العم يونس محمد الحسن الدسوقي أطال الله عمره من الشخصيات المتفردة.. ويمكن تصنيفه كأحد العصاميين الذين تعلموا من مدرسة الحياة، وهو رجل واسع الاطلاع غزير الفكر قوي الحجة لا يمل حديثه.. وقد كان صاحب مكتبة أفريقيا بأم درمان ويقيم حاليا بقاهرة المعز.ويحكى أنه كان بين والده وآخرين نزاع على قطعة أرض ، واستعان خصوم والده بالمحامي الذي لا يشق له غبار المرحوم محمد أحمد محجوب.. وأوكل الوالد ابنه يونس ليدافع عنه ، وبالفعل فقد كسب يونس القضية..
الذي دفعني لكتابة هذا الموضوع هو ما وجدته مكتوب عن العم يونس في كتاب للمرحوم العلامة الشيخ حمد الجاسر بعنوان (في الوطن العربي.. رحلات حمد الجاسر).. وللعلم فإن العلامة الشيخ حمد الجاسر شخصية كانت لها اسهامات ثقافية ومعرفية متنوعة في السعودية وكان عضوا بمجمع اللغة العربية وأحد الحائزين على جائزة الملك فيصل.. واليكم ما كتبه الشيخ حمد الجاسر عن العم يونس الدسوقي حيث قابله في زيارة له للسودان عام 1978م: من كتاب ( في الوطن العربي.. رحلات حمد الجاسر) موضوع عن العم يونس الدسوقي
أجهدني المشي فخرجت من المتحف (يقصد متحف الخليفة بأم درمان)، ورجعت إلى السوق، ومررت بمكتبة دخلتها فإذا ما فيها من الكتب قليل، و لا أحد حولها ، فأظهرت لرجل كان واقفا ببابها استغرابي من خلو كثير من رفوفها من الكتب، مع ضخامة الاسم المكتوب فوق بابها (مكتبة أفريقيا) فقال: وهل تركت بيروت لنا شيئا من الكتب؟! فاستزدته إيضاحا فقال: نحن نطبع كتبنا في بيروت، ونحضر ما نحتاج إليه من المطبوعات الأخرى من تلك البلاد، فأصابنا من نكبة بيروت نصيبنا!. ثم رأيت من بين الكتب المعروضة كتاب (دوحة الوزراء) في تاريخ بغداد، فأردت أن أفهم شيئا عن ثقافة الرجل فقلت: وما للسودان ولبغداد؟ فقال بسرعة وانفعال : كيف؟! بغداد عاصمة الإسلام مال السودان ومالها؟! نحن عرب مسلمون، ثم استرسل في حديثه، غير أنني قطعته عليه بقولي: اسمح لي أنا لم أقرأ شيئا عن تاريخ السودان، فهل لديك ما يفيدني في هذا الموضوع؟! فقال : اخبرني باسمك وأين تنزل.أبعث لك كتابا يفيدك هدية مني، فطلبت منه أن يكتب لي اسم الكتاب الذي ينصحني بقراءاته فكتب: (السودان عبر القرون) للدكتور مكي شبيكة ، وكتاب (مشيخة العبدلاب) فطلبت أن يضيف إلى هذا اسمه فكتب: يونس محمد الحسن- مكتبة أفريقيا العالمية- أم درمان ، ولما عرف أنني من مدينة الرياض قال: أختي تقيم الآن هناك مع زوجها. ثم أدركه تجهم وغضب شديد ، لما قلت: ليتني أجد سيدة سودانية تذهب إلى الرياض للإشراف على تربية حفيدتي من ابنتي الموظفة في جامعة الرياض.
فقال بصرامة وشدة: نحن عرب لا نجيز لنسائنا العمل عن غير محارمهن، كالحال في .... والحبشة، وأنصحك بعدم إظهار هذا في هذا البلاد، فانسللت خارجا من عنده بغاية الخجل.
04-26-2004, 01:35 PM
maman
maman
تاريخ التسجيل: 11-21-2002
مجموع المشاركات: 1041
أنعم بمن ذكرت يا مامان ، أنعم به من رجل ، المناضل يونس الدسوقي صاحب مكتبة الفكر الحديث بكوستي ، ومكتبة أفريقيا بأم درمان ، الرجل المثقف الذي لا يزال يقبض على جمر القضية رغم كبر سنه وضعف نظره . فلك وله التحية يا أبن عمي .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة