من حاتم ......الى ايمن حسين فراج

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-09-2024, 09:01 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-17-2005, 06:56 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
من حاتم ......الى ايمن حسين فراج

    فقط اردت ان اقول لك شكرا
    رغم اننى لست المخاطب مباشرة بهذه الكلمات الا انها عنت الكثير لى
    نحتاج من حين لاخر ما ينبهنا الى ان بعض الاشياء يجب مراجعتها او تغييرها
    سطورك هذه كانت مدعاة لى للتوقف قليلا و محاسبة الذات و النظر لموضع الاقدام و العقل والقلب

    لك عامر مودتى و احترامى


    Re: من اساسي ..الي ايمن حسين فراج
    Quote: حتى لا أطيل إذ لا طاقة لي فسجل عني المواقف التالية وأحفظها عندك وأخبرني برأيك فيها:
    1- أنا ضد أن يشغل (المشاهير وغير المشاهير) الناس بأمورهم الشخصية علنا بما لا يفيد الناس في شيء وكان من الأولى أن تطرح رسالتك غير الموثقة عاليه علنا فليس فيها عيب بل وكانت ستحقق أهدافها بشكل أفضل
    2- أنا ضد (الوشوشة) في وجود أخرين قد يصل بهم الأمر إلى الموقف المزري الذي وصلت إليه نادية عثمان من عدم الفهم ومن التنصل الكريه اللاحق أو ما وصل إليه آخرون من إيراد أنفسهم موارد الشبهات.
    3- أنا ضد التآمر وشبهة التآمر
    4- أنا ضد بيع سودان فور أول بتلك الطريقة(اللاأخلاقية).
    5- أنا ضد شراء سودان فور أول بتلك الطريقة (اللاأخلاقية).
    6- أنا ضد الفجور في الخصومة وضد الفجور عموما.
    7- انا ضد البوستات التي تضيع وقت الناس، فللناس عمل وحياة
    8- أنا ضد السرقة والإدعاء.
    9- أنا مع التبادل المعرفي أيا كانت طريقته ومع أدب الحوار

    أخيرا يا أساسي
    أرجو أن تعلم أني لا أخاف منك
    أو من جماعتك
    أو من الله ذاته
    فاسمع هذا الدعاء الأثير
    (اللهم إن كنت تعلم اني أعبدك خوفا من نارك فادخلينها
    وإن كنت تعلم أني أعبدك طمعا في جنتك فاحرمني منها)

    الحب هو ما يربطني بالله وليس الخوف أو الطمع (وهذا راسخ عندي)

    والحب هو ما يربطني بالناس وليس الخوف أو المصلحة وهذا راسخ عندي أيضا.
                  

09-17-2005, 04:13 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    حاتم
    صاحب المزاج الحي
    سأهديك بعضا من القول الجميل هنا
    لنجعله مكانا يليق بك



    ............
    ماء الظهر
    ............
    ليس لعينيك بدءٌ ولا ختام
    تمامُ عينيك نقص، ونقصهما تمام



    ..................................
    صعوبة أن تكون رومانتيكيا
    ..................................
    أريد أن أكتب شعرا لعينيك، شريطة أن أتفوق فيه على تشبيههما بغابتي نخيل ساعة السحر، وألا أكرر أنهما خانهما التعبير حتى ظلتا كما هما.
    أعلم أن ما أريده شاقٌ عليّ.
    وحتى إذا استطعت فسوف أكون حينئذ شاعرا غنائيا، وهذا ما أتحاشاه منذ عشر سنوات.
    وهب أني تجاوزت الكبار الذين سبقوني (وهو واردٌ بقليل من التفاؤل)،
    وأني قبلتُ أن أكون رومانتيكيا لبضعة أسابيع (وهو ممكن بقليل من إهمال الواجبات الحداثية).
    ساعتها ستواجهني المشكلة الأمُ: أن كل الأوصاف التي سوف ألصقها بعينيكِ سوف تظل مجرد شرح لعينين تستعصيان على الشرح.
    الأجدى إذن أن أنقط اليود في هاتين العينين نهارا كاملا، وأن أفتحهما على الآخر لحظة انفلاق البويضة،
    لأبلغ ما ينزُّ فيهما من فائض العمر.
    هكذا فعل بيكاسو: قضمَ التفاحة بين شدقيه تاركا الرسامَ البائس يخلط الأحمرَ بالأزرق في دائرة من فلقتين.



    .........
    الطيران
    .........
    ضاقت الحلول إلى دائرة تعلمنا بداخلها أن الجسد ليس زخرفة الصنائع،
    الاقتراح الآن هو الطيران إلى الجهة الأخرى من الملعب.
    هناك ستهنئ امرأةٌ عاملة السنترال على جمال قرطها أثناء حكيهما عن التأقلم،


    شعر:حلمي سالم
    ديوان: يوجد هنا عميان
                  

09-18-2005, 03:38 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    و قيل: ردوا التحية بمثلها او افضل منها
    اقرا الى ان اتمكن من مغافلة الواجبات

    Quote: قصائد

    حسين بن حمزة
    (سوريا)

    وحشة ( 1 )

    لن أنسى
    نهرا
    تنحني شجرة
    بكامل عصافيرها عليه
    تكلمه من ألف عام
    وهو يمضي
    ولا يفهم .

    ***

    وحشة ( 2 )

    في كل ليلة
    أغادر المنزل
    تاركاً المصابيح مضاءة
    لعلّ الوحشة
    تهتدي مرة إلى المطبخ
    وعلى مهل هناك
    تحـزّ
    شرايين
    يديها .

    ***

    قبل النوم

    رغم أنني
    ما عدت أهتم بأي شيء
    أبدد معظم وقتي خارج المنزل
    الأزهار
    لم أغير ماءها منذ أيام
    الكتب
    والفناجين
    وأعقاب السجائر
    مكتفية بطبقة من الغبار
    مع ذلك
    أجد وقتاً
    كي أطعم ذئاب غيابك
    قبل النوم .

    ***

    تشبيه

    متروكاً وشأني
    بلا كلمة تجلب الغائب
    بلا كمان لكي تنعس الوحشة
    غريب كهواء السرو بين السنديان
    خائب
    مثل علم يضحك
    فوق بلاد حزينة

    ***

    مطر

    لم أستطع أن أراك اليوم
    ولكني لست حزيناً
    إذا كان المطر الذي بللني في الصباح
    قد بللك أيضاً .

    ***

    حين يبوح الثلج بحبه للشمس
    يذوب
    من

    الخجل .

    ***

    حين يسقط المطر على البحر
    من
    يتبلل
    أولا ً .

    ***
                  

09-18-2005, 01:35 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    حاتم


    إن عشقنا بنعشق محاسن

    ........................

    تحــقّر عنــدي همتي كـل مطلـب
    ويقصـر فـي عينـي المدى المتطاول
    ومـا زلـت طـوداً لا تـزول مناكبي
    إلــى أن بـدت للضيـم فـيّ زلازل
    فقلقلـت بـالهم الـذي قلقـل الحشـا
    قلاقـــل عيس كـــلهن قلاقــل
    كـأني مـن الوجنـاء في ظهر موجة
    رمـت بـي بحـاراً مـا لهن سواحل
    يخــيل لــي أن البـلاد مسـامعي
    وأنــي فيهـا مـا تقـول العـواذل
    غثاثــة عيشـي أن تغـث كـرامتي
    وليس بغــث أن تغــث المــآكل


    أبو الطيب المتنبي
                  

09-18-2005, 01:40 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: أيمن حسين فراج)

    حاتم حتى تعود:
    إن عشقنا بنعشق محاسن


    أَنَا يُوسُفٌ يَا أَبِي.

    يَا أَبِي، إِخْوَتِي لاَ يُحِبُّونَنِي،

    لاَ يُرِيدُونَنِي بَيْنَهُم يَا أَبِي.

    يَعْتَدُونَ عَلَيَّ وَيَرْمُونَنِي بِالحَصَى وَالكَلاَمِ.

    يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ يَمْدَحُونِي.

    وَهُمْ أَوْصَدُوا بَابَ بَيْتِكَ دُونِي.

    وَهُمْ طَرَدُونِي مِنَ الحَقْلِ.

    هُمْ سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي.

    وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي.

    حَينَ مَرَّ النَّسِيمُ وَلاَعَبَ شَعْرِيَ

    غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ،

    فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي?

    الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتِفَيَّ،

    وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ،

    وَالطَّيْرُ حَطَّتْ على راحتيَّ.

    فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي،

    وَلِمَاذَا أَنَا?

    أَنْتَ سَمَّيْتَنِي يُوسُفًا،

    وَهُمُو أَوْقَعُونِيَ فِي الجُبِّ، وَاتَّهَمُوا الذِّئْبَ;

    وَالذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي..

    أَبَتِ! هَلْ جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَمَا قُلْتُ إِنِّي:

    رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا، والشَّمْسَ والقَمَرَ، رَأَيْتُهُم لِي سَاجِدِينْ? .


    ....................
    الشاعر: محمد درويش
    التعديل أملاه سقوط اسم الشاعر

    (عدل بواسطة أيمن حسين فراج on 09-18-2005, 01:42 PM)
    (عدل بواسطة أيمن حسين فراج on 09-18-2005, 01:42 PM)
    (عدل بواسطة أيمن حسين فراج on 09-18-2005, 01:43 PM)

                  

09-18-2005, 01:49 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: أيمن حسين فراج)

    فصل مما يليق بك

    .............
    وحيد تماما
    .............

    مَـنْ لـي بـأني وحـيدٌ لا يُصـاحِبُني
    خـيٌّ, سـوى اللّـهِ, لا جِـنٌ ولا أَنَسُ
    أمَّـا الظِّبـاءُ, فقد أودى الزَّمانُ بها,
    فمــا نراهــا، ولكنْ هذهِ الكُنُسُ
    فكـيف لا تخـبُثُ النَّفسُ التـي جُعلتْ,
    مـن جسْـمِها, فـي وعاءٍ, كلُّهُ دنَسُ?
    رأيـتُ فِتيـانَ قـومي عانِسـي حذَرٍ,
    إنَّ الفُتُــوَّ إِذا لـم يَنكحُـوا عنَسُـوا
    سـلكتُ طُـرقَ المعـالي, ثم قلتُ لهم:
    سيروا ورائي، فلمَّا شارفوا خَنَسُوا


    الشاعر: أبو العلاء المعري
                  

09-18-2005, 01:56 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: أيمن حسين فراج)

    هذا البوست مخصص للجمال يا حاتم
    يا جميل


    ......
    بلا عقد
    ......

    أحبيني .. بلا عقد
    وضيعي في خطوط يدي
    أحبيني .. لأسبوع .. لأيام .. لساعات..
    فلست أنا الذي يهتم بالأبد..
    أنا تشرين .. شهر الريح،
    والأمطار .. والبرد..
    كصاعقة على جسدي..
    أحبيني ..
    بكل توحش التتر..
    بكل حرارة الأدغال
    كل شراسة المطر
    ولا تبقي ولا تذري..
    ولا تتحصري أبدا..
    فقد سقطت على شفتيك
    كل حضارة الحضر
    أحبيني..
    كزلزال .. كموت غير منتظر..
    وخلي نهدك المعجون..
    بالكبريت والشرر..
    يهاجمني .. كذئب جائع خطر
    وينهشني .. ويضربني ..
    كما الأمطار تضرب ساحل الجزر..
    أنا رجل بلا قدر
    فكوني .. أنت لي قدري
    وأبقيني .. على نهديك..
    مثل النقش في الحجر..
    ***
    أحبيني .. ولا تتساءلي كيفا..
    ولا تتلعثمي خجلا
    ولا تتساقطي خوفا
    أحبيني .. بلا شكوى
    أيشكو الغمد .. إذ يستقبل السيفا؟
    وكوني البحر والميناء..
    كوني الأرض والمنفى
    وكوني الصحو والإعصار
    كوني اللين والعنفاء..
    أحبيني .. بألف وألف أسلوب
    ولا تتكرري كالصيف..
    إني أكره الصيفا..
    أحبيني .. وقوليها
    لأرفض أن تحبيني بلا صوت
    وأرفض أن أواري الحب
    في قبر من الصمت
    أحبيني .. بعيدا عن بلاد القهر والكبت
    بعيدا عن مدينتنا التي شبعت من الموت..
    بعيدا عن تعصبها..
    بعيدا عن تخشبها..
    أحبيني .. بعيدا عن مدينتنا
    التي من يوم أن كانت
    إليها الحب لا يأتي..
    إليها الله .. لا يأتي ..
    ***
    أحبيني .. ولا تخشي على قدميك
    - سيدتي - من الماء
    فلن تتعمدى امرأة
    وجسمك خارج الماء
    وشعرك خارج الماء
    فنهدك .. بطة بيضاء ..
    لا تحيا بلا ماء ..
    أحبيني .. بطهري .. أو بأخطائي
    بصحوي .. أو بأنوائي
    وغطيني ..
    أيا سقفا من الأزهار ..
    يا غابات حناء ..
    تعري ..
    واسقطي مطرا
    على عطشي وصحرائي ..
    وذوبي في فمي .. كالشمع
    وانعجني بأجزائي
    تعري .. واشطري شفتي
    إلى نصفين .. يا موسى بسيناء..


    الشاعر: نزار قباني
                  

09-18-2005, 03:25 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: أيمن حسين فراج)

    ..............
    الشهداء يعودون
    ..............
    قصة للطاهر وطار
    ..............

    عندما خرج من مركز البريد برسالة في يده, قال له الموظف, وهو يناوله إياها:
    - جاءتك من الخارج, يا عمي العابد, من بلد بعيد جداً.
    اتجه إلى ظل شجرة ليجلس على صخرة, وهو يتساءل:
    - توجه لي أنا, العابد بن مسعود الشاوي الذي لم تربطه بالخارج صلة خلال الستين عامًا التي عاشها. رسالة من الخارج. من بلد بعيد جداً. من أعطى عنوان العابد بن مسعود الشاوي إلى الخارج حتى يكتب له? ترى من يفكر في الكتابة لي من الخارج?
    فتح الرسالة, وانحنى عليها, وأغرقها في عينيه ولبث هناك متكوراً في برنسه الأبيض المتسخ. دار الظل وتركزت فوقه الشمس, ثم بدأت تتراجع أمام ظل الجدار وهو ما يزال في نفس الوضع.
    أخيرًا, وبعد قرابة الأربع ساعات طوى الرسالة ووضعها في كيس صغير معلق بعنقه, ثم نهض متثاقلاً وراح يسير بخطوات وئيدة, مع الشارع المنحدر من طرف القرية, ليستأنف صعوده حتى الطرف الآخر:
    - الله يعينك يا العابد.
    قال له شيخ يصعد الشارع فوقف. حدق فيه مليًّا, ثم أشار إليه بأطراف أصابع يده:
    - تعال. تعال.
    تناول يده, وحدق في عينيه جيداً ثم فاجأه:
    - ألم تفكر قط أن ابنك الشهيد قد يعود يوماً يدقّ الباب ثم يقتحمه ويتناولك بين أحضانه?
    - أقسم بالله العلي العظيم, أن خيال ابني لم يفارق عيني قط منذ سبع سنوات, كلما وضع الغداء أو العشاء, رحت أبحث عنه يمنة وشمالاً, منتظرًا التحاقه بي. كلما انفتح الباب اهتز قلبي وقلت هو. كلما وقف أحد عند رأسي, انتظرت طلعته. لو يعود لنا الشيء العزيز الذي افتقدناه ونموت نحن, حياتنا بدونهم يا العابد يا - ابن أمي -, لا معنى لها.
    - إنني أتحدث جدًّا يا المسعي.
    - أو تراني أهزل. وهل المقام مقام هزل يا رجل? عندما يتعلق الأمر بالشهداء, يصبح في غاية من الجدية.
    - تصور أن برقية أتتك الساعة تخبرك بمقدمه غداً أو بعد غد!?
    - أفرح وأقيم الأعراس طبعاً.
    - فكر جيداً.
    - في الحقيقة, عودة متأخرة مثل هذه, تنُمُّ عنها مشاكل, مشاكل كبيرة, مشاكل عويصة. لو حدثت في السنتين الأوليين للاستقلال لكانت معقولة. أما بعد كل هذه السنوات, فالمسألة تتطلب تفكيراً جديداً قلت لك.
    وداعاً, لدي أمور عاجلة يدعوني إنجازها إلى الذهاب بهذه السرعة.
    - بلغني أنهم سيعودون كلهم. وداعاً.
    ومر العابد في سبيل حاله, في حين ظل المِسعي واقفاً يتأمله وهو يتمتم:
    - خفّ عقله. في طريق الجنون. الناس تسير إلى الأمام, وهو لما يزل مشدوداً إلى الماضي, يتحسر على ابنه, لو عاد مثلما عادت البقية, لما كان يفضل أي واحد بشيء. يعطونه رخصة سيارة أجرة, أو ينسونه تماماً. ابني أتى بحقه مضاعفاً. وها أنا أتقاضى منذ سبع سنوات مبلغاً ما كنت أحلم به قط. إذا ما أريد توزيع إعانة أو ملابس كان نصيبي الأول. وإذا ما شُرع في مد القروض للفلاحين كانت حصتي الأولى. وإذا ما وقفت أمام محكمة, طالبًا أو مطلوبًا حضر ولدي في القضية ليكسبني إياها. الحمد لله على ما تبقى, والله يرحم جميع الشهداء.
    - الله يمسيك بالخير ياسي قدور.
    - أهلاً بعمي العابد, أي قدر فرض عليك الدخول هنا هذا المساء. أهلاً. أهلاً. قازوزة - عمي العابد?
    - لا. والله لا. أردت أن أسلم عليك لا غير. هذه مدة لم أرك.
    - يبارك فيك. الخبزة الملعونة يا عمي العابد. ها أنت ترى (...). لا بد لنا من أن نعيش يا عمي العابد, وأن نعيّش الجيش المرتبط بنا من الأطفال والأقارب.
    - إرادة الله يا ابني. هكذا كتب لكم أن تحلوا محلهم. عسى أن تكرهوا شيئاً. هذه المرة الثانية تطأ قدماي عتبة هذا المحل. المرة الأولى كانت سنة أربعين. طلبني - القائد - لينتزع مني الحصان الوحيد ليرسله إلى الحرب, وهذه المرة الثانية, جئت لأراك.
    - مرحباً.
    - أريد أن تعيد عليَّ قصة استشهاد ابني مصطفى كما حدثت.
    - لو تعود في فرصة أخرى يا عمي العابد.
    - لا. أطلب من فضلك أن تعيدها عليّ الآن.
    - كنا قادمين من الأوراس, في طريقنا إلى الحدود نحمل بريد الولاية. كنا نسير جنباً إلى جنب, وبعد مدة لست أدري كيف سبقني مصطفى. لم يبق لنا لبلوغ الأسلاك الكهربائية إلاَّ مسيرة ساعة ونصف. وكانت الليلة مقمرة. رفعت رأسي لأطلب من مصطفى أن ينتظرني فوجدته جامداً في مكانه وهو يهتف:
    - الله أكبر.
    - ماذا هناك يا مصطفى?
    - تحت رجلي لغم. قف مكانك.
    - لكن لا بد من مساعدتك!
    - لا تستطيع, لازم موقعك. انبطح لكي لا تتطاير عليك الشظايا.
    ما أن انبطحت حتى حدث دوي أول وثان. ألقي مصطفى بنفسه في حفرة فانفجر اللغم الذي يقف عليه, حظه. كانت الحفرة أيضاً ملغمة. سارعت إليه لأجده قد فارق الحياة. كان صدره رحمه الله مفتوحًا. دفنته هناك يا عمي العابد وواصلت طريقي.
    - دفنته تقول?
    - أي نعم, بيدي هاتين, كم بكيت, كان أكثر من أخي يا عمي العابد.
    - لو لم تكن الحكاية صادرة منك لما صدقتها أبداً.
    انتفضَ قدور, وراح يصوب له نظرة جانبية, ليتأكد من مغزى كلامه هذا.
    - ماذا تعني يا عمي العابد?
    - مصطفى ولدي سيعود عما قريب في ظرف أسبوع!
    - مصطفى يعود? ماذا تقول يا عمي العابد?!
    - اسمع يا قدور ابني. حكايتك صحيحة, ولا مجال للشك فيها.
    - طبعاً.
    - ولكن أحلامي أيضاً صحيحة. لقد وقف مصطفى هذا الصباح, بعد صلاة الصبح, على رأسي, وقال لي بالحرف الواحد: أنا لم أمت. نجوت من اللغم بأعجوبة سأعود إليكم خلال عشرة أيام على الأكثر.
    - ألم يقل لك شيئًا آخر?.
    - هذا ما قاله.
    - الله يرحم الشهداء, يا عمي العابد. مصطفى ينعم الآن في جنة الخلد, فكر في نفسك يا عمي العابد. تناول مشروباً عمي العابد.
    - كثر الله خيرك.
    قصد الباب, وانحدر يواصل دبيبه مع الشارع.
    - كيف أمسيت يا عمي العابد.
    رفع إليه بصره: الشاب عبد الحميد, شيخ بلدية القرية.
    - بخير. تعال, يا عبد الحميد يا ابني أريد أن أسألك.
    - خير إن شاء الله يا عمي العابد.
    - بصفتك شيخ بلدية القرية ومدير مدرستها, أردت أن أسألك.
    - تفضل.
    - ماذا يكون موقفك كشيخ بلدية لو يعود شهداء القرية كلهم أو على الأقل البعض منهم.
    - لماذا هذا السؤال يا عمي العابد?.
    وقال لنفسه, إذا ما عاد مصطفى ابنك, فسأنتقم لأبي, سأكل لحَمهُ بأسناني. في حين راح الشيخ العابد يؤكد لنفسه, لن أحدثه عن مصطفى فهو الذي اغتال أباه الخائن.
    - مجرد سؤال خطر بذهني, وأرجوك أن تجيبني عنه بصراحة. بكل صراحة.
    - الأمر بالنسبة لي بسيط, إنهم مسجلون في سجل الوفيات, وعليهم أن يثبتوا حياتهم من جديد. لن يتسنى لهم ذلك حتى تنتهي مدة انتخابي على الأقل.
    - لكن الأمر يتعلق بشهداء.. بمجاهدين حقيقيين أعني.
    - وإن كان.
    - ماذا تعني?
    - لن يلبثوا أسبوعًا, حتى يتزيفون, سيؤولون إلى ما آل إليه غيرهم.
    - وإن عادوا بسلاحهم?!
    - تتعداني المسألة إذ ذاك وتصبح متعلقة بالدولة. الأمر جد بسيط بالنسبة للقانون يا عمي العابد, ولكنه سيكون أكثر تعقيدًا بالنسبة لكم أنتم.
    ومر في طريقه وهو متأكد من أن الشيخ العابد المسكين, في طريقه العاجل إلى الجنون. لقد أصبح يرى رؤى غريبة ويطرح أسئلة أشد غرابة منها. نظرته لا تعجب. جفناه مترهلان, وعضلات وجهه متصلبة, ويداه ترتجفان. إنه مريض.
    واصل الشيخ العابد انحداره مع الشارع, منحني الظهر مطأطأ الرأس. القانون. مسألة الأموات بالنسبة إليه بسيطة, يعقد عليهم طريق إثبات حياتهم ويتركهم. إجابات شيخ البلدية واضحة وبسيطة, كأنما استعد لها من قبل. لقد تدرب في الأحياء. مارس العملية بالفعل في الأحياء. المكافحون بالنسبة إليه, شهداء كانوا أو غير شهداء, أموات يجب أن يظلوا يكافحون من أجل إثبات حياتهم.
    ابن خائن.
    سكان القرية كلهم يعرفون ذلك. لكنُّهم انتخبوه, انتخبوه بالإجماع, أنا بدوري صوّتُّ لفائدته.
    ابن الخائن.
    لكن ما ذنبه? ذنبه أنه احتل المنصب الذي كان يشغله أبوه قبل أن يُعدم.. على يد ولدي مصطفى. لم تكن حاجتنا إليه شديدة, فالقرية تتوفر على متعلمين غيره, مناضلين وجنودًا وأبناء الشهداء.. تصورنا الساذج, أنه كابن شيخ بلدية سابق, يكون أنجح من غيره. الاستسلام المطلق لموجة العفو العام عما سلف, هو الذي حملنا على انتخابه. لعل رغبتنا العامة, في طي صفحة الثورة هي التي جعلتنا نقدم على ذلك. إنني لأتساءل هل كنا نرفض الانتخاب على أبيه الخائن لو بقي على قيد الحياة? لقد فعلنا أكثر من ذلك. أسوأ منه.
    - كيف حالك يا عمي العابد?
    رفع بصره, وراح يحدق في الشخص الذي حيّاه, وهو يتجه إليه قبل أن يعرفه.
    - أهذا أنت, سي المانع? كيف حالك?
    - بخير والله.
    - أريد أن أتحدث إليك ياسي المانع.
    - ولكنني مشغول, عندي اجتماع يا عمي العابد.
    - دقيقة واحدة لا غير.
    - ألا تستطيع تأجيل ذلك, تعال إلى مقر القسمة.
    - كلمة واحدة.
    - تفضل.
    - أتعتقد أن كل الشهداء ميتون بالفعل?
    - لا يا عمي العابد. إنهم أحياء عند ربهم يرزقون.
    - لا أقصد ذلك. أعني هل استشهدوا حقًّا.
    - هناك من ذهب ضحية, وهناك من ذهب خوفًا وهناك من حتمت الظروف أن يحسب من الشهداء.
    - لا أعني ذلك أيضاً. أعني أنهم ليسوا الآن على قيد الحياة, يأكلون الخبز ويمشون في الأسواق.
    - الله أعلم.
    - المسألة أكثر من هذا.
    - ماذا?
    - شهداء القرية كلهم سيعودون.
    - أفي صحة جيدة أنت يا عمي العابد? عندي اجتماع.
    - لا. المسألة جدية. مصطفى ابنى, ذلك الذي كان مركزه في منزلك قبل أن تهجر البادية إلى القرية, سيعود هذا الأسبوع.
    اصفرّ وجه منسق القسمة, وشعر برغبة في الجلوس, أو على الأقل أن يشدّ ظهره إلى الجدار أو عمود الهاتف. لست أدري كيف بلغه أنني وشيت به إلى العدو, وأن كمينًا نصب له في منزلي, فلم يحضر. ظل العسكر متخفياً في منزلي شهراً ولم يحضر, آخر الأمر اضطررت للانتقال إلى القرية. أرسل لي رسالة يقول فيها: ستُغتال إن عاجلاً أم آجلاً, يا عديم الضمير, يا خائن وطنه. لحسن حظي أنه مات بعد شهر.
    - من أين علمت ذلك يا عمي العابد?
    قال مُتلعثماً, ففكر العابد لحظة وقال:
    - وقف بعد صلاة الصبح عند رأسي, وقال لي: لم أستشهد, وسأعود إليكم في ظرف أيام.
    - أهذا حلم.
    - لم أر حلماً كاذبًا طيلة عمري يا سي المانع. ابني سيعود في ظرف عشرة أيام.
    - هل قال لك شيئاً آخر?.
    - ذكر لي بعض الأمور وبعض الأسماء, لم أتذكرها مع الأسف.
    - وهل ورد اسمي على لسانه?
    - لا أخال ذلك.
    - عندي اجتماع في مقر القسمة, مع منسق الاتحادية الذي ربما يكون مصحوباً بمراقب من العاصمة, فالمعذرة يا عمي العابد.
    - حتى تقول لى.
    - ماذا أيضاً?
    - ماذا يكون موقفك كمنسق للقسمة, لو يعود كل شهداء القرية.
    - آه أزور بهم كل المنجزات التي حققها الاستقلال, ثم أقدم لهم ملفات الانخراط في الحزب, مع التصريح بالالتزام للسلطة الثورية. وإذا كانت تتوفر فيهم الشروط والمقاييس لا بد أن تقبلهم اللجان كمشتركين على الأقل, وعندما يبرهنون على طاعتهم وإخلاصهم وتضحيتهم يرقون إلى خلايا المناضلين.
    - هكذا!?
    - وماذا تريد أكثر? كل الناس سواسية أمام القانون.
    - حتى المقدسون? حتى أعز شيء نفتخر به?
    - مرة أخرى يا عمي العابد نتم الحديث. إلى اللقاء.
    - ضع في حسابك أنهم عائدون خلال هذا الأسبوع.
    مرّ سي المانع في طريقه يحث الخطى, نحو مقر القسمة الواقع قرب البلدية, في حين واصل الشيخ العابد انحداره البطئ, وهو منشغل الفكر.
    لست أدري ماذا يرددون في دقائق الصمت التي يقفونها ترحماً على أرواحهم, هل يقولون: تغمدكم الله برحمته الواسعة, أيها الأبطال الذين آثرتم الموت عن الحياة, لتسعدوا وطنكم وإخوانكم, وإن تضحيتكم ستكون قدوة لنا في مستقبل أيامنا وفي كل عمل نقدم عليه. أم يقولون أيها الرب إنك لطيف بعبادك, فلولا أنك أرحتنا منهم, لما تيسر لنا أن ننعم في هذه الحياة. حكمتك كبيرة واسعة, أيها الممجد, فلك منا الشكر والثناء. يقدم لهم ملفات الانخراط في الحزب, وتصاريح الالتزام, ثم يدرس وضعهم ليقبلهم كمشتركين. أردت أن أسأله وإذا ما كانوا ضباطاً سامين ومسؤولين كباراً. رؤساء مناصب وقادة ولايات, ومؤسسي الثورة, كيف يكون العمل معهم, إلاَّ أنه كان مستعجلاً.
    آه. إن الغم يملأ قلبي, ويخنق روحي.
    - طاب مساؤك عمي العابد.
    واتجه إليه مباشرة, أمسكه من ذراعه وأوقفه.
    - نزلت من السماء. انزع عني حيرتي يا ابني. لا أحد غيرك يستطيع.
    - خير إن شاء الله.
    - أنت الوحيد الذي أثق فيه في هذه القرية, ماضيك أصفي من الحليب, مجاهد بسلاحه من الأول إلى الآخر. أعتز بحاضرك. لم تطلّق أم أبنائك لتتزوج بابنة غني أو خائن. ولم ترض ببيع ضميرك بخمّارة, ولم تطلب قرشًا على حساب إخوانك, حارس في ضيعة التسيير الذاتي من يوم تكوينها إلى الآن. لم تشهد شهادة الزور مع أي خائن لينال بطاقة النضال, رغم الإغراءات الكبيرة من ملاك قريتنا يا ابني.
    - تبالغ يا عمي العابد.
    - ورأس ولدي لا. هذا هو الحق.
    - قلت إنك محتار يا عمي العابد.
    - أتدري ماذا قال لي شيخ البلدية?
    - لا.
    - على الشهداء إن بُعثوا للحياة أن يكافحوا من أجل حذف أسمائهم من سجل الأموات, طوال حياتهم.
    - ابن خائن. ماذا تريد أن يقول أكثر?
    - وهل تدري ما قاله منسق القسمة?
    - لا والله.
    - يقدم لهم ملفات طلب الانخراط, وبعد الدرس يقبلهم كمشتركين.
    - اسمع يا عمي العابد. قلبي ممتلئ حتى الفيض, لا تزد عليه. يقول المثل: حيثما شاء الحي وجه رأس الميت. والحي هو القانون, هم الساهرون على تطبيقه, والميت هو, هو. - من هو?
    - لا تحرجني يا عمي العابد, إنك تعرف أنك عشت الحقيقة من أول الثورة حتى اليوم. أين التضحية? أين الاخلاص? أين الحماس? أين الأخوة? أين تجند الجميع من أجل الصالح العام? كل شيء بالبطاقة اليوم يا عمي العابد!. الماضي الثوري لا بد من بطاقة تشهد عليه. النضال لا بد من بطاقة تثبته. حسن السيرة لا بُدّ له من بطاقة. الخيانة فقط, لم توضع لها بطاقة, نعرف كلنا الخائن ولكن لا نستطيع أن نواجهه لأن البطاقة هي الصح. حيثما شاء الحي وجَّه رأس الميت يا عمي العابد. هناك شيء يا عمي العابد, اسمه البيرقراطية. إنه آخر من ينتصر في نهاية الأمر.
    - لكن يا ابني. هل عندنا شيء آخر نعتز به أقدس من مليون ونصف مليون شهيد? ماذا يبقي لنا أن كسرنا حرمتهم?
    - آه, نسيت أن أعلمك, مصطفى ابني تعرفه?.
    - وكيف لا. الله يرحم الشهداء. ولو أن عدم وجودهم في هذا الجو, رحمة في حد ذاته. - قلت لك إن مصطفى ولدي.
    - أهاه, ماذا تقول عنه يا عمي العابد.?
    - سيعود خلال هذا الاسبوع.
    أطرق منسق قسمة قدماء المجاهدين, هل الشيخ العابد مريض? لا. أنه على أحسن ما يرام. ما هذا الكلام الذي يقوله? الشيخ العابد رجل ثقة, يزن كلامه قبل أن يخرجه. ابنه استشهد ببريد الولاية إلى خارج الحدود. كان قدور معه. قدور يقول إن لغمين انفجرا من تحته, وأنه دفنه. مسألة الدفن هذه لم أفكر فيها قبل اليوم. إنها تثير الشكوك, وتطرح المسألة من جديد. قرب الأسلاك الكهربائية الشائكة, ووسط مراكز العدو المنبثة هنا وهناك, ينفجر لغمان, ويكون لقدور الوقت الكافي لدفن مصطفى? تكون لديه الشجاعة الكافية حتى على انتظاره إن أصيب بجرح? هل أن مصطفى عائد حقًّا أم أن الشيخ العابد هزه الشوق إلى ابنه, فأراد أن يعرف كل التفاصيل عن موته? لقد اتبع أسلوبًا خطيرًا في التحقيق, إن كانت هذه نيته.
    - معنى كلامك كبير يا عمي العابد.
    - كبير يا ابني. كبير جداً.
    - ومن أين لك هذا?
    - علمت بذلك علم اليقين يا ابني.
    - هل يعود من الآخرة أم من الدنيا?
    - لا تتورط مثلهم يا ابني. في كل مقابر الشهداء التي لا تخلو منها قرية أو دشرة, كتبت هذه العبارة: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون.
    - عند ربهم يا عمي العابد.
    - كل ميت يذهب عند ربه, لكن الله لم يخصّ كل الأموات بالحياة, إنك أعقل من أن تكفر يا ابني.
    - المهم يا عمي العابد أن مسألة العودة مطروحة.
    - مطروحة من يوم استشهادهم يا ابني.
    - والقانون اعتدّ لهم عدتهم بعد, لا أدري ما العمل هل من الأفضل أن يعودوا فرادي أم جماعيًا?
    - حسب ما هو مقدر لهذه الأمة يا ابني.
    - قدر الأمة في القانون يا عمي العابد. الأمير عبد القادر - مثلاً - ظل شهيداً سبعة عشر سنة, وبقي بعد ذلك قرناً ونصفاً. لم يؤثر في مصير الأجيال ما فعلته بنفسها. بيدها. أنا أمامك. ألست شهيداً.
    - إنني أكاد أسقط. رأسي يدور ركبتاي لا تقويان على حملي. لا تتحدث إليّ أكثر. وقبل أن يواصل الشيخ العابد انحداره في الشوق سمع منسق قسمة قدماء المشاهدين يقول له بصوت خافت:
    - إن تمكنت من الاتصال به انصحه بعدم العودة إلى القرية. أرض الله فسيحة. قل له تدرب أولاً على الحياة في مكان آخر.
    رغم امتلاء رأس الشيخ العابد, بشيء ثقيل كالرصاص ورغم خور قواه فإن التمييز لم يفارقه:
    - لا أحد يرحب بعودتهم. لا المخلص ولا الانتهازي, لا المناضل, ولا الخائن. هؤلاء الناس ما بهم?
    أية عربة ركبوا? هكذا أغلقوا الحلقة على أنفسهم بكل ما فيها, بخيرها وبشرها, بسخطهم - وبرضاهم - أي غول بلّد إحساسهم? العربة التي ركبوها, لا تسير. انفصلت عن بقية القطار, وظلت في النفق, إنهم لا يدركون ذلك. لن يدركوا إلاَّ عندما يقدم قطار آخر. ويصدم عربتهم ليدفعها أمامه.
    - الشيخ العابد. وحّد الله. هل جرى لك مكروه?
    واتجه إليه. رئيس وحدة الدرك بالقرية, يحمل في يده محفظة جلدية سوداء.
    - انتظر يا ابني. أريد أن أسألك.
    - عفوك يا الشيخ العابد, عندي مسألة عاجلة.
    - لكن أريدك في كلمتين لا غير.
    - تفضل, ولو أنني مستعجل. زوجات الشهداء هؤلاء أقلقننا كثيراً. يجري الآن شجار في منزل إحداهن بالعصى والخناجر, حولت منزلها إلى خمارة, وها هي النتيجة. أنذرناها أكثر من مرة لكنها لم ترعوِ.
    - هذا هو الموضوع الذي أردت أن أطرقه معك.
    - ماذا يا الشيخ العابد? هل لديك معلومات جديدة تضيفها. إن الملف كبير بعد.
    - إنهم سيعودون.
    - من هم?.
    - الشهداء.
    - يفعلون حسناً.
    قال رئيس فرقة الدرك ثم أطرق يفكر. إذا ما عاد من يعرفني, فستكون المشكلة. لا أحد يعلم عن أسرى يوم المعركة التي استشهد فيها كل أعضاء فرقتنا. ما أن انطلقت الرصاصات الأولى, حتى رفعت يدي وركضت نحو العدو غير مبال بهتفات العودة خلفي. كنت حامي الفرقة بالمدفع الرشاش, وكان توقفي عن إطلاق النار يعني هلاكها. لم يستطيع أحدهم أن يلتحق بالمدفع الرشاش المحصن فسقطوا جميعاً.
    تفاءل الشيخ العابد, وحدث نفسه: هو ذا الأول الذي يحبذ عودتهم, يا له من رجل طيب.
    لقد كان مجاهداً حقيقياً ما في ذلك ريب. ثم رفع صوته:
    - أجادّ فيما تقول يا ابني.
    - اسمح لي يا الشيخ العابد أن أسألك بدوري. هل ترضى أنت أن يعود ابنك مصطفى رحمه الله وينتزع منك شرف أب الشهيد, ويضيع عنك كل الحقوق التي تترتب عنه: المنحة, رخصة سيارة الأجرة, السكن في أحسن مساكن القرية بكراء منخفض, الاحترام الذي توليه لك السلطات والشعب? حقاً أنك بدورك مناضل, سجنت وعذبت إبان الثورة, ولكن أي مناضل أو مجاهد, يتمتع بشرف أب الشهيد? فكر ملياً يا الشيخ العابد, كان عليهم أن ينضموا إلينا في يوم الاستقلال الأول, أما الآن فقد فات الفوت. فات الركب.
    - ولكن إذا ما عادوا فعلاً, كلهم أو على الأقل بعضهم?
    - المسألة بسيطة جداً يا الشيخ العابد. نسلح نساءهم, ونوكل الأمر إليهن.
    ثقل رأسه أكثر, وشعر بالغصة, وبالمرارة في حلقه, وبالحرارة في عينيه, فتدافع إلى الأمام مع الشارع المنحدر.
    العربة منفصلة نهائياً, ولا أحد يشعر بذلك. إننا نريد أن نستأنف حياتنا بدون جزء كبير منا بدون وضع أي حساب لهم.
    في كل ساحة قرية تنتصب لوحة تحمل ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون هل نقدر ذلك حينما نفعله أم المسألة لا تتعدى كونها شكلية, تزين بها القرى, وينفق فيها جزء من ميزانية البلدية.
    ألا نكون كمن يسكن جوار مقبرة, يفضل أن ترعى بقرته فوق القبور. لكثرة ما يشقّها ويطأها, ينسى أنها مقبرة, تضم رفاة أناس كانوا أحياء مثله, من بينهم أفراد كانوا أعزاء على قلبه. بل لعلنا, كمن يفتح مصنعاً للرخام بجانب مقبرة, لا ينظر إليها إلاَّ من زاوية القبور المبنية وغير المبنية.
    آه. آلام رأسي وقلبي يضاعفها الجوع. لم أتعشّ اليوم.
    حينما تطرح مسألة عودتهم, لا يخطر لنا أنهم أصحاب الحق الشرعيين وحدهم. فلولا استشهادهم, لظل كل ما كان على ما كان.
    نعم. لو أردنا فعلاً تغيير ما كان مثلهم, لما كُنّا أحياء. لدفعنا بأنفسنا بقوة في المعركة, ولما ظللنا نتحايل على الموت بشكل أو بآخر.
    رباه. إذا ما أدرك العائدون هذه الحقيقة, ألا يندمون على تضحيتهم?
    رباه. إذا ما أدركت الأجيال القادمة هذه الحقيقة, أو تقدم على التضحية مرة أخرى?. آه رأسي آه, قلبي, ركبتاي, معدتي.
    - كان الله في عونك يا عمي العابد.
    انتفض واتجه لي مصدر الصوت ويده ممتدة لتمسك بصاحبه.
    - مساء الخير يا ابني. انتظر, انتظر. عندي معك كلمة.
    - خير إن شاء الله يا عمي العابد, لقد وصلك المتأخر من منحتك على ما أعتقد.
    - هذا هو الموضوع الذي أريدك فيه.
    - لماذا لا تأتي إلى القبّاضة البلدية صباح الغد?
    - المسألة في الحقيقة لا تحتاج إلى حضوري. إنها عامة. مجرد سؤال أريد طرحه عنك.
    - تفضل.
    - إذا ما عادوا. ما يكون موقف الخزينة. أنت تعرف بصفتك مسؤول قباضتنا.
    - من يعود يا عمي العابد?
    - الشهداء الذين تدفع الخزينة منحة موتهم لذويهم.
    - لكن هذا مستحيل يا عمي العابد.
    - بلغني من مصدر مطلع بأن شهداء القرية كلهم أو على الأقل بعضهم سيعودون. لا تناقشني في هذا. أجبني فقط عن موقفك كرئيس القباضة, تخرج من يديك منح.
    - هذه مسألة لم تخطر بذهن أحد قط يا عمي العابد. ولكن في انتظار أن يثبت العائد حياته أمام المحاكم, وهذه مسألة تتطلب إجراءات طويلة تستغرق عدة سنوات, نوقف المنحة رأساً.
    - وما تم دفعه يا ابني?
    - آه. هنا وجدتني أحتار. ولكن المسألة تبدو من وجهة النظر القانونية واضحة. لقد خرجت من الخزينة أموال بدون موجب, فلا أقل من مطالبة الخزينة للمعني, أو لورثته, بإعادة تلكم الاموال. وعلى ما يبدو لي شخصياً, فإن المسألة - وإن كانت قانونية - تبقي استمرار, خاضعة لمتصرف القباضة, ففي وسعه أن يقدم تقريراً, وقد يكون هذا التقرير واضحًا صريحًا. أو غامضًا مبهمًا, كما في وسعه أن لا يقدم أي تقرير ويكتفي بإشعار مرؤوسيه بأن المنحة سقطت قانونياً من صاحبها, وفي وسعه أن يقدم بنفسه قضية أمام العدالة. والله. المسألة مع أنها واضحة قانونياً, فإن لها أوجهاً كثيرة.
    - أشكرك يا ابني. فهمت من كلامك أن عودتهم تطرح إعادة النظر في كثير من الأمور.
    - آه هذا واضح, عودتهم مشكلة في الحقيقة.
    على كل يبقي لهم الحق كقدماء مجاهدين وليس كشهداء.
    بالإضافة إلى أن اللجنة الوطنية التي تمنح الشهادات البلدية عن الماضي الثوري قد أنهت أعمالها فإن عليهم ليكونوا ملفات الطلب, أن يحصلوا على أوراق عديدة, لا تتيسر لهم, إلاَّ إذا حصلوا على شهادة الحياة. من وجهة النظر القانونية البحتة, يمكن ألا يحصلوا على هذه الشهادة إطلاقاً. تصور أن المجتمع, وفي مقدمته ذووهم ينكرهم ويتجاهلهم أو حتى يرفع دعاوى ضدهم بصفتهم محتالين. أقصى ما يفعلونه هو أن يخضعوا للأمر الواقع ويظلوا هامشيين. سينتحر الشرفاء منهم ولا شك.
    - ولكنهم كلهم شرفاء, يا ابني. إنهم أقدس شيء نعتز به.
    - لا من عاد من القبر وأتى بالخير, يا عمي العابد.
    تضايق الشيخ العابد, وواصل انحداره, في الشارع الذي بدأ يقترب من مركز القرية, ليستأنف صعوده إلى طرفها المقابل.
    - مساء الخير أبي العابد.
    اتجه إلى مصدر الصوت الذي كان قريباً منه, وتشبث بصاحبه وهو يتمتم:
    - الخير والهناء يا ابني.
    - أحدث لك مشكل يا أبي العابد.
    - آه. هذا أنت يا - الكومينيست ?
    - مرّ ذلكم الوقت يا أبي. الآن مسؤول الفرع النقابي لعمال السكك الحديدية لا غير. أتذكر يا أبي ما كان يقوله الضابط, وهو يعذبنا معًا.
    - أذكر يا ابني.
    - ما زلت أسمع ذلكم الكلام حتى الآن يا أبي.
    - عذبوك أكثر منا. كانوا يدبّرون قتلك.
    - قرر مسؤول القسمة أن يبعدني من الحزب والناس يا أبي العابد.
    - ولكن لماذا?
    - قلت إنك تذكر عبارات الضابط: الجرثومة الخطيرة في هذه الحركة.
    - نعم.
    - هذا ما يتردد الآن أيضاً.
    - يطول الدهر, ويتقطع - الطفر - يا ابني. أريد أن أسألك.
    - تفضل. خير إن شاء الله!
    - إذا ما عاد الشهداء?
    - أتعني كل الشهداء?
    - نعم.
    - يرتفع عدد السكان أكثر, وتتراكم المشاكل الاجتماعية.
    - ولكن ليس من هذه الزاوية. أريد أن أقول, هل نقبلهم أم لا.
    - ستوجد طريقة لقبولهم, يستدعون رأساً إلى مراكز التدريب, ويلبثون هناك عدة سنوات بدون سلاح وبدون أي اتصال بالخارج, ثم يشرع في إطلاق سراحهم, فرداً فرداً, بدءاً بالضباط السامين الذين تمنح لهم قروض هامة, أو يعينون رؤساء مديرين على الشركات التي تكون قد انتشرت أكثر يومها. ثم يأتي دور الجنود البسطاء, الذين يوزعون على مزارع التسير الذاتي التي تقتطع لهم بكل جدارة واستحقاق.
    - أهذا موقفك يا ابني? إنك أنزه من أن تقول هذا الكلام.
    - لكنك لم تسألني عن موقفى الشخصي يا أبي العابد لقد قلت هل نقبلهم أم لا.
    - وما موقفك?
    - اسمح لي أن أحتفظ به يا أبي العابد. لا أستطيع أن أعلن عنه دون الاتصال بهم أولاً وقبل كل شيء.
    - ولكن هل ترحب بعودتهم أعني?
    - من الناحية النضالية, فحسب الأفكار التي يعودون بها. أما من الناحية الاجتماعية, فاسمح لي أيضاً أن أحتفظ برأيي الشخصي. أنا نقابي يا أبي العابد, والأمور مختلطة متداخلة, بحيث يصعب اتخاذ موقف ارتجالى هكذا.
    شكر الشيخ العابد مسؤول الفرع النقابي, وواصل طريقه, مع المنحدر, وهو أشد حيرة من قبل.
    هذا ليس سلطة, فلماذا لا يرحب بعودتهم. إنه لم يعلن عن معارضته. تحفظ مع ذلك. ثوري مخلص, أعرف عمله الثوري قبل أن يلقى عليه القبض وأشهد على صموده في المعتقل أمام العذاب الشديد. لماذا لم يتحمس لخبر عودتهم, ألأنه في شك من أنهم لن يعززوا صفه, كما يتوقع منهم? الله أكبر.
    حتى الذين ضحوا بأرواحهم من أجل إسعادنا, نشكّ في موقفهم من القضايا الثورية.. أية أفكار يمكن أن يعودوا بها غير التي ذهبوا بها, غير التي ماتوا من أجلها?. إذا كنا نحن الأحياء, قد وقعنا في فخ الخونة والانتهازيين وغرقنا في متاع الحياة ولم ننتبه إلى أن العربة التي نركبها فصلت من القطار, فهؤلاء الأعزاء المقدسون بالإضافة إلى أنهم أخلصنا, لأنهم ضحوا أكثر منا, لم يلوثوا بمشاكل الحياة بعد.. إنهم القطار الذي يلج النفق ويدفع العربة المنفصلة أمامه.
    لعل الاصطدام يخرج العربة, والقطار عن السكة. لعل القطار يأتي من الجانب الآخر ليعيد العربة إلى الخلف.
    الله أكبر.
    حتى أنا بدأت أشك, بدأت أتفلسف في أعز وأقيم شيء نفتخر به. (الكومنيست) لعين, يريد أن يعرف أفكارهم أولاً, ليعلن عن موقفه.
    - آه, ما تزال هنا يا أبي العابد?
    - أهذا أنت يا (الكومنيست) ?
    - نعم, نسيت أن أقول لك - فيما يتعلق بهم - يمكن أن نقبلهم بشكل آخر. مثلما قُبل المجاهدون والمناضلون العائدون من الجبال والسجون والمنافي الاستقلال, نقيم الأفراح والأعراس, والمهرجانات لاستقبالهم.
    - لا. لا. إلاَّ هذا.
    قاطعة الشيخ العابد في حنق, ثم ابتعد عنه وهو يتمتم.
    - لا تحدثني أكثر أيها اللعين.
    - أبي ما بك?
    خاطبه ابنه وهو يمسك من ذراعه وسط القرية, مفترق الطرق.
    - هذا أنت? من أين خرجت?
    - من المنزل, كنت أبحث عنك, لم تعُد منذ غادرتنا هذا الصباح, أين كنت?
    - لماذا تسأل عني? اسمع إذا ما عاد مصطفى أخوك ماذا تفعل?
    - يعود مصطفى أخي?
    - نعم يعود. يعود. إنه عائد هذا الاسبوع.
    - وماذا تقول أنت يا أبي?
    - اغرب عن وجهي .. الذنب ليس ذنبك, إنه ذنبي أنا, ذنبنا جميعاً. أخبر أمك وزوجتك وأبناءك.
    خلص ذراعه من قبضة ابنه, ومرّ في طريقه, يردد:
    - لا بد أن أتحدث مع إمام المسجد, هو أدراهم. أدرانا جميعاً.
    واتجه مباشرة نحو المسجد, انتظر الإمام حتى فرغ من صلاة العصر وأشار إليه بيده:
    - أريد أن أتحدث إليك.
    - ألم تكن تصلي معنا?
    - لست متوضئاً. أريد أن تفتي لي.
    - في أي أمر.
    - تعلم أن ابني مصطفى لم يعد مع العائدين.
    - استشهد.
    - لنقل ذلك. زوجته التي فارقها بعد أربعة أشهر من الزواج انتظرت في بيتي حتى تأكدنا من استشهاده.
    - وبعد ذلك?
    - زوّجتها لأخيه الأصغر, وله منها أربعة أطفال.
    - أو فعلتم هذا? أو أتيتم هذا الأمر? لا حول ولا قوة إلاَّ بالله!
    - وماذا فيه يا سيدي الشيخ?
    - حرام. كفر. زنى. أعوذ بالله.
    - ماذا تقول?
    - كيف تجرؤون على تزويج امرأة غير مطلقة.
    - لكن زوجها ميت ولدينا وثائق موته وقد عقدنا عند القاضي.
    - هذا كفر يا الشيخ العابد. كفر يا الشيخ العابد. كفر بالله ورسوله وبكتابه. ابنك شهيد, والشهيد غير ميت, إنه حي عند ربه يرزق. ألم تقرأ الآية المكتوبة في كل ساحات القرية?. وثيقة الموت هنا, تلاعب قانوني من أجل ترسيم أشياء لا معنى لها من حيث الشرع. عندما يكون الأمر يتعلق بزوجة شهيد, فلا بد من الطلاق. هذا زنى. أعوذ بالله, كنت أظنك أعقل مما يتكشف لي يا العابد, حتى الغيبة وإهمال بيت الزوجية لا تنطبق عليهم لأننا نعرف مقرهم. يا للكفر والإلحاد..
    - وما العمل يا سيدي الشيخ?
    - يقام الحد على الزاني والزانية.
    - هكذا يا سيدي الشيخ?
    - ويبقي الخيار للزوج الأول في الطلاق أو في إعادة زوجه إلى بيته. المسألة بالنسبة إليكم تتعدى حدود الزنى. إنها كفر بالقرآن الكريم وبآياته الصريحة. أو لا تعلمون أن حياة الشهداء تجمع عليها كل الأديان والنصارى ينتظرون إلى اليوم عودة المسيح لأنه شهيد. ينبغي أن تعلنوا إسلامكم من جديد وأن تكفروا وتتوبوا وتستغفروا, عله سبحانه وتعالى يقبل منكم.
    - مسألة الطلاق يبدو أنها أهون من مسألة الكفر هذه يا سيدي الشيخ.
    - وكيف ذلك?
    - الزوج الأول. ابني مصطفى سيعود هذا الأسبوع.
    - إنك لما تزل تكفر يا رجل.
    - ولكن.
    - أو تظن ابنك المسيح أو المهدي, أستغفر الله. اخرج من المسجد أيها الكافر.
    - ولكن سيعود. لقد..
    - أخرج. جرمك من الكبائر.
    غادر الشيخ العابد المسجد ذليلاً منكسر الروح, مطاطئ الرأس والقلب واتجه إلى أسفل, حيث تمتد سكة القطار.
    بعد أن انفض الاجتماع في مقر القسمة, وبقي وحده شيخ البلدية عدوي اللدود, علاقتنا مقطوعة منذ ستة أشهر. لكن المسألة عاجلة, جد عاجلة. ترى إذا ما دعوته إلى اجتماع تنسيق هل يحضر, أم يعتذر كعادته?
    ورفع سماعة الهاتف, طلب مسؤولي المنظمات الوطنية النقابة أولاً, ثم قدماء المجاهدين, ثم اتحاد النساء, الكشافة, ثم قائد وحدة الدرك, وتردد قليلاً ثم تجرأ على طلب شيخ البلدية.
    - آلو البلدية?
    - هنا الكاتب العام.
    - أريد أن أتحدث إلى سي عبد الحميد المانع منسق القسمة هنا.
    - انتظر قليلاً حتى أنظر ما إذا كان هنا.
    - نعم.
    - لا. خرج, ترى في أي أمر تطلبه.
    - هناك تشويش كبير بصدد الحدوث, عندنا الآن في مقر القسمة اجتماع مع كامل السلطات المحلية لا بد من حضور سي عبد الحميد.
    - آلو ها هو قادم. انتظر.
    - آلو سي المانع.
    - آلو سي عبد الحميد كيف الحال.
    - بخير وأنت.
    - يا سي عبد الحميد اتصلت بك لأدعوك إلى اجتماع سينعقد حالاً بمقر القسمة, رغم ان العلاقات بيننا منقطعة فإنني لا أنساك, لست مثلك.
    - يا رجل لو قلت لي هذا الكلام من السابق لقضي الأمر. تعال, وسنرى. المصلحة العامة فوق كل اعتبار يا سي عبد الحميد, ونحن زيادة على كل شيء بيننا صلة دم.
    فتح منسق القسمة الجلسة: ورحب كثيراً بشيخ البلدية وبقائد وحدة الدرك, ودخل الموضوع مباشرة.
    - موضوع اجتماعنا هذا, هو التصدى لحركة تشويش كبرى تدبر في قريتنا, وربما في قرى أخرى, وأنا على يقين من أن لها صلة بالخارج, فأحد عناصر هذه الحركة الذي تم اكتشافه بعد, متصل بالخارج, ويتلقى رسائل من هنالك, وقد وردته واحدة اليوم فقط.
    تقوم حركة التشويش الكبرى هذه على الرغم أن الشهداء الأبرار رحمهم الله سيعودون من الآخرة في ظرف قريب, وأن سبب عودتهم, هو إصلاح الأمور, التي يزعمون أننا عجزنا عن إصلاحها, أو أننا, نحن, السبب في إفسادها.
    تصوروا جيداً ماذا يعني هذا الكلام. يعني عصيان مسلح يشترك فيه مليون ونصف من خيرة أبناء هذه الأمة, قصد قلب الأوضاع رأسًا على عقب.
    طبعاً عودة الشهداء أمر مستحيل, ولكن من يدري فقد يكون هناك متمردون التحقوا بالجبل, كما أنه قد يكون هناك جيش كبير نزل من الخارج لاحتلال بلادنا التي دفعنا ثمناً باهظاً من أجل استقلالها وحريتها وعزتها.
    إنني كمناضل ملتزم مع الثورة منذ سنة 1945 وكمسؤول انتخبت من طرف القاعدة, وأتمتع بثقة الاتحادية والمحافظة وقيادة الحزب في العاصمة, رأيت من واجبي . ومن اليقظة, أن أدعوكم لنضع حداً لهذه الحركة في مهدها.
    لا بد من إلقاء القبض على الشيخ العابد, واستنطاقه وإشعار السلطات العليا في الحال.
    - أنا متفق معك في هذا الاقتراح. لقد اتصل بي الشيخ العابد هذا المساء وقال لي كلاماً محيراً, خِلْتُ في الأول أن به مسا, لكن اتضح لي أن الرجل مشوش عن عمد. قال شيخ البلدية, فانبرت مسؤولة الاتحاد النسائي:
    - لو تدرون ما يقال في البيوت. فعلاً لقد حدثت بلبلة كبيرة. والنساء كلهن في حيرة عظمى, يقال إن الشهداء سيعودون هذا الأسبوع مسلحين بالسيوف وبالمدافع وبالقنابل وبالرشاشات وفي يد كل منهم قائمة طويلة فيمن يجب أن يقتله. وأنهم لا يموتون مثلنا بالرصاص أو بالطعن أو حتى بالنار. يؤدون رسالتهم ثم يحملهم الله إليه مرة أخرى.
    - ألم أقل لكم إن المسألة خطيرة.
    أكد منسق القسمة, فقال مسؤول الشبيبة.
    - لم أعد أستطيع السيطرة على الشبان, تعرفون أنهم من قبل يحملون أفكاراً مستوردة من الخارج وهم ينتقدون المسؤولين بشدة.
    - نعم. نعم.
    قال منسق القسمة فواصل مسؤول الشبيبة:
    - وقد أعلنوا موقفهم مع الشهداء أو بالأحرى مع التمرد. لقد أحسنت إذ دعوتنا لهذا الاجتماع يا سي المانع.
    - نحن الكشافة لم يؤثر فينا هذا الهراء. وعلى أي حال, فقد قررنا أن نشكل فرق اليقظة لإعلام السلطة بكل غريب يدخل قريتنا, وبكل حركة مريبة.
    - نحن مطمئنون إلى الكشافة.
    قال منسق القسمة, ثم التفت إلى قدماء المجاهدين والفرع النقابي ينتظر موقفهما.
    - هناك بلبلة حقاً, لكن الشيخ العابد المسكين برئ. إن ذكرى ابنه وضعف صحته فقط ما يدفعه إلى تصور أن ابنه سيعود هذا الاسبوع.
    قال منسق قسمة قدماء المجاهدين فقاطعه شيخ البلدية:
    - يقول جميع الشهداء. والرسالة التي تلقاها اليوم من الخارج? وأضاف منسق القسمة:
    - يمكن أن نقول إن قدماء المجاهدين أو على الأقل مسؤولهم متواطئ مع حركة التشويش.
    - ماذا تقول?
    - اسكت لم أعطك الكلمة. وما موقف النقابة?
    - تعلمون أن العمال لا يهتمون بمثل هذه الأمور, الشيخ العابد يجوز أن يكون مريضاً, كما يجوز أن يكون قد تلقى رسالة من ابنه. لعله كان يعالج في الخارج, ولنفرض أنه كان مصاباً بفقدان الذاكرة إثر حادث أو صدمة ثم استعاد ذاكرته. هذا شيء غير مستحيل الحدوث. وقد كانت الثورة ترسل المعطوبين إلى الخارج للعلاج.
    - أنت معزول من الفرع النقابي باعتبارك متواطئاً مع الخارج, يا قائد وحدة الدرك نظراً إلى حركة التشويش السافرة, فإنه لا بد من إلقاء القبض على العابد بن مسعود الشاوي وعلى كل من مسؤول قدماء المجاهدين, ومسؤول الفرع النقابي.
    - هذه مبالغة على ما يبدو لي. المسألة لم تصل حداً من الخطورة كما تتصورون, الشيخ العابد مريض ما في ذلك من شك, تبقي مسألة الرسالة هذه, فيمكن أن نستدعيه ونطلبها منه. لعلها كما قال مسؤول الفرع النقابي..
    - والبلبلة التي حدثت وهلع النساء?
    قالت مسؤولة النساء متحمسة, فرد عنها قائد وحدة الدرك وهو يبتسم:
    - لن يقلل من المشاكل التي تحدث في القرية - كما تعرفين - يا خالتي عائشة, إلاَّ مثل هذه الدعايات من حين لآخر. لقد قتل هذا المساء فقط ثلاث نساء, زوجة شهيد, وفتاتان واحدة في السادسة عشر وأخرى في السابعة عشر.
    - لا بد من إلقاء القبض على هؤلاء الثلاثة.
    قال منسق القسمة, وأضاف شيخ البلدية:
    - المسألة خطيرة, وسأشُعْرِ حالاً مسؤول الدائرة ولربما الوالى نفسه.
    - كل ما أستطيع أن أفعله هو أن أستدعى الشيخ العابد, وأطلب الرسالة منه.
    قال مسؤول الدرك, فأكد منسق القسمة:
    - ينبغي أن يتم ذلك هذا المساء بالذات. الآن إن كان في إمكانك.
    - سأخبركم بعد قليل بنتيجة التحقيق, اطمئنوا.
    أكد مسؤول الدرك, فقال شيخ البلدية:
    - إنني وسي المانع في انتظارك هنا بالقسمة.
    - الجلسة مرفوعة.
    ***

    عندما خرج قائد وحدة الدرك, قابلته حركة غير عادية الناس, رجالاً وأطفالاً, وعجائز. يتراكضون إلى أسفل, نحو سكة القطار, وهم يهتفون:
    - الشيخ العابد. الشيخ العابد.
    ركض بدوره, وعند السكة وجد دركيين آخرين يقفان على رأس جثة الشيخ العابد ويبعدان الناس.
    - لقد ألقي بنفسه أمام القطار.
    قال السائق.
    - رآه بعضهم, وهو يلوح بهذه الرسالة.
    قال دركى, فتناول قائد الوحدة الرسالة وتمتم:
    - إنها فعلاً.. سبحان الله العلى العظيم .



    .............
    أنت بهذا أليق
    ألم أقل لك ما زاغ البصر وما طغي
    وكله في محله
    ...........
                  

09-18-2005, 03:35 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: أيمن حسين فراج)

    أكرر لك يا حاتم



    زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا
    فأنعم بطول سلامة يا مربع
    ....................
    من أشعار جرير
    ....................
                  

09-18-2005, 04:06 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: أيمن حسين فراج)

    يا حاتم
    لا تحلم بعالم سعيد
    إنها شهوة الإقصاء

    ................

    كلمات سبارتكوس الأخيرة
    ................


    (مزج ثان):


    مُعَلَّقٌ أنا على مشانقِ الصَّباحْ

    وجبهتي - بالموتِ - مَحنيَّهْ

    لأنني لم أَحْنِها.. حَيَّهْ!

    ***


    يا إخوتي الذينَ يعبُرون في المِيدان مُطرِقينْ

    مُنحدرين في نهايةِ المساءْ

    في شارِع الإسكندرِ الأكبرْ

    لا تخجلوا.. ولترْفعوا عيونَكم اليّ

    لأنكم مُعلَّقونَ جانبي.. على مشانِق القيصَرْ.

    فلترفعوا عيونَكم اليّ

    لربما.. إذا التقتْ عيونُكم بالموتِ في عَينَيّ:

    يبتسمُ الفناءُ داخلي.. لأنكمْ رفعتم رأسَكمْ.. مرَّهْ!

    "سيزيفُ" لم تعدْ على أَكتافهِ الصَّخرهْ

    يحملُها الذين يُولدونَ في مخادِع الرقيقْ.

    والبحرُ.. كالصّحراءِ.. لا يروي العطَشْ

    لأنَّ من يقولُ "لا" لا يرتوي إلاّ مَن الدُّموعْ!

    .. فلترفعوا عيونَكم للثائرِ المشنوقْ

    فسوف تنتهونَ مثلَه.. غدا

    وقبّلوا زوجاتِكم.. هنا.. على قارعةِ الطريقْ

    فسوف تنتهون ها هنا.. غدا

    فالانحناءُ مُرّ..

    والعنكبوتُ فوق أعناقِ الرّجالِ ينسجُ الردى

    فقبِّلوا زوجاتِكم.. إني تركتُ زوجتي بلا وداعْ

    وإن رأيتم طفليَ الذي تركتُه على ذراعِها بلا ذراعْ

    فعلّموهُ الإنحناءْ!

    علّموهُ الانحناءْ!

    اللهُ. لم يغفر خطيئةَ الشيطانِ حين قال لا!

    والودعاءُ الطيبونْ..

    هم الذين يرِثون الأرضَ في نهايةِ المدى

    لأنهم.. لا يُشنقون!

    فعلّموهُ الإنحناءْ!

    وليس ثَمَّ من مَفَرّ.

    لا تحلُموا بعالمٍ سعيدْ





    ........................
    من أشعار أمل دنقل
    .......................
    ألم أقل لك هذا المكان جميل يليق بك
                  

09-19-2005, 01:52 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    ساحاول رد دين الجمال العالى هذا
    العن الواجبات لانها تعيق التمتع بالجمال و نثره على قلوب جميلى و جميلات هذا الكون

    لنجعل هذا المكان يليق بى ... بك ...بهم...و بهن
                  

09-19-2005, 02:00 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    ساحدثكم عن ايمن
    عن فرح الغابات الفاتن فى عينيه
    و عن سحر يديه
    اذا فرت انهار الارض
    فخباها بين اصابعه
    ساحدثكم عن ايمن
    عن قمر تشتبك الاشجار
    على دمه المنسي
    فيسقط فى النسيان
    عن طفل يركض خلف فراشته
    و عن الخنجر فى اقصي الوديان
    ****

    فى الافق عصافير معادية
    فى الافق غيوم سود
    فى الافق دم و رعود
    دم و رعود
    *************
    كشف الطفل فراشته البيضاء
    صوب نحو الطائرة الاولى
    فاصيب
    صوب نحو البحر
    فلم يسقط
    صوب نحو الشمس
    فلم تسقط
    صوب نحو الارض
    فمات

    يغنيها مرسيل خليفة و لست متاكد من الشاعر
                  

09-19-2005, 02:03 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    كيف امشي في حجرة الله؟

    فيديل سبيتي
    (لبنان)


    هذا المساء
    مكتمل أنا
    لأبوّل على عالم ضئيل
    سأسوي قميصي وحذائي
    وأتضرج بدماء بشر آخرين.

    ترا ترو تري
    انه إيقاع النهايات المقفلة.
    ترا ترو تري
    إنها المسافات لا أتمكن من إتيانها
    هذيان المجرات السجينة فوق رأسي
    رصيف واحد لأقدامي الكثيرة...

    سأخرج هذا المساء
    شاسعاً
    محيطا من الثرثرة والضحك
    والخراء
    هدهدة ستقلُّني
    موجة صغيرة من سأم.
    سأحضن الهواء
    حيوان في محارة
    بانغ بانغ... يا عسل
    بانغ بانغ... كما في القصص المصورة
    حجرات مستلة من الرؤوس.

    هذا المساء
    لا تسجنه أضواء
    منتشيان
    نرتشف قطع هواء
    متجمعة في الزوايا
    اهديه نقرة إصبع
    فيموج بحرا من عتمة خفيفة


    هذا المساء... أريد مساءا متوحدا
    مستعدا لأي عرض
    يمشي خلفي رمحا
    خرج لتوه من صدر ميت...
    ترا ترو تري
    زعيق بجعة عالية
    ترا ترو تري
    هواء يزحف على الجدران
    يتأبط الزوايا كمصارع
    في جولته الأولى.
    سأخرج هذا المساء
    لكن إلى أين؟
    هواء وأشباح وأشجار جامدة
    في كل مكان
    سأخرج ولكن الم تر ماذا فعل ربك بأصحاب الفيل؟
    كيف امشي في حجرة الله؟
    كيف أداري أصابعي إذا لامست زغب سجاده؟
    كيف أقول أني الآثم
    الآكل جسدي والملتذ باحتقاره؟
    هذا المساء يجرفني
    كتلة طين وحصى
    يدخلني في التجارب
    وأنا الشرير
    ترا ترو تري
    يصطف النمل والنحل على الحائط
    ينزعون قرون الاستشعار
    أما زالت السماء فوقنا؟
    يتساءلون كالبلهاء
    والمضطجع عجينة
    ينادي ترا ترو تري
    أما من سبيل إلى السماء المثقلة بالثقوب؟

    هذا المساء مكتمل أنا
    لأغرق فيه.
                  

09-19-2005, 02:06 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    يا صندل الليل المضاء
    افرش قميص الشوق
    حين تطل سيدة النساء
    فالمجد جاء
    و تناثر الاحد الصبي
    يهز اشرعة الغناء

    لو ان زندها احتمل الندى
    لكسوت زندك ما تشاء

    ثوب من العشب الطرى
    وابرتين
    من العبير
    و خيط ماء

    مصطفى سند
                  

09-19-2005, 02:08 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    شهواتُ العَاشِق

    صلاح بوسريف
    (المغرب)

    واهاً لِنفسٍ مٌنِيَتْ بِهَوًى شَدِيدٍ
    أ.ح. التوحيدي


    1.

    جَمْرٌ
    هذا الجَسَدٌ
    في اشْتِعالِهِ
    وَارَيْتُ أرَقِي
    عِنْدَمَا تَرْتَعِشُ أصَابِعِي
    تَغْمُرُنِي دَهْشَةٌ
    جَمْرُها
    يُضَاعِفُ شَرَقِي

    2.

    أنْفَاسٌكِ شَرَرٌ
    شُعْلاتُها
    أضَاءَتْ نَدَاوَتِي

    مَنْ أشْعَلَ بَيْنَ يَدَيْكِ كُلّ هذا
    الهَوَاء
    وَأخْفَى
    فِي عَيْنَيْكِ
    بَعْضَ عَذابَاتِي

    مَا كُلّ الطُّرُق تُوصِِلُ إلَيْكِ

    هَلْ أنْثُرُ فِي رِيحِكِ غُبَارِي
    وَ أنْضُو عَنْ صَدْرِكِ

    رَهَافَة ضَوْءٍ
    أضَاءَ ظُلْمَةَ نَهَارِي

    كُلّ الظّرُقِ
    بَيْنَ عَيْنَكِ جَدَاوِلٌ
    وَخَطْوُكِ
    نَهْرٌ
    بَيْنَ أمْوَاهِهِ
    انْسَابَتْ كُلّ أوْتِارِي

    ضَاعِفِي اشْتِعَالي
    أو
    بَدِّدِي- بَيْنَ يَدَيْكِ- غُبَارِي

    3.

    تَغْمُرُنِي حَلاوَةٌ
    حَفِيفُهَا يُلَمْلِمُنِي
    رَعَشَاتٌ
    دَبِيبُهَا يُبَدِّدُنِي
    بَلِيلٌ
    هَذا الأرِيجٌ الذي يَصْعَدُ مِنْكِ
    بَلِيلٌ
    كُلّ الحُبّ الذي طَوَّقْتِ بِهِ أنْفَاسِي

    على أُهْبَةِ جَمْرِكِ
    لَكِ صِرْتُ لِبَاساً
    وَأنْتِ
    لِي
    صِرْتِ لِبَاسِي

    أنَا أنَا
    مَا طَابَ لَكِ مَا طَابَ لَكَ
    وَأنْتِ لي مَا يَطِيبُ وَأنْتِ لِي ما يَطِيبُ

    فَاغْمُرَينِي بِجَمْرِكِ فَاغْمُرِينِي بِجَمْرِكِ
    كَيْ أشُبّ فِيكِ حَتّى لا يَجِفَّ
    وَ لاَ هذا
    أشِيبُ الجَسَدُ الرَّطِيبُ

    4.

    اللّيْلُ حِبْر ٌ
    في
    بَيَاضِكِ أضَاءَ

    بِشَهْوَةٍ كَتَبْتِ
    مَا
    تَشَائِينَ
    لا
    مَا شَاءَ

    5.

    أيْنَمَا تَكُونِينَ أكُونُ
    بِكِ
    أُضِيئُ ظُلْمَتِي
    وَ أصْفُو
    حَتّى لا يَعْتَرِينَي
    مَسٌّ
    وَ أنَا
    بِكِ
    مُنْذُ الأزَلِ مَجْنُونُ

    6.

    فِي زُرْقَتِكِ أطْفُو
    أنُثّ كُلّ أسْرَارِي
    تَأخُذُنِي الرِّيحُ إلَيْكِ

    وَ المَطَرُ
    زَخَّاتُهُ ضَوْءٌ
    بَلّلَ كُلّ أوْتَارِي

    أنْتِ لَيْلٌ
    مِنْ أوْجِ ظُلْمَتِهِ
    يَصْعَدُ نَهَارِي

    7.

    أسْتَطِيبُ شَهْوَتَكِ
    لا
    أمَلُّ
    وَحِينَ تَلُوحِينَ لي في الأفُقِ
    أسْتَدْرِجُ أوْهَامِي
    أحْلُمُ بِعِطْرٍ
    على وَجْنَتَيْكِ ذَرَفْتِ أرِيجَهُ

    كُلّ النَّخَلاتِ لَكِ انْحَنَتْ
    وَ
    أنَا لَمْلَمْتُ سَاقَيْكِ
    صَاعِداً
    حَتّى العُنُقِ

    8.

    فِي مَهَبِّ أنْفَاسِكِ
    نَسِيتُ ظَمَإي

    لَمْ أسْتَبِحْ بِئْراً
    وَلا
    شَرِبْتُ مِنْ نَهْرٍ
    جَداوِلُهُ
    رَاوَدَتْ سَمَائِي

    9.

    لَيْسَ الجِسَدُ يَقِيناً
    الجَسَدُ احْتِمَالٌ.

    لَمْ
    تَقُولِي هَذا
    بَلْ أنْتِ مَنْ قَادَنِي إلَيْهِ

    10.

    تَعْجِزُ اللُّغَةُ
    حِينَ تَعْتَرِي الشَّهْوِةُ
    بَلَلَ اللَّسَانِ
                  

09-19-2005, 02:09 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    سقوط حر

    جانسيت علي
    (سوريا/أمريكا)


    الكهف لم يكن حجريا
    إنما أنا
    المستحاثة المثبتة من عصر الجليد


    ***

    لم تكن لها هيئة العين
    لكثرة
    زرقتها


    ***


    أدعوك لمناولة القربان
    ولتفعلها يد المجوس ان شاءت
    لعشاء ليس بأخير
    ولمائدة تجلس عليها الطيور والطواويس
    وبنات آوى
    أدعوك للدخول الى المحاريب الحجرية
    مقتصدين
    بلا شموع أو أحذية

    ***

    كل شيء كان صغيرا
    الملكة في ثياب نومها
    آلة الكمان المنتظرة على الكرسي
    الماء المستريحة في الأصداف
    والسلاحف في مأدبة الفجر
    كل شيء كان صغيرا
    الملك المختون فوق زحل
    عازفة الفيولونسيلا بأكمامها الطويلة
    والحراس بجلودهم الصخرية
    كل شيء بدا صغيرا
    الريشة الطائرة من معبد المجوس
    العصفور لحظة موته الخفيف
    قبعات الإخفاء
    الثعابين وهي تخرج من البحر
    والسمكة في الآنية
    وحدها المرايا
    كانت ضخمة كنباتات استوائية


    ***

    هل يمكن لورقة توت أن تستر غابة
    بأكملها


    ***


    لكثرة مغرب الشمس
    وسقوطها الحر في الماء
    أتحسس قلبي كل حين
    تراه يقلد الحركة الأبدية


    ***


    هل كان في أصله خفاشا
    ذلك الذي ينقلب على ظهره
    وفي يده رمح مصوب للمغيب
    هل كان في أصله رمانة
    ذلك الذي يختفي سرا
    كلما سنت السكاكين
    هل كان في أصله بومة
    ذلك الذي أدار كتفه
    وفي منقار وصفة الخراب
    هل كانت في أصلها.......؟
    تلك التي تبدل الثياب كثيرا أمام النهر
    حين يعبر المصلون بأجراسهم
    هل كان في أصله آدميا
    ذلك الذي اقتلع حدقة بوذا المتأملة على المسرح
    والتهمها
    كما تفعل الحيتان في عمق البحر
    هل كنت أنا
    تلك التي حولت السهام التي في خصرها
    الى هوائيات
    وقبلت يد الملك

    ***

    هل حقا
    ذلك الكرسي الوحيد
    بذراعه المكسور
    في الغرفة الخالية
    الرمانة المنتقخة في صحن النحاس
    الأزرق
    والأوراق الميتة المتعانقة على الطرق
    طبيعة صامتة.
                  

09-19-2005, 02:11 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    و اعد كم اكذوبة
    عنى
    يقول الواهمون

    مصطفى سند


    لى بعدين

    لمواصلة تجميل المكان
                  

09-19-2005, 07:25 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    كلمةٌ لا تكونُ دونَ قائلٍ

    إبراهيم الحجري
    (عُمان)

    إلى الآسنِ الذي لا يتحرك، إلى المساوئ القاتلة التي نلبسُ كي نخفيها ثياباً بيضاً لكنها تُعمي المبصر، يا أيتها الجماعةٌ الغائبة الريحُ شديدةٌ في هذهِ الأنحاء تكشِفُ السوءةَ قبل العورة، رغمَ أنَّها تتحركُ وحدها، والزمنُ لا يتحرك، ألم يقل أحدٌ ما أنَّ الزمن هوَ الآن ؟ إنهُ كذلك، لكنهُ لدينا الآنُ البعيد، الآن الذي لا وجودَ لهُ هنا، الآنُ الذي لا يُشعَرُ بهِ، آنُنا لا آن !.

    صرخةٌ في نومِ موتكم المكيف قبلَ أن أصرخَ في وجهِ حراسكم المترهلين الذين لا يجدونَ كثيرَ تعبٍ في إحاطتكم كلَّ مرةٍ وإعادتكم إلى الجادة، أقصدُ الحظيرة فأنتم لا تسافرون، أيها السادةُ الكتابُ المثقفون المثرثرون المتنطعون المغتابون الساخطون السكارى النمَّامون الشحاذون أيضا، أيها السادةُ البيض العارفون بشكلٍ مذهل، المتمكنونَ من الكتابةِ بشكلٍ خارق، المتحدثون بما لا يشقُّ لهُ غبار، مقارعو الكأسِ بالكأسِ، المنتصرون في (حروبِ الباراتِ وثاراتها)، المنظِّرُونَ لوضعِ العالم، عارفوا طريقِ الخلاص للبشرية، حملةُ مشاعل الهدايةِ النورانية للعالمِ الحرِّ، يا بشائر مُضادَّات المدينةِ الفاضلة في آخر رقعةِ قبلَ البحر .

    الكتبُ ممنوعةٌ من النشر وممنوعةٌ من الطبع وممنوعةُ من أن تداعبَ الأفكار والأقلامُ محاصرةٌ بأسيجةِ الترهيبِ الفادح الضخم، والترغيبِ في أمنٍ موهومٍ، حتى صارَ الكاتبُ وداخله مقصلة الرقيبِ لا مِقصه، وثمَّ بعدَ ذلكَ تتمنى أن تتخيلَ بنتَ شفةٍ لها بنتٌ فائقةُ الروعةِ لها أيضاً ابنةٌ غايةٌ في الحسن، مُحرَّمٌ قولهن وكتابتهن والإشارةُ إليهن، إن أفلتَّ بالرمزِ إلى القلادةِ التي تزدانُ بنحورهن خرجتَ من الحدودِ صِفر اليدين، فما هذا باللهِ على من باللهِ عليه، ومرَّتِ البلادُ بالمشنقةِ ولم يشعرُ أهلوها شيئاً ومرت فوقها المجنزراتُ والدباباتُ وانفجرت فوقها القنابل ومن يدعي أنَّهُ يسمعُ دبيبَ النملةِ لم يسمع من ذلك إلا دبيبَ قدميهِ الأربع، ولم ينتبه أبداً لدبيبِ الدبابةِ واختراقِ الطائرةِ حاجزَ الصوتِ قربه، وتوقفَ الحدثُ عندنا حتى صرنا نتسلى بالحدثِ المستوردِ من بلدانِ الحوادث والحياة، أما نحنُ فقد أمِنَّا حتى ما بقي لدينا ما نتحركُ لأجلهِ أو ما تتحرقُ أقلامنا للكتابةِ عنه، فلماذا إذن التنطعُ بالثقافةِ وخدمةِ الكلمةِ الحقِّ والوقوفِ مع الحريةِ تقافزاً مع همومِ العالم متضامنينَ معهُ فيما يؤرقهُ ويضجُّ مضجعه والدخانُ خلفنا يتصاعدُ من أرضنا المحروقة، ولا أستثني أحداً بل بالعكسِ أقصدُ من يظن نفسه مستثناً من يقفُ خلفي ويهزُّ رأسه مؤَمِّناً على ذلك كأنهُ لا يعنيه، أقصدُ منظري قتل الحياة ووأدها وصلبها والنواح عليها .

    الحياةُ ماثلةٌ بينَ يدي المرضِ يأمرها فتأتمر من يبعثُ الحياةَ من رمادها الدامي ومن موتها إن لم يكن المبدع، من يعيدُ رغبةَ الحياةِ للمنتظرين موتهم الحلال بدل اقترافِ موتهم الحرام، من ينفخُ الشرارة التي لا تكادُ تبين من ؟، الأمرُ ليس مجردَ تشدقٍ فارغٍ بالأهمية فالفاقد لا يعطي والحياةُ لا تعطي الأمن وإلا لما متنا، الجبانُ إذن أكثرُ أمناً من غيره والمنافقُ يعيشُ طويلاً، والرعاديدُ لولا الطعام والشراب لما تركوا أمنَ منازلهم ونواديهم أفهمُ الأكثرُ حكمةً ؟، هل أصبحَ الخوفُ اليوم وسيلة حياة وحكمةَ عيش ؟ إذن فمن الكاتبُ ومن الشاعر، أكرهُ اللفظَ العمومي الراقصَ فوقَ حبلِ الإرضاءِ والتزلف، كما أكرهُ النمطَ التعميميَّ الساكن تحتَ السماءِ التي تمطرُ الذهبَ والمخلصين،ف(هلُمُّوا في حُندُسٍ نتصادمْ ) ولتكنِ الكلمةُ وحدها الحيُّ الذي للخلود .

    لا أتحدَّثُ معَ المانعِ المعطي بل معَ الممنوعِ المتعثر، معنا نحنُ الذين لا نحلمُ إلا بالإكراهِ، وبأصواتٍ جدُّ خفيضة، معنا نحنُ مخترعو المبررات ومختلقوها، نحنُ الذين يرتبطُ بنا نماءُ التبرير، صناديقُ الجيناتِ النادرة من الكسلِ والتسويفِ، لماذا نخاطبُ غيرنا ليحافظ على شرفنا نحن،إنَّ حريَّةَ الكلمة هي قضيةُ شرفِ الكاتبِ الأكثر أهميةً على الإطلاق، لأنها تتعلق بالوجودِ كلهِ وجود الكلمةِ وكاتبها لذلك تكونُ حريةُ القولِ في لبِّ الحياة الحقيقية، ليست ترفاً ولا آخرَ سلَّمِ الحضارة بل أوله، مشعلو الحرائقِ لا مطفئوها العابثونَ بماء الحياةِ في الشوارعِ الراقصة، هذا هوَ الدورُ اللائق، لا الخامدينَ سكانَ الدوائرِ المغلقةِ بُناةَ الأسيجةِ روَّادَ ساحاتِ الهزائمِ آباءَ الكآبةِ وممثليها، بل مقيمي الإبتهاجِ أعداءَ الغفلةِ والخنوعِ وعيشِ الظلِّ نُقادَ حياةِ الصَغَار، موسيقيو الأرواح والعقولِ الباطنة .
    إنَّ الثقافةَ فعلُ ابتداع وخلق قبلَ أن تكونَ أيَّ شيءٍ آخر، هي فعلٌ إيجابيٌّ بالذات لا فعلَ عدم، والذي يعتقدُ أنهُ مرتبطٌ بالثقافةِ وصنعها عليهِ تجاوزُ الخاملِ إلى الفاعل لأنهُ ارتباط يتحقق بذلك، وإذا كانَ هناكَ من يظنُّ أنَّ الفعلَ الإبداعي خِلوٌ من المسئولية فلا أسفَ عليهِ لأنهُ يُهمِّشُ الحقيقة التي يُصاغ بها الإبداع، فالذي يتلألأ في العمل الفني إنما هو النسيج المحكم حولَ الوجودِ الفعَّال، لا إلاكةَ الماضي ولفظَه، أو مجرَّدَ التنطعِ والإتكاءَ على منجزاتٍ مشغولةٍ بالدمِ للإرتقاءِ بالذاتِ الخواء الجوفاء، إنَّ الإحترامَ الذي يستحقهُ المبدعُ ويتلقاهُ إنما هوَ إدراكٌ من العقلِ البشريَّ للقائه شخصاً يمضي لهدفٍ نبيلٍ يتجاوزُ الضيِّقَ اليومي لذلكَ يُظهرُ هذا الإحترامَ ويبديهِ لأنَّهُ بذلكَ يحترمُ النسغَ الإنساني العظيم الذي يمنح للوجودِ أحقيتهُ .

    لقد أوصلتنا الحالةُ النفسيةُ السيئةُ إلى السقوطِ في المستنقعاتِ الآسنة من الحسدِ المستشري ووأدِ منجزاتِ الآخرين وعدمِ احترامها بدعوى حريةِ النقدِ، رغم أنَّهُ ما من نقد ولا شيءَ سوى الثرثرة البغيضة، وشرخِ الإسطواناتِ والأرواح بتكرارِ التَّشَكي والعويلِ المكتوم وارتيادِ المناحات وتحويلِ شواطئ البحار وظِلال النخيل والتكايا الرملية إلى أمكنةِ البكاءِ بتلكَ الدموعِ التي يُقرفكَ مدى ركونها للعجز .

    لكن فلأستمع لهذا الذي يقولُ توقف لحظةً ويسألني (لماذا تضعُ المثقفين في واجهةِ غضبك وهم ليسو المتسببين في تكميمِ فمِ الكلمةِ؟ هل تظنُّ أن لو كانت حريةُ التعبيرِ والنقدِ متاحةً من السُلطة سراً وعلناً هل تظن أنهم كانوا سيصمتون عن قولِ الكلمةِ المكممةِ بالذات؟)، أعلمُ هذا السؤال جيداً أعلم قلب طاولة النقاشِ هذا، ولكنني أفعلُ هذا بالضبط، ليقيني من أنَّ الكلمةَ لم تتلقى هبةَ القولِ قطَّ بل اكتسبتها اكتساباً، الكلمةُ كلمةٌ لأنها تقال منذُ الأزل وستقالُ للأبد،الكلمةُ لن تكونَ دونَ قائل لن تستمرَّ دونَ مقول لابدَّ من فاعلٍ لها لتكون، الكلمةُ، ليست منحةً تمنح إنها تؤخذُ كما هي الحياة فإذا لم يوجد من يحياها فلمن هي ؟، مرت العقود وتبدَّلت القرون ونحن نتناطح ونتردى، فلماذا نطالبُ ونحنُ المتنفسون شهيقاً وزفيرا أن نتنفس حُريتنا بهبةٍ فوقيةٍ ومنةٍ علَوية، الوجودُ إجتراحٌ لما لم يوجد وإيجادٌ للشيءِ الذي لا مكانَ له واستمرارٌ في حياةٍ حقيقية لا وهمية، وإلا فمنِ المثقف ؟ هل المثقفُ نمطٌ أستطيعُ تحديدهُ بمحاولة التعريف، إذن فليس هوَ الذي أتحدثُ عنهُ إنني لا أصنِّفُ الثقافةَ أكاديمياً هنا إنني أُصَمِمُها بهذا الذي وجدت الأكاديمية من أجله وأغلقت من بعدُ لرؤيتهِ مقتولاً لكن هيهات فما يزالُ هذا العصيُّ على الوصفِ حياً يرتعشُ بجنونهِ في كلِّ مكانٍ يُعمِّرُ الدنيا بالممسوسين والمجانين الذين لا يتبعونَ إلا النداءَ الخفيَّ الرائع
                  

09-19-2005, 07:27 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    و للون ايضا ما يقوله

                  

09-19-2005, 06:04 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    Quote: العن الواجبات لانها تعيق التمتع بالجمال و نثره على قلوب جميلى و جميلات هذا الكون



    وأنت أيضا؟؟؟؟؟؟؟
                  

09-20-2005, 04:16 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    نعم , للاسف ولحسن الحظ ان هناك مثل هذه الواجبات
    مثل العمل
    حكى لى صديق عن صديقه الذى كلما استيقظ صباحا للذهاب للعمل يقول:
    الله لا كسب الشغل و لا غزا فيهو بركة

    و انا اردد معه هذا الدعاء يوميارغم علمى بالجيد فى ان يكون الانسان منتج
                  

09-20-2005, 04:17 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    نحن كثيرون

    ترجمة: حميد كشكولي

    كفى

    عاهدت ُ الحقيقةَ أن أُعيد النورَ إلى الأرض.
    أردتُ أن أكون مثل الخبز.
    فالكفاح لم يلقَني ، أنا المبادر له،
    لكنّني ، ها أنا،
    بكلّ ما أحببتُ،
    بتوحّد ٍ ضاع منّي.

    إنّني لن أرتاح في ظلّ تلك الصخرة،
    البحرُ هائج،
    هائجٌ في صمتي.


    أسطورةُ حوريةِ البحر والسكارى

    كان كلّهم هناك،
    حين حضرتْ عارية ً،
    كانوا وصلوا مرحلةَ السكْر ،
    عكّروها بريق ِ أفواههم،
    وهي خارجة لتوها من النهر،
    لم تعرف شيئا،
    الإهانات غطت جسدها،
    غرق صدرها في المذلة،
    لم تذرف دمعا،
    لأنها لم تعرف الدموع،
    لم تتدثر بشئ،
    لأنها لم تعرف الثياب،
    ملؤوا جسدها بالجدري بطفي أعقاب السجائر و الفلين المحترق،
    و بضحكاتهم الهمجية مرغوها بأرضية الحانة.
    فلم تقل شيئا ، لأنها لم تعرف الكلام.
    عيناها كانتا ألوان الحبّ البعيد،
    ذراعاها مصوغتان من زبرجد أبيض.
    شفتاها تتحركان في صمت نور مرجاني،

    وفجأةً خرجت من الحانة،
    بولوجها النهر عادت طاهرةً،
    التمعت كحجر أبيض يصقله المطر،
    سبحت ْ دون أن تلتفت َ إلى الوراء مرة أخرى ،
    سبحت باتجاه الفراغ،
    سبحت باتجاه الموت.

    نحن كثيرون

    لا أقدر أن أميّز أيّ واحد من الجمع الكثير
    الذي أنا منهم ،
    الذي نحن منهم .
    أراهم ضائعين في الثياب.
    إنّهم هاجروا إلى مدينة أخرى .
    حين يبدو كلّ شئ كأنه رُتّب ليُظهرني
    إنسانا واعيا،
    إلا أنّ الأحمق الذي أخفيه في ذاتي
    يأخذ زمام كل ما أقول، ويحتلّ فمي.
    في أوقات أخرى ، أغفو بين الناس المتميّزين،
    وحين أنادي ذاتي الشجاعة،
    يهرع جبان غريب عني ليلفّ هيكلي العظمي
    بألف عذر جميل.
    وحين تشبّ النار في منزلٍ جليل ٍ ،
    يصعد مُحرقُ المباني المتعمد إلى الخشبة
    بدلا من الإطفائية التي ناديتُها،
    وذاك أنا .
    ماذا بوسعي عمله؟
    ما العمل لكي أتميّز؟
    كيف يمكنني أن أعيد بنائي؟
    فالكتب التي أقرأها ، مليئة بأبطال باهرين واثقين من أنفسهم.
    أموت في الغيرة منهم ،
    وفي الأفلام المليئة بالريح والرصاص،
    أحملقُ في رعاة البقر،
    وأُعْجَبُ بالجياد كذلك.
    لكنني حين أدعو بطلا ما،
    تطلعُ ذاتي العجوز الكسلى،
    هكذا ، لن أعرف قط من أنا،
    ولا كم عددي ،
    ولا كم سأكون.
    ليتني استطعتُ قرع ناقوس ٍ
    لأدعو ذاتي الحقيقية،
    أناي الحقيقية.
    لأنني لو احتجتُ ذاتي حقّا،
    لا بدّ أن لا أختفي.
    وبينما أنا أكتبُ،
    أهيمُ بعيدا،
    وحين أعود ،
    فأنا مغادر من قَبلُ.
    أود لو أعلم إن كان الآخرون أيضا يحدث لهم ما يحدث لي،
    أو إن كان كثيرون من الناس مثل أناي.
    وحين تتوضح هذه المسألة بجلاء،
    أود أن أتعلم الأشياء ،
    بحيث أتحدث عن الجغرافيا لا الذات ،
    حين أريد تفسير مسائلي .
                  

09-20-2005, 04:21 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    هل رايت احداها فى ذاك الحار جاف مترامى الاطراف المدعو سودان

    المميزات الأربعَ عشرة للأنظمة الفاشيّة

    استنتج الدكتور لورنس بريت من خلال بحثه في الأنظمة الفاشية لهتلر( ألمانيا) ، و موسوليني ( إيطاليا) ، فرانكو( اسبانيا) ، و سوهارتو( إندونيسيا) ، و أنظمة ديكتاتورية أخرى في أمريكا اللاتينية ، ان هذه الأنظمة المستبدة تشترك في 14 ميزة تميزها عن غيرها من الأنظمة ، لقد كانت هذه الميزات بلا شك يتميز بها النظام البعثي الساقط ، لكن العبرة هنا ،إذ أود لو تتمعن الأحزاب و المجموعات العراقية ، التي استلمت الحكم اليوم ، أو التي خارج السلطة في هذه النقاط و ترى إلى أي مدى تشترك مع البعث و الفاشست من خصال و ميزات ، و هذه المميزات هي:

    1 ـ النزعة القومية المتطرفة التسلطية ـ فهذه الأنظمة ترفع باستمرار شعارات قومية ووطنية صاخبة ، وأعلام وبيارق مرفوعة في كل زاوية ، و ترفرف على كل سفح و صخرة ، و شجرة ،مكتوبة عليها شعارات تشير إلى ايديولوجية الحزب القائد وتمجد تاريخ الأمة و معاركها الدامية مع الأعداء ، و تسمع الأناشيد الوطنية والقومية ليل نهار . ولا تخلو حتى الألبسة من نقوش حزبية و فكرية للقائد والحزب .

    2ـ الاستهتار بحقوق الإنسان ـ فالأنظمة الفاشية تحتقر الإنسان ولاتعترف بحقوقه ، فهي تعتبر مثل هذا الاعتراف انتقاصا من قدرها وهيبتها . وتبتدع أعداء ، على الأغلب وهميين، لتفرض بحجة مواجهتهم ، إجراءات أمنية متشددة ، و حالات طوارئ ، في أغلب الفترات ، بحيث تتحول هذه الحالات إلى أمر واقع مألوف عند الجماهير ، و ستقبل حتى بتحديد الحريات و التعذيب و أحكام بالسجن لآماد طويلة.
    3_ مزاعم وجود أعداء ... إذ توجه الدعوات والنداءات إلى الأمة في شعارات حماسية ، تطابها بالإتحاد و التعاون مع النظام بوجه المخاطر المحدقة بالوطن والأمة .. ويمكن أن يكون هذا العدو أقليات قومية أو دينية ، أم ليبراليين ، أو شيوعيين ، أو اشتراكيين ، أو ارهابيين.
    4_ سيادة القوات المسلحة .. حتى في طروف السلم و ضرورة التخطيط و البرمجة لتنية البلد و حل المشكلات الداخلية التي لا تحل بالقوة العسكرية و العنف والارهاب.. تخصص الأنظمة الفاشية نسبة كبيرة من الدخل القومي للبلد للشؤون العسكرية ، ويتم اهمال برامج التنمية الاجتماعية و الثقافية.. وإن العسكر عادة لهم صلاحيات غير محدودة و هيبة كبيرة في المجتمع.
    5_ التمييز الجنسي الواضح فالأنظمة الفاشية تنزع نزعة شديدة إلى الفحولة و البكريركية. و تتعزز في ظل حكمها المفاهيم الجنسية المحافظة، و و تسن قوانين تحد من الطلاق وتحافظ على كافة الاشكال المحافظة للتعبير الجنسي و تحارب ما هو ضدها
    6_ السيطرة التامة على وسائل الإعلام الجماهيرية ، سواء بشكل مباشر من الدولة ،أو غير مباشر ، وأحيانا بشكل يخالف قوانين الدولة و قوانين الرقابة والصحافة ، وخصوصا في فترات الحروب والأزمات.
    7_ هاجس الأمن القومي بقصد تعبئة الجماهير ، و الهائها ، باطلاق بروباغندة التخويف من أخطار تهدد الأمن القومي.
    8_ تداخل أمور الدين والدولة إذ تستخدم الأنظمة الفاشية الدين أداة فعالة لتوجيه الرأي العام وفق أهوائها. و تتضمن الخطابات غالبا مقولات دينية و حكما من القديسين، و غالبا ما تتناقض سياسة الدولة الفاشية مع تعاليم الدين المزعوم تبنيه كدين الدولة الرسمي.
    9_ حماية الشركات الكبيرة ، والنخبة الصناعية و التجارية التي أوصلت الفاشست للحكم أو ساعدتهم على الوصول للسلطة. و بهذا تكون هناك معادلة تتحكم بالسلطة الفاشية و هي العلاقة النفعية المتبادلة بثبات وهي ثنائية السوق الحكومة 10_ قمع نشاطات العمال فالخطر الجدي على النظام الفاشي يتمثل في قوة العمال وتنظيمهم و امكانياتهم في تشغيل ماكنة الراسمالية ، ولهذا تلجأ الأنظمة الفاشية إلى الغاء النقابات العمالية ، أو تقمعها إلى حد كبير .
    11_ المبالغة في هاجس الجرائم والعقوبات اذذاك تعطى للشرطة صلاحيات واسعة لمراقبة سير القانون ( قانون الفاشست) ، وغالبا تسئ الشرطة استخدام سلطتها و تنتهك حقوق الإنسان و تضيق على الحريات الفردية والجماعية ، وغالبا بحجة الدفاع عن الوطن و شرف الأمة. و أكثر الفترات تخلق الحكومة الفاشية مليشيات قومية ( حرس قومي) إلى جانب الجيش الوطني ، تتمتع بسلطات تفوق سلطات الجيش.
    12_ تحقير المثقفين و الفنانين تعادي الأنظمة الفاشية علنا ذوي الكفاءات العالية و الأكاديمين العلميين. و تفرض رقابة صارمة على الأساتذة ، و تنتهك حرماتهم ، و ليس من المستغرب أن يزجوا في السجون و يعتدى عليهم .
    13_ المحسوبية والحوبة يعتمد النظام الفاشي على مجاميع مرتبطة فيما بينها بروابط صداقة ، وعلاقات عائلية ، و مصالح مشتركة . و يتبادل أفراد كل جماعة المنافع بينهم من تعيينات وتنسيبات إلى مناصب و كسب مصالح اقتصدية ومنزلة اجتماعية. و في حالة أي مأزق يقع فيه أحدهم ينبري أفراد جماعته فانتشاله فورا منه.
    14_ الانتخابات الصورية تجري أحيانا مهزل انتخابات في البلدان الفاشية لاضفاء الشرعية على النظام الفاشي. و رغم هيمنة الفاشست على مقدرات البلد ، يتم التلاعب بنتائج الانتخابات بالضد من مصلحة المعارضة ، حتى لو كانت معارضة كارتونية، .. و هيمنة الأنظمة الفاشية على وسائل الاعلام أو امتلاكها تقريبا كليا، بحيث تضمن لنفسها النجاح في الإنتخابات ، يتم ليّ النظام المنظومة القضائية لتوجيه اللإنتخابات لصالح النظام الفاشي..
                  

09-20-2005, 05:53 AM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    وابن الرومى ايضا

    Quote: من غزليات
    جلال الدين الرومي " مولوي" (1207_ 1273)

    ترجمة: حميد كشكولي

    إنّي نهايتك

    أما قلتُ لا تذهبْ إلى هناك فإنّي الحبيبُ ،
    و أنّني نبعُ الحياة في سراب العدم ؟
    فلو هجرتَني لمئة ألف عام ،
    لابدّ أن تكون عندي أخيرا لأنّي نهايتك .

    أما قلتُ لا تبتهج بما تبديه لك الدنيا ،
    لأنّي صورة بهائك؟
    أما قلت إنّي البحر وأنت فيه سمكة وحيدة ،
    ولا تذهبْ إلى اليابسة فإنّي يمُّ صفائك؟
    أما قلتُ لا تقتربْ مثل الطيور من الفخّ ،
    تعال فأنّي قوة طيرانك و بأس جناحك؟

    أما قلت إنّهم سيقطعون طريقك و سيطفئون نار فؤادك ،
    فأنّي نارك ولهيبك ودفء هوائك؟
    أما قلت إنهم سيعكّرون ماء العيون ،
    و إنّك ستفقد دربَ النبع فأنّي ينبوع صفائك؟
    أما قلتُ لاتسألْ أنّى ستكون عاقبة العباد ،
    فأنّني المبدع الخلّاقُ ؟
    إن كان قلبك نيّرا سترِدُ حتما المنزل ،
    أو إن كنت َ على خُلق الآلهة ،
    فاعلم أنني سيّد محرابك.
    ****

    لا تذهبي وحدك!

    في خطى الغنج و الدلال تسيرين ، فلا تروحي وحدك !
    يا حياة الأحبة في البستان لا تذهبي وحدك!
    يا أسباب الأشياء لاتدخلي الروض وحدك!
    أيّتها الأفلاك لاتدوري بدوني ،
    ويا أيها القمر لا تشتعلِ وحدك!
    فهذه الدنيا بك جميلة ، و تلك الدنيا أيضا ،
    فلا تكوني في هذه بدوني ،
    ولا في الأخرى وحدك!
    أيها الظاهر لا تظهر بدوني !
    أيها اللسان لا تشْدُ وحدك!
    أيها البصر لا تنظر بدوني!
    و يا أيتها الروح لا تروحي وحدك!
    الليل يتمرأى في مرآة القمر نورا ،
    أنا الليل و انتِ قمَري ،
    فلا تتحركي في السماء وحدك!
    الأشواك نجت من النار بفضل الورد ،
    أنت ِالورد وأنالشوك ،
    فلا تدخلي الروض وحدك!
    أجسُّ خفقان رؤيتك لأحدّق في عيونك،
    قفي ! انظري ! ، أنا أنتظر ُ ، لا تذهبي وحدك،
    أنت غريم الشاه ، يا زهوا أنا نديمك ،
    وحين ترتفعين إلى سماء الديار ،
    فيا أيها الناطور لاتحرس الديار وحدك!
    ويل ٌ لمن يهيم في الدروب في غفلة من نورك ،
    أنتِ نور في الطريق ، فيا أيها الدليل لاتتركني لوحدي!
    أنتِ عند الناس العشقُ،
    ولكنّي أسميك الهة الهيام ِ ،
    أنتِ تسْمين فوق أوهام الجميع ، فل تتركيني لوحدي!
    *****


    مالعمل؟
    مالعمل، با مسلمين؟
    فأنا لا أدرك ذاتي.
    لستُ مسيحيا ، ولا يهوديا، ولا كافرا، زلا مسلما.
    لم آتِ من الشرق ، ولا من الغرب ،
    لا من البَرِّ ولا من البحر؛
    لم تصنعني الطبيعة في مصانعها، ولا مدارات سماوية.
    إنّي لست من التراب ، ولا من الماء، ولا من الهواء، ولا من النار،
    لستُ من جنة الخلدِ ، ولا من الغبار، ولا من الوجود ، ولا من الكينونة.
    لا أتحدر من الهند، ولا الصين ، ولا بلغاريا،ولاساقسين،
    ولستُ من بلاد العراقين ِ، و لا من خراسان.
    أنا أصلا لستُ من هذا الدنيا، ولا من الآخرة، ولا من الفردوس ولا الحجيم.
    لستُ من آدم، ولا من حواء،
    لا من عدْن ٍ ، ولا من رضوان.
    فمكاني هو اللامكان، و آثاري لا تترك أيّ أثر،
    إنّي لستُ من أي جسد ، ولا من أية روح ، لأنّي تابع لروح الحبيب.
    طلّقت ُ الثنائية ، فأرى العالمَين ِ واحدا،
    أبحث ، أعرف ثمة "ج" ، وأرى ، فأنادي.
    إنّه الأول ، وإنّهُ الأخير ، إنّهُ الظاهر، وإنّه الباطن؛
    إنّي لا أعرف أحدا سوى "ياهو" و " يامن هو" .
    أنا ثمل بكأس العشق ِ ، والعالمان تجاوزا مدى ادراكي.
    احتفالات الخمر والعربدة تشغلني عن كل شئ ،
    ولو غفلت لحظة من عمري دون أن أعيشها ، لندمت عن حياتي منذ تلك اللحظة.
    ولو غنمتُ منها لحظة في هذه الدنيا،
    لسحقتُ كلا العالمين ، ولرقصتُ ابتهاجا بهذا النصر العظيم.
    فيا شمس تبريز! أنا ثمل في هذا العالم،
    وليس لي ما أقول سوى الثمالة والعربدة.

    ملاحظة: القصائد أصلا بدون عناوين ، وتلك العناوين من عندي .وأن الترجمة قمت بها بتصرف المترجم.
                  

09-20-2005, 05:35 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    وصوت
    Quote: فيروز الموزع بالتساوى
    بين طائفتين
    يرشدنا
    الى ما يجعل السجان شعبيا


    وهذا أيضا استوقفني كثيرا يا حاتم

    شكرا
                  

09-21-2005, 02:44 PM

Hatim Elhassan

تاريخ التسجيل: 05-11-2005
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    و الآن,و الاشياء سيدة، وهذا الصمت عال كالذبابة
    هل ندرك المجهول فينا؟ هل نغنى مثلما كنا نغنى؟
    سقطت قلاع قبل هذا اليوم، لكن الهواء الان حامض
    وحدى ادافع عن جدار ليس لى
    وحدى ادافع عن هواء ليس لى
    وحدى على سطح المدينة واقف....
    ايوب مات، و ماتت العنقاء، وانصرف الصحابة
    وحدى. اراود نفسي الثكلى فتابى ان تساعدنى على نفسي .
    و وحدى
    كنت وحدى
    عندما قاومت وحدى
    وحدة الروح الاخيرة.....
                  

09-21-2005, 04:13 PM

أيمن حسين فراج
<aأيمن حسين فراج
تاريخ التسجيل: 01-30-2005
مجموع المشاركات: 541

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: من حاتم ......الى ايمن حسين فراج (Re: Hatim Elhassan)

    ..................................
    على بعد سنتيمتر واحد من الأرض
    ..................................
    فاطمة ناعوت
    ..............

    تأمرا ..... خدعاني
    دارا مع الأرض
    عقربا ساعة الحائط
    اللصان

    ...............
    تعض اسنان الندم أناملنا
    فيما نحملق في حطام الفازة
    بينما الحاسوب ينفذ أمرا
    Undo

    .......
    الخطوات التي نفذناها
    بأرواحنا
    على رقعة الزمن ذات اللونين
    لا تراجع فيها
    Touch 'n Move…
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de