|
انني انا هذا الحمار (قصة قصيرة)
|
انني انا هذا الحمار الي / طارق ميرغني حسن التوم
في فوهة الظلام – علي ضوء فانوس - اكتب لك او عنك لا أعلم ، اغلب الظن اكتب عنك فقد بدأت بجملة صريحة لا أبوح بها لك وهي ..اني لم يحدث ان احببتك .. ظلي الضخم يتراقص على الحائط .. لا اعلم بهجة ام غيظاً .. أغلب الظن بهجة ، احتفالاً بوضوحي . اتمعن ظلي ، اشد نظري فيه فيصغر ويتضخم ، يصغر ويتضخم .. الي ان تدخل بقعتين بالتساوي علي عيني . بقعتين من الظلام او النور . لا أعلم . يختفي ظلي .. تتلاشى معالم الاشياء من حولي ، لكن هذا لا يمنع هطول وضوحي . قلت لم يحدث ان احببتك . اعلم الآن يلف ذاكرتك شريط كلامي المزخرف عن حبك وبعض الهدايا الرخيصة ، كنت ابدو صادقاً ، نعم اغلب الظن كنت صادقاً في الكذب . اتذكرين حينما صارحتك الامر اول مرة، نعم كنت افرقع اصابعي وجساً وكان قناع وجهي بلون مائي ..، وكانت نظراتي زجاجية ، هذه اقنعة تنكرية البسها حين الولوج في علاقاتي ، علاقاتي الدنيئة . اتذكرين حينما انسل قطار علاقتنا وزحف قليلاً، قلتي وضحكتك المجوفة تملاء انفك انني لم ابدي اهتماماً نحوك حينما سكنتم بالحي لاول مرة . حينها اصبت عين الحقيقة فضحكتك المجوفة ونظراتك اللا لونية ومشيتك اللا هوينا لم تلقى صدى في تجويف قلبي ، الا ان ذلك كان يقع في مكان لا فضائي في قلوب شباب الحي ، حينا ، حينا الطيني ، البائس . لم يكن فيك جديداً سوي سيارتك ، وجراءتك ، أوكد ان سيارتك هي الامر الوحيد الجديد الذي جذب النقاش حولك ، نعم سيارتك قبيحة او عجوز كما تسمينها ، الا انها حدث ضاج ،في حينا الطيني . فهم – ابناء حينا – رسموا صورة خرافية لصاحبة السيارة ، تضخمت هذه الصورة في عقلي ، كنت ارى ابسامتك ارنبية ، وكانت ارنبية ، ابناء حينا يعلمون ذلك ويعلنون انها ابتسامة موناليزية . فأستسلمت .أمنت على ذلك .. النشوذ في حينا جريمة ، كنت ارى نظراتك بليدة ، ميتة ، الا أن ابناء حينا يوكدون ان نظراتك هوليودية ،فأمنت على ذلك وهكذا بدأت السباحة عكس الحقائق قبل التعرف عليك . الامر في مجمله كان مجرد تحدي ، تحدي ليست برئ من الوقاحة او ربما لتأكيد نظرية كنت ارددها ، ارددها لابناء حينا و لا أومن بها وهي ان الحب مادة تجاوزية ، مادة يمكنها اختراق الفوارق الطبقية ، كنت ارددها لرفع معنويات ابناء حينا المهدود كاهلهم فقراً ، الي ان سكنتم جوارنا ، كان عليً اثبات صحة نظريتي ، تمتطين سيارتك ، تنظرين نحونا بنظرات مجوفة يترجمها غبار السيارة الي نظرات هوليودية في اذهان سكان الحي . اتذكرين حينما توقفت بدكان الحي تبتاعين بعض اغراضكم البرجوازية ، علبة الساردين كانت تعني اعلاناً صارماً بأن الذي بينك وبينهم امدا قبل ان تطل عماراتكم باعناقها كنا نتساءل عن ضرورة وجود شيكولاتة في حينا الي ان سكنتم بجوارنا واصبحنا نراها في اياديكم فأدركنا قوة بعد النظر التي يمتلكها (الامين) صاحب الدكان . – هذه تفاصيل جانبية لا أعنيها – أتذكرين حينما ولجت الي الدكان - دكان الحي الذي نلتف حوله كالوعد – دعوتك – معاكساً- الي زجاجة مياه معدنية ، تجلت نظرتك الارنبية ورددت في صلف بأن هززت رأسك رفضاً، حينها لم يخفى علي انك كنت تكابرين – هذا ما اعترفتي به لاحقاً- حينما تمعنتك ادركت انك صيداً سهلاً ، وان وضعي كمنظر لابناء حينا ليست مهدد . الي ان وجدتك تلفك الحيرة علي جانب الطريق تحاولين بفشل ارتهالي تبديل اطار السيارة ، كنت اعتلي بصاً بطئياً بحجم سفينة نوحية ، رايتك رأيتيني ، تجاهلتي النظر نحوي ، قفزت من امعائه ، ودون ان اعلن مساعدتي تسللت كالثعبان اسفل السيارة ، اعلم ان دعوتك بتوصيلي كانت صادقة ، الا ان كبريائي كان واقفاً على امشاطه متصدياً – للمتوقع – من مثل هذه الدعوات . بعد ان اصلحت اطار السيارة اصبحتي تترددين الي دكان الحي ، كانت مشترياتك لا تبرر خروجك وكانت تبعد الشقة بينك وبين ابناء الحي . كنت احرص ان ارى نظرات الانبهار منك حينما اتحدث عن اليوم الذي سيقلب فيه ابناء حينا الطاولة عليكم ، وكنت اختار ادوار يتمثلها ابناء حينا تبدو مضحكة اليك لكني كنت اعنيها فــ( محي الدين )او محي الدين السكران كما يغني الاطفال والذي اصبحتي تقفين معه كثيراً – ارضاء لي – وتصفينه بالشفافية اتخيله يجلس علي بوابات احدى العمارات ، عماراتكم ، يحمل خرطوماً مندفعة مياهه يرش بها ازهار نبتت في حديقته وما تبقى من فائض ماء يرش به عجلات السيارة . سيارته . أما ( الحاج المجنون) هذا الرجل المرهف المتطرف في فقره البليغ في سهوه الذي يرهقه السؤال الابجدي حول ماهية ضرورة خلقه في الاصل ، نعم اذكر انك قلتي انه الاميز في حينا .. واذكر ايضاً قولك بانك لو دهستيه بالسيارة قبل ان تلتقيني لعبر الامر عادياً دون ان يتطفل الحزن اليك . كان يمهني –جداً- حين التقيك ان يراني سكان حينا المظلم ، كان يهمني ان تراني (حليمة) بائعة (التسالي) التي تفترش بضاعتها المهزومة في ظلام الدكان الابكم أو علي ضوء القمر الفصيح .. نعم يهمني ان تتبعني بلجنتها البرئية ، كنت احس بانني اعيد لها حركة الامل المشلول لديها . يهمني ان اضخ شرايين سكان حينا المصلبة بالاحباط والفقر .. يهمني ان تراني (كاكا) او بائعة الحرام كما تسميها يهمني ان اراها وكأنها تتسلل بتطفل الي الكون نهاراً .. تمشي محازية الجدران الطينية ، يهمني ان ترمقني بلغتها الصامتة نهاراً والتي تسيل الي كلام في مملكتها ليلاً ، فهي نشيد الليل ، مشتهاة ليلاً بلونها العنصري الحالك ، نعم يهمني ان تراني في رحلتها اليومية الدائرية لشراء (التمر) . يهمني ان يراني جميع سكان الحي بما فيهم الاطفال ، اطفال حينا ، هولاء الفقراء ، جميعهم عمال بناء، يدخلون فم الحي ليلاً ويتغياءهم صباحاً .
كانت ادعاءاتي كاذبة باني كنت ابحث عنك قبل ان التقيك، وكنت اكذب – ايضاً- بادعائي بأني احتاج الي زوجة تطبخ وفي يدها رواية ، تأكل وفي الطبق ديوان شعر ، لا لم لم تكن هذه قناعاتي . تساءلين عن وعدي بالزواج نعم كنت صادقاً في ذلك وكان بمقدوري الالتفاف حولك حتى النهاية . نعم النهاية نهايتي . اتذكرين حينما دعوتك لزيارة منزلنا ، دعوتي لم تكن برئية ، لم تكن صدفة كما اردت لها ، لقد اعددت لها مسبقاً دخولك الي منزلنا الطيني الي غرفتي ذات القش القمئ كان بمثابة رفع علم علي فتوحاتي .. عندما دخلت المنزل منزلنا ، او لنقل الكوخ ، فشلت محاولاتي في تشتيت انتباهك المتعطشة في تشرب تفاصيل البيت ، أذكر انك سألتيني وانت تبحلقين كالسواح في حديقة الحيوان ، سألتيني عن سر وجود الزجاج المدبب المرصوص بعشوائية على نافوخ الجالوص ، لم اشاء ان اخبرك الحقيقة بأننا ننثره خشية اللصوص . فقد كنت اعلم جيداً انك حينما تدخلين غرفتي ستتساءلين بغرائزية . ماذا سيسرق اللصوص . ودخلتي غرفتي .. غرفتي كنت اعددتها مسبقاً ، دعوتي لم تكن صدفة كما ذكرت ، لم تكن برئية ، حاولت ان تبدو غرفتي انيقة ، قبل حضورك تقرفصت علي الارض ووضعت طشت الماء اسفل الوتد الممل في محاولة بدائية لتكييف الغرفة ، تركته فترة ثم رششت الحائط الطيني بالماء ، رششت سقف القش الكئيب ، احضرت لوحاً خشبياً اسوي به انكشار الرمل اللديح، ومن اعلي سريري توثبت قفزاً الي خارج الغرفة حتي لا يتعكر مزاج الرمل ، دخلتي غرفتي ، تنملت اطراف قلبي ، كنت احاول ان اكون هادئاً ، دقيقاً ، فاللحظة مستفة بالاحتمالات.. كان تعليقك بان غرفتي جميلة مسموماً لم اتجرعه . قلتي .. لو استشاروك في اسمك لا ستبدلتيه. يعجبك (نضال) . انشرت علامات استفهام حولي ، لم يكن الموضوع مناسب مكانياً قلت لك .. نضال اسم خلاسي استوائي لا أعلم ماذا اعني ولم تسالين قلتي .. الولد يصير اسمه محمود .. قلت ويصير قرباناً .. لم تروق لك الفكرة .. قلتي ..البنت اسمها التايه . ثم هممت بتقبيلك في ركن فمك الايسر ، تراجعت انظرك ، ملامحك المحايدة وتبريري الاحول باني ارغب الانصهار فيك دفعاني للتقدم نحوك ، دفعتيني الي الخلف بقوة خائرة وبقبضة يد تحمل في طياتها رغبة عارمة ورجاء انثوي مزيف بالتوقف ، لكني تقدمت ، وضعت كلتا يدي علي جنبات وجهك واصبحت اقبلك ببطء من يكتب قصيدة ، نعم تقدمت نحوك احمل احلام ابناء حينا واوثق انتصاراً لنظريتي المعتوهه – الحب مادة تجاوزية . واصلت في تقبيلك ، بحنان – ربما- بانتصار – ربما - وضعتي يدك خلف عنقي واصبحتي تحركينها اسفل شعري . كنت اخوض في لهب نشوتي صراع طبقي تاريخي طويل .. كنت اتذوق من لسانك طعم انتصاري بلساني ، كنت اراك تنهزمين. باغماضك ترمين اسلحتك استسلاماً . كنت حينها احس بانني كائن خرافي بوطاءة قدمه يدوس علي تراكم طبقي طويل . تتحللين امامي وارقبك متفرجاً كأالاه البحر يحرض السمك على السمك ولا يحرك ساكناً . عفواً انطفاء الفانوس دعيني اشعل هذه الشمعة الانظوائية . * * * في جلسته الكيئبة علي ضل النيم قصصت على جارنا صديقي العاطل عن الامل حكاية انتصاري . قال . - ان البرجوازي حينما تترهل الثروة لديه يقلب انظمته داخلياً يبني اعلى برجة قطية ، ونظر نحوي بمعنى وواصل - أويمتطي حماراً _ كنت اعلم انني هذا الحمار الذي يعنيه صديقي
متوكل توم واشنطن - يوليو 2000
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: انني انا هذا الحمار (قصة قصيرة) (Re: mutwakil toum)
|
Quote: * * * في جلسته الكيئبة علي ضل النيم قصصت على جارنا صديقي العاطل عن الامل حكاية انتصاري . قال . - ان البرجوازي حينما تترهل الثروة لديه يقلب انظمته داخلياً يبني اعلى برجة قطية ، ونظر نحوي بمعنى وواصل - أويمتطي حماراً _ كنت اعلم انني هذا الحمار الذي يعنيه صديقي
|
صاحبك دا حاسدك بس يا متوكل! ومبروك علي هذا الانتصارالطبقي
اهنيك ايضاعلي هذا النجاح،وان سرت في هذا الطريق علي نفس المنوال وبهذا الهدوء لابد انك بالغ فيه شاوا عظيما ،وقد ذكرني هذا الديالوك/ المونولوج باسلوب عادل القصاص.لكن دون شك فيه بصمتك المميزة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: انني انا هذا الحمار (قصة قصيرة) (Re: Agab Alfaya)
|
اخي استاذ /فيا .. مشكور جداً .. صاحبي ده واقعي جداً وطبعا الزول (الحمار) ده انا ما عندي معاو علاقة ، موهوم كتير وزايد المساءلة حبتين .. طبعاً القصاص ده (معلم) كبير .( مازلت اقراء يوماتي –تقريباً – القصص التي صورتها منك في دبي ) .. لك الود ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: انني انا هذا الحمار (قصة قصيرة) (Re: mutwakil toum)
|
يا اهل الدار تحيه وانبهار ممكن تسمحوا لنا بالدخول الي تلك الغرفه الرطبه في الزمان الممتلي بالنعاس.. ما اجمل سردك ياتوم وما اجملك مزيدا من القص يرجعنا لايام خلت فارجو ان تأخذنا اليها ثانيه فانا لا اعرف المشئ على ساق واحدة،كما وانني اشتاق جدتي ومعاويه نور وعلي المك وبشرى الفاضل وعادل القصاص العيدروس ويحي فضل الله ونادي القصه السوداني وكل قصاصي الدروب ليخرونا بقصكم،
في انتظار المزيد منكم ياتوم ويا منعم
فيصل عباس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: انني انا هذا الحمار (قصة قصيرة) (Re: mutwakil toum)
|
الجميل جدا متوكل توم
التحايا الشامخة كيف لي ان انزع هذا النعاس ؟ عموما ساحاول باستدراك شئ قديم لاهديه لك املا في كثير من التواصل
النص بعنوان وفاء كان يحبها جدا وتحبه اكثر، دعاها لاحتساء قهوه في مكان عام ، كانت الرغبه فيالاكل اقوى ،اكلا وشربا قهوه ، اتى النادل بفاتورة اكبر من جيبهما ، استاذنها الخروج لاحضار مزيد من المال ، التهمته اول عربه التقته في الشارع العام ، وذهب الي قبره.... انتظرته في ذاك المكان وعلى ذاك الكرسي ايضا حتما احتفل المشيب براسها ووهن عظمها ، وبعد فترة ليست بالقصيره خرجت جنازتها من ذاك المكان ..... كان اول مستقبليها في قبرها... 28 /2 / 1989 الخرطوم
ارجو ان يجافيني النعاس، وارجوك ان تملاءنا قص ربما نخرج قليلا من زاكره الاعترافات التي ملاءت البورد. شكرا جميلا يامتوكل فيصل عباس
| |
|
|
|
|
|
|
Re: انني انا هذا الحمار (قصة قصيرة) (Re: بهاء بكري)
|
يااااا فيصل سلام .. وصل نص القص و (نفض النعاس من بالي) .. و.. اتمطقت بهار القدرة وقمت .. تعرف النص قريب جدا من رواية اسمها Mr Joe Black came back في الرواية كان الموت يبحث عن جسم يرتديه فاختار الذي خرج من حبيبته والمقهي .. ليعود الموت الي المقهي في زي العشيق .. دمت
| |
|
|
|
|
|
|
|