|
إعلان مبادئ مشترك نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
|
نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
(إعلان مبادئ مشترك)
مقدمة: ان الموقعين والموقعات ادناه؛ اذ ينشروا هذا الإعلان المشترك؛ فهم/ن انما يعبروا عن رفضهم/ن القاطع للحيف الممارس علي المراة السودانية والاسرة عموما؛ في ظل قانون الاحوال الشخصية لعام 1991؛ وغيره من القوانين التي تحكم قضايا الاحوال الشخصية والاسرة في السودان؛ وعن احساسهم/ن بالاخطار والسلبيات الاجتماعية الخطيرة التي تحتوي عليها القوانين المنظمة لقضايا الاحوال الشخصية؛ وعن سعيهم/ن الجاد للعمل من اجازة قانون مدني ديمقرلطي موحد للاحوال الشخصية في السودان؛ يحمي حقوق النساء والرجال؛ ويكفل مساواتهم امام القانون؛ ويكفل استقرار الاسرة ومصلحة الاطفال؛ ويفتح الباب تجاه اعادة تاسيس مجتمع عصري سليم؛ قائم علي مبدأ المساواة والكرامة والحقوق والواجبات المشتركة؛ في اصغر واهم خلاياه الاجتماعية؛ وهي الاسرة السودانية.
لماذا قانون موحد للاحوال الشخصية في السودان؟ ياتي واجب تشريع قانون موحد للاحوال الشخصية في السودان؛ من ضرورة سيادة المبدأ الدستوري بتساوي جميع المواطنين امام القانون؛ حيث لا يمكن ان يتم مبدأ المساواة الدستورية؛ والمواطنون يخضعون لقوانين متعددة في مسالة من اهم مسائل الاجتماع البشري؛ وهي قوانين الاسرة والاحوال الشخصية. لقد قام التشريع السوداني علي التقسيم بين المواطنين بسبب دينهم؛ فكانت هناك قوانين واعراف للاحوال الشخصية للمسلمين وقوانين واعراف لغير المسلمين؛ واذا كان قانون الاحوال الشخصية عموما لم يجد الصياغة القانونية المكتملة والموحدة الي اليوم؛ فان حالة الانقسام القانوني قد تكرست بصدور قانون الاحوال الشخصية للمسلمين في عام 1991؛ وسريان اللوائح والقوانين السابقة علي غير المسلمين؛ في استمرار لذلك التقسيم القديم ؛ المبني علي اساس الانتماء الديني للمواطنين. ان اي قوانين تميز بين المواطنين علي اساس الدين او الثقافة؛ انما تهدد القاعدة الدستورية بمساواة المواطنين امام القانون؛ ولا يمكن القبول بها في الدولة الديمقراطية والمدنية الحديثة؛ ولذلك لا مناص من توحيد قانون الاحوال الشخصية؛ وشمولية سريانه علي كل المواطنين علي حد السواء؛ اذا ما اردنا ان نبني الوحدة الوطنية ونضمن تساوي المواطنين امام القانون.
لماذا يعتمد القانون علي المبادئ المدنية وليس الدينية: القانون الذي نقترحه؛ يقوم علي المبادئ المدنية للاجتماع الانساني؛ وهي مبادئ واحدة تنيع من وحدة الجنس الانساني ومن عالمية قواعد العدالة؛ وهي في الوقت الذي لا تستند فيه علي احكام دين بعينه؛ فانها تستصحب التجارب الايجابية التي تحتوي عليها كل الثقافات والحضارات والاديان؛ والتي اصبحت بمثابة قيم عالمية تواضع عليها بني الانسان في عالم اليوم. ان واقع التعدد الثقافي والديني في السودان؛ تفترض ان تقوم القوانين علي اساس مدني؛ فضلا عن ان تطور القوانين قد ثيت طابعها المدني المضطرد؛ اضافة الي وجود الخلافات المذهبية الكثيرة؛ وعدم الوضوح والتناقضات؛ والجمود النظري والصياغات المتاخرة عن روح العصر؛ والتي تسود في مختلف الاجتهادات التي تنسب نفسها للدين؛ في مجال قوانين الاحوال الشخصية والاسرة. ان فشل العديد من دعاة الطروحات الدينية في تطوير منهج الاحوال الشخصية من خلال اعادة قراءة جديدة للنصوص والاحكام الدينية؛ تراعي الي تاريخية النصوص وظلرفية الاحكام؛ وسيطرة العقليات التقليدية التي تود قهر حقوق المراة والاسرة باسم الدين؛ والتي يعد قانون الاحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991 اسؤا تمثيل لها؛ انما تفتح الباب واسعا امام الاجتهادات المدنية التي تقوم علي مكتسبات الحضارة الحديثة والقيم العالمية الانسانية ومعاهدات حقوق الانسان؛ وتدعمها في ذلك مختلف الاطراف والاجتهادات المستنيرة القادمة من المؤسسات الدينية التقدمية المختلفة؛ والتي تلتزم بمساواة المواطنين امام القانون؛ وقيام الدولة علي مبدأ المواطنة؛ وفصل الدين عن السياسة .
سبل النضال من اجل هذا القانون: انا ندعو الي تبني هذا القانون من قبل التنظيمات النسوية السودانية والناشطات النسويات؛ وناشطي وناشطات حقوق الانسان ومنظماتهم؛ والمثقفين والمثقفات الديمقراطيين والديمقراطيات؛ وكذلك ندعو الاحزاب الديمقراطية والليبرالية والتقدمية؛ الي تبني فكرة هذا القانون ومشروعه. كما ندعو الي قيام لجنة تسيير مشتركة واسعة؛ تمثل فيها كل هذه العناصر والتيارات؛ تقوم بتأطير الجهد القانوني والدعائي والتنظيمي المصاحب لاعداد القانون والنضال من اجل اجازته ؛ وتنظيم حملة شعبية واسعة للدعوة لفكرة ومشروع القانون والتعريف به والحشد له؛ ؛ وتعمل في مثابرة حتي يتم اجازة قانون مدني موحد للاحوال الشخصية والاسرة في السودان.
الاسس والمبادئ التي يبني عليها القانون: 1. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية. 2. اتفاقية سيداو لمنع كافة اشكال التمييز ضد المراة. 3. الاجتهادات القانونية العالمية والاقليمية في مجالات قانون الاسرة والاحوال الشحصية؛ ومن بينها القانون التونسي لعام 1956 والمعدل في 1999؛ والقانون المغربي الجديد لعام 2004؛ وقوانين دولة جنوب افريقيا المتعلقة بمساواة المراة وحقوق الطفل؛ وغيرها. 4. التراث القانوني السوداني المستنير؛ في مجال قوانين الاسرة والاحوال الشخصية؛ ما لم يتناقض مع العهود والاتفاقات الدولية المشار اليها اعلاه.
خطوط اساسية في اتجاه صياغة القانون: نقدم هنا بعض الخطوط الاساسية والاتجاهات؛ والتي ينبغي ان تنبني حولها وعليها اي صياغة تفصيلية لمواد القانون؛ والا تتناقض معها:
صياغة القانون وجهات تنفيذه: • يصاغ قانون يسمي بقانون الاحوال الشخصية والاسرة يكون شاملا لكل قضايا الاحوال الشخصية والاسرة وشاملا وموحدا تجاه كل المواطنين. • يسري القانون علي كل قضايا الاحوال الشخصية منذ لحظة اجازته؛ ولا يلغي العقود المجازة قبل سريانه. • تصاغ مذكرة اضافية للقانون لتنظيم العقود التي قامت قبل سريانه؛ والتي تتناقض مع روحه؛ بما يحفظ شرعية العقود؛ وبما يؤمن العدالة ويلتزم بروح هذا القانون. • تقوم مؤسسة خاصة في كل مدينة ومنطقة ادارية؛ لتسجيل سجلات وتحرير عقود الاحوال الشخصية والاسرة؛ تكون مسؤولة عن اجراء العقود المجازة حسب القانون. • تقام محكمة خاصة تسمي بمحكمة الاحوال الشخصية والاسرة؛ تك-ون مسؤولة عن الحسم في القضايا والخلافات المسارة وفقا للقانون. • يتم تاهيل قانوني اضافي لقضاة المحكمة؛ بما ينسجم مع روح القانون والمعاهدات الدولية؛ ويراعي ان تكون نسبة القضاة الرجال الي النساء في هذه المحكمة متساوية. • تخضع المحكمة الي وزارة العدل؛ وفق القانون والاجراءات المرعية. • تقوم كذلك وزارة لشؤون الاسرة والمساواة بين الجنسين؛ تكون مهمتها تطوير القوانين والرقابة علي الوضع الفعلي لتطبيقها
الاسرة: • الاسرة هي الخلية الاساسية في المجتمع؛ وعلي القانون حمايتها. • تتكون الاسرة من الزوج والزوجة؛ المتزوجين بناءا علي عقد رسمي موثق من المحكمة المختصة. • الاطفال المولودين في الاسرة او المتبنيين من قبلها او المولودين من احد اطرافها قبل العقد؛ هم جزء من الاسرة ولهم حقوقهم المشروعة. • تعتبر اسرة ايضا؛ تلك الاسرة المكونة من احد الابوين والاطفال؛ وذلك بعد وفاة احد الابوين او الطلاق. • تماسك الاسرة واستقرارها وضمان مصالحها هو هدف رئيسي للمجتمع والقانون؛ شرط الا يتناقض ذلك مع حقوق اطرافها الشخصية والمدنية كمواطنين وبشر.
الزواج تعريفه وشروطه وموانعه: • الزواج هو اتفاق رضائي بين رجل وامراة بالغين يهدف الي بناء اسرة مشتركة. • لكي يكون الزواج قانونيا فينبغي ان يتم بحضور الطرفين وشاهدين وان يتم تسجيله عند الجهة المختصة في عقد رسمي لهذا الغرض. • الحد الادني لعمر الراغبين في الزواج هو 18 عاما مكتملة في لحظة توقيع العقد. • يجوز للقاضي المختص السماح في ظل ظروف طارئة بزواج من هم دون تلك السن؛ دون ان يقل عمرهم مع ذلك عن ال16 عاما؛ علي ان يكون هذا مشفوعا بطلبهم وموافقتهم؛ وان يتم اخطار اولياء امرهم. • يجب ضمان عدم تعرض أي من الرجل والمرأة إلى الضغط و التدخل الخارجي بهدف تزويجهم؛ ويعتبر اي عقد زواج مورس فيه الاكراه او الضغط لاغيا؛ ويعاقب القانون الاطراف التي مارست الضغط؛ بما فيها دفع تعويضات للطرف المتضرر. • يمنع ممارسة الزواج في الاسرة بين الافرع والاصول مهما كان علوها وانخفاضها. • لا يمنع اختلاف الدين من عقد الزواج. • يمنع قانونا تعدد الزوجات والازواج؛ ولا يسمح بعقد اي عقد زواج اذا كان احد طرفيه متزوج من قبل؛ واذا اتضح ان احد الطرفين قد كان متزوجا من قبل يعتبر العقد لاغيا؛ ويعاقب القانون الطرف الذي مارس جريمة التعددية او اخفي المعلومات عن زواجه السابق؛ بما فيها دفع تعويضات للطرف المتضرر الحقوق و الواجبات في الاسرة: • الرجل والمراة متساويان في الحقوق والواجبات داخل الاسرة. • ادارة شؤون الاسرة تعد واجباً مشتركاً يقع على عاتق الطرفين. • تشترك المرأة و الرجل في الانفاق علي الاسرة مما يتحصلوا عليه من دخول؛ ولا يجوز التحلل من هذا الواجب في حالة عمل اي منهما. • يعد العمل المنزلي جزءا من مهام ادارة شؤون الاسرة والانفاق عليها؛ ولا يمكن ممارسة التمييز علي الطرف الذي يقوم به لعدم عمله مهنيا . • كل ممتلكات الأسرة و محتويات المنزل المتحصل عليها بعد عقد الزواج تعود إلى المرأة و الرجل بالتساوي؛ الا اذا وقع الطرفان عقدا بغير ذلك. • يمنع بتاتا وبنص القانون ممارسة اي شكل من اشكال العنف بين الرجل والمراة في الاسرة؛ ويعاقب القانون من يمارس ذلك العنف؛ بما فيه دفع تعويضات للطرف المتضرر. حق الطلاق واجراءاته: • حق الطلاق مكفول للرجل و المرأة علي السواء. • لا يكون الطلاق قانونيا الا في حالة قيامه بقرار القاضي المختص بناء علي اجراءات قانونية سليمة. • تنظر المحكمة المختصة في طلب الطلاق اذا ما تقدم به احد الطرفين او كلاهما. • يجوز التقدم بطلب الطلاق في حالة عدم التوافق بين الزوجين او الاعسار الشديد او في حالة الاخلال المتكرر بواجبات الزوجية او ممارسة التعدي علي حقوق احد الطرفين من قبل الطرف الاخر. • يحسم القاضي المختص في القضايا المتعلقة بالممتلكات المشتركة؛- وحق النفقة لاحد الزوجين علي الاخر اذا استدعي الحال. • من حق اي من الطرفين بعد 4 اشهر من عقد الطلاق الزواج من جديد بطرف اخر. • لا يحق للمطلقين اعادة الزواج بينهما اذا لم يكن احدهما او كلاهما قد تزوج وطلق من طرف اخر بعد طلاقهما.
الاطفال: مسؤوليتهم ونسبهم وحضانتهم: • تعد المسؤولية عن الأطفال و رعايتهم من مسؤولية الابوين على السواء. • الانفاق علي الاطفال من مسؤولية الابوين؛ ويعتبر العمل المنزلي جزءا من الانفاق. • الابوين مسؤولان عن الانفاق علي الاطفال حتي سن ال18 عاما. • من حق كلا من الابوين القرار في تسمية الأطفال و ويمكن ان ينسب الطفل لعائلة ابيه او امه. • الأطفال مجهولو الابوين يمكن تبنيهم من قبل الآخرين و يتم نسبهم الي الاسر المتبنية. • للطفل المتبني كافة حقوق الطفل الطبيعي وخصوصا في الميراث والنسب. • الأطفال مجهولي الأبوين و الذين لم يتم تبنيهم ترجع مسئولية رعايتهم للمجتمع؛ و يتم تسميتهم بالاسماء الاكثر شيوعا في منطقتهم وثقافتهم. • في حالة طلاق الابوين؛ يكون الاطفال حتي سن التاسعة تحت مسؤولية الام المباشرة ويقيموا معها. • بعد سن التاسعة؛ يتم إعادة منح حق حضانة الطفل إلى أحد الابوين مع الأخذ بنظر الاعتبار رغبة الطفل وقدرة اي من الابوين علي رعايته والقيام بمسؤولياته. • يعود إلى القاضي المختص مسؤولية القرار في منح حضانة الطفل إلى ألام أو الأب وفق الاسس القانونية. • لا يلغي الطلاق ووجود الاطفال تحت مسؤولية احد الابوين؛ من مسؤولية وحقوق الطرف الاخر في رعاية الاطفال والانفاق عليهم. • يمكن للقاضي المختص نزع حقوق الحضانة من احد الابوين او كلاهما؛ ومنحهما الي الجد او الجدة من الطرفين ؛ او احد الاقارب الاخرين في ظرف عدم حياتة احد الاجداد؛ في حالة وجود انتهاكات مستمرة من قبل احد الابوين او كلاهما؛ لحقوق الطفل ومصالحه اوالاضرار بصحته النفسية او الجسدية.
قضايا الميراث: • الميراث حق من حقوق الورثة؛ لا يجوز مصادرته او صرفه في غير موقعه. • للمرأة و الرجل حقوق متساوية في الميراث. • مستحقو الميراث هم الزوج او الزوجة؛ الاطفال؛ الاباء الهرم الذين لا مصدر دخل لهم. • يوزع الميراث بين مسنحقيه بالتساوي. حرمة الجسد: • جسد الانسان ذو حرمة؛ ويمنع بنص القانون الاعتداء عليه. • يمنع القانون ممارسة خفاض البنات؛ ويعاقب كل الاطراف التي تشارك في هذه الجريمة؛ بما فيها دفع تعويضات للطفلة المتضررة؛ ولا يسقط حقها في اللجوء للقضاء والتعويض بالتقادم. • يعتبر كل عمل جنسي تجاه اي حدث لم يبلغ ال16 عاما جريمة يعاقب عليها القانون. • يعتبر الاغتصاب جريمة اجتماعية خطيرة؛ ويعاقب عليه باقصي العقوبات. • يمنع ضرب البشر والتعدي عليهم بدنيا داخل الاسرة وخارجها؛ ولا يسقط حق الطرف المتضرر بالتقادم؛ ويعاقب الطرف الذي يمارس تلك الجريمة؛ بما فيه دفع تعويضات للطرف المتضرر.
الصياغة التفصيلية لمواد القانون: يعكف الموقعون علي هذه المذكرة؛ علي افتراع جهد جماعي لصياغة مشروع القانون في صورة مواد تفصيلية؛ وتقديم مسودة متكاملة يتم تبنيها من الاطراف التي تتبني هذه الدعوة؛ ونلتزم بنقديم المسودة الاولي في ظرف ثلاثة اشهر من تاريخه؛ نبني عليها كل جهدنا الدعائي والقانوني والتنظيمي والسياسي اللاحق.
7 مارس 2005
الموقعون:
المنظمات المدنية: 1. مجموعة "نساء ليبراليات". 2. المؤسسة الليبرالية السودانية.
الاحزاب السياسية: 1. الحزب الليبرالي السوداني.
الافراد: 1. نادية محمود؛ ناشطة. 2. عادل عبد العاطي؛ اعلامي وناشط.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: إعلان مبادئ مشترك نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان (Re: معتز تروتسكى)
|
إثراءا للحوار أورد هذه التعليقات من سودانيل الغراء
هذا المقال للشقيق محمد عبدالحميد
------------------------- قضية المرأة بين سلطة قابضة ورجال مزيفين محمد عبد الحميد [email protected]
كان يمكن للضجة التي أحدثها قرار والي الخرطوم رقم 84 الصادر في سبتمبر 2000م والذي قضى بتحريم بعض مجالات العمل للمرأة في الأماكن العامة أن يشكل نواة حركة تنويرية عامة قائمة على الحجة والرأي بين أنصار القرار ، والذين يمكن تصنيفهم إجمالاً بأنهم يدافعون عن الخط والتوجه المحافظ في المجتمع ، وبين تيار ليبرالي يساند ويعاضد حرية المرأة لا سيما حقوقها الأساسية وعلى رأسها حقها في العمل وكسب العيش. إلا أن الحوار لم يكتمل رغم ظهور بداياته في المنتديات والدوائر الأكاديمية ، وقد تداخلت عدة ظروف صرفت الوالي تحت بعض الظروف السياسية بل وصرفته حتى عن موقعه ... غير أن هناك بعض من جذوة مازالت تتقد تحت الرماد وذلك لأن فرقاء الرأي في هذا الشأن لا يزالون ماثلين كل في موقعه وإن لم يكن يدور بينهم مثل ذلك الحوار الصاخب واللاهب .. وما قد يستفاد من "الضجة" التي أثارها قرار الوالي ذاك أن قضية المرأة وحقوقها الأساسية تظل أحد أهم المداخل لتصعيد الحوار بين قوتي المجتمع ، المحافظين الليبراليين. فقضية المرأة والموقف منها تنسحب على كل البناء الاجتماعي و على الأسس التي يقوم عليها ، فالمحافظون يريدون الإبقاء على المرأة في موقع دوني انطلاقا من رؤى ومسلمات تستمد من الكثير من الثوابت المستندة للدين أو من العادات و التقاليد المجتمعية ، لا يخفى هذا التوصيف حقيقة أن هناك قوى أكثر تشدداً من المحافظين تريد أن تعود بالمرأة إلى ما هو أكثر من الدونيةً مرتبةً تلك هي القوة الرجعية التي تمثل تياراً أكثر إيغالاً في نزعته الرامية لتكبيل حرية ونشاط المرأة (لا تخرج المرأة إلا لثلاث ...) وهذه القوى تستند في كل طرحها لرؤاها حول موضوعة المرأة إلى رؤية دينية سلفية وخطاب ديني يسميه الصادق المهدي تلطفاً بالمنكفئ ، فالانكفاء والرجعية لهذا التصنيف هو تقديري لا تقريري ، أما الاتجاه الليبرالي الناظر لقضية المرأة من منظور تحرري ، فيعتمد على منطلقات علمانية دنيوية تعطي لنفسها الحق في مساءلة ومناقشة بل ونقد تلك الثوابت حتى المرتكز منها على الدين .. ومنطلق هذه الرؤيا مؤسس على فضية أساسية هي نسبية الرؤى ودينامية الواقع ... فنسبية الرؤى تحتفظ لنفسها بالحركة في حيز ممتد البراح يتراوح بين إمكانية صدق الرؤية إلى جواز عدم صوابيتها ونقدها واستبدالها برؤية أخرى ، وهي في هذا المقام تقلص حيز المقدس على مستوى النص وتخضعه لمقدس آخر بالنسبة لها وهو العقل وهي في هذا تهدم المقولة الفقهية الثابتة "لا اجتهاد مع نص" بحسبان أن النص ومهما كان أمر قداسته يخضع للتفسير والتأويل العقلي وهو علاوة على ذلك مخاطب به وهو الوحيد المعني به وهذه المقولة من شأنها أن تنهي أي حوار حول أي قضية طالما كان أحد أطراف الحوار يستعصم بالنص كمرجعية ثابتة في مقابل الأطروحة الفكرية .. وهذا مدخل لتجميد الحوار أكثر من كونه محفزاً له. فالمعروف عن العقلية الدينية بكل مصنفاتها إن كانت محافظة أو رجعية منكفئة هي عقلية "إرهابية" تنزع للإرهاب الفكري بإشهار سيف التكفير قبل التفكير. والشاهد على ذلك ما عاناه أحد أكبر رواد حركة تحرير المرأة في العصر الحديث في الواقع العربي الإسلامي المرحوم قاسم أمين.
أما دينامية الواقع التي يستند الليبراليون إليها في نظرتهم للأمور تجعلهم أكثر اتساقاً مع الواقع من القوى المحافظة التي كلما تشددت في نكران معطيات الواقع كلما أوغلت في الجمود والتحجر وهكذا يستعصي عليها حل أي إشكال بل تبقى هي كقوى اجتماعية مصدراً للعديد من الإشكالات. إن أحد أهم سمات الواقع هي الحركة والتفاعل وهذه الأخيرة بطبيعة الحال متقدمة. فالمرأة اليوم ليست المرأة قبل نحو مائة عام كما أنها ليست بالضرورة المرأة على عهد صدر الإسلام. فالواقع بكل تجلياته لا سيما الاجتماعية منها قد دخل في تقاسم وظيفي جديد لم تعد معه الوظيفة الاجتماعية للمرأة تنحصر في متعة وراحة الرجل ، بل إنها قد صارت نداً ومنافساً ذو كفاءة في العديد من المجالات وذلك بما أضحت تمثله من حيث والوجود العددي والنوعي ، فالنساء أصبحن يمثلن نصف سكان العالم. وتأسيساً على هذه الحقيقة فقد اضطلعن ببعض الأعباء التي توجب النظر إليهن بمنظور يقدر تلك الأعباء إذ صرن
يعملن ثلثي جملة ساعات العمل الرسمية.
ويكسبن عشر إجمالي الدخل العالمي.
وينتجن نصف الإنتاج الزراعي. بل وصل إنتاجهن من الطعام الأساسي في إفريقيا إلى حوالي 80% و60% في آسيا وما بين 30-40% في أمريكيا اللاتينية والدول الصناعية (أنظر ايلي برادر فاند – رسالة مفتوحة للنساء الريفيات في جميع أنحاء العالم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الريفية 15 أكتوبر 1998م ).
كما أن النساء يعلن ثلث الأسر في العالم.
إن هذا التحول الهائل في وظيفة المرأة الاجتماعية ينبغي ألا يقفل الدور الهام الذي تقوم به المرأة وهو إنجاب الإنسان وإخراجه للمجتمع سوياً فاعلاً قادراً على العطاء ... وهذه الوظيفة وبقدر ما أنها محل إنكار واستنكار من الحركة النسوية Feminism التي انتظمت أوربا وذهبت لبعض مساقات التطرف والتي بلغت أقصى درجاتها في الصرخة الاحتجاجية لرائدتها سيمون دي بوفوار (المرأة لا تولد امرأة لكنهم يصنعون منها امرأة) إلا أنها يمكن كوظيفة يمكن أن تكون مدخل لحوار متجدد حول الرؤى الكلية لواضعي الإستراتيجيات القومية في التخطيط السكاني في أن يجدوا صيغةً لدعم المرأة وإعطائها أجراً مقابل هذه الوظيفة الهامة ... فالأمر هنا لا يتعلق بشأن تلبية الغريزة الخاصة بالأمومة على المستوى الفردي بالنسبة للمرأة ، وإنما يتعدى ذلك لتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي لتشمل هذه الوظيفة باعتبارها وظيفة اجتماعية تعمل على استدامة وجود النوع البشري .. لذلك يظل على حركة مناصري قضية المرأة أن يطرقوا على هذا الأمر بشدة ، وهذا يدخل في المفهوم العريض لحركة النوع Gender إذ يفرض هذا المفهوم التقاسم الوظيفي في ظل التفاوت النوعي بين الرجل والمرأة دون إخلال لصالح أي منهما على حساب الآخر. إن اتجاهاً كهذا من شأنه أن يقوض النظرة الدونية للمرأة وجعلها تابعاً لزوجها Subordinated من حيث الإنفاق وقضية الإنفاق والقدرة عليه هي النقطة المحورية التي تدور حولها كل الحوارات حول قضية المرأة ، إن كان ذلك في المنظور الديني البحت عند الاستشهاد بآية قوامة الرجل على المرأة ، أو من خلال النظرة العلمانية حيث تشكل القدرة على الإنفاق حجر الزاوية في الاستقلالية الذاتية وبالتالي موضوع الخضوع أو عدمه للرجل ... إن معظم المجتمعات ما قبل الحديثة أو تلك التي لم تدخل في علاقات إنتاج معقدة إن كانت إقطاعية أو شبه إقطاعية تزيد من إمكانية إخضاع المرأة للرجل على أساس أن في مثل هذه المجتمعات تتزايد النزعة الذكورية وتتحلق كل القيم حول مفاهيم البطريركية بما فيها مصير المرأة الذي يبت فيه الرجال دون أن يكون لها رأي حر ومستقل في شأنها الخاص. بما في ذلك حق الدخول في علاقات عاطفية بحرية وعن رغبة ذاتية وكل ما قد يترتب على ذلك من قرارات بزوج المستقبل أو إمكانية الطلاق منه .. حيث لابد أن يكون كلاهما أي الارتباط والطلاق جزءً أصيلا من حقوق المرأة المكتسبة من خلال تحققها الوجودي نوعياً في المجتمع. بل حتى في المجتمع الرأسمالي حيث تطغى القيم المادية على القيم الأخلاقية فإن وظيفة المرأة البيولوجية لا تجد التقدير الملائم مقارنةً بالاحتفاء بإنتاج السلع المادية. وفي هذا الإطار يستنكر عالم الاجتماع د.عبد الرحيم بلال في طغيان القيم المادية على الوظيفة الاجتماعية للمرأة بما فيها وظيفة الإنجاب بقوله: (بالرغم من أن مسؤولية المرأة في الإنتاج البشري والتنشئة مسئولية عظيمة لا تعدلها وظيفة أخرى في المجتمع إلا أن العائد المادي والمعنوي للمرأة منها ومكانة المرأة ومشاركتها في الحياة الاجتماعية والثروة والسلطة لا تتساوى وهذه الوظيفة والمسؤولية ) .. ويستطرد في هذا الصدد بقوله بالرغم من ذلك لا تجد وظيفة الإنتاج البشري القيمة والمكانة اللائقة بها ولا تجد التقدير الاجتماعي الذي تستحق في اقتصاد السوق الرأسمالي الذي يرى في الإنسان مدخلاً من مدخلات السلع المادية والخدمات. بل إن وظيفة الإنتاج البشري تصير قيداً مكبلاً للمرأة في تطورها وتنميتها عقبةً لانطلاقتها في الحياة والمشاركة المجتمعية) عبد الرحيم بلال – القضية الاجتماعية والمجتمع المدني في السودان – دار عزة للنشر ص113.
إن قضية المرأة في نهاية التحليل لا تنفصل عن قضية المجتمع بأسره وهي تتداخل لحد بعيد مع قضية الرجل خاصة الرجل القابض الخاضع لسلطة قابضة. فالأمر يتعلق بمناهج التربية وأنماط السلوك ونظام القيم الأخلاقي الذي يحكم المجتمع. وهي لا تنفك عن عملية الهيمنة بكل مستوياتها والإخضاع بكل مراتبه. إن أزالت المظالم التي تحيق بالمرأة مرتبطة في الأساس بالمظالم التي تحيق بالرجل على مستوى خضوعه للسلطة وذلك لأن محاولة الهيمنة على المرأة في المنزل إن كانت زوجاً أو أختاً ما هي إلا انعكاس لهيمنة السلطة على الرجل إن كان في محيط العمل أو في الفضاء السياسي العام. وهي محاولة استفراد بنصف مزيف لرجال مزيفين يعتقدون أن قوامتهم ورجولتهم لا تتحقق إلا بإخضاع المرأة لهم إن كان ذلك على المستوى الروحي (الجنس) أو المادي (الإنفاق).
---------انتهى---------
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إعلان مبادئ مشترك نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان (Re: Hani Abuelgasim)
|
ERROR
(عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:19 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:21 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:27 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:31 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:34 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:39 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:49 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 03:54 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 04:03 PM) (عدل بواسطة Hani Abuelgasim on 03-11-2005, 04:12 PM)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إعلان مبادئ مشترك نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان (Re: معتز تروتسكى)
|
هذا رد من عادل على مقالات وردت في سودانيل
----------------------- مرة اٌخري نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
(ردود علي تعليقات) عادل عبد العاطي [email protected] تفضل عدد من الاساتذة؛ بالتعليق علي اعلان المبادئ المشترك الذي قمنا بتوقيعه ونشره في مجلة سودانايل الالكترونية؛ وفي مواقع اٌخري؛ وصدرت اولي هذه التعليقات في عدد يوم 10 مارس 2005 بسودانايل؛ وكان من بين المعلقين المستشار القانوني الاستاذ محمد عوض الجيد؛ والدكتور .اُسامة مصطفي ابراهيم المحامي؛ والدكتور ايهاب علي سوركتي الطبيب النفسي؛ فلهم جميعا الشكر الجزيل علي الكتابة والراي؛ رغم اختلاف وجهات النظر الطبيعي والمرغوب.
وفي الحقيقة انني (وفي ظني بقية الموقعين) نرحب تماما بهذا الحوار؛ ونعتقد انه قد آن الاوان لوضع موضوع الاحوال الشخصية علي طاولة البحث؛ ولن نكل من النقاش مع اي طرف له وجهة نظر سلبية او ايجابية عن مشروعنا؛ ما دام الحوار الحضاري هو السائد؛ والدفوعات المنطقية هي الحاكمة؛ لاننا مقتنعين في النهاية ان الحق هو ضالتنا ؛ وان الحوار كفيل باثبات الصحيح من وحهات النظر.
في هذه العجالة؛ اقوم بالرد علي مقالات الاساتذة والدكاترة المذكورين؛ علي امل ان اعود لها في المستقبل بشي من التوسع ؛ بما يشرح ويفصل وجهة نظرنا؛ ويرد علي الاعتراضات الاساسية لمحاورينا.
في الرد علي المستشار محمد عوض الجيد:
نرحب في البداية بمساهمة سعادة المستشار محمد عوض الجيد؛ والذي ركز علي مرجعية ومصدر القانون؛ حيث قال:
"نرغب في بيان ان الاحوال الشخصية هي من اكثر الامور خصوصية في حياة الافراد ولابد لتلك القوانين من مراعاة مباديء واعراف واديان ومعتقدات الناس المختلفة عند سنها لأنها تمس اخص خصوصيات الناس."
حقيقة ان قوانين الاحوال الشخصيبة تهم الافراد في حياتهم وعلاقاتهم الخاصة؛ ولكنها لا يمكن ان تكون امرا خاصا؛ طالما ان الناس يعيشون في مجتمع؛ وطالما ان التشريع قد آل علي نفسه مسالة تنظيم هذه العلاقات. ان الحياة البشرية وميادئ القانون قد تطورث كثيرا؛ بحيث لا يمكن ان نترك المسائل العامة - ومنها مسالة الاسرة وحقوقها ودورها في المجتمع - متعلقة بالمبادئ والاعراف والاديان والمعتقدات المختلفة المتناقضة؛ وخصوصا عندما تكون فيها عشرات المدارس والاجتهادات؛ وعندما يكون التطبيق العملي لها مجحفا وظالما لنصف المجتمع. ان مبدأ المواطنة واسس العدالة والمساواة؛ تفترض ان يخضع الناس لقانون موحد؛ سواء كان ذلك في مجال الاحوال الشخصية او القانون الجنائي او المعاملات المدنية او غيرها.
اما بشان انه " ليست هناك في الواقع مباديء مدنية موحدة لا خلاف عليها للاجتماع الانساني" ؛ فنقول اننا لم نترك الامر معمما هكذا؛ وانما ذهبنا وحددنا عددا من مصادر التشريع؛ والتي نري انها مناسبة لصياغة القانون الذي ندعو اليه؛ وهي مصادر نؤمن انها تتفق مع "المباديء المدنية للاجتماع الانساني، وهي مباديء واحدة تنبع من وحدة الجنس الانساني ومن عالمية قواعد العدالة"؛ كما قلنا في اعلاننا .
اما مسالة ان "السودان دولة متعددة الثقافات والاديان والاعراف والاجناس" فهذه حقيقة لا مراء فيها؛ ولكن هل يمكن ان نتشبث بهذا التعدد؛ لانتهاك اسس مساواة المواطنين؛ وللقبول بممارسات تنتهك من حقوق البشر - النساء او الاطفال مثلا؛ كما تفعل قوانين واعراف الاحوال الشخصية - ؟ اعتقد ان لا ؛ واذهب للقول انه في كثير من الثقافات السودانية؛ فان ممارسة السرقة والهمبتة؛ تعد عملا مشروعا بل ومرغوبا؛ لا تكتمل رجولة الرجل الا به؛ فهل يمكن ان نتساهل بسبب من هذه الثقافات؛ تجاه جريمة السرقة؛ ولا نعمل علي ردعها ومنعها بالقانون؛ وهل يجب ان نتمسك بضرورة سريان هذا المنع والردع علي الجميع؛ لانه يعبر عن قاعدة للعدالة عامة؛ مهما كان رأي الثقافة المحلية في ذلك؛ ام لا ؟!
اما القول "أنه ما من شخص سيقبل ان تفرض عليه قوانين تتعلق بأموره الشخصية تحوي من القواعد ما يخالف المباديء الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية التي يؤمن بها." ؛ فنرد عليه بامرين: الاول ان القانون يسري علي الجميع؛ دونما اعتبار لراي الشخص واقتناعه به شخصيا؛ وهذا ما يجعل الهمباتي عرضة للقانون؛ رغم ان ما يمارسه من "همبتة" ؛ يتفق مع المبادئ الاجتماعية والثقافية التي يؤمن بها؛ والثاني ان قواعد القانون الذي نقترحه؛ بتوخيها لمبادئ العدالة والمساواة؛ لا يمكن ان تخالف المبادئ الايجابية التي تحكم حياة البشر؛ دينية كانت او اجتماعية او ثقافية؛ وانما خالفت بالضرورة الفهم المتخلف والرجعي والسلطوي لها.
تبقيت النقطة الاخيرة في دفوعات سعادة المستشار؛ والتي تقول: ” بقي أن نشير الي ان بالسودان الكثير من القوانين التي تقيد الحريات وتتعدى على حقوق المواطنين واموالهم وحرية تنقلهم وتؤثر مباشرة على حياتهم اليومية بصورة سلبية وهي تحتاج اكثر من غيرها الي مراجعة واصلاح ولن تكون الدعوة الي مراجعتها واصلاحها (بحيث تراعي حريات الناس وتحفظ حقوقهم واموالهم وملكيتهم الفردية) محل خلاف بين الناس."
نرد هنا اننا ايضا نناضل من اجل الغاء تلك القوانين واستبدالها بقوانين مدنية تتوخي العدالة واحقاق الحقوق؛ وندعم كل جهد في هذا الاتجاه؛ ولكن هذا لا يمنع ان نراجع ونصلح وننقد ونتقدم بمشاريعنا فيما يتعلق بقوانين الاحوال الشخصية؛ والذي تشكل احد تجلياتها - قانون الاحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991 - واحدة من اسؤا القوانين المعادية لنصف المجتمع؛ او قل لكل المجتمع؛ ولا مناص لنا من اصلاح قوانين الاحوال الشخصية؛ اذا اردنا اي اصلاح اجتماعي او ثقافي في السودان؛ وفي هذا لا نهاب الخلاف في الراي ولا نتجنبه؛ ففي الخلاف رحمة؛ كما جاء في الاثر.
في الرد علي الدكتور اسامة مصطفي ابراهيم:
الدكتور اسامة مصطفي ابراهيم؛ تقدم خطوة الي الامام عن طرح المستشار محمد عوض الجيد العام؛ حيث ناقش اقتراحاتنا بصورة تفصيلية؛ ووقف ضد بعضها وايد بعضها؛ ونحن اذ نشكره علي تاييد جزء كبير من اطروحاتنا؛ فاننا نناقش معه ما نعتقد انه لب مشروعنا؛ مما لم يجد منه التقبل للاسف.
يقول دكتور اسامة :" وان موضوع تساوي الناس امام القانون ، ولا يعني الزام كل السكان بقانون واحد في مسائل الأحوال الشخصية ويفرض عليهم وان كان مخالف لدينهم ومعتقداتهم ، بل الصحيح ان يكون هنالك قانون واحد للاحوال الشخصية وليس موحداً ، بحيث يتضمن النص على الاحكام التي تطبق على المسلميمن وغير المسلمين ، سواء كان مستندا على الاديان الاخري أو الاعراف بالنسبة للذين ليس لهم ديانة ،حيث ان هذا المبدئ يجد سنده في المواثيق الدولية و معظم الدساتير هو مبدأ احترام حرية الديانة والاعتقاد؛.. الخ"
اننا هنا لن ندخل في جدل اجرائي حول هل يكون القانون موحدا ام واحدا؛ وانما نقصد ان يكون القانون ساريا وشاملا للجميع؛ لا يفرق بين المواطنين علي اساس الدين او الثقافة او العرق؛ وهذا في ظننا لا يتعارض مع مبدأ حرية الاديان؛ بل يعززه؛ حيث ان الدين هو من قضايا الفضاء الخاص؛ وهو علاقة الانسان بربه؛ اما القانون فيعالج قضايا الفضاء العام؛ وهو علاقة المواطن مع غيره من المواطنين.
عن تجربة انجلترا لا استطيع الحكم عليها؛ لاني لا اعلم الكثير عنها؛ ولكن تعددية القانون في المسالة الواحدة؛ لا يمكن ان يكون دلالة صحة وعافية؛ اما اتفاقية ألغاء كافة اشكال التفرقة ضدالمراة؛ والتي قال الدكتور اسامة عنها: " فإن هذه الاتفاقية لا ترضي المرأة المسلمة في المسائل التي تتصادم مع الدين الاسلامي ، لأن الشرع المطهر قد سن لها تشريعاً متكاملاً لا يقارن بموادها ." فاننا لا نعلم متي قالت المراة المسلمة رايها وعدم رضاها عنها؛ فالمراة المسلمة مقموعة وصوتها مقهور؛ ونعتقد ان عدم الرضا هذا راجع للدكتور اسامة؛ اما تعارض الاتفاقية فياتي مع بعض التفسيرات للدين الاسلامي والاجتهادات فيه؛ وهي (اي الاتفاقية) تتفق مع اجتهادات اخري ( محمد عبده؛ علال الفاسي؛ محمود محمد طه؛ الخ ) ؛ وفي كل الاحوال فان ما يحكم قوانين الاحوال الشخصية هو في الغالب اجتهادات فقهية ومذهبية؛ ولا نعرف ان كانت هذه الاجتهادات هي ما يسميه حضرة الدكتور بالشرع المطهر؛ ومن البديهي ان كل تلك الاجتهادات غير ملزمة للجميع؛ وهي غير ملزمة لنا - نحن الموقعين - قطعا؛ ولذلك نفترع مشروعنا هذا.
يقول الدكتور اسامة: " ان مسألة الاحوال الشخصية يجب أن تكون خاضعة لدين أومذهب الاطراف أو اعرافهم، حيث لا يمكن الزام المسليمن مثلاً بما جاء في المبادئ التي وردت في المقال المنشور، حيث وجود قواعد قانونية مختلفة بسبب الدين أو الاعرف فيه احترام لمبدأ حرية الاديان والعقدية خصوصا في مسائل الاحوال الشخصية،" اننا لا نتفق مع هذا الراي؛ فلا يمكن احترام قواعد او اعراف اذا كانت تنتهك المبادئ الدستورية الاساسية في مساواة المواطنين امام القانون؛ وعلي دكتور اسامة اذن ان يناضل ضد المبدا الدستوري بمساواة المراة والرجل ومساواة المواطنين امام القانون؛ اذا اراد ان يكون متناسقا في طرحه؛ وكذلك يمكنه نقل كلامه عن قانون الاحوال الشخصية؛ للقانون الجنائي وقانون المعاملات المدنية وغيرها؛ فللعديد منها اصول دينية وان كانت غابرة؛ ولكن تطور القانون يفترض تاطيره وشموليته وسريانه علي الجميع؛ كما أننا نتوقع ان يسند اغلب المسلمين مشروع قانوننا؛ اما مقولة دكتور اسامة التي يقول فيها: "حيث القواعد التي وردت في الدين الاسلامي تعتبر عادلة لان مصدرها سبحانه وتعالى." ؛ فالدكتور يعلم انه هناك اجتهادات كثيرة في اطار تلك القواعد؛ وان تلك القواعد مربوطة بمقاصد التشريع؛ وبتاريخية الظرف؛ وبادراك وافق المفسرين والمؤولين؛ وهي امور تحدث فيها العديد من الفقهاء والعلماء؛ وتعددت اجتهاداتهم فيها؛ بما لا يجعل راي اي متحدث في هذا الاطار تعبيرا عن الشرع او الاسلام؛ وانما تعبيرا عن رايه هو لا غير.
اما الاجتهادات القانونية السودانية المستنيرة فهي كثيرة؛ وليس هذا مجال تعدادها؛ ونحن قد وضعناها كاحدي مصادر مشروع القانون الذي ندعو اليه؛ شرط الا تتناقض مع العهد الدولي للحقوق المدنية ؛ وكذلك مع اتفاقية مناهضة كل اشكال التمييزضد المراة؛ وسنفصل في مسالة هذه الاجتهادات فيما بعد.
وقد اتي الدكتور اسامة بمجموعة نصوص قرانية كريمة؛ ليصل منها الي اباحة تعدد الزوجات دينيا؛ وكذلك الزام الرجل فقط بالانفاق؛ والتمييز في الميراث؛ وغيرها من اعمدة الطرح الفقهي التقليدي المناهض لحقوق المراة؛ ونحن نقول ان هذا هو فهم الاستاذ دكتور اسامة ؛ وهو فهم لا يلزمنا؛ وقد دار جدل كثير حول تلك الايات ومقاصد المشرع منها؛ مما يمكن الرجوع اليه في اماكنه.
ما نود قوله هنا؛ هو ان الخليفة عمر بن الخطاب؛ قد عطل حدا من حدود الله؛ وهو حد السرقة؛ في عام الرمادة؛ وذلك للظروف الاجتماعية السائدة؛ ووفق اجتهاد فيما فيه نص؛ كما انه منع الزكاة عن المؤلفة قلوبهم؛ وقال لهم ان الاسلام عزيز بدونهم؛ فلهم ان يسلموا او لا يسلموا؛ ومنع عنهم ما كان يعطيهم الرسول وخليفته الاول؛ وذلك في تعارض صريح مع نص الاية التي تقول: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
نقول هنا ان الخليفة عمر بن الخطاب اذ خالف نص الآية؛ فهو لم يخالف روحها؛ ولم يخالف مقاصد التشريع؛ حيث ادرك الظرف التاريخي لاعطاء الصدقات للمؤلفة قلوبهم؛ ولم يتحرج ان يذهب مع اسس العدالة لدرجة منعهم من الزكاة ؛ واغلبهم كان ذو مال وجاه؛ ولو خالف بذلك سيرة الرسول وخليفته الاول ونص الآية؛ ولم يجد موقفه رفضا من كبار الصحابة؛ وكان بلا شك محقا في اجتهاده؛ ولم يخرجه ذلك من دائرة الشرع او الاسلام؛ قد تام كل ذلك بعد اعوام قليلة من وفاة الرسول الكريم.
مسالة اخري وهي مسالة الرق والسبي وامتلاك ما ملكت الايمان؛ وهو امر مباح في الاسلام؛ حسب الظرف التاريخي؛ وان سعى المشرع الاسلامي الي توفير حياة كريمة للرقيق؛ والتوجه نحو عتقهم؛ الا ان الرق والسبي مباح حسب النصوص والفهم التقليدي؛ فهل يحق اليوم الدفاع عن تلك الممارسات؛ وقد بلغت البشرية شاؤا عظيما في تحرير الانسان من ربقة الرق؛ وذلك لانها مباحة في الاسلام او القرآن؟؟ لا اعتقد ان دكتور اسامة سيقف هذا الموقف؛ والذي لا يتبناه اليوم الا بعض المجرمون والمهووسون من اهل الجماعة الاسلامية المسلحة في الجزائر؛ والذين يختطفون النساء ويأسرونهن ويغتصبونهن ؛ باعتبار انهن "سبي حلال " لهم؛ ومما ملكت ايمانهم؛وهمفي كل هذا يأفكون.
نقول اذن ان تعدد الزوجات وان كان مباحا في صدر الاسلام؛ الا انه لم يكن فرضا؛ وانما كان قصد المشرع الواضح هوتقييد التعدد؛ وذلك لانه قيده من عدد لا يحصي الي اريعة؛ وحتي في الاربعة قيجه بشروط قاسية ؛ ومنها العدل؛ وقال القران ان هذا صعب التحقق ولو حرص الرجال؛ وفي ذلك قالت الايات: (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) ؛ وكذلك: (وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا)؛ فكيف يصل دكتور اسامة من هذا كله؛ ليس الي منع التعدد اليوم؛ وانما الي الاصرار عليه؛ وكانه من الفروض الاسلامية الاساسية؛ كالصلاة والصوم ؟
بعد هذا كله نخلص الي القول؛ اننا لا نستند في طرحنا كما نشرنا الي فهم ديني؛ رجعي او تقدمي؛ وان اتفق طرحنا مع اجتهادات مستنيرة في هذا المجال؛ وانما نقف علي ارضية مدنية صلدة؛ وهي ارضية المواطنة ومساواة المواطنين امام القانون؛ وعلي حصيلة الاتفاقات الكونية في مجال حقوق الانسان والمواطن؛ والمعاهدات الدولية في هذا الصدد؛ والقواعد الدستورية التي اتفقت عليها كل القوي السودانية؛ ولو دعمنا المستنيرون من رجال الدين فهذا يحسب لهم؛ وسيجد هذا منا التقدير؛ ولو حاول احد ان يقف ضد حركة التاريخ ومبادئ العدالة والمساواة؛ بفهم تقليدي للدين؛ فهو لن يضر الا نفسه؛ وقوله قطعا لا يلزمنا ؛ ولا يلزم غيرنا من المسليمين او غير المسلمين.
اما حديث دكتور اسامة عمن لا يروا حرجا؛ ان يكون لبعض الرجال عشيقة؛ كما في بعض المجتمعات الغربية؛ فنحن نري في ذلك حرجا كبيرا؛ واغلب مواطني تلك المجتمعات تري ذلك؛ ونري انه لا يتفق مع قدسية مؤسسة الزواج ولا مصالح الاسرة؛ ونطلب من الدكتور اسامة ان يحدد من اين له الدليل ان من يرفضون تعدد الزوجات يقبلون بوجود علاقات آثمة في الظلام؛ فلياتنا باقوال موثقة في هذا الصدد؛ كما اننا في طرحنا لاعلان المبادئ انما نحاول اقناع الناس به؛ ولن نفرضه بقوة وقسر ولو ملكنا هذه المقدرة؛ ولا حاجة هنا للتخويف بالتناحر والشقاق؛ كما ان الحديث عن دعاة التفكك والفجور هو خارج الموضوع تماما هنا؛ ونربأ بالاستاذ الدكتور من هذه اللغة.
في النهاية نتمني ان يعيد الدكتور اسامة قراءة مواقفه من جديد؛ وان يكون لنا سندا في قضيتنا العادلة؛ والشكر له علي الحوار الحضاري.
في الرد علي الدكتور ايهاب علي سوركتي:
في الحقيقة انه من الصعب الرد علي مقالة الدكتور ايهاب سوركتي؛ فهو قد عنون رده بالآية الكريمة: (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا)؛ دون ان يوضح لنا علاقة ما نطرح بحكم الجاهلية؛ فمن المعروف ان المراة في الجاهلية كانت تؤود؛ وكانت تجبر علي البغاء؛ وكانت تؤكل حقوقها في الميراث؛ وكان التعدد في الزوجات قائما علي قدم وساق وبلا حدود؛ وكانت المراة تسبي وتسترق الخ ؛ فهل طرحنا يقترب من حكم الجاهلية؛ ام يبتعد عنه بعدا شديدا؟
كذلك لم يحفل الدكتور بايراد اعتراضاته علي اعلاننا المشترك؛ مع انه قد كتب مقاله بهذا الخصوص؛ وانما اكتفي بان يحدثنا عن معاناة المراة في الغرب تحت مسمي الحرية والمساواة .. ونحن اذ لا ننكر وجود بعض المعاناة للنساء- لا تزال - في الغرب؛ فاننا تشك ان كانت هذه المعاناة راجعة للمساواة والحرية حقيقة؛ ام هي راجعة لعدم اكتمال المساواة والحرية في واقع الامر؛ اضافة الي ان هذا الحديث المبتسر والشعاراتي لا يقدم النقاش؛ كما ان معاناة المراة النسبية في الغرب؛ لا تحجب باي حال المعاناة الكبيرة والتي لا توصف والحقيقية للمراة في "الشرق" ؛ تحت اسم المفاهيم الدينية والعرفية التي تنتهك حقوقها؛ ومن بينها كثير من الحقوق التي وهبها لها الدين نفسه؛ وهو امر نعلمه بالممارسة ومن واقع الحياة وفي بلادنا؛ وهي محور اهتمامنا الرئيس؛ وليس وضع النساء في الغرب او ماليزيا او غيرها.
أما وصف افكارنا بالشاذة والمنحرفة والتي تؤجج نار الفتنة؛ فهذه احكام فجة لم يات الكاتب باي تدليل عليها؛ وليس هناك اسهل من ان نردها عليه؛ ولكننا لن نفعل ذلك؛ لاننا نتوخي حوارا حضاريا؛ ونحن لم نشتم احدا في اعلاننا ولم نفعل اكثر من عرض افكارنا؛ ولن نلجأ الي الشتم والتعريض؛ فهذا سلاح العاجز؛ فليرد صاحب الحجة بحجته؛ ولا داعي للمهاترات التي لا تفيد.
في النهاية نشكر الاخ الدكتور سوركتي علي طلب الهداية لنا ولنفسه؛ الي الصراط المستقيم؛ ونتمني ان تكون بعض الكلمات السابقة قد شرحت موقفنا بصورة افضل؛ وندعوه الي حوار حضاري يناقش التفاصيل؛ ويذهب الي لب دعوتنا وطرحنا؛ كما فعل الاساتذة اعلاه؛ ومما لا ريب فيه عندنا ان دكتور سوركتي مؤهل لمثل هذا الحوار؛ لو تخلي من العمومية والاحكام الجاهزة والفوقية ومنهج التجريم..
مع الاحترام للجميع .
عادل عبد العاطي
( أحد موقعي إعلان المبادئ المشترك)
10 مارس 2005 --------انتهى------------
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إعلان مبادئ مشترك نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان (Re: معتز تروتسكى)
|
نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان
(إعلان مبادئ مشترك)
مقدمة: ان الموقعين والموقعات ادناه؛ اذ ينشروا هذا الإعلان المشترك؛ فهم/ن انما يعبروا عن رفضهم/ن القاطع للحيف الممارس علي المراة السودانية والاسرة عموما؛ في ظل قانون الاحوال الشخصية لعام 1991؛ وغيره من القوانين التي تحكم قضايا الاحوال الشخصية والاسرة في السودان؛ وعن احساسهم/ن بالاخطار والسلبيات الاجتماعية الخطيرة التي تحتوي عليها القوانين المنظمة لقضايا الاحوال الشخصية؛ وعن سعيهم/ن الجاد للعمل من اجازة قانون مدني ديمقرلطي موحد للاحوال الشخصية في السودان؛ يحمي حقوق النساء والرجال؛ ويكفل مساواتهم امام القانون؛ ويكفل استقرار الاسرة ومصلحة الاطفال؛ ويفتح الباب تجاه اعادة تاسيس مجتمع عصري سليم؛ قائم علي مبدأ المساواة والكرامة والحقوق والواجبات المشتركة؛ في اصغر واهم خلاياه الاجتماعية؛ وهي الاسرة السودانية.
لماذا قانون موحد للاحوال الشخصية في السودان؟ ياتي واجب تشريع قانون موحد للاحوال الشخصية في السودان؛ من ضرورة سيادة المبدأ الدستوري بتساوي جميع المواطنين امام القانون؛ حيث لا يمكن ان يتم مبدأ المساواة الدستورية؛ والمواطنون يخضعون لقوانين متعددة في مسالة من اهم مسائل الاجتماع البشري؛ وهي قوانين الاسرة والاحوال الشخصية. لقد قام التشريع السوداني علي التقسيم بين المواطنين بسبب دينهم؛ فكانت هناك قوانين واعراف للاحوال الشخصية للمسلمين وقوانين واعراف لغير المسلمين؛ واذا كان قانون الاحوال الشخصية عموما لم يجد الصياغة القانونية المكتملة والموحدة الي اليوم؛ فان حالة الانقسام القانوني قد تكرست بصدور قانون الاحوال الشخصية للمسلمين في عام 1991؛ وسريان اللوائح والقوانين السابقة علي غير المسلمين؛ في استمرار لذلك التقسيم القديم ؛ المبني علي اساس الانتماء الديني للمواطنين. ان اي قوانين تميز بين المواطنين علي اساس الدين او الثقافة؛ انما تهدد القاعدة الدستورية بمساواة المواطنين امام القانون؛ ولا يمكن القبول بها في الدولة الديمقراطية والمدنية الحديثة؛ ولذلك لا مناص من توحيد قانون الاحوال الشخصية؛ وشمولية سريانه علي كل المواطنين علي حد السواء؛ اذا ما اردنا ان نبني الوحدة الوطنية ونضمن تساوي المواطنين امام القانون.
لماذا يعتمد القانون علي المبادئ المدنية وليس الدينية: القانون الذي نقترحه؛ يقوم علي المبادئ المدنية للاجتماع الانساني؛ وهي مبادئ واحدة تنيع من وحدة الجنس الانساني ومن عالمية قواعد العدالة؛ وهي في الوقت الذي لا تستند فيه علي احكام دين بعينه؛ فانها تستصحب التجارب الايجابية التي تحتوي عليها كل الثقافات والحضارات والاديان؛ والتي اصبحت بمثابة قيم عالمية تواضع عليها بني الانسان في عالم اليوم. ان واقع التعدد الثقافي والديني في السودان؛ تفترض ان تقوم القوانين علي اساس مدني؛ فضلا عن ان تطور القوانين قد ثيت طابعها المدني المضطرد؛ اضافة الي وجود الخلافات المذهبية الكثيرة؛ وعدم الوضوح والتناقضات؛ والجمود النظري والصياغات المتاخرة عن روح العصر؛ والتي تسود في مختلف الاجتهادات التي تنسب نفسها للدين؛ في مجال قوانين الاحوال الشخصية والاسرة. ان فشل العديد من دعاة الطروحات الدينية في تطوير منهج الاحوال الشخصية من خلال اعادة قراءة جديدة للنصوص والاحكام الدينية؛ تراعي الي تاريخية النصوص وظلرفية الاحكام؛ وسيطرة العقليات التقليدية التي تود قهر حقوق المراة والاسرة باسم الدين؛ والتي يعد قانون الاحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991 اسؤا تمثيل لها؛ انما تفتح الباب واسعا امام الاجتهادات المدنية التي تقوم علي مكتسبات الحضارة الحديثة والقيم العالمية الانسانية ومعاهدات حقوق الانسان؛ وتدعمها في ذلك مختلف الاطراف والاجتهادات المستنيرة القادمة من المؤسسات الدينية التقدمية المختلفة؛ والتي تلتزم بمساواة المواطنين امام القانون؛ وقيام الدولة علي مبدأ المواطنة؛ وفصل الدين عن السياسة .
سبل النضال من اجل هذا القانون: انا ندعو الي تبني هذا القانون من قبل التنظيمات النسوية السودانية والناشطات النسويات؛ وناشطي وناشطات حقوق الانسان ومنظماتهم؛ والمثقفين والمثقفات الديمقراطيين والديمقراطيات؛ وكذلك ندعو الاحزاب الديمقراطية والليبرالية والتقدمية؛ الي تبني فكرة هذا القانون ومشروعه. كما ندعو الي قيام لجنة تسيير مشتركة واسعة؛ تمثل فيها كل هذه العناصر والتيارات؛ تقوم بتأطير الجهد القانوني والدعائي والتنظيمي المصاحب لاعداد القانون والنضال من اجل اجازته ؛ وتنظيم حملة شعبية واسعة للدعوة لفكرة ومشروع القانون والتعريف به والحشد له؛ ؛ وتعمل في مثابرة حتي يتم اجازة قانون مدني موحد للاحوال الشخصية والاسرة في السودان.
الاسس والمبادئ التي يبني عليها القانون: 1. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية. 2. اتفاقية سيداو لمنع كافة اشكال التمييز ضد المراة. 3. الاجتهادات القانونية العالمية والاقليمية في مجالات قانون الاسرة والاحوال الشحصية؛ ومن بينها القانون التونسي لعام 1956 والمعدل في 1999؛ والقانون المغربي الجديد لعام 2004؛ وقوانين دولة جنوب افريقيا المتعلقة بمساواة المراة وحقوق الطفل؛ وغيرها. 4. التراث القانوني السوداني المستنير؛ في مجال قوانين الاسرة والاحوال الشخصية؛ ما لم يتناقض مع العهود والاتفاقات الدولية المشار اليها اعلاه.
خطوط اساسية في اتجاه صياغة القانون: نقدم هنا بعض الخطوط الاساسية والاتجاهات؛ والتي ينبغي ان تنبني حولها وعليها اي صياغة تفصيلية لمواد القانون؛ والا تتناقض معها:
صياغة القانون وجهات تنفيذه: • يصاغ قانون يسمي بقانون الاحوال الشخصية والاسرة يكون شاملا لكل قضايا الاحوال الشخصية والاسرة وشاملا وموحدا تجاه كل المواطنين. • يسري القانون علي كل قضايا الاحوال الشخصية منذ لحظة اجازته؛ ولا يلغي العقود المجازة قبل سريانه. • تصاغ مذكرة اضافية للقانون لتنظيم العقود التي قامت قبل سريانه؛ والتي تتناقض مع روحه؛ بما يحفظ شرعية العقود؛ وبما يؤمن العدالة ويلتزم بروح هذا القانون. • تقوم مؤسسة خاصة في كل مدينة ومنطقة ادارية؛ لتسجيل سجلات وتحرير عقود الاحوال الشخصية والاسرة؛ تكون مسؤولة عن اجراء العقود المجازة حسب القانون. • تقام محكمة خاصة تسمي بمحكمة الاحوال الشخصية والاسرة؛ تك-ون مسؤولة عن الحسم في القضايا والخلافات المسارة وفقا للقانون. • يتم تاهيل قانوني اضافي لقضاة المحكمة؛ بما ينسجم مع روح القانون والمعاهدات الدولية؛ ويراعي ان تكون نسبة القضاة الرجال الي النساء في هذه المحكمة متساوية. • تخضع المحكمة الي وزارة العدل؛ وفق القانون والاجراءات المرعية. • تقوم كذلك وزارة لشؤون الاسرة والمساواة بين الجنسين؛ تكون مهمتها تطوير القوانين والرقابة علي الوضع الفعلي لتطبيقها
الاسرة: • الاسرة هي الخلية الاساسية في المجتمع؛ وعلي القانون حمايتها. • تتكون الاسرة من الزوج والزوجة؛ المتزوجين بناءا علي عقد رسمي موثق من المحكمة المختصة. • الاطفال المولودين في الاسرة او المتبنيين من قبلها او المولودين من احد اطرافها قبل العقد؛ هم جزء من الاسرة ولهم حقوقهم المشروعة. • تعتبر اسرة ايضا؛ تلك الاسرة المكونة من احد الابوين والاطفال؛ وذلك بعد وفاة احد الابوين او الطلاق. • تماسك الاسرة واستقرارها وضمان مصالحها هو هدف رئيسي للمجتمع والقانون؛ شرط الا يتناقض ذلك مع حقوق اطرافها الشخصية والمدنية كمواطنين وبشر.
الزواج تعريفه وشروطه وموانعه: • الزواج هو اتفاق رضائي بين رجل وامراة بالغين يهدف الي بناء اسرة مشتركة. • لكي يكون الزواج قانونيا فينبغي ان يتم بحضور الطرفين وشاهدين وان يتم تسجيله عند الجهة المختصة في عقد رسمي لهذا الغرض. • الحد الادني لعمر الراغبين في الزواج هو 18 عاما مكتملة في لحظة توقيع العقد. • يجوز للقاضي المختص السماح في ظل ظروف طارئة بزواج من هم دون تلك السن؛ دون ان يقل عمرهم مع ذلك عن ال16 عاما؛ علي ان يكون هذا مشفوعا بطلبهم وموافقتهم؛ وان يتم اخطار اولياء امرهم. • يجب ضمان عدم تعرض أي من الرجل والمرأة إلى الضغط و التدخل الخارجي بهدف تزويجهم؛ ويعتبر اي عقد زواج مورس فيه الاكراه او الضغط لاغيا؛ ويعاقب القانون الاطراف التي مارست الضغط؛ بما فيها دفع تعويضات للطرف المتضرر. • يمنع ممارسة الزواج في الاسرة بين الافرع والاصول مهما كان علوها وانخفاضها. • لا يمنع اختلاف الدين من عقد الزواج. • يمنع قانونا تعدد الزوجات والازواج؛ ولا يسمح بعقد اي عقد زواج اذا كان احد طرفيه متزوج من قبل؛ واذا اتضح ان احد الطرفين قد كان متزوجا من قبل يعتبر العقد لاغيا؛ ويعاقب القانون الطرف الذي مارس جريمة التعددية او اخفي المعلومات عن زواجه السابق؛ بما فيها دفع تعويضات للطرف المتضرر الحقوق و الواجبات في الاسرة: • الرجل والمراة متساويان في الحقوق والواجبات داخل الاسرة. • ادارة شؤون الاسرة تعد واجباً مشتركاً يقع على عاتق الطرفين. • تشترك المرأة و الرجل في الانفاق علي الاسرة مما يتحصلوا عليه من دخول؛ ولا يجوز التحلل من هذا الواجب في حالة عمل اي منهما. • يعد العمل المنزلي جزءا من مهام ادارة شؤون الاسرة والانفاق عليها؛ ولا يمكن ممارسة التمييز علي الطرف الذي يقوم به لعدم عمله مهنيا . • كل ممتلكات الأسرة و محتويات المنزل المتحصل عليها بعد عقد الزواج تعود إلى المرأة و الرجل بالتساوي؛ الا اذا وقع الطرفان عقدا بغير ذلك. • يمنع بتاتا وبنص القانون ممارسة اي شكل من اشكال العنف بين الرجل والمراة في الاسرة؛ ويعاقب القانون من يمارس ذلك العنف؛ بما فيه دفع تعويضات للطرف المتضرر. حق الطلاق واجراءاته: • حق الطلاق مكفول للرجل و المرأة علي السواء. • لا يكون الطلاق قانونيا الا في حالة قيامه بقرار القاضي المختص بناء علي اجراءات قانونية سليمة. • تنظر المحكمة المختصة في طلب الطلاق اذا ما تقدم به احد الطرفين او كلاهما. • يجوز التقدم بطلب الطلاق في حالة عدم التوافق بين الزوجين او الاعسار الشديد او في حالة الاخلال المتكرر بواجبات الزوجية او ممارسة التعدي علي حقوق احد الطرفين من قبل الطرف الاخر. • يحسم القاضي المختص في القضايا المتعلقة بالممتلكات المشتركة؛- وحق النفقة لاحد الزوجين علي الاخر اذا استدعي الحال. • من حق اي من الطرفين بعد 4 اشهر من عقد الطلاق الزواج من جديد بطرف اخر. • لا يحق للمطلقين اعادة الزواج بينهما اذا لم يكن احدهما او كلاهما قد تزوج وطلق من طرف اخر بعد طلاقهما.
الاطفال: مسؤوليتهم ونسبهم وحضانتهم: • تعد المسؤولية عن الأطفال و رعايتهم من مسؤولية الابوين على السواء. • الانفاق علي الاطفال من مسؤولية الابوين؛ ويعتبر العمل المنزلي جزءا من الانفاق. • الابوين مسؤولان عن الانفاق علي الاطفال حتي سن ال18 عاما. • من حق كلا من الابوين القرار في تسمية الأطفال و ويمكن ان ينسب الطفل لعائلة ابيه او امه. • الأطفال مجهولو الابوين يمكن تبنيهم من قبل الآخرين و يتم نسبهم الي الاسر المتبنية. • للطفل المتبني كافة حقوق الطفل الطبيعي وخصوصا في الميراث والنسب. • الأطفال مجهولي الأبوين و الذين لم يتم تبنيهم ترجع مسئولية رعايتهم للمجتمع؛ و يتم تسميتهم بالاسماء الاكثر شيوعا في منطقتهم وثقافتهم. • في حالة طلاق الابوين؛ يكون الاطفال حتي سن التاسعة تحت مسؤولية الام المباشرة ويقيموا معها. • بعد سن التاسعة؛ يتم إعادة منح حق حضانة الطفل إلى أحد الابوين مع الأخذ بنظر الاعتبار رغبة الطفل وقدرة اي من الابوين علي رعايته والقيام بمسؤولياته. • يعود إلى القاضي المختص مسؤولية القرار في منح حضانة الطفل إلى ألام أو الأب وفق الاسس القانونية. • لا يلغي الطلاق ووجود الاطفال تحت مسؤولية احد الابوين؛ من مسؤولية وحقوق الطرف الاخر في رعاية الاطفال والانفاق عليهم. • يمكن للقاضي المختص نزع حقوق الحضانة من احد الابوين او كلاهما؛ ومنحهما الي الجد او الجدة من الطرفين ؛ او احد الاقارب الاخرين في ظرف عدم حياتة احد الاجداد؛ في حالة وجود انتهاكات مستمرة من قبل احد الابوين او كلاهما؛ لحقوق الطفل ومصالحه اوالاضرار بصحته النفسية او الجسدية.
قضايا الميراث: • الميراث حق من حقوق الورثة؛ لا يجوز مصادرته او صرفه في غير موقعه. • للمرأة و الرجل حقوق متساوية في الميراث. • مستحقو الميراث هم الزوج او الزوجة؛ الاطفال؛ الاباء الهرم الذين لا مصدر دخل لهم. • يوزع الميراث بين مسنحقيه بالتساوي. حرمة الجسد: • جسد الانسان ذو حرمة؛ ويمنع بنص القانون الاعتداء عليه. • يمنع القانون ممارسة خفاض البنات؛ ويعاقب كل الاطراف التي تشارك في هذه الجريمة؛ بما فيها دفع تعويضات للطفلة المتضررة؛ ولا يسقط حقها في اللجوء للقضاء والتعويض بالتقادم. • يعتبر كل عمل جنسي تجاه اي حدث لم يبلغ ال16 عاما جريمة يعاقب عليها القانون. • يعتبر الاغتصاب جريمة اجتماعية خطيرة؛ ويعاقب عليه باقصي العقوبات. • يمنع ضرب البشر والتعدي عليهم بدنيا داخل الاسرة وخارجها؛ ولا يسقط حق الطرف المتضرر بالتقادم؛ ويعاقب الطرف الذي يمارس تلك الجريمة؛ بما فيه دفع تعويضات للطرف المتضرر.
الصياغة التفصيلية لمواد القانون: يعكف الموقعون علي هذه المذكرة؛ علي افتراع جهد جماعي لصياغة مشروع القانون في صورة مواد تفصيلية؛ وتقديم مسودة متكاملة يتم تبنيها من الاطراف التي تتبني هذه الدعوة؛ ونلتزم بنقديم المسودة الاولي في ظرف ثلاثة اشهر من تاريخه؛ نبني عليها كل جهدنا الدعائي والقانوني والتنظيمي والسياسي اللاحق.
8 مارس 2005
الموقعون:
المنظمات المدنية: 1. مجموعة "نساء ليبراليات". 2. المؤسسة الليبرالية السودانية.
الاحزاب السياسية: 1. الحزب الليبرالي السوداني.
الافراد: 1. نادية محمود؛ ناشطة. 2. عادل عبد العاطي؛ اعلامي وناشط. 3. آننا مالينوفسكا؛ صحفية. 4. عمار م. حامد؛ ناشط. 5. اميمة احمد الفرجوني؛ طالبة. 6. د. عصام الدين محمود حسن؛ ناشط سلام. 7. عفاف عبد الرحيم؛ امراة سودانية. 8. علي عمر علي؛ ناشط. 9. معتز بشير؛ ناشط.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إعلان مبادئ مشترك نحو قانون مدني موحد للاحوال الشخصية في السودان (Re: معتز تروتسكى)
|
لماذا يرفض الليبراليون السودانيون تعدد الزوجات والطلاق الاعتباطي؟ عادل عبد العاطي [email protected] اسئلة تستحق الاجابة:
في اسئلة طرحها الاخ العوض الطيب حول الملامح الرئيسية لبرنامج الحزب الليبرالي السوداني، تجاه قضايا المرأة والنوع، وخصوصا المادة حول ضرورة اجازة قانون مدني ديمقراطي موحد للاحوال الشخصية؛ والتي ورد فيها: ( فض كل اشكال التمييز ضد المراة بها فيها منع تعدد الزوجات والطلاق الاعتباطي)؛ تسائل الاخ وليد:
"ألا يتعارض (منع تعدد الزوجات) مع مباديء الإسلام التي يدين بها غالبية الشعب السوداني؟
بمعنى آخر، إذا رغب الحزب الليبرالي في توسعة قاعدته الجماهيرية حتى تكون فاعلة أليس من الجدير أن يوسع إنائه ليسع معتقدات هذه الجماهير، أو على الأقل لا يتعارض معها. إذ أنني أعتقد أن الإسلام يبيح التعدد ولكنه لم يلزم كل المسلمين عليه، كما أن عدد من القبائل السودانية غير المسلمة تبيح التعدد. فلماذا يحرمه الحزب الليبرالي؟ هل منع التعدد هو فعلا في مصلحة المرأة؟"
قوانين بمرجعية مدنية في كافة المجالات:
اسئلة الاخ العوض الطيب جد مهمة اذا ما كان الغرض حقيقة هو انجاز"اجازة قانون مدني وديمقراطي موحد يحكم مجال الاحوال الشخصية والاسرة في السودان. يعتمد هذا القانون علي مبدأ المساواة الكاملة بين المراة والرجل في الحقوق والواجبات؛ رفض كل اشكال التمييز ضد المراة بها فيها منع تعدد الزوجات والطلاق الاعتباطي؛ وضمان وتقنين حقوق المراة المادية المتساوية داخل الاسرة وفي حالة الطلاق وفي الوراثة". ؛ كما جاء في الفقرة الرابعة من البرنامج:
اسئلة الاخ العوض مهمة كون ان مادتها ستكون الترسانة الحقيقية ضد اي مجهودات لاجازة مثل ذلك القانون؛ وذلك تحت اسم الدين والعرف كما تفضل الاخ العوض .
اقول في البداية ان الليبراليون السودانيون يطالبون باقامة قانون مدني ؛ ليس في مجال الاحوال الشخصية فحسب؛ وانما في جميع المجالات؛ جنائية واجرائية ومعاملات مدنية الخ؛ وبهذا فان مرجعية القوانين عندهم تعتمد علي القيم العالمية لحقوق الانسان والمواطن؛ ثم علي التراث القانوني السوداني؛ وعلي المصالح الملحة للمواطنين السودانيين.
المرجعية المدنية وتراث الشعوب الثقافي:
هنا يطرح السؤال نفسه؛ ما هي علاقة هذه المرجعية المدنية للقانون؛ مع التراث الثقافي للشعوب؛ كما يتجلي في صورة الدين او العرف ؟
ازعم هنا ان كل من القانون والثقافة هما في حالة جدال وفي حالة تطور؛ فما نفهمه من الدين بالضرورة اليوم؛ يختلف عما كان يفهمه من سبقنا بقرن او قرنين؛ وكذلك فان الممارسة العرفية تتغير؛ ويتغير ويتبدل القانون حسب التطور الحضاري والاجتماعي للشعوب والمجتمعات!
هذا ما يؤدي الي مناقشة قضية تعدد الزوجات في الاديان - الاسلام هنا - وفي العرف؛ وهل اننا يجب ان نوافق عليها اليوم ام لا ؛ حسب التطور التاريخي في فهمنا وممارستنا ووعينا الحقوقي
في الاسلام مثلا؛ فقد اباحت الشريعة المدرسية تعدد الزوجات؛ ولكن هذا ينبغي ان ينظر له في اطارين:
الاطار التاريخي لظهور التشريع.
نية او قصد المشرع من تلك الاباحة.
فيما يتعلق بالاطار التاريخي؛ فنحن نعلم ان تعدد الزوجات عند ظهور الاسلام كان ظاهرة اجتماعية موجودة في كثير من المجتمعات؛ وقد كانت ايضا موجودة في الجزيرة العربية قبل الاسلام؛ وقد تعامل معها الاسلام بواقعية كما تعامل مع ظواهر سلبية اخري كالاسترقاق والسبي الخ الخ . ان هذا التعامل اذن ليس من الامور العقدية في الدين؛ وانما من الامور الاجتماعية التي يصلح فيها تطور الفقه واللاهوت بما يناسب التطور الاجتماعي؛ فنحن نجد اليوم انه ليس هناك من يدعو للرق او السبي او يقبلهما باعتبار ان الاسلام اباحهما؛ وذلك لان تطور الوعي الحضاري قد رفض هذه الممارسات؛ ولانها لا تدخل في اطار العقائد الاولية للدين؛ فلماذا لا يتم نفس الشي مع تعدد الزوجات والطلاق الاعتباطي ؟
اما فيما يتعلق بنية وقصد المشرع فاننا نراه يذهب في اطار السعي لتقليص هذا التعدد؛ حيث كان التعدد قبل الاسلام مطلقا وغير محدد؛ بينما ذهب المشرع الاسلامي الي تحديده وتقليصه باربعة؛ ثم ذاد علي ذلك حين قال" وان خفتم الا تعدلوا فواحدة" ؛ ثم في استطراد آخر : "ولن تعدلوا ولو حرصتم".
ان غرض المشرع الاسلامي واضح في منهجه بتقييد وتقليص التعدد ؛ وهو منهج اصلاحي لا يقفز علي الواقع الاجتماعي؛ وقد مورس نفس المنهج الاصلاحي في التعامل مع ظاهرة الرق والرقيق؛ حيث وضع ضوابط عديدة للتعامل معهم؛ وذهب الي وضع وسائل واليات عديدة لتحريرهم سواء بالمكاتبة او كفارات علي الخطايا المختلفة (عتق رقبة) او بدخولهم الاسلام الخ الخ .
واذا كان هذا هو غرض المشرع؛ فان التطور اللاهوتي والاجتماعي والقانوني في المحصلة؛ يفترض ان نذهب معه الي مداه الاخير؛ اي رفض الاسترقاق اليوم باي شكل كان؛ ورفض التعدد في الزجات باي شكل كان؛ وهذا هو الاتجاه الذي ذهب اليه المصلحين الاسلاميين مثل الشيخ محمد عبده وعلي عبدالرازق وغيرهم .
ان نشر مثل هذا الفهم وتعميمه وسط المسلمين؛ والتفريق ما بين العقيدة في اصولها - التوحيد ؛ الايمان بالغيب واليوم الاخر ؛ العبادات - وبين القضايا الاجتماعية المتحولة ؛ ليست مهمة الحزب السياسي؛ ولكنها ضرورية هنا للنهوض بالجماهير من اطار الوعي الديني المتخلف الذي يغذيه بعض الرجعيين؛ الي اطار الوعي المدني المستنير الذين يجعلهم يرفضوا كافة اشكال التمييز في نفس الوقت الذي لا يتخلوا فيه عن ايمانهم بعقائدهم الاساسية.
هذه مهمة طبعا تقع علي عاتق المثقفين والمتنورين من رجال الدين والحقوقيين؛ وهي مربوطة بالاذدياد المضطرد في وعي الجماهير؛ وفي التطورات الاجتماعية التي تجعل قضايا مثل الاسترقاق وتعدد الزوجات شيئا من مخلفات الماضي البغيض.
العرف والقانون ودور المجددين في عملية التحديث::
في نفس الاطار ننظر الي احكام العرف التي تحدث عنها الاخ العوض؛ والتي تجعل من ممارسة تعدد الزوجات مقبولة في بعض المجتمعات السودانية غير المسلمة.
واذا كان للعرف سطوة مرات اقوي من سطوة الدين؛ فانه لا يملك قوة الاستمرار المؤسسية التي تكتسبها بعض احكام اللاهوت او الشريعة؛ وهو متحول الي حد كبير في الترابط مع التغيرات الاجتماعية ؛ ويكفي ان نقرا دراسة ايفانز عن مجتمع النوير التقليدي مثلا ؛ ثم ننظر لحال النوير اليوم؛ لنلاحظ عمق التغيرات التي تدخل بتاثير العلاقات والافكار الجديدة علي العلاقات الاجتماعية؛ وخصوصا دور المدن والتعليم ودخول نشاطات اقتصادية جديدة في ذلك.
مع هذا فانه مع احترام التطور التدريجي للثقافات؛ فان القيادات السياسية والاجتماعية والثقافية لها دور في عملية التحديث؛ ولذلك فاننا سنعمل علي محاربة تعددية الزوجات حتي في اطار المجتمعات التقليدية؛ وعلي ان يسود قانون موحد لكل البلاد في هذا المجال.
مسالة القانون الموحد من جهة اخري لها علاقة بمبدا مساواة المواطنين؛ وقد عانت الهند كثيرا من جراء الامتبازات الممنوحة لبعض الطوائف في مجال الاحوال الشخصية - المسلمين مثلا - بينما الزمت الاغلبية الهندوسية ببعض الزامات القانون العلماني - منع التعدد-؛ وقد افرز هذا احتقانات سياسية واجتماعية عظيمة؛ ليس قيام الاصولية الهندوسية الا احد تجلياتها.
وتظل هناك مسائل اخري تحتاج لنقاش اوسع؛ ومن بينها قضايا الارث والحقوق المادية للزوجة في ممتلكات الاسرة المشتركة الخ الخ من القضايا التي تعرضت لها الوثيقة في عموميتها؛ والتي لا تقل خطرا عن موضوع تعدد الزوجات والطلاق العشوائي .
عادل عبد العاطي
عضو الحزب الليبرالي السوداني
14 مارس 2005
i المقال بتصرف عن مادة حوار في منتدي النقاش بموقع سودانيز اونلاين كوم؛ ديسمبر 2004.
http://www.sudaneseonline.com
| |
|
|
|
|
|
|
|