غنوا للمقابر قبل أن تغنوا للسلام!! : ممدوح المهيني

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-11-2024, 03:36 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2004, 10:04 PM

bushra suleiman
<abushra suleiman
تاريخ التسجيل: 05-27-2003
مجموع المشاركات: 2627

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
غنوا للمقابر قبل أن تغنوا للسلام!! : ممدوح المهيني

    السياسي يعلق قلماً رمادي الحبر في جيب قميصه. وأكثر لعبة يعشقها ويجيدها في معمل الحياة هي لعبة القص واللزق وهو يكره الألوان الزيتية الفاقعة بعكس الفنان الحقيقي الذي لا يوجد في علبة ألوانه إلا الألوان الفاقعة التي لا يتعامل معها بالريشة بل يسكبها لتندلق على سطح الحياة فاضحة كاشفة لمواقفه من دون مداورة أو تمويه.

    السياسي يتعامل مع الإنسان عبر أكثر من عدسة، عدسات سياسية واقتصادية واجتماعية ودبلوماسية.. أنه يذهب للمؤتمرات ويحضر الاجتماعات وترن في أذنه أصوات الأوامر الحادة وتحذيرات التنازلات وفي حقيبته قائمة بالاشتراطات وخريطة الأماكن الملغمة التي يحذر الدوس عليها. لذلك يبدو قاسي القلب ويهرول في حديثه عندما يصل الأمر عند القضاياالإنسانية.

    أما الفنان فعمله لا يغادر فضاء الإنسان، يغني لعشقه ويبكي لحزنه ويتألم لجوعه ويرقص لطيشه.

    والفنان سريع النسيان ينسى مشكلاته الأسرية وأزماته الاقتصادية ويظل يغني للإنسان بمعناه الكوني الكبير متجرداً من أي تقوقعات وتحزبات وتقسيمات وانتماءات.

    وعندما يذهب الفنان لحفلة أو مسرحية فإنه يذوب في عمله ولا يتطلع بعيون دبلوماسية إلى وجوه الحاضرين ليرصد من عقد حاجبية أو مط شفتيه.

    إنه يدخل في عجلة الحقيقة التي يريد أن يدحرجها أمام المشاهدين ولا يفكر إن كانت دهست في طريقها مناطق محذورة في نظر تيارات أو أحزاب أو معسكرات مختلفة.

    الفنانون العرب أكثر تسيساً من السياسيين وأكثر قدرة على وزن الكلام ويقذفون مواقفهم وهي مرقطة بجميع الألوان لذلك يخرج الجميع وهو راضون ويصفقون ويظل الفنان هو الخاسر الوحيد.

    إنه يخرج بجسد مجوف لا تملأه جميع كلمات الاطراء التي تدهن أذنه وهو يعلم أن هذا الاطراء لم يتم إلا بعد ما أجرى مقايضة دقيقة جداً.
    إنه يوقف جميع أرصدته الإنسانية والأخلاقية من أجل أن ترتفع أرصدته المالية.

    السياسيون الذين دانوا المقابر الجماعية التي اكتشفت في العراق تخلوا عن القلم الرمادي الذي يكتبون به آراءهم وخطاباتهم.
    إن الأمر لم يعد موضوعاً سياسياً بل القضية كانت مجازر وحشية لا يستطيع أن يقوم بها قطيع من الذئاب المسعورة.

    إن الدماء والجماجم و الأجساد المقطعة لا ينفع معها الحديث الدبلوماسي و المخاتل. أن الخطابات الدبلوماسية التي تتلى على أجساد الأطفال والنساء لهي جريمة تعادل جرم القتل.
    الفنان العراقي كاظم الساهر لم يشر ولو بشكل بسيط إلى ادانة هذه الجرائم الهمجية.

    استطاع أن يرتدي جلد الثعلب وأخذ يطلق في جميع حواراته إجابات عامة لا تفيد بأي شيء ولا تعلن عن أي موقف، فقط كلام عن بغداد الجميلة، بغداد الجريحة وليس ثمة حديث عن بغداد المبذورة بالجماجم المهشمة.
    رغدة ما زالت حزينة على سقوط النظام السابق ولم تخدش ضميرها كل الجرائد وكل آلات التعذيب.

    لماذا تصمت السيدة فيروز عن الاعتراض بأي ادانة بحق البشر الذين غنت لهم ولأوجاعهم وصفقوا لها وطاردوها ليحضروا حفلاتها ثم أتتهم في الليل شياطين بوليسية كدستهم في باصات تحركت بهم إلى آخر نزهة برية لهم في الكون.

    لماذا صمت ابنها زياد الرحباني الذي يحلم بأن يواسي بين الفلاح ورئيس الدولة على جميع صرخات الموت وانات التعذيب في المعتقلات التي ما زالت تطوف في سماء بغداد والبصرة والمحلويل.

    عندما اعترضا جورج مايكل و مايكل مور على الحرب على العراق ووجها نقد شديد لرئيس بلديهما بلير وبوش كانت الأخلاق تحركهم وأحاسيسهم الإنسانية النقية من أي تعصب تجعلهم يصرخون بأصوات عالية معترضة على أي قطرة دم بريئة تراق من أجل جشع السياسة.
    مؤخراً في بيروت غنى كاظم مع المغنية الإنجليزية سارة برايتمان أغنية عن السلام.

    إنه يجب أن نكشف أن السلام الذي يغنيه الفنانون هو سلام مزيف وملطلخ بالدماء، كيف يكون هناك غناء حقيقي للسلام وأقدام الفنانين تتعثر بالعظام ولا ينطقون بحرف معترض باكي.؟
    وهل يمكن لو غنوا للسلام والهواء معبأ برائحة الدم أن يتم التفريق بعد ذلك بين الحرب والظلم والقهر والمجازر وبين السلام الذي سيغطي كل هذه المآسي؟

    وهل يمكن الثقة بفنانين يغنون للسلام بأصوات ممزقة وهم الذين لم يبدوا أي أسف ولم تفر من أعينهم أي دمعة على الآلاف الجثث التي لم تدفن بطريقة كريمة ولم يصرخوا باكين ومعترضين بل وشامتين الهجمية والوحشية التي ضخمت آلات فرم البطاطا لتصبح صالحة لفرم البشر؟!!
    غنوا للأرواح المظلومة التي تحوم في السماء، غنوا لصرخات الرعب التي سبقت أصوات الطلقات التي يلتهمها صمت الصحراء، غنوا للمقابر، للأظافر التي نبشتها، غنوا لوجوه العجائز التي تخشبت حزناً على أبنائها الذين قتلوا أمام أعينها، غنوا لبقايا اللحم التي لفظتها أسماك القرش في قيعان البحار المظلمة غنوا لكل ذلك وبعد ذلك غنوا للسلام!!.

    نقلا عن موقع
    http://www.shakoomakoo.com/








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de