|
|
 بجنون فادح :البنت الشقية ميسون تكاتبني في السادسة صباحا !!
|
سلام
حسيت انه حيطق لي عرق لو ما كتبت الآن....و الساعة عندي 6و نص صباحا!!
آسفة لكن أنت الضحية الوحيدة التي فكرت فيها
تستحمل! من القال لك أن تعطيني الـ e-mail يتاعك؟
بسم الله
قبل سنة سنتين...كان في موجة حولي بتاعة كتابة....فجأة مخطوطات كثيرة تعوزها النشر كانت تمر علينا في المركز كل يوم....و رغم أنه كل كاتب لها كان يدعي أن ميزة هذا الكتاب ليست اللغة أو الأسلوب..أو القصة...بل التفرد...فهو سيأتي بما لم يأتي به الأوائل...و كلهم ناس معتبرين...أعتقد أنه يشار إليهم بالبنان في أوساط المثقفين في السودان...أقول أعتقد...لأن ليس لي اختلاط شديد بالوسط المعني...المهم...رغم ذلك كل كتاباتهم كانت متشابهة...قد تختلف في الأسلوب أو في القصة...و لكن في ذلك الوقت لم يكن عقلي من النوع التحليلي...يعني لا يفسر الأمور فقد يحسها...و إحساسي كان أن هذه الروايات و الكتب مكتوبة على ألواح زجاج...ليس لشفافيتها...بل على العكس..و لكن لهشاشتها....(قد تتساءل ماذا أقصد بهشاشة؟فكرية أم أدبية؟) كان سيسعدني أن أجيب لك...و لكن ما قلته ليس مجاز أو تعبير جمالي...لكن كان ذلك إحساسي تماما...لذلك كنت أخاف على هذه الروايات...و في نفس الوقت في رغبة طفولية أن أكسرها...ده حيقودنا إلى وين؟ إلى فوبيا الكتابة...لو كنت تجلس حيث أجلس وتمر أمامك مخطوطات مثقفي السودان لأصابك نفس الداء...مرة حاولت أن أقلدهم...كتبت نصف صفحة...النتيجة كانت كارثة...حسيت بعدها بطمام...و شخبط على طرف ورقة صغيرة :" الكل عاوز يكتب!"...ليه كتبت ذلك ؟لا أدري...غالبا سأحتاج لتحليل نفسي....كنا بنقول شنو؟ أيوة فوبيا الكتابة...المهم ...الكتابة عندي حلم منذ كنت صغيرة...يعني لما كنا نلعب كبار كبار و إحنا صغار...كنت أختار أكون كاتبة...و لما ما يفهمني أصحابي...أقول ليهم خلاص مدرسة...المهم أكون قاعدة في تربيزة أكتب...و لكن لماذا لم أكتب؟ بلى كتبت...مجموعة من القصص الطمامية، لأني كنت أحاول أن أقلد بعض الكتاب. لكن لماذا لم أواصل؟...بسبب التبلد الذي تصيبك به الجامعة و حزب الأمة ...ثم من بعد فوبيا الكتابة التي تسبب فيها مثقفونا......بالمناسبة جهز روحك هذا جواب طويل...لأنه فيه حديث ذو شجون...يعني فروع ..ما شجن..لا أظن عندي إحساس بهذا الرقي بعد.....المهم لو أنت جواك كتابة...لا بد من يوم تطلع...قدر لا مفر منه.....لكنها تحتاج الوقت المناسب...أو الشخص المناسب.... أرح ما ندخل في تفاصيل ...الذي فتح الباب هو عصمت..طبعا أول ما خرج مني هو قصة صغيرة...متقيحة...مليئة بمرارات شخصية...و لكنها صادقة...المهم نالت إعجاب مجموعة ما بطالة...و لكن لست بصدد الحديث عنها...و لا ...لا يمكن أن أرسلها لك..لأني لا أستطيع و لا أريد طباعتها....القصة هي تجربة شخصية في وسط كنت عشت فيه مغتربة قبل سنة...دائرة المثقفين...أعوذ بالله من تلك الأيام....المهم هذه الدائرة..هو رغم ادعائها الحرية و التجدد و الابتكار...فهي من أكثر الدوائر المغلقة في السودان...و مظلمة...بمعنى...هناك شروط لانضمامك لهذه المجموعة...تخيل شروط في مجموعة هي في الأصل تدعي البوهيمية!...الشروط تلزم قراءة كتب معينة...حاجة كدا زي المقرر المدرسي...لا يسمح لك أن تضيف كاتب جديد واحد لها...لأنو ضد المقرر...عندك منهج نقدي واحد...هو النقض..بالضاد....و تنتهج سلوك المهرجين...و إحساسك الحقيقي بأي شيء...هو مدان مدان يا ولدي مدان....طبعا أنا مزاجي في الكتب مختلف...لظروف التنشئة....مدارس إنجليزية و موسيقى أجنبية..الخ...ما علينا..لماذا قبلت في هذه الدائرة الشرسة رغم شروطي ير مستوفية...أظن لأني كنت أكرههم....و أكره نفسي لرغبتي أن أكون مثلهم...و لأني أريد أن أكون مثلهم و كان ذلك واضحا في وجهي قبلوني معهم....حتى يوم نزل فيني وحي الله....ده شنو ده...أين أنا ؟ ليست هذه دائرة مثقفين...هؤلاء بالكاد يكونوا جمهور مثقفين...و لما ظهر هذا الاكتشاف في وجهي...طردت من المجموعة مزفوفة بالطبل البلدي...هاهاها...حقيقة الموقف مضحك...و الاكتشاف يبدأ بإحساسك بنفسك...كأن تقول " لا بأس بي...اهو أنا كويس...رأيي و إن لم تبصم عليه الجماعة رأي جميل و هو يروقني" الفردية ثمنها غالى يا صديقي.....و منذ ذلك اليوم أصبح عندي رأيي الشخصي و أخرجت ورقتي و قلمي...و بدأت أكتب....هل هي كتابة سمحة...لا أدري...و لكن الأهم من ذلك هو أنه لا يهم...فهي تروقني أنا...و لي غرض منها آخر سوى الإدهاش
أظنك عرفت...خطأ مخطوطات المثقفين ...و قعوا في المحظور...الرغبة في الإدهاش...هو غرضهم الوحيد في الكتابة...و بتحليل نفسي نقدي جديد...اكتسبته مؤخرا...هو أن الكتابة مملة عندهم لأنهم يريدوا أن يلبوا ما يطلبه الجماهير...و الجماهير عندهم هم دائرة صغيرة عمياء حمقاء من المثقفين....لذلك هؤلاء لن يروا الشهرة العالمية و لا الإقليمية و لا المحلية...خذ مثلا الطيب صالح...لو كان لبى ما يطلبه المشاهدون المثقفون في ذلك الوقت...ألا و هي الذوق المحجوبي في الكتابة...لما شبت كتاباته إنشة من الواطة...لكنه كتب بذوقه هو.
و الحديث ذو شجون سيأتي بي إلى الحديث عن المثقفين
و لكن الليلة أريد أن أكتب عن مثقفين معينين...من يسمون أنفسهم شعراء الشعب....الشاعر الشعبي العظيم حميد
إليك هذا التصريح...الشاعر العظيم الشعبي حميد...عظيم...و لكنه ليس شعبي....يكتب بلغة شعبية....و لكن لا يكتب بلغة الشعب...ليست فزوره....لما اكتشفت انو في الدنيا في شاعر اسمه حميد..و ليس هذا من زمن بعيد....و أرجو أن تستر علي...طرت من الفرح...قلت لنفسي سأحمله إلى حبوباتي الشايقيات....و سيفرحوا بود بلدهم.... و رميت لهم ببعض أبياته...و كان المدهش أنها لم تحرك فيهم ساكنا...لم تعجبهم...و كل الذي فعلوه هو أنهم ميزوا بعض المفردات...نعم نحن الشايقية بنقول كون شبر... و واسوق..الخ....بس...و لم أدرك حتى هذا الصباح أن حميد شاعر حداثوي...عامل زي فنانو ما بعد الحداثة...أعقد أن فنهم اسمه "آرت نوفو Art noveau " لست متأكدة....المهم هم أولئك الذين يستخدمون في لوحاتهم علب صفيح و قصاصات جرائد قديمة...على قشر موز مأكول...ليكونوا فن واقعي....كل هذه ملصقة على ورق كنفا غالي مخصوص و ليس شعبي
فلنبعد أنفسنا من السذاجة و لأعيد المقولة
هل حميد شاعر شعبي؟ بالتأكيد لا....فهذه المكانة الخاصة جدا في قلوب الشعب لا يفردونها إلا لقليل....مثل البرعي...أو وردي
هل حميد شاعر الشعب؟ للأسف لا....فأشعاره لا تصله و لا تعبر عنه...نعم تحكي مأساته بدقة...و نعم يعرف الناس الضو و مروا عليه ....و لكن كل هذا لا يجعله شاعر الشعب...ما عارفة أصفها ليك...شاعر الشعب معنى المصطلح ظهر مع بدايات الثورة البلشفية في روسيا.....و هي تعني..توظيف الشعر...أن يكون للشعر وظيفة :حماسية...تعليمية........تنويرية.
و شاعر الشعب يوجه الشعب نحو أفكار و مبادئ بعينها...كأن يقول هنا موطن الداء....هذه هي الحقيقة...و الخ من رسالات مضمنة في الشعر....هذا شاعر الشعب
وأما الشاعر الشعبي هو زي في المسلسلات المصرية مدرس الأرياف ...الذي يمر على البيوت ويكتب الجوابات للناس....لديه وسيلة يوصل للعالم ما يريد أن يقوله الشعب أيا كانت تلك الوسيلة شعر...موسيقى...غناء
إذا كان لم تصل رسالة حميد إلى الشعب؟فهو ليس شاعر الشعب
و إذا كان لم يرسل منهم رسالة فهو ليس شعبي
حميد شاعر يكتب بالشعبية لجمهور معين من جيل معين....و رغم صدق إحساسه....و أسلوبه الفريد الخاص به.(نكهته) ليس هو شاعر الشعب أو شعبي
و على غير المتوقع مصطفى سيد أحمد هو شاعر شعبي و شاعر الشعب!!! نعم مصطفى سيد أحمد الذي غنى الحزن لا يتخير الدمع ثيابا كي يسمى في القواميس بكاء...شعبي...كيف؟ طبعا هي مهمة مصطفى أسهل لأن الموسيقى لغة أسرع وصولا للناس....مصطفى فنان الشعب لأنو منح جماهيره وسيلة للتعبير....كيف؟ من أكثر الناس حزنا على رحيل مصطفى؟ الشيوعيين ؟لأ....المثقفين؟لأ...الساسة؟لأ.....و لكن طلاب المدارس و الجامعات العاديين...بالذات طالب الثانوي الذي يشخبط لبت الفريق بأول عبارات حبه "يا أنتي يا أغرق" و عند زواجها" يتباكى على "السمحة قالوا مرحلة" و أيضا مصطفى كان وسيلة معارضة....من أكثر من يحملون هموم الشعب في السودان؟ سواقين الحافلات...هاها...لكن بالجد سواق الحافلة يوصل في اليوم مئات الهموم البشرية....و لأن سيد الحافلة يريد أن يتضامن مع ركابه في مشاركتهم همومهم...يفتح مصطفى...المواطن العادي لو عاوز يعارض يسمع مصطفى ...و لكن بالتأكيد لن ينشد لحميد...و لأن مصطفى مد ايدو للشعب ...الشعب مد ايدو لمصطفى...سمعوا منه الآهات...آهاته و آهاتهم و تجاوبوا معها و ردوا عليه الـ آه آهين....و قبل الشعب منه "مهما هم تأخروا فإنهم يأتون"...
أما المكانة الخاصة للفنان الشعبي فقد مثلها تماما....ابتداع جلسات الاستماع و تسجيلها...ليس حركة جديدة فنية منه...و لكنه ببساطة الشعب...مافي قروش مسرح....و عازفين و كشافات و تذاكر...إذا لا بأس أن نحضر كرسيا و نجلس و نسمع....الأم التي يرحل عنها ابنها للقراءة في الجامعة؟ بماذا تسترجع ذكراه؟ بالصوت الذي ينبعث من مسجل ابنها...بمصطفى...لذا تحتفي بسماعه...و تحكي به للجارات...و أخيرا مات مصطفى ميتة الشعب...ميتة الشعب ليس برصاص العسكر...تلك ميتة المثقفين....ميتة الشعب هي المياه الملوثة و المستشفيات العاجزة...مات بالكلى....لذا بكته الأمهات
أقول هذا و أنا لست مصطفاوية...لأن مزاج الجاز و البلوز عندي يجمعني مع أبو داؤود و بس...و أنا أيضا لست ورداوية....فنان أكتوبر...باسمك الأخضر....الخ من الاكتوبريات...لغة هي في صعوبة الملحمة...و اكثر صعوبة من أكتوبر الممهور
و لكن وردي مد يده للشعب...بقست الدنيا علي و يا طير يا طاير...و يا نور العين...غلطة كانت غرامي ليك...لذا مدوا أيديهم له بأصبح الصبح...أقول قولي و لست من عشاق الاكتوبريات....و وردي في زمانه كان سماعه معارضة و مثاقفة...إذا أردت أن تدعيهما...زي مصطفى لكن في زمانه
لاحقا ود الأمين تقبل منه الناس ملحمته...بالجريدة... و جانا الخبر..
ستقول هؤلاء فنانين معروفين في كل مكان...الكل يشير عليهم
نرجع للبرعي....أنا عموما و الله يهديني...ما بحب المواعظ...لكن لن يدعونا هذا للإنكار....ملايين يحفظون أشعار البرعي...ليس لأن أولاد الصحوة غنايين...و لكن من أجل "زيت مكناتك ديل لا تصلب" و مصر المؤمنة المحشودة بالأسماء التي تغيب عن المواطن....و لكنه تغنى بها ليتعالج في مصر....حالة مكررة في الشعب
في مصر لو ظهر أحمد فؤاد نجم في أي مكان لأشاروا إليه؟هذا قبل أن تكتشفه الشاشات مؤخرا؟ لماذا لأنو فنان الشعب....و فنان الشعبي...فنان الشعب لشعره المنبري" الثوري النوري الكلمنجي"...و فنان شعبي لأنو أصيب بنفس خيبة أمل المصريين عند النكسة و شعور الغضب؟؟؟لا أذكرها القصيدة...و لم يركن إلى سخف شعر ناس ما مشكلة مصر باقية و الاستراتيجية العسكرية الخ....و الشعراء الذين تغنوا للثورة و التي كانت قد انطفأت جذوتها بعد فترة وجيزة من قيامها........و الأبنودي....للمباشرة التي يتميز بها شعره...الأبنودي لا يخاف أن يستخدم في شعره...حنبني السد...و الدلاميت...و القومية...الخ...في ذمتك أيهما قد تكون رأيته حقيقة في حياتك؟ جوابات حراجي...و لا ست الدار بت أحمد؟
الطيب صالح لما قال يوم أنه ليس كاتب هو مجرد هاو...ظن الناس هذا تواضع منه...و لكنها الحقيقة..صحيح انو من الكتاب القلائل الذين ممكن تعيد قراءة كتبهم ألف مرة...لكن مهمة الكاتب خاصة الذي يأتي من دول العالم الثالث....مسئولية متواصلة.....عليك أن تحمل مسئولية الدفاع عن فنك...و التفسير...و قيادة حركات تؤمن بها...و إتاحة فرصة للجديد و مجادلة القديم...من أين له بطاقة الأبنودي في أن يحوم قرى الصعيد يجمع و قرى المغرب العربي وليبيا من أجل حكايات أبو زيد الهلالي؟...أو طاقة الكوني في تجميع أساطير الطوارق؟...أو طاقة ماركيز التي لا تكل في البحث في أرجاء أمريكا اللاتينية المنهكة؟...أو دفاع محمد الشكري حتى موته عن كتاباته...أو إليوت الذي و عزرا باوند اللذان قلبوا الحركة الأدبية رأسا على عقب؟
أو أن يدافع عن مشروعه حق الدومة...حقيقة هو ما داير زول يبريهو بيهو....جيمس بولدوين كتاباته عن الزنوج كانت خيانة في وقته...لكنه دافع عنها حتى مات دون أن يرى الناس يكررون ما يقول
افففففففففف خلاص زهجت...ارمي ما كتبت في المكان الذي يليق به؟؟؟ recycle bin لأني مللته... غدا سأغير رأيي في كل ما قلت....أمس حلمت بك صابغ شعرك أصفر!!!! في ركن نقاش..و كنت أبرر لك و أقول...هو جاء من لبنان!!!!!
ربما أبريك بروايتي التي أكتبها...رواية مرة واحدة؟!! طموحة مش...زي ما قلت ليك الكل عاوز يكتب...و ليست كارثة فالعالم أو فلنقل السودان إحدى مشاكله أنه لا يوجد به ما يكفي من كتاب.
سلام
|
|
 
|
|
|
|
|
| |
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست