رباح الصادق: ومقال جميل حول العرس السودانى

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 09:04 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2004م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-27-2003, 08:43 PM

omdurmani

تاريخ التسجيل: 06-22-2002
مجموع المشاركات: 1245

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رباح الصادق: ومقال جميل حول العرس السودانى

    حـول العرس السـوداني / رباح الصادق
    ...................................
    كتبت في أواخر الأسبوع الماضي الأستاذة فاطمة سالم عن «طرد الفرح السوداني» فوصفت باقتدار تحول سيناريو العرس السوداني من طاقم سوداني أصيل تنحاز له الكاتبة وترى أنه كان يعكس بحق قمة أفراح السودانيين، إلى طاقم شائه مستلب مغرّب أو معرّب في شكل غرابي ما بلغ القديم ولا الجديد .
    وقد أجادت الأستاذة فاطمة في تتبع أوجه الاغتراب التي مسخت معاني ودلالات العادات المتعلقة بكل من «الشيلة» و«الجرتق» و«الحنة» وغيرها، بحيث بقيت الأسماء ذاتها وتبدلت الجواهر وصارت تخدم الاستعراض والمباهاة والغربنة بدلا عن التكافل والمشاركة والأصالة. ومع اتفاقي معها في كل ما ذهبت إليه وهي تذم الطاقم الاستلابي الماثل، إلا أن تحفظات عديدة تحضرني إذا ما تناولنا الأشكال القديمة حيث تراني لا أقف مع تلك الأشكال بنفس الحماس البادي في مقال الأستاذة فاطمة.
    يحضرنا هنا تساؤل مبدئي. لماذا هو الزواج قمة معاني الفرح لدينا؟ إن أمة ترى كل قيمة الحياة أن يلتقي الأحباب، وعلى لسان الشاعر محمد الحسن سالم حميد في كلمات عم عبد الرحيم:
    وإيه الدنيا غير
    لمة ناس في خير
    أو ساعة حزن
    أمة كهذه لا بد أن تكون مناسبة الزواج فيها ليست مجرد قمة الفرح -وهي كذلك في غالب ثقافات الدنيا باعتبارها رأس الأفراح لمناسبات العبور من مولد وختان وزواج وموت. بل تكون طقوس الزواج فيها هي هدف في حد ذاته، والفرح هنا ليس فقط الشعور، بل مهرجان من الطقوس يستمر لأربعين يوما -كما كان في قديم أزماننا. الفرح هنا هو هدايا وذبائح وأهازيج وكرنفالات ورقص وأكل وشرب ووزراء ووزيرات وهبات توزع على صويحبات العروس وأخواتها و«الحنانة» و«الغناية» و..و..
    وإذا لم تكن الدنيا إلا «لمة ناس في خير، أو ساعة حزن» حقا. فلا بد أن تظهر ملامح «الدنيا» تلك ولا تضيع هباء منثورا. ولهذا فقد حملت ثقافاتنا تقديرا كبيرا لمناسبات الأفراح والأتراح ومطتها لتغطي أسابيع بل شهورا. ثم ومع مشاغل الزمان تقلصت ملامح «الدنيا» إلى أيام معدودة على أصابع اليد تشمل «القيدومة» و«الحنة- للعريس والعروس كل على حدة» و«العقد والدخلة والجرتق». وإن اختلف الناس في ذلك بين من يسقطون بعض ذلك أو يجملون، أو بين من يزيدون من مناسبات الفرح وما قبله وما بعده. وحسب أطروحة الأستاذة فاطمة فإنه من الخير أن تظل أفراحنا كما هي بذات أصالتها ومعانيها ودلالاتها.
    ولكن.. ماذا إذا لم تكن الدنيا فقط عقد «العقودات» أي القران ودفن الموتى في المقابر؟ ماذا إذا نظرنا لمناسبات العبور باعتبارها محطات تلون المسيرة الإنسانية أو تغيرها .. شراكة جديدة بين اثنين، مقدم طفل جديد، أو فقدان أحد الأفراد. ولكنها لا يجب أن تكون هزات في حياة صاحبها بحيث يخطط طيلة حياته للكيفية التي سيجتاز بها تلك «الامتحانات» العسيرة مع الصرف البذخي الذي تفترض الثقافة أن يصاحبها، بحيث تصير نفقات الزواج حائلا عنه، أو تكون مراسم العزاء هي نفسها مدعاة للعزاء كما يقال «ميتة وخراب ديار».
    ماذا إذا كانت الدنيا تعني مثلا العمران لها استجابة لسنة الله في الكون ورغبته أن يخلف فيها ليس من يسفك الدماء بل من يعمر الكون ويرفع راية العبودية لله وراية التوحيد. وماذا إذا كانت الدنيا أن نرفع من شأن الأوطان ونوقف نزيف الدماء ونتعايش سويا. وماذا إذا كانت الدنيا أن يسد لكل فرد في المجتمع رمقه. وماذا إذا كانت أن نمتلك المعرفة بسنن الكون ونسخرها لأجل رفاهنا.. للدنيا غايات وأهداف كثيرة نبيلة يحق بنا أن نتعلق بها، فإذا فعلنا فإن من أهم متطلبات ذلك أن نطرد الفرح السوداني بشكله القديم. لا لنتمسك بشكل استلابي مغربن أو معربن ذميم. بل لتكون البساطة والاقتصاد هما باب للادخار ولترتيب أفضل للأولويات وللاستثمار لنبني وطنا يفخر ليس بأننا نفرح ونحزن فحسب، بل بأننا نبني ونعمل ونتعلم ونعلم الدنيا.. هذه الأهداف الجديدة تتطلب ألا يكون لمناسبة الزواج هذه المحورية، وألا يكون للعمل ومستتبعاته من الدقة والإجادة والانضباط في المواعيد هذه الهامشية البادية في حياتنا اليوم. ليكون «ود الناس» في عرفنا أي الشخص حميد الأخلاق، هو الذي يبر وعده ويدق في مواعيده ويجيد في عمله وينتفع بعلمه ويلفظ الاسترخاء والتسيب وأخواتهما ويشعر بالمسئولية تجاه مهنته ومجتمعه.. لأن مثل هذا الشخص عندنا الآن «شبه مذموم» لأنه يقيم الدنيا ولا يقعدها في أمر لا يعنى بـ«عرس» ولا «دافنة». بل ليكون الحمد عندنا للشخص نفسه بأنه «إنسان» بدلا عن القيمة العشائرية التي كما اختصرت الدنيا في عرس وموت فإنها تختزل الناس في جيناتهم وعناصرهم.. وكم أثبتت التجربة خطل هذا الاتجاه فكم ابن «ناس» لم يكن إنسانا، والعكس صحيح، ولهذا قال المولى جل وعلا( إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالإثنيات لا تنبي عن كرم «العنصر» شيئا!. ولهذا وجد كثيرون آباءهم وأمهاتهم «أولاد ناس» وهم «أولاد لذين!» والعكس صحيح كما أسلفنا!.. انظروا كيف تختصر الذهنية العشائرية الأعمال بين «الناس» و«الذين!».
    انتبه كثير من السودانيين من ذوي البصيرة النافذة ومنذ أمد بعيد لأن عاداتنا في المباهاة في الأفراح والمآتم وتطويل مناسباتها هي عادات تؤثر على استيفاء شروط البناء والتقدم، ومشهورة مجهودات الشيخ حمد ود أم مريم في ذلك. أما المهدية فقد كانت صيحة مجلجلة ضد هذا السلوك الاستهلاكي الذي تعضد بعقلية عصر الحريم العثمانية فجعل الزواج هدفا غاليا للشباب يهاجرون من أجل بلوغه بعد كسب الثروات. وتكدست الفتيات ينتظرن صف العرسان الذين اوفوا بالشروط وجاءوا بالمطلوب، وما صاحب هذا الوضع الشاذ من فساد في الأخلاق وانحلالية.. ولذلك حينما دكت المهدية هذه العادات وأبطلتها بل وفرضت عقوبات على المتمسك بها وقررت أن وليمة الزواج لا تزيد عن شاة واحدة وفي ذلك إسراف وأن يكتفي الناس بالتمر وحددت مهور الفتيات بحد أقصى يسير، حينما فعلت ذلك تضجر البعض ممن كان حائزا على ثروات التركية متمرغا في نعيم على حساب الآخرين ، أما السواد الأعظم فقد هلل لهذه النقلة.. غنت البنت قائلة:
    المهدي جا من دنقلا.. خلا الفتاة بي فد ريال
    والعزبة بالفاتحة
    كانت تلك الفتاة سعيدة بهذه القرارات الثورية لأنها كانت تعني يسر الزواج وإتاحته، على عكس ما فهمها بعض المعلقين في مؤتمر «تعليم حقوق الإنسان» المنعقد هذا الشهر حيث ذكرتها الأستاذة آمال عباس كدليل على غناء البنات في المهدية، وظن البعض أنها في ذم المهدية.. الشاهد.. هذا الحبور البادي في الأغنية يشابه حبور فتاة أخرى تتحدث عن «عرس الكورة» وهو الذي استنه الإمام عبد الرحمن المهدي لتيسير الزواج سيرا في خطى المهدية. حيث تقول: «ود المهدي ينصلح. الضوقنا بوخة الطلح»!. فالتعظيم الكبير لمناسبة الزواج وربطها بذلك الكم الهائل من الطقوس والمستتبعات كان من آثاره التقليل من الزواج.. ومن الحب ما قتل!.
    إن الزواج الذي طرده السودانيون حري به أن يطرد.. ولكن الطرد كما وصفته بحق الأستاذة فاطمة لم يكن لحساب شكل مبسط وأصيل في ذات الآن بل كان في صالح أشكال جديدة أكثر تعقيدا وموغلة في الاستلاب والعرج الثقافي..
    وإن كنت أبكي مع الزميلة فاطمة الأصالة وأشكو معها الاستلاب الثقافي والتمسح الأعرج بالأشكال الغربية والعربية المستوردة، فإنني أضيف: أن المباهاة والتفاخر والصرف البذخي لم يأت لنا من الغرب ولا من العرب، بل كان الخصلة الأساسية التي بقيت من العرس القديم المطرود.. فهل من معادلة ترد هذه البضاعة الغربية والعربية الغريبة علينا وتسترد من البضاعة الزائلة: الأصالة والسمات الثقافية السودانية الأصيلة في الفرح؟!.. يبقى السؤال مطروحا للعاملين الاجتماعيين وما أقلهم في بلد تضج صحافتها وتقوم منابرها وتقعد إذا سب سياسي زميله، ولا تهتز لها شعرة إذا قام المجتمع كله وتغيرت كل تركيبته واعتلت حركته، ولم يقعد!.
    وليبق ما بيننا
    **********************
    نقلا عن الصحافة








                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de