|
خمسة اسئلة عن تجربة نميري في الحكم يتناولها طيف واسع من الذين عرفوه من قرب
|
في ذكرى 25 مايو 1969.. نعيد مرة اخرى تجربة الرئيس جعفر محمد نميري لدائرة الضوء والتي استمرت لستة عشر عاماً لم تنقطع آثارها بعد.. خمسة اسئلة عن تجربة نميري في الحكم يتناولها طيف واسع من الذين عرفوه من قرب.. والذين رصدوه من بعد.. ومع هذا نترك تقييم التجربة للتاريخ.. وتقييم الاجابات لكم اعزائي القراء.. !
= بماذا تصفون شخصية نميري كرئيس؟
== الدكتور منصور خالد (وزير سابق في حكومات مايو): سأظلم نميري واظلم الحقيقة واظلم نفسي كمؤرخ سياسي ان اختزلت الاجابة في اوصاف عابرة فهو شخصية مركبة فيها الايجابي والسلبي شأن كل البشر وقد تناولتها في كتاب كامل..
التيجاني الطيب (قيادي بالحزب الشيوعي): لم اعرافه كشخص. ولم اتعامل معه كضابط بالرغم من انني كنت قيادياً بالحزب الشيوعي.. وما يمكن ان اقوله في البداية كان له نفوذ واسع واقدر اقول انه كان محبوبا وبعد فترة فعل اشياء جعلته اكثر السياسيين بغضاً في تاريخ السودان.
عبد الرسول النور (قيادي بحزب الامة): نميري ديكتاتور يفعل كل شئ للبقاء في السلطة. بدأ «بلينين وانتهى بآمين» فقد احتفل بعيد ميلاد لينين في قلب الخرطوم. وانتهى به الامر بان اصبح اماما درويشا يتوكأ على عصاة الاسلام ويضرب بسيفه ثم يحمل ابريقه ويدور في حلقات الدراويش.
مالك حسين (وزير مايوي): نميري اقوى شخصية سياسية منذ الاستقلال فهو له قدرة على اتخاذ القرار واشرك في حكمه كفاءات علمية وسياسية غير مسبوقة.
د. حسن مكي (مفكر اسلامي): هو شخصية سودانية استطاعت ان تستوعب الدرس السوداني جيداً وان تستوعب اهمية العمل الخارجي في السياسة السودانية.. كما استطاع ان يوائم بين مطلوبات الداخل وضغوط الخارج. كما نجح في استمالة النخب غير المؤدلجة وكسب معارك ضد اليسار والطائفية وسحب البساط «جزئياً» من الاسلاميين. ولكن له تجاوزات تمثلت في تهجير الفلاشا ولكن عموما الميزان ربما يرجح المكاسب على السيئات.
البروفسيور علي شمو (وزير مايوي): نميري كان رجلاً على درجة عالية جداً في الانضباط ويتميز بصفات القائد وهو منظم جداً ويستوعب القضايا المتعلقة بالدولة والحكومة.. وله قدرة كبيرة على اتخاذ القرار.
عبد الباسط سبدرات (محامٍ وسياسي): نميري رجل يملك القرار ويملك القدرة على اتخاذ اصعب القرارات مستفيداً مما تتيحه التربية العسكرية من انضباط وحسم ومناورة.
بابكر حسن مكي مؤلف الكتاب الشهير «نميري.. الامام والروليت»: لا شك ان الرئيس السابق نميري كان يتمتع بـ «كاريزما» خاصة.. شخصيته قوية وجذابة والى حد كبير اعتقد انه من طراز الضباط المتملكين لخواص القيادة منذ فترة دراسته في الكلية الحربية.. على المستوى الشخصي هو انسان كريم وشهم وطيب المعشر ووفي لاصحابه القدامى وصاحب نكتة.
ü استمر حكم نميري لـ 16 عاماً هل كان لقوته؟ أم لضعف الآخرين؟
ü البروفسيور علي شمو: بالطبع نتيجة لقوته، نظام نميري نظام ثابت مؤسس وعلاقته الاقليمية والدولية كانت في قمتها.
د. منصور خالد: العلاقة بين القوة والضعف في عهد نميري كما هي في هذا العهد علاقة جدلية يمكن ان نطلق عليها ضعف القوة وقوة الضعف. فالوضع الطبيعي ان يحكم الناس برضاهم كما انه من الطبيعي ان تكون التنظيمات والانظمة السياسية الاكثر قدرة على البقاء هي التي تحظى بتأييد الشعب لكن السقوط المتوالي للانظمة الشرعية الجماهيرية امام دبابات الانقلابيين ينبغي ان يثير اسئلة مهمة. لماذا تتوانى الجماهير في الدفاع عن النظام الذي انتخبته عند الاعتداء عليه من العسكر التقليديين او المسيسين ونجاح الانقلاب دوما لا يحتاج الى استفتاء شعبي يؤكد به شرعيته وانما لعدم مبالاة الشارع بالانقلاب بالقدر الذي يعبر عن الرضا الضمني له.
وظللت اطالب اهل الاحزاب والسياسة في ان يتملوا في ذلك السؤال والرد عليه.
التيجاني الطيب: الخلل في الحركة السياسية فهي لا تجيد القراءة لذا تعاني من البطء والعسر في حركتها. في وقت ينشط فيه الانتهازيون والمسألة ليست في ضعف او قوة النظام. ولكن هي في احساس الناس العاديين بما يدفعهم للتخلص من نظام معين ولا يأتي ذلك الا بعد بلوغ مرحلة التعب الشديد من جراء سياسات النظام.
عبد الرسول النور: قطعاً ليس لقوته ولكن لعوامل كثيرة اهمها العوامل الدولية التي دعمته ماديا وعسكريا.
مالك حسين: الرئيس نميري حكم السودان من خلال المؤسسية وبنى مؤسسات للحكم قوية وبالتالي استطاع ان يستمر في الحكم ستة عشر عاماً.
حسن مكي: نميري يستمد قوته من سودانيته ومن خلال مبادراته وليس من خلال ضعف الآخرين.
عبد الباسط سبدرات: استمراره في الحكم لـ 16 عاماً هو لقدرة الله تعالى.
بابكر حسن مكي: بقاؤه في السلطة ليس بسبب قوته ولا بسبب ضعف معارضيه فلو كان قويا لما اسقطته انتفاضة ابريل ولو كان خصومه ضعفاء لما استطاعوا العودة الى السلطة بعد كل ما حاق بهم. انا اعتقد انه بقى في السلطة 16 سنة بمحض الصدفة.
العمر الافتراضي لنظامه كان ينتهي في 19 يوليو 1971، باختصار انا اعتقد ان مايو عاشت بالفياغرا وماتت بفقر الدم.
= كيف افلح نميري في استقطاب اكبر الاحزاب السياسية وابرز التكنوقراط للعمل معه؟
د. منصور خالد: لم يستدرج نميري احداً. بل توافد على نظامه التكنوقراط وبعض السياسيين الحزبيين في مراحل عديدة ولاسباب عديدة تتعلق بطبيعة تلك المراحل وكلهم كانوا يدعون «ناديه» ولم يدعوا الرئيس القائد في نهاية امره الاّ «الزبانية».
التيجاني الطيب: نميري كان شخصا دخيلا على الانقلاب وكانت هنالك قوة معينة هي التي فكرت في الانقلاب وافلحت في ان تأتي بنميري وليس العكس، اي ان نميري هو الذي اتى بها، ومع هذا نعم نميري كانت لديه قدرة جاذبة للسياسيين ومن ثم طردهم.
عبد الرسول النور: كثير من المثقفين والتكنوقراط يجدون في الحكم الشمولي وسيلة للسلطة ويفضلون العمل تحت ظلال بنادق العسكر. اما قيادات الاحزاب ففي كل المعارضات تبدأ بمعارضة النظام الشمولي ولكن ينتهي بها الامر لمصالحته والركوب معه او بمعنى ادق تكون خلفه في سرج واحد.
مالك حسين: في التكنوقراط كان نميري يختار الكفاءات العلمية ويضع الشخص المناسب في المكان المناسب.
د. حسن مكي: السودان منذ مؤتمر الخريجين اقتصر العمل السياسي فيه إما على الوجوه التي ابرزها المؤتمر او على المثقفين المتحالفين مع البيوت الدينية والاحزاب الكبرى باستثناء الاطلالة العسكرية لكبار الضباط في 1958، وجاء نميري وابرز طبقة الاختصاصيين الفنيين امثال جعفر محمد علي بخيت ومنصور خالد وصغيرون الزين صغيرون.
علي شمو: نظام مايو لم يكن نظاماً حزبياً او عقائدياً وكل انسان لديه الفرصة ان يصل الى اي موقع قيادي في الدولة وفق الكفاءة والقدرة على العطاء. نميري كان يتصيد الكفاءات والقدرات العالية من اقصى اليمين لاقصى اليسار.
بابكر حسن مكي: مسألة استقطابه لاكبر الاحزاب السياسية ليست جازمة. انا اعتقد ان نقول انه نجح في استقطاب «المهرولين» للسلطة، اما القوى الديمقراطية الحقيقية فهو لم ينجح في استقطابها.. وبعض الذين دخلوا الى سلطته مثل الحركة الاسلامية كان هدفهم التمكن من مفاصل السلطة والنشاط الاقتصادي للبلد والى حد كبير نجحوا في ذلك.
= ما هي ابرز انجازات نميري؟
علي شمو: انجازاته واضحة في الجانب الاقتصادي والصناعي شركة كنانة وبداية التطور في الاقمار الصناعية وقاعة الصداقة وقصر الشباب والاطفال ومجلس الشعب والخطة الاسكانية في الرياض والامتداد وجامعتي جوبا والجزيرة.
عبد الباسط سبدرات: اكبر انجازات نميري انه كسر احتكار السلطة من رجال الاحزاب الى كافة الكفاءات في المجتمع. نميري استطاع كسر اوراق «52 كرت كوتشينة».
بابكر حسن مكي: كانت محصورة في الفترة من 69 حتى 1978 اجتهد في تنفيذ برنامج تنموي جاد، مشروعات في البنية التحتية واهتم بالريف وتطويره وترقية الاداء الانتاجي للصادرات الاساسية وحقق اكثر من نصف مصالحة وطنية شكلت بدايات استقرار سياسي.
= ما هي ابرز اخفاقات نميري؟
علي شمو: اخفق في موضوع اعادة تقسيم الجنوب. كانت اكبر مشكلة سياسية اثرت في نظام مايو.
عبد الباسط سبدرات: اخفق نميري في عدم منعه لتسلل عناصر شكلت له البطانة الخاصة.
بابكر حسن مكي: مراهنته على دفن الاحزاب ودفن معها الديمقراطية ولم يكن يعرف مفهوم الصداقة عند الامريكان، كان مؤمنا جداً بأن امريكا لن تسمح بسقوطه. واكبر اخفاقاته التحول الكبير الذي اجتاح شخصيته وقلبها رأساً على عقب من البساطة الى المغرور.
|
|
|
|
|
|