|
|
 الحاج وراق : يافطات مختلفة وثقافة واحدة!
|
الصحافة 24.2.04
مسارب الضي
يافطات مختلفة وثقافة واحدة!
الحاج وراق
* كان اتفاق جدة بين النائب الأول لرئىس الجمهورية والسيد محمد عثمان الميرغني رئىس التجمع الوطني الديمقراطي ايجابيا من حيث العموم.. فقد دفع جهود الحل السياسي في البلاد ، وأكد رغبة تيارات أساسية في السياسة السودانية في التوصل الى الحدود الدنيا المتفق عليها والمنظمة لخلافاتها او ما اصطلح عليه بالاجماع الوطني ... وتضمنت الاتفاقية اقرارا ضمنيا من الحكومة بمشروعية التجمع ، واقرارا بنواقص التفاوض الثنائى وبأن ضمان استدامة السلام في تحوله من اتفاق ثنائى الي اتفاقية مجمع عليها وطنيا، تتحمل غالبية القوى السياسية والمدنية عبء إنفاذها عمليا وادبيا.
وإذ نثمن اتفاق جدة من حيث العموم، فإن ذلك لا يجعلنا نتغاضي عن عيوبه العديدة كتقييده لحقوق الانسان بما سمى بالاعراف والتقاليد السودانية (!) ، وكإقراره لسياسات الإنقاذ الاقتصادية عالية الكلفة الاجتماعية ، اضافة الى إهماله الدعوة لانعقاد المؤتمر الجامع ، الآلية الوحيدة الممكنة للحوار والتفاوض الجماعيين، واهمال مثل هذه الآلية إنما يعني اقصاء الآخرين الذين ليسوا في التجمع، كما انهم ليسوا في الحكم ، وإن كان هؤلاء ربما يعدون أقلية بين القوى السياسية، فإنهم غالبية في المجتمع المدني وبين الشخصيات الديمقراطية المستقلة ، وأيما اجماع يتخطى هؤلاء سيكون بلا طائل !
ورغم التحفظات المختلفة على اتفاق جدة، كان العشم أن مثل هذه السلبيات ممكنة التجاوز مادام قد تم الاتفاق المبدئى على الحل السياسي المتفاوض عليه ، ولكن الممارسات اللاحقة للتجمع الوطني قد فاقمت من هذه السلبيات وأكدت بأن الداء العضال الذي يعانيه التجمع لابراء له، إذ يجري منه مجري الدم !
* لماذا فشل التجمع في تحدي الإنقاذ ؟!رغم ان خيارات الإنقاذ الفكرية والسياسية والاجتماعية تتناقض واحتياجات ومطالب البلاد ؟ ورغم المعارضة الواسعة التي وجدتها الانقاذ ، ورغم العزلة الاقليمية والدولية التي واجهتها؟! يرجع ذلك الى عدة اسباب ، اهمها الموضوعي كطبيعة نظام الانقاذ كنظام شمولي وليس مجرد ديكتاتورية عسكرية ، ويرجع الي نتائج الحرب الممتدة ، والي الهجرة، والافقار الذي تعانيه اغلبية السودانيين ، ولكن يرجع ذلك ايضا لاسباب ذاتية متعلقة بالمعارضة ، بخيارات التجمع الفكرية والسياسية ، وبتاكتيكاته ، وبطبيعة قيادته وخصائصها النفسية والاخلاقية ، والأهم متعلقة كذلك بتركيبة التجمع ، فقد تشكل التجمع كتحالف فوقي من المنظمات السياسية ، عزل القوي الديمقراطية غير المنظمة في احزاب ، فانعزل بذلك عن اهم منابع الابداع والحيوية والفاعلية، فتحول الي نادي (جنرالات) للثرثرة ، بلا ضباط وبلا جنود وبلا امداد او نيران، او الى بندق في بحر ! هذا اضافة الى عزل القوى الجديدة فانعزل عن المطالب والاحتياجات الجديدة وعن الاجيال الجديدة ، وهكذا بدلا من منظمة للكفاح، تحول التجمع الى مظلة لعواجيز الفرح ! .
* وقد اكدت لجان التجمع التي شكلها لإنفاذ اتفاق جدة عيوبه الهيكلية ، أكدت غياب الرؤية لدي قيادته واضطراب المعايير وبؤس النظر للسياسة كتهافت على المغانم بدلا عن كونها منافسة على ايصال الخير للناس .. ويكفي لبيان غياب الرؤية أن من بين اللجان الفنية المختلفة لجنة سياسية (!) ومن يعرف الف باء السياسة يعرف ان السياسة لا يمكن ان تكون مفاضلة بين خيارات ذات طابع فني (!) وان كلمة (فني) لا تحمل دلالة الا في تمييزها عن السياسي ! والطريف ان اللجنة السياسية يرأسها الاستاذ محجوب محمد صالح، اضافة الى عضوية آخرين من لجنة العشرة التي تشكلت لقيادة الحوار الوطني ، وقد سبق وادانتها القوى النافذة في التجمع بوصفها اداة حكومية، واذ اذكر ذلك فلست موافقا عليه ، فأعرف شخصيا عددا من العشرة كالدكتور الطيب حاج عطية وعبد الرحيم بلال اضافة الي محجوب محمد صالح وهم من انضج واكفأ العقول السياسية، اضافة الى استقامتهم الشخصية ، ولكن القضية الاساسية هنا ان التجمع انتقل متسارعا من الادانة والتجريم الى التشريف والتنصيب ، بما يشير الي اضطراب المعايير وعشوائىتها ! .
* ومما يؤكد غياب الرؤية كذلك أن اهم المجالات التي تحتاج الى لجان فنية لبلورة اجندة التغيير والاصلاح اللازمة ليس لها اية لجان ! فلا لجنة للتعليم او للمناهج الدراسية او للاعلام او للزراعة ! بل ان اللجنة الاقتصادية قد اثقلت ليس بالخبراء او النقابيين، وانما باولئك الذين يريدون تغيير المستفيدين من سياسات الإنقاذ دون أن تتغير السياسات !!
* كما أكد تشكيل اللجان طابعها الاقصائى ، فرغم انه كان متاحا لقيادة التجمع ان تتعامل مع ذلك كفرصة لتجاوز تنظيمها الحلقي العصبوي، فإنها اغتنمتها مناسبة لاحكام اغلاق رتاج ناديها ولتصفية حساباتها الصغيرة. حيث تصل عددية عضوية اللجان إلى اكثر من مائتى شخصية، لم تستشر مؤسساتهم حولهم، بل إن اهم من فيهم لم يستشاروا انفسهم، اضافة الى تكرار اسماء في عدة لجان واخطاء في اسماء اناس كدكتور حيدر ابراهيم علي، وكل ذلك يعطي دلالة قاطعة على الهرجلة والعشوائية اللتين صاحبتا تشكيل هذه اللجان
والانكى من ذلك انه وبرغم عدد المائتين، فقد تمّ تجاوز اناس مثل : غازي سليمان ، فاطمة احمد ابراهيم ، ، علي محمود حسنين ، ابيل الير ، توبي مادوت ، محمد اسماعيل الازهري ، ابراهيم الشيخ،علي التجاني، محمد الحافظ محمود ، محمد علي جادين، محمد جمعة، قبريال ماتور، تريزا سيريسيو،عدلان الحردلو، عطا البطحاني، ماجدة محمد احمد علي ، مرتضى الغالي، فيصل محمد صالح، الفاتح عمر السيد، عز الدين عثمان، حيدر عبد الرحمن، والقائمة طويلة، واضيف اليها دون اي تواضع زائف الحاج وراق !!
والمأساوى في هذا السياق نفسه، ان التجمع الذي رفض عضوية (حق) بدعوى انها انقسام وهو يرفض الانقساميين - رغم خطأ ذلك حيث ان الشيوعيين انفسهم يرون في (حق) تخليا تماما عن الماركسية والشيوعية ـ (!) ـ هذا التجمع نفسه سارع في اجتماعه الأخير بأسمرا الى قبول عضوية حركة دارفور ـ رغم ان غالبية قياداتها من المنقسمين علي الاسلاميين (!) ، ورغم تناقض قبولها كحركة ما تزال مقاتلة مع اتفاق جدة الذي لم يجف مداد توقيعه بعد ! بما يعني ان امتشاق السلاح هو وحده الذي يجعل جماعة سياسية ما، يؤبه لها حقا لدي التجمع ! اوليست هذه هي نفسها الثقافة السياسية للانقاذ ؟! والمأساة إنّا احيانا نكافح ضد الطغيان وفي ذات الوقت نتوحد مع مناهجه ومعاييره في التفكير والممارسة ! .
* اشار منبر المجتمع المدني في دراسته لقانوني الاحزاب والصحافة المقترحين من التجمع الوطني الديمقراطي، إلى أنهما لا يختلفان عن قوانين الإنقاذ السائدة حاليا ان لم يفوقانها سوءاً !! وكلنا يعلم كيف بصمت قيادة التجمع على سياسات الإنقاذ الاقتصادية في اتفاق جدة الاخير ، ولذا ليس من التجني الاستنتاج بأن خلاف هذه القيادة مع الانقاذ ليس حول جوهر السياسات وانما حول المستفيدين منها ! ولسوء حظ قيادة التجمع، فإن هذه السياسات وبطبيعتها نفسها، تتطلب مواصفات محددة مخصوصة ، وللمأساة فإن قيادة التجمع أدني كفاءة حتي من ذلك !!
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحاج وراق : يافطات مختلفة وثقافة واحدة! (Re: ثروت سوار الدهب)
|
الاخ الكريم ثروت،
شكراً لنقل هذا المقال الجيد. وقد أصاب الأخ ورراق كبد الحقيقة حين قال:
ولكن القضية الاساسية هنا ان التجمع انتقل متسارعا من الادانة والتجريم الى التشريف والتنصيب ، بما يشير الي اضطراب المعايير وعشوائيتها!
هذه هي علة العلل في السياسة السودانية، لدي قطاع واسع من الحكام والمحكومين من النخب المتعلمة، بغير "تربية" أخلاقية راكزة، وخاصة المنظمين منهم في تنظيمات، بما فيها تلك التي لم تدخل التجمع. تغليب المصلحة الخاصة، على المصلحة العامة، كما يشير وراق، هو العلة الكبرى في تداعي أداء التجمع العليل، إلى حالة ميؤوس منها. ويتجلى ذلك في غباش الرؤية الذي صوره وراق ببراعة حين أشار إلى عدم وجود رؤى عن التعليم والزراعة والإعلام، بل وعدم تشكيل لجان للتداول حول هذه الموضوعات وما شابهها من قضايا المصلحة العامة.
الناشطون في التجمع الآن ينشطون من أجل التنصيب والتشريف، والذين تركوه، تركوه من أجلهما. وقد نال بعضهم ما كان يرجوه. فإن ذهب مبارك الفاضل ليصبح مستشاراً للبشير، الذي كان "يناضل" ضد احتكاره للكراسي، أكثر من نضاله في سبيل قضايا مبدئية، فكل من تبقى في التجمع فهو "مبارك،" فيما يرى الرأئي في الوقت الراهن. هذا، وإن إختلف المباركون في الانتماء الحزبي!
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحاج وراق : يافطات مختلفة وثقافة واحدة! (Re: Haydar Badawi Sadig)
|
العزيز حيدر سلامات,
شكرا للاضافة الراجحة.
حتي نجد طريقا لدراسة منبر المجتمع المدني المتعلقة بعسف التجمع وقيادتة من منخفضي سقف الاماني, دعني اجاوب الاستاذ الحاج وراق علي تساؤله حول قبول المشقين الاسلامين ورفض المشقين عن الحزب الشيوعي سوي كان ذلك حقا او باطلا.
الشاهد هو عدم وجودالمنشق عنهم انفسهم بنسبة للاسلامين في التجمع .
?is that make sense
ثروت
| |
|
|
|
|
|
|
| |
ثروت سوار الدهب
Haydar Badawi Sadig
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست