يوم في الحي البرجوازي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 04:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-09-2005, 02:30 PM

Fadel Alhillo
<aFadel Alhillo
تاريخ التسجيل: 12-04-2004
مجموع المشاركات: 357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
يوم في الحي البرجوازي

    كدت أتزحلق على إحدى درجات السلم داخل مــول عفراء الجديد ، ليس من باب التسلية ،

    فمن يرغب ببهلوانيات في هذه الامكنه ؟!


    خرجتُ من العمارة فحيّاني السموم اللافح بصفعة جيدة على وجهي ، كأنه تخدّر قليلاً أو تحول

    إلى قطعة من الجبص .

    نظرت في ساعتي ... هززت رأسي مبتسماً لأني تذكرت أنها هدية من زوجتي السابقه أو

    طليقتي إن صح التعبير في عيد زواجنا الاخير ..

    ومنذ ذاك اليوم صرت أهتم بالوقت ، و أرفع طرف الكُمّ الأيمن بطرف إصبعي لأعرف الوقت ،

    تماماً كما في إعلانات التلفزيون، كل خمس دقائق ...

    كانت الساعة تشير إلى الثانية و عشرة دقائق ...المواصلات ستكون بهدلة شديده...

    سحبت كم قميصي لأسفل ..لم يكن هدية من زوجتي .. نسيه شقيقي الاكبر عندما جاء في

    الاجازه فأصبح من الممتلكات الشخصية العزيزة علي ، من باب الذكرى ناقوس يدق في

    عالم ...... كما كنا نقول...

    دسست يدي داخل جيوب بنطالي البولستر الكحلي الطويل أطول كثيرا من منتصف

    الساق ...جيوبه مبطنة بالساتان البارد، ليس بارد بل ثلاجة ديب فريزر ... صرت أُقلّب

    قطعة الخمسون دينار المتبقيه داخل بنطالي الجديد بين أصابعي ... وبالرغم من أن

    جيوبه مبطنة بالساتان البارد كثلاجة ، لكن من يعلم كم كنت سعيداً يوم اشتريت هذالبنطال

    أحس عندما أرتديه بأني شخصية مهمة ، تماماً ككل الولاة المهمين والوزراء وعلى رأسهم

    فلان ، أوالشخصيات المهمة من الوزن الثقيل في عالم المال والرياضه ، لقد اهتممت كثيراً

    أن يكون طويلاً لاطول من نصف الساق وأكثر ... لا ليس هناك أكثر ... كان شرطاً أساسياً لا

    رجعة فيه، وقد أقسم لي يومها البائع السوري بأنه لايكش ان غسل بالماء !!! وما مصلحته

    في أن يحمّل نفسه يميناً كاذباً !!!

    لا أدري لماذا نظرت بعيني إلى أسفل البنطال ، مددت رقبتي لأتأكد أن طوله لم يزل لأكثر

    من نصف الساق ... و انحدر نظري بشكل تلقائي إلى حذائي الأسود اللامع ، ياســلام ) ...

    توقفت للحظة و ثنيت قدمي أنظر لجانب الحذاء !!

    قلت في نفسي ...

    لكنها تؤلمني قليلاً لضيقها وعدم سعة صدرها ، تأكل أصابعي، وفوق ذلك تضطرني لفركها كل

    خمس دقائق، في الفترة التي أفكر فيها في النظر إلى الساعة ...

    لا يهم الآن ... في البيت سأضعها في المكبس الذي إشتريته بالامس خصيصا لها ... رفعت

    اللياقة حول عنقي، فأصبحت الفيس برسلي بلا أدنى شك ، أو أي شخصية مهمة أخري ترتدي

    قميص مع بنطلون طويل لأكثر من نصف الساق وبجيوب مبطنه بالستان .

    الشوارع مذدحمه تماما ً ( وقت الذروه ) وبسبب مطر الامس برك الماء تعكس ضوء الشمس ...

    وصوت الأحجار الصغيرة المهروسة تحت قدمي يمنحني شعوراً بالحياة والانتصار .

    أوووه !! مرحباً ...

    ماذا تفعل في هذا الحر القاتل !!!

    الخبيث ركض خلف السور ... قط لئيم ..

    مرت بجانبي سيارة مسرعة، حيتني برشة من أحد البرك المنتشره هنا وهناك ... السائق ظن

    أني حشرة ، أو سحليه علي ما أظن لست متاكدا بالضبط !!!

    شكراً ....

    صرخت باتجاهه ، لم يقل ( عفوا ) حتى !!!

    المنازل تبدو هادئة ... النوافذ تغطيها الستائر محكمه الاقفال ...

    بعض النوافذ هناك ترتعش من شدة البرد بالداخل ... ما أجمل الجلوس والكندشه بجانب

    التلفزيون ومشاهدة الكاميرا الخفية ... واستعمال الأغطية الثقيلة الناعمة ... أعرف من

    أين يحضرونها من عواصم الضباب في عطلة الصيف .. انهم يحافظون على الاجازات بشده ..

    أو عندما يذهبون للعمره من المحتمل ؟؟؟

    و الكندشه لذيذة ... الغريب أنها تعمل على الجنريتر أو السولار وليس على كهربة الهيئة

    المركزية للكهرباء...

    و الله العز حلو .. البيوت مشجرة .. السيارات تنتظر على عتبة الباب دون تذمر... ما

    أجمل الضباب تحت تعريشة العنبه .... لعنة الله عليك يا ماركس ... وعلى رأس مالك الذي

    أتأبطه ولا أكاد أفهم نصف ربعه ... وعلى اليوم الذي قرأت فيها كلمة برجوازية...

    قاتلك الله ... من أين طلعتَ لينا !!!

    هززت رأسي أسفاً... تماماً كمن يعرف كل شئ، ويسيطر على الوضع تماما... هم لا يعلمون ...

    هم ليسوا من النخبة المثقفة... الجائعة... كيف يعلمون ؟؟ هززت رأسي ثانياً... ومددت

    رقبتي لأنظر إلى أسفل بنطالي الطويل لأكثر من منتصف الساق ... الحمد لله ... كل شئ في

    مكانه .

    تساءلت وأنا أسمع صوت غناء يخرج من مكان قريب... لا بد أنها صبحيه عرس !!!

    كأن هو الذي يغني...

    صديقي البرجوازي المتكادح الذي هو يستعمل الجنريتر أو السولارأيضاً ... أنا شخصياً أحب

    أغانيه القديمة والقصيره ... ولكن ليس لمنتصف الساق

    أ ح ح ح ح ح ح ح ح !!!

    أوه كم هي باردة ....

    رفعت قدمي الغاطسة في بركة الماء ... أغمضت عيني للحظة ... كان هناك مكبس رهيب يضغط

    على جمجمتي وقدمي معاً ...

    اللعنة عليك يا ماركس ... لو أني تذكرت أي شئ آخر لكان أفضل ...

    صرت أمشي وصار حذائي يصدر تلك الأصوات العجيبة لكثرة الماء الذي دخله ...

    لا زال صوت صديقي المطرب ، مِن هناك ... مِن تلك النوافذ التي تعكس خيالات أجساد تتراقص

    على النسمات والبسمات ، صوتهم وصخبهم يملأ الحي ...

    هكذا أَحب أن يتزوج في الصيف ... لا يهم ، هناك الكثير من السولار والجنريترات والثلج

    المكعبات .

    تابعت المسيرة ... وعدتُ أنظر لبنطالي الطويل لأكثر من نصف الساق ...

    نظرت للنافذة ثانية..

    صارت خطواتي تبطئ شيئاً فشيئاً ... الكل يرقص ... فلوووووووس يا عم ... يهرجون ويمرحون

    ولا يعرفون رأس المال ..؟؟ و نظرت لحذائي !!!

    اللعنة عليّ .. ما أسخف منظر الحذاء المبتل بالماء الراكد المتعفن ...

    يا له من قرف... حاولت تجاهله لكني لم أستطع، فانحنيت أمسحه بطرف ورقه قد حدفها

    السموم تجاهي فإستنجدت بي ... و ماكدت أثني ركبتي حتى جاء صوت جهوري من خلفي !!!

    ترمس ... ترمس .... تشتري ترمس ؟؟ ...

    نظرتُ إليه بدهشة ... أي عفريت هذا !!! كان وجهه غائماً بعض الشيء .. شاب في العشرينات

    من عمره ، كان يقف أمام عمود النور ، للوهلة الأولى تظنه شجرة أو شيء من ديكور

    المنطقة ...

    يقف قرب البيت الذي يحتفل بالصبحيه ... يا له من غبي ..

    هل يعتقد أن هؤلاء يأكلون الترمس !!!!

    من يدري ربما؟ فأنا سمعت أنهم ينزلون في الليل ليأكلوا فول من مطعم أبو العباس ...

    يحنون للجو التراثي !!!

    اقتربت منه بضع خطوات... وهو ينظر إلي و يستعد لسماع قراري العظيم ...

    هل أريد ترمس أم لا أريد ؟؟؟

    العلبه بعشره دينار فقط !!!

    خذ اثنتين وللحنان في البيت ،،، بخمسة عشر دينار !!

    لديه عروض مغرية ...

    تلعثمت لم أدري ما أقول ، كأن لساني تحول إلى مكعب ثلج تورطت بالتهامه .

    وضعت يدي أمام فمي وسعلت وأنا أمد رأسي لأرى ما لديه داخل الجرادل التي يحملها ،

    كانا جردلين يتعارك حولهما الذباب ... وبداخل كل واحد منهما باللإضافه لمحتوياتهم

    الاساسيه توجد علبتي صلصه للقياس .

    نظرت إليه...

    أعطني أربعه يا عم ، وهاك خمسة عشر دينار !!!

    تناولها بهدوء .. لم يتهلل وجهه فرحاً لأني طلبت أربعة ...ظننت أنه لم يسمع كم طلبت...

    وتناول الثالثة والرابعة... وضعهما داخل كيس نايلو وناولني إياه ...

    أعطيته الدنانير فوضعها في جيب جلبابه الذي ليس له لون يميزه ، فوق قلبه تماماً،

    وتناول سيجارة وأشعلها وسحب دخانها بنهم شديد ودعا الله أن يعوض علي ...

    شكراً ...

    و مضيت لا أدري هل قال عفواً أم لا... لا يهم !!!

    انتظرت أن أسمع صوت حذائه يعلن عن ذهابه !!! لم لا يذهب إلى بيته..

    ألم أشتري منه الأربعة قيزان !!! ماذا ينتظر !!! ألا يشعر بلفح السموم !!!!

    مضت ثواني و سمعت صوته ينادي ترمس ... ترمس .

    أسرعت بخطاي أكثر، صرت أجري ... صوته يلاحقني مع صوت صديقي المطرب ...

    أنعطف يساراً لأصل الشارع الرئيسي ...

    كانت هناك حافلة على وشك التحرك ... والكمساري يتدلى بنصف جسده من الباب ويشير إلي

    أن أسرع ... كنت أمشي بسرعة أوشك على الركض... مصيبة إذا فاتتني ...

    بل كارثة...

    لم يهمني كثيراً ..

    بل لكي يستريح بنطالي الطويل لأكثر من منتصف الساق واكثر ... المهم أن ألحق بها ....

    قال لي حين انزلقت داخل حافلته .

    فقط لغاية اللفه ...

    الحافله مزدحمه بالركاب كعلبة سردين والأنفاس عبقة تغطي سماؤها ... استطعت أن أستند

    علي غطاء الماكينه ... أو هو كان يستند علي !!! كم كانت مزعجة...

    الوجوه مكتئبة بشكل واضح، ربما لأنهم فوّتوا برنامج الكاميرا الخفية ، أو لأنهم يشتمون

    رائحة البنزيم المنبعثه من الماكينه ...

    كان بعضهم ينام على مسند الكرسي الذي أمامه ... لا يهم... المهم هو اختفاء صوت بائع

    الترمس ... وكذلك صوت صديقي المطرب وبدأت أغفو وأنا أسمع أغنية في مسجل الحافله ...

    أظن و الله أعلم أنها كانت أغنيه جديده لصديقي المطرب نفسه .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de