|
طعام (معاوية) ادسم .. وصلاة (على) أقوم ..!!
|
الصحفى عثمان ميرقنى يكتب عن مساعى تحديد مكان توقيع اتفاق السلام السودانى :
تسلمت حكومة السودان دعوة رسمية من الإدارة الأمريكية للحضور الى واشنطون وتوقيع اتفاق السلام في البيت الأبيض بحضور الرئيس الأمريكي جورج بوش.. وخلال وجودنا في "نيفاشا" الاسبوع الماضي سألت السيد النائب الأول عن هذه الدعوة فأكد رغبة الحكومة في أن يتم التوقيع في نيروبي وينتقل الطرفان للاحتفال في واشنطون.
وفي رأيي أن الحكومة يجب ان تنظر لهذه المسألة بعيدا عن العواطف أو المجاملات الدبلوماسية.. صحيح ان كينيا لعبت دورا كبيرا في عملية السلام السودانية .. لكن هناك ألف طريقة وطريقة لشكر كينيا على ذلك دون الحاجة لتوقيع الاتفاق على أراضيها لأن طقوس وإجراءات التوقيع ليست مجرد احتفال وتبادل صور تذكارية.. هي عملية لها دلالات وتبعات مستمرة .. بل تعتمد عليها ضمانات ما بعد التوقيع.
الأجدر ان ندرك ان الوصول إلى اتفاق سلام لا يعني الوصول الى السلام .. فكثير من الاتفاقات وقعتها أطراف في الماضي ثم تلاشت مع الزمن حتى اتفاقية اديس ابابا التي اوقفت الحرب لـ(11) عاما تبددت واحلت الحرب الأهلية التي اوقفتها بأخرى أكثر نيرانا ولهيبا .. وتوقيع الاتفاق في واشنطون يمنح الاتفاقية عمقا دوليا كبيرا ..ويجر اليها ضمانات دولية أكثر حضورا في المجتمع الدولي الذي يدرك مغزي الرعاية الأمريكية لهذه المفاوضات. فترة السنوات الست القادمة بعد توقيع الاتفاق مرحلة عصيبة ستشهد محاولات بيضاء أو حمراء لاختطاف الاتفاق خاصة في جنوب السودان الذي أتوقع أن يتطلع بعض المتنافسين السياسيين فيه لقلب المائدة على الآخرين باعلان انفصال مبكر..حتى على سبيل جذب الشعبية والجماهيرية التي ربما تستهويها الشعارات الثورية الهائجة .. وتحتاج الحكومة والحركة الشعبية لتأمين الاستقرار أن تجدا ضمانات دولية بوقفة أممية حازمة تجاه أىة محاولة من هذا الشكل حتى يصبح قرار الوحدة أو الانفصال ديموقراطيا حرا بكامل الاختيار الشعبي لأهل الجنوب من خلال استفتاء مباشر يعبرون فيه عن رغبتهم وهم يثقون في أن اختيارهم إن كان وحدة أو انفصالاً فسيتم تنفيذه بكل هدوء وعقلانية ودون ضوضاء او قلاقل أو عنف.
من الحكمة ان توافق الحكومة السودانية على الذهاب الى واشنطون لتوقيع اتفاق السلام هناك . بل الأجدر ان يطلب السودان من أمريكا توجيه الدعوة للرئيس المصري حسني مبارك وحكومات اثيوبيا وكينيا ويوغندا وتشاد واريتريا إلى مراسم توقيع الاتفاق وليصبحوا شهودا ومشهودين عليه لأنها الدول الأكثر التصاقا بالشأن السوداني والتي يجب أن تدرك أنه لا تمرد بعد اليوم طالما أن اهل السودان جنوبا وشمالا تراضوا على هذه الوثيقة.
أتمنى ان تنظر الحكومة إلى مسألة التوقيع على الاتفاق في واشنطون بروح (عملية) وليست عاطفية..!! على سياق الذي فسر صلاته مع سيدنا علي وتناوله الطعام مع معاوية أيام حربهما فقال (صلاة على أقوم.. وطعام معاوية أدسم)..
توقيع الاتفاق في واشنطون أقوم ..!!
|
|
|
|
|
|