دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
الحاج متذكر ماذا حدث
|
أذكر في عام 1994 أني شاهدت في القاهرة مسرحية اسمها بالعربي الفصيح للمخرج الممسرحي المبدع محمد صبحي، محمد صبحي لم يمثل في المسرحية بل اعتمد كلية على وجوه تجرب التمثيل لأول مرة في مسرحيته، متعاونا بالطبع مع الكاتب المسرحي الرائع لينين الرملي (لاحظ كل مسرحيات صبحي بعد لينين، فرق في المستوى) رغم ما يظنه البعض في أعمال صبحي لكن لا أظن هناك من يختلف على اخراجه المسرحي الرائع. لا أستطيع حتى أن أصف عرض مسرحية بالعربي الفصيح التي دلت على مهنية وحرفية عالية من جانب صبحي إلى جانب ابداعه. ومن القاهرة إلى الخرطوم حيث شاهدت الموسم الأول من عرض مسرحية المهرج لفرقة الأصدقاء، فارق الانتقال بالكاد كان موجودا، فالنص المسودن للماغوط كان مغرقا في الامتاع، كما ظهرت القدرات الابداعية لمخرج العمل محمد نعيم سعد رغم الامكانيات المحدودة المتوفرة للعرض...لكنه كان رائعا ومازلت أذكر حماس ابنة خالتي (أيام حظر التجول) وهي تصيح في وسط الشارع لمحمد نعيم سعد (ابداع يا أستاذ...ابداع). ولم يكن مستغربا أن معظمنا كرر مشاهدة العرض مرة و اثنين وثلاث، وحتى عندما أعيد عرضه بعد عدة سنوات في المسرح القومي كنت من أوائل الحضور ثم كان كلام في الممنوع( رغم بعض الملاحظات عليه و رغم الفارق بينه والمهرج) حافظ على تماسكه. فرقة الأصدقاء هي تلك المجموعة من الفنانين الذين يتميزون بارتباطهم الدائم بهموم الشعب واحتياجاته. سواء في لغة تخاطبه، حتى في النكات التي يشركه فيها. في فترة التسعينات ، مع بدايات النظام، كنت أقول أن سماع شريط يديره سائق الحافلة لمصطفى سيد أحمد كانت وسيلة نضال يرفعها المواطن البسيط ضد النظام القامع. أما فرقة الأصدقاء كانوا في ذلك الوقت الممثل الوحيد للشعب امام الحكومة يضع سيفه على عنق النظام ، من خلال اقتحامه عروض ساحات الفداء، وحلمنتيش، والمنتدى الفقهي من خلال متاعب، الشاهد الوحيد في ذلك الوقت أن الشعب لم يمت!! وها نحن في 2006 مع الحاج مذكر ولنا فيها حديث يطول لا يسعني سوى أن أشيد بالعمل المبدع للفنان حاتم نابري الذي صمم ديكور المسرحية خاصة في المشهد الأول بالفصل الأول للمسرحية اللوري المكسور في الصحراء) ، و المشهد الأخير بالفصل الثاني (الحلة). كما كانت سرعة التنقل من مشهد لاخر مثيرة للإعجاب فقد تمت بشكل بسيط و نظيف (أعني بالنظيف اختفاء تلك الحالات التي نصادفها كثيرا بوجود أحد العمال في وسط المشهد( باستثناء المشهد الأول من الفصل الثاني لقعدة ست الشاي ، فالفنان حاتم نابري ربما لم يوفق في المنظور للمشهد، حيث رسم منظر البنايات بأكملها (من أعلى إلى أسفل) مما أعطى احساسا وكأن ست الشاي و الزبائن كانوا يجلسون على سطوح العمارات، جعل مشهد الكشة أقل مصداقية. أعرف أن هناك من يقول أني أعقد الأمور، لكن لكل عنصر من عناصر المسرح قداسة (بدءا من الإضاءة وحتى الأداء التمثيلي) فالعناصر الاخراجية والتفاصيل هي التي تجعل العرض أكثر مصداقية وتشويقا. لكنه كام جميلا سحر ابراهيم، سأحاول أن أتحدث بأقل حماسة ممكنة، حتى لا تطغى العاطفة على الكلمات، موهبة هذه الفنانة تقصر عنها الكلمات، وجودها في المسرح كان قويا ومؤثرا (رغم ضعف الدور والنص الموكل إليها) سحر مثلت 5 شخصيات، ولم تبخل على أي منها من فيض قدراتها، مثلت فتاة مرفهة(حنكوشة) ربما الوحيدة التي أعطت الحناكيش حقهم دون المبالغة المملة التي كنا نراها من ممثلات أخريات، مثلت دور جندية أميريكية، ودور قاطعة طريق ببراعة فاقت "كل الذين شاركوها الدور" ثم ست الشاي دون الانفعال المبالغ فيه، دور المثقفاتية (و ليس المثقفة) والأزياء كانت ملائمة تماما وأخيرا الحبيبة المتأرجحة بين الزوج الشاعر والمغترب. أداء صوتي مقنع، تعابير جسدية مناسبة دون انفعالات غير مبررة، حركة موزونة على المسرح، وروح وحضور قويين على المسرح، وكما يقول الانجليز "هاتس أوف" hats off لسحر ابراهيم الارتجال على المسرح هي موهبة برع فيها أعضاء فرقة الأصدقاء، لدرجة أني لا أتخيلهم يمثلون نص مكتوب، فهم يمثلون بالطبيعية والتلقائية، التي تمس القلوب مباشرة. لكن في حالة الحاج متذكر، يبدو أن النص المكتوب كان عبارة عن مجرد outline أو هيكل عام، ربما لم توزع سيناريوهات للشخصيات لذا كان الارتجال على المسرح يشوبه التكرار، ولحظات الصمت المربكة ليس فقط للجمهور بل و على اداء الممثلين، و لا أعني بالتكرار مجرد العبارات التي رددت أكثر من مرة دون داعي خلال العرض، لكن النكات القديمة (بعضها مواقف سمعناها من خلال شريط الفنان محمد موسى، أو نكتة المزارع فاعل خير)، والكليشيهات التي مرت على كافة مسرحيات الأصدقاء، انتزعت الضحك بصعوبة من الجمهور . وعلي أن أقول ان التوسل للجمهور بنكات تحمل ايحاءات جنسية (أنا مع حرية التعبير الفني) لم تكن في موضعها ولا داعي لها دلت على فقر شديد في محتوى المسرحية. برع اسلوب الارتجال في المهرج، لأنه كان محكوما بنص مضبوط ومحكم من الماغوط (نص مصطفى أحمد الخليفة مخصصة فيه الأدوار و موزعة للشخصيات)، ونجح في اسكتشات متاعب لأنها فقرات قصيرة ولأنها تلفزيونية فالمونتاج يقوم بالقطع السريع والوافي لكن في حالة الحاج متذكر، فإنها أدت إلى كل ماذكرته سابقا (التكرار، الكليشيهات،لحظات الصمت) مما أعطاني احساسا أن مدة المسرحية كانت ربع الساعة، ومطت إلى ساعتين بما لا معنى له، بعض المشاهد لا يمكن تفسيرها (كمشهد الدليل العربي في الصحراء الذي يدل مجموعة المسافرين على طريق العودة) يعني حقيقة "ماذا كان ذلك؟" what was that? !!!!! الأمر تطلب مني المرور حتى المشهد الأخير لأفهم أن هناك ثيمة واحدة تربط كل المشاهد سوية (مرة أخرى تبرز أهمية وضرورة النص المضبوط الذي يمكن أن يبنى عليه الارتجال) ، ما زال أعضاء فرقة الأصدقاء يعتمدون على نظام الاسكتشات، وفرق كبير بين تقديم سلسلة من الاسكتشات، وبين الانتقال من مشهد إلى اخر، فالمشهد ليس عبارة عن اسكتش، بل هو أشبه باليد التي تقودك عبر المسرحية بسلاسة، وتساهم إما في ابراز الشخصيات أو إلقاء الضوء على ثيمة المسرحية. محمد نعيم سعد الذي أخرج المهرج لا يمكن أن يكون هو الذي مخرج الحاج متذكر، كل الابداع الذي أضافه إلى المهرج، لم نرى ولا حتى ومضة منه في الحاج متذكر، بدءا من الدخول والخروج العشوائي والمربك للممثلين (وأحيانا الغير مبرر)من مداخل وخارج خشبة المسرح (صرفت و أربكت المشاهد في متابعة هذه الحركة المضطربة للممثلين من وإلي المشهد)، ثم الرقصات...ماذا أقول ، كلنا نحب الفادني ، لذا لن نقول عنه شيئا، لكن الحركة والرقص في المسرح هو فن اخراجي قائم بذاته، أرجو أن يكون قراء هذه الورقة قد شاهدوا المسرحيات التي تقدمها فرقة كواتو المسرحية، لعرفوا أهمية هذا العنصر في المسرحية، كيف انه ييسر لها المرور بسلاسة من مشهد إلى اخر، فن choreography (فن تصميم الرقصات)ليس اعتباط، بل هو ضرورة، hats off لستيفن من فرقة كواتو الذي درس هذا الفن بأمريكا ، حتى الاضاءة التي ادهشتنا في مسرحية المهرج، جاءت مهزوزة ومشوشة في الحاج متذكر،أما الموسيقى والأغاني (أغاني الحقيبة التي تكررت في المسرح...يا للملل) أغنية يا الفكي...بحق السماء ماذا كان ذلك؟ وما علاقته بالمسرحية، أرجو أن لا يكون الرد إنه كان هناك فكي في المشهد، فأفردوا اغنية كاملة لمشهد جانبي وإلى حد ما غير مبرر في المسرحية، فبدلا أن تضيف إلى المسرحية، كانت إلى حد كبير مضللة للجمهور ، خاصة وأنها الأغنية الوحيدة المكتوبة للمسرحية التي أعتقد أن ثيمتها كانت حول مغتربين عادوا بخفي حنين. مشهد الكشة كان ضعيف ضعيف!! لكن على أن أثني على مشهد الرحلة في وادي الجان، حيث كان محمد نعيم سعد موفقا تماما في الإضاءة و المؤثر الصوتي و حركة الممثلين ها نحن وصلنا للممثلين، محمد نعيم سعد، مارس أدوار باهتة وتكميلية،و نحن والله (كلمة والله هنا موردة كقسم) من محبي محمد نعيم سعد ولم نعتد على ذلك منه، وأردنا المزيد، سواء شخصية الفكي أو شخصية البدوي التي أحتاج مفسرا لها(؟!!) الضابط الأمريكي أو قاطع الطريق كلها أدوار جاءت ضعيفة جدا (ماذا حدث؟) جمال عبدالرحمن، والفادني و عبدالعظيم لم يكلفوا انفسهم إضافة أي شيء على شخصية العريبي المغترب سنين في الخليج الفادني سيظل معتمدا على هذا السر الالهي الذي يربطه بجمهوره،و موهبته الخاصة التي تتخطى حتى حواجز اللغة (صديقتي أخبرتني أن عمتها من الجنوب التي لا تعرف كلمة واحدة بالعربي، لم تتمالك نفسها من الضحك في كل مشهد كان فيه الفادني) سامية..لماذا لم تعطى مساحة أوسع؟ هذه الفنانة لها قدرات عديدة، تحتاج التوظيف(لكن عليها أن تخفف من حدة صوتها قليلا) النص الموكل إليها أيضا ضعيف للغاية،و لم تضف سامية إليه شيئا. عبدالعظيم محمد أحمد عبدالقادر ، له شخصيته الكوميدية المتفردة، لكنها لم تكن منسجمة مع أداء فريق العمل ككل (في مرات كان بعيدا عن تفاصيل المسرحية، يجلس بعيدا) لكن هذا إنما يعود مرة أخرى لعدم وجود سيناريو أو واضح، يتم رسم الشخصيات فيها وتوظيفها. لم يخفى على الممثلين وهم يؤدون التحية للجمهور في ختام المسرحية، الحماس الخافت الذي استقبلت به المسرحية (بعض من الجمهور لم ينتظر حتى مبادلة الممثلين التحية، بل أسرع بالخروج من المسرح) ولا ألمهم، فهو الاستقبال الذي يشبه العروض الكوميدية الرمضانية التي يشاهدها الجمهور أثناء تناوله طعام الفطور في خيمة ة أو فندق. لا تشبه بأي حال من الأحوال تحية الجمهور المتحمس و العاشق في عرض مسرحية المهرج. المسرحية برمتها كانت مرتجلة (لا أدري ما الداعي لها من أصل) لا تخرج بأي فكرة أو انطباع من المسرحية، ربما تخرج بشيء من التسلية، لا تخرج بشيء هو خلاصة ما أريد أن أقوله. لأن المسرحية كانت باهتة، لكن الذي أدهشني اكثر من أي شيء، أن فرقة الأصدقاء فقدت الشيء الذي كان يميزها عن الاخرين، وهي توقيتها وزمنها الملازم لزمن الجماهير ، (النكات التي أشارت إلى الحركة الشعبية الشريك الجديد في السلطة تم حشرها بالعافية في المسرحية رغم أن التطرق لها كان يمكن أن يكون ضربة معلم) ثم ماذا كانت تلك الدعوة؟ الخروج إلى الشارع؟ أليست كانت تلك مقولة ست الشاي؟ من سيخرج إلى الشارع؟ حسنا فليخرج الشعب،يخرج ليفعل ماذا؟ شعار الخروج إلى الشارع هي المقولة التي يكررها الساسة عندما تعجز بهم السبل أو عندما يريدون أن يؤكدوا ارتباطهم الجماهير ، كنت أعني أنه تم تلقين المشاهد (لأن العرض لم يكن قويا للتأثير على المشاهد) الحل لكل همومه، وهو الخروج إلى الشارع!مغازلة رخيصة لمشاعر الجمهور ، لم يكن هناك داعيا أصلا لعرض حل_ تم حشره في المسرحية_ لكل مشاكل المواطن السوداني . أعرف المصاعب التي تواجه قطاع المسرح، بدءا من التمويل وحتى الرقابة المفروضة عليه والقيود الكثيرة أمامه، لكن الأصدقاء كانوا قد عودونا على تخطي مثل هذه العقبات وتقديم ما يتجاوزعروض مسرحية في دول اخرى تنفق الكثير على المسرح وحر من الرقابة. فماذا حدث...غياب طويل للأصدقاء خير من رجوع هزيل؟ رجاءا عودوا من جديد يا فرقة الأصدقاء ...ما زلنا الحوجة إليكم قائمة كما كانت من قبل.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: الحاج متذكر ماذا حدث (Re: Maysoon Nigoumi)
|
الاخت ميسون
تحيه واحترام
الحاج متذكر في الاصل مسلسل اذاعي
من تاليف عبدالناصر الطايف احمد ويمثل فيه جمال عبدالرحمن وعبدالعظيم عبدالقادر شخصيتي الحاج بخيت ومنوفلي
اعتقد انه جذب الكثير من المستمعين وانا منهم
وهو امتداد لمسلسل آخر اسمه الدنيا الجديده
اول ماشاهدت الاعلان في التلفزيون عن تقديم مسرحيه بهذا الاسم لم تعجبني الفكره طريقة الحاج متذكر حسب رايي المتواضع لاتنفع الا اذاعيه وبنفس اسلوبها
ولك الشكر
| |
|
|
|
|
|
|
you too (Re: Maysoon Nigoumi)
|
غايتو!!! تعرف يا ملاسي، الكثيرون لاموني على المقال وصفوه بشيء من القسوة..لكن كلمة غايتو "قشطت" أي تعليق قاسي وردت في مقالي. يعبر عن الفتور الذي كنت أحسه و أنا جالسة في المسرحية..و حاولت أن أدخل(بضم الألف) نفسي في حالة الإضحاك.. تعرف هذه الحالات، وهو أن تبدأ تضحك نفسك بالغصب، ثم لاحقا حتلقى روحك بتضحك بتضحك
زول ساكت...حقيقة لم أستمع للبرنامج الإذاعي، ولكن هذا التعليق الذي سمعته من معظم الناس، ان البرنامج ناجح كمسلسل إذاعي...لكن دعني اخبرك أنه ليس بنفس الدرجة على المسرح...ولا أقول أن الأصدقاء هم الإستثناء فهذه هي الحالة العامة للمسرح، فنفس التعليق يقال للمخرج مجدي النور..رغم أن العناصر الإخراجية بصراحة...كانت أكثر من ممتازة!! و هناك فكرة في شكل العرض..لكن السيناريو ضعيف، ضعيف.... ولا توجد أدوار موزعة للممثلين... (الفادني عندو حركة بينقز فيها تستمر لأكثر من نصف ساعة لكل مرة...I mean come on)
| |
|
|
|
|
|
|
Re: you too (Re: Maysoon Nigoumi)
|
ألأستاذه ميسون نجومي
أنا ناقد مسرحي غائب عن ألسودان منذ [قتل] ألناس[ديل]للديـمقراطية ومقيم ألآن في[USA] فالنقد ألذي سقتيه عن هذه ألـمسرحية أضاءني كثيرا.فـمجموعة ألأصدقاء مجموعة متـميزة ولكن أن تتساهل فيـما تقدم وبعد كل هذه ألخبرة,فهذا أمر يدعو للدهشة
بالـمناسبة هل إنت قريبة سـمية ألنجومى?فلو كنت كذلك بلغيها تحياتى
عبدألله عبدألوهاب ألشيخ
| |
|
|
|
|
|
|
|