- مما لا شك فيه أن قضية التعليم من أهم القضايا التي تشكل هاجساً للدول والمجتمعات إذ به تنهض الأمم وتُبنى الحضارات . فإذا أردت أن تقيس مدى تخلف أو تطور دولة من الدول أو أمة من الأمم فلا بد من النظر في إعتنائهم بالتعليم ومخرجات التعليم ومدى جودة التعليم واهتمامهم به. لكن وللأسف الشديد الذي ينظر في واقعنا اليوم كأمة إسلامية يجد أن التعليم في مأساة حقيقية مقارنة بتلك الدول التي نمت وصنعت لنفسها حضارة في فترات وجيزة وكل ذلك بسبب اعتنائها بالتعليم والبحوث العلمية وكذلك بتأهيل وتدريب المعلم والذي يعتبر ركناً أساسياً من أركان العملية التربوية بالإضافة للمناهج والكتب المتبعة في التعليم بل حتى الاعتناء بالطالب نفسه ، ولذلك فإن أي تدهور أو خلل في أي ركن من أركان التعليم والتي تتمثل في المعلم والطالب والمنهج الذي يتم تدريسه إضافة لبقية أركان التعليم يؤدي لنتائج لا تُحمد عقباها . فالمعلم مثلا اليوم لا يجد أدنى اهتمام من الجهات المسؤولة من حيث تحسين الراتب أو التدريب الكافي الذي يؤهله للقيام بعمله على الوجه المطلوب لذا تجد بعض المعلمين اليوم قد لا يحسن استخدام أبسط الوسائل التعليمية الحديثة في إيصال معلومته لتلاميذه أو طلابه . بل حتى البعض منهم يظن أن الكتاب الذي يدرسه يمثل المنهج في حين أن الكتاب هذا لا يمثل سوى 30% أو 40% من المنهج . فالمناهج اليوم تفتقر للأساليب التي تجعل منها مناهج فعالة فقط يتم توصيل المعلومة عن طريق التلقين (الوعظ) . وذلك كله سينعكس سلباً على الطالب الذي هو الضحية في نهاية المطاف ونكون نحن بذلك قد خرجنا جيلاً من الشباب نحسب أنهم متعلمين لكن التعليم منهم براء وهذا ما يسمى بمخرجات التعليم والتي ينبغي أن تكون من ضمن الأهداف الموضوعة في المناهج أي ما الذي نريد أن يتقنه الطالب مثلاً بمجرد انتهائه من المرحلة الابتدائية أو الثانوي وهكذا . فإذا عقدنا مقارنة بسيطة بين مخرجات التعليم في الدول الأروبية مقارنة بدولنا نجد أن طلابنا يتخرجون من الجامعة ولا يتقن الواحد منهم فن التواصل مع الناس أو مهارات القيادة أو بعض المهارات التي تؤهله لخوض معارك الحياة ولكن الأدهى والأمر من ذلك ربما لا يستطيع تركيب جملة أو كتابتها كتابة صحيحة وإذا سألنا عن السبب تجد من يقول لك بأن السبب في المعلم والبعض الآخر يقول السبب في الطالب نفسه وربما قال البعض أنها الميزانيات أوالمناهج . لكن في النهاية كل هذه المآسي هي مجرد سوء في العملية الادارية للتعليم إضافة لما ذكرناه سابقاً فانعكس ذلك على الأجيال فكل جيل يتخرج تكون حالته أسوأ من الذي قبله –أكاديمياً وثقافياً واجتماعياً ....ومما يجدر الإشارة إليه أن تقريراً صدر في الولايات المتحدة قبل عدة سنوات عنوانه "أمة في خطر A nation at risk" يشير إلى أنه في ذلك العام لأول مرة في أمريكا يتخرج جيل لا يتفوق على آبائه وحتى تدرك مدى اهتمامهم بالتعليم ومخرجاته جاء من ضمن التقرير أنه لو استمر التعليم في أمريكا بنفس ما هو عليه سيكون الأمن الأمريكي في خطر وربما تتدهور أمريكا اجتماعيا وسياسياً وما إلى ذلك من تبعات وهذا الذي سقته بالتأكيد ليس لأنهم أفضل منا أو يملكون ما لا نملك بل لنتأسى ونستفيد من علوم الآخرين بما يجلب لنا المصلحة والنفع ونترك ما يتعارض مع ديننا وثقافتنا . أيضاً مما تفتقر له العملية التعليمية عدم مواكبة العصر فالبعض من المهتمين بالعملية التعليمية والتربوية يعيش غربة زمنية تجعله غير مواكب للمستجدات التي تطرأ على العملية التعليمية بل البعض منهم ربما يقف ضد التغيير الذي يطرأ على العملية التعليمية لاستحداثها متمسكاً بالطرق التقليدية في التعليم لكن لو ألقينا نظرة للعالم حولنا نجد أن الدول المتطورة تستخدم عدة أساليب في التعليم وفي المناهج الحديثة من ضمنها مثلاً أسلوب المناقشة والحوار وطرح الأسئلة وهي من أفضل الطرق في التعليم وأثبتت الدراسات كفاءتها كذلك من الأساليب أسلوب حل المشكلات مثلاً تعرض على الطلاب معضلة ويتم حلها وكذلك اسلوب الاكتشاف بل حتى اللعب أصبح يوظف من ضمن أساليب التعليم والتدريس. كذلك من الأشياء التي تفتقر إليها مؤسساتنا التعليمية مع أنها تسهم في بناء التعليم وتنمية قدرات الطلاب الابتكارية ومهاراتهم وتعزيز اتجاهاتهم الإيجابية "النشاط المدرسي" ,( فالتربية بمفهومها الشامل تعني إعداد وتنشئة الفرد الصالح للحياة والمجتمع والنشاط المدرسي جزء من التربية للطالب فهو يلعب دوراً في تحقيق الأهداف التربوية كما المقررات الدراسية وهو من أعظم الوسائل في حل مشكلات الطلاب والطالب يحتاج لما يحقق به ذاته وينمي قدراته ولذلك المعلم الذي لا يعطي للنشاط بالاً أو اهتماما لا يزال يعيش في غيبوبة ينبغي أن يفيق منها ). – *والنص بين القوسين مقتبس من كتاب المعلم الناجح. من كل ما سبق فإننا بحاجة لوقفة حقيقية حتى نعالج المشكلة من جذورها ونستطيع أن نبني لنا ولأمتنا حضارة تعيد للأمة مجدها ورفعتها حتى نعود قادة للأمم من جديد بعد أن صرنا أتباعاً فالخير فينا ولا ينتهي إلى قيام الساعة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة