27/مارس الي 31/مارس 1970م منه بين خمسة الف قتيل واثنتي عشر الف قتيل (المحجوب: الديمقراطية في الميزان، ص 241)
ضرورة مقارنة طبيعة برنامج 25 مايو بطبيعة مطالب المركز الرئيس التيار الليبرالي في السودان حينذاك:
في مقابلة الامام الهادي المهدي لمبعوث مجلس قيادة الثورة اللواء أبو الدهب 25/3/1970م طلب الإمام الآتي:
1- وجوب ازالة الواجهة الشيوعية من السلطة فورا. 2- أن تكون مسودة الدستور الاسلامي التي اعدت قبيل حركة مايو هي الأساس لاقرار دستور دائم. 3- اجواء انتخابات حوة في البلاد. 4- اطلاق سراح السجناء السياسيين وعلي رأسهم الصادق المهدي. 5- ايقاف جميع الاتفاقات مع المعسكر الاشتراكي. 6- ايقاف التدخل الليبي المصري في شئون السودان،
بالطبع لم تكن لهذه االطلبات الأوامر إلامعنى واحد هو إشهار الحرب على هيئة الدولة الجديدة بكل قومييها وشيوعييها وتقدمييها وتحديثييها بل وعلى أصلاء واتباع الطائفة الإسلامية الأخرى ومن والاها من طرق ومن صيغة وطبيعة تاريخ هذه الطلبات الأوامر بدأ إن السلاح الرجيم لتلك الحرب الرجعية التي لن تبقي ولن تذر سيكون هو سلاح الدستور الإسلامي.
من مقال السر نجد ان مطالب الإمام لم تكون جديداً في عملية تقويم الحزب للوضع ، لا حين الأزمة ولا حتى في الوقت الحاضر ولعل ذلك السفه لسبب من حالة مقتل الإمام الهادي عبدالرحمن المهدي عقب نهاية المواجهة وهزيمة قواته وتأهبه للإنتقال إلى (دار الهجرة) في إثيوبيا، حيث قٌتل الإمام في ضواحي الكُرمُك جرحاً ونزيفاً بعدما قاوم آسريه بإطلاقه الرصاص (برأتهم محكمة عادلة في الثمانينيات) لكن طرح الدستور الإسلامي بقى هو الإطار العام لمعارضي الحكم الجديد، ولعملية تسنمهم وإستهلاكهم هذا الحكم. ولعل الدستور الإسلامي أو هو قطعاً الذي شكل طبيعة التغيير السياسي الداخلي في السودان ودينية سلطته منذ مرحلة الإستسلام لضغوط صندوق النقد الدولي وحتى الآن. وهي نقطة تلافتها كثير من الرؤى السائدة في الحزب بإصرارعجيب على تناول الأمر كمجرد حلف تكتيكي طارئي نشأ بين الرأسماليين والعسكريين الإسلاميين كقمم في الإقتصاد والسلطة مما تسميه (السكرتارية) مرةَ بإسم "الرأسمالية الإسلامية الطفيلية " ومرةً بإسم "الرأسمالية الطفيلية الإسلامية" أو ما سمته مرة بتساهل شديد "الإسلاربوية" بتفريق غلط بين فهوم الإسلام وفهوم الربا في عوالم الإنتاج والتجارة والتمويل دون نظر من السكرتارية إلى ربا العمل الذي يجمع بين الإثنين. مثلما يجمعهما والديكتاتوريات العسكرية الإسلامية حيث حرية السوق والليبرالية في عموم الإقتصاد هي التي بشكل مباشر أو غير مباشر تفرض التدين في قمة الدولة ومحاولة وقف تناقضاتها الحياتية المعيشية بربطها بحبل إصلاح يظنونه من الدين وهو حبل من مسد. .
كان تقييم مقال السر للوضع العام للدولة والمجتمع وتيارات أسبقياتهم في داخل الحزب الشيوعي وفي جناح حزبنا السائد الآن وأحد طرفي الإنقسام أوآن ذاك تقييماً بسيطاً. قام على تحليل بعض نقاط العنف والعنف المضاد، والعقلانية والحكومة الدينية، والثورة والتمرد!
ولم يرتبط تحليل السر بنظرة موضوعية إلى:
الطبيعة الليبرالية للمطالب (الديمقراطية) ذات الشكل الإقطاعي الرجعي التي تقدم بها الإمام الهادي عبدالرحمن المهدي قائد المعسكر المضاد لنشوء الحكم التقدمي وطبيعة ليبرالية ودنيوية قيادته التي تؤشرإلى قوة نفوذ صاحبها له الرحمة وعليه السلام وزيادة سطوته على تابعيه بأثر الإطار الرأسمالي للتبعيىة المحلية والوطنية والدولية الذي نمى به الإمام قوته.
الكينونة الليبرالية لمطالب الإمام الدينية-الدنيوية وزعامته القوى الديمقراطية الليبرالية بفضل ذلك الإطار الإقتصادي والعصب الحيوي الذي ثبتته بريطانيا في مناطق جزيرة أبا وبعض المناطق التاخمة للنيل الأبيض بمجموعة مشاريع القطن محولة به وبها القوة الحية الباقية في كيان الأنصار إلى حالة "مهاجرية" قوامها نوع من الغنى بالله والزهد والعفاف الشديد بل وهب النفس والجهد لمصلحة العقيدة وتمتين الركيزة البشرية الكبرى التي تقوم عليها هذه العقيدة مجسدة في شخص الأمام وعائلته المبجلة المقدسة تمتيناً مخلوط بنوع من الإستعباد الذاتي في مجال العمل والإنتاج ونوع من السيادة الإقطاعية الدينية السطوة في مجال التنظيم وتملك وتوزيع موارد ومنافع هذا الإنتاج .
تجاهل مقال السر الطبيعة الإمبريالية لقيام بريطانيا بتأسيس تلك المشاريع مجال التأميم ونفعها بها من حيث تخديمها في جمع وتحوير وتحويل جموع أعدائها السابقين إلى قوة موالية لها تخدمها بريطانيا ضد غرمائها الباقين في السودان من توابع قوى الخلافة الإسلامية العثمانية ذات السطوة المصرية وجنودها الجهادية ومشايخ القبائل العربية التي نقضت (مظالم) الدولة المهدية بعد تحورها وتحولها من ثورة إلى دولة!
مقال السر في تحليله الفوقي لإنقسام الحزب وأخذه كموضوع لمخالفة مرؤوس قواعد العمل ومعارضته سياسة الرئيس غيب موضوعية تمحيص حالة "المهدية الجديدة" التي نشأت في السودان بأثر الإقرار والتمويل والدعم البريطاني لعملية رسملة السيد الإمام عبدالرحمن المهدي عليه السلام وتحويله من رأس للثورة القادمة إلى رأس مال ومن رجل حرب قادمة إلى رجل أعمال تجارية وصناعية تسيطر عليها دوائر التمويل البريطانية ثم الأمريكية بشكل مباشر وغير مباشر. فات مقال السر في برق عرضه لموضوعيات الإنقسام ومزنه بأحداثه إن حالة "المهدية الجديدة" لم تكن سوى شريعة محلية أو وطنية لتثبيت وتوسع المشروع الرأسمالي العالمي الكبير خاصة مع نمو وضع القطن في التجارة الدولية ونمو علاقات دائرة آل المهدي (شركة خاصة) وبنك باركليز و البنك الإثيوبي ذي العلاقات الأمريكية وغيره من مؤسسات الإمبريالية مما أكسب الطائفة بهذا النفوذ الإقتصادي الخارجي-الداخلي نوعاً من السياسة الأسد أرنبية حيث تمتعت حالة الإمامة والأئمة بقوة هائلة في السيطرة على مواليها وكذلك بقوة هائلة في التبعية للمصالح الإمبريالية في آن معاً!!
بتغييب موضوعية تحليل هام في التاريخ السياسي للسودان مثل تحليل "المهدية الجديدة" غابت عن مقال السر إمكانات تحليل أكثر موضوعية لأحداث مايو 1969 - أغسطس 1970 التي شكلت فقط الجزء الأخير من تسلسل جدل الأحداث، حيث لم يكن إنفتاح طريق التأميم الوطني لوكالات رأس المال العالمي بداية من تحول إتجاه حركة السلطة في 25 مايو 1969 من اليمين إلى اليسار إلا بداية النهاية لهذه الصيغة الإستعمارية الكمبرادورية، التي أعاقت بواحديتها وقطنيتها إمكانات التنمية المتوازنة في السودان .
كما أظهرت العملية التقدمية في تجفيف منابع تمويل دوائر السادة الأسس الدنيوية والتجارية للقداسة في القرن العشرين وما يليه، كما عبر رفض الإمام الديني والمسلح لتقدمية السلطة ونفعها تطور جماهيره عن ضعف سياسته وإستلاب وعيه بمغارز الدوائر الأنجلو أمريكية .
وكذا أوضحت معركة أبا ضعف سياسية الحكام الجدد. فلو وجدت هذه النظرة الموضوعية لعملية نشوء وتطور ورقي "المهدية الجديدة" أوآن ذاك الإختلاف بين التيار السياسي لتغيير المجتمع والتيار الإجتماعي لتغيير الدولة في الحزب الشيوعي لتحول طرفي الإنقسام إلى إتحاد متين بدلاً لتماقتهم في حضرة مصالح عدوهم .
مقال السر لم ينتبه إلى هذه التفصيلة المهمة ولدورها العقلاني كآداة نظرية في قرآءة أحوال وأحداث إنقسام الحزب بل وإنقسام الدولة والمجتمع في الآتون الطبقي لتلك الفترة من تاريخ تبلور حركة الثورة في السودان وحركة الثورة في العالم ولعل ذلك من غياب الأسس الموضوعية لتوازن الإنتقاد و(إلتزام) مقال السر بطبيعة وضع صاحبه إدانة أحد طرفي الإنقسام مسبقاً ، وبإعتبار الإنقسام نفسه جريمة سياسية وليس إختلافاً موضوعياً وتناقضاً نشأ من تراكمات سابقة غابت في الحزب والمجتمع إمكانات تعضيد عناصره وإستثماره.
فبدلاً عن تمحيص نشوء وتبلور الإنقسام برؤية حصيفة للفرق بين الإمكانات االفعلية لتطور مجتمعات السودان بالطريق الرأسمالي البرلماني والإمكانات الفعلية لتطور مجتمعات السودان بالطريق اللارأسمالي الثوري والوطني أو الشعبي الديمقراطي. و بدلاً لتحليل إمكانية التطور الرأسمالي وإمكانية التطور اللارأسمالي في ضوء التغيرات الإجتماعية الإقتصادية وزيادة حاجات الناس ماضياً ومستقبلاً وحساب وحصف الموقف الأولي لإمكان تلبية هذه الحاجات بصورة متناسقة بأي من الإمكانين في ضوء كل من:
1. الموقف الحاضر آنذاك لبشاعة الديكتاتورية المدنية الإسلامية، وهدمها أركان مشروعية الدولة في حرية الرأي والتعبير والتنظيم وإضرارها العمد بالدستور وبمؤسسات الأحزاب والبرلمان والقضاء والديبلوماسية والإدارة والأمن والجيش وهدها ركائز الوحدة الشعبية والوطنية إضافة لموقفها الضار بفاعلية وجود السودان في مجالات التحرر الأفريقي والعربي والعالمي.
2. الموقف القادم لديكتاتورية الدستور الإسلامي الخالية من الحريات الحزبية والنقابية والرامية لـ"حرق الجنوب"
بدلاً من كل هذه العناصر الضرورة لموضوعية تقييم المواقف السالبة والمواقف الموجبة في جانبي الإنقسام المنتصر منهما والمهزوم نجد إرتكاز تحليل السر وتقييمه للإنقسام في العالم والمجتمع والدولة والحزب محصوراً محدوداً في الحزب بل وفي قمم الحزب دون قطاعاته الأساسية والإنتظامات الجماهيرية المحيطة به مثلما نجده راكزاً إلى العدالة العوراء لنتائج الحروب وتطبيق شرعة الطرف المنتصر فيهاعلى الطرف المهزوم، بينما كان ولم يزل كل من طرفي الإنقسام في الوضع الخاسر، بل وبلغت الخسارة حد موت الحزب والثورة والدولة وكثيراً من هيئات المجتمع موتاً سريعاً أو بطئياً، وفقد الناس فرصة هائلة لتقدمهم.
كذلك في صدد تقييم مقال السر للإنقسام في الحزب بين الكتلة الرامية لتغيير أحوال التخلف الإقتصادي الإجتماعي والثقافي في المجتمع بواسطة تجديد هياكل وخطط أجهزة وهيئات الدولة وعلاقاتها الخارجية والكتلة الرامية لتغيير وضع الدولة وهياكل وخطط هيئاتها وأجهزتها بواسطة النضال الجماهيري والنشاط الحزبي المستقل لـ(نشر) الوعي يمكن القول إن مقال لم يأبه لأثر هذا الإنقسام بين الكتلتين الوطنيتين الديمقراطيتين الشيوعيتين السودانيتين في زيادة في تفاقم الأزمة البنيوية للتنظيم الرأسمالي العالمي لموارد وجهود الأمم المستغلة والمستضعفة وفي زيادة تفاقم الأزمة البنيوية في المناطق الجغرافية السياسية والفكرية للإشتراكية في العالم !
5- المركز الداخلي لتبلور الأزمة والإنقسام :
يورد مقال السر شمساً تساعد كثيراً في إمكان النظر مستقبلاً إلى نشوء إدارة أفضل للإنقسامات الفكرية والنظرية والعملية التي تنشأ في خضم تطور نضال أعضاء الحزب وإنتقال حياتهم النضالية عبر الفترات والعهود الإقتصادية السياسية والإجتماعية الثقافية ضمن المرحلة التاريخية العامة لتأزم الإمبريالية وتوطد إمكانات أكبر لحفاري قبورها لدفنها بمخلفات مظالمها الإقتصادية الإجتماعية والسياسية العسكرية والثقافية والبيئية والعدلية، وقد تمثلت هذه الشمس في الإنتقاد الذاتي الذي وجهه الحزب للضبابية والجزئية والحلقية الضيقة التي سار عليها طرفي إنقسامه (المنتصر منهما والمهزوم) إذ قال:
ان عدم توضيح موقفنا كاملا بطريقة موحدة وبصورة واسعة أمام جماهير الطبقة العاملة والاقسام الأخري من العاملين كان خطا اضر بعلاقة الحزب الشيوعي بطبقته وبالجماهير التي تناضل معه من اجل التقدم والاشتراكية)( ص 133).
تكراراً يظهر من هذين السطرين القرنضوئيين أن الإنقسام في وجهتيه تم بعيداً عن جماهير الطبقة العاملة والأقسام الأخرى من العاملين وأن موقف الطرفين كان غامضاً [ربما لاسباب نظرية وأسباب شخصية] كما كان الإنقسام في كل جوانبه موقفاً جزئياً ضيقاً في منطلقاته وفي طريقة تناوله والتعامل معه وبالطبع في طريقة (حسمه).
6- في الجانب الإقتصادي لإنقسام الإشتراكيين في الحزب والدولة:
في ظرف زماني سياسي ضيق كان للحزب الشيوعي الإتجاه إلى واحد من أمرين:
1- دفع تغيير المستوى القاعدي من علاقات الإنتاج في المشاريع الزراعية والصناعية الحكومية الأصيلة والمؤممة بإدخال نظم لشراكة العاملين بنسب كبرى قد تصل إلى 33.33% الثلث من عائدات إنتاجهم ويتفاوت توزيعها فيهم ثلاثة أوخمسة مستويات كما يتفاوت أو يتوافق حال هذه النسبة بين المؤسسات ضمن نظام مخطط لتسعير وتثمين الموارد مما لم تكن له حينذاك إمكانات عملية وتقنية لإنجازه أو
2- الإتجاه إلى تغيير علاقات الإدارة والإنتاج في القمم الإقتصادية أو في محركات الإقتصاد الحديث الذي لم يكن يشكل في حياة الإنتاج الحال التي كان يشغلها إلى وقت قريب القطاع الأول البدائي المعيشي التقليدي الإنتاج (الرعي والزراعة الكفائية) وإن كان هذا القطاع الحديث بحكم موقعه السياسي في دائرة التنظيم الرأسمالي العالمي لأمور العملات والتمويلات والتجارة الدولية وتأثيره في جانب كبير من سياسات التراخيص والضرائب والجمارك الوطنية يشكل محور التبادلات الداخلية والخارجية للمجتمع والدولة في ظل نظام داخل وخارجي لتبعية القطاعات الأقل صناعة وتمويلاً للقطاعات الأكثر تمويلاً وصناعة في منظومة إستقواء باضعاف يستهلك فيها القطاع الغني القطاع الفقير ويفنيه.
ولكن في خضم الإنقسام وتضارب الأفكار والتناظير والعلاقات الشخصية والعلاقات الإدارية وإنتقال الدولة من حكم إلى حكم بل وإنتقال الحكم من دولة الطبقة المالكة إلى دولة الجماهير الكادحة يظهر مقال السر تناقضاً موصولا بمادة الإنقسام وإقتصادياته مستمر إلى الآن:
المادة االنظرية العملية ( أ) الموصولة بهذا التناقض هي:
من الممكن أن تؤدي الخطة الخمسية الي رفع مستوي معيشة الجماهير نسبيا، وهذا أمر مهم بالنسبة الي الانتاج اذا توفرت التوجيهات السياسية والاقتصادية اللازمة من ناحية توزيع الدخل القومي ومن ناحية رفع المداخيل الحقيقية بالنسبة الي الجماهير العاملة. فالزيادة في دخل الفرد من العائد القومي تصل الي 5 في المائة في وقت ارتفعت فيه تكاليف المعيشة بين مايو 1969 ومايو 1970، بما يعادل 12 في المائة، وهذا يضر بانجاز الخطة الخمسية بنجاح) وهي رؤية لا تعزل التقدم الإقتصادي السياسي والوطني العام عن التقدم الخاص المحدد في أحوال عمل ومعيشة االعمال والكادحين التي تتطلب لتحسينها تغييراً جذرياً في علاقات حيازة وتوزيع الموارد وتقويماً موضوعياً متوازناً لقيمة الإنتاج المباشر في القطاعات الأكثر ضرورة لحياة الناس. مما شرحنا إمكاناته وصعوباته في مقدمة هذه الفقرة المادة النظرية العملية (ب) الموصولة بهذا التناقض هي: الخطة الخمسية ستنجح في حدود بعينها وهي: 1- وقف تدهور الاقتصاد السوداني الناتج عن الظروف الماضية. 2- خلق الاجهزة اللازمة لقيادة بناء الاقتصاد الوطني بعد ذلك. 3- زيادة وزن قطاع الدولة في الاقتصاد السوداني الأمر الذي يسهل عملية بناء الاقتصاد الوطني عبر الطريق اللارأسمالي. 4- تحسين مستوى معيشة السكان الي قدر معين..... الخ
وهي ذات الرؤية الإسعافية السائدة حتى الآن في جميع البنى الرأسمالية التابعة المتعفنة في العالم الثالث تخدم عادة في تأجيل مطالب وإجراءات التغيير الجذري إذ تطلب في شرطها الأول وقف تدهور الإقتصاد رغم إنه تدهور مقيم مستدام سيتفاقم جراء عدم التوازن الهيكلي أو الخلل العددي والنوعي في قطاعات الإنتاج والإستهلاك ويزيد تفاقمه لسبب التطفيف في علاقات الإنتاج والتبادل التي تأكل فيها القطاعات الرأسمالية الأكبر في الخارج والداخل القطاعات الأقل داخل السودان. على طريقة داوني بالتي كانت هي الداء.
رغم أن التركيبة الطبقية للأحزاب والقوى الإشتراكية تغلب عليها خصئص وسمات البرجوازية الصغيرة (=الضيق العددي والنوعي والزماني لتحديد المصالح العامة وإقتضاءها والتآكل السريع لمبدئية عناصرها مع التغير في أوضاعها ) فقد كان وقف التدهور نفسه موصول بإنشقاق أخر في الصفوف الإشتراكية والصفوف الشيوعية : يقول مقال السر:
كانت القوى المحافظة والقوميون العرب بقيادة الوزير السابق احمد عبد الحليم تقاوم وضع الخطة الخمسية وتري أنه من الافضل القيام بمشروعات وعدم الالتزان بخطة، وحتي بعد صراع عنيف تمت اجازة الخطة الخمسية، ولكن عمل الوزير واعوانه لنسف الخطة بعدم توفير الموارد الماليةالضرورية لتنفيذها.
هنا مع بعض الإختلاط في الذاكرة أذكر النقاش الذي تم في الزيارة الأولى لرئيس وزراء بريطانيا سالفاً طوني بلير إلى الجمهورية الفرنسية إبان سياساتها "الإشتراكية" عهد الرئيس الراحل فرانسوا ميتران وهي حقيقة سياسة إشتراكية رأسمالية الدولة العامة لرأس المال الخاص، حيث إن كل رأسمالية دولة تتبع الصفة الطبقية العامة لهذه الدولة إما إشتراكية وإما رأسمالية حينها تحدث المشئوم بلير في الجمعية الوطنية الفرنسية عن التخلص من الأفكار والسياسات والمشروعات الكبرى (التي فشلت) والإهتمام بالأعمال والمشروعات الصغيرة وتوفير إمكانية أكبر لتحقيق أهدافها بنجاح، دون أن يحدد كسياسي ليبرالي معيار هذا الإهتمام بدقة وهذا النجاح سوى حديث غائم عائم عن الوطنية المجتمعية وتأسيسها على وجود خدمات عامة جيدة في مجالات التعليم والصحة والإسكان في كلام معقول الشكل ! تصدى له زعيم الأغلبية الإشتراكية موضحاً له إن الإشتراكية جزء أصيل من التاريخ ومن الوطنية في فرنسا، وإن الأفكار والسياسات والمشاريع الكبرى(الإشتراكية) هي التي ولدت أوربا الحديثة عبر الثورة الفرنسية بداية من أفكار وسياسات العمومية والجمهورية والتعاضد والنفع العام وحتى الثورة الصناعية والأفكار والحركات النقابية والتقدمية التي خلقت حزب العمال البريطاني وسياساته ومكنته من بناء بريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية ووسعت رقعة الأمن والسلم الأوربيين،وفتحت المجال لوجود نظام دولي متعدد الأقطاب بما فيه المجتمع الأوربي (= الإتحاد الأوربي حاضراً) ليس من المناسب تبديله بممارسات الوصاية والهيمنة على تقديرات التنمية في الدول الأخرى أو تبديل نظم التأمين الإجتماعي فيها بتلاعبات سوقية تحقق أرباحاً هائلة على حساب جودة وإستمرارية هذه النظم التي تتطلب رعاية المجتمع لها وتوافق الدول على صونها ودعمها أممياً .
كانت السياسة التي إتبعها بلير قائمة مشاريع منفصلة في كل مجال تحددها هيئات مشتركة تجارية-علمية تمرر فيها بقوة الرشاوى الإجتماعية والقانونية في مجتمع طبقي عرشي مقترحات المشروعات المربحة لرأس المال في كل مجال في ذلك البلد الذي يعتمد فيه إقتصاده بصورة كبيرة على التحويلات المالية الداخلية الدولية وعائدات الإستعمار الحديث. كانت النتيجة العامة لهذه المشروعات هي الفشل في ذاتها،(قاعة الدوم، خصخصة المواصلات، خصخصة التعليم، خصخصة أصول المستشفيات ، خصخصة الإسكان...إلخ) ولكن العرض العام المجمل للأمور الإقتصادية بطريقة مالية نقودية من حيث صرف الحكومة وعائداتها كان يشير إلى أرقام تبدو صحية بينما كان عرض أحوال العمل نوعيته والفائدة الإجتماعية منه يشير لتفاقم أزمات عددا في قطاعات التعليم والخدمة الوطنية الصحية والمواصلات والإسكان والأمن والشباب والثقافة وإنعكاس ذلك سلباً في قطاع المصارف والرهنيات والقروض مما يوضح مخاتلة هذه الطريقة المحاسبية النقودية في إخفاء سوء الأمور في جانب المجتمع وإظهار الإقتصاد جيداً في جانب الحكومة رغم ما يجمع بينهما من صلات ووشائج؟
على ذات المنطق الفاصم بين الجزئي والكلي إستغربت أن تنجح الخطة الخمسية الأولى بنفس الشكل القديم لهيكل وعلاقات الإنتاج ؟
من هنا -دون دراسة راصدة- كنت أود لو حفزت في الحزب يبدو لي أن إختلافات الإقتصاديين في أمور الحكم والدولة كانت أقوى من إتفاقهم أو إختلافهم النظري في مجال القيمة . فمما لا يفيد كثيراً في تقييم إنقسام الحزب الشيوعي إلى شقين سنة 1970 في جزئية الإقتصاد الحديث عن تآمر القوميين العرب وبالأصح تآمر جماعة منهم ضد وضع خطة خمسية!! ففي سنة 2008 وضح أيضاً إن الأدب السياسي للحزب جاء فقيراً في العناية بموضوع التخطيط الشامل الإقتصادي السياسي الإجتماعي والثقافي بعدما جاء أيضاً خالياً من أي موقف موجب جهة قضايا تأميم المجتمع لملكية ونشاطات بعض الأفراد والبنوك و(حقوقهم ) في السيطرة على موارد المجتمع وجهوده وثرواته وحريتهم في المتاجرة بها .
التردد القديم جهة قضايا التخطيط وضرورة التأميم إنكشفت طبيعته البرجوازية الصغيرة في الإتجاه السائد في طروح التجديد الحاضرة التي لم تبد مقالات السر نقداً لها في جهة تخليها عن ضرورة التأميم. وكانت أشهر معالم هذا التخلي المقال الذي قدمه الأستاذ محمد إبراهيم نُقد مستنداً للنواقص والمخازي التي نابت بعض عمليات التأميم التي تمت في1969-1970بواسطة القوميين العرب وتقدمه منها للهجوم ضد كل عملية التأميم مغيباً ضرورته الموضوعية لعملية ضبط وتخطيط الإنتاج والتمويل المحلي، وفوائده في تنظيم التجارة الخارجية. ولم يظهر إزاء مقال الزميل نُقد أي إنتقاد من الزميل تاج السر وهو مسؤول ثقافة الحزب.
7-إنغلاق النزعة المركزية داخل الحزب ودورها في رفض الإتحاد السوداني ورفض الإتحاد العربي:
يقول مقال السر: وبعد اعلان الرؤساء انور السادات ومعمر القذافي وجعفر النميري في 8/نوفمبر/1970 الاتفاق علي قيام اتحاد ثلاثي يضم مصر وليبيا والسودان اصدر الحزب الشيوعي بيانا حدد فيه موقفه من هذا الاتحاد، أشار البيان الي أن هذا الاتحاد تم بدون استشارة أى من تلك الشعوب، ناهيك عن موافقتها
كانت الوحدة الأفريقية والوحدة العربية من مشاعل الحركة الجماهيرية والثورية في العالم والسودان ، وهو أمر لم يتمتع في حزبنا بتخطيط دقيق وتحضير جيد لسبب موضوعي من ضغوط الأزمة الوطنية –القطرية وإلحاح مطالبها الآنية . في هذا الصدد تحول موقف الحزب في قضية "الوحدة الوطنية" من شعار (No Fedration for One Nation ) إلى شعار الحكم الذاتي للجنوب قبل أن يتطور هذا الموقف حاضراً إلى مرحلة الإقرار بحق "الجنوب" في تقرير مصيره مع تحبيذ إتجاه هذا الحق إلى جهة الوحدة. وهو موقف مركزي في أصوله وفي كلياته آنف عن طرح موضوع وجود السودان وحل أزمته الطبقية –الإقليمية عن طريق إستقلال حيازة كادحيه وأقاليمه لأمور وأيادي ثرواتهم وسلطتهم على توزيعها وجهودها ومنافعها ومن ثم الإتجاه بهذه الإستقلالية الموضوعية إلى حالة إتحاد لا مركزي بين أقاليمه أو حتى جمهورياته.
بيد إن ذات النزوع المركزي الذي سار بالحزب الشيوعي في يسار الطرح المركزي الذي قدمته القوى الإستعمارية والرجعية بإسم "وحدة السودان" يمكن الإشارة إليه أيضاً في مسألة "الإتحاد العربي" حيث أقل الحزب واجبه تجاه دعم هذه المسألة بإحالته إياها إلى إجراءات جزئية ومحلية، سببت مع عوامل أخرى داخلية وخارجية تخلخل المشروع، وقتكان بإمكان الكادحين في البلاد العربية الإفادة بعملية الإتحاد العربي في مواجهة تقدم التنسيق الإمبريالي الرجعي ضد حركة التقدم والثورة في العالم العربي، وهو التنسيق الذي كان واحد من ثمراته تمزيق وضرب الإتجاهات الثورية في كل بلد على حدة (لبنان، الأردن، مصر، ليبيا، السودان، اليمن، ثم العراق) قبل بلورة سياسات الإنفتاح والتبعية في كل المنطقة العربية على أساس فشل سياسة الوحدة العربية. فهو فشل لنا وللأحزاب الشيوعية الأخرى وبعض أجنحة حزب البعث التي عارضت ذلك البرق الوحدوي لنا جانب في تحقيقه دفع فيه أبطال حزبنا وأبطالهم ثمناً غالياً من دماءهم وحرياتهم وهناء أسرهم وأطفالهم الذين نشأوا يتامى في أحوال ثورية متردية، وجهالات فاشية، وإقتصادات مخصصة، وأوطان ممزقة مستضعفة سياسةً وإقتصاداً ومجتمعات.
نقطة مقال السر حول الإنقسام الحزبي-المايوي جهة مشروع الإتحاد العربي وقصور قيادة حزبنا عن دعمه وتزكيته والتخلص التدريجي من شوائبه ومسالبه تتعامل مع الموضوع بإعتباره مجرد مشروع فاشل طرح على الحزب فرفضه بحيثيات معقولة. بينما الأمر شبيه لعرض البلاشفة القيام بالثورة على المناشفة الذين رأوا بحيثيات معقولة (جهة النظر القصير) تمحيص مسألة الثورة الطبقية-الإقليمية وتأخيرها بل والإستغناء عنها لمزيد من الحداثة والتقدم الرأسمالي ودعم الوحدة الوطنية بينما كان الوطن الروسي وأقاليمه حينذاك الرفض المعقول الذي أبداه المناشفة كان وطناً ممزقاً فقيراً تابعاً جائعاً جاهلاً مريضاً محتلاً متدهوراً منحطاً من أثر تقدم مفاعيل الحلف القيصري- الرأسمالي وإنغلاق مركزيته الطبقية وإحتكارها الثروة والسلطة .
حجة بناء التغييرات الثورية من أسفل إلى أعلى ووضعها كنقيض للإفادة بالإمكانات العامة للدول وسلطاتها الفوقية ونزعاتها الثورية تبدو الآن وقت الحديث عن المرونة والواقعية والإفادة بالعولمة تبدو حجة ًحنبلية.مثلما يبدو الآن الثمن العام المحلي والدولي للفشل في تحقيق إتحاد بين الدول الثلاثة أو حتى تكوين إتحاد بين دول النصف الشمالي من أفريقيا.
8--القوى الإشتراكية (الحزب، النقابات، إتحادات النساء والشباب،الروابط الإشتراكية) والإتحاد الإشتراكي (لقوى الشعب العاملة):
في موضوع تعامل الحزب مع الإتحاد الإشتراكي كتنظيم جبهوي لمرحلة الإنتقال الوطني الديمقراطي إلى الإشتراكية، وفق مشاورات الميثاق الوطني التي كان للأستاذ محمدأبراهيم نقد دور هام فيها ، نجد إن موقف السكرتارية خلال الإنقسام كان موقفاً مزدوجاً فحيث تنشر إعلانات الإنتقاد الجارحة الأشبه بالغضب والرفض من جانب السكرتارية لكثير إن لم يكن لكل الإجراءات التي شرعت فيها السلطة التقدمية، كان الحزب بموافقة السكرتارية يواصل جهده في لجنة الميثاق الوطني المؤسس للإتحاد الإشتراكي حيث كان الإتفاق العام إنهذه المرحلة مرحلة إنتقالية في تطور السودان عامة وفي تطور حركة الثورة فيه خاصة.
مع هذا التذبذب تبدو ثلاثة هزائم أيديولوجية للنزعة المركزية الشديدة لأراء السكرتارية وقد تمثلت هذه الهزائم في: 1- مؤتمر الفكر العربي لطرح رأي القوى الإشتراكية العربية حول طبيعة وأدوات السلطة التقدمية في السودان وعقد في الخرطوم 2- مؤتمر الإشتراكية الأفريقية الذي عقد أروشا بتنزانيا 3- مؤتمر الأحزاب الشيوعية الذي عقد في موسكو وقد مالت جميع هذه الإئتمارات إلى جهة التنسيق والتآلف والإتحاد بين الشكلين الثوريين: الشكل الحزبي الإجتماعي السياسي في قاعدة المجتمع وعلمه الحزب الشيوعي السوداني والشكل السياسي العام في قمة سلطة الدولة ، ولكن أمام هذه الأغلبية رفع جناح حزبنا في الإنشقاق راية أو قميص "الجبهة الوطنية الديمقراطية"!!!
إمكان العثور على الفرق الموضوعي أو الشخصي بين طرح "الجبهة الوطنية الديمقراطية" وطرح "الإتحاد الإشتراكي" يكمن في تحديد طبيعة موقع السكرتارية في كل منهما وبالتالي في الحياة العامة . وموقع السكرتارية العامة هو المقابل الحزبي لموقع رئيس الجمهورية، الفرق السياسي هنا تم تشطيبه بستة معارك متصلة:
1- معارك جماهيرية حول كل إجراء إتخذته أو بادرت إليه السلطة التقدمية وفيها إنقسم الحزب أوظهر إنقسامه(1969-1970). 2- معارك عسف تظاهرات ومواكب ومسيرات ذات مناشير وإجراءات منع وإعتقالات وتصريحات عدائية.(1970-1971) 3- توترات داخل قيادة الحزب وفي الحزب وداخل مجلس قيادة الثورة وبالتالي في الجيش (1970 1971) 4- الحركة التصحيحية الباسلة المجيدة (1971) وهي حركة كان تأثيرها سيصل إلى داخل تركيبة الحزب وقيادته 5- إنتقال الإنقسام إلى داخل السلطة الجديدة (المنتصرة ) بصراع عناصر التقدم والحداثة والعناصر الرجعية (1971- 1976) 6- إنتصار الحلف الإمبريالي الرجعي في الإنفراد بسلطة مايو وسلطة السودان وإمتلاكها والسير به في طريق ليبرالية السوق وخصخصة موارد البلاد وتخديم قدراتها الجغرافية السياسية في سياق المشروع الرجعي للإمبريالية والإستعمار(1977- الآن)
في هذه التفاصيل تبدو النقطة المركزية في مقال السر عن الإنقسام نقطة تسليم لا إنتقاد فيها لموقف جناحنا وحزبنا بل مجرد إزاحة اللوم منه بإعتباره طرح "الجبهة" ضد طرح "الإتحاد" ! يقول:
هذا ايضا من قضايا الخلاف بين الحزب الشيوعي والسلطة، عندما اعلنت السلطة قيام التنظيم الشعبي( الحزب الواحد)، قاوم الحزب ذلك، وطرح البديل الجبهة الوطنية الديمقراطية، أشار قرار المؤتمر التداولي في اغسطس 1970م(ان الحزب الواحد، بما في ذلك الحزب الشيوعي، لايصلح اداة للتحالفات المطلوبة لانجاز مهام المرحلة الديمقراطية
ثم يتتالي مقال السر بنفس الإيقاع المركزي الصاخب ...يقول :
هل يكون الحزب الشيوعي مستقلا أم يذوب داخل حزب ومؤسسات سلطة البوجوازية الصغيرة، ويتم تكرار تجربة الشيوعيين المصريين؟،
إنتقادي هذا السطر مختصر باطن في تعليقي عليه ان حزبنا الشيوعي السوداني أو بتحديد أكثر جناحنا منه بقى مستقلاً فقط من ناحية صورية وذلك لذوبانه كادراً وجهداً وخسارة في حلف الديمقراطية الليبرالية والطريق البرلماني داخلياً وخارجياً. كما إن الحالة المصرية للإنقسام تكررت في حزبنا وفي جميع الأحزاب الشيوعية لأنها لم تكن حالة مصرية حسب التعبير الشيفوني العنصري بل كانت حالة موضوعية تتصل عواملها بالأيديلوجيا وبالنشاط الحزبي وبالأوضاع الوطنية والإقليمية والنواحي القومية والأممية والعالمية، ومقال السر يدفن رأسه في الرمل إذ لا يرى الإنقسام الحاضر في حزبنا وإذ لا يرى صلته بالطريقة التي عالجت بها سكرتارية الحزب قبل يوليو 1971 وبعدها سير الأمور في الحزب والوطن.
من هذه العلاجات ما يورده مقال السر في الفقرة الآتية عن عيارية التجربة العملية وتوكيدها صواب أو خطأ الأراء، وهذا غلط وخطأ بين في التقدير والنظر وفي الممارسة والعمل فظروف كل تجربة والعومل المحيطة بها قد تؤدي إلى فشلها في زمن وقد تؤدي في زمن آخر إلى نجاحها. ومن هذا التأسيس الأولي في العلم لايصح الإتجاه إلى تعميم فشل أو نجاح أي تجربة إلا في حال إتفاق وتماثل جميع العوامل والظروف المحيطة بها ، أو الأساسية فيها، ولكن بعيداً عن هذا النظر الدقيق إتجه مقال السر لأخذ النواحي العملية معيار صواب وخطأ وفي هذه النواحي العملية إختار من التاريخ ما يوافق تيارنا تياره | حزبنا ضد الإتجاه الآخر، من أعمال الإنقسام حاكماً بها على مدى المشروعية فيها وهو في القانون إجراء عسفي بعيد عن روح العدالة التي تخبو بأجيج وعجيج المعارك الحزبية والوطنية، حيث لم يوضح السر الإنتقادات التي وجهها الشق الآخر من الإنقسام لمشروعية مؤتمر أغسطس، ولا إنتقاداتهم طبيعة عدد اللجنة المركزية، ولاطبيعة عمل السكرتارية، ولم يكشف السر الطبيعة العامة لمعنى إنتقاداتهم الشخصية لأداء الشهيد -فيما بعد- عبد الخالق محجوب في زمن مترع بالوجد الشديد وبالعداء الشديد للإستالينية!!! لو كان مقال السر تناول هذه النقاط وعرضها بأي شكل لكان تاريخه محايداً موضوعياً ولأمكن لأي محكمة تاريخية إعتماد جهة نظره هذه كشهادة متوازنة، في موضوع وإجراءات مختلف عليها، ولكن مقال السر سار في نفس الدرب الخاطئي الذي نهجه حزبنا في حصف وتنظيم وإدارة إنقسام الأراء فيه بمعيار الحق والباطل والطيب والخبيث، دون إتجاه إلى طريقة موضوعية وعلمية أكثر ديمقراطية وإشتراكية مما سبق تكون معيناً لإدارة الأزمات وتوجيهها بعداً من نقاط التأزم والإنفجار العشواء إلى نقاط التركيم المنظوم والتفجير القصدي المحسوب. .
سار مقال السر معززاً التشدد المركزي والتوتر العالي لأعمال سكرتارية حزبنا أوان الإنقسام ولكنه قلل مسؤوليته في إحداث الإنقسام بإيضاحه توتر وتشدد الطرف الآخر في داخل الحزب وفي داخل السلطة !! ...قال: الجناح الآخر لم يقبل بقرارات المؤتمر ولم يقبل بالديمقراطية الحزبية، أي الالتزام برأي الاغلبية والتمسك بوحدة الحزب والصراع من داخله للدفاع عن رأيه، فالتجربة العملية هي الكفيلة في النهاية بتأكيد صواب أو خطا هذا الرأي أو ذاك.
نهاية المؤتمر مباشرة عقد 12 عضوا من اعضاء اللجنة المركزية(مجموع اعضائها 33) اجتماعا سريا عبروا فيه عن رفضهم لقرارات المؤتمر والتكتيكات التي خرج بها، ثم حضروا اجتماع اللجنة المركزية في 26/8/1970م، دون أن يكشفوا عن خططهم، وبعدها نشروا رسالة وقعوا عليها جميعا، وكان ذلك اعلانا رسميا بالانقسام. وتبع ذلك بيان آخر وقع عليه مايزيد عن الخمسين من بعض كوادر الحزب، وتم عقد اجتماعات في بورتسودان وعطبرة والجزيرة للوقوف ضد قرارات المؤتمر وتبعتها اجتماعات في العاصمة( قدال: المرجع السابق، ص،55).
وكان من نتائج انقلاب 16/نوفمبر/1970م الغاء الوجود المستقل للحزب، والهجوم علي مرتكزاته الفكرية(الماركسية)، والهجوم علي منطلقاته الطبقية( التعبير عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين)، والهجوم علي كادره القيادي(نلاحظ أن جل وثائق انقسامي 1970، كانت هجوما شخصيا علي الشهيد عبد الخالق محجوب
لو حوى مقال السر قائمة بتصريحات كل طرف من طرفي الإنقسام ووقتها وحججهم العامة في موضوع لكان أفضل للحكمة والإعتبار ولكن مقال السر سار إلى تكرار عرض تاريخ الإنقسام في الحزب بذات الشكل الإنتقائي الغائي الذاتي الذي لم يمنع تكراره من قبل تكرار المآسي، إن عرض جدول بمسائل الإختلاف بين فيه موقف كل طرف من الأطراف السبعة القوى التقدمية – جناحا الحزب – جناحا تنظيم القوميين العرب- السلطة (التقدمية) - والقوى الرجعية، يمكن أن يفيد في دراسة أخطائنا في الإنقسام الذي حدث.
^6- إنتقاد اللينينية تحت ستار إنتقاد الإستالينية:
في مقالة السر ذات العنوان "الستالينية وتجربة الحزب الشيوعي السوداني " طرق تاج السر بشكل عدائي لاموضوعية فيه موضوع الإستالينية وبذات الجمود والتوتر العصبي الذي تسرب من المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الإتحاد السوفييتي بعد سيطرة المناشفة عليه، ومحاكمتهم العسفية للينينية من خلال تمزيقهم وتشويههم للإستالينية ففي الفقرة الأولى من مقال تاج السر المعنونة "الستالينية : المفهوم والمصطلح: " ذكر السر تعريفاً جزافاً للإصطلاح هو : ارتبطت الستالينية كمفهوم ومصطلح بالجمود في الماركسية وتخطي القوانين الموضوعية في التطور، كما حدث في النموذج الاشتراكي الستاليني ثم دلف مقال السر من هذا الإختزال المريع إلى تناول الإستالينية لا من الحيثيات التاريخية التي ولدتها من جدل المرحلتين الأوليتين للثورة الإشتراكية العظمى وهما مرحلة "شيوعية الحرب"، ومرحلة "شيوعية السوق" التي قُصد بها إنعاش موات الحرب، كما لم يتناولها كمرحلة جامعة لثلاثة مهمات هي مهمةالبناء ومهمة الدفاع والنصر ومهمة إعادة البناء وقد حققت فيها الستالينية نجاحات عالمية قصوى، لكن السر لسبب ما تناول الإستالينية جملة من خلال نظرة كاتب معين إليها قال بأنها بشعة وحمقاء مشنعاً إياها بثلاثة أبعاد: 1- سياسة العزلة أو المواجهة ازاء العالم الخارجي منحته عسكرة الاقتصاد والتنظيم شبه العسكري للحركات الاجتماعية. 2- الارادية والتعجيل المفروض فرضا في عملية التحول الاجتماعي لبناء الاشتراكية من فوق عن طريق سلطة الدولة، وعملية التحديث الاقتصادي بمحاولات ترمى إلى اللحاق بالركب (بالدول الصناعية الرأسمالية)، أساليب قسرية لتحقيق التراكم وانجاز التصنيع واستخدام الموارد استخداما افقيا. 3- سلطة ذات بناء هرمي احتكاري مع اندماج الدولة بالحزب الحاكم، واخضاع المنظمات الاجتماعية إلى هذا الأخير، قاصرا نشاطها على القيام بدور الحزام الناقل بين السلطة المركزية ورعاياها، ومن ثم قهر المجتمع المدني بسلطة دولة متزايدة الاغتراب والتركيز).
وهذه الأبعاد الثلاثة لو نظر إليها السر بقليل من الموضوعية لوجدها تمثل تهريجاً ولكنه إعتمدها رغم كل إلتواءتها عموداً لحركة مقاله :
فالبنسبة للعامل الأول لم تكن الإستالينية متصلة بفكرة القلعة والحصن إلا من خلال الهجومات العسكرية المتتالية التي شنت على الإتحاد السوفييتي منذ ولادة ثورته وحتى وفاة ستالين. (رائد التعيش السلمي)
بالنسبة للعامل الثاني تبدو فكرة تنظيم الإقتصاد وبناء البنية التحتية له في ظروف الهجومات العسكرية آنذاك على روسيا وبناء تلك البنية وتحريك معاملات الإقتصاد وفق قواعد إدارية وعسكرية ميزتها الإنضباط والسرعة والإنجاز المخطط كانت أفضل في عددها وفي نوعيتها لروسيا والعالم من تنظيم الإقتصاد وفق عوامل السوق ومصالح قواه الكبرى.
بالنسبة للعامل الثالث حول هرمية التراتب السياسي الإجتماعي وقتذاك فقد كانت فعلاً مسألة معطلة لنفوذ وتغلغل رأس المال ولعوامل التفكيك الإقتصادي والإجتماعي في تلك البلاد الشاسعة المتعددة الأقوام والإقتصادات والثقافات، وهي هرمية أنتجت 16 ستة عشر جمهورية فعالة .دون أن تباشر إستعماراً أو إستغلالاً لدولة .
كذلك يضيف مقال السر بذات الهوج : ((الجمود النظري والتبسيط المخل للماركسية)) مع إن كل المؤلفات الكاملة والمختارات والمعاهد والجامعات مغذيات العلوم الإجتماعية والشروح والقواميس ودور النشر والمجلات النظرية كانت من نبت المرحلة الستالينية ، لكن تبسيط الماركسية واللينينة لعامة الناس والمسلمين لم يرض جهات بعينها في النزوع الأوربي اليهودي للمناشفة فسموا ذلك جموداً وسموا التوجهات الرأسمالية إنفتاحاً وحيوية.
في ذلك لم يطرح مقال السر مثالاً موضوعياً واحداً لهذا الجمود ! لم يقل إستالين للناس لاتدرسوا تاريخكم وإتبعوا فقط القوانين العامة لحركة التاريخ، بل شيء من هذا نسبه إليه مقال السر دون أن يطرف له جفن!! اما تصور إحد الصهاينة عن إستالين فقد يكون موضوعياً إن أرفقه السر بتصورات مدرسة اخرى تدافع عن الإستالينية ليتسنى للقارئي إمكان المقارنة ومن ثم التقويم الموضعي للإبعاد والعناصر الموجبة والأبعاد والعناصر السالبة في الظاهرة. أما الوسم العام لعهد كامل من تاريحخ النضال السوفييتي بانها مرض نشأ من الخراب ووطن في الأرواح الخراب فيليق ببعض كئابات اليهودي المتشائم كافكا.
ولو تريث السر وكثير من الزملاء في تقويم مراحل تاريخ الإتحاد السوفييتي لوجد نفسه متصلاً بما أورده هو نفسه في مقالة تالية عنوانها (إسم الحزب) مازجاً فيها نظر إنجلز حين قال: الاشتراكية تحولت الى علم باكتشاف المفهوم المادي للتاريخ ونظرية فائض القيمة التى كشفت جوهر الاستغلال الرأسمالي يومئذ ، وهذا هو ما ميز الاشتراكية العلمية أو الشيوعية العلمية عن بقية المدارس الاشتراكية الاخرى ، واصبح الواجب تطويرها في كل النواحي ، وأن الصراع الباطني أوالتناقضات الكامنة في الرأسمالية سوف تؤدي الى نفيها ديالكتيكيا ، وان الاشتراكية سوف تخرج من رحم الرأسمالية ، وبالتالى سوف تظل حاملة لسماتها لفترة تاريخية طويلة، وانها سوف تستند على منجزات الرأسمالية في التكنيك والانتاج وفي الفكرالسياسي والاقتصادي والاجتماعي ، وطالما كانت الاشتراكية هى طور ادنى من الشيوعية ، وبالتالى سوف تكون حاملة لكل تناقضات الرأسمالية لفترة طويلة بحيث لايمكن القفز فوق هذه المرحلة التى سوف يكون فيها الحق برجوازيا ، وأن قانون القيمة الذي يعبر عن حركة انتاج وتبادل السلع في الرأسمالية سوف يفعل فعله ، وبالتالى لابد من التحكم في مساره ومجراه ، بتلبية المتطلبات الأساسية للمواطنين وتوفير احتياجاتهم الاساسية في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي والسكن وضمان حق الامومة والطفولة والشيخوخة ... الخ ، وان مرحلة الانتقال للمجتمع الشيوعي سوف تستغرق فترة تاريخية طويلة ، كما تفادى ماركس السؤال حول شكل المجتمع الشيوعي القادم بقوله أن العلم هو الكفيل بالاجابة في المستقبل.
كذلك يتجه السر في توكيد لا ستالينيته إلى : منهج عبد الخالق كان ينطلق من دراسة الواقع بذهن مفتوح، لا من المنقول من الكتب، مما يعني عمليا تجاوز الجمود الستاليني فقط للقارئي أن يتامل كيف أورد السر سيرة إستالين موارد الهلاك في مقال غرضه العدل والإنصاف، وكيف إن دراسة الواقع هي مسألة لا إستالينية!!! القهقهة قد تحدث هنا إذ لا بد إن السر يعلم بشكل ما أن ستالين لعلة ما نهى عن دراسة الواقع بذهن مفتوح لمعطياته! وإن هناك نهجاً علمياً إسمه نهج عبدالخالق ينطلق في دراسة الواقع دون شي مكتوب؟!
توفي ستالين سنة 1954 ولكن مقال السر طرح كل التطورات والإنهيارات التي حصلت في حياة الحزب الشيوعي السوداني كمعالم تميز عن الإستالينية رغم إن مقال السر يخلط بين الإستالينية وبين السوفيتية ، وبين الفعل ورد الفعل وبين اليمين في السياسة في السودان وبين اليسار سودانية أو أممية قل تعبيراً عن ذلك: القفزة الكبرى التي تمت في مضمار تجاوز الستالينية، كانت دورة اللجنة المركزية في أغسطس 1977م (الديمقراطية مفتاح الحل للازمة السياسية .. جبهة للديمقراطية وإنقاذ الوطن)
إن مقال السر يعتقد إن قيام اللجنة المركزية التي أشار في مقالة سابقة لسوء تركيبتها ومصادرة السكرتارية لطبيعة وجودها بإعتماد الطريق البرلماني هو مسألة مفيدة لتطور الحركة الثورية وضد أفكار ستالين ولكنه ينسى إن هذا الطريق الذي يهلل له الكثيرون هو ضد أفكار عبدالخالق ولينين أيضاً!!!
بعد ان ولغ مقال السر في الإفتراء على الستالينية تمادي في غيه عليها بنهج خفيف إلى الموضوعية قال : المهم أن نشير إلى خطورة أن يتحول دمغ الآخرين بالستالينية وفبركة التهم بالستالينية إلى عامل سلبي، يؤدي إلى إحجام البعض عن طرح ارائهم بحرية ومناقشتها، وأن تتحول تهمة الستالينية إلى مكارثية جديدة تسمم حياة الحزب الداخلية، كما كان يحدث في فترة ستالين مثل الاتهام بالتروتسكية والتي أدت إلى تصفية خيرة القيادات الشيوعية، عن طريق الفبركة والتشكيك والاستهداف الشخصي للرأي الآخر المعارض واختلاق التهم .. الخ. وبالتالي يؤدى ذلك إلى تدمير الحزب بحجة محاربة الستالينية.كما أنه من الخطأ والتجني اتهام كل من يدافع عن مبدأ المركزية الديمقراطية بالستالينية
لو سأل السر الأرشيف السوفييتي المفتوح الآن بما فيه أفلام التحقيقات والمحاكمات لوجد أن مسألة فبركة التهم هذه مسألة غير أمينة ولما أقحمها في عرض مقاله المضاد للسمات والخصائص الموضوعية لعهد إستالين في ذلك الزمن الحربي الذي حققت فيه جولة السوفيتات الإنتصار تلو الإنتصار وجعلت من الإتحاد السوفييتي منارة الإنسانية والتحرر الوطني في العالم
ولكن السر لم يفعل مستغنياً عن الطريق اللينيني بالطريق البرلماني.
7- الإسلام والسياسة :
في مقال بسيط بعنوان "حول تجربة الإسلام السياسي في السودان الفترة: (1967- 2007م)" تناول السر عبر عهود السياسة السودانية بعد الإستقلال الإتجاهين الرئيسين في الحياة السياسية السوةدانية للنفع بالإسلام وهما: 1- الإتجاه الرجعي لتخديم الإسلام في عملية إستغلال الناس وتبرير ودفع النشاط الرأسمالي وحمايته بالقمع 2- والإتجاه التقدمي للدفاع عن الإسلام كقوة لتحقيق مصالح الناس وسلامة معاملاتهم من الظلم الطبقي والسياسي ولدفع وتحسين أحوالهم في عدالة إجتماعية
كما وضح مقال السر راكزاً إلى كتاب الماركسية وقضايا الثورة السودانية عيوب الإتجاه التقدمي في التعامل مع هذا الموضوع شاملة: 1 -التقطع 2- الضعف العددي والنوعي 3-الفقر الفلسفي
ركزت مقدمة مقال السر على إن الحركة الإسلامية السياسية في السودان هي حركة رأسمالية وأن الفقر الذي إنتجته لم يسري على أساس ديني بل شمل المسلم وغير المسلم على أساس إجتماعي- إقتصادي حيث إن نسبة الفقر= 90% من عدد السكان ! وفي هذه النقطة الظاهرة القوة يبدو ضعف المقال في تناول ظاهرة الإسلام والسياسة في السودان :
فإن كانت نسبة الفقر تساوي بين المسلم وغيره من حيث شيوع الضرر فإن نسبة الغنى والثراء والربح من النشاط الرأسمالي الذي يسميه طفيلي تصطفى بشكل عنصري لنسبة كبرى من الجلابة والمسلمين دون غيرهم في دائرة الأرباح ، وهذا بالطبع يرجع لعوامل تاريخية متعلقة بتركيبة "الجلابة" وبتأسيس ونشاط النظام الليبرالي لتملك الأفراد وسيطرتهم على موارد عيش وحياة المجتمع وإحتكارهم النسبي لتوزيعها وتصريف جهود إنتاجها وإستيلاء رؤوس أموالهم على قسط منافعها ، وهنا تتداخل الأزمة الإقتصادية بالأزمة الإجتماعية الثقافية بين المكونات القومية للمجتمعات السودانية والأزمة السياسية القائمة بسيطرة المركز و إتجاه الأمصار والأقاليم إلى التحرر من حالة الإستغلال والتهميش الذي تتعرض له.
ومن تركز المصالح الربحية بين المسلمين أتت عملية تديين السياسة وأسلمتها حفاظاً على هذه المصالح ، ولكن بدلاًعن إتجاه مقال السر إلى تناول هذه النقطة الجذرية في إطار عملية ثورية لتجفيف منابع الإسلام السياسي إحتشدالمقال بالمحفوظات التقليدية عن أهمية الدولة المدنية والعلمانية وأهمية دراسة الدين والتفقه فيه وأشكال شتى للتعامل الفوقي مع الأزمة الإقتصادية السياسية الأصل.
كان العلاج الأنجع هو إتجاه المقال إلى تناول تجفيف الإسلام السياسي من خلال ضرورة تأميم ملكية موارد وأليات الإنتاج وتغيير علاقات ملكية الموارد والقسط في تبادل الجهود والمنافع كأساس لعلمانية ومدنية الدولة ، التي لن تضحى علمانية بالشعارات. والعهود والمواثيق التي تصوغها القوى الرجعية في حربها الرأسمالية بالأصالة وبالوكالة على من تسميهم أعداء الله، وهم جميع الصادعين في وجه طاغوتها بحقوق المستضعفين إزاء حرية أسواقها وتطفيف موازين الإنتاج فيها.
لو نظر مقال السر في تاريخ تأسس العلمانية وسيادتها لوجد التأميم والقضاء على الشكل الكهنوتي للملكية كان من الخطوات الأساسية في تقدم التفكير والنشاط العلماني في كل المجتمعات التي تحولت بحكمها من اللاهوت إلى التقدير البشري لمصالح الناس.
إن تقدم النظر الفلسفي في الدين موصول بتقدمات أخرى في النظر الفلسفي لتاريخ العقائد السودانية القديمة وإسهامها في بلورة التفكير الديني في جميع المناطق المحيطة بشبه الجزيرة العربية وهي الشبه جزيرة التي مثلت بموقعها الجغرافي والتاريخي دور الهامش العام للتفاعلات الحضارية الفلسفية حولها وكانت أضعف حلقة في حلقات النظم الإستعبادية المتصلة بها .
النظرة الدينية للأمور والمنافع ماتت مع نشاط المضاربات وإرتفاعات الأسعار ومع إندلاع ثورات الريف وتخلص أهله (جزئيةً) من سيطرة الطاغوت الديني الباقي الآن التخلص من هيمنة هذا الطاغوت ودفن هذه الهيمنة مع جثة السودان القديم .
8- إسم الحزب!!
تناول الزميل الأستاذ تاج السر عثمان في مقالتين موضوع تغيير إسم الحزب الشيوعي السوداني في المرة الأولى إتجه مقاله إلى بعد عرض موجز لتبلور إسم الحزب الشيوعي إلى طرح التريث في مسألة الإسم لحين نضوج النقاش، وإستواء الإتجهات العامة للبرنامج واللائحة والى حين وضوح الكينونة الطبقية والماركسية للحزب أما في المقال الثاني وهو جزء من حوار مع مجدي عمر فقد إتجه قلم السر إلى الوقوف ضد تغيير الأسم ولكن بطريقة ختمها بأن هو الأهم برنامج الحزب. دون أن يتطرق لكينونة دستور الحزب!
وفي خلاصة رأيه في المقال الثاني المكمل للمقال الأول قال: ان الهدف المباشر الآن: برنامج اسعافي يتم فيه اصلاح الخراب التي تم في فترة الانقاذ، باعادة تاهيل القطاع الزراعي والصناعي والبنيات الاساسية مثل السكة الحديد والنقل النهري والخطوط الجوية والبحرية، وان تدعم عائدات النفط التعليم والصحة والخدمات(مياه، كهرباء.الخ)، التحول الديمقراطي والغاء القوانين المقيدة للحريات، السيادة الوطنية، توحيد الوطن علي اسس طوعية وديمقراطية، الحل الشامل لقضية دارفور..الخ، هذا البرنامج الاسعافي يتشابك ويتداخل ولاينفصل عن المهام الوطنية الديمقراطية بقواها وتحالفاتها، اضافة الي أن المرحلة الوطنية الديمقراطية تتشابك ولاتنفصل عن المرحلة الاشتراكية، والاشتراكية نفسها لاتنفصل عن المرحلة الشيوعية، اذ أن الاشتراكية هي الطور الادني من الشيوعية. اذا امتلكنا هذا الوضوح النظري والمتماسك الذي يربط ربطا ديالكتيكيا بين الاهداف البعيدة والقريبة، فلن تركبنا الحيرة، ولانحتاج لتغيير اسم الحزب، أو نصفي الحزب بحجة استحالة الوصول الي المجتمع الشيوعي بطرح غير سليم لمفهوم الشيوعيةعلما، بان طرح مجدي غير جديد، فقد تبنته احزاب الاممية الثانية بعد وفاة ماركس وانجلز، صحيح انها طرحت جانبا سليما مثل الوصول لللاشتراكية بطريق برلماني، ولكنها حذفت المجتمع الشيوعي كهدف بعيد من برامجها، واكتفت بالاشتراكية فقط، ولكنها في النهاية وقعت في مصيدة الرأسمالية، ولم تنجز حتي تحولات اشتراكية عندما وصلت للسلطة، بل ابقت علي المجتمع الرأسمالي بركائزه
في هذه المعركة لي مطالعات منها:
إن موضوعية الفلسفة المادية للتاريخ والنظر إلى تطور المجتمعات فيه من خلال حساب عناصر إقتصادية محددة فيه كأحوال ملكية الموارد وتوزيع الجهود والمنافع وأخذها جملة كسمات للحساب الإجتماعي السياسي تؤدي إلى نظر سالب إلى فلسفة الأسماء أو فلسفة الذهن التي تحدد موضوعية الأشياء من خلال الإسم الذي تطلقه عليها بما ذلك دخولها في متاهات إختلاف التقديرات (أ) يقول هذا اللون أحمر و(ب) يقول هذا اللون أبيض! فدون معيار موضوعي في هذه الفلسفة المثالية القديمة يغدو تناول كل شيس كإسم ممكن تغييره نوعاً من العبث يحتاج معه وجود النهار إلى دليل. والدليل إلى دليل!
الإلتزام بالفلسفة المادية التاريخية ومنطقها الجدلي ذي السمات الثورية يختلف تما ماً عن حالة العكلتة والتحنيس التي أو صلت بها طريقة السكرتارية (الزميل عبدالرحمن) في فتح النقاش العام بلا ضابط ولا رابط الحالة العامة في الحزب ، تخيل نفسك واقفاًأمام مرآءة تسأل نفسك هل أنا فلان أم إني علاناً ذاك أم أني أنا أنا؟؟!!
الحزب يكون شيوعياً وفق عدد من العوامل منها التميز بهدف بناء المجتمع الشيوعي، أما أن يكون إسم الحزب وفق كل مرحلةوبالأصح وفق كل عهد سياسي فهذا لعب فحاضراً للزمن السياسي عدد من الصفات المختلفة فكيف يتم تفضيل واحد منها على الآخر هناك من يقول هذا عصر العولمة وآخر يقول هذا عصر الأقليات وثالث يتحدث عن إنتصار الإسلام ورابعة تتحدث عن قضية المرأة ! فبدلاً لإحتكار الأراء الأفضل الإتجاه إلى إسم الشيوع الذي يتضمن في إلغاءه الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج سيادة كافة أنواع الشيوع الضرورة لمعيشة وإنتظام حياة المجتمع . حزب لشيوعية وسائل الإنتاج و موارده وجهوده وخيراته.
الحزب الشيوعي متصل في كينونته بطليعية الطبقة العاملة من حيث نوعية أداءها في المجتمع أيما كان عددها ونوعها حيث الصناعة هي مفتاح المستقبل، والعمل الصناعي هو الناظم الألي لعملية توزع موارد وجهود وقدرات المجتمع، من هنا فان طليعية الطبقة العاملة الصناعية راكزة إلى:
• لدور النوعي لها في عملية التحويل العام للموارد من الحالة الخام إلى الحال الملبي إحتياجات الناس وتطور معاشهم.
• الكينونة الجماعية والتعاضدية لعملها دون سلب او زيف او إستغلال ودوره في ضيانة الموارد والجهود.
• التمركز النوعي لقضاياها في قلب لوحة التقسيم السياسي لحركة المجتمع بحكم بعدها عن إمكانات الحلول الفردية و الدينية والتجارية
توسيع فهمنا إصطلاح الطبقة العاملة مطلوب ، لكن إلى جهة تختلف عن جهة المهن النظرية التي تحولها والحزب إلى نقابة منشأة ، تلك النقابة التي تجمع في النظم الرأسمالية العامل ومدير الشركة في نقابة واحدة، الأنجع هو فتح الإصطلاح جهة عموم الكادحين والمنتجين الصغار . كذلك الحزب.
محاولة تحويل الحزب بالتصغير إلى جماعة عمل ((Action Group أوتحويله إلى نواة أو إلى جبهة أو تحويله إلى حزب أخر قضية مقلوبة على رأسها: فالقضية الأساس لا القضية الحلم هي تغيير علاقات الإنتاج (ملكية موارد ووسائل وجهودوخيرات الإنتاج)
إذا كان هذا التغيير في السودان يواشج توجيه فائض قيمة الإنتاج الطبقي وفائض قيمة إنتاج الأقاليم إلى تلبية ضرورات الحياة فهي قضية ليس من المناسب حلها بالطريق البرلماني وفي ظل النظم الليبرالية حيث الليبرالية = حرية بعض الأفراد المتمولين في تملك موارد عيش وحياة الناس. ومن المتعذر أن يشكل تغيير الإسم حافزاً لعملية إسعاف جثة الدولة التي جاوزت طور الوفاة إلى طور التمزق والتحلل.
كثير من الناس يعتقد بأن على الحزب تغيير إسمه (هويته) ولكن كم من هؤلاء الناس يمثل الوعي العمالي الثوري ؟ وكم منهم يمثل عملية الصراع الطبقي ؟ وكم منهم يرحب بتغيير علاقات الإنتاج؟ وكم منهم بإمكانه النضال ضد الرأسمالية؟ وكم منهم بإمكانه القبول بفكرة السودان الجديد؟ وعلى أي أساس؟، كم منهم يقبل فكرة التنمية المتوازنة ؟ وعلى أي أساس؟ وكذلك كم منهم يقبل بنظام إقتصادي عالمي جديد وعلى أي أساس ؟ إن طرح وجود الحزب الشيوعي لرغبات هذا وذاك لايمكن أن يكون مفيداً لتطور الحزبولا لتجديده بل هو مفيد فقط في التخلص منه! ولكن هل التخلص من الحزب يفيد قضية العدالة الإجتماعية في السودان؟
هل يفيد تسميم أو قتل الحزب الشيوعي السوداني قضية إشتراكية الناس في موارد ووسائل وجهود وخيرات إنتاجهم وسلطة تنظيمهم لها إشتراكية علمية ؟
الحزب الشيوعي الروسي، والحزب الشيوعي الأمريكي، والحزب الشيوعي الياباني، والحزب الشيوعي البريطاني، والحزب الشيوعي الفرنسي، والحزب الشيوعي في جنوب أفريقيا، والحزب الشيوعي الهندي (الماركسي والماركسي اللينيني) والحزب الشيوعي ....في كل بلد من بلاد العالم دارت فيه هذه المناقشة بنفس الحجج بقى الحزب الشيوعي متقدماً نحو أهدافه بينما ذهب الزبد جفاءاً.
ولكن التقدم بحياة الحزب الشيوعي كان يتطلب من مقال السر التخلي عن مضار الطريق الرأسمالي والبرلماني المتصل به والتخلي بذلك عن محاولة إسعاف جثة السودان القديم الذي قتلت نفسها الأشياء التي قتلته،ولم يبق إلا أن تأكل أرضتنا عصاه.
إن عملية تسميم أو تشليع الحزب بداية من السخرية من نظامه الفكري ونزولاً إلى طبيعته النظامية والطبقية وبرنامجه ولائحته وشل حيوية تناظيمه الشبابية والنسائية وروابطه المهنية عبر الإستغراق في تحالفات ميتة مع قوى السوق ناقضة العهود والمواثيق وعبر مناقشة مفتوحة الأطر مغلقة الإستقراء والإستخلاص وليس نهاية بالمناقصة على إسمه،هي عملية طويلة يمكن القول إنها إبتدأت بقوة سنة 1974 مع القبول بالطريق البرلماني وتعززت من ثم حتى الآن حيث بدأ الحديث صراحة عن تغيير هوية الحزب وتحويله إلى حزب إشتراكي تارة ووطني ديمقراطي تارة . كأنما وجود حزب من هذا النوع سيحل مشكلات السودان في هذا الصدد أعتقد بصحة منطق الزميل الشفيع خضر –رغم خطيئة موقفه- فلايمكن أن تغير كل هذه الأجزاء ويبقى الكل كما هو ! فلو كان النقاش العام بدأ بطريقة ماهي أزمات السودان؟ وماهي عواملها الرئيسة؟ وماهي القوى صاحبة المصلحة في تغيير الأوضاع ؟ وماهي الأهداف والوسائل العامة التي تتوخاها لتغيير الأوضاع المأزومة ؟ وكيفية تنظيم هذه القوى ؟ وما هي طبيعة الدستور والبرنامج واللائحة المناسبة لتنظيمها؟ لتمحور النقاش العام بصورة منتظمة حول علاقات الإنتاج في الإقتصاد السياسي والمجتمع والدولة ولأخذ جانب منه عملية تجديد نضالات الحزب بصورة تبث الحيوية في الوطن أما رخي الأمور وثلمها فمن الطبيعي أن تكون نتيجته حل الحزب ، وذهاب السر وجميع أعضاء الحزب (السابق) إلى مواقع أخرى في الحياة.
كان من الأولى على أستاذ السر أن يبدي إعتراضاته على سيرهذه الأمور وحناظلها حين غرسها وزراعتها وقت كانت موسيقى الإشادة بها وبتجديدها هي الصاخبة والعالية لا حين أوآن إثمارها وقطافها وحصد مرارها.
ولكن لا ييأسن أحد فإن قرر المؤتمر حل الحزب أو تغيير الإسم فسيكون هناك أيضاً عدد أخر من الزملاء يناضلون من جديد لذخر نضال المستضعفين في الأرض والسودان بوجود الحزب الشيوعي السوداني.
9-المرأة المرأة: في المقال الأخير الذي نرومه بالإنتقاد من المجموعة الأولى لمقالات السر المنشورة في موفع "الميدان " في شبكة الإتصالات العالمية وكان بعنوان الماركسية وتحرير المرأة) إهتم السر بتوضيح جوانب الإضهاد الطبقي والنوعي للمرأة في جملة التاريخ البشري العالمي والتاريخ السوداني وتوضيح النقاط الشيوعية الخاصة بتحرر المرأة من هذين الإضطهادين وأهمها في جهة نظري ما أورده :
للمسألة شقها الثقافي الذي يتعلق بالبنية الفوقية للمجتمع ،فبمجرد تحرير المجتمع كله من الاضطهاد الطبقي ومساواة المرأة مع الرجل في الأجر وبقية الحقوق ، لايعني ذلك أن قضية المرأة قد تم حلها. ذلك أن لقضية المرأة شقها الثقافي والذي يتعلق بالصراع ضد الايديولوجية التي تكرس اضطهاد المرأة ودونيتها ، والتي هي نتاج قرون طويلة من قمع واضطهاد المرأة ، وبالتالي لابد من مواصلة الصراع في الجبهة الثقافية أو البنية الفوقية للمجتمع، ضد الافكار والمعتقدات التي تكرس دونية المراة والتي كرستها مجتمعات الرق والاقطاع وحتي الرأسمالية التي تعيد انتاج عدم المساواة في توزيع الثروة وبين البلدان المتخلفة والرأسمالية، وتعيد انتاج عدم المساواة بين المرأة والرجل وتجعل منها سلعة واداة للمتعة الدعارة واداة للاعلان الدعاية، اضافة للقهر الطبقي والثقافي والاثني والجنسي.
ننظر لها نظرة شاملة وفي ابعادها المتعددة ومن زاوية: تحررها كجنس ومن الاضطهاد الطبقي والقومي والاثني والنفسي والأبوي، وفي مستوي البنية الثقافية للمجتمع التي تكرس اضطهاد المراة والتي هي نتاج قرون من مجتمعات الرق والاقطاع ولاتزول بين يوم وليلة، بل تحتاج الي نضال ثقافي وفكري شاق.
وحف السر مقاله المحاضرة برؤى المفكرين الثوريين ماركس وإنجلز ولينين: أشار ماركس وانجلز الي أن الاشتراكية توفر الظروف المادية والحقوقية الضرورية للمرأة ، الا أن الاوهام في ان تؤدي الاشتراكية الي هذا التحرر تلقائيا لم يدر بخلد مؤسسي الماركسية ، ولم يتصور ماركس وانجلز: أنه مع انتصار الاشتراكية ستسود المساواة فورا بين المرأة والرجل ، فقد تناول ماركس الاشتراكية بصورة واقعية مشيرا الي أن الحديث يدور حول تشكيلة اشتراكية تخرج من احشاء الرأسمالية، ولذا سوف تحتفظ بسماتها، التي تعيد انتاج عدم المساواة لفترة طويلة، ولاسيما البنية العلوية التي تكرس اضطهاد المرأة. كما كان لينين يشير الي أن( المساواة في القانون لايعني المساواة في الحياة) ، وكان لينين يدرك تماما أن عدم المساواة بين الجنسين سيبقي في المجتمع الجديد ، واسطع مثال علي ذلك هو العمل المنزلي يقول لينين(حتى في ظل المساواة التامة في الحقوق يبقي علي كل حال ذلك التقييد الفعلي للمرأة لأنه يلقى علي كاهلها أعباء كل الشئون المنزلية وهذه الشئون المنزلية هي في غالبية الحالات أقل الأعمال التي تقوم بها المرأة انتاجية واكثرها وحشية واشدها وطأة وارهاقا ، وهذا العمل في منتهى الحقارة والصغر ولا ينطوى على شئ من شأنه أن يسهم بقدرما في تطوير المرأة)( لينين المؤلفات الكاملة مجلد 40، ص 157). كما كان لينين يشير الي (أن الطبقة العاملة لاتستطيع احراز حريتها الكاملة اذا لم تحرز الحرية الكاملة للنساء) وهذا كله حق صحيح لكن هل يمكن تحقيق التقدم في حل قضايا المرأة بالنهج الإسعافي الذي خطه مقال السر ؟ ، هل ادت علاقات الإنتاج القديمة إلى تحسن أم إلى تدهور في وضع المرأة والسودان ؟ هل تأنيث الفقر الذي أضحى من سمات الرأسمالية يمكن ان يسمح للسر وخطه الإسعافي مع تخليه عن موجبات وضرورات التأميم في الإقتصاد مقابل بضعة إجراءات إصلاحية سرعان ما يتم إندثارها هل سيفيد قضية تحرر المراة ؟
السمات العامة لهذه المجموعة من مقالات السر هي : 1- السمات الموجبة: • صحة التعبير وثراء المعلومات • العقلانية والموضوعية • التسلسل من النظري إلى العملي أو من العملي إلى النظري • الإتساق العام (حتى في التقدير الخاطئي) والتنوع
2- السمات السالبة: • التردد بين خط الإسعاف والإصلاح وخط الثورة الجامع نضالات الكادحين في المدن والمستضعفين في الأرياف. • الذاتية في تقدير موضوعية ماهو نسبي عرضي وما هو عام (تقديرات الإنقسام)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. كتب المنصور جعفر إنتقادات طويلة موسعة حول البرنامج المقدم للخامس ، سنسعي من مواقع الماركسية - الثورية لسبر اغوار هذه الانتقادات و السعي لفهم نسبتها و جوهرها النظري
ختم المنصور نقده المُطول بالاتي :
Quote: خاتمة محاولة هذا الإنتقاد:
1- الجزء الأول والأهم من مقدمة وحيثيات مشروع البرنامج وفقراته المتعلقة بالدولة والحكم والإدارة والفائض الإقتصادي والصناعة والتمويل والبنوك والعلاقات التجارية الخارجية حافل بالتناقض المنطقي والجزئية والإلتباسات والمباهم والنواقص وبذلك يحتاج إلى إعادة صياغة وتحرير من المثالب والمسالب على ضوء الإنتقادات الموجهة إليه.
2- الجزء الأوسط المتعلق بالزراعة والإصلاح الزراعي والتعليم والصحة قوي متين مع الإنتباه للأخطاء الواردة.
3- الجزء الأخير وفقرته الخاصة بقضايا الثقافة يحتوى على مفارقات تاريخية حول قضية الثقافة والحضارة والحياة الإنتاجية المشكلة لهم وعلاقة الوضع الثقافي بأسس الإستغلال والتهميش القائمة التي تنتج الأمية والجهل والتعصب والعنصرية
2- هذا الإنتقاد ككل كتابة في الدنيا لا يمثل قولاً فصلاً ولا نهائياً إنما هومحاولة تنبيه لأخطاء وردت في مشروع البرنامج قد يكون الإنتقاد نفسه مخطئاً في نظره إليها أو في تمحيصه عناصرها وعلاقاتها أو قد يكون عاثراً في عرض نتيجة عمله بشانها، فالذي أوقع الأخطاء في مشروع البرنامج يوقع الأخطاء في محاولة الإنتقاد، نسأل الله السلامة للحزب وللمشروع ولهذا الإنتقاد |
* بالنسبة للتيار الماركسي - الثوري السوداني ، فان المشروع المقدم يمثل مدخلا تاريخيا و اقعيا لانطلاقة النشاط العملي - النظري ، وفقا لمنهج البراكسيس الماركسي ، و يمثل ايضا اساسا للنضال البرامجي في وجهة :
- الوحدة الفكرية - التنظيمية لاوسع قطاعات و قوى النضال الحركي الثوري ذات المصادر النظرية - الفلسفية المتباينة المتعددة و التى تعلن قبولها للبرنامج و الائحة
- صياغة و ممارسة نظرية الصراع الطبقي السوداني في لونها الجديد
_ أغناء و تطوير نظرية المعرفة المستخدمة لفهم واقع السودان و سبل التغيير الثوري
.. نذكر دائما قول ماركس للشيوعيين الالمان ( جماعة براكة ) و هم يقضون الليالي الطوال في كتابة و تعديل برنامجهم :
" من زاوية المفهوم الثوري ، فان خطوة واحدة في مجرى النضال البرامجي ، لهي خير من مئات الاوراق المكتوبة ! "
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
Quote: الوحدة الفكرية - التنظيمية لاوسع قطاعات و قوى النضال الحركي الثوري ذات المصادر النظرية - الفلسفية المتباينة المتعددة و التى تعلن قبولها للبرنامج و الائحة |
الاخ العزيز احمد طراوة لدى حساسية شديدة من تعبير (وحدة فكرية) لانه تعبير شمولى وفيه (تأميم) للافراد وتجاربهم الخاصة وتفردهم لكن انا متأكد من انك لم تقصد ذلك المعنى بديل انك اوردت اهمية تعدد الخلفيات والمرجعيات الفكرية واعتقد انك قصدت الاتفاق حول البرنامج platformوشدّدت عليه فيما بعد.. اختلف معك فى مفهوم التدرّج فى موضوع الديمقراطية الحزبية واعتقد ان هذا هو الاختلاف الوحيد الجوهرى بيننا وبما اننى ممن يعتقدون بأهمية الاصلاح الديمقراطى وسط القوى الحديثة وبحكم اننى على استعداد لتكريس وقت كبير من حياتى رغم مشغولياتى الاسرية الممتدة وهمومى اليومية فى موضوع تأسيس يسار ديمقراطى اجتماعى عريض يعود بالفائدة على ابنائنا جميعا فاننى مهتم بنقاط الاتفاق والاختلاف مع حزبكم العريق، واعتقد ان النقاط الجوهرية التى تهمنى فى مؤتمركم العام الخامس المرتقب هى : اولا قضية المرجعية الفكرية - وفى هذا الصدد اعتقد ان البرنامج المقدّم قد حقق الحد الادنى المطلوب بالانفتاح على التجارب الانسانية الرحبة بحيث تكون الماركسية احد تلك المراجع وليس مرجعا وحيدا مع تجديد الجزب التزامه بقضايا التنمية والديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية ثانيا قضية الاسم ثالثا القضية مثار حوارنا الان وهى الديمقراطية داخل الحزب للمزيد من الحوار حول هاتين القضيتن دعنى استعيد اقتباس لصاحب ذلك الجسد الصغير المسجى بمقابر قرية ام دكة الجعليين . كتب المرحوم الخاتم عدلان فى دراسته الشهيرة (آن اوان التغيير المنشورة فى الشيوعى ١٥٧ ) ما يلى:
Quote: يتبنى الحزب خطاب سياسي هلامي قائم على حلقات يمسك بعضها برقاب بعض(مرحلة ثورة وطنية، فإشتراكية، فمجتمع شيوعي) ثم اضاف (و في إستطاعة الحزب أن يكون في متناول الجماهير لو اقتصر خطابه على مرحلة تاريخية واحدة، يراها و يدركها، تراها و تدركها معه الجماهير الواسعة و تنخرط على هذا الأساس في النضال من أجل تحقيقها. و ما دامت هذه المرحلة في إتجاه التطور التاريخي العام، فأن الاجيال القادمة و التي تصاغ المشاريع الشمولية من أجلها، لن تخسر شيئا، بل ستستلم الراية من نقطة متقدمة و لن يخسر المستقبل الإنساني شيئا، بل سيكف بالضغط بثقله على الحاضر، مفتتا بعده قوى التقدم الماثلة، التي تؤدي إختلافاتها حوله إلى حجب إتفاقها حول واجبات الحاضر،و عرقلة وحدتها لإنجاز هذه الواجبات) |
كذلك تحدث الخاتم ناقدا الحزب قائلا فيما معناه - وكأن الحزب يطلب من الافراد ان يكونوا فلاسفة فى مجتمع شبه امى... وقبل العودة للتعليق على هذا الكلام العميق فيما يتعلق بالنقاط الجوهرية التى اثرتها اود ان اضيف تعليق صغير وهو ان تلك الدراسة تعتبر كنز سياسى وثقافى ستدرك اهميته اكثر وربما تنصفه الاجيال القادمة، بل يمكن على اساس هذه الدراسة وحدها اعتبار المرحوم الخاتم (كانط) السودان الحديث ولى عودة ومسؤولية تجاه هذا الادّعاء
| |
|
|
|
|
|
|
نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب (Re: طلعت الطيب)
|
المنصور جعفر [email protected]
نقاط في مشروع دستور ولائحة وبرنامج الحزب
November 2007
دستور الحزب الشيوعي السوداني.
1- مقدمة: الحزب الشيوعي السوداني جزء فعال من عناصر وأحوال التطور التاريخي لتراكيب الإقتصاد والإجتماع والثقافة والسياسة في عموم العالم والسودان، وقد واشج هذا التطور بأصوله الطبقية الأبعاد المتنوعة للوضع العام في أفريقيا والشرق الأوسط بما فيه من مزيات وأزمات. وكان الحزب وليد الفكر الإشتراكي العلمي وحركة المفاعلات والتناظير المادية والتاريخية المؤثرة في تطور المجتمعات البشرية والسودانية وبلورة للأشكال الثورية والسياسية المتصلة بالنضال ضد الإستعمار والإستغلال ومواشجاته العنصرية العرقية والدينية والثقافية والسياسية حيث إرتبط نضال الحزب ولم يزل ببذل الجهود الفكرية والعملية وتقديم التضحيات لأجل حرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين في السودان والعالم والإنتعاق من صنوف القهر والإستغلال والإستبداد والتهميش التي تحرم غالبية المجتمع البشري من المقومات العادلة لكرامة الإنسان وتقدمه من حالة نقص الضرورات والتكالب عليها، بما في تلك المقومات من قواعد نظرية وعملية للحرية والسواء بين الناس والعقلانية والتقدم المتناسق والسلام.
بناء على ما سبق فإن الحزب الشيوعي السوداني يعد نفسه كياناً نضالياً لكرامة الإنسان وحرية المجتمع من القهر والإستغلال والتهميش وتحقيق المقومات المتصلة بهذه الكرامة والحرية وفي لبها كرامة وحرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين، وتفعيل جهد الشعب في القضاء على الموازين المطففة لتوزيع موارد وأدوات الإنتاج وثمراته المادية والثقافية، وتحقيق نماء وشيوع الخيرات المادية الروحية بين الناس في معاملاتهم المختلفة، وجريان ذلك وفق مواد هذا الدستور الآتي نصها في الفقرات التالية:
2- إسم الحزب: الحزب الشيوعي السوداني.
3- طبيعة الحزب: الحزب الشيوعي السوداني كيان ثوري للطبقة العاملة وعموم الكادحين في السودان يناضل بشكل وطني ديمقراطي ضد كل علاقات المركزة والتهميش المحلية والدولية في أصولها الطبقية وفي أشكالها الإجتماعية والثقافية والإدارية والسياسية المختلفة لأجل سواء الناس في الحقوق وفي الواجبات العامة.
4- أهداف الحزب: أ- إنتظام القوى الطليعية في مجتمعات السودان في تنظيمات متنوعة تسهم في فرز حقوق وواجبات كل تشكيلة إجتماعية في مجالات الإقتصاد الإجتماع والسياسة والثقافة.
ب- النضال ضد كل الأصول والأشكال الطبقية وغير الطبقية للإستغلال والتميز العنصري . ج - شيوع الخيرات المادية والثقافية بين الناس بتكوين مجتمع تزول فيه الإمازات والفوارق الطبقية والعنصرية بين الأفراد وبين الجماعات المختلفة وإشتراكهم سواسية بحرية في السلطة على موارد وجهود وثمرات إنتاجهم كمحرك لرفع معدلات التنمية وبناء المجتمع لإمكانات الحرية والسلام وخروجه من حالات الإستبداد والإستغلال ونتائجهم الوخيمة.
5- هيكل الحزب وعمله: يتكون هيكل الحزب من مؤتمر عام ولجنة مركزية، ومكاتب وفروع وسكرتارية عامة وهيئات مساعدة، وتنظيمات، ويؤدي الحزب أعماله بالشكل الوطني الديمقراطي لتحقيق ثورة شاملة في كينونة المجتمع ضد التمييز الطبقي والعنصري بأشكاله.
6- عضوية الحزب: عضوية الحزب مفتوحة لكل السودانيين من الجنسين في سن الأهلية الذين يتمتعون بقدرات مفيدة للعمل الحزبي الشيوعي ويوافقون على الإلتزام بدستور الحزب وبرنامجه ولائحة تنظيم أعماله.
7- مالية الحزب: تتكون مالية الحزب بصورة رئيسة من إشتراكات اعضاءه والتبرعات وتنظمها لائحة الحزب بأصول المحاسبة المالية
8- تنظيم عمل الحزب: أ- تنظم أعمال الحزب وفق هذا الدستور والبرنامج العام لتحقيقه بواسطة لائحة تنظيم أعماله المقرة من المؤتمر وبالكيفية التي تراها الهيئات القائدة للحزب في مجالها الزماني والموضوعي والجغرافي المُحدد أو المعين لها بواسطة اللائحة. ب- تضبط الهيئات القائدة المختصة عمل الحزب رأسياً وأفقياً وينظم هذا الضبط بتقارير وموجهات هذه الهيئات. ج- ممارسة النقد والنقد الذاتي هي العصب الحيوي للحياة الحزبية وتقدير نقاط القوة ونقاط الضعف في كل أمور الحزب وشؤونه.
لائحة الحزب الشيوعي السوداني:
أ- طبيعة هذه اللائحة وأغراضها: تحدد اللائحة التفاصيل المتعلقة بتكوين الحزب وهيئاته وكيفية أداءها أعمالها ومواقيتها وبيان المهمات والمسئوليات المناطة بهذه الهيئات وإيضاح الإلتزامات والحقوق الفردية والجماعية الموصولة بتكوينها وأدآءها لأعمالها. كما تقوم اللائحة بإيضاح القواعد النظرية والعملية الأساسية المتصلة بعمل كل أو بعض هيئات الحزب في الظروف الخاصة وفي الحالات التي تهدد سلامة أو حرية أو نشاط الحزب أو أعضاءه في مجال معين.
ب- تكوين اللائحة: تتكون اللائحة من فقرات توضح كل واحدة منها طبيعة الهيئة المعينة دستوراً وأسس عملها وإختصاصاتها ومواقيتها وعضويتها ومجالها الجغرافي والواجبات والحقوق المتصلة بها وبعضويتها. وفق السياق التالي:
1- في الطبيعة النظرية والعملية لتكوين الحزب: أ- يتصل التكوين الثقافي والسياسي للحزب الشيوعي السوداني إتصالاً وثيقاً بقضايا تقدم المجتمع السوداني من حالة النقص في الضرورات والتكالب عليها إلى حالة الكفاية منها والعدالة في توزيعها وما يتطلبه ذلك من إرتباط الحزب بقضايا التنمية العددية والنوعية المتوازنة لعناصر وطبيعة الحياة ومعيشة الناس في السودان والطبقات المؤثرة فيها والطبقات المتأثرة بها ، ومن ذلك تأتي صلة الحزب بقضية حرية وكرامة الطبقة العاملة وعموم الكادحين وإنعتاقهم من صنوف الإستغلال والتهميش.
ب- من هذا الإتصال الطبقي بين الحزب الشيوعي وطبيعة الحياة الإجتماعية-السياسية بإقتصادها وثقافاتها تتفصل السمات النظرية والعملية العامة لتكوين ووجود هيئات الحزب وتتحدد مسئوليات هذه الهيئات وإختصاصاتها وطبيعة أعمالها في تناسق يعكس وحدة عامة بين فكر الحزب وإرادته وفعله الثوري الخلاق. وبهذا التواشج الحيوي بين الحزب والمجتمع وقضايا الطبقة العاملة تتحدد أيضاً السمات العامة لتركيبة ونوعية وعضوية الهيئات ومهامها وطبيعة تقويم عملها والكيفية العامة لتنميتها بالتحديث والتجديد الملائم لإحقاق دستور الحزب الشيوعي السوداني وبرنامجه في الظروف المختلفة. 2- البنية العامة للحزب ونشاطه: الحزب الشيوعي السوداني بنية نظرية عملية واحدة منسقة بدستوره وبرنامجه ولائحته لنظم وتكريب قوى الشعب العاملة وتشكيلاتها في نضال متنوع شامل راكز إلى تنظيم ونضال الطبقة العاملة وعموم الكادحين لإشاعة خيرات مجتمعها في المعاملات المادية والثقافية بين الناس وإشتراكهم المقسط في موارد تلك الخيرات وفي عملية إنتاجها وفي قسمة ثمراتها حسب قدراتهم وإسهامهم وحاجاتهم، وفي هذا الصدد يتصل نشاط الحزب الشيوعي ونضاله لهذه الإشتراكية والشيوعية إتصالاً وثيقاً بتنمية الكفاية في إنتاج هذه الخيرات والقسط في توزيع مواردها وآلاتها ومقاديرها دون تهميش وتطفيف باخس كانز أو إخسار أو سفه متلف. وتتطلب هذه البنية تضامناً وإستقلالاً في تكوين وعمل هيئات الحزب وفي محاسبتها وتنمية تكوينها وأعمالها، كذلك تتطلب الوحدة العامة لنظرية الحزب وأعماله إلتزام هيئاته وعضويته إلتزاماً وثيقاً بدستور الحزب وبرنامجه ولائحته ومرونة فعالة في التعامل مع نصوص وثائقه ومقراراته بشكل يناسب في سياسيته تغير الأحوال والظروف المادية والثقافية في مجالات الإقتصاد والإجتماع والسياسة بما لا يخل بموضوعية مبادئ الحزب وإلتزاماته.
3- هيئات الحزب: أ- هيئات الحزب هي: المؤتمر واللجنة المركزية والمكاتب المختصة والفروع والسكرتارية العامة والتنظيمات واللجان المؤقتة أوالمستدامة التي يقيمهاالحزب بنضاله الخاص أو بالإشتراك مع جهود أخرى لتحقيق أو تفعيل أهدافه والمكاتب واللجان المساعدة التي تكونها هيئات الحزب للمساعدة في أداء بعض أعمالها.
ب - تفصل هذه اللائحة تكوين وعمل الهيئات الحزبية وفق السياق التالي:
1- المؤتمر العام:
1- طبيعة ومهمة المؤتمر: المؤتمر العام هو الهيئة الأساسية للحزب الشيوعي السوداني التي تقر برنامج الحزب العام ولائحته وتنتخب هيئاته وتضع الأطر العامة لنشاطه وسياساته وحسابات أمواله ومدى و جهة التشدد أو التيسر في أموره.
2- عمل المؤتمر: أ- يحدد المؤتمر جدول أعماله بنفسه مسترشداً بموجهات اللجنة المركزية، وتنظم عملية إدارته بلائحة إدارة مجازة من عضويته في الإطار الزماني والجغرافي المحدد له.
ب- يمارس المؤتمر أعماله بعرض عام للأمور التي يراها مهمة بالصورة التي تحددها إجراءاته وتقديم التصورات والإقتراحات المتصلة بهذه الأمور وإقرار الموجهات التي يراها مناسبة جهة تعامل الحزب مع هذه الأمور.
3- عضوية المؤتمر: تتكون عضوية المؤتمر بالإنتخاب من وحدات فروع العمل ووحدات فروع السكن بنوعين من التمثيل الأول تمثيل حر مباشر يصعد ممثلاً من كل وحدة حزبية حسب فوزه بأكثرية أصوات ناخبيها وأيضاً بتمثيل نسبي مميز نوعيةً يشكل به ممثلي العمال والمرأة أكثرية نسبية في تكوين المؤتمر.
4- إنعقاد المؤتمر: يعقد المؤتمر في الظروف العادية مرة كل 4 سنوات، وتحدد اللجنة المركزية كيفية إنعقاده في الظروف الطارئة والإستثنائية بما لا يخل بالأسس النظرية والأعراف العملية للحزب .
2- اللجنـة المركزيـة:
1- طبيعة ومهمة اللجنة المركزية: اللجنة المركزية هي هيئة قيادة الحزب الشيوعي بين دورات إنعقاد مؤتمره، وتصوغ اللجنة المركزية مقررات مؤتمر الحزب وتضع الموجهات اللازمة لتنفيذها ولتحقيق أهداف الحزب الموضحة في دستوره وبرنامجه حسب تلك المقررات. كما تحدد اللجنة المركزية نقاط القوة والضعف في تنظيم ونشاط الحزب وهيئاته وتأخذ الإجراءات والقرارات والأعمال المناسبة لمضاعفة تلك القوة أو تقليل ذلك الضعف. 2- عمل اللجنة المركزية: أ- تنظيم عقد الحزب لمؤتمره دراسة أعمال المؤتمر وإيضاح المهمات النظرية والعملية التي تتطلبها ب- وضع خطة عامة لعمل الحزب بالتنسيق مع الهيئات الحزبية المعنية ج- تشكيل وتنظيم عمل المكاتب التنظيمية والمالية والإعلامية والسياسية للحزب د- تقرير ومتابعة الأدآء العام لمكاتب الحزب وهيئاته وتنفيذها خطة الحزب وتحديد نقاط القوة والضعف هـ - التقرير المُفصل نظرياً ورقمياً ومالياً لعدد ونوع الأعمال الحزبية وإتجاهات إرتقاءها أو تدرجها و- تحديد التناقضات النظرية والعملية الرئيسة والثانوية في نشاط الحزب والإسهام في حلها ز- رفع تقرير دوري بأعمالها إلى المكتب السياسي لتحديد إتجاهات عملها بدقة أكثر، ح - يقوم الحزب عمل اللجنة المركزية من خلال نشاط هيئاته ومن خلال المؤتمر العام له 3-عضوية اللجنة المركزية: أ- تتكون اللجنة المركزية بالإنتخاب من المؤتمر العام للحزب وبتصعيد لا يتجاوز 10% من عدد المنتخبين ب- تمثل عضوية اللجنة تكوين وهيئات الحزب بتمييز موجب للعمال والنساء والفئات المهمشة. ج- تستمر عضوية اللجنة المركزية حتى إنعقاد المؤتمر، ولا يجوز لأعضاءها خفض عضويتها د- يلتزم أعضاء اللجنة جماعة وفرادى بمقرراتها ويصونون أعمالها.
4- إنعقاد اللجنة المركزية : أ- تنعقد اللجنة المركزية مرتين في العام ب- في الأحوال الخاصة والظروف الإستثنائية تنعقد اللجنة وفق ما تراه ج - في الظروف الأكثر إستثناء تحدد سكرتارية زمان أول إنعقاد للجنة تلو تلك الأحوال .
3- السكرتارية العامة:
1- طبيعة ومهمة السكرتارية العامة: أ- السكرتارية العامة هي محور قيادة الحزب في الفترات الواقعة بين أدوار إنعقاد اللجنة المركزية، ب- مهمة السكرتارية تنظيم النشاط النظري والعملي اليومي لهيئات وقوى الحزب ونضاله لأجل تحقيق القيم والأهداف التي حددها دستور ومؤتمر الحزب ولجنته المركزية ومكتبها السياسي وضبط التعامل مع المستجدات التنظيمية والسياسية. ج- تقوم السكرتارية بتنظيم ومباشرة أعمالها وفق موجهات اللجنة المركزية والمكاتب المختصة.
2- عمل السكرتارية العامة: أ- رصد وقائع العمل التنظيمي والمالي والإعلامي والسياسي داخل الحزب ومتابعة إلتزامها بخطة الحزب وبرنامجه ب- تحديد العناصر والقوى والفعاليات وإتجاهات الواقع العام الموجبة والسالبة جهة أهداف الحزب ج- تحديد موضوعات وجهات العمل وفرز نقاط الإختلاف ونقاط التقارب في الحياة السياسية عامة وفي عمل الحزب د- حشد وتنظيم القوى والطاقات الحزبية جهة كل عمل وهدف حزبي وفق معالم موضوعية زمنية مناسبة هـ- رصد نشاطات الحزب وتقرير نقاط الفاعلية والقوة ونقاط الضعف في عمله بين أدوار إنعقاد اللجنة المركزية و- رصد جملة الوضع العام، ووجوه نشاط الحزب فيه، وتلخيص ذلك لأعضاء الحزب وهيئاته وجمهوره.
3- عضوية السكرتارية العامة: تتكون السكرتارية العامة للحزب من مسؤولي مكاتب المالية والتنظيم والإعلام والمكتب السياسي بالتصعيد من اللجنة المركزية عدا مسؤول المكتب السياسي الذي يتولى بحكم مسئوليته مهمة السكرتير العام وينتخب للمسئوليتين المتلازمتين بواسطة مؤتمر الحزب، ويحدد المؤتمر واللجنة المركزية الموجهات والضوابط العامة لعمل السكرتارية.
4- إنعقاد السكرتارية العامة: تعقد السكرتارية العامة إجتماعاتها بالصورة الزمانية والموضوعية التي تتيح لها مباشرة مهام العمل اليومي وإنجاز التكاليف التي تنيطها بها اللجنة المركزية ومكاتبها المختصة، وتقوم بإجراء عمل الحزب ومتابعة ورصد وتقويم أداء هيئاته في المجالات المختلفة بما لا يتعارض وتوجيهات اللجنة المركزية أو المؤتمر.
4- المكاتب المختصة:
1- طبيعة ومهمات المكاتب المختصة: تقوم المكاتب المختصة بإنجاز أعمال الحزب وتصريف أموره كل في مجال عمله وفق الأسس الحزبية والإدارية المألوفة، المكاتب المختصة أربعة مكاتب هي مكتب التنظيم ومكتب المالية ومكتب الإعلام والمكتب السياسي.
2- عمل المكاتب المختصة: تحدد اللجنة المركزية الخطوط العامة الموضوعية والزمانية لعمل هذه المكاتب ونشاطها وتقوم المكاتب بالآتي: أ- وضع الخطط المفصلة لأعمالها ورسم الأسلوب العام لتحقيقها، ب- تكريس الأليات والجهود النظرية والعملية الملائمة لتحقيق هذه الأهداف بالتنسيق مع هيئات الحزب الأخرى ج- متابعة أداءها لأعمالها وتقويم هذه الأعمال وحصحصة متابعتها د- رصد نقاط الضعف والقوة ونقاط التوافق ونقاط الإختلاف في أعمالها وتوصيلها بصورة مباشرة إلى اللجنة المركزية وكذلك إلى المكتب السياسي لحصرها وتقويمها وإتخاذ ما يلزم بشأنها. 3- عضوية المكاتب المختصة: أ- تتكون عضوية كل مكتب بالإختيار من أعضاء الهيئات الأخرى عبر اللجنة المركزية بمعايير الفاعلية والكفاءة والإنجاز العددي والنوعي والسرعة عند القياس الزمني لعدد وحجم الأعمال المنجزة في الوقت المعين. ب- يتكون المكتب السياسي من مسؤولي المكاتب الأخرى وتصعيد اللجنة المركزية من تراه مناسباً من أعضاء الحزب لأداء مهام المكتب السياسي من أعضاء الحزب بمعايير الفاعلية والكفاءة على أن لا يتجاوز عدد الأعضاء المصعدين عدد الأعضاء الأصيلين في المكتب السياسي وعند تعادل الأصوات ترجح كفة الرأي الذي يصوت لصالحه المسؤول السياسي | السكرتير العام.
4- إنعقاد المكاتب المختصة : أ- تعقد المكاتب المختصة إجتماعاتها وتسير أعمالها بصورة منظومة تؤسس لأعمال الهيئات العليا والدنيا منها، ب- تكرس المكاتب الجهود العملية والنظرية اللازمة لأداء أعمالها بتوقيت منظوم يلائم حاجات العمل الراتبة ومتطلباته الإستثنائية وظروف الأعضاء.
5- فروع الحزب:
1- طبيعة فرع الحزب ومهمته: أ- يؤسس الحزب فروعاً له في مجالات السكن وفي مجالات العمل كل على حدة، والفرع هو الوحدة الأساسية لبناء الحزب في محليته ومنطقته السكنية وفي مجال العمل وهو الكيان اليومي الماثل في حياة الناس وشؤون عيشهم، وأعمال الفرع في الظروف العادية والإستثنائية هي مظهر الحياة الحزبية والمعنى الماثل له في حياة الناس ب- مهمة فرع الحزب مهمة شاملة تتضمن الأعمال التنظيمية والمالية والإعلامية والسياسية والتأمينية . 2- أعمال فرع الحزب: أ- تنظيم عضوية الحزب وعملها في مكاتب مختصة وأعمال مفصلة منظومة ب- تحديد مشكلات المجال وأزماته ج- طرح الحلول المناسبة لعلاج هذه المشكلات والأزمات د- ربط جماهير المجال بقضاياه من خلال الأنشطة المتنوعة هـ- تنظيم الناس بصورة مفيدة لتعرفهم بقضايا وجودهم وطبيعة تكوينها وتفاقمها وأشكال مباصرتها وحلها و- فتح المجال وتوسيع دوائر التعاون بين الناس وتضافر جهودهم الفردية والجمعية في أعمال عامة مفيدة لهم. ز- الإسهام في رصد ومعالجة الظواهر السالبة ح- توسيع نطاق النظر العقلاني والفعالية والمعالجة الجماعية الحكيمة للأمور العامة ط- ربط الجهود العامة في المجال المحلي بالجهود العامة الأخرى في المجالات الوطنية والعالمية المتنوعة ك- فتح آفاق التقدم النظري والعملي أمام الناشئين والفئات المستضعفة والمهمشة، وإمازة المتقدمين منهم ل- توطيد مناخ حر لترسية سواسية الناس في الحقوق والواجبات العامة دون ميز طبقي أو عنصري م- إثراء الشعور والوجدان الإنساني بفتح آفاق فنية وجمالية في حياة الناس ن- تكريس حالة موضوعية من الطمأنينة والسلام النفسي والإجتماعي في المجال المحلي المعين مستندة إلى حيوية وفاعلية الفرد وجماعته والتنمية المنظومة لقدراته وقدرات كيانه بآليات التضامن الحزبي والإجتماعي والوطني والعالمي.
3- العضوية في فرع الحزب: أ- العضوية في فرع الحزب هي عضوية في الحزب، تتم فق نظم الإلتحاق به. ب- لعضوية الفرع في جميع الحقوق وعليها جميع الواجبات التي تقررها مواثيق الحزب وهيئاته للأعضاء بما في ذلك الإطلاع على تفاصيل تاريخ الحزب وجميع أعماله أو وثائقه المتوفرة ونتائجها، ولهم إبداء الرأي إزائها وفق نظام الحزب. ج- إلتزم أعضاء فرع الحزب بالواجبات النظرية والعملية لأعضاء الحزب. 4- إنعقاد أعمال الفرع وإدارته لأموره: أ- يعقد الفرع إجتماعاته وينظم نشاطاته بصورة منظومة مخططة بما ييسر له إنجاز اعماله وتحقيق أهدلفه، ب- يجري الفرع أعماله بمعالم إدارية وزمانية واضحة يحاسِب ويُحاسب على مدى إنتظامها وعلى مدى الإلتزام بها. ج- يؤدي الفرع أعماله وفق أسس العمل الجماعي، وحرية النقد والنقد الذاتي، وترسيخ القيم العلمية والعملية للحزب الشيوعي
6-التنظيمات الجماهيرية و المجتمع المدني:
1- طبيعة ومهمات التنظيمات: أ- الحزب الشيوعي السوداني جزء أصيل من حياة "المجتمع المدني" أسهم بالإشتراك مع غيره في تأسيس ونشاط تنظيمات متنوعة في السودان وفق ظروف كل قضية أو مجال للعمل ويشمل ذلك مجال حقوق الطبقة العاملة والحياة النقابية والمهنية لعدد كثير من الفئات، وكذا في مجالات ربات البيوت وقضايا المرأة وحقوقها، إصلاح أحوال الاطفال المشردين، النشائين والشباب، المعاشات، التعاون، أعمال الصحة، الثقافة والإعلام، حقوق الإنسان، مناهضة التعذيب، إعادة المفصولين عسفاً إلى أعمالهم، حرية الإقامة وحرية السفر، عودة اللاجئين، حماية اللاجئين من العسف والإبعاد القسري، صيانة البيئة والتنمية، تأسيس المنتديات والجمعيات والروابط الرياضية والثقافية، تدعيم مجالات التعليم ومجالات الثقافة والفنون، كما رفض الحزب بنضالاته المتنوعة قيم وممارسات الجهالة والقبيلية والطائفية والتعصب وحارب العادات الضارة، ورافق ذلك نشاط الحزب عالمياً في منتظمات ومنظمات مدنية إمتازت بعداء أصول واشكال الإستعمار الحديث في نطاق العالم وشملت الإتحادات والنشاطات الدولية للعمال والشباب والنساء وحماية الأطفال وصيانة السلم العالمي، وحقوق الإنسان، وحركة إلغاء الديون على دول العالم الثالث، والحركة لأجل تجارة عادلة بين الدول، ونشاط الحركة المناهضة للرأسمالية، والحركة ضد العولمة [الرأسمالية]، وفي أعمال التضامن العالمي ضد الحروب والعسف بحقوق الشعوب وفي محاولات لجم إنتهاك مبادئي الأمن والسلم في أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.
ب- تتبلور أعمال الحزب في هذه التنظيمات ومثيلاتها بحرص أعضاءه على الإلتزام بدساتيرها ولوائحها والنضال لإحقاق وجودها وأهدافها والدفاع عنها بإعتبارها أدوات مدنية ذات خصائص وطنية ديمقراطية مفيدة لنضال الشعب لأجل التقدم الشامل المتناسق إذ تتجاوز بتخصصها الدقيق الكينونة العامة لعمل الحزب ونضاله كما تتواضع بأحديتها وتفردها وتخصصها عن عمومية وجماعية وشمول نضالات الحزب الشيوعي السوداني.
2- أعمال الحزب وأعضاءه في التنظيمات المدنية ونسق توجيههم ومحاسبتهم: أ- تنظم هيئات الحزب المختصة التركيبة العددية والنوعية لنشاط أعضاءها في هذه التنظيمات بحيث يشكلون إضافة نوعية وعددية مفيدة لفاعلية عملها وإنجاز أهدافها وبلورة خبرات نوعية متقدمة في مجالات عملها ومجالات الحزب. ب- تنظم هيئات الحزب المختصة بشؤون التنظيمات المدنية وتقوم عمل أعضاء الحزب في مجالات: 1- خدمة العضوية ، 2- إنجاز الأهداف المحددة في الجمعية العمومية، 3- أداء الأعمال اليومية، 4- إنجاز الأعمال الختامية، ج- تضع الهيئة المعنية تقريراً مفصلاً بهذه النقاط يحدد إنجازات وإخفاقات كل عضو حزب في هذا الجانب من العمل أو ذاك.
7- اللجان والمكاتب المساعدة:
طبيعة ومهام اللجان والمكاتب المساعدة وكيفية أدائها أعمالها: أ- تكون الهيئات القائدة لجاناً أو مكاتب تساعدها في أداء مهامها وإنجاز أهدافها ب- مهمة هذه الهيئات تكويناً وأداءاً موضوعاً وزماناً تنحصر في ما تحدده قرارات تكوينها، وصرفها، ج- مع حصر وتحديد اللجان والمكاتب المساعدة فلها إستقلال نسبي في تقدير مهامها وكيفية أداءها لتكليفها وأبعاد توزيعها مهام وجهود إنجاز تكاليفها والقيام بمتطلباتها وفق موجهات عمل الحزب وتقاليده الديمقراطية في معرفة وإستيضاح عناصرالأعمال والمعلومات المتعلقة به وفرزها وتقويمها وبيانها وتلخيصها وتسطير نقاطها وتنظير مقوماتها ومألآتها وتبويب سيرورتها وصيرورتها وتنمية أعمالها وإثرائها. د- تقوم اللجان والمكاتب المساعدة عمل أعضاءها بالنقد والتوجيه والإثابة والرصد الدقيق والعام لعملهم وسلبياته وموجباته.
-إنتهت الفقرة 3 من اللائحة وهي الفقرة المتعلقة بتحديد هيئات الحزب ووصف طبيعتها ومهماتها-
4- التركيبة النظرية والعملية للحزب:
أ - في طبيعة الظروف التاريخية لتكون تركيبة الحزب: في عصر تتأزم فيه حوالى 180 دولة رأسمالية أصيلة أو تابعة تترابط قضايا الحرية والعدالة والسلام في العالم بصورة عضوية مع طبيعة التنظيم الإقتصادي الإجتماعي السياسي للمجتمعات وثقافاتها وتتصل هذه القضايا جملةً بطبيعة النظام العالمي لتوزيع الموارد، مما يتصل تغييره العام بتغييره في كل دولة ويتصل تغييره في كل دولة بتغييره في كل إقليم منها وفي عموم مجتمعاتها. ولأن النظام المأزوم السائد في العالم وأكثر دوله ومجتمعاتها نظام تراتبي طبقي إستعلائي ذي ثقافة عنصرية بسمات طبقية وعرقية ولغوية ودينية ولادينية متنوعة تغذي بعضها البعض، فإن النضال ضد هذا الطاغوت يتطلب وحدة نظرية وعملية في تناول أموره وشمولاً في تناولها لايصطنع تجزئة جهة واحد منها دون الآخر كما يتطلب عمقاً في إقتلاع جذورها الطبقية المختلفة وقلب تربتها الماثلة في هيئة التملك الرأسمالي الخاص للموارد العامة للمجتمع والإنفراد بثمراتها مما تنتهي حالة تفاقمه وعولمته الحاضرة إلى مآس عدداً وكوارث وحروب تفوق نتائجها السالبة بعض الفوائد التي تظهر منها. ب- طبيعة هذه التركيبة وكينونتها النظرية: للحزب الشيوعي السوداني وضعه الفريد بين الأحزاب الإشتراكية الخام والأحزاب الليبرالية والأحزاب المتصلة بالدعاوى والأوضاع الطائفية والقومية والعنصرية بأشكالها الدينية وغير الدينية والأحزاب الهجين والبين بين: ففي نضاله ضد النظم الإستعلائية والإستغلالية ولأجل حيوية ونشاط الطبقة العاملة وعموم الكادحين وحريتهم من مركبات الإستعمار والإستغلال والتهميش والقمع فإن الحزب يمتاز بتنظير وتنظيم أعماله بقيم الماركسية-اللينينة المتصلة ببناء حزب جديد في نوعية عناصره (العنصر الطبقي) وطروحه (التغيير الجذري) وطبيعة تنظيمه (النظام المحوري) وأهدافه (شيوع موارد وأدوات الإنتاج وخيراته). وهو حزب متصل في رؤيته للحياة بالنظرة الماركسية-اللينينية لتطور الأشياء والمجتمعات وإرتقاءها بتحول التراكم العددي في عناصرها إلى تحول في نوعها، وجدل وتنوع التطور الإجتماعي فئات وطبقات ومجتمعات وظروف ومراحل، وفهم الطبيعة المادية والجدلية لتاريخ هذا التطور وإقتصادياته السياسية وفقاً لهذا المنطق، وتخديمه في التكريس الإجتماعي لتطور العلوم والزيادة في تخصص وتنوع المعارف وفي عدد ونوعية الآلآت وتخديم جميع هذه التطورات بشكل متناسق في نضال طبقي ضد الإستغلال والتهميش والعنصرية والرأسمالية والإمبريالية والإستعمار وبناء حالة إشتراكية علمية لإشتراك الناس سواسية في السلطة على موارد إنتاجهم وآلاته وثمراته، وبدايةً ذلك بالتكريب النظري والعملي لبناء الحزب الشيوعي كحزب ثوري أصيل لحرية الطبقة العاملة وعموم الكادحين، هدفه كسر الأجزاء المتآكلة في بنية الإستغلال المحلي والدولي في السودان ، وإقامة تنظيم وطني ديمقراطي شامل يعزز به الحزب الإتجاهات الوطنية والعالمية الى الثورة الإشتراكية ضد المظالم الإجتماعية وإلى شيوعية موارد وأدوات وخيرات الإنتاج بين الناس في عصر مميز بإنهيار نظام الإستعمار القديم بنشاط حركات التحرر الوطني والطبقي والمجتمعي وبتأزم الإمبريالية بالتناقض البنيوي والظاهري بين مفاعيل الإستعمار الحديث الماثلة في زيادة الفقر والمجاعات والعنصريات والديكتاتوريات والحروب والهجرات وتعارض هذه الأوضاع المعيقة للتراكم الرأسمالي مع الأهداف الربحية التي توختها الإمبريالية من عمليات الإستعمار وعولمة موارد الشعوب المضطهدة.
ج- الطبيعة والفوائد العملية لهذه التركيبة: أ- النظر الشامل والناقد علماً للظواهر الإقتصادية الإجتماعية السياسية والثقافات المرتبطة بها ب - الممارسة المنظومة المستدامة، القائمة عملاً على الجماعية، والنقد، والتنمية العددية والنوعية المتوازنة لأعمال الحزب 3- التنمية المستمرة للنظرية والتطبيق في النواحي المختلفة التي تأخذها في تشكيلات تاريخه وعمله ومستقبله
5- مالية الحزب:
1- طبيعة العمل المالي في الحزب الشيوعي: المال عصب الحياة الحديثة ونظامها القاسي لمبادلة المنافع بالنقود حيث يقرر الوضع المالي عدد ونوعية نشاطات الحزب كما يعكس طبيعتها ومن هذه النقطة الحيوية تنشأ أهمية الوضع المالي وإلتزام هيئات الحزب وأعضاءه بجميع أسسه وموجباته، وجعل الهم النضالي به في مستوى متقدم مع بقية الهموم النضاليةفي أمور التامين والتنظيم والإعلام والسياسة. 2- مصادر مالية الحزب: أ- الإشتراكات الشهرية من 2.5% إلى 5% من الدخل الفعلي للعضو بعد خصم الإلزامات القانونية المتوجبة عليه ب- إسهامات أعضاء الحزب ج- أعمال الحزب د- التبرعات غير المشروطة 3- وجوه الإنفاق والصرف: أ- الإلتزامات الأممية ب- الإتزامات القانونية بدفع إلإيجارات، قيم الرسوم القانونية على أعمال الحزب بصفته المدينية أو القضائية ج- مصروفات الأجهزة والمعدات، والنثريات والنفقات الجانبية د- اجور المتفرغين لشؤون الحزب بقرار من اللجنة المركزية هـ- النفقات الخاصة لأسر الشهداء والمعتقلين و- نفقات المتعاونين
4- تنظيم مالية الحزب: أ- تنتخب اللجنة المركزية من بين اعضائها مسؤولاً لديها بصفة أولية عن مالية الحزب يسمى المسؤول المالي ب- يكون المسؤول المالي عضواً أصيلاً في سكرتارية اللجنة المركزية ج- يشكل المسؤول المالي بالتعاون مع السكرتارية مكتباً مالياً ينظم العمل المالي وفق الأسس الحزبية والقانونية اللازمة د- المهمة الأساسية في العمل المالي هي رصد وتنظيم الأموال والحسابات المتصلة بعمل الحزب،وإحاطة هيئات الحزب به هـ - تنمية العمل المالي بوضع الخطط والخرط المالية وتقديم الإقتراحات والإسهام في تنفيذها ومتابعتها و- رصد سلبيات الوضع المالي وموجباته وتقريره بكل شفافية لهيئات الحزب ز- تراجع هيئات الحزب الوضع المالي في إجتماعاتها بصورة منظومة، ويقرر المؤتمر مدى سلامة الوضع المالي للحزب. ح- في الظروف الإستثنائية لنشاط الحزب تقرر السكرتارية بالتعاون مع المكتب المالي واللجنة المركزية كيفية العمل المالي.
6- العضوية في الحزب: 1- العضوية في الحزب الشيوعي السوداني حق لجميع المواطنين والمتوطنين في السودان من الأفراد من الجنسين على أن يكونوا كاملي الآهلية ذوي قدرات مفيدة لنضال الحزب الشيوعي وفقاً الشروط التالية: أ- أن يقدم طلباً معيناً صريحاً واضحاً للإنضمام للحزب الشيوعي السوداني يحتوي على بياناته الشخصية ومزياته الفردية ب- أن توافق على طلبه الهيئات الحزبية حسب تقاليد عملها ج- ن يطلع بصورة منظومة حزبياً على المصادر النظرية والتجارب العملية التي يرتبط بها تاريخ الحزب ويبدي نشاطاً موجباً جهتها يمكن ملاحظته بمعايير موضوعية متنوعة. د- أن يدرس طالب الإنضمام دستور وبرنامج الحزب ولائحة تنظيم أعماله وأدبه التأهيلي ويوافق عليهم هـ- أن يلتزم بإحترام إلتزاماته الحزبية والقيام بمسؤولياته التي تحددها الهيئات واداء الموجبات العامة لهذا الإلتزام
2- بداية ونهاية العضوية: أ- تبدأ عضوية الحزب بفترة أولى تسمى فترة الترشيح تنظر فيها الهيئات في طلب الإنضمام وأبعاده ويمارس فيها العضو جميع نواحي الحياة الحزبية بواجباتها وحقوقها عدا ان يكون له حق التصويت أو تولي المسؤوليات القيادية و تأتي بعدها فترة التدريب فترة العضوية الكاملة التي يضحى للفرد فيها الحق في التصويت على القرارات وتولي المهام القيادية الهيئة. ب- تنتهي عضوية الفرد في الحزب بالإستقالة او الوفاة أوالعجز التام أو الفصل 3 - حقوق الأعضاء: أ- يحق لعضو الحزب الشيوعي السوداني الإطلاع على تفاصيل أعماله ووثائقه ب- أن يأخذ التدريب العملي والنظري الكافي لتاهيله لأداء وتحسين نضاله ج- أن يطلب معاونة الحزب واعضاءه في أي مهمة عامة يؤديها لصالح الحزب د- أن يمارس حقوق وواجبات الرأي والإعتراض والنقد والنقد الذاتي والتنظيم وأن يؤدي جميع الواجبات والمهام الحزبية المتاحة حسب ظروفها ومتطلباتها وحسب تقديره لإمكاناته ملتزماً برأي هيئات عمله ومبادئي العمل الحزبي. 4- واجبات الأعضاء : أ- الإطلاع على تجارب الحزب ووثائقه والتدرب والمران على أعماله وعلى الإتقان في العمل والتفاني الموضوعي في النضال ب- الحضور لإجتماعات الحزب ونشاطاته ودفع إلتزاماته المالية ج- ممارسة النقد والنقد الذاتي د- عكس نشاط الحزب في مجاله وفقاً لخطة عامة هـ - تقوية العلاقات الرفاقية وإثراءها و- الإضافة العددية والنوعية إلى أعمال الحزب
5- ضوابط العضوية : أ- يقوم عمل الأعضاء بالمعرفة والمران والخبرة والمعاونة والتشجيع والتقدير السليم لبذلهم وإمكاناتهم وتقدير ظروفهم. ب في حالة إرتكاب عضو لخطأ ما تضبط هيئات الحزب نشاطه بنظام متدرج في الحالات العامة بضوابط معينة هي: التنبيه، والتوجيه، واللوم، والإدانة، والإنذار بالفصل، والفصل ج- في بعض الحالات التي ترى فيها الهيئات إن عضو الحزب قام بخرق كبير للدستور أو البرنامج أو للائحة الحزب يمكن تجاوز مبدأ التدرج في ضبط العمل وفرض الإجراء الأشد على أن يكون تطبيق ذلك في حدود دنيا تقدرها هيئات الحزب.
6- ضوابط اللائحة: أ- دستورية اللائحة: تسري هذه اللائحة بإرادة المؤتمر وفق دستور الحزب وبرنامجه العام، تنظيماً لحركة الحزب وتنفيذه لدستوره وبرنامجه ب-النطاق الزماني للائحة: تسري هذه اللائحة بعد أن يوافق عليها المؤتمر وتصوغها اللجنة المركزية بداية من تاريخ التصديق النهائي عليها وعلم الأعضاء به ج- النطاق المكاني والموضوعي لهذه اللائحة: تسري هذه اللائحة على الحزب الشيوعي السوداني وهيئاته وأعضاءه وأعمالهم المقرة وفق هذه اللائحة د- وحدة اللائحة وتطبيقها: اللائحة وحدة ضبط واحدة تسري بجميع محتوياتها على الحالات المتناسبة معها في الهيئات والأعمال فلا تتم تجزئتها في التطبيق هـ - تعديل اللائحة: في الأحوال الإستثنائية التي تقدرها الهيئات يجوز تعليق سريان بعض بنود هذه اللائحة بما لا يخل بمبادئي ودستور وبرنامج الحزب أو يغير من طبيعته العامة.
البرنامج العام للحزب الشيوعي السوداني
1- الموجهات النظرية للبرنامج: في قلب القضايا التي تؤثر على حياة الناس ووعيهم وما يتصل بها من نظم عامة لشؤون الإقتصاد والسياسة والإجتماع والثقافة، فإن دستور الحزب الشيوعي السوداني يوجه هذا البرنامج في نواحيه النظرية والعملية القائمة على الإلتزام الوطني الديمقراطي بأصول الحزب النظرية المتعلقة بوحدة عملية دراسة وتغيير التركيبة المادية والثقافية لمجتمعات السودان والعالم تغييراً جذرياً يتصل إتصالاً وثيقاً بصيرورة تاريخ تطورها الجدلي من حالات النقص في موارد الإنتاج وخيراته والتكالب عليها نتيجة الإنفرادات المحلية والدولية بتملك وسائل الإنتاج وإرتقاء هذه المجتمعات من هذا النقص والتكالب إلى حال جديدة لإشتراك المجتمعات السودانية في موارد الإنتاج ووسائله وفي السلطات الناظمة لهذه الموارد والوسائل بهدف تنمية هذا الإنتاج والإرتقاء بعدد وتوزيع خيراته وشيوع هذه الخيرات على مجتمعاته في تحسين متوازن لمعيشتها وفق حاجاتها وقدراتها الحقيقية بالتنمية المتوازنة لإمكاناتها المحلية والدولية في حال إشتراكية قاسطة لهذه الموارد والجهود والسلطات وبناء متصل لشيوع تملك الناس أمور حياتهم المادية والثقافية.
2- في الظروف العالمية والمحلية لنشاط الحزب: أ - في الترابط بين الأزمة الوطنية والأزمة الدولية: ينشط الحزب الشيوعي السوداني لتحقيق أهداف دستوره في عصر تتأزم فيه حوالى 190 دولة رأسمالية أصيلة أو تابعة بالقهر والمظالم والحروب التي تغذي بعضها بحيث أصبحت الحاجة واضحة إلى ربط تناول قضايا الحرية والعدالة والسلام في العالم كما أصبح واضحاً أيضاً إتصال هذه القضايا بصورة عضوية مع طبيعة التنظيم الإقتصادي الإجتماعي السياسي للمجتمعات وثقافاتها، وكذلك إتصل هذه القضايا جملةً بطبيعة النظام العالمي لتوزيع الموارد، الذي يتطلب تغييره العام حدوث تغيير شامل في كل دولة ويتصل هذا التغيير في كل دولة بتغيير مماثل جذري وشامل في كل إقليم منها وفي عموم مجتمعاتها.
ب- الطبيعة الطبقية المتنوعة للأزمة الوطنية والعالمية: النظام المأزوم السائد في العالم وأكثر دوله ومجتمعاتها نظام تراتبي طبقي إستعلائي ذي ثقافة عنصرية بسمات طبقية وعرقية ولغوية وأخرى دينية ولادينية متنوعة تغذي بعضها البعض، فإن النضال الجماعي الشامل ضد هذا الطاغوت يتطلب وحدة نظرية وعملية في تناول أموره وشمولاً في تناولها لايصطنع تجزئة جهة واحد منها دون الآخر، كما يتطلب عمقاً في إقتلاع جذورها الطبقية المختلفة وقلب تربتها الماثلة في هيئة التملك الرأسمالي الخاص لموارد المجتمع العامة والإنفراد بثمراتها مما تنتهي حالة تفاقمه وعولمته الحاضرة إلى المآسي المشهودة في بلادنا والعالم وإلى كثير من الكوارث والحروب التي تفوق نتائجها السالبة بعض الفوائد التي تظهر منها.
ج-التحولات والأزمة: وفي العقود السابقة طرأت تحولات عظمى في جميع جوانب الحياة في العالم لعل بعضها الأكثر أهمية ماثل في زيادة وتائر الإستعمار الحديث بعد حل الإتحاد السوفييتي وتحول مراكز قوة الحركة الوطنية الديمقراطية والإشتراكية في العالم من روسيا وشرق أوربا إلى آسيا الصين والهند وأمريكا الجنوبية وجنوب أفريقيا وإلى عمق أرياف عدد كثير من الدول، ورافق هذا التحول إرتفاع وتائر الأزمة العالمية للإمبريالية وهي الأزمة الماثلة في التناقض بين حاجاتها إلى توسيع الأسواق وتضررها من هذا التوسع وإتجاهها من ثم إلى تشديد تحكمها في موارد المجتمعات عن طريق الضغوط الإعلامية والمالية والسياسية والعسكرية المتوالية إلى حد خصخصة وعولمة الموارد أو التمزيق والإحتلال الذي أضحى أيضاًذمكلفاً للمحتلين ومخسراً لمشاريعهم الإستعمارية.
د- بعض دروس الأزمة:
1- على المستوى العملي: أكدت التحولات الدولية والسودانية أهمية الترابط بين الإشتراكية والديمقراطية والتغيير الجذري الشامل لأوضاع المجتمعات، فنتيجة لتجزئة تناول هذه التركيبة المثلثة تفاقمت التناقضات الثانوية وتآكلت كثير من النضالات الشعبية والحزبية والوطنية والدولية.
2- على المستوى النظري: كرست هذه التحولات خطل كثير من التنظيرات والتناولات الشعاراتية سواء الجانحة إلى الموضوعية مثل الليبرالية، الإنفتاح، والطريق الثالث، والتنمية بالديون، أو التنمية بإستيراد الألات، أو التنمية بتعديل المسميات، أو خطل الأفكار والتنظيرات الجانحة إلى الذات والأحدية والصهر والتفرد مثل الحركات الفاشية والدينية بأصولها الإقطاعية أو البدوية، وقد خبأت نيران كثير من الحركات الثقافية والدعاوى السياسية التي عاشت طفيلية البرجوازية الكبيرة والصغيرة متغذية بالتباينات الفكرية والعملية أو بمحاولة صهر أو جمع أطرافه أو بعضها سواء في الدعاوى الأصولية أو دعاوى التجديد الأيديولوجي أو دعاوى الحداثة الجزئية وما شاكل ذلك من دعاوى ونضالات إشتراكية جزأْت ضرورة الربط بين ضرورات الإشتراكية والديمقراطية والتغيير الجذري وأبخست بضرورة أحدها الضرورتين الأخريتين اللازمتين لحياته وتطوره.
هـ - الآثار الواقعية للتحولات العالمية والمحلية: ألقت مواشجات الأزمة العالمية للإمبريالية والنظام الرأسمالي العالمي لتقسيم الموارد آثاره على طبيعة الإنتاج والحياة في العالم وفي السودان ومن أهم هذه الآثار الملموسة لهذه التحولات التفاوت الطبقي الشديد في الأحوال الإقتصادية-السياسية وفي الأوضاع الإجتماعية وثقافاتها ومن ذلك يمكن الإشارة إلى الوضع المتفاقم الماثل في المجتمعات السودانية في مختلف اقاليمها حيث يلاحظ: الإنخفاض المريع في معظم مؤشرات الحياة بالنسبة لغالبية السكان رغم الإرتفاع النسبي الظاهري في الأجور والعائدات وبعض التحسن النوعي في الإمكانات، ومع هذا الإنخفاض يظهر الإرتفاع المذهل في مستويات الحياة والإستهلاك المسرف بالنسبة للفئات الرأسمالية التي تعيش في مناخ الإستغلال الطبقي بتجارته الدولية المخسرة ومشاريعه الزراعية ومصانعه وبنوكه ومايتبعه من ديكتاتوريات مدنية وعسكرية وفساد وطفيلية وإمتيازات وفوارق طبقية تعكس في تركيزها وتبديدها للموارد والأموال وتهميشها للناس ثقافة عنصرية تثير في المجتمع كثير من المواجع والمحن والتمردات والحروب والتعارضات والإتفاقات السياسية المشوهة التي تتيح إمكانات جديدة لتفاقم النزاعات بحكم إنعزالها عن معالجة أزمة الإستغلال وطبيعته الطبقية المتعددة الأشكال.
3- الضرورة النظرية والعملية لوجود برنامج جديد للحزب الشيوعي السوداني: أ- فرز المهام النظرية والعملية الضرورة لتقدم المجالات الرئيسة في الحياة السودانية ووصف التغييرات المطلوبة لها ب- التحقيق النظري-العملي للحيوية التاريخية العلمية والإجتماعية لأيديولوجيا وأفكار الحزب الشيوعي جهة قضايا الواقع ج- الإستيعاب الناقد لتراكم المتغيرات الموضوعية والشكلية في الحياة السودانية والعالمية منذ آخر مؤتمر للحزب.
4- الخط الرئيس لتركيب البرنامج: تشكلت معالم تركيب هذا البرنامج بالنظر إلى ما في السودان والعالم من تفاقم التفاوت الطبقي الشديد بين أقلية مترفة وأغلبية مستغلة ومهمشة وما رافق هذا التفاوت الطبقي من تفاقم في الصراعات وفشل في حلها بكافة الصور الجزئية التي سارت عليها الحلول تحت الشعارات الوطنية أو القومية أو الإشتراكية أو الإسلامية مما يتبدى في أحوال المجتمعات وما تعانيه من قهر وإستغلال وتهميش وحروب حيث تظهر بذلك كما سبق القول الصلة الموضوعية الوثيقة بين قضايا الحرية والعدالة والسلام وقضية التركيبة الإقتصادية الإجتماعية السياسية الثقافية لتوزيع الموارد في السودان والعالم وضرورة تناول هذه التركيبة الرأسمالية المزدوجة إلى مراكز رأسمالية أصيلة ودول وأقاليم تابعة وتغييرها بصورة جذرية تتعاقد فيها المحركات والقوى والتغييرات الإشتراكية والديمقراطية بقضية التغيير الجذري الشامل والتنمية النظرية والعملية لمفاهيم الثورة الوطنية الديمقراطية التي كانت إلى حد ما وبصورة دقيقة تفصل بين هذه التغييرات وتجزئي تشكيلاتهم، والتغيير عن ذلك الأسلوب القديم إلى هذا الإتجاه الجديد الشمولي المضاد للجزئية. من هذا الخط الموجب بربطه قضايا التطور الوطني الديمقراطي والإشتراكية والديمقراطية بقضية التغيير الجذري الشامل لتركيبة توزيع الموارد في السودان يتقدم البرنامج الجديد للحزب السوداني على ثلاث نقاط سالبة متأخرة فكرياً وعملياً سادت الحزب في الفترة الماضية حيث يتجاوز هذا البرنامج الإتجاهات التي تتجنب الصراعات الموضوعية الطبقية والإقليمية وتعمل على الإنعزال عنها بدعوى ضعف الحزب أو تأمينه، كما يتجاوز هذا البرنامج الإنكفاء على بعض قضايا التغيير الديمقراطي الفوقية دون جذورها الإقتصادية الإجتماعية، كذلك يتجاوز هذا البرنامج إتجاهات الإنكفاء على الشعارات الوطنية الديمقراطية أو الضجيج بالحداثة والعلمية والمجتمع المدني في مجتمع يئن أبناءه بل ويموتون موتاً بطئياً أو موتا سريعاً بأبشع الأشكال وأوحشها جراء موبقات الإستغلال والإستعمار الحديث ومرابيه الإستعمار الداخلي، وبهذه الخطوات الثلاث إلى الأمام يستوعب البرنامج القيم النظرية والعملية التي إنتهت إليها طريقة (السير) والمراوحة بخطوة إلى الإمام وخطوتان إلى الخلف المسببة أو الناتجة من تجزئة أيديولوجيا الحزب أو تقسيم الواقع بصورة نظرية غاضة للنظر عن ترابطاته العضوية الداخلية والخارجية.
هذا البرنامج هو مجرد ثلاث خطوات ضرورية في عملية التغيير الإجتماعي الأكثر إشتراكية وعلمية التي تندرج فيها جملة الأحزاب الشيوعية في العالم وهو بطبيعته قاصر عن التناول الدقيق والمفصل جداً لكل المسائل الأساسية التي يتناولها، ولكنه في هذا التناول يحاول أن يقدم جزءاً نظرياً عملياً خلاقاً من عزم وإرداة الحزب الشيوعي السوداني في حل الأزمات الرئيسة في الموارد والسلطات والأوضاع الإجتماعية والثقافية التي تواجه مجتمعات السودان وفي قلب هذه المجتمعات الطبقة العاملة وعموم الكادحين الذين يعانون من الإستغلال والتهميش الطبقي المباشر والإقليمي حيث ينتجون حوالى80%- 90% من جملة الناتج القومي وفيوضه ولا ينالون عند توزيعه إلا حوالى 10%- 15 % منه بينما يذهب أكثره إلى الفئات الرأسمالية المستغلة بأشكالها المختلفة.
وضمن الحلول المجربة تأكدت في تاريخ السودان وعدد من الدول المماثلة والمختلفة عنا النواحي السلبية لفصل القضايا العامة للحرية والعدالة الإجتماعية والسلام عن بعضها مثلما تأكدت النواحي السلبية لفصل الإشتراكية عن الديمقراطية عن التغيير الجذري الشامل ومن هنا تأتي طبيعة التفريد الموضوعي للمجالات والتغييرات المطلوبة فيها مواشجة لطبيعة التبلورالإجمالي الدقيق لها وتشكلها في الواقع بقوة النضال الحزبي النظري والعملي المتنوع والمتواشج في المجالات النقابية والمجالات الثقافية وفي نطاق حركات التحرر الإجتماعية والإقليمية في السودان، وكذلك على النطاق العالمي حيث لا يمكن عزل قضية الإستغلال الإقتصادي الإجتماعي في المدن عن قضية الإستغلال الإقتصادي الإجتماعي في الريف والأقاليم المهمشة، ولايمكن عزل قضيتي الإستغلال والتهميش في المدن والإرياف، عن التقسيم الرأسمالي العالمي لموارد المجتمعات وإنفراده الإمبريالي بها في عنصرية غاشمة، من هنا يأتي خط تركيب هذا البرنامج في الوحدة الموضوعية لمشكلات السودان والعالم والوحدة الموضوعية للتغييرات الجذرية في المطللوبة في مجالات الحياة الأساسية في توزيع الموارد والسلطات وإحترام التنوع الإجتماعي وحقوق الإنسان والإحياء الفعلي والعلمي للثقافات الوطنية بذخر مجتمعاتها وأقاليمها بمقومات الحياة المادية والمعنوية.
برنامج الحزب الشيوعي السوداني في المجال السياسي:
1- في التعريف بالدولة والطبيعة الرأسمالية لأزماتها بأشكالها المختلفة: الدولة في بعض تعريفات القانون شعب وإقليم جغرافي وسيادة ووشائج طبيعة وثقافية جامعة بينهم، والدولة كمنظومة حكم وتوزيع للموارد وضبط للحقوق والإلتزامات بين الناس ثلاث سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وتمتاز كأي تنظيم بالتمركز ولكن الطبيعة الرأسمالية التابعة للدولة السودانية وقوانينها مثل كل الدول التابعة للمراكز الرأسمالية في العالم وقوانينها قننت تسلط مصالح الطبقة المتملكة لموارد المجتمع على أجهزة الحكم منفردة فيه بتقرير مصالحها الرأسمالية بالتراخيص والإعفاءات والإتفاقات والإستيراد السفيه والديون والفساد والإستبداد دون إكتراث لطبيعة مفاقمة هذه المصالح لأزمات الإستغلال والتهميش الماثلة في زيادة العددية والبنيوية لأوضاع الفقر والأمية والتخلف والأمراض والحروب في المجتمع والدولة وفقدهما لكينونتهما ووجودهما.
ب- فمن جهة خارجية إرتبطت حياة الدولة السودانية (المستقلة) عضوياً بالحياة الإقتصادية السياسية الرأسمالية الدولية في العالم وثقافة مؤسساتها السوقية والمصرفية التي تحدد قدرة الدولة وعملاتها على التبادل الإقتصادي والثقافي الدولي للمنافع، كان إرتباط الدولة الرأسمالية في السودان بالحياة الإقتصادية الداخلية -ولم يزل- إرتباطاً فوقياً من ناحية سوقية تجارية تهتم فيها الدولة بجمع الضرائب التي توفر بها الموارد للخارج الرأسمالي ولأفراد هيئاتها الحاكمة وما يتبقى يدفع لتقديم بعض الخدمات لمحكوميها.
ج- التناقض الرأسمالي بين هذين الإرتباطين المتعارضين في الخارج الداخل يزيد فشل الدول الرأسمالية التابعة ومن بينها السودان في حل أزمات الوضع الذي يفرضه عليها التنظيم الرأسمالي العالمي للموارد وتوزيعه السوقي المجحف لها: فمن جهة خارجية يمارس التنظيم السوقي الرأسمالي للموارد تبخيساً متافقماً في التجارة الدولية لصادرات الدولة ويفرض عليها أسعاراً باهظة لصادراته إليها مما يضعف القدرات الإنتاجية للدولة ويفسدها، ومن جهة ثانية يؤدي هذا الإستضعاف إلى فشل الدولة في القيام بالحد الأدنى من واجباتها ويشدد فيها التوترات والأزمات خاصة ما إذا كانت الدولة تتبع في تنظيمها الداخلي للموارد ما ترفضه في المجال الدولي من سوقية ومركزية رأسمالية وإحتكارات طبقية للموارد والخدمات، وقد زادت أزمة الدولة في السودان بإستمرار هيئاتها الحاكمة الليبرالية والبيروقراطية في السير في الطريق الرأسمالي محلياً ودولياً، مما إرتبط بإستبداد الحكم وفقر الشعب ودمار ونهب قدراته الإنتاجية وشظف حياته ومعيشته بالسوقية العشواء وزيادة التفاوت الطبقي وتفاقم الأزمات الإجتماعية والثقافية وتفكك هيئات الدولة وفسادها وتقطع أرحام المجتمع فئات كانزة مترفة مسرفة متعالية تنوء بها الطبقات الكادحة الممحوقة والأقاليم المهمشة التي تقدم حوالى 80% - 90 % من دخل الدولة التي تعيد لها الفتات أو أقل مما فقدت به الدولة السودانية بالتدريج المشروعية والسيادة السياسية على المستوى الشعبي وصارت شرعيتها وسيادتها السياسية رغم كل التحسينات اللامركزية والإقليمية والإتفاقات الثنائية على المستوى الدولي إلى زوال إذ تقطع المؤسسات الدولية الرسمية والمؤسسات الدولية المدنية كل يوم طرفاً من السودان تضعه تحت وصايتها، وفي يحموم الإستبداد والإنفراد السياسي والإنفصام بين وجهي العملة الليبرالي والبيروقراطي قد لا يدري بعض الناس غياب وكيفية ضياع هذا الطرف وقد لا يعرفون كيفية إستعادته، ومن هنا تأتي طبيعة معالجة الحزب لموضوعات المجال السياسي والدولة وأزماتها معالجة مفصلة نسبيةً توضح بصورة عامة الإجراءات المطلوبة فيه لعلاج الأزمة وحل تناقضاتها على النحو التالي.
2-- مجال فلسفة الحكم ونظام الدولة: أ- إلتزام فلسفة حكم الدولة بالأصول العلمية الإجتماعية في أنساقها الإشتراكية لقضايا الحرية والعدالة الإجتماعية والسلام والمعالجة الجذرية الشاملة لكينوناتها في بنيات الإقتصاد والإجتماع والسياسة والثقافة المختلفة داخل المجتمعات السودانية وفي الشؤون الدولية معالجة تربطها بقضية التوزيع المتوازن لموارد الإنتاج والتوزيع المتوازن للسلطات الناظمة له وتفعيل هذا الإرتباط بخطة تنمية متوازنة علمية ديمقراطية شعبية تسثمر قدرات الناس وحاجاتهم بصورة إشتراكية فعالة تبعدهم من تكالبات ومضاربات الإنفراد بتملك الخيرات العامة لوجود وإنتاج المجتمع وعن عشواء تسويق وخصخصة الموارد والحاجات الأساسية للناس. ب- يقوم التنظيم العام للدولة وأجهزتها وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس التنظيم اللامركزي والحكم الشعبي في جمهوريات مستقلة بكامل مواردها وسلطاتها ومتعاقدة بوضوح على حقوقها وإلتزاماتها التي تسري بشكل مطابق مناسب داخل كل جمهورية منها مثلما تسري في النطاقات الموحدة بين جمهوريات السودان.
ج- بناء العلاقات الخارجية للدولة الإتحادية الجديدة على أساس تكافوء المصالح، وتوسيع الإرتباطات الإقليمية والسياسية للجمهوريات السودانية بصورة جماعية جهة المنظومة الأفريقية الشرقية والغربية والجنوبية وجهة جميع دول التوجه الإشتراكي، وتفعيل علاقات السودان العربية والدولية لخدمة هذا الإتجاه. 3- في مجال التشريع العام: أ- قيام المؤسسة التشريعة الإتحادية وداخل كل جمهورية سودانية على أساس التعاضد بين القوى الفاعلة في المجتمع وهي جملةً : القوى النقابية والمهنية والتنظيمات المدنية، القوى النظامية للدولة وحركات التحرير، القوى الحزبية والتنظيمات السياسية.
ب- يتم تكوين الموسسة التشريعية بإنتخابات تصاعدية تنظمها المؤسسات المعنية .
ج- إلتزام كافة التشريعات السارية في نطاق الدولة بكافة العهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان. 4- في مجال جهاز الدولة وسلطاته: أ- تقوم فلسفة جهاز الدولة وطبيعته العامة على كونه وحدة خدمة إجتماعية شاملة ترتبط فاعليتها بقدرته على تنسيق السياسات المختلفة في إطار المصالح الإقتصادية الأساسية لمجتمعات السودان وثقافاته التي تقرها خطة التنمية العلمية المتوازنة ومؤسسات المجتمع والدولة في هيئاتها الديمقراطية الشعبية.
ب- يتم تولي الوظائف العامة في أجهزة الدولة الإدارية بالتصعيد وبالإنتخاب من بين أكفأ القدرات في كل مجال على حدة، على أن تكون كل وظيفة محلاً للمحاسبة والإنتخاب بشكل دوري يقرر بالتوافق بين الهيئات القاعدية والهيئات الإتحادية في الدولة ويجري ضبطه بقوانين ولوائح مناسبة.
ج- تكتفي الدولة في كثير من المجالات بتقصير ظلالها الإدارية لصالح المؤسسات الطوعية والمدنية وتتوسع في ذلك حسبما تقره خطة التنمية العلمية المتوازنة ومؤسسات المجتمع والدولة في هيئاتها الديمقراطية الشعبية، وتتجه الدولة عموما إلى تحويل مؤسساتها وإداراتها الكبرى الإقتصادية والسياسية إلى هيئات تعاونية وشراكات متساوية الأسهم تتملكها الجمهوريات والأقاليم والمحافظات في كل جمهورية وإتحادات ونقابات العاملين عليها بأنصبة متساوية تخضع في توزيعها وإداراتها وضبط كفاءتها إلى وحدات ومعايير علمية وقانونية مناسبة لمهامها وللمصالح الإجتماعية المرتبطة بها عن طريق رقابة وتوجيهات الجهاز التشريعي. د- مجانية الخدمات العامة للمواطنين كإصدار الوثائق الشخصية والجوازات، والأراضي، والمياه والكهرباء والمجاري، والمواصلات، والإتصالات، والتعليم بجميع مراحله، والصحة العامة والعلاج والنظافة، وخدمات العدل والأمن والنظام العام، وإستخراج الأذون والرخص المفيدة للتطور الإقتصادي، والحق العام لجميع المواطنين في نيل هذه الخدمات العامة في اقاليمهم وجمهورياتهم وفي نطاق الدولة الإتحادية دون أية رسوم أو ضرائب إضافية سوى التي يتم إستقطاعها مسبقاً من أجورهم ودخولهم، وتغطي أجهزة الدولة ومؤسساتها العاملة في هذه المجالات نفقاتها من نشاط المؤسسات الإقتصادية الأخري للدولة.
هـ- فاعلية عناصر المجتمع وجمهورياته في السلطة التشريعية الإتحادية وإرتكاز خطة التنمية المتوازنة على تعزيز التركيبة الإشتراكية العلمية والديمقراطية الشعبية في جهاز الدولة ومؤسساتها الإقتصادية وتحقيقها لغاية تسهيل مقومات الحياة هي أساس نجاح السلطة التنفيذية في تحقيق المعني الحيوي للنظام الديمقراطي في معيشة الناس وتقليل أسباب ووتائر الفساد والإستبداد
5- في مجال القانون والقضاء: أ- المعرفة والخبرة الحقوقية أو العدلية المنظمة هي أساس العمل في الأجهزة والهيئات المتعلقة بالقضاء وأعمال المحاكم ب- المواثيق الدولية لحقوق الإنسان هي المصدر الأساسي للتشريع والمرجع الرئيس لإستنباط الأحكام عند إختلاف الأعراف المحلية أو الأعراف القانونية أو القضائية أو تعارض الإختصاصات..إلخ . ج - ينتخب أعضاء الهيئات القضائية والحقوقية ممثلين لهم ولأرائهم في أمور تنظيم المهنة وفي النشاطات العامة للدولة د- إستقلال شؤون القضاء والقضاة وأعمال المحاماة وخضوع كل منها لهيئتها التي تحدد ضوابط ونظم مهنتها وكيفية تفعيلها على أن ينشأ بينها جهاز تنسيق إتحادي له صلة بأعمال السلطات التشريعية والتنفيذية. هـ - تمول الدولة أعمال القضاء وإجراء العدالة بسخاء وتدفع الدولة أتعاب المحاماة للمعسرين بضوابط تحددها الهيئات المختصة و- تتولي السلطات الثلاثة وفق نظامها العام تقرير دواعي فرض أحكام حالة الطوارئي في البلاد وتبين أسبابها ونطاقها الزماني والمكاني وفي حالة تعذر ذلك ودعت الضرورة يمكن لرؤساء السلطات الثلاثة القضائية والتنفيذية والتشريعية أن يقرروا بالإجماع فرض حالة الطوارئي مبينين أسبابها نطاقها الجغرافي ومداها الزماني.
6- القوات النظامية: أ- في الطبيعة الوطنية والإجتماعية للقوات النظامية: في ظل التباين النظري والواقعي في القدرات والموارد والحقوق العامة والخاصة الطبيعة فإن الطبيعة المتنافرة لعناصر الوجود الدولي وعناصر الوجود الإجتماعي تتطلب وجود قوات نظامية وأمنية على أعلي مستوى من الجاهزية والإستعداد والفاعلية وكذلك من المعرفة الوطيدة بأبعاد الحقوق والقضايا الوطنية والإجتماعية والإدراك العميق لأوليات حقوق الإنسان ومجتمعاته، وطبيعة التنظيم العام للدولة وإختصاصات وحداتها ونقاط قوتها ونقاط ضعفها وإمكانات معالجاتها بصورة موضوعية تتيح لهذه القوات تطوير قدراتها والتحول من عصا للحكومات ضد مجتمعات إلى كينونة فاعلة مع وحدات المجتمع الأخرى في تحقيق الأمان لعملية تنمية متوازنة ديمقراطية شعبية كما تسهم فيها بجهود منتسبيها في أعمال التعمير والهندسة والتمويل والمساعدة الفنية ..إلخ مما يرسخ الشعارات الشعبية القديمة عن وحدة الجيش والشعب وخدمة الشرطة للشعب والأمن للبلد لا لحاكم مستبد وغير ذلك بعيداً حالة الكره المتبادل مع الأنشطة السياسية والمدنية التي زرعها الإستعمار وعملاءه عقب ثورة سنة 1924 العسكرية-المدنية المجيدة.
ب- العوامل الأساسية في تنمية القوات النظامية: 1- الإستقرار السياسي الموضوعي بالحرية والعدالة والسلام لمجتمعات السودان، 2- تنمية القدرات الذاتية للقوات النظامية في مجالات الإدارة والتجهيز المعنوي والمادي والتسليح والتدريب والإنضباط.
2- برنامج الحزب الشيوعي السوداني في مجال الإقتصاد:
1- إيضاح بعض النقاط في فلسفة وتنظير عملية الإقتصاد: الإقتصاد هو نشاط المجتمع لتجديد حياته وزيادة منافعه بمعادلة أقل قدر من الجهود والموارد بأعظم ما يمكن كسبه وتحقيقه بها. وتتم هذه المعادلة بنشاطين أساسسين متصلين هما: إنتاج البضائع والسلع وتوزيعها. ويرتبط النشاطان بالحجم الطبيعي والإجتماعي للموارد والقوى والأدوات الإنتاجية المتاحة، وبظروف سياسية وإجتماعية وثقافية تواشج ذلك وتفاضل وتكامل الإفعال الإقتصادية للأفراد والمجموعات والمجتمعات في منظومة حياتية متنوعة يتحدد طابعها العام بالعلاقة الإنتاجية التي تحكم توزيع قوى وموارد الإنتاج وهي علاقة مركزها ملكية وسائل الإنتاج الإجتماعية. وبشكل عام يمكن تمييز ما هو أساس وقاعدي في منظومات الإقتصاد وما هو تالي وعلوي وفوقي مترئس لها، عن طريق رصد تقسيم موارد ووسائل وجهود الإنتاج وإتجاه العائدات العظمى منه. وقد ألفت العملية الإقتصادية طوال تاريخها ككل العمليات الطبيعية قطبين متنازعين كانا في القديم مع بعض التغيرات هم المستعبدين والسادة ثم تحول الأمر إلى مابين سادة الإقطاع وباشاوته ولورداته والإقنان زراع الأرض، ووسطهما فئات من البنائين والصناع والحرفيين والتجار الذين تحولوا فيما بعد بتطور الموارد والألات ووسائل الإنتاج والحاجات والقدرات إلى طبقة رأسمالية صناعية تغذت نوعاً ما من تجارة العبيد ومن الإستعمار الأوربي لأمريكا وإبادة شعوبها القديمة ولأنحاء العالم الآسيوي والأفريقي والأسترالي وخلقت النمط الصناعي في الإنتاج لأجل الربح وشكلت بقوة قطبيها الإجتماعيين المتنافرين الحديثين وهما قطب الطبقة العاملة الصناعية وعموم الكادحين، وقطب الطبقة المالكة الرأسمالية، وبينهما طبقة وسطى ينافق زعمائها بمصالحها بين الطبقتين.
ورغم طابعها الرأسمالي العام فإن العملية الإقتصادية تختلف في أفريقيا مثالاً عنها في أوربا ففي بلدان المراكز الرأسمالية تتميز بطبيعة تركيزها رؤوس الأموال المصرفية والتجارية والصناعية مجتمعة مع القدرات والسلطات الإعلامية والأمنية والسياسية والعسكرية في هذه الدول المتحكمة من حالة الإستعمار القديم وآثاره في قدرات الدول الغضة اليافعة التي صارت مكبلة بعلاقات الإستضعاف والتبعية الرأسمالية بالدول المركزية المسيطرة بينما العملية الإقتصادية في الدول الرأسمالية التابعة وهي أغلب دول العالم مفككة عضوياً وظاهرياً مشتتة الموارد والقوى مناقضة لبعضها بصورة أشد مما هي متكاملة مع بعضها، ونتيجة هذا الضعف البنيوي أضحت كفتها ضعيفة في ميزان الإنتاج والتوزيع المنصف لمواردها بصورة قاسطة في مجتمعها مما يعف أكثر قواه الإنتاجية وفي ميزان التبادلات الدولية مما رمى دولتها ومواردها وقدراتها بالأزمات والديون والخصخصة والعولمة زائدا فيها الحرمان والتذمر والإستبداد والبطش بصورة أكبر عما كان يحدثه الإستعمار القديم القائم على توسيع إستغلال الريف والإنماء البطئي للمدن والمدنية وفق متطلبات شركاته القابضة مما كسرته حركات التحرر الوطني ولكن هذه الحركات فشلت بطابعها الملتبس وظروف الحرب الباردة في أن تأخذ جهة الرأسمالية أو ان تأخذ جهة الإشتراكية مما زاد البلدان الرأسمالية التابعة ضعفاً وخار بقواها الإنتاجية والسياسية ومزق مجتمعاتها وبدد ثقافاتها وأخفت ما تبقى لها من إشعاعات حضارية قديم.
ويمكن القول بان نضالات التحرر الوطني ومكاسبها وخسائرها فتحت بشكل جدلي أفق موضوعي لإكمال مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية وربط عمليات التنمية بقضايا الإشتراكية والديمقراطية المحلية والدولية والتغيير الجذري الشامل للأوضاع الإقتصادية السياسية والإجتماعية الثقافية في نطاق ترسيخ الأسس الموضوعية للحرية والعدالة الإجتماعية والسلام بأوطان إشتراكية متقدمة يشترك الناس في مواردها وسلطاتها إشتراكية فعالة متطورة.
1- القضية الأساسية في مجال الإقتصاد، والمطالب الأساسية لتجديد قطاعاته: 1- الإستراتيجية الإقتصادية لعملية التنمية المتوازنة ووسائل تحقيقها: أ- يهدف هذا البرنامج إلى تناول قضية التنمية المتوازنة كقضية تكتيكية وإستراتيجية وتحقيقها من منظور إقامة وحدات إقتصادية سودانية متكاملة في داخل البلاد وحتى في خارجها قابلة للتبادل المريح مع الوحدات الإقتصادية الأخرى في السودان والعالم وفق مبدأ الوزن المخطط للمصالح المتبادلة والزيادة الكمية والنوعية للمنافع.
ب- والتبادل الحيوي المنظوم حسب المصالح والحاجات والقدرات بين المجتمعات السودانية وبعضها ومع المجتمعات الأخرى في العالم هو الطريق الأسلم لخروج مجتمعات السودان من حالات النقص والتكالب إلى حال للكفاية في الضرورات وبعض الكمالات والعدل في توزيع موارد ووسائل وجهود وخيرات إنتاجها ولكن تحقيق هذا التبادل يرتبط بضرورة نشاط مؤسسات المجتمع والدولة في التخطيط وفي التنفيذ نشاطاً عاماً متصلاً منظوماً يلعب فيه الحزب دوراً فاعلاً في الدعوة والحشد والتنظيم له.
ج- يتطلب تحقيق فاعلية مستدامة لهذا التبادل دفع قدرات العمل الفردية والجماعية ومضاعفتها بعلاقات إنتاج إشتراكية متنوعة في أشكالها بداية من التعاون والشراكة تناسب قدرات وقوى ومصالح السيطرة الشعبية على مقاليد أمورها وفق مساطر إجتماعية وعلمية في كل مجال تزكيها الأعمال العلمية الجماعية بخطة علمية للتنمية المتوازنة تضع خطوطها العامة وتقرها هيئات الدولة الديمقراطية الشعبية.
2- الطبيعة العامة لقضية الإنتاج وعلاقاته: أ- تتصل قضية الإنتاج والتطور العددي والنوعي في الإقتصاد بصورة عامة بقضايا التطور السياسي والإجتماعي والحقوقي والثقافي من خلال علاقات الإنتاج والمدى الذي تتيحه لسواد الناس في تملك مواردهم وووسائل عيشهم وجهودهم، من هنا لابد أن تتصل أي محاولات جدية لإستثمار الموارد أو توزيع الفوائض الإقتصادية بإزالة علاقات الإنتاج القديمة التي أعاقت التطور العام لمجتمعات السودان وأضعفتها وفرقتها ومزقتها مثل بقية مجتمعات الدول الرأسمالية التابعة. ب- كانت العلاقات الإنتاجية المتخلفة عن حاجات الناس - ولم تزل- مرتبطة بالتملك الفردي الخاص للموارد العامة لتنميتها في مجتمع تسوده الأمية والأمراض والفقر وفي ذلك تقاصر العمر الرأسمالي والحياة في السوق من 20 سنة إلى بضعة شهور وفي بعض الأحيان إلى بضعة أسابيع أو أيام، وينتهي أغلب المسجلين في السجل التجاري إلى دائرة الإفلاس أيما كانت نواياهم وقدراتهم. وأظهر قطاع العمل المأجور شموله وضعفه في الحياة العامة حيث يعمل به العدد الأكبر من السكان النشطين إقتصادياً ولكنه حسب معدلات الفقر لايفي بحاجات أكثر من 90% من السكان. وفي دائرة إنتهاء النشاط الخاص إلى الديون والسجون والحروب تتمركز دائرة أضيق للمنتفعين بهذا النظام الرأسمالي تتعدد وجوهها العلمانية والإسلامية والحزبية والإقليمية ولكنها تظل في النهاية دائرة عنصرية لفئة الجلابة وسيطرتهم التجارية والمصرفية والسياسية على الدولة السودانية بكل أجهزتها وكل مجتمعاتها وثقافاتها وأزماتها. من هنا تأتي الضرورة الموضوعية لتجاوز هذه العلاقات الإنتاجية المتخلفة والمدمرة الأحدية إلى علاقات أرحب وأفيد أكثر إشتراكية وأغزر إنتاجاً وخيراً للغالبية العظمى من الناس الذين أضنكتهم العلاقات الأولى بزيادتين متواليتين نقيضتين لبعضهما وهما زيادة العمل وزيادة الفقر.
ج- يتطلب بناء العلاقات الإنتاجية الجديدة في الدولة السودانية تقديم الأشكال العملية في التعاونيات والشراكات في المشروعات الإقتصادية المختلفة الكبرى منها والصغرى وخضوع ملكيتها وسياسات إداراتها لنقابات العاملين أو إتحادات المزارعين المتصلة بها خضوعاً تاماً وذلك لتحقيق الإنتقال الإقتصادي الإجتماعي والسياسي والثقافي من النظام القديم وفق قدرات وجهود ومصالح المستفيدين من النظام الجديد على تنوع أرائهم وأقاليمهم وإنتماءاتهم والخروج بمجتمعات السودان من نظام الإفقار والتنازع إلى نظام مفيد للإثمار والرشادة الإقتصادية وتكامل الجهود والقدرات وتوافق المصالح الإجتماعية-الإقتصادية والسياسية.
د- ويقتضي أمر التجديد الجذري لعلاقات الإنتاج مصادرة مفسدات التخطيط والتنظيم الإقتصادي الوطني الماثلة في طبيعة ملكية المبهمة والفردية لعديد من المؤسسات والمشاريع الإستراتيجية أو المتصلة بها ويطرح هذا الأمر أهمية تأميم كثير من المؤسسات التي تمت خصخصتها وفي مقدمة تأميم جميع مؤسسات الموارد والخدمات العامة التي خصخصت جزئياً أو كليا ووضعها بالكامل تحت سلطة الشعب والهيئات النقابية الشرعية لإدارييها وعمالها، وتصريف أمورها كتشاركيات أو تعاونيات بسياقات جماعية كبرى أو صغري حسب حجمها الإقتصادي وطبيعتها التقنية في جملة الإقتصاد الوطني العام وعملية تنميته تنمية متوازنة وما تمثله في هذا الشأن من كينونة إقليمية-سياسية مثل مشروع الجزيرة أو السكك الحديد أو الإتصالات أو الكهرباء والمياه أو النفط أو المواني...إلخ
3- الشكل العملي للتغيير في عملية الإنتاج وعلاقاته: والحديث العام عن الأزمة الشاملة وإتصال الخروج منها بعلاقات إدارة وتملك وإنتاج جديدة لا يغني عن طرح الحزب لمطالب وحاجات تنمية قطاعات الإقتصاد الأساسية وإيضاح الطبيعة والفائدة الموضوعية والعملية لهذه المطالب وفتح التصور العام لإستيعابها وإثراءها وتنميتها فبرنامج الحزب يتطور بالعرض الذكي والصبور للجماهير وبالإستلهام العلمي الناقد لأرآءها وتصوراتها ودراسة وتحقيق مطالبها الموضوعية ومن ذلك يأتي تقديم الفقرات المفصلة للمطالب والإتجاهات اللازمة لتجديد وتنمية قطاعات الإقتصاد تنمية متوازنة في أعداد ونوع عناصرها وذلك على النحو الأتي بيانه:
1- المطالب والإتجاهات اللازمة لتجديد قطاع الزراعة والرعي بأشكاله: ترتبط هذه المطالب والإتجاهات بكون الزراعة والرعي تمثل المصدر الحيوي لمعيشة المجتمعات السودانية والكيان الفعال عدداً ونوعاً لإستيعاب الموارد الطبيعية من مياه وأراضي والموارد الإجتماعية الماثلة في جهود ملايين البشر وهي مطالب وتوجهات تتصل بعدد من النقاط منها: أ - تمليك الأراضي الزراعية مهما بلغت لإتحادات المزارعين ب - تحويل إدارات المشاريع إلى هيئات خاضعة لإتحادات المزارعين لقاء نسبة مئوية من عائدات المشروع لها للدولة ج- زيادة الدولة للإمكانات التقنية والمصرفية والتعليمية والإرشادات العلمية والمساعدات التجارية لعمليات الزراعة والرعي د- ربط تجارة الماشية بإتحادات الرعاة والتوسع في الإتجاه بها إلى التصنيع الداخلي بأنواعه بمقادير متوازنة. هـ- ربط الإنتاج الرعوي بإمكانات زراعية وبيطرية وخدمية وصناعية وتجارية مواشجة لعلاقات تعاقدية متنوعة ترعاها الدولة و- تحويل المصارف والبيوت التجارية المختصة في هذه النشاطات إلى شراكات وتعاونيات وشركات مساهمة يكون لإتحادات المزارعين والرعاة ومؤسسات خدماتهم نصيب الأسد فيها بينما تحول إداراتها إلى أيضاً إلى شراكات متخصصة في الإدارة. ز- توازن سياسة الدولة إتجاهات الزراعة التقليدية المحدودة بكفاء متطلبات العيش وإتجاهات الزراعة الواسعة لأجل النقود ح- تعفي جميع الأنشطة الزراعية والرعوية وما يتعلق بها مباشرة أصلاً أو فرعاً من أية ضرائب أو رسوم ط- المؤسسات الزراعية تؤدي نفقاتها بنشاطها الخاص وفق خططها الديمقراطية الشعبية ك- تدعم الدولة بأشكال مباشرة أو غير مباشرة الإحتياجات الأساسية للنشاط الزراعي والرعوي وتقوم بتخديم قواها وعلاقاتها الإقليمية والداخلية والدولية في هذا السياق. ل- تخطط الحياة السياسية والثقافية بأولية لهذي القطاعات وما قدمته طوال ألاف السنين قوبلت فيها بالإستغلال والتهميش والحرب ومن مقومات هذه الأولية لحياة المزارعين والرعاة النقاط الثلاث الآتية: ا- تمثيل هيئاتهم ضمن هيئات العاملين بصورة تناسب عددهم وإسهامهم في الحياة والتطور الإجتماعي 2- تكريم المتفوقين في أعمال الزراعة والرعي، والإهتمام بنشاطاتهم وأخبارهم ومنحهم ما يستحقون من تقدير معنوي ومادي 3- الزيادة والتنويع العددي والعملي للخدمات التي تقدمها الدولة من دخل النفط والموارد المعدنية للمجتمعات الزراعية والرعوية.
2- المطالب والإتجاهات المتعلقة بالصناعة: أ- تحويل مؤسسات الدولة الصناعية أو ما تبقى منها بمختلف أشكالها إلى شراكات وتعاونيات لنقابات وإتحادات العاملين فيها ب- التشجيع الضرائبي لتجميع أو توزيع الورش ومحلات الإنتاج الحرفي بمعايير خطة التنمية المتوازنة ج إعفاء جميع المؤسسات الصناعية العامة والخاصة من الضرائب والرسوم والجمارك د- تسهيل إمكانات الدعم المصرفي والعلمي والتجاري والخدمي للصناعات وفق الخطة العامة للتنمية المتوازنة هـ -تأسيس البنية التحتية للصناعة بما في ذلك من تنقيب وصناعات أساسية وخدمات عامة و- توزع وتكامل الإنتاج الصناعي وحداته وانواع نشاطه حسب إمكانات تنسيق الحاجات والقدرات ز- ربط الدخل بالإنتاج على ثلاث:1- وسيلةالعمل 2-العمال والهندسة والتنظيم والإدارة، 3- الدولة. الدعم العام من الدولة ومؤسساتها وفق خطة التنمية لعلمية لمؤسسات المجتمع
3-- المطالب والإتجاهات المتعلقة بالخدمات العامة:
1- الطبيعة العامة للخدمات العامة والنقود والأموال: أ- الخدمات العامة حق أصيل للإنسان يتقرر له من مولده في المجتمع بإعتباره عضواً في وجزءاً من جماعة منتجة وهو يتلقاها ويستخدمها ويبيح إستخدامها دون أية قيود مالية أو إدارية أو أي تمييزات سوى المتعلقة بالصحة العامة والإلزامات القانونية، وتسير مؤسسات المجتمع والدولة هيئات الخدمات العامة وفق الخطة العلمية للتنمية المتوازنة المقرة من الهيئات الديمقراطية الشعبية. ب- المبدأ العام لهذا البرنامج في تكييف طبيعة الأمور المالية وصياغتها وتداولها في المجتمع والدولة فبإعتبارها أداة لتبادل المنافع ومعيار شكلي للقيم الحقيقية الكامنة في المنتجات المختلفة ومخزن لهذه القيم أخذت تحل محله كروت الإئتمان والدفع وغيرها وهي يجميع هذه التأصيلات والصور تمثل وسيلة عامة لأداء وإقتضاء الحقوق والإلتزامات الفردية والجماعية الخاصة بدفع قيم مالية معينة إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين في الآجال وبالأشكال المنصوص عليها، برمزها لقيم وجهود عينية وأعمال مبذولة، وتصدرها الدولة بواسطة سلطة خاصة هي البنك المركزي بالضوابط المحققة لفوائدها العينية والمعنوية المتعارف عليها.
2- تكوين وطبيعة البنك المركزي وإدارته: أ- يتم تكوين أصول وإدارة البنك المركزي من ممثلي الأقاليم في النطاق المحلي والجمهوريات في النطاق الإتحادي ويشترك معهم ممثلو الهيئات الإنتاجية والخدمية الكبرى في الدولة وممثلين للنقابات وللإتحادات التجارية والصناعية وفق دورة إنتخابية تؤمن للبنك عنصري الفاعلية والإستقرار وتكفل للحياة الإقتصادية عناصر التوازن والسرعة والآمان. وهو السلطة العليا في الأمور النقودية وجزء من ألية الدولة العامة لإدارة الأموال بما في ذلك من وزارات وهيئات مالية وإقتصادية. ب- يحدد البنك المعايير والإجراءات الضرورة لجريان أعماله وسلاستهاا وفق ما تراه إدارته بإستقلالية وتكامل مع الإستراتيجية الإقتصادية العامة للدولة وخطتها الديمقراطية الشعبية للتنمية المتوازنة ووفي تحقيقه لدوره يتوائم البنك المركزي بقدر لا يمس هذه الإستراتيجية والخطة مع متطلبات النشاط الرأسمالي الدولي في حركاته المالية والتجارية الضرورة لخدمة مصالح البلاد.
3- الخدمات العامة التجارية: أ - تتولى الدولة بنفسها أو عبر وكالاتها وتراخيصها أمور الإنتاج والتوزيع الأساسية،
ب- التوجيه العام للحركة التجارية والمالية المحلية والدولية وفق التخطيط الشعبي والخطة العامة للتنمية المتوازنة بحيث يتم هذا التوجيه بالأدوات الإقتصادية والضرائبية المألوفة والمناسبة التي تحفظ إستقرار الادوات التجارية والمالية وتوجه الإستثمارات إلي ما هو أفيد موضوعياً لقضية التنمية المتوازنة . ج- تمارس لهيئات التجارية والمالية الخاصة أعمالها بحرية وفق الأسس والضوابط وتفرض عليها ضرائب متناسبة عكسيا مع الفوائد التي تحققها للدولة القطاع المصرفي ونشاطات الزراعة والتصنيع والتصدير وتشييد مرافق الخدمات العامة فكلما زادت نشاطاتها في هذه المجالات قلت عليها الضرائب.
هـ- تدعم الدولة الإتحادات التجارية والتشاركيات والتعاونيات عند قيامها بإنجاز أعمال كبرى ضمن الخطة الإقتصادية وتسهل لها أعمالها وتمولاتها الخارجية المتصلة بخطة التنمية.
و- الغرفة التجارية والهيئات المماثلة كإتحاد أصحاب الصناعات وإتحاد أصحاب العمل وإتحادات المقاولين وإتحادات الأعمال الهندسية ومجالس رجال وسيدات الأعمال وإتحادات الإنتاج الحرفي المواشجة لها وإتحادات أصحاب الحافلات ..إلخ تشكل بالتوافق العام الهيئات التي تمثلها في أعمال المجتمع والدولة.
4- 1- الخدمات (الحقوق) العامة: أ- توفير الخدمات العامة (الإسكان المياه والكهرباء والنظافة والإتصالات، والمواصلات والصحة والتعليم والإتصال وخدمات الثقافة (المشاتل والبساتين والحدائق العامة المكتبة المسرح السينما المراسم دورالرياضة وصالات الفنون والمعارض ونواحي الترفيه والإبداع) لجميع السكان مجاناً دون أي مقابل.
ب- مع توفير مقوماتها الأساسية تكمن المسألة الأساسية في الخدمات العامة في تناسب العدد والنوع المقدم منها للسكان إنسجامه مع توزعهم العددي والجغرافي والجنساني، وديمقراطية إدارتها مع رقابة شعبية- حكومية فعالة عليها.
ج- تشيد الدولة المرافق العامة عن طريق شراكات وتعاونيات محلية تلتزم الضوابط الفنية والزمانية للوحدات الإقتصادية المطلوبة. د- تراعى في تقديم المرافق والخدمات العامة سياسة الموازنة الفوارق العددية والنوعية ومقتضيات العدالة الإجتماعية بحيث تتساوى الفرص والإمكانات العامة للمواطنين، فتراعي مع ذلك التطورات العددية والنوعية في نوعية الخدمات وفي قدرات تقديمها وحاجات وقدرات إستعمالها حيث يختلف توفير المساكن وخدمات المياه والكهرباء والنظافة بالأولوية في لمواطني المناطق المعسرة عن تلك التي تحتاج لطرق أكبر، وكما يختلف توفير المواصلات للطالبات والطلاب عنه لعموم المواطنين فكذلك تختلف مواصلات عمال المصانع والوحدات المبكرة العمل عن مواصلات غيرهم، وتختلف عملية دعم تعاونيات ربات البيوت عن دعم التعاونيات الصناعية ..إلخ ويختلف دعم المراكز الصحية والعيادات التعاونية والمستشفيات العامة عن دعم بعض القطاعات الطبية الأخرى وأولوية دعم خدمات النظافة على دعم الخدمات الأخرى . .. إلخ
4-2- خدمات التعليم وخدمات الصحة والعلاج: أ- يتم بنائها على فلسفة إجتماعية تتيح التطور العددي والنوعي في وحداتها وإفادة جميع أنحاء البلاد بها،وهي فلسفة علمية ذات منطق إجتماعي سياسي جهة حاجات الناس وتداويهم من الجهل والأمراض والأوبئة الثقافية والمرضية المختلفة. ويجب أن تقر هذه الفلسفة وتنظم نقاطها في الهيئات الديمقراطية الشعبية لهذه الخدمات مثل إتحادات المعلمين ومجالس الآباء وإتحادات الأطباء والعاملين في المهن الصحية ونقاباتهم وهيئاتهم المهنية وفق الموجهات العمومية للمعاهد والأقسام العلمية المختصة في أساليب تنمية هذه المجالات. ب- تحويل هذه الفلسفة إلى برامج عمل وخطط تنموية عاجلة ومتوسطة وبعيدة المدى توضع لها الاولوية ضمن خطة التنمية المتوازنة التي تقرها هيئات المجتمع والدولة الديمقراطية الشعبية. ج- متابعة الإتحادات والجهات المختصة لتنفيذ هذه الخطط والإتزام بها ومعالجة معوقاتها وتوسيع الممارسة المنظمة لمقتضيات هذه الخطط بدعم هيئات المجتمع والدولة،التي تنفق عليها من عائدات النفط والموارد الأخرى.
د- دعم الدولة لحرية تكوين الإتحادات الطلابية وأعمال الإدارات الطبية والصحية
القضايا الهامة والمعالجات المطلوبة في مجال إصلاح التعليم:
أ- التكوين العام لبنية وفلسفة التعليم ونواحيه العامة الإقتصادية والسياسية والإجتماعية الثقافية
ب- المباني والأدوات المادية
ج- المناهج الأساسية والعليا د - المناشط التربوية الثقافية العقلية والبدنية وإحترام فاعليتها وتنوعها هـ- علاقات العمل بالنسبة للأساتذة والمعلمين وبالنسبة للخريجين والفاقد التعليمي و- علاقات التقييم العلمي والتربوي وطبيعة قياس المستويات والنتائج ز- التدريب ومواصلة التعليم كهدف أسمى للدولة والمجتمع والعملية التربوية-التعليمية ح- حرية النشاط النقابي والثقافي في مجال التعليم ط- معالجة القضايا الخاصة في مجالات: الفاقد التعليمي وفي هيئات التدريس المجهود المناسب لحل إشكالاته أو طبيعة التأهيل المناسب لظروفه التمييز العنصري بأشكاله اللغوية والثقافية والنوعية والدينية...إلخ العنف البدني والمعنوي ضد الطلاب: الضرب (وأكثره بأشكال سادية) التهكم والسخرية والهرش والطرد الكذب، السرقة، التدخين، العادة السرية، الميول الجنسية المثلية والمألوفة، الموضات، الكورة، التعصب..إلخ. في مواجهه كل هذه المهام يلاحظ شح الدولة في الصرف على التعليم وبذخها وإسرافها على كبار موظفيها المدنيين والعسكريين، وكذلك الإنفاق غير المتوازن على بعض المؤسسات الكمالية والمظهرية والمدارس والجامعات إلى جوارها جائعة خربة.
القضايا الهامة والمعالجات المطلوبة في مجال الصحة :
أ- فلسفة العمل الصحي وتقديم العلاج للناس كحق وواجب إنساني ب- المباني والأجهزة والأدوات والمواد الطبية والامصال والأدوية ومستلزماتها ج- مناهج التعليم الطبي والتدريب في مجال العلوم والأعمال المتعلقة بالصحة والعلاج د- المناشط المتعلقة بتأهيل الكوادر الطبية في داخل السودان وخارجه هـ- علاقات العمل والإدراة في الوحدات العلاجية ومجال أعمال الصحة وتحويل وحداته إلى تشاركيات وتعاونيات بين الدولة والعاملين فيها تقوم الدولة بتمويلها من عائدات مشاريعها وأعمالها الإقتصادية (نفط ذهب معادن ..جمارك ...إلخ) و- قضايا تنمية أعمال الصحة والعلاج وبيئاتهم وما يتصل بذلك من أمور طبقية في توزيع الموارد ووسائل العيش وتحكم الناس في مقاليد أمور حياتهم في ظروف تكفل لهم الصحة والسلامة الجسمية والذهنية، بما في ذلك قواعد التأمين الصحي. ز- القضايا التقنية المتعلقة بـ: • الصناعات الدوائية، وهندسة المعدات الطبية، • تجهيز وإدارة المعامل وتنظيفها وصيانتها • تجهيز المستشفيات والإمدادات الطبية • الأحوال القانونية المتصلة بأعمال الصحة والعلاج • وضع وتنظيم ومتابعة الضوابط الصحية لجميع السلع والخدمات وفق رأي المجالس الطبية المختصة • متابعة تنفيذ قواعد الصحة العامة وإجراءات الأمن الصناعي والسلامة من حوادث العمل وآثاره الضارة القريبة والبعيدة • حرية التعليم والقرارات الطبية وحرية الهيئات والأعمال النقابية المتعلقة باعمال الصحة والعلاج برنامج الحزب الشيوعي في المجال الإجتماعي والثقافي :
بعض القضايا والإتجاهات والمطلوبات اللازمة لتحقيق تقدم عام في حل بعض القضايا الإجتماعية:
-1- لمحة من تاريخ تكون البؤس والعنصرية: إضافة إلى تفاصيل القضايا والأزمات الإجتماعية المتعلقة بالفقر والجهل والمرض والأمية والتخلف وقضايا الشباب والمرأة التي لها إتحادات خاصة بها وقضايا كثير من الفئات الإجتماعية فإن هناك قضية أساسية عامة تشمل هذه القضايا ولا تلغيها وهي قضية البؤس العام والعنصرية في حياة المجتمعات السودانية وهي قضية قديمة متجددة تجاوز عمرها آلاف السنوات وفي التاريخ(الحديث) لم يكن البؤس والظلم أمراً جديداً بل كان قديماً في الأرض وفي السودان، ولكنه أخذ في الأزمان الحديثة في السودان أبعاداً أخبث عنصرية مما سبق، خاصة بعد قيام تحالف المهمشين العرب والسودان وتمكنه من هدم النظم والممالك الهرمية النوبية حين كان نظامها الإستعبادي يأفل في العالم الأفريقي القديم آنذاك في تخوم سنة 1504، وقد قام هذا التحالف آنذاك الزمان بتأسيس الممالك الموسومة بالعربية والإسلامية في أواسط مناطق الشمال والنيل، وفي مناطق النيل الأزرق في سنار وما يوازيها في مناطق النيل الأبيض متمددا إلى غرب السودان حيث كانت العروبة قد دخلته قبل ذلك من نواحي شمال وغرب أفريقيا وشمالها متجسدة فيما بعد في سلطنته الكبرى دارفور. ورغم نهاية الظروف التاريخية لهذه السياسات فقد تواصلت طبقية الدولة وعنصريتها، فقد زاد الفقر وتطور نوعياً وبنيوياً في أنحاء السودان بعد قيام حكومات الإستعمار الإسلامية العثمانية ثم البريطانية بتركيز الخدمات والمشاريع في المناطق السهلة الميسورة الإستغلال القريبة من مركز الحكم مما ضاعف ظروف الغنى والثراء في هذه المناطق وزاد ظروف الفقر والإملاق والإدقاع وإحاقته بسكان المناطق البعيدة جغرافيةً أوإجتماعاً أوثقافة عن مكانة وقوى المركز الإقتصادي وثقافتهم.
ووفقاً للتراتب الإقتصادي الذي أحدثته العملية القديمة لتملك الموارد ثم السيطرة التجارية على عملية حيازة المنافع وتبادلها في السودان نشأ تراتب هرمي عنصري مواز قد يختلف نسبيةً في طبيعته عن التراتب الطبقي ولكنه يستند إليه في كثير من تقعيداته وإطلاقاته بداية من العنصرة الماثلة في إجراءات وعمليات تملك الأراضي وعمليات التسليف والضمانات المصرفية والتجارية، والشروط غير المباشرة للرخص التجارية ورخص التوريد والتصدير وليس نهاية بزواج المصالح وحسبها ونسبها ودينها أو المحاباة في السيطرة التحتية والفوقية على وظائف الدولة، أو قيادة الجيش أو رساميل البنوك وإداراتها أو رئاسة المشاريع الكبرى والوظائف المتصلة بها أو ما أفرزته عمليات الخصخصة من شرائح فساد جديدة تنتمي لنفس الشريحة الإجتماعية السياسية .
من هذه الحالة والقسمة الظلوم صارت الدولة (المستقلة) بفضل سياسة حرية السوق وتركيز الموارد وخفض الإنفاق على التنمية والحرب ضد اللامركزية الإقتصادية والسياسية دولتان: دولة للأغنياء من لف لفهم من لف لفهم وهم أقل من 5% من السودان ودخل هذه الدولة 40 مليار ترفل فيها الرأسمالية بضروبها يترفون بها ويسرفون، ودولة أخرى للكادحين والبؤساء ومن لف لفهم تضم أكثر من 90% من سكان السودان تجدهم فيها مساكين أو فقراء، وأكثرهم سواد السودان، وتضاف إلى ذلك ملاحظة تؤكد طبيعة التفاوت وتتعلق بقسمة عدد السكان على مساحات مناطق الموارد وحجمها المتاح لكل طبقة أو تشكيلة مجتمعية- إقتصادية. وتؤكد هذه الوقائع الطبيعة المطففة للتنظيم الرأسمالي للموارد وكنزه إياها في جانب واحد وتسبيبه بهذا الكنز أزمات عددا أكدت فشل الصيغة القديمة للملكية الخاصة للموارد العامة، وفشل المحاولات المختلفة لإصلاح هذه الصيغة والقسمة المطففة وأخرها ما تعلق بتقسيم الموارد العامة بين شمال وجنوب السودان، مما يشبه برامج وعملية "تركيز الموارد وتخصيصها" في صيغة إقليمية لا تبقي ولاتذر إذ تمثل عملية التركيز وعملية التقسيم جملةً أو مفردة تفتيتاً لإمكانات الوحدة الشعبية والوطنية رغم إتخاذها شكلاً معززاً لها. ومع مفاقمة التفتتت الوطني الذي كرسته المظالم وحروب الإخضاع فإن عملية القسمة الإقليمية للثروة بكينونتها الفوقية المعزولة من تغيير علاقات الحكم والإدارة والإنتاج تغييراً جذريا، والإكتفاء بقسمة الموارد على تكوينين حكوميين تمثل إلتفافاً إستعماريا جديداً على ضرورة سيطرة المجتمعات السودانية بصورة مباشرة جماعية على موارد عيشها ووسائله، وهدراً لأهمية هذه السيطرة لإجراء تنميةً علميةً متوازنة ديمقراطية شعبية تلبي الحاجات الضرورة لحياة المواطنين وبعض الحاجات الثانوية والكمالية لهم. مما يجعل الحل العملي المتصل بهذه المعضلة هو قيام إتحاد جمهوريات السودان على أساس الإستقلالية الكاملة والتضامن وفق مبدأ التبادل المتكافئي للمصالح بما يحقق للمجتمعات السودانية كافة كينونة دنيا من إمكانات الحرية والعدالة الإجتماعية والسلام
ومع وصول التناقضات إلى مرحلة قيام القوى المسيطرة المحلية والدولية بتكسير بيوتهم بأيديهم في جهة وزيادة وضوح التناقض الطبقي في أشكاله الإقليمية وتفكك عرى الدولة القديمة بل وتفكك أقاليمها في جهة موازية، وعدم تأسس هذا الإتحاد، فإن أهمية التغيير الإقتصادي والسياسي للأوضاع الإجتماعية تبدو أشد. ويشمل هذا التغيير ما سبق إيضاحه من مواشجة وتعاقد وربط محكم وثيق بين عناصر وعمليات التغيير الديمقراطي والتغيير الإشتراكي والتغيير الثوري للأوضاع السياسية وذلك لسبب من موضوعية وجود هذه العناصر معاً وإسهامها جماعةً في توطيد مثلث الحريات والعدالة الإجتماعية والسلام في بلاد أرهقت بالقهر والظلم وحروب الإخضاع وفشلت كافة النضالات والإجتهادات التي قامت على أساس الفصل بين هذه التغييرات أو على تأخير تغيير معين لأجل التركيز على توطيد واحد منهم وهو مطفأ بعيداً عن العنصرين الموضوعيين الآخرين الضرورين لثباته وإزدهاره.
من هذا الترابط الموضوعي بين القضايا والحلول العامة والبعد بها عن الجزئية والثنائية يجري البرنامج العام الحزب على توكيد إن إزالة المظالم العامة في المجال الإجتماعي تتصل إتصالاً وثيقاً بكشف طبيعتها الشمولية وإيضاح الترابطات السياسية والثقافية المواشجة لها ومعالجتها بمجموعة متكاملة من الإجراءات ثبتها هذا البرنامج ووضحتها البنود السابقة من هذه الفقرة حول التعاقد والربط المحكم الوثيق بين عناصر وعمليات التغيير الديمقراطي والتغيير الإشتراكي والتغيير الثوري للأوضاع السياسية، ومع ذلك تاتي موضوعية الفقرة التالية المتعلقة بقضية الثقافة.
2- قضية الثقافة وتجديد الحياة السودانية:
1- طبيعة وضعها في برنامج الحزب: قضية الثقافة وتعدد أصولها مظاهرها وإتسام أجزاء مهمة منها بروابط قوية بالتاريخ الإجتماعي-الإقتصادي والسياسي لمجتمعات العالم والسودان وتنوع مواقفها في الصراعات الإجتماعية والدولية وتأثيرها الكبير على مواقف الإنسان الشعورية والذهنية والعملية من قضايا الحياة ومتغيراتها يجعل منها أحد القضايا المحورية في هذا البرنامج.
2- بعض التفصيل عن طبيعة الثقافة في المجتمع: والثقافة كتشكل للخبرات والمعارف وأشكال الوعي والنظر والتقدير العام أو الخاص لتكون أمور الحياة ومئآلاتها وموضع الإنسان منها وفيها وسمتها لكأسلوب لعيشه أو لرؤيته للأمور تمثل قضية إشكالية سهلة ومعقدة في عملية التمثيل البشري لهذه المعارف والخبرات بما يشبه سهولة وتعقيد عملية التمثيل الضوئي في النبات. وقد يعكس جانب من هذه الإشكالية تعدد تعريفاتها وأشكال تقديرها والتعامل معها: فالثقافة وإن إرتبطت بالجسم الخارجي لوحدات المجتمع في إنتاجه وتداوله للمنافع وتبادله العفوي والمنظوم للمعارف والخبرات أو إرتبطت بمجتمعات في ظروف صدامها وتطاحنها، إلا إنها تميز عن الكيان العام للمجتمع ووحداته وتتفرد عنهم بإنفصال نسبي تقوم فيه الثقافة كعملية ذهنية بإعادة إنتاج كثير من إحداثياتها وإحداثيات المجتمع فق منطق وخبرة وظروف أصحابها في تلك اللحظة الزمانية أو ضمن فترة أو حتى مراحل تاريخية طويلة. ولكن الثقافة ليست نبت وحدها وخلاصة أمرها فهي مع هذه النسبية تتمتع بسمة عامة هي السمة الإنسانية إذ تتواجد معها تواجد الشعاع والشمس فهي موجودة كسمة للإنسان ومجتمعاته في المدنية والحضارة مثلما هي سمة للإنسان في بداوات الغابة أو بداوات الصحراء، وهو وجود يظهره إمتيازها الأساس وهو التعبير، أي تعبير الناس عن حاجاتهم إلى بعضهم بل وإلى ذواتهم وإلى أشياء وأفعال وتسميات وفهوم ونقاشات ودراسات، وهذا التعبير أو التجلي هو حال الإشراق في الثقافة وهو أيضاً أساس طاقة شمسها.
من هنا لم تك الثقافة تعبيراً مجرداً عن الكتب والموضوعات والفصاحات الضخمة، ولم تك الثقافة قط مجرد طقوس فلكلورية وعادات مأكل ومشرب وملبس، بل هي مع هذه الأشياء، أسلوب إحساس إنساني فعال متقد بالوجود، وعمل يومي وفن إبداعي فردي وجمعي في كسر صعوبات الجسد والذهن وضعوبات الحياة المادية والإجتماعية والسياسية، وهي أيضاً تشكل فردي أو جماعي بديع للإلفة مع تفاصيل الحياة البسيطة مثل الألفة مع شاي الصباح أو نومة العصرية، أو مناقرة الحبيب، أو تأمل النجوم أو شخصيات الجامع أو بيت العزاء أو حال الحكومات وما إلى ذلك.
3- النواحي العملية في قضية الثقافة: ما يهمنا من هذه الإشكاليات التي تطرحها قضية الثقافة في نواحي إبراز ذاتها أو نواحي الحياة الذهنية والمادية لمجتمعها وتمثلها في هذا البرنامج هو زيادة الإمكانات الذاتية والموضوعية للثقافة في صقل كينوناتها وتحويلها من حالتها الدفينة والخام والعفوية والبدائية إلى حالة تتغذى بعملية معرفة مستدامة ووعي متناسق بأبعاد طبيعة العالم المحيط به وطبيعة الحياة الإجتماعية والسيرورة التاريخية لتكونهما وتمايز مكوناتهما والقوانين الرئيسة في ذلك وتغزير ذلك في دفع الناس إلى الإسهام في تحسين حياتهم المادية والذهنية بصورة متناسقة جميلة، وفي ذلك تبدو قضايا عددا تتصل بهذا الدفع وببلورة أشكال علمية تقدمية مرتبطة بقضايا المجتمع والإنسان وكرامته وحريته قد يكون من أهمها:
1- إحترام التعدد والتنوع الموضوعي في الأراء وإداراتها بحصافة علمية-إجتماعية تثبت هذا المبدأ في الحياة وأذهان الناس. 2- تكريس النظرة النقدية في المناهج والدراسات. 3- تغليب الأراء بكم الأسانيد الموضوعية التي تعززها والخروج من حالة نسبة صحة الرأي إلى قداسة أو عبقرية شخص. 4- زيادة العروض والتناولات الإحصائية والمؤشرات الفنية في تناول المواضيع بدلاً عن الكلام الكثير الممجوج. 5- تقليل الدعايات التجارية والترويج الإعتباطي للقيم الإستهلاكية والعنفية في وسائط الإعلام وتخصيص قنوات معينة لها. 6- زيادة ودفع الطابع الفلسفي والحركي والنقدي الإجتماعي والتاريخي في ما تنشره وسائط الإعلام والثقافة فعناصر الحياة متغيرة متحركة في مجتمع ومجري تاريخي له ظروفه ومستحثاته ومثبطاته المادية والمعنوية التي لها قوانينها العامة وفلسفتها. 7- تقليل الأخبار والبرامج السياسية والرياضية الفجة القائمة على تكريس مضمر لقيم السيطرة والسجال الأنوي السخيف، وزيادة الأخبار والبرامج الإجتماعية المتعلقة بخبرات الحياة الحية أحوال الأمهات والأباء والعمال والزراع والحرفيين والجنود والمهنيين في مختلف المناطق والظروف والأخبار والبرامج الثقافية المتعلقة بالقصائد والفنون والمسرح والغناء وبرامج التنوع السياسي الثقافية التي تشرح الإختلافات الداخلية في كل حزب مثلاً أو تكشف خلالاً في أداء جهاز من أجهزة الدولة. 8- زيادة كسر تابوهات السياسة والقداسة والجنس وتحرير الذهن من عادة التقديس والإسراء به إلى العقل (على علة هذا الإصطلاح) 9 - إعطاء فرص أكثر للمرأة والشباب والأطفال والطلاب ودعم أنشطتهم مادياً ومعنوياً . 10- فتح المجالات لحرية التنظيم والعمل العلمي والتقني والثقافي والسياسي والإجتماعي ودعم أنشطتها مادياً ومعنوياً. 11- ربط النشاطات الثقافية ببعضها ما امكن ذلك وجمعها بإمكانات محترمة للإنتاج والتمويل. 12- الإتجاه الى تحويل النشاط الرياضي من حالة موسمية إلى نشاط يومي جماعي في كل بيت. 13- دفع الدعاوي النظرية والعملية والرياضية والصوفية والدينية والعملية والفلسفية إلى إكتشاف أصولها المحلية السودانية وسيرورة تبلورها في التاريخ وإدراك أبعادها العالمية.
4 - تحرير الثقافة من الأحدية والتركز ومن الهلامية والإنفصام : تعزز هذه المسائل العملية المذكورة سابقاً النظرة والممارسة الشيوعية لتكريس ثورة ذهنية شاملة وتغيير جذري للمقومات المألوفة والتقليدية المحنطة فينا لمثلث كينونة وجودنا بزواياه وأبعاده الرئيسة الثلاث: النفس، والعقل، والممارسة، أيما كان تشكيل المقومات التقليدية للثقافة كحالة سيادة وعبودية داخلية تعيق تفتح إمكانات الإنسان أو كانت مكونة لحالة إقطاع داخلي يقوم بدور الباشا أو اللورد فيها كتاب أو تنظير معين ترجع إليه أعمال قنانة العقل كالعرجون القديم، أو كانت مكونة لحالة رأسمالية صناعية من الإستلاب والإغتراب بتقطيع الموارد والصلات الإجتماعية وتصنيعها وتحويلها إلى نقود يأكلها التضخم وإستهلاك أجوف يذهب تراكمه لصالح إسراف رب العمل ودولته ودمار البيئة، أو كانت ثقافة مسيطرة بضجيجها أو بطنينها الخارجي عن هذا وذاك وإن وسوف بينما الناس حولها جوعى بؤساء يقتلهم الشوق إلى العدل.
5- طبيعة الثقافة الجديدة وكينونتها الثورية في النظرية والممارسة: لأجل تحرير "الذين يحرقهم الشوق العدل" من حالة إنتظاره إلى حالة إنجاز محركاته وآلاته فإن برنامج الحزب الشيوعي السوداني يطرح قضية بناء الثقافة الجديدة كقضية حيوية في عملية البناء الإجتماعي وتثوير هذه العملية، فالثقافة الجديدة بطابعها العلمي الإجتماعي التقدمي وميسمها الجمالي تميل عن التجزئات وتقاليدها واقانيمها في الأحدية والتركز والهلامية والإنفصام، فالثقافة الجديدة تتبلور بمواشجة الأفكار والعلوم الإجتماعية الإشتراكية كنظرية وتطبيق خلاق لتحرير الكادحين وجملة المجتمعات الإنسانية من حالات الخمود وحالات التبعية وحالات التيه الثقافي والحضاري. كما يتصل تكون الثقافة الجديدة ونشاطها بكينونة للنشاط الذهني المنظوم الذي يفتح مغاليق التاريخ والتفكير ويزيل الفواصل الرجعية بين الفلسفة والتاريخ والعلوم والممارسة الحياتية للمجتمعات بأدوات معرفية وجمالية متصلة بطبيعة التكوين الإجتماعي وجذوره وحياته وآماله وهي بهذا التبلور والنشاط تواشج في خلق رياضي ذهني وعملي فريد بين عناصر القوة والصحة الإجتماعية ومفاهيم علم الجمال. ولاتقوم الثقافة الجديدة بهذا التحرير وثورته بترديد عموميات الماركسية اللينينية أو الزعق بشعارات الثورة الوطنية الديمقراطية ، أو بالإعتكاف في المعابد وتكفير المجتمع وهجره أو بالإنمساخ في الموضات الثقافية وممارسات التحرر الفردي الذاتي والسري من التقاليد والقيود الإجتماعية، بل تقوم بتحقيق هذا التحرير وإيقاد هذه الثورة بمارسة الإنسجام الرشيد المتناسق بين عناصر الكينونة الإنسانية الماثلة في النفس والعقل والمجتمع وإزالة العوائق والألغام من طريق توحدها. وإذ تفعل الثقافة الجديدة ذلك فإنما تواشج بين الوجدان والتفكير والعالم المحيط وعملية دراسة إمكاناته وتقدير كيفية مواجهة صعوباته، بشكل جماعي موضوعي بسيط الشكل عميق المحتوى يمتاز بالرشد والكياسة والأدب الفلسفي الحكيم لمصاعب الأمور والشجاع في درسها ونقدها وتطويرها وإلإستذخار بدروسها والإرتقاء بحال الإنسان جهتها.
وهذه الممارسة الثقافية الجديدة المواشجة بين النفس والعقل والعالم ممارسة ذات أحوال وعناصر وإتجاهات مضادة بطبيعتها لثقافة التنافر والجزئية والغرف العقلية المغلقة والتناقضات الفاحشة بين الأقوال وبعضها وبين الأعمال وبعضها وبين الأقوال والإعمال وهلم جراً، ومن هنا تكتسب هيبتها الموضوعية في مجالات المعرفة والقلق المعرفي وتحطيم الأوثان والخروج على المظالم والفصاحة الموضوعية جهة السكوت عن الحق وتكتسب كينونتها المتاججة المتمردة قيمتها الموضوعية في إيقاد وإنارة وجدان وعقل وأفعال الإنسان في ما هو مستشري وسائد من دلهمات الظلام والخضوع. كما تكتسب قيمتها الموضوعية أيضاً بإشتراكها المتقدم في العملية الإشتراكية لنظافة العقل الإنساني من الأتربة الفكرية والأوساخ المتجمعة فيه بتأثير دعايات الإنفتاح والعقل المفتوح السالب المستكين للآخر ففي تلك المهمة الشاقة الطويلة المتكررة تمارس الثقافة الجديدة بتركيبتها الوجدانية والرشدية وعقليتها الإشتراكية العلمية ونواظمها الماركسية اللينينية العملية الطليعية في إزاحة حجب الطبقات الحاكمة عن ثقافة الشعب المحبطة والمدفونة في أعماق حياته وليس ذلك فحسب فهي إضافةً إلى النور الذي تشرق به على ثقافة الشعب فإنها تسقي بذورها القديمة وتنبتها في رحاب الحياة أزواجاً بهيجة من المعرفة والحكمة والنشاط والخفق والألق الجمالي الفريد.
6-طبيعة بعض مهام إعداد وتكوين الشباب كرواد للثقافة والجمال في كل فصل ومدرسة وحي ووحدة عمل: تتصل مهام الحرية والعدالة الإجتماعية والسلام بديمقراطية وتنوع الحركة الشبابية وإيمانها بتكوين وممارسة ثقافة جديدة في المجتمع المزدحم بالقهر والإستغلال والتهميش والعنصرية والحروب وإن المهام الموضوعية والجمالية للثقافة الجديدة لا يمكن أن يستمر في إنتاجها بصورة حرفية معتمدة على المزيات والعبقريات الفردية التي تنتجها مصادفات الظروف الإجتماعية والثقافية في هذا الشخص أو ذاك فالأحوال المتدهورة للمجتمعات السودانية وقحطها العام بحاجة ماسة إلى مجموعات طليعية من الشباب المثقفين الذين يجري إعدادهم وتدريبهم للقيام بتحويل التاريخ. وهو وضع لا يمكن إنتظار تحقيقه من قبل السلطات الحاكمة رغم كل إمكاناتها النفطية والذهبية بل يفرض على المجتمعات واجبات ذاتية في مختلف المجالات بهدف تشكيل صياغة علمية وعملية وجمالية لإنجاز هذه المهمة الشاقة، ومن أهم هذه الواجبات: 1- تعريف الشاب بأصول الصحة والسلامة الجسمية والذهنية والنفسية وتدريبه على إحترامها وإحترام مؤسسات التعليم والصحة 2- رعاية النابغين وعموم الناشئين وتوجيههم سواء بالأسئلة والموضوعات الكبرى أوبتوفير مادة أو موضوع عمل ثقافي لهم. 3- الإهتمام بالجمعيات المدرسية وجمعيات الأحياء والملاعب العامة في عملية الكشف المنظوم للمواهب والقدرات. 4- إصطناع المشروعات الصغيرة والعميقة الأثر ككتابة مقال نقدي عن موضوع عام أو رسم لوحة عن مآساة قومية..إلخ. 5- الرصد المنظوم لتطور إمكانات الناشئين والشباب وقدراتهم. 6- العمل العام معهم بروح الندية والتكافوء المناسب وتربيتهم على القيم العلمية والعمل الجماعي والممارسة الديمقراطية وإيضاح الأزمات العامة وشرح عناصرها وطبيعتها لهم، والتعامل بتقدير موضوعي مع جهات نظرهم وأرآئهم في كيفية حلها. 7- تنبيههم إلى الفروق بين القيم النظرية والممارسات العملية في مختلف الإتجهات، وشرح الطبيعة الطبقية المولدة لها. 8- تنمية قيم الرشد والوطنية فيهم بإصطلاحات وفهوم المسؤولية والحقوق والواجبات، والحرية والعدالة الإجتماعية، والسلام . 9- كشف تزييف الوعي المبثوث في الإعلام الرسمي والممارسات السائدة فيما يتعلق بسياسات الدولة والحياة السوقية والطقوس والعادات الضارة والتفاوت الطبقي والآداب والفنون الكاذبة..إلخ. 10- تدريب الناشي والشاب على التنفيذ والتطبيق الكتابي أو الفني أو العملي لأفكاره وإبداعه وتقديمه للمختصين والمهتمين. 11- تدريبه على كسر الحواجز النظرية والعنصرية بمختلف أشكالها، وكشف أصولها الظلامية والطبقية البغيضة له. 12 – تعريف النشء والشباب على بعض المقومات والعناصر الهامة في المعارف الحديثة والفنون والآداب. 13- تعريفهم بمقومات وعناصر البداوة والحضارة والمدنية والثقافة وبشذرات من عناصر وإتجاهات العلوم الإجتماعية الحقوقية والإقتصادية والإجتماعية والنفسية وأصولها في حضارات أفريقيا والسودان النوبية القديمة في شكل محاضرات مبسطة متقاربة.
7- الأبعاد المتنوعة لقضايا الشباب والثقافة الجديدة في مجالات الحزب ومجالات الحياة العامة: هذه المحاولة لاتعني لوحدها خلق جيل جديد من الثوريين في ظل التحولات الإجتماعية والذهنية والضخ الرهيب الذي تقتل به آلات الدعاية الإقطاعية والبرجوازية قيم الحرية الذهنية في كثير من المجتمعات التي يغربها الإستغلال عن خيرات إنتاجها، وتمارس ضدها إستلاب الوعي بمواضيع إنصرافية عن الأسباب العملية المباشرة لبؤس وإملاق أحوال الناس في جهة واسباب إفادة القوى المتملكة والحاكمة والمسيطرة بهذا البؤس وتحويله إلى ثراء وإسراف وسفه رغم قلة جهودهم في ميدان الإنتاج وقلة صدقهم في ميدان التوافق المتنوع بين الأقوال والأفعال. ولأجل تفعيل وتنمية مثل هذه المحاولات يتطلب البناء الشباب والثقافة الجديدة القيام بعدد من الثورات المتلازمة توضح النقاط التالية أهم معالمها على النحو التالي:
1- ثورة فكرية في مجالات الحزب الشيوعي والحيوات السياسية الأخري تجابه الأخطاء الإشتراكية وتكشف التعاملات الإشتراكية الزور والزيف وتجابه التعاملات اليائسة أو المتحولة المستهينة بإمكانات التفكير الإشتراكي العلمي والتنظير الماركسي في تركيبه اللينيني الحزب النوعي الطبقي والوحدة االعامة لمعركة الحرية ضد الرجعية والإستعمار والرأسمالية والإمبريالية وقدرتها على تجديد البرامج الشيوعية ومواجهة التغييرات العامة في مجالات النظرية والممارسة بصورة ثورية نقدية علمية وشمولية بعيدة عن الجزئية والتخبط والهروب إلى الخلف أو إلى الأمام.
2- تفعيل برنامج الحزب الشيوعي السوداني وتجديده فكرياً وعمليا بمقاربة شمولية للوحدة النسبية بين قضايا الرئيسة للتغيير الإجتماعي وهي التحول الإشتراكي والديمقراطية والتغيير الثوري الشامل للأوضاع بعد سنوات طويلة من التناول الردفعلي والتلقائي المفكك لهم مما ولد عدداً كثيراً من التناقضات والتعارضات الثانوية التي تفاقمت حتى تغلبت في كثير من الأحزاب والجبهات والدول الشيوعية على التناقض الرئيس في المجتمع بين المستغلين والمتمركزين الذين يتم إستغلالهم وتهميشهم. 3- التناول الصريح لتوالي الإستعمار القديم والحديث والتخلف والإستغلال والقمع والفساد والتفاوت الطبقي والتمييز العنصري وإتصال ذلك بالبنية الإقتصادية- السياسية الدولية والمحلية لعلاقات الحكم وعلاقات الإنتاج والطبيعة الرأسمالية المزدوجة لها التي تشمل تثبيت وتوسيع مراكز دولية وتثبيت وتوسيع هامش دولي للإستغلال ونهب الموارد وتجريفها.
4- النشاط الوطني الديمقراطي وفق هذه الحقائق الواقعية لتغيير العلاقات السياسية والإنتاجية إلى علاقات أكثر ديمقراطية وإشتراكية تتيح إمكانات موضوعية مادية ونظرية لتوطيد الحريات الأساسية والمساواة في الحقوق والواجبات العامة وتحقيق إمكانات موضوعية للعدالة الإجتماعية بواسطة تنمية علمية متوازنة قائمة على تخطيط علمي ديمقراطي شعبي لتوزيع متوازن للموارد والجهود والوسائل الضرورة للإنتاج ولعائدات وخيرات هذا الإنتاج دون تمميز سوى البذل في العمل وفق علاقات إنتاج أكثر ديمقراطية وأكثر إشتراكية.ويفتح توطد هذين الأمرين وهما "الحريات" و "العدالة الإجتماعية" إمكانية أكبر لتوطد الأمر الثالث وهو "السلام" ورسوخه وقراره مطمئناً في مختلف مجتمعات السودان وأنحاءه بداية من التصالح والسلام بين الفرد وإحتيجاته وقدراته وما يعود إليه من الإستثمار المنصف لهذه القدرات من تصالح موجب مع حاضره وحياته ومجتمعاته الصغيرة والكبيرة وصولاً إلى السلام والتصالح بين الجماعات الإقليمية المختلفة في السودان التي كان التمييز الطبقي يقسمها إلى قسمين متناحرين قسم حاكم مستبد متمركز يمتاز نفسه وحكمه بالسيطرة الأحدية على مفاتيح الدولة والإقتصاد والدين وقسم محكوم محروم يجري حربه وحرقه فعليا بعد عهود طويلة من إستغلال موارده وأعماله وتهميشه.
5- التفعيل الشبابي للإمكانات النقابية والثقافية والجماهيرية في قطاعات الحياة المدنية والعسكرية لتوطيد النظام الجديد بنضال ديمقراطي متنوع تلتحم فيه نضالات كادحي المدن بنضالات كادحي الريف بوسائل سياسية موضوعية تناسب طبيعة كل أقليم وإمكانات كل مجتمع للإنتقال به من حال القمع والإستغلال والتهميش والتجزئة والحروب العنصرية إلى حال للحرية والإشتراكية والوحدة والسلام.
6- تكريس الأفق الوطني الديمقراطي لقضايا الشباب وقضايا الثقافة بقيام إتحاد جمهوريات السودان كأساس للربط الرأسي والأفقي السياسي والتنفيذي والإعلامي للنضالات الشعبية بطبيعة الأوضاع الإقليمية بحيث تترابط النضالات المتنوعة ضد الإستعمار الداخلي بالنضال ضد الإستعمار الخارجي بأشكاله، لتعزيز الإتجاهات الديمقراطية الداخلية وبذلك يتم تجاوز الأسباب الموضوعية للتمزق والتجزئة والحروب بتركيبة جديدة قائمة على تعزيز الحريات الديمقراطية الشعبية بإتجاهات إشتراكية فعالة وتعزيز الإثنين بإتجاه الى التغيير الجذري الشامل لجملة الأوضاع المتأكلة وإسقاط البناء الآيل للسقوط وتنظيف خرابته لبناء جديد أكثر تقدماً وحرية وإشتراكية، يبقى مصدراً للسلام والرقي في المنطقة بعد سنوات طويلة من بقاء البناء القديم مصدراً للحروب والخراب فيها.
7- تعزيز الإتجاهات الحضارية الأفريقية في أبنيتها الإجتماعية المختلفة في كيانات وتشكيلات السودان بشروط عادلة للتنافس والتعاون السلمي في نطاق الإمكانات السياسية والإقتصادية والثقافية التي يتيحها قيام إتحاد جمهوريات السودان، وتقنين روابطه وعلاقاته ومراكز أشخاصه وجماعاته بإحترام حقوق الإنسان مما يتيح مجالاً لتبلور متقدم للسودان بجميع أجياله وجميع رجاله ونساءه مما يفتح الطريق إلى بلورة الوضعية المحورية لقضايا المرأة وحقوقها بإعتبارها المركز البشري لعملية التمثيل الإقتصادي والإجتماعي لتجديد قوى الإنتاج والثقافة والسياسة في المجتمع:
3- قضايا المرأة وحقوقها:
1- طبيعة قضايا المرأة وتطور تاريخ تناولاتها: كانت الأنوثة والولادة سبباً لتبجيل النساء في الزمان القديم وكانت هناك آلهة وملكات، وفي عوالم العرافة والسحر والتنجيم التي كانت تمثل ثقافة وحكمة ومعارف وشي من قضاء ذلك الزمان- كانت للمرأة مكانة سامية فيها ترتبط بكينونتها البيولوجية وصبرها وبصيرتها، وبسبب تحولات البيئة الطبيعية نشأت تحولات في النشاط والتنظيم الإجتماعي وأسلوب العيش وتقسيم العمل داخل الأسرة وخارجها تفاقمت بإتساع الحروب والعبودية وصور التملك وإتصلت بتدني وضع وإحترام المرأة في الأسرة والمجتمع وصارت المرأة مضطهدة لمجرد كونها إمرأة إضافة إلى الإضطهاد العام الذي تعانيه ضمن جميع المستغلين والمهمشين من السادة وأرباب الأراضي والأعمال وحكوماتهم. ومن هذا الوضع القديم لإضطهاد المرأة في نوعها ومكانتها في مجال العمل، تبلورت في العصور الحديثة مسألة قضايا المرأة وحقوقها في التعليم وفي تولي الوظائف العامة والتأمين الإجتماعي والإنصاف في العلاقات والقوانين المتصلة بتنظيم الأحول الشخصية والأسرية مما شكل محوراً مهماً في دعاوى وتنظيرات العدالة الإجتماعية ونضالاتها المتصلة بقضايا التغيير الإقتصادي والسياسي لنظم العمل والحكم وعلاقاتهم وثقافاتهم.وقد نجحت نضالات المرأة والطبقة العاملة وعموم الجماهير في معظم البلدان في تحقيق إقرارات دستورية وقانونية بحقوقها كان السودان وحضارة كثير من رجاله ونساءه ونضال الإتحاد النسائي ومؤآزرة الحزب الشيوعي السوداني من بين المتقدمين في تحقيقها رغم الإرتدادات والنكوصات وإتساع القمع والإستغلال، ومن نتيجة الإنتصار المبدئي في تثبيت قضايا وحقوق المرأة توسع النضال النسائي وتنوع إلى جهتين هامتين:
1- جهة متنوعة المدارس تبحث في أصول الثقافة الإجتماعية والجنسية عن بذور القهر العام للمرأة، بإعتبار إن عملية الجنس وما يتصل بها من حرية أو قمع أو تجاهل لحق إختيار الشريك والوعي بأبعاد هذا الوضع، تشكل المحور الحيوي لعملية تجديد إنتاج الجماعة البشرية لنفسها وكأصل جسمي ونفسي في هذا الإنتاج تكمن كثير من المحددات النفسية والسلوكية لوضع أفراد الأسرة أو الوحدة الإجتماعية وتبلورهم كشركاء أو كسادة وعبيد. حيث تتصل الحرية من الوضع الإستبدادي بإحداث تغييرات تقدمية في مفاهيم النوع والطبيعة العامة للعلاقة بين الجنسين وتحريرها من عقلية الإستبداد إلى عقلية الصدق والمساواة في حرية وحق الإختيار والشراكة دون تثبيطات مفاهيمية أو ثقافية تجعل من أي إنسان مطية لإنسان آخر تحت أي مسمى حيث تتصل كرامة الإنسان في المجتمع بكرامته في تكوين علاقاته الشخصية وكينونة إعتباره الصادق لإحترام مشاعره وحاجاته وقدراته الذاتية ومشاعر وحاجات وقدرات غيره.
2- جهة فحص وتمحيص للتوزيع الحقيقي للفرص بين الجنسين في المجتمع في مجالات التعليم ومجالات العمل وفي مضمون العملية التعليمية أو النشاط الإنتاجي وتنظيماتهم، وكذا في مجالات الأسرة والقانون والثقافة والفلسفة والأدب والسياسة ومدى تكريس هذا التوزيع أو إهماله لمبادئي السوية في الحقوق والواجبات العامة وتشكيله الفعلي لإسهام نظري أوعملي في تحقيق هذه المبادئي.
2- الضغوط العامة على قضايا المرأة وحقوقها: ولم يكن التنوع والتقدم النظري والعملي في تناول مفاهيم ونشاطات قضايا حقوق المرأة وحريات المرأة نتيجة ترف بعض القيادات بل كان تبلور هذا التنوع والتقدم نتيجة جدل عميق ساد في المجتمع وفي كل قطاعات حياة المرأة نتيجة زيادة وتضاعف ضغوط سياسية وإقتصادية وإجتماعية وثقافية هائلة إنصبت بكل شراسة على كينونة المرأة وحقوقها لأسباب مختلفة وأهم هذه الضغوط:
أ- التقسيم الرأسمالي العالمي لموارد البلدان والشعوب وشروط مؤسساته المالية الدولية أضرت بكثير من ظروف تقدم المرأة .
ب- الإستبداد السياسي للحكومات الرأسمالية الليبرالية والعسكرية، العلمانية والإسلامية في السودان.
ج- الطبيعة الرأسمالية التابعة للدولة السودانية في ظل الإستعمار الحديث وقيامها على الإستغلال التجاري الباهظ في المدن وعلى تجريف خيرات الريف وتهميش حاجات وقدرات سكانه، وإستعمار بل وإغتصاب مستقبلهم.
د- الضغوط الإقتصادية أو الإجتماعية الناتجة من هذا الإنفراد الرأسمالي بأمور الحكم والثورة في العالم والسودان وتضاعف هذه الضغوط على غالبية عدد الأسر والسكان ووضعهم تحت خط الفقر بعدم كفاية الدخل الأساسي لإجابة حاجات معيشة الفرد الواحد مما أعاق فرص تطور المرأة وأضعف إمكانات تحررها، وجعل وضعها حرجاً دون عمل داخل الأسرة، كما أضر بفرص تعليمها وتدريبها ، وبفرص تقدمها في العمل، أو بإمكانات تثقيف نفسها، وأثر على طبيعة علاقاتها مما جدد الوضع القديم لتدني مكانتها. هـ- الضغوط الثقافية على كينونة ونشاط المرأة وقضاياها ومحاولة تنميط أسلوب حياتها وتشمل:
• الضغوط المتصلة بالحضارة الرأسمالية في شكلها الترويجي لتسليع الحياة والمرأة بثقافة الإستهلاك وتنميطها المرأة وقصرها على الإعتماد على رأسمالها الجسدي والشكلي وخصائص تسويقه في المجتمع الذكوري، وعلى إختيارها المواقف والعلاقات الشخصية بمنطق الإستغلال والنفع بالخضوع والتبعية للقوة والمال. مما يكرس المرأة في مجتمع رأس المال الذكوري كمطية للإستهلاك، ويصرفها عن بناء إمكانات موضوعية ذهنية وجسمية وإجتماعية تمكنها من نيل مكانة محترمة لكيانها الحقيقي الخاص تعتمد على قدرتها المعرفية المنظومة وموضوعية نشاطها الإجتماعي وإجتهادها في تنميتها بالصورة تعكس المساواة الفعلية بين الجنسين في المواهب والقدرات والحقوق والوجبات. ولكن الوضعية الإستهلاكية التي تعتقد كثير من النساء إنها وضعية طبيعية تنتهي غالباً إلى عنف إجتماعي كبير تسببه الإحباطات الذكورية والتفككات الأسرية وضغوط السوق، والضغوط النفسية، إضافة إلى ماتنتجه في المجتمعات المهمشة لإرضاء هذه النزعة الإستهلاكية السائدة في المراكز الرأسمالية المحلية والدولية من تأنيث للفقر .
• الضغوط ذات السمات البدوية في أشكالها الدينية والأخلاقية الرامية لتدجين وجود المرأة وحجبها عن مواجهة الغرباء وصونها عن إختلاط الصالح والطالح في الحياة الحديثة دون إدراك لأثر عملية الصيانة بالحبس وما ينتجه هذا الوضع القهار من سلبيات أكثر في تكوين المجتمع والشخصية الإنسانية إذ تتحول حالات العزل والعزلة القائمة على النوع والجنس إلى حالة كاملة لإنفصام وتناقض الإعتقادات والمفاهيم والممارسات تجعل المجتمع مخبولاً بين حالة العجز والقعود والهرب من مواجهة تغيرات الحياة أو قابلاً للإنمساخ والتحكم الخارجي في شؤونه مطية وحماراً، مما لا يصلح ديناً أو دنيا. 3- بعض نتائج الوضع الجديد المتنوع لقضايا المرأة: نتيجة للوضع المتنوع الذي إرتقت إليه قضية المرأة وحقوقها من مناقشة فاعلية الحقوق التي نالتها ومناقشة الأسباب الأهم لتقدمها أو تأخرها في هذا المجال أو ذاك، بدأت في الحياة العامة وفي قلب الحزب الشيوعي نقاشات لتنظير هذه المفاهيم وممارستها وفحص طبيعة إتصالها بنضال الحزب أو بحرية أعضاءه في تقويم موضوعية الممارسات والعلاقات الإجتماعية والممارسات والعلاقات الشخصية، والصلة الموضوعية بين طبيعة التكوين الإجتماعي والفردي، وبين الفرد السياسي ومكونات المجتمع ..إلخ مما جدد النشاط الذهني والعملي لكثير من أعضاء ووحدات المجتمع والحزب وطرح قضايا جديدة في كل مجال أسهمت في الإرتقاء بمفاهيمه وممارساته وفي تحرير العمليات الإقتصادية- السياسية والإجتماعية الثقافية من إستبدادية بعض المفاهيم والممارسات الذكورية وبعض المفاهيم والممارسات النسوية، وتشكيل محاور مفيدة للعمل العام وتطور أهدافه ومطالبه في مجال قضايا المرأة والمجتمع.
4- المطالب والأهداف العامة المتعلقة بقضايا المرأة والنوع وطبيعة علاقاتها: -دراسة الجهود النسائية ونضال الإتحاد النسائي والمنظمات والجمعيات ونضالاتهم المتنوعة لأجل حقوق المرأة وصحة المجتمع ورصد العلامات الهامة في هذه النضالات وتكريم رائدات العمل النسائي ورواده في أحياء السودان وأنحاءه ومدنه ومدارسه وخلق إمكانات معنوية لتجديد النضال النسائي في هذه الفترة وذلك بدفع المطالب والأهداف الآتية: أ- تعزيز المساوآة القانونية والعملية للمرأة والرجل في الحقوق والواجبات العامة، وفي مجال الإنتاج والخدمات وفي مجالات الثقافة. ب- تحرير العلاقات السياسية والإقتصادية من تسلط رأس المال والطابع الذكوري لهيمنته. ج- زيادة التمييز الإيجابي جهة المرأة في قضايا التنمية والبيئة. د- تحرير الأعمال التعليمية والثقافية والأدبية والفنية وأساليب اللغة من الهيمنة الذكورية، وتضمينها الحقائق المتصلة بالإتساق القائم المرفوض بين التكوين الإجتماعي الناشد للحرية والتكوين النوعي الجنسي لوحدات المجتمع بأسلوب فيه شي كثير من من القهر، وقيامها على حرية الإختيار في ظروف تحقق لهذه الحرية شروطها الموضوعية في مجتمع مضاد للإستبداد والعنصرية والقمع . هـ- الإهتمام بتعليم مواد الصحة النفسية والصحة الجنسية وإتصالهم بقضايا المرأة والمجتمع. و- حرية العلاقات المتعلقة بالتزاوج بين الراشدين وقيام هذه الحرية على مبدأ السلامة من الوقائع المخلة بسلامة الإرادة كالإحتيال والجبر والإكراه المادي أو المعنوي، وخلو العلاقة من الضرر بالحقوق الشخصية أو الضرر بالحقوق العامة لأي من طرفيها، وإتجاهها لتوكيد شخصية طرفيها في كيانهم الجديد وإحترام العناصر المتقدمة في المجتمع والحياة العامة لهذه الحريات والإتجاهات. ز- رصد العنف اللفظي والجسدي ضد المرأة ومعالجته بالصور التعليمية والثقافية والسياسية والقانونية اللازمة للحد منه. ح- مساندة هيئات المجتمع والدولة ودعمها للنشاطات والأعمال المتصلة بقضايا المرأة والنوع والصحة النفسية والصحة الجنسية بمختلف الأشكال المادية والمعنوية. ط- زيادة نشاط المرأة في النضالات والقضايا العامة وأهمها قضية التغيير الشامل لعلاقات الحكم والموارد بطابعها الإحتكاري الذكوري، وإتصال هذا التغيير بتعزيز الصلات النضالية بين ترسيخ الديمقراطية وترسيخ الإشتراكية وتفعيل مهام التغيير السياسي الناجز حيث لا يمكن صون كرامة المرأة وحقوقها وإحترام كينونتها وعلاقاتها ونشاطها في وطن مقهور منهوب ممزق ، فبنضال المرأة في وشج الصلة العضوية بين إنجاز التغيير الديمقراطي واٌلإشتراكي وإنجاز التغيير السياسي العام، يمكن الحديث بكل ثقة عن وطن جديد ومجتمع جديد أكثر حريةً وعدلاً وسلام من سابقه وأكثر إحتراماً لحقوق الإنسان في شؤونه العامة وفي شؤونه الخاصة.
خاتمة: يكرس هذا البرنامج ووثائقه الأساسية بعض النقاط الأساسية في عملية تقدم مجتمعات السودان من حالات نقص ضرورات العيش والحياة والتكالب على ثمراتها إلى حالة للكفاية من هذه الضرورات وبعض الكمالات في مناخ طابعه الحريات والعدالة الإجتماعية والسلام يتم إنجازه بمضافرة قضايا التغيير السياسي بقضايا الديمقراطية والإشتراكية حزمة ضوئية واحدة لتجاوز الأخطاء والمآسي التي نتجت من تجزئة الأزمات والمشكلات العامة وتجزئة حلولها.
النشاط الحيوي للقوى الثورية في مجتمعات السودان المتنوعة والمختلفة المرشد بالفهم المتكامل لطبيعة أزمات السودان وطبيعة حلولها طبيعة أدوات تنفيذ هذه الحلول دون تبعيض وتجزئة هو العامل الموضوعي السياسي لإحتشاد قوى هذه المجتمعات وتفتح وتضافر طاقاتها ضد مركبات الأحدية والقهر والمظالم الإجتماعية ومآسيها.
هذه الوثيقة هي خلاصة دراسات نظرية وعملية لتطورات مختلفة في تاريخ العالم والسودان لذا فهي لا تقدم صورة دقيقة كاملة عن كل العوامل والظروف والفعاليات والمطلوبات وكيفية تحديدها أو تأقيتها ووضع أولياتها، بل إن هذه الوثيقة هي مجرد تصور لهذه المسائل يجب أن تختبر كل نقطة فيه في محك الممارسة والتطبيق خلال السنوات القادمة وتوضيح ما تعلق بكل نقطة من أحداث وتغيرات وقرآءة الأبعاد الإقتصادية السياسية والإجتماعية الثقافية لهذه التغيرات في كل مؤتمر أو حال دراسية لفهم أعمق لنقاط القوة والضعف في عملنا وفي أعمال الآخرين.
عاش نضال الحزب الشيوعي ذخراً للتقدم والسلام
عاش نضال الطبقة العاملة
http://www.rezgar.com/m.asp?i=1248
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
تحياتي للمنصور جعفر و للجميع مرة اخرى
* نحتاج لترتيب و إتفاق حول المناقشة هذه
* نبداء بإستفسار اخونا ابوساندرا إن كان راغبا في نقل البوست للربع الجديد ؟
* ساعمل علي قراءة كل هذه المادة الضخمة الواسعة التى كتبها الرفيق المنصور ما إستطعت الي ذلك سبيلا ، ارجو من اخى المنصور مواصلة النقاش عبر طرح خلاصة و جوهر الافكار و الانتقادات للبرنامج و الائحة و خط الحزب و قضايا اولويات الصراع نحو الخامس بشكل مختصر و مبسط ما امكن حتى نستطيع المتابعة والتداول
* كلنا نعاني من عامل ضيق الحيز الزمني ، و تلك الالزامية اللعينة لكتابة الاكسبرس ، ومع ذلك نسعى للكتابة بتركيز و مسؤلية و بتعميم نظري و استنتاجات و فائدة دون شك
.. نعود للمواصلة علي محور صراع الافكار و التيارات
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. بتحرك الشيوعين السودانين نحو اروقة المؤتمر الخامس و عينم علي إنفجار و تداعيات و تفاعلات الازمة الرابعة للراسمالية العالمية .. اكيد التيار الماركسي - الثوري بقيف في محور الصراع ضد راسمالية العولمة و سياسات الليبرالية الجديدة المتوحشة ، و مدرك تماما لحجم خطرا على امة السودان و حقيقة إنو اموال شركة الصين الوطنية للبترول هي بالاساس اموال هذه الشركات الامريكية - العالمية قيد الإنهيار !
* صندوق معاشات المعلمين و العمال بكاليفورنيا منذ مدة سحب اسهموا من شركة الصين الوطنية للبترول بسبب الجينوسايد في السودان !
WASHINGTON - Barack Obama urged the Bush administration and Congress to follow basic economic principles to return prosperity to not just Wall Street, but also Main Street. In Saturday's Democratic radio address, the presidential nominee praised the efforts of Federal Reserve chief Ben Bernanke and Treasury Secretary Henry Paulson to protect the well-being and savings of American families and help the financial markets avoid collapse.
"We need to help people cope with rising gas and food prices, spark job creation by repairing our schools and our roads, help states avoid painful budget cuts and tax increases, and help homeowners stay in their homes," said the Illinois senator. "And we must also ensure that the solution we design doesn't reward particular companies, or irresponsible borrowers or lenders, or CEOs, some of whom helped cause this mess."
The administration is asking Congress to let the government buy $700 billion in toxic mortgages in the largest financial bailout since the Great Depression, according to a draft of the plan obtained Saturday by The Associated Press.
The plan would give the government broad power to buy the bad debt of any U.S. financial institution for the next two years. It would raise the statutory limit on the national debt from $10.6 trillion to $11.3 trillion to make room for the massive rescue. The proposal does not specify what the government would get in return from financial companies for the federal assistance.
* بورصة وول ستريت ، تحولت الي كازينو الجنون الراسمالي المالي ، دا مجرد انعكاس نهائي لازمة كونية شاملة لإمبريالية نهاية القرن العشرين و الالفية التالتة
* حكومة بوش رفعت سقف الدين الوطني الي اكثر من 11 ترليون .. اكرر ترليون ، وذلك استعدادا لشراء كل التروستات المالية الضخمة الماشة في درب الانهيار ، و حتى لا ينهار هذا النوع من الاقتصاد المأزوم بالتناقض الاساسي اللي وصفو ماركس مبكرأ :
" تناقض قوى الانتاج الضخم مع علاقات الانتاج البالية "
* الدين الوطني ، ا سلوب بتلجأ ليهو الراسمالية - الضخمة لفك الازمة المالية و تجنب الانهيار ، عبرو بتنهب اموال الامة و دافع الضرائب ، مدام بورينو المتحدثة باسم بوش قالت إنو ال 75 مليار دولار اللي دُفعت لشراء AI G اكبر شركة تامين عالمية ، هي دين وطني لن يعود مرة اخرى لدافع الضرائب
" لاحظوا عبارة the national debt ، في تقرير الاسوشيتدبرس اعلاه "
* الصراع بين اوباما و بوش حاليا هو حول توجهات هذا الدين الوطني ، اوباما بصارع متبنيا مناهج الاصلاحي برنشتاين ، اي المحافظة علي جوهر النظام الراسمالي مع أصلاحات واصلة للطبقة الوسطى و الطبقة العاملة .. الماركسية - الثورية السودانية ترتكز علي تراث لينين و روزا لكسمبرج في سبر اغوار نهج اوباما - ناسي بلاوسي الاصلاحي ، مع كامل الانحياز لمبدا تحرير الاقتصاد الوطني السوداني من الاخطبوط الامريكي - الصيني ، و وكيلم الداخلي ممثل في سماسرة المؤتمر الوطني
* ماركس اشار للدين الوطني ، بوصفو اسلوب لنهب الامة و عبء على الاجيال ، و وصفو بدقة متناهية منذ اكثر من 150 سنة .. تيار الماركسية - الثورية يسير على درب الإحياء الماركسي الحقيقي ، ماركس في طابعو العلمي و جوهرو الثوري * نرفع عاليا رايات الموقف الايجابي من تراث ماركس ، لينين ، روزا ، غرامشي و نحن نسير نحو اروقة الخامس
.. نعود لمزيد من الايضاح حول صفة و نِسبة التيار الديمقراطي الحقوقي .. على درب المؤتمر الخامس و وحدة كل الثوريين السودانيين داخل المجري النضالي لحزب عبد الخالق محجوب
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
Quote: المصير الفلسفي للتيار الماركسي - الثوري السوداني |
Quote: ماركة ذاك السودان السناري - القروسطي .. و مجمل حمولة التفكير الغيبي - المثالي المتمدد راهنا علي خلفية تواتر الفشل التاريخي لليمين الراسمالي بكافة اقسامه السودانية |
Quote: و من مجمل حصيلة صراع لينين مع تيارات الفكر المثالي و ممثلي مذهب نقد التجربة (افيناريوس و ماخ ) عند مدخل القرن العشرين |
Quote: تجتاز الفلسفة ازمتها التاريخية الثانية فيما بعد تلك الازمة الاولي و التى تصدى لها ماركس بدمج مادية فيورباخ مع ديالكتيك هيجل علي نحو ثوري - معرفي تقدمى خلاق |
Quote: يا احمد طراوة انا متابعك بعين مفتوحة وبمتعة تبسيطك غير مخل بل جذاب وماتع |
gir gir gir gir
عزيزي القارئ،
ده نموذج مصغر في شكل falshback او reenactment، للمسيرة الانتهت بنا الي المحارق والابادة!
هكذا قضي مثقفاتية الجلابة يومهم، يثرثرون، وكما الببغاوات يرددون كلام لايفقهون عنه شئ علي الاطلاق، وThe Proof is in The Pudding بحق!
والPudding المعني، هو اين الشيوعي الان؟
طبعا قطعة اثرية في متحف تاريخ دويلة الاقلية، لمتعة السواح، الاجانب!
مباريات، الترديد الببغاوي المضحك الهنا ده لي كلام الخواجات، طبعا شغل انبهار، زي القروي الجا من "العفاط"، نزل في السكة حديد، تاكل شنطة الحديد، فوق النافوخ الخاري عرق، بي شارع القصر، لمن وصل اشارة مردين، وانقهم بالاشارة، نزل شنطتو، او قعد يسوووي:
امك، احمر!
امك، اصفر!
امك، اخضر!
بعد ماشبع ريالة، والخشم اتملي ضبان، السنجك اتلفت للشنطة، لقاها اتلفحت!
ده حال ناس طراوة الاسم علي مسمي، متحكر في واشنطون، ضارب خيرات الراسمالية، او بعد ده، ينظر في الثورة والثورية!
بالعدم، يروح تاكي، حاكي عن مدارس الغنا، مش مجازر كلما للابرياء!
عالم!
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
* التيار الديمقراطي - الحقوقى :
- وثيق الصلة و الارتباط بفكر و فلسفات الحقوق و الحريات ، و هو إنعكاس لزخم الحركة العالمية لحقوق الانسان
- علاقته بالماركسية جزئية و ليست علاقة منهج نضالي
- فلسفيا هو اقرب لكلاسيكيات كانط
- و قبل كل شى ، هذا التيار لا يمتلك تصورا فعليا واقعيا لمهمة التجديد / التغيير داخل الحزب الشيوعي ، اجمالا فكرته الاساسية هي تحويل الحزب الي صيغة ديمقراطية - و اسعة و فضفاضة و مستمرة دون افق ، و دون تصور إنتقالي .. نواصل بمزيد من الشرح ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أبو ساندرا)
|
.. التيار الديمقراطي - الحقوقى ، هو افكار و توجهات ، و حساسية ديمقراطية عالية للمركزة و التجاوزات و موات الحس النقدي / التجديدي على مدي ال 25 عاما الماضية داخل الحزب .. هو نتاج لتخلف ظهور الماركسية - الثورية علي مسرح احداث الحزب الشيوعي السوداني
* بعض من تاريخ و سِيرة التيار الديمقراطي - الحقوقى هو :
.. ما عبرت عنو مجمل افكار الرفيق الراحل الخاتم عدلان ، و ذلك الحِراك و الاستقطاب اللي احدثتو ورقة (آن اوان التغيير ) .. صحيح ان كل ذلك الحِراك كان شتاتا غير منظما في مجرى صراع فكرى - لائحى منتج ، لكنه و بعد كل حال عبر عن إحدى تمظهرات ذاك التيار الديمقراطي - الحقوقي .. و هذا الفهم يستتبعو ان اقول : بان قضية الخاتم عدلان هي اعقد من حشرها في خانة ( الانقسام / و انشطة الإنقساميين ) او السعى لسبر اغوارها عبر ذاك القانون الأجرائي المُستوحي تاريخيا من تلك الرسالة الإنطباعية - الذاتية التى بعث بها لاسال لماركس و وضعها لينين شعارا في مقدمة مقال ما العمل / حول حرية الإنتقاد : إن الحزب ينمو بتطهير نفسه من العناصر الهشة !!
.. ثم التعميم النظري المتعسف الاجدلي ، الا عميق ، و الذى اسس لذلك القول الملتبس :
" الإنقسامات هي تمظهر لقانون نمو الحزب .. الحزب ينمو عبر الانقسامات و طرد العناصر الإنتهازية ؟ ! "
* إذن التيار الديمقراطي - الحقوقي في صلته المُجتزأة مع الماركسية ، هو حالة كامنة و توجه موجود طالما ظلت المركزة غالبة ، و طالما بقيت ظلال و تراث الستالينية تغطى مساحات جديرة بالذكر في حياة الحزب اليومية ، و طالما ظل تيار الماركسية - الثورية غير مكتملا في تبلوره و توجهه ، و طالما ظل الصراع الفكري مؤجلا و غير مُعلنا
التيار الديمقراطي - الحقوقي سيظل مُستولد في نسيج الازمة داخل الحزب ، هذا هو جدل حركة الفكر و الصراع الذي تؤسس له الائحة ذات الطابع المرن الفضفاض ، الائحة ذات المنحى الهيجلي ، و فوق ذلك : هي الائحة التى تمثل مدخلا لصراع الماركسية - الثورية مع بقية التيارات و في مقدمتها التيار و التراث الماركسي - النصي المحافظ
* مستقبل التمظهر الفلسفي للتيار - الديمقراطي الحقوقي ، رهين بمستقبل الصراع فيما بين فكر ماركس في تجدده و عمقه العلمي - الثوري ، و مابين فكر كانط / الكلاسيكي في محاوره الاساسية ممثلة في :
- نظرية المعرفة عند كانط في نسقها المزدوج ، المثالي / المادي / الموضوعي .. معبرا عنها في تخريجات العقل المحض و التقابل المعرفي ل ( القبلي / و البعدي ) Apriori & Postriori
- مفهوم الفتشية Fetshism و الاغتراب Alienation : فبالاساس ماركس اخذ المفهومين من كانط ، وافق ماركس كانط بكون الانسان في ظل علاقات الانتاج الراسمالي الضخم هو كائن مُغرب عن مُحيطه و نفسه ، هو إضطراب كلي لانفصال السلعة عن واقع علاقات الانتاج الراسمالية و تحولها لكائن فوقى - سِحري لا يفهم و لا يُطال = Fetish !
.. سعى ماركس لتعميق مفاهيم كانط عبر التحليل الإقتصادي المادي الجدلي ، لم يكمل ماركس مهمته تلك ، ولم يصل لتاسيس ذاك العمق الانساني - الديمقراطي المكتمل الواضح للماركسية :
( محاولات إيرك فروم ، و الجيل الثاني لمدرسة فرانكفورت ، لم تقد الي نتيجة في مسار البحث عن جذور و خفايا و ازمة الانسنة في فكر ماركس ، بسبب تحليل فروم الامادي ، الا جدلي ، كما وصلت محاولات فوكو و جاك دريدا الي متاهة استدعاء ماركس مرة اخرى ، و البحث عن اشباحه The Specters of Marx .. ازمة دريدا تعود لإحلاله النص بديلا للصراع الطبقي الواقعي )
* الاحزاب البلشفية في صيغتها اللينينية ، شبت و ترعرت ستالينيا وهي تفتقد لهذا العمق الانساني - الديمقراطي الماركسي .. هنا تكمن جذور ازمة الحياة الداخلية للحزب اللينيني
* مهام الماركسية - الثورية السودانية : هي استعادة ماركس في جوهره الديمقراطي - الانساني ، هذه الاستعادة يجب ان تتم خارج إطار انساق كانط المعرفية و الانسانية و الحقوقية
.. هنا يكمن الصراع الحزبي للماركسية - الثورية مع التيار الديمقراطي الحقوقي و مع التيار النصي - المحافظ
* يتواصل هذا الصراع داخل حركة الحريات و الحقوق و الضمير العامة و الواسعة ( حركة حقوق الانسان ) و تحديدا في محور الحريات الانسانية الثلاث التي صاغها كانط :
- الشرط الالزامي The Categorical Imperative
_ الاهداف النبيلة ذات الوسائل الا اخلاقية Means and Ends ( تجربة التجميع القسري الستاليني ، تجربة بناء المشروع الحضاري - الاسلامي السوداني ، و تجربة بناء الحضارة الامريكية ، و كل التساؤلات المشروعة المقدمة حول الضمانات القانونية - الاخلاقية - الديمقراطية لتفجير و انتزاع الفائض الاقتصادي في برنامج الحزب الشيوعي السوداني ! ؟ )
- سيادة الإنسان علي مصيره الذاتي The Self - Autonomy
... صراع الافكار و التيارات .. الطريق الي اروقة الخامس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
الاخ احمد طراوة سلام تانى
اعتقد باهمية ان تكون اكثر تحديدا حتى يتضح للقارىء ماذا تقصد بالتيار الديمقراطى الحقوقى على اية حال انا معنى بالتيار الحقوقى الذى يضع مسألة العدالة الاجتماعية على صدر اولوياته وهو يربطها التحرر الانسانى والذى تكون الديمقراطية التعددية قضية مركزية بالنسبة اليه ، بحيث تكون المعرفة نفسها تعددية وهذا ما يعنى به هذا التيار .. هذا التيار (وهنا اعنى بالتيار داخل القوى الحديثة سواء اكان مرتبط بالحزب الشيوعى او خارجه) هذا التيار يعتقد بان الحزب الشيوعى السودانى ومنذ ان طرح وثيقة (الديمقراطية مفتاح الحل) فى عام ١٩٧٧ والتى كان قد اعدّها السكرتير العام الحالى محمد ابراهيم نقد واجازتها السكرتارية، ظل يرتبط اكثر بممارسة نظرية اكثر واقعية وتجانس حيال الديمقراطية التعددية ولكنها ظلّت منحصرة فى التعامل مع هذه الديمقراطية من منظور اخلاقى (وربما معرفى لكن بشكل جنينى مختزل) وسيظل فى اعتقادى هذا شأنا للحزب حتى يتم حل هذه المعضلة النظرية.. فى اعتقادى ان القضايا التى تنتظر الحزب حتى يتم الانتقال الى ممارسة نظرية تجعل من تعدد الحقائق منطلقا لها وهو شىء لم توفره الماركسية بشكلها الكلاسيكى القديم الذى يطرحه السر بابو وامثاله ، هو جوهر القضية انت تسميها (تثوير) التراث الماركسى وانا اسميها تجاوز للماركسية بعد استيعابها فى سياق نظرى جديد اهم مافيه هو اعادة الاعتبار لاشكال المعرفة الاخرى مثل منهج التأمل الذاتى ولذلك قلت فى بوست اخر ان اهمية تطوير الممارسة النظرية التى قامت بها مدرسة فرانكفورت وخاصة تلك الخاصة بنظرية هابرماس النقدية جديرة بالاعتبار لانها تعيد تركيب ممارسة نظرية تستوعب الماركسية ومدرسة اخرى هامة هى التحليل النفسى التى اسسها سيقموند فرويد وكذلك اعادة الاعتبار للعديد من الممارسات النظرية التى اثبت التاريخ صحتها وعلى راسها نظرية الحداثة عند فيبر. كنت قد بدأت كتابة لنقد البرنامج المقدم للمؤتمر العام الخامس للحزب الشيوعى ولكنى فضلت اخيرا بعد تفكير طويل التركيز على موضوع الديمقراطية واهميتها فى تطوير الانسان نفسه وليس جانبها الحقوقى ،على اهميته ، فى كل ما يتعلق بالشفافية واستقلال القضاء والسلام والتنمية وتطوير مؤسسات المجتمع المدنى. ولذلك سأعكف بعد الارشفة على الاتى: اولا - عمل تلخيص غير مخل لدراسة الخاتم الشهيرة (آن اوان التغيير) باعتبارها جزء من تراث الحزب الشيوعى الفكرى والثقافى والذى اشرت انت اليه فى مداخلتك السابقة بشكل ابتعد عن المحاولات الجزافية التى يطلقها رموز تيار الجمود الماركسى. ثانيا توضيح اهمية مساهمات مدرسة فرانكفورت من اريك فروم الى ادورنو وصولا الى هابرماس.
الاخ ابو ساندرا تحياتى ٍٍسأقوم بتقديم بعض المقتطفات من (آن اوان التغيير) فى هذا البوست حتى اوضح الفكرة التى تتمحور حول حقيقة ان التيار الديمقراطى هو تيار ذو افق وتوجهات واضحة نحو القضية النبيلة وهى قضية الانسان والعدالة الاجتماعية وهو الامر الذى جاءت من اجله الاديان السماوية والفكر الانسانى الرحب وعلى رأسه الماركسية.. ويهمنا معرفة مصير هذا البوست وموقفه من الارشفة اذ اننى افكر فى تركيز الكتابة فى اغناء ما يسمى (بالمناقشة العامة حول قضايا العصر)فى مكان واحد حتى لا تتشتت الجهود اما الان وحتى الارشفة سأحاول تقديم بعض المداخلات الهامة حول دراسة المرحوم الخاتم مع اعطاء قضية معسكر كلمة حقها فى بوستات اخرى لاهميته القصوى.
