|
حتى لا نلقى نفس المصير..حادث طائره -اوجه الشبه بين ما حدث في رواندا وما يحدث الآن في السودان
|
المجازر الهائلة التي حدثت في رواندا بين التوتسي والهوتو في العام 1994 كانت بسبب مقتل رئيس رواندا في ذلك الوقت جوفينال هابياريمانا عندما أُطلق صاروخ على الطائرة التي كان يستقلها مع رئيس بوروندي
رد الفعل غير الانساني وغير الواعي الذي اجتاح رواندا عقب هذا الحادث تحول الى مضرب مثل في تاريخ الابادات الجماعية في العصر الحديث.
اذا استعدنا التاريخ قليلاً فلربما تعلمنا شيئاً منه قبل فوات الاوان:
رواندا ...اكبر مجازر التاريخ
عندما اجتاحت رياح التغيير القارة الأفريقية في الخمسينيات شملت روح التحرير الوطني كلا من رواندا وبوروندي. على أن الاستقلال كان يعني بالنسبة للأغلبية من الهوتو التحرر من استغلال واستبداد التوتسي. وبالفعل شهدت رواندا عام 1959 واحدة من أكبر المذابح في التاريخ الأفريقي، حيث أودت انتفاضة الهوتو بحياة نحو مائة ألف من أبناء التوتسي.
وحينما حصلت رواندا على استقلالها عام 1962 أضحى غريغور كيباندا وهو من الهوتو أول رئيس لبلاده بعد الاستقلال. وفي عقد الستينيات تبنت الحكومة الوطنية حملات تطهير عرقية واسعة النطاق ضد التوتسي، وأدت هذه السياسة إلى هجرة مئات الآلاف من التوتسي إلى الدول المجاورة مثل زائير وبوروندي وأوغندا.
ويلاحظ أن ثمة متغيرا آخر للصراع داخل رواندا ارتبط بالانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية عام 1972. فقد ظهر انقسام جديد في صفوف الهوتو أنفسهم على أسس واعتبارات إقليمية، إذ إن قائد الانقلاب الجنرال هابياريمانا وهو من الهوتو ينتمي إلى منطقة الشمال حيث موطن غلاة الهوتو المؤمنين بضرورة تطهير البلاد من التوتسي. وأيا كان فإن حكم الرئيس هابياريمانا تميز بالفساد وسوء الإدارة حتى أن كثيرا من كبار معارضيه من الهوتو انضموا إلى الجبهة الوطنية الرواندية التي تمثل أساس المعارضة من التوتسي.
نشأت المعارضة المسلحة لنظام الرئيس جوفينال هابياريمانا بين صفوف التوتسي الذين يعيشون في المنفى لاسيما في أوغندا، فهؤلاء قدموا الدعم لقوات يوري موسوفيني حتى تمكنت من الوصول إلى السلطة في أوغندا. عندئذ تم تشكيل الجبهة الوطنية الرواندية التي استطاعت غزو شمال رواندا عسكريا عام 1990.
ويعتقد أن الرئيس موسوفيني قدم المساندة والتأييد للجبهة كنوع من رد الجميل، بيد أن اتساع نطاق المواجهة العسكرية في البلاد ووجود محاولات إقليمية دولية لوقف الحرب الأهلية ودعوة الحكومة والمعارضة للتفاوض السلمي قد دفع إلى القبول بمبدأ تقاسم السلطة وإجراء تحولات ديمقراطية في البلاد.
ففي عام 1992 تم التوصل إلى اتفاقية سلام في أروشا بتنزانيا حيث تم تشكيل قوة رقابة عسكرية أفريقية للإشراف على إجراءات تنفيذ الاتفاق. على أنه في أبريل/ نيسان 1993 اندلعت الحرب الأهلية مرة أخرى في رواندا. وفي هذه المرة تدخل مجلس الأمن وأصدر قرارا بإنشاء قوة دولية أفريقية لمراقبة وقف إطلاق النار وحماية تدفق الإغاثة الدولية. وقد استطاعت كل من الحكومة الرواندية والجبهة الوطنية المعارضة لها التوصل إلى اتفاق بشأن أساليب عودة اللاجئين والمشردين وتعويضهم تحت إشراف منظمة الوحدة الأفريقية.
غير أن هذا الاتفاق الذي سمح بفكرة تقاسم السلطة بين الهوتو والتوتسي أثار مرة أخرى عداوات وأحقادا تاريخية لا تنساها الذاكرة الجماعية لغلاة الهوتو. فالجبهة الوطنية المعارضة رغم أن دستورها يؤكد على نبذ الانقسامات العرقية وتضم بين صفوفها عددا من المعارضين الهوتو، فإنها تمثل بشكل أساسى الأقلية من التوتسي، وعليه فإن هذه المخاوف من عودة سيطرة التوتسي قد أودت بحياة الرئيس هابياريمانا عندما أُطلق صاروخ على الطائرة التي كان يستقلها مع رئيس بوروندي في السادس من أبريل/ نيسان 1994.
وعلى الرغم من تشابه التركيبة الإثنية في كل من رواندا وبوروندي فإن الغالبية من الهوتو في بوروندي لم تتقلد زمام السلطة بشكل كامل منذ الاستقلال. وعوضا عن ذلك فقد حكمت البلاد بواسطة مجموعات متعاقبة من العسكر الذين تمكنوا من قمع الطموحات السياسية للأغلبية العرقية. ففي عام 1972 قامت قوات التوتسي الحكومية بارتكاب مذبحة رهيبة راح ضحيتها حوالي ثلاثمائة ألف شخص من الهوتو، وقد استهدفت المذبحة المعلمين والطلاب وذوي النفوذ، حتى إن هذا العام أصبح يمثل في الذاكرة الجماعية لكل من الهوتو والتوتسى عام الرعب.
وقد وقع احتجاج شعبي من قبل الهوتو عام 1988 ضد سيطرة التوتسي، مستفيدا بذلك من مناخ حركات التحول الديمقراطي التي شهدتها مناطق عدة في أفريقيا. وعلى الرغم من أن بوروندي حاولت انتهاج منحى التحول الديمقراطي وأجرت أول انتخابات تعددية حرة، فإن الأزمة السياسية التى شهدتها منذ الاستقلال أفضت إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي عندما تمكن بعض ضباط الجيش من التوتسي من اغتيال أول رئيس منتخب هو ميلشيور ندادايا في أكتوبر/ تشرين الأول 1993.
وعندما شجع بعض غلاة الهوتو الانتقام بقتل المواطنين من التوتسي كان رد الجيش عنيفا حيث ارتكب مذبحة أخرى ضد الهوتو. وتذكر بعض التقارير أن ضحايا هذه المذبحة بلغوا خمسين ألف قتيل، إضافة إلى نزوح نحو ثلاثمائة ألف من الهوتو إلى الدول المجاورة. وفي يوليو/ تموز 1996 قام الحاكم العسكري السابق بوبويا بانقلاب عسكري تولى على إثره السلطة في البلاد.
|
|
|
|
|
|
|
|
|