كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 02:29 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-08-2004, 08:53 PM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي

    ليون تروتسكي



    دروس من كومونة باريس


    --------------------------------------------------------------------------------

    كتب : في 4 فبراير 1921

    نشر لأول مرة : زلاتوست ، 4 فبراير 1921

    المصدر الأصلي : الأممية الجديدة ، مارس 1935 ، جزء 2 رقم 2 ، صفحات 43 ـ 47

    مصدر النسخة التي تم تعريبها : Leon Trotsky internet archive ( www.marxists.org )

    تعريب : ناصر الحُصري

    نسخ الكتروني و ترتيب HTML: ناصر الحصري




    --------------------------------------------------------------------------------



    في كل مره نقوم فيها بدراسة تاريخ الكومونة فإننا نراها من ناحية جديدة , و يعود الفضل في ذلك إلي الخبرات المتحصله عن طريق الصراعات الثورية الأخيرة و في مقدمتها علي الإطلاق الثورات الأخيرة, ليس فقط الثورة الروسية و لكن أيضا الثورتين الألمانية و البلغارية . لقد كانت الحرب الفرنسية – الألمانية انفجار دموي ينذر بمذبحة عالمية غير محدودة, في حين كانت كومونة باريس بشري مضيئة لثورة بروليتارية عالمية .



    إن الكومونة تظهر لنا مدي بطولة جمهور الطبقات العاملة , قدرتهم علي الاتحاد في كتلة سياسية واحدة, نبوغهم في التضحية بأنفسهم باسم المستقبل, و لكنها تظهر لنا في نفس الوقت عدم مقدرة هذه الجماهير علي اختيار طريقها, ترددهم و عدم حزمهم في مسألة قيادة الحركة, تحزبهم المشئوم الذي وصل بهم إلي التوقف بعد النجاحات الأولي و هكذا السماح للعدو باستعادة انفاسه و إعادة توطيد مواقعه.



    لقد جاءت الكومونة متأخرة جدا , لقد كان لديها كل إمكانيات الاستيلاء علي السلطة في الرابع من سبتمبر و هو ما كان يسمح للبروليتارية في باريس بأن تضع نفسها و بضربة واحدة علي رأس العمال في الدولة كلها في صراعهم ضد قوي الماضي, ضد بسمارك كما ضد ثيرز علي السواء , و لكن السلطة وقعت في أيدي ثرثاري الديمقراطية : نواب باريس , و لم يكن لدي البروليتاريا الباريسية حزب أو قيادة مرتبطة بها ارتباطا وثيقا من خلال الصراعات السابقة, و البرجوازيون الصغار الأبطال الذين ظنوا أنفسهم اشتراكيين و لجأوا إلي مساندة العمال لهم فلم يكن لديهم في الحقيقة أية ثقة في أنفسهم, لقد زعزعوا إيمان البروليتاريا في نفسها, لقد كانوا يلجأون باستمرار إلي المحامين المشهورين,إلي الصحفيين و إلي النواب و الذين لم يكن في جعبتهم سوي حفنة من العبارات الثورية المبهمة , و ذلك من أجل أن يعهد إليهم بقيادة الحركة.



    إن السبب لماذا أخذ كل من جوليس فافر ، بيكارد ، جامير و شركائهم السلطة في باريس في الرابع من سبتمبر هو نفسه السبب الذي سمح لبال-بانكور، أ. فارين، رينادل و آخرين كثيرين أن يكونوا أسيادا لحزب البروليتاريا ، إن الرينادليين و البانكوريين و حتي اللونجوتيين و البرسمانيين هم أقرب-بالنظر إلي عواطفهم و أفكارهم المشتركة و سلوكهم و عاداتهم الثقافية – إلي أتباع جوليس فافر و جوليس فيري منهم إلي البروليتاريا الثورية ، فأسلوبهم و عباراتهم الاشتراكية هي لا شيء سوي قناع تاريخي لكي يضعوا أنفسهم علي رأس الجماهير ، و ذلك لمجرد أن فافر ، سيمون ، بيكارد و الآخرين قد استعملوا و أفرطوا في استعمال عبارات ديمقراطية-ليبرالية حتى إن أبنائهم و أحفادهم أصبحوا مضطرين إلي الالتجاء إلي العبارات الاشتراكية ، و لكن هؤلاء الأبناء و الأحفاد قد بقوا جديرين بآبائهم أوفياء لهم ليعملوا علي استكمال مهامهم . و عندما يكون من اللازم اتخاذ القرار ، فليست مسألة تكوين العصبة الوزارية هي المهمة و إنما الأمر الأكثر أهمية و الأجدر بالعلم به هو أي الطبقات في فرنسا يجب أن تمسك بزمام السلطة ، و حينها فإن رينادل ، فارين ، لونجوت و أمثالهم سيكونون في معسكر ميلليراند – و هو شريك و زميل جاليفت ذلك الرجل الذي ذبح الكومونة .....، و عندما يجد هؤلاء الثرثارين ثوريي الصالونات و البرلمان أنفسهم وجها لوجه – في الحياة الواقعية – أمام الثورة فإنهم لن يدركوها أبدا.



    إن الحزب العمالي الحقيقي ليس آلة للمناورات البرلمانية ، فهو الخبرة المتراكمة و المنظمة للبروليتاريا ، أنة فقط بمساعدة الحزب – و الذي يرتكز علي الأحداث الماضية في تاريخه كله و الذي يرسم مسبقا بطريقة نظرية الطريق نحو التقدم بكل مراحله و يستخرج منة الشكل المناسب للعمل – تستطيع البروليتاريا تحرير نفسها من الحاجة المتكررة لإعادة بدء تاريخها من جديد بنفس التردد و النقص في اتخاذ القرارات ، أي بنفس أخطائها السابقة .



    البروليتاريا في باريس لم يكن لديها مثل هذا الحزب ، فالاشتراكيون البرجوازيون و الذين احتشدت بهم الكومونة قد تلعثموا و رفعوا عيونهم إلي القدر في انتظار معجزة تهبط عليهم أو في انتظار رسالة سماوية أخري ، و في أثناء هذا الوقت فإن الجماهير كانت قد بدأت تفقد صوابها و ذلك بسبب حيرة البعض و ترددهم و أوهام البعض الآخر و خيالاته ، و النتيجة كانت أن الثورة قد انطلقت و هم في منتصف الطريق تماما ، متأخرين جداً ، و كانت باريس مطوقة تماماً ، و انقضت 6 أشهر قبل أن تقوم البروليتاريا بإعادة تنظيم ذاكرتها للاستفادة من دروس الثورات السابقة ، معارك الأيام الخوالي و الخيانات المتكررة للديمقراطية ، و بعدها وضعت يدها علي السلطة .



    لقد ثبت أن هذه الشهور الستة كانت خسارة لا تعوض ، فلو كان الحزب المتمركز للعمل الثوري موجود علي رأس البروليتاريا في فرنسا في سبتمبر 1870 لكان تاريخ فرنسا كلها و معه تاريخ الإنسانية كلها قد أخذ منعطفاً آخر .

    و إذا كانت السلطة قد وجدت في أيدي البروليتاريا في باريس في 18 مارس فإن ذلك لم يكن بسبب أنهم كانوا قد انقضوا عليها عن قصد و بعزم ، و لكن بسبب أن أعدائها كانوا قد تركوا باريس.



    فهؤلاء الأخيرين أخذوا يتقهقرون و يفقدون مراكزهم باستمرار ، فالعمال قد كرهوهم و احتقروهم ، البرجوازية الصغيرة لم تعد تثق فيهم و البرجوازية الكبيرة خافت من أنهم لم يعودوا قادرين علي حمايتها ، الجنود أصبحوا عدائيين تجاه الضباط و الحكومة هربت من باريس من أجل أن تقوم بتجميع قواتها في مكان آخر ، و هكذا – بعد أن حدث كل ذلك – فإن البروليتاريا أصبحت تتسيد الموقف في باريس ، و لكنها لم تفهم ذلك إلا في الأيام التالية حيث هبطت عليها الثورة في مفاجأة غير متوقعة .



    لقد كان النجاح الأول بمثابة مصدر جديد للسكون والسلبية ، فالعدو قد هرب إلي فرساي ، الم يكن هذا انتصاراً ؟ ، و في نفس اللحظة فإن العصبة الحكومية كان يمكن تحطيمها كلياً و بدون إراقة دماء تقريباً ، ففي باريس كان من الممكن اعتقال جميع الوزراء و علي رأسهم ثيرز و لم يكن احد حتى ليرفع يديه للدفاع عنهم ، و لكن ذلك لم يحدث ، فلم يكن هناك تنظيم حزبي متمركز لديه رؤية شاملة للأمور و أعضاء خاصة قادرة علي إدراك قراراته و تنفيذها .



    إن الجزء المتبقي من رجال الجيش لم يكن يريد العودة إلي فرساي ، لقد كان الخيط الذي يربط الضباط و الجنود دقيق جداً ، فلو كان هناك مركز توجيه حزبي في باريس لكان علية أن يدمج في الجيوش المتراجعة – حيث كانت هناك إمكانية للتراجع – بعض المئات أو حتى بعض العشرات من العمال المخلصين و ذلك مع إعطائهم التعليمات الآتية : توسيع مدي تبرم الجنود و غضبهم تجاه الضباط ، انتهاز أول لحظة نفسية مناسبة لتحرير الجنود من ضباطهم و العودة بهم إلي باريس للاتحاد مع الشعب ، لقد كان من السهل إدراك ذلك بموجب اعتراف أنصار ثيرز أنفسهم ، و لكن لم يفكر أحد في ذلك و لم يكن هناك من يفكر في ذلك ، فمرة أخري فإنه في منتصف الأحداث العظيمة فإن مثل هذه القرارات يمكن فقط اتخاذها عن طريق حزب ثوري ، ذلك الذي يتطلع إلي ثورة ، يحضر لها و لا يفقد صوابه ، عن طريق ذلك الحزب المعتاد علي الحصول علي رؤية شاملة للأمور و لا يخاف من أن يقدم علي العمل .



    و حزب للعمل هو بالضبط ما لم تكن تملكه البروليتاريا الفرنسية .

    لقد كانت اللجنة المركزية للحرس الوطني في حقيقة الأمر عبارة عن مجلس للنواب عن العمال المسلحين و البرجوازية الصغيرة ، مثل هذا المجلس – و الذي يتم انتخابه مباشرة عن طريق الجماهير التي اختارت الطريق الثوري – يمثل آلة ممتازة للعمل و لكنة في نفس الوقت – و بسبب اتصاله العاجل و الأولي بالجماهير التي هي في الحالة حيث أن الثورة هي التي وجدتها – لا يعكس فقط الجوانب القوية و لكنه يعكس أيضاً الجوانب الضعيفة للجماهير ، و هو أولاً يعكس الجوانب الضعيفة أكثر مما يعكس الجوانب القوية ، إنه يوضح لنا بجلاء روح التردد و الانتظار و الميل إلي السكون بعد النجاحات الأولي .



    لقد كانت اللجنة المركزية للحرس الوطني في حاجة لمن يقودها ، حيث كان من اللازم إيجاد تنظيم دائم الحضور يجسد الخبرة السياسية للبروليتاريا ، ليس فقط في اللجنة المركزية و لكن أيضاً في الفيالق ، في الكتائب وفي أعمق قطاعات البروليتاريا الفرنسية ، و بمفهوم مجلس النواب – و هم في هذه الحالة عبارة عن آلات الحرس الوطني – فإن الحزب كان باستطاعته أن يكون علي اتصال مستمر بالجماهير و معرفة حالتهم النفسية ، فلو قام مركز قيادته بتوجيه نداء تعبئة في أي يوم – و ذلك من خلال المسلحين التابعين للحزب – فإن مثل هذا النداء بإمكانة أن يتغلغل بين الجماهير ليوحد أفكارهم و إرادتهم .



    ما إن استطاعت الحكومة الهرب إلي فرساي حتى هرول الحرس الوطني نحو نفي مسؤوليته عن ذلك في نفس اللحظة تماماً التي كانت مسؤوليته عن ذلك كبيرة جداً ، لقد تخيلت اللجنة المركزية إجراء انتخابات " قانونية " للكومونة ، و من أجل ذلك دخلت في مفاوضات مع رؤساء بلديات باريس و ذلك حتى تحمي نفسها – من اليمين – " بالشرعية ".



    فلو تم التحضير لهجوم عنيف علي فرساي في نفس وقت المفاوضات مع رؤساء البلديات لعدٌ ذلك خدعة مبررة تماماً من وجهه النظر العسكرية و متفقة تماماً مع الهدف المنشود ، و لكن في حقيقية الأمر فإنه قد تم البدء بإجراء هذه المفاوضات من أجل تفادي الصراع عن طريق معجزة أو أخري ، لقد كان الراديكاليين من البرجوازية الصغيرة و الاشتراكيين المثاليين و هؤلاء الرجال ممن كانت الدولة القانونية تشملهم في جزء منها – النواب ، رؤساء البلديات ، ......الخ – يتمنون من أعماق قلوبهم أن يقف ثيرز احترماً أمام باريس الثائرة في نفس الدقيقة التي تغطي فيها هذه الأخيرة نفسها بالكومونة " القانونية " .



    لقد كانت النظريات المقدسة عن الفيدرالية و الحكم الذاتي هذه الحالة هي ما يدعم السلبية و التردد ، فباريس – كما ترون – هي مجرد كومونة عبر كومونات أخري كثيرة ، فباريس لا تريد أن تفرض أي شيء علي أي أحد ، إنها لا تحارب من أجل الديكتاتورية ، أو حتى علي الأقل من أجل أن تعطي المثال للديكتاتورية .



    في المحصلة فإن كل ذلك لم يكن شيئاً سوي محاولة لاستبدال الثورة البروليتارية – و التي كانت تنمو – بإصلاح برجوازي صغير : الحكم الذاتي الشيوعي ، إن المهمة الثورية الأساسية هي تمكين البروليتاريا من السلطة في جميع أنحاء الدولة ، و كان علي باريس أن تقوم بدور قاعدة هذه البروليتاريا و دعامتها و حصنها ، و لبلوغ الهدف المنشود كان من اللازم أن يتم سحق فرساي بدون إضاعة للوقت ، و أن يبُعث بنشطاء ، منظمين و قوات مسلحة عبر فرنسا كلها ، لقد كان من اللازم الدخول في اتصالات مع الجميع و ذلك لتثبيت المترددين و تقويتهم و أيضاً لتحطيم قوي المعارضة لدي العدو. و بدلاً من سياسة المبادأة الهجومية هذه و التي كانت الشيء الوحيد القادر علي حماية الموقف فإن قادة باريس شرعوا في عزل أنفسهم داخل حكمهم الذاتي الشيوعي : إنهم لن يهاجموا الآخرين طالما أن هؤلاء الآخرين لم يهاجموهم ، : لكل مدينة حقها المقدس في حكومة ذاتية ....... ، إنها ثرثرة مثالية ، و هي من نفس نوع تلك الثرثرة الفوضوية و التي تغطي في الحقيقة ذلك الجبن في مواجهه العمل الثوري ، ذلك العمل الذي يجب مواصلته باستمرار و حزم حتى النهاية و إلا فإنه يكون من الأفضل عدم البدء فيه .



    إن العدائية تجاه التنظيم الرأسمالي - الموروث عن الاستقلالية الذاتية و المحلية البرجوازية الصغيرة – هي بلا شك الجانب الضعيف لقطاع معين من البروليتاريا الفرنسية ، فالحكم الذاتي للأقاليم ، للأحياء ، للكتائب و للمدن هو الضمان الأعظم للفعالية الحقيقية ، الاستقلال الذاتي لثوار معينين ، لقد كان ذلك خطأً عظيماً كلف البروليتاريا الفرنسية كثيراً .



    تحت شعار " الكفاح ضد المركزية الاستبدادية " و النظام " الخانق " فإن معركة لحماية الذات قد بدأت من قبل مجموعات مختلفة و تجمعات فرعية في الطبقة العاملة – من أجل مصلحهم الصغيرة التافهة – ضد قيادات الأحياء الصغيرة و كلامهم الكهنوتي عن المحلية . إن الطبقة العاملة المُثلي – و في أثناء حمايتها لأصولها الثقافية و تميزها السياسي – قادرة علي العمل بشكل منهجي منظم ثابت و حازم بغير أن تبقي تحت رحمة الأحداث كما تكون قادرة علي توجيه ضرباتها القاتلة في كل مرة إلي القطاعات الضعيفة من العدو ، إذا ما كان ذلك ضمن تفكيرها – فهناك جهاز متمركز فوق الأحياء ، المقاطعات و المجموعات و مربوط بها بنظام حديدي . فالميل نحو التجزئة – مهما يكن الشكل الذي يتخذه – إنما هو من مواريث الماضي الميت و كلما أسرعت شيوعية الشيوعيين-الاشتراكيين و شيوعية النقابيين في فرنسا بتخليص نفسها من هذا الميل نحو التجزئة كلما كان ذلك أفضل لها و للثورة البروليتارية .



    * * *



    الحزب لا يخلق الثورة عندما يريد ، فهو لا يختار لحظة الاستيلاء علي السلطة كما يحب ، بل إنه يتدخل بفاعلية في الأحداث ، متوغلا في كل لحظة في الحالة الفكرية للجماهير الثورية ، و يقدر قوي المقاومة لدي العدو ، و بالتالي يحدد اللحظة الأكثر مناسبة للعمل الحاسم ، و هذا هو الجانب الأكثر صعوبة في مهمة الحزب ، فالحزب لا يملك قرار صالح لجميع الحالات ، و لكنة في حاجة إلي نظرية صحيحة ، اتصال حميم بالجماهير ، فهم عميق لأبعاد الموقف ، إدراك حسي ثوري و عزم هائل . و كلما كان تغلغل الحزب الثوري في جميع ميادين نضال البروليتاريا أكثر تعمقا ، و كلما كانت وحدة الهدف و نظام العمل أكثر وحدة كلما استطاع الحزب أن ينجز مهمته في وقت أسرع و بطريقة أفضل .



    الصعوبة هنا تكمن في الحصول علي هذا التنظيم للحزب المتمركز ، المتلاحم داخليا بنظام حديدي و مترابط بحركة الجماهير – بمدها و جزرها - ترابطا حميما . انتزاع السلطة لا يمكن أن يتم إلا في ضغط ثوري فعال من الجماهير الكادحة ، و لكن عند القيام بهذا العمل فإن عنصر الإعداد يصبح حتميا بكل ما في الكلمة من معني ، و كلما كان الحزب أفضل في فهمه للأزمة و للحظة التفوق ، كلما استطاع أن يعد القواعد الأساسية للمقاومة بطريقة أفضل ، كلما استطاع أن يوزع قواته و أدوارها بطريقة أفضل ، كلما كان النصر أكيدا و كلما قل عدد الضحايا . فإقامة علاقة متبادلة بين عمل محضر له بعناية و حركة جماهيرية هي المهمة السياسية – الاستراتيجية للاستيلاء علي السلطة .

    إن المقارنة بين 18 مارس 1871 و 7 نوفمبر 1917 من وجهه النظر هذه تكون بالغة الدلالة ، ففي باريس هناك نقص كامل في روح المبادرة بالعمل في ذلك الجزء الخاص بدوائر القيادة الثورية ، البروليتاريا – و التي تم تسليحها بواسطة حكومة برجوازية – هي في حقيقة الأمر المسيطر علي المدينة ، لديها كل مقومات القوة المادية – مدافع و بنادق – في حوزتها ، و لكنها لا تعبأ بها ، تقوم البرجوازية بمحاولة استرجاع السلاح من هذا المارد : إنها تريد سرقة المدافع من البروليتاريا ، المحاولة تفشل ، الحكومة تهرب من باريس في فزع . القادة يستيقظون علي اثر الأحداث ، و هم يسجلونها بعد أن تكون هذه الأخيرة قد حدثت بالفعل ، و يفعلون كل ما في وسعهم لتجنب الحافة الثورية .



    في بتروغراد تطورت الأحداث بشكل مختلف ، فقد تحرك الحزب بثبات و عزم نحو الاستيلاء علي السلطة ، لقد كان لدية رجال في كل مكان ، يدعم و يعزز كل موقع و أيضا يوسع هوة الخلاف بين العمال و الحامية من جهة و الحكومة من الجهة الأخرى .



    لقد كانت المظاهرة المسلحة في تلك الأيام من يوليو استطلاع واسع تمت مباشرته عن طريق الحزب لامتحان مدي قرب الاحتكاك بين الجماهير و قوي المقاومة لدي العدو ، لقد تحول الاستطلاع إلي نزاع علي الخطوط الأمامية ، لقد عدنا للخلف ، و لكن في نفس الوقت فإن هذا العمل قد رسخ الاتصال بين الحزب و أعماق الجماهير . تشهد شهور أغسطس ، سبتمبر و أكتوبر تدفق ثوري قوي ، استفاد الحزب منه و استطاع أن يزيد إلي حد كبير المواقع المؤيدة له في الطبقة العاملة و الحامية ، مؤخرا ، فإن الانسجام و التناغم بين الإعدادات التآمرية و الفعل الجماهيري قد حدث بطريقة آلية تقريبا . لقد كان من المقرر عقد المؤتمر الثاني للسوفييت في شهر نوفمبر ، و كانت كل نشاطاتنا السابقة تقود إلي الاستيلاء علي السلطة عن طريق المؤتمر ، و بناء عليه فإن الانقلاب كان متهيئا سلفا إلي السابع من نوفمبر ، لقد كان العدو يعلم ويفهم هذه الحقيقة جيدا ، كيرينسكي و أتباعه من أعضاء المجلس لم يدخروا جهدا لكي يحصنوا أنفسهم – مهما كان حجمهم صغيرا – في بتروغراد من أجل اللحظة الحاسمة ، و أيضا فإنهم ظلوا في حاجة إلي إرسال القطاعات الأكثر ثورية في حامية المدينة خارج العاصمة ، نحن من جانبنا استفدنا من هذه المحاولة من كيرينسكي و ذلك من أجل أن نجعلها مصدر لنزاع جديد و الذي كانت له أهمية حاسمة ، لقد قمنا بإدانة حكومة كيرينسكي علانية – لقد وجدت إدانتنا إثبات كتابي فيما بعد في وثيقة رسمية – لقيامها بالتخطيط لتسريح ثلث حامية بتروغراد و الذي لم يكن نابعا من الاعتبارات العسكرية و إنما بهدف اتحادات ثورية مضادة ، لقد كان هذا النزاع الذي ربطنا ما يزال قريبا من الحامية ، و هو قد وضع أمام هذه الأخيرة مهمة معرفة جيدا ، مساندة مؤتمر السوفييت و المحدد انعقاده في 7 نوفمبر . و بما أن الحكومة أصرت – و إن كان بأسلوب ضعيف تماما – علي أن الحامية قد تم تسريحها ، فقد كونا في سوفييت بتروغراد – الذي كان في أيدينا بالفعل – لجنة حرب ثورية ، و ذلك تحت ستار التحقق من الأسباب العسكرية للخطة الحكومية .



    و هكذا فقد كان لدينا أداة عسكرية بكل معني الكلمة ، تقف علي رأس حامية بتروغراد ، و التي كانت في حقيقة الأمر أداة قانونية للانتفاضة المسلحة ، و في نفس الوقت بعثنا بعض المفوضين " الشيوعيين " في جميع الوحدات العسكرية ، في المخازن العسكرية ....الخ ، و أنجز التنظيم العسكري السري مهام فنية دقيقة كما زود لجنة الحرب الثورية بمناضلين جديرين بالاعتماد عليهم في الأعمال العسكرية المهمة ، لقد تم إدراك العمل الأساسي فيما يتعلق بالتخطيط و بعدها بدأت الانتفاضة المسلحة علانية . و هكذا فقد كان من الطبيعي أن البرجوازية – تحت قيادة كيرينسكي – لم تفهم ما الذي كان يحدث تحت عينيها تماما ( في باريس ، فإن البروليتاريا قد استوعبت في اليوم التالي فقط أنها منتصرة فعلا – ذلك النصر الذي – مرة أخري – لم تتجه إلية عن عمد – و أنها المسيطرة علي الموقف في باريس ، في بتروغراد فقد كان العكس تماما ، فحزبنا ، واضعا نفسه في مقدمة العمال و الحامية كان قد استولي علي السلطة بالفعل ، و قد أمضت البرجوازية ليلة هادئة تماما و علمت فقط في اليوم التالي أن دفة الأمور في الدولة هي الآن في أيدي حفاروا قبرها ) .



    وبالنسبة للاستراتيجية ، فقد كان هناك الكثير من الاختلافات في الرأي داخل الحزب .



    فجزء من اللجنة المركزية قد أعلن – كما هو معروف – انه ضد الاستيلاء علي السلطة معتقدا أن الوقت لم يحن بعد لذلك ، ذلك أن بتروغراد كانت منعزلة عن بقية الدولة ، البروليتاريا عن الفلاحين ....الخ .



    و أعتقد رفاق آخرون أننا لم نكن نتمتع بميزات ذات أهمية كافية بالنسبة إلي عناصر المؤامرة العسكرية ، و طلب أحد أعضاء اللجنة المركزية في أكتوبر تطويق مسرح الكساندرين حيث كان المؤتمر الديمقراطي في حالة انعقاد و إعلان ديكتاتورية اللجنة المركزية للحزب ، و قد قال : إنه بتركيز نشاطاتنا الدعائية فضلا عن عملنا العسكري التمهيدي علي لحظة المؤتمر الثاني للسوفييت فإننا بذلك نكشف خططنا للعدو و نعطيه إمكانية تجهيز نفسه و أيضا إمكانية التعامل معنا بإجراءات وقائية مرهقة . و لكن لا شك أن هذه المحاولة في المؤامرة العسكرية و تطويق مسرح الكساندرين كانت ستكون واقعة غريبة جدا علي تطور الأحداث ذلك أنها كانت ستكون واقعة مربكة جدا للجماهير ، حتى في سوفييت بتروغراد ، حيث كانت خلافاتنا تهيمن عليه ، فإن مثل هذه المغامرة - و التي كانت تعجل بالتطور المنطقي للصراع – كان من الممكن أن تثير فوضي هائلة في تلك اللحظة ، و خصوصا في الحامية حيث كان هناك فرق مترددة و غير موثوق فيها بشكل كبير ، و في المقام الأول فرق الفرسان . حيث كان سيكون من السهل علي كيرينسكي أن يحطم مؤامرة غير متوقعة من الجماهير أكثر من مهاجمة الحامية و التي تحصن نفسها في موقعها أكثر فأكثر : الدفاع عن حصانتها من أجل مؤتمر السوفييت المستقبلي ، و بناء علي فإن أغلبية اللجنة المركزية قد رفضت خطة تطويق المؤتمر الديمقراطي و قد كان ذلك صحيحا ، لقد تم التعامل مع الأزمة بطريقة جيدة جدا . فالانتفاضة المسلحة ، و بدون إراقة دماء تقريبا ، قد انتصرت في الموعد المحدد تماما ، و المحدد بوضوح سلفا بميعاد انعقاد المؤتمر الثاني للسوفييت .



    هذه الاستراتيجية – مهما يكن – لا يمكن أن تكون قاعدة عامة ، فهي تحتاج لشروط معينة ، فلم يكن أحد ما يزال يعتقد في الحرب مع الألمان ، و لم يكن الضباط الأقل ثورية يريدون ترك بتروغراد و الذهاب للجبهة ، و حتى لو كانت الحمية في مجملها تقف في جانب العمال لهذا السبب الوحيد ، فإن وجهه نظرها فد أصبحت أقوي إلي حد بعيد حيث انكشفت دسائس كيرينسكي . و لكن هذه الحالة النفسية في حامية بتروغراد كان لها أسباب عميقة تؤيدها نابعة من موقف الطبقة الفلاحية و تطور الحرب الإمبريالية ، فلو كان هناك انشقاق في الحامية ، و لو كان كيرينسكي قد حصل علي إمكانية الدعم من بعض الفرق ، لكانت خطتنا لتفشل ، لو كانت عناصر العمل العسكري التآمري ( المؤامرة و السرعة الهائلة للعمل ) قد انكشفت ، لكان من اللازم – بالطبع – أن يتم اختيار لحظة أخري للانتفاضة .



    لقد كان لدي الكومونة أيضا إمكانية أن تكسب الفرق الفلاحية إلي جانبها ، ذلك أن هذه الأخيرة كانت قد فقدت كل الثقة و كل الاحترام للسلطة و للقيادة ، و علي الرغم من ذلك فهي لم تفعل شيئا من أجل أن تصل إلي هذه النهاية . الخطأ هنا ليس في العلاقات المتبادلة بين الفلاحين و الطبقة العاملة و لكن في الاستراتيجية الثورية .



    ما الذي سيكون الموقف علية من هذه الوجهة في الدول الأوروبية في اللحظة التاريخية الحاضرة ؟ ليس من السهل التكهن بأي شيء بشأن الإجابة عن ذلك ، و علي الرغم من ذلك ، و بالنظر إلي أن الأحداث تتطور ببطء و الحكومات البرجوازية تبذل كل ما في وسعها لكي تستفيد من خبراتها السابقة ، فإنه يكون من الواضح مسبقا أن البروليتاريا – من أجل أن تجتذب تعاطف الضباط – سيكون عليها أن تتغلب علي مقاومة هائلة و منظمة جيدا في لحظة معينة ، فهجوم بارع في توقيت محدد جيدا سيكون ضروريا بالنسبة للجزء المتعلق بالثورة ، و مهمة الحزب هي أن يعد نفسه لها ، و لهذا فقط يجب عليه أن يصون و يطور كيانه كتنظيم متمركز ، و الذي يوجه علانية الحركة الثورية للجماهير . و أن يكون في نفس الوقت الجهاز السري للانتفاضة المسلحة .





    * * *



    لقد كانت مسألة انتخاب القيادة أحد أسباب النزاع بين الحرس الوطني و ثيرز ، فباريس قد رفضت قبول القيادات التي عينها ثيرز ، و من ثم صاغ فالرين ذلك بطلب أن تكون القيادات في الحرس الوطني ، من القمة إلي القاع ، منتخبة من رجال الحرس الوطني أنفسهم ، و ها هنا وجدت اللجنة المركزية للحرس الوطني مناصريها .



    هذه المسألة يجب معالجتها من جهتين : من الجهة السياسية و من الجهة العسكرية ، و هما مرتبطتان و لكن يجب أن يكونا متميزتان ، تكمن المهمة السياسية في تطهير الحرس الوطني من القيادة الثورية المضادة ، و قد كانت الانتخابية الكاملة هي السبيل الوحيد إلي ذلك ، فالأغلبية العظمي من الحرس الوطني كانت تتألف من العمال و البرجوازية الصغيرة الثورية ، و بالإضافة لذلك فإن شعار " انتخاب القيادة " قد امتد إلي كتائب المشاة ، فقد كلن ثيرز ليجرد من سلاحه الأساسي بضربة واحدة ، الضباط المناصرين للثورة المضادة ، و من أجل تحقيق هذا المخطط فإن تنظيم حزبي ، لديه رجال في جميع الوحدات العسكرية ، كان مطلوبا . باختصار فإن الانتخاب في هذه الحالة كان له بمثابة مهمة فورية و التي لم تكن منح الكتائب قيادات جيدة و لكن تحريرها من القيادات التابعة للبرجوازية ، لقد لعب الانتخاب دور الإسفين الذي قسم الجيش إلي قسمين ، بطول الحدود الطبقية ، و هكذا كان شأنه في عهد كيرينسكي ، و خصوصا في عشية أكتوبر .



    و لكن تحرير الجيش من جهاز القيادة القديم يتضمن حتما إضعاف التنظيمات الملتصقة به ، و بالتالي القدرة القتالية . كقاعدة ، فإن القيادة المنتخبة تكون ضعيفة إلي حد ما من وجهة النظر التكتيكية ـ العسكرية ، و ذلك مع الأخذ في الاعتبار بقاء كل من الترتيب و النظام . هكذا ، في اللحظة التي يحرر فيها الجيش نفسه من القيادة القديمة المناصرة للثورة المضادة و التي كانت تغمه ، فإن مسألة منحه قيادة ثورية مؤهلة لإتمام مهمتها ستظهر للعيان ، هذه المسألة لا يمكن بأي حال من الأحوال حسمها بالانتخابات البسيطة ، فقبل أن تكتسب الجماهير العريضة من الجنود الخبرة اللازمة لاختيار و انتقاء قياداتها جيدا ، فإن الثورة سوف تهزم من العدو و الذي هو موجه في اختيار قيادته بخبرة قرون من الزمان ، فالطرق الديمقراطية عديمة الشكل هذه ( الانتخاب البسيط ) يجب تعديلها و إلي حد بعيد استبدالها بمقاييس الانتقاء من الأعلى ، الثورة يجب أن تخلق جهاز يتألف من الحزبيين ذوي الخبرة الموثوق فيهم ، حيث يستطيع أي أحد أم يضع فيه كامل ثقته ، و تعطيه السلطة كاملة لاختيار ، تعيين و تثقيف القيادة . فلو كانت التجزئة و الحكم الذاتي الديمقراطي يمثلان خطرا بعيد المدى علي الثورة البروليتارية بوجه عام ، فهما عشر مرات أخطر علي الجيش . لقد رأينا ذلك في مثال الكومونة المأساوي .



    لقد اكتسبت اللجنة المركزية للحرس الوطني سلطتها من الانتخابات الديمقراطية .و في اللحظة التي كانت اللجنة المركزية في حاجة إلي تطوير مبادرتها في الهجوم إلي الحد الأقصى ، مجردة من قيادة نابعة من حزب بروليتاري ، فقدت صوابها ، و هرولت لتحويل سلطاتها إلي ممثلي الكومونة و التي طلبت أساس ديمقراطي أكثر اتساعا. لقد كان اللعب بالانتخابات في هذه الفترة خطأ كبيرا . و لكن مرة واحدة فإنه قد تم الجمع بين إقامة الانتخابات و الكومونة ، لقد كان من اللازم تركيز كل شيء في الكومونة في كتله واحدة و مساعدتها لخلق أداة تحوز سلطة حقيقية لإعادة تنظيم الحرس الوطني . لم تكن هذه هي القضية المثارة ، بجانب الكومونة المنتخبة فقد بقت هناك اللجنة المركزية : و الشخصية المنتخبة لهذه الأخيرة قد منحتها سلطة سياسية و التي بفضلها أصبحت قادرة علي التنافس مع الكومونة ، و لكن في نفس الوقت فإن ذلك قد جردها من القوة و العزم اللازمين المسائل العسكرية المحضه ،و قد بررت وجودها بعد تنظيم الكومونة . الانتخاب ، الطرق الديمقراطية لم تكن سوي واحدة من الوسائل التي في أيدي البروليتاريا و حزبها . فلم يكن من الممكن أن يكون الانتخاب هو المعبود الأول بأي حال من الأحوال ، الدواء من كل الشرور . فطريقة الانتخاب كان يجب أن تتحد مع الوظائف الأخرى ، لقد جاءت السلطة للكومونة من الحرس الوطني المنتخب ، و لكن ما ان تكونت ، فقد كان علي الكومونة أن تعيد تنظيم الحرس الوطني بيد قوية ، من القمة إلي القاع ، مع منحها قيادة موثوق فيها و تأسيس نظام حكم ذي قواعد صارمة جدا . الكومونة لم تفعل ذلك ، لتصبح هي نفسها مجردة من مركز توجيه ثوري فعال . و كذلك تم سحقها.



    إننا نستطيع بالتالي أن نتصفح تاريخ الكومونة كله , صفحة صفحة ، و سوف نجد فيه درس وحيد : قيادة حزبية قوية هي المطلوبة . فأكثر من أي بروليتاريا أخري بذلت الفرنسية تضحيات من أجل الثورة ، و لكن أيضا كانت أكثر من كل الآخرين تعرضت للانخداع . ففي كثير من المرات بهرتها البرجوازية بجميع ألوان الجمهورية ، الراديكالية ، الاشتراكية ، بالرغم من أنها دائما توثق أغلال الرأسمالية عليها . و بمفهوم ممثليها ، محاميها ، و صحافييها فإن البرجوازية قد أصدرت كتلة كاملة من الصيغ الديمقراطية ، البرلمانية ، الاستقلالية و التي لم تكن شيئا سوي عوائق تحت أقدام البروليتاريا ، لإعاقة تقدمها إلي الأمام .



    إن نزعة التمرد لدي البروليتاريا الفرنسية هي بمثابة حمم ثورية ، و لكن هذه الحمم مغطاة الآن ببقايا الشك المتولد عن كثرة مرات الانخداع ثم الإفاقة من الوهم . كذلك ، يجب علي البروليتاريين في فرنسا أن يكونوا أكثر صرامة باتجاه حزبهم وأيضا كشف أي عدم اتفاق بين القول و الفعل بطريقة لا تتخللها الرحمة . فالعمال الفرنسيين في حاجة إلي تنظيم ، قوي كالفولاذ ، لدية قيادات توجهها الجماهير في كل مرحلة جديدة للحركة الثورية .



    كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا ؟ إننا لا نعرف . فلخمسين عاما احتفظت البرجوازية الفرنسية بالسلطة في أيديها بعد انتخاب الجمهورية الثالثة علي عظام الكمونيين . محاربي 1871 هؤلاء لم يكن ينقصهم البطولة ، و لكن ما كان ينقصهم هو الوضوح في المنهج و تنظيم قيادي متمركز ، و هذا هو السبب في أنهم قُهروا . نصف قرن مضي قبل أن تقوي البروليتاريا في فرنسا علي طرح مسألة الانتقام لموت الكمونيين . و لكن هذه المرة فإن الفعل سيكون أكثر قوة ، أكثر تركيزا . و سيكون علي ورثة ثيرز أن يدفعوا الدين التاريخي بالكامل .



    ليون تروتسكي








                  

01-08-2004, 11:05 PM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: Abuobaida Elmahi)

    Non-English< MIA> عربي> تروتسكي> Works> الثورة الدائمة> فصل 10

    ليون تروتسكي
    الثورة الدائمة

    --------------------------------------------------------------------------------

    فصل 10:
    ما هي الثورة الدائمة؟
    المسلمات الأساسية

    --------------------------------------------------------------------------------


    إلى الفهرس

    إن نظرية الثورة الدائمة تتطلب حاليا الانتباه الأقصى من قبل كل ماركسي, لان تطور الصراع الأيديولوجي و الصراع الطبقي قد اخرج نهائيا هذه المسألة من نطاق ذكريات الخلافات القديمة بين الماركسيين و الروس و طرحها كمسألة طابع الثورة العالمية بشكل عام و علاقتها الداخلية و أساليبها.
    تعني نظرية الثورة الدائمة بالنسبة للبلدان ذات التطور البرجوازي المتأخر, و خاصة البلدان المستعمرة و شبه المستعمرة, أن الحل الحقيقي و الكامل للمهام الديمقراطية و مهام التحرر القومي فيها لا يمكنه أن يكون إلا ديكتاتورية البروليتاريا, التي تقود الأمة المضطهدة, و بشكل خاص جماهيرها الفلاحية.
    لا تعين المسألة الزراعية وحدها, بل أيضا المسألة القومية, دورا أوليا في الثورة الديمقراطية للفلاحين, الذين يشكلون الأكثرية الساحقة من سكان البلدان المتخلفة. و دون تحالف بين البروليتاريا و الفلاحين, لا يمكن إنجاز مهام الثورة الديمقراطية و لا حتى طرحها بجدية. إنما التحالف بين هاتين الطبقتين لن يحقق بغير نضال عنيد ضد البرجوازية الليبرالية القومية.
    مهما كانت المراحل الأولى العرضية من الثورة في مختلف البلدان, فإن التحالف الثوري بين البروليتاريا و الفلاحين لا يمكن فهمه إلا تحت القيادة السياسية للطليعة البروليتارية المنظمة في حزب شيوعي. و هذا يعني بدوره أن انتصار الثورة الديمقراطية لا يمكن أن يتم إلا بواسطة دكتاتورية البروليتاريا التي تستند إلى تحالفها مع الفلاحين و تنجز, أولا, مهام الثورة الديمقراطية.
    إذا ما قيمنا شعار البلاشفة القديم "دكتاتورية العمال و الفلاحين الديمقراطية" من وجهة النظر التاريخية, نجد أنه عبر تماما عن العلاقات , المحددة أعلاه , بين البروليتاريا و الفلاحين و البرجوازية الليبرالية. و هذا ما أثبتته تجربة أكتوبر. لكن صيغة لينين القديمة لم تحدد سلفا طبيعة العلاقات السياسية المتبادلة بين البروليتاريا و الفلاحين داخل الكتلة الثورية . و بعبارات أخرى , قبلت الصيغة عمدا بعدد معين من المجهولات الجبرية كان لا بد لها من أن تفسح المجال , من خلال التجربة التاريخية , أمام مواد حسابية محددة . و قد أثبتت التجربة التاريخية , في ظروف تمنع كل تفسير آخر, أن دور الفلاحين, مهما كانت أهميته الثورية, لا يمكنه أن يكون مستقلا فكيف به قياديا. إن الفلاح إما أن يتبع العامل و إما أن يتبع البرجوازي. و هذا يعني أنه لا يمكن فهم "دكتاتورية العمال و الفلاحين الديمقراطية" إلا كدكتاتورية البروليتاريا تجر وراءها الجماهير الفلاحية.
    إن دكتاتورية ديموقراطية للعمال و الفلاحين, كنظام يتميز بمضمونه الطبقي عن دكتاتورية البروليتاريا, لن تتحقق إلا في حال أمكن تشكيل حزب ثوري مستقل يعبر عن مصالح الديمقراطية الفلاحية و البرجوازية الصغيرة بشكل عام, حزب يستطيع, بمساعدة البروليتاريا, أن يستولي على السلطة و أن يحدد برنامجها الثوري. إن التاريخ الحديث, و خاصة تاريخ روسيا خلال السنوات الخمس و العشرون الأخيرة, يدل على أن الحاجز المتعذر عبوره الذي يحول دون تكوين حزب فلاحي هو فقدان البرجوازية الصغيرة (الفلاحين) للاستقلال الاقتصادي و السياسي و تفاضلها الداخلي العميق الذي يسمح لشرائحها العليا أن تتحالف مع البرجوازية الكبيرة في الظروف الحاسمة و خاصة في حالتي الحرب و الثورة, بينما تتحالف شرائحها الدنيا مع البروليتاريا, مما يجبر شرائحها الوسيطة على الاختيار بين هاتين القوتين. بين نظام كرنسكي و السلطة البلشفية, بين الكيومنتانغ و دكتاتورية البروليتاريا لا يوجد و لا يمكن أن يوجد أي نظام وسطي, أي دكتاتورية ديموقراطية للعمال و الفلاحين.
    إن محاولة الأممية الشيوعية, اليوم, أن تفرض على بلدان الشرق شعار دكتاتورية العمال و الفلاحين الديمقراطية, الذي تخطاه التاريخ منذ زمن طويل, لا يمكن أن يكون لها إلا معنى رجعي. و بقدر ما يستعمل هذا الشعار في وجه شعار دكتاتورية البروليتاريا, فهو يساهم سياسيا في تفكيك و تذويب البروليتاريا في الجماهير البرجوازية الصغيرة, خالقا يذلك الظروف المناسبة لهيمنة البرجوازية القومية و بالتالي لإفلاس و انهيار الثورة الديموقراطية. إن إدخال هذا الشعار في برنامج الأممية الشيوعية يعني حقا خيانة الماركسية و تقاليد أكتوبر البلشفية.
    إن دكتاتورية البروليتاريا التي استولت على السلطة بوصفها القوة القائدة للثورة الديمقراطية سوف تجابه حتما و سريعا مهام ترغمها على القيام بخرقات عميقة لقانون الملكية البرجوازي. إن الثورة الديمقراطية, في أثناء تطورها, تتحول مباشرة إلى ثورة اشتراكية و تصبح بذلك ثورة دائمة.
    إن استيلاء البروليتاريا على السلطة لا يضع حدا للثورة بل يفتتحها فقط. و لا يمكن فهم البناء الاشتراكي إلا على أساس الصراع الطبقي على الصعيدين القومي و الدولي. و هذا الصراع, نظرا للسيطرة الحاسمة للعلاقات الرأسمالية على الصعيد العالمي, سيؤدي حتما إلى انفجارات عنيفة, أي إلى حروب أهلية في الداخل و حروب ثورية في الخارج. بهذا يكمن الطابع الدائم للثورة الاشتراكية ذاتها, أكان الأمر يتعلق ببلد متخلف أنجز ثورته الديمقراطية أو ببلد رأسمالي قديم مر عبر فترة طويلة من الديمقراطية و البرلمانية.
    لا يمكن إتمام الثورة الاشتراكية ضمن الحدود القومية. إن أحد الأسباب الأساسية لازمة المجتمع البرجوازي يكمن في كون القومي المنتجة التي خلقها هذا المجتمع تميل نحو الخروج من إطار الدولة القومية. و ينتج عن ذلك الحروب الإمبريالية من جهة, و طوبى الولايات المتحدة البرجوازية الأوروبية من جهة أخرى. تبدأ الثورة الاشتراكية ضمن الإطار القومي و تتطور على الصعيد الدولي ثم تستكمل على الصعيد العالمي. و هكذا تصبح الثورة الاشتراكية دائمة بالمعنى الجديد و الأوسع للكلمة : إنها لا تستكمل إلا بالانتصار النهائي للمجتمع الجديد على كوكبنا بأجمعه.
    إن الصورة التي رسمناها أعلاه لتطور الثورة العالمية تلغي مسألة البلدان "الناضجة" أو "غير الناضجة" للاشتراكية وفقا لهذا الترتيب المدعي و الجامد الذي وضعه برنامج الأممية الشيوعية الحالي. فبقدر ما خلقت الرأسمالية السوق العالمي و التقسيم العالمي للعمل و القوى المنتجة العالمية, حضّرت مجمل الاقتصاد العالمي للبناء الاشتراكي.
    إن مختلف البلدان ستصل إليه بوتائر مختلفة. و في ظروف معينة, تستطيع بلدان متخلفة أن تصل إلى دكتاتورية البروليتاريا قبل بلدان متقدمة, و لكنها ستصل بعدها إلى الاشتراكية.
    إن بلدا متخلفا مستعمرا أو شبه مستعمر ليست البروليتاريا فيه مهيأة التهيئة الكافية لتجميع الفلاحين حولها و الاستيلاء على السلطة هو, بحكم هذا الواقع بالذات, عاجز عن إتمام الثورة الديموقراطية. أما في بلد حيث تصل البروليتاريا إلى السلطة إثر ثورة ديموقراطية فلن يكون مصير الدكتاتورية و الاشتراكية اللاحق, في التحليل الأخير, رهنا بالقوى المنتجة القومية بقدر ما يُرهن بتطور الثورة الاشتراكية العالمية.
    إن نظرية الاشتراكية في بلد واحد, التي نبتت على زبل الردة ضد أكتوبر, هي النظرية الوحيدة التي تناقض بشكل عميق و منطقي نظرية الثورة الدائمة. إن محاولة رجال الصف الثاني, تحت طعنات النقد, حصر نظرية الاشتراكية في بلد واحد في روسيا الوحيدة بسبب خصائصها المميزة (الإتساع, الثروات الطبيعية) لا يحسّن الأمور بل يزيدها خطورة. إن التخلي عن موقف عالمي يؤدي بشكل حتمي إلى "الهدنة" القومية, أي إلى رؤية أفضليات و ميزات خاصة تسمح لبلد أن يلعب دورا لا يمكن للبلدان الأخرى أن ترتفع إليه.
    إن التقسيم العالمي للعمل, و اعتماد الصناعة السوفياتية على التقنية الأجنبية و اعتماد قوى الإنتاج في البلدان المتقدمة على المواد الأولية الأسيوية, الخ, تجعل من المستحيل بناء مجتمع اشتراكي مستقل, معزول, في أي بقعة كانت من العالم.
    إن نظرية ستالين و بوخارين لا تعارض الثورة الديموقراطية بالثورة الاشتراكية بشكل ميكانيكي فحسب, و رغم تجارب الثورات الروسية, بل تفصل أيضا الثورة القومية عن الثورة العالمية.
    فهي تضع ثورات البلدان المتخلفة أمام مهمة إقامة نظام الدكتاتورية الديموقراطية المستحيل تحقيقه و الذي ترفعه في وجه دكتاتورية البروليتاريا. و هكذا تدخل هذه النظرية في السياسة أوهاما و أساطير و تشل نضال البروليتاريا من أجل السلطة في الشرق و تعميق انتصار ثورات البلدان المستعمَرة.
    وفقا لنظرية رجال الصف الثاني, إن استيلاء البروليتاريا على السلطة يشكل بحد ذاته إتمام الثورة ("إلى درجة التسعة أعشار", حسب صيغة ستالين). إنها تفتتح عصر الإصلاحات القومية. إن نظرية دمج الكولاك بالاشتراكية و نظرية "أبطال تأثير" البرجوازية العالمية لا يمكن فصلهما, بالتالي, عن نظرية الاشتراكية في بلد واحد. فهي تقف و تنهار معا. إن نظرية الاشتراكية القومية تحط الأممية الشيوعية, و تستعملها كسلاح مساعد يخدم في النضال ضد تدخل مسلح. إن السياسة الحالية للأممية الشيوعية و نظامها و اختيار زعمائها تتناسب تماما مع انحطاطها و تحولها إلى فرقة مساعدة ليست مؤهلة لإنجاز المهام المقترحة عليها بشكل مستقل.
    إن برنامج الأممية الشيوعية, الذي وضعه بوخارين, هو انتقالي بكامله. إنه محاولة يائسة للتوفيق ما بين نظرية الاشتراكية في بلد واحد و الأممية الماركسية, في حين لا يمكن فصل هذه الأخيرة عن الطابع الدائم للثورة العالمية. إن نضال المعترضة الشيوعية اليسارية في سبيل سياسة صحيحة و نظام سليم في الأممية الشيوعية هو مرتبط بشكل لا ينفصم بالنضال في سبيل برنامج ماركسي. و مسألة البرنامج هي بدورها مرتبطة بمسألة النظريتين المتعارضتين: نظرية الثورة الدائمة و نظرية الاشتراكية في بلد واحد. إن مشكلة الثورة الدائمة قد تخطت منذ أمد طويل إطار الخلافات العرضية بين لينين و تروتسكي و التي, فضلا عن ذلك, استهلكها التاريخ استهلاكا كاملا. إن الأمر يتعلق بالنضال ما بين أفكار ماركس و لينين الأساسية, من جهة, و انتقائية الوسطيين, من جهة أخرى.
    ليون تروتسكي  اسطنبول, في 30 تشرين الثاني 1929
                  

01-08-2004, 11:08 PM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: Abuobaida Elmahi)

    ليون تروتسكي

    لكسمبرج و الأممية الرابعة




    --------------------------------------------------------------------------------



    كتب : في 24 يونيو 1935

    نشر لأول مرة : الأممية الجديدة ، أغسطس 1935

    ترجمة : ناصر الحصري




    --------------------------------------------------------------------------------



    تبذل الجهود حاليا في فرنسا و أماكن أخري لبناء ما يسمي لكسمبرجية كحصن مدافع عن اليساريين الوسطيين في مواجهه البلشفية ـ اللينينية . و ربما تكتسب هذه المسألة أهمية جديرة بالاعتبار . و ربما يكون من الضروري تكريس مقال آخر أكثر شمولا في المستقبل القريب بخصوص اللكسمبرجية الحقيقية و المزعومة . إنني أتمني هنا فقط أن أتلمس المميزات الأساسية للمسألة .



    لقد تناولنا أكثر من مرة هجوم روزا لكسمبرج علي التحريفات الوقحة و البلهاء لستالين و بيروقراطيته . و يجب علينا أن نستمر في فعل ذلك . و في فعل ذلك فإننا لسنا مدفوعين بالاعتبارات الإنسانية ، و لكن بمقتضي الانتقاد المادي ـ التاريخي . إن دفاعنا عن روزا لكسمبرج ، مهما يكن ، هو ليس بغير تحفظ . فالجوانب الضعيفة في تعاليم روزا لكسمبرج قد تم طرحها بطريقة ظاهرة للعيان نظريا و عمليا . إن أبناء حزب العمال الاشتراكي ( S.A.P) ) و العناصر القريبة لهم ( انظر ، علي سبيل المثال ، " الثقافية البروليتارية " الفكرية المبتدئة : السبارتاكية الفرنسية ، دوريات الطلبة الاشتراكيين التي تظهر في بلجيكا و في بعض الأحيان أيضا في الفعل الاشتراكي ( Action socialiste ) البلجيكية ، الخ ) يستخدمون فقط الجوانب الضعيفة و الناقصة و التي لم تكن بأي حال من الأحوال حاسمة في روزا ؛ فهم يعممون و يضخمون مواطن الضعف إلي الحد الأقصى ، و يبنون علي هذا الأساس نظام شامل سخيف . إن المفارقة هنا تكمن في أن الستالينيين ، أيضا ، في تحولهم الأخير، بدون علم و حتى بدون فهم ، فد أصبحوا قريبين في النظرية إلي الجوانب السلبية الكاريكاتورية ل اللكسمبرجية . لكي لا يتركوا شيئا للوسطيين التقليديين و الوسطيين اليساريين في المعسكر الاشتراكي الديمقراطي .



    لا ينكر أحد أن روزا لكسمبرج قد طرحت تلقائية الفعل الجماهيري في مقابل " النصر المتوج " للسياسة المحافظة للاشتراكية الديمقراطية الألمانية و بصفة خاصة بعد ثورة 1905 . هذا الطرح المعاكس كان له صفة ثورية و تقدمية مئة بالمئة . ففي تاريخ مبكر عن لينين ، أدركت روزا لكسمبرج الصفة المثبطة للحزب المتحجر فكريا و جهاز النقابات العمالية و بدأت الصراع ضدها . و نظرا إلي أنها قد اعتمدت علي المؤكدات الحتمية للصراعات الطبقية ، فهي قد تنبأت دائما بحقيقة المظهر الجوهري المستقل للجماهير في مواجهة إرادة و في مواجهة خط سير طبقة الموظفين . في ظل هذه الخطوط التاريخية العريضة ، فقد ثبت أن روزا كانت علي حق . فقد كانت ثورة 1918 " تلقائية " ، هي كذلك ، كانت قد تم إنجازها بواسطة الجماهير في مواجهة كل الاحتياطات المسبقة و التدابير الوقائية لطبقة موظفين الحزب ، و من الناحية الأخرى ، فإن كل التاريخ الألماني اللاحق قد أظهر بإسهاب أن التلقائية وحدها هي بعيدة كفاية عن النجاح : فنظام هتلر هو نزاع واسع ضد الدواء العام للتلقائية .



    روزا نفسها لم تحصر نفسها أبدا في النظرية المجردة للتلقائية ، مثل بارفوس ، علي سبيل المثال ، و الذي استبدل مؤخرا جبريته ( قدرية ) الثورية الاشتراكية بأكثر النظريات الثورية جبرية . و علي العكس من بارفوس ، فإن روزا لكسمبرج قد بذلت كل ما في وسعها لتثقيف الجناح الثوري للبروليتاريا سلفا و لكي توحدهم تنظيميا بأكبر قدر ممكن . في بولندا ، فهي قد شيدت تنظيم مستقل صلب جدا . إن أقصي ما يمكن أن يقال أنها في تقييمها التاريخي ـ الفلسفي للحركة العمالية ، النخبة الإعدادية من الطليعة ، بالمقارنة مع العمل الجماهيري الذي كان متوقعا ، فهي قد كانت هزيلة جدا بالنسبة لروزا ؛ في حين أن لينين ، و بدون أن يواسي نفسه بمعجزات العمل المستقبلي ، قد أخذ العمال المتقدمين و شرع باستمرار و دأب في صهرهم معا لتكوين نواة صلبه ، غير قانونية أو قانونية ، في التنظيمات الجماهيرية أو السرية ، و ذلك بواسطة برنامج معرّف بوضوح .



    لقد كانت نظرية روزا عن التلقائية سلاح مفيد في مواجهة الجهاز المتحجر للإصلاح . و بحقيقة أنه غالبا ما كان موجة ضد عمل لينين لبناء جهاز ثوري ، و هو ما كشف ، بالتأكيد ، و فقط في الحالة الجنينية ، مظاهره الرجعية . مع روزا نفسها فإن هذا كان قد حدث بصورة عرضية فقط . فهي كانت واقعية جدا من الوجهة الثورية و ذلك لتطوير العناصر الخاصة بنظرية التلقائية في ميتافيزيقية شديدة البراعة ، و عمليا في التطبيق ، فهي نفسها ، كما كانت قد قالت بالفعل ، قوضت هذه النظرية عند كل مرحلة . و بعد ثورة نوفمبر 1918 ، فهي قد شرعت نحو العامل المتحمس الذي يحشد الطليعة البروليتارية ، معتبرة نظريتها نسخة ضعيفة جدا من الثورة السوفيتية ، كتب في السجن و لكن لم يتم النشر أبدا عن طريقها ـ تسمح أعمال روزا التالية الاستنتاج الأكيد بأنها ، يوم بعد يوم ، كانت تقترب من نظرية لينين ـ تصور واضح لإدراك ما يتعلق بالقيادة الواعية و التلقائية . ( و من الأكيد أن هذا هو كان الظرف الذي منعها من نشر مخطوطها المناهض للسياسة البلشفية و الذي تمت إساءة استعماله بخسّة مؤخرا ) .



    دعونا نحاول مرة أخري أن نطبق النزاع بين الفعل التلقائي الجماهيري و العمل التنظيمي الهادف علي الفترة الحاضرة . فكم من نفقات جبارة من القوة و عدم الأنانية أنفقتها الجماهير الكادحة في كل الدول المتحضرة و نصف ـ المتحضرة منذ الحرب العالمية ! فلا يوجد في التاريخ الماضي ما يمكن مقارنته بها . و إلي هذا الحد كانت روزا لكسمبرج علي حق تماما بكونها ضد المادية القديمة ، الشخصية و الحماقة الخاصة بالزحف المستقيم " النصر ـ المتوج " للبيروقراطية المحافظة . و لكنه فقط هذا التبديد لهذه القوي غير المحدودة هو الذي يشكل أساس الحزن و الفتور في صفوف البروليتاريا في حين تتقدم الفاشية بنجاح . و بدون أقل قدر من المبالغة يمكننا القول : أن وضع العالم كله يمكن تحديده بواسطة الأزمة الخاصة بالقيادة البروليتارية . إن مجال الحركة العمالية اليوم هو ما يزال مثقلا ببواقي ضخمة من المنظمات القديمة المفلسة . و بعد تضحيات و إخفاقات لا حصر لها ، فإن معظم البروليتاريا الأوربية ، علي الأقل ، قد انطوي علي نفسه في داخل قوقعته . الدرس الحاسم الذي كانت أسقطته ، بتعمد أو بنصف ـ تعمد ، من التجارب المريرة ، يقول : عمل عظيم يتطلب قيادة عظيمة . بالنسبة للأمور الجارية ، فما يزال العمال يعطون أصواتهم للمنظمات القديمة . أصواتهم ، و لكن ليس بأي حال من الأحوال ثقتهم الغير محدودة . و من الناحية الأخرى ، بعد الانهيار المأساوي للأممية الثالثة ، فإنه من الصعوبة بمكان أن يتم تحريكهم لوضع ثقتهم في منظمة ثورية جديدة . هنا بالضبط تقع الأزمة الخاصة بالقيادة البروليتارية . وغناء أغنية مملة عن العمل الجماهيري المستقبلي الغامض في هذه الحالة ، علي النقيض من انتقاء واع لكوادر لأممية جديدة ، فإن ذلك يعني الاعتماد علي عمل رجعي تماما . و هذا هو بالضبط المكان حيث يوجد دور S.A.P. في مجري " العملية التاريخية " . و يمكن أن يستجمع أحد رجال الحرس القديم من الجناح اليساري لحزب العمال الاشتراكي ـ بالطبع ـ ذكرياته الماركسية من أجل أن يوقف التراجع النظري للتلقائية ـ البربرية . هذه المقاييس الأدبية الخالصة لا تغير شيئا من حقيقة أن تلاميذ ميلز ، الكاتب المتكلف للحل السلمي و الكاتب الذي هو ليس أقل تكلفا لذلك المقال في الطبعة الفرنسية من مجلة الشباب ، يعتمدون علي التلقائية الأكثر خزيا و تفاهة حتى في صفوف حزب العمال الاشتراكي . السياسات العملية ل Schwab ( اصطناع " عدم الحديث عن ماذا يكون " و العزاء الأبدي إلي العمل الجماهيري المستقبلي و تلقائية " العملية التاريخية " ) أيضا لا تدل إلا علي استغلال تكتيكي لنوع مهذب و محرف تماما من اللكسمبرجية . و إلي هذا الحد الذي وصل إليه رجال " الجناح اليساري " ، فإن " الماركسيين " قد فشلوا في شن هجوم واضح علي هذه النظرية و علي ممارسات حزبهم ، فمقالاتهم المضادة لميلز تكتسب صفة البحث عن تقديم الأعذار النظرية . و مثل هذا التقديم للأعذار لا يصبح لازما إلا عندما يكون الفرد جزءا من جريمة متعمدة .



    إن أزمة القيادة البروليتارية لا يمكن ، بالطبع ، أن يتم التغلب عليها بواسطة صيغة مجردة . فهي مسألة تتعلق بعملية رتيبة إلي حد بعيد ، و لكنها لا تتعلق بعملية " تاريخية " محضه ، و هكذا ، بالمقدمات المنطقية الموضوعية لنشاط واع ، و لكن بسلسلة متصلة من المقاييس الأيدلوجية و السياسية و التنظيمية بهدف إدماجهم ببعضهم إلي الحد الأقصى ، إن أكثر العناصر وعيا من البروليتاريا العالمية هي دون مستوي الشعارات النظيفة ، هذه العناصر التي يجب عليها أن تزيد باستمرار من أعدادها و ثقتها بنفسها ، كما يجب تطوير و تعميق اتصالها بالقطاعات العريضة من البروليتاريا ، في كلمة واحدة : أن يعيدوا إلي البروليتاري ، في ظل ظروف جديدة و صعبة إلي حد بعيد و أيضا شاقة ، قيادته التاريخية . و المشوشون التلقائيون الأخيرون لديهم فقط القليل من الحق لكي يشيروا إلي روزا مثل ما لدي بيروقراطيي الكومينترن البائسة لكي يشيروا إلي لينين . لنضع جانبا الحوادث العرضية و التي نتغلب علي تطوراتها ، و نستطيع ، و لدينا كل المسوغات ، أن نضع أعمالنا من أجل الأممية الرابعة تحت لافتة " اللامات الثلاث " ، و هكذا ، ليس فقط تحت لافتة لينين ، و لكن أيضا لكسمبرج و ليبنكخت .
                  

01-08-2004, 11:09 PM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: Abuobaida Elmahi)

    ليون تروتسكى

    الصناعة المؤممة و الإدارة العمالية


    --------------------------------------------------------------------------------



    تمت المقابلة : في مايو أو يونيو 1938 ، في المكسيك

    نشر لأول مرة : الأممية الرابعة ، نيويورك ، أغسطس 1946 ، الجزء 7 رقم 8

    مصدر النسخة التي تم تعريبها : Leon Trotsky internet archive ( www.marxists.org )

    تعريب : ناصر الحُصري

    نسخ الكتروني و ترتيب HTML: ناصر الحصري




    --------------------------------------------------------------------------------



    يلعب رأس المال الأجنبي دورا حاسما في البلدان المتخلفة صناعيا ، من هنا يأتي الضعف النسبي للبرجوازية الوطنية بالنسبة إلي البروليتاريا الوطنية .هذا يخلق حالات خاصة من السلطة الحاكمة , فالحكومة تتشتت بين رأس المال الأجنبي و رأس المال المحلي ، بين البرجوازية الوطنية الضعيفة و البروليتاريا القوية نسبيا . و هو ما يعطي الدولة طابعا بونابارتيا ذو شخصية مميزة . فهي ترفع نفسها ـ كما يقال ـ فوق الطبقات . في الواقع ، فهي تستطيع أن تحكم إما بجعل نفسها أداة للرأسمالية الأجنبية و تضع البروليتاريا في أغلال ديكتاتورية عسكرية ، و إما بالمناورة مع البروليتاريا أو الذهاب أبعد من ذلك و منحها بعض الامتيازات و بالتالي تكسب إمكانية الحصول علي بعض الحرية في مواجهة الرأسماليين الأجانب ، السياسة الحاضرة ( للحكومة المكسيكية ـ ترانز ) هي في الطور الثاني ؛ و أعظم مكتسباتها هي مصادرة ملكية كل من السكك الحديدية و الصناعات البترولية .



    هذه المقاييس تدخل تماما في نطاق رأسمالية الدولة ، و من ناحية ثانية ، ففي بلد شبة مستعمر فإن رأسمالية الدولة تجد نفسها واقعة تحت الضغط الثقيل لرأس المال الأجنبي الخاص و أيضا لضغط حكوماته ، و هي لا تستطيع المحافظة علي نفسها بدون المساندة الفعالة للعمال لها . و هذا هو السبب في أنها تحاول ، بدون أن تترك القوة الحقيقية تهرب من بين يديها ، أن تضع علي عاتق التنظيمات العمالية قدرا جدير بالاعتبار من المسؤولية من أجل مواصلة سير الإنتاج في الفروع المؤممة من الصناعة .



    ما الذي يجب أن تكون علية سياسة حزب العمال في هذه الحالة ؟ بالطبع سيكون من قبيل الخطأ المسبب للكوارث ، الخداع التام ، التأكيد علي أن الطريق إلي الاشتراكية يمر ، ليس من خلال الثورة البروليتارية ، و لكن من خلال التأميم الذي تقوم به دولة برجوازية لأفرع مختلفة من الصناعة و تحويلها إلي أيدي التنظيمات العمالية . لكن هذه ليست القضية . فالحكومة البرجوازية تجد نفسها مدفوعة إلي التأميم و أيضا تكون مجبرة علي طلب مشاركة العمال في إدارة الصناعات المؤممة . من الممكن أن يتفادى أحدهم هذه المسألة بالاستشهاد بحقيقة أنة إذا لم تأخذ البروليتاريا ملكية السلطة نفسها ، فإن المشاركة عن طريق النقابات العمالية في إدارة مشرعات رأسمالية الدولة لا يمكن أن يعطي نتائج اشتراكية .و لكن من ناحية ثانية ، فإن مثل هذه السياسة المضادة من جانب الجناح الثوري من الممكن ألا يتم فهمها من الجماهير و أيضا من الممكن أن تؤدي إلي تقوية مواقع الانتهازيين . بالنسبة للماركسي فالمسألة ليست هي بناء الاشتراكية بأيدي البرجوازية ، و لكنها تتمثل في الانتفاع من المواقف التي تقدم نفسها ضمن رأسمالية الدولة والتقدم بالحركة الثورية للعمال إلي الأمام.



    الاشتراك في البرلمانات البرجوازية لا يمكن أن يعطي نتائج ايجابية مهمة ؛ ففي ظل ظروف مؤكدة فإنه سيؤدي إلي إضعاف معنويات نواب العمال و إرباكهم . و لكن هذه ليست مسألة موضع خلاف بالنسبة لثوري مناهض للبرلمانية .



    إنه من غير الصحيح توثيق سياسة المشاركة العمالية في إدارة الصناعات المؤممة عن طريق مشاركة الاشتراكيين في حكومة برجوازية ( و التي نسميها الوزارية ) .فجميع أعضاء الحكومة مربوطين ببعضهم برباط التضامن .فكل حزب ممثل في الحكومة يكون مسئولا عن السياسة العامة للحكومة برمتها .أما المشاركة في إدارة فرع معين من الصناعة فتتيح الفرصة كاملة للمعارضة السياسية . و في حالة أن ممثلي العمال هم أقلية في الإدارة فإن لديهم كل الإمكانيات لكي يعلنوا و ينشروا اقتراحاتهم التي تم رفضها من الأغلبية ، لكي يظهروا لهم معرفة العمال ،الخ.



    اشتراك النقابات العمالية في إدارة الصناعات المؤممة من الممكن مقارنته بمشاركة الاشتراكيين في حكم البلديات ( المجالس البلدية ) حيث يحصل الاشتراكيين في بعض الأحيان علي الأغلبية و يجبروا علي توجيه اقتصاد بلدي مهم ، في حين تظل البرجوازية مهيمنة علي الدولة و تظل قوانين الملكية البرجوازية باقية . يكيف الاصلاحيون أنفسهم بسلبية مع النظام البرجوازي في ظل هذه البلديات . أما الثوريون فهم في هذا المجال يفعلون كل ما يستطيعون فعلة من أجل مصلحة العمال و يعلمون العمال في نفس الوقت و عند كل مرحلة أن هذه السياسة البلدية هي عديمة الجدوى بدون انتزاع سلطة الدولة .

    الفرق هنا ، بدون شك ، أنة في مجال الحكم البلدي يكتسب العمال مواقع معينة بواسطة الانتخابات الديموقراطية ، في حين أنه في ميدان الصناعات المؤممة فإن الحكومة نفسها هي من تدعوهم لكي يتولوا وظائف معينة . و لكن هذا الاختلاف ذو طابع شكلي تماما ، ففي كلتا الحالتين تكون البرجوازية مجبرة علي منح العمال مجالات نشاط محددة . و يستفيد العمال من ذلك من أجل مصالحهم الخاصة .



    سيكون من الاستهتار أن يغمض أحد عينيه عن ذلك الخطر المنبعث عن الموقف حيث تلعب النقابات العمالية دورا قياديا في الصناعة المؤممة . و جوهر الخطر هنا يكمن في ارتباط القيادات العليا للنقابات العمالية بالجهاز الخاص برأسمالية الدولة . و تحول ممثلي البروليتاريا المنتدبين إلي رهائن للدولة البرجوازية . و لكن مهما يكن هذا الخطر كبيرا فهو فقط يشكل جزءا من خطر عام ، أكثر دقة ، مرض عام ، و هو ما يعني أن قيام البرجوازية بإفساد وحل جهاز النقابات العمالية في العصر الإمبريالي لا يوجد فقط في المراكز الحضارية القديمة و لكن أيضا في البلاد المستعمرة . قيادات النقابات العمالية هم ، في الأغلبية الساحقة من الحالات ، ممثلين سياسيين للبرجوازية و دولتها . و في الصناعات المؤممة فمن من الممكن أن يصبحوا و هم بالفعل يصبحون ممثلين إداريين مباشرين . و في مقابل هذا فلا سبيل آخر سوي الصراع من أجل استقلال الحركة العمالية بصفة عامة ، و بصفة خاصة من خلال تكوين النقابات العمالية من الداخل من نواة ثورية صلبه و التي تكون قادرة ، في حين أنها تحافظ في نفس الوقت علي وحدة حركة النقابات العمالية ، علي الصراع من أجل سياسة طبقية و من أجل بنية ثورية للهياكل القيادية .



    هناك خطر من نوع آخر يوجد في حقيقة أن البنوك و المؤسسات الرأسمالية الأخرى ، و التي يعتمد عليها فرع معين من الصناعة المؤممة من الناحية الاقتصادية ، من الممكن أن تستخدم و سوف تستخدم طرق تخريبية خاصة لوضع العراقيل في طريق الإدارة العمالية ، و ذلك من أجل تشويه سمعتها و دفعها إلي كارثة . القادة الإصلاحيين سوف يحاولون التغلب علي هذا الخطر عن طريق التكيف المذل لأوامر مانحيهم الرأسماليين ، و بصفة خاصة البنوك . القادة الثوريون ، علي النقيض ، سوف يستخرجون النتيجة من التخريب الذي تقوم به البنوك كالآتي ؛ من اللازم مصادرة ملكية جميع البنوك و تأسيس بنك وطني واحد يكون بمثابة بيت المحاسبة للاقتصاد كله . و بالطبع هذه المسألة مرتبطة ارتباط غير قابل للانحلال بمسألة انتزاع الطبقة العاملة للسلطة .



    إن المؤسسات الرأسمالية المختلفة ، الوطنية و الأجنبية ، سوف تدخل حتما في مؤامرة مع مؤسسات الدولة لوضع العراقيل في طريق إدارة العمال للصناعة المؤممة . و من الجهة الأخرى ، فإن المنظمات العمالية و التي هي موجودة في إدارة أفرع مختلفة من الصناعة المؤممة يجب عليها أن ترتبط ببعضها البعض لتبادل خبراتهم ، يجب أن يقدموا الدعم الاقتصادي كل إلي الآخر ، يجب أن يؤثروا علي الحكومة بقواهم المتحدة ، علي أوضاع الائتمان ، ..الخ . و بالطبع فإن هذا المكتب المركزي للإدارة العمالية للصناعة المؤممة يجب أن يكون علي أقرب اتصال ممكن بالنقابات العمالية .



    و الملخص ، انه يمكن لنا القول بأن هذا المجال الجديد للعمل يحمل في طياته الفرص الأعظم و المخاطر الأعظم أيضا ، يكمن الخطر في حقيقة انه من خلال وسيلة النقابات العمالية المتحكم فيها في هذه المرحلة يمكن لرأسمالية الدولة أن تكبح جماح العمال ، استغلالهم بقسوة و شل مقاومتهم . و الإمكانيات الثورية تكمن في حقيقة أن العمال ، مرتكزين بأنفسهم علي مواقعهم في الأفرع ذات الأهمية الممتازة من الصناعة ، يمكنهم أن يقودوا الهجوم علي كل قوي رأس المال و أيضا علي الدولة البرجوازية . أي من هذه الاحتمالات سوف ينجح ؟ و في أي حقبة من الزمن ؟ طبيعي انه من المستحيل التنبؤ . فهذا يعتمد تماما علي النزاع بين الميول المختلفة داخل الطبقة العاملة ، خبرة العمال أنفسهم ، علي الموقف العالمي . و لكي يستخدم هذا الشكل الجديد للنشاط في سبيل مصلحة الطبقة العاملة ، و ليس الأرستقراطية و البيروقراطية العاملة ، فثمة شرط واحد يجب أن يتحقق ؛ وجود حزب ماركسي ثوري و الذي يدرس بعناية كل شكل من أشكال نشاط الطبقة العاملة ، ينتقد كل انحراف ، يثقف و ينظم العمال ، يكسب تأثيرا في النقابات العمالية و يضمن تمثيل العمال الثوريين في الصناعة المؤممة .



    ليون تروتسكي
                  

01-09-2004, 06:39 PM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: Abuobaida Elmahi)

    لينين

    الماركسية و الانتفاضة

    رسالة إلي اللجنة المركزية لحزب العمال الاشتراكي – الديمقراطي الروسي

    ( البلشفي )




    --------------------------------------------------------------------------------



    كتب : في 13 – 14 سبتمبر 1917

    نشر لأول مرة : عام 1921 في مجلة ( بروليتاريسكايا ريفولوتسيا ) ، العدد 2

    المصدر الأصلي : لينين . المؤلفات ، الطبعة الروسية الخامسة ، المجلد 34

    مصدر هذه النسخة العربية : لينين . مختارات ، الجزء 3 ، دار التقدم ، موسكو 1968

    ترجمة : دار التقدم

    نسخ الكتروني و ترتيب HTML : ناصر الحُصرى


    --------------------------------------------------------------------------------



    من شر التشويهات التي تقترفها الأحزاب " الاشتراكية " السائدة ، بحق الماركسية ، و فد يكون أوسع التشويهات انتشاراً ، هو الكذب الانتهازي الزاعم أن تحضير الانتفاضة ، و بوجه عام ، اعتبار الانتفاضة فناً ، إنما هو ضرب من " البلانكية "[1].



    إن زعيم الانتهازية ، برنشتين ، قد اكتسب شهرة سيئة باتهامه الماركسية بالبلانكية . و في الأساس نري أن الانتهازيين الحاليين الذين يزعقون بتهمة البلانكية لا يجددون و لا " يغُنون " في شيء " أفكار " برنشتين الهزيلة .



    اتهام الماركسية بالبلانكية لأنهم يعتبرون الانتفاضة فناً ! فهل يمكن أن يكون ثمة تشويه للحقيقية أشد وضوحاً ! فما من ماركسي ينكر أن ماركس نفسه قد أبدي رأيه حول هذه المسألة بأكثر ما يكون من الدقة و الوضوح و الجزم ، مسميا الانتفاضة بالضبط فناً ، قائلا أنه ينبغي اعتبارها فناً ، و أنة ينبغي إحراز نجاح أول ، و المضي فيما بعد من نجاح إلي نجاح ، دون وقف الهجوم علي العدو ، و مع استغلال بلبلته ، .....إلخ ، إلخ ..



    و في سبيل النجاح ، ينبغي للانتفاضة ألا تعتمد علي مؤامرة أو علي حزب ، بل علي الطبقة الطليعية . تلك هي النقطة الأولي . النقطة الثانية . ينبغي للانتفاضة أن تعتمد علي انعطاف حاسم في تاريخ الثورة الصاعدة ، حين يبلغ نشاط الصفوف المتقدمة من الشعب ذروته ، حين تبلغ الترددات في صفوف الأعداء و في صفوف أصدقاء الثورة الضعفاء ، الحائرين غير الحازمين ، أشدها . تلك هي النقطة الثالثة . إن الماركسية لتمتاز عن البلانكية لأنها تصوغ هذه الشروط الثلاثة بالذات عند طرحها مسألة الانتفاضة .



    و لكن إذا توافرت هذه الشروط ، كان رفض اعتبار الانتفاضة فناً بمثابة خيانة للماركسية ، بمثابة خيانة للثورة .



    ولكي نثبت أن الفترة الحالية هي بالضبط الفترة التي يجب فيها علي الحزب بالضرورة أن يعترف بأن مجري الأحداث الموضوعية قد طرح الانتفاضة في جدول الأعمال و أن يعتبر الانتفاضة فنا ، لكي نثبت هذا قد يكون من الأحسن استخدام طريقة المقارنة و رسم مقابلة بين يومي 3 و 4 تموز ( يوليو ) و أيام أيلول ( سبتمبر ) .

    في 3 و 4 تموز ، كان من الممكن و الصائب وضع المسألة علي النحو التالي : من الأصح استلام الحكم ، و إلا اتهمنا أعدائنا حتما بالانتفاضة و قمعونا كعصاه . و مع ذلك لم يكن من الممكن القول بضرورة استلام الحكم حينذاك ، لأن الشروط الموضوعية لانتصار الانتفاضة لم تكن متوافرة حينذاك :

    1 ) لم تكن معنا الطبقة التي هي طليعة الثورة . لم تكن معنا أغلبية العمال و الجنود في العاصمتين . أما الآن فنحوزها في كل من سوفييتي العاصمتين . إن هذة الأغلبية قد ولدتها فقط حوادث تموز و آب ( يوليو و أغسطس ) ، عن طريق تجربة أعمال" القمع " المسلط علي البلاشفة ، و كذلك عن طريق تجربة فتنة كورنيلوف .

    2) لم يكن التهوض الثوري حينذاك قد شمل الشعب بأسرة . أما الآن ، فقد تم ذلك ، بعد فتنة كورنيلوف . و الدليل علي ذلك الملحقات ، و استيلاء السوفييتات علي الحكم في الكثير من الأماكن .

    3 ) لم يكن حينذاك أعداؤنا و البرجوازية الصغيرة الحائرة قد أبدوا ترددات ذات مدي سياسي عام خطير . أما اليوم ، فإن هذه الترددات كبيرة جدا : إن عدونا الرئيسي ، الإمبريالية المتحالفة و العالمية – لأن الحلفاء هم في رأس الإمبريالية العالمية - ، يتردد بين الحرب حتى النصر و بين صلح منفرد ضد روسيا ، و أصحابنا الديموقراطيين البرجوازيين الصغار ، الذين تبين أنهم فقدوا الأكثرية في صفوف الشعب ، هم فريسة ترددات هائلة ، و قد تخلوا عن الكتلة ، أي عن الائتلاف مع الكاديت .

    4 ) و لهذا ، لو أن الانتفاضة شبت في 3 و 4 تموز لكانت خطأ : فلا ماديا ، و لا سياسياً ، كان بوسعنا أن نحتفظ بالحكم ، رغم أن بتروغراد كانت في أيدينا أحياناً ، لأن عمالنا و جنودنا ما كانوا ليقاتلون و يستشهدون في ذلك الحين بغية امتلاك المدينة : فما كانوا في مثل هذه الحالة من " الضراوة " كما هي حالتهم اليوم ؛ و ما كان يغلي في صدورهم الحقد الضاري نفسه سواء علي كيرنسكي و اضرابه ، أو علي تسيريتيلي و تشيرنوف و اضرابهما ، و ما كان مناضلونا قد تمرسوا بتجربة القمع المسلط علي البلاشفة بمساهمة الاشتراكيين ـ الثوريين و المناشفة .



    و سياسياً ، ما كان بوسعنا أن نحتفظ بالحكم في 3 و 4 تموز ، لأنة كان بامكان الجيش و الملحقات أن تزحف علي بتروغراد و لكانت زحفت علي بتروغراد ، قبل فتنة كورنيلوف .



    أما الآن ، فاللوحة مغايرة تماماً .



    فمعنا أغلبية الطبقة ، طليعة الثورة ، طليعة الشعب ، التي تستطيع اجتذاب الجماهير .



    معنا أغلبية الشعب ، لأن استقالة تشيرنوف هي أبرز و أوضح دليل ، و إن لم تكن الدليل الوحيد ، علي أن الفلاحين لن يتلقوا الأرض من كتلة الاشتراكيين ـ الثوريين ( و لامن الاشتراكيين ـ الثوريين أنفسهم ) . و الحال ، علي هذا يتوقف طابع الثورة الشعبي الشامل .



    نحن الآن بأفضلية حزب يعرف تمام المعرفة السبيل الذي ينبغي سلوكه حين تبدو ترددات لا سابق لها في صفوف الإمبريالية بكليتها و كتلة المناشفة و الاشتراكيين ـ الثوريين بأسرها .



    إن انتصارنا مضمون ، لأن الشعب علي قيد شعرة من اليأس . و نحن دللنا الشهب بأسره علي المخرج الصحيح إذ بينا له " في أيام فتنة كورنيلوف " أهمية قيادتنا ، ثم عرضنا علي الكتلويين إجراء مساومة ، فرفضوا عرضنا ، و لكنهم ما يزالون يترددون .

    و إنه لمن الخطأ الاعتقاد أن عرض المساومة لم يرفض حتى الآن ، و أن " الاجتماع الديمقراطي "[2] لا يزال في وسعه أن يقبله .



    لقد عرضت المساومة من حزب لأحزاب ، و لم يكن بالامكان عرضها علي نحو آخر . فرفضتها الأحزاب . و ليس الاجتماع الديمقراطي سوي اجتماع ، لا أكثر . و ينبغي ألا ننسي شيئا واحدا : هو أن أغلبية الشعب الثوري ، الفلاحين الفقراء الحانقين ، غير ممثلة في هذا الاجتماع . إنه اجتماع أقلية الشعب ؛ تلك حقيقة بديهية لا يجوز نسيانها . فإذا اعتبرنا الاجتماع الديمقراطي برلمانا ، اقترفنا شر خطأ ، و وقعنا في شر بلاهة برلمانية ؛ إذ انه لا يقرر أي شيء ، حتى و لو أعلن نفسه برلمان الثورة الدائم ذا السيادة : فتقرير الأمور لا يتوقف عليه ، بل علي أحياء العمال في بتروغراد و موسكو .



    إن جميع المقدمات الموضوعية لنجاح الانتفاضة متوافرة الآن ، فلدينا الأفضليات الاستثنائية الناجمة عن وضع لا يقضي فيه غير انتصارنا في الانتفاضة علي الترددات التي عذبت الشعب ، و التي هي أشد الأشياء تعذيبا في العالم ، و لا يعطي فيه غير انتصارنا في الانتفاضة الأرض للفلاحين علي الفور ، و لا يحبط فيه غير انتصارنا نحن في الانتفاضة مهزلة الصلح المنفرد الموجه ضد الثورة ، إن انتصارنا سيحبط هذه المهزلة بعرضه علنا صلحا أكمل ، و أعدل ، و أسرع ، صلحا في صالح الثورة .



    و أخيرا ، إن حزبنا وحدة يستطيع إنقاذ بتروغراد بعد أن ينتصر في الانتفاضة ؛ لأنه إذا رفض عرض الصلح الذي نتقدم به و إذا لم نحصل حتى علي هدنة ، غدونا نحن من " أنصار الدفاع " و سرنا طليعة أحزاب الحرب ؛ و أمسينا أشد أحزاب الحرب ضراوة ، و خضنا الحرب بصورة ثورية حقاً ، و انتزعنا كل الخبز و كل الجزم من الرأسماليين ، و تركنا لهم الفتات و احذيناهم الأحذية من لحاء الشجر ، و أعطينا الجبهة كل الخبز و كل الأحذية .



    وإذ ذاك نحتفظ ببتروغراد .



    و ما تزال في روسيا موارد هائلة ، مادية و معنوية ، لخوض حرب ثورية حقا . و ثمة 99 بالمئة من الاحتمالات أن يمنحنا الألمان هدنة علي الأقل . و الحال ، أن الحصول الآن علي هدنة ، إنما يعني التغلب علي العالم بأسرة .





    * * *



    إننا ، إذ ندرك أن من الضروري إطلاقا أن يقوم عمال بتروغراد و موسكو بانتفاضة في سبيل إنقاذ الثورة و في سبيل إنقاذ روسيا من تقاسم " منفرد " بين إمبرياليي الكتلتين ، يترتب علينا بادئ الأمر أن نكيف تكتيكنا السياسي في الاجتماع وفقا لشروط الانتفاضة التي تتصاعد ؛ و من ثم يترتب علينا أن نثبت أننا لا نكتفي بالموافقة قولا فقط علي فكرة ماركس حول ضرورة اعتبار الانتفاضة فناً .



    و علينا ، في الاجتماع ، منذ البدء ، أن نشد من لحمة الكتلة البلشفية ، دون الركض وراء العدد ، دون الخشية من ترك المترددين في معسكر المترددين : فهناك يكونون أوفر فائدة لقضية الثورة مما لو كانوا في معسكر المكافحين المفعمين بروح الحزم و التفاني .



    يترتب علينا أن نضع بيانا موجزا باسم البلاشفة ، نشير فيه بأشد ما يكون من الجزم إلي انه ليس من المناسب إلقاء الخطب الطويلة و " الخطب " بوجه عام ، إلي انه من الضروري القيام بعمل فوري في سبيل إنقاذ الثورة إلي انه من الضروري إطلاقا إجراء قطيعة تامة مع البرجوازية ، و خلع كل الحكومة الحالية خلعاً ، و إجراء قطيعة تامة مع الإمبرياليين الانجلو ـ فرنسيين الذين يهيئون تقاسم روسيا بصورة " منفردة " ، إلي انه من الضروري انتقال كل السلطة فوراً إلي الديمقراطية الثورية التي تترأسها البروليتاريا الثورية .



    ينبغي أن يصوغ بياننا ، بصورة موجزة قاطعة قدر الامكان ، و بالارتباط مع مشاريع برنامجنا ، الاستنتاج التالي : السلام للشعوب ، الأرض للفلاحين ، مصادرة الأرباح الرأسمالية الفاضحة ، كبح جماح الرأسماليين الذين يخربون الإنتاج بصورة فاضحة .



    و كلما كان هذا البيان موجزا و قاطعا ، كان ذلك أحسن ، إنما ينبغي فقط أن نشير فيه بكل وضوح إلي نقطتين علي جانب كبير من الأهمية : ان الترددات قد عذبت الشعب إلي أقصي حد ، و ان تذبذبات الاشتراكيين ـ الثوريين و المناشفة قد عذبته تعذيباً ، ولذا نقطع نهائيا كل صلة لنا مع هذين الحزبين لانهما خانا الثورة .



    النقطة الثانية : اننا ، إذ نعرض فورا صلحا بدون الحاقات ، و إذ نقطع فورا كل صلة مع الإمبرياليين الحلفاء و جميع الإمبرياليين الآخرين ، إنما نحصل فورا علي هدنة ، و اما علي تبني كل البروليتاريا الثورية وجهة نظر الدفاع و علي قيام الديمقراطية الثورية ، تحت قيادة البروليتاريا الثورية ، بحرب عادلة حقا ، ثورية حقا .



    و بعد تلاوة هذا البيان ، بعد الدعوة إلي التقرير لا إلي الكلام ، إلي العمل لا إلي تدبيج القرارات ، ينبغي علينا أن نوجه كل كتلتنا إلي المعامل و الثكنات : فهناك مكانها ، هناك عصب الحياة ، هناك مصدر خلاص الثورة ، هناك محرك الاجتماع الديمقراطي .



    هناك ، في خطابات حماسية متأججة ، ينبغي علينا أن نوضح برنامجنا و أن نطرح المسألة علي النحو التالي : إما قبول الاجتماع هذا البرنامج قبولا تاما ، و إما الانتفاضة . و ليس ثمة من حل آخر ، و يستحيل الانتظار . فالثورة في سبيل الهلاك .



    بطرح المسألة علي هذا النحو ، و تركيز كل نشاط كتلتنا في المعامل و الثكنات ، سنعرف كيف نختار اللحظة المناسبة للقيام بالانتفاضة.



    و لكي ننظر إلي الانتفاضة نظرة ماركسية ، أي لكي نعتبرها فناً ، ينبغي علينا ، في الوقت نفسه ، ألا نضيع أي دقيقة ، فننظم هيئة أركان لفصائل الثوار ، و نوزع قوانا ، و نوجه الأفواج الأمينة نحو أهم النقاط ، و نطوق الكسندرينا ، و نحتل بتروبافلوفكا [3]، و نعتقل هيئة الأركان العامة و الحكومة ، و نرسل ضد اليونكر[4] و الفرقة الوحشية[5] فصائل يستطيع أفرادها التضحية بحياتهم و لا يدعون العدو يمر نحو النقاط الهامة من المدينة . ينبغي علينا أن نعبئ العمال المسلحين ، و ندعوهم إلي خوض معركة مستميتة أخيرة ، ينبغي أن نحتل دفعة واحدة التلغراف و التلفون ، و أن نقيم هيئة أركاننا نحن الثورية عند المركز التلفوني ، و أن نربطه تلفونيا بجميع المعامل و المصانع ، بجميع الأفواج ، بجميع النقاط التي سيجري فيها النضال المسلح ، الخ .. .



    و طبيعي أن كل ما قيل ما هو إلا من باب الإشارة لكي نبين اننا لا نستطيع ، في الفترة التي نمر بها ، أن نبقي أمناء للماركسية ، أن نبقي أمناء للثورة ، إذا لم نعتبر الانتفاضة فناً .



    لينين








    --------------------------------------------------------------------------------



    ملاحظات :




    [1] البلانكية ، تيار في الحركة الاشتراكية الفرنسية ترأسه الثوري الكبير و أحد ممثلي الشيوعية الطوبوية الفرنسية البارزين لويس اوغوست بلانكي (1805 – 1881 ) . كان البلانكيون ينتظرون " خلاص البشرية من عبودية العمل المأجور لا عن طريق نضال البروليتاريا الطبقي ، بل عن طريق مؤامرة تعدها أقلية غير كبيرة من المثقفين " ( لينين ) . و إذ استعاض البلانكيون عن نشاط الحزب الثوري بنشاط جماعة سرية من المتآمرين لم يحسبوا الحساب للظرف الواقعي الضروري لانتصار الانتفاض و أهملوا الارتباط بالجماهير .

    [2] الاجتماع الديمقراطي لعامة روسيا دعت إلي عقده اللجنة المركزية للسوفييتات التي كان يهيمن فيها المناشفة و الاشتراكيون ـ الثوريون ، للبت في مسألة السلطة . انعقد الاجتماع في 13 ـ 22 ايلول ( سبتمبر ) 1917 في بتروغراد . اتخذ زعماء المناشفة و الاشتراكيين الثوريين جميع التدابير الرامية إلي تقليل عدد ممثلي جماهير العمال و الفلاحين و زيادة عدد ممثلي مختلف المنظمات البرجوازية و البرجوازية الصغيرة .

    اشترك البلاشفة في الاجتماع لاستخدامه منبرا لفضح المناشفة و الاشتراكيين ـ الثوريين . قرر الاجتماع الديمقراطي تشكيل البرلمان التمهيدي ( مجلس الجمهورية المؤقت ) الذي كان له طابع استشاري و كانت هذه محاولة للبرهان زورا علي اقامة النظام البرلماني في روسيا .

    في 7 ( 20 ) تشرين الأول ( أكتوبر ) ، يوم افتتاح البرلمان التمهيدي ، تلا البلاشفة بيانهم و انسحبوا من البرلمان التمهيدي .

    [3] الكسندرينكا ، مسرح اليكسندرينسكي في بتروغراد ، انعقد الاجتماع الديمقراطي .

    بتروبافلوفكا تقع قلعة بطرس و بولص مقابل قصر الشتاء ، علي الضفة الثانية من نهر النيفا . في ظل القيصرية كانوا يزجون فيها بالمعتقلين السياسيين ، و كانت تملك ترسانة هائلة ، كما كانت نقطة استراتيجية هامة في بتروغراد . في الوقت الحاضر متحف تاريخي .

    [4] اليونكر ، في روسيا القيصرية ، تلامذة المدارس العسكرية التي تخرج الضباط .

    [5] الفرقة الوحشية ، اسم فرقة تشكلت ابان الحرب العلمية الأولي 1914 ـ 1918 من متطوعي الشعوب الجبلية في القفقاس . حاول الجنرال كورنيلوف استغلال " الفرقة الوحشية " كقوة صدام عند الهجوم علي بتروغراد الثائرة
                  

01-09-2004, 06:44 PM

Abuobaida Elmahi
<aAbuobaida Elmahi
تاريخ التسجيل: 08-15-2003
مجموع المشاركات: 693

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: Abuobaida Elmahi)

    كارل ماركس
    موضوعات عن فورباخ

    --------------------------------------------------------------------------------

    النسخ الإلكتروني لـدجو

    ترتيب HTML لأبي نيكولا


    --------------------------------------------------------------------------------

    1
    إن النقيصة الرئيسية في المادية السابقة بأسرها - بما فيها مادية فورباخ - هي أن الشيء (Gegenstand), الواقع , الحساسية , لم تُعرض فيها إلا بشكل موضوع (Objekt) أو بشكل تأمل (Anschauung), لا بشكل نشاط إنساني حسيّ , لا بشكل تجربة , لا من وجهة النظر الذاتية. و نجم عن ذلك أن الجانب العملي , بخلاف المادية , إنما طورته المثالية , و لكن فقط بشكل تجريدي , لأن المثالية لا تعرف, بطبيعة الحال, النشاط الواقعي الحسي كما هو في الأصل. و فورباخ يريد الموضوعات الحسية التي تتميز في الحقيقة عن الموضوعات الفكرية, و لكنه لا ينظر إلى النشاط الإنساني نفسه بوصفه نشاطا واقعيا (gegenständliche), و لهذا لم يعتبر في كتابه "جوهر المسيحية" شيئا إنسانيا حقا إلا النشاط النظري , في حين أنه لم ينظر إلى النشاط العملي و لم يحدده إلا من حيث شكله التجاري الوسخ. و لهذا , لا يدرك أهمية النشاط "الثوري" , "النقدي-العملي ."

    2
    إن معرفة ما إذا كان التفكير الإنساني له حقيقة واقعية (gegenständliche) ليست مطلقا قضية نظرية , إنما هي قضية عملية ؛ ففي النشاط العملي ينبغي على الإنسان أن يثبت الحقيقة , أي واقعية و قوة تفكيره و وجود (Diesseitigkeit) هذا التفكير في عالمنا هذا . و النقاش حول واقعية أو عدم واقعية التفكير المنعزل عن النشاط العملي إنما هو قضية كلامية بحتة .

    3
    إن النظرية المادية التي تقر بأن الناس هم نتاج الظروف و التربية , و بالتالي بأن الناس الذين تغيروا هم نتاج ظروف أخرى و تربية متغيرة , - هذه النظرية تنسى أن الناس هم الذين يغيرون الظروف و أن المربي هو نفسه بحاجة للتربية . و لهذا فهي تصل بالضرورة إلى تقسيم المجتمع قسمين أحدهما فوق المجتمع (عند روبرت أوين مثلا.)

    إن اتفاق تبدل الظروف و النشاط الإنساني لا يمكن بحثه و فهمه فهما عقلانيا إلا بوصفه عملا ثوريا .

    4
    إن فورباخ ينطلق من واقع أن الدين يُبعد الإنسان عن نفسه , و يشطر العالم إلى عالم ديني موهوم و عالم واقعي. و عمله ينحصر في جر العالم الديني إلى قاعدته الأرضية. و هو لا يرى أنه متى انتهى هذا العمل , يبقى الشيء الرئيسي غير منجز. و الواقع أن القاعدة الأرضية تفصل نفسها عن نفسها و تنقل نفسها إلى السحاب بوصفها ملكوتا مستقلا. لا يمكن تفسيره إلا بالنزعات و التناقضات الداخلية الملازمة لهذه القاعدة الأرضية. يجب إذن , أولا , فهم هذه الأخيرة في تناقضها , و بعد ذاك يجب تعديلها بشكل ثوري عن طريق إزالة هذا التناقض. و عليه , حين يكتشف , مثلا , سر العائلة المقدسة في العائلة الأرضية , يجب انتقاد العائلة الأرضية نفسها نظريا و تحويلها ثوريا بشكل عملي .

    5
    إن فورباخ الذي لا يرضيه التفكير المجرد يستنجد بالتأمل الحسي ؛ و لكنه لا يعتبر الحساسية نشاطا عمليا للحواس الإنسانية .

    6
    إن فورباخ يُذيب الجوهر الديني في الجوهر الإنساني . و لكن الجوهر الإنساني ليس تجريدا ملازما للفرد المنعزل. فهو في حقيقته مجموع العلاقات الاجتماعية كافة .

    إن فورباخ الذي لا ينتقد هذا الجوهر الحقيقي مضطر إذن إلى :

    أن يتجرد عن سير التاريخ و أن يعتبر الشعور الديني (Gemüt) في ذاته , مفترضا وجود فرد إنساني مجرد منعزل ؛
    أن يعتبر , بالتالي , الجوهر الإنساني فقط بوصفه "نوعا" , تعميما داخليا أخرس , يربط كثرة من الأفراد بعرى طبيعية بحتة .
    7
    و نتيجة لذلك لا يرى فورباخ أن "الشعور الديني" هو نفسه نتاج اجتماعي و أن الفرد المجرد الذي يحلله يرجع في الحقيقة إلى شكل اجتماعي معين .

    8
    إن الحياة الاجتماعية هي بالأساس حياة عملية . و كل الأسرار الخفية التي تجر النظرية نحو الصوفية , تجد حلولها العقلانية في نشاط الإنسان العملي و في فهم هذا النشاط .

    9
    إن الذروة التي بلغتها المادية التأملية, أي المادية التي لا تعتبر الحساسية نشاطا عمليا إنما هي تأمل أفراد منعزلين في "المجتمع المدني ."

    10
    إن وجهة نظر المادية القديمة هي المجتمع "المدني" ؛ و وجهة نظر المادية الجديدة هي المجتمع البشري أو البشرية التي تتسم بطابع اجتماعي.

    11
    إن الفلاسفة لم يفعلوا غير أن فسروا العالم بأشكال مختلفة و لكن المهمة تتقوم في تغييره .


    --------------------------------------------------------------------------------

    كتبها كارل ماركس في ربيع عام 1845.

    نشرها أنجلس لأول مرة في عام 1888 في ملحق لطبعة منفردة لكتابه "لودفيغ فورباخ و نهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية"

    يصدر حسب نص طبعة عام 1888 المقارن بمخطوطة ماركس.

    تمت الترجمة نقلا عن الألمانية
                  

01-09-2004, 09:42 PM

خضر حسين خليل
<aخضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: Abuobaida Elmahi)

    ابو عبيده
    تحياتي
    مجهود جبار
    لاذلت انتظر المزيد
                  

01-10-2004, 09:03 PM

هدهد

تاريخ التسجيل: 02-19-2003
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: كم من الوقت سيمنحنا التاريخ لكي نعد أنفسنا؟ تروتسكي (Re: خضر حسين خليل)

    العزيز دوماً ابو عبيده
    التحيات النواضر
    بجيك راجع
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de