|
الغربة وسؤ المنقلب .. وجهجهة الهوية
|
وردت عبارة سوء المنقلب هذه .. في رسالة لي من صديق قبل عقد ونصف .. كان يسافر للعمل .. وما يلبث أن يعود للوطن بنية ألا يغادره أبداً، وكرر هذا الأمر عدة مرات .. حتى فقد تعاطف المتعاطفين في تسهيل خروجه من الوطن .. كتب لي رسالة جاء فيها: يا أخي لا بد أن تساعدني في موضوع السفر .. بأي طريقة وأنت أعلم الناس بأني: كم تطلبت تغربت وكم عدت بسؤ المنقلب !! الغربة بمعنى ترك المكان الذي ولد فيه الإنسان وترعرع إلى مكان آخر لهدف مادي أو معرفي .. الخ. هذه الغربة من أعسر الاختبارات الحياتية التي يتعرض لها الناس .. وتكون أكثر عسراً عندما يحالفها الفشل في تحقيق ما ذهب الانسان لأجل تحقيقه فيكون (سؤ المنقلب) .. فالغربة تحدث خلخلة عميقة في وجدان البشر .. بما تفجئوهم به من مناخات جديدة (جغرافياً، اجتماعياً، اقتصادياً، سياسياً) .. وتتطلب تحورات قد تصل حد تشويه المتحور .. فيصبح المغترب وهو يحاول التأقلم مع الواقع الجديد كالممثل غير البارع.. وأسوأ الناس حظاً من يغترب ويعتاد الغربة تدريجياً ويبدأ بفقدان التكوين الوجداني الذي جاء به ولا يستطيع أن ينسجم مع الواقع الجديد ولا مع ما يحدثه من تشكل وجداني جديد .. فتتجهجه هوية الفرد .. ويصبح بين بين .. فلا يعود هو ولا الجديد الذي اضطر أن يكونه.
|
|
|
|
|
|