الخرطوم ... المدينة التي أحب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-08-2024, 03:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-24-2005, 02:16 AM

seham_musa
<aseham_musa
تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 761

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخرطوم ... المدينة التي أحب

    الخرطوم ... المدينة التي أحب


    حب الأوطان يتغلغل سارة في النفوس فيزيدها عشقا وولاء وانتماء ومن قدّر الله له العيش بعيدا عن وطنه يكون مرهف الحس يزداد عشقه وولهه بوطنه كثيرا وحنينه يحركه دائما نحو الوطن وتتبع أخباره فيفرح لفرحه ويحزن ويتألم لألمه .
    ومن خلال عيشي سنوات طويلة في ديار الغربة لاحظت عندما ألتقي ببعض الأخوات من مناطق السودان المختلفة ويأتي ذكر مدينة الخرطوم ، يتحدثن عنها بدون ارتياح فواحدة تقول:"أنها مدينة غير مريحة ولا تجد فيها الهدوء والاطمئنان " وأخرى تقول: " بري يختي ناسا كعبين وما بحبو الضيوف" ويشاركنها الأخريات في الرأي على الرغم من أنهن يقمن بتشييد منازلهن فيها ويرغبن في العيش بها بعد انتهاء فترة اغترابهن ، وأستمع لحديثهن وأتبسم في داخلي وأقول إنهن معذورات فهن لم يعشن طفولتهن فيها ولم يعرفن مدينتي كما عشتها وعرفتها وكنت أود الاحتفاظ بذكرياتي فيها لنفسي أو أقصها على أبنائي ولكن من حق الخرطوم عليّ أن أزيل عنها تلك الأفكار الضبابية ، فمن عاش فيها ليس كمن سمع عنها ومن تربى في حضن الخرطوم الدافئ وشهد معالمها وذكرياتها القديمة يمتلئ قلبه بحبها وحفظ الجميل لها .
    سأحكي هنا قصة شارع من شوارع الخرطوم في حي من أحيائها وقصة هذا الشارع هي نموذج لسكان مدينة الخرطوم كما عرفتها فكنا نسكن وسط مجموعة من البيوت المتلاصقة تضم بين جنباتها أشخاص اعزاء على النفس ، كانوا وما زالوا أهل لنا قل ما نجد في هذا الزمان ، كان جيراننا من جميع مدن السودان المختلفة باختلاف سحناتهم ولهجاتهم فكان أهل لي من غرب السودان وهناك من شرقه ومن شمال الوطن من حلفا والمحس ودنقلا وتنقاسي ومروي .
    وكانت جارتنا أم إسكندر ( والدة صاحب مكتبة مروي Book shop) تلك المرأة الشديدة الطيبة ، البالغة الحنان كم ساعدت أمي في رعاية اخي الصغير فكانت تضعه عندها كلما دعتها الحاجة للذهاب إلى الطبيب فتقوم برعايته والاهتمام به وكذلك الخالة الحنونة " حرم " ساهمت كثيرا في توجيهنا ، وأحمل لها وجميع إخوتي كل الود والحب ولا أنسى فضل أمهاتي من الجارات علينا ، فنشأنا أسرة واحدة أطال الله في عمرهن وفي عمر أبنائهن أما أعمامنا من الجيران فكانوا إخوانا لأبي رحمه الله تقاسموا العيش والهموم والأحلام والأفراح وأذكر عندما توفي العم عثمان ونحن صغار بكيناه أشد البكاء وتألم الجميع لفقده فعاش أبناؤه وسط جيرانهم يحيطونهم برعايتهم ومودتهم حتى تزوجوا .
    وكان عندما يمر يوماً دون أن يطرق باب منزلنا أحد يكون والدي متضايقاً فيقــــول " الليلة مافي زول خبط الباب "
    وأتذكر عندما سافر إخوتي أحدهم للدراسة والآخر لطلب العيش في دول الخليج كان أبناء الجيران هم إخواننا فكانوا يقومون بتلبية حاجاتنا وما تحتاجه والدتي من السوق ، وعندما تهطل الأمطار يقوم شباب الحي يطرقون الأبواب لكي يقوموا بحفر المجاري لتيسير عبور المياه يقدمون المساعدة للتي سافر أبنها او للتي لم تنجب أبناء .
    وكنا ونحن صغار نسعد جدا بقدوم فصل الخريف ونجتمع مع أبناء الجيران لنستمتع بسقوط مياه الأمطار على أجسادنا النحيلة فتصيح والدتي : ( أدخلوا جوه حتمرضوا يا أولاد ) ونظل نردد بمرح : (يا مطيرة صبي لينا في عينينا ) .
    وأتذكر عندما كانت تسافر والدتي إلى أهلها في شمال السودان (مروي ) فكان الجيران هم من يتولون الاهتمام بنا وبأحوالنا وكنا عندما ننتهز الفرصة فنتطلع إلى الشارع من خلال الباب فينظر أحد أبناء الجيران إلينا فيصرخ صائحا فينا يا بت دخلي راسك جوه ) فنجري إلى الداخل ونحن نرتجف من شدة الخوف .
    وفي ليالي رمضان الجميلة في وقت السحر كان يقوم الشباب بمهمة إيقاظ أهل الحي فيحملون الطبول ويدقون عليها يقفون أمام كل باب بيت لإيقاظ أهله فكنا نستحلف والدتي لتوقظنا في هذا الوقت لنستمع إلى إنشادهم الجميل.
    يتضايق الناس الآن من انقطاع الكهرباء ولكن كانت متعتنا عظيمة عندما ينقطع التيار الكهربائي في ليالي الصيف المقمرة فتزدان الخرطوم روعة وبهاء وكانت فرصة لكي نجتمع مع بنات الجيران نحكي النكات والألغاز والقصص المسلية والأحلام العريضة التي نود تحقيقها.
    وكانت إجازة المدارس فرصة للتعرف على أهلنا القادمين من شمال السودان لقضاء إجازاتهم فكنا نفرح لقدوم خالاتي وكانت بيوت الحي تمتلئ بأقاربهم فمجموعة أتت لقضاء الإجازة والتجول في شوارع الخرطوم الجميلة ومجموعة أتت لتلقي العلاج وشراء الاحتياجات ، وكان أخي يصطحبنا وخالاتي إلى سينما كلوزيوم وكان أهم شيء عندي في وقت الاستراحة في السينما أن يحضر لنا (البسبوسة) التي لا أنسى طعمها ، وكنت أصر على والدتي أن تصطحبني معها إلى السوق الإفرنجي ثم إلى السوق العربي لنشتري الفاكهة وكان السوق يمتلئ بشتى أنواعها وكنا ندرج على محلات أولاد ملاح لشراء الحاجات وكنت أتلذذ بشرب الليمونادة . و كانت شوارع الخرطوم نظيفة وأهلها راقين في تعاملهم ،كانت والدتي تهوى الخياطة فتقوم بشراء مستلزماتها من محلات (سنجر وجمبرتي) وكنت أطلب منها أن نمر على مكتبة الجامع الكبير لشراء الكتب والمجلات .وفي يوم الجمعة يصطحبنا والدي إلى حديقة الحيوان فنقضي فيها يوماً ممتعاً.
    وكانت قمة سعادتنا عندما نمر بشارع النيل وننظر إلى النيل نظرة إجلال وإكبار وهيبة فالنيل عظيم وأهل الخرطوم أشد عظمة . كانت تلك ذكريات قليلة من ذكريات كثيرة وجميلة تحتفظ بها الذاكرة.
    كانت الخرطوم وما زالت كرحم الأم تتسع كلما زاد عليه الحمل قدمت الكثير وتحملت الكثير ولم تبخل على أحد ولكن كما للإنسان طاقة فللمدن أيضاً طاقة ، لقد تعبت مدينتي وهى تستغيث من الهجرات الكثيفة من كل حدب وصوب لقد ترهلت وتعبت وهى الآن تقول أدركوني .
    أن جميع عواصم المدن في العالم لم تشهد كثافة وهجرة عليها كما تشهده الخرطوم الآن، لقد ضاق عليها الخناق وتحملت فوق طاقتها , وأقول في الختام أنقذوا الخرطوم وأدركوها قبل أن تغرق .
    أرجو أن تمتد يد التنمية لكل مدن السودان المختلفة ليستقر الأهل فيها دون الحاجة إلى الذهاب إلى الخرطوم لتلقي أبسط الخدمات التي يفتقدونها في مدنهم نرجو توفير كل سبل العيش الكريم من صحة وتعليم وزراعة وصناعة ونهضة شاملة في مدن السودان المختلفة .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de