|
معاوية يس يحاور امين حسن عمر :نوافق على الانفصال إذا كان خياراً لأهل الجنوب
|
عضو الوفد الحكومي المفاوض في نيفاشا يؤكد وقوف مصر مع مصلحة السودان
أمين حسن عمر لــ الخليج: نوافق على الانفصال إذا كان خياراً لأهل الجنوب حاوره: معاوية ياسين
يعتبر أمين حسن عمر المدير العام للهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون عضو وفد الحكومة السودانية للتفاوض مع الجيش الشعبي لتحرير السودان الذي يتزعمه العقيد جون قرنق، إحدى الشخصيات البارزة النفوذ في نظام الفريق عمر حسن البشير، وقام بأدوار مهمة في تنظيم الحركة الاسلامية والجبهة الاسلامية القومية منذ تخرجه في جامعة الخرطوم عام 1975.
ويرى كثير من المراقبين للشأن السوداني انه يصنف ضمن المتشددين في النظام فيما يرى المقربون إليه انه ليس كذلك، غير ان الضغوط التي واكبت الاندفاع لإنجاح عملية السلام السودانية جعلت المتشددين يتحولون الى حمائم بغية التوصل الى تسوية لأعقد أزمة يواجهها أكبر بلدان القارة الافريقية مساحة وهي الحرب الأهلية.
زار أمين حسن عمر مقر دار “الخليج” حيث تم التحاور معه في عدد من المحاور التي تتعلق بمستقبل السودان وعملية السلام وعلاقات الحكومة بدول الجوار والانتقادات التي توجه الى أداء القناة الفضائية السودانية التي يشرف عليها.. وتالياً الحوار:
نلاحظ ان القارة الافريقية شهدت العديد من الدعوات الانفصالية مثل اقليم كاتنجا، فلماذا تنتهي دعوة الانفصال في جنوب السودان بمنح تقرير المصير واجراء استفتاء على الوحدة او الانفصال؟ لماذا لم تعالج في الاطار الافريقي؟ وهل هذا يعني تشجيعاً لخيار الانفصال؟
لا أعتقد ان ما تم الاتفاق عليه هو تشجيع خيار الانفصال بل العكس، فالاتفاقية تنص على ان الأطراف كافة بما فيها الدولية تعمل لجعل الوحدة هي الخيار الجاذب للناس، وإلا فليس هناك معنى للسنوات الست التي قصد منها اعطاء فرصة لتبديد أجواء الحرب وحصول تطبيع في الحياة.
وفي تقديرنا فإن ذلك يعطي فرصة كبيرة لاختيار طوعي للوحدة وان تكون هي الخيار الأول وهذا هو رأي المراقبين الدوليين أيضاً والذين قالوا صراحة انه ليس من مصلحة جنوب السودان ولا من مصلحة الاقليم ان ينفصل الجنوب وحتى موارده النفطية تحتاج الى وجود علاقة مع الشمال لأن أي خيارات غير واقعية او اقتصادية مثل ترحيل البترول عبر كينيا هي خيارات غير اقتصادية.. وحسابياً أوضح مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان تكلفة نقل البترول عبر كينيا تساوي ثلاثة أضعاف تكلفة نقله عبر الشمال، وان فرص تنمية موارد الجنوب بشراكة مع الشمال أكبر من أي شراكة أخرى، طبعاً هذا إذا كانت الحسابات موضوعية وليست عاطفية.
خيار الانفصال
بإقرارك امكانية حدوث حسابات مختلفة، هل انتم مستعدون لخيار الانفصال إذا أصبح واقعاً؟
بالطبع.. إذا أصبح خياراً لغالبية أهلنا في الجنوب، فإننا مستعدون، لأننا لا نعتقد ان تكون هناك علاقة تنشأ على اكراه ولا في اعتقادنا في الماضي انه كان هناك رغبة حقيقية للانفصال في الجنوب بالرغم من ان ذلك كان شعاراً مطروحاً سياسياً.. ونحن نقر بوجود مظالم هناك ليست كلها ذات طابع عنصري بين الشمال والجنوب، لكنها راجعة لأسباب شح الموارد وتركزها في منطقة السلطة مما يجعل بقية الأطراف تشعر بوجود درجات متفاوتة وعدم الارتياح في المعادلة السياسية وقسمة الموارد.. وهذا الشعور كان أكثر وضوحاً في الجنوب منذ زمن الاستعمار البريطاني حيث أدى الى فجوة بينه وبين الشمال. وفي تقديري فإن الجميع الآن يشعرون بضرورة القضاء على أسباب هذه الفجوة والشعور بالظلم من خلال قسمة عادلة للموارد ورعاية الخصوصية الجنوبية الثقافية والسياسية واعطاء الجنوب حق الحكم الذاتي بجدية هذه المرة وليس مجرد معالجات ومحاولات شكلية، وهذه التجربة سوف تؤدي الى اقناع أهل الجنوب بأن هذه المعادلة علاقة نافعة للطرفين وليست لمصلحة طرف واحد.
وإذا كان هذا التقدير خاطئاً فسينتهي الأمر طبعاً الى الانفصال، وإذا كان صحيحاً فسينتهي الى وحدة مرضية للجميع وهو التقدير الأصح في رأينا. وكذلك الاستطلاعات التي أجرتها أطراف خارجية ومنظمات دولية توصلت الى وجود رغبة في الوحدة لم تكن متساوية مع الرغبة في الانفصال. وحسابياً أنا أعتقد أن هناك فرصة حقيقية للوحدة تتوقف على رعاية حقيقية لتنفيذ اتفاق السلام.. وأقول هنا ان الاتجاه نحو الانفصال في افريقيا قد تضاءل، وكذلك المشاعر الاقليمية والدولية غير مواتية للانفصال لا في السودان ولا في غير السودان.
يلاحظ انكم عاندتم كثيراً في البداية قبل التوصل الى هذا الاتفاق، ومرت حروب مكثفة ومعارك ضارية بين الجانبين لسنوات طويلة، ومفاوضات فاشلة في أكثر من عاصمة افريقية، ونفس هذا العناد اتبعته الحكومة مع التمرد في دارفور، بحيث ان المسألة الآن خرجت عن نطاق الحل السوداني السوداني وذهبت الى مجلس الأمن واتهامات بالتطهير العرقي وإبادة.. الخ، من يتحمل المسؤولية في هذا؟
ما يقال عن اننا عاندنا هذا موقف تقويمي.. وطبيعي جداً في أية مفاوضات بين طرفين أن يكون فيها موقفان.. ونحن لم نكن ضد الحل السلمي ولم نرفض الفكرة الجوهرية للحل السلمي والتي قبلنا بها منذ زمن، وقبلت بها الحكومات السابقة ولذلك فإن المفاوضات لم تنقطع أبداً في تاريخ السودان وظلت مستمرة لكنها كانت تفتقر الى الظروف لإنجاح التفاوض والتي نراها اليوم موجودة، فأمريكا على وجه الخصوص تراقب المسألة طوال العقد الماضي وحاولت الاطاحة بالحكومة الحالية لتأتي بأخرى تعمل وفق الطريقة التي تريدها الإدارة الأمريكية.. وقد بدأت إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون في آخر عهدها تعيد النظر في جزء من سياساتها تجاه السودان، لكن حقيقة التشجيع الحقيقي بدأت مع الإدارة الأمريكية الحالية وبدأت التعامل أخيراً مع الحكومة السودانية، وهذا الموقف ترك تأثيره ليس فقط في حركة التمرد ولكن أيضاً في المناخ الاقليمي حيث أصبحت هناك فرصة حقيقية للاتفاق.
أزمة دارفور
وماذا عن دارفور؟
دارفور شيء آخر.. هي الآن قضية ومشكلة على الأرض متعلقة بين نازحين ولاجئين أكثر من ان تكون متعلقة بعمل سياسي او تمرد أمني.. وهذا أدى الى ان تحاول المجموعات التي تمردت تطبيق نهج الحركة الشعبية في جنوب السودان للتجنيد الاجباري من القبائل ما أدى الى نزاع أهلي.. وهذا النزاع الأهلي أدى بدوره الى مناخ فيه قدر كبير من عدم الاستقرار الأمني وسمح لمجموعات سلب ونهب معروفة بالظهور على السطح واستغلال الوضع، الأمر الذي أدى الى حدوث انفلات أمني أدى الى اتساع المشكلة الانسانية من لجوء ونزوح وهو ما رفع الأصوات الدولية التي بدأت تتحدث عن وجود مشكلة كبيرة في دارفور والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أيضاً أشار الى ذلك.
هل ستنتهي مشكلة دارفور في نهاية المطاف بمفاوضات أيضاً تضعف من مركز الخرطوم والسلطة؟
لا أعتقد ان المفاوضات ستؤدي الى اضعاف الخرطوم او الشمال، لأن المعادلة التي توصلنا اليها في مفاوضات ماتشاكوس ونيفاشا معادلة لم تحل مشكلة الجنوب والشمال وانما حلت مشكلة علاقة المركز، أي الخرطوم، بالأطراف وأكبر مظاهرها توسيع السلطات المتاحة للولايات المتحدة وتوسيع الموارد لأن منح الناس سلطات من دون قسمة موارد، لأن لا معنى للسلطة من دون موارد.. وعموماً فإن الحكومة لم ترفض أبداً مبدأ التفاوض لكن كانت هناك خلافات حول مقر التفاوض مع الحركات.. وفي رأيي ان الموقف الانساني في دارفور هو الذي يثير لغطاً كبيراً في الساحة.. وإذا حصل احتواء للموقف الانساني وأنا أعتقد ان التحركات الحالية بالرغم من انها تبدو سلبية إلا انها في حقيقة الأمر ايجابية لأنها في جانب آخر ستجعل هناك مساعدات حقيقية وليست مجرد كلام.
والآن خلال زيارة انان تم الاتفاق على برنامج عملي تنفيذي.. وأيضاً خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول اتضح اننا لم نعطل نشر القوات الافريقية وانما هذه القوات تحتاج الى دعم مالي حتى تنتشر على الأرض وقد تعهد باول بتوفير هذه الموارد. واتضح أيضاً ان الترتيبات التي كانت تتبعها الحكومة بشأن ايصال المساعدات هي اجراءات مهمة لمنع تسرب مواد غذائية تضر بصحة الناس، وهذا اجراء طبيعي وترتيبات مهمة منعاً لدخول مواد غير آمنة الى البلاد وهذه ضمن سيادة الدولة لحماية سكانها.
ونحن نعلم ان الخطاب السياسي الأمريكي الحاد تجاه السودان ليس الهدف منه نحن، وإنما سياسات للتنافس الانتخابي في الساحة الأمريكية وفي اطار ضغوطات من جماعات ضغط ظلت علاقاتها متوترة مع السودان لسنوات طويلة جداً، لكننا وبعد اتفاق السلام مع الجنوب نتوقع ان تتحسن علاقاتنا مع جماعات كثيرة جعلت قضيتها الرئيسية معارضة الحكومة السودانية.
تقسيم السلطة
بالرغم من الاتفاق الذي تم في نيفاشا إلا ان هناك جماعات تتحدث عن الاقصاء والخوف من المستقبل وأبدت بعض التحفظات.. فما المعايير التي استندت إليها نسب تقسيم السلطة؟
بالنسبة لنسب تقسيم السلطة فقد اتفقنا على المعايير الموضوعية وكتبنا ذلك في الاتفاقية، لكن المعايير خلال عملية التنفيذ ستكون خلافية وهناك شيئان متعلقان بهذه القسمة في تشكيل الحكومة هما تمثيل الجنوب في المستويات الاتحادية بنسبة معينة وهي 30%، ونحن اتفقنا على ان يمثل الجنوب بنسبة سكانه وهذه في الحساب السياسي نسبة أكبر لأن سكان الجنوب ليسوا كلهم موجودين فيه حيث يوجد بعضهم في الشمال ويمارسون حقوقهم كاملة. وقد اتفقنا على اجراء تعداد لتحديد عدد السكان في كل اقليم وفي ضوء ذلك يتم التمثيل بطريقة عادلة لأن الاتفاق المبدئي كان تقديرياً. وعلى كل حال فإن هذا الأمر ليس مشكلة جوهرية لأننا نتحدث عن الحلول المستمرة وليس المعالجات الاستثنائية لأن الوضع قبل الانتخابات هو وضع استثنائي ونحن نريد ان نترك الكلمة للشعب الذي يحدد شكل السلطات والقوى السياسية التي تمثله. وبالنسبة للقوى السياسية الأخرى نحن تحدثنا معها وعلى استعداد لأن ننظر في أية معادلة لا تجعلنا في موقع القيادة في الجنوب قبل الانتخابات. ولا بد من اشراك كل القوى السياسية لكي تشعر بأن لها علاقة بالمشروع الجاري وان يكون لها وجود في القيادة على المستوى الاتحادي او الاقليمي بشرط اجراء الانتخابات بأسرع ما يكون وان تكون حرة ونزيهة مع وجود مراقبين دوليين ومحليين، لكن الحركة الشعبية لا تريد الاسراع في الانتخابات بحجة انها تحتاج الى وقت لترتيب أوضاعها وبناء قاعدتها السياسية.. وقد وجدنا نحن موضوعية في هذا، لذا تركنا الأمر مفتوحاً وقلنا ان الانتخابات يجب ان تجرى في فترة اقصاها ثلاث سنوات مع امكانية التبكير وفقاً لرغبة الحركة الشعبية اذا رأت ذلك ونحن واثقون باكتساحنا للانتخابات واننا سنكون القوى الرئيسية وسيظهر ذلك متى ما أجريت الانتخابات.
الحركة الإسلامية والانقسامات
بعد مرور 15 سنة من عمر “الانقاذ” ألا تقر بأن الحركة الاسلامية انتهى بها الأمر الى التمزق أكثر من الأحزاب إذا ما لم تكن متساوية معها بالرغم من انها كانت يوماً نداً لها وخصماً في فترة الديمقراطية؟
لا أظن ذلك.. صحيح ان الحركة الاسلامية تعرضت لشيء من الابتلاء في وحدتها لكن ذلك لم يؤثر في أساسها.. وفعلاً عندما ترى الدكتور حسن الترابي خارج الحركة، وهذا من ناحية رمزية قوي جداً بمعنى الانقسام لكن في الواقع 90% من الحركة الاسلامية ظلت مترابطة تحت قيادتها التي خرج عليها المؤتمر الشعبي.. وهذه ليست أول مرة فقد كان الرشيد الطاهر بكر على رأس الحركة الاسلامية وخرج وظلت هي متماسكة دون ان تتأثر بخروجه على الرغم من وزنه آنذاك حين كان الأمين العام مثل الترابي، لكن الترابي وزنه اكبر من الرشيد وله قيادة مستمرة لكن الرهانات التي كان يمكن ان تخسرها الحركة بسبب متابعة مشروعه وتصوراته في القضايا المطروحة اكبر من التخلي عنه. والحركة الاسلامية الآن ليست حركة مغلقة هي حزب قومي مطروح للجميع يشارك فيه مسلمون وغير مسلمين، وانسحبت كحركة اسلامية من الساحة السياسية الى ساحة فكرية وعصرية اجتماعية وجعلت منبرها السياسي حزبا مفتوحا لكل القوى هو المؤتمر الوطني.
وفي اطار المعادلة التي اتفقنا عليها في ماتشاكوس لم تبق هناك خصوصية في القضايا الكلية للحركة الاسلامية، إلا ان تكون لها خصوصيات فكرية لأن ما اتفقنا عليه سيكون ملزما لحزب الأمة والاتحادي الديمقراطي ولكل القوى السياسية الاخرى حتى لو جاء جون قرنق نفسه وأصبح حاكما للسودان سيكون مضطرا للالتزام بالمعادلة التي اتفقنا عليها.
مستقبل الفترة الانتقالية
كيف ترى سيناريو المستقبل في هذه الفترة الانتقالية وما بعدها. هل ستظلون بنفس النفوذ في الشمال والجنوب؟
ليس بالضرورة ان نستمر كما نحن الآن ولا بالضرورة ان تستمر المعادلة السياسية ايضا.. نحن منفتحون على التطور السياسي داخليا، والتطور السياسي في علاقاتنا مع الاطراف الاخرى والبلد كله مفتوح للتطور السياسي.. وخلافا لما يرى البعض فإن الحركة السياسية في السودان تطورت كثيرا وتعلمت اكثر على الرغم من الاخطاء لكن قواعدها الآن اكثر وعيا من السابق.
مغامرة السلام والانفتاح التي دخلتم فيها ألا تنطوي على مخاوف من التفتيت مثلا؟
إذا كنا اضعف من ان نصمد امام تيارات صنعناها بأنفسنا فلا يضيرنا ان نتفكك وأقول ان أي مشروع سياسي له اهداف بعيدة وآنية. ونحن نعتقد ان اهدافنا الطويلة الاساسية وتصورنا للسودان البعيد تحققت عبر هذا الاتفاق.. ولن يأتي احد بعد ذلك ليقول لنا ويطالبنا بإلغاء الشريعة أو كذا.. نحن وصلنا الى اتفاق في اطار دستوري يحكم الحركة السياسية في السودان.. وإذا تم حسم الكليات فستحصل تطورات وانا اعتقد ان المؤتمر الوطني نفسه إذا فشل في التطور فستنشأ منه قوى سياسية اخرى وهذا ينطبق على جميع الاحزاب.
الدور الأمريكي في دارفور
كان هناك دور للولايات المتحدة في مفاوضات نيفاشا.. والآن هناك دور امريكي يبدو واضحا وجليا في دارفور.. هل يعني ذلك انكم فتحتم الباب للولايات المتحدة ان تلعب دورا في السياسة السودانية؟
لا اعتقد اننا فتحنا باباً لأمريكا فإذا قلنا ان الولايات المتحدة ليس لها أثر ونفوذ في منطقتنا كلها يكون ذلك مغالطة للوقائع، فأمريكا لها اثر ونفوذ ولها نفاذ في السياسة المحلية والاقليمية، وأوكد هنا انه اذا لم يكن هناك تدخل امريكي في عملية السلام السودانية فإنها ما كانت لتتم اصلا، فالتدخل الامريكي هو الذي أتى بالسلام وأثر في المواقف الاقليمية ومواقف الحركة الشعبية، فالإدارة الامريكية السابقة مثلاً كانت لا تريد سلاما مع هذه الحكومة. لكن تغيير السياسة الامريكية أياً كانت الأسباب وقبولها التعاون مع الحكومة القائمة وقبول الحكومة بعض اطروحاتها، إذ اننا لسنا على الدوام ضد واشنطن وانما ضد بعض الاجهزة الامريكية، وإذا وجدنا هذه الاجهزة تتوافق مع مصالحنا قبلنا بها.. والسياسة الدولية اصلا قائمة على توافق المصالح.. واكرر انه لم يكن هناك تدخل امريكي في المفاوضات بالمعنى الأساسي، حتى في إجراءات التفاوض اليومية لم يكن هناك تدخل امريكي لكن كان للوجود الامريكي ثقل كبير، من دونه لكانت المواقف الاقليمية مختلفة وكذلك مواقف الحركة الشعبية، أما بالنسبة لنا فليس لدى واشنطن شيء تفرضه علينا ولكن الحافز لنا هو تطبيع العلاقات والتوصل لاتفاق يفتح الطريق لمعالجة الازمة مع اكبر قوة دولية في العالم.. أما التدخل في دارفور فأمر مختلف، وهو مجرد مداخلة في شأن انساني في موسم الانتخابات، ونحن نتفهم هذا.. وامريكا لم تقدم لنا أية افكار في توفير الحل السياسي لا من الناحية الاغاثية ولا الأمنية ولا العسكرية، ونحن كحكومة بدأنا المفاوضات السياسية ونحن الطرف الاحرص عليها وليس هناك ما يدعونا الى الخوف من التفاوض السياسي، ولكن المشكلة هي في العمل العسكري في دارفور لأن حساسيته اشد من الجنوب حيث قد يتحول الى نزاع أهلي مباشر، وليس نزاعا مع قوة متمردة على الحكومة كما في جنوب السودان قبل الاتفاق مع الحركة الشعبية، وهنا تكون اخطار هذا النزاع اكبر لأنه يؤدي الى تمزق النسيج الاجتماعي الذي يصعب معالجته.
في رأيك ألن يكون للولايات المتحدة دور في المستقبل السياسي للسودان.. وهي تعتبر شريكة في التوصل الى الاتفاق وبالتالي يفترض بالنسبة لها ان تكون شريكة في الاشراف على تطبيقه؟
بالنسبة للاشراف على التطبيق هناك اتفاق بهذا الخصوص يسمح بذلك ليس لأمريكا فقط وإنما لشركاء السلام، وسوف تكون هناك لجنة بمثابة مرجعية لهم للتحاكم اليها، ولكن ليس هناك اشراف امريكي على التطبيق بمعنى وصاية لأن فكرة الوصاية مرفوضة بالطبع، حتى لو كانت أمريكا قوة نافذة. لكن هناك حدود لسلطاتها على الشعوب بعكس الحكومات التي قد يكون أمرها هيناً بالنسبة لها، وما يتردد الآن عن تدخل عسكري في السودان فهذا “كلام فارغ”، وليس له اي اساس ولا يتصور اي شخص عاقل ان ترسل الولايات المتحدة جندياً امريكياً واحداً الى اي بلد اجنبي في موسم الانتخابات.
التهديدات الأمريكية
وإذا تم التجديد في الانتخابات لهذه الإدارة الأمريكية التي تطلق التهديدات ضد الخرطوم؟
نحن لا نعتقد ان هذه التهديدات خلفها أجندة أو برنامج تدخل، إنما الخطاب السياسي الناجم عن اجواء الحملة الانتخابية، ونحن نفرق بين جماعات الضغط والإدارات الحاكمة في امريكا، حتى لو جاءت إدارة ديمقراطية فإنها في النهاية ستتحرك وفقاً لمصالحها وحساباتها وتتعامل مع الوضع بحساب الربح والخسارة وهذا طبيعي مهما كانت تقديرات الإدارات. ونحن لا نراهن على هذه الإدارة او تلك ونرى ان المصالح الامريكية في هذه المنطقة هي واحدة والتعاطي المنهجي معها هو واحد، وبالرغم من ضغوط اليمين المسيحي المتشدد على الإدارة الحالية الا ان تعاطيها مع الشأن السوداني كان اكثر إيجابية من الإدارة الديمقراطية السابقة.
وفي تقديري الخاص لا أرى ان هناك برنامجاً امريكياً للتدخل في السودان الآن، وان هذه التهديدات تعبر عن مرحلة مبكرة.
الدور المصري في السلام
ألم تكن الإدارة الأمريكية وراء استبعاد مصر تحديداً وليبيا من المفاوضات بالرغم من انه كانت هناك مبادرات مصرية ليبية حول مسألة الجنوب، وبالتالي تم إقصاء البلدين وانحصرت الجهود بين أمريكا ودول “الإيقاد” والدول الأوروبية بالرغم من ان لمصر مصلحة أساسية في سلام السودان؟
صحيح ان إدارة كلينتون لم تكن ترغب في مشاركة مصر بأية مبادرة لأنها كانت أصلا غير جادة في مشروع السلام، وتعتقد ان طرح مبادرة من مصر يعطي الفرصة للحكومة بأن تقوم بمناورة أوسع بين المبادرتين وقيل هذا صراحة لأنه يقوي موقف الحكومة السودانية، وهو ما لا تريده واشنطن بل ترغب في الاطاحة بهذه الحكومة.
أما الإدارة الحالية فلم تكن تشترط استبعاد مصر بل على العكس كانت حريصة على دخول مصر في “الايقاد” لكن مصر كانت غير راغبة في الدخول الى ملف “الايقاد” لأن إعلان المبادئ يحتوي على حق تقرير المصير، لذلك لم تكن ترغب، حتى لو اقتنعت بهذا الحق، ان تكون طرفاً في هذا الموضوع، ونحن سعداء بهذا الموقف، ونسعد جداً بأن يكون موقف مصر من وحدة السودان موقفاً متشددا. أما بالنسبة لنا فإن الضرورات تتطلب منا ان نقف هذا الموقف، لكن بالنسبة لمصر ليس من حقنا ان نفرض شيئا على الحكومة المصرية او نطالبها بأن تستجيب للأمر كما نستجيب نحن له، وأؤكد هنا انه بالرغم من قبولنا كحكومة بحق تقرير المصير، فإن ذلك لا يعني قبولنا بالانفصال. وفي مسألة دارفور امريكا لم تكن حريصة على استبعاد مصر بل العكس حيث اقترحت علينا مباشرة إدخال مصر كطرف ووسيط وطلب منا ايضا إدخال منظمة المؤتمر الاسلامي، وأيضا فإن واشنطن لم تعارض دخول ليبيا. نحن حريصون فقط على أن ترعى المفاوضات من قبل جهات تستطيع أن تؤثر في الطرف الآخر. وأقول اننا نرحب بأي تدخل مصري لحل الأزمة لأن تدخلها إيجابياً لمصلحة السودان، لكن الطرف الآخر لن يكون سعيدا بتدخل مصر لأنه يريد رعاية امريكية او غربية لاعتقاده ان موقف هؤلاء اقرب اليهم. ونحن لسنا منزعجين من هذا، ولا نعتقد بوجود رغبة امريكية للتدخل في السودان لأننا أعلنا استعدادنا لأن نتعامل مع جميع ولايات السودان ونمنحها السلطات نفسها التي اتفقنا عليها في مناطق جنوب النوبة والنيل الأزرق ولأن النموذج الفيدرالي الذي يعطي سلطات واسعة سيعمم على جميع انحاء السودان، ولا أعتقد ان شخصاً من دارفور سيأتي ويقول انهم يريدون وضعاً استثنائياً في الاقليم، حتى في الجنوب مع الفارق بأنه جعلت له حكومة توحد ولاياته وهذا هو الفرق الوحيد.
الضغوط الأمريكية
بما انك شاركت لفترة طويلة في المفاوضات، فإن رجل الشارع يتساءل كيف تتم الضغوط الامريكية التي يتحدث عنها الناس؟
اولاً فكرة استبعاد وجود ضغوط في شأن سياسي هي فكرة ساذجة، لأن السياسة هي التعاطي مع الضغوط، وأمريكا نفسها عليها ضغوط من الداخل والخارج وهي في ضوء ذلك تحدد توازناتها السياسية، وان إنكار وجود اي ضغوط سياسية ليس صحيحاً، نعم كانت هناك ضغوط لكن متفاوتة.
كيف تتم هذه الضغوط؟ وما الآلية؟ وهل هناك أفكار او تقديم اوراق؟
- لا.. لا.. امريكا لم تتقدم بأفكار إلا في مرة واحدة، وغير ذلك لم تقدم اية افكار رسمية، وقد حصل ذلك في اتفاقية ابياي بعد ان اوشكت المفاوضات على الانهيار، وكانت أفكارها مأخوذة من أوراق الحكومة السودانية والحركة الشعبية في محاولة للتوفيق بين أفكار الطرفين، وعندما قبلت الحكومة بهذه الورقة قبلتها مشروطة.
كان هناك تباين واضح في الرأي العام في الجنوب والشمال، خاصة الحركة الاسلامية، حول اتفاقية نيفاشا.. ما رأيك في ذلك؟
انا لا أستغرب ان تقابل اتفاقية نيفاشا في الجنوب بحماس اكثر من الشمال، لأن وقع الحرب على الجنوب اشد من وقعها في الشمال، وبالنسبة للحركة الاسلامية التي كانت رأس الرمح في القتال هناك حوالي 20 الف شاب استشهدوا من طرف الحركة الاسلامية ومن غير القوات الحكومية، فبالنسبة للطرفين كان وقع الحرب باهظا لذا كل منهما رأى ان الحل الذي تم التوصل اليه معقول ومناسب، وطبيعي يحصل ان الاحتفال به.
في الشمال ظهر انفصاليون جدد مثل الطيب مصطفى وقد أفرد التلفزيون الحكومي لهم مساحة كبيرة، لماذا؟
هذا حصل في إطار التعبير عن تيارات الرأي العام وسواء الطيب مصطفى او يونا ملوال ليس هناك فرق، ولا بد ان يكون هناك رأي سياسي وآخر يرد عليه، وقد يعتقد البعض ان ذلك حصل لأن الطيب مصطفى كان وزير دولة، وأنا في رأيي هذه القصة نوع من اليأس، لأن الحرب عندما طال أمدها اعتقد بعض الناس ان الحل الأسهل هو الانفصال، وعندما تتحسن الأمور سوف تبدأ الاتجاهات الانفصالية في الضعف سواء في الشمال او الجنوب، وأنا لا أعتقد ان هناك اتجاهات قوية للانفصال لا في الشمال ولا الجنوب، ونحن في الاتفاق الأخير وضعنا ضمانات كثيرة اهمها ان النظام تعددي وليس في يد شخص واحد.
المغتربون وانعكاسات السلام
بعد توقيع السلام يتحدث الناس حاليا عن تحسن محتمل في الاوضاع بالسودان، ما الانعكاسات الايجابية بالنسبة للمغتربين السودانيين بالخارج؟ ماذا يستفيد هؤلاء من السلام في السودان؟
طبعاً للحرب آثار على البلد وكذلك الضغوط مما يمنع عنها الاستثمارات ويعوق برامج التنمية، ونحن بسبب الحصار الأمريكي تضررننا كثيراً مثلاً في مجال التكنولوجيا لأننا كنا لا نستطيع شراء الأجهزة والمعدات مباشرة إذا كان المنشأ أمريكياً، وأيضاً التمويل الدولي للسودان، وليس القروض، توقف تماماً بسبب توتر علاقتنا مع امريكا، والآن بعد السلام ورفع هذه الظروف الاستثنائية وغير العادية سيتم تطبيع الحياة الاقتصادية في السودان وفتح الأفق للاستثمار، وقد بدأت فعلاً أموال اوروبية ومن جهات اخرى تتوجه إلى الاستثمارات في السودان، وواضح جداً انه سيحصل قدر من الازدهار الاقتصادي وان لم يكن بالسرعة التي يتوقعها الناس وحتى موارد السودان يمكن ان تتحرك بسرعة، أما مشروع النفط وتحركه غير السريع فيرجع ذلك لظروف عدم الاستقرار والحرب في المنطقة، وأؤكد هنا أنه سيحصل تحسن في الوضع الاقتصادي السوداني وهذا بالطبع سينعكس على المغتربين أولاً في مسألة الضرائب، فعندما تخف ضغوط البلد سيتم تخفيض هذه الضرائب تلقائياً، وايضاً فإن السلام سيحقق لهم فرصاً جديدة داخل السودان لأنهم اكتسبوا خبرات متعددة طوال وجودهم في الخارج وسوف يستثمرونها في المشاريع الاقتصادية الجديدة.
----------
تطوير الاعلام
باعتبارك رئيساً للهيئة القومية للاذاعة والتلفزيون، يتحدث بعض الناس عن مشاهدة بائسة في القناة الفضائية السودانية، وان المادة الدينية طاغية اكثر ومستجلبة من الخارج، لماذا لا يكون هناك انتاج سوداني محلي مبرمج بشكل يجذب المشاهد؟
أولاً بالنسبة للبرامج الدينية ليست طاغية وانما بنسبة محدودة والآن كلفنا جهة دولية عمل تقييم للبرامج ومسموعيتها وكذلك بعض المحطات الفضائية العربية التي عملت لنا دراسة سنقوم بنشر نتائجها، ونعترف بأن برامج التلفزيون السوداني تحتاج إلى تطوير كبير وهذا التطوير يحتاج إلى موارد كثيرة وهي غير متاحة والكوادر تهرب وتهاجر للعمل في فضائيات اخرى، وإذا وجدت هذه الموارد فسيتم تعديل الوضع الراهن، أما تقييم الناس فهذا يختلف من شخص لآخر، وانا شخصياً لست سعيداً بالمستوى العام ونعمل حالياً على تدريب العاملين وتحسين أوضاعهم لكي يستمروا. والتدريب مستمر من قبل شركات أوروبية ومن جنوب افريقيا وحريصون جداً مع هذا التدريب على تحسين أوضاع العاملين حتى لا يفكروا في الهجرة الى جهات أخرى.
وماذا عن قناة النيل الازرق الفضائية؟
الآن نحن اتفقنا على ترتيبات مع الشيخ صالح كامل، وهي قناة أصلاً اشبه بالقطاع الخاص لأن نسبتنا فيها 25% فقط وهذه النسبة نحن بصدد اعطائها للقطاع الخاص ايضاً لتكون مشروع قناة غير حكومية، وقد قمنا الآن بفتح محطات FM وذلك ضمن سياسة الانفتاح الاعلامي الذي سيساعد على تطوير البرامج التلفزيونية والاذاعية.
نجد ان قيادات التنظيمات المسلحة المعارضة للحكومة في دارفور هي قيادات من الأحزاب المعارضة في الشمال أو في التجمع الديمقراطي أو الحركة الاسلامية، هل ترى ان هذه الأحزاب أرادت ان تفتح معركة جانبية أخرى ضد الحكومة في مكان آخر؟
ليس صحيحاً ان هؤلاء اعضاء في الاحزاب، هناك حركة تسمى حركة تحرير السودان وهي حركة مرتبطة بالحركة الشعبية التي يتزعمها جون قرنق، وكانت ترغب في البداية ان تسمي نفسها الحركة الشعبية قطاع دارفور، لكن قرنق رفض هذا لكي لا تحرجه في المفاوضات، ومعظم قادة الحركة تدربوا في معسكرات حركة قرنق وهم جزء من الحركة الشعبية، وقد استخدمها قرنق كورقة ضغط على الحكومة للتأثير في موقفها التفاوضي، والآن بعد اتفاق نيفاشا فقد بدأ قرنق يعرض وساطته لحل المشكلة، أما المجموعة الثانية المتمردة في “حركة العدل والمساواة” وهي جناح من المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الترابي بالرغم من ان المؤتمر لم يعد له صلة بها، لكن مؤشرات كثيرة تدل على هذا الارتباط، وان الصلات مستمرة وكذلك الاتصالات، لكن تأثير الحركتين من ناحية سياسية وعسكرية ضعيف، حتى قيادات الحركة امثال شريف حرير فإنه كان جزءاً مما يسمى بالتحالف الفيدرالي الذي يرئسه أحمد ابراهيم دريج، واختلف معه بعد ان اختار دريج الطريق السلمي وحرير اختار الطريقة العسكرية، وحاول التوصل إلى اتفاق، والآن لم يعد شريف صاحب نفوذ داخل الحركة التي شهدت خلافات وصراعات وتصفيات، ونحن كحكومة لم نشعر بانزعاج من هذه الحركات لأنها اصبحت معزولة من التيار السياسي الرئيسي في البلد، وعلاقتها مع الحركة الشعبية علاقة آنية مرتبطة بظرف معين. وعلى الصعيد الخارجي فإنه بالرغم من ان الاطار الدولي يتحدث عن مشكلة دارفور لكنه يتناولها من الجانب الانساني وليس السياسي.
مشكلة شرق السودان
هنالك مشكلة ايضاً في شرق السودان، وتمرد من قبائل البجا، ما موقف الحكومة من ذلك؟
ليس هناك تمرد من قبل البجا، بل يوجد استغلال لبعض مجموعات من البجا من الرئيس الاريتري اسياس افورقي ضد الحكومة السودانية، وعلاقته وضغوطه عليها معروفة للجميع. لكن ليس هناك تمرد في مناطق البجا لكن يمكن القول إن هناك مجموعات بجاوية يستغلها افورقي في صراعه مع الحكومة السودانية ولم تكن هناك حركة عسكرية في شرق السودان مؤثرة غير الحركة الشعبية.
علاقاتنا مع الحركة
هل فترة التسعة أشهر من المفاوضات كانت كافية أم أنها بدأت منذ فترة قبل الاعلان عنها رسمياً؟
نحن بدأنا المفاوضات تحديداً قبل سنتين، أما التسعة أشهر المعلنة فهي ليست الفترة كلها، وأنا بدأت مع الحركة الشعبية مفاوضات منذ عام 1998 وكانت مستمرة بمعدل ثلاث أو أربع جولات في كل سنة وكانت مفيدة وأسهمت في تفهم كل طرف للآخر، خاصة بين النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه وجون قرنق، لأني لا أعتقد أن هناك سياسيين سودانيين جلسوا في حوارات طويلة امتدت مئات الساعات في كل القضايا المتعلقة بالسودان مثل طه وقرنق، وهذا التفاهم هو الذي أجبر في الماضي الولايات المتحدة إبان أزمة خليج الخنازير أن تفتح خطا ساخنا مع موسكو، لأنه بقدر ما كان الطرف الآخر خصما، فقد على التفاهم والقدرة على تقييم دوافع الطرف الآخر ومخاوفه مهمة جدا في أي سياسة سواء على المستوى الوطني أو الدولي.
وزارات ممنوعة
بعد اتفاق نيفاشا نقل عنك تصريحات بشأن التشكيلة الوزارية، وقد تحدثت عن حقائب محددة ممنوعة عن الحركة الشعبية.. هل لك أن تعقب على ذلك؟
ليس هناك من شيء في الاتفاقية يشير الى ممنوعات، وإذا كان هناك شيء ممنوع يكون ذلك بالاتفاقية. مثلا وزارة الدفاع لا يمكن للحركة الشعبية أن تفكر فيها وكذلك وزارة الداخلية لأنهما متعلقتان بالأمن.. أما عن الطاقة فلم أقل ممنوعة وإنما أجبت من سألني بأن هذه أمور خاصة للتفاوض السياسي بين الطرفين وقلت له أيضا إذا سألتني أنا شخصيا عن رأيي لن أعطي الحركة هذه الوزارة لأن أحد أهدافها في الماضي هو عرقلة وإيقاف استخراج البترول.. أما بالنسبة للدفاع والداخلية فالأمر محسوم لأن الحركة تعلم تماما أنها ما دامت تحتفظ بقوات لا يمكن لها شغل إحدى هاتين الوزارتين من باب التوازن في العلاقة بين الطرفين.. وهذا انعكس أيضا في حالة وفاة الرئيس أو عجزه فإن قرنق لن يكون تلقائيا رئيسا للجمهورية. لذلك اتفقنا أنه أثناء الفترة الانتقالية إذا حدث شيء للرئيس يتولى المتحدث باسم البرلمان مهام الرئيس، ويمكن أن يكون ذلك الشخص من الجنوب بشرط أن يكون من حزب المؤتمر الوطني الحاكم أو من الطرف الذي يمثل الشمال في هذه المعادلة.
كيف تكون قسمة جهاز الأمن حسب الاتفاقية، وهل هناك أي تدخل أمريكي في هذا الخصوص؟
جهاز الأمن هو جهاز مدني يعامل معاملة الخدمة المدنية.. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال فإن أمريكا لم تتدخل إطلاقا لا بصورة رسمية ولا غير رسمية في أي مسألة متعلقة بشأن داخلي وهذه المسائل لا يمكن لأي دولة أن تتدخل فيها حتى ولو كانت تمارس عليك ضغوطا، ولو حصل ذلك فسنرفض بالطبع.
إطلاق الترابي
هل هناك أي احتمال بعد توقيع السلام لأن يتم إطلاق سراح الدكتور حسن الترابي؟
أنا أتمنى أن يتم إطلاق سراح الترابي وغيره، لأن اعتقال الناس وضع استثنائي وغير متناسب ولا متلائم مع مناخ ديمقراطي وانفراجي نحو السلام.. لكن هذه الأمور يحددها أناس آخرون.. أما أنا شخصيا فإذا طلب رأيي فسأكون مع إطلاق سراح الترابي وجميع المعتقلين إذا كانوا لا يشكلون خطرا على الأمن والسلم واعتقال الترابي جاء بعد أن اتهم بالتحريض على الانقلاب ومسألة دارفور وهذه التهم لا بد أن تنظر أمام المحاكم.
نرفض المزايدة
الصادق المهدي زعيم حزب الأمة يقول إنه لا يقبل بأي اتفاقية تؤدي الى شمولية جديدة تتمثل في الشراكة الثنائية، أو أي اتفاقية لا تتحول الى قومية تشمل كل القوى السياسية.. بماذا ترد عليه؟
نحن نقول للصادق المهدي ان هذه الاتفاقية ليست شمولية، وإنما تنشئ حكومة وطنية قومية.. وأنا لا أعتقد أن هناك قوة في السودان الآن تتحدى إرادة السلام الحالية وإلا فسوف تخسر.. صحيح إذا شعروا بأن هناك انحرافا بعد تطبيق الاتفاقية لهم الحق في مقاومته بالطرق المتاحة ديمقراطيا.. لكن نرفض محاولات العرقلة قبل بدء التطبيق بدعاوى المزايدة على الاتفاق. والآن إرادة السلام في السودان إرادة غلابة جدا، والجميع يريدون فتح صفحة جديدة في تاريخ السودان.
http://www.alkhaleej.ae/articles/show_article.cfm?val=93625
|
|
|
|
|
|