|
أنينــا دايرين اّســمة ألمــانية
|
تتعالي الاصـوات هنا وهناك في تنافر يعكس مدي الفوضي التي تغلّف هذا الجـدل, و أسترق السمع وانا في طريقي عابرا بهذا الطريق الطويل من طرق الحارة ,طريق اللا وصول , لاجد (العم عمر اب دقن ) كما يحلو لسكان الحارة ان ينادوه, يتحاور في حدّة مع (صامويل الغسال), وبين الحين والاخر , يتحول هذا الحوار الي عراك مميت,لا يخلو احيانا من الضـرب تحت حزام الوطنية,!1!!كل هذا والعم عمر وصامويل جيران عمل وابناء حارة واحدة , بعد ان ترك عمنا عمر ارضه البكر التي ما تلطّخت بدماء العفّة ليلة زفافها علي جدول العشم,رمي بمعوله بعيدا ,وترمّلت وتيتّمت من بعده كل النخلات, وأتي الحاضرة لكي يبيع الصحف في هذا الكـشك الحديدي الصغير اما صامويل هذل فله الاخر قصة طويلة, فقد ورث عن ابيه , زعيم القبيلة,عشق الوازا وغابة ابنوس,بيد انه كان ومازال مولعا بانتاج هوليود , واخر منتجات العم سام , وفي سبيل ذلك ,قدّم الباباي قربانا من اجل الحصول علي صك الغفران الامريكي,الذي يحمله الي فردوس حلم الحرية,علي بساط الاماني, وبعد ان داعبت مقلتيه هذه الرؤي الجميلة ,بصق كل ترهات الكجور, وطعم البفرة ,واتجه شمالا علي متن اول ثور ,تخطاه الاختيار ليكون مهرا لاحدي الابنوسيات من بنات القبيلة.
وبعد ان تكحلت عيناه برؤية النهرين حين ألتقاء ,طاب له المقام في هامش المدينة ,مسكن الجياع العراة الحفاة, ولم يكتفي بهذا , بل وترك اثرا طيبا علي كل احزية المارة!!! ومنهم من اسعده الحظ مثل صامويل هذا ,الذي اتته منحة من مجلس الكنائس العالمي ,ساعدته في ابتعاث شقيقيه الي واشنطون ,و أستاجر بالباقي هذه الدكانة الصغيرة , ومارس فيها مهنة غسيل وكي الملابس.
دفعني حب استطلاع فطري ,يسميه اولاد حارتنا شمارا ,للاقتراب قليلا كي اري ماذا يدور بين الرجلين, لأسمع صامويل يقول لعم عمر اب دقن (أنينا نتالب بي اّسمة ألمانية) ليرد عليه الاخير يا زول علمانية شنو , نحن والله ما بنسمح لاي واحد انو يرجعنا لي زمن البارات من تاني , نحن جينا عشان البلد دي ونحن اتينامن اجل التراب والقضيةوالاسلام...وووو ,وتتوالي الشعارات الجوفاء نحن اتينا من اجل المواطن والحرية , نحن استخرجنا البترول ونحن مزقنا فاتورة السكر .ليقاطعه صامويل غاضبا (ايوة البترول تلع بس ما سفوه ناس...) ويواصل (كلاس مافي مسكلة الباقي أنينا نقسموا سوا) فيرد عليه عم عمر اب دقن قائلا (أأأأأأأي نحن اولاد بلد واحد نقسموا ومالوا وقالوا الفقرة اتقسموا النبقة) ويواصل صامويل بنفس الحدّة (يا أومر الاّسمة دا لازم يكون ألماني) يتواصل الجدل البيزنطي بين الرجلين , واعود انا أدراجي وانا افكر في طرح الرجلين ,واضحك في غرارة نفسي, واسالها , يا تري هل هذه هي نقطة الخلاف الوحيدة ؟؟ لقد تركوا كل شيئ وأتجهوا الي الحبيبة الخرطوم,هذا يريدها كاشفة , وهذا يريد ان يلقي عليها الاسود من غير حداد ,هل هذا هو السبب الحقيقي والوحيد للمشكل ؟؟؟بين النخلة والابنوس؟؟اذا كان هذا هو السبب فماذا يضير ان تكون العاصمة علمانية؟فكثيرون شاهدوا ساقيها ونهديها , وكثيرون رأوها في أحضان الغرباء تتمايل في خلاعة, ومن ثم تعود لرشدها وتلتزم المسيد!!ماذا يضير اذا لبست في النهارعباءة رابعة العدوية , وأرتدت في المساء بدلة رقص فيفي عبده؟؟اذا كان هذا هو الامر الذي يسكت الازيز ويخرس المدافع ,علمانية علمانية....,نعم سادتي علمانية وليذهب الرصاص الي الجحيم....و فجأة يقطع حبل أفكاري صوت القوم يتصايحون..(باركوها يل جماعة , ياحاج عمر دقيقة دقـيقة !!!!ياحاج ..صامويل انت الكبير برضو ..يا أخواننا يا أهلنا..طااااااخ طاخ طاااااااخ) امّك اتشاكلوا!! كتلوا كتلوا
|
|
|
|
|
|