( مقال في النقد الاجتماعي ) يقولون :إنما " الناس طبائع " .. من ذلك أنه قبل سنين خَلَون ، حلَّ بي ضيفا أحد الأخلِّاء الأصفياء .. فهاله ما خالَهُ بؤسا يملأ أركان غرفة إقامتي .. حيث لا تتوفر هذه الحجرة البسيطة إلا على أريكة من الصلب عليها لحاف مهلهل.. وخزانة من الخشب تختلط في جوفها الكتب بالثياب.. وطاولة عتيقة تناثرت على سطحها أكوام من الصحف والمجلات، وفي أحد أطرافها جهاز حاسب آلي من طراز كلاسيكي، وكرسي بلاستيكي... فأجال الرجل نظره في أرجاء الغرفة وأطرق رأسه هنيهة فقال: تبدو كقديس منقطع عن الدنيا في ديره أو عابد منعزل عن العالم في محراب صومعته.. ألا يشغلك ما يشغل الخلق من أحداث جسام تدور في أرجاء الكون ؟ قلت : بلي فإنني منشغل بها حتى الثمالة .. سألني، إن كنت كذلك، فأين هاتفك النقال ؟ قلت: لم اقتنه بعد ..فأردف سائلا وكيف تتواصل مع الآخرين ؟ قلت: أكتب إليهم رسائل ورقية وأرسلها عبر البريد العادي.. ابتسم صاحبنا فقال: ولكن هل هذا زمان كتابة الرسائل الورقية ؟! .. وأين التلفاز ؟ قلت: لا يعجبني ! فاستفهم قائلا : ومن أين تحصل على الأخبار ؟ أشّرتُ بأصبعي صوب كومة الصحف ، فضحك بصوت خفيض وقال : معنى ذلك إنك تذهب كل يوم إلى المكتبة لتشتري الصحيفة ؟ قلت : أجل ؛ حتى صاحب المكتبة نفسه مستغرب من سلوكي هذا إذ سألني مرة قائلا ماذا في هذه الصحف التي تشتريها بشكل راتب ، هل تبحث عن الوظيفة ؟ قال: معه الحق ! ..واستمر في استجوابه وسأل ألا تشاهد المسلسلات ؟ قلت :لا مطلقا ! ولا مباريات كرة القدم ؟ قلت :لا لم يحدث أن شاهدت مباراة لكرة القدم في حياتي إلا مرة واحدة قبل ثلاثين سنة أو نحوها وكان ذلك في الميدان الشرقي بجامعة الخرطوم ، بين كليتي الاقتصاد و الهندسة !... ولا تلعب الورق مع الأصدقاء و الأقران ؟ قلت : لا أعرف كيف يلعبونها ، وأحمد الله على هذا الجهل ! . تعجب الرجل فقال : والله تبدو غريباً ، ما الذي تهواه خارج نطاق عملك الرسمي ؟ قلت : لا شيء غير أن أقرأ وأكتب ! هنا ضحك صاحبي بصوت مجلجل وكاد أن يسقط على قفاه فقال :" تقرأ وتكتب "!! "ما كُلنا نقرأ ونكتب ، فهل نحن أُمِيِّون "؟ !. ولكن يبدو أن صاحبي لم يكن يدلي بتعميماته من الفراغ ، وإنما كان يعبر عن منطق الزمان وصراط العصر ، فهذا التيار الجارف لا يبقي ولا يذر ولا يرحم الناكصين عن دربه السالك ولا الناكثين عن قواعده الصارمة ومكين بأن يلفظ المتشبثين بعتيد العوائد وتليد الخصال والمترنمين خارج مسرب الزمن الدفاق من أمثالنا .. وقد ثبُت ذلك بالدليل القاطع من أن هذا التحدي مُحال ، و أن الخاسر الأكبر في خاتمة المطاف هو المتحدي.. فالذئب لا يفترس من الغنم إلا القاصية .. ولم أع ذلك إلا متأخرا حين اضطررت أن أرفع الراية البيضاء أمام جيوش العصر الزاحفة و اهتديت وأذعنت لأقدار التكنولوجيا الماضية وعدت إلى الجادة (الاسفيرية ) واقتنيت التلفاز والنقال واللوازم العصرية الأخرى .. ولكنني اعتصمت وصممت، أو قل ( كابرت ) ، عن اقتناء "الهاتف الذكي" لسنين عددا .. حتى أهداني أحدهم واحداً منها (لا أدري ما إذا كان ذلك حرصاً منه على مصلحتي أم كيداً على اعتصامي ) ففي كل الأحوال ، إذا كان يروم الأخير فقد خاب مبتغاه وانخذل مسعاه ، لأنني لم استخدمه إلا لوظيفته الأساسية ، أي الاتصال .. إذ لم أقم بتشغيل أي من ( التطبيقات ) التي صرف يوما بطوله ليشرح لي مزاياها ومحاسنها .. على رأسها خدعة ( تتكلم بالمجان ) ما عليك إلا أن تقوم بتشغيل (إيمو) أو (ماسنجر ) ..الخ حيث تتكلم ساعات وساعات دون أي تكلفة .. وحتى لا احبط حماس صديقي ، فقد أمسكت عن ابداء رأيّ الحقيقي في هذه الفرضية المضللة ، فقط كنت أقول في سري : يا إلهي بمعنى ذلك أن شركات الاتصالات قد تحوَّرت إلى (جمعيات خيرية )! . وصادف أن انصت عبر المذياع إلى فقرة دعائية لإحدى شركات الاتصالات في شكل حوار بين أثنين يشجع أحدهم الآخر على تشغيل (الواتساب ) .. عندئذ فقط ايقنت لماذا يسمون هذا الجنس من الهواتف بـ(الذكية) إنه الذكاء التسويقي ، لأن الأصل في المحادثة الهاتفية أن تكون قصيرة جداً ، وبتوفر هذه التطبيقات أخذ الناس يصرفون ساعات طويلة جداً مع هذه الأجهزة .. و الذي يحدث أن الناس تحت ظلال غمائم الشعور الوهمي بالمجان يقومون بتحميل الصور والأفلام والفيديوهات ومشاهدة مباريات لكرة القدم إثناء ساعات الدوام ومتابعة الأخبار ساعة بساعة ، والتي هي في جلها محض (شائعات ) و (فبركات ) و ( أراجيف) ، ومراجعة البريد الإلكتروني بعد كل بضع دقائق .. في المحصلة أن الجزء الأعظم من كل هذا مجرد عبث في عبث؛ ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها أن أرباح شركات الاتصالات قد تعاظمت وخسائر المؤسسات أخرى قد زادت. حسبما فهمت من صديقي أنه ليس من وراء (الواتساب) ( شركة أم ) تجبي رسوم التشغيل وتحتفظ بحقوق التأليف انما ابتدعه أحد الهواة وأطلقه مشاعاً على طريقة المبتدع الألماني (كارل ماركس ) ..(يؤمي أحد المصادر إلى أن المطلق ( الواتساب ) جهة استخباراتية ، ولكن يبقى ذلك مجرد فرضية مثل حكاية اختلاق فيروس نقص المناعة البشرية المكتسبة (الايدز) في أحد معامل أجهزة المخابرات العالمية ) . على كل حال ، أكاد أجزم أن الذين يعملون معي يقضون 25% من وقتهم على الأقل مع "الواتساب " وهي خسارة جسيمة كما ترون . يقول أحد الاشخاص أنه يتلقى 2 ألف رسالة يومياً على ( الواتساب ) وهو شيء يقترب من الجنون المطبق. هل من طبيعة الأشياء أن يراجع المرء بريده الإلكتروني كل خمس دقائق، في الحقيقة إنني لا أري طائلا من مراجعة البريد الإلكتروني بهذا التكرار المُلح.. إذ تكفي مرة واحدة في الصباح وأخرى في المساء من جهاز الحساب الآلي العادي .. تقول التقارير بأن معدل الحوادث المرورية قد زادت وفشت ظواهر الغش بين الطلاب منذ تشغيل هذا التطبيق .. وقد لاحظت أن أكثر الرسائل الدعائية التي تصلني من شركات الاتصالات هي :(أحصل على (كذا ) ميجابايت من الانترنت المتنقل ) أي تعبئة مرة واحدة بمبلغ كبير بعد ذلك (انت واستخدامك )والمستفيد الوحيد هو شركة الاتصالات في كل الحالات .. وحتى لا أكون متجنياً - أكثر مما يجب – على (الواتساب ) وقاسيا على مستخدميه ، مثل صاحبنا السابق الذي لا يكف عن ربط ( الواتساب ) بالسياسة في ترديده عبارات من شاكلة " لو أن حكومة في العالم أرادت أن تسقط ذاتها ما عليها إلا أن تقوم بمنع شعبه من استخدام ( الواتساب )" . فيما يلي أسرد بعض الأمثلة حول خدع ( الواتساب ) وخيبات مستخدميه .. قبل عام أو أكثر عندما انقطع التيار الكهربائي في معظم أجزاء السودان ( وهو ليس أمراً فرياً ) هرع إليً أحد أصدقائي ليريني خبر مؤداه : " الطائرات الإسرائيلية تغير على سد مروي وتدمره " !.. يبدو أنه كان يتوقع مني رد فعل فوري أو تعليق قوي ولكنني قلت: " اسرائيل لا تدمر سداً " ! هنا غضب صديقي فقال- على الطريقة السودانية -: " قد دمرت إسرائيل من قبل قافلة لمهربي البشر ومصنعا للسلاح في السودان ما الذي يمنعها من ضرب الخزان " ؟! ، ثم أضاف " الخبر نفسه منقول من شريط الأخبار لـ"قناة الجزيرة" فعليك أن تكذب الجزيرة " قبل أن تكذب ( الواتساب ) فحرصا مني على تهدئته قلت - على طريقة الفلكي الطلياني (جاليلو جاليلي) - : " ربما أغارت الطائرات المصرية على (سد النهضة ) ودمرته وهو الأقرب للمنطق " ! .. ومن الواضح أن الشك قد أخذ ينتقل إلى ذهنه أيضا عند قال فلنحتكم إلى "الجزيرة " وقام بفتح التلفاز ولم يعثر على أي أثر لهذا الخبر فتواصل مع ناقل الخبر الذى رد عليه بصيغة ( ههههههه ) فازداد غضباً على غضبه .. خلال شهر ديسمبر من العام المنصرم كانت هنالك حملة قوية "للعصيان المدني" في السودان .. فكان أحد الاشخاص المتابعين لهذه الفعالية والمتفائلين بنتائجها يرفع إليّ تقرير على رأس كل ساعة تقريبا ، و يطلعني على الصور والأفلام المرسلة بـ(الواتساب ) التي تبدي الشوارع الخالية من السابلة والمركبات والمحلات التجارية مؤصدة الأبواب ، ويقول لي أنظر كيف ضرب السكون البلاد من أقصاها إلى أدناها .. فعلى الرغم من أنني ممن يفضلون هذه الصيغ من النضالات لتغيير الحكومات وإزالة الدكتاتوريات ؛ بيد أنني لم أكن مقتنعاً بحكايات ( الواتساب ) لأن هذا (السكون الجماعي ) في حاجة إلى ترميم التصدعات الطولية والأفقية ورتق الشروخ الجوانية والبرانية التي لحقت بالمجتمع السوداني في السنوات الأخيرة . لأن قطاعا لا بأس به من أفراد هذا المجتمع أصبحوا يؤثرون ( الموت البطئي ) على ( الموت بالرصاص ) أو يتراجعون عن النهوض عندما يجرون مقاربات ذهنية بين ظلامات " السلطة الغاشمة " ومآلات " الفوضى الكاملة " الأمر الذي يحبط السياسي السطحي ويثبط همة الناشط اللحوح أو يجعلهما يستشيطان غضباً ويكيلان اللعنات إلى الجموع الراكنة إلى السكون.. وقد اتضح لاحقا إن الذي توقف عن العمل ولزم داره هو من لا عمل له أصلا ولا أمل له أن يجد عملاً ! حتى القليلين ممن غامروا بفقد مراتبهم ومرتباهم ولبوا نداء العصيان كان جزاؤهم الفصل من الخدمة ، دون أن يكون لناشطين بدائل لعزائهم . ولكن الحقيقة التي يجب عدم القفز عليها هي أن فئة " لا عمل لهم ولا أمل " هي التي " تجيب خبر الحكومة " ! حال دخولها مرحلة " اليأس المطلق " . خبران منقولان بـ"الواتسآب " شغلا مجالس السودانيين خلال العام المنصرم ، أولهما يقول: " الحكومة تقرر نقل جامعة الخرطوم العريقة إلى سوبا وبيع أرضها لمستثمرين عرب " وقد ارفقت مع الخبر صورة جرافة هائلة تهوي على مبنى عتيق ، عندما سألني أحدهم عن رأي حول هذا التصرف الأرعن من الحكومة قلت – لعدم منطقية الخبر بالصيغة المنقولة - ربما المقصود نقل ( المجمع الطبي) إلى سوبا ، قال : لا المقصود (مجمع الوسط ) ، سألت : هل بنت الحكومة القاعات والمكتبات والمعامل في الموقع الجديد ؟ قال لا فقط أقامت " "هناكر" و" صيوانات "!. الخبر الثاني يقول : " الحكومتان الصينية والسودانية تتفقان على إعادة توطين 20 مليون صيني في شمال السودان نظير الديون التي على ذمة الحكومة السودانية " و أرفقت مع الخبر صورة صيني يلبس (عراقي ) وصينية ترتدي ( ثوباً ) وترتسم في وجهيهما ابتسامة خجولة ، وأخذ أحد رفاقي - من هواة ( الوتساب )- يناقش هذا الأمر بجدية خالصة حتى أنه عزا قرار الرئيس الأمريكي السابق أوباما برفع العقوبات التجارية والاقتصادية عن السودان إلى خشيته من هذا (الاحتلال الصيني ) ، عندما سألته أين في شمال السودان ؟ قال: على ضفاف النيل ! ، قلت : ولكن سعة الأرض تسعهم ؟ قال لا معها الامتدادات الصحراوية ! قلت : ولكن الصين نفسها مليئة بالصحاري !. لاحظ إنني لا أكذب الخبرين ولكن طريقة روايتها ومكنونهما " اللا معقول ". ولما كان الشيء بالشيء يذكر ، أنه قبل أكثر من عشر سنوات ، عندما اغتال الحزب المعروف في لبنان بـ(حزب الله ) الزعيم اللبناني الراحل( رفيق الحريري ) وأسرع إلى افتعال حرب ضد اسرائيل للتغطية على هذه الجريمة ، وجدت انذاك أحد رفاقي منتشيا بما أسماها بـ(المقاومة البطولية ) فقلت له "على رُسلك يا أخي " ! فغضب مني ..و لكن بمرور الزمن طفح الكيل بجرائم ذلك الحزب اللعين ، فجاء رفيقي من تلقاء نفسه ليقول لي – بما شبه الاعتذار - " أجل على رسلي .. فقد تعرضت لأكبر خدعة في حياتي " ! . وقبل ثلاث سنوات تقريباً عندما قررت كافة الحركات في دارفور بترحيل قواتها ونقل عتادها إلى دولة جنوب السودان كتبت مقالا قلت فيه " إنه من العسير إعادة تشكيلات قتالية من جنوب السودان إلى دارفور" وسردت الأسباب التي دعتني لاعتماد هذه الفرضية فسخر مني الجميع .. ولكن بعد عامين من ذلك جاءت "حركة العدل والمساواة " عائدة من الجنوب في نفس خط سير المرحوم "داود يحى بولاد "، بوقع الحافر بالحافر ، فأبادت قواتها في موقعة " قوز دنقو " الشهيرة .. بالأمس القريب قرأت لقاء مع الأخ أبو بكر حامد نور – وهو أشهر رجل في حركة العدل والمساواة على الإطلاق – يقول بالحرف " ارتكبنا أخطاء كبيرة قادت إلى خسائر فادحة في الأنفس والآليات "ولا ريب أنه يقصد حالات مثل الموقعة المذكورة وغزوة " الذراع الطويلة " . ولكن السؤال المركزي - كما يقول الرفاق في " الحزب الشيوعي السوداني" - لماذا تصير الأمور هكذا كل مرة ؟ . بصيغة أخرى لماذا ينقاد الناس وراء فبركات (الواتساب ) وغيره من التطبيقات بكل هذه السهولة والسيولة ؟ الإجابة تكمن في طبيعة (الذهنية السودانية ) التي قد تكون متخمة بمعطيات خامة ولكن أصحابها عاجزون عن الفرز والتدقيق ومن ثم إعادة تحليلها بالعمق للفصل في "القضايا المصيرية " فنجدهم ينحدرون بها إلى عموميات مزاجية فطيرة ومتسرعة .. إذن ، نحن في حاجة إلى تحليل واقع الحال بشيء من العمق ، وذلك عن طريق تفكيك الكُلّ المركزي ، أي المركَّب الذهني / النفسي للفرد السوداني ، وإعادة تركيبها ، فمن الواضح أن ( الوتساب ) قد صادف فجوات خالية في أذهان السودانيين فتمكنا ، فالسوداني النموذجي ( أقصد الذي يمثل "التيار العام ") هو وليد ثقافة ذي ثلاث شُعَب واهنة ، وهي :( البساطة البدوية ) و(الخرافات الصوفية ) و(الأساطير الأفريقية) فهذا النموذج دائما (هلامي ) التفكير ، يعشق (التكويش) ويعادي ( التدقيق والتحرير ) ومغرم بـ( الكلام الشفاهي "النضمي/ الحكي " ) ويزدري ( التدوين والتوثيق ) ويهوى ( الجموع " القروبات " ) ويمقت ( الفردانية )، يأنف الجدية والتعمق ويميل إلى الاستسهال و الاستهبال ( بالتحديد السوداني وليس المصري )، ( نفسه ) دائماً في (هدر الوقت) وقتله في مجادلات سطحية أغلبها في (الكرة )و(السياسة ) مع رفع الصوت بمعدلات أعلى تقترب من الصراخ .. فلو صادفك جماعة من( الأثيوبيين) يجلسون في مقهى أو طائفة من( الهنود )يستريحون في حديقة لا تكاد تسمع أصواتهم أبداً .. كأنهم يهمسون أو (يوسوسون ) . يقول أحد الناقمين على مخرجات هذه ( الذهنية ) إننا نحن السودانيين الشعب الوحيد في العالم من يذهب أفراده ، رجالا ونساء ، إلى غرفة التوليد في المشفى لعيادة النفساء ورفع العقائر بالتحية والحمد على السلامة و يطبق الذهول بالممرضات ويلذن إلى التواري وراء الحجاب ! . وأذكر إنني قد قرأت مقالاً غاضباً لأحد السودانيين مما حسبه سوء نحت للمفردات في إطار سيرورة رفد العامية السودانية بالكلمات الجديدة ، وذكر من الأمثلة تسمية الزوجة بـ( الأولاد) –عوض ( أم الأولاد) – ووجدت من ينتقد فعل (دقيت ) للدلالة على إجراء المحادثة الهاتفية ..الخ .وأضيف أن هنالك بطء غير عادي في ديناميكية تطور العامية السودانية خاصة لجهة التخلص من المفردات ذات الجذر المصري ( تعتبر اللجهة المصرية من أكثر اللهجات العربية جموداً وتكلساً .. وقد أجري أحد المواقع الرصينة استفتاء حول "أقرب اللجهات العربية للغة الفصحى "فكتب أحد القراء "إذا كانت صيغة السؤال "أكثرها بُعدا عن العربية الفصيحة لقلت المصرية "! ). مثال على ذلك الإصرار السودانيين على استخدام المفردة المصرية " العربية" للدلالة على السيارة أو المركبة وجمعها بصيغة ( عربات )!. المصريون يجمعونها على صيغة ( عربيات). العامية السودانية ( شاطرة) فقط في التهام اللغات المحلية !. من آيات آفة " التكويش" التي تفتك بالذهنية السودانية وتذري بها إلى الدرك ، عدم قدرتها على إدراك تمايز الثقافات وتباينها وخصوصية أنماط الحياة بين الشعوب .من ذلك أنه كنا مجموعة من العاملين من جنسيات (عربية) مختلفة نتبع لجهة عمل واحدة ونقيم في سكن مشترك ، ذات يوم تطوع أحد السودانيين على إعداد طعام ( فريد ) للرفاق ، فأعد صحناً من " الأرز باللبن والسكر " ولما كانت لا علاقة البتة بين السكر والأرز في ثقافات هؤلاء ، كاد أحدهم أن يتقيأ من أول (لقمة ) ! ، فطوى الاستغراب أخانا وسألني لاحقاً لماذا امتنع الرفاق عن تناول هذا الطعام الشهي ؟ قلت له لأنك وضعت السكر في الأرز ، قال : " ما لو ، حتى (الأشعب ) يقول ألذ طعام لديه ( الأرز بالسكر والسمن )" ! قلت له : دعك من الحكايات التاريخية المطمورة وعليك أن تعي الراهن الثقافي . في ذات السياق دعانا أحد السودانيين مرة لتناول الطعام في منزله وأعد - بسبق الإصرار - مائدة سودانية خالصة ، على الرغم من أن الضيوف كانوا من مختلف الجنسيات ، وكان سعيدا ومنشرحا وهو يشرح للضيوف الأطباق السودانية الخالصة ، هذه نسميها "الكمونية " وهذه " كسرة بأم رقيقة " وهذه " عصيدة بالتقلية " ... إلخ وأشهد الله أن أحد الضيوف المجاورين لي في المائدة لم ينل من الطعام إلا "السَلَطة " وحمدت الله أن المضيف لم يضف إلى المائدة طبقاً من " المرارة " - بالطريقة التي يُعدِّها بعض الناس في وسط السودان - وإلا لنعتنا أولئك المدعوين بأننا أمة من الهمج البدائيين – على ذات النهج الذي سلكه "الياس " بطل رواية " طائر الشؤم " لفرانسيس دينق –بعد أن غادر الضيوف وبقينا نحن ثلة من السودانيين مع المضيف الذي لم يكن راضياً فقد فتر حماسه الأول . فكان بعض المدعوين السودانيين يعزونه بعبارات مثل ( عرب ما عندهم أي موضوع هو في أكل أحلى من هذا )!. كان أحد زملائي كلما رأى مللاً في وجوه طلابه ترنم لهم بمقاطع من الأغاني السودانية، ويقول لي قد طربوا للغاية، فأقول له: ربما تلهوا مع أدائك الكوميدي ، يقول: " لا يا أخي صدقني ما في أحلى من أغانينا "!. في البنايات الحديثة التي يقيم فيها جماعات من ثقافات مختلفة ، تقوم السودانية بإشعال " حفرة الدخان " ، ويسرع الجيران إلى استدعاء سلطة إطفاء الحرائق ، ظناً منهم بأن حريقاً قد شب في البناية ، ويأتي رجال الإطفاء ، ويظل رب البيت محرجاً و مضطربا لعدم قدرته على شرح طبيعة الدخان ولا وظيفته ! .. مرة دخل أحد زملائي في جدال مع حائك من جنسية أسيوية ، وذلك بسبب ما اعتبره سوء حياكة لثياب أعطاه من قبل ، في النهاية المشادة سأله " هل انت مسلم ؟ " – حتى هذا السؤال اعتباطي ولا لازم له - فرد الحائك : " لا أنا كافر نفر " ! ، هنا انتفض صاحبنا من جديد اعتقاداً منه بأن الحائك يزدريه، عندما حاولت تهدئته وطفقت اشرح له بأن دلالة مفهوم " الكافر " في بلادهم ، لا تعني أكثر من " غير مسلم " ، وإن ذهن هذا الحائك المسكين خالي تماماً من هذه الحمولات السلبية التي تحملها تجاه مفردة ( كافر) .. إلا أنه (طنّش ) شرحي و ظل يردد طوال الطريق " عليك الله في زول في الدنيا يقول أنا كافر" !. في البلد الذي نعيش فيه ( سلطنة عُمان ) يٌصِّر كثير من السودانيين – رغم بقائهم هنا لسنوات طويلة - على تضعيف الميم في اسم البلد ليصبح ( عُمَّان ) أو قلب القاف في اسم العاصمة ( مسقط ) إلى غين ليصبح ( مسغط ) ! وهو نطق غير مألوف و يثير استغراب أهل البلد ، والتهكم أحياناً . إن الغاية من سرد هذه الحكايات أو رصد هذه الزلات ليست هي الوصول إلى نتيجة مؤداها بأن السوداني ساذج أو غبي ، كلا وهو ليس كذلك ، وإنما نروم فحص هذه ( الذهنية التكويشية ) أو هذا ( الكُلّ المركَّب ) ، أجل حتى لا ندخل في فوضى المصطلحات ذرونا نسميها (روح الحميمية) وذلك تجنبا لأي دلالات ملتبسة تتقاذف في أذهان القراء حول المصطلح " الذهنية التكويشية " بإضفاء هذه المسحة الإيجابية ولو ظاهرياً -فروح الحميمية تقترب في دلالتها من مفهوم (روح القطيع ) الشائع في الوسط الصحفي ولكن هذا الأخير بدلالة سلبية مطلقة في المعنى والمبنى – إن ما نقصده يقترب من مفهوم " روح الجماعات " الذي استخدمه السيوسولوجي الفرنسي الشهير غوستاف لوبون في القرن التاسع عشر . يقول لي أحد هواة ( الواتساب) إن من محاسن هذا التطبيق إنك قد تعثر على زملاءك في المرحلة الابتدائية أقول له هب إنني عثرت عليهم ماذا أفعل بهم ؟ ألق عليهم التحية كل صباح فرداً فرداً ؟ . إن ( روح الحميمية ) التي منبعها (الخلفية الريفية ) ، هي في حقيقتها نزعة ( لاشعورية ) تعود إلى عدم الشعور بالأمن والآمان لضعف الأجهزة المناط بها مسؤولية حفظ الأمن في أغلب مفاصل التاريخ السوداني .. يدفع هذا الشعور الخفي السودانيين إلى خلق كثير من الحيل للوفاء بمطلوباته .. فقد لاحظ كثيرون أن جماعات السودانيين في المهاجر يصرفون جل وقت فراغهم في ( لعب الورق )، أما الذين لا يحسنون لعب الورق أو يرغبون عنه لتقديرات أخرى ، فقد اختلقوا حيلاً أخرى مفارقة في الشكل ولكنها متماثلة في الوظيفة ، مثل ارتياد (حلقات التلاوة والذكر ) حيث أن الدافع الجوهري أو الهدف الأسمى لهذه التجمعات ( لا شعوريا ) ليس هو تعلم أحكام التجويد وضبط قواعد التلاوة أو ترديد أوراد سيدي أبي الحسن الشاذلي أو أبو مدين السبتي أو أحمد بن محمد التيجاني أو غيرهم من ( العارفين بالله )وإنما هو العيش في هذا الجو الحميمي الذي يوفره اللقاء . وأحيانا يقومون بتشكيل فرق رياضية للعب كرة القدم ليلاً لأناس لم يلعبوا في حياتهم حتى ( كرة الشُراب) ، كل ذلك سعىاً وراء خلق هذا الجو الحميمي ويظل المرء سجين هذا الجو مما يفضي إلى (السهر ) حتى ساعات متأخرة من الليل ، على حساب واجبات رسمية أخرى ملقى على عاتقه ، قد لحظ كثيرون أن (الهنود ) مثلا لا يسهرون أبداً حتى لا يذهبوا إلى الدوام غداً وهم أشباه نائمين ، بعكس زميلهم السوداني الذي يدهمه النعاس من الساعة الأولى . من هنا نزلت فرية " السوداني كسول " و بدت كمسلمة في بعض الثقافات القريبة والنائية. صحيح أن كثير من علماء الأنثروبولوجيا قد لاحظوا أن إنسان السافنا الغنية ، التي تغطي جزء لا بأس به من مساحة السودان ، أهم بند لديه في برنامجه اليومي هو( الظل الظليل) الذي يظل يزحف معه حتى المغيب ، وأعادوا ذلك إلى أنماط العيش حيث توفر البيئة معظم الاحتياجات . في حين ذوي العقول الضيقة مثل ( خبراء ) البنك الدولي يرددون لازمتهم الأبدية ( الفلاح المصري ينتج ستة أمثال المزارع السوداني ) دون أن يعزوا السبب إلى تباين انماط العيش حيث ليس هنالك سبباً واحداً يدفع المزارع السوداني أن يشقى مع الأرض مثل الفلاح المصري . مرة كنت أعمل مع رجل آسيوي وصادف أن زار هذا الرجل أحد عملائنا من العرب عندما قال له إنني أعمل مع فلان السوداني سأله لماذا ؟ رد عليه ماذا هناك ؟ قال له :هؤلاء أكسل بشر على ظهر الأرض ! ألم تر سودانيا يرتدي جلباباً له جيوب من الأمام والخلف ؟ لأنه من كسله لا يريد أن يتحرى الاتجاه السليم ( على الرغم من هذا التفسير قد يكون مردوداً عليه أي لا يريد أن يضيع وقته في البحث عن الاتجاه السليم ) ، ألم تر سودانيا تعطلت مركبته في منتصف الطريق ولا يبذل أدنى جهد لإزاحاتها خارج الشارع وإنما يتكئ عليها ويجادل قائدي المركبات الآخرين ويحدث اضطراباً في المرور ؟ وقائمة طويلة من الحكايات .والغريب أنه قال له في النهاية (أرجوك لا تخبر فلان )! . بعض السمات الثقافة السودانية التي يتشكّل منها السمت العام للسوداني (الهندام ) – إن شئت – توفر المسوغات لمثل هذه ( التُرُّهات ) وتخلق انطباع بـ(عدم جدية ) السوداني فمثلا نجد في الزي ضخامة العمامة ، التي تقترب من التهريج أحياناً ، حيث تعكس( للآخر) صورة كاريكاتورية ، فمن العسير إقناع هذا ( الآخر ) مغزى ضخامة عمائم الثلاثية المعروفة في السودان ( /صحفي /مطرب / تاجر ) ، ليت الأمر توقف عند الضخامة ، وإنما كلما تم لفها بإهمال كلما كانت أكثر زينة ( سماسرة السيارات ) ، قد تسقط عمامة السوداني أثناء أداء الصلاة في مسجد ، يتركها ويواصل الصلاة في حين يكتم المجاورون ضحكهم . من الواضح أن الشركات السويسرية قد اكتشفت هذا السر واخترعت نوعاً من القماش لا يثبت على الرأس أبداً ، بعكس عمامة ( العماني ) مثلا التي تلف بحذق شديد ولا يمكنها أن ( تطيح ) مهما تم تحريكها . لاحظ الأديب السوداني ( محمد المكي إبراهيم ) أن السوداني لا يعبر الشارع ركضاً كما يفعل الآخرون وإنما ( يمسك رقبته) ويمشي الهوينى ( لأن الذي يركض خائف في تقديره ) حتى يتسبب في حادث . لو نظرت إلى حركة جموع السابلة من بُعد ، تستطيع تمييز سمت مشية السوداني لأنه يمشي بذراعين سادلتين وشبه ثابتين ، أي أنه لا يحرك يديه لزيادة معدل السرعة ، ربما يعود ذلك إلى طول ساقه النسبي حيث يستطيع أن يخطو خطوة أطول تعوضه أن تحريك اليدين. هذه الروح هي التي تقود السودانيين دائما إلى هبات عمياء ومهلكة أحياناً بتلبية دعوات فارغة تقوم على أفكار أسطورية وقليلة القيمة مثل المهدوية والعيسوية كتلك التي ابتدعها –أو جلبها بالأحرى - الفكي (عبد الله محمد آدم الفولاني ) (الملقب بالتعايشي) ، وأعارها - أو زرعها في ذهن صاحبه الفكي (محمد أحمد الدنقلاوي ) رحمة الله عليهما ، وقد فعل ذلك لغياب بعض أشراطها عن شخصه . إن هبة المهدوية ، التي ترد في المصادر التاريخية السودانية باسم ( الثورة المهدية ) ، كانت هبة فارغة ، تنهض على فكرة اسطورية لا أصل لها في الإسلام السني على الأقل ، وقد نزلت وبالا على هذا البلد ، حيث دمر المهديون السودان ، حتى أن عدد السكان قد تراجع من 6 مليون إلى 2 مليون فقط خلال عشر سنوات ! . ففي الفترة الوجيزة التي تلت أفول نجم دولة الدراويش ظهر أكثر من أثني عشرة شخصاً من أدعياء المهدوية والعيسوية فكان آخرهم الفكي ( عبدالله ود السحيني ) في جنوب دارفور . والمحزن أن هذه الثقافة الخرافية مازالت هي الرابط المحوري للفكرة المركزية أو بؤرة الثقافة السودانية حتى تاريخه ، دونكم سطوة وسطوع نجم شيوخ زمان الناس هذا ، الذين ينشرون الدجل والشعوذة وهي بضاعة مزجاة ولها سوق رائج . بسبب هذه الروح قد حظيت جميع الانقلابات في السودان بتأييد الجموع ، التي تغطي قرص الشمس ، في بداياتها ، ومن ثم العزوف الجماعي في نهايتها ، لانتظار انقلاب آخر ، وهكذا ظللنا نتقلب مع الانقلابات خلال ستين عاماً الماضية !. إن استنكاف السوداني عن التمعن في الأحوال وإعمال النقد المعمق لطرؤ الحادثات هو السبب الأساسي في عقم البلد عن انجاب فئة ( المفكرين ) إذ لم ينتج السودان عبر تاريخه إلا مفكراً واحداً ، أعني المرحوم الدكتور حسن الترابي عليه سحائب الرحمة ، والمؤسف أنه صرف النصيب الأعظم من جهده في السياسة لا في الفكر . بدهي أن يتسرب هذا البؤس والوهن في النسق الفكري إلى جميع المنظومات أداء الحكومات السودانية وأجهزتها وأدواتها لتصبح "إدارة الدولة " مثل "إدارة الكنتين " كل سلطة طارئة تلعن اختها السابقة وتزيل آثارها ( بما فيها مآثرها ) وتبدأ من صفر غير آبه بنخر متلازمة عوز تراكم الخبرات . دعنا ننتخب هيئة مركزية ومهمة وحساسة جدا في كل دولة حديثة لنطبق عليها هذه الفرضية ، أقصد ( الأمن والمخابرات ) التي تقوم نظريتها في السودان على حراسة السلطة وليس حماية الأمة فالبطش بالمواطن يسبق دفع العدو .أما لو نظرنا إلى الفكرة المركزية التي تقوم عليها هذه الأجهزة حتى في دول مجاورة لنا مثل مصر وأثيوبيا نجد أن بوناً شاسعاً يفصلنا عنهم . منذ أكثر من عقدين كنت أقيم في أحد أحياء جنوب الخرطوم فكان يقيم بالقرب مني رجل غامض ذي ملاح (شرق أفريقية ) ، ففي ضحى أحد أيام جاء رجلان على دراجة نارية وأطلقوا الرصاص الحي ( أي بدون كاتم للصوت ) على الرجل بشكل مباشر وأردوه قتيلا ولاذوا بالفرار ، وقد اخذتي هذه الواقعة على حين غرة ، ولما كنت في مرحلة الدراسات العليا وكان من بين زملائي ضابط شرطة برتبة متوسطة ويقيم ليس بعيد مني ، فحال التقيت به سألته مباشرة ( من قتل جاري الهادئ ؟) فروى لي هذه القصة الطويلة نسبيا ، حيث قال : الضحية أحد قادة الثورة الارترية – أو التيجراي لا أذكر - أما القتلة فهم من عملاء المخابرات الأثيوبية ، وقد تمكنوا من الفرار ، وإن تعجب فعجب أنه في عام 1985 عندما تم حل جهاز الأمن كنت ضابط صغير في الشرطة الأمنية فطلب المجلس العسكري الانتقالي الحاكم ملء الفراغ الامني (الاستخباري ) بالتعاون بين الشرطة الأمنية وشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش فشكلت لجان مع مخابرات بعض دول الجوار فكنت عضواً في اللجنة السودانية الأثيوبية ففي اجتماعات يأتي الضباط الأثيوبيون ممن يجيدون العربية بطلاقة ويقدمون لنا بيانات ومعلومات مدهشة حول ممن يرون أنهم يشكلون تهديداً لأمن بلدهم ، أما نحن فنظل فاغرين أفواهنا كتلاميذ المرحلة الابتدائية حتى نهاية (الحصة )! . وذكر لي أن الدكتاتور هيلا مريم عندما أطاح بالإمبراطور هيلا سلاسي لم يمس جهاز المخابرات باستثناء عزل مديره . عندما تم حرق إحدى المؤسسات الثقافية ( مركز البحوث التاريخية ) – تقريباً - في الثورة المصرية الأخيرة ، تبادل اليساريون والإسلاميون التهم حول من حرق المركز ، وظهر أحد الحكماء فقال فلنحتكم إلى جهاز المخابرات العامة ، أي بمعنى أن الجهاز يعرف من حرق المركز ، ولكن ليس من شأنه مطاردة الجناة من مقترفي الجرائم الداخلية ، وإنما حراسة الوطن وحماية الأمة من شرور الأعداء الخارجيين . صفوة القول ، إن القصد النهائي من هذا السرد الطويل إنما هو الدفع في اتجاه تمرين العقول على نقد الذات – لا جلده - و تقييد العاطفة الحميمية الوهاجة- لا حجبها ولا تحييدها - وإفصاح المجال للذهن الوقاد ليقوم بإعادة ترتيب البيانات التي ترد عبر الوسائط والتطبيقات الحديثة وتحليل الوقائع والمعطيات والتدقيق في التفاصيل عند التدليل للوصول إلى تعميمات أقرب لصفة حقيقة الأحوال ؛ وليس القصد الانصراف التام عن (الواتساب ) ، إذ لا يخلو هذا التطبيق من الإيجابيات .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة