|
بالسودان خطاب قبلي وجهوي متنامي .....لماذا؟؟
|
في السنوات القليلة الماضية لاحظنا تنامي الخطاب الجهوي بالسودان بصورة حادة وعاده تصنيفات القبلية ( شايقي , جعلى , فوراوي , دنقلاوي , بيجاوي, ديناكاوي ................ الخ ) فلعل هذه المسألة تستحق منا بعض الوقوف فاستقطاب الجهة والقبيلة لم يكن يوماً بتلك الحدة بالسودان وألا تنادي به الناس وثبتوه بأسمائهم مثلا سيد أحمد فلان الفلاني (الشايقي) , فاولينو (الزنداوي) فيظهر في الاسم ( مثل بلاد أخري ) وهذا لم يحدث بالسودان بل عرفنا رموزه في السياسة والأدب والشعر والغناء ومن الشخصيات العامة دون كبير اهتمام بالجهة أو القبيلة فمنذ وقت مبكر لدينا ثقافة الوسط التي جمعت أبناء السودان جميعاً دون اعتبار لقبلية أو جهوية. فهل يتقدم الناس في أفكارهم أم تراهم يتقهقرون ؟؟؟ فينمو ما يفرق أكثر مما يجمع ........
*******************************
وحينما يكون الأمر من منظور أعراق كونت النسيج الاجتماعي للسودان بوطن يتساوي الجميع فيه بحق المواطنة والانتماء له يكون الأمر مقبول ولكن يخرج من المقبول والمعقول متى ما أصبح هم يحصر بعضهم ويجعل مدخله في التعاطي مع الشأن العام والخاص هذا المنظور ولا منظور أخر سواه . دون وعي حقيقي بكيفية تكون ونشأه المجتمع السوداني الذي هو ( أرض هجره ) اجتمعت بها أعراق وقوميات مختلفة تشكل منهم السودان مع وجود شعوب قديمة ( النوبة , البجا , القبائل النيلية في الجنوب ) وهذا قد يكون عامل قوه لمثل تلك المجتمعات حيث تسهم كل قومية وتأتي بأفضل مالديها ويحضرني هنا نموذجين :
• (الولايات المتحدة الأمريكية) حيث ترك للمجتمع تحقيق هذا النوع من الوحدة والانصهار فتتطور تطور تلقائي نحو الوحدة والانصهار حينما ترك الأمر لمؤسسات المجتمع المدني ولم تحارب القومية التي تركت ( ايطاليون لاتينيون أنجلو سكسون أفارقة ............الخ ) لم تتدخل الدولة ولكن تركت للمجتمع حرية أن يتشكل فتحتفظ كل هذه القوميات بمكوناتها الخاصة ولكن يصبح الانتماء والولاء اكبر من القومية ويصبح للوطن الذي يجمع الجميع بدستور يستوي فيه الجميع بعيد عن القومية والعرق بل بحق المواطنة.
• النموذج المخالف له ( الاتحاد السوفيتي السابق ) حينما تدخله الدولة في فرض أيدلوجيتها الخاصة في المجتمعات المكونة للاتحاد فكانت الجمهوريات السوفيتية تحاول الدولة المركزية أن تجردها من كل مكوناتها الخاصة الثقافية والدينية بل تحاول حتى تغير مكونها القومي باستجلاب قوميات أخري لتقيم بها محاولة تغير بنيتها السكانية ولكن أيدلوجية الدولة لم تستطع بناء الوحدة بل أده في النهاية لتقوقع كل قومية في نفسها وحينما أنهار الاتحاد السوفيتي انفصلت تلك الدول في سهولة ويسر . ******************************* فعلينا أن لا نتصور أن الحالة السودانية ليس لها مثيل بل أن كثير من الدول هي مكونة من قوميات وشعوب مختلفة قد تتوافق وتسمو بفكرها وقد ينحرف ذلك الفكر ويحدث ما حدث ( يوغسلافيا السابقة ) كنموذج لصراع القوميات في العقد الأخير من القرن الماضي ( صرب/ كروات/ بوسنه وهرسك ) نعم كان فيه عامل الدين حاضراً ولكن البعد القومي كان أكبر لان الصرب حاربوا الكروات المسيحيون أيضاً . مثال أخر لصراع القوميات روندا ( توتسي /هوتو) وكل هذه الصراعات تفاقمت ونمت حينما تحاول قومية ما التفرد والاستعلاء على القوميات الأخرى . فتحدث الحروب الأهلية علينا أن ننتبه بأن ظاهرة القبلية تطل برأسها بالمجتمع السوداني ولكن بوجهها غير الحميد وعلينا أن ننتبه أن الدنيا تغيرت واليوم الكيانات الكبيرة فقط من تفرض وجودها فمن العبث بهذا العصر أن يسير السودان للتفكك وتنامي روح الجهة والقبيلة .
|
|
|
|
|
|