صديقى أسامة .. ما بين بغداد و طهران إلا "فركة كعب" لكنهم أنثوها و خلوها "كعبة" .. حين تتزاوج قم و النجف سترانى "أعرض" بعراقى فى نص الحلقة ..
ما زلت "مدشورا" بحكاية موسـى بتاعك .. و مازلت مسكونا بتفاهاته .. حتى تمنيت فى بعض الأحيان أن أصبح تافها مثله .. و لا أذيعك سرا أننى فى بعض الأحايين أقدل فخورا بتفاهته .. لقد حيّرنى موسى .. أحينا أقول أنه يسكن التفاهة .. و أحيانا أرى أن التفاهة تسكنه .. و فى أغلب الأحايين أرى علاقتهما كزواج عرفى "أو زواج متعة فى رواية ضعيفة" .. كل هذا لا يهمّنى .. لكن كل ما أعرفه أننى أعشق تفاهات "موسى" لهذا تجدنى أنـقّـب فى قواميس اللغة عن معنى كلمة "تـفـاهــة" حكايـة هذا التافـه موسـى أحيانا تنتابنى حالات من الجنون و أحيانا أخرى تطفو بلادة تسكننى للسطح .. و أحيانا تجدنى أكذّب حتى أصدّق نفسى .. لكنى لا أملك الشجاعة الكافية لأصارح نفسى بكل بذلك .. لولا هذه الحادثة لما زلت أنكر كل هذه الصفات .. سمعت طرقا خفيفا على باب شقتى .. أأنا قلت شقتى .. لا تبالوا بذلك .. أنها شقة أستأجرتها ولم يمض على ذلك شهر كما لم يمض على قدومى لهذه البلدة شهر .. لهذا لم أتوقع غير هذا البواب المصرى الذى لا يختلف عن كل البوابين الذين تعرفت عليهم خلال إخراجى للأفلام و المسلاسلات المصرية .. مالكم إستنكرتم علىّ هذه المهنة .. مهنة الأخراج .. إرضاء لتفكيركم سأصححها و أقول " خلال مشاهدتى للأفلام و المسلاسلات المصرية" .. فى البدء تبالدت .. ثم تثاقلت .. رغم أن صفة الثقالة تعمدت ألا أذكرها لكم .. زاد الطرق حدّة فلم يكن أمامى سوى التقدم نحو الباب فى حالة نصف عرى مشروع .. حالة أعشقها حين أكون وحيدا .. و أود أن أمارسها فى حالات أخرى .. الدهشة البليدة التى إرتسمت على وجهى كان دافعها أننى رأيت وجها سودانيا "زولا" بلونه الأخضر .. أأنا قلت أخضر .. ربما أكون نطقتها ببداهة نطقى للزول الأبيض و الأزرق و الأحمر .. و الأصفر أيضا .. لكنى حين أقارن بين ألوان هؤلاء الأزوال و الألوان التى تضمها هذه العلبة التى أحرص دائما أن أضعها فى موضع بارز فى صالونى و حولها مجموعة من الفرش تعمدت أن تتراص بغير تناسق لتعلن على الأقل أن لدى إهتمامات بالرسم .. هذا بلأضافة لرسم تخطيطى للوحة "الشناشل البغدادية" التى لم تغمرها الألوان لأكثر من عقد .. هذا الوصف اللونى أجد به صبغة من بلادتى .. آآه عـن ماذا كنت أحدثكم ؟؟ آآه عن هذا الزول الطارق الأخضر اللون .. دلف برجله اليمنى بينما كانت يده اليسرى تزيحنى جانبا لتجعل منى كلاعب متردد فى تسديد ضربة الزاوية لفريق مهزوم .. و أنا مدفون فى حيرتى رأيته يتفقد محتويات الصالون .. "و الله شقتك ما بطّالة .. أنا كنتا قايل الناس ديل غشوك" تقافزت نظراته بين لوحة لسلفادور دالى معلقة مباشرة فوق السـفرة و بين الريسيفر و التلفزيون .. كانت نظراته تمسح شاشة التلفزيون و نانسى عجرم تتدلل بين النص و البص .. حين إنفكت نظراته عن النص الحلو تصادمت و نظراتى .. ببلاهة خاطبته " عباس .. عباس الكحلاوى" أجاب بما أعتقدته تأففا "موسى" و لم يزد أكثر على ذلك .. قبل أن ننفك من العناق السودانى الأصيل الذى إلتحمنا فيه .. باعدنى بيده اليمنى قائلا "أمشى .. أمشى ألبس ليك حاجة قشرة و خليك من عوارة السودانيين البتعمل فيها دى" .. لم أسائل نفسى أى "عوارة" عملتها .. كما لم أسأله من يكون .. عدت و أنا قد تزيأت بأجمل ما عندى .. حتى أننى لم أجهل ربطة العنق الوحيدة التى أختنق بها فى إجتماعات المؤسسة الشهرية .. و التى أعجب لعدم إصابتها بمرض بهتان الألوان الذى أصاب معظم أقمصتى .. و جدت هذا ال"موسى" يعمل بالفرشاة على لوحتى و نظراته معلقة على لوحة دالى .. لم أكترث أن أضاف حياة لهذه اللوحة التى عانت من الجـدب اللونى لعشر سنوات .. جذبته بلطف خارج الشقة ليقفل الباب و يضع مفتاحها فى جيب سترته .. جرّانى بعنف من يدى التى كانت تستوقف سيارة أجرة "إنتا قايل أخوك مقطوع من شجرة" و أشار لسيارة لا تكاد تتبينها وسط أنوار الشارع الخافتة .. كل ما فى السيارة يوحى بأنها عتيقة عدا حزام الأمان هذا و الذى يوحى بأننى أوّل من إستعمله .. تلكأت "زوبا" و هذا هو الأسم الذى قدهما لى به موسى .. ثم إنطلقت بعنف أظنها خلّفت وراءها كمية من الدخان حجبتنى هذه الظلمة من رؤيته .. إنطلقت "زوبا" تجوب الشوارع فى خفة حسدنها علية فارهات اليابان .. حين توقفت أمام ذلك المطعم الفاخر الذى أشاهد إعلاناته فى التلفزيون إلتفت نحو موسى .. ربما قرأ نظرة الأستنكار التى إرتسمت على عينىّ .. أجاب بعدم مبالاة "إنتا قايل أخوك مقطوع من شجرة" .. "أنزل .. أنزل بحبح مرة واحدة فى حياتك .. القروش ما بدفنوها معانا" .. نزلت بتؤدة و أصلحت من ربطة عنقى مرددا "كلامك صـاح .. والله القروش ما بدفنوها معانا" .. كل ما بداخل المطعم كان أروع مما عكسه الأعلان التلفزيونى .. أناقة النادلات و لبسهن القصير المثير أوّل ما إسترعى إنتباهى .. المناضد التى تراصت فى تناسق مزيّنة بالأكواب الصقيلة و الشّواك و السكاكين الفضية بالأضافة للوحة الزيت التى تزيّن نصف الحائط الغربى جعلتى أتشكك فى أن موسى "مقطوع من شجرة" .. الأستقبال الرسمى و مخاطبة العاملين لموسى أزالت شكوكى نحوه "أهلييين أستاذ موسى" .. كلمة "أستاذ" جعلتى أعيد تقييم مرافقى .. حذاءه لامع .. ربطة العنق متناسقة مع القميص و البنطلون بالأضافة لطوله الفارع الذى إسترعى إنتباهى للوهلة الأولى .. لا أذكر آخر مرّة قدمت لى فيه قائمة طعام مع كثرة ترددى على المطاعم .. كلما أدخل مطعما أكون مسبقا مدرك أى أطعمة يقدمون و أى طعام أوده .. أسماء غريبة تحيّرت أهى لأدوية أم أطعمة .. تخيرت أغربها .. أقبلت على الأكل بشهية لا تشبهنى .. أكلت كمن لم يأكل من قبل .. و هذه عادة إكتسبتها من كل الدعوات المجانية .. حين فرغنا من الأكل و بدأنا فى إحتساء الشاى .. طرقت أفكر فى مدخل أسوق به الحديث لكشف غموض هذا الغريب المدعو "موسـى" .. قطع "موسى" حبل تفكيرى و هو يأمر النادلة بإعطائى فاتورة الحساب .. تخلت سبعين دولارا عن محفظتى بعد سكون قارب العام .. حين أعادت النادلة خمس دولارات ألحّ عليها موسى بالأحتفاظ بها "إكرامية" .. حاولت أن أبدو على سجيتى حتى لا يرى موسى نظرة الحسرة التى إرتسمت على عينيى .. حسرة على الخمس دولارات التى ذهبت سدى لجيب نادلة لم تفعل سوى أن إقتلعت خمس و ستون دولارا مقابل طعام لا يشبه إلا الدواء .. لم أرد لخواء محفظتى أن يفسد أول لقاء لمن بنى جلدتى .. أظنه قد قرأ حوارى مع عقلى الباطن حين قطع حبل حسرتى "ما تخليك زول جلدة .. البت حلوة و بتستاهل" .. غفلت حسرتى و أتكأت للوراء فى مقعدى لتأمل هذة البنت "البتستاهل" .. تأملتها من الخلف و همست فى سرى "و الله بتستاهل" و نظرت لموسى بإتسامة مبعثها سرورى .. لأ أدرى أن كان زايفا أو لأخفف عن محفظتى وقع الخواء الذى أصابها .. تمغنطت نظراتى على النادلة علنى أصب نظرة على وجه ذى جمال يذهب شئ من غضبى قبل أن أصبّه على موسى .. أهى النادلة قد شعرت بنظرات تلهب ظهرها فلم تلتفت أم هو إستعجال موسى الذى سحبنى من يدى قائلا "ما تاكل بت الناس .. بكرة أوريك حاجات أحلى" .. تدلت نظراتى عن ظهر النادلة .. ليس بفعل الأغراء الذى قدمه موسى "بالحاجات الأحلى" و لكن بفعل دفعته القوية التى جعلتنى أتعثر على بوابة الخروج .. حين فتحت باب السيارة العتيقة مهما بالركوب خاطبنى موسى "خلاص يا مولانا سهرتنا الجاية ما بتنفع معاك .. أركب ليك تكسى و إنتظرنى بكرة الصباح" .. أخرج مفتاح الشقة من جيب سترته و ناولنى إياه .. صحوت مذعورا على طرق عنيفا على الباب .. تأملت ساعة الحائط كانت تشير للسادسة و نصف صباحا .. مكثت لثوان أسترجع ما حدث ليلة البارحة .. حين تيقنت تفاصيلها و جاءتنى مؤخرة النادلة و وجه موسى سحبت الغطاء على وجهى .. لكن الطرق تواصل و جاءنى صوت الطارق أكثر وضوحا "يا سودانى يا أبن النيل" .. تبينت فيه صوت محمود الحارس المصرى .. ماتت رغبتى فى مواصلة النوم .. تقدمت للباب فى حالة عرى شبه كامل .. حين فتحت الباب بربع دائرة خاطبنى محمود " أستاذ عـباس آسفين يا عمى على الأزعاق .. بس حبيت أأول لك الأيقار مواعيدو فاتت .. اليوم تلاتة بالشهر" .. تمنيت لو كان الباب مفتوحا لآخره لأصفقه بوجه محمود .. لم أملك إلا و أن قلت "فك" .. قلتها بلهجة أمريكية تعلمتها من مستر توماس .. ثم أردفت بتهكم "يا سـى محمود أمشى و تعال بعد سنة" .. و صفعت الباب .. بعدها صمتت أذناى عن سماع كلماته المتتالية .. قبل أن أكمل سحب الغطاء على و جهى سمعت معاودة الطرق على الباب .. إنتقضت غاضبا هذه المرّة و توجهت نحو الباب لأفتحه فى غضب ظاهر .. الغضب المنبث من عينىّ قبل أن ينسكب على محمود تصادم مع نظرات موسى المبتسمة .. "ما تقول لى نايم لى هسّع .. يعنى لو ساهرت معاى تكون نايم لى بكرة" إنسرب موسى للداخل كما أنسـرب فى مرته الأولى .. حين سمعت جملته "أمشى .. أمشى ألبس ليك حاجة قشرة و خليك من عوارة السودانيين البتعمل فيها دى" خلت كأننى بالأمس .. فركت عينيّى أزيل عنهما بقايا نعاس و آثار حلم لم يكتمل .. إرتديت ملابسى فى سرعة غير آبه بتساؤلاته "قول بسم الله يا حبّة .. خلينا نفطر بالموجود" .. توجه نحو المطبخ بخطى عارفة و أتى يحمل بمعيته بقايا جبن و علبة مربى و خبز أظنه من تركة المؤجر الذى سبقنى .. إنسربت خلسة من الباب و موسى مشغول بتناول إفطاره .. كنت أدرك بأن هناك مجموعة من الطلاب السودانيين فى المبنى المجاور .. لم تمض دقائق على فترة غيابى .. رجعت و تملؤنى فرحة الأتنصار .. و قفت أحول بينه و بين شيرين و جدى التى إحتلت شاشة التلفزيون .. نظرت فى عينيه للمرة الأولى و قلت بتحدى .. موسى الزين موسى .. من أهالى قرية الموساب .. سبع سنين و مازال فى سنته التانية فى كلية الفنون .. محتال معروف .. يتحدث بإسم الأنقاذ حتى تخاله عمر البشير .. و يسب الأنقاذ فتحسبه رئيسا للتجمع .. أتهم ثلاث مرات بجريمة سرقة سيارات و مرتين بجريمة إغتصاب .. يحمل جواز سفر تشادى و آخر أمريكى بالأضافة لجوازه السودانى و وثيقة سفر عراقية .. تبسّـم "موسى" و عيناه لم تفارق شيرين وجدى .. ردّ ببرود حتى أحسسته بين أطراف أصابعى "خلاص جيرانك لحسـوا مخّك .. قالوا ليك المكنات .. أمشى .. أمشى ألبس ليك حاجة قشرة و خليك من عوارة السودانيين البتعمل فيها دى"
صديقي علي انا في موساي بعض - بعض - براءة ولم تسجل ضده حادثة خيانة واحدة لوطن يرفل في دمه الشجن يا صديقي - كما يقول موساي - ان تقف حيث لا يمر الآخرون بك الرجالة ان تعمل فيها ماهاميك وتمضي وكأن موتا لم يكن
علي الحلاوي يا سلاااااااااااااااااااااااام منتظر موساك
Quote: الرجالة ان تعمل فيها ماهاميك وتمضي وكأن موتا لم يكن
صديقى أسامة
قال لى موسى يوما "أمشى عدل يتحتار عدوك فيك" .. لا هو مشى عدل و لا عدوه تخلى عن حيرته .. قال أن إسمه موسى .. و صدقته .. لم أود أن أحكّها معاهو لأنى إعرف ردّه مسبقا "خليك من عوارة السودانيين البتعمل فيها دى" كلما ردد جملته تلك تجدنى أنظر لكعب شيطانى أتفقد آثار جرح غائر كان يوما ما "عوارة"
سمعت أن العيد غدا .. فألف تهنئة و كـل عام و أنت بخير
01-16-2005, 12:38 PM
خضر حسين خليل
خضر حسين خليل
تاريخ التسجيل: 12-18-2003
مجموع المشاركات: 15087
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة