فاحت رائحة الشمار ,,,,!!

اعطوني كراسا به من الخطوط الأفقية ما تعجز دونها مقدراتي الحسابية يبدأ رأسياً بخط اخضر على اليمين وينتهي بآخر أحمر على اليسار , غير ان الخطوط الأفقية كانت تبدأ قبل الخط الاخضر وتنتهي بعد الخط الاحمر لسبب ما كان لى ان اعرفه , فتحت الكراسة على وضعية تجعل رأسيها أفقيها بحيث ابدأ من البعيد الى القريب ولكن كان للأستاذ راي آخر حين امسك بيدي وبقلم الرصاص والكراسة وكتفي في لحظة واحدة عدّل فيها الكراسة وأعوجني ,, واتفق معه بقية المدرسون , يريدون مني ان أعتدل وتعتدل كتابتي فخرج ذلك المسخ –انا – الذي فقد اعتداله وأضاف لخطوط الكراسة نوعا جديدا من الخطوط نسي ابن مقلة ان يجوده وأغفله هاشم البغدادي ,, على ميلانه كان خطى ومن يومها يتجاوز الخطوط الخضراء والحمراء التي اكتشفت فيما بعد أنها لا توجد في كراسات الكبار ,,, كانوا يضعون لنا سهم الشمال الجغرافي ولكن ما كفاهم , اجبرونا ان نضع الخريطة على وضعية يفترض فيها ان يكون الجنوب أقرب الينا من الشال على ان يكون الشرق على يميننا والغرب على يسارنا , بعد فترة جاؤا بخرائط لا تشبه شوارعنا , لا يعرف لها شرق ولا غرب وبعدها ازاحوا سهم الشمال الجغرافي من كل الخرائط , او اختزلوه في رمز صغير كأنه مقياس رسم للخرائط ,, عندما سافرت الى تلك المدينة الشائكة خارج السودان وبعدها الى مدن كثيرة غير منبسطة , لم يسعفني ما تعلمته من فن الوصف ,, القسم الجنوبي ,, الميدان الشرقي ,,, شرق النيل , الوطنية جنوب ,,, كل هذا لم يسعفني لأن هذه الإتجاهات فقدت بوصلتها والخرائط فقدت مقياس رسمها ,,, يضحكون عليك ان قلت الميدان الشرقي ,, الشرق عندهم ليس هو الشرق الجغرافي ,, في تلك المدن الباردة الرمادية تعلمت ان اتابع نشرة الأحوال الجوية ولكني افتقدت ذلك الفاصل المداري المشهور في نشرتنا الذي لا إعرف ما هو ولكن افتقدته بشدة وافتقدت رائحة الشمار ,, ذات مرة ارسل لي فيما ارسل من السودان عبوات غلفت بأكياس جيلاني التي نسيت كيفية فك عقدتها ,, تلك الاكياس الرقيقة التي عاصرت اكياس الاسمنت ( ما استطعمت البرتقال الأغبش من غير كيس الأسمنت ) ,, فتحت كيس الشمار ففاح في المطبخ وغمرت رائحتة الصالة حتى عطست مزيعة قناة الجزيزة الجزايرية ( لم لا تكون للجزائر وهي ما هي وللسودان مثل تلك القناة وتلكم المذيعات ) فاحت رائحة الشمار و فاحت روائح شمارات كثيرة .