دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
غشاوة الضباب ...... وعين الحقيقة
|
بدياً بالتبادي...
غشاوة الضباب حين كنت في الخامسة من عمري.. أعلم تماما أني كنت في الخامسة.. نادراً ما أتذكر الأحداث وتاريخها.. لكن هذه بالذات سأعرف التاريخ.. لأنها مدوّنه في التاريخ... في تلك السنة تحديداً.. في عام 1985.. لا أذكر كيف بدأ الصباح.. وأين كنت.. لا أدري الزمان ولا المكان.. أعلم فقط أن أمي تسير وهي ترتدي ثوباً أبيض.. وانا أتعلق بثوبها هذا... هي لا تلتف إلي... ولا تقول الكثير... وانا أبكي.. أعلم أنها ستخرج إلى مكان ما.. لكني لا أعرف إلى أين هي ذاهبه... كانت بالمقابل جدتي الحنون "فاطمة بنت المكي ود حاج الصدّيق" تمسك بيدي الصغيرة برفق.. وترجوني أن أذهب معها... أنا أرفض ذلك... وأبكي.. أمي تقف وحولها رجال كريهوا المنظر.. يحملون سلاحاً.. لم أعبأ به كثيراً.. كنت أعتبره كبندقية نادر الفاتح الذي كنت ألعب معه.. .. تطلق صوتاً زائفاً ترهب به قلوب الضعفاء.. أمي ركبت سيارة "بوكس"... وتجاهلتني تماماً... سرت مشياً على الأقدام مع جدتي... إلى بيت خالتي القريب... وانا أبكي إلى أن وصلت... أسأل عن أمي.. وأسأل عن أبي........كنت في غاية الحزن والغضب، لماذا لم ترد عليّ، ولا زالت تحكي قصة غضبي هذا لكل من يزورنا في البيت!
عين الحقيق بعد عشرة أعوام اكتشفت أن أمي كانت في طريقها إلى المعتقل مع الأخوات الجمهوريات... وذلك في إجراء احترازي من قِبل الحكومة قبل أيام من تنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود محمد طه في الثامن عشر من يناير عام 1985، أبي قضى قبلها سنتين في المعتقل السياسي... ولم أعرف هذه الحقيقة في وقت أبكر من هذا.. لأني كنت أفهم أن السجن للمجرمين! ولكني الآن كنت أتمنى لو أنها أخذتني معها لأتشرف كما نالت هي ذاك الشرف.....
(1)
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: غشاوة الضباب ...... وعين الحقيقة (Re: مريم بنت الحسين)
|
الاخت العزيزة مريم بنت الحسين سلام ومودة واحترام
لكي ان تفخري بها ايما افتخار لانها من نساء السودان القليلات اللاتي تشرفن بمعارضة خليفة اخر الزمان نميري والدجال الترابي وبمصاحبة اشرف واشجع الفرسان السودانيين الاستاذ محمود محمد طه فلها التحية والتجلة والاجترام والفخر لانها اختا لنا عزيزه تحملت عناء الاعتقال والاهانة في صبرا وتجلد نادرين وللاسف لم يجدوا حقهم من الانصاف حتي اليوم وهذا في حد ذاته جريمة قبيحة لا تشبه اصحاب الاخلاق الاسلامية الكريمة والاصيلة لكي ان تفخري كثيرا وتكفينا هذه الكلمات التي استفزتني جدا ؟؟؟؟؟
علي احمد
| |
|
|
|
|
|
|
Re: غشاوة الضباب ...... وعين الحقيقة (Re: degna)
|
أخونا علي.. أشكرك على المبادرة بأول الردود... وواضح في كلام حماسك.. أنا أحاول أن أكتب أحداث بمنظار طفلة في عمر خمسة أعوام.. وهي أحداث ضخمة مرّت على السودان... فأنا أراها فنمظاري الخاص (المليء بالضباب).. وأتذكرها الآن برؤية أقرب إلى الحقيقة ... أتشرف بمتابعتك لي
بنت الحسين
| |
|
|
|
|
|
|
Re: غشاوة الضباب ...... وعين الحقيقة (Re: مريم بنت الحسين)
|
غشاوة الضباب الاحتفال بدأ في الليل.. أذكر أني أرتدي فستاناً جميلاً.. يناسب عمري الذي لم يناهز الخامسة.. أذكر أنني أرفع رأسي علياً لأرى عبرة خشبة المسرح الذي أقف قريبة منه... أذكر عدداً من الأطفال يلعبون ويركضون انا أقف أمام الخشبة.. وأنظر لهذا الرجل الشديد الطول الذي يقف ويغني بصوت جهوري.. جميع الكبار (الطوال) مثله .. يتفاعلون معه.. أحياناً حين يقول أشياء بالتحديد، جميعهم يثورون كأنهم موجه.. يقفون فجأة من كراسيهم... بعضهم يدمع... انا ألقي نظرة عليهم جميعاً.. ثم أعود إلى المراجيح لألعب مع باقي الأطفال.. أعلم هذا المكان جيّداً.. أبي كان يحضرني انا وأمي إلى هنا لنتناول العشاء... فناء واسع.. به بعض النجيله.. بعض الطاولات البيضاء المتناثره.. طاولات مستديره جميلة.. جو في غاية الجمال... ولا تزال احداثيات الزمان والمكان في ذلك العمر (ضبابية)...
عين الحقيقة بعدها بسنوات علمت أن حفلاً بمناسبة إحياء الذكرى الأولى لتنفيذ حكم الإعدام على الأستاذ محمود محمد طه أقيم في نادي الأساتذة في جامعة الخرطوم.. وقد أحياه العملاق (الطويل) الأستاذ محمد وردي..
(3)
| |
|
|
|
|
|
|
|