|
بالمناسبة ، هل الرجل السوداني أكثر حياءً من المرأة؟
|
بسم الله الرحمن الرحيم
تساؤلي هذا يجئ في اطار الاحتفال بيوم المرأة العالمي ، وهو في الواقع سؤال منحاز للمرأة ، وليس كما يبدو من الوهلة الأولى، فهو ، حقاً ، يسعى الى قراءة نموذج - يجري الترويج له اليوم-، ويسعى كذلك الى المساهمة في اعادة صياغته حتى يكون حاضرا وفاعلا ومؤثرا كما يجب، وكل ذلك لكي تنال المرأة حقوقها ومكانتها اللائقة بها عن جدارة واستحقاق سلس وطبيعي. نريد نموذجا رادعا لعدائه، دون ان يكون مصدر الردع هو مجرد سلاح المفلسين ، أقصد العنف والقهر المضاد والصراخ والهياج وطلب الثأر وتأليب القبائل والعدوان وأخذ أكثر مما هو عدل ونصاب. فهذه الحياة كلها قائمة على التنوع ، والتوازن في الوقت ذاته ، وبالتالي ليس من صالح المجتمع البشري أن تتحول المرأة ( نفسيا واجتماعيا وثقافيا) الى رجل آخر، فتؤسس لسلطة العنف والثأر وثقافة القوة واللهاث نحو الهيمنة والتسلط واتنزاع الحق بطرق ظالمة الخ فهذه ظلت تاريخيا سيماء ثقافة الرجل التي يعاني منها راهناًً الرجل والمرأة معاً ، وليست المرأة وحدها!! وضمن هذا الاطار ارجو ان اتقدم بهذه المساحة لسماع شهادات وآراء جادة تسائل نموذج المرأة السودانية المتعلمة بالذات ، والمناضلة منها بصورة أكثر تحديدا.. بدلا من مجرد الهتاف لكل لشئ، بلا مسؤولية، وحدب. فما ايسر ان نؤيد المرأة ونضالاتها هكذا بمجانية وعمى حتى نحصل على مديحها واحترامها، ولكن ما اصعب ان نمرر مرآة بين يديها لكي ترى فيها نفسهاخلال مسيرتها الظافرة، خاصة وان المرأة ( الزمااان ديك) لشدما كانت تحرص على المرآة!. ومهما يكن، فاننا نتساءل تالياً واجرنا على الله: هل ثمة علاقة عضوية حتمية تخلق نوعا من التلازم الطبيعي بين النموذج المطلوب للمرأة وبين التضحية بثقافة المرأة التقليدية؟ يعني .. هل لابد من التنازل مثلا عن الحياء ( الايجابي) حينما تتكلم المرأة او تطرح افكارا أو تخالف الرأي أو تحاور او تكتب ؟، واقصد بالحياء هنا ذلك المضاد للوقاحة والذوق الموروث، ولا أقصد الجرأة التي يبررها العلم أو الدين. اليست هنالك حدود؟ هل لابد للمرأة الجديدة ( التي يراد تعميمها) أن تتخلى عن التسامح والمودة خلال تعاملها مع الجميع، بمن فيهم حتى المخالفين بل والرافضين لبعض مطالبها المشروعة من وجهة نظرها؟ هل لابد للمرأة أن تلبس ملابس الرجال لكي تشعر بالمساواة؟، وأن تؤيد الحروب بين الدول بحجة ضرورة أن تفرض بعض الدول القوية عسكريا فهمها وثقافتها ومفردات حضارتها على دول اخرى ( متخلفة حضارياً وسياسيا واجتماعيا من وجهة نظرها!!!!) هل يجب على المرأة السودانية الجديدة ان تقتفي - باخلاص تام - اثر المرأة الغربية المتحررة كليا ، وذلك تحقيقا لذاتها وارادتها وحقوقها المشروعة ( والتي هي نسخة كاملة لصيغة المرأة الغربية)؟
وارتباطاً بعنوان البوست ، فانني سمعت كثيرا ومن اصدقاء لهم مشارب ايدولوجية مختلفة ( وبالمناسبة ليس بينهم اسلاميون) وكلهم يجمعون ( تحت تحت) على ان المُثل التي يرعاها الرجل السوداني المتعلم والحياء الذي يتحلى به ومساحة التسامح لديه ابلغ جميعاً مما تتوفر عليه المرأة السودانية المتعلمة ، وبالذات المناضلات سياسيا. شخصيا لم اصل الى رأي فيصل وقناعة قاطعة في هذا الأمر ، لأن ثمة استثناءات دائما تربك التقويم ، ولكن المتأمل للمشاركات في هذا البورد ( نموذجا) فانه بكل تأكيد يمكنه ان يستنبط حكما وتقويما نريد ان نطرحه للحوار (هنا) دون شعور احد بالاستفزاز أو الاستهداف ؟ هو مجرد تساؤل وليس حكما قيميا مبتسرا. هل جرأة المرأة هنا في البورد على العنف والشتم والثأر وسوء النية وتجاوز قيم الخفر .. هل كل ذلك ملحوظ وله ما يبرره ، وهل يصالح عينة لفهم مآلات ثقافة وسيكولوجية المرأة السودانية المتعلمة الواعية؟ هل هنالك استنفار دائم نحو تفسير كل رأي أو اسهام من جانب الرجل هنا بوصفه اعتداءا يستحق العقوبة العنيفة؟ واخيرا هل في مصلحة الحياة ان تكرر المرأة نفس تجربة الرجل مع العنف والقوة ، أم من مصلحة الحياة ان تفقد الانثى ميزاتها اللطيفة اللينة الهينة لصالح صفات ذكورية بذريعة المساواة، يعني هل يجب ان نتساوى في كل شئ حتى في السلوك السلبي، لماذا لا تناضل المرأة من اجل سحب الرجل الى آفاق ثقافتها ( الحياء ، الجمال، التسامح، التضحية، الايثاء،النقاء، التربية السليمة، النظافة، المحبة، الطاعة لولي الأمر الصالح الخ) بدلا من فعل العكس ، الذي تقوم به فعلا اليوم وهو الانسحاب من آفاقها هذه نحو آفاق الرجل وثقافته ( القسوة، الثأر، التمرد، طلب السلطة والهيمنة ، الصلف بحجة مواجهة من لا يستحقون الاحترام، الابتعاد عن مسؤولية التربية ، فقدان التسامح، الدفاع عن المصلحة الشخصية على حساب الرجل على سبيل المعاملة بالمثل ، النرجسية في المطالبة بحقوق المرأة فقط وكأنما كل الرجال يتنعمون بما استأثر به بعضهم ..الخ. بعيدا عن الحساسيات والتنميط ارجو المساهمة الفاعلة.
|
|
|
|
|
|