|
|
 مشاعر الكراهية ضد المغاربة تتزايد في اسبانيا واليمين يزيدها تأججاً
|
الأربعاء 17 مارس 2004 20:50
عبد الله الدامون من الرباط: سنة 2000 تحركت مجموعات من الإسبان في بلدة "إيخيدو" (جنوب إسبانيا) لمطاردة الآلاف من المهاجرين المغاربة الذين يشتغلون في حقول فلاحية في المنطقة بعد مقتل فتاة إسبانية اتهم فيها مهاجر مغربي.
تلك الأحداث التي كانت تشبه إلى حد بعيد عملية مطاردة الساحرات في القرون الوسطى الأوروبية وانتهت بإحراق ممتلكات المغاربة وإتلاف أكواخهم والاعتداء على العشرات منهم وطرد المئات خارج المنطقة.
"إيخيدو" صارت منذ ذلك اليوم رمزا للعنصرية وكراهية الأجانب في إسبانيا. فلا يكفي أن تقتل إسبانية على يد مهاجر مغربي لكي ينفجر كل ذلك الحقد على كل المهاجرين, ثم أن العشرات من النساء الإسبانيات يقتلن كل عام من طرف أزواجهن ولا يتحرك أحد لمطاردة القتلة, وإسبانيا على رأس الدول الأوروبية التي يقتل فيها الأزواج زوجاتهم.
أكثر من ثلاث سنوات بعد ذلك التاريخ مازالت بلدة "إيخيدو" ترزح بالكثير من المشاكل ومازال المهاجرون المغاربة يعيشون في "غيتوهات" أسوأ بكثير من غيتوهات الأفارقة في جنوب إفريقيا أيام الميز العنصري البائد.
الأسبوع الماضي قتل أزيد من مائتي شخص في تفجيرات قطارات مدريد وتوجهت أصابع الاتهام إلى منظمة "إيتا" الباسكية قبل أن تتحول نحو تنظيم "القاعدة" ومهاجرين مغاربة اتهموا بوضع القنابل.
الحزب الشعبي الذي أذهلته الصدمة بسبب وقوع التفجيرات ثلاثة أيام فقط قبل الانتخابات العامة التي كان مرشحا بقوة للفوز بها, حاول جهد الإمكان توجيه أصابع الاتهام نحو منظمة "إيتا" الانفصالية حتى تصب التفجيرات في خانة مصالحه الانتخابية, وعندما أدرك أن هذه التهمة لن تحقق مراده لأن كل المؤشرات كانت تشير إلى تنظيم دولي, غير مسار الاتهام عبر اللعب بورقة المغرب حتى لا تحصل انتكاسة انتخابية. فالحزب الشعبي يدرك جيدا أن نسبة كراهية الإسبان للمغاربة مرتفعة وتصل أزيد من خمسين في المائة, وهي كراهية مرتبطة بدواعي سياسية وتاريخية واجتماعية كثيرة, لذلك فإن الحديث قبيل ساعات من الاقتراع عن إلقاء القبض على ثلاث مشتبهين مغاربة كان الغرض منه تأليب الناخبين على "المورو" (صفة قدحية تطلق على المغاربة في إسبانيا) وعدم ترك أصوات الانتخابات تصب في خانة الحزب الاشتراكي الحاكم. وبدت هذه النية مبيتة أكثر في تصريح لوزير الداخلية "أنخيل أثيبيس" الذي تحدث عن "رجل يتحدث العربية بلكنة مغربية تبنى التفجيرات", مع أنه أمر في غاية الصعوبة التمييز بين لكنة تونسي ومغربي وجزائري حين يتحدثون العربية.
اللعب بورقة المغرب عقب التفجيرات لم يكن نتيجة سوء نية مائة في المائة, فحتى مع ثبوت تورط مغاربة في التفجيرات إلا أن الرغبة في اللعب بورقة كراهية الإسبان للمغاربة كان واضحا رغم أن ثبوت التهمة بشكل واضح ورسمي لم تتم إلى حد الآن, والسلطات الإسبانية تتحدث عن "اعتقادات" و"اشتباه" في بيع المتهمين لبطاقات هاتفية.
لكن ما تخوف منه الحزب الشعبي حصل, والناخبون الإسبان أعطوا أصواتهم للحزب الاشتراكي الذي عارض بقوة الغزو الأمريكي للعراق. خسارة الحزب الشعبي للانتخابات يمكن أن تساعد التحقيقات للسير في طريق أكثر عقلانية بعد انتفاء الحسابات الإنتخابية, وهذا ما ظهر بشكل أكثر جلاء خلال الساعات الأخيرة حين بدأ الحديث عن "مشتبهين مغاربة في حالة فرار" عوض "إلقاء القبض على متورطين مغاربة", و"بائعو بطاقات هاتفية" عوض "واضعو قنابل". غير أنه وفي كل الأحوال فإن الأسوأ حصل, والنتيجة سيحصدها المهاجرون المغاربة في إسبانيا كما حصدها المهاجرون العرب في الولايات المتحد الأمريكية عقب أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر). وربما تصبح الكثير من المدن الإسبانية "إيخيدو" جديدة لأكثر من نصف مليون مغربي يقيمون في إسبانيا.
اليمين الإسباني يعرف أن فترة الأربع سنوات التي سيحكم فيه الحزب الاشتراكي ستمر في رمشة عين, لذلك لن يتورع الكثير من صقوره في تأجيج نار الكراهية ضد المغاربة وبدء حملته الانتخابية لسنة 2008 منذ الآن.
عبدالله الدامون
|
|
 
|
|
|
|
aosman
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست