|
الوطواط "دراكولا" في العراق
|
"في عالم يشكل فيه الأشرار خطرا حقيقيا، يتعين الدفاع عن القيم الديموقراطية بكل الوسائل: السياسية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية، وكذلك العسكرية." لا أحسب أن أحدا يعتمد المنطق يمكن أن يختلف مع السيدة كوندوليزا رايس في مقولتها هذه اللهم إلا فيما ورد بعد (كذلك ) أي (الوسائل العسكرية) من باب الاقتداء بالسيد المسيح وقولته (لا تقاوموا الشر) ليس إلا . كما أنى لا اختلف كثيرا فيما أوردته من مبررات تجعل الانسحاب الأميركي من العراق (الآن) خطأ كبيرا إن لم نقل جريمة أو بالأحرى ، الوصول بالجريمة إلى ذروة الكارثة. غير أن ما أخالف السيدة كوندوليزا عليه هو أنها ساقت الأمر وكأنه مقدمات بدلا من أن تسوقه في سياقه الطبيعي على أساس انه نتائج لسلسة طويلة من الأخطاء. - نتيجة لخطأ إطلاق عفريت التطرف من قمقمه وتمكينه من الوسائل المادية والتكنولوجية والدعائية ثم التحالف معه في العالم العربي ضد القوى الوطنية والديمقراطية حينا خدمة لأنظمة موالية وحينا لتخويف وابتزاز هذه الأنظمة إن هي تلكأت أو اعترضت ، وخارج العالم العربي في أفغانستان وغير أفغانستان. - نتيجة لخطأ ترك القوى والأحزاب والشخصيات الديمقراطية مكشوفة داخليا وخارجيا أمام بطش الأنظمة بل والتضييق عليها عندما تتواجد خارج بلدانها. - نتيجة لخطأ الالتفاف على القانون الدولي والشرعية الدولية واجتياح العراق تحت مبرر امتلاكه لأسلحة دمار شامل ثبت انه لا يملكها ومساندته للإرهاب الدولي والإسلامي على وجه التحديد في حين كان النظام الحاكم في العراق على نقيض مع حركات الإسلام السياسي عموما ناهيك عن الحالة الأكثر تطرفا وظلامية والتي يمثلها النهج التكفيري لاسامة بن لادن.
بإمكان المرء أن يسهب في تعداد الأخطاء ولكن حتى نختصر الطريق أقول على السيدة كوندوليزا رايس أن تعترف بتلك الأخطاء أولا حتى تبصر جيدا كيف يكون بمقدورها أن ترسم ملامح الخطوات التالية التي يجب اتباعها في المسألة العراقية وفي مقدمتها إيقاف نزيف الدم الذي وصل إلى حد يجعلنا نترحم على الوطواط دراكولا في رواية الارلندي ابراهام ستوكر في نهاية القرن التاسع عشر الذي يتغذى بدم ضحيته فيحولها الي وطواط آخر يمتص ضحية جديدة ويتقوى بها فتكثر الضحايا وتكثر الخفافيش.
|
|
|
|
|
|