|
..... الإســــــــلام ... و أشياء أخرى ....
|
الإسلام – كما فهمه الرسول صلى الله عليه و سلم و كما فهمه عنه أصحابه و أتباعه _ هو إسلام النفس كلها لله . هو أن يكون كيان الإنسان كله متوجها إلى الله. هو أن تكون أفكار الإنسان و مشاعره و سلوكه العملي كلها محكومة بالدستور الذي أقره الله. لم يفهم المسلمون من شهادة: أن لا إله إلا الله ، و أن محمد رسول الله ، أنها كلمة تقال باللسان دون أن يكون لها مدلول مستقر في أعماق النفس و في واقع الحياة. و إنما فهموا من شهادة أن لا إله إلا الله ، أن الله هو المالك الوحيد لهذا الكون ، و المدبر الوحيد لكل ما يقع فيه من أحداث. و أنه هو وحده الذي ينبغي أن يعبد ، و أن تتوجه إليه القلوب بالخشية و التقوى. و أنه هو وحده واهب الحياة و مقدر الموت، و هو وحده الرزاق ذو القوة المتين. و أن التوجه إلى غيره بالعبادة و الخشية ، و الظن بأن أحدا غيره أو أية قوة من قوى السماوات و الأرض تملك للناس نفعا أو ضرا هو لون من الشرك يستعيذون منه.
و فهموا فوق ذلك من معنى لا إله إلا الله أنه وحده الذي يملك و يحكم, هو الذي يشرع للبشر و يضع لهم قوانين حياتهم و دستور معيشتهم، و ليس أحدا غيره أو أية قوة من قوى السماوات و الأرض. و أن هذا الأمر قديم قدم البشرية كلها، فقد نزل مع آدم منذ هبط آدم إلى الأرض : " قلنا اهبطوا منها جميعا ، فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون، و الذين كفروا و كذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون " ( البقرة ، 38، 39 ) فهو أمر ملازم للبشرية في تاريخها كله : أن يلتزموا هدى الله و أن يتصرفوا بمقتضاه .. و إلا فما هم بمسلمين. كما فهموا من شهادة أن محمد رسول الله ، أنه صلى الله عليه و سلم ، هو الرسول المعتمد لتبليغ هذه الرسالة : هذا الهدى الذي يلتزم البشر بطاعته و أتباعه ، و أنه هو المبلغ عن ربه الذي تنبغي طاعته مع طاعة الله " و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله " ( آل عمران ،64) ، " و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا " ( الحشر ، 7). و أنه - صلى الله عليه و سلم _ هو التطبيق العملي الحي لرسالة السماء ، فهو القدوة في كل عمل و كل تصرف ، و هو قائد الجماعة المسلمة و مربيها ، و أستاذها و معلمها ، و النور الذي تستضيء به في الظلمات. رب اجعل هذا بلدا آمنا و ارزق أهله من الثمرات
مكسب
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: ..... الإســــــــلام ... و أشياء أخرى .... (Re: MaxaB)
|
كيف انحسر مفهوم الإسلام في نفوسنا إلى هذا الحد ؟؟ كيف انحسر من مفهوم شامل للحياة البشرية في جميع اتجاهاتها ، بل مفهوم شامل في الحقيقة للكون و الحياة و الإنسان ، لكي يصبح مجرد عبادات تؤدى على نحو من الأنحاء ، بل لا تؤدى أحيانا إلا " بالنية " .. بل لا تؤدى أحيانا على الإطلاق ، لا بالنية و لا بغير النية .. ثم يظل يدور في أخلادنا – مع ذلك – أننا مسلمون صادقو الإسلام ؟
كيف انحسر من دستور شامل يحكم البشرية كلها و ينظمها : يحكم اقتصادياتها و اجتماعياتها ، و مادياتها و روحانياتها ، و سياستها و أفكارها و مشاعرها ، و سلوكها العملي في واقع الحياة ، لكي يصبح مجرد مشاعر هائمة لا رصيد لها من الواقع .. مشاعر تدور في نفس صاحبها – إن دارت – و هو يعيش في مجتمع غير مسلم و لا يستنكر الحياة فيه و لا يحاول تغييره . و تدور في نفسه – إن دارت – و هو ذاته لا يسلك سلوك المسلمين في حياته الخاصة و لا العامة .. فتقاليده غير اسلامية ، و أفكاره غير اسلامية ، و سلوكه اليومي لا يمت بصلة إلى الإسلام ، سواء في علاقة الفرد بالفرد أو الفرد بالجماعة أو الفرد بالدولة و علاقة الرئيس بالمرؤوس ..
كيف انحسر من حياة كاملة قائمة على مباديء الإسلام و أفكاره و سلوكه الواقعي ، تشمل الدنيا والآخرة و الأرض و السماء و الحاكم و المحكوم و الرجل و المرأة و الأسرة و المجتمع ، لكي يصبح جزئيات مبعثرة لا رابط بينها و لا دلالة فيها ، كالرقعة الشائهة في نسيج غير متناسق الأجزاء ؟
كيف نبتت تلك الأفكار العجيبة التي تقسم الإسلام مشاعر من ناحية و سلوكا عمليا من ناحية أخرى ، ثم تفصل بين هذه و تلك ، و تتصور أن المشاعر وحدها يمكن ان تكون اسلاما بمعزل عن السلوك ؟! كيف دار في أخلاد المسلمين أنهم يستطيعون أن يستوردوا اقتصادياتهم من أي نظام على وجه الأرض غير اسلامي ، و يستورودا أصول مجتمعهم و قواعده من أي فكرة على وجه الأرض غير اسلامية ، و يستوردوا تقاليدهم من أي مجتمع على و جه الأرض غير مسلم ، ثم يظلوا مع ذلك مسلمين ؟!
كيف أمكن ان يتصور المسلم انه يستطيع أن يخالف تعاليم ربه في كل شيء ، و يخون أماناته كلها ، فيغش و يكذب و يخون و يخدع ، و يتجاوز المتاع المباح إلى المتعة المحرمة ، و يقبل الذل و المهانة حرصا على هذا المتاع ، و يخلي نفسه من تبعات إقامة المجتمع المسلم سواء بسلوكه الذاتي أو بالدعوة إلى هذا المجتمع ، و يشارك بذلك كله في إقامة مجتمع غير مسلم ، قائم على الظلم و الإنحراف و المعصية .. ثم يتصور بعض ذلك أن بعض ركعات في النهار - مخلصة أو غير مخلصة – يمكن أن تسقط عنه تبعاته أمام الله و تسلكه في عداد المسلمين ؟!
كيف أمكن أن تتصور المسلمة أنها تستطيع أن تخالف تعاليم ربها و تخون أماناته : فتغش و تكذب و تحقد و تغتاب .. و تخرج عارية تعرض فتنتها في الطريق لكل عين نهمة و جسد شهوان ، و تخلي نفسها من تبعات إقامة المجتمع المسلم ، سواء بالسلوك المستقيم في ذات نفسها ، أو بتربية أبنائها عليه ، أو بالدعوة إلى ذلك المجتمع .. و تشارك بذلك كله في إقامة مجتمع غير مسلم قائم على الظلم و الإنحراف و المعصية .. ثم يدور في خلدها بعد ذلك أن " النية الطيبة " في داخل قلبها يمكن أن تسقط عنها تبعاتها أمام الله و تسلكها في عداد المسلمات ؟!
من أين أتت تلك الأفكار الغريبة التي تقول : ما للدين و نظام المجتمع ؟ ما للدين و أفقتصاد ؟ ما للدين و علاقات الفرد بالمجتمع و بالدولة ؟ ما للدين و السلوك العملي في واقع الحياة ؟ ما للدين و التقاليد ؟ ما للدين و الملبس ؟ ما للدين و الفن ؟ ما للدين و الصحافة و الإذاعة و السينما و التلفزيون ؟
و باختصار .. ما للدين و الحياة ؟ ما للدين و الواقع الذي يعيشه البشر على الأرض ؟!
لا شك أن هناك أسبابا كثيرة لهذا " الإنحسار " الذي يعانيه الإسلام في نفوس المسلمين. فلم يكن كذلك المجتمع المسلم حين كان يمارس حقيقة الإسلام . بل لم يكن كذلك المجتمع المسلم إلى عهد قريب – مع كل ما أصابه من فساد خلال القرون – إلى ما قيل الحملة الفرنسية على وجه التحديد.
لقد بدأت الفرقة بين مثل الدين و السلوك الواقعي مبكرة في تاريخ الإسلام .. من عهد الأمويين مثلا .. و لكنها كانت فرقة لا تخل بقواعد المجتمع الإسلامي في مجموعه. كانت الحكومة في العاصمة هي التي تفسد – فسادا جزئيا – في سياسة الحكم و المال. و لكن المجتمع في غير العاصمة ظل إلى حد كبير يمارس أصول الإسلام و قواعده ، و تحكم حياته المفاهيم الإسلامية في الكليات و الجزئيات. و الأهم من ذلك كله أن نظام المجتمع كان يقوم على الإسلام ابتداء ، و يستمد قوانينه كلها من شريعة الإسلام و لا يستمدها من مصدر سواه. ثم اتسعت هذه الفرقة حين حكم الأتراك .. و مع ذلك فقد ظل كثير من أمور المجتمع و مفاهيمه إسلامية خالصة ، و كذلك سلوكه العملي و أخلاقه و معاملاته و تصوراته و أفكاره. حتى كان الغزو الصليبي الأخير في القرنين الثامن عشر و التاسع عشر. و امتداده في القرن العشرين. وعند ذلك حدث اختلاف كبير في المجتمع المسلم .. و اختلال كبير .. هذا الخط أدى إلى انحسار المفهوم الإسلامي الضخم الشامل ، لكي يصبح جزئيات مبعثرة لا رابط لها و لا دلالة فيها . و لكي يصبح مجرد عبادات – مخلصة أو غير مخلصة – يحسب أصحابها أنه الإسلام كله ، و أنهم ملاقوا ربهم بها و قد رضي عنهم و رضوا عنه .. حتى و هو يقول لهم في كتابه العزيز إن ذلك ليس الإسلام كما أراده الله !
فإذا عرفنا كيف نبع هذا الإنحراف و امتد .. فلعلنا أن نصحو إلى ما فيه من كيد .. و لعلنا أن نفيء إلى الله و إلى أنفسنا .. و نعود مسلمين .. و الله الموفق إلى ما يريد
رب اجعل هذا بلدا آمنا و ارزق أهله من الثمرات
مكسب
| |
|
|
|
|
|
|
|