|
|
 الانطباعية مقال للاستاذ تاج السر حسين
|
متى نتخلص من هذه الأنطباعية والمزاجية فى حكمنا على الأخرين؟؟
[email protected]
أيها السادة والبلد مقبل على السلام (طوعا أو كرها) ، لا بد أن ننتبه ونتحاور وندقق النظر ونعمل البصيرة، ونستجلى بعض الأمور ، حتى نتخلص من بعض السلبيات الى ساهمت فى تأخر وطننا وتخلفه لحين من الزمن، وأصبحنا فى حاجة الى دخيل أجنبى كى يحل لنا مشاكل، بيتنا الواحد( وتقسيم ثروة أبينا الذى ما زال على قيد الحياة ) وذاك مما يؤلمنى ويحزننى كثيرا، فوالله ووالله أن مشكلة السودان ، حلها عندى من البساطة أذا خلصت النوايا ، لا يستغرق أكثر من ثلاثة ايام ، ويذكرنى بالآية القرانية: ( وان خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أن يريدا أصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا).
واقول هنا أنى برئ مما يفعله الأخرون نيابة عنى وبأسمى كمواطن سودانى، أن نجعل فضيلة وشرف لأيدى ملطخة بدماء الأبرياء (تساهم وتتوسط فى جلب السلام للسودان)، بلد التوسط (والجودية) ، حلال (الشبكك)، ومعلم الشعوب.
ومن أشد سلبيات الفرد السودانى - الذى حباه الله بالكثير من كرم الشمائل وحسن الطباع – (الأنطباعية والمزاجية) التى نحكم من خلالها على الأخرين ، سلبا أو أيجابا.
أعرف عن الكثيرين ومنهم من تربطنى به صلة قربى أو نسب، انهم على قدر من حسن الخلق والمصداقية فى تعاملاتهم اليومية ، لا يكذبون ولا يرتشون ولا يأكلون مال أحد.
لكن ما،أن ترد سيرة الأستاذ الشهيد / محمود محمد طه، حتى تجده يدلى بمعلومة روج لها الكثيرون بصورة عفوية ظالمة، وأحسب أنها كانت (معشعشة) حتى فى رأس الحاكم فى تلك الفترة،من حيث أنه قال : ( لا يصلى لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهو لا يفعل الفحشاء ولا المنكر).
فيظل ذلك الشخص يردد تلك المعلومة التى ربما سمعها من خصم غير آمين وغير مخلص، وأحيانا يندفع فى تبنى تلك المعلومة للدرجة التى تجعله يحلف القسم ، أنه وجدها مكتوبة فى مكان ما أو سمعها من فم أحد تلاميذه. وعندما تقول له : ( أعرف عنك لا تكذب ولا تحب الكذب ) ، فمن أتيت بتلك المعلومة؟؟ تجده فورا قد أصيب بالذهول، وكأنه قد سمع تلك المعلومة للتو، ولا تجد عنده سندا قويا أو دليلا ملموسا لما نطقت به شفتاه.
ومن تلك النماذج الى نستعمل فيها (أنطباعيتنا الفطيرة)، مثلا الفنان فلان، الكل يحكم عليه ، بأنه متعال ومغرور ومتغطرس وبخيل ماديا، وربما حدثت حالة معينة مع شخص ما، تمثلت فيها كل تلك الصور، لكن هل نقبنا وبحثنا عن الصفات الأيجابية الأخرى فى ذلك الفنان، ولماذا نعتبره بخيلا ؟؟ هل علمنا أن له أسرة كبيرة عريض أم لا ؟؟ وأنه ليس بخيلا لكنه يطالب بحقه وهو يعلم أن من يأتون اليه للمشاركة فى أفراحهم ، عادة ما يكونون من الأثرياء، وهل علمنا أنه فى كثير من الأحيان يساعد أهل( فكره) ، ويشارك فى أفراحهم دون مقابل ، وهم فى الغالب من البسطاء.
يقال أن لاعب المريخ السابق / المرحوم كمال سينا، و(العهدة على الراوى)، أن أمه ماكانت تعلم (بلقب سينا ذاك)، لكنها سمعت أن (الحى)، يقطنه شاب (شقى)، أسمه (سينا)، فجاءت اليه وحذرته، (ياكمال ياولدى أعمل حسابك ، الحلة دى قالوا سكن فيها واحد شقى أسمه (سينا)، فقال لها : حاضر ياأمى).
ومن تلك الأنطباعات الفطيرة عن الأخرين، مثلا : الشيخ فلان ، الذى يجله ويحبه الكثيرون، وذلك امر طيب ومقدر، لكن لا يجرؤ أحد ، عن ألاستفسار (ولو بينه وبين نفسه)، عن لماذا يكثر ذلك (المحبوب) من زيارة مناطق المال والثروة؟؟ ومعلوم أن (أهل الله)، ينفرون عن أرتياد تلك المواقع ، وأصحاب المال والثروة هم المضطرون والمحتاجون اليهم (حتى لو كانوا من الفقراء)، فاؤلئك هم ورثة الأنبياء ، وهؤلاء هم وراث الدنيا.
ومن تلك الصور ، وحتى قبل فترة وجيزه ، أن وصف فلان بأنه (شيوعى) ، تخيف من يجلس بقربه ، وتعنى أنه ( ملحد ، ومشرك، وسكير ، وعربيد ، ولا يرتدى الأ بنطلون وقميص) ، وقد يستغرب الكثيرون الآن ، عندما لاحظوا أن المرحوم ألأستاذ/ عبدالخالق محجوب ، أثناء ، محاكمته ، كان يرتدى جلابية سودانية، والكثيرون وفى أنطباعية ، لا يمكن أن يصدقوا أن هنالك (شيوعيين) يصلون ويصومون ، ويتصدقون، بل هم اكرم من كثير ممن يتظاهرون بالدين والورع، وتلك الكلمة (شيوعى) ، بالنسبة لهم (فكرا ورؤية أقتصادية)، يمكن أن نتفق معهم أو نختلف حولها، نرضى عن جزء منها ونرفض الجزء الآخر، نتحاور فى تطبيقاتها دون أن نمس شخوصهم وسلوكهم الفردى.
نحن ياسادة مزاجيون وأنطباعيون حتى النخاع وتلك من كبائر سلبياتنا.
ومن تلك الأمثلة،( فلان دمه تقيل) ، لكنه أكرم من شقيقه، المنبسط السريرة، الباسم ، الكثير الدعابة والقفشات، (رغم بخله)، تحملنا أنطباعياتنا، فى الحكم عليهما بأن ألأخير أفضل من الأول فى كل شئ.
وهذه النقطة تذهب بى الى الحكم كذلك، على بعض الجوانب السلبية فى بعض الشخصيات، ونجعلها عامة فى كل جوانب شخصيته ودون أستثناء لفضيلة فيه.
مثلا فلان ، معروف بأنه صاحب مال وفير ، وثراء يحوم الجدل حول مصدر مال ومنبعه، وذلك شأن، لكن فلان ، معلوم عنه حبه للرياضة ودعمه لها وذاك شئ حميد، ومعلوم حبه للفن والطرب، ولا أجد حرجا فى أن اقول بأنى أستمع الى بعض الحانه وفى طرب شديد - حتى -قبل أن أعرف أنها من الحانه، فلماذا نخلط( الكيمان)، ونتهكم ونسخر منه فى أنطباعية ومزاجية ، وعن دوره فى الرياضة والفن، أن كانت لديه بعض السلبيات فى مواطن أخرى.
(فالمتنبئ ، وأبونواس)، كانتا فيهما الكثير من الجوانب السلبية ، لكن لا ينكر أحد أنهما من فحول شعراء العرب، بل أن المتنبئ وفى اعتقادى الخاص ، شاعر لم يلد الزمان نديدا له من قبل أو بعد.
أنا شخصيا أقول- ما قد لا يرضى الكثيرين- أن ألأخ/ حسين خوجلى، أختلف معه فكريا، أختلافا جذريا، و لى الكثير من التحفظات على بعض مواقفه، لكن هذا لا يمنع من أن أشهد بأن برنامجه (أيام لها أيقاع )، من أحب وأجمل البرامج لدى، وأجد فيه متعة غير عادية، وأعتقد أن (حسين خوجلى) لو عرف بهذا الجانب فقط - غير ماهو معلوم عنه فكريا وسياسيا- لحاز على أعجاب وأجماع الشعب السودانى قاطبة ، على الأقل من يشاهدون برامج التلفزيون، وكذلك أقول أنا (هلالابى) ، (رشاشه) حتى النخاع ,واحب اللون ألأزرق، لكنى أحترم (المريخ) لذلك أستمتع بالأنتصار عليه ، أكثر من فرحى عند الأنتصار على أى منازل غيره
متى يا سادة أقول للآخر: ( انى أختلف معك فكريا وسياسيا، لكنى اموت من أجل أن تشرح فكرك وتدلى برأيك وتعبر عن وجهة نظرك).
متى أقول للآخر ( أنت لا تعجبنى هنا وهناك ، لكنك مجيد مبدع ورائع فى تلك أو ذاك).
يمكن الدلو بالكثير فى هذا الموضوع، لكنى أترك المجال للأخرين ، كى يضيفوا أو يعلقوا عليه، وذلك للتأسيس لوطن قوى معافى ، تشرئب وتتطلع اليه أعناق كل الأمم وأهل كل الحضارات، وقد حباه الله بالكثير من الصفات التى تجعله قائدا ، لدفة عالم مسالم متآخى.
فأذا كانت الأنطباعية والمزاجية ، لا زالت تسير أراء الكثير من المثقفين ورواد المنابر الأدبية ، فكيف الحال مع رجل الشارع البسيط الذى لا يرى (الصورالمنشورة فى جريده)، الا حينما يلف بها ( ساندوتشات الطعمية) التى يحملها لأهل بيته.
أخوالبنات – تاج اتلسر حسين – دبى – 18/3/2004
|
|
 
|
|
|
|
Tumadir
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست