|
الاخوة اعضاء جهاز الامن زملاء المنتدى
|
لقد تجرأ المواطن ادناه وطاوع نفسه ليحلم في يوم سعت الانقاذ لمسحه من ذاكرة الشعب. وبما انني لا افهم في قوانين التعسف والارتياب فان نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة ستقوم بالواجب وستؤدب هذا الحالم.
يلا ورونا همتكم.... ومحمد فريد ما بعيد منكم. وعاش السودان بلا احلام.
نقلا عن سودانايل
بيان من رئيس جمهورية السودان
المشير عمر حسن احمد البشير
الى جماهير الشعب السوداني
(ليلة الوجع النبيل) أبو سامح
عندما يسيطر حدث ما, أو مشكلة, على تفكيرك, ويكون جاثما على صدرك وعقلك, لابد من تأثيره على سلوكك, سلبا كان أم إيجابا.. فيشغل بالك حتى وأنت نائم, أو ربما نسجت خيالا متفرعا عنه أشبه بالحكايات القديمة, أو أفلام الخيال العلمي..قـد تكـون بطـلا فيه, إذا لــم تتطاول الألف, أو متفرجا نابهًًًًا فتطلق عنان البهجة.. ربما أتتك بحلول منطقية لبعض المعـضلات, ظللت تبحث عنها وتستجدي وقـوعها بعامل التأثير الظاهري والباطني.. أنت يقــظ, أو نائم.. أو ربما يجنح خيالك إلي استحداث صور متشائمة من شأنها أن تقود توجهك مستقبلا.. ففي كل الأحوال يظل الحلم خيالا حرا دون تكاليف مضافة, أو جبايات مدفـوعة .. خاصا لا يمنعه زوار الليل أو منتهكي الحرمات.. ويكون نبيلا إذا أنار طريقك إلي الخلاص.. دعنا إذًا نسترسل فيه, ونمنح أنفسنا فرصة المتعة والدهشة والانبهار..
ففي يوم العشرين من أكتوبر عام 2005 م, أطلق الإعلام السوداني, بكل مكوناته, نداءا مكررا هاما مفاده أن رئيس الجمهورية المشير عمر حسن احمد البشسر سيلقي بيانا إلى جماهير الشعب السوداني عند العاشرة من صباح غـد الموافق 21/أكتوبر/2005 م, ويكون ذات اليوم عطلة رسمية للدولة.. صار اليوم وليله طويلا طويلا, لم يحدث أن عاش الشعب مثله.. أشرق صبح اليوم الموعود..كل الناس في حالة ترقب لما سيقوله البشير.. عند العاشرة تماما بتوقيت السودان, أطل رئيس الجمهورية – عمر البشير- من الشاشة البلورية, عن يمينه السيد سلفا كير ميارديت-النائب الأول, وعن شماله السيد علي عثمان محمد طه –نائب رئيس الجمهورية.. استهل رئيس الجمهورية بيانه بالبسملة, ثم بدأ يعـدد ويحصي مجموعة نقاط, صاغ فيها وأجمل, وبكل شفافية ولباقة وحسن تدبير, رؤيته الحزبية, وقناعاته الشخصية , بالخطر الذي تمر به الدولة السودانية.. تحدث بعمق سياسي بليغ, عن قضايا غاية في الدقة والحساسية والأهمية, بعيدا عن الإسفاف والتطاول والمهاترة واللامعقولية.. استخدم حسا وطنيا خالصا في الشرح والاستدلال والبيان.. نأى في بيانه عن التطرق لإنجازات الإنقاذ ونجاحاته المزعومة, التي درج عـلى إعلاء شأنها, بل ذهب إلى إثبات الأخطاء التي تراكمت منذ الاستقلال, وتحمل مقاسمتها مع الآخرين بكل شجاعة وثبات..تلكم الأخطاء التي نتجت عـنها الوضع الخطير الماثل الآن.. تكلم بشئ من الفخر والعـزة والإسهاب عـن تاريخ السودان, ساق من خلاله أسباب علمية وواقعية وجـوهرية وحتمية ملموسة, تبرر وحدة السودان وانصهاره.. كما أحصى مجموعة نقاط للتلاقي والتماسك, مع إمكانية بناء الدولة السودانية الواحدة الموحدة, بالسواعد السودانية الموجودة, والقدرات المتوفرة, وبأفضل معاول البناء المتاحة..
تناول السيد رئيس الجمهورية في بيانه, بعض الأصوات التي تنادى بتجزئة السودان, من الشماليين والجنوبيين على حد سواء..أكد بكل صدق وأمانة بأنها حالات كانت مفيدة, رغم الطرح السالب, لأنها مكنت الآخرين من الوقوف عـلى حقائق كانت منكرة, وكان ممنوع التداول فيها.. وأكـد زوالها تلقائيا بمجرد انتهاج المنهج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والديني والثقافي السليم, وان لا خوف من هــذه الأصوات إذا ما تم تقدير كافـة الأمور تقديرا وطنيا جادا سليما ملهما..
كان البشير , وهو يتلو بيانه, وبغير عادته, قد بدا في وجهه قدرا من راحة الضمير والاطمئنان, لم يألفه الشعب في جميع طلاته على الشاشة خلال حكمه..كان كمن يحمل نفسه كل مثالب السياسة السودانية منذ الاستقلال, حينما اعترف جهارا بالحق الذي حرم عن أهله في التنمية والعدل والمساواة والحرية وتداول السلطة سلما, وعدم منطقية الحروب التي انتظمت كافة الدولة..تشعر به وهو يتكلم, كمن أراد أن يقول (لا) داوية لحزبه المؤتمر الوطني..
كانت المفاجأة المذهلة هي قراره كرئيس جمهورية, دام لأكثر من ستة عشر عاما, ممثلا لتوجه سياسي عسكري نافذ, استغل خلال هذه الفترة كل موارد الدولة لتمكين حزبه –الجبهة القومية الإسلامية, ثم المؤتمر المسمى بالوطني.. صمت البشير برهة لم تدم طويلا, ثم استطرد قائلا وهو متماسك القوة والشكيمة" أيها الشعب السوداني العـزيز, فيما يلي أتلو عليكم قرار رئيس الجمهورية رقم ( 10) لسنة 2005 م , وهذا نصه:-
بعد التشاور مع كافة الأجهزة الرسمية والمعنية بالحكومة, ومع كل الحادبين من أصحاب الرأي بالسودان, قررت أن يتم تكوين مجلس استشاري لرئيس الجمهورية من ستين عضوا,من السودانيين المشهود لهم بالكفاءة العلمية والقدرة السياسية والحنكة الإدارية, دون تمييز , أو إخلال بمبدأ القومية والشمولية..
يكون تمثيل المؤتمر الوطني في المجلس الاستشاري لرئيس الجمهورية باثنين فقط, هما نائب رئيس الجمهورية, وآخر يتم اختياره من الحزب..
يكون المجلس الاستشاري مسئولا عن وضع برنامج عمل مرحلي واستراتيجي لجمهورية السودان, خلال فترة لا تتعدى الثلاثة أشهر من تاريخ هذا القرار, على أن يراعى في هذا البرنامج المصلحة العليا للدولة السودانية, مع استصحاب وتوفيق كل الاتفاقات والعهود والمواثيق, وخاصة نيفاشا, بما يخدم المصلحة الوطنية العليا..
يجوز للمجلس الاستعانة بالأشخاص والجهات التي يرى من شانها الفائدة من خبراتها, حتى ولو كانت أجنبية..
يتم الإفراج فورا عن جميع المسجونين والمتهمين السياسيين أيا كانت جرائمهم, كما يشمل العفو كافة الحركات المسلحة التي حملت السلاح ضد الحكومة, وتمثل هذه الحركات في المجلس الاستشاري لرئيس الجمهورية..
تكون مدة المجلس ثلاث سنوات متصلة غير منفصلة, هي الفترة ما قبل الانتخابات, ولا يجوز فيه غياب أي من الأعضاء المختارين لأكثر من خمسة عشر يوما, إلا لظروف قاهرة, يقدرها نصف أعضاء المجلس..
تقوم وزارة التخطيط, بالتعاون مع كل وزارات الدولة, بتوفير كل السبل المساعدة والمفضية إلى تنفيذ مهام المجلس..
يجب أن يشتمل برنامج العمل المرحلي والاستراتيجي على حلول جذرية عـاجلة وواضحة للنقاط التالية:-
أولا:- تفسير وتقنين وتثبيت الهوية السودانية قولا وعملا..
ثانيا:- حل مشكلة النزاعات المسلحة في كامل القطر السوداني, مع وضع أسس وضوابط مرضية لعدم حدوثها وتكرارها..
ثالثا:- إيجاد صيغة فاعلة وواقعية جادة للتنمية وقضايا التوزيع العادل للثروة..
رابعا:- ابتداع وخلق برنامج عاجل ومتدرج لرتق النسيج الاجتماعي, وقضية التعايش السلمي بين المواطنين في القطر الواحد..
خامسا:- تخطيط الإعلام بكل جوانبه, وتفعيله كأداة نافذة لتحقيق كافة المراحل بدقة..
سادسا:- غربلة الخدمة المدنية وتصفية المظاهر السالبة فيها, مع معالجة الأضرار التي لحقت ببعض الموظفين سابقا..
سابعا:- تكوين وبناء الجيش السوداني وكافة الأجهزة الأمنية بناءا قوميا شاملا..
ثامنا:- تنظيم وترتيب وتفعيل العمل الحزبي ( ميثاق), بما يخدم الوطن وارتقاؤه ووحدته..
تاسعا:- ترقية التعليم والصحة والثقافة والرياضة بأسس جديدة تخدم المواطن والوطن..
عاشرا:- إيجاد صيغ مثلي للسياسة الخارجية انطلاقا من مبدأ المصلحة الوطنية العليا..
تحدث المشير البشير عـن كل شئ يخص السودان, سلبيات وايجابيات, الماضي والحاضر..فند كل كبيرة وصغيرة, كأنما كان يوحى إليه.. ثم تلى أسماء أعضاء المجلس الاستشاري.. ستون عضوا من أكابر أهل السودان فكرا وعلما ورأيا ومقاما.. من بينهم من زحزحه الدهر إلى نهاياته, ومنهم من كان مشتطا شاطحا, ومنهم من تملكته النزعة إلى التحصيل للآخرة, فزهد عن دنيانا الفانية وملذاتها..هناك من عركته الخطوب المدلهمات, فعـاقر مضاجع الحبس المظلمة وعـذاباتها, فاستوعب الدرس ونال الحكمة..وهناك من تختلف معهم قـلبا وقالبا, لكنهم قلة لا تثير الانزعاج..
كان لقاؤنا مصادفة بالمنزل, لم نرتب له.. ثلاث عوائل, حرصنا, كعادتنا, أن نسمع مثل هذا البيان في هدوء وسكينة, دون مقاطعة أو انقطاع..كل منا قد اختزن فهمه وتفسيره لما سيقوله السيد رئيس الجمهورية, عـدا المفاجأة, فلم تخطر بالبال, بحكم الميول.. إذ كان القاسم بيننا هو الكراهية المطلقة لهذا النظام الظالم (الجبهة القومية- المؤتمر الوطني) الانقلابي الدموي الاقصائي المستبد..
حينما بدأ السيد الرئيس بيانه, قال أحدنا معلقا (المرة دي عايز يخمنا في شنو كمان؟)..لم يرد أيا منا , لأن البداية كانت مختلفة ومدهشة ومثيرة للانتباه, بحيث أرغمتنا وشدتنا للمتابعة والتركيز بكل حواسنا دون حراك .. في لحظة النهاية, استدركنا أن كل من كان بالمنزل قد اجتمع حول الشاشة دون أخطار أو دعـوة.. نساء ورجال, صغار وكبار, راشدون وقاصرون, وقـد لفهم الذهـول وطوقهم علامات العجب.. عـناصر الدهشة وعـوامل الاستغراب قد أغرقت الألباب من هـول ما سمعنا ورأينا من السيد الرئيس البشير..أطبق الصمت حينا.. كل يفكر بمـفـرده في هذه النقلة النوعية التي أحدثها البيان في الوجدان.. اندفع اغـلبنا في إيجاد ما يبرر هذا (الخم) هذه المرة, بلا جدوى.. فهناك أكثر من بند فى البيان, يجرك جرا إلى حقيقته وواقعيته وصدقه وجديته.. بدءا بمظهر الرئيس ونائبيه, مرورا بالحقائق المجسدة التي ذكرها, وانتهاءا بأعضاء المجلس الاستشاري.. كان الإحساس بالزيف معدوما, إذ وجد كل شخص نفسه ممثلا بأكثرية في هذا المجلس.. تناولنا البيان من كل جوانبه حتى أذن وقت الفراق عند الساعة الرابعة والنصف..
دخل ابني لاهثا ليقول لي إن شوارع المدينة اكتظت بجموع لا حد لها, في تظاهرات عارمة ملأت الفضاءات ضجيجا وصراخا وغـبارا.. خرجت لتوي في اتجاه الهتافات العالية, فما هي الا لحظات لأجد نفسي في مواجهة أمواج من البشر تتحرك عـلى طول امتداد شارع رئيسي طويل..مددت بصري, فلم أجد حدا لتلك الأمواج المنتظمة المتلاحقة.. أمعـنت النظر, فإذا بسيارة مكشوفة الظهر تتقدم الركب, تسير بترو وتأن وتؤدد, تبث عليها مكبر للصوت يهتف من خلاله الأخ نقد الله.. كان متفاعلا مع ذاته, منفعلا بالحدث.. كانت شعاراته جامعة مانعة, قصيرة معـبرة, تشحذ الهمم, وتشحن الأفئدة, من أجل هـذا الوطن..كانت تتدفق قـوة وحيوية وإيمانا بالوحدة الوطنية ..كان الموكب رهيبا مهيبا, والموقف غاية في الإثارة والاستفزاز, فلم أجد بدا من شق الجموع واعتلاء السيارة..تلمست طريقي إلى المقدمة, حيث مكبر الصوت..استأذنته, فما توانى ولا تأخر..كنت هائجا مائجا, منجذبا غـارقا في رحاب الله والوطن, وقد تقمصتني الروح النضالية, ولبستني عفاريت الثورة, حتى إذا ما أمسكت بمكبر الصوت وهممت بالصياح, نادتني بنتي الصغرى, وهى تدلك برفـق على ظهري (يا بابا قوم عشان تصلي وتشرب الشاي, ماما منتظراك بالكيكة اللذيذة)...
ابوسامح
28/08/2005م
|
|
|
|
|
|