عودة النقيضين .. طالبان والنساء

Quote: عودة النقيضين .. طالبان والنساء أفغانستان تجرب الانتخابات التشريعية بعد غياب 30 عاما.. فمن خرج من وراء الستار؟ لندن: محمد الشافعي بعد اربع سنوات على سقوط نظام طالبان اصبح لافغانستان الجديدة دستور ورئيس منتخب، وهي تستعد لانتخاب برلمان جديد بعد غد لأول مرة منذ 30 عاما، ومع هذه الخطوة تطوي افغانستان صفحة ربع قرن من الحروب المتوالية بسبب الغزو السوفياتي، ثم الحرب الاهلية، ثم الحرب الاميركية لاطاحة نظام طالبان. وتدخل افغانستان الانتخابات وهي تحمل متناقضات لافتة، ليس اقلها عودة قادة طالبان الى واجهة العمل السياسي بعد اطاحة الحركة عسكريا 2001، وعودة النساء كمرشحات قويات في هذه الانتخابات، بعدما غيبتهن حكومة طالبان عن اي عمل سياسي او حتى مجرد الخروج منازلهن للعمل او للدراسة طوال فترة حكمها. غير ان المتناقضات تتسع لتشمل الكثير من الاشياء التي تكشف ان البلاد باتت تقف بين عصرين بعيدين جدا عن بعض. فخلال الانتخابات بعد يومين تلجأ افغانستان الى وسائل تمزج ما بين العصر الحجري والتقنيات الحديثة كي تكون مكاتب الاقتراع مهيأة لاستقبال حوالي 12 مليون ناخب. وستكون هذه الانتخابات احدى عمليات الاقتراع الاكثر صعوبة حتى الآن، لا سيما بسبب المناطق الجبلية الوعرة والنائية ومستوى الامية المرتفع واعداد المرشحين الكبيرة التي تقارب ستة آلاف. وتقول مصادر اللجنة الانتخابية ان بعض الاقاليم الافغانية النائية لا يمكن الوصول اليها الا على ظهر الحمار، فيما ستستخدم الطائرات لنقل 135 الف صندوق اقتراع و140 الف قنينة حبر و404 اطنان من الاثاث الى مكاتب الاقتراع الـ26 الفا. وستتولى 14 طائرة شحن توزيع اللوازم للانتخابات على المناطق الافغانية، كما ستتولى شاحنات القيام بـ1200 رحلة فيما ترسل تسع مروحيات الى مناطق لا تصلها الطرقات. وهناك من يتوقع عودة طالبان من الباب الخلفي الى الحياة السياسية مع ترشح 11 من قيادات الحركة الاصولية لمعركة الانتخابات. ومن ابرز هؤلاء القادة وكيل احمد متوكل وزير خارجية الملا عمر قبل سقوط الحركة الاصولية، والملا محمد خسكار رئيس مخابرات الملا عمر نائب وزير الداخلية الافغاني السابق، الا ان مصار مطلعة التقتها «الشرق الاوسط» خلال زيارة الى كابل نهاية الشهر الماضي تصف قيادات طالبان التي ترشحت للانتخابات بـ «الاعتدال وسعة الافق»، ولم يكن الافراج عن الملا عبد السلام ضعيف سفير طالبان السابق من معتقل غوانتانامو العسكري بكوبا الذي يحتجز فيه اسرى «القاعدة» بعد أربعة أعوام قضاها في الأسر والتقاؤه رئيس برنامج المصالحة صبغة الله مجددي على شاشة التلفزيون الافغاني قبل خمسة ايام من موعد الانتخابات، سوى لدعم اتجاه المصالحة مع عناصر طالبان ودفعهم للمشاركة في الحياة السياسية. ومن الذين ترشحوا للانتخابات ايضا من عناصر طالبان الملا عبد الحكيم مجاهد صوت الملا عمر في الامم المتحدة الذي تصالح مع الحكومة الافغانية الجديدة. وهناك اكثر من قيادة من قيادات طالبان تصالحت مع الحكومة وارتدت عباءة الاعتدال ورفعت راية الديمقراطية تماشيا مع المرحلة الجديدة منهم الحاج قلم الدين نائب وزارة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي كانت من الوزارات السيادية ايام طالبان، وكانت مسؤولة عن تنفيذ الحدود من قطع يد السارق ورجم الزاني والزانية. ويرى بعض المراقبين في العاصمة كابل انه رغم فشل حركة طالبان عسكريا فانها قد تحقق نجاحا سياسيا. والى جانب عناصر طالبان هناك العشرات من قادة «المجاهدين» الذين يستعدون لدخول الانتخابات واثبات وجودهم واستمرارهم في خضم الحياة السياسية عبر البوابة الشرعية المسموح بها. وصور احدهم عبد الرب الرسول سياف، تملأ شوارع العاصمة كابل. ويدعو سياف زعيم «حزب الوحدة الاسلامية» إلى تطبيق الشريعة الإسلامية ورفض مظاهر التغريب والالتزام بالشرع في كافة مناحي الحياة. ورغم لغة العنف التي ازدادت قبل العد التنازلي ليوم الانتخابات التي يشارك فيها قرابة 5800 مرشح، اكثر من 10 في المائة منهم من النساء، وهي موجه العنف التي ادت الى مقتل ستة مرشحين، الا ان هناك مرشحات ]عربن لـ«الشرق الأوسط» عن تصميمهن على خوض الانتخابات رغم «رسائل التهديد بالقتل». ومنذ مطلع العام تشهد افغانستان تصعيدا في اعمال العنف وخصوصا في جنوب وجنوب شرق البلاد على الحدود مع باكستان. وقد اوقعت اكثر من 1100 قتيل مقابل 850 قتيلا 2004. وهناك اكثر من مرشحة في العاصمة كابل ترفعن شعار ترسيخ الليبرالية ومبادئ حرية التعبير والانخراط في الحياة السياسية بالكامل منهن شكرية باركازي رئيسة تحرير مجلة «المرأة» الافغانية التي كانت تدير مدرسة سرية لتعليم البنات ايام حكم طالبان الاصولي. وتقول باركازي انها غير خائفة من هيمنة الرجال على الانتخابات البرلمانية. ويعتبر منزل باركازي في حي «وزير اكبر خان» الذي توجد فيه معظم السفارات الغربية قبلة للصحافيين الاجانب الباحثين عن المعلومات المتعلقة بدور المرأة في الانتخابات المقبلة. ومن المقرر ان تحتل النساء 68 مقعدا في مجلس «الوليسي جيرغا» المكون من 249 مقعدا. وتقول شكرية باركازي البالغة من العمر 32 عاما ان نصف سكان افغانستان من النساء، وبالتالي فانها تتوقع ان يكون للنساء صوت مهم في البرلمان المقبل وفي انتخابات المجالس المحلية. وتؤكد انها ستكون مدافعة عن حقوق المرأة الافغانية تحت قبة البرلمان. والنساء في عهد طالبان كن محرومات تقريبا من كافة حقوقهن الانسانية سواء من التعليم او الخروج من المنزل بدون محرم، اما اليوم فإنهن يرفعن راية التنافس مع الرجال للوصول الى مبنى البرلمان. والعام الماضي كانت الدكتورة مسعودة جلال مرشحة امام الرئيس كرزاي في الانتخابات الرئاسية، اما اليوم فهي تتولى حقيبة شؤون المرأة. وهناك مرشحة انتخابية تقود التيار العلماني في العاصمة كابل اسمها جلالي حبيب، تبلغ من العمر 50 عاما، وتترأس حبيب تحرير مجلة «شفق» الشهرية تتميز بآرائها المثيرة للجدل فيما يتعلق بارتداء الحجاب الذي ترفضه تماما، ورفضت من قبل ارتداءه خلال خمس سنوات من حكم طالبان، مما عرضها الى كثير من المضايقات. والسيدة حبيب مرشحة مستقلة ورمزها »كرتان«، وتقول ان هناك 20 سيدة من صديقاتها ومن اقاربها يساعدنها في حملتها الانتخابية. وترفع حبيب مثل زميلتها شكرية بارزكاني راية حقوق المرأة على قائمة برنامجها الانتخابي. وتشعر ان اصوات كثير من السيدات في دائرتها الانتخابية بالعاصمة كابل ستكون من نصيبها. وتقول ان بلادها عرفت طعم الديمقراطية في عهد الملك امان الله الذي أخرج البلاد من طورها التراثي والديني والتقليدي الى الحداثة. وأعربت حبيب عن قلقها من سيطرة الملالي او التيار الديني على البرلمان المقبل، غير ان وجود مرشحين ليبراليين ونساء يشير الى ان سيطرة الملالي على البرلمان لن يكون امرا سهلا، فأفغانستان تغيرت وتتغير، والعودة للماضي ليست بالامر الوارد. * انتخابات أفغانستان.. من ظاهر شاه إلى كرزاي * بدأت تجربة أفغانستان مع الديمقراطية في منتصف الستينات من القرن العشرين. ففي 1964، عين الملك ظاهر شاه لجنة لوضع مسودة الدستور، وفي أواخر ذلك العام وافق عليها اللويا جيرغا أو «مجلس الأعيان القبلي» الذي كان يضم مندوبين عن جميع أنحاء البلاد. وكان الدستور هو الأساس الذي تمت عليه الانتخابات البرلمانية الديمقراطية في العامين 1965 و1969. غير أن الانقلاب الذي حدث 1973 أدى إلى تدهور الأوضاع السياسة الأفغانية، مما أدى إلى الغزو السوفياتي 1979، والحرب الأهلية، ثم سيطرة حكم طالبان الاصولي على كابل 1996. واضافة الى الانتخابات التشريعية المقررة بعد غد، سيدلي الناخبون بأصواتهم أيضاً لاختيار مندوبي مجالس المحافظات. ويصل مجموع عدد المرشحين إلى 3025، بينهم 248 سيدة يتنافسون على مقاعد المجالس في المحافظات الـ34. وستقع مسؤولية تعيين مجلس الشيوخ بالجمعية الوطنية المعروف باسم «الميشرانو جيرغا»، أو «بيت المشايخ»، على عاتق مجالس المحافظات والرئيس حامد كرزاي. وسيقوم كل مجلس من مجالس المحافظات بتعيين أعضاء من عنده في «الميشرانو جيرغا» بحيث يبلغ مجموع الأعضاء الذين تنتخبهم المجالس المحلية ثلثي أعضاء «الميشرانو جيرغا»، بينما يقوم الرئيس بتعيين الثلث الباقي على أن يكون نصف هذا الثلث من النساء.