كتب الراحل المقيم الخاتم عدلان فى صفحة ٨ من رائعته (آن اوان التغيير) والمنشورة فى مجلة (الشيوعى العدد ١٥٧ فى توصيف الانهيار الدرامى لما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكى ما يلى:
( فى اوائل نوفمبر١٩٨٩م عاد ايريش هونيكر من زيارة الى الاتحاد السوفيتى، حاول فيها غورباتشوف ان يقنعه باجراء اصلاحات على غرار البيروسترويكا، وقد رفض هونيكر هذا الامر باذدراء، قائلا ان نظامه لا يحتاج الى اصلاح. وعندما سئل عن سور برلين قال انه سيظل قائما خلال السنوات المائة القادمة ! ولكن بعد اقل من عشرة ايام ، اى فى نوفمبر ٨٩م، انهار سور برلين الذى كان اول سور فى التاريخ يقام، ليس لحماية الشعب من الغزاة، كما كان يحدث فى الصين واسبارطة مثلا - بل لمنع سكان الجنة الاشتراكية الالمانية من الهروب الى سعير الاستغلال الرأسمالى ! ولا نظن ان ماركس كان يمكن ان يحتمل مثل هذه السخرية القاسية. فى تشيوسلوفاكيا سير ابناء العمال والفلاحين والعلماء ، مظاهرات فى ١٧ نوفمبر ، يطالبون فيها بالاصلاحات الديمقراطية السياسية والاكاديمية. وقد حاولت الفتيات فى المظاهرة ان يستملن رجال البوليس برشقه بالازهار.ولكن القادة الشيوعيون الذين تحولوا الى تروس ضخمة فى ماكينة البيروقراطية المعزولة عن الشعب ، اجابوهم بالرصاص الحى. فى ديسمبر ١٩٨٩م القى نيكولاى شاوشيسكو خطابا استمر ست ساعات فى مؤتمر الحزب الشيوعى الرومانى ، وقوطع بالتصفيق المتواصل، والوقوف اكثر من عشر مرات ، واجيز بالاجماع. فمن يجرؤ ان يقول انه لا يرى الشمس فى رائعة النهار؟ وانتخب شاوشيسكو رئيسا مدى الحياة. وابدى القادة السوفيت وعلى رأسهم غوباتشوف ، اعجابهم الشديد بالخطاب وبصاحب الخطاب. فأرسلوا له رسالة مطوّلة بذلك ، كانوا قبلها بعامين قد انعموا عليه بوسام لينين للسلام. وقد كان الشعب الرومانى يشهد المهزلة بغضب يحرق الاجفان ويفجر البابىء. فقد تحوّل قادة الحزب الشيوعى فى نظرهم الى طفيليات جديرة بالسحق . وعندما انفجرت المظاهرات احتجاجا على نفى راهب كاثوليكى ، اندفعت السيكيوريتات ، وبأوامر من الطاغية ، تحصد جماهير الشعب بالمئات ، ولكن السيكيوريتات ، وبكل جبروتها وقوتها ، لم تستطع ان تحمى الطاغية ، و عشية اعياد الميلاد اعدم شاوشيسكو وزوجته، ولم تزرف عليهما دمعة واحدة. وفى هنغاريا ، وبلغاريا، والمانيا ، كان الشيوعيون من الحكمة بحيث استطاعوا ان ينضموا بسهولة نسبية الى الشعب ويشتركوا معه فى هدم البناء الذى اقاموه طوال سنوات حكمهم. وقبل ذلك ، فى بولندا ، وقفت الطبقة العاملة كلها ضد السلطة ، وضد الحزب ، ونظمت نفسها فى نقابة تضامن ومع ذلك لم ير الحزب انه كف عن ان يكون حزبا للطبقة العاملة، واستعان بالجيش ، الذى يبدو انه تقمصته روحا هيجيلية ، حولته الى نقيض ، فصار هو الطبقة العاملة ، بينما اصبحت الطبقة العاملة نقيضا لذاتها ! وقد كان بعض الشيوعيين يصرخ ويقول: لن نتنازل عن شبر واحد من رقعة الاشتراكية حتى ولو كان ذلك التنازل من اجل الطبقة العاملة نفسها ! ولم يكن استخدام الجيش ضد الطبقة العاملة وقفا على بولندا وحدها ، فقد استخدم ضدها فى المانيا عام ١٩٥٣م ن وفى المجر عام ١٩٥٦م ، وفى تشيكوسلوفاكيا عام ١٩٦٨م. هذا العبور من عصر البطولة الى عصر الانحطاط ، هل يخصنا نحن ، فى الحزب الشيوعى السودانى ؟ هل يمكن ان يكون مصيرنا كمصير الاخرين ؟ وهل سنشترك يوما فى قهر شعبنا وقمعه بالسلاح؟ وهل فى مآسى الاحزاب الشيوعية الاخرى ومصائرها ، شيئا نتعلمه منها؟ وهل فى استطاعتنا ان ندير ظهورنا لما حدث ، ونتعامل كأن شيئا لم يكن ؟ هذه هى بالضبط الاسئلة التى كتبت هذه الورقة للاجابة عليها . بل انها كتبت لتفادى مثل ذلك المصير الذى حلّ بغيرنا ، فثمة نغمة بدأت تتسع بأننا حزبنا من نوع خاص ، لم يعرف عبادة الفرد ، ولا حجب الرأى الاخر، ولا نفى المخالفين فى الرأى ، دع عنك اعدامهم. وما دامت المقدمات المختلفة تقود الى نتائج مختلفة ، فلا يمكن لاحد ان يتهمنا يشىء او ان يحاسبنا باحطاء غيرنا . وربما يتساءل البعض : كيف يمكن لحزب عبد الخالق محجوب ، والشفيع احمد الشيخ ، ان يصبح كحزب شاوشيسكو ؟ وليس فى نية كاتب هذه السطور ، ان يكتفى بالاجابات العاطفية ، او الجمل الرنانة المفجرة للحماس والعواطف النبيلة .)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
( عندما ينظر المرء الان ويجيل النظر داخل الحزب الشيوعى السودانى ، فانه يرى مظاهر الشيخوخة قد دبت فى كل شىء، وتخللت خلاياه . ولكنه يرى مع ذلك امكانيات هائلة للنهوض بالاستناد الى جديد ينبت من بين الانقاض ، وحياة تتمخض عن كوم الرماد. هناك امكانيات حقيقية لبناء مشروع جديد ، عادل وخير ، ولكنه اكثر تواضعا مما كنا نحلم ونتمنى ، واكثر واقعية وراهنية ، واكثر التصاقا بالارض ، واكثر اهتماما بانسان اليوم ، وقضاياه الحقيقية، ومشاكله الطاحنة ، واماله القريبة ، منه بانسان خيالى ، لا يعدو ان يكون مقولة ذهنية ، لا ننكر جمالها ، ومقدرتها الهائلة على الجذب ، كما انها يمكن ان تتحقق فى يوم قادم من ايام الانسانية . ولكننا فقط ، فى لحظتنا هذه من الزمان ، فى بقعتنا هذه من الارض ، فى مرحلتنا هذه من تطور المجتمع ، نتركها للاجيال القادمة. فهى ، ويا للاسف الشديد ، ليست فى متناول اليد ، ليست فى مستطاعنا. كما ان الاجيال القادمة لن تتمكن من الوصول اليها الا على اساس من هذا البناء المتواضع الذى نحاول ان نقيمه لانفسنا . وفى هذا مصدر عميق للعزاء..)
المرحوم الخاتم عدلان فى (آن اوان التغيير) صفحة١١
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
( من نافلة القول ان الحزب السياسى،- اى حزب - لا يقيّم فى ضوء انجازاته المحققة ، بل كذلك فى ضوء الاهداف والخطط التى طرحها وسعى الى تنفيذها ، ومآل تلك الخطط فى الحاضر والمستقبل ، ومعناها وجدواها بالنسبة للناس الذين وجهت اليهم ، وقصدت الى اعادة صياغة شروط حياتهم ، وكل ذلك على خلفية من تطورات عاصفة اجتاحت هذا الكوكب من اقصاه الى اقصاه ، وقلبت الايديولوجيات والبرامج والخطط راسا على عقب. وترتب على هذا التقييم الشامل نتائج عملية تتعلق بالحزب. تتعلق بوجوده وفكره ، باسترتيجيته وتاكتيكه ، ببرنامجه ولائحته ، بوسائله واساليبه ، وبالقوى الاجتماعية التى يتوجه اليها . وعلى هذا التقييم ان يجيب على اسئلة اساسية منها ما يلى : هل استطاع الحزب الشيوعى ان يحقق الاهداف التى نشأ من اجلها ؟ هل يستطيع الان تحقيق تلك الاهداف ؟ هل احتفظت هذه الاهداف بقيمتها ذاتها طوال هذه العقود ؟ هل بامكاننا ازاء هذه التطورات الهائلة التى عصفت بالكوكب ان نتظاهر بان شيئا لم يحدث واننا نستطيع ان نواصل السير كما فعلنا فى الماضى ؟ اسئلة تحيّر الالباب ، وتمسك بالرقاب ، وتؤرّق الضمائر، ولا يستطيع ان يتجاهلها الا اولئك (المعصومون من الاهتزازات ) والذين لا نحن منهم ولا هم منا .) (آن اوان التغيير ) ص ٢٥
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
(هل حقق الحزب لشيوعى شعاره الاساسى فى التحوّل الى قوة اجتماعية كبرى ، والى حزب جماهيرى مؤثر وفعّال على النطاق الوطنى ؟ ولا نتردد فى الاجابة بالنفى. لقد فشل الحزب فى تحقيق ذلك الشعار ، بالصورة التى تصوّرها مؤسسوه ، وبالكيفية التى تؤهله ليطمح طموحا عقلانيا فى الوصول الى السلطة وتنفيذ البرنامج المشار اليه . لقد ذكرت وثائق الحزب فى تقييم الاداء الحزبى عند التحضير لثورة اكتوبر ان عدد اعضائه لم يكن يتعدى بضع مئات ، وهو نفسه يمكن ان يقال عن الحزب وهو يواجه انتفاضة ابريل كما يكمن ان يقال عنه حاليا وهو يصارع العسكرية الثالثة. وقد حكى لى احد قادة الحزب انه مرت عليهم لحظات اثناء دكتاتورية نميرى كانوا يشعرون فيها ان وجود الحزب يتمثل فى وجود الاعضاء الخمسة لسكرتارية اللجنة المركزية . ليس فى حالة نشاط مشترك بل كل على حدة ! واذا كان ذلك يعبّر عن الصلابة وقوة الارادة والاستماتة فى التمسك والدفاع عن وجود الحزب ، فهو يعبر فى نفس الوقت عن انكماش الحزب وتحوله فى ذهن ذلك الشخص القيادى الى قبضة يد واحدة. ويعبر بعض القادة حاليا عن استهانة ظاهرة بان عشرات الالاف من اعضاء الحزب قد تركوا صفوفه او جمدوا نشاطهم او خفضوه. ولا نحتاج الى القول ان حزبا بهذا الحجم لا يمكن ان تساوره الامال بتغطية الساحة الوطنية ، خاصة اذا كانت متسعة ومتنوعة ، اتساع وتنوع السودان. ان اهم الاسباب التى اعاقت نمو الحزب وحالت بينه وبين صيرورته قوة اجتماعية كبرى ، وحزبا جماهيريا على النطاق الوطنى - فى اعتقادنا - هى التالية: * القمع الشرس الذى ووجه به الحزب منذ تأسيسه وحتى اليوم ، وازاء هذا القمع الشرس والمتواصل ، اضطر الحزب الشيوعى الى الحياة السرية المطلقة ، وما يصاحبها من امراض الحلقية والانكماش والاحجام ، ومن الانغلاق امام الجديد وامام الجماهير، وقد وجدت عناصر مؤثرة كثيرة، ان الحياة الداخلية السرية لا تناسبها ولا تتسع لها . كما وجدت عناصر اخرى ان الابواب مغلقة امامها . * واقع بلادنا المتسم بكون القطاع الحديث الذى يمور بالنشاط والحيوية ، قطاعا ضيقا نسبيا، مع اتساع القطاع التقليدى الذى يضم الاغلبية الساحقة للسكان ، ويمثل قوة جذب هائلة الى الوراء . وفى مثل هذا الواقع يكون من العسير بناء تنظيم وطنى حديث يتخطى الانتماءات القبلية والطائفية والعرقية والنزاعات الاقليمية. * قيام الحزب على اساس الماركسية اللينينية يتطلب من المرء ليكون عضوا من اعضائه ، ان يتوصل لتبنى موقف فلسفى متكامل من الوجود . موقف سيصف نفسه بانه استوعب اعظم ما توصلت اليه البشرية فى مجالات وحقول الفلسفة والاقتصاد والاجتماع والثقافة ، وتخطاها تخطيا جدليا . ان مثل ذلك الانتماء لم يكن فى متناول الاغلبية الساحقة من شعبنا ، لا تاريخيا ولا معرفيا .وهو ليس فى متناولها الان او فى المستقبل المنظور. وانه طموح غير عقلانى ان نحاول بناء حزب من الفلاسفة فى مجتمع امى .) ونواصل (آن اون التغيير ) فى رصد الاسباب وحسب وجهة نظر الكاتب ،التى اعاقت الحزب الشيوعى من التحول الى قوة اجتماعية كبرى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
(* الموقف الفلسفى المادى للماركسية ، والذى لا يمكن التوفيق بينه وبين التصورات الدينية حول الكون والخلق الاّ بمعجزة ، قد سهّل مهمة اعدائه فى انشاء حائط اصم بينه وبين الشعب . ان تركيز القوى التقليدية والرجعية بمكر وخبث على هذا الجانب ، قد وضع عقبات كؤود بين الحزب والجماهير. وذلك فى وسط اجتماعى يشكل الدين نسيجه المعرفى والقيمى والاخلاقى. وقد تعرض الحزب لحملات بالغة العنف والفظاظة ، اعتمدت على الترويج الخبيث لمواقف عملية مزعومة ، يقفها ضد الدين ، وقد تصدى الحزب لتلك الحملات ولكن الماساة التى صاغها التاريخ ، وطوّق بها الحزب ، هى ان الاغلبية الساحقة من الجماهير كانت تقف خارج دائرة البث الفعّال التى يغطيها الحزب باقواله وافعاله ، سواء بفعل الامية السياسية والثقافية ، او العزلة الجغرافية ، او محدودية اداة البث ذاتها . فى الوقت الذى كان فيه خطاب القوى الرجعية واصلا لكل اقسام الجماهير. * تضاف الى شمولية الانتماء الفلسفى ، شمولية الموقف والبرنامج السياسى، وقد تمثل ذلك فى برنامج الحزب الذى يغطى ثلاث مراحل ، ويطرحها جميعا للتنفيذ . وهى مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية، ثم الاشتراكية ، فالشيوعية . وقد حاء ذلك فى برنامج الحزب الذى قال : ان الحزب الشيوعى بطبيعته هذه ن يهدف الى تغيير المجتمع السودانى بانجاز الثورة الوطنية الديمقراطية ، والسير بالبلاد نحو الاشتراكية ، والشيوعية. ولا ينظر الحزب الى مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية والمطروحة للانجازالا كمرحلة اعداد للاشتراكية وهى بالتالى مرتبطة بها ومفضية اليها . برنامج الحزب اذن عبارة عن حلقات مترابطة ترابطا وثيقا ولذلك فان الشخص الراغب فى نيل عضوية الحزب مطالب بتبنى مشروع سياسى متكامل يغطى الحاضر ، وكل المستقبل ويسعى نحو اقامة نظام اجتماعى ، ليس لهذا الجيل وحده ، ولا الجيل الذى يليه ، بل للمجتمع الانسانى ككل منذ اللحظة الحاضرة والى الابد.)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
( ان الحزب الشيوعى السودانى قد بذل جهدا كبيرا ومتصلا لتأكيد هويته - البروليتارية - وترقية تكوينه البروليتارى . وقد ادى ذلك فى نظرنا الى سيادة اهتمامات ضيقة ، وغذى روح الانتصار الحالم لتلك اللحظة التى تنمو وتنضج وتسود فيها الطبقة العاملة. وقد ادى ذلك الى غربة الشيوعيين عن واقعهم غير البروليتارى اساسا . فاعرضوا عن الانخراط اليومى الحميم فى معرفة الواقع وتوجيهه وفق منطقه الخاص وليس وفق تصورات ذهنية غير واقعية . وقد ادى البحث عن - الهوية البروليتارية _ الى نشوء عدم الحساسية تجاه الفئات والطبقات الاخرى ، وانشأ جدارا من الاستعلاء والغربة بين الحزب وبين العناصر الراغبة فى الانضمام اليه من تلك الفئات والطبقات . وقد تأثر المثقفون خاصة بهذه الاتجاهات . كما ان النقاء البروليتارى قد تطابق فى كثير من الاحيان مع التعصّب والجمود واحتقار الرأى الاخر ، وقمعه ، باعتباره يمثل فكرا غريبا عن ايديولوجية الطبقة العاملة . لقد كانت هذه التهمة فادحة بالفعل . فالتعبير عن افكار غريبة يعنى الوكالة الفكرية عن الطبقات الاخرى ، وتمثيل مصالحها غير المشروعة ، داخل الحزب ، وهو عمل يمكن ان يوصم بالخيانة . وفى حالة براءة الشخص من تهمة الخيانة فانه فى هذه الحالة لن يكون بريئا من الجهل ، ولا من عدم نضوج الانتماء البروليتارى كون مجهوداته السابقة كلها فى - التثقيف الماركسى - قد ضاعت هباء. ان الجو الفكرى الخانق فى الحزب الشيوعى والخوف الشديد من اى خلاف فى الرأى ، والاحجام عن التعبير عن اية افكار غير مألوفة وغير مقبولة للقيادة ، والاحجام عن استخدام مفردات لغوية جديدة ، ومحاربة بروز خطاب خاص لاى عضو من اعضاء الحزب ، اذ يشجع الجميع على التحدث بنفس اللغة ، ترجع اسبابه الى هذا الخطر الماثل المتعلق بالخروج عن ملة البروليتاريا. هذا الخوف يشمل البروليتاريين انفسهم داخل الحزب . فالخيانة الطبقية تشمل ايضا خيانة الذات. وللتحلل من هذا العبء الفادح ، والخوف المقيم ، تركت مسألة التعبير عن ايديولوجية البروليتارية لقساوسة ايديولوجيين ، لمفوضين من طراز سوسلوف. وقد ادى هذا الى خنق الفكر داخل الاحزاب الشيوعية ، وتفريخ روبوتات بدلا عن افراد. وربما لا يكون هذا قد تحقق بكامله فى جميع الاحزاب ، ولكنه اتجاه قوى لا يستطيع ان ينكره احد.)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
المركزية الديمقراطية ...داء الحزب العضال :
(العوامل التى عددناها ، والتى اعاقت نمو الحزب ، ذات طابع خارجى ، برانى . اى انها تختص اساسا بعلاقة الحزب بالمجتمع ، او الطبقات او الفئات المختلفة . ولكن ثمة عقبة ذاتية ، داخل الحزب الشيوعى ذاته ، تعيق نموه وتحبط تطوّره . وهى تتمثل فى المبدأ التنظيمى الذى يحكم حياته الداخلية والمسمى - المركزية الديمقراطية -..فسيادة هذا المبدأ التنظيمى هى المسؤولة عن عقم حياة الحزب الداخلية ، وضيقه فى الرأى ، وتبرمه باستقلال الفرد ونمو شخصيته المستقلة ، وتوخيه للطاعة المطلقة فى كوادره واعتبارها شرطا اساسيا للترقى الحزبى . وهى المسؤولة عن ظهور الشيخوخة المبكرة فى هيئات الحزب القيادية. وعلى كثرة ما قيل فى هذا المبدأ من مدائح ، وما دبج فى الدفاع عنه من مقالات وكتب ، فان الحجج التى تسنده لا تخرج عن اثنين: ١- ضمان وحدة الحزب والوقوف فى وجه اية محاولات تكتلية وسحقها فى مهدها . ٢- اقامة نظام طاعة حديدى يزعم انه يرتفع بفعالية الحزب الى الدرجة القسوى. واذا افترضنا ان مبدأ المركزية الديمقراطية يؤدى بالفعل الى تحقيق هذين الهدفين، فانه يحققهما فى راينا ، بثمن فادح يملى علينا الاقلاع عن تبنى هذا المبدأ . ولو سلمنا جدلا بان المركزية المطلقة كان لها ما يبررها فى بداية القرن فى بلد مثل روسيا ، فانها حاليا قد فقدت اى مبرر تاريخى. ويبدو لنا ان الذى فكر فى الجمع بين المركزية والديمقراطية قد اتخذ الاولى كنقطة انطلاق واضاف اليها الثانية كمسوغ لقبولها ليس غير . وذلك لسبب بسيط وهو ان الديمقراطية تحتوى على مركزيتها الخاصة . فخضوع الاقلية لرأى الاغلبية مبدأ ديمقراطى معروف ، يضمن وحدة المنظمة المعنية ويجسد ارادتها . يضاف اليه مبدأ التمثيل الذى يؤدى نفس المهمة على المستويات الاعلى فالاعلى . وتكمل البناء الديمقراطى وترتقى بالفعالية الحزبية ، مبادىء اخرى صاغتها الافكار السياسية عبر القرون. مثل التوزيع الافقى للسلطة الحزبية، التخصص ، الاعتبارات الفئوية والجغرافية ، العرقية والقومية، المؤتمرات المنتظمة الصحافة الحزبية ..الخ . وبما تشيعه الديمقراطية الحزبية من رضى عام وسط الحزب وهيئاته ، فانها ترفع فعاليته الى الحد الاقصى . وهكذا فان وحدة الحزب وفعاليته يمكن ضمانها باعتماد الديمقراطية وحدها كمبدأ تنظيمى. ان ممارسات الاحزاب الشيوعية تشهد ان الديمقراطية قد تمت التضحية بها على الدوام لصالح مخدومتها المبجلة : المركزية المطلقة . فعلى مستوى الحزب ، صارت القيادات العليا تفرض هيمنتها الكلية على كل عضويتها وتحتفظ لنفسها بسلطات تظل تتسع باستمرار، وتتطور فى اثناء ذلك آليات تنظيمية تسحق كل نزعة مستقلة. وعلى مستوى الطبقة العاملة، وبفضل نفس المبدأ ، تحولت المؤسسات التى انشاتها لخدمتها الى مؤسسات سيدة ، ومتعالية عليها . وعلى مستوى المجتمع ككل ، صارت السياسات البيروقراطية متنزلة من سماوات السلطة اوامر الهية لا تقبل الاخذ او الرد. ان المركزية الديمقراطية هى مبدا الحماية المطلقة للقيادة فى مواجهة قاعدتها . فعندما تصل القيادة الى مراكزها السماوية عن طريق اليات المركزية الديمقراطية فان شيئا اقل من زلزال لن يزيحها من اماكنها . هذا مع الاعتبار الكافى لكون ممثليها كافراد يمكن ان يزيحوا عن طريق الموت او العجز الكلى ، او التآمر. وحتى لا نتهم بالتحامل على المركزية الديمقراطية ، دعونا ناخذها فى صورتها المثالية ، ونفترض ان التنظيم القائم على اساسها قد طبق تطبيقا كاملا .فهيئاته من القاعدة الى القمة منتخبة ، ويسود فيها مبدأ خضوع الاقلية لرأى الاغلبية ، وتخضع الهيئات الدنيا للعليا ، وتعقد مؤتمرات الحزب بصورة منتظمة ، وتقرر برامجه ولوائحه فى هذه المؤتمرات ، وتصدر مجلاته الداخلية تحمل آراء مختلفة ومتصارعة لاعضائه ، وتصدر مجلاته وصحفه الجماهيرية لتحمل تصوراته الموحدة الى الشعب. هل ينتفى حينها طغيان القيادة واستئثارها بصلاحيات شبه مطلقة؟ اعتقد ان الاجابة بالنفى . وذلك لسبب محدد هو ان اجراءات انتخاب اللجنة المركزية ، وكل الهيئات القيادية التابعة لها هى اجراءات غير ديمقراطية. فاللجنة المركزية السابقة ، او مكتبها السياسى بالاحرى ، هى التى تقدم قائمة الترشيحات للجنة المركزية الجديدة. وما دامت هذه القائمة هى القائمة الوحيدة فانها ستفوز فى جميع الحالات . وفى ضوء القانون اللائحى بمنع التكتل والاتصالات الجانبية، فانه من المستحيل عمليا تبلور اية مجموعة ، بمعزل عن المجموعة القائدة ، تستطيع ان تقدم قائمة بديلة. ويبقى من حق الافراد اذا احتملوا الهمهمات الساخرة والنظرات القاسية ، ان يتقدموا بترشيحات فردية ، حظها من النجاح يكاد يكون صفرا. ولكن حتى اذا فازت فانها لا تؤثر على تركيبة القيادة . ولا يبقى امام المعارضين للترشيحات الجديدة سوى الامتناع عن التصويت وهو حق العاجز، الذى لا يقدم ولا يؤخر وبمجرد انتخاب اللجنة المركزية فان هيئات الحزب القيادية كلها يكون امرها قد حسم . واللجنة المركزية ، والمكتب السياسى، والهيئات المحيطة بهما ، هى التى تحدد سياسات الحزب ، ومواقفه العملية ، وهى التى تحكمه حكما صارما. ويتم التركيز دائما على ان اجازة البرنامج السياسى هى الامر الاهم . وان العضوية عندما تجيز ذلك البرنامج فانما ترسم للقيادة اتجاهها ، وتحدد لها دورها . وهذا صحيح نظريا . ولكن عمومية البرنامج نفسه ، تسمح بسياسات وتفسيرات متعددة، وربما متناقضة. ولذلك لا يمكن الاحتجاج به . وما يقال عن الوحدة حول البرنامج ، يقال لصحة اكبر حول وحدة الايديولوجية . وعندما تستند القيادة الى مبدأ خضوع الهيئات الدنيا الى الهيئات العليا فانها ستتمكن من فرض رأيها على مجموع الحزب حتى اذا كانت كل الهيئات الدنيا تعارض هذا الرأى . واذا كان هذا المبدأ هاما لفعالية اى تنظيم سياسى فان الضمانات الكفيلة بعدم طغيان القيادة لم توضع مطلقا. وغالبا ما لا تخضع الوثائق التى يخرج بها المؤتمر لحوار جدى قبل المؤتمر او اثناء انعقاده. فوثيقة الماركسية وقضايا الثورة السودانية على سبيل المثال تمت قراءتها على الاعضاء اثناء المؤتمر الرابع ، وهى كتاب . وتمت تعبئة الحزب حولها بعد انفضاض المؤتمر واستمرت التعبئة لاكثر من عام.)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: Elbagir Osman)
|
انا قالوا لى اسكت خلى طراوة يكتب ...
وفهمنا انو البرنامج صدر عن مكتب المنصور جعفر .....
وبالله يا "بشاشا" ويا "طلعت" اسكتوا خلّوا احمد طراوة يكتب عشان الخامس يقوم ....
(المنصور جعفر سيد الراس والجلد ويكتب كما يشاء)
فى زول قال لى ما دخلت البوست بتاع صلاح البندر ليه ..
قلت ليو "انا الدراما البيفرزا الإنهيار البطئ للحزب الشيوعى دى ما قاعدة تثيرنى" ...
(الزول دا قعد يضحك ساعة ... لأنو عارفنى كضّاب ساى ومستمتع بالإنهيار البطئ للحزب من الديموقراطية لى هسة)
_____________________________________________________________________________________ حكوا لينا نكت كاس الزميل المختفى ... ونكت التأمين ... وكلو ... متعة لا تضاهيها متعة ... أشبه بروايات ماركيز ...
المهم ....
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: أحمد طراوه)
|
الاعزاء الباقر وابوساندرا رمضان كريم وكل عام وانتم بخير لا استطيع تلبية طلبكم الخاص بنشر الوثيقة كاملة الان ، ولكنى اقوم بتلخيص لا يخل بمحتواها او بالقضايا التى تهم (المناقشة العامة) فكونوا متابعين هنا .. ساردف التلخيص بتعليقات اعتقد انها مهمة حول منهج الخاتم الذى استخدمه فى الدراسة والمعلومات التى عالجها ، ثم متابعة موضوع تجاوز الماركسية بعد اعادة صياغتها فى ممارسة نظرية جديدة من خلال عرض ملخص للنظرية النقدية عند هابرماس كنت قد بدأته فى بوست اخر. ام ما اركز عليه وارمى اليه الان هو اهمية الارتباط الجدلى بين التنوير والتحرر من علاقات الواقع التى تعيق الممارسة الديمقراطية سواء اكانت على مستوى المجتمع او المنظمة السياسية وهو على العكس من الدعوة التى يتبناها البعض فى محاولة للفصل من خلال الدعوة الى تأجيل التخلص من المركزية فى التنظيم الى ما بعد المؤتمر الخامس للحزب الشيوعى السودانى لان ذلك سيعيق مسألة الوعى كثيرا.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
(نخلص الى ان الحزب القائم على المركزية الديمقراطية كما اثبتت تجارب الاحزاب الشيوعية دون استثناء، هو حزب غير ديمقراطى . واذا كانت ثمة ديمقراطية داخله ، فهى من نصيب القيادة وحدها ، فى حين تتجه المركزية الى اخضاع القاعدة وتأديب المارقين. ان المبادرة فى مثل هذا الحزب تأتى دوما من القيادة وحدها . ويصبح التلقى والتنفيذ هو القدر الذى لا مفر منه بالنسبة للقاعدة. فالمركزية المطلقة هى الاداة الفعالة لخلق قاعدة سلبية ، عديمة الارادة ، مغتربة داخل حزبها الذى جاء ليجتث الاغتراب من المجتمع ، وممزقة لا تدرى ماذا تفعل - ولا نعدو الحق اذا قلنا ان العلاقة بين القيادة والقاعدة دائما مأزومة ومريضة. فالقيادة دائما تنزل رؤيتها فى شكل توجيهات ، وتتوقع من القاعدة ان ترفع لها الشواهد والبراهين التى تؤكد لها صحّة تلك التوجيهات وتقمع وتحجب ما عداها . وان القاعدة تنتظر راى -الحزب - فى كل صغيرة وكبيرة ، معتقدة ان الحزب هو هيئاته القيادية. وبين هذه وتلك ، يوجد الجهاز الحزبى المتخصص فى تنزيل التوجيهات ورفع التأكيدات. وبالتدريج ، وبفعل هذه الالية ، وبفعل الدوافع والنوازع الانسانية ، البالغة التعقيد ، وبفعل تأثيرات السلطة الحزبية ، او السلطات السياسية اذا وجدت ، يتحول رأى الحزب وتوجيهاته الى اوامر اتوقراطية غير قابلة للمراجعة. وتتحول تاكيدات القاعدة الى مديح وثناء وتأليه وعبادة . فعبادة الفرد ليست سوى عبادة القيادة. وليست سوى الثمرة السامة للمركزية الديمقراطية. واذا كانت تخلق على مستوى القيادة ، طغاة قساة القلوب، مثل ستالين وشاوشيسكو، او تسمح لهم بالصعود ، فانها على مستوى القواعد تخلق جيشا كاملا من المداحين، والكذابين ، وماسحى الجوخ والمزيفين والمزيفين والمزيفين. وهؤلاء هم الذين سيحتلون تدريجيا اهم الوظائف الحزبية ، ويفرضون سيطرتهم الكاملة على جهازالحزب ، ويسخرونه فى عمليات القمع القاسية ، وعمليات الافتراء الخبيثة والتى يوجهونها ضد اشرف وانظف العناصر الحزبية هذه العناصر التى تستفزهم استفزازا لا يحتمل بمحض نبلها واستقامتها وصدقها واستماتتها فى الدفاع عن القضية النبيلة التى انشأ الحزب اساسا من اجلها. وهنا يصبح الحزب مريضا مرضا لا شفاء منه ، مغتربا عن ذاته ، وعن رسالته ، وعن مجتمعه. وبدلا عن ان يكون منفذا للمجتمع يتحول الى خطر ماحف يهدده . انه يغرق بالكامل فى مرحلة انحطاطه ولن يشفى الا باستئصال تام لاورامه الخبيثة. ويمكن للحزب ان يقاوم هذه الاتجاهات التى اشرنا اليها ، من جهة التعبير عن نفسها بالكامل ، ما دام فى صفوف المعارضة، ولكنه لا يستطيع مقاومتها مطلقا اذا استولى على السلطة . وتجربة الاحزاب الشيوعية فيما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكى خير شاهد على ذلك . فالظاهرة الستالينية هى القاعدة وليست الاستثناء فى جميع هذه التجارب. وبانتقال الحزب الى السلطة ينتقل مبدا المركزية ليشمل المجتمع ككل . وتنتقل ظواهرها السالبة من حيزها الحزبى المحدود الى الحيز الوطنى العام . كما انها تصبح اكثر تفاقما وعمقا وعقما ايضا.)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: السر بابو يعلق على رزنامة كمال الجزولي { الماركسية و طبيعة الحزبفي تصريحات الشفيع خضر } (Re: طلعت الطيب)
|
( ان منع تكوين الاقلية ، ومأساة الرأى الاخر ،ومصادرة الديمقراطية ، وانشاء بنية سايكولوجية متينة لدى عضو الحزب تخشى الاختلاف والاستقلال والتميّز خشيتها للمرض ، هى ظواهر كفيلة باحباط وسحق تطور اى حزب او منظمة . ولا غرو ، فذلك يمثل الالغاء العملى لفعلية قانون التناقض الماركسى والذى هو القوّة الدافعة لكل تطوّر. فهذا القانون القائم على وحدة وصراع الاضداد قد ابطل فعله داخل الحزب بالتركيز وحيد الجانب - المرضى احيانا - على الوحدة على حساب الصراع. وانه لمن المفارقات الاليمة فى تاريخ الفكر السياسى والتنظيمى ان يبادر الداعون الى نظرية ما ، والمؤمنون بصحّتها وصوابها ، الى الغاء جوهرها حينما يشرعون فى تطبيقها . خاصة وان تلك النظرية تصر على وحدة الفكر والتطبيق، وتعتقد ان حقيقتها لا تتكشّف الاّ فى وحدتها . للاسف الشديد فان هذا هو بالضبط ما حدث بل ان اكثر ما يثير القيادات الحزبية ويفجّر غضبها هو القدح فى مبدأالمركزية الديمقراطية الذى ادى الى كل هذه النتائج السالبة . ولا يحدث هذا الا لان هذا المبدأ يتعلق بالسلطة الحزبية وبحماية المواقع القيادية.) ملحوظة: وضعت خط تحت مفاهيم تطعن فى مصداقية (التيار الماركسى الثورى) اذا كان يدعو الى تأجيل البت فى موضوع المركزية الديمقراطية .. ايضا تامل عزيزى القارىء مقدرة المرحوم الخاتم اللغوية فى حشد الفكرة والخيال وهى قدرات تعد نادرة خاصة وسط من يستخدمون اللغة العربية للتعبير عن مجموع معقد من الافكار.. العرض اعلاه لافكار الخاتم يعد تجسيدا اصيلا لما سوف اطرحه من اهمية ايجاد ممارسة نظرية جديدة تستوعب الماركسية والتحليل النفسى لسيجموند فرويد حيث من الواضح هنا ان الحاجة النفسية لحماية المواقع القيادية تتفوق على الحوجة للتمسك بجوهر الماركسية ، رغم الادّعاء الظاهرى بذلك.. ولذلك قلنا ان الدراسة تضع الخاتم فى عداد مفكرين قلائل طرحوا قضايانا بعمق وشفافية...انه كانط السودان الحديث وبكل تواضع دون اىّ ادّعاءات.
| |
|
|
|
|
|
|
|