|
الـخوف..يتحدث عنه الأستاذمحمودمحمدطه
|
وإذ ولد العقل في بيت منقسم، من أبوين متشاكسين.. أم شهوانية، جامحة، شديدة النزوات، كثيرة الرغايب، وأب ضعيف، جبان يسوقه الخوف إلى العنف، فيرد مطالبها في شدة وصرامة، قد تبلغ به أن يحيف عليها ويكبتها في غير موجب للكبت، فإن طفولته لم تكن سعيدة، بل كانت طفولة مشردة، حانقة، كثيرة الجنوح والانحراف، وقد ظهرت عليه خصائص أبويه، وأثر فيه جو البيت الذي ولد فيه، فجاء منقسما على نفسه أيضا، بعضه يقف في مناهضة بعضه الآخر، وقديما قيل (البيت المنقسم لا يقوم).
ولقد ترسب الخوف في أغوار النفس منذ نشأة الحياة، وقبل ظهور البشر على مسرحها، ثم نشب الصراع الطويل بين (إرادة الحياة) و (إرادة الحرية) الذي صحب ظهور البشر على مسرح الحياة، والذي لا يزال يتسعر ضرامه إلى اليوم، ولقد نتج عن هذا الصراع أن بعض الرغائب المحرمة، والتي كانت تتحرك طليقة قبلا، قد كبلت بالأغلال، وكبتت، وأصبحت حبيسة في سراديب مظلمة من حواشي النفس. وكل هذه الرغائب أصيلة، وكثير منها، لطول ما حبس في الظلام، فقد البصر، وفقد القدرة على الحركة، ولكنه لم يمت، وهو ينتظر أن يفرج عنه، من هذا المحبس يوما من الأيام.
فالنفس البشرية اليوم معرضة لآفات كثيرة.. خوف ترسب فيها قبل أن تصبح بشرية، وذلك بين فجر الحياة البدائية الأولية، وعهد ظهور البشر على المسرح، وكبت موروث منذ ظهور المجتمع البشري، وإلى أن يولد أحدنا، ثم كبت مكتسب في حياة الفرد، بين ميلاده ووفاته، حيث يتسلط القانون، والعرف، والرأي العام على تكبيل رغائبه التي لا تجد الموافقة على تحركاتها، وتعبيراتها في حرية وطلاقة.
وكل الكبت بفعل الخوف، فالخوف، سواء كان الخوف البدائي، الساذج، الذي لا مبرر له، أو كان الخوف العاقل، الموزون، المعروف الأسباب، المعقولها، قد ترك طابعه على النفس البشرية بصورة مزمنة.
والخوف، من حيث هو، هو الأب الشرعي لكل آفات الأخلاق ومعايب السلوك، ولن تتم كمالات الرجولة للرجل وهو خائف، ولا تتم كمالات الأنوثة للأنثى وهي خائفة، في أي مستوى من الخوف، وفي أي لون من ألوا نه، فالكمال في السلامة من الخوف.
ولن يتم تحرير الفرد من جميع صور الخوف الموروث إلا بالعلم.. العلم بدقائق حقيقة البيئة الطبيعية التي عاش، ويعيش فيها، والتي كانت سببا مباشرا لترسيب الخوف في أغوار نفسه، فإن الخوف جهل والجهل لا يحارب إلا بالعلم.. ومن أجل ذلك وجب الاهتمام بإعطاء الفرد صورة كاملة، وصحيحة، عن علاقته بالمجتمع، وعن علاقته بالكون، وهو ما نحن بصدده منذ حين.
(من مؤلفات الأستاذمحمود محمدطه)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الـخوف..يتحدث عنه الأستاذمحمودمحمدطه (Re: منصوري)
|
عزيزي الأستاذ منصوري سلامات أعجبني النص الفلسفي العميق لسلطة الخوف في حياتنا ... وبدأت أنتقل بين ما قاله يوماً الروائي الجنوب أفريقي Allan Paton عن الخوف والحزن وانتقال النفس البشرية بينهما، وأثر الخوف في سلوك الإنسان وقراراته، وحتى مستقبله، ومن ثم علاقته بالمجتمع/ البيئة التي يعيش حولها، وتفاعله الظاهر مع الحياة شكلاً ومضموناً ... عبارة هذا الكاتب الجميل ظلت لأزمان عالقة بوجداني تراوح بين الخروج للسطح والاختباء الأعمى fear is more better than sorrow, sorrow is a journey, a terrible journey, but fear is at least an arrival التحرك بدافع سطوة الخوف وخيم العواقب ... سلبي النتائج وإن ظهرت بعض ايجابية فهي سراب وليس ماء، فالنتقي الخوف ولنحرر أنفسنا من سطواته ... أعجبني موضوع البوست العميق ...فقط لو أوردت المصدر، أعني اسم الكتاب الذي حوى هذه الفقرة مع عميق شكري وتقديري
| |
|
|
|
|
|
|
|