قبل سنوات قليلة أرسل زعيم قبلي دعوة إفطار لقوة شرطية ترابط بالقرب من مكان إقامته..لبّى رجال الشرطة دعوة شيخ القبيلة..نُحرت النوق وذبحت الثيران وأريق دم الخراف ..بعد الانتهاء من الوليمة الدسمة كان الشيخ يقلب ظهر المجن ويحاصر القوة المسالمة..باقي الرواية محرج للغاية..لكن الفاصل الأخير ملئ بالعبر ..بعد أشهر من تلك الحادثة عاد البطل للخرطوم .. تم الترحيب به من أعلى مستوى.. ولا أدري إن كان الرجل يحظى الآن بحراسة رسمية . أمس غادر الخرطوم فريق من أربعة عشر من الخبراء المختصين للولاية الشمالية ..مهمة الفريق تنفيذ قانون الحجر الزراعي القاضي بإبادة عدد عشرة آلاف من فسائل النخيل التي يشتبه في إصابتها بفطريات قاتلة..الوفد ذهب محصّناً بتكليف واضح وصريح من وزير الزراعة..عند مدخل مدينة الملتقى بالولاية الشمالية استقبلهم معتمد محلية الدبة..بالأحرى قطع عليهم الطريق..المعتمد أخبرهم أن والي الشمالية يأمرهم بإيقاف التنفيذ..الخبراء المساكين الآن في ضيافة المعتمد..هل قلت إنهم رهائن..؟؟!! في اتجاه مغاير أصدر رئيس الجمهورية قراراً بإقالة مدير إدارة وقاية النباتات والاستعانة بالأستاذ خضر جبريل موسى من كنبة المعاش..القرار في مثل هذا التوقيت له رنين مختلف..حيث أن المدير المقال أصر على تنفيذ قانون الحجر الزراعي بخصوص نخيل الإمارات ..وظيفة مدير إدارة في وزارة مهمشة لم تكن تستدعي تدخلاً رئاسياً لولا أزمة القانون في الخرطوم . كنت أول من علّق على هذه القضية بعد أن أثارتها الزميلة التيّار..الدخول في التفاصيل غير مجد..فسائل النخيل المستورد يشتبه في أنها قاتلة..سلطات الحجر الزراعي لا مصلحة واضحة لها في منع دخول هذه الفسائل..من البداية كان بالإمكان أن تنحى القضية منحى قانونياً ..الشركة المتضررة تلجأ إلى القضاء وتطلب إيقاف تنفيذ قرار الإبادة.. لكن الشركة رأت أن هنالك طريقاً أقصر عبر مراكز القوة.. التجاوز الأول خروج البضاعة المشتبه فيها من تحت أعين سلطات الحجر..ثم تهريبها إلى الولاية الشمالية حتى تصبح في عهدة والٍ لا يخاف على ثروات ولايته من الموت،.. وزير الزراعة عجز عن التصرف بحياد لأنه يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المستوردة ..مخصصاته من الشركة الخليجية ربما أكبر من راتبه. البرلمان لوّح بالتحقيق في الواقعة عبر رئيس لجنة الزراعة عبدالله مسار.. وحسب مسار أن لجنته استدعت مديري الحجر الزراعي ووقاية النباتات..حينما يتمكن البرلمان من دراسة الملف يكون النخل قد زرع وأثمر ..المشكلة لم تكن أبداً في الفسائل..كم تبلغ قيمة هذه الفسائل مقابل الضرر الذي لحق بالشركة المستوردة ومن قبلها بسمعة السودان ..خلاصة الأمر أننا دولة بلا قانون..الاشتباه في هذه الحالة وحده كاف للتعامل بحذر في هذا الملف الشائك. بصراحة.. كان على وزير الزراعة الاستقالة منذ أن علم أنّ قرارات وزارته لا تحظى باحترام..وأن الفسائل خرجت بسلام من مطار الخرطوم....لن يفعل الوزير الدخيري ذلك..الرجل موعود بمنصب مدير هيئة الإنماء الزراعي التابعة لمنظمة الأغذية العربية..قاتل الله الدولارات. assayha
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة