لا أدرى من أين أبدأ لكم حكايتى .. أأسردها لكم منذ أن كنت خاما فى باطن الأرض و كيفية إستخراجى ثم صهرى ثم إختلاط بعض المحاليل الكيمائية بمعدنى الأصيل لتحولنى لهذا الشكل الصقيل .. أم أبدأ من أولى أيام خروجى من المصنع الذى جعل شكلى بهذه الصورة التى إختلفتم فى مسمياتها .. أم أختزل كل بديهيات البداية لأبتدى رحلة شاقة بين تاجر الجملة لتاجر القطاعى لتاجر لم أعرف له إسما .. دعونا نسميه مؤقتا بالتاجر الجوال .. سأخذلكم جميعا و أبدأها من لحظة طرق هذا التاجر الذى أسميناه بالجوال لباب يئن من كثرة ما غرز فيه من مسامير .. لم تتبين السيدة خلف الباب أأن هذا الطرق على باب الجيران أم أوهمتها أذنها التى لم تتعود أى طارق فى مثل هذا الوقت أم أنه هذا المولود اللعين الذى أرهق ثديها من العضيض .. تساقطت كل الأحتمالات من عقلها الباطن و أكد لها سامعاها أن بهذا الطرق ثقل و تختخة .. فما كان عليها إلا أن تتوجه لبابها المثقّل .. من هيئته و هيئة حماره المحمل بمختلف الأوانى هتفت .. "أجى يا بتاع العدّة" .. أخيرا و جدنا مسمى لهذا التاجر الجوّال .. و حتى لا تختلط علينا المسميات فلنناديه بـ "بتاع العدة" لكى لا نخزل لغتها .. تساقطت سبع قطع من ملابس أرهقها القدم .. ربما أن هناك ستيانة إنضمت للجمع كهوادة فى الخرج المفتوح كفك تمساح .. إنفرج الباب فى بطء شديد ليفسح لهذه السيدة البدينة فى حملة عودتها و كله أنين يفوق أنينه من المسامير المغروسة فى أحشائه .. أنّت هذه البدينة من كثرة أحمالها أكثر من أنين الباب المغروس على قلبه .. لم تمهلنى هذه البدينة لأسترد نفسى .. راحت تعصرنى بقطعة قماش علها تزيل عنى غبارا علقنى فى رحلة التجوال الطويلة هذى و من الدهون التى أضا فتها بعض الأيدى التى لامستنى فى غيرة أو حسرة .. ثم وضعتنى فى هذا السجن الزجاجى .. سجن إختلف نزلاؤه فى اللون و الحجم و الشكل و المعدن .. تعرفت و أ نا معصور وسط هذا الجمع على حلة القوز .. و صحنين غرّاف .. و ستة كبابى شوب .. أرى الناس ويرونى لكن تعنتها منعنى من ملامسة أيديهم .. سنة كاملة و أنا لم أبرح مكانى سوى لسويعات عدّة فى مناسبات الأعياد .. مناسبات يعاد فيها نفض الغبار عنّى لأعود بعدها لسجنى المعهود .. مرات عدّة حاولت أن أزجى أوقات فراغى بمغازلة كورة الصينى المدللة أو بالهمس فى أذن هذا الفنجال المفترى المعجب بشلوخه الشايقية وهو يتوسط خمس من إخوته .. حتى هذه المّلاحة لم تطق سماع كلمات غزلى .. بها شئ من الغرور لم يثن عزيمتى لملاحتها التى تستهوينى .. ذاك يوم لن أنساه .. عاد إبن لهذه البدينة فى إجازته الجامعية .. كما عرفت من هذا الكوب ذو الأذن المشرومة .. آثرت البدينة تزييله الصفوف و إبراز الوردة الحمراء المرسومة على جبينه .. عاد هذا الطالب فى إجازته يصطحب معه أثنين من رفاقه .. عندما تقدمت البدينة نحو السجن الزجاجى أبتسمت بملء فمى الواسع إبتسامة رجفت معها أذنى الوحيدة .. عرفت بأننى سأفارق سجنى لأيام معدودة .. لكن البدينة خزلتنى .. بلطف تناولت ثلاثة أكواب زجاجية .. رمقتنى الملّاحة بعينيها المليحتين و هتفت .. "يوووووو أحلام ظلوط" .. لولا حبّها الذى أتكتمه لطبزت عينها الشطّة و جعلتها تموت فى الملح .. لم تمض ثوان عادت البدينة تحمل الثلاثى الزجاجى و هى تهمهم "الجنيات ديل ما بستاهلوكن يدشدشوكن على ساى" .. بكلّ حرص أرجعتهم لمواقعهم السابقة و تناولت جك بلاستيكى هرم ثم راحت تتنقل بعينيها وسطنا .. الكل كان يحدوه الأمل بالأختيار عدا الملّاحة .. لم تؤلمنى أذنى حين عصرتها البدينة كألم الدمعة التى رأيها تملأ عين الحلّة فى الأسفل .. أحسست ببرودة لطيفة و أنا أنتقل للمطبخ ثم إلى الصالون على ظهر صينية من معدنى .. مع كل خطوة من البدينة أهتز طربا بعكس هذا الجك الذى أثقله السائل الأحمر بداخله .. حين هبطنا على سطح المنضدة أصدرت رنينا كهتاف المنتصر .. أزداد رنينى بفعل الصرخة العالية التى أصدرها إبنها "يا ولية دى عدّة تقدمى فيها شربات" .. تناول الجك البلاستيكى و قذف به بعيدا .. أظننى كنت الوحيد الذى نجا من نزيفه الأحمر .. لم يدم صمتى طويلا .. تناولنى هذا الأبن البدين كأمه وقذفنى على الأرض وراح يدوس علىّ بقدمه التى إنتعلت حذاء عسكريا متين .. جذبته أمه وهتفت بغصب "يا ولد ما تطفق على كوزى" .. من يومها أدركت أن هذا الفعل الأجرامى يسمى تطفيق .. رغم أن الكل أضحى ينادينى بـ"الكوز المطفّق" لكننى مازلت أنعم بحرية يحسدنى عليها الجميع .. أزدادت مساحة حركتى و حريتى فى التنقل بين وظائف عدّة تتعلق بحمل سوائل مختلف نقائها و ثخنها و حرارتها
لو بحب السياسة .. أتكسّر لو بكره السياسيين .. أتكسّر لو بكره الجمال .. أتكسّر بحب الجمال .. وأتكسّر برضو
قصتك سمحة بس انا داير اعرف الشراب الاحمر الجابوه ده شنو من التيبار يأتو الفي الواطةجو التكل ومقتنو بالشاش و مخمر( لا بغنية لا تمبارة عس....ية عديل كده ) و لا من موية الزير في المزيره و طبعا ده كوزو فيهو من زمن الاحزاب و العزاب
(عدل بواسطة domdom on 01-03-2005, 08:15 PM) (عدل بواسطة domdom on 01-03-2005, 08:15 PM)
عزيزى الكوز .. أما زلت صامدا تقاوم جور الزمن رغم التطفيق .. عرفت أن مجال حركتك قد توسّع و إمتد حتى بيوت الأدب .. و هذا ما جعلنى أكف عن سرد يومياتك .. فأنا لا أحب بيوتا تحمل عكس مسمياتها
الأخ دمدوم ..
لقد ذكرتنى العهد التيبارى الأول .. هذا الكوز لولا التطفيق الذى ألم به لأرسلناه لأخينا ملاسى فقد عرفت أن الزير عنده سالم
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة