قضايا السودان فى صحيفة البيان

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 03:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-31-2003, 11:11 AM

الكيك
<aالكيك
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 21172

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قضايا السودان فى صحيفة البيان




    30 Dec 2003 20:05:23 GMT
    تقارير البيان
    أحداث دارفور واتهامات الحكومة بين الحقيقة والمناورة



    وجهت المؤسستان العسكرية والأمنية في السودان تحذيرات قوية واضحة المرامي لثلاث جهات هي حزب المؤتمر الشعبي المعارض الذي يقوده الزعيم الاسلامي الدكتور حسن عبد الله الترابي ، دولة اريتريا والحركة الشعبية بزعامة جون قرنق التي تجري مفاوضات الآن بنيفاشا مع الحكومة لتوقيع اتفاق سلام قبل نهاية العام الجاري.


    الرسائل عبر لقاء فريد تحدث فيه اللواء بكري حسن صالح وزير الدفاع واللواء صلاح عبد الله الشهير بـ «صلاح قوش» مدير الامن الوطني مع قادة الاجهزة الاعلامية المحلية.


    واستغرق اللقاء الذي حمل عنوان (لقاء تفاكري وتشاوري) حوالي ساعتين ونصف الساعة وخصص للحديث عن الاوضاع في دارفور والجهات التي ترى السلطات انها متورطة فيها. وعبر اللقاء عن نفاذ صبر القيادات العليا في الجيش والامن لتحركات حزب الترابي تحديداً في درافور. اكتسب اللقاء فرادته لندرة اللقاءات المفتوحة أو الصحفية التي يشارك فيها اللواء صلاح الشهير بصمته وقلة حديثه في القضايا السياسية.


    وتضع الاتهامات التي وجهها «قوش» خلال اللقاء للدكتور الترابي هذا الاخير تحت طائلة المساءلة القانونية. فقد قال في رده على تساؤلات الصحفيين عن طبيعة الاوضاع في دارفور. يهمني ان اتحدث عن «الشعبي» وهم بامكانهم ان يعلنوا تبرؤهم مما حدث أو يجري هناك. ولكن ما يجري الشواهد تقول بغير ما يعلنون.


    وصدر توجيه من الترابي لعلي الحاج (نائبه المتواجد في منفى اختياري ما بين لندن وبرلين) ان يميل كثيراً نحو متمردي دارفور حتى لو اضطر للخروج عن «الشعبي». واضاف لقد اقيم مؤتمران بقارسيلا بدارفور واسماء المشاركين فيه لدينا ومن المفارقات ـ يضيف قوش ـ ان بعض الاسماء لا علاقة لها بدارفور ولكنها منتمية للشعبي. ومثلاُ امين «الشعبي» في غرب دارفور وهو قائد اساسي للمتمردين في غرب درافور.


    ويبدو ان اتهامات الامن ليست منبتة فكما يقول المثل ليس هناك دخان بدون نار فاعضاء «الشعبي» اما ناشطون في دارفور أو ان قادة «حركة تحرير السودان» التي تقود العمل العسكري هناك الى جانب قيادات بارزة في حزب «العدل والمساواة» احد الاجنحة السياسية لحملة السلاح في دارفور كانوا اعضاء بارزين في الحركة الاسلامية وتولوا مواقع مؤثرة في السلطة.


    وعندما وقعت المفاصلة الشهيرة بين الرئيس عمر البشير والترابي عام 1999م مال ابناء دارفور البارزين مع الاخير وفقد عدد منهم مناصبه الحساسة في بعض الاجهزة النظامية فلجأوا الى حمل السلاح او دعم حامليه. وهؤلاء وقفوا وراء ما سمي بـ «الكتاب الاسود» الذي رصد ما اعتبروه ظلماً تاريخياً عدد بشكل تفعيلي المراكز الرئيسية في السلطة التي يحتلها ابناء شمال السودان ووسطه مقارنة بالمراكز التي يتولاها ابناء دارفور.


    وقد اعتبر الدكتور الترابي ان ضغوط الجماعة المسلحة في دارفور كانت السبب الرئيسي لاطلاق سراحه من معتقله الذي مكث فيه لاكثر من عامين في اكتوبر الماضي.وهناك علاقة احترام واعجاب متبادلين بين الدكتور الترابي وعدد مقدر من مثقفي دارفور. ولهذه العلاقة جذور نفسية لدى الطرفين فابناء دارفور لعبوا الدور الاساسي في الثورة الاسلامية المهدية اقترنت ثمانينات القرن التاسع العشر ، ومنذ ذلك الحين تقرن الذاكرة الشعبية في دارفور بالانصار (انصار المهدي).


    وسكان المنطقة متدينون وشهدت خمسينات وستينات القرن الماضي نشؤ ظاهرة اليسار الشيوعي والاشتراكي والقومي ولم يكن السودان بعيداً عن هذه التطورات العالمية والاقليمية ومع انتشار التعليم وتوسعه في السودان بدأ ابناء دارفور يشعرون بالحرج من اتهامهم بالتبعية العمياء لطائفة الانصار وابناء المهدي وكان صعباً عليهم انذاك الانتماء لليسار المنبوذ في ديارهم امتداداً لصراع المركزيين اليسار (التقدمي) المتمركز في المدن الرئيسية واليمين (الرجعي الطائفي) الممتد في الاقاليم.


    ووجد مثقفوا دارفور ضالتهم في التنظيم الجديد الذي بشر به الدكتور الترابي في عام 64 مع انفجار الثورة الشعبية لينتشلهم من حيرتهم وعجزهم عن تبرير استمرار الانتماء الطائفي رغم التعليم العالي.ومنذ ذلك الحين ارتبطوا عضوياً بالحركة بالاسلامية الناشئة المناوئة لليسار واليمين معاً.


    والناظر الان في تركيبة «الشعبي» يجد ان القيادات المؤثرة فيه هي من دارفور فبجوار على الحاج هناك الحاج آدم وزير الزراعة الاسبق والمهندس آدم الطاهر حمدون مستشار الرئيس السابق لشؤون السلام ورئيس التنظيم حالياً في ولاية الخرطوم ومحمد الامين خليفة عضو مجلس قيادة ثورة الانقاذ السابق.


    وهناك غيرهم في مستويات مختلفة. والاتهام الذي وجهه قوش في اللقاء لحركة قرنق بالتورط في احداث درافور لم يكن بنفس القسوة بل حمل تبريراً لمسلكه فقد قال: تحدث البعض عن تورط الحركة الشعبية وهذا ثابت لنا بالدليل القاطع والدامغ. احد قيادات المتمردين (دارفور) كان في نيجيريا ثم عاد لينضم الي النهابيين (جيش تحرير السودان) ثم ان قرنق فتح جبهة عمليات جديدة في درافور بعد توقف جولة المحادثات مع الحكومة في وقت سابق ثم توقفت علاقة الطرفين.


    هذا الدعم مرصود لنا من الاسبوع الماضي ويتم استخدام مطار في منطقة شمال غرب دارفور لامداد المتمردين بالسلاح والذخيرة وهناك حماية من ابناء احدى قبائل المنطقة جاءوا من الجنوب لفتح جبهة ثالثة للتمرد يقودهم احد ابناء المنطقة ومعه عدد من الجنوبيين.


    واضاف المطلوب تفسير من الحركة الشعبية ولكنها تحتاج في رأيي وتقديري، وهذا تحليل، الى ان تكون متبنية لقضايا المهمشين وهي كرت للمضاربة.علاقة الحركة مع ابناء دارفور عموماً قديمة وغامضة فاول من روج لقيام الحركة في الخرطوم عام 83 هو الدكتور على الحاج الذي كان يوزع على نطاق واسع منشورات الحركة محتمياً .


    في ذلك لوقت بعلاقة الحركة الاسلامية بنظام نميري ولاحقاً بعد وصول الانقاذ للسلطة دعمت الحركة تمرداً كبيراً قاده احد منتسبي الحركة سابق هو داوؤد يحيى بولاد وكاد يؤسس في عام 93 تمرداً شبيهاً بتمرد الحركة في الجنوب لولا ان تمكن اللواء الطيب ابراهيم محمد خير أحد ابرز قيادات الانقاذ وحاكم دارفور الكبرى سابقاً وزميل بولاد في الجامعة من سحق التمرد.


    الجديد في هذا التمرد انه كان مدموغاً بصيغة اسلامية ولكن ببعد زنجي. ولم تتوقف محاولات الحركة لاختراق دارفور تحت دعاوي ان الاغلبية في السودان اثنية وليست دينية وان ابناء دارفور لو انتبهوا لعرقهم الي جانب دينهم سيشكلون مع الجنوبيين اغلبية يمكنها ان تحكم السودان بسهولة. والاتهامات الحكومية بدعم الحركة للتمرد الجديد في دارفور ليست جديدة اذ اعلنت الحكومة مطلع شهر ديسمبر انها قدمت شكوى لسكرتارية الايغاد يوضح مدى دعمها لتمرد مما يعد خرقاً للاتفاقات الموقعة بين الطرفين.


    اما الحركة فنفت بشدة ان تكون ضالعة في مساندة متمردي دارفور ولكنها لم تخف تعاطفها معهم وطالبت الحكومة بالاستماع لمطالبهم.والاتهامات الحكومية في جانب منها للحركة استباقية تستهدف قطع الطريق عليها في المطالبة عند اقتسام الوزارات بعد توقيع اتفاق السلام بوزارة الدفاع او باي موقع متقدم في هيكل الجيش او في جهاز الامن الوطني فهي وفق الاتهام منحازة لمتمردين لم يضعوا السلاح فكيف سيتسنى لها ان تدير هاتين المؤسستين المعنيتين بتحقيق الامن والاستقرار.


    ويتردد في كواليس المفاوضات ان الحركة عازمة على اقتسام الوزارات السيادية مع الحكومة ويقول الموالون لها في الخرطوم انها ستطالب بالدفاع اذا تمكنت الانقاذ من الانفراد بالخارجية والعكس صحيح وانها تطالب بالمنصب الاول في الداخلية مقابل الثاني في الامن الوطني والعكس صحيح.


    الاتهام الحكومي لاريتريا هو عامل ثابت في كل قضايا الامن الحدودي السوداني سواء كان في الشرق او الغرب او الجنوب. ويبدو ان الرهان في الخرطوم واسمرا قائم على ان احد النظامين لابد ان يتغدي بالاخر قبل ان يتعشى به لذا يقودان معارك اعلامية وسياسية شرسة ويدعمان كلما وجدا الي ذلك سبيلا عناصر المعارضة في البلدين ان علنا، كما هو حال اريتريا، او سراً كما هو وضع ا
    217


    40 مفكراً يبحثون آفاق الحوار بين الإسلام والغرب


    الخرطوم ـ التجاني السيد





    استضافت الخرطوم خلال الفترة من 13-15 ديسمبر الماضي (مؤتمر الاسلام والغرب في عالم متغير) في وقت تتداخل فيه الكثير من الرؤي حول المصطلحات التي أخذت تمثل ازمة جدية في الحوار بين اوروبا المسيحية والعالمين العربي والاسلامي. وشهد المؤتمر الذي جرت خلاله مناقشة أكثر من 20 ورقة بمشاركة أكثر من 40 مفكراً اضافة الى بعض الوزراء مناقشة موضوع العلاقة مع الغرب والديمقراطية وواقع العمل الاسلامي في اوروبا وقضايا الاقليات. وأمن المؤتمر في ختام جلساته بقاعة الصداقة على ضرورة إقرار صيغة للحوار مع اوروبا انطلاقاً من مبادئ الدين الاسلامي تحقق التعايش وتحفظ الخصوصية، كما تناولت الأوراق قضية الديمقراطية كمدخل للحوار مع الغرب وقضايا الاقليات وتأثيرات العولمة.


    استعرض المفكر منير شفيق الكيفية التي نشأت عبرها الديمقراطية في الغرب والتي قال انه لا يمكن ربطها بفكر اوفلسفات سابقة وإنما هي نظام تشكل عبر عملية تاريخية شهدت صراعات ومساومات بين مصالح الطبقات المختلفة في سياق تنازعها على الحكم والسلطة وحدث هذا بشكل أو آخر في اغلب الدول الاوروبية القديمة ويتجلي ذلك في فحوي التطورات السياسية في التاريخ البريطاني والفرنسي والاميركي. من (الماغناغارتا) في القرن الثالث عشر وانتهاء المراسيم المتعلقة بالحقوق في القرنين السابع عشر والثامن عشر وقال ان ما يعنينا من ذلك التأكيد على ان الطريق للديمقراطية تم تاريخياً عبر الصراعات والمساومات والانقلابات ولم يكن نتاج تنظير او مجرد كتابة عقد اجتماعي كما ان الديمقراطية ظلت تخضع ولم تزل لصراعات المصالح والاتجاهات السياسية كما ترعرت وثبتت أركانها في الغرب وفق ظروف ما تحقق للغرب من هيمنة عالمية سمحت له بتوزيع المجتمع وساعد ذلك في فكرة تأسيس الدولة والأمة المستقرة دون التأثر بعوامل خارجية وكنتاج لتطور النظام الاستعماري انقطعت مسارات التطور لشعوب المستعمرات وأخذت محكومة بصيغ التطور التي يحاول الاستعمار فرضها من خلال منظوره في طريقة بناء الدولة التابعة بكل ما يشمل ذلك من انماط التعليم والانشطة الاقتصادية وانعكس ذلك على مفاهيم حركات التحرر الوطني وهي تضع في ذهنها النمط الغربي في مناداتها بالبناء وفي العالم الاسلامي الذي تأثر بالاستعمار وربما كان أعظم ضحاياه لجأت بعض الحركات لاستعادة النمط التاريخي للاسلام في بناء الدولة لكنها اصطدمت عندالتطبيق العملي باشكالات اخرى وهي تسعى لقيام الدولة الوطنية من بينها مشكلة تقسيم الحدود والاستفادة من النمط الغربي في طريقة التعليم وبناء الاقتصاد وشكل القوة العسكرية مما دفعها لتسبح ضد التيار وهي تواجه التيار الخارجي الذي له أهداف أخرى وهو ما يفسر بوضوح ما عانته الدول الاسلامية من صعوبات واخفاقات وانكسارات بعد الاستقلال، انعكست سلباً على تطورها.


    ويذهب منير شفيق الى القول بأن هذه المعادلة هي الاطار الذي يجب ان تقرأ من خلاله علاقة الغرب بالديمقراطية في العالم الاسلامي بكل ما يكشف ذلك من تناقض بين الديمقراطية المطبقة في دول اوروبا كبلدان مستعمرة والانماط والأنظمة التي راحت تلك الدول تحاول فرضها على مستعمراتها، ففي حين تعمل الديمقراطية في الغرب على تعزيز الاجماع الداخلي عبر التعبئة الاقتصادية والسياسية فإن الانظمة في المستعمرات يكون هدفها هو السيطرة على هذه المقومات (الاقتصادية والسياسية) في هذا الدول لشل قدرتها على النهوض عبر اقامة انظمة عسكرية او تعيين حكام عسكريين يضمنون لهذه الدول ارتباطها بمستعمراتها لضمان استمرار السيطرة حتى وان كان ذلك على حساب قمع إرادة الشعوب وحريتها وهو في الواقع استقلال شكلي لانه حتى صناديق الاقتراع إذا جاءت بأي حاكم لا يعبر عن ضمان مصالح الاستعمار يتم الانقلاب عليه والغاء النتيجة كما في تجارب بلدان معروفة في عالمنا العربي والاسلامي (الجزائر وباكستان) ولذا كان من الطبيعي ان تتعارض الديمقراطية الحقيقية في وطننا العربي مع مصالح الاستعمار. ويعرض المفكر هنا ذات الموقف المزدوج للدول الغربية عندما تقوم بدعم تجارب دكتاتورية مشهورة كما حدث مع نظام حكم دكتاتور تشيلي الجنرال بينوشيه والجنرال سوهارتو في اندونيسيا في حين ان هذه الدول الغربية تستخدم مصطلح الديمقراطية والدعوة لها كسلاح ضد الانظمة الاشتراكية المتحررة منها مما يجعل مفهوم الديمقراطية نفسه مكان سخرية. اما الدول الاسلامية والعربية فقد ارتبط موضوع تصدير الديمقراطية لها من جانب الغرب ليس من مدخل اسقاط الدكتاتوريات ولكن من مدخل قبول التسوية مع العدو الصهيوني وهو خيار مقدم كأولوية في رؤية الولايات المتحدة بما في ذلك مسألة الديمقراطية نفسها بل انها تبرز احياناً من باب الابتزاز لتحقيق اهداف اسرائيلية محدودة وليس احداث الديمقراطية والتغيير. ويشير منير شفيق الى انه وبهذه المنهجية يمكن قراءة خطاب الرئيس جورج بوش الذي خصصه للديمقراطية في العالم الاسلامي عموماً والعربي في 6 نوفمبر 2003م لمعرفة لماذا كان تركيز هجمومه على الفلسطينيين وسوريا وايران والى حد مخفف مصر فيما هادن بقية الدول العربية بشكل أو باخر وتثمينه لما حققته هذه الدول على بساطته باتجاه الديمقراطية وهي خطى لا تقاس بما هو محقق في فلسطين ولبنان وايران؟ وإذا كان المشروع الاميركي يرى ان الأولوية للتطبييع مع اسرائيل فإنها بالطبع لا يمكن ان تحمل الديمقراطية للمسلمين طالما ان كل مسلم تقع القضية الفلسطينية فيه في موقع لا يقبل المساومة ولذا فإن ربط الحديث عنها بأي تفسيرات لا يعدو ان يكون مجرد زيف، ولعل التركيز والدعاوى الاميركية بتغيير الانظمة والمجتمعات وبرامج التعليم وتصفية الجمعيات الخيرية انما يستهدف الانسان المسلم الذي يراد اعادة صياغته حتى (يصلح للديمقراطية) التي تريدها اميركا ولذلك فإن الامر يتطلب مع بقية الدول النامية البحث عن طريق ثالث. فالعالم الآن ماعاد مخيراً بين دكتاتوريات وديمقراطيات وأنما اصبح متعطشاً لخيار ثالث يكون اكثر انحيازاً للعدالة والكرامة والحريات واشد تعبيراً عن الارادة الشعبية في التعبير عن مصالحها الحقيقية لبلورة نظام تعددي انتخابي يتوسع في مجالات حرية التعبير والاختيار ويحتكم للشعب ويحمي في ذات الوقت نفسه من الفساد والانحراف من خلال المرجعية الاسلامية التي يمكن ان تقتدي بها الحركات الاسلامية المعتدلة في تعاملها مع السلطة. مشهد ثانٍ


    وفي مشهد ثان قدم الدكتور محمد الحبشي قراءة تصور طبيعة العلاقة الثقافية والحضارية مع الغرب من خلال الحديث عن الاسلام والغرب في عصر العولمة التي اخذت تفرض اشكالاتها على قيم وعقائد الشعوب في الشرق وعلى رأسها العالم الاسلامي حيث يستهل الورقة باستعراض تاريخي لعلاقة الغرب بالشرق منذ عهد الاسكندر الاكبر حتى لحظة ظهور الفتح الاسلامي في القرن السابع الهجري الذي تبدت فيه منذ البداية روح المواجهة لتؤكد أن الاسلام والغرب فلسفتان متناقضتان بحكم التباين بين القوة الاخلاقية التي يمثلها الاسلام والقوة المادية التي يتسلح بها الغرب وحتى 1865م كان الدستور الاميركي ينص على حق الاميركي في مكافأة إذا قدم فروة رأس هندي احمر (سكان اميركا الاصليون والتي تقول الدراسات ان عددهم حتى القرن السادس عشر كان يتجاوز ال100 مليون تمت ابادتهم جميعاً لبناء الدولة الحالية التي بدأت تتشكل ملامحها في القرن السابع عشر من المهاجرين من اوروبا بعد رحلة المكتشف الاسباني فاسكو داجاما وعمل المهاجرون خلال العشرين عاماً الاولى على ابادة 80% بسبب نظام السخرة. وهي ذات الفلسفة التي مثلت القاعدة الفكرية التي انطلق منها النظام الامبريالى الرأسمالى الذي يسعي وهو يوسع مصالحه لاتخاذ كل الوسائل الى درجة تبرير التدخل العسكري السافر وأكبر من ذلك أن الغرب يتصور واهماً ان حضارته ومدينته أفضل وأسبق من الحضارات الاخرى ولها الحق في قيادة غيرها يساعد في ذلك التسلح بالقوة العسكرية والمادية في املاء ما يريد دون اعتبار لاخلاق او قانون ويتبدى ذلك في التعامل مع افغانستان والعراق والصمت على جرائم اليهود في فلسطين.


    ويمضي د. محمد الحبشي الى القول ان الشقة بين الحضارتين الاسلامية والغربية تظل بعيدة واسباب ذلك تضارب المصالح والصورة الذهنية المشوهة عن الاسلام بفعل الكثير من المفكرين والمستشرقين وخلفيات الشعور بالعداوة بين الاسلام والمسيحية والتي تعود للحروب الصليبية ويقترح للخروج من ذلك اتباع اسلوب جديد والاتجاه نحو الوسطية والاعتدال والاخذ باسباب القوة للتقدم التقني والمعرفي. كما ان الاسلام بقيمه الانسانية في العدل والحرية والمساواة يجب ان ينعكس في ضروب السلوك السياسي للشعوب والمجتمعات.


    ويعرض حبشي لدراسات ونتائج لاستطلاعات تم اجراؤها وسط المجتمع الاميركي لمعرفة رؤيتهم للاسلام اصدره مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية (كير) المعني بالدفاع عن صورة الاسلام والمسلمين بالولايات المتحدة وابان الاستطلاع ان ثلثي الشعب الاميركي 65% يشعرون بافتقارهم لفهم جيد للاسلام وأن غالبية الاميركيين (52%) يرون ان الاسلام دين سلام لا يشجع العنف ضد غير المسلمين ويرفض 57% فكرة وجود حرب بين الاسلام والغرب كما ينظر 42% من الاميركيين نظرة عامة ايجابية نحو الاسلام كدين. في الوقت نفسه ارتفعت نسبة من ينظرون للاسلام نظرة عامة سلبية في اواخر 2002م بعد احداث 11 سبتمبر وخلال 2003م لتصل الى 38% كما ارتفعت نسبة الاميركيين الذين يرون ان الاسلام يشجع العنف بشكل مضطرد منذ احداث سبتمبر 2001م إذ بلغت 34% في سبتمبر 2003م مقارنة بنسبة 23% في اكتوبر 2003م وبنسبة 14% فقط في يناير 2002م بمعني انها زادت بمعدل 9-10% تقريباً كل عام، ومع ذلك فإن الحوار مع الغرب يجب ان يتواصل لافهام الاخر.


    واشار حبشي للاحصاء الذي اجرته شركة msnbc بسؤال واحد من هو أهم رجل في التاريخ ومع ان الموقع لا يمكن اتهامه بالانحياز الى الاسلام وهو ناطق بالانجليزية اصلاً جاءت النتيجة التي قدمها الاستفتاء بعد 16 شهراً بعد مشاركة الملايين فيه من زوار الموقع 7% للمسيح وواحد في المئة لكل من بوذا والام تريزا ومارتن لوثر فيما اختار 89% سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم رسول الاسلام والانسانية.


    واقع العمل الاسلامي في الغرب


    تقدر الاحصاءات عدد المسلمين في اوروبا الغربية وحدها بأكثر من 15 مليون استقر بهم المقام منذ بدايات الهجرات الاولى في مطلع القرن العشرين وأخذت اجيالهم الجديدة تستشعر ان اوروبا وطنها الا ان المشكلة حتى الآن هي في ضعف التأثير الايجابي على قضايا ومتطلبات هذا الحوار اذ ان معظمهم يعاني من ضعف المستوى الثقافي والشعور بعدم الهوية وامكانية توريث قيمهم وعقائدهم للآخرين والاكتفاء بمظاهر شكلية توضح انتماءهم للاسلام وربما اسهم بعضهم في بناء المساجد رغم انها في الغالب تنشأ في مناطق معزولة كما أن الخلفية العرقية تساهم في احيان كثيرة في ربط هؤلاء ببعضهم اكثر من الدين نفسه كما ان طبقة الكفاءات العلمية والاقتصادية وطلاب الدراسة لها رقم معتبر كما ان لها تأثيراً مقدراً في انشاء المؤسسات الشبابية الجديدة. اما المسلمون من اصل اوروبي فإن اعدادهم لا تزيد على نصف مليون ويتركزون في فرنسا والمانيا وبريطانيا لهم اتجاهات متباينة وأن كانت غالبيتهم متأثرة بالطرق الصوفية وتوجهاتها ويشعر الكثير من هؤلاء بأن انتماءهم للاسلام لا يعني انسلاخهم من جلدتهم وانتماءاتهم الاوروبية.


    ويقول الدكتور احمد الراوي بأن توظيف هؤلاء في التعريف بالاسلام وقيمه الانسانية بات اجدى من اشراكهم في نشاط آخر والتأكيد لهؤلاء بضرورة العمل الجاد في اشعار المجتمع الاوروبي انهم مازالوا جزءاً منه وحريصين على امنه واستقراره مضيفاً ان الواضح ان معظم ابناء الجالية الاسلامية في اوروبا (من غير الاصل الاوروبي) بات الآن على قناعة بضرورة البحث عن الاستقرار والتأقلم مع المجتمع الغربي الذي يعيش فيه بعد ان ادرك ان هذا المجتمع هو مجتمعه ولا بديل له عنه رغم العوائق المتمثلة في كثرة البطالة في صفوفهم وانحياز شرائح من المجتمع الاوروبي ضدهم ووجود بعض العناصر المتشددة بين ابنائهم اضافة لانعكاسات بعض الخلافات العرقية والمذهبية والحركية فإنهم يمكن ان يساهموا في ترسيخ مفهوم امكانية التعايش مع الغرب. ويبدو ان كل المؤسسات التي انشأتها الجاليات الاسلامية في اوروبا ما زالت تراهن على تحقيق أهدافها رغم التعقيدات وعلى رأسها المطالبة بالاعتراف بالدين الاسلامي لما يمثله ذلك من مصالح كبرى للمسلمين في الدول الاوروبية والمشاركة السياسية والاجتماعية والفكرية في المجتمع الاوروبي ومحاربة التمييز العنصري وأزالة ما علق من تشويه حول الاسلام والمسلمين في صفوف ابناء المجتمعات الاوروبية ومؤسساتها ولعل من ثمرات هذه المجهودات هي الموافقة على ادخال دراسة الدين الاسلامي واللغة العربية في العديد من المدارس الرسمية على الساحة الاوروبية رغم المضايقات التي اخذت تفرضها فرنسا الآن على المحجبات المسلمات وقراراتها الرئاسية بنزع الحجاب في المدارس.


    ويرى احمد الراوي ان اهم المشاكل والمعوقات التي تواجه المسلمين في اوروبا هي التمييز العنصري والديني الذي ينتشر بين بعض شرائح المجتمعات الاوروبية وتجر معها اشكالات اقتصادية على المهاجرين من خلال التمييز في الحصول على فرص العمل كما ان كثيراً من الاباء يفتقرون للقدرة على توريث اجيالهم لقيم الاسلام في مقابل تأثير آفات المجتمع الاوروبي المتمثلة في تفكيك اسرى وانحلال جنسي ومخدرات والانعكاسات السلبية للخلافات المذهبية والعرقية بين المهاجرين التي تعوق تقديم اسهام ايجابي كما ان اعتناق بعض الاجيال من ابناء المسلمين في اوروبا لافكار متشددة تسيء للاسلام والمسلمين في اوروبا من خلال ما تقدمه من اطروحات تدعو لمعاداة المجتمع الغربي تخلق اجواء سالبة كما ان غياب المثال الذي يحمل قيم الاسلام الانسانية والحضارية في بلادنا يؤثر في عدم قناعات الاوروبيين باعتناق الاسلام.


    هل يستهدف الاسلام الغرب؟


    وهو سؤال طرحه المفكر فهمي هويدي وقال انه امر يحتاج لاجابة واضحة لكنه اجاب وطالب الحضور بضرورة الاتفاق على ان الغرب الذي نعنيه ليس شيئاً واحداً لاعلى المستوى الافقي ولا على المستوي الرأسي ذلك لان الولايات المتحدة غير اوروبا كما ان الامزجة متفاوتة في اوروبا ذاتها فانجلترا غير فرنسا والبلدان مختلفان عن المانيا وفرنسا في حين ان انجلترا سمحت للمتحجبات بالانخراط في سلك الشرطة وصممت لهن غطاء رأس فعلت فرنسا عكس ذلك ورفضت مجرد الحجاب. ولذلك فإن الغرب الذي تعنيه هو النخبة القابضة على السلطة.


    ويقول هويدي أن أسباب المشكلة تتمثل في ان الغرب وبعد الدرجات التي بلغها من التطور والعلو في مقابل تخلف العالم الاسلامي وتدهور اوضاع بلدانه وأهله بات اكثر ثقة بأن حضارته هي بالفعل الارقى والاكمل و(نهاية التاريخ) وهو بهذا الزهو بات يرفض حتى مبدأ الندية مع الحضارات الاخرى وما عاد يفكر ان مجتمعاً متخلفاً مثلنا غير قابل للاحتواء او رافضاً للنموذج الغربي وتتبدي هذه النظرة أكثر في بلدان بعينها كما في فرنسا والمانيا اللتين تصران على اندماج المجتمعات المسلمة فيها مع المجتمع ولا تؤمنان اصلاً بالاكتفاء بفكرة التفاعل.


    ويطالب هويدي بضرورة النظر الى ان العالم الغربي الذي بعد سقوط الشيوعية بدأ يبحث عن عدو آخر وتضافرت عوامل كثيرة رشحت الاسلام ليكون ذلك العدو ودعت اميركا لاحياء فكرة التمدد وملء الفراغ ودعا مفكروها في غضون ذلك لبلورة عدة مشاريع ووفرت احداث 11 سبتمبر التي وقعت في الولايات المتحدة اجواء مناسبة لاعتبار الاسلام عدواً وهو اساس تشكلت عليه الرؤية السياسية لاميركا فيما بعد وراهنت على استخدام القوة وطبقت ذلك بالفعل في افغانستان والعراق وقصف مصنع الشفاء في السودان ثم لجأت لما يسمى بحرب الافكار في بقية الدول العربية والاسلامية والتي تأخذ تبريراتها الاخلاقية بنظرية صراع الاخر (اليابانية والكونفوتشيسية والهندوسية) باعتبار انه يستحق المواجهة واكثرها استعصاء على الاحتواء.


    وتطرق هويدي لظاهرة الادبيات التي ظلت تتلاحق لتوسيع مفهوم المواجهة بين الاسلام والغرب لصاحبه المفكر الاميركي مارك سالز مثال لهذه الرؤية حيث يقسم الكتاب العالم الى متحضرين يقصد بهم الغربيين وبرابرة متخلفين هم دائماً مصدر العنف ويعني العالم الاسلامي. وهي ذات الافكار التي تشبع بها اليمين الديني في اميركا بما يشبه العقيدة وتمت ترجمة ذلك بسياسة خارجية هدفها الاول بسط هيمنة اميركا ولو بالقوة وهي افكار احياناً لها جذور دينية مثل حديث الرئيس جورج بوش الابن دائماً عن (مواجهة الشر) (وقدر الولايات المتحدة) ومسئولياتها امام التاريخ هي حرب صليبية ستستغرق زمناً لأن صانعي الشر يكرهون قيمنا ومن اللافت ان القس الذي صلى على ضحايا حادثي برجي التجارة العالمي هو القس بيلي غراهام والذي يعد اعظم رجل ديني في الولايات المتحدة وله مواقفه المشهودة في اعلان العداء للاسلام والتأييد المفرط لاسرائيل.


    ومثال آخر ضربه هويدي وهو يشير لحديث وزير العدل الاميركي الحالى جون اشكروفت وهو ابن لقسيس قال في احد خطبه في معرض تجريحه للإسلام أن (إله المسيحيين يضحي بابنه في حين ان اله المسلمين يحثهم على ان يرسلوا ابناءهم للموت) وكان يعلق على العمليات الاستشهادية في الارض المحتلة بل أن احد موظفي وزارة الدفاع وهو الجنرال ويليام بوكين نائب وكيل الوزارة قال عن اله المسلمين سبحانه وتعالى (انه مجرد وثن) إذا كان ذلك حديث الرسميين كما يقول هويدي فماذا تنتظر من البقية ويمكن القول انه ما من شيء في الاسلام إلا وتعرض للتجريح فهم يشككون حتى في مصدر القرآن والهجوم الحاد على الشريعة والجهاد وتسفيه تعاليمها ومقصدها بل ان الحملة تمتد للمسلمين انفسهم لاغتيالهم معنوياً بل والاعتداء على منازلهم واتخذت اجراءات اضافية تمثلت في اخضاع الجميع للرقابة بل وطرد احدهم لاقل مخالفة من البلاد حتى وان كانت مرورية والتعنت على الاتصالات واختراق اجهزة الكمبيوتر ومتابعة الموارد المالية والتشدد المفرط بحقهم في وسائل النقل واجلاسهم في الطائرات في المقاعد الخلفية اضافة الى تبني الولايات المتحدة الدعوة لضرورة احداث تغيير شامل في الثقافة الاسلامية بحجة تجفيف منابع الارهاب والتضييق على الحكومات الاسلامية والعربية لضبط مناهجها.


    واستدل هويدي بحديث الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الذي قال ان اميركا هددت بلاده (بضربة) إذا لم تخضع المعاهد الدينية ومناهج التعيلم لاضعاف الدين وحذف مادة (الجهاد) من التدريس في المدارس.


    وطرح التساؤل من جديد هل هذه تعتبر حرباً على الاسلام أم لا؟!


    ويقول هويدي ان الولايات المتحدة حتى وان لم تكن ضد الاسلام كعقيدة فإنها تريد اسلاماَ مروضاً ومطيعاً ولا يقاوم هيمنة ولا يعترض على احتلال ولا يستنفر طاقات المسلمين لأي معركة اي شل حركة الاسلام حتى يفقد روحه ويصبح بلا معنى.






    الأربعاء 8 ذوالقعدة 1424هـ - 31 ديسمبر2003 -العدد 217


    مأساة دارفور


    بقلم: د. الطيب زين العابدين





    انهارت مفاوضات الحكومة مع «حركة تحرير السودان» في العاصمة التشادية بعد أن طالبت الحركة بتخصيص 13 في المئة من عائدات البترول لتنمية منطقة دارفور والحفاظ على جيش الحركة حتى يتم تنفيذ الاتفاق السياسي بين الطرفين، ووصفت الحكومة مطالب الحركة بأنها تعجيزية ورفضت مقارنة ما يدور في دارفور بمحادثات نيفاشا التي قبلت فيها الحكومة اعطاء جنوب السودان «50%» من عائدات النفط وابقاء جيش الحركة الشعبية مستقلا طيلة الفترة الانتقالية وحكما ذاتيا للجنوب ومشاركة مقدرة في السلطة المركزية. واستأنفت حركة دارفور نشاطها العسكري في المنطقة عقب انهيار المحادثات كما أطلقت الحكومة يد الميليشيات التابعة لها في الرد على هجوم الحركة، وكانت النتيجة هي معاناة المواطنين المسالمين فقد بلغ عدد السكان النازحين من قراهم داخل السودان «600» ألف شخص واللاجئين بدولة تشاد «280» ألف، وأحرقت آلاف القرى وقتل الآلاف من المواطنين، واضطرت منظمات الاغاثة التابعة للأمم المتحدة الى الانسحاب من المنطقة بسبب تدهور الحالة الأمنية، وأصدرت السفارة الأميركية بالخرطوم بيانا يحمل مسئولية تفاقم الأوضاع على طرفي النزاع ويطلب من الحكومة تسهيل توصيل الاغاثة الانسانية للمتضررين من المواطنين.


    وكانت الحكومة قد توصلت الى اتفاق مع حركة تحرير السودان في سبتمبر الماضي بوساطة نشطة من الرئيس التشادي ادريس دبي، يقضى ذلك الاتفاق بوقف اطلاق النار واطلاق سراح الأسرى لدى الطرفين وسيطرة الحكومة على المجموعات المسلحة غير النظامية التابعة لها وارساء دعائم السلام من أجل احداث التنمية بالمنطقة والتوصل الى اتفاق سياسى في ظرف ستة أسابيع. وجاء انهيار المفاوضات الأخيرة بسبب الفشل في التوصل لذلك الاتفاق السياسي. ولعل الحركة في مطالبها المتشددة قد تأثرت برفض الفصيل العسكري الثاني (حركة العدل والمساواة) لاتفاق أبشى في سبتمبر الماضي ووصفه بأنه لا يحقق شيئا لانسان دارفور، وبالمكاسب الكبيرة التي وجدتها الحركة الشعبية لأهل جنوب السودان في مفاوضات نيفاشا.


    ولا تستطيع الحكومة أن تتجاهل الأثر السياسي على بقية أقاليم السودان من جراء اتفاقيات السلام التي تعقدها مع حركة التمرد في جنوب السودان، ولا يمكن لها أن تعامل حركات الاحتجاج الاقليمية الأخرى على أنها مجرد مشكلات أمنية ينبغى أن تقمع بالقوة في حين أنها تنازلت كثيرا من أجل الوصول الى اتفاق سلام مع الحركة الجنوبية التي طالبت بضم بعض مناطق الشمال اليها، ولا ينبغى للحكومة أن تظن أن مشكلة دارفور غير قابلة للتدويل لأنها تتعلق بمواطنين مسلمين لا يجدون دعما كنسيا أو دوليا حتى الآن. وليس مقبولا أخلاقيا أو قانونيا أو سياسيا أن تلجأ الدولة الى تسليح جماعة ما ضد قطاع من مواطنيها مهما كانت الذرائع فمهمة حفظ الأمن هي مهمة القوات النظامية في الدولة ولا يجوز لها أن تتنازل عنها لجهة أخرى. ومن الخير للحكومة أن تلتقط الدعوة التي بادر بها ملتقى السلام السودانى في اليومين الماضيين لعقد مؤتمر قومى جامع يضع أسس الحل لمشكلة دارفور على وجه الخصوص وكل مشاكل السودان الاقليمية الأخرى التي قصرت عنها المفاوضات الثنائية التي تجرى في نيفاشا.










    الأربعاء 8 ذوالقعدة 1424هـ - 31 ديسمبر2003 -العدد 217


    التحول الديمقراطي المطلب المؤجل


    إضاءة سودانية، بقلم: د. حيدر ابراهيم علي





    كان من المتوقع من الحركة الشعبية ومن القوى السياسية الشمالية المعارضة ان تعطي التحول الديمقراطي اولوية قصوى في مفاوضاتها او عملها اليومي بالداخل باعتباره ـ كما كررنا مراراً ـ هو ضمانة السلام الحقيقية لأن الاتفاقيات تصبح مجرد ورق، اذا لم تدعمها حركة ديمقراطية قوية تقوم بالمراقبة والمتابعة والتطوير والتنفيذ. والتحول الديمقراطي عملية طويلة تبدأ من الان وليس بعد توقيع اتفاقيات السلام. فمن الواضح ان المفاوضات الجارية الان لم تدرج التحول الديمقراطي ضمن بنود التفاوض. وهو بالتأكيد ليس مطابقاً لقيام حكومة قومية او اجراء الانتخابات بعد سنوات معينة، بل هو المناخ العام الذي يسمح بحرية التعبير والتنظيم والحركة والعمل وبالتالي ضرورة غياب كل القوانين المقيدة للحريات او الاجراءات الادارية التي يقصد بها التضييق على المواطنين في مجالات الحياة المختلفة. ومن الغريب ان النظام هو الوحيد المدرك لأهمية هذا المناخ، لذلك يتعامل معه سلباً او تعطيل خطوات التحول الديمقراطي ويستفيد من غيبوبة معارضيه.


    وسط مولد الهرولة نحو وفد الحركة القادم الى الخرطوم لم يتوقف اي طرف للتأمل او ان يصدر بياناً مشتركاً يحدد بالتفصيل حقيقة الحريات وليس مظهرها. ففي وقت زيارة الحركة للخرطوم كانت صحيفتا «الايام» و«الخرطوم مونيتور» وقبلهما «الوطن» موقوفة بقرارات ادارية. وبعد ذلك بقليل تم اغلاق مكتب تلفزيون الجزيرة واعتقل مراسلها ثم وجهت له تهماً جنائية. ولم تمض ايام قليلة حتى اعلن النظام عن نيته تمديد فترة قانون الطواريء لعام اخر وسيعرض الامر على المجلس الوطني خلال هذا الاسبوع.


    وسارعت بعض الاحزاب الى أضعف الايمان: تصريحات صحفية لرفض التمديد، وأدت مهمة تبرئة الذمة! وصار النظام يدرك جيدا رد فعل المعارضة لذلك يمضي في طريقه وينفذ سياساته بثقة متناهية، فهو ينعم بمعارضة يتمناها اي نظام في الدنيا. ويغمرني حب استطلاع جارف ان اعرف كيف تمضي القيادات والعضوية الحزبية وقتها؟ وفي بعض الاحيان اتخيلهم مشغولين بلعب السيجة او الكوتشينة لملء الفراغ. لان الظروف الحالية التي تحتاج لوضع اسس التحول الديمقراطي، يتوقع المرء فيها نشاطاً غير محدود، مثل كتابة المذكرات وجمع التوقيعات وتوزيع المنشورات وحشد الجماهير والمواكب السلمية والليالي السياسية والمؤتمرات الصحفية والقوافل الى الاقليم والتحرك وسط الفئات والمنظمات النقابية والاجتماعية.. وغيره من العمل السياسي. فنحن لم نعد ننتظر الاقتلاع من الجذور ولكن ما نريده تثبيت حقوق الانسان وحمايتها من التعسف والسلطة التي مازالت مطلقة وغير مقيدة.


    رغم ان المسألة لا تتعلق بالتفاؤل والتشاؤم، الا ان الانسان يشعر بكثير من القلق على مستقبل الديمقراطية بعد السلام. لان الامر ايضا ليس مجرد تمنيات بل واقع ملموس يبدأ من وجود احزاب قوية ونشطة ولكن كل الاحزاب الان في حالة انقسامات وتشرذم لا توجد له اي اسباب موضوعية لذلك توجد صعوبة في الالتئام والحلول الموضوعية. بالاضافة لاضطراب الافكار والبرامج ثم الانيميا التنظيمية مع غياب الديمقراطية الداخلية والقدرة على توسيع قاعدة العضوية، وتفسر ظاهرة المستقلين والمحايدين والزاهدين في العمل السياسي، هذا الضعف، ومن ناحية اخرى، تجد ان الجزء الحديث والذي يفترض ان يكمل نقائص الاحزاب، هو نفسه في حالة سيئة سببها المناخ والتطور السائدين: أعنى المجتمع المدني ومؤسساته. فمن الملاحظ ان مجتمعات التخلف تنتج مؤسسات متخلفة وهذا ما حدث في السودان.


    اذ تهتم كثير من منظمات المجتمع المدني بقضايا ثانوية وهامشية والكثير منها يبتعد عن موضوعات الديمقراطية وحقوق الانسان باعتبار انها لا تتدخل في السياسة! والأخطر من ذلك ان النظام استطاع تعويم منظمات المجتمع المدني من اختراق بعضها او تكوين منظمات عادية تكون رأيا عاماً وقوى ضاغطة تعطل او تشوش عمل المجتمع المدني الحقيقي.


    في هذا المشهد أليس التحول الديمقراطي هو المطلب المؤجل او حتى الغائب، وكنت اتمنى ان ينال قدرا ضئيلاً من اهتمام اقتسام السلطة والمناطق الثلاث او من ضجيج اتفاق جدة الذي لم يحد من قمع الصحف ومن التخويف الناعم والتهميش غير المرئي. ولننتظر كيف سيكون احتفال الاستقلال ارجو الا يكون الاذان في قلة بمنزل الازهري. هذه هي تمارين التحول الديمقراطي التي تنتخبها القوى السياسية، لذلك يحق لنا ان نخشى المستقبل والذي يمكن ان يكون سلاماً بلا ديمقراطية حيث تصمت المدافع وقد تصمت معها اصوات التوجه الديمقراطي خاصة لو ارضى تقسيم السلطة كل القوى الشمالية ـ حاكمة ومعارضة والجنوبية بفصائلها.











                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de