|
|
 قــرنــــق فــــي الخـــرطــــــــوم
|
قــرنــــق فــــي الخـــرطــــــــوم
غادر.. كل ما حولك غادر:
رحلة طويلة امتدت لأكثر من اثنين وعشرين عاما كانت هي ما فصل جون قرنق دي مابيور عن آخر مرة سار فيها في شوارع الخرطوم وحسب إفادات المقربين منه فقد اشترى سيارة كوريلا موديل العام نفسه من السفارة الامريكية باعتها اياه في مزاد كفائض بعد ان اتضح انها استجلبتها دون حاجة لها، كان يتجول بها بين الكلية الحربية وكلية الزراعة شمبات جامعة الخرطوم اللتين عمل فيهما كمحاضر وأستاذ مشارك، وفرع البحوث العسكرية بالقيادة العامة قبل ان يخرج الى رحلته الطويلة في الغابة التي غادر فيها الخرطوم الى جوبا في طريقه الى قريته وتقلي وار كولي باعمال بور التي وصف جراي فومبيا الكاتب بـ(ي بي سي نيوز أونلاين ) سكانها بانهم (من قبائل الدينكا الجنوبية المعروفة بعبادة السماء وعزف الموسيقى باستخدام قرون الكباش وحبها للحوم المشوية . وقبيل رحلته تلك التقاه ابيل الير نائب الرئيس وقتها في جوبا ونصحه بعدم السفر الى هناك بسبب التهاب الاجواء وتمرد الكتيبة 105 واستعدادات الجيش للمعاجلة الحربية لها الا انه اصر على مواصلة رحلته تلك الى غايتها كما روى ابيل الير في كتابه جنوب السودان، ومنذ ذاك التاريخ لم يظهر قرنق بشخصه في أي من المدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة السودانية، فكيف ومن اين يعود وما هي الترتيبات التي تسبق ذلك درجة حرارة الطقس السياسي في الخرطوم ورمبيك والفاشر واسمرا والقاهرة وجوبا محطات مرتبطة باسم القادم في ثوب جديد الى الخرطوم كيف هي وما عساها تتوقع ؟ «الرأي العام» تحاول الاجابة على هذه الاسئلة وتسليط الضوء عليها :
الخرطوم قبل قرنق:
جملة الشواهد و الأحداث تفيد جون قرنق أن الخرطوم التي يعود اليها صبيحة التاسع من يوليو لا يوجد ادنى وجه شبه بينها وخرطوم 1983سواء على الصعيد السياسي او الاجتماعي أو حتى العمراني، وينسحب ذلك على بقية اجزاء الشمال التي بطبيعة الحال العاصمة مرآتها فحرائق دارفور التي لم تنطفئ نارها واحتقانات الشرق التي اضحت قاب قوسين او ادنى مع احاديث مكرورة عن ما يسمى بالمناطق المهمشة كلها تجعل سكان المدينة و القادم الجديد في صورة هي اشبه بالمواجهة وليست استقبال الفاتحين، مع الاتهامات الصريحة تارة من قوى اجتماعية للحركة وقائدها بدور في تلك الحرائق وتارة اخرى بالتعاطف فقبيل انعقاد مؤتمر المانحين اذاع راديو هولندا في تقرير له عن ذلك '' يمكن للزعيم الجنوبي ''جون قرنق'' أن يستخدم نفوذه المعروف لدى حركات التمرد في دارفور؛ لإقناعها بحلول وسطى، قد تفلح في المساعدة في وقف الحرب في دارفور؛ لإنهاء المأساة الإنسانية هناك '' . فالحكومة تستعد لاستقبال شريك في ادني احتمالاته مشاكس وفي اعلاها مصادم، والمعارضة التي بدأ يتشكل لها(platform) اسلامي من الامة والشعبي والقوي القبلية، عدد من قيادات الدفاع الشعبي الذين استطلعناهم عن شعورهم إزاء وصول قرنق الخرطوم، اجاب أحدهم بمثل سوداني كان أكثر تعبيرا عما جال بخاطره واعتمل بصدره (نحن مع السلام أي كان شكله ولكن كما يقول المثل الدرب حسود يلمك مع كتال أبوك ) . قرأت له قول قرنق ''انا حاربت هذه السلطة لمدة عشرين عاما ولم استطع ان انتصر عليها وهي ايضا لم تنتصر علي لذلك فلابد من التفاوض''
قرنق قبل الخرطوم :
في كتابه «النخب السودانية وإدمان الفشل» كتب الدكتور منصور خالد المستشار السياسي لرئيس الحركة يسخر من دعوة الأحزاب الشمالية والنقابات لقرنق بالعودة إلى الخرطوم في أعقاب الانتفاضة وسقوط مايو مستشهدا بمقطع من أغنية قال انه اقل هبوطا من دعوة الأحزاب تلك (ما قال بجي مالو ماجا ؟؟ ... جا؟؟ما جا؟؟) . هذه المرة على الحركة ان تسأل مالو ما جا فقبل ان يصل قرنق الخرطوم من المفترض عليه معالجة افرازات مؤتمر الفصائل المسلحة الذي انعقد بحر الأسبوع الماضي وما رشح عنه من تداعيات تستوجب الوقف والنظر لما لذلك من اثر على الوحدة الوطنية واستقرار مسيرة السلام في الجنوب , جنوبيو الداخل ( ونعني بذلك داخل الحركة ) جناح الصقور في مواجهة قرنق ومطالبهم المتزايدة مع ارتفاع وتيرة الاستقطاب القبلي والجهوي داخل الجنوب نفسه، إن قرنق يستخدم الجنوب ككرت عبور إلى مطمحه بينما عينه على تمدد مساحات حركته السياسية في الشمال وذلك ما وصفه بنفسه في مؤتمر رمبيك ( نحاول عبور النهر ولكن بعضنا يأكل المركب في قلب المياه ) .
سيناريو الوصول :
طرحنا السؤال.. أي المحطات يتحرك منها قرنق الى الخرطوم وما يحمله ذلك من دلالات ومغزى يكون له ما بعده ويعمل ويعين على رسم خطوط التوازن السياسي الداخلي والدبلوماسي الخارجي الناطق الرسمي باسم الحركة ياسر عرمان قال ( من الصعب بل المستحيل ان تعلم من أين يأتي القائد وله مقولة شائعة مفادها انا اطلعكم من اين ومتى اتيت ولكن الى اين ؟ ومتى اذهب ؟ فذلك صعب) .إعمالا للقياس نجد في الحالة السابقة ( اتفاق 1972 م ) كانت المحطة التي تحرك منها الفريق جوزيف لاقو هي أديس أبابا ولعلها مكافأة منطقية لما بذلته اثيوبيا الإمبراطورية يومها وملكها من جهود الى جانب مجلس الكنائس العالمي حتى اضحى السلام امرا واقعا في هذه الحالة ليست نيروبي ضمن الخيارات الواردة في المساهمين . الحركة نفسها تحرك وفداها السابقان الى الخرطوم من ليبيا وقيل ان السبب الرئيسي لذلك هو التزام ليبيا بتوفير ضمانات قاطعة على سلامة الوفود وتسهيل مهمتها مع تقديم تسهيلات مالية وسياسية للوفد في الخرطوم اذاً هذه محطة جديدة بل وقوية مرشحة ليأتي قرنق عبرها . الخيار الآخر هو من داخل السودان نفسه من رمبيك او نيو سايد دون ادنى تأكيد .
الحركة تستقبل القائد :
وحسب معلومات تحصلت عليها «الرأي العام» فان مكتب الحركة في الخرطوم قد شرع في ترتيب الاستقبال من خلال تقسيم أعضائه الي فرق عمل في ثلاثة محاور رئيسية الاول سياسي يُعنى بالتخطيط والاعداد و الاتصال بالقوى السياسية ودعوتها للحدث مع مراقبة الجو السياسي العام مع الاشراف على عمل اللجان الاخرى وإحكام قيادتها وقد تولاه بطبيعة الحال نيال دينق .المحور الثاني اداري ويعمل في اطار ترتيبات وتفاصيل الحشد الشعبي والتعبئة الداخلية لعضوية الحركة بالعاصمة والولايات القريبة مع تنسيقها في العمل الاعلامي والبرنامج مع اللجنة السياسية التي يتولاها كبير مكتب الخرطوم وهذا المحور تتنازع قيادته بين القادمين والقدامى غير ان توجيهاً صدر من القيادة بان يتم التركيز في الحشد والحضور على الشماليين خاصة ( دارفور والشرق ).المحور الآخر هو التأمين محور معزول تماما عن المحاور السالفة ويعمل مركزيا مع القيادة التي قال عنها سلفاكير ميارديت نائب القائد العام للحركة انها لا يوجد لها مكان محدد ولكنها تتحرك في طائرة القائد اينما حل وقد تولاه بيور شول اسود مدير استخبارات الحركة ومسئول العمل الخاص لديها في السابق بالاضافة الى شخصية رفيعة تصل الخرطوم مطلع هذا الاسـبوع برفقـة فريـق عمــل خاص والقـائد في هـذا لا يثـق في احــد مطلقا عدا his army وقد اورد الدكتور لام اكول القيادي بالحركة في كتابه داخل ثورة افريقية مدعما حجته بالوثائق ان القائد قد صنع في الحركة جيشين الاول مزود باحدث الاسلحة ومعد ومدرب بصورة حديثة وهو خاص بالقائد ويأتمر بأمره ولا يشترك في الاحداث والمعارك الا بتعليمات القائد المباشرة كما يقوم بحمايته وتأمينه شخصيا بمقاره بالجنوب والمدن الخارجية التي يقيم بها و القوة الثانية هي ما وصفها بانها جيش العامة , وتزايد في الآونة الاخيرة القلق من عمل عدائي ضد القائد في اوساط معاونيه فتم تشديد اجراءات التأمين من حوله وقد روى مسئول كبير في السفارة الامريكية بالخرطوم لصديق لصيق له عقب زيارة قام بها الى رمبيك قبل اسابيع ما نصه ( لقد كتبت بذلك تقريرا انها المرة الاولى التي اشعر فيها بالاهانة من طريقة التفتيش التي عوملنا بها في رمبيك فلم يسبق لنا من قبل ان تم تعريضنا لاجهزة فحص)، وحسب مصادر «الرأي العام» فان اتجاه رفض قوى داخل الحركة على رفض اشراك الاجهزة القومية في عملية تأمين قائدها ومرافقيه في الاستقبال او حتى المرافقة .
الاقامة الدورية وتوزيع المهام :
ماذا بعد الخرطوم ؟؟ او السؤال بطريقة اخرى هل الخرطوم حسنة لذاتها ام انها حسنة لغيرها فالقادم يحمل ثلاث حقائب رئيسة تتطلب نصف أي منها التفرغ الكامل فهو النائب الاول القادم ورئيس حكومة الجنوب وقائد الحركة الجيش الشعبي وما يتطلبه ذلك من اعباء ومهام جسام فهل تكون الاقامة في الخرطوم ام جوبا او عاصمة الجنوب الجديدة , هل ستكون الاقامة دورية متكررة ؟؟ ام ستفرض الظروف خيارات الامر الواقع التي يجيد قائد الحركة طرحها ؟؟ وما هو اول منازل الاقامة ؟؟ طرحنا ذلك على قيادي بالقصر الجمهوري ما اذا كانوا قد خصصوا للشريك الجديد في مؤسسة الرئاسة مخصصاته من سيارات و مقار اقامة هل سيمنح مقر رياك مشار السابق بيت الضيافة (صاحب الحدث الشهير ) في شارع الجامعة؟؟ ورشحت انباء عن تخصيص منزلين رئاسيين في حي كافوري ؟؟ ومن الواضح ان الحكومة تتكتم على ذلك بصورة مشددة مثل قادة الحركة الذين وجهنا اليهم الاسئلة فهزوا رؤوسهم
|
|
 
|
|
|
|
محمد الامين محمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